مُطلقاً وشاملاً عن الأُمَّة، التي هي بدورها إطار آخر يصون الرسالة ليُصان بها، ويُحقِّقها ليتمَّ له بها كلُّ تحقيق.
هكذا انتقلت المـُهمَّة إليه إثر مَقتل أبيه، وراح يُحاول إتمام ما انقطع عن انجازه أبوه الإمام.
أقول:
راح يُحاول - والمـُحاولة تعني: أنَّ الحَيطة والحذر أصبحا رفيقيه في كلِّ خُطوة يخطوها على الطريق، فالخصم الذي ترك، أو بالأحرى أفسح له بالمجال؛ حتَّى يستكمل كلَّ إعداداته للبطش بهم والإنجاز عليهم، إنَّما هو الخَصم الذي يملك ويقدر مِن دون أنْ يتأثَّم أو يتورَّع.
ولقد كانت المـُحاولة - بنوعٍ خاصٍّ عند الحسن - مُجهزَّة مع الحَيطة والحَذر، بحِكمةٍ متناهيةٍ، كان يتأنَّق بها بروز الساحة وجسِّ الأنباض، حتَّى يكون له المـَخرج الأصوب في تعهُّد الرسالة، والعبور بها مِن بين المـَفارق إلى أسلم واحد منها يوصِلها إلى واحة مِن أمان.
ما كانت سهلة - أبداً - مُهمَّة الحسن، بلْ كانت مِن أضنى ما يقدر أنْ يقوم به حاكم مسؤول عن رسالة وأُمَّة موصوفتين - في باله ونفسه وضميره - بأنَّهما: مآل في الوجود يُحدِّد الإنسان في الله، والله في الإنسان، وأنَّهما عنصرا قضيَّةٍ واحدةٍ وموحَّدةٍ في اسم رجل واحد، أمين في طالبيَّته، وعظيم في نبوَّته، وجامع في أُمَّته، وإنسانيٌّ أُمَميٌّ في رسالته عظيمة هي القضيَّة، وجليلة هي المسؤوليَّة، ولكنَّ الضَنَى فيها هو في التمكُّن مِن مُتابعة نشرها قيمة إنسانيَّة فاعلة، ومِن تخليصها مِن كلِّ وثنيَّة تسجد للحَجر، وتعصر الحِقد والضغينة والطمع تتغذَّى بها وتمشي إلى ذلِّها، كما يمشي كلُّ إبليس إلى جَحيمه!!!
أمّا مُعاوية، فلقد كان الحاضر الأكبر، يملك الخطوط ويتحكَّم بها، وهو في مركزه الحصين في الشام، لقد حصَّن له المركز المتين: أبو بكر، فعمر، فعُثمان، حتَّى أصبح الآن - بعدما تضرَّج عليٌّ بدمه وكُفِّن بعباءته التي لا تزال حتَّى الآن تُجاهر بزُهده الرفيع، وصدقه الأرفع، وتُنادي على الجهات الأربع، بأنَّه الأبلغ