أمالي المرتضى الجزء ١

أمالي المرتضى8%

أمالي المرتضى مؤلف:
تصنيف: مكتبة اللغة والأدب
الصفحات: 679

الجزء ١ الجزء ٢
  • البداية
  • السابق
  • 679 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 322135 / تحميل: 11569
الحجم الحجم الحجم
أمالي المرتضى

أمالي المرتضى الجزء ١

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

سورة الأعراف الآية ٤٦

( وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ وَعَلَى الْأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيمَاهُمْ )

جاء في كتاب الغدير للشيخ الأميني رحمه الله ج ٢ ص ٣٧٦ ط الأعلمي بيروت قال:

ومن شعر العبديّ (هو أبو محمّد سفيان بن مصعب العبديّ الكوفي).

لأنتم على الأعراف عرف عارف

بسيما الذي يهواكمُ والَّذي يشنا

أئمَّتنا أنتم سنُدعى بكم غــداً

إذا ما إلى ربِّ العباد معاً قمنـا

بجدِّكم خير الورى وأبيكــمُ

هُدينا إلى سبل النجاة وأُنقذنـا

الخ

ألبيت الأوّل إشارةٌ إلى قوله تعالى في سورة الأعراف:( وَعَلَى الْأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيمَاهُمْ ) . وما ورد فيه. أخرج الحاكم ابن الحداد الحسكاني، باسناده عن أصبغ بن نُباتة قال:

كنت جالساً عند عليّ فأتاه ابن الكوّاء فسأله عن قوله تعالى( وَعَلَى الْأَعْرَافِ رِجَالٌ ) الآية. فقال: [ويحك يابن الكوّاء نحن نوقف يوم القيامة بين الجنّة والنار، فمن نصرنا عرفناه بسيماه فأدخلناه الجنّة، ومن أبغضنا عرفناه بسيماه فأدخلناه النّار ].

وأخرج أبو إسحاق الثعلبي في - الكشف والبيان - في الآية الشريفة عن ابن عبّاس أنّه قال: الأعراف موضعٌ عالٍ من الصِّراط عليه العبّاس وحمزة وعليُّ بن أبي طالب وجعفر ذو الجناحين يعرفون محبيّهم ببياض الوجوه ومبغضيهم بسواد الوجوه.

ورواه ابن طلحة الشافعي في (مطالب السؤول) ص ١٧، وابن حجر في [الصواعق] ص ١٠١ والشوكاني في (فتح الغدير) ج ٢ ص ١٩٨.

والبيت الثاني إشارةٌ إلى قوله تعالى:( يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ ) .

١٠١

وأئمّة الشيعة هم العترة الطاهرة يُدعون بهم ويُحشرون معهم إذ المرء كما قال النبيُّ الأقدس (ص): [المرء مع مَنْ أحبَّ (١) ،ومن أحبَّ قوماً حُشر معهم (٢) ومن أحبَّ قوماً حشره الله في زمرتهم ](٣) .

وأخرج الحافظ عبيد الله بن عبد الله الحسكاني في كتابه شواهد التنـزيل لقواعد التفضيل ج ١ ص ٣١١ في الحديث المرقم ٢٦٠ قال:

أخبرونا عن أبي بكر محمّد بن الحسين بن صالح السبيعي في تفسيره قال: أخبرنا عليّ بن أحمد بن عمرو، قال: حدّثنا محمّد بن منصور بن يزيد المرادي قال: حدّثنا محمّد بن جعفر بن راشد، قال: حدّثني أبي، عن حسين بن علوان، عن سعد بن طريف: عن الأصبغ بن نُباتة قال:

كنت جالساً عند عليّ، فأتاه عبد الله بن الكوّاء فقال: يا أمير المؤمنين أخبرني عن قول الله:( وَعَلَى الْأَعْرَافِ رِجَالٌ ) ، فقال: [ويحك يا ابن الكوّاء! نحن نوقف يوم القيامة بين الجنّة والنار، فمن ينصرنا عرفناه بسيماه فأدخلناه الجنّة، ومن أبغضنا عرفناه بسيماه فأدخلناه النار ].

وأورد الحديث المرقم ٢٦١ ص ٣١٢ من شواهده، وقال:

قال، وحدّثنا أحمد بن (محمّد بن) نصر أبو جعفر الضبعي قال: حدّثنا إبراهيم بن سالم بن رشيد البصري قال، حدّثنا عاصم بن سليمان أبو إسحاق قال: حدّثنا جويبر بن سعيد، عن الضحّاك، عن ابن عباس في قوله:( وَعَلَى الْأَعْرَافِ رِجَالٌ ) قال: الأعراف موضع عالٍ من الصراط عليه العبّاس وحمزة وعليّ وجعفر يعرفون محبيّهم ببياض الوجوه ومبغضيهم بسواد الوجوه.

وأورد الحسكاني في شواهده في الحديث ٢٦٢ ص ٢١٣ ط ٣ قال:

____________________

(١) أخرجه البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي وأحمد عن أنس وابن مسعود.

(٢) أخرجه الحاكم في المستدرك وابن الدبيع في تمييز الطيب من الخبيث ص ١٥٣.

(٣) أخرجه الطبراني والضياء عن أبي قرصافة وصححه السيوطي في الجامع الصغير: ج ٢ ص ٤٨٨.

١٠٢

وأخبرنا عبد الرحمان بن عليّ بن محمّد البزّاز قال: أخبرنا محمّد بن أحمد بن أبي الفوارس - ببغداد - قال: حدّثنا عبد الرحمان بن أحمد المخزومي، حدّثنا محمّد بن أحمد الرقام، قال: حدّثنا إبراهيم بن رستم قال: حدّثنا عاصم بن سليمان قال: حدّثنا جويبر، عن الضحّاك:

عن ابن عبّاس في قوله تعالى:( وَعَلَى الْأَعْرَافِ رِجَالٌ ) ، قال: (هو) موضع عالٍ من الصراط، يقال له الأعراف، عليه العبّاس وحمزة وعليّ وجعفر يعرفون محبيّهم بسيماء الوجوه ومبغضيهم بسواد الوجوه.

ومن المناسب جدّاً لهذا المقام هو قول الإمام علي عليه السلام الذي ورد في كتاب المختار (١٥٢) من باب الخطب من نهج البلاغة.

قال عليّه السلام: [وإنّما ألائمّة قوام الله على خلقه وعرفاؤه على عباده، ولا يدخل الجنّة إلاّ من عرفهم وعرفوه، ولا يدخل النار إلاّ من أنكرهم وأنكروه ].

وجاء في تفسير مجمع البيان للشيخ الطبرسي، قوله: وروى أبو القاسم الحسكاني بإسناده رفع إلى الأصبغ بن نُباتة، قال: كنت جالساً عند عليّ فأتاه ابن الكوّاء فسأله. وأورد بقيّة الرواية

ورواه أيضاً ابن مردويه في كتابه مناقب عليّ عليه السلام، كما رواه عنه الإربلي في عنوان: (ما نزل من القرآن في الإمام عليّ عليه السلام) من كتاب كشف الغمّة: ج ١ ص ٣٢٤.

وللمراجعة: الباب ٥٥ من كتاب غاية المرام للسيد هاشم البحراني ص ٣٥٣، وتفسير البرهان: ج ٢ ص ١٩-٢١، يجد فيهما المتتبّع شواهد كثيرة لما وردناه.

وروى الحافظ شهاب الدين أحمد بن محمّد بن عليّ بن حجر الهيثمي الشافعي المتوفّى بمكّة ٩٧٤ في كتابه الصواعق المحرقة ص ١٠١ قال:

أخرج الثعلبي في تفسير هذه الآية عن ابن عباس أنّه قال: الأعراف موضع عالٍ من الصراط، عليه العبّاس وحمزة وعليّ بن أبي طالب عليه السلام وجعفر ذو الجناحين يعرفون محبيّهم ببياض الوجوه ومبغضيهم بسواد الوجوه.

وهكذا رواه السمهودي عن الثعلبي في أواسط الذكر (١١) من القسم ٢ من جواهر العقدين الورق ١٣٠/أ / من نسخة أياصوفيا، وفي طبعة بغداد: ج ١ من القسم الثاني ص ٢٥٤.

وكذلك رواه الطبرسي في مجمع البيان، نقلاً عن الثعلبي في تفسيره عن الضحّاك عن ابن عبّاس وكذلك رواه السيد هاشم البحراني عن الثعلبي في تفسيره البرهان: ج ٢ ص ٢١ ط ٢ عند تفسيره للآية الكريمة.

١٠٣

وأخرج محمّد بن سليمان الصنعاني

في كتابه مناقب عليّ عليه السلام، الوراق ٣٥/ب أو في ط ا، ج ١ ص ١٥٨ قال:

(حدّثنا) أبو أحمد (قال:) أخبرنا عبد الله بن المبارك، عن ابراهيم بن سليم بن رشدين قال: حدّثنا عاصم بن سليمان أبو إسحاق الكوفي قال: حدّثنا جويبر بن سعيد، عن الضحّاك بن مزاحم: (عن ابن عباس) في قوله (تعالى):( وَعَلَى الْأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيمَاهُمْ ) قال: (هم) عليّ عليه السلام وجعفر وحمزة رضوان الله عليهم يعرفون محبّيهم ببياض الوجوه ومبغضيهم بسواد الوجوه.

ذكر الحافظ رضي الدين رجب بن محمّد بن رجب البرسي في كتابه (الدرّ الثمين: خمسمائة آية نزلت في أمير المؤمنين) في ص ١٠١ قال:

ثمّ جعله وذريّته رجال الأعراف يعني يعرفون الناس يوم القيامة ويقيمونهم فلا يجوز على الصراط إلاّ من عرفهم وعرفوه فقال:( وَعَلَى الْأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيمَاهُمْ ) يعني عليّاً و الائمّة من ولده عليهم السلام.

وروى الشيخ الطبرسي في تفسيره مجمع البيان، المجلد الثاني ص ٤٢٣ ط دار إحياء التراث العربي، بيروت، قال:

وقال أبو جعفر الباقر (ع) [هم آل محمّد عليهم السّلام لا يدخل الجنّة إلاّ من عرفهم وعرفوه، ولا يدخل النار إلّا من أنكرهم وأنكروه ]. وقال أبو عبد الله جعفر بن محمّد عليه السلام: [الأعراف كثبان بين الجنّة والنار فيقف عليها كل نبيّ وكلّ خليفة نبيّ مع المذنبين من أهل زمانه كما يقف صاحب الجيش مع الضعفاء من جنده وقد سبق المحسنون إلى الجنّة فيقول ذلك الخليفة للمذنبين الواقفين معه انظروا إلى إخوانكم المحسنين قد سيقوا إلى الجنّة فيسلّم المذنبون عليهم وذلك قوله ونادوا أصحاب الجنّة أن سلام عليكم ثمَّ أخبر سبحانه أنّهم لم يدخلوها وهم يطمعون يعني هؤلاء المذنبين لم يدخلوا الجنّة وهم يطمعون أن يدخلهم الله إيّاها بشفاعة النبيّ والإمام وينظر هؤلاء المذنبون إلى أهل النار فيقولون ربّنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين ثمَّ ينادي أصحاب الأعراف وهم الأنبياء والخلفاء أهل النار مقرعين لهم ما أغنى عنكم جمعكم وما كنتم تستكبرون أهؤلاء الذين أقسمتم يعني أهؤلاء المستضعفين الذين كنتم تحقرونهم وتستطيلون بدنياكم عليهم ثمَّ يقولون لهؤلاء المستضعفين، عن أمرٍ من الله لهم بذلك: أدخلوا الجنّة لا خوف عليكم ولا أنتم تحزنون ]. ويؤيّده ما رواه عمر بن شيبة وغيره أنَّ عليّاً (ع) قسيم النار والجنّة، ورواه أيضاً بإسناده عن النبيّ (ص) أنّه قال: [يا عليّ: كأنّي بك يوم القيامة وبيدك عصا عوسج، تسوق قوماً إلى الجنّة وآخرين إلى النّار ]

١٠٤

وروى أبو القاسم الحسكاني بإسناده رفعه إلى الأصبغ بن نُباتة قال كنت جالساً عند عليّ (ع) فأتاه ابن الكوّاء فسأله عن هذه الآية فقال: [ويحك يا ابن الكوّاء نحن نوقف يوم القيامة بين الجنّة والنار فمن ينصرنا عرفناه بسيماه فأدخلناه الجنّة، ومن أبغضنا عرفناه بسيماه فأدخلناه النار. ] وقوله( يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيمَاهُمْ ) يعني هؤلاء الرجال الّذين هم على الأعراف يعرفون جميع الخلق بسيماهم يعرفون أهل الجنّة بسيماء المطيعين وأهل النار بسيماء العصاة( وَنَادَوْا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ ) يعني هؤلاء الذين على الأعراف ينادون أصحاب الجنّة( أَن سَلَامٌ عَلَيْكُمْ ) وهذا تسليم وتهنئة وسرور بما وهب الله لهم( لَمْ يَدْخُلُوهَا ) أي لم يدخلوا الجنّة بعدُ.

عن ابن عباس وابن مسعود والحسن وقتاده.

سورة الأعراف الآية ٤٨

( وَنَادَىٰ أَصْحَابُ الْأَعْرَافِ رِجَالًا يَعْرِفُونَهُم بِسِيمَاهُمْ قَالُوا مَا أَغْنَىٰ عَنكُمْ جَمْعُكُمْ وَمَا كُنتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ )

روى الحافظ الشيخ سليمان القندوزي الحنفي في كتابه (ينابيع المودّة) ص ٤٥٢ بإسناده المذكور عن سلمان الفارسي رضي الله عنه.

قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يقول لعليّ أكثر من عشر مرّات: [يا عليّ: إنَّك والأوصياء من وُلدك أعراف بين الجنّة والنار، لا يدخل الجنّة إلاّ من عرفكم وعرفتموه، ولا يدخل النار إلاّ من أنكركم وأنكرتموه ].

وورد في كتاب: المختار ١٥٢ من باب الخطب من نهج البلاغة قال أمير المؤمنين عليّ عليه السلام: [وإنَّما الائمّة قوام الله على خلقه و عرفاؤه على عباده، لا يدخل الجنّة إلاّ من عرفهم وعرفوه، ولا يدخل النار إلاّ من أنكرهم وأنكروه ].

سورة الأعراف الآية ٧٩

( وَنَصَحْتُ لَكُمْ وَلَـٰكِن لَّا تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ )

أخرج الفقيه أبو الحسن عليّ بن محمّد بن شاذان من كتاب المناقب المائة، المنقبة الحادية والعشرون ص ١٤-١٥ قال: بسنده عن عكرمة عن ابن عباس قال:

١٠٥

قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، بعد منصرفه من حجّة الوداع:

[يا أيّها الناس …..

حتّى قال: صلّى الله عليه وآله وسلّم: ألآ وإنّ ربيّ أمرني بوصيّكم ألآ وإنّ ربّي أمرني أن أدلّكم على سفينة نجاتكم وباب حطّتكم ..

فمن أراد منكم النجاة بعدي والسّلامة من الفتن المردية فليتمسَّك بولاية عليّ بن أبي طالب .

فإنّه الصدّيق الأكبر والفاروق الأعظم وهو إمام كلّ مسلم بعدي، من أحبّه واقتدى به في الدنيا ورد علَيَّ حوضي، ومن خالفه لم يرده، ولم يرني واختلج دوني، وأخذ به ذات الشمال إلى النار .

أيّها الناس إنّي :

قد نصحت لكم ولكن لا تحبّون الناصحين ].

وهنا استشهد النبيّ (ص) بهذه لإلقاء الحجّة، ولبيان لزوم إتبّاع الإمام عليه السلام.

وأخرج الخوارزمي في المناقب ص ٤٢ والحمّوئي (الحمويي) من فرائد السمطين في الباب الرابع والخمسين.

عن الحسن البصري عن عبد الله قال: قال رسول الله عليه وسلم:

[إذا كان يوم القيامة يقعد عليّ بن أبي طالب على الفردوس وهو جبل قد علا الجنّة وفوقه عرش ربِّ العالمين، ومن سفحه يتفجّر أنهار الجنّة وتتفرَّق في الجنان وهو جالسٌ على كرسيّ من نور يجري بين يديه التسنيم، لا يجوز أحدٌ الصراط إلاّ ومعه براءة بولايته وولاية أهل بيته يشرف على الجنّة فيدخل محبيّه الجنّة ومبغضيه النار ].

جاء في الرياض النضرة ج ٢ ص ١٧٧-٢٤٤، والصواعق المحرقة ص ٧٥، وإسعاف الراغبين ص ١٦١.

أخرج الحافظ ابن السمان في الموافقة عن قيس بن حازم قال:

إلتقى أبو بكر الصديق وعليّ بن أبي طالب فتبسَّم أبو بكر في وجه عليّ فقال له: مالك تبسَّمتَ؟ قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يقول: [لا يجوز أحد على الصراط، إلاّ من كتب له عليٌّ الجواز ]

١٠٦

وجاء في مناقب الخطيب الخوارزمي ص ٦٥

عن جابر بن عبد الله عن رسول الله صلّى الله عليه وآله قال: [يا عليّ، والّذي نفسي بيده إنَّك لذائدٌ عن حوضي يوم القيامة، تذود عنه رجالاً كما يذاد البعير الضّال عن الماء بعصاً لك من عوسج وكأنّي أنظر إلى مقامك من حوضي ].

وأخرج الخطيب الخوارزمي في المناقب ص ٢٥٣ عن مجاهد عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلّى الله عليه واله: [إذا كان يوم القيامة أقام الله عزَّ وجلّ جبريل ومحمّداً على الصراط فلا يجوز أحدٌ إلّا من كان معه براءة من عليّ بن أبي طالب ].

وأورد الفقيه ابن المغازلي في المناقب، بلفظ: [عليٌّ يوم القيامة على الحوض، لا يدخل الجنّة إلاّ من جاء بجوازٍ من عليّ بن أبي طالب ].

أخرج أبو الخير الحاكمي عن عليّ عليه السلام قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: [إذا جمع الله الأوّلين والآخرين يوم القيامة ونصب الصراط على جسر جهنَّم، ما جازها أحدٌ حتّى كانت معه براءة بولاية عليّ بن أبي طالب ].

وذُكر في (فرائد السمطين) للشيخ المحدّث الكبير إبراهيم بن محمد ابن المؤيّد الجويني الحمويني الخراساني الباب الرابع والخمسون، والرياض النضرة: ج ٢ ص ١٧٢.

وأورد الحافظ الحاكم الحسكاني في شواهد التنـزيل ج ١ ص ٢٠١ ط ٣ الحديث ١٧٩ قال:

حدّثني أبو الحسن محمّد بن القاسم الفارسي قال: حدّثنا أبو جعفر محمّد بن علي قال: حدّثنا حمزة بن محمّد العلوي، قال: أخبرنا عليّ بن إبراهيم، (عن أبيه)، عن عليّ بن مَعْبَدْ عن الحسين بن خالد عن عليّ بن موسى الرضا (عن أبيه) عن آبائه عن عليّ عليهم السلام قال:

قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم: [من أحبَّ أن يركب سفينة النجاة ويستمسك بالعُروة الوُثقى ويعتصم بحبل الله المتين، فليوال عليّاً وليأتمَّ بالهداة من ولده ].

وروى الشيخ الطبرسي في تفسيره مجمع البيان المجلد الثاني ص ٤٤٣ ط دار إحياء التراث العربي بيروت، قال:

وروى الثعلبي بإسناده مرفوعاً عن النبيّ (ص) قال: [يا عليّ: أتدري من أشقى الأوَّلين قال: قلت الله ورسوله أعلم قال: عاقر الناقة، قال: أتدري من أشقى الآخرين قلت الله ورسوله أعلم، قال: قاتِلكَ، وفي رواية أخرى، قال: من أشقى الآخرين!؟ من يخضب هذه من هذه، وأشار إلى لحيته ورأسه ].

١٠٧

سورة الأعراف الآية ١٤٢

( وَقَالَ مُوسَىٰ لِأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلَا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ )

روى الحافظ محمّد بن يوسف الكنجي في كتابه كفاية الطالب ص ٢٨١ الباب السبعون في تخصيص عليٍّ (ع) بقوله صلّى الله عليه وآله وسلّم: [أنت منّي بمنـزلة هارون من موسى ]. (وذكر طرقه)

روى بإسناده عن عامر بن سعد يقول: قال سعد (بن أبي وقاص):

قال رسول الله صلّى الله عليه وآله لعليّ عليه السلام: [ألا ترضى أن تكون منِّي بمنـزلة هارون من موسى، إلاّ أنّه لا نبوّة بعدي ].

وبرواية أوردها الكنجي عن عدّة من الرواة والحفّاظ وبإسناده عن مصعب بن سعد بن أبي وقاص، قال: خلف رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم عليّ بن أبي طالب في غزوة تبوك فقال: [يا رسول الله تخلّفني في النساء والصبيان، فقال: أما ترضى أن تكون منّي بمنـزلة هارون من موسى غير أن لا نبيَّ بعدي ].

وجاء في كتاب كفاية الطالب، للحافظ الكنجي ص ٢٨٣ قال:

قلت: هذ حديث متّفق على صحته.

ورواه الائمّة الحفّاظ، كأبي عبد الله البخاري في صحيحة(١) ومسلم بن الحجّاج في صحيحه(٢) وأبي داود في سننه، وأبي عيسى الترمذي في جامعه(٣) ، وأبي عبد الرحمان النسائي في سننه(٤) وابن ماجة القزويني في سننه(٥) واتّفق الجميع علي صحته حتّى صار ذلك إجماعاً منهم.

قال الحاكم النيسابوري: هذا حديث دخل في حدِّ التواتر(٦) وقد نقل عن شعبة بن الحجّاج أنّه قال في قوله (ص) لعليٍّ (ع): [أنت منّي بمنـزلة هارون من موسى ].

____________________

(١) ج ٣ ص ٥٤ باب غزوة تبوك.

(٢) صحيح مسلم: ج ٤ ١٨٧١ ط ١٣٧٥ هـ.

(٣) صحيح الترمذي: ج ٢ ص ٣٠١.

(٤) خصائص النسائي: ص ٨٢.

(٥) صحيح ابن ماجة ١٢.

(٦) مستدرك الصحيحين: ج ٢ ص ٣٣٧.

١٠٨

وكان هارون أفضل أمّة موسى عليه السلام، فوجب أن يكون عليٌّ (ع) أفضل من كلّ أمّة محمّد (ص) صيانةً لهذا النص الصريح كما قال موسى لأخيه هارون: أُخلفني في قومي وأصلح.

وجاء في كتاب الدرّ الثمين للحافظ رضي الدين البرسي ص ١٠١ قال:

ثمّ جعل محمّداً وعليّاً عليهما السلام مستغاثاً لكل داعٍ وغياثاً لكل واعٍ و آيةً لكل ساعٍ فقال حكاية عن موسى( رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَن تَرَانِي ) .

ثم قال:( فَلَمَّا تَجَلَّىٰ رَبُّهُ ) نفى عن ذاته المقدّسة نظر العيون وخطرات الظنون.

ثم قال:( فَلَمَّا تَجَلَّىٰ ) والتجلّي إنّما يكون من ذي الهيئة وذو الهيئة والمثال يُرى فكيف نفى الرؤية عن ما تجوز (عليه) الرؤية.

وحلّ هذا الرمز أنّه جعل التجلّي للربِّ، والربُّ مقول على كثيرين فالمراد هنا بحذف المضاف، فالمراد منه: فلمّا تجلى نور ربِّه وعظمة ربِّه وجلال ربِّه، والعظمة والجلال محمّدٌ وعليٌّ عليهما السلام وكذلك قال أمير المؤمنين عليه السلام [أنا مكلِّم موسى من الشجرة. أنا ذلك النّور، وإنّما ظهر لموسى شقص من شقص الذر من المثقال ].

قال ابن عباس: كان ذلك النور نور محمّد صلّى الله عليه وآله وسلم.

ومن مجمع الزوائد: ج ٨ ص ٤٠٠ الحديث ١٣٨٣٠ كتاب علامات النبوّة.

والمستدرك: ج ٣ ص ٣٢٧ كتاب معرفة الصحابة، مناقب العباس.

قال العباس بن عبد المطّلب يمدح النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم:

من قبلها طبت في الظلال وفي

مستودع حيث يخصف الورق

ثمّ هبطت البــلاد لا بشـر

أنت ولا مضغة ولا علـــق

بل نطفة تركـب السفين وقد

ألجم نسراً وأهله الغــــرق

تنقل مــن صالب إلى رحم

إذا مضى عالم بدا طــــبق

حتى احتوى بيتك المهيمن من

خَندف علياء تحتها النطـــق

وأنت لما ولدت أشـرقت الأ

رض وضاءت بنورك الأفــق

فنحن في ذلك الضياء وفي النـ

ور وسبل الرشاد نختـــرق

١٠٩

وزاد ابن الجوزي هذا البيت:

وردت نــار الخليل مكتتما

تجــول فيها ولســت تحترق

وللمراجعة: الوفا بأحوال المصطفى: ص ٢٨ الباب الثاني الحديث ٩.

و ينابيع المودّة للشيخ سليمان القندوزي ص ١٣-١٤.

وقال الصفوري في نزهة المجالس: ج ٢ ص ٢٤٥

لما أُلقي إبراهيم في النّار كان نور محمّد صلّى الله عليه وآله وسلم، في جنبه وعند الذبح كان النور قد انتقل إلى إسماعيل.

وزاد القاضي عياض:

يا بَرْدَ نار الخليــــل يا سَبَباً

لعصمــة النار وهي تَحتَرقُ

الشفا بتعريف حقوق المصطفى: ج ١ ص ١٦٧-١٦٨ الباب الثالث.

١١٠

سورة الأعراف الآية ١٨١

( وَمِمَّنْ خَلَقْنَا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ )

روى الحافظ سليمان القُندوزي وهو من علماء السنّة، بسند متصل بالإمام علي (ع) أنّه قال: [تفترق الأمّة ثلاث وسبعون فرقة، اثنتان وسبعون في النار، وواحدة في الجنّة: وهم الذين قال الله تبارك وتعالى ( وَمِمَّنْ خَلَقْنَا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ ) وهم أنا وشيعتي ].

ينابيع المودّة، ١٠٩ (عن أحمد بن موفّق الخوارزمي) (نقلاً من كتاب العقائد الجعفريّة ص ٤١).

في الدرّ المنثور: ج ٣ ص ١٤٩ قال السيوطي: وأخرج ابن أبي حاتم عن الربيع في قوله:( وَمِمَّنْ خَلَقْنَا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ ) قال: قال رسول الله (ص): [إنَّ من أمّتي قوماً على الحقّ حتّى ينـزل عيسى بن مريم، متى ما نزل ].

وقال: أخرج أبو الشيخ عن عليّ بن أبي طالب قال: [لتفترق هذه الأمّة على ثلاث وسبعين فرقه، كلّها في النار إلّا فرقة. يقول الله: ( وَمِمَّنْ خَلَقْنَا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ ) ] فهذه هي التي تنجو من هذه الأمّة.

والطبرسي أيضاً أورد في تفسيره مجمع البيان: ج ٢ ص ١٢٣ ط مؤسسة التاريخ العربي، قال: وروى العيّاشي بإسناده عن أمير المؤمنين علي (ع) أنّه قال: [والّذي نفسي بيده لتفترقنّ هذه الأمّة على ثلاث وسبعين فرقة، كلّها في النار إلاّ فرقةٌ واحدة ( وَمِمَّنْ خَلَقْنَا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ ) ] فهذه التي تنجو.

وفي ينابيع المودّة للقندوزي الحنفي في الباب الخامس والثلاثون ص ١٠٩ قال: وأخرج موفق بن أحمد الخوارزمي عن عمر بن أُذينة، عن جعفر الصادق عن آبائه عن عليّ عليهم السلام، قال: قال رسول الله (ص): [يا عليّ مثلك في أمّتي مثل عيسى بن مريم، إفترق قومه ثلاث فرق: فرقة مؤمنون وهم الحواريّون، وفرقة عادوه وهم اليهود، وفرقةٌ غلوا فيه فخرجوا عن دين الله وهم النصارى، وأنّ أمّتي ستفترق فيك ثلاث فرق: فرقة اتبعوك وأحبّوك وهم المؤمنون، وفرقة عادوك وهم الناكثون والمارقون والقاسطون، وفرقة غلوا فيك وهم الضالّون، يا عليّ: أنت وأتباعك في الجنّة، وعدوّك والغالي فيك في النار ].

١١١

وفي ينابيع المودّة أيضاً (في الباب الخامس والثلاثون أيضاً) قال: وأخرج موفق بن أحمد الخوارزمي المكّي، عن زاذان عن عليّ (ع) قال: [تفترق هذه الأمّة على ثلاث وسبعين فرقة: اثنتان وسبعون في النار، وواحدة في الجنّة، وهم الذين قال الله تعالى: ( وَمِمَّنْ خَلَقْنَا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ ) وهم أنا وشيعتي ].

وللأستزادة مما ورد في كتب الرواة والتفاسير للآية ٧ من سورة البيّنة للعودة والرجوع للآية المذكورة( أُولَـٰئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ ) .

وجاء بكتاب فضائل الخمسة للسيد الحسيني الفيروز آبادي: ج ٣ ص ٩٨ ط. دار الكتب الإسلامية باب (أنّ علياً وشيعته يردون عليَّ الحوض).

عن الهيثمي في مجمع الزوائد: ج ٩ ص ١٣١، قال: بإسناد الطبراني أنّ رسول الله (ص) قال لعلي (ع): [أنت وشيعتك تردون عليَّ الحوض رواة مروييّن، مبيضّة وجوهكم، وأنّ أعداءك يردون عليَّ الحوض ظماء مقمحين ].

وفي كنوز الحقائق للمناوي ص ١٨٩ ولفظة: [يا عليّ أنت وشيعتك تردون عليّ الحوض وروداً ].

وفي كنز العمّال: ج ١٢ ص ١٠٤ مؤسسة الرسالة ولفظة: [يا عليّ إنَّ أول أربعةٍ يدخلون الجنّة: أنا وأنت والحسن والحسين وذرارينا خلف ظهورنا، وأزواجنا خلف ذرارينا، وشيعتنا عن أيماننا وعن شمائلنا ]. قال: أخرجه ابن عساكر عن عليّ (ع) وأخرجه الطبراني عن أبي رافع.

وفي حلية الأولياء لأبي نعيم: ج ٤ ص ٣٢٩ روى بسنده عن الشعبي عن عليّ (ع) قال: قال لي النبيّ (ص): [إنَّك وشيعتك في الجنّة ]، وهذا الحديث رواه الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد: ج ١٢ ص ٢٨٩.

وفي تاريخ بغداد، للخطيب البغدادي: ج ١٢ ص ٣٥٨ روى بسنده عن أبي سعيد الخدري عن أمّ سلمة قالت: كانت ليلتي من رسول الله (ص) فأتته فاطمة (ع) ومعها عليٌّ (ع) فقال له النبيّ (ص): [أنت وأصحابك في الجنّة، أنت وشيعتك في الجنّة ].

١١٢

وفي المناقب لابن المغازلي الشافعي ص ٣٣٩ برقم ٢٩٦ قال: أخبرنا أبو الحسن أحمد بن المظفّر العطّار الفقيه الشافعي رحمه الله، أخبرنا عبد الله بن محمّد بن عثمان المزني الملقب بابن السقّاء الحافظ، حدّثنا عبد الله بن زيدان، حدّثنا عليّ بن يونس بن عليّ بن يونس العطّار، حدّثنا محمّد بن علي الكندي، حدّثني محمّد بن سالم، حدّثنا جعفر بن محمد، قال: حدّثني محمّد بن علي، حدّثني عليّ بن الحسين، حدّثني الحسين بن علي، حدّثني عليّ بن أبي طالب (ع)، عن رسول الله (ص): قال: [يا عليّ إنَّ شيعتنا يخرجون من قبورهم يوم القيامة على ما بهم من العيوب والذنوب، وجوههم كالقمر ليلة البدر. وقد فرجت عنهم الشدائد، وسُهِّلت لهم الموارد، وأُعطوا الأمن والأمان، وارتفعت عنهم الأحزان، يخاف الناس ولا يخافون، ويحزن الناس ولا يحزنون، شرك نعالهم تلألأ نوراً، على نوق بيض لها أجنحة، قد ذللت من غير مهانة، ونجبت من غير رياضة، أعناقها من ذهب أحمر، ألين من الحرير، لكرامتهم على الله عزّ وجلّ ].

وفي مجمع الزوائد للهيثمي: ج ٩ ص ١٧٣ قال: وعن أبي هريرة أنَّ عليّ بن أبي طالب قال: [يا رسول الله أيّما أحبّ إليك أنا أم فاطمة؟ قال (ص): فاطمة أحبّ إليَّ منك، وأنت أعزّ عليّ منها، وكأنّي بك وأنت على حوضي تذود عنه الناس، وإنّ عليه لأباريق مثل عدد نجوم السماء، وإنّي وأنت والحسن والحسين وفاطمة وعقيل وجعفر في الجنّة، إخواناً على سرر متقابلين، أنت معي وشيعتك في الجنّة، ثمَّ قرأ رسول الله (ص) ( إِخْوَانًا عَلَىٰ سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ ) لاينظر أحد في قفا صاحبه ]سورة الحجر تسلسل ٤٩ الآية ٤٧ .. قال: رواه الطبراني.

وفي المناقب لابن المغازلي الشافعي: ص ٢٩٣ برقم ٣٣٥ قال:

أخبرنا القاضي أبو جعفر محمّد بن إسماعيل العلوي حدّثنا أبو محمّد عبد الله بن عثمان المزني الحافظ الملقب بابن السقّاء، حدّثنا أبو عبد الله أحمد بن علي الرازي، حدّثنا عليّ بن حسين بن عبيد الرازي، حدّثنا إسماعيل بن أبان الأزدي، عن عمرو بن حريث، عن داود بن سليك عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله (ص): [يدخل من أمَّتي الجنّة سبعون ألفاً لا حساب عليهم، ثمَّ التفت إلى عليّ (ع) فقال: هم من شيعتك وأنت إمامهم ].

١١٣

وأخرج الطبراني في ص ٩٦ عن الديلمي بلفظة: [يا علي إنّ الله غفر لك ولذريتّك ولولدك ولأهلك ولشيعتك ولمحبّي شيعتك، فأبشر فأنت الأنزع البطين ]. وفي ص ١٣٩ ط. الميمنيه قال: [وفي رواية:أنّ الله غفر لشيعتك ولمحبّي شيعتك ].

وكذلك رواه السيد مرتضى الحسيني الفيروز آبادي في كتابه فضائل الخمسة: ج ٢ ص ٩٥.

وأخرج الحافظ عبيد الله بن عبد الله بن أحمد المعروف بالحاكم الحسكاني في كتابه شواهد التنـزيل: ج ١ ص ٣٢٠ ط ٣، في الحديث الرقم ٢٧٠ قال:

أخبرنا عقيل بن الحسين، قال: أخبرنا عليّ بن الحسين، قال: حدّثنا محمّد بن عبيد الله، قال: حدّثنا أبو بكر بن سليمان بالبصرة قال: حدّثنا (أحمد بن عبد الجبّار أبو عمر) العطاردي قال: حدّثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن مجاهد:

عن ابن عباس في قوله عزّ وجلّ:( وَمِمَّنْ خَلَقْنَا أُمَّةٌ ) قال: يعني من أُمّة محمّد أمّة: يعني عليّ بن أبي طالب،( يَهْدُونَ بِالْحَقِّ ) يعني يدعون بعدك يا محمّد إلى الحقّ، ( وَبِهِ يَعْدِلُونَ ) في الخلافة بعدك.

ومعنى الأمّة: العلَم في الخير، نظيرها:( إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً ) يعني علماً في الخير، معلِّماً في الخير.

وأورد الحسكاني في الشواهد ص ٣٢١ الحديث ٢٧١ قال:

وفي كتاب فهم القرآن عن (الإمام) جعفر الصادق في معنى قوله:( وَمِمَّنْ خَلَقْنَا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ ) قال: [هذه الآية لآل محمّد صلّى الله عليه وآله وسلّم ].

(وهكذا وجدت) بخطّ أبي سعد بن دوست في أصله.

وروى ابن مردويه في كتاب مناقب علي عليه السلام بسنده عن زاذان عن علي عليه السلام، قال: [تفترق هذه الأمّة على ثلاث وسبعين فرقة: اثنتان وسبعون في النار، وواحدة في الجنّة، وهم الذين قال الله تعالى: ( وَمِمَّنْ خَلَقْنَا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ ) وهم أنا وشيعتي ].

وكذا رواه عنه الإربلي في عنوان: (ما نزل من القرآن في شأن عليٍّ عليه السلام) من كتاب كشف الغمّة: ج ١ ص ٣٢١.

١١٤

وللنظر في المختار (١١٣) من القسم الثاني من باب الخطب من نهج السعادة: ج ٣ ص ٤٢٧ ط ١ ثم إنّ في الباب (١٨٥) من غاية المرام ص ٤٢٧ للسيد هاشم البحراني ما يعزز الشواهد المذكورة هنا.

وأخرج الحديث فقيه الحنفيّة موفق بن أحمد الخوارزمي في المناقب ص ٢٣٧.

وأخرجه السيد هاشم البحراني في كتابه الصغير عن مناقب أحمد بن موسى بن مردويه فيص ١١٢.

وأخرج الحافظ رضي الدين رجب بن محمّد بن رجب البرسي، في كتابه (الدرّ الثمين، خـمسمائة آية نزلت في أمير المؤمنين) ص ٩٩ قال:

ثمَّ جعله وعترته عليهم السلام أولياءه على الحق فقال:( وَمِمَّنْ خَلَقْنَا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ ) .

قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم: [إذا افترقت هذه الأمّة على ثلاث وسبعين فرقة، اثنتان وسبعون في النار وفرقة في الجنّة وهم أنت وشيعتك، لأنَّك لم تفارق الحقّ وهم لا يفارقونك فهم مع الحقّ ].

وروى الشيخ الطبرسي في تفسيره مجمع البيان - المجلد الثاني - ص ٥٠٣ ط. دار إحياء التراث العربي - بيروت، قال:

وقال الربيع بن أنس: قرأ النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم هذه الآية فقال: [إنَّ من أمّتي قوماً على الحقّ، حتّى ينـزل عيسى بن مريم ]. وروى العيّاشي بإسناده عن أمير المؤمنين (ع) أنّه قال: [والذي نفسي بيده لتفترقنَّ هذه الأمّة على ثلاث وسبعين فرقة، كلّها في النار إلّا فرقةٌ واحدة ( وَمِمَّنْ خَلَقْنَا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ ) فهذه التي تنجو ].

وروي عن أبي جعفر وأبي عبد الله (ع) أنَّهما قالا: [نحن هم ].

١١٥

سورة الأنفال

سورة الأنفال، الآية ٢٥

( وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَّا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنكُمْ خَاصَّةً )

أخرج السيد محمّد حسين الطباطبائي في تفسيره الميزان: ج ٩ ص ٦٢ قال: وفي المجمع البيان للشيخ الطبرسي، عن الحاكم بإسناده عن قتادة عن سعيد بن المسيّب عن ابن عباس قال: لماّ نزلت هذه الآية( وَاتَّقُوا فِتْنَةً ) قال النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم [من ظلم عليّا مقعدي هذا بعد وفاتي، فكأنَّما جحد نبوّتي ونبوَّة الأنبياء من قبلي ].

وقال: ومن الدرّ المنثور أخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد ونعيم بن حمّاد في الفتن وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه عن الزبير رضي الله عنه قال: لقد قرأنا زماناً ومانرى أنّا من أهلها فاذا نحن المعنيّون بها( وَاتَّقُوا فِتْنَةً لاَ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً ) وفيه (الدرّ المنثور) أخرج أحمد والبزّاز وابن المنذر وابن مردويه وابن عساكر عن مطرف قال: قلنا للزبير: يا أبا عبد الله ضيَّعتم الخليفة حتّى قتل ثم جئتم تطلبون بدمه؟ فقال الزبير رضي الله عنه: إنَّا قرأنا على عهد رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وأبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم( وَاتَّقُوا فِتْنَةً لاَ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً ) ولم نكن نحسب أنّا أهلها حتّى وقعت فينا حيث وقعت.

وأورد الحافظ عبيد الله بن عبد الله بن أحمد الحاكم الحسكاني في شواهد النتزيل: ج ١ ص ٣٢٣ ط ٣، من الرقم ٢٧٣ قال:

حدّثني محمّد بن القاسم بن أحمد قال: حدّثنا أبو سعيد محمّد بن الفضل بن محمد، قال حدّثنا محمّد بن صالح القزويني، قال: حدَّثنا عبد الرحمان بن أبي حاتم قال: حدّثنا أبو سعيد الأشج، عن أبي خالد الأحمر (سليمان بن حيّان)، عن إبراهيم بن طهمان، عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن سعيد بن المسيب عن ابن عباس قال:

لما نزلت:( وَاتَّقُوا فِتْنَةً لاَ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً ) قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم: [من ظلم عليّاً مقعدي هذا بعد وفاتي، فكانَّما جحد نبوَّتي ونبوّة الأنبياء قبلي ].

١١٦

والسيد هاشم البحراني قد روى عنه في تفسير الآية الكريمة في تفسيره البرهان: ج ٢ ص ٧٢، وكذلك فقد رواه عنه في كتابه غاية المرام في الباب ١٣٥ ص ٤٠٧.

وكذلك فقد روى السيد هاشم البحراني في كتابه غاية المرام ص ٤٠٧ يروي عن أبي عبد الله محمّد بن علي السرّاج، يرفعه إلى عبد الله بن مسعود قال: قال النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلم:

[يا ابن مسعود قد أنزلت الآية ( وَاتَّقُوا فِتْنَةً لاَ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً ) وأنا مستودعكها، ومسلم لك خاصّة الظلمة فكن لما أقول واعيا وعنّي له مؤدّيا: من ظلم عليّا مجلسي هذا كمن جحد نبوّتي ونبوّة من كان قبلي ].

وأخرج الحاكم الحسكاني من شواهد التنـزيل: ج ١ ص ٣٢٤ ط ٣، من الرقم ٢٧٤ قال:

أخبرنا منصور بن الحسين قال: حدّثنا محمّد بن جعفر قال: حدّثنا إبراهيم بن إسحاق قال: حدّثنا إسحاق بن إبراهيم قال: أخبرنا عبد الرحمان بن مهدي قال حدّثنا جرير بن حازم قال: سمعت الحسن (البصري) يحدِّث عن الزبير بن العوّام قال:

لماّ نزلت هذه الآية:( وَاتَّقُوا فِتْنَةً لاَ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً ) ونحن يومئذ متوافرون فجعلنا نعجب من هذه الآية، أيَّة فتنة تصيبنا؟ ماهذه الفتنة؟ حتّى رأيناها.

وفي الرقم ٢٧٥ من الشواهد للحسكاني قال:

وبه قال: حدّثنا يوسف، قال: حدّثنا قبيصة، قال: حدّثنا سفيان، عن أبي شعيب الصّلت بن دينار، عن عقبة بن صهبان قال: سمعت الزبير بن العوام يقول:

لقد قرأناها زماناً ومانرى أنّا من أهلها، وإذاً نحن المعنيّون بها:

( وَاتَّقُوا فِتْنَةً لاَ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً ) .

وجاء في الرقم ٢٧٦ في شواهد التنـزيل للحسكاني قال:

وبه قال: حدّثنا محمّد بن يحيى، ومحمد بن سهل، قالا: حدّثنا محمّد بن يوسف، قال: حدّثنا سفيان عن جويبر:

عن الضحّاك بن مزاحم، من قوله تعالى( وَاتَّقُوا فِتْنَةً لاَ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً ) قال: نزلت في أصحاب النبيّ صلّى الله عليه وآله خاصّة.

١١٧

وأورد الحسكاني في الحديث الرقم ٢٧٧ من شواهد التنزيل ص ٣٢٥ قال:

وبه حدّثنا الحسين بن علي قال: حدّثنا عمرو بن محمّد قال: حدّثنا أسباط: عن السدّي، عن أصحابه( وَاتَّقُوا فِتْنَةً لاَ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً ) قال: أهل بدر خاصّةً، قال: فأصابتهم يوم الجمل فاقتتلوا، وكان من المفتونين فلان وفلان، وهم من أهل بدر، الحديث.

وللملاحظة: إنَّ مقصده من فلان وفلان، طلحة والزبير.

ومن مجمع البيان للطبرسي، عند تفسيره للآية الشريفة بمثل هذا المعنى، ينقل عن السدّي.

وكون الآية الكريمة خاصّة بأهل بدر، فقد أورد السيد الطباطبائي في تفسيره الميزان: ج ٩ ص ٣٢٥ قال:

وفيه (أي الدرّ المنثور) أخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن السدّي قال:

هذه نزلت في أهل بدر خاصّة فأصابتهم يوم الجمل فاقتتلوا فكان من المقتولين طلحة والزبير وهما من أهل بدر.

وأورد الحاكم الحسكاني من شواهد التنـزيل: ج ١ ص ٣٢٥ من الرقم ٢٧٨ قال:

أخبرنا عبد الرحمان بن الحسن بن عليّ قال: أخبرنا محمّد بن إبراهيم بن سلمة قال:

حدّثنا محمّد بن عبد الله بن سليمان، قال: حدّثنا عمر بن محمّد بن الحسن قال: حدّثنا أبي قال: الحسن بن دينار عن الحسن:

عن الزبير بن العوام أنَّه قرأ هذه الآية:( وَاتَّقُوا فِتْنَةً ) إلى آخرها فقال: ماشعرت (أنَّ) هذه الآية (نزلت فينا) إلّا اليوم - يعني يوم الجمل في محاربته عليًّا.

وممن أورد مقولة الزبير بن العوّام وأنّه كان من المعنيّين والخاصّة التي خصَّتهم الآية الكريمة، فقد روى أبو عمرو الداني عثمان بن سعيد من السنن الواردة في الفتن، في الحديث ١٢ من الباب ٣ ص ١٨ قال:

حدّثنا سلمون بن داود قال: حدّثنا محمّد بن عبد الله قال:

حدّثنا محمّد بن يونس قال: حدّثنا عمر بن حبيب، عن داوود بن أبي هند، عن الحسن قال: حدّثني عون بن قتادة قال: حدّثني الزبير بن العوّام قال:

١١٨

لقد حذَّرنا رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم فتنة لم نر أنّا نخلق لها؟ ثم قرأ:

( وَاتَّقُوا فِتْنَةً لاَ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً ) فقرأناها زماناً، فاذا نحن المعنيّون بها.

قال (عون: فقلت له:) حيث كان هكذا فلِمَ خرجتم (عن عليّ)؟، قال: ويحك! نحن نعلم ولكن لانصبر.

وذكر محقق الكتاب في تحقيقه: والحديث أخرجه أحمد (في مسند الزبير):ج ١ ص ١٦٧ ط ١.

ورواه أيضاً ابن جرير في تفسيره: ج ٩ ص ٢١٨.

ورواه أيضاً البزّار كما في كشف الأستار: ج ٤ ص ٩١.

ورواه في مسند الزبير في الحديث الأخير ج ١ ص ١٦٧ قال: حدّثنا أسود بن عامر حدّثنا جرير، قال: سمعت الحسن قال: قال الزبير بن العّوام: نزلت هذه الآية ونحن متوافرون مع رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم:( وَاتَّقُوا فِتْنَةً لاَ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً ) فجعلنا نقول: ماهذه الفتنة وما نشعر أنّها تقع حيث وقعت.

ورواه عنه الهيثمي في مجمع الزوائد: ج ٧ ص ٢٧ وقال: رواه أحمد باسنادين ورجال أحدهما رجال الصحيح.

وكذلك ورد في كتاب فضائل الخمسة: ج ٢ ص ٣٦٨ للسيد الفيرز آبادي.

وأورد الحسكاني في شواهد التنـزيل: ج ١ ص ٣٢٨ في الحديث ٢٨٣ (قال: و) حدّثنا الحمّاني قال: حدّثنا وكيع عن إسماعيل بن أبي خالد، عن السدّي (في قوله تعالى)( وَاتَّقُوا فِتْنَةً لاَ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً ) هم أهل الجمل.

وأورد الحسكاني في شواهد التنـزيل: ج ١ ص ٣٢٨، الرقم ٢٨٤ قال: (و) حدّثنا محمّد بن الفضل، عن هشام بن (عروة عن) بكير الطويل، عن أبي إسحاق، عن أبي عثمان النهدي قال: رأيت عليًّا يوم الجمل وتلا هذه الآية:( وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ ) فحلف عليّ بالله ماقوتل أهل هذه الآية منذ نزلت إلاّ اليوم.

وروى الشيخ الطبرسي في تفسيره مجمع البيان المجلد الثاني ص ٥٣٤ - ط دار إحياء التراث العربي بيروت، قال:

١١٩

وفي حديث أبي أيّوب الأنصاري أنَّ النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم قال لعمّار: [ياعمّار إنَّه سيكون بعدي هنات حتّى يختلف السيف فيما بينهم وحتى يقتل بعضهم بعضاً وحتى يبرأ بعضهم من بعض، فإذا رأيت ذلك فعليك بهذا الأصلع عن يميني عليّ بن أبي طالب (ع) فإن سلك الناس كلّهم واديا وسلك عليُّ واديا فاسلك وادي عليّ وخلّ عن الناس ياعمّار، إنَّ عليّاً لايردّك عن هدى ولا يدّلك على ردى، ياعمّار طاعة عليّ طاعتي وطاعتي طاعة الله ] ورواه السيد أبو طالب الهروي بإسناده عن علقمة والأسود قالا أتينا أبا أيّوب الأنصاري الخبر بطوله، وفي كتاب شواهد التنزيل للحاكم الحسكاني: وحدّثنا عنه أبو الحمد مهدي بن نزار الحسيني، حدّثني محمّد بن القاسم بن أحمد قال حدّثنا أبو سعيد محمّد بن الفضيل بن محمّد قال: حدّثنا محمّد بن صالح العرزميّ قال حدّثنا عبد الرحمن بن أبي حاتم قال: حدّثنا أبو سعيد الأشج عن أبي خلف الأحمر عن إبراهيم بن طهمان عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن سعيد بن المسيب عن ابن عباس قال لما نزلت هذه الآية( وَاتَّقُوا فِتْنَةً ) قال النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلم: [من ظلم عليّاً مقعدي هذا بعد وفاتي فكأنَّما جحد بنبوّتي ونبوَّة الأنبياء قبلي ].

١٢٠

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

معصوما من القبائح بعصمة الله تعالى له وبلطفه وتوفيقه.

فإن قيل: الظاهر خلاف ذلك لأنه قال:( وَإِلاّ تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَ ) فيجب أن يكون المراد ما يمنعهم من الكيد ويرفعه؛ والّذي ذكرتموه من انصرافه عن المعصية لا يقتضي ارتفاع الكيد والانصراف عنه.

قلنا: معنى الكلام: وإلا تصرف عنى ضرر كيدهنّ والغرض به؛ لأنهنّ إنما أجرين بكيدهنّ إلى مساعدته لهنّ على المعصية، فإذا عصم منها ولطف له في الانصراف عنها؛ فكأنّ الكيد قد انصرف عنه ولم يقع به، من حيث لم يقع ضرره وما أجرى به إليه، ولهذا يقال لمن أجرى بكلامه إلى غرض لم يقع: ما قلت شيئا، ولمن فعل ما لا تأثير له: ما فعلت شيئا، وهذا بيّن بحمد الله ومنّه.

تأويل خبر [: (من يتّبع المشمعة يشمّع الله به) ]

إن سأل سائل عن تأويل الخبر الّذي يرويه عقبة بن عامر أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال في خطبة طويلة خطبها: (من يتّبع المشمعة يشمّع الله به).

والجواب، إن المشمعة هي الضّحك والمزاح واللعب، يقال: شمع الرّجل يشمع شموعا، وامرأة شموع إذا كانت كثيرة المزاح والضّحك: قال أبو ذؤيب يصف الحمير:

بقرار قيعان سقاها وابل

واه فأثجم برهة لا يقلع(١)

فلبثن حينا يعتلجن بروضة

فيجدّ حينا في العلاج ويشمع(٢)

أراد أنّ هذا الحمار الّذي وصف حاله مع الأتن، وأنه معهنّ في بعض القيعان يعارك هذه الأتن.

____________________

(١) ديوان الهذليين ١: ٥ القرار: مستقر الماء. والقيعان: مناقع الماء في حر الطين؛ وفي حاشيتي الأصل، ف: (سقاها، أي سقى القيعان واه؛ أي سحاب كثير المطر؛ وهذه استعارة؛ أي كأن هذا السحاب ضعيف فينهل عنه الماء انهلالا. وأثجم: أقام برهة؛ أي مدة من الزمان لا يقلع ولا يذهب).

(٢) حاشية الأصل: (يروى، (بروضه)، والضمير للعير الّذي يصفه، أو للقرار، أو للوابل).

٥٢١

ومعنى (يعتلجن) يعاضّ بعضها بعضا، ويترامحن من النشاط فيجدّ الفحل معهنّ مرّة، وأخرى يأخذ معهنّ في اللعب فيشمع، وفي يجدّ لغتان: يجد ويجدّ، والمفتوح لغة هذيل؛ ويقال فلان جادّ مجدّ على اللغتين معا.

وقيل إن معنى يشمع الحمار أنه يتشمّع، ثم يرفع رأسه فيكشّر عن أسنانه، فجعل ذلك بمنزلة الضحك، قال الشّماخ:

ولو أنّي أشاء كننت نفسي

إلى لبّات بهكنة شموع(١)

وقال المتنخل الهذلي:

ولا والله نادى الحي ضيفي

هدوءا بالمساءة والعلاط(٢)

سأبدؤهم بمشمعة وأثني

بجهدي من طعام أو بساط

أراد بقوله (نادى الحي ضيفي) أي لا ينادونه، من النداء بالسوء والمكروه ولا يتلقونه بما لا يؤثر. والعلاط: من أعلطه واعتلط به؛ إذا خاصمه وشاغبه ووسمه بالشر؛ وأصله من علاط البعير، وهو وسم في عنقه.

وقيل إن معنى (نادى الحي) من النادي؛ أي لا يجالسونه بالمكروه والسوء.

ومعنى (سأبدؤهم بمشمعة) أي بلعب وضحك، لأن ذلك من علامات الكرم والسرور بالضيف، والقصد إلى إيناسه وبسطه، ومنه قول الآخر:

وربّ ضيف طرق الحي سرى

صادف زادا وحديثا ما اشتهى

إنّ الحديث جانب من القرى(٣)

وروى الأصمعي عن خلف الأحمر قال: سنّة الأعراب أنهم إذا حدّثوا الرجل الغريب

____________________

(١) ديوانه: ١٧؛ وروايته: (هيكلة)؛ وهي الضخمة. وكننت نفسي: سترتها. ولبات:

جمع لبة؛ هي موضع القلادة؛ والبهكنة: الغضة الحسنة الخلق.

(٢) ديوان الهذليين ٢: ٢١.

(٣) الأبيات للشماخ يقولها في عبد الله بن جعفر، وقبلها:

إنّك ياابن جعفر نعم الفتى

ونعم مأوى طارق إذا أتى

وانظر الأغاني ٩: ١٦٨ (طبع دار الكتب المصرية).

٥٢٢

وهشّوا إليه ومازحوه أيقن بالقرى، وإذا أعرضوا عنه عرف الحرمان.

ومعنى: (أثنى* بجهدى من طعام أو بساط)، أي أتبع ذلك بهذا.

ومعنى الخبر على هذا أنّ من كان من شأنه العبث بالناس والاستهزاء بهم، والضحك منهم أصاره الله تعالى إلى حالة يعبث به فيها، ويستهزئ أمنه.

ويقارب هذا الحديث من وجه حديث آخر؛ وهو ما روي عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : (من يسمّع الناس بعمله يسمّع الله به)؛ والمعنى: من يرائي(١) بأعماله ويظهرها تقربا إلى الناس واتخاذا للمنازل عندهم؛ يشهره(٢) الله بالرياء ويفضحه ويهتكه.

ويمكن أيضا في الخبر الأول وجه آخر لم يذكر فيه؛ وهو أن من عادة العرب أن يسمّوا الجزاء على الشيء باسمه؛ ولذلك نظائر في القرآن وأشعار العرب كثيرة مشهورة، فلا ينكر أن يكون المعنى: من يتّبع اللهو بالناس، والاستهزاء بهم يعاقبه الله تعالى على ذلك ويجازيه؛ فسمى الجزاء على الفعل باسمه؛ وهذا الوجه أيضا ممكن في الخبر الثاني.

***

[خبر الأصمعي مع عجوز في سوق ضريّة حينما أنشدها شعر بشر بن عبد الرحمن:]

أخبرنا أبو عبيد الله المرزباني قال أخبرنا ابن دريد قال أخبرنا عبد الرحمن بن أخي الأصمعي عن عمه قال: إني لفي سوق ضريّة(٣) ، وقد نزلت على رجل من بني كلاب كان متزوجا بالبصرة، وكان له ابن بضريّة، إذ أقبلت عجوز على ناقة لها، حسنة البزّة، فيها بقايا جمال، فأناخت وعقلت ناقتها، وأقبلت تتوكّأ على محجن(٤) لها فجلست قريبا منّا، وقالت: هل من منشد؟ فقلت للكلابي: أيحضرك شيء؟ قال: لا، قال: فأنشدتها شعر البشر بن عبد الرحمن الأنصاري:

وقصيرة الأيام ودّ جليسها

لو باع مجلسها بفقد حميم(٥)

____________________

(١) حاشية الأصل (من نسخة): (من يراء).

(٢) حاشية الأصل (من نسخة): (يشهره)، بالجزم.

(٣) ضرية: قرية بنجد في طريق مكة من البصرة.

(٤) المحجن: عصا معوجة معقفة الرأس؛ في رأسها حديدة كالمعلاق.

(٥) الأبيات في الحماسة - بشرح التبريزي ٣: ٣٠١، وأمالي القالي. ١: ٢٠٣، من غير عزو مع اختلاف في الترتيب. والبيت الأول منها في اللسان (ردع) منسوب إلى قيس بن معاذ مجنون بني عامر. وفي الحماسة: (لو نال مجلسها)، وفي أمالي القالي: (لو دام مجلسها).

٥٢٣

(١) من محذيات أخي الهوى غصص الجوى(١)

بدلال غانية ومقلة ريم

صفراء من بقر الجواء كأنما

خفر الحياء بها رداع سقيم(٢)

قال: فجثت على ركبتيها وأقبلت تحرش(٣) الأرض بمحجنها، وأنشأت تقول(٤) :

قفي ياأميم القلب(٥) نقرأ تحيّة

ونشك الهوى، ثم افعلي ما بدا لك(٦)

فلو قلت: طأ في النار أعلم أنّه(٧)

هوى لك، أو مدن لنا من وصالك

لقدّمت رجلي نحوها فوطئتها

(٨) هدى منك لي، أو ضلّة من ضلالك(٨) (٩)

سلي البانة العليا من الأجرع(٩) الّذي

به البان:(١٠) هل حيّيت أطلال دارك(١٠)

وهل قمت في أطلالهنّ عشيّة

(١١) مقام سقيم القلب(١١) ، واخترت ذلك

____________________

(١ - ١) من نسخة بحاشيتي الأصل، ف:

* من محذيات أخي الأسى غصص الهوى*

(٢) الجواء: موضع بعمان.

(٣) تحرش: تضرب عليها؛ من حرش الضب، والحرش كالخرش وهو الخدش.

(٤) الأبيات لابن الدمينة؛ ديوانه: ١٥، وأمالي الزجاجي ١١٠ عن ابن الأعرابي، وأمالي القالي ٢: ٣٣ عن ابن دريد، ومعاهد التنصيص ١: ١٥٩؛ وهي أيضا في الحماسة - بشرح التبريزي ٣: ٢٦٣، من غير عزو.

(٥) حاشية الأصل: (أضافها إلى القلب كرامة لها وإعجابا بها).

(٦) في حاشيتي الأصل ف: (الأحسن أن يقال: (بدا لك) بكسر اللام لتتوازن القوافي، والعلة فيه مجاورة كسرة الكاف كقراءة من قرأ:( مِمَّا خَطِيئاتِهِمْ ) ، وكقوله تعالى:( عِتِيًّا، وصِلِيًّا ) .

(٧) حاشية الأصل (من نسخة): (أنها).

(٨ - ٨) من نسخة بحاشيتي الأصل، ف:

* سرورا لأني قد خطرت ببالك*

(٩ - ٩) من نسخة بحاشيتي الأصل، ف: (سلي البانة الغيناء بالأجرع)، وهي رواية الحماسة. والغيناء: الشجرة العظيمة الواسعة الظل. والأجرع: السهل المختلط بالرمل.

(١٠ - ١٠) من نسخة بحاشيتي الأصل، ف: (هل حييت أظلال ضالك)، والضال: شجر.

(١١ - ١١) من نسخة بحاشية الأصل، ف: (قيام سقيم البال).

٥٢٤

ليهنئك(١) إمساكي بكفّي على الحشا

ورقراق عيني(٢) رهبة من زيالك(٣)

قال الأصمعي: فأظلمت والله عليّ الدنيا بحلاوة منطقها، وفصاحة لهجتها؛ فدنوت منها فقلت: نشدتك الله لما زوّدتني(٤) من هذا! فرأيت الضحك في عينها، وأنشدت:

ومستخفيات ليس يخفين زرننا

يسحّبن(٥) أذيال الصّبابة والشّكل(٦)

جمعن(٧) الهوى حتّى إذا ما ملكنه

نزعن، وقد أكثرن فينا من القتل

مريضات رجع القول(٨) خرس عن الخنا

تألّفن أهواء القلوب بلا بذل

موارق من ختل المحبّ، عواطف

بختل ذوي الألباب بالجدّ والهزل(٩)

يعنّفني العذّال فيهنّ، والهوى

يحذّرني من أن أطيع ذوي العذل

أما قول الأنصاري (وقصيرة الأيام) فأراد بذلك أنّ السرور يتكامل بحضورها لحسنها وطيب حديثها فتقصر أيام جليسها، لأن أيام السرور وموصوفة بالقصر.

ويمكن أن يريد بقصيرة الأيام أيضا حداثة سنّها وقرب عهد مولدها؛ وإن كان الأول أشبه بما أتى في آخر البيت.

____________________

(١) حاشية الأصل (من نسخة): (ليهنك)؛ وهي رواية الحماسة.

(٢) حاشية الأصل (من نسخة): (ورقراق دمع).

(٣) بعد هذا البيت في ف:

لئن ساءني أن نلتني بمساءة

لقد سرني أنّي خطرت ببالك

وهو أيضا في حاشية الأصل.

(٤) حاشية الأصل (من نسخة): (زودتيني) ومن نسخة أخرى. (زدتني).

(٥) من نسخة بحاشيتي الأصل، ف: (ويسحبن).

(٦) الأبيات في أمالي القالي ٢: ٢٨٧ غير منسوبة

(٧) من نسخة بحاشيتي. الأصل: (بلغن).

(٨) من نسخة بحاشيتي الأصل، ف: (الطرف).

(٩) في حاشيتي الأصل، ف: (أي لا يختلهن المحب، بل يختلن ذوي الألباب).

٥٢٥

ومعنى:

* لو باع مجلسها بفقد حميم*

أي ابتاعه، وهذا اللفظ من الأضداد؛ لأنه يستعمل في البائع والمشتري معا، قال الفراء:

سمعت أعرابيا يقول: بع لي تمرا بدرهم، أي اشتر لي تمرا بدرهم، وقال الشاعر:

فيا عزّ ليت النأي إذ حال بيننا

وبينك باع الودّ لي منك تاجر(١)

أي ابتاع.

وقوله: (من محذيات أخي الهوى) أي من معطيات، يقال: أحذيت الرجل من العطية(٢) والغنيمة أحذيه إذا أعطيته، والاسم الحذيّة والحذوة والحذيا؛ كل ذلك العطية.

وقوله:

* كأنما خفر الحياء بها رداع سقيم*

فالرّداع هو الوجع في الجسد؛ فكأنه أراد أنها منقبضة منكسرة من الحياء كالسقيم، أو يريد تغيّر لونها وصفرتها(٣) كما يتغير لون السقيم؛ ويجري ذلك مجرى قول ليلى الأخيلية:

ومخرّق عنه القميص تخاله

بين البيوت من الحياء سقيما(٤)

***

أخبرنا المرزباني قال حدّثنا أبو عبد الله الحكيمي قال حدثني ميمون بن هارون الكاتب قال: حدثنا ابن أخي الأصمعي عن عمه قال: لقيت أعرابيا بالبادية فاسترشدته إلى مكان، فأرشدني وأنشدني:

____________________

(١) البيت لكثير؛ وهي ق ديوانه ١: ٩١.

(٢) ساقطة من م.

(٣) حاشية الأصل (من نسخة): (صفرته).

(٤) من أبيات في الحماسة - يشرح التبريزي ٤: ١٥٥؛ والعيني ٢: ٤٧، وأمالي القالي ١: ٢٤٨ وفي م بعد هذا البيت:

حتّى إذا خفق اللواء رأيته

تحت اللواء على الخميس زعيما

٥٢٦

حتّى إذا خفق اللواء رأيته

تحت اللواء على الخميس زعيما

ليس العمى طول السّؤال وإنما

تمام العمى طول السّكوت على الجهل

ثم رجعت إلى البصرة فمكثت بها حينا، ثم قدمت البادية، فإذا بالأعرابي جالسا بين ظهراني قوم؛ وهو يقضي بينهم، فما رأيت قضية أخطأت قضية الصالحين من قضيّته؛ فجلست إليه، فقلت: يرحمك! الله أما من رشوة؟ أما من هدية؟ أما من صلة؟ فقال: لا إذا جاء هذا ذهب التوفيق؛ فشكوت إليه ما ألقى من عذل حليلة لي إياي في طلب المعيشة، فقال: لست فيها بأوحد، وإني لشريكك، ولقد قلت في ذلك شعرا، فقلت: أنشدنيه، فأنشدني:

باتت تعيّرني الإقتار والعدما

لمّا رأت لأخيها المال والخدما

عنف لرأيك! ما الأرزاق من جلد،

ولا من العجز؛ بل مقسومة قسما

يا أمة الله إنّي لم أدع طلبا

للرّزق - قد تعلمين - الشّرق والشأما

وكلّ(١) ذلك بالإجمال في طلب

لم أرد عرضا، ولم أسفك لذاك دما

لو كان من جلد ذا المال أو أدب

لكنت أكثر من نمل القرى نعما

ارضى من العيش ما لم تحوجي معه

أن تفتحي لسؤال الأغنياء فما

واستشعري الصّبر علّ الله خالقنا

يوما سيكشف عنّا الفقر والعدما(٢)

لا تحوجيني(٣) إلى ما لو بذلت له

نفسي لأعقبك التّهمام والنّدما

بالله سرّك أنّ الله خوّلني

ما كان خوّله الأعراب والعجما

ما سرّني أنّني خوّلت ذاك ولا

ألاّ أقول لباغي حاجة نعما

وأنني لم أحز(٤) عقلا ولا أدبا

ولم أرث والدي مجدا ولا كرما

فعسرة المرء(٥) أحرى في معاشك من

أمر يجرّ عليك الهمّ والألما

____________________

(١) حاشية الأصل (من نسخة): (فكل).

(٢) حاشية الأصل (من نسخة): (الضر والعدما).

(٣) حاشية الأصل (من نسخة): (لا تحوجني) مع نون التوكيد

(٤) حاشيتي الأصل (من نسخة): (لم أفد عقلا).

(٥) حاشية الأصل (من نسخة): (فعسرة المال).

٥٢٧

قال: فو الله ما أنشدتها حتى حلفت ألاّ تعذلني أبدا.

***

[خبر الأصمعي مع شاب بدوي فصيح من بني عامر واستنشاده الشعر:]

حدثنا عليّ بن محمد الكاتب قال أخبرنا ابن دريد قال أخبرنا عبد الرحمن بن أخي الأصمعي عن عمه قال: رأيت بقباء شابا من بني عامر؛ فما رأيت بدويا أفصح منه، ولا أظرف؛ فو الله لكأنه شواظ يتلظّى، فاستنشدته فأنشدني:

فلم أنسكم يوم اللّوى إذ تعرّضت

لنا أمّ طفل خاذلا قد تخلّت(١)

وقالت سأنسيك العشيّة ما مضى

وأصرف منك النّفس عمّا أجنّت(٢)

فما(٣) فعلت - لا والّذي أنا عبده -

على ما بدا من حسنها إذ أدلّت

أبت سابقات الحبّ إلاّ مقرّها

إليك، وما تثنى إذا ما استقرّت

هواك الّذي في النّفس أمسى دخيلها

عليه انطوت أحشاؤها واستمرّت

وأنشدني أيضا:

ديار للّتي طرقتك وهنا

بريّا روضة وذكاء رند(٤)

تسائلني وأصحابي هجود

وتثني عطفها من غير صدّ

فلمّا أن شكوت الحبّ قالت:

فإنّي فوق وجدك كان وجدي

ولكن حال دونك ذو شذاة

أسرّ بفقده ويهرّ فقدي(٥)

***

[خبر الأصمعي مع إسماعيل بن عمار الأعرابي:]

وبهذا الإسناد عن الأصمعي قال: قعدت إلى أعرابي يقال له إسماعيل بن عمار، وإذا هو يفتل أصابعه ويتلهف، فقلت له: علام تتلهف؟ فأنشأ يقول:

عيناي مشئومتان ويحهما!

والقلب حيران(٦) مبتلى بهما

____________________

(١) الخاذل من الظباء: التي تتخلف عن صواحبها.

(٢) حاشية الأصل: (أي أصرف نفسي عنك عما أجنته).   (٣) حاشية الأصل (من نسخة): (فلا فعلت).

(٤) الدهن: الليل ساعة يدبر. والرند: شجر طيب الرائحة.

(٥) الشذاة: الحدة، ويهر: يكره.                                (٦) من نسخة بحاشيتي الأصل، ف: (حران).

٥٢٨

عرّفتاه الهوى بظلمهما

ياليتني قبلها عدمتهما

هما إلى الحين قادتا وهما

دلّ على ما أجنّ دمعهما

سأعذر القلب في هواه فما

سبّب هذا البلاء غيرهما

***

[خبر الأصمعي حين سافر إلى البصرة؛ وسماعه لشعر استحسنه ورواه:]

وبهذا(١) الإسناد عن الأصمعي قال: نزلت ذات ليلة في وادي بني العنبر، وهو إذ ذاك معان(٢) بأهله - أي آهل - فإذا فتية يريدون البصرة؛ فأحببت صحبتهم، فأقمت ليلتي تلك عليهم؛ وإنّي لوصب محموم؛ أخاف ألاّ أستمسك على راحلتي؛ فلمّا أقاموا ليرحلوا أيقظوني؛ فلما رأوا حالي رحلوا وحملوني؛ وركب أحدهم ورائي يمسكني؛ فلما أمعن السير تنادوا ألا فتى يحدو بنا أو ينشدنا! فإذا منشد في سواد الليل بصوت ند حزين ينشد:

لعمرك إنّي يوم بانوا فلم أمت

خفاتا على آثارهم لصبور

غداة المنقّى إذ رميت بنظرة

ونحن على متن الطّريق نسير(٣)

فقلت لقلبي حين خفّ به الهوى

وكاد من الوجد المُئنّ يطير(٤)

فهذا ولما تمض للبين ليلة

فكيف إذا مرّت عليه شهور

وأصبح أعلام الأحبة دونها

من الأرض غول نازح ومسير

وأصبحت نجدي الهوى متهم الثوى

أزيد اشتياقا أن يحنّ بعير

عسى الله بعد النأي أن يسعف النّوى

ويجمع شمل بعدها وسرور

قال: فسكنت والله الحمّى عنّي، حتى ما أحسّ بها، فقلت لرفيقي: انزل رحمك الله إلى راحلتك، فإني متماسك؛ وجزاك الله عن حسن الصّحبة خيرا.

***

____________________

(١) الخبر والأبيات في حماسة ابن الشجري ١٦١ - ١٦٢ بروايته عن ابن قدامة عن المرتضى، وهو أيضا في أمالي القالي ٢: ٢٦٧ بروايته عن ابن دريد عن عبد الرحمن عن عمه.

(٢) في ابن الشجري: (مغان آهلة).

(٣) المنقى: موضع بين أحد والمدينة.

(٤) المُئنّ: اللازم المقيم، وفي س: (المبر).

٥٢٩

[خبر الأصمعي مع أحد الطفيليين وما ورد في ذلك من الشعر:]

أخبرنا المرزباني قال حدثنا محمد بن العباس قال حدثنا محمد بن يزيد النحوي قال حدّثني بعض أصحابنا عن الأصمعي قال: كان(١) بالبصرة أعرابي من بني تميم؛ يتطفّل على الناس، فعاتبته على ذلك فقال: والله ما بنيت المنازل إلاّ لتدخل، ولا وضع الطعام إلاّ ليؤكل؛ وما قدّمت هدية فأتوقّع رسولا؛ وما أكره أن أكون ثقلا ثقيلا على من أراه شحيحا بخيلا؛ أتقحم عليه مستأنسا، فأضحك إن رأيته عابسا، فآكل برغمه، وأدعه بغمّه؛ وما اخترق اللهوات طعام أطيب من طعام لا ينفق فيه درهم، ولا يعنّى إليه خادم، ثمّ أنشد:

كلّ يوم أدور في عرصة الحـ

ـي أشمّ القتار شمّ الذّئاب(٢)

فإذا ما رأيت آثار عرس

أو ختان أو مجمع الأصحاب(٣)

لم أروّع دون التّقحّم لا أر

هب دفعا ولكزة البوّاب(٤)

مستهينا بما هجمت عليه

غير مستأذن، ولا هيّاب

فتراني ألفّ بالرغم منهم

كلّ ما قدموه لفّ العقاب(٥)

ذاك أدني من التّكلّف والغر

م وغيظ البقّال والقصّاب(٦)

____________________

(١) الخبر في التطفيل للخطيب البغدادي ٧٣ - ٧٤ يرويه عن الحسن بن أبي القاسم عن أبي الفرج عن جعفر بن قدامة عن أبي هفان.

(٢) في التطفيل: (عرصة الباب)، ومن نسخة بحاشيتي الأصل، ف: (شم الذباب).

(٣) في التطفيل: (أو دعوة لصحاب).

(٤) من نسخة بحاشيتي الأصل، ف: (لم أورع)، ورواية الخطيب في هذا البيت وتاليه:

لم أعرّج دون التقحّم فيها

غير مستأذن ولا هيّاب

مستخفّا بمن دخلت عليه

لست أخشى تجهّم البواب

(٥) رواية البيت في حاشيتي الأصل (من نسخة):

فتراني ألفّ ما قدّم القو

م على رغمهم كلف العقاب

(٦) زاد الخطيب بعد هذا البيت:

قابل إن جرى عليّ امتهان

في سبيل الحلواء والجوذاب

٥٣٠

[٣٨]

مجلس آخر [المجلس الثامن والثلاثون:]

تأويل آية:( وَنادى نُوحٌ رَبَّهُ فَقالَ رَبِّ )

إن سأل سائل عن قوله تعالى:( وَنادى نُوحٌ رَبَّهُ فَقالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحاكِمِينَ. قالَ يانُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ، فَلا تَسْئَلْنِ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجاهِلِينَ ) ؛ [هود: ٤٥، ٤٦].

فقال: ظاهر قوله تعالى:( إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ ) يقتضي تكذيب قوله:( إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي ) والنبي لا يجوز عليه الكذب، فما الوجه في ذلك؟ وكيف يصحّ أن يخبر عن ابنه بأنه( عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ ) ؟ وما المراد به؟

الجواب، قلنا: في هذه الآية وجوه:

أولها أن نفيه لأن يكون من أهله لم يتناول نفي النّسب، وإنما نفى أن يكون من أهله الذين وعده الله بنجاتهم؛ لأنه عزّ وجل كان وعد نوحاعليه‌السلام بأن ينجّي أهله، ألا ترى إلى قوله:( قُلْنَا احْمِلْ فِيها مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلاّ مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ ) [هود: ٤٠]، فاستثنى تعالى من أهله من أراد إهلاكه بالغرق! ويدل عليه أيضا قول نوح:

( إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُ ) ، وعلى هذا الوجه يتطابق الأمران(١) ولا يتنافيان؛ وقد روي هذا التأويل بعينه عن ابن عباس وجماعة من المفسرين.

والجواب الثاني، أن يكون المراد بقوله تعالى:( لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ ) أي أنه ليس على دينك؛ وأراد تعالى أنه كان كافرا مخالفا لأبيه؛ فكأنّ كفره أخرجه عن أن يكون له أحكام

____________________

(١) حاشية ف (من نسخة): (الخبران).

٥٣١

أهله؛ ويشهد لهذا التأويل قوله عزّ وجل على طريق التعليل:( إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ ) ، فبيّن أنه إنما خرج عن أحكام أهله لكفره وسيّئ عمله، وقد روى هذا التأويل أيضا عن جماعة من المفسرين؛ وحكي عن ابن جريج أنه سئل عن ابن نوح فسبّح طويلا ثم قال لا إله إلا الله! يقول الله:( وَنادى نُوحٌ ابْنَهُ ) ؛ وتقول: ليس منه! ولكنه خالفه في العمل فليس منه من لم يؤمن.

وروي عن عكرمة أنه قال: كان ابنه ولكن كان مخالفا له في النية والعمل؛ فمن ثمّ قيل:( إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ ) .

والوجه الثالث أنه لم يكن ابنه على الحقيقة؛ وإنما ولد على فراشه، فقالعليه‌السلام :

إنه ابني على ظاهر الأمر؛ فأعلمه الله أن الأمر بخلاف الظاهر، ونبهه على خيانة امرأته؛ وليس في ذلك تكذيب لخبره، لأنه إنما أخبر عن ظنه، وعمّا يقتضيه الحكم الشرعي، فأخبره الله تعالى بالغيب الّذي لا يعلمه غيره؛ وقد روي هذا الوجه عن الحسن وغيره.

وروى قتادة عن الحسن قال: كنت عنده؛ فقال: وَنادى نُوحٌ ابْنَهُ لعمر الله ما هو ابنه، قال: فقلت: ياأبا سعيد؛ يقول الله: وَنادى نُوحٌ ابْنَهُ وتقول: ليس بابنه!

قال: أفرأيت قوله: لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ؟ قال: قلت معناه: ليس من أهلك الذين وعدتك أن أنجيهم معك، ولا يختلف أهل الكتاب أنه ابنه، فقال: أهل الكتاب يكذبون؛ وروي عن مجاهد وابن جريج مثل ذلك.

وهذا الوجه يبعد إذ فيه منافاة للقرآن؛ لأنه تعالى قال: وَنادى نُوحٌ ابْنَهُ، فأطلق عليه اسم البنوّة؛ ولأنه أيضا استثناه من جملة أهله بقوله تعالى:( وَأَهْلَكَ إِلاّ مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ مِنْهُمْ ) ؛ ولأنّ الأنبياءعليهم‌السلام يجب أن ينزّهوا عن مثل هذه الحال؛ لأنّها تعرّ وتشين وتغضّ من القدر؛ وقد جنّب الله تعالى أنبياءهعليهم‌السلام ما هو دون ذلك؛ تعظيما لهم وتوقيرا، ونفيا لكل ما ينفّر عن القبول منهم؛ وقد حمل ابن عباس ظهور ما ذكرناه من الدّلالة على أنّ تأوّل قوله تعالى في امرأة نوح وامرأة لوط: فَخانَتاهُما على أن الخيانة

٥٣٢

لم تكن منهما بالزّنا، بل كانت إحداهما تخبر الناس بأنه مجنون؛ والأخرى تدل على الأضياف؛ والمعتمد في تأويل الآية هو الوجهان المتقدمان.

فأما قوله تعالى:( إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ ) فالقراءة المشهورة بالرفع، وقد روي عن جماعة من المتقدمين أنهم قرءوا:( إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ ) بنصب اللام وكسر الميم ونصب (غير)؛ ولكل وجه.

فأما الوجه في الرفع فيكون على تقدير أن ابنك ذو عمل غير صالح؛ وصاحب عمل غير صالح؛ فحذف المضاف، وأقام المضاف إليه مقامه؛ وقد استشهد على ذلك بقول الخنساء:

ما أمّ سقب على بوّ تطيف به

قد ساعدتها على التّحنان أظآر(١)

ترتع ما رتعت حتى إذا ذكرت

فإنما هي إقبال وإدبار(٢)

أرادت إنما هي ذات إقبال وإدبار.

وقال قوم: إن المعنى أصل ابنك هذا الّذي ولد عل فراشك وليس بابنك في الحقيقة(٣) عمل غير صالح، يعني الخيانة من امرأته، وهذا جواب من ذهب إلى أنه لم يكن ابنه على الحقيقة(٣) والّذي اخترناه خلاف ذلك.

وقال آخرون إن الهاء في قوله:( إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ ) راجعة إلى السؤال؛ والمعنى:

____________________

(١) ديوانها: ٧٨؛ وروايته:

فما عجول على برّ تطيف به

لها حنينان: إصغار وإكبار

والسقب: الذكر من ولد الناقة. والبو: أن ينحر ولد الناقة ويؤخذ جلده فيحشى ويدنى من أمه فتر أمه والتحنان: الحنين. والأظئار: جمع ظئر؛ وهي التي تعطف على ولد غيرها.

(٢) بعدهما:

لا تسمن الدّهر في أرض وإن ربعت

فإنما هي تحنان وتسجار

يوما بأوجد منّي يوم فارقني

صخر، وللدّهر إحلاء وإمرار

(٣ - ٣) ساقط من م.

٥٣٣

إن سؤالك إياي ما ليس لك به علم عمل غير صالح لأنه قد وقع من نوح دليل(١) السؤال والرغبة في قوله:( إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُ ) ومعنى ذلك أي نجّه كما نجيتهم، ومن يجيب بهذا الجواب يقول: إن ذلك صغيرة من النبي؛ لأن الصغائر تجوز عليهم، ومن يمنع أن يقع(٢) من الأنبياء شيء من القبائح يدفع هذا الجواب؛ ولا يجعل الهاء راجعة إلى السؤال بل إلى الابن، ويكون تقدير الكلام ما تقدم.

فإذا قيل له: فلم قال:( فَلا تَسْئَلْنِ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ) ؟ وكيف قال نوحعليه‌السلام من بعد:( رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْئَلَكَ ما لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلاّ تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَ الْخاسِرِينَ ) ؟.

قال: لا يمتنع أن يكون نهى عن سؤال ما ليس له به علم؛ وإن لم يقع منه وأن يكون تعوّد من ذلك وإن لم يوافقه؛ ألا ترى أن الله قد نهى نبيه عن الشّرك والكفر؛ وإن لم يكن ذلك قد وقع منه؛ فقال:( لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ ) ؛ [الزمر: ٥٦]، وكذلك لا يمتنع أن يكون نهاه في هذا الموضع عمّا لم يقع منه، ويكونعليه‌السلام إنما سأله نجاة ابنه باشتراط المصلحة لا على سبيل القطع؛ وهكذا يجب في مثل هذا الدعاء.

فأما القراءة بنصب اللام فقد ضعّفها قوم وقالوا: كان يجب أن يقال: إنه عمل عملا غير صالح؛ لأن العرب لا تكاد تقول هو يعمل غير حسن، حتى يقولوا: عملا غير حسن، وليس وجهها بضعيف في العربية؛ لأنّ من مذهبهم الظاهر إقامة الصفة مقام الموصوف عند انكشاف المعنى وزوال اللبس؛ فيقول القائل: قد فعلت صوابا، وقلت حسنا، بمعنى فعلت فعلا صوابا وقلت قولا حسنا؛ وقال عمر بن أبي ربيعة المخزومي:

أيّها القائل غير الصواب

أخّر النّصح وأقلل عتابي(٣)

____________________

(١) حاشية الأصل (من نسخة): (دليل في السؤال)، وحاشية ف من نسخة: (دليل على السؤال).

(٢) ف: (على الأنبياء).

(٣) ديوانه: ٤٢٥.

٥٣٤

وقال أيضا:

وكم من قتيل ما يباء به دم

ومن غلق رهن إذا لفّه منى(١)

ومن مالئ عينيه من شيء غيره

إذا راح نحو الجمرة البيض كالدّمى(٢)

أراد: وكم إنسان قتيل! وأنشد أبو عبيدة لرجل من بجيلة:

كم من ضعيف العقل منتكث القوى

ما إن له نقض ولا إبرام

مالت له الدّنيا عليه بأسرها

فعليه من رزق الإله ركام

ومشيّع جلد أمين حازم

مرس له فيما يروم مرام

أعمى عليه سبيله(٣) فكأنّه

فيما يحاوله عليه حرام

أراد: كم من إنسان ضعيف القوى.

***

[من أفاكيه الأصمعي:]

أخبرنا أبو عبيد الله المرزباني قال أخبرني محمد بن العباس اليزيدي قال حدثنا ميمون بن هارون قال حدثنا إسحاق بن إبراهيم الموصلي قال: كان محمد بن منصور بن زياد الملقّب بفتى العسكر يميل إلى الأصمعي ويفضّله، ويقوم بأمره قال: فجئته يوما بعد موت محمد، وعنده عبد كان لمحمد أسود، وقد ترك الناس، وأقبل عليه وساءله وتحفّى به وحادثه، فلما خرج لمته على ذلك وقلت: من هذا حتى أفنيت عمر يومك به؟ فقال: هذا غلام ابن منصور، ثم أنشدني:

وقالوا ياجميل أتى أخوها

فقلت: أتى الحبيب أخو الحبيب(٤)

____________________

(١) ديوانه: ٤٥١ لا يباء به دم، أي ليس من يكافئه فيقتل به. وغلق الرهن إذا صار لا سبيل إلى فكاكه، وفي حاشية ف (من نسخة): (ومن غلق رهنا إذا ضمه).

(٢) حاشية ف (من نسخة):

* إذا راح نحو الحيرة البيض كالدّمى*

(٣) من نسخة بحاشيتي الأصل، ف: (سبيله) بضم اللام.

(٤) حاشية ف: (صفة الحبيب)، أي الّذي هو أخو الحبيب.

٥٣٥

أحبّك والقريب بنا بعيد

لأن ناسبت بثنة من قريب

فقلت له - وكنت أفعل هذا كثيرا به لأستجرّ كلامه وعلمه -: ياأبا سعيد، ذاك أخوها، وهذا غلامها(١) فضحك، وقال: أنشد أبو عمرو - أو قال غيره:

أرى كلّ أرض(٢) أوطنتها وإن خلت

لها حجج تندى بمسك ترابها

وأقسم لو أنّي أرى تبعا لها(٣)

ذئاب الغضى حبّت إلي ذئابها

قال: فجعلت أعجب من قرب لسانه من قلبه وإجادة حفظه له متى أراده.

***

[تأويل الأصمعي لبيت من شعر امرئ القيس:]

وبهذا الإسناد عن إسحاق الموصلي قال قرأت على الأصمعي شعر امرئ القيس، فلما بلغت إلى هذا البيت:

أمن أجل أعرابية حلّ أهلها

بروض الشّرى عيناك تبتدران!(٤)

فقال لي أتعرف في هذا البيت خبئا باطنا غير ظاهر؟ قلت: لا، فسكت عنّي، فقلت:

إن كان فيه شيء فأفدنيه، فقال: نعم، أما يدلّك البيت على أنه لفظ ملك مستهين ذي قدرة على ما يريد؟ قال إسحاق: وما رأيت قطّ مثل الأصمعي بالعلم بالشعر.

____________________

(١) من نسخة بحاشية الأصل: (غلامة).

(٢) ف: (كل دار).

(٣) حاشية الأصل من نسخة: (حلفت لو أني)، ومن نسخة أخرى: (حلفت إلهي)، ومن نسخة أخرى:

* حلفت بأني لو أرى تبعا لها*

(٤) ديوانه: ١٢٤؛ وروايته:

أمن ذكر نبهانيّة حلّ أهلها

بجزع الملا عيناك تبتدران!

قال شارحه: (نبهانية: امرأة من نبهان، ونبهان من طيئ، وكان امرؤ القيس نازلا فيهم ثم ارتحل عنهم، والجزع: منعطف الوادي، والملا: ما استوى من الأرض؛ ومعنى تبتدران تستبقان بالدمع؛ أي أنه لما أبدع به الشوق وغلبه البكاء لام نفسه على ذلك. وفي حاشية الأصل: (قبله:

فدمعهما سحّ وسكب وديمة

ورشّ وتوكاف وتنهملان

٥٣٦

وروي عن إسحاق أيضا أنه قال: قال لي الأصمعي: ما يعني امرؤ القيس بقوله:

فمثلك حبلى قد طرقت ومرضع

فألهيتها عن ذي تمائم محول(١)

فقلت: تخبرني، فقال: كان مفرّكا(٢) فيقول: ألهيت هؤلاء عن كراهتهنّ للرجال، فكيف أنا عند المحبات لهم.

***

[نقد الأصمعي لرواية ابن الأعرابي أبياتا روّاها ولد سعيد بن سلم:]

وروي أنّ السبب الّذي هاج التنافر بين الأصمعي وابن الأعرابي أنّ الأصمعي دخل ذات يوم على سعيد بن سلم وابن الأعرابي حينئذ يؤدب ولده - فقال لبعضهم: أنشد أبا سعيد، فأنشد الغلام أبياتا لرجل من بني كلاب، روّاه إياها ابن الأعرابي، وهي:

رأت نضو أسفار أميمة قاعدا

على نضو أسفار فجنّ جنونها(٣)

فقالت: من اي الناس أنت ومن تكن؟

فإنّك راعي صرمة لا يزينها(٤)

فقلت لها: ليس الشّحوب على الفتى

بعار، ولا خير الرّجال سمينها

عليك براعي ثلّة مسلحبّة

يروح عليها محضها وحقينها(٥)

____________________

(١) ديوانه: ٢٤. وفي حاشية الأصل. (روي أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله استنشد هذه القصيدة، فلما سمع البيت الّذي قبله هذا قال: لا تنشد البيت الّذي بعده، وهذا دليل على أنهعليه‌السلام كان يعرف الشعر. ولما سمع قوله:

* قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل*

قال: وقف واستوقف، وبكى وأبكى، وذكر الحبيب والمنزل في نصف بيت؛ فقالوا: يارسول الله؛ فديناك! أنت في هذا النقد أشعر منه).

(٢) المفرك: الّذي تبغضه النساء.

(٣) الخبر بتمامه في اللسان (ضحا)، والمزهر ٢: ٣٧٩، والمجالس المذكورة للعلماء ٩، وإنباه الرواة ٣: ١٣٣ - ١٣٤؛ والأبيات وردت متفرقة في اللسان (ضحا، جنن، حقن، نعم).

النضو: الدابة التي أهزلتها الأسفار وأذهبت لحمها. وفي اللسان: (أميمة شاحبا).

(٤) الصرمة: القطعة من الإبل؛ ما بين العشرين إلى الثلاثين. ورواية اللسان:

* فإنّك مولى أسرة لا يدينها*

(٥) الثلة، بالفتح: جماعة الغنم. والمسلحبّة: الممتدة؛ وأصله في الطريق. والمحض: اللبن الخالص، والحقين: اللبن الحبيس في الوطب؛ وقد ورد البيت في اللسان (حقن) ونسبه للمخبل، والرواية فيه:

وفي إبل ستّين حسب ظعينة

يروح عليها محضها وحقينها

وفي حاشية الأصل: (أي لست بالراعي فاطلبي غيري لو كنت تطلبين راعيا).

٥٣٧

سمين الضّواحي لم تؤرّقه ليلة

وأنعم أبكار الهموم وعونها

ورفع (ليلة) فقال الأصمعي: من روّاك هذا؟ فقال مؤدبي؛ فأحضره فاستنشده فأنشده، ورفع (ليلة)، فأخذ ذلك عليه؛ وفسر البيت فقال: إنما أراد: لم تؤرّقه ليلة أبكار الهموم وعونها، وأنعم، أي زاد على هذه الصفة.

وقوله: (سمين الضواحي) أي ما ظهر منه وبدا سمين، ثم قال الأصمعي لابن سلم:

من لم يحسن هذا المقدار فليس موضعا لتأديب ولد الملوك.

***

[حديث الأصمعي عن بشار بن برد:]

وأخبرنا المرزباني قال: حدثنا أحمد بن المكي قال حدثنا أبو العيناء قال حدثنا الأصمعي قال: ولد بشّار بن برد أكمه لم ينظر إلى الدنيا قطّ - وكان ذا فطنة - فقلت له يوما: من أين لك هذا الذكاء؟ قال: من قدم العمى؛ وعدم النواظر يمنع من كثير من الخواطر المذهلة فيكسب فراغ الذهن؛ وصحة الذكاء، وأنشد لنفسه يفخر بالعمى:

عميت جنينا والذكاء من العمى

فجئت عجيب الظّنّ للعلم موئلا(١)

وغاض ضياء العين للعقل رافدا

بقلب إذا ما ضيّع الناس حصّلا

وشعر كنور الرّوض لا أمت بينه

بقول إذا ما أحزن الشّعر أسهلا

***

[نقد بشار لشعر سمعه:]

وأخبرنا المرزباني قال أخبرنا محمد بن العباس اليزيدي قال حدثنا أبو العيناء قال حدثنا الأصمعي قال: أنشد رجل وأنا حاضر بشارا قول الشاعر:

وقد جعل الأعداء ينتقصوننا

وتطمع فينا ألسن وعيون(٢)

ألا إنما ليلى عصا خيزرانة

إذا غمزوها بالأكفّ تلين

فقال بشار: والله لو جعلها عصا مخ أو زبد لما كان إلاّ مخطئا مع ذكر العصا! ألا قال كما قلت:

____________________

(١) الأغاني ٣: ٢٣.

(٢) الخبر والأبيات في أمالي الزجاجي: ١٣٦.

٥٣٨

وحوراء المدامع من معدّ

كأنّ حديثها قطع الجنان

إذا قامت لسبحتها تثنّت

كأنّ قوامها من خيزران

ينسّيك المنى نظر إليها

ويصرف وجهها وجه الزمان

***

[أبيات لبشار يمدح فيها سليمان بن هشام بن عبد الملك:]

وأخبرنا المرزباني قال حدثنا عليّ بن أبي عبد الله الفارسي قال حدثني أبي عن عمر بن شبة قال قال لي أبو عبيدة: رحل بشار إلى الشام، فمدح سليمان بن هشام بن عبد الملك، وكان مقيما بحرّان،؛ فقال قصيدة طويلة أوّلها:

نأتك على طول التّجاور زينب

وما علمت أنّ النّوى سوف يشعب(١)

وكان سليمان بخيلا فأعطاه خمسة آلاف درهم، ولم يصب غيرها بعد أن طال مقامه، فقال:

إن أمس منشنج اليدين عن النّدى

وعن العدوّ محبّس الشّيطان(٢)

فلقد أروح على اللّئام مسلّطا

ثلج المقيل(٣) منعّم النّدمان

في ظلّ عيش عشيرة محمودة

تندى يدي، ويخاف فرط لساني

أزمان سربال الشّباب مذيّل

وإذ الأمير عليّ من جيراني

رئم بأحوية العراق إذا بدا

برقت عليه أكلة المرجان(٤)

فاكحل بعبدة مقلتيك من القذى

وبوشك رؤيتها من الهملان

فلقرب من تهوى وأنت متيّم

أشفى لدائك من بني مروان

فلما رجع إلى العراق برّه ابن هبيرة ووصله، وكان ابن هبيرة يقدّمه ويؤثره لمدحه قيسا وافتخاره بها، فلما جاءت دولة خراسان عظم شأنه.

____________________

(١) الأغاني ٣: ٥٦؛ ويشعب: يفرق، وبعده:

يرى الناس ما تلقى بزينب إذ نأت

عجيبا، وما تخفي بزينب أعجب

(٢) الخبر والشعر في الأغاني ٣: ٥٦. ومن نسخة بحاشية الأصل: (مخيس الشيطان).

(٣) م: (ثلج المقام).

(٤) أحوية جمع حواء؛ والحواء: جماعة البيوت المتدانية.

والأكلة: جمع إكليل؛ وهو التاج؛ أو شبه عصابة تزين بالجواهر.

٥٣٩

[أبيات مختلفة في وصف الثغر واللون والعيون والنجيب والظليم والاعتذار، رواها الأصمعي:]

وأخبرني المرزباني قال حدثنا محمد بن أحمد الكاتب قال حدثنا أحمد بن يحيى النحوي قال قال الأصمعي: ما وصف أحد الثّغر إلاّ احتاج إلى قول بشر بن أبي خازم:

يفلّجن الشّفاه عن اقحوان

جلاه غبّ سارية قطار

ولا وصف أحد اللون بأحسن من قول عمر بن أبي ربيعة:

وهي مكنونة تحيّر منها

في أديم الخدّين ماء الشّباب(١)

شفّ منها محقّق جندي

فهي كالشّمس من خلال السّحاب(٢)

ولا وصف أحد عيني امرأة إلا احتاج إلى قول عدي بن الرّقاع:

لولا الحياء وأنّ رأسي قد بدا

فيه المشيب لزرت أمّ القاسم(٣)

وكأنّها وسط النّساء أعارها

عينيه أحور من جآذر جاسم(٤)

وسنان أفصده النّعاس فرتّقت

في عينه سنة وليس بنائم(٥)

ولا وصف أحد نجيبا إلا احتاج إلى قول حميد بن ثور:

محلّى بأطواق عتاق يبينها

على الضّرّ راعي الضّأن لو يتقوّف(٦)

ولا وصف أحد ظليما إلا احتاج إلى قول علقمة بن عبدة:

____________________

(١) ديوانه: ٤٢٣.

(٢) ثوب محقق محكم النسج، وجند: بلد باليمن.

(٣) الشعر والشعراء ٦٠٢، واللآلئ ٥٢١، وفي حاشية الأصل (من نسخة): (قد فشا)، ومن نسخة أخرى: (قد غشا).

(٤) الجئاذر: جمع جؤذر، بضم الذل وفتحها، وهو ولد البقرة الوحشي. جاسم قرية بينها وبين دمشق ثمانية فراسخ.

(٥) أقصده: صرعه. رنقت: خالطت، والبيت أيضا في اللسان (رنق).

(٦) ديوانه ١١١؛ وفي حاشيتي الأصل، ف: (يصف بعيرا ومحلى؛ أي عليه نجار العتق، وإذا رآه صاحب الضأن الّذي لا بصيرة له عرف عتقه ونجابته على ما مسه من الضر. لم يتقوف، من القيافة، ويروى: (لو يتعيف). شبه ما يبين من عتقه بأطوق تظهر لمن رآها ويروى: (يبينه) أي البعير، وقبل هذا البيت:

فطرت إلى عاري العظام كأنّه

شقا ابن ثلاث ظهره متحرّف

طوته الفلا حتى كأنّ عظامه

مآسير عيدان تموج وترجف

فثار وما يمسي فويق عظامه

برمّ ولكن عارف متكلّف

-

٥٤٠

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653

654

655

656

657

658

659

660

661

662

663

664

665

666

667

668

669

670

671

672

673

674

675

676

677

678

679