والأفكار والانفعالات ، وقد يُقيم معه علاقات بالحقول الأخلاقية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية ، وغير ذلك من مجالات حياته فهو ليس ابنه وحده ، بل ابن المجتمع أيضاً.
الأب أقوى حقيقةً وأُبوّته مجازية ، فبنوّة المجتمع لهذا الولد ، أكثر بكثير من بنوّته لهذا الأب الذي ولد منه ، ولهذا قد يعجز كثير من الآباء عن تربية أبنائهم في المجتمع الفاسد ، كم سمِعت من أبٍ يتذمّر إذ أنّه لا يستطيع أنْ يربّي ابنه في آخر الزمان ومع هذا الفساد مثلاً ؛ كل هذا لأنّه يوجد أب آخر لهذا الابن وهو المجتمع .
كيفية وجود التربية الكاملة :
والتربية الكاملة لا يمكن أنْ تكون لهذا الفرد ، إلاّ إذا هيمن المربّي عليه ، على علاقاته الاجتماعية وروابطه مع غيره أيضاً ، يصبح تمام هذا الوجود تحت سيطرة هذا المربّي ، بحيث يصير شخص واحد هو الأب ويكون هو المجتمع ، فحينئذ يصبح هذا مربياً كاملاً مطلقاً بالنسبة إلى هذا الابن .
وهذا ما صنعه رسول اللّهصلىاللهعليهوآله
، هيمن على العلاقات الاجتماعية ؛ لأنّه تزعّم بنفسه المجتمع ؛ لأنّه انشأ مجتمعاً وقاده بنفسه ، ووقف رسول اللّهصلىاللهعليهوآله
يخطّط لهذا المجتمع ويبني كل العلاقات داخل الإطار الاجتماعي ، علاقة الإنسان مع نفسه ، علاقته مع ربّه ، علاقته مع عائلته ، علاقته مع بقيّة أبناء مجتمعه ، علاقته في مختلف المجالات والحقول الاجتماعية والشخصية ، فكان هو الذي يخطّط ، لذا كلّ هذه الأمور صارت تحت هيمنته ، فحينئذ استكمل الشرط الأساسي للتربية الناجحة .
ولا شكّ أنّ رسول اللّهصلىاللهعليهوآله
، لو كان قد امتد به العُمر ، أو كان قد امتدّت التجربة الإسلامية من بعده على يد خلفائه المعصومين الميامين من أهل بيته من أمير المؤمنينعليهالسلام
، وأولادهعليهالسلام
إذن لقدّر لهذه التجربة والتربية أنْ تُؤتي ثمارها بشكلٍ عجيب ، هذه الثمار نقرأها الآن بعنوان المعجزات والكرامات من أحوال الناس بعد ظهور الحجّة ، وتلك المعجزات والكرامات ليست معجزات وكرامات ، وإنّما هي نتيجة تربية ، هل يمكن أنْ يبلغ المجتمع البشري الى مستوى من التعاون والتعاضد ، إلى مستوى من التوحيد والترفّع ، بحيث يستغني عن النقد ، عن