الاذان بين الاصالة والتحريف

الاذان بين الاصالة والتحريف0%

الاذان بين الاصالة والتحريف مؤلف:
الناشر: لسان الصدق
تصنيف: فقه مقارن
الصفحات: 470

الاذان بين الاصالة والتحريف

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: السید علی الشهرستانی
الناشر: لسان الصدق
تصنيف: الصفحات: 470
المشاهدات: 39363
تحميل: 7150

توضيحات:

بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 470 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 39363 / تحميل: 7150
الحجم الحجم الحجم
الاذان بين الاصالة والتحريف

الاذان بين الاصالة والتحريف

مؤلف:
الناشر: لسان الصدق
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

يكون تشريع الأذان من الحكيم العليم؟

ألا تحمل هذه الرؤية نَيْلاً من قدسية الأمور العبادية الإلهيّة، وتقلل من منزلتها المعنويّة؟!

ثمّ مَن هو الذي رأى في المنام، هل هو: عبد اللَّه بن زيد (11) ؟، أو: عمر ابن الخطّاب (12) ؟، أو: أبو بكر (13) ؟، أو: أُبَي بن كعب (14) ؟، أو: سبعة من الصحابة (15) ، أو: أربعة عشر منهم (16) ،؟ أو أكثر من هذا العدد أو أقلّ؟

وكيف يراه هؤلاء ولا يراه النبيّ المرسل الصادق الرؤيا بلا شكّ وريب؟

وماذا نقول عن: (الصلاة خير من النوم) و: (حيّ على خير العمل)؟ وهل ثمّةَ ترابط بين رفع (حيّ على خير العمل) ووضع (الصلاة خير من النوم)؟ أم أنّ الأمر جاء بشكل عفوي دون تدبير؟!

و إذا كان الأمر عفويّاً، فلماذا نرى أنّ من يقول بشرعيّة (حيّ على خير العمل) لا يقول بشرعيّة (الصلاة خير من النوم)، ومن يقول بشرعيّة (الصلاة خير من النوم) يرفع (حيّ على خير العمل) من الأذان؟

وهل أنّهما شرعيان؟ أم أنّ أحدهما شرعيّ والآخر بِدْعيّ؟ فأيّهما الشرعي

____________________

(11) هو المشهور عند أهل السنّة والجماعة، وفيه روايات كثيرة.

(12) سنن أبي داود 1: 134 كتاب الصلاة باب بدء الأذان ح 498. السنن الكبرى للبيهقي 1: 390.

(13) مجمع الزوائد 1: 329 كتاب الصلاة باب بدء الأذان، جامع المسانيد 1: 299، تفسير القرطبي 6: 225 المائدة الآية 58. شرح الزرقاني على الموطأ 1: 136عن الأوسط للطبراني.

(14) علل الشرائع ح1: 312 وعنه في بحار الأنوار 81: 354.

(15) المبسوط للسرخسي 1: 128 كتاب الصلاة باب بدء الأذان.

(16) السيرة الحلبية 2: 300 باب بدء الأذان ومشروعيته. وفتح المعين لشرح قرة العين بمهمات الدين للمليباري المطبوع في هامش حاشية إغاثة الطالبين 1: 330، وشرح الزرقاني على موطأ مالك 1: 136.

٢١

وأيّهما البدعي إذاً؟

وما هو حكم الشهادة الثالثة التي تقول بها الشيعة الإمامية (أشهدُ أنّ عليّاً وليُّ اللَّه)، فهل هي من الشرع أم أنّها بدعة؟

وما هو عدد التكبيرات في أوّل الأذان، أهي أربع تكبيرات أو تكبيرتان؟

ثمّ ما هي خاتمة الأذان، هل هي (اللَّه أكبر) أو (لا إله إلَّا اللَّه)؟

وهل أن الأذان بيان لأصول العقيدة وكلّيّات الإسلام من: التوحيد، والنبوة و...، أم أنّه مجرّد إعلام لوقت الصلاة خاصّة؟

ولماذا الاختلاف في أمر بديهيّ و إعلاميّ كهذا؟

تُرى، هل نشأ هذا الخلاف في عصر الصحابة الذين يقال عن قرْنِهم إنّه خير القرون، أو حدث في عهد التابعين وتابعي التابعين ومَن تَلاهُم؟ وهل ثمة ملابسات لهذه الأمور في الصدر الأوّل؟ أم أنّها جاءت في العصور اللاحقة؟!

لقد نقل الصنعاني كلام بعض المتأخّرين - وهو يسعى لرفع الخلاف في أَلفاظ الأذان - بقوله:

(هذه المسألة من غرائب الواقعات يقلّ نظيرها في الشريعة، بل وفي العبادات؛ وذلك أنّ هذه الألفاظ في الأذان والإقامة قليلة محصورة معيّنة يُصاح بها في كلّ يوم وليلة خمس مرّات في أعلى مكان، وقد أُمر كلّ سامع أن يقول كما يقول المؤذّن، وهم خير القرون، في غرّة الإسلام، شديدو المحافظة على الفضائل، ومع هذا كلّه لم يذكر خوض الصحابة ولا التابعين واختلافهم فيها، ثمّ جاء الخلاف الشديد من المتأخّرين، ثمّ كلّ من المتفرّقين أدلى بشي‏ء صالح في

٢٢

الجملة و إن تَفاوَت) (17) .

ترى ما مدى مصداقية هذا الكلام وقربه من الواقع؟ وهل من الصحيح أنّ الصحابة لم يختلفوا في الأذان كما ادّعى هذا القائل من المتأخرين؟! بل هل يصحّ ما قاله ابن حزم عن الصحابة، كما مرّ بنا قبل قليل (18) ؟

للإجابة عن أهمّ الملابسات والتساؤلات، لابُدّ من البحث وتنقيح المطالب ووضع النقاط على الحروف، فنقول مستعينين باللَّه:

الأذان لغة واصطلاحاً

من المفيد قبل البدء في تفاصيل هذه الدراسة أن نتعرّف على المعنى اللغويّ والمفهوم الاصطلاحي للأذان، وبيان تاريخ تشريعه وما قيل في الملابسات الدائرة حوله.

الأذان في اللغة، هو: مطلق الإعلام.

وفي الشرع: الإعلام والنداء للفريضة الواجبة - الصلاة - بفصول معهودة في أوقات مخصوصة، قال تعالى: ( وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ اتَّخَذُوهَا هُزُواً وَلَعِباً ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ ) (19) .

وقال جلّ جلاله: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ) (20) .

____________________

(17) سبل السلام 1: 122.

(18) مر في صفحة 18 - 20.

(19) المائدة: 58.

(20) الجمعة: 9.

٢٣

وقال عزَّ مِن قائل: ( رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آَمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآَمَنَّا ) (21) .

وقد وردت لفظة الأذان بمعناها اللغوي في الذكر الحكيم، كما في قوله تعالى: ( وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً... ) (22) ، وقوله: ( وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ... ) (23) وغيرها من الاستعمالات الكثيرة الدالَّة على معنى الإعلام والنداء.

منبّهين القارئ الكريم على أن الأذان وإن كان إعلاماً للفريضة الواجبة، إلّا أنّه يحمل في طيّاته جوانب أُخرى وفوائد كثيرة للمرء المسلم، سنذكر بعضاً منها، ممّا يؤكد لنا أنَّ الأذان ليس إعلاماً محضاً للصلاة، بل هو فصول لها أكثر من واقع في الحياة الإسلاميّة، تَجمَع تحت ألفاظها معانيَ الإسلام وأصولَه وعقيدته.

تاريخ الأذان

هناك أقوال متعدِّدة ومتفاوتة في تاريخ تشريع الأذان من حيث الزمان والمكان:

أحدها: تشريعه في الإسراء والمعراج، حيث أذَّن جبرئيل وأقام، ثمّ صلَّى رسول اللَّه (صلّى الله عليه وآله) بالأنبياء (24) .

____________________

(21) آل عمران: 193.

(22) الحجّ: 27.

(23) التوبة: 3.

(24) مجمع الزوائد 1: 328، الأوسط للطبراني 10: 114ح 9243، نصب الراية 1: 260، السيرة الحلبية 2: 93.

٢٤

ثانيها: تشريعه بمكّة قبل الهجرة (25) .

ثالثها: تشريعه في المدينة المنورة في السنة الأُولى للهجرة (26) ، وذلك بعد بناء النبيّ (صلّى الله عليه وآله) مسجده المبارك، وهذا القول هو المشهور عند أهل السنة والجماعة.

رابعها: تشريعه في السنة الثانية للهجرة (27) .

خامسها: أن جبرئيل أوَّل مَن أذَّن به في السماء (28) ، لكنَّ تشريعه في الأرض جاء بعد دخول رسول اللَّه (صلّى الله عليه وآله) المدينة.

____________________

(25) قال ابن عبد ين في حاشية ردّ المحتار 1: 413: في حاشية الشبراملسي على شرح المنهاج للرملي عن شرح البخاري لابن حجر إنّه وردت أحاديث تدلّ على أنّ الأذان شرّع بمكة قبل الهجرة: منها للطبراني أنّه لما أُسري بالنبيّ‏ (صلَّى الله عليه وآله) أوحي إليه الأذان فنزل به فعلّمه بلالاً، وللدارقطني في الإفراد من حديث أنس أنّ جبرئيل أمر النبيّ‏ (صلَّى الله عليه وآله) بالأذان حين فُرضت الصلاة... إلخ. وانظر: فتح الباري 2: 94 كذلك وشرح الزرقاني 1: 136.

(26) صحيح ابن خزيمة 1: 190، السيرة الحلبية 2: 93. حواشي الشرواني وابن قاسم العبدي على تحفة المحتاج بشرح المنهاج لابن حجر الهثيمي 1: 459. وشرح الزرقاني على موطأ مالك 1: 135.

(27) انظر: فتح الباري 2: 62 للعسقلاني، وفي فتح الباري لابن رجب 3: 407 وبعد أن أتى برواية معمر عن الزهري عن ابن المسيب قال: ففي هذه الرواية أن الأذان كان بعد صرف القبلة إلى الكعبة وكان صرف القبلة إلى الكعبة في السنة الثانية. وقد روى فاستبدل به على أن الأذان إنما شرع بعد غزوة بدر بعد صرف القبلة يسير.

(28) وسائل الشيعة 5: 439 ح 7028 عن عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 2: 238.

٢٥

بدء الأذان عند أهل السنّة والجماعة

هناك نقولات وأقوال مختلفة في بدء الأذان وكيفيّته، مذكورة في الصحاح والسنن، المشهور منها - الذي قد استقرّ عليه رأيهم - أنَّه قد شُرِّع في المدينة المنوّرة في السنة الأُولى من الهجرة المباركة، على أثر منام رآه بعض الصحابة، و إليك أهمّ تلك الأقوال:

الأوّل: تشريعه باقتراح من الصحابة، وخصوصاً عمر بن الخطّاب.

- أخرج البخاريّ ومسلم، والترمذي، والنسائي، وغيرهم - والنصّ للأوّل - عن عبد اللَّه بن عمر، أنّه قال: كان المسلمون حين قَدِموا المدينة يجتمعون، فيتحيّنون الصلاة، ليس يُنادى لها، فتكلّموا يوماً في ذلك، فقال بعضهم: اتَّخِذوا ناقوساً مثل ناقوس النصارى، وقال بعضهم: بل بُوقاً مثل قرن اليهود، فقال عمر: أوَلا تبعثون رجلاً ينادي بالصلاة؟ فقال رسول اللَّه: يا بلال! قم فنادِ بالصلاة (29) .

____________________

(29) صحيح البخاري 1: 306 كتاب الأذان باب بدء الأذان ح 570، صحيح مسلم 1: 1/285، سنن الترمذي 1: 362 - 363 أبواب الصلاة باب ما جاء في بدء الأذان ح 190، سنن النسائي 2: 2 - 3 كتاب الأذان باب بدء الأذان، مسند أحمد 2: 148، مسند عبد اللَّه بن عمر بن الخطّاب.

٢٦

- قال ابن خزيمة في صحيحه في باب (ذكر الدليل على أنّ بدء الأذان إنّما كان بعد هجرة النبيّ إلى المدينة، وأنّ صلاته بمكّة إنّما كانت من غير نداء لها ولا إقامة): (قال أبو بكر، في خبر عبد اللَّه بن زيد: كان رسول اللَّه حين قَدِمَ المدينة إنّما يجتمع الناس إليه للصلاة بحين مواقيتها بغير دعوة) (30) .

وهذا الرأي يشير إلى أن الأذان شُرّع بالمدينة و إن كانت الصلاة قد شُرّعت بمكّة:

قال ابن المنذر: هو [صلّى الله عليه وآله] كان يصلّي بغير أذان منذ فُرضت الصلاة بمكّة إلى أن هاجر إلى المدينة وإلى أن وقع التشاور (31) .

لكن السيوطي في الدرّ المنثور - ضمن تفسير قوله تعالى: ( وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً ) - روى عن عائشة أنّها قالت: ما أرى هذه الآية نزلت إلّا في المؤذّنين (32) . وهذه الآية مكّيّة (33) .

ثمّ علّق الحلبي في سيرته على هذا بقوله: والأذان إنّما شُرّع في المدينة فهي ممّا تأخّر حكمه عن نزوله (34) .

وقد سئل الحافظ السيوطي: هل ورد أن بلالاً أو غيره أذّن بمكّة قبل الهجرة؟ فأجاب بقوله: ورد ذلك بأسانيد ضعيفة لا يُعتمد عليها، والمشهور الذي صحّحه أكثر العلماء ودلّت عليه الأحاديث الصحيحة أن الأذان شُرّع بعد الهجرة وأنّه لم

____________________

(30) صحيح ابن خزيمة 1: 190 كتاب الصلاة باب الأذان والإقامة ح 365.

(31) السيرة الحلبية 2: 296.

(32) الدرّ المنثور 5: 364، المصنّف لابن أبي شيبة 1: 204، باب في فضل الأذان وثوابه ح 2347.

(33) انظر: تفسير القرطبي 15: 360، وتفسير الثعالبي 5: 139.

(34) السيرة الحلبية 2: 297.

٢٧

يؤذِّن قبلها لا بلال ولا غيرُه (35) .

هذا، وإن النووي بعد أن أتى بخبر ابن عمر الدالّ على مشاورة الرسول للصحابة، تساءل عن هذه المشاورة هل هي واجبة على رسول اللَّه أم لا؟! فقال: (... واختلف أصحابنا، هل كانت المشاورة واجبة على رسول اللَّه أم كانت سُنّة من حقّه كما في حقّنا؟ والصحيح عندهم وجوبها، وهو المختار. قال اللَّه تعالى: ( وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ ) (36) ، والمختار الذي عليه جمهور الفقهاء ومحقّقو أهل الأُصول أنَّ الأمر للوجوب. وفيه أنّه ينبغي للمتشاورين أن يقول كلٌّ منهم ما عنده، ثمّ صاحبُ الأمر يفعل ما ظهرت له مصلحة، واللَّه أعلم (37) .

الثاني: جاء تشريع الأذان بعد منامات رآها بعض الصحابة:

- أخرج أبو داود بإسناده عن أبي عمير بن أنس، عن عُمومةٍ له مِن الأنصار، قال: (اهتمّ النبيّ للصلاة كيف يجمع الناس لها؛ فقيل: انصِبْ رايةً عند حضور الصلاة، فإذا رأوها آذَنَ بعضُهم بعضاً، فلم يعجبه ذلك، فذُكِر له القَنْع - يعني الشبّور، وقال زياد: شبّور اليهود - فلم يعجبه ذلك، وقال: هو مِن أمرِ اليهود.

قال: فذُكِر له الناقوس، فقال: هو مِن أمرِ النصارى.

____________________

(35) السيرة الحلبية 2: 296.

(36) آل عمران: 159.

(37) شرح النوويّ على مسلم 3 - 4: 318 كتاب الصلاة باب بدء الأذان.

٢٨

فانصرف عبد اللَّه بن زيد وهو مهتمٌّ لهمِّ رسول اللَّه، فأُرِيَ الأذانَ في منامه، فغدا على رسول اللَّه فأخبره، فقال: يا رسول اللَّه! إنّي لَبينَ نائمٍ و يقظان إذ أتاني آتٍ فأراني الأذان.

قال: وكان عمر بن الخطّاب قد رآه قبل ذلك فكتمه عشرين يوماً. قال: ثمّ أخبر النبيّ، فقال له: ما منعك أن تخبرني؟ فقال: سبقني عبد اللَّه بن ز يد فاستحييت.

فقال رسول اللَّه: يا بلال! قم فانظر ما يأمرك به عبد اللَّه بن زيد فافعله، قال: فأذَّنَ بلال.

قال أبو بشر [ وهو من رواة الخبر ]: فأخبرني أبو عمير أنّ الأنصار تزعم أنَّ عبد اللَّه بن زيد لولا أنّه كان يومئذٍ مريضاً لجعله رسول اللَّه مؤذِّناً (38) .

- وأخرج الترمذيّ، وأبو داود، عن عبد اللَّه بن زيد أنّه قال - والنصّ للثاني -: لمَّا أمر رسول اللَّه بالناقوس يُعمَل ليضرب به للناس لجمع الصلاة، طاف بي - وأنا نائم - رجل يحمل ناقوساً في يده، فقلت: يا عبد اللَّه! أتبيع الناقوس؟

قال: وما تصنع به؟

قلتُ: ندعو به إلى الصلاة.

قال: أفلا أدلّك على ما هو خير من ذلك؟

فقلتُ: بلى.

فقال: تقول: اللَّه أكبر، اللَّه أكبر، اللَّه أكبر، اللَّه أكبر

أشهد أن لا إله إلَّا اللَّه، أشهد أن لا إله إلَّا اللَّه.

أشهد أنَّ محمّداً رسول اللَّه، أشهد أنَّ محمّداً رسول اللَّه.

____________________

(38) سنن أبي داود 1: 134 كتاب الصلاة باب بدء الأذان.

٢٩

حيّ على الصلاة، حي على الصلاة.

حيّ على الفلاح، حيّ على الفلاح.

اللَّه أكبر، اللَّه أكبر.

لا إله إلَّا اللَّه.

قال: ثمّ استأخر عنّي غير بَعيدٍ، ثمّ قال: وتقول إذا أقمت الصلاة:

اللَّه أكبر، اللَّه أكبر.

أشهد أن لا إله إلَّا اللَّه.

أشهد أنّ محمّداً رسول اللَّه.

حيّ على الصلاة.

حيّ على الفلاح.

قد قامت الصلاة، قد قامت الصلاة.

اللَّه أكبر، اللَّه أكبر.

لا إله إلَّا اللَّه.

فلمّا أصبحتُ أتيت رسول اللَّه فأخبرته بما رأيت، فقال: إنَّها لَرُؤيا حقّ إن شاء اللَّه تعالى، فقُم مع بلال فألقِ عليه ما رأيت فَلْيُؤذِّن به، فإنّه أندى صوتاً منك، فقمتُ مع بلال فجعلتُ أُلقيه عليه و يُؤذِّن به.

قال: فسمع ذلك عمر بن الخطّاب وهو في بيته، فخرج يجرُّ رداءه، و يقول: والذي بعثك بالحقِّ يا رسول اللَّه! لقد رأيتُ مثل ما رأى، فقال رسول اللَّه: فللَّه الحمد (39) .

____________________

(39) الجامع الصحيح للترمذي 1: 358 أبواب الصلاة، باب: (ما جاء في بدء الأذان)، سنن أبي داود 1: 135 كتاب الصلاة، باب (كيف الأذان) وفيه قال أبو داود: هكذا رواية الزهري عن =

٣٠

وأخرج أبو داود عن ابن أبي ليلى، قال: أُحيلت الصلاة ثلاثة أحوال، قال: وحدّثنا أصحابنا أنّ رسول اللَّه قال: لقد أعجبني أن تكون صلاة المسلمين - أو قال: المؤمنين - واحدة حتّى لقد هَمَمتُ أن أبثّ رجالاً في الدُّور ينادون الناس بحين الصلاة، وحتّى هَمَمت أن آمر رجالاً يقومون على الآطام ينادون المسلمين بحين الصلاة حتّى نَقَسُوا أو كادوا [ أن ] ينقسوا.

قال: فجاء رجل من الأنصار فقال: يا رسول اللَّه! إنّي لمّا رجعتُ - لِما رأيتُ من اهتمامك - رأيتُ رجلاً كأنَّ عليه ثوبَين أخضرَين، فقام على المسجد فأذَّن ثمّ قعد قعدة، ثمّ قام فقال مثلها إلَّا أنّه يقول: قد قامت الصلاة، ولولا أن يقول الناس - قال ابن المثنّى: أن تقولوا - لقلتُ إنّي كنتُ يقظاناً غير نائم.

فقال رسول اللَّه: لقد أراك اللَّه عزّ وجلّ خيراً - كما في رواية ابن المثنّى، ولم تأتِ هذه العبارة في رواية عمرو - فَمُرْ بلالاً فليؤذِّن.

قال: فقال عمر: أما إنّي فقد رأيتُ مثل الذي رأى، ولكنّي لمّا سُبِقتُ استَحيَيت (40) .

- وأخرج مالك في الموطّأ: حدّثني يحيى، عن مالك، عن يحيى بن سعيد أنّه قال: كان رسول اللَّه (صلّى الله عليه وآله) قد أراد أن يتّخذ خشبتَين يضرب بهما ليجتمع الناس للصلاة، فأُرِيَ عبد اللَّه بن ز يد الأنصاريّ ثمّ من بني الحارث بن الخزرج خشبتَينِ في النوم، فقال: إنَّ هاتين لَنحو ما يريد رسول اللَّه، فقيل: أفلا تُؤَذِّنون للصلاة؟ فأتى

____________________

=

سعيد بن المسيب عن عبد اللَّه بن زيد، وقال فيه ابن إسحاق عن الزهري: اللَّه أكبر، اللَّه أكبر، اللَّه أكبر، اللَّه أكبر، وقال معمر ويونس عن الزهري فيه: اللَّه أكبر، اللَّه أكبر لم يثنيّا، وانظر:: صحيح ابن خزيمة 1: 193.

(40) سنن أبي داود 1: 139 كتاب الصلاة باب بدء الأذان ح 506.

٣١

رسول اللَّه، حين استيقظ، فذكر له ذلك، فأمر رسولُ اللَّه بالأذان (41) .

- وفي مصنّف عبد الرزّاق بإسناده عن إبراهيم بن محمّد، عن أبي جابر البياضيّ، عن سعيد، عن عبد اللَّه بن ز يد - أخي بني الحارث بن الخزرج - أنّه: بينما هو نائم إذ رأى رجلاً معه خشبتان، قال: فقلتُ له في المنام: إنَّ النبيَّ (صلّى الله عليه وآله) يريد أن يشتري هذين العُودَينِ يجعلهما ناقوساً يضرب به للصلاة.

قال: فالتفتَ إلَيَّ صاحبُ العودينِ برأسه فقال: أنا أدلّكم على ما هو خير من هذا (فبلَّغه رسول اللَّه (صلَّى اللَّه عليه [وآله] وسلَّم)، فأمره بالتأذين) (42) .

فاستيقظ عبد اللَّه بن ز يد؛ قال: ورأى عمر مثل رؤيا عبد اللَّه بن ز يد، فسبقه عبد اللَّه بن ز يد إلى النبيّ، فأخبره بذلك، فقال له النبيّ: قم فأذِّن، فقال: يا رسول اللَّه! إنّي فضيع الصوت، فقال له: فعلِّمْ بلالاً ما رأيتَ، فعلَّمه فكان بلال يُؤَذِّن (43) .

- وأخرج عبد الرزّاق أيضاً في مصنّفه عن ابن جريج: (قال عطاء: سمعتُ عبيد بن عمير يقول: ائتمر النبيّ وأصحابه كيف يجعلون شيئاً إذا أرادوا جمع الصلاة اجتمعوا لها، فائتمروا بالناقوس، قال: فبينا عمر بن الخطّاب يريد أن يشتري خشبتينِ للناقوس إذ رأى في المنام: أن لا تجعلوا الناقوس بل أذِّنوا بالصلاة، قال: فذهب عمر إلى النبيّ ليخبره بالذي رأى، وقد جاء النبيّ الوحي بذلك، فما راع عمر إلّا بلال يؤذِّن، فقال النبيّ: قد سبقك بذلك الوحي، حين أخبره بذلك عمر) (44) .

____________________

(41) الموطأ 1: 67 كتاب الصلاة، باب (ما جاء في النداء للصلاة).

(42) ما بين القوسين ساقط من كنز العمّال.

(43) مصنّف عبد الرزاق 1: 460 / 1787 كتاب الصلاة باب بدء الأذان كذلك كنز العمال 8: 329 كتاب الصلاة الباب الخامس ح 23140.

(44) مصنّف عبد الرزّاق 1: 456/ 1775 كتاب الصلاة باب بدء الأذان. هذه الرواية وإن كانت

=

٣٢

- وفي جامع المسانيد لأبي حنيفة و مجمع الزوائد - والنصّ للأوّل -: (عن علقمة بن مرثد، عن ابن بريدة، عن أبيه، أنَّ رجلاً من الأنصار مرَّ برسول اللَّه فرآه حزيناً، وكان الرجل ذا طعام يُجتمَع إليه، فانطلق حزيناً لِما رأى من حزن رسول اللَّه، وترك طعامه وما كان يجتمع إليه، ودخل مسجده يصلِّي، فبينما هو كذلك إذ نعس فأتاه آتٍ في النوم، فقال: هل علمت ما حَزَّن رسولَ اللَّه؟

فقال: لا.

قال: فهو لهذا الناقوس، فأتِهِ فمُرْه أن يأمر بلالاً أن يؤذِّن، فعلَّمه الأذان: اللَّهُ أكبر اللَّهُ أكبر مرّتين، أشهد أن لا إله إلّا اللَّه مرّتين، أشهد أنَّ محمّداً رسول اللَّه مرّتين، حيّ على الصلاة مرّتين، حيّ على الفلاح مرّتين، اللَّهُ أكبر، اللَّهُ أكبر، لا إله إلّا اللَّه..

ثمّ عَلّمه الإقامة مثل ذلك، وقال في آخره: قد قامت الصلاة، قد قامت الصلاة، اللَّهُ أكبر، اللَّهُ أكبر، لا إله إلّا اللَّهُ، كأذان الناس و إقامتهم.

فأقبل الأنصاريّ فقعد على باب رسول اللَّه، فمرّ أبو بكر فقال: استأذن لي، فدخل أبو بكر وقد رأى مثل ذلك، فأخبر به النبيَّ، ثمَّ استأذن للأنصاريّ فدخل وأخبر بالذي رأى، فقال النبيُّ: قد أخبرنا أبو بكر بمثل ذلك، فأمر بلالاً يؤذِّن بذلك (45) .

فهذه النصوص و إن كانت مختلفة العبارات لكنّها تشير إلى رؤية متقاربة؛ فالنصّ الأوّل يشير إلى أن تشريع الأذان جاء على أثر رؤيا رآها عبد اللَّه بن زيد حينما رأى رسول اللَّه مهموماً مغموماً. و يظهر أنّ رؤياه كانت ليلاً لقوله: (... فأُرِيَ

____________________

=

ترتبط بالأذان عن طريق الوحي لكنا أتينا بها هنا لارتباطها بروايات المنامات.

(45) جامع المسانيد 1: 299، مجمع الزوائد 1: 329 كتاب الصلاة باب كيف الأذان.

٣٣

الأذان في منامه، فغدا على رسول اللَّه فأخبره) وكذا النصّ الثاني، ففيه (فلمّا أصبحتُ أتيت رسول اللَّه فأخبرته بما رأيت).

لكن النصّ الذي رواه أبو حنيفة في جامع المسانيد فيه: أنّ الرجل لمّا رأى حزن رسول اللَّه دخل المسجد يصلّي (فبينما هو كذلك إذ نعس فأتاه آتٍ في النوم.... فأقبل الأنصاري فقعد على باب رسول اللَّه فمرّ أبو بكر فقال: استأذن لي....) وهو يختلف عن الأوّل.

ويضاف إليه أن الرجل الأنصاري في نصّ جامع المسانيد كان (ذا طعام يُجتَمع إليه، فانطلق حزيناً لِما رأى من حزن رسول اللَّه، وترك طعامه وما كان يجتمع إليه) وهذا لم يشتهر عن عبد اللَّه بن ز يد بن عبد ربّه بن ثعلبة الذي أُري النداء. مع أن نص جامع المسانيد يدّعي أنّ أبا بكر سبق الأنصاري بالرؤيا وإخباره النبي (صلّى الله عليه وآله) بذلك، وهو يخالف باقي النصوص التي تسجّل قدمَ السبق للأنصاري.

نعم، اشتهر عن سعد بن عبادة وغيره من الأنصار الذين استضافوا رسول اللَّه عند دخوله (صلّى الله عليه وآله) المدينة، وكانوا من الأغنياء المعروفين بالجود والكرم مع أنّ نص جامع المسانيد يّدعي أنّ أبا بكر سبق الأنصاري بالرؤيا وإخباره النبيّ (صلّى الله عليه وآله) بذلك، وهو يخالف باقي النصوص التي تسجّل قدمَ السبق للأنصاري.

أما النصّ الثاني - أي ما أخرجه الترمذي وأبو داود - فيشير إلى أن رسول اللَّه أمر بالناقوس يُعمل ليضرب للناس، فرأى عبد اللَّه في المنام الأذان، فأمر (صلّى الله عليه وآله) بلالاً أن يأخذ بما قاله عبد اللَّه؛ وهذا لا يتّفق مع عدم ارتضائه (صلّى الله عليه وآله) للناقوس!!

وفي النصّ الثالث نراه‏ (صلّى الله عليه وآله) يقول: (لقد هَمَمتُ أن أبثّ رجالاً في الدُّور ينادون الناس بحين الصلاة حتّى هَمَمت أن آمر رجالاً يقومون على الآطام ينادون بحين

٣٤

الصلاة، حتّى نقسوا أو كادوا [ أن ] ينقسوا، فجاء رجل من الأنصار...)، وهذا لا يتّفق مع ما قيل عن الرجل الأنصاري في كتب الحديث.

وفي موطّأ مالك: (كان رسول اللَّه قد أراد أن يتّخذ خشبتين يضرب بهما ليجتمع الناس للصلاة، فأُري عبد اللَّه خشبتين في المنام...).

وهذا أيضاً لا يتّفق مع ما رواه عبد الرزّاق عن ابن جريج، إذ فيه: أنّ عمر أراد (أن يشتري خشبتين للناقوس إذ رأى في المنام: أن لا تجعلوا الناقوس بل أذّنوا للصلاة).

هذه بعض النصوص الدالّة على القول الثاني، وقد حاولنا أن نوحدها - رغم اختلافاتها - بقدر المستطاع تحت عنوان واحد.

الثالث: نزول الأذان تدريجياً، و إضافة عمر الشهادة بالنبوّة إليه.

جاء في صحيح ابن خزيمة: حدّثنا بُندار، حدّثنا أبو بكر - يعني الحنفيّ - حدّثنا عبد اللَّه بن نافع، عن أبيه، عن ابن عمر: أنَّ بلالاً كان يقول أوَّل ما أذَّن: أشهد أن لا إله إلَّا اللَّه، حيّ على الصلاة؛ فقال له عمر: قل في إثرها: أشهد أنَّ محمّداً رسول اللَّه؛ فقال رسول اللَّه: قل كما أمرك عمر (46) .

____________________

(46) صحيح ابن خزيمة 1: 189، كتاب الصلاة باب في بدء الأذان والإقامة ح 362. وانظر: السيرة الحلبية 2: 303، كنز العمّال 8: 334 كتاب الصلاة الباب الخامس ح 23150.

٣٥

الرابع: الأذان وحيٌ من اللَّه تلقّاه الرسول من جبرئيل.

جاء في نصب الراية للزيلعي تحت باب (أحاديث في أنَّ الأذان كان وحياً لا مناماً): روى البزّار في مسنده: حدّثنا محمّد بن عثمان بن مخلّد الواسطيّ، حدّثنا أبي، حدّثنا زياد بن المنذر، عن محمّد بن عليّ بن الحسين، عن أبيه، عن جدّه، عن عليّ بن أبي طالب، قال:

(لمّا أراد اللَّه أن يُعَلِّم رسوله الأذانَ أتاه جبرئيل بدابّة يقال لها البُراق، فذهب يركبها فاستصعبت، فقال لها ] جبرئيل ]: اسكُني، فواللَّه ما رَكِبَك عبدٌ أكرم على اللَّه من محمّد.

قال: فركبها حتّى انتهى إلى الحجاب الذي يلي الرحمن تبارك وتعالى، فبينما هو كذلك إذ خرج مَلَكٌ مِن الحجاب، فقال رسول اللَّه: يا جبرئيل! مَن هذا؟

قال: والذي بعثك بالحقِّ، إنّي لَأقرب الخَلْق مكاناً، و إنَّ هذا المَلَك ما رأيته منذ خُلِقتُ قبل ساعتي هذه.

فقال المَلَك: اللَّه أكبر، اللَّه أكبر.

قال: فقيل له مِن وراء الحجاب: صَدَقَ عبدي، أنا أكبر، أنا أكبر.

ثمّ قال المَلَك: أشهد أن لا إله إلَّا اللَّه.

قال: فقيل له مِن وراء الحجاب: صدق عبدي، أنا لا إله إلَّا أنا.

ثمّ قال المَلَك: أشهد أنَّ محمّداً رسول اللَّه.

فقيل له مِن وراء الحجاب: صدق عبدي، أنا أرسلتُ محمّداً.

ثمّ قال المَلَك: حيَّ على الصلاة، حيّ على الفلاح [ وفي مجمع الزوائد زيادة: قد

٣٦

قامت الصلاة، قد قامت الصلاة ]. ثمَّ قال الملك: اللَّه أكبر، اللَّه أكبر.

فقيل له مِن وراء الحجاب: صَدَق عبدي، أنا أكبر، أنا أكبر.

ثمّ قال: لا إله إلَّا اللَّه.

قال: فقيل مِن وراء الحجاب: صدق عبدي، أنا لا إله إلَّا أنا.

قال: ثمّ أخذ المَلَك بيد محمّد فقدَّمه فأمَّ أهل السماء، فيهم آدم ونوح.. انتهى.

[ وفي مجمع الزوائد زيادة: قال أبو جعفر محمّد بن عليّ: فيومئذٍ أكمل اللَّه لمحمّد الشرف على أهل السماوات والأرض (47) ].

وروى الطبرانيّ في الأوسط عن ابن عمر: (أنَّ النبيّ لمّا أُسرِيَ به إلى السماء أُوحي إليه بالأذان، فنزل به فعلَّمه جبرئيلَ) (48) .

وروى ابن مردويه عن عائشة مرفوعاً: لمّا أسري بي أذّن جبرئيل فظنّت الملائكة أنّه [ أي جبرئيل ] يصلّي بهم، فقدّمني فصلّيت (49) .

الخامس:

إنّ عمر أوّل من سمع أذان جبرئيل ثمّ بلال: جاء في مختصر إتحاف السادة المهرة بزوائد العشرة للبوصيري: عن كثير ابن

____________________

(47) نصب الراية 1: 260، مجمع الزوائد 1: 328 كتاب الصلاة باب بدء الأذان. وانظر فتح الباري في شرح صحيح البخاري لابن رجب الحنبلي 3: 396 وقال السهنلي: وأخلق... لما يعضده ويشاكله من حديث الإسراء. انظر البداية والنهاية 3: 285.

(48) الأوسط للطبرانيّ 10: 114 ح 9247، 9243 مجمع الزوائد 1: 329 كتاب الصلاة باب بدء الأذان وفيه: (رواه الطبراني في الأوسط، وفيه طلحة بن زيد ونسب إلى الوضع).

(49) السيرة الحلبية 2: 296 وفيه: قال الذهبي: حديث منكر، بل موضوع.

٣٧

مرة الحضرميّ، أنَّ رسول اللَّه قال: أوّل مَن أذَّن في السماء جبرئيل (عليه السلام)، قال: فسمعه عمر وبلال، فأقبل عمر فأخبر النبيَّ بما سمع، ثمّ أقبل بلال فأخبر النبيَّ بما سمع، فقال له رسول اللَّه: سبقك عمر يا بلال، أذِّن كما سمعت، قال: ثمَّ أمره رسول اللَّه أن يضع إصبعَيه في أُذنَيه استعانةً بهما على الصوت. رواه الحارث بن أُسامة مرسلاً بسند ضعيف لضعف سعيد ابن سنان (50) .

السادس:

إنّ الأذان نزل به جبرئيل على آدم لمّا استوحش. جاء في كشف الغُمَّة للشعراني:... وكان كعب الأحبار يقول: قال رسول اللَّه: لمَّا نزل آدم بأرض الهند استوحش فنزل جبرئيل فنادى بالأذان، فزالت عنه الوحشة.

فقال جبرئيل: اللَّه أكبر اللَّهُ أكبر، أشهد أن لا إله إلَّا اللَّه - مرّتين، أشهد أنَّ محمّداً رسول اللَّه - مرّتين.

قال آدم: مَن محمّد؟

قال: آخِر ولدك مِن الأنبياء (51) .

قال عليّ بن برهان الدين الحلبي في سيرته: أقول: ومن أغرب ما وقع في بدء

____________________

(50) إتحاف السادة المهرة 1 - 2: 317 كتاب الأذان باب بدء الأذان وصفته ح 983، السيرة الحلبية 2: 302 وفيه: (وروي بسندٍ واهٍ أن أوّل من أذن بالصلاة جبرئيل في سماء الدنيا، فسمعه عمر وبلال (رضي اللَّه عنهما) فسبق عمر بلالاً فأخبر النبي ثمّ...).

(51) كشف الغمّة 1: 96 كتاب الصلاة باب الأذان وفضله. وانظر: قريباً منه في حلية الأولياء 5: 107 ترجمة عمرو بن قيس الملائي عن أبي هريرة.

٣٨

الأذان ما رواه أبو نعيم في الحلية بسند فيه مجاهيل أنّ جبرئيل نادى بالأذان لآدم حين أُهبط من الجنَّة (52) .

ثمّ قال الحلبي:

وبهذا يعلم ما في الخصائص الصغرى (خُصّ (صلّى الله عليه وآله) بذكر اسمه في الأذان في عهد آدم وفي الملكوت الأعلى) واللَّه أعلم (53) .

هذا ما قاله أهل السنّة والجماعة في بَدء الأذان، ولكنْ.. ما هي رؤية أهل البيت: في قضيّة بدء تشريع الأذان؟ هذا ما سنتعرّف عليه في الصفحات التالية.

____________________

(52) السيرة الحلبية 2: 297.

(53) السيرة الحلبية 2: 302.

٣٩

أهل البيت وبدء الأذان

اتّفقت نصوص أهل بيت النبوّة - المرويّ منها عن طريق الإماميّة الاثني عشريّة أو الإسماعيليّة أو الزيديّة - على أنّ بدء الأذان قد كان في الإسراء. وإليك بعض نصوصهم في هذا السياق:

الإمام عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) (ت 40 هـ):

جاء في صحيفة الرضا عليه السلام ، عن آبائه، قال: (قال عليّ بن أبي طالب: لمّا بُدِي رسول اللَّه بتعليم الأذان، أتى جبرئيل بالبُراق فاستعصت عليه، فقال لها جبرئيل: اسكُني برقة! فما ركبك أحد أكرم على اللَّه منه، فسكنت. قال رسول اللَّه: فركبتها حتّى انتهيت إلى الحجاب الذي يلي الرحمن عَزَّ [ربُّنا] وجَلَّ، فخرج مَلَكٌ مِن وراء الحجاب، فقال: اللَّهُ أكبر، اللَّهُ أكبر؛ فقال (صلّى الله عليه وآله): قلت: يا جبرئيل! مَن هذا المَلَك؟

قال [جبرئيل]: والذي أكرمك بالنبوّة ما رأيتُ هذا الملَك قبل ساعتي هذه.

فقال المَلَك: اللَّهُ أكبر، اللَّهُ أكبر؛ فنودي مِن وراء الحجاب: صَدَق عبدي، أنا أكبر، أنا أكبر.

قال (صلّى الله عليه وآله): فقال المَلَك: أشهد أن لا إله إلَّا اللَّهَ، أشهد أن لا إله إلَّا اللَّه؛ فنُودِي مِن وراء الحجاب: صدق عبدي، [أنا اللَّه]، لا إله إلَّا أنا.

فقال (صلّى الله عليه وآله): فقال المَلَك: أشهد أنّ محمّداً رسول اللَّه، أشهد أنَّ محمّداً رسول اللَّه؛

٤٠