الكريم الذي لا يُدانيه أحد مِن العالمين سَرى ونفذ إلى البنات لقوّته وجلالته وعظم قَدره. وقال السيوطي في الخصائص الكبرى: واختصّ صلّى الله عليه وسلّم بأنّ أولاد بناته ينسبون إليه، وأولاد بنات غيره لا يُنسبون إليهم في الكفاءة، ولا في غيرها.
وقد أخرج الحاكم، عن جابر، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:(لكلّ بني أُمّ عُصبة، إلاّ ابنَي فاطمة فأنا وليّهما وعُصبتهما
.
وأخرج أبو يعلى والطبراني: أنّه صلّى الله عليه وسلّم قال:(كلّ بني أُمّ ينتمون إلى عُصبة، إلاّ أولاد فاطمة، فأنا وليّهم وعصبتهم)
.
وهكذا ثبت بالنصّ والإجماع أنّ أهل البيت إنّما هُم: الرسول صلّى الله عليه وسلّم، وعليّ، وفاطمة، والحسن، والحسين عليهم السلام.
أمّا النص، فما ثبت عن النبي صلّى الله عليه وسلّم: أنّه بقي بعد نزول الآية 33 من الأحزاب ستة أشهر يمرّ وقت صلاة الفَجر على بيت فاطمة رضي الله عنها، فيُنادي:(الصلاة يا أهل البيت
(
إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمْ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً
)
)
، وهو تفسير منه لأهل البيت بفاطمة ومَن في بيتها، وهو نصّ، وأنصّ منه حديث أُمّ سَلمة رضي الله عنها أنّه صلّى الله عليه وسلّم أرسل خَلف عليّ وفاطمة وولديهما رضي الله عنهم، فجاءوا، فأدخلهم تحت الكساء، ثُمّ جعل يقول:(اللّهمّ إليك، لا إلى النار أنا وأهل بيتي، اللّهمّ هؤلاء أهل بيتي وخاصّتي -
وفي روايةوحامتي
-اللّهمّ أذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً)
، قالت أُمّ مسلمة، فقلت: يا رسول الله، ألستُ مِن أهلك؟ قال:(أنتِ إلى خير)،
وهو نصّ في أهل البيت. رواه الإمام أحمد، وظاهر أنّ نساءه لسنَ منهم؛ لقوله لأُمّ سلمة:(أنتِ إلى خير)
، ولم يقل: بلى أنتِ منهم.
وأمّا الإجماع؛ فلأنّ الأُمّة اتفقت على أنّ لفظ(أهل البيت)
إذا أُطلق إنّما ينصرف إلى مَن ذكرناه - عليّ وفاطمة والحسن والحسين وذُريّتهما - دون النساء، ولو لم يكن فيه إلاّ شهرته فيهم كفى.
بقيت الإشارة إلى عدّة أُمور:
منها (أوّلاً):
أنّ هناك من قسّم أهل بيت النبي إلى ثلاث دوائر:
الدائرة الخاصّة، وهم: ذرية فاطمة وعليّ إلى يوم القيامة، مِن الحسن والحسين، وهُم أهل المُباهلة والكساء أو الرداء، ويسمّون كذلك خاصّة الخاصّة.
والدائرة الثانية: هُم بنو هاشم والمُطّلب ومَن أُلحق بهم نصّاً، وهُم الذين تحرُم عليهم الزكاة.
والدائرة الثالثة: وهُم الزوجات الطاهرات أُمّهات المؤمنين