وهو في قمّة صلاته وعبادته قال :( فزت ورب الكعبة )
؛ لأنّه لم يكن إنسان الدنيا ولو كان إنسان الدنيا لكان أتعس إنسان على الإطلاق ، لو كان إنسان الدنيا لكان قلبه يتفجّر ألَماً وكان قلبه ينفجر حسرةً ولكنّه لم يكن إنسان الدنيا ، لو كان إنسان الدنيا فسوف يندم ندَماً لا ينفعه معه شيء ؛ لأنّه بنى شيئاً انقلب عليه ليحطّمه ، أيّ شيء يُمكن أنْ ينفع هذا الشخص ؟
إذا فرضنا أنّ شخصاً أراد أنْ يربّي شخصاً آخر لكي يخدمه ، فلمّا ربّى ذاك الشخص ونمى واكتمل رُشده جاء ليقتله ، ماذا ينفع هذا الشخص ندَمه غير أنْ يموت ؟
هذا الرجل العظيم قال :( فزت ورب الكعبة )
، كان أسعَد إنسان ولم يكن أشقى إنسان ؛ لأنّه كان يعيش لهدَفه ، ولم يكن يعيش للدنيا ، كان يعيش لهدفه ولم يكن يعيش لمكاسبه ولم يتردّد لحظةً وهو في قمّة هذه المآسي والمحَن ، في صحّة ماضيه ، وفي صحّة حاضره ، وفي أنّه أدّى دوره الذي كان يجب عليه .
هذه هي العِبرة التي يجب أنْ نأخذها .
نحن يجب أنْ نستشعر دائماً أنّ السعادة في عمل العامل لا تنبَع من المكاسب التي تعود إليه نتيجة لهذا العمل .
يجب أنْ لا نُقِّيم سعادة العامل على أساس كهذا ؛ لأنّنا لو قيّمناه على هذا الأساس فقد يكون حظّنا كحظّ هذا الإمام الذي بنى إسلاماً ووجّه أُمّةً ، ثمّ بعد هذا انقلبت عليه هذه الأُمّة لتلعنه على المنابر ألف شهر .
نحن يجب أنْ لا نجعل مقياس سعادة العامل في عمله هو المكاسب والفوائد التي تنجم عن هذا العمل ، وإنّما رِضى الله سُبحانه وتعالى وإنّما حقّانية العمل ، كون العمل حقّاً وكفى ، وحينئذٍ سوف نكون سُعداء سَواء أثّر عملنا أم لم يؤثّر ، سَواء قدّر الناس عملَنا أم لم يقدّروا ، سَواء رمَونا باللعن أم بالحجارة .
على أيّ حال سوف نستقبل الله سُبحانه وتعالى ونحن سُعداء ؛ لأنّنا أدّينا حقّنا وواجبنا وهناك مَنلا يُغادر صغيرةً ولا كبيرةً إلاّ أحصاها
، لئن ضيّع هؤلاء السعادة ولئن ضيّعوا فهمَهم ، ولئن استولى عليهم الغَباء فخلطوا بين عليّعليهالسلام
ومعاوية ، لئن انصرفوا عن عليّ وهم في قمة الحاجة إليه فهناك من