وقد يستشكل على هذا الاستصحاب من وجوه ذكرها المرحوم النائيني –قدسسره
–:
الأول: ان موضوع الأثر في المقام هو عدم الحرمة النعتي، وهو غير متيقن
سابقا، فانه لايعلم عدم حرمة الحيوان في الشريعة المقدسة سابقا حتى يستصحب. وما هو المتيقن سابقا العدم المحمولي وليس بموضوع للأثر، والتمسك باستصحاب العدم المحمولي لاثبات العدم النعتي مثبت فلا يجري هذا الاستصحاب.
والجواب عن ذلك ان الأحكام الثابتة في الشريعة المقدسة لم تجعل من اول انعقادها بل انما جعلت تدريجا، فنعلم ان في اول انعقاد الشرع لم يجعل الحرمة للحيوان فيستصحب عدم الجعل في نفس الشرع، فالمستصحب العدم النعتي والمفروض انه الموضوع للأثر.
الثاني: ان الأصل المذكور معارض لأصالة الاباحة فان كلا من الحرمة والاباحة حكمان مجعولان حادثان مسبوقا بالعدم.
والجواب عن ذلك: (اولا) ظهر مما تقدم، فانا نعلم باباحة أكل الحيوان في أول الشرع فالمستصحب هو الاباحة لا عدمها. (وثانيا) ان موضوع الاثر في المقام حرمة الأكل وعدمها كما مر في بيان ما يستفاد من موثقة ابن بكير لا اباحته وعدمها، فالاستصحاب غير جار في الاباحة في نفسه.
الثالث: ان موضوع الأثر هو الحرمة الفعلية لا الانشائية، والفرق بينهما انه في الثاني مقام جعل الحكم والأول مرحلة المجعول ووجود الموضوع، فاستصحاب عدم جعل الحرمة ليس له اثر، والحرمة الفعلية غير متيقن سابقا فانه ليس زمان علم فيه عدم حرمة الحيوان بعد وجوده، واستصحاب عدم الجعل لايثبت عدم الفعلية الا على القول بالأصل المثبت.
قال السيد الاستاذ في الجواب عن ذلك: ان مقام الجعل والمجعول لايغير الحكم ولاينوعه الى نوعين، بل الحكم في مرحلة الفعلية هو الحكم في مرحلة الجعل. غاية الأمر انه في مرحلة الجعل جعل على الموضوع، ولو لم يكن موجودا بالفعل والموضوع في مرحلة الفعلية موجود بالفعل، فالموضوع الموجود محكوم بالحكم من الأول حتى قبل وجوده لعدم دخل وجوده في موضوعيته. فعلى ذلك
يمكن الاشارة الى الموضوع الموجود ويقال ان هذا لم يجعل له الحرمة أي لم يكن محرما في الشرع والان كما كان.