هذا تعبير عن وجود الأُمّة في الميدان .
انزعج عمر بن الخطّاب جدّاً لهذا التعبير عن وجود الأُمّة ؛ لأنّه يعرف أنّ وجود الأُمّة في الميدان معناه وجود عليّعليهالسلام
في الميدان ، معناه وجود الخطّ المعارض في الميدان ، كلّما نمَت الأُمّة كلّما تأصّل وجودها أكثر واكتسبت إرادتها ووعيها بدرجةٍ أعمق ، كلّما كان عليّ هو الأقدر وهو الأكفأ لممارسة عملية الحكم ، لهذا صعد على المنبر وقال ما مضمونه : أنّ أقواماً يقولون : ماذا ومَن يحكُم بعد أمير المؤمنين... ؟ ألا أنّ بيعة أبي بكر كانت فلتة وقى اللّه المسلمين شرّها .
يعني ماذا يريد أنْ يقول في هذا الكلام ، يُريد أنْ يقول في هذا الكلام بأنّ المسلمين لا يجوز أنْ يعودوا مرّة أُخرى إلى التفكير المستقل في انتخاب شخص ، وإنّما الشخص يجب أنْ يُعيّن لهم من أعلى .
لكن لم يستطع ولم يجرأ أنْ يُبين هذا المفهوم وإلاّ هو في نفسه كان هكذا يرى ...
كان يرى أنّ الأُمّة يجب أنْ تستمع منه هو يعيّن من أعلى هذا الحاكم ، لا أنّ الأُمّة نفسها تفكّر في تعيين هذا الحاكم كما فكّرت مثلاً عقيب وفاة رسول اللهصلىاللهعليهوآله
كان ذلك فلتة وقى الله المسلمين شرّها ، والأُمّة يجب ألاّ تعود إلى هذه الفلتة مرّة أُخرى .
إذن فما هذا البديل ؟ هذا البديل لم يبرزه لكن البديل كان في نفسه هو إنّي أنا يجب أنْ أُعيّن هذا أيضاً ، كان استمرارية لجذور المؤامرة وبعد هذا عبّر عن هذا البديل بكلّ صراحة وهو على فراش الموت ، وحينما طلَب منه المتملقون أنْ يوصي وألاّ يهمل أُمّة محمّدصلىاللهعليهوآله
، حينما طلبوا منه ذلك عبّر عن هذا البديل بكلّ صراحة فأسند الأمر إلى ستّة أيضاً ، كان فيه نوع من التحفّظ ؛ لأنّه لم يعيّن واحداً وحيداً لا شريك له وإنّما عيّن ستّة كأنّه يُريد أنْ يقول : بأنّي أعطيت درجة من المشاركة للأُمّة ، عن طريق أنّي أسندت الأمر إلى ستّة هم يعيّنون فيما بينهم واحداً منهم .
انظروا كيف كانت المؤامرة على الأُمّة تنفذ بالتدريج .
كانت المؤامرة على وجودها على كيانها على إرادتها كأمّة تحمل أشرف رسالات السماء .