البيان في تفسير القرآن

البيان في تفسير القرآن0%

البيان في تفسير القرآن مؤلف:
تصنيف: تفسير القرآن
الصفحات: 526

البيان في تفسير القرآن

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: السيد أبو القاسم الموسوي الخوئي
تصنيف: الصفحات: 526
المشاهدات: 34705
تحميل: 7585

توضيحات:

بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 526 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 34705 / تحميل: 7585
الحجم الحجم الحجم
البيان في تفسير القرآن

البيان في تفسير القرآن

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

لم تُنقَل حتّى بخبرِ رجُلٍ واحد يُعتمَد عليه ، ومِثل هذا يُقال في نِسبة قراءة ( غير ) بالنَصْب إلى الرسول ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) ، وأمّا قراءة عُمَر فقد عرفتَ الحال فيها .

اللُغة

الهداية :

الإرشاد والدلالة ، والهدى ضدّ الضلال ، وستقف على بيان هداية الله للناس وإرشادهم .

الصراط :

الطريق وهو ما يتوصّل بالسَير فيه إلى المقصود ، وقد يكون غير حسّي ، فيقال : الاحتياط طريق النجاة ، وإطاعة الله طريق الجنّة ، وإطلاقه على الطريق غير الحسّيّ إمّا لعموم المعنى اللُغَوي ، وإمّا مِن باب التشبيه والاستعارة

الاستقامة :

الاعتدال ، وهو ضدّ الانحراف إلى اليمين أو الشمال ، و ( الصراط المستقيم ) : هو الصراط الذي يصِل بسالِكه إلى النعيم الأبديّ ، وإلى رضوان الله ، وهو أنْ يُطيع المخلوقُ خالِقَه ، ولا يعصيه في شيءٍ مِن أوامره ونواهيه ، وأنْ لا يعبُد غيره ، وهو الصراط الذي لا عِوَج فيه ، قال الله تعالى :

( وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ٤٢ : ٥٢. صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ ٤٢ : ٥٣. وَهَذَا صِرَاطُ رَبِّكَ مُسْتَقِيماً ٦ : ١٢٦. إِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ ٣ : ٥١. وَأَن اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ

٤٨١

مُسْتَقِيمٌ ٣٦ : ٦١. وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ٦ : ١٥٢وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ٦ : ١٥٣) .

وبما أنّ عبادة الله لا تنحصر في نوع معيّن ، بل تعمّ أفعال الجانِحة وأفعال الجارحة على كَثرتها ، فقد يُلاحَظ المعنى العامّ الشامل لهذه الأفعال كلّها ، فيعبّر عنه باللفظ المفرد كالصراط المستقيم ، والصراط السويّ ، وقد تُلاحَظ الأنواع على كَثرتها مِن الإيمان بالله وبرسوله وبالمعاد ، ومِن الصلاة والصيام والحجّ وما سوى ذلك ، فيُعبّر عنها بالجَمْع .

( قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ ٥ : ١٥. يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلامِ ٥ : ١٦. وَمَا لَنَا أَلاّ نَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ وَقَدْ هَدَانَا سُبُلَنَا ١٤ : ١٢. وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا ٢٩ : ٦٩) .

الإنعام :

الإفضال بالنعمة وزيادتها ، ومَن أنعَم الله عليهم هم الذين سلَكوا ( الصِراط المستقيم ) ، ولمْ يَمِل بهم الهوى إلى طاعة الشيطان ؛ ولذلك قد فازوا بالحياة الدائمة والسعادة الأبديّة ، وفوق ذلك كلِّه فازوا برضوانٍ مِن الله :

( وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ٩ : ٧٢) .

٤٨٢

الغضَب :

السَخَط ، وتقابلُه الرحمة ، والمغضوب عليهم هُم الذين توغّلوا في الكُفر وعنَدوا عن الحقّ ، ونبَذوا آيات الله وراء ظهورهـم ، ولا يراد به مُطلق الكافر :

( وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ) ١٦ : ١٠٦ .

الضلال :

التَيه ويُقابلُه الهدى ، والضالّون هم الذين سلَكوا غير طريق الهدى ، فأفضى بهم إلى الهلاك الأبديّ والعذاب الدائم ، ولكنّهم دون المغضوب عليهم في شدّة الكُفر ؛ لأنّهم وإنْ ضلّوا الطريق المستقيم عن تقصيرٍ في البحث والفحْص ، إلاّ أنّهم لم يُعاندوا الحقّ بعد وضوحه ، وقد ورَد في المأثور أنّ المغضوب عليهم هُم اليهود ، والضالّين هُم النصارى وقد تقدّم(١) أنّ الآيات القرآنية لا تختصّ بمَورد ، وأنّ كلّ ما يُذكَر لها مِن المعاني ، فهو مِن باب تطبيق الكبرى .

الإعراب

( غير المغضوب عليهم ) : بدَل مِن جملة ( الذين أنعمْتَ عليهم ) ، أو صِفة لـ (الذين) وذلك : أنّ نِعمة الله كرَحمتِه قد وسِعَت جميع البَشَر ، فمنهم مَن شَكر ، ومنهم مَن كَفر :

( أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً وَمِنَ النَّاسِ مَنْ

_______________________

(١) الصفحة ٢٥ مِن هذا الكتاب

٤٨٣

يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلا هُدىً وَلا كِتَابٍ مُنِيرٍ ) ٣١ : ٢٠ .

وإذن ففي توصيف مَن أنعَم الله عليهم بأنّهم غير المغضوب عليهم ولا الضالِّين تقييدٌ لإطلاقه ، وتضييقٌ لسعَتِه ، فلا يشمل هؤلاء الذين لم يؤدّوا شُكر النعمة ، ويكون مدلول الآية : أنّ العبْد يطلب مِن الله الهداية إلى طريقٍ سلَكَه فريق خاصّ ، مِن الذين أنعَم الله عليهم ، وهُم الذين لم يبدّلوا نِعمة الله كفراً ، فحازوا بإطاعتهم واستقامتهم نعمةَ الآخرة ، كما كانوا حائزين نعمة الدنيا ، فاتّصلت لهم السعادة في الدنيا والعُقبى .

ونظير الآية المبارَكة أنْ يُقال : يجوز اقتناء كلَّ كتابٍ غير كتُب الضلال ، وعلى ذلك فلا مَوقع لقول بعضهم : إنّ كلمة غير متوغّلة في الإبهام ، ولا تُعرَف بما تضاف إليه ، فلا يصحّ جعْلَها صِفةً للمعرفة ، ولا لِما ذكَروه جواباً عن ذلك .

وخُلاصة القول :

إنّ الحُكم المذكور في القضية - خبَرية كانت أو إنشائية - إذا كان عامّاً لجميع الأفراد ، فإنّه يصحّ تخصيصه متى أُريد ذلك - بكلمة غير ، كما يصحّ تخصيصه بغيرها ، فتقول : جاءني جميع أهل البلد ، أو أكرِم جميعهم غير الفاسقين .

( الضالّين ) : عطف على المغضوب عليهم : وأُتيَ بكلمة ( لا ) تأكيداً للنفي ؛ لئلاّ يتوهّم السامع أنّ المنفيَّ هو المجموع ، وكلمة ( غير ) تدلّ على النفي التزاماً ، فاُجريَ عليها حُكمُ غيرها مِن دوالّ النفي تقول : جالِس رجُلاً غير فاسق ولا سيّء الخُلُق ، أُعبُد الله بغير كسَلٍ ولا ملَل ، وتوهّم بعض مقاربي عصرنا عدم جواز ذلك ، فأتعب نفْسَه في توجيه الآية المبارَكة ، ولم يأت بشيء ، واعترف بعجْزه عن الجواب .

التفسير

وبعد أنْ لقّن الله عبيده أنْ يعترفوا بين يدَيه بالتوحيد في العبادة والاستعانة

٤٨٤

لقنّهم أنْ يطلبوا منه الهداية إلى الصراط المستقيم وقد اشتملت هذه السورة الكريمة في بدايتها على تمجيد الله سبحانه ، والثناء عليه بما هو أهلُه ، واشتملت في نهايتها على سؤال الهداية منه .

وبين تلك البداية وهذه الخاتمة أنزل الله تعالى قوله : ( إيّاك نعبُد وإيّاك نستعين ) ، فهو نتيجة للتمجيد السابق وتَوطئة للسؤال اللاحق ، فإنّ في التمجيد السابق مِلاك حصْر العبادة والاستعانة به تعالى ، فالمستحقّ للعبادة إنّما هو الله بذاته وبرحمته وسلطانه ، وغيره لا يستحقّ أنْ يُعبَد أو يُستعان به .

وإذا كانت العبادة والاستعانة منحصرَتَين بالله سبحانه ، فلا مَناص للعبْد مِن أنْ يدعو ربّه الذي حصر عبادته واستعانته به ومِن هنا ورَد عن الطريقَين : ( أنّ الله تبارك وتعالى قد جعل هذه السورة نِصفَين : نِصفٌ له ونِصفٌ لعبْدِه ، فإذا قال العبد : الحمدُ لله ربِّ العالَمين ، يقول الله تعالى : مجَّدَني عبْدي ، وإذا قال : اهدنا الصِراط المستقيم ، قال الله تعالى : هذا لِعَبْدي ، ولِعَبْدي ما سأل )(١) .

ثمّ إنّك عرفتَ أنّ الطُرُق التي يسلُكها البشَر في أعمالهم وإيمانهم ثلاثة :

أحدها : الطريق الذي مهّده الله لعباده ، يسلُكُه مَن هَداه الله إليه بفضْله وإحسانه .

ثانيها : الطريق الذي يسلُكُه الضالّون .

ثالثها : الطريق الذي يسلُكُه المغضوب عليهم .

وقد بيّن الله سبحانه مغايرة الطريق المستقيم للطريقَين الآخَرَين ببيان أنّ سالِكي هذا الطريق غير سالِكي ذينك الطريقَين وبذلك بيّن أنّ مَن اجتنب الطريق المستقيم ، فلا مَناص له مِن الخُذلان ، إمّا بضلاله فحَسْب ، وإمّا بضلاله مع استحقاقه الغضَب الإلهي أعاذنا الله مِن الخُذلان وهدانا إلى صراطه المستقيم .

_______________________

(١) عيون أخبار الرضا - باب ما جاء عن الرضا مِن الأخبار المتفرّقة ص ١٦٦ ، طبعة إيران سنة ١٣١٧ هـ وتقدّم نظير هذا عن أبي هريرة في الصفحة ٤٤٦ مِن هذا الكتاب .

٤٨٥

٤٨٦

البحث الثالث

حول آية اِهدنا

٤٨٧

الهداية بمعنى الاستمرار الهداية بمعنى الثواب الهداية بمعنى الاستزادة منها .

٤٨٨

ذَكر المفسّرون : أنّ مَن يطلب الهداية مِن الله لا بدّ وأنْ يكون فاقداً لها ، فكيف يطلبها المسلم الموحِّد في صلاته ، وأجابوا عنه بوجوه :

١ - أنْ يُراد بالهداية : الاستمرار عليها ، فبعد ما منّ الله تعالى على المُصَلّي بهدايته إلى الإيمان ، يطلُب منه الاستمرار والثبات على هذه النعمة ؛ لئلاّ تزِل له قدَمٌ بعد ثبوتها .

٢ - أنْ يُراد بالهداية : الثواب فمعناه : اهدنا طريق الجنّة ثواباً لنا .

٣ - أنْ يُراد بالهداية : زيادتها ، فإنّ الهداية قابلة للزيادة والنقصان ، فمَن كان واجداً لمرتبةٍ منها جاز أنْ يطلُب مرتبةً أكمل منها .

وكلّ هذه الوجوه استحسانية تُخالِف ما يقتضيه ظاهر الآية المبارَكة ، والصحيح أنْ يقال : إنّ الهداية التي يطلُبُها المسلم في صلاته هي هداية غير حاصلة له ، وإنّما يطلب حصولها مِن ربِّه فضلاً منه ورحمة .

وتوضيح ذلك : أنّ الهداية مِن الله تعالى على قِسمَين : هداية عامّة وهداية خاصّة ، والهداية العامّة قد تكون تكوينيّة ، وقد تكون تشريعية ، أمّا الهداية العامّة التكوينية : فهي التي أعدّها الله تعالى في طبيعة كلّ موجود ، سواء أكان جماداً أمْ كان نباتاً أو حيواناً ، فهي تسري بطَبْعها أو باختيارها نحو كمالِها ، والله هو الذي أَودع فيها قوّة الاستكمال ، ألا تَرى كيف يهتدي النبات إلى نُموِّه ، فيسير إلى جهة لا صادّ له عن سَيرِه فيها ، وكيف يهتدي الحيوان ، فيُميِّز بين مَن يُؤذيه

٤٨٩

ومَن لا يُؤذيه ؟ فالفأرة تفرُّ مِن الهرّة ، ولا تفرّ مِن الشاة ، وكيف يهتدي النَمل والنَحْل إلى تشكيل جمعية وحكومة وبِناء مساكن ! وكيف يهتدي الطِفل إلى ثدْيِ أُمِّه ، ويرتضع منه في بَدْء وِلادته :

( قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى ) ٢٠ : ٥٠ .

وأمّا الهداية العامّة التشريعية : فهي الهداية التي بها هدى الله جميع البشَر بإرسال الرُسُل إليهم ، وإنزال الكتُب عليهم ، فقد أتمّ الحُجّة على الإنسان بإفاضته عليه العقل ، وتمييز الحقّ مِن الباطل ، ثمّ بإرساله رُسُلاً يَتْلون عليهم آياته ، ويُبيِّنون لهم شرائع أحكامه ، وقَرَن رسالتَهم بما يدلّ على صِدْقِها مِن مُعجزٍ باهرٍ ، وبرهانٍ قاهرٍ ، فمِن الناس مَن اهتدى ، ومنهم مَن حقّ عليه الضلالة :

( إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً ) ٧٦ : ٣ .

وأمّا الهداية الخاصّة : فهي هداية تكوينيّة ، وعناية ربّانية خصّ الله بها بعض عِباده حسَب ما تقتضيه حِكمتُه ، فيُهيّئ له ما به يهتدي إلى كماله ويصِل إلى مقصوده ، ولولا تسديده لوَقع في الغيِّ والضلالة ، هذا وقد أُشير إلى هذا القِسم مِن الهداية في غير واحدٍ مِن الآيات المبارَكة ، قال عزّ مِن قائل :

( فَرِيقاً هَدَى وَفَرِيقاً حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلالَةُ ٧ : ٣٠. قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ ٦ : ١٤٩. لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ ٢ : ٢٧٢. إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ٦ : ١٤٤. وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ٢ : ٢١٣. إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ ٢٨ : ٥٦وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ

٤٩٠

سُبُلَنَا ٢٩ : ٦٩. فَيُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ١٤ : ٤) .

إلى غير ذلك مِن الآيات ، التي يُستفاد منها اختصاص هداية الله تعالى وعنايته الخاصّة بطائفةٍ خاصّة دون بقيّة الناس ، فالمسلم بعد ما اعترف بأنّ الله قد مَنَّ عليه بهدايته هدايةً عامّةً تكوينية وتشريعية ، طلَب مِن الله تعالى أنْ يهديَه بهدايته الخاصّة التكوينية ، التي يختصّ الله بها مَن يشاء مِن عِباده .

* * *

وصَفوَة القول :

إنّ البشَر بطَبعِه في معرض الهلاك والطغيان ، فلا بدّ للمسلم الموَحِّد أنْ لا يتَّكِل على نفْسه ، بل يستعين بربِّه ، ويدعوه لهدايته ، ليسلُكَ به الجادّة الوسطى ، فلا يكون مِن المغضوب عليهم ، ولا مِن الضالّين .

٤٩١

٤٩٢

قِسم التعليقات

٤٩٣

مصادر : حديث الثقلَين ، ترجمة : الحارث وافتراء الشعبيّ عليه مصادر : حديث لتَرْكبُنَّ سُنن مَن قبلَكم محادثة : بين المؤلِّف وحَبْر يهوديّ ترجمة : القرآن وشروطها قصّة : قريش في محاولتهم تعجيز النبيّ تحريف : رواية في صحيح البخاريّ رأي : محمّد عبْدَه في الطلاق الثلاث اختلاق الرازي نِسبة الجهل إلى الله على لسان الشيعة أحاديث : مشيئة الله أحاديث : إنّ الدعاء يُغيِّر القضاء أهمّية آية البَسْملة معرفة : بَدْء الخليقة في كتاب التكوين أحاديث : إنّ البَسْملة جزءٌ مِن القرآن قصّة : نسيان معاوية لقراءة البَسْملة قراءة : النبيّ البَسْملة وتوجيه رواية أنَس ابن تيمية : ونقْلُه أحاديث جواز زيارة القبور تُهمة : الآلوسي للشيعة حوار : بين المؤلِّف وعالِم حجازيّ فضيلة : تُربة الحسين (ع) تأويل : آية السجود بالكَشْـف حديث : إبليس مع الله الإسلام : يدور مدار الشهادتَين العبادة وأقسام دوافعها الأمْر بين الأمرَين : والحسنات والسيّئات مصادر : رواية الشفاعة .

٤٩٤

التعليقة (١)

ص ١٨

مصادر :

حديث الثقلَين

روى - حديث الثقلَين - أحمد في الجزء ٣ مِن مُسنده ص ١٤ ، ١٧ ، ٢٦ ، ٥٩ عن أبي سعيد الخدري ورواه الدارمي في كتاب فضائل القرآن : الجزء ٢ ، ص ٤٣١ ، وأحمد في الجزء ٤ مِن مُسنَده : ص ٣٦٦ ، ٣٧١ عن زيد بن أرقم ورواه أحمد في : الجزء ٥ ص ١٨٢ ، ١٨٩ عن زيد بن ثابت .

ورواه جلال الدين السيوطي في ( جامعِه الصغير ) عن الطبراني عن زيد بن ثابت وصحّحه وقال العلاّمة المناوي في شرحه : الجزء ٣ ، ص ١٥ : قال الهيثمي : ( رجالُه مُوَثّقون ) .

ورَواه أيضاً أبو يعلى بسنَدٍ لا بأس به ، والحافظ عبد العزيز بن الأخضر ، وزاد أنّه قال في حجّة الوداع ( ووَهَم مَن زعَم وَضْعه كابن الجوزي ) ، قال السمهودي ( وفي الباب ما يزيد على عِشرين مِن الصحابة ) .

ورواه الحاكم في ( المستدرَك : الجزء ٣ ، ص ١٠٩ ) عن زيد بن أرقم وصحّحه ، ولم يعقبه الذهبيّ وفي ألفاظ الروايات اختلاف في التعبير ، لكنّها متّفقة في المقصود .

* * *

٤٩٥

التعليقة (٢)

ص ١٨

ترجمة :

الحارث وافتراء الشعبي عليه

هو الحارث بن عبد الله الأعوَر الهَمْداني ، وقد اتّفقت كلمات علماء الإمامية على أنّه مِن أعاظم أصحاب أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، وعلى نزاهته ومكانته السامية ، ووَصفوه بالوَرع والتقوى ، والقيام بخدمة سيِّده أمير المؤمنين ( عليه السلام ) .

ونصّ على توثيقه الأعلام في كتُبهم الرجالية وغيرها ، وذَكر غير واحد مِن أكابر علماء السُنّة الحارث فأثنى عليه قال ابن حجر العسقلاني في ( تهذيب التهذيب ) في ترجمة الحارث :

قال الدوري عن ابن معين : ( الحارث قد سمع مِن ابن مسعود وليس به بأس ) وقال عثمان الدارمي عن ابن معين : ( ثقة ) وقال أشعث بن سوار عن ابن سيرين : ( أدركتُ الكوفة وهم يقدِّمون خمسة ، مَن بدأ بالحارث ثنّى بعبيدة ، ومَن بدأ بعبيدة ثنّى بالحارث ) وقال ابن أبي داود : ( كان الحارث أفْقَه الناس ، وأحسَب الناس ، وأفرَض الناس ، تعلَّم الفرائض مِن عليٍّ ) .

وقال أبو جعفر الطبري في المنتخَب مِن كتاب ( ذَيل المذيَّل ) تحت عنوان : مَن هلَك سنة ١٦١هـ : ( وكان الحارث مِن مقدّمي أصاحب أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، وعبْد الله في الفقْه والعِلم بالفرائض والحِساب ) .

قال الذهبي في ترجمة الحارث : وحديث الحارث في السُنن الأربعة ، والنسائي مع تعنّته في الرجال ، فقد احتجّ به وقوّى أمره ، وكان مِن أوعية العِلم قال مُرّة بن خالد أنبأنا محمّد بن سيرين قال : ( كان مِن أصحاب ابن مسعود خمسة يُؤخَذ عنـهم ، أدركتُ منهم أربعة ، وفاتني الحارث فلمْ أرَه ، وكان يفضُل عليهم وكان أحسنهم )

٤٩٦

أقول : قد شاء التعصّب والهوى أنْ يقول الشعبي : ( حدّثني الحارث الأعور وكان كذّاباً ) ، وأنْ يُتابعَه جماعة على رأيِه .

قال أبو عبد الله القرطبي في الجزء الأوّل مِن تفسيره ص ٥ : ( الحارث رَماه الشعبيّ بالكَذِب ، وليس بشيء ولم يبين من الحارث كذِب ، وإنّما نَقِم عليه إفراطَه في حبِّ عليٍّ ( عليه السلام ) ، وتفضيله له على غيره ، ومِن هاهنا - والله أعلم - كذّبه الشعبيّ ؛ لأنّ الشعبي يذهب إلى تفضيل أبي بكر ، وإلى أنّه أوّل مَن أسلم ) .

قال ابن حجر في ترجمة الحارث : وقد فسّر ابن عبد البرّ في كتاب ( العِلم ) السرّ في طَعْن الشعبي على الحارث ، فقال : ( إنّما نَقِم عليه لإفراطه في حبّ عليّ ( عليه السلام ) ، وأظنّ أنّ الشعبي عوقِب على تكذيبه الحارث ؛ لأنّه لم تَبِن منه كِذبة أبداً ) .

وقال ابن شاهين في الثقات : قال أحمد بن صالح المصريّ : ( الحارث الأعور ثقة ما أحفَظه ، وما أحسن ما روى عن عليٍّ ، وأثنى عليه قيل له : فقد قال الشعبي : كان يكذب ، قال : لم يكن يكذب في الحديث ، إنّما كان كِذْبُه في رأيه ) .

بربِّك أخبرني أيّها الناقِد البصير هل يجوز في شريعة العِلم ؟ أو هل يُسوِّغ الدِين نِسبة الفاحشة إلى المسلم ، وقَذْفَه بالكذِب بمجرّد وَلائه لأمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، وتفضيله إيّاه على غيره ؟ أليس رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) هو الذي جاهَر بتفضيل عليٍّ ( عليه السلام ) على غيره ، حتّى جعَله منه بمنزلة هارون مِن موسى ، وأثْبتَ له خِصالاً لم يحظَ بمِثلها رجُل مِن الصحابة .

وقد شهد بذلك - على ما رواه الحاكم في المستدرك : الجزء ٣ ، ص ١٠٨ - سعد بن أبي وقّاص أمام معاوية حين حمَلَه على سبِّه ، فقال : ( كيف أسبُّ رجُلاً كانت له خِصال مِن رسول الله ( صلّى الله عليه [وآله] وسلّم ) ، لو أنّ لي واحدة منها لكان أحبّ إليَّ مِن حُمْر النِعَم ) ، ثمّ ذَكر قصّة الكِساء ، وحديث المَنزِلة وإعطاء الراية له في يوم خيبر ، ولم يكتفِ نبيُّ الإسلام ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) بذلك حتّى أعْلَم الأمّة بمَنزلته الرفيعة - كما في نفس المصدر ص ١٠٨ - فقال لعليّ : ( مَن أطاعني فقد أطاع الله ، ومَن عصاني فقد عصى الله ، ومَن أطاعك فقد أطاعني ، ومَن عصاك فقد عصاني ) ، وغير ذلك مِن فضائله التي لا تُعدّ ولا تُحصى

٤٩٧

نعم ليس مِن الغريب أنْ يفتري الشعبي على الحارث ، ويصِفُه بالكَذِب ، فقد كان مِن صنايع الأُمَويّين يرتع في دنياهم ، ويسير على رغباتهم ، فقد بعَثه عبد الملك بن مروان - كما في كتاب النجوم الزاهرة : الجزء ١ ، ص ٢٠٨ - إلى مِصر بسبب البيعة للوليد بن عبد الملك ، ثمّ تولّى المظالم بالكوفة - كما في كتاب الأغاني : الجزء ٢ ، ص ١٢٠ - مِن قِبَل بشر بن مروان أيّام ولايته عليها مِن قِبَل عبد الملك ، ثمّ تولّى القضاء - كما في تاريخ الطبري : الجزء ٥ ، ص ٣١٠ الطبعة الثانية - مِن قِبَل عُمَر بن عبد العزيز في الكوفة ، فهو مَروانيّ النزعة ، يقول ويفعل بما يشاء له الهوى ، لا يتحرّج مِن كِذْبه ، ولا يتبرّم مِن خَطْل .

ذَكر أبو الفرج في الأغاني : الجزء ١ ، ص ١٢١ عن الحسن بن عمَر الفقيمي قال : ( دخلت على الشعبي ، فبينا أنا عنده في غرفته إذ سمعت صوت غناء ، فقلت أهذا في جوارك ؟ فأشرف بي على منزله ، فإذا بغلام كأنّه قمَر وهو يتغنّى . قال : فقال لي الشعبي : أتعرف هذا ؟ قلت : لا : فقال : هذا الذي أُوتيَ الحُكم صبيّاً ، هذا ابن سريج ) .

وذَكر أيضاً في : الجزء ٢ ، ص ٧١ عن عمَر بن أبي خليفة قال : ( كان الشعبي مع أبي في أعلى الدار ، فسمِعنا تحتنا غناءً حسَناً ، فقال له أبي : هل ترى شيئاً ؟ قال : لا فنظرنا ، فإذا غلام حَسَن الوَجه حديث السِنّ يتغنّى . فإذا هو ابن عائشة ، فجعل الشعبي يتعجّب مِن غنائه ، ويقول : يؤتي الحِكمة مَن يشاء ) .

وذَكر أيضاً في : الجزء ٢ ، ص ١٣٣ : ( إنّ مصعب بن الزبير أيّام وِلايته على الكوفة ، أخذ بيَد الشعبي وأدخله في حَجَلَة زوجته عائشة بنت طلحة ، وهي بارزة حاسرة ، فسأله عن حالها فأبدى رأيه فيها ، ووَصَفها له بما يريد ، ثمّ أمَر مصعب له بعَشَرة آلاف درهم وثلاثين ثوباً ) .

نعَم ليس غريباً مِن الشعبي أنْ يصِف الحارث بهذه الصِفة ، وقد افترى على أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، كما في القرطبي الجزء ١ ص ١٥٨ حيث كان يحلِف بالله : ( لقد دخل عليٌّ حُفرَته وما حَفِظ القرآن ) .

٤٩٨

قال الصاحبي في فقْه اللُغة ، ص ١٧٠ : ( وهذا كلام شنيع جدّاً فيمَن يقول : سلوني قبل أنْ تفقدوني ، سلوني ، فما مِن آية إلاّ أعلَمُ بلَيلٍ نزلتْ أَمْ بنهار ، أَمْ في سَهلٍ أمْ في جبَل ) .

وروى السدي عن عبد خير عن عليٍّ : ( أنّه رأى مِن الناس طَيَرة عند وفاة رسول الله ( صلّى الله عليه [وآله] وسلّم ) ، فأقْسم أنْ لا يضع على ظَهرِه رِداءً حتّى يجمَع القرآن ، قال : فجلس في بيته حتّى جمَع القرآن ، فهو أوّل مُصحف جُمِع فيه القرآن ، جمَعَه مِن قلْبِه ، وكان عند آل جعفر ) .

ألا تنظر أيّها المسلم الغيور إلى هذا الرجُل كيف تجرَّأ على الله وعلى رسوله ، وتكلَّم بهذا الكلام الشنيع ؟ أفيُقال مِثلُ هذا الكلام فيمَن هو باب مدينة عِلم الرسول ، والمُبيِّن لأمّته لِما أرسله الله به ؟ وفي ذلك روايات كثيرة ، كما في ( كنز العمّال : الجزء ٦ ، ص ١٥٦ ) - وفيمَن هو باب مدينة الحِكمة كما في ( صحيح الترمذي : الجزء ١٣ ، ص ١٧١ ) - وفيمَن هو مع القرآن والقرآن معه ، لن يفترِقا حتّى يرِدا على الحوض كما في ( مستدرَك الحاكم : الجزء ٣ ، ص ١٢٤ ، والجامع الصغير للسيوطي : الجزء ٤ ، ص ٣٥٦ ) إنّ الذين يكسبون الإثم سيُجزَون ما كانوا يقترفون .

* * *

التعليقة (٣)

ص ٢٠

مصادر :

حديث لتركبُنَّ سُنن مَن قبْلكُم

. ورَد هذا الحديث في مُسنَد أحمد : الجزء ٥ ، ص ٢١٨ ، مِن حديث أبي واقِد الليثي وعند البخاريّ في كتاب الاعتصام بالكتاب والسُنّة ، باب قَول النبيّ : لتتبعن سُنن مَن قَبْلكم ، الجزء ٨ ، ص ١٥١ وعند مُسلم في كتاب ( العِلم ) ، باب اتّباع سُنن اليهود والنصارى ، الجزء ٨ ، ص ٥٧ وفي مُسنَد أحمد : الجزء ٣ ، ص ٧٤ عن أبي سعيد الخدري وفي مجمع الزوائد للهيثمي : الجزء ٧ ، ص ٢٦١ عن ابن عبّاس .

٤٩٩

التعليقة (٤)

ص ٤٣

محادثة :

بين المؤلِّف وحَبْرٍ يهوديّ

وقد جرَت محادثة بيني وبين حَبرٍ مِن أحبار اليهود ، تتّصل بموضوع انتهاء شريعتهم بانتهاء أمَد حُجّتها وبرهانها قلـتُ له : هل التديّن بشريعة موسى ( عليه السلام ) يختصّ باليهود ، أو يعمّ مَن سواهم مِن الأُمَم ؟ فإنْ اختصّت شريعتُه باليهود لَزِم أنْ نُثبِت لسائر الأُمَم نبيّاً آخر ، فمَن هو ذلك النبيّ ؟ وإنْ كانت شريعة موسى عامّة لجميع البشَر ، فمِن الواجب أنْ تُقيموا شاهداً على صِدْق نبوّته وعمومها ، وليس لكم سبيل إلى ذلك ، فإنّ مُعجزاته ليست مشاهَدة للأجيال الآخرين ؛ ليحصل لهم العِلم بها ، وتواتر الخبر بهذه المُعجزات يتوقّف على : أنْ يصِل عدد المُخبِرين في كلّ جيل ، إلى حدٍّ يمنع العقلُ مِن تواطئهم على الكَذِب ، وهذا شيءٌ لا يسَعكم إثباته .

وأيُّ فَرْقٍ بين إخباركم أنتُم عن معاجز موسى ( عليه السلام ) ، وإخبار النصارى عن معاجز عيسى ( عليه السلام ) ، وإخبار كلِّ أُمّة أخرى بمعاجز أنبيائها الآخَرين ، فإذا لَزِم على الناس تصديقكم بما تُخبِرون به ، فلِمَ لا يجب على الناس تصديق المُخبِرين الآخَرين في نقْلِهم عن أنبيائهم ؟ ! .

وإذا كان الأمْر على هذه الصورة ، فلِمَ لا تُصدِّقون الأنبياء الآخَرين .

فقال : إنّ معاجز موسى ثابتة عند كلّ مِن اليهود ، والنصارى ، والمسلمين ، وكلّهم يعترفون بصِدْقها وأمّا معاجز غيره فلَمْ يعترف بها الجميع ، فهي لذلك تحتاج إلى الإثبات ، فقلتُ له : إنّ معجزات موسى ( عليه السلام ) لم تثبُت عند المسلمين ، ولا عند النصارى إلاّ بإخبار نبيّهم بذلك لا بالتواتر ، فإذا لَزم تصديق المُخبِر عن تلك المعاجز ، وهو يدّعي النبوّة لَزم الإيمان به والاعتقاد بنبوّته ، وإلاّ لم تثبُت تلك المعاجز أيضاً ، هذا شأن الشرائع السابقة .

٥٠٠