الأقسام في القرآن الكريم

الأقسام في القرآن الكريم 22%

الأقسام في القرآن الكريم مؤلف:
تصنيف: مفاهيم القرآن
الصفحات: 173

الأقسام في القرآن الكريم
  • البداية
  • السابق
  • 173 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 50158 / تحميل: 7590
الحجم الحجم الحجم
الأقسام في القرآن الكريم

الأقسام في القرآن الكريم

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

وقال :( أَلا إِنَّ وَعْدَ اللّهِ حَقٌّ وَلكِنّ أَكْثَرهُمْ لا يََعْلَمُون ) (١)

وقال تعالى :( وَكَذلِكَ أَعْثَرْنا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوا أنّ وَعْدَ اللّهِ حَقّ ) (٢)

إلى غير ذلك من الآيات الّتي سَمَّى اللّه سبحانه فيها ذلك اليوم بوَعد اللّه

وشاهِد ومَشهود : اللفظان معطوفان على السماء ، والجميع قَسَم بعد قَسَم ، وأمّا ما هو المقصود ؟

فالظاهر أنّ الشاهد هو مَن عاين الأشياء وحضرها ، وأوضحه مِصداقاً هو النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؛ لأنّه سبحانه وصفه بكونه شاهداً ، قال :( يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً * وَداعِياً إِلى اللّهِ بِإِذْنِهِ وَسِراجاً مُنيراً ) (٣)

نعم ، تفسيره بالنبي الخاتمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من باب الجَري والتطبيق على أفضل المصاديق ، وإلاّ فله معنى أوسع ، يقول سبحانه :( وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ) (٤) ، فقد عدّ المؤمنين شهوداً على الأعمال ، فإنّ الغاية من الرؤية هي الشهود

وتدلّ الآيات على أنّ نبي كلّ أُمّة شاهد على أُمّته ، قال سبحانه :( وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلاَّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً ) (٥)

وأمّا المشهود ، فالمراد منه يوم القيامة ؛ لأنّه من صفات يومها ، قال سبحانه :

ــــــــــــــــ

(١) يونس : ٥٥

(٢) الكهف : ٢١

(٣) الأحزاب : ٤٥

(٤) التوبة : ١٠٥

(٥) النساء : ١٥٩

١٤١

( ذلِكَ يَومٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النّاسُ وَذلِكَ يَومٌ مَشْهُود ) (١) ، والمراد به :( ذلك يومٌ مجموعٌ له الناسُ ) أي : يُجمَع فيه الناس كلّهم ، الأولون والآخرون منهم ، للجزاء والحساب ، والهاء في ( له ) راجعة إلى اليوم( وَذلِكَ يَوْمٌ مَشْهُود ) ، أي : يَشهده الخلائق كلّهم ، من الجنِّ والإنس ، وأهل السماء وأهل الأرض ، أي يحضره

ولا يوصف بهذه الصفة يوم سواه ، وفي هذا دلالة على إثبات المعاد وحشر الخلق(٢)

هذا كلّه حول المُقسَم به ، وأمّا المُقسَم عليه ، فيحتمل أن يكون أحد أمرين :

أ ـ ( قُتِلَ أَصحابُ الأُخْدُود ) ، وفسَّره بقوله :( النّارِ ذات الوقُود ) ، أي : أصحاب الأُخدُود هم أصحاب النّار الّتي لها من الحَطَب الكثير ما يشتدّ به لهيبُها ، ويكون حريقها عظيماً ، ولهيبها متطايراً

ثُمّ أشار إلى وصف آخر لهم( إِذْ هُمْ عَلَيها قُعُود ) ، أي : أحرقوا المؤمنين بالنار وهم قاعدون حولها يُشرفون عليهم ، وهم يُعذّبون بها ، ويوضّحه قوله في الآية اللاحقة :( وَهُمْ عَلى ما يَفْعَلُونَ بِالْمُؤمِنينَ شُهُود ) ، أي : أُولئك الجبابرة الّذين أحرقوا المؤمنين ، كانوا حضوراً عند تعذيبهم ، يشاهدون ما يُفعَل بهم ، وفي هذا إيماء إلى قَسوَة قلوبهم ، كما فيه إيماء إلى قوَّة اصطبار المؤمنين وشدَّة جَلدهم ورَباطة جَأشِهم

وأمّا الصِلة بين ما حلف به من ( السماء ذات البروج ، واليوم الموعود ، وشاهد ومشهود ) ، وجواب القَسَم فهي : أنّه سبحانه حلف بالسماء ذات البروج ، والبروج آية الدفاع ، حيث كان أهل البلد يدافعون من البروج المبنيَّة على سور البلد عن بلدهم ، قال سبحانه :( وَلَقَدْ جَعَلْنا فِي السَّماءِ بُرُوجاً وَزَيَّنّاها لِلنّاظرين * وَحَفِظْناها مِنْ كُلّ

ــــــــــــــــ

(١) هود : ١٠٣

(٢) مجمع البيان : ٥/١٩١

١٤٢

شَيطانٍ رَجِيم ) (١)

فحلف سبحانه بالسماء ذات البروج في المقام ، مبيِّناً بأنّ اللّه الّذي كما يدفع بالبروج عن السماء كيد الشياطين ، كذلك يدفع عن إيمان المؤمنين كيد الشياطين وأوليائهم من الكافرين

ثُمّ أقسمَ باليوم الموعود ، الّذي يجزي فيها الناس بأعمالهم ، فهو يجزي أصحاب الأُخدُود بأعمالهم

وأقسمَ بالشاهِد الّذي يُشاهِد أعمال الآخرين ، وأقسمَ بمشهود ، أي كلّ ما يَشهده الشاهِد ، وهو أنّه سبحانه تبارك وتعالى يُعاين أعمالهم ويشاهدها

ويمكن أن يكون جواب القَسَم قوله سبحانه :( إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤمِنينَ وَالْمُؤمِناتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذابُ الْحَريق * إِنَّ الَّذينَ آمنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ لَهُمْ جَنّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهارُ ذلِكَ الْفَوزُ الكَبير ) (٢)

فاللّه سبحانه يوعد الكفّار ويعد المؤمنين

وأمّا وجه الصِلة فواضح أيضاً بالنسبة إلى ما ذكرنا في الوجه الأوّل ، ويُحتمل أن يكون الجواب قوله :( إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشدِيد * إِنَّهُ هُُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيد ) (٣)

والمناسبة تلك المناسبة ، فلا نُطيل

ويحتمل أن يكون الجواب محذوفاً ، تدلّ عليه الآيات المُتقدِّمة ، والمحذوف كالتالي :

إيعاد الفاتنين ووعد المؤمنين ، وهكذا

ــــــــــــــــ

(١) الحجر : ١٦ـ ١٧

(٢) البروج : ١٠ـ ١١

(٣) البروج : ١٢ـ ١٣

١٤٣

الفصل الثالث عشر : القَسَم في سورة الطارِق

حلف سبحانه بأمرين : بـ( السماء والطارق ) ، ثُمّ فسَّر الطارق بالنجم الثاقب

حلف بهما بُغية دعوة الناس إلى الإذعان بأنّ لكلّ نفس حافظ

قال سبحانه :( وَالسَّماءِ وَالطّارِقِ * وَما أَدْراكَ مَا الطّارِقُ * النَّجْمُ الثاقِبُ * إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمّا عَلَيْها حافِظ ) (١)

أمّا السماء : فقد مرّ البحث فيها

والطارق : من الطَرق ، ويُسمَّى السبيل طريقاً ، لأنّه يُطرَق بالأرجل ، أي يُضرَب ، لكن خُصّ ـ في العُرف ـ بالآتي ليلاً ، فقيل : إنّه طرقَ أهله طروقاً ، وعبّر عن النجم بالطارق ؛ لاختصاص ظهوره بالليل

النجم الثاقب : والثاقب الشيء الّذي يَثقب بنوره وإصابته ما يقع عليه ، قال سبحانه :( فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ ) (٢)

( إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمّا عَلَيْها حافِظ ) : فلفظة ( لمّا ) بمعنى إلاّ ، نظير قوله سبحانه :( وإنَّ كُلاً لَمّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ رَبُّكَ أَعمالَهُم ) (٣) ، ونظيره قولك : ( سألتُك باللّه لمّا فَعَلْت )

ــــــــــــــــ

(١) الطارق : ١ـ ٤

(٢) الصافّات : ١٠

(٣) هود : ١١١

١٤٤

والمراد من حافظ : هم الموكلون على كتابة أعمال الإنسان ، حسنها وسيِّئها ، يُحاسَب عليها يوم القيامة ويُجزَى بها

فالحافظ هو المَلَك ، والمحفوظ هو العَمَل ، قال تعالى :( وإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحافِظينَ * كِراماً كاتِبين * يَعْلَمُونَ ما تَفْعَلُون ) (١) ، ويحتمل أن يُراد من حافظ هو : القوّة الحافظة للإنسان من الموت وفساد البدن ، ولعلّه إليه يُرشِد قوله سبحانه :( وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً ) (٢)

والقوى الظاهريّة والمادّية والمعنويّة الّتي هي من جنود ربّنا ، والّتي وُكِّلت لحفظ الإنسان من الشرِّ إلى أن ينقضي عُمُره ، هم الحَفَظَة ، ولكنّ المعنى الأوّل هو الأنسَب

بقي هنا أمران :

الأوّل : إنّ المراد من النجم الثاقب هو كوكب زُحَل ؛ فإنّه من أبعد النجوم في مجموعتنا الشمسيّة الّتي يمكن رؤيتها بالعين المجرَّدة ، وقيل لزُحَل عشرة أقمار ، يمكن رؤية ثمانية منها بالناظور العادي

ولا يمكن رؤية الآخرين إلاّ بالنواظير الكبيرة

والظاهر أنّ المراد مُطلَق النجم الّذي يثقب ضوءه ، وإن كان زُحَل من أظهرِ مصاديقه

وأمّا المُقسَم عليه ، فهو قوله :( إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمّا عَلَيْها حافِظ )

وأمّا الصِلة بينهما فبالنحو التالي :

هو أنّ السماء العالية ، والنجوم الّتي تتحرَّك في مدارات مُنظَّمَة ، دليلُ النظم والحساب الدقيق ، فليَعلم الإنسان بأنّ أعماله أيضاً تخضع للحساب الدقيق ، فانّ هناك مَن يحفظ أعماله ويُسجّلها إن خيراً فخير ، وإن شرّاً فشَر ، وأنّها لمسؤوليّة عظيمة يحملها الإنسان ، إذ ما من أحد إلاّ وهو مراقَب ، تُكتَب عليه كلّ أعماله من المهد إلى اللحد ، فليس من شيء يضيع في هذه الدنيا أبداً

ــــــــــــــــ

(١) الانفطار : ١٠ ـ ١٢

(٢) الأنعام : ٦١

١٤٥

هذا إذا قلنا بأنّ المراد من ( حافظ ) هو حافظ الأعمال ، وأمّا إذا فسّرت مَن يحفظ الإنسان من الحوادث والمهالك ، فالصلة بالنحو التالي :

وهو أن للنفوس رقيباً يحفظها ويدبِّر شؤونها في جميع أطوار وجودها حتى ينتهي أجَلُها ، كما أنّ للسماء مدبِّراً لشؤونها بما تحتويه من أنظمة رائعة ومعقَّدة ، فالفضاء الكوني فسيح جدّاً ، تتحرّك فيه كواكب لا حصر لها بسرعة خارقة ، بعضها يواصل رحلته وحده ، ومنها أزواج تسير مثنى مثنى ، ومنها ما يتحرّك في شكل مجموعات ، والكواكب على كثرتها يواصل كلّ واحد منها سفره على بُعدٍ عظيم يفصله عن الكواكب الأُخرى

إنّ هذا الكون يتألّف من مجموعات كثيرة من الكواكب والنجوم تسمّى مجاميع النجوم ، وكلّها تتحرّك دائماً وتدور في نظام رائع

ومع هذا الدوران تجري حركة أُخرى ، وهي أنّ هذا الكون يتّسع من كلّ جوانبه ، كالبالون المُتَّخذ من المطّاط وجميع النجوم تبتعد في كلّ ثانية بسرعة فائقة عن مكانها ، هذه الحركة المُدهشة تَحدث طِبقاً لنظام وقواعد محكمة ، بحيث لا يصطدم بعضها ببعض ، ولا يحدث اختلاف في سرعتها(١)

ــــــــــــــــ

(١) الإسلام يتحدّى : ٥٨

١٤٦

الفصل الرابع عشر : القَسَم في سورة الفجر

حلف سبحانه في سورة الفجر بأُمورٍ خمسة :

١ ـ الفجر ، ٢ ـ ليالٍ عشر ، ٣ ـ الشَفْع ، ٤ ـ الوَتر ، ٥ ـ الليل إذا يَسر

وقال :( وَالْفَجْرِ * وَلَيالٍ عَشْرٍ * وَالشَّفعِ وَالْوَتْرِ * واللَّيلِ إِذا يَسْرِ * هَلْ في ذلِكَ قَسَمٌ لِذي حِجْر ) (١)

تفسير الآيات :

اختلف المفسّرون في تفسير هذه الأقسام إلى أقوال كثيرة ، غير أنّ تفسير القرآن بالقرآن يدفعنا إلى أن نُفسِّره بما ورد في سائر الآيات

أمّا الفَجْر : فهو في اللغة ، كما قال الراغب : شَقّ الشيء شقّاً ، قال سبحانه :( وَفَجَّرنا الأرضَ عُيُوناً ) ، وقال :( وَفجّرنا خلالها نَهْراً ) ، ومنه قيل للصبح الفجر ؛ لكونه يُفجِّر الليل ، وقد استعمل الفجر بصورة المصدر في فجر الليل ، قال :( أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْس إِلى غَسَقِ اللَّيل وَقُرآنَ الفَجْرِ إِنَّ قُرآنَ الْفَجْرِ كانَ مَشْهُوداً ) (٢) ، وقال سبحانه :( حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ

ــــــــــــــــ

(١) الفجر : ١ـ ٥

(٢) الإسراء : ٧٨

١٤٧

ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ ) (١) ، وقال سبحانه : ( سَلامٌ هِيَ حَتّى مَطْلَعِ الْفَجْر ) (٢)

وعلى ضوء هذا ، فلو كانت اللام للجنس ، فهو محمول على مطلَق الفجر ، أعني : انفجار الصُبح الصادق ، وإن كانت تشير إلى فجر ليل خاصّ ، فهو يتّبع القرينة ، ولعلّ المراد فجر الليلة العاشرة من ذي الحجّة الحرام

( وليالٍ عَشر ) : فقد اختلف المفسّرون في تفسير الليالي العشر ، فذكروا احتمالات ليس لها دليل

أ ـ الليالي العشر من أوّل ذي الحجّة إلى عاشرها ، والتنكير للتفخيم

ب ـ الليالي العشر من أوّل شهر محرم الحرام

ج ـ العَشر الأواخر من شهر رمضان ، وكلّ محتمَل ، ولعلّ الأوّل أرجَح

وأمّا الشَفْع : فهو لغة ضمّ الشيء إلى مثله ، فلو قيل للزوج شفع ، لأجل أنّه يضمّ إليه مثله

والمراد منه هو الزوج ، بقرينة قوله ( والوتر ) ، وقد اختلفت كلمتهم فيما هو المراد من الشفع والوتر

١ ـ الشَفع هو يوم النَفْرِ ، والوَتر يوم عرفة ، وإنّما أقسَمَ اللّه بهما لشرفهما

٢ ـ الشَفع يومان بعد النحر ، والوتر هو اليوم الثالث

٣ ـ الوتر ما كان وِتراً من الصلوات كالمغرب ، والشفع ما كان شفعاً منها

إلى غير ذلك من الأقوال الّتي أنهاها الرازي إلى عشرين وجهاً ، ويحتمل أن يكون المراد من الوتر هو اللّه سبحانه ، والشفع سائر الموجودات

ــــــــــــــــ

(١) البقرة : ١٨٧

(٣) القدر : ٥

١٤٨

  ( وَاللّيل إذا يَسر ) : أمّا الليل فمعلوم ، وأمّا قوله ( يَسْر ) ، فهو من سَرَى يسري ، فحذف الياء لأجل توحيد فواصل الآيات ، ويستعمل الفعل في السير في الليل ، كما في قوله سبحانه : ( سُبْحانَ الّذي أَسرى بِعَبْدِهِ لَيلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الحَرامِ إِلى الْمَسْجِدِ الأقصى ) (١) ، فالليل ظرف والساري غيره ، ولكن الآية نسبت الفعل إلى نفس الليل ، فكأنّ الليل موجود حقيقي له سير نحو الأمام ، فهو يسير إلى جانب النور ، فاللّه سبحانه حلف بالظلام المُتحرّك الّذي سينجلي إلى نور النهار

مضافاً إلى ما في الليل من عظائم البركات الّتي لا تقوم الحياة إلاّ بها

هذا ما يرجع إلى مجموع الآية ، ونعود إلى الآيات بشكل آخر ، فنقول : أمّا الفجر ، فقد حلف به سبحانه بصورةٍ أُخرى أيضاً ، وقال :( وَالصُّبح إِذا أَسْفَرَ ) .(٢)

وقال تبارك وتعالى :( وَالصُّبح إِذا تَنَفَّس ) ، والمراد من الجميع واحد ، فإنّ إسفار الصبح في الآية الأُولى هو طلوع الفجر الصادق ، فكأنّ الصبح كان مستوراً بظلام الليل ، فهو رفعَ الستارَ وأظهرَ وجهه ؛ ولذلك استخدم كلمة ( أسفر ) ، يقال : أسفرت المرأة : إذا رُفع حجابها

ويعود سَبَب تعاقب الليل والنهار إلى دوران الأرض حول الشمس ، فبِسبب كرويّتها لا تضيء الشمس سائر جهاتها في آن واحد ، بل تضيء نصفها فقط ، ويبقى النصف الآخر مُظلماً حتّى يحاذي الشمس بدوران الأرض ، فيأخذ حظّه من الاستنارة ، وتتمّ الأرض هذه الدورة في أربعة وعشرين ساعة

كما أنّ المراد من الآية الثانية أعني : ( والصبح إِذا تَنَفَّس ) هو انتشار نوره ، فعبَّر عنه بالتنفّس ، فكأنّه موجود حيّ يبثّ ما في نفسه إلى الخارج ، أمّا عَظَمَة الفجر فواضحة ؛ لأنّ الحياة رهن النور ، وطلوع الفجر يثير بارقة الأمل في القلوب ، حيث تقوم كافّة الكائنات الحيّة إلى العمل وطلب الرزق

ــــــــــــــــ

(١) الإسراء : ١

(٢) المدّثِّر : ٣٤

(٣) التكوير : ١٨

١٤٩

وأمّا الليالي العشر ، فهي عبارة عن الليالي الّتي تنزل فيها بركاته سبحانه إلى العباد ، سواء فُسّرت بالليالي العشر الأُولى من ذي الحجّة ، أم الليالي العشر من آخر شهر رمضان

فالليل من نعمه سبحانه حيث جعله سكناً ولباساً للإنسان وقال :( وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِباساً ) (١) ، كما جعله سكناً للكائنات الحيَّة ، حيث ينفضون عن أنفسهم التعب والوَصب ، قال سبحانه :( فَالِقُ الإِصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا ) (٢)

وأمّا الشفع والوَتر ، فقد جاء مُبهَماً وليس في القرآن ما يُفسَّر به ، فينطبق على كلِّ شفع ووتر ، وبمعنى آخر ، يمكن أن يراد منه صحيفة الوجود من وتره ، كاللّه سبحانه وشفعه كسائر الموجودات

وأمّا قوله :( واللَّيل إِذا يسر ) ، أقسمَ بالليل إذا يمضي ظلامه ، فلو دام الليل دون أن ينجلي لزالت الحياة ، يقول سبحانه :( قُلْ أَرَأَيْتُمْ إن جَعَلَ اللّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْل سَرْمداً إِلى يَومِ القِيامَةِ مَنْ إِلهٌ غَيْرُ اللّهِ يَأْتِيكُمْ بِضياءٍ أَفَلا تسْمَعُون ) (٣)

فتبيَّن ممّا سبق منزلة المُقسَم به في هذه الآيات ، وأنّها تتمتّع بالكرامة والعظمة

وأمّا المُقسَم عليه ، فيحتمل وجهين :

أحدهما : أنّه عبارة عن قوله سبحانه :( إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ ) (٤)

ــــــــــــــــ

(١) النبأ : ١٠

(٢) الأنعام : ٩٦

(٣) القصص : ٧١

(٤) الفجر : ١٤

١٥٠

ثانيهما : إنّ المُقسَم عليه محذوف ، يُعلَم من الآيات الّتي أعقبت هذه الأقسام ، قال سبحانه :( أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعادٍ * إِرَمَ ذاتِ الْعِماد * التّي لَمْ يُخْلَق مِثْلُها فِي البِلاد * وَثَمُودَ الّذِينَ جابُوا الصَّخرَ بِالواد * وَفرْعَونَ ذِي الأَوْتاد * الَّذينَ طَغَوْا فِي البِلاد * فَأَكْثَروا فِيهَا الفَسادَ * فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبّكَ سَوطَ عَذابٍ * إِنَّ رَبّكَ لَبِالْمِرصاد ) (١)

فالمفهوم من هذه الآيات أنّه سبحانه حلف بهذه الأقسام بغيَة الإيعاد بأنّه يعذِّب الكافرين والطاغين والعُصاة ، كما عذّب قوم عاد وثمود ، فالإنسان العاقل يعتبر بما جرى على الأُمم الغابرة من إهلاك وتدمير

أمّا وجه الصِلة بين المُقسَم به والمُقسَم عليه فهو : أنّ مَن كان ذا لُبٍّ ، علم أنّ ما أقسم اللّه به من هذه الأشياء فيه دلائل على قدرته وحكمته ، فهو قادر على أن يكون بالمرصاد لأعمال عباده ، فلا يعزب عنه أحد ولا يفوته شيء من أعمالهم ؛ لأنّه يسمع ويرى جميع أقوالهم وأفعالهم ، خصوصاً بالنظر إلى ما أدَّبَ به قوم عاد وثمود ، مع ما كان لهم من القوّة والمِنعَة

ــــــــــــــــ

(١) الفجر : ٦ـ ١٤ .

١٥١

الفصل السابع عشر : القَسَم في سورةِ اللَيل

حلف سبحانه في سورة الليل بأُمور ثلاثة :( اللَّيل إِذا يَغْشى ) ،( النَّهار إِذا تَجَلّى ) ،( مَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالأُنْثَى )

وقال سبحانه :( وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى * وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى * وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالأُنْثَى * إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى ) (١)

تفسير الآيات :

١ ـ( وَاللَّيل إِذا يَغْشى ) : أقسَمَ بالليل إذا يغشى النهار ، أو يغشى الأرض ، ويدلّ على الأوّل ، قوله :( يُغشِي اللَّيلَ النَّهارَ ) (٢) ، بمعنى يأتي بأحدهما بعد الآخر ، فيجعل ظلمة الليل بمنزلة الغشاوة للنهار

ويحتمل المعنى الثاني ، كما في قوله في سورة الشمس :( وَاللَّيل إِذا يَغْشاها )

٢ ـ( وَالنَّهار إِذا تَجَلّى ) : عطف على الليل ، والتَجلّـي ظهور الشيء بعد خفائه ، وقد جاء الفعل في الآية الأُولى بصيغة المضارع ، وفي الآية الثانية بصورة الماضي ، وفقاً لسورة الشمس كما مَرّ

٣ ـ ( وَما خَلَقَ الذَّكَر والأُنثى ) : و ( ما ) موصولة ، كناية عن الخالق البارئ للذَكَرِ والأُنثى ، سواء أكان من جنس الإنسان أم من جنس الحيوان وتطبيقه في بعض التفاسير على أبينا آدم وزوجه حوّاء ، من باب التمثيل لا التخصيص

ــــــــــــــــ

(١) الليل : ١ـ ٤

(٢) الأعراف : ٥٤

١٥٢

وأمّا جواب القَسَم : هو قوله :( إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتّى ) ، وشَتّى جمع شَتِيت ، كمَرضى جمع مَريض ، و المراد تَشتُّت السَعْي ، فإنّ سعي الإنسان لمختلف ، وليس منصبَّاً على اتّجاه واحد ، فمن ساعٍ للدنيا ومن ساعٍ للعقبى ، ومن ساع للصلاحٍ والفلاح ومن ساعٍ للهلاك والفساد

ثُمّ إنّه سبحانه صنّف المساعي إلى قِسمين ، وقال في الآيات التالية بأنّ الناس على صنفين : فصِنْف يصبُّ سعيه في طريق العطاء والتُقى والتصديق بالحسنى ، فيُيَسّـر لليسرى ، وصِنف آخر يصبُّ سعيه ضدّ ما ذُكر ، فيبخل ويستغني بما لديه ، ويكذِّب بالحسنى ، فيُيسّر للعسرى

قال :( فَأَمّا مَنْ أَعْطى وَاتَّقى * وَصَدَّقَ بِالحُسْنى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسرى * وَأَمّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنى * وَكَذَّبَ بِالْحُسْنى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرى ) (١)

والصِلة بين المُقسَم به والمُقسَم عليه واضحة ، وهي : أنّه سبحانه أقسَمَ بالمُتفرّقات خلقاً وأثراً ، على المساعي المُتفرّقة في أنفسها وآثارها ، فأين التقوى والتصديق من البُخل والتكذيب ؟!

ــــــــــــــــ

(١) الليل : ٥ ـ ١٠

١٥٣

الفصل الثامن عشر : القسم في سورة الضحى

حلف سبحانه في تلك السورة بأمرين ، أحدهما الضحى ، والآخر :( اللَّيل إِذا سَجى ) ، وقال :( وَالضُّحى * وَاللَّيلِ إِذا سَجى * ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلى * وللآخِرةُ خَيرٌ لَكَ مِنَ الأُولى * وَلَسوفَ يُعْطيكَ رَبُّكَ فَتَرضى ) (١)

تفسير الآيات :

المراد من الضحى وقت الضحى ، وهو صَدر النهار حتى ترتفع الشمس وتُلقي شعاعها ، قال سبحانه :( وَأَنْ يُحْشَرَ النّاسُ ضُحى ) (٢)

وقوله :( وَالليلِ إذا سَجى ) ، أي : والليل إذا سَكَن ، يقال : سَجى البحر سجوّا ، أي سَكَنَت أمواجه ، ومنه استعير تَسْجِية الميِّت ، أي تغطيته بالثوب والمراد إذا غطّى الليلُ وجه الأرض ، وعمَّت ظلمتُه جميع أنحاء البسيطة ، هذا هو المُقسَم به

وأمّا المُقسَم عليه ، فهو ما جاء عَقبه ، أي : ما تركَك يا محمد ربّك ، وما أبغضَك منذ اصطفاك

( وللآخِرةُ خَيرٌ لَكَ من الأُولى ) ، أي ثواب الآخرة والنعيم الدائم فيها خير لك من الدنيا الفانية ( ولَسَوفَ يُعْطيكَ رَبُّكَ فَتَرضى ) ، أي سوف يعطيك ربّك في الآخرة ما يرضيك من الشفاعة والحوض وسائر أنواع الكرامة

ــــــــــــــــ

(١) الضحى : ١ ـ ٥

(٢) طه : ٥٩

١٥٤

وروي أنّ محمد بن علي بن الحنفيّة قال : يا أهل العراق ، تزعمون أنّ أرجَى آية في كتاب اللّه عزّ وجلّ هو قوله تعالى :( قُلْ يا عِبادِيَ الّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللّه ) (١) ، وإنّا أهل البيت نقول : أرجى آية في كتاب اللّه ، هو قوله :( وَلَسَوفَ يُعطيكَ رَبُّكَ فَتَرضى ) ، وهي واللّه الشفاعة ، ليعطينّها في أهل لا إله إلاّ اللّه حتى يقول : ربّي رضيت(٢)

وقد ذكر المفسّرون في شأن نزول الآية : أنّه احتبس الوحي عنه خمسة عشر يوماً ، فقال المشركون : إنّ محمّداً قد ودّعه ربّه وقَلاه ، ولو كان أمره من اللّه تعالى ، لتَتَابَع عليه ، فنزلت هذه السورة

هذا ما يذكره المفسّرون ، ولكن الحقّ أنّه لم يكن هناك أيُّ احتباس وتأخير في نزول الوحي ؛ وذلك لأنّه جرت سُّنّة اللّه تعالى على نزول الوحي تدريجاً ، لغايات معنوية واجتماعية ، وقد أشار الذكر الحكيم إلى حكمة نزوله نُجوماً في غير واحدة من الآيات ، قال سبحانه :( وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَولا نُزّلَ عَلَيْهِ الْقُرآن ُجُمْلَةً واحِدَةً كَذلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلاً ) .(٣)

فالآية تعكس فكرة المشركين حول نزول القرآن ، وكانوا يتصوّرون أنّ القرآن كالتوراة ، يجب أن ينزل جملة واحدة لا نجوماً ، وعلى سبيل التدريج ، فأجاب عنه الوحي ، بأنّ في نزوله التدريجي تثبيتاً لفؤاد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، لتداوم الصلة بين المُوحي والموحَى إليه بين الحين والحين

ــــــــــــــــ

(١) الزمر : ٥٣

(٢) مجمع البيان : ٥/٥٠٥

(٣) الفرقان : ٣٢

١٥٥

وهذا بخلاف ما لو نزل جملة واحدة ، وأُوصد فيها باب الوحي وانقطعت صِلة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالسماء

ففي صورة استدامة الوحي والصلة بينه وبين اللّه سبحانه ، يعيش النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم تحت ظلّ إمدادات غيبية ، تعقبه إزالة الصدأ العالق على قلبه من خلال مجابَهة المشركين والكافرين ، بخلاف الثاني ، ففيه إيماء إلى انقطاع الصلة ، حينها يجد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نفسه وحيداً ، دون مَن يعضده ويُسلّيه ويذهب عنه همَّ القلب

ففي الحقيقة ، لم تكن هناك طارئة باسم احتباس الوحي أو تأخيره ، وإن زَعم المشركون نزول الوحي نجوماً ، احتباساً وتأخيراً له

وأمّا الصِلة بين المُقسَم به والمُقسَم عليه ، فلا تخلو من وضوح :

١ ـ لأنّ نزول الوحي يناسب الضحى ، كما أنّ انقطاعه يناسب الليل

٢ ـ لأنّ عماد الحياة هو مجيء الليل عقب النهار ، لا استدامة النهار ولا استدامة الليل ، فهكذا الحال في عماد الحياة النبويّة الّذي هو نزول الوحي نجوماً ، تثبيتاً لقلب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

٣ ـ ولأنّ الضحى والليل نعمة من نعم اللّه سبحانه ، مَنَّ بها على عباده لِما لهما من تأثير مباشر في استقرار الحياة ، وهكذا الحال في نزول الوحي نجوماً

١٥٦

الفصل التاسع عشر : القَسَم في سورة التِين

حلف سبحانه في سورة التين بأُمور أربعة : ( التين ، الزيتون ، طور سينين ، البلد الأمين ) ، قال سبحانه : ( وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ * وَطُورِ سِينينَ * وَهذَا الْبَلَدِ الأمين * لَقَدْ خَلَقْنَا الإنسانَ في أَحْسَنِ تَقْويمٍ * ثُمَّ رَدَدْناهُ أَسْفَلَ سافِلينَ * إِلاّ الَّذينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحات فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ ) (١)

تفسير الآيات :

( التين والزَّيتُون ) : فاكِهتان معروفتان ، حلف بهما سبحانه لما فيهما من فوائد جمّة وخواصّ نافعة ، فالتِين فاكهة خالصة من شائب التَنغيص ، وفيه أعظم عبرة ؛ لأنّه عزّ اسمه جعلها على مقدار اللقمة ، وهيّأها على تلك الصورة إنعاماً على عِباده بها

وقد روى أبو ذر الغفاري عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّه قال :( لو قلتُ : إنّ فاكهة نزلتْ من الجَنّة ، لقلتُ : هذه هي ؛ لأنّ فاكهة الجَنّة بلا عَجَمْ (٢) ، فإنّها تقطع البواسير ، وتنفع من النقرص ) (٣)

وأمّا الزيتون ، فإنّه يُعتصَر منه الزيت الّذي يدور في أكثر الأطعمة ، وهو إدام ، والتين فاكهة فيها منافع جمّة

ــــــــــــــــ

(١) التين : ١ ـ ٦

(٢) ٢ ـ العَجَمْ : نوى التَمْر ، أو كلّ ما كان في جوف مأكول كالزبيب

(٣) مجمع البيان : ٥/٥١٠

١٥٧

ذكر علماء الأغذية أنّه يمكن الاستفادة من التين كسُكّر طبيعي للأطفال ، ويمكن للرياضيّين ولمَن يعانون ضعف كبر السنّ أن ينتفعوا منه للتغذية ، حتى ذكروا أنّ الشخص إن أراد توفير الصحّة والسلامة لنفسه ، فلابُدّ له أن يتناول هذه الفاكهة ، كما أنّ زيت الزيتون هو الآخر له تأثير بالغ في معالجة عوارض الكُلَـى ، حتى وصفها سبحانه بأنّه مأخوذ من شجرة مباركة ، ولا نطيل الكلام في سرد فوائدهما(١)

هذا وربّما يُفسَّر التين بالجبل الّذي عليه دمشق ، والزيتون بالجبل الّذي عليه بيت المَقدِس

وهذا التفسير وإن كان بعيداً عن ظاهر الآيات ، ولكنّ الّذي يدعمه هو القَسَم الثالث والرابع ـ أعني : الحلف بـ( طور سينين * والبلد الأمين ) ـ ، إذ على ذلك يكون بين الأمور الأربعة السالفة الذكر صلة واضحة ، ولعلّ إطلاق اسم الفاكهتين على الجبلين لكونهما مَنبتيهما ، والإقسام بهما لأنّهما مَبعثي جَمّ غفير من الأنبياء

ثُمّ إنّ المراد من طور سينين ، هو الجبل الّذي كلّم اللّه فيه موسىعليه‌السلام ، وقال :( إِنَّي أَنَا رَبّكَ فَاخْلََعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالوادِ المُقدَّسِ طُوى ) (٢) ، وقال :( إِذْ ناداهُ رَبُّهُ بِالْوادِ المُقَدَّسِ طُوى ) (٣) ، وقال سبحانه مخاطباً موسىعليه‌السلام :( وَلكِنِ انْظُر إِلى الْجَبَل فَإِن اسْتَقَرَ مَكانَهُ فَسَوفَ تَراني فَلَمّا تَجلّـى رَبّه لِلجَبَل جَعَلهُ دَكّاً وخَرّ مُوسى صَعِقاً ) (٤)

ــــــــــــــــ

(١) فمَن أراد التفصيل ، فليرجع إلى كتب علماء الأغذية وما أُلّف في هذا المضمار

(٢) طه : ١٢

(٣) النازعات : ١٦

(٤) الأعراف : ١٤٣

١٥٨

  ( البلد الأمين ) : وقد ذكر لفظ البلد في دعاء إبراهيم حيث قال :( وَإِذْ قالَ إِبْراهيم رَبِّ اجْعَل هذا بَلَداً آمِناً وَارزُق أَهْلهُ مِنَ الثَّمراتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللّهِ وَاليَومِ الآخر ) (١) ، وقال أيضاً :( رَبِّ اجْعَل هذا البلد آمناً وَاجْنُبْني وَبَنيّ أن نَعْبُد الأصنام ) (٢)

وقد أمر سبحانه نبيّه الخاتم ، أن يقول :( إِنَّما أُمرت أن أَعبُدَ ربَّ هذه البَلْدة الّذي حرّمها ولَهُ كُلّ شيء وَأُمرت أن أكون من المُسلمين ) (٣)

وقد جاء ذكر البلد في بعض الآيات كناية ، قال سبحانه :( إنّ الّذي فَرَضَ عَلَيْكَ القُرآن لَرادّكَ إِلى مَعادٍ قُلْ رَبِّي أَعْلَم مَنْ جاءَ بِالهُدى وَمَنْ هُوَ في ضَلالٍ مُبين ) (٤)

والمراد من قوله( إلى معاد ) هو : موطنه الّذي نشأ فيه

وقد روى المفسّرون في تفسير الآية : أنّه لمّا نزل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالجُحفَة ـ في مسيره إلى المدينة لمّا هاجر إليها ـ اشتاق إلى مكّة ، فأتاه جبرائيلعليه‌السلام فقال : أتشتاق إلى بلدك ومولدك ؟ فقال :نعم . قال جبرائيل : فإنّ اللّه يقول :( إنَّ الّذي فَرَضَ عَلَيْكَ القُرآن لَرادّكَ إِلى مَعاد ) يعني مكّة ظاهراً عليها ، فنزلت الآية بالجُحفَة ، وليست بمكّيّة ولا مَدنيّة ، وسُمّيت مكّة معاداً لعَودَه إليها ( عن ابن عّّباس )(٥)

ــــــــــــــــ

(١) البقرة : ١٢٦

(٢) إبراهيم : ٣٥

(٣) النمل : ٩١

(٤) القصص : ٨٥

(٥) مجمع البيان : ٧/٢٦٨

١٥٩

كما ذكر أيضاً في آية أُخرى بوصفه وقال :( أَوَ لَمْ يَرَوا أنّا جَعَلْنا حَرماً آمِناً وَيُتَخَطَّف النّاسُ منْ حَولهِم أَفَبالباطِل يُؤمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللّه يكْفُرون ) (١)

وقد وصف سبحانه البلد بالآمن ، وأصل الأمن طمأنينة النفس وزوال الخوف ، وقد جعله وصفاً في بعض الآيات للحَرَمِ ، قال سبحانه :( أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَمًا آَمِنًا يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقًا مِنْ لَدُنَّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ ) (٢)

وفي آية أُخرى يقول :( أَوَ لَمْ يَرَوا أَنّا جَعَلْنا حَرَماً آمناً وَيُتَخَطَّف النّاسُ من حَولهِمْ أَفَبالباطل يؤمنون وبنعمة اللّه يكفرون ) (٣)

والمراد من هذا الأمن هو الأمن التشريعي ، بمعنى أنّه سبحانه حرَّم فيه القتل والحرب ، حتى قطع الأشجار والنباتات ، إلاّ بعض الأنواع ممّا تحتاج إليه الناس

والّذي يوضح أنّ المراد من الأمن هو الأمن التشريعي لا التكويني قوله سبحانه :( إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنّاسِ لَلَّذي بِبَكّة مُباركاً وَهُدىً لِلْعالَمين * فِيه آياتٌ بَيِّنات مَقامُ إِبراهيم وَمَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً وَللّه عَلى النّاسِ حِجُّ الْبَيْت مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبيلاً وَمَنْ كَفَرَ فإِنَّ اللّه غَنِيٌّ عَن الْعالَمين ) (٤)

فالآية الأُولى تحكي عن تشريع خاصّ ، وهو أنّ الكعبة أوّل بيت وضعت لعبادة الناس ، ويدلّ على ذلك أنّ فيه مقام إبراهيم ، كما أنّ الآية الثانية تُبيّن تشريعاً آخر ، وهو وجوب حجّ البيت لمَن استطاع إليه ، وبين هذين التشريعين جاء قوله :( وَمَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً ) ، وهذا دليل على أنّ المراد من الأمن هو الأمن التشريعي لا التكويني ، ولذلك كان الطغاة يسلبون الأمن عن هذا البلد بين آونة وأُخرى

ــــــــــــــــ

(١) العنكبوت : ٦٧

(٢) القصص : ٥٧

(٣) العنكبوت : ٦٧

(٤) آل عمران : ٩٦ـ ٩٧

١٦٠

ويشير إلى الأمن بقوله سبحانه :( جَعَلَ اللّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الحَرام قِياماً لِلنّاسِ وَالشَّهْرَ الحَرامَ ) (١) ، وصف البيت بالحرام ، حيث حرّم في مكانه القتال ، وجعل الناس فيه في أمنٍ من حيث دمائهم وأعراضهم وأموالهم

فهذه الآيات تشير إلى مكانة البلد الّذي احتضن البيت الحرام ، ذلك المكان المقدَّس الّذي حاز على أهمِّية بالغة عند المسلمين على اختلاف نِحلِهم ، فإليه يُوجِّه الناس وجوههم في صلواتهم وفي ذبائحهم وعند احتضار أمواتهم

وفضلاً عن ذلك ، فانّه يُعدّ ملتقىً عباديّاً وسياسيّاً لحشودٍ كبيرة من المسلمين ، وما يترتّب عليه من نتائج بنّاءة على صعيد مدِّ جسور الثقة بين كافة النِحل الإسلامية ، وبتبعه حاز البلد على مكانة مقدّسة جعلته صالحاً للقَسَم به

المُقسَم عليه :

المُقسَم عليه للأقسام الأربعة ـ أعني : التين ، الزيتون ، طور سينين ، البلد الأمين ـ هو قوله سبحانه :( لَقَدْ خَلَقْنَا الإنسانَ في أَحْسَنِ تَقْويم * ثُمَّ رَدَدْناهُ أَسْفَلَ سافِلين )

فيقع الكلام في أمرين :

أ ـ ما هو المراد من خلقِ الإنسان في أحسن تقويم ثُمّ ردّه إلى أسفل سافلين ؟

ب ـ ما هي الصلة بين الأقسام الأربعة وهاتين الآيتين ، اللتين هما المُقسَم عليه للأقسام الأربعة ؟

أمّا الأوّل ، فربّما يقال : إنّ المراد من خلق الإنسان في أحسن تقويم هو جَودة

ــــــــــــــــ

(١) المائدة : ٩٧ .

١٦١

خَلْقه واستقامة وجوده ، من صباه إلى شبابه إلى كماله ، فيتمتّع بكمال الصورة وجمال الهيئة وشدّة القوّة ، فلم يزل على تلك الحال حتى يواجَه بالنزول ، أي ردّه إلى الهرم والشيخوخة والكهولة ، فتأخذ قِواه الظاهرة والباطنة بالضَعف ، وتنكس خِلقته ، قال سبحانه : ( وَمَنْ نُعَمِّرهُ نُنَكِّسْهُ فِي الخَلْقِ أَفَلا يَعْقِلُونَ ) (١)

لكن هذا التفسير لا يناسبه الاستثناء الوارد بعده ، قال سبحانه :( إِلاّ الّذينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُون ) ، أي غير مقطوع

فلو كان المراد من الآية ما جرت عليه سُنّة اللّه تعالى في خلق الإنسان ، فهي سُنّة عامّة تعمّ المؤمن والكافر والصالح والطالح ، مع أنّه يستثني المؤمن الصالح من تلك الضابطة

فالأولى تفسير الآيتين بالتقويم المعنوي ، وردّه إلى أسفل سافلين هو : انحطاطه إلى الشقاء والخسران ، بأن يقال :

إنّ التقويم جعل الشيء ذا قوام ، وقوام الشيء ما يقوم به ويثبت ، فالإنسان بما هو إنسان ، صالح ـ حسب الخلقة ـ للعروج إلى الرفيق الأعلى والفوز بحياة خالدة عند ربّه ، سعيدة لا شَقوَة فيها ، قال سبحانه :( وَنَفْسٍ وَما سَوّاها * فَأَلْهَمَها فُجُورَها وَتَقْواها ) (٢) ، فإذا آمن بما عَلِم ومارس صالح الأعمال ، رفعه اللّه إليه ، كما قال :( إِلَيْهِ يَصْعَدُ الكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصّالِحُ يَرْفَعُهُ ) (٣) ، وقال عزّ اسمه :( يَرفَعِ اللّهُ الّذينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذينَ أُوتُوا العِلْمَ دَرَجات ) (٤)

إلى غير ذلك من الآيات الدالّة على ارتفاع مقام الإنسان وارتقائه بالإيمان والعمل الصالح ، مقاماً عالياً ذا عطاء من اللّه غير مَجذُوذ وقد أشار في آخرهذه السورة إلى العطاء الدائم ، بقوله : ( فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيرُ مَمْنُون )

ــــــــــــــــ

(١) يس : ٦٨

(٢) الشمس : ٧ـ ٨

(٣) فاطر : ١٠

(٤) المجادلة : ١١

١٦٢

وعلى ذلك ، يكون المراد من أسفل سافلين هو تردّي الإنسان إلى الشَقوَة والخسران(١)

وأمّا وجه الصِلة ، فلو قلنا بأنّ المراد من التين الجبل الّذي عليه دمشق ، وبالزيتون الجبل الّذي عليه بيت المَقدِس ـ وهما مَبعثا جَمّ غفير من الأنبياء ـ ، فالصلة واضحة ؛ لأنّ هذه الأراضي أراضي الوحي والنبوّة ، فقد أوحى اللّه سبحانه إلى أنبيائه في هذه الأمكنة ، ليُخرج الناس من الظلمات إلى النور ويهديهم إلى أحسن تقويم ، ويصدّهم عن التردِّي إلى أسفل سافلين

وبعبارة أُخرى : إنّ هذه الأماكن مبعث الأنبياء ومهبط الوحي ، فهؤلاء بفضل الوحي يَهدون المجتمع الإنساني إلى الرُقيِّ والسعادة الّتي يُعبِّر عنها القرآن بـ( أحْسَن تَقويم ) ، ويحذِّرونه من الانحطاط والسقوط في الهاوية ، الّتي يُعبِّر عنها سبحانه بـ( أَسْفَلَ سافِلين )

إنّما الكلام فيما إذا كان المراد من التين والزيتون الفاكهتين المعروفتين ، اللَتين أقسَمَ اللّه بهما لما فيهما من الفوائد الجَمّة والخواصّ النافعة ، فعندئذٍ لا تخلو الصِلة من غموض ، فليُتَدَبَّر

ولا يخفى أنّ كلّ المخلوقات ، من حيوان ونبات ، توحي بالجلال و الاحترام لها ، وبالجمال وكمال الخلق ، وهي تبدو مُبرمَجة أو مخلوقة هكذا ، لا تحيد عن ذلك

فهل رأيت طيراً لا يبني عشّه أو لا يُطعمُ فراخه ؟! أم رأيت حيواناً لم يهبه اللّه الذكاء والمقدرة على تحصيل رزقه ، أو الدفاع عن نفسه ؟!

حقّاً إنّ هذه المخلوقات لا تعرف الهَزل ، فهي جدّيّة ولكن في وداعة ، غريبة ولكن في جمال ، وبسيطة ولكن في جلال آسِرْ

ــــــــــــــــ

(١) الميزان : ٢٠/٣١٩ـ ٣٢٠

١٦٣

إنّ كُلاًّ منها تسير على الطريق الّتي اختطّها الخالق لها ، طائعة مُلبّية ، وهي تُسبّح بحمد ربّـها كلّها إنّها لا تعرف الكذب أو المصانعة ، بل هي مُتّسقة مع نفسها ومع ما حولها ، بل و مع الكون جميعاً ، في تناغم عجيب وجمال بديع ، فتعالَى اللّه الظاهر بعجائب تدبيره للناظرين ، والباطن بجلال عزّته عن فكرة المُتوهّمين(١)

ــــــــــــــــ

(١) أسرار الكون في القرآن : ٢٨٣

١٦٤

الفصل العشرون : القَسَم في سورة العاديات

حلف سبحانه في هذه السورة بأُمور ثلاثة : ( العاديات ، المُوريات ، المُغيرات ) ، قال سبحانه :( وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا * فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا * فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحًا * فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعًا * فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعًا * إِنَّ الإِنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ * وَإِنَّهُ عَلَى ذَلِكَ لَشَهِيدٌ * وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ ) (١)

تفسير الآيات :

( العادِيات ) : من العَدْوِ وهو الجري بسرعة

( الضَبْح ) : صوت أنفاس الخيل عند عَدوها ، وهو المعهود المعروف من الخيل ومعنى الآية : أُقسم بالخيل الّتي تعدو وتَضبح ضبحاً

( فَالمُوريات قدحاً ) : فالموريات من الإيراء ، وهو إخراج النار ، والقَدْح : الضَرْب ، يقال : قَدَحَ فأورى : إذا أخرج النار بالقَدْحِ ، والمراد بها الخيل الّتي تُخرِج النار بحوافرها حين ضربها الأحجار

( فالمُغيرات صبحاً ) : الإغارة الهجوم على العدوِّ بغتَةً بالخيل ، وهي صفة أصحاب الخيل ، ونسبتها إلى الخيل بالمجاز والمناسبة ، والمعنى : أُقسِم بالخيل المُغيرة على العَدوِّ بغتَةً في وقت الصُبح

( فَأَثَرْنَ بهِ نَقْعاً ) : والنَقْع الغبار ، والمراد إثارة الغبار حين العَدْو ؛ لِما في الإغارة على العَدُوِّ بالخيل من إثارة الغبار ، والضمير في ( به ) يرجع إلى العَدْوِ المُستفاد من قوله :( والعاديات ) ، والباء للسببيَّة

ــــــــــــــــ

(١) العاديات : ١ـ ٨

١٦٥

( فوَسَطْنَ به جَمعاً ) : فلو قلنا بتشديد السين ، يكون المعنى حاصروا الأعداء ، ولكنّ القراءة المعروفة هي بلا تشديد الفعل ، فيكون معناه : أي صاروا في وسط الأعداء ، بما أنّ هجومها كان مُباغِتاً خاطفاً ، استطاعت في بضعٍ من اللَحظات أن تشقَّ صفوف العَدُوِّ وتشنّ حملتها في قلبه ، وتُشتِّت جَمْعَه

ثُمّ الضمير إمّا يرجع إلى العَدْوِ المُستفاد من قوله :( والعاديات ) ، أو إلى النَقْعِ ، فيكون المعنى : فوَسَطن صباحاً ، أو في خِضمِّ النَقْع ، صفوف الأعداء

ويحتمل أن يرجع الضمير إلى الصُبح ، ويكون الباء بمعنى ( في ) ، أي : وَسَطن في الصبح جَمْعاً

وعلى كلّ حال ، فالآيات تحلف بالخيول الّتي تُسرع إلى ميدان الجهاد ، بسرعة حتى تضبح ويتطاير الشَرَر من تحت حوافرها باستدامة ضرب الحافر للأحجار ، وعند انجلاء الصُبح تشنّ هجوماً شديداً يُثير الغبار في كلِّ جانب ، ثُمّ تتوغَّل إلى قلب العَدُوِّ وتُشتِّت صفوفه

وهذا يُعرب أنّ الجهاد له منزلة عظيمة ، إلى حدِّ استحقَّ أن يُقسَم بخيوله والشَرَر الّذي يتطاير من حوافرها ، والغبار الّذي تثيره في الهواء

هذا كلّه حول الإقسام ، وأمّا جواب القَسَم ، فهو قوله :( إِنَّ الإنسانَ لِرَبِّهِ لَكَنُود ) ، والكَنُود : اسم للأرض الّتي لا تُنبِت ، ويُطلَق على الإنسان الكافر والبخيل ، فكأنّه جُبِل على نكران الحقّ وجُحوده ، وعدم الإقرار بما لَزِمه من شكر خالقه والخضوع له يقول سبحانه :( إِنَّ الإنسانَ لَكَفُور ) (١) ، وهو إخبار عمّا في طبعِ الإنسان من اتّباع الهوى والانكباب على الدنيا ، والانقطاع بها عن شُكر ربّه ، وفيه تعريض للقوم المُغار عليهم ، بأنّهم كانوا كافرين بنعمة الإسلام ، وهذا على وجه يُشهِد الإنسان على كفران نفسه ، كما يقول :( وَإِنَّهُ عَلى ذلِكَ لَشَهيد )

ــــــــــــــــ

(١) الحجّ : ٦٦ .

١٦٦

ثُمّ إنّه يدلّل شهادته على ذلك بقوله :( وَإِنَّهُ لحُبّ الخَير لَشَديد ) ، والمراد من الخير المال

ثُمّ إنّ هذه الآيات لا تنافي ما دلَّت عليه آية الفطرة ، قال سبحانه :( فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينَ حَنيفاً فِطْرَة اللّهِ الّتي فَطَرَ النّاسَ عَلَيها لا تَبديلَ لِخَلْقِ اللّهِ ذلِكَ الدِّينُ القَيِّم وَلكِنّ أَكْثَر النّاسِ لا يَعْلَمُون ) (١)

وجه عدم التنافي : أنّ الإنسان كما جُبِل على الخير ، جُبل على الشَرِّ أيضاً ، فكما ألهَمَها تقواها ، ألهَمَها فجورها ، وكما أنّه هداه إلى النَجدين ولكنّ السعادة هي مَن يستخدم قوى الخير ويتجنّب قوى الشرِّ

والحاصل ، أنّ الآيات القرآنية على صنفين : فصِنف يصف الإنسان بصفات سلبيّة ، مثل قوله : ( لَيَئُوسٌ ) (٢) ( لَظَلُومٌ كَفَّارٌ ) (٣) ( عَجُولاً ) (٤) ( كَفُوراً ) (٥) ( أكثرَ شيءٍ جَدلاً ) (٦) ، ( ظَلُوماً جَهُولاً ) (٧) ( لَكَفُورٌ مُبِينٌ ) (٨) ( هَلُوعاً ) (٩) إلى غير ذلك من الصفات السلبيّة الواردة في القرآن الكريم

ــــــــــــــــ

(١) الروم : ٣٠

(٢) هود : ٩

(٣) إبراهيم : ٣٤

(٤) الإسراء : ١١

(٥) الإسراء : ٦٧

(٦) الكهف : ٥٤

(٧) الأحزاب : ٧٢

(٨) الزخرف : ١٥

(٩) المعارج : ١٩

١٦٧

وصنف آخر يصفه بصفات إيجابيّة ، تجعله في قمّة الكرامة والعَظمة ، فقد بلغت به الكرامة أنّه صار :( مسجوداً للملائكة ) (١) ،( مخلوقاً بفطرة اللّه ) (٢) ، ( مُنشَأ بأحسن تقويم ) (٣) ،( مُفضّلاً على كثير من المخلوقات ) (٤) ،( حاملاً لأمانة اللّه ) (٥) ،( سائراً في البرِّ والبحر ومرزوقاً من الطيِّبات ومُكرَماً عند اللّه ) (٦) إلى غير ذلك من الآيات الّتي تصف الإنسان بصفات إيجابيّة

ولا منافاة بين الصنفين من الآيات ؛ وذلك لأنّ تلك الكرامة إنّما هي للإنسان الّذي تمتّع بكلا الوَصفين ، فهو عندما يُلبّي نداء العقل والشرع ، يَنَل كرامته العُليا ، ويكون مظهراً لقوله :( وَفَضَّلْناهُمْ عَلى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنا تَفضيلاً ) (٧) ، ولو خضع لدعوة النفس والهوى ، يكون مظهراً للصفات السلبيّة ، ( كفوراً ، يؤوساً ، هلوعاً ، كنوداً ، إلى غير ذلك من الصفات الذميمة )

فالكمال كلّ الكمال لإنسانٍ تكمُن فيه قوى الخير والشرّ ، فيُقوّي إحداهما على الأُخرى بإرادة واختيار ، دون أيّ وازع ، فلو جُبل على إحدى القوّتين دون الأُخرى لما استحقّ المدح ولا اللوم ، دون ما إذا كان فيه أرضيّة الخير والشرّ ، فيُعالج أرضيّة الشرّ بتوجيهها نحو الخير والكمال ؛ ولذلك نرى أنّه سبحانه يستثني ـ بعد الحُكم على الإنسان بقوله :( ثُمَّ رَدَدْناهُ أَسْفَلَ

ــــــــــــــــ

(١) الأعراف : ١١

(٢) الروم : ٣٠

(٣) التين : ٤

(٤) الإسراء : ٧٠

(٥) الأحزاب : ٧٢

(٦) الإسراء : ٧٠

(٧) الإسراء : ٧٠

١٦٨

سافِلين ) ـ الفئة المؤمنة العاملة بالصالحات ، ويقول : ( إِلاّ الّذينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُون ) (١)

إلى هنا تبيّن المُقسَم به والمُقسَم عليه

بقي الكلام في الصِلة بين المُقسَم به والمُقسَم عليه ، فنقول :

إنّه سبحانه بعث الأنبياء لهداية الناس ، فمنهم مَن يهتدي بكتابه وسُنّته ، فهذه الطائفة تكفيها قوّة المنطق ، وثَمّة طائفة أُخرى لا تهتدي ، بل تُثير العراقيل في سبيل دعوة الأنبياء ، فهداية هذه الطائفة رهن منطق القوّة ، ولذلك يقول سبحانه :( لَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلنا بِالبَيِّناتِ وَأَنْزَلْنا مَعَهُمُ الكِتاب وَالمِيزان لِيَقُوم النّاس باِلقِسْط وَأَنْزَلْنا الحَديد فيهِ بَأْسٌ شَديدٌ وَمَنافِعُ لِلنّاس ) (٢)

فهذه الآية مؤلَّفة من فقرتين :

الفقرة الأُولى : الّتي تتضمّن البحث عن إرسال الرسل بالبيّنات وإنزال الكتب والميزان ، راجعة إلى مَن له أهليّة للهداية ، فيكفيه قوّة المنطق

والفقرة الثانية : أعني :( وَأَنْزَلْنَا الحَديد ) ، فهي راجعة إلى مَن لا يستلهم من نداء العقل والفطرة ولا يهتدي ، بل يثير الموانع ، فلا يُجدِي معهم سوى الحديد الّذي هو رمز منطق القوَّة

وبذلك يعلم وجه الصِلة بين إنزال الحديد وإرسال الكتب ، وبهذا تبيَّن أيضاً وجه الصِلة بين الإقسام والمُقسَم عليه ، ففي الوقت الّذي كان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يَعِظُ ويبعث رجال الدعوة لإرشاد الناس ، اجتمعت طائفة لمُباغَتَة المسلمين والهجوم على المدينة ، والإطاحة بالدولة الإسلامية الفتيَّة ، فبعث النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عليّاً مع سَريّة ، فأمر أن تُسرج الخيل في ظلام الليل وتُعدّ إعداداً كاملاً ، وحينما انفلق الفجر ، صلّى بالناس الصبح وشنَّ هجومه وباشر ، وما انتبه العَدُوّ حتى وجد نفسه تحت وطأة خيل جيش الإسلام

ــــــــــــــــ

(١) التين : ٥ـ ٦

(٢) الحديد : ٢٥

١٦٩

فهذه الطائفة لا يُصلِحهم إلا العاديات والمُوريات والمُغيرات ، الّتي تهاجمهم كالصاعقة

نقل الفيض الكاشاني في تفسيره عن تفسير القمّي ، عن الصادقعليه‌السلام :( إنّها [سورة العاديات]نزلتْ في أهل وادي اليابس ، اجتمعوا اثنا عشر ألف فارس وتعاقدوا وتعاهدوا وتواثقوا ، أن لا يتخلّف رجل عن رجل ، ولا يخذل أحد أحداً ، ولا يفرّ رجل عن صاحبه ، حتى يموتوا كلّهم على حلفٍ واحد ، ويقتلوا محمداً صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وعلي بن أبي طالب عليه‌السلام

إلى أن قال :

فخرجَ عليعليه‌السلام ومعه المهاجرون والأنصار ، وسار بهم غير سير أبي بكر ، وذلك أنّه أعنف بهم في السير ، حتى خافوا أن ينقطعوا من التَعَب وتحفى دوابّهم ، فقال لهم : لا تخافوا ، فإنّ رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قد أمرَني بأمرٍ ، وأخبرني أنّ اللّه سيَفتح عليَّ وعليكم ، فابشروا فإنّكم على خيرٍ وإلى خير ، فطابتْ نفوسهم وقلوبهم ، وساروا على ذلك السير التَعِب حتى إذا كانوا قريباً منهم ، حيث يرونهم ويروهم ، أمر أصحابه أن ينزلوا ، وسمع أهل وادي اليابس بمَقدَم عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام وأصحابه ، فأخرجوا إليهم منهم مئتي رجل ، شاكّين بالسلاح ، فلمّا رآهم عليعليه‌السلام ، خرج إليهم في نفرٍ من أصحابه

فقالوا لهم : مَن أنتم ، ومن أين أنتم ، ومن أين أقبلتُم ، وأين تريدون ؟

قال : أنا علي بن أبي طالب ، ابن عمّ رسول اللّه وأخوه ، ورسوله إليكم

ادعوكم إلى شهادة أن لا إله إلاّ اللّه ، وأنّ محمّداً عبده ورسوله ، ولكم إن آمنتم ما للمسلمين ، وعليكم ما على المسلمين من خيرٍ وشرّ

فقالوا له : إيّاك أرَدنا ، وأنت طَلِبَتنا قد سمعنا مقالتك ، فخُذ حذرَك واستعدّ للحرب العَوان ، واعلم أنّا قاتلوك وقاتلوا أصحابك ، والموعد فيما بيننا وبينك غداً ضحوة ، وقد اعذرنا فيما بيننا وبينك

فقال لهم عليعليه‌السلام : وَيلَكم ، تُهدّدوني بكثرتِكم وجَمعِكم ؟! فأنا أستعين باللّه وملائكته والمسلمين عليكم ، ولا حول ولا قوّة إلاّ باللّه العلي العظيم

فانصرفوا إلى مراكزِهم وانصرف عليّ إلى مركزِه ، فلمّا جَنَّه الليل ، أمر أصحابه أن يُحسنوا إلى دوابِّهم ، ويُقْضِموا ويُسرِجوا ، فلمّا انشقَّ عمود الصبح ، صلّى بالناس بغلس ، ثُمَّ غارَ عليهم بأصحابه ، فلم يعلموا حتى وطأهم الخيل ، فما أدرك آخر أصحابه حتى قتل مقاتليهم وسبى ذراريهم واستباح أموالهم وخرَّب ديارهم ، وأقبل بالأُسارى والأموال معه

١٧٠

فنزل جبرائيل وأخبر رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بما فتح اللّه على عليّعليه‌السلام وجماعة المسلمين

فصعدَ رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم المنبرَ فحمد اللّه وأثنى عليه ، وأخبر الناس بما فتح اللّه على المسلمين ، وأعلمَهُم أنّه لم يُصَب منهم إلاّ رجلين ، ونزل فخرج يستقبل عليّاًعليه‌السلام في جميع أهل المدينة من المسلمين ، حتى لَقِيه على ثلاثة أميال من المدينة ، فلمّا رآه عليعليه‌السلام مُقبِلاً ، نزلَ عن دابّته ، ونزل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حتى التزمه وقَبَّل ما بين عينيه ، فنزل جماعة المسلمين إلى عليعليه‌السلام حيث نزل رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وأقبلَ بالغنيمة والأُسارى ، و ما رزقهم اللّه من أهل وادي اليابس

ثُمّ قال جعفر بن محمدعليهما‌السلام :ما غنمَ المسلمون مثلها قطّ ، إلاّ أن يكون من خيبر ، فإنّها مثل خيبر ، وأنزل اللّه تعالى في ذلك اليوم هذه السورة :

( وَالعاديات ضَبحاً ) يعني بالعاديات : الخيل تعدُو بالرجال ، والضَبح صيحتها في أعِنَّتِها ولَجمِها .

( فالمُوريات قَدحاً * فالمُغيرات صُبحاً ) فقد أخبرك أنّها غارت عليهم صُبحاً .

( فأثَرنَ به نَقعاً ) قال : يعني الخيل يأثرنَ بالوادي نَقْعَاً .

( فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعًا * إِنَّ الإِنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ * وَإِنَّهُ عَلَى ذَلِكَ لَشَهِيدٌ * وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ )

قال : يعنيهما قد شهدا جميعاً وادي اليابس وكانا لحُبِّ الخير حريصَين ) (١) .

بلغ الكلام إلى هنا في شهر جمادي الأُولى

من شهور عام ١٤٢٠ هـ من الهجرة النبويّة

في قم المَحميّة وحوزتها المَصونَة

وتمّ بيد مُؤلّفه الآثِم المحتاج إلى ربِّه العاصم جعفر السُبحاني

ابن الفقيه الشيخ محمد حسين الخياباني التبريزي تغمَّده اللّه برحمته الواسعة

وآخر دعوانا أن الحمد للّه ربّ العالمين

ــــــــــــــــ

(١) تفسير الصافي : ٥ / ٣٦١ ـ ٣٦٥.

١٧١

الفهرست

القُرآنُ والآفاق اللامُتَناهية ٢

إلماعٌ إلى بعض آفاقه اللامتناهية : ٤

بحوثٌ تمهيديَّة في أقسام القرآن. ٦

الحديث الأوّل : ١٢

الحديث الثاني : ١٣

منهجنا في تفسير أقسام القرآن : ١٧

القِسْم الأوّل : القَسَم المُفرَد ٢٣

الفصل الأوّل : القَسَمُ بلَفظِ الجَلالة ٢٣

تفسير الآية الأُولى : ٢٣

تفسير الآية الثانية : ٢٥

الفصل الثاني : القَسَمُ بالرَبِّ.. ٢٩

الصِلَة بين المُقسَم به والمُقسَم عليه : ٤٢

الفصل الثالث : القَسَمُ بالنبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم..... ٤٤

المقام الأوّل : الحلف بعُمْر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ٤٤

وأمّا الصِلة بين المُقسَم به والمُقسَم عليه : ٤٥

المقام الثاني : الحلف بوَصف النبي وأنّه شاهد : ٤٦

معنى الشهادة وكيفيَّة شهادة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ٤٧

الحلف بالنبيّ كناية : ٥٠

الفصل الرابع : القَسَمُ بالقرآنِ الكَريم. ٥١

الثاني : ما هو المراد من الحروف المقطعة ؟ ٥٢

إلماع إلى مادَّة القرآن : ٥٣

الفصل الخامس : القَسَمُ بالعَصْر ٦٦

الفصل السادس : القَسَم بالنَجْم. ٧٠

١٧٢

الفصل السابع : القسم بمواقع النجوم ٧٣

الفصل الثامن : القَسَمُ بالسماءِ ذات الحُبُك.. ٧٧

القسم الثاني : القَسَم المُتَعدِّد ٨٠

الفصل الأوّل : القَسَم في سورة الصافّات.. ٨٠

الصافّات والقَسَم بالملائكة : ٨٣

الفصل الثاني : القَسَم في سورة الذاريات.. ٨٦

الفصل الثالث : القَسَم في سورة الطُور ٩٠

الفصل الرابع : القَسَم في سورة القَلَم. ٩٦

الفصل الخامس : القَسَمُ في سورة الحاقَّة ١٠٣

الفصل السادس : القَسَم في سورة المُدّثِّر ١٠٨

الفصل السابع : القَسَم في سورة القِيامة ١١١

الفصل الثامن : القَسَمُ في سورةِ المُرسَلات.. ١٢١

الفصل التاسع : القَسَمُ في سورة النازعات.. ١٢٤

الفصل العاشر : القًسَمُ في سورة التكوير ١٢٩

الفصل الحادي عشر : القَسَم في سورة الانشقاق. ١٣٥

الفصل الثاني عشر : القَسَم في سورةِ البروج. ١٣٩

الفصل الثالث عشر : القَسَم في سورة الطارِق. ١٤٤

الفصل الرابع عشر : القَسَم في سورة الفجر ١٤٧

الفصل السابع عشر : القَسَم في سورةِ اللَيل. ١٥٢

الفصل الثامن عشر : القسم في سورة الضحى. ١٥٤

الفصل التاسع عشر : القَسَم في سورة التِين. ١٥٧

الفصل العشرون : القَسَم في سورة العاديات.. ١٦٥

١٧٣