الأسرة وقضايا الزواج

الأسرة وقضايا الزواج0%

الأسرة وقضايا الزواج مؤلف:
تصنيف: الأسرة والطفل
الصفحات: 210

الأسرة وقضايا الزواج

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: الدكتور علي القائمي
تصنيف: الصفحات: 210
المشاهدات: 61931
تحميل: 6421

توضيحات:

الأسرة وقضايا الزواج
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 210 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 61931 / تحميل: 6421
الحجم الحجم الحجم
الأسرة وقضايا الزواج

الأسرة وقضايا الزواج

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

خاصة لدى الرجال ، هي كماليات المرأة.ذلك أن إنفاق الزوجة في هذا المضمار لا يكاد ينتهي بل إنّه قد يسجل خطاً بيانياً متصاعداً بمرور الأيام ، ممّا يزيد في أعباء الرجل وإرهاقه بالطلبات المستمرة ، الأمر الذي يؤدي به في بعض الحالات إلى أن يمد يده إلى الحرام ، وهي بداية انهيار الرجل وسقوطه ، وبالتالي سقوط وانهيار الأسرة في النهاية.

إنّ اعتدال المرأة في الإنفاق ، والحد من شراء الكماليات ، هو دليل على حسن نواياها تجاه زوجها وأبنائها ، الأمر الذي يهيىء جواً من الصفاء الروحي والسعادة.

نعم ، إنّ المال يحل العديد من المشاكل ويطفىء الكثير من الرغبات الملتهبة ، ولكنّه عاجز عن أن يهب الروح ذلك الشعور الهادىء بالطمأنينة والسلام.

٣ - هاجس المادة:

قد ينشب النزاع أحياناً بسبب هاجس الحياة المادية ، فقد يشعر البعض لدى سماعهم أو مشاهدتهم حياة الآخرين بالحقارة فيسعى ، ومن أجل التنفيس عن عقدته تلك ، إلى تفجير الوضع مع زوجه ، أو ربما يجنح الخيال ببعضهم فيصور له أنّه قد خسر في زواجه الكثير ، وأنّه قد تحطم ، ولذا يسعى إلى الانتقام من خلال النزاع مع شريك حياته ، وأنّه بذلك سيسترد كل ما قد خسره ، غافلاً عن أنّ النزاع سيأتي على البقية من عمره ، فمسلسل النزاع لا ينتهي ، وإذا انتهى فإلى الطلاق والانهيار الشامل للوجود العائلي.

٤ - المظاهر الفارغة:

يعصف النزاع في بعض الأحيان بسبب المظاهر الفارغة التي تنشأ عادة عن التنافس وهاجس التقدم والتحرك في ضوء ما تفرضه الموديلات الحديثة ، والخوف من التخلف في هذا الميدان !

فمثلاً يسعى أحدهم لشراء ساعة جميلة ، ذلك لأنّ ساعته تبدو قديمة في مقياس موضة اليوم.

٨١

أو تسعى إحداهن لشراء تحفة تضعها في أحد الرفوف تزيد في المنزل جمالاً وتكسبه رونقاً ، في غفلة عن أنّ جمال البيت الحقيقي هو في شيء آخر ينبض بالحياة لا في تلك الأشياء الميّتة.

إنّ اللهاث وراء المظاهر الفارغة لا يكسب المرء شأناً ولا يمنحه قيمة ، بل إنّ بعض النزاعات التي تحطّ من قدر الإنسان وسمعته إنّما تنشأ بسبب تلك المظاهر التافهة.

٥ - الطموح اللامعقول:

هناك بعض النساء يطمحن إلى أشياء لا يمكن تحقيقها ، إذا أخذن بنظر الاعتبار وضع أزواجهن المعاشي ، ولذا فإنّ طلباتهن لا تنتهي ، ولا تقف عند حدّ معين ، ولأنّ تنفيذ هذه الطلبات خارج عن إمكانات الزوج ، عند ذلك يبدأ النزاع.

من الخطأ أن تمد المرأة يدها دائماً إلى الرجل وتطلب منه أن ينفّذ لها ما تطمح إليه.إنّ عزة المرأة وكرامتها تكمن في استغنائها عن الرجل وعدم الإلحاح عليه في الطلب.لقد ورد في كتب التاريخ أنّ فاطمة الزهراء لم تطلب من زوجها - سلام الله عليها - شيئاً.

إن الرجل العاقل ليدرك ما تطمح إليه زوجته ، ولذا فهو يسعى - حتى إذا لم تطلب منه ذلك - إلى تحقيق طموح زوجته.

ما جدوى الطموحات التي تكون آثارها معاناة وعذاباً للطرف الآخر ، أو ربّما سقوطه في بؤرة الحرام ؛ كل ذلك من أجل تأمين تلك الطلبات وتحقيق تلك الطموحات.

٦ - سوء الظن:

قد يعصف النزاع في الحياة الزوجية - خاصة لدى الشباب - انطلاقاً من سوء الظن ، فقد نجد المرأة - مثلاً - تشكك بأنّ زوجها ينفق مرتبه أو ما يكسبه من المال في التسكع والعبث واللهو ، أو في موارد أخرى لا تعرفها.

٨٢

وقد يظن الرجل بأنّ زوجته تنفق المال ، المقرر لتغطية نفقات البيت ، في موارد تافهة أو تدخره لأمور يرفضها تماماً.ومثل هكذا مشاكل يمكن حلها من خلال حوار هادىء ، لحساب الدخل وما يتطلبه المنزل من نفقات ، كما يمكن القضاء على جذور الشك تماماً من خلال مصارحة الزوجين بعضهما البعض ، وعدم الاحتفاظ بالأسرار التي لا طائل من ورائها سوى النزاع والمشاكل.

٧ - اللامبالاة:

نشعر بالأسف عندما نصادف اشخاصاً يعيشون في دنياهم دون شعور بالمسؤولية ودون أي اعتبار للآخرين ، وأكثر هؤلاء طبعاً ، إن لم نقل كلهم ، هم من المدمنين على الخمر أو المخدرات ، هؤلاء الذين لا همَّ لهم سوى أنفسهم ، ولا يحملون في أعماقهم الخاوية أي تفكير بأزواجهم وأولادهم.

إن أول بند في الحياة الزوجية هو الاشتراك والمشاركة في كل شيء ، فإذا كان هناك جوع فينبغي أن يجوع الجميع ، وإذا كان هناك فقر فينبغي أن يعمَّ الجميع ، وإذا كان هناك أمل فيجب أن يضيء قلوب الجميع.الأسرة وحدة واحدة لا تتجزأ ، وعلى الرجل - باعتباره المسؤول الرئيس - أن يكون همّه الأول زوجته وأبناؤه ؛ وعلى هذا فينبغي عليه أن يرفض حتى الولائم التي يدعونه إليها إذا عرف بأن أهله وعياله سيبقون دونما طعام ذلك اليوم.ليس من حقه أن يملأ معدته في حين يتضور عياله جوعاً.إن وجوده بينهم وتحمله للجوع والفقر باعث على بث الأمل والرجاء وروح التضامن في الأسرة.

لقد كان أمير المؤمنين عليعليه‌السلام امبراطوراً للشرق ولكنه كان يبيت جائعاً ( فلعل بالحجاز أو اليمامة من لا عهد له بالشبع ).

٨ - الفقر خنجر مسموم:

سرعان ما تلتئم جراح الجسد ، ولكن ما أصعب التئام جراح الروح.إنّ الفقر خنجر مسموم يصيب الكرامة في الصميم.ومع الأسف ، تقوم بعض النساء ، وبسبب فقر أزواجهن ، بصب اللعنات تلوَ اللعنات عليهم ، وتوجيه

٨٣

ذلك السلاح الرهيب ؛ لتصيب منهم مقتلاً ، وتحويلهم بالتالي إلى مجرد عبيد لا حول لهم ولا قوة.

وإذا ما حدث وخامر البعض إحساس بالمهانة وقام - ومن أجل الخلاص من هذا الوضع المزري - بارتكاب عمل حرام كالسرقة أو الاختلاس ، فإنّ مسؤولية المرأة في ذلك غاية في الوضوح.

٩ - عمل المرأة:

من أجل تغطية نفقات البيت ومواجهة أعباء الحياة تدخل المرأة ميدان العمل ، وبالرغم من أنّ هذا العمل سيعالج جانباً من المشاكل إلاّ أنّه سيكون باعثاً لمشاكل أخرى ، ذلك أنّ غياب المرأة عن البيت يعني غياب الدفء عن المنزل ، وغياب ذلك الحنان الذي يضم بين حناياه الأطفال ، وسيحدث خلل في ميسرة الحياة داخل المنزل ، فعودة الرجل والمرأة إلى البيت وهما مرهقان ثمّ تناولهما طعاماً مؤلّفاً من عدة شطائر أحضراها خلال عودتهما من العمل ، سيخلف بعض التراكمات في النفوس.

كما أن غياب المرأة عن المنزل يعني حضور الخادم أو الممرضة أو ، وهذا أيضاً يضيف إلى المتاعب قدراً آخر ممّا يؤدي في المدى البعيد إلى انفجار الوضع وانهيار الأسرة.

١٠ - الشعور بالغربة:

هناك العديد من المشكلات التي تحدث في الحياة الزوجية من جراء الإحساس والشعور بالغربة ، فمثلاً يمد الرجل يده إلى شيء في البيت فتعترضه زوجته قائلة: إنه يتعلق بي.إنّه مُلكي ، ولا يحق لك أن تتصرف به أو حتى أن تلمسه.وربّما ودّت المرأة أن تبدي رأيها في موضع ما فينهرها الرجل قائلاً: ليس من حقك التدخل في هذا الموضوع ، إنّه لا يتعلق بك لا من قريب ولا من بعيد.

إن الحياة الأسرية تعني الحياة المشتركة تحت سقف واحد ، تعني

٨٤

ذوبان الزوجين واشتراكهما في كل شأن وفي كل شيء.إنّ أُولى مستلزمات الحياة المشتركة هي غياب ضمير الأنا في التفكير والممارسة والحديث ، فالحياة الزوجية أشبه ما تكون برحلة يقوم بها صديقان حيث تتطلب منهما التعاون في كل شيء وفي كل عمل.

حديث في عمل المرأة:

لا يمنع الإسلام المرأة من العمل إذا تمكنت من رعاية الموازين الشرعية والأخلاقية ، ولم يكن هناك ما يخدش عفتها.ومع كل ذلك ، فإنّ الآثار التي تترتب على عمل المرأة كغياب الدفء العائلي ، وإهمال الأطفال وتركهم ضائعين ، إنّ كل هذه الآثار ينبغي أن تؤخذ بنظر الاعتبار.

الرجل هو المسؤول عن تأمين الجانب المعاشي في الأسرة ، وللمرأة وظيفتها في إدارة المنزل ، وقد عيّن لها الشرع والقانون حقوقها كاملة ، هذا من ناحية ، ومن ناحية أخرى فقد أثبتت الدراسات والبحوث أنّ عمل المرأة وإجهادها قد يصل بها إلى تجاوز الحياة الجنسية ، وإيثار النوم لتوفير ساعة من الراحة ممّا يترتب على ذلك الكثير من الآثار.

إن محاولة تغطية بعض نفقات البيت لا يبرر للمرأة إقدامها على العمل وضرب النظام ، وقيامها بعمل ليس من واجبها وتركها لواجب أهم بكثير مما تؤديه خارج المنزل.وإذا كانت المرأة تستهدف من وراء عملها توفير بعض متطلبات الحياة الأسرية ، فماذا تفعل إزاء النزاع الذي يهدد الأسرة كلها بالدمار ؟!.

لقد خلقت المرأة لتكون نبعاً فيّاضاً من الحنان والحب ، من أجل أن تقوم بواجبها في تربية جيل كريم وشجاع ، وأن بعض الأعمال تتناقض وواجبها الأصلي أو تقضي عليه.

قد تقتضي الضرورات أن تشارك المرأة وتدخل ميدان العمل في حقول التعليم أو الطب أو التضميد ، ومع كل ذلك ينبغي عليها مراعاة عملها الأساس في تربية أبنائها وتنشئتهم النشأة الصحيحة.

٨٥

الاعتدال في الإنفاق:

ينبغي رعاية جانب الاعتدال في الإنفاق وعدم الإسراف ، واعتبار المال والطعام والكساء مجرد وسائل وليست أهدافاً تستحق اللهاث وراءها ، والسقوط في دائرة الحرام من أجلها ، وقد نهى الإسلام عن الإسراف في الطعام واللباس ، ودعا إلى سلوك الطريق الوسط ؛ فخير الأمور أوسطها ، وفي نفس الوقت الذي ينهي فيه عن الإسراف والتبذير ينهى أيضاً عن البخل والتقتير ، بل يعتبره سوء ظن بالله سبحانه.

وفي هذا الجانب تلعب المرأة دوراً بارزاً حيث تقوم ، ومن خلال حسن إدارتها ، بتوفير أشياء كثيرة بوسائل بسيطة مما يمكنها من توفير بعض المال تحسّباً للمستقبل.وعلى الرجل إذا كان متمكناً أن لايقصّر في الإنفاق على زوجته وأولاده وفي الحدود المعقولة.

تحمل أعباء الحياة:

الحياة نوع من الواجب الذي ينبغي تحمله بالرغم من كل المعاناة في ذلك ، ومن الخطأ أن نتّكل على غيرنا في تحمل أعباء الحياة أو نطلب من الآخرين - أصدقاء وأقرباء - أن يحملوا عنا همومها.

صحيح أنّ الفقر يجعل من الحياة مرّة صعبة التحمّل ، ويخلق نوعاً من المعاناة ، إلاّ أنّ هناك الكثير من الشباب الذين تزوجوا انطلاقاً من الأخلاق والروح ، يحب بعضهم بعضاً إلى درجة العبادة ، بالرغم من أنّ أغلبهم يبيتون دون طعام أو يكتفون بكسرة خبز.

الفقر وضيق ذات اليد قد يتسبب في إيجاد المعاناة ، ولكنه ليس مبرراً للنزاع ، وأنّ على الرجل والمرأة أن يتحمّلا أعباء الحياة ، وأن يصبرا على الجوع والظمأ ، وأن يجعلا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأزواجه نصب أعينهم دائماً ، فقد كانت بعض نسائه يبتن جائعات لأنّهنّ لم يكنّ ليجدن ما يسد به الرمق ، بل قد تمر أيام فلا يشاهد أثر لدخان طبخ.

٨٦

وهذا الجانب يحظى بأهمية فائقة في الحياة الزوجية ، إذ ينبغي أن تكون أسس الزواج أسمى من كل الحاجات المادية وأن يواجه الزوجان كل مصاعب الحياة بروح من الصبر والتحمّل وأن لا تكون مظاهر الحياة الفارغة التافهة سبباً في تقويض الأسرة والعائلة ، وأن تكون الآية الكريمة في قوله تعالى:( فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً *إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً ) نصب أعينهم على الدوام.

٨٧

الفصل التاسع

الزواج الثاني

تتطلب الحياة المشتركة في الأسرة انسجاماً في الفكر ورعاية كل من الزوجين للطرف الآخر ، ذلك أنّ السعادة في الحياة العائلية إنّما تقوم على التسامح والتضحية والحب ، فالرجل يتحمّل في ذلك مسؤولية كبرى ، كذلك المرأة لها دورها الفاعل في إشاعة الدفء في الجو العائلي وتربية الجيل.

فالحياة الزوجية والأسرة تحتاج في تنظيم روابطها إلى اعتماد الأسس والضوابط الشرعية والعقلية، بعيداً عن جموح الرغبات والطموحات الفارغة ؛ فمنطق العقل ضروري جداً في إشاعة الاستقرار العائلي حتى لو اصطدم ببعض الرغبات والمشاعر.

الزواج الجديد والنزاعات:

من القضايا التي تؤدي إلى تفجير النزاع في الحياة الزوجية هو إقدام الرجل على الزواج مرة أخرى ، وقد يتفاقم الوضع ليتخذ شكلاً أكثر خطورة عندما نشاهد بناء أسرة جديدة على أنقاض أسرة أخرى.ولقد أيدت الشواهد أنّ النساء قد يتساهلن في العديد من المسائل ولكن عندما يصل الأمر إلى إقدام الرجل على الزواج الثاني فإنّهن يرفضن ذلك بشدّة ، إذ إنّ المرأة تعتبره شكلاً من أشكال الخيانة ، التي لا يمكن تحملها أو السكوت عليها.وما أكثر الأسر التي تقوضت وعصفت بسعادتها الرياح بسبب إقدام الرجل مرة أخرى ، ذلك لأنّ المرأة تعتبر قدوم الزوجة الأخرى سيفاً مسلّطاً فوق رغبتها ، كما أنّها تنظر إلى الرجل من خلال ذلك ، باعتباره مجرد

٨٨

متصاب يحاول استعادة أيام الشباب.ويبقى إقناع المرأة بذلك ، بالرغم من احتمال وجود مصلحة شرعية واجتماعية وأخلاقية ، أمراً صعباً إذا لم نقل مستحيلاً ، فلقد بقي حل تلك المعضلة العويصة مستعصياً على الرجال طوال التاريخ.

أسرار النزاع:

ما أن تحل الزوجة الجديدة حتى يسود المنزل جو متوتر وهدوء مشوب بالحذر ، ثمّ سرعان ما ينفجر الموقف ليكون بداية لنهاية مأساوية وإذا ما أردنا الغوص في بواعث النزاعات التي تنجم عن الزواج الثاني فيمكن الإشارة إلى ما يلي:

١ - طبيعة المرأة:

إن المرأة ذلك المخزون الهائل من العاطفة والحنان الذي تتجلّى عظمته في تربية الجيل لا يمكنها تحمل منافس أو شخص يحاول القيام بدورها ، أو تقويض نفوذها في المنزل ، ولذا - ومع دخول المرأة الأخرى إلى منزلها - يستقيظ في أعماقها الحقد والغيظ ولا يمكن السيطرة عليه ، بل إنّ الأمر قد يصل حداً يمنعها حتى من الترحيب بذلك الضيف الجديد ، إن لم نقل رفضه ومواجهته بأعنف الوسائل.

٢ - خمود الحب:

للحب دور فاعل في تعزيز وتمتين الروابط الأسرية ، ذلك أنّ الألفة والأنس إنّما ينبعثان من الحب ، كما أنّ كل تضحية وفداء وتسامح يقف وراءه الحب كدافع أساسي في ذلك.ولذا فإن الإقدام على الزواج الثاني سوف ينسف هذه القاعدة المتينة ، ذلك أن المرأة ستتصور نفسها وقد أخفقت في علاقتها وأن زوجها لا يضمر لها أي قدر من الحب ، وعندها تتحفز روح المقاومة في نفسها ويبدأ عهد جديد من الحياة القلقة المتزلزلة.

٨٩

٣ - الشعور بالضعف:

تشعر المرأة بالانهيار النفسي والعجز لدى إقدام زوجها على الارتباط بامرأة أخرى ، وذلك أنّها تشعر وكأنّها قد فشلت فشلاً ذريعاً في الاحتفاظ برجلها ممّا مكّن الآخرين من اختطافه ، وهذا ما يولّد في نفسها الشعور بالضعف والخور ، فتتجه إلى نفسها باللوم أو تتوجه به إلى زوجها وتتهمه بعدم الوفاء ، وبالتالي بدء عهد من المشكلات والنزاعات.

٤ - الغضب:

تشعر المرأة بالغضب عندما ترى زوجها ولا همّ له إلا تلبية رغباته والبحث عن امرأة أخرى ولديه من المال والثراء ما يمكنه من تحقيق رغباته وشهواته ؛ ويقوم الرجل من أجل تحقيق أهدافه تلك بالتضييق على زوجته وافتعال المشاكل أو خداعها بمختلف الوسائل ، وهناك الكثير من النساء من هن خبيرات بذلك فيعمدن إلى المقاومة والاستعداد للنزاع.

٥ - استغلال القوة:

قد تنشأ النزاعات بسبب محاولة الرجل استغلال القوة في تنفيذ إرادته ، وإشباع رغبته في التسلط ، فيبدأ - مثلاً - بإعلان عزمه على الزواج من امرأة أخرى ، ثمّ يبدأ بتنفيذ وعيده دون اكتراث بموقف زوجته ورأيها في ذلك ، وهكذا يبدأ العراك والصراع وينقلب نظام البيت رأساً على عقب ، كل ذلك من أجل تنفيذ رغبته في التسلط والسيطرة.

٦ - غياب العدالة:

تعود جذور العديد من النزاعات إلى الظلم وانعدام العدالة في الحياة الزوجية ، ولعل المسألة تتجلى بوضوح لدى إقدام الرجل على الزواج الجديد ، فالقضية ليست بهذه السهولة التي قد يتصورها البعض ، حتى أننا نرى القرآن الكريم يحذّر من الزواج إذا انجر إلى الظلم وانعدام العدالة ؛ قال تعالى في محكم كتابه:( فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً ) .

٩٠

إن الزواج الجديد لا بدّ وأن يزلزل الزوجة الأولى ويزحزحها عن موقعها السابق ، ولا بدّ أن يكون هناك غياب في العدل في التعامل بين الزوجين ومعاشرتهما ، وحتى في توفير بعض مستلزماتهما ، وإذا أمكن لأحدهم أن يكون عادلاً في كل ما ذكرناه فكيف له أن يعدل في حبّهما ومودّتهما ، وهذا القرآن يصرح في قوله تعالى:( وَلَن تَسْتَطِيعُواْ أَن تَعْدِلُواْ بَيْنَ النِّسَاء وَلَوْ حَرَصْتُمْ ) .وفي الروايات تحذيرات شديدة من الظلم في الحياة الزوجية ، خاصة في هذا الجانب البالغ الحساسية.

٧ - الحياة القلقة:

ما أكثر النزاعات الزوجية التي تنشب إثر الزواج الجديد ، فتتحول معاملة الرجل لزوجته الأولى إلى شكل من أشكال التعذيب النفسي ، حيث يبقيها معلّقة لا هو يمسكها بمعروف ولا هو يسرّحها بإحسان ، وعلاوة على أنّ هذه المعاملة تعتبر عملاً جباناً فإنّها تخلق لدى المرأة الشعور بالمهانة والإذلال المتعمدين ، ممّا يدفعها إلى التمرد والنزاع في محاولة لدفع الرجل إلى الشعور بمسؤوليته تجاهها أو تقرير مصيرها على الأقل.

٨ - تحريض الآخرين:

ربما يشتعل النزاع بسبب تحريضات يقوم بها الآخرون ، كما نشاهد ذلك لدى بعض النسوة سواء كن جاراتها أو من صديقاتها أو قريباتها ، وعندما تصغي المرأة إلى مثل هؤلاء فإنّ مشاعرها تتغير تدريجياً تجاه زوجها ، الأمر الذي يهيء الظروف لنشوب نزاعات لا حدَّ لها ولا نهاية.

وينبغي مكافحة مثل هذه التحريضات كما تفعل المبيدات بالحشرات السامة والضارة.إنّ البعض من الناس - ومع الأسف - يرى سعادته في مشاهدة الدموع في مآقي الآخرين ، ويرى راحته في سلب الراحة من بيوت الآخرين.

آثار النزاع في الأسرة:

تؤدي النزاعات بشكل عام إلى القضاء على حالة المودّة والأُلفة التي

٩١

تسود الأسرة ، إذ يحل محلّها الضغينة والحقد ، وإذا ما استمرت هذه الحالة فإنّ تراكم ذلك سوف يهدد أمن الأسرة واستقرارها.

هذا على صعيد الزوجين ، أمّا على صعيد الأطفال فإنّ الآثار تتخذ أشكالاً تهدد تربيتهم وتنشئتهم في الطريق المنشود ، فالنزاع يسمم جو الأسرة كما أنّ دخان المعارك لا بدّ وأن يحرق عيونهم ، إن لم نقل بأنّه سيخنقهم ويقضي على مستقبلهم.

إن النزاع في الحياة الزوجية يهدد شعور الأطفال بالأمن ، ويخلق لديهم حالة من الشعور بالخوف ، ممّا يشكّل خطراً على نموهم الروحي.

وتحدث الطامّة الكبرى عندما يؤدي النزاع إلى الطلاق والانفصال ، إذ يصل الأمر أخيراً إلى أخطر مراحله ويفقد الأطفال تماماً شعورهم بالأمن ويسلبهم ذلك الجو الدافىء الذي كانوا ينعمون في أحضانه ويتحولون إلى كرات يتقاذفها هذا وذاك ، يقضون وقتهم بانتظار من يمد لهم يداً تساعدهم أو تمسح على رؤوسهم.

حق المرأة:

إن تعدد الزوجات لا يعد امتيازاً للرجل إذا انطوى على مصلحة اجتماعية وأخلاقية ، فتعدد الزوجات يمكن تفسيره على أنّه حق للمرأة أيضاً إذا أخذنا بنظر الاعتبار المسألة الاجتماعية كلها لتشمل الدائرة نساء المجتمع ، وعلى المرأة أن لا تفكر بنفسها فقط ، فهناك من لا تجد من يعيلها ، وهناك من لا تجد المأوى الذي تلجأ إليه ، أليس من واجب المرأة هنا أن تفسح مجالاً لغيرها ؟ أليس من حق كل امرأة أن تشكل الأسرة ؟ إذا أضفنا هذا الجانب إلى جميع حسابات المسألة فيمكن أن نطرح تعدد الزوجات على أنّه حق للمرأة وليس حقاً للرجل فقط.

المبررات:

هناك مبررات عديدة لتعدد الزوجات منها: المرض المزمن ، العقم ، صيانة المرأة من الانحراف والسقوط الأخلاقي ، ومع كل ذلك تعتبر بعض

٩٢

النساء وفود المرأة الأخرى بمثابة احتلال ، ويتحول المنزل إلى ساحة حرب مدمّرة.إنّ على المرأة أن تحكّم عقلها في هذه المسألة وأن تأخذ مصلحة أطفالها بنظر الاعتبار ، ذلك أنّ الرجل إذا ما شعر بحاجته إلى امرأة أخرى فمن الأفضل أن يتمّ الأمر بعلم زوجته وإلاّ فإنّها سوف تفاجأ ذات يوم بما لا يحمد عقباه ؛ لأنّ الرجل سوف يجنح إلى وسائل عديدة لتأمين حاجته تلك وقد ينتهي بعضها بفضيحة مخجلة للأسرة كلها.

مساوىء المنع:

إن رفض المرأة لإقدام زوجها على اختيار امرأة أخرى لن يحل المشكلة ، بل سيعقّدها ويجعل من الحياة الزوجية سلسلة من النزاعات والصراعات المريرة ، إضافة إلى أثره في نشر الفساد الأخلاقي والأمراض النفسية ، وقد يؤدي الأمر في بعض الأحيان إلى فرار المرأة من المنزل ، إنّ موافقة المرأة على خطوة زوجها ربّما يعتبر أفضل الحلول لحفظ الاسرة من الأنهيار إضافة إلى أثره في الحد من توسع الفساد الخلقي والفحشاء.

حديث مع الرجال:

تعتبر المرأة وفود أخرى ومشاركتها لزوجها تهديداً مصيرياً ، ذلك أنّها تنظر إلى زوجها وكأنّه قد اعتبرها مجرد سلعة قديمة أو شيئاً استنفذ أغراضه ، ومع الأسف فهناك من الممارسات ما يؤيد هذه النظرة.إنّ انعدام العدالة في التعامل ، والظلم الذي يرتكبه الرجل بحق الزوجة الأولى هو أساس أكثر النزاعات التي تنشب في الحياة الأسرية.

إنّ تعامل الرجل يجب أن يكون بمستوى الإنسانية على الأقل ، وأن لا يقدم الرجل على جرح عواطف زوجته أو يعرّضها وأولادها إلى الشعور بالضياع والحرمان ؛ وأخيراً فإنّ إقدام الرجل على اختيار امرأة أخرى لا يعني أهمال زوجته الأولى وحرمانها من حقوقها ، وسقوطها من قائمة الحسابات.

٩٣

الفصل العاشر

بواعث أخرى

استعرضنا في فصول سابقة جانباً من الأسباب المهمة التي تؤدي نشوب النزاع في الحياة الزوجية ، وفي هذا الفصل سوف نتناول طائفة من إلى الأسباب الأخرى التي يمكن أن تكون باعثاً على النزاع بين الزوجين ، وخاصة لدى الشباب ، وقد تبدو هذه الأسباب ثانوية أو هامشية ، إلاّ أنّها تكشف عن الجانب العجيب في الطبيعة البشرية:

أ - على صعيد الممارسة الذاتية:

١ - عدم القناعة:

عدم القناعة قد يرافق الإنسان منذ طفولته ، إذ أننا نشاهد أفراداً لا يقنعون بحقهم بل أنّها يتجاوزون حدهم ويطلبون من الآخرين أن يوافقهم في ذلك ، فإذا ما حدث العكس ثاروا في وجوههم وكأنّهم أصحاب حق ، فيبدأ فصل من النزاع.

٢ - البحث عن العيوب:

قد ينشب النزاع في بعض الأحيان بسبب البحث عن العيوب أو التنقيب عن النقائص ، فترى أحد الزوجين ولاهمَّ له سوى نصب الكمائن والترصد ومراقبة الطرف الآخر ، فإذا وجد زلّةً شهّر به.وهذه العادة تدفع بالزوج أو الزوجة إلى الكراهية والحقد والعداء ، ولا ينجم عنها سوى الشعور بالمهانة والإذلال ، وربما دفعت بالضحية إلى التمرد والنزاع.

٩٤

٣ - التقريع واللوم:

أن نتصور الزوج أو الزوجة إنساناً معصوماً عن الخطأ أمر بعيد عن الواقع ، فالإنسان مخلوق يخطىء ويصيب ، يمشي ويكبو ، بالرغم من السعي نحو الكمال والتكامل ومحاولة الحد من الأخطاء.إذن ، فإنّ احتمالات الخطأ واردة وهي طبيعية جداً ، فإذا صدر خطأ ما فلا يستحق الأمر تقريعاً أو لوماً يعكر من صفو الحياة.

٤ - الطموح اللامعقول:

وهذا أمر عادة ما يقود إلى نشوب النزاع ، فقد يؤكد أحدهما مثلاً على ضرورة الإفراد في التمجيد والاحترام ، والمظاهر الفارغة ، وتقليد الآخرين والزواج الجديد ، والإفراط في مسائل الذوق.

ب - على صعيد العلاقة المشتركة:

ينبغي أن تكون العلاقة الزوجية قائمة على المودّة والألفة والطمأنينة وتربية الجيل ، غير أنّ هناك أسباباً صحية أو اجتماعية تؤثر على مستوى العلاقة الزوجية وتقود أحد الزوجين إلى تناسي الآخر وعدم الاهتمام به ، ومن بينها العجز الجنسي، وغياب الانسجام واضمحلال العاطفة ، الأمر الذي يؤدي إلى التنازع.

كما أن الإعراب عن الاستعداد لتلبية الحاجة الجنسية قولاً وعملاً أمر ضروري ، حتى لو كان هناك إرهاق بسبب العمل أو السفر ، وأن يكون هناك نوع من التضامن بين الزوجين ومحاولة كل منهما دعم الآخر ، فالمكاسب التي يحصل عليها أحد الطرفين لا بد وأن تشمل الآخر.

إن روح الاستعلاء والرغبة في إبراز النفس حالة تدعو إلى النفور ، خاصة في الحياة الزوجية ، ذلك أنّ هذه الروح تقضي على الصميمية في العلاقات.

إن محاولة أحد الطرفين لإثبات قدراته وامتيازاته يفجّر في قلب الآخر الشعور بالحسد والحقد ، الأمر الذي يجدُّ إلى النزاع.

٩٥

ج - مسائل خارجة عن الإرادة:

قد يحدث النزاع بسبب أشياء ليس للإنسان دخل في صنعها ، فمثلاً: تنجب المرأة بنتاً ، في حين يرغب الرجل أن يكون المولود صبياً.ممّا يدفعه إلى لوم زوجته والحط من شأنها ، في حين أنّ الأمر برمّته خارج عن إرادتها ، كما أنّ الوليد هو هبة من الله سبحانه سواء كان ولداً أم بنتاً.

وربما يحاول الأب وانطلاقاً من إيمانه بضرورة تنبيه ابنه أو ابنته كأسلوب تربوي ، ولكنّه يجد زوجته تقف سداً حائلاً دون ذلك ، فإذا حصل وارتكب الطفل خطأ ما صبّ الأب لَعَناتِه على زوجته ، واعتبرها السبب في كل ذلك.

د - الحياة الاجتماعية:

كثيرة هي الأسباب التي تفجّر النزاع في الحياة الزوجية في هذا المجال ، ومن جملتها:

١ - الفضائح:

إنّ قيام أحد الزوجين بكشف أسرار الآخر عند الآخرين أو محاولة تضخيمها ، ممّا يتسبب في إحداث فضيحة الأمر يؤدي إلى تزلزل الحياة الزوجية وتعريضها إلى الخطر.

لقد صوّر القرآن الكريم العلاقة بين المرأة والرجل بأدق التصاوير، وذلك في قوله تعالى( هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ ) فالمرأة ستر للرجل كما أنّ الرجل سترٌ للمرأة ، أحدهما يستر عيوب الآخر ونقائصه ، ولذا ففضح الأسرار تترتب عليه آثار لا تحمد عقباها أبداً.

٢ - المضايقات:

قد ينشب النزاع بسبب المضايقات المستمرة كإقدام الرجل - مثلاً - على فتح أبواب منزله لمن هبّ ودبّ من الأصدقاء والمعارف ، ما يحمّل المرأة أعباء استقبالهم والقيام على خدمتهم.

٩٦

أو تقوم المرأة بدعوة أهلها وأقربائها باستمرار ، ممّا يؤدي إلى إرهاق الرجل اقتصادياً ، ولذا فمن الواجب مراعاة هذه المسألة وأخذ الإمكانات بنظر الاعتبار ، واحترام الزوجين لمشاعر بعضهما البعض.

٣ - العلاقات الاجتماعية:

وهي مسألة ينبغي أن تخضع لضوابط عديدة ، وعلى الزوجين مراعاة ذلك ، خاصة في ما يتعلق بالروابط ومعاشرة الآخرين ؛ فليس من حقّ الرجل أن يقضي جلّ وقته مع هذا وذاك بعيداً عن المنزل ، فلا يعود إلا بعد منتصف الليل دون أن يحسب لزوجته حساباً ؛ كما ليس من حق المرأة أن تصرف أوقاتها مع هذه وتلك ، دون أدنى احترام واهتمام بزوجها أو منزلها. ومن الطبيعي أن تقود مثل هذه الحالات إلى البرود في العلاقات الزوجية ، ومن ثم تفكك الأسرة.

٤ - الانحرافات:

يتفجر الخلاف بين الزوجين أحياناً عندما يتعرض أحدهما إلى اتهام بالانحراف عن الطريق ، حيث يثور الآخرين من أجل كرامة الأسرة ، وقد ينشب العراك إذا فكّر أحد الطرفين بالانتقام من صاحبه ، وعلى أساس ما يسمعه من القال وسوء المقال ، وفي مثل هذه الحالات ينبغي التحقق بهدوء وموضوعية ومعالجة الأمر بتعقل بعيداً عن التوتر والتشنج.

٥ - تدخل الآخرين:

إنّ السماح للآخرين بالتدخل في الحياة الزوجية هو من أكبر الاخطار التي تواجه الأسرة ، خاصّة تلك التدخلات التي تتخذ جانب التحريض والإيحاء السلبي ، وفي هذه المناسبة سنشير إلى بعض صور هذا التدخل:

* الإعلان عن الرأي:

حيث يقوم والد المرأة أو الرجل بإسداء النصح فيما ينبغي فعله ، وقد تصطدم هذه الآراء مع آراء أحد الطرفين ، وعندها ينشب النزاع.إنّنا ننصح الآباء والأمهات وحتى الأخوة والأخوات بعدم التدخل في شؤون الأسرة التي تشكلّت حديثاً ، وأن يعطوا للزوجين فرصة لانتخاب

٩٧

الحياة التي يفضلانها.إنّ الهمس والتحريض والنصح ، الذي لا يجد تجاوباً من أحد الطرفين ، لا يؤدي إلى شيء سوى تفجير الوضع وخلق جو متوتر في حياة الأسرة الجديدة.

* الحسد:

وقد يأتي التدخل انطلاقاً من الشعور بالحسد ، فهناك - ومع الأسف - أفراد لا يمكنهم تحمل سعادة الآخرين ، ولذا يبدأون تحركهم لتعويض تلك السعادة من خلال التدخلات في حياة زوجين ممّا يخلق حالة من النفور بينهما ، وهناك الكثير من الوسائل الشيطانية التي يمكن من خلالها تعكير صفو الأسرة الناشئة:

* إظهار التعاطف:

يتخذ التدخل أحياناً شكلاً من أشكال التعاطف مع أحد الزوجين ، إذ يقوم أحدهم بإظهار تعاطفه وصداقته وحبه لأحد الزوجين لاكتساب ثقته ، وبعدها يقوم بعمله من خلال ذلك.فمثلاً يقول للمرأة: منذ زواجك وحالتك الصحية تسير نحو الأسوأ إنّ زوجك لا يليق بك أبداً إنّه يؤذيك ولا يعرف قدرك لو كان يعرف قدرك لفعل هذا ، وجاء بذاك.

إنّ الاصغاء لمثل هذه الأحاديث المسمومة تؤدي بطبيعة الحال إلى إضعاف العلاقات الزوجية وخلق حالة من أزمة الثقة وبالتالي بداية نشوب النزاع في الحياة الأسرية.

* انتظار الفرص المناسبة:

ربّما يحصل سوء تفاهم بين الزوجين يصل إلى أسماع الآخرين ، حيث تتنوع المواقف وتختلف ردود الفعل بين ناصح ومشفق ، وبين حاسد لا يبغي سوى تقويض العلاقات بينهما ، ولذا فهو يعتبرها فرصة ذهبية للهجوم على أحد الزوجين ، ونعته بأقذع الكلمات ، واتهامه بأنه لا يعرف قدر زوجه أبداً ، الأمر الذي يرضي الطرف الآخر ، وفي نفس الوقت يكون قد دقّ إسفيناً في حياتهما المشتركة ، وعندها تتعقّد المشكلة ويصعب حلّها.

٩٨

ه- عوامل أخرى:

وهناك جوانب أخرى تؤدي إلى النزاع ، منها الإصغاء لآراء الآخرين ؛ الميل وحب النزاع ، الجهل ، وجود بعض المشاكل ؛ الأمراض المزمنة التي تضعف من قابلية الإنسان على التحمّل ؛ الشعور بالمرارة التي تنشأ عن الخلافات خارج الأسرة ؛ وأخيراً الرغبة في التسلط وإثبات القدرة.

توصيات عامة:

الحياة الزوجية المترعة بالآلام والمشاكل ، الزاخرة بالنزاعات والأحقاد ، التي لا أثر فيها من حب أو احترام أو مودّة ؛ لا يمكن أن نعتبرها حياة ، فضلاً عن اعتبارها حياة أسرية ؛ ذلك أنّها تفتقد مقومات الأسرة ، حيث يغرق الطرفان في بحر من المآسي ويغرقان معهما أطفالهما.

إنّ على الزوج ، إذا كان يحب زوجته ، أن يقرر استيعابها وتحمّلها ، وانتهاج الطريق السليم الذي يصلحها.وعلى المرأة إذا كانت تفضل الحياة مع زوجها ، أن تتحمل بعض أخطائه من أجل أطفالها على الأقل.

إنّ تربية الأطفال ورعايتهم مسؤولية كبرى يجب أن يضحّي الزوجان في سبيلها ، وأن يتحمّل أحدهما الآخر من أجلها.

وأخيراً ، فإنّ النزاع ليس الوسيلة الوحيدة التي من شأنها إصلاح الأسرة ، بل هو معول هدّام لا يرحم ، يقوّض أساس الأسرة ويؤدي إلى انهيارها.

٩٩

١٠٠