البحث في رسالات عشر

البحث في رسالات عشر0%

البحث في رسالات عشر مؤلف:
تصنيف: متون فقهية ورسائل عملية
الصفحات: 367

  • البداية
  • السابق
  • 367 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 32905 / تحميل: 5607
الحجم الحجم الحجم
البحث في رسالات عشر

البحث في رسالات عشر

مؤلف:
العربية

موثقة ابن بكير(١) انه هو الصلاة، الا انه بالدقة يكشف عن ان المراد منها ايضا الأول نظير ما في موثقة سماعة.

الكلام فيما يقتضيه الاصل في اللباس المشكوك: ويقع اولا فيما تقتضيه الأدلة الاجتهادية، ثم ما تقتضيه الاصول العملية

الأدلة الاجتهادية

فقد استدل على جواز الصلاة في اللباس المشكوك بوجوه:

الأول: ما ذكره المحقق القمي –قدس‌سره – وهو ان المستفاد من ادلة الاعتبار انه ينحصر بمورد الاحراز فقط، ويدفعه اطلاقات دليل الاعتبار كموثقة ابن بكير وسماعة المتقدمة، والألفاظ موضوعة لنقل المعاني الواقعية، والاحراز وعدمه خارج عن دائرة المعنى.

الثاني: وهو عمدة مايمكن الاستدلال به لذلك، الأخذ باطلاقات او عمومات جواز الصلاة في أي لباس، والتقييد بعدم كون اللباس من غير المأكول وان كان ثابتا، الا ان حجية دليل المقيد مشروطة باحرازه صغرى وكبرى ومع عدم الاحراز – كما في المقام للشك في صغرى ذلك الدليل فيه – يتمسك باطلاق دليل الأول أو عمومه للشك في تخصيصها او تقييدها بغير المقام.

والجواب عن ذلك ظهر في الاصول في بحث العموم والخصوص في التمسك في الشبهات المصداقية للمخصص من ان الشك في صغرى المخصص وان كان موجبا لسقوط دليل المخصص عن الحجية الا انه لاحجية للعموم ايضا في ذلك، فانه مخصص بعنوان المأخوذ في المخصص واقعا، فدائرة العام وان كانت شاملة للمصداق المشكوك فيه بحسب الارادة الاستعمالية الا انه بعد فرض تخصيص

____________________

(١) الوسائل: ج٣ باب ٢ من ابواب لباس المصلي حديث١.

٢٠١

العام بعنوان المخصص والشك في انطباق المخصص على المشكوك فيه وعدمه لا يمكن احراز ان دائرة العام بحسب الارادة الجدية شاملة له فيسقط العام عن الحجية فيه.

وبعبارة اخرى: المعتبر عند العقلاء في أصالة العموم هو ما اذا كان الشك في التخصيص والاخراج، وأما اذا علم بالتخصيص والاخراج ولم يعلم انطباق المخصص والخارج فلم يعهد من العقلاء التمسك بها، وتمام الكلام في محله.

الثالث: ما يظهر من بعض كلمات المحقق القمي –رحمه‌الله – أيضا وهو ان فعلية الحكم موقوفة الى الوصول فما لم يصل الحكم لم يكن فعليا. نعم في الوضعيات الفعلية لا تدور مدار ذلك، الا انه في الأحكام التكليفية حيث ان البعث او الزجر يكون بداعي الانبعاث او الانزجار ولا يتحقق الا بالوصول فلابد في فعليتها ذلك، وفي المقام أن دليل عدم جواز الصلاة في غير المأكول كموثقة سماعة «لا تلبسوا منها... الخ » انما هو بلسان النهي والزجر فلابد في فعلية مدلوله الوصول، والمفروض ان الموضوع مشكوك فيه، فدليل المانعية ساقط عن اثباتها فيه، فنتمسك بالاطلاقات لاثبات الصحة.

والجواب: (أولا) ان دليل مانعية لبس غير المأكول لاينحصر بما هو بلسان الزجر كموثقة سماعة بل ظاهر موثقة ابن بكير المانعية وهي من الوضعيات.

(وثانيا) لو سلم ما ذكر فيما لو كان التكليف بداعي الانبعاث والانزجار لانسلمه فيما لو كان بداعي الارشاد الى الشرطية والمانعية وغيرهما من الاحكام الوضعية، والمفروض ان النواهي الموجودة في المقام وامثاله ليست بنواهي نفسية بل كلها ارشادية الى ذلك.

(وثالثا) ان المبنى فاسد فان اشتراط فعلية الحكم بالوصول بعد تسليم ان الوصول غير مأخوذ في موضوعه خلف، فان فعلية الحكم دائرة مدار وجود موضوعه، ولذا يقال ان الاحتياط حسن حتى في مورد عدم وجوبه، فلو لم يكن

الحكم فعليا في فرض عدم الوصول لم يكن موضوعا للاحتياط فضلا عن حسنه. نعم الوصول معتبر في تنجز التكليف، أي المكلف معذور في مخالفة التكليف الغير الواصل، وأين هذا من دخله في موضوع الحكم وفعليته؟.

٢٠٢

(ورابعا) ان ما ذكره تقريب اخر عن الشبهة المصداقية فان التكليف بحسب الكبرى واصل وانما الشك في الصغرى وانطباق ذلك التكليف على مورد الشك، وحينئذ وان لا يمكن التمسك بدليل التكليف لاثبات فعليته في مورد الشك الا انه لايمكن التمسك بالاطلاقات ايضا لاثبات الصحة لعدم جواز التمسك بالعموم والاطلاق في الشبهات المصداقية.

(وخامسا) لو سلمنا جميع ما ذكره في ذلك لانسلم سقوط دليل المانعية عن شموله للموضوع المشكوك وان كان بلسان النهي والزجر، فان الساقط ليس الا النهي والزجر عن الفعلية لا ان الكراهة والمبغوضية الواقعية التي يكشف عنها اطلاق دليل المانعية ولو قبل الوصول ساقطة، وتكفي نفس الكراهة الواقعية لحكم العقل بلزوم الامتثال. نعم في موارد الشبهات المصداقية يختلف الحال والكلام فعلا مع قطع النظر عنه.

بيان ذلك: ان ظاهر ادلة التكاليف المشتملة على الأمر والنهي هو البعث والزجر، والبعث اذا كان بداعي الالزام فهو وجوب والا فندب وكذا الزجر اذا كان بداعي الالزام فهو حرمة والا فكراهة، هذا في مقام الثبوت.

واما في مقام الاثبات فالبعث والزجر حجة على المكلف الا اذا ثبت الترخيص من الشارع. واما ما بنى عليه سيدنا الاستاذ – مد ظله – من أن الأمر والنهي دالان على اعتبار شيء على ذمة المكلف لايتم. نعم في مثل( لِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً ) (١) يمكن دعوى ذلك، واما في موارد

____________________

(١) ال عمران: ٩٧.

٢٠٣

الأوامر والنواهي فلا. نعم في المرتبة السابقة على البعث والزجر لابد من تعلق المطلوبية او المبغوضية الواقعية بالفعل، واذا علم المكلف بتلك المطلوبية او المبغوضية يجب عليه الجري على طبقه بحكم العقل وان لم يكن في مورده بعث او زجر لجهة من الجهات.

وبنينا ايضا في مسألة الجمع بين الحكم الظاهري والواقعي ان الجمع بين البعث والزجر الواقعيين والترخيص في الظاهر مستحيل، فان البعث والزجر انما هو بداعي الانبعاث والانزجار، والمفروض ثبوت الرخصة في ترك الامتثال، ولايمكن انقداح ارادة البعث او الزجر والترخيص في ترك الامتثال.

وما افاده السيد الاستاذ – في هذا المقام – من ان الحكمين ليسا بمتضادين بالذات فانهما اعتباريان، والتنافي بحسب المبدأ وهو اجتماع المصلحة والمفسدة غير موجود في الجمع بين الظاهري والواقعي، والمفروض ان التنافي بحسب المنتهى ومرحلة الامتثال ايضا مفقود لأن في ظرف امتثال الحكم الظاهري الواقعي غير ثابت، وفي ظرف ثبوته لاموضوع لحكم الظاهري لايمكن المساعدة عليه، فان البعث والزجر وهكذا الترخيص في مرحلة الانشاء مسبوقة بمبادىء خاصة منها داعي الالزام في الأولين وعدمه في الأخير، واجتماع الداعي وعدمه مستحيل فانه من اجتماع النقيضين في التكوين. ولذا بنينا على انه لو كنا نحن ونفس اطلاقات الأدلة لقلنا بلزوم الاحتياط عقلا، لعدم ثبوت حكم العقل بقبح العقاب بلا بيان بالمعنى الذي اريد من البيان في مورد الشك في التكليف ولاسيما في الشبهات الموضوعية.

نعم لابد من تقييدها بغير مورد العجز عقلا، فان تكليف العاجز قبيح عقلا بل غير معقول اذا كان المولى عالما بعجز العبد عن الامتثال – كما هو كذلك في المولى الحقيقي – لعدم انقداح داعي البعث والزجر في محله حينئذ، وقانونية الجعل التي بنى عليه استاذنا المحقق – مد ظله – لا تصحح المطلب بعد

فرض شمول القانون للمورد، ولايقاس قيود الموضوع في الواجبات العينية بقيود المتعلق، فان المطلوب في الثاني نفس الطبيعة، ومع العجز عن البعض والقدرة على الاخر يصدق القدرة على الطبيعة بخلاف الأول، فان المطلوب منه ليس نفس الطبيعة بل هي بقيد التكثر في العمومات والسريان في الاطلاقات، ولذا يجب على جميع الأفراد بحيث يكون كل منهم مكلفا بتكليف نفسه لابتكليف الاخرين، والتكثير والسريان بحيث يشمل العاجز – مضافا الى كونها لغوا لعدم ترتب أثر عليه في الخارج – غير معقول لعدم انقداح الداعي في محله، فتكليف العاجز بمعنى البعث والزجر قبيح عقلا بل مستحيل بخلاف الجاهل.

٢٠٤

نعم بحسب الأدلة الشرعية علمنا ان الجاهل معذور في مقام الامتثال، وقد ذكرنا ان الجمع بين البعث والزجر والمعذورية في مقام الامتثال غير ممكن، فلابد من رفع اليد عن ظهور الأدلة الواقعية في البعث والزجر بالنسبة الى الجاهل ايضا كالعاجز، الا انه حيث ان الاجماع والضرورة وبعض النصوص الدالة على اشتراك العالم والجاهل في التكليف تمنعنا عن الالتزام بعدم ثبوت التكليف الواقعي على الجاهل، نلتزم بأن الساقط هو البعث او الزجر والمطلوبية او المبغوضية الواقعية بعد باقية، وبما ان مثل هذا الاجماع والضرورة وغيرهما مفقود في العاجز – والمفروض ان اطلاق الدليل سقط عن الشمول – فلا دليل على بقاء ذلك بالنسبة اليه.

ونتيجة ماذكرنا اجزاء الأمر الاضطراري عن الواقع بل لا واقع له غير الحكم في مورد الاضطرار حتى يبحث عن الاجزاء. نعم يمكن البحث عن مبنى تعدد المراتب المطلوبية، وتمام الكلام في محله، بخلاف الأمر الظاهري فانه لا يجزي عن الواقع، والعقل يحكم بلزوم الجري على تلك المطلوبية او المبغوضية الثابتة بالاجماع والضرورة، ونتيجته لزوم الامتثال ولو قضاء، فان القضاء وان كان بأمر جديد الا ان ظاهر دليله ان مطلوبية القضاء مرتبة من مراتب

مطلوبية نفس الطبيعة، أي الثابت في مورد القضاء نفس ما ثبت في مورد الأداء، غاية الأمر سقط بعض مراتبه.

ومما ذكرنا ظهر الحال في الأحكام الوضعية فانها عامة للجاهل والعاجز لوجود المقتضي وعدم المانع. نعم حيث انه قد يجعل ذلك استقلالا وقد يجعل تبعا فلابد من ملاحظة لسان الدليل، فمع كونه بلسان البعث والزجر فالنتجية وان كان جعل الشرطية والجزئية مثلا الا انهما منتزعان من مدلول ذلك الدليل وهو البعث نحو شيء اخر او لشيء اخر، فيجري فيه ما ذكرنا في التكاليف النفسية.

وحاصل ما ذكرنا ان ما بنى عليه المحقق القمي –رحمه‌الله – من عدم فعلية الشرطية او المانعية يتم بالنسبة الى نفس البعث او الزجر الراجع الى اللبس مع بقاء اصل المطلوبية او المبغوضية ولو قلنا بالمعذورية في الترك

٢٠٥

الاصول العملية

فقد يستدل على ذلك بقاعدة الحلية بتقريب ان الشك في اللباس مسبب عن الشك في أن الحيوان المأخوذ منه ذلك هل هو حلال أكل لحمه او حرام أكل لحمه، وكل شيء لك حلال حتى تعرف الحرام منه بعينه. فبجريان هذا الأصل ينقح موضوع جواز الصلاة وهو لبس محلل الأكل او عدم لبس محرمه.

وقد أشكل المرحوم النائيني –قدس‌سره – على ذلك بوجوه:

الأول: ان قاعدة الحلية انما تجري في شيء له واقع شك في حليته وحرمته وفي المقام لاشك كذلك، فان الحيوان المأخوذ منه اللباس مردد بين فردين محلل الأكل جزما ومحرم الأكل قطعا، وعنوان أحدهما لا واقع له حتى يحكم بحليته فلا يجري الأصل. ولكن لايمكن المساعدة على ذلك فانه لامانع من

جريانت الأصل في هذا النحو من الترديد، فان المفروض وقوع الشك في الحيوان المأخوذ منه اللباس ولو كان طرفا الشك محكومين بحكم جزما، فنشير الى ذلك الحيوان ونقول: ان هذا المردد بين كونه غنما أو أرنبا شك في حليته وحرمته فهو حلال، كما اذا وجدت قطعة لحم شك فيها كذلك، وهنا وان اخذ اللباس من احد الحيوانين الغير الموجودين بالفعل لكن يمكن الاشارة المذكورة، كما لايخفى.

الثاني: ان عنوان الحل والحرمة في روايات اللباس قد اخذ مشيرا الى العناوين الواقعية كالأسد والأرنب والغنم والبقر وهكذا، فعلى ذلك ما هو موضوع للروايات غير جار فيه الأصل لعدم الشك في شيء منها وما هو مجرى الأصل وهو ما اخذ منه اللباس على اهماله ليس بموضوع للروايات. وقد تقدم ما يمكن الجواب به عن ذلك، وهو ان ظاهر العنوانين المأخوذين في الروايات دخلهما في الموضوع على النحو الموضوعية لا الطريقية فلا يجوز الصلاة في محرم الأكل ويجوز في محلل الأكل، والمفروض الشك في حلية المأخوذ منه اللباس وحرمته والأصل الحلية.

٢٠٦

الثالث: أن المأخوذ في الروايات الحرمة والحلية الطبعيتان لا الفعليتان، وقاعدة الحلية انما تثبت الحلية الفعلية في مورد الشك لا الطبعية الا على القول بالأصل المثبت. وهذا جواب متين فانه لا ملازمة بين الحرمة الفعلية وعدم جواز الصلاة، فان الصلاة في صوف الغنم صحيح وان لم يذك والثابت هو الملازمة بين حرمة أكل الحيوان بطبعه وعدم جواز الصلاة ولذا الصلاة في اجزاء الأرنب لايصح وان كان مذكى.

ومن هنا يعلم انه لو بني على جواز التمسك بالاستصحاب في الأعدام الأزلية وجريان استصحاب عدم التذكية مع ذلك لايمكن التمسك باستصحاب عدم التذكية لاثبات عدم جواز الصلاة، فان ما يثبت استصحاب عدم التذكية هي الحرمة الفعلية لا الطبعية للحيوان، وما هو موضوع لعدم جواز

الصلاة هي الطبعية. نعم لو كان الأصل مثبتا للحلية الطبعية في مورد مثل مورد الشك في حصول الجلل في الحيوان المحلل أكله لقلنا بجريانه وجواز الصلاة فيه، الا ان المقام ليس كذلك كما هو ظاهر.

وقد يستدل على ذلك أيضا بقاعدة الطهارة، لكن طهارة الحيوان لايلازم حلية أكله، بل ومع الملازمة لايثبت الأصل ذلك الا على القول بالأصل المثبت.

وقد يستدل عليه أيضا باستصحاب عدم الحرمة الثابتة لكل شخص قبل بلوغه. ويرد على هذا الاستدلال أيضا ماورد على الاستدلال بقاعدة الحلية، فان عدم الحرمة المستصحبة حينئذ حكم فعلي لهم لا طبعي للحيوان، واستصحاب عدم الحرمة الفعلية بالنسبة الى الشخص لايثبت أن الحيوان بطبعه حلال بحيث يجوز أكله بالنسبة الى البالغين.

وبعبارة اخرى: لازم الحرمة الطبعية للحيوان حرمة أكله على البالغين، واستصحاب عدم الحرمة الثابتة لغير البالغ لايثبت عدم الحرمة على البالغ ولا عدم حرمة أكل الحيوان بطبعه، فهذا الاستصحاب لايفيد، ولذا نحكم بعدم جواز الصلاة في غير المأكول حتى بالنسبة الى غير البالغين.

وهنا استدلال اخر وهو استصحاب عدم جعل الحرمة للحيوان المأخوذ منه اللباس بلا فرق بين كون الشبهة حكمية او موضوعية، فانه في الثاني أيضا يمكن اجراء ذلك الاستصحاب فيقال ان هذا الحيوان مردد امره بين كونه داخلا في المحلل أكله أو داخلا في المحرم اكله فيشك في حرمته وحليته فيستصحب عدم حرمته.

٢٠٧

وقد يستشكل على هذا الاستصحاب من وجوه ذكرها المرحوم النائيني –قدس‌سره –:

الأول: ان موضوع الأثر في المقام هو عدم الحرمة النعتي، وهو غير متيقن

سابقا، فانه لايعلم عدم حرمة الحيوان في الشريعة المقدسة سابقا حتى يستصحب. وما هو المتيقن سابقا العدم المحمولي وليس بموضوع للأثر، والتمسك باستصحاب العدم المحمولي لاثبات العدم النعتي مثبت فلا يجري هذا الاستصحاب.

والجواب عن ذلك ان الأحكام الثابتة في الشريعة المقدسة لم تجعل من اول انعقادها بل انما جعلت تدريجا، فنعلم ان في اول انعقاد الشرع لم يجعل الحرمة للحيوان فيستصحب عدم الجعل في نفس الشرع، فالمستصحب العدم النعتي والمفروض انه الموضوع للأثر.

الثاني: ان الأصل المذكور معارض لأصالة الاباحة فان كلا من الحرمة والاباحة حكمان مجعولان حادثان مسبوقا بالعدم.

والجواب عن ذلك: (اولا) ظهر مما تقدم، فانا نعلم باباحة أكل الحيوان في أول الشرع فالمستصحب هو الاباحة لا عدمها. (وثانيا) ان موضوع الاثر في المقام حرمة الأكل وعدمها كما مر في بيان ما يستفاد من موثقة ابن بكير لا اباحته وعدمها، فالاستصحاب غير جار في الاباحة في نفسه.

الثالث: ان موضوع الأثر هو الحرمة الفعلية لا الانشائية، والفرق بينهما انه في الثاني مقام جعل الحكم والأول مرحلة المجعول ووجود الموضوع، فاستصحاب عدم جعل الحرمة ليس له اثر، والحرمة الفعلية غير متيقن سابقا فانه ليس زمان علم فيه عدم حرمة الحيوان بعد وجوده، واستصحاب عدم الجعل لايثبت عدم الفعلية الا على القول بالأصل المثبت.

قال السيد الاستاذ في الجواب عن ذلك: ان مقام الجعل والمجعول لايغير الحكم ولاينوعه الى نوعين، بل الحكم في مرحلة الفعلية هو الحكم في مرحلة الجعل. غاية الأمر انه في مرحلة الجعل جعل على الموضوع، ولو لم يكن موجودا بالفعل والموضوع في مرحلة الفعلية موجود بالفعل، فالموضوع الموجود محكوم بالحكم من الأول حتى قبل وجوده لعدم دخل وجوده في موضوعيته. فعلى ذلك

يمكن الاشارة الى الموضوع الموجود ويقال ان هذا لم يجعل له الحرمة أي لم يكن محرما في الشرع والان كما كان.

٢٠٨

أقول: ان جعل الأحكام وان كان على نحو قضايا الحقيقية وبنحو القانون وفعلية وجود الموضوع غير دخيل فيه، الا ان جريان الاستصحاب لاتثبت ترتب المستصحب على الموضوع الموجود بالفعل الا على الاثبات، فعدم جعل حرمة الأكل للحيوان المشكوك حكمه امر وترتبه على الموجود أمر اخر، وان أراد ما هو ظاهر أخير كلامه من ان موضوع المستصحب نفس الموجود، وبالاشارة يقال ان هذا لم يجعل له الحرمة والان كما كان. ففيه ان عدم جعل الحرمة لهذا – أي الموجود – معلوم لايحتاج الى الاستصحاب، فان الحكم لم يجعل على الفرد الموجود جزما، ولاشك في ذلك حتى يستصحب، لكن عدم جعل الحرمة للموجود لاينفي عدم فردية الموجود للموضوع وعدم انطباق المجعول على الموجود. والصحيح ان هذا الاستصحاب ايضا لايفيد وان بنى عليه السيد الاستاذ – مد ظله – وقال بأنه يجوز الصلاة في المشكوك من جهة تنقيح موضوعه باستصحاب عدم الحرمة.

ثم انه على تقدير جريان الاستصحاب لا فرق فيه بين القول بالشرطية والمانعية، فانه كما يمكن استصحاب عدم الحرمة بناء على المانعية يمكن استصحاب الاباحة بناء على الشرطية أيضا، هذا مضافا الى امكان استصحاب عدم مانعية هذا اللباس للصلاة، بناء على القول بأنه كما ان جعل الاحكام الاستقلالية تدريجي جعل الأحكام الضمنية أيضا كذلك، فانه يقال ان هذا اللبس لم يكن مانعا للصلاة في زمان هذا الشرع والان كما كان، ولا يجري هذا الاستصحاب بناء على الشرطية، كما هو ظاهر.

هذا ما تم به السيد الاستاذ – مد ظله – كلامه في هذا الاستصحاب وبنى عليه. ولكنك خبير بأنه اذا وصلت النوبة الى استصحاب عدم المانعية تكفي لاثبات جواز الصلاة في المشكوك نفس أدلة البراءة حتى في الشبهة الموضوعية بلا حاجة الى الاستصحاب حتى يرد عليه بان عدم مانعية الموجود غير متيقنة سابقا وعدم المانعية بنحو القانون لايثبت فردية الموجود لموضوعها وترتبها عليه. والصحيح جواز الصلاة في المشكوك فان مانعية المشكوك او شرطية غيره مشكوك، والأصل البراءة، ولا نحتاج الى اثبات أي أمر اخر حتى يقال بأنها مثبتة، فان ما تمت الحجة عليه وهو أصل الصلاة قد أتى بها وما احتمل دخله فيها لم تقم حجة عليه ومرفوع وهذا معنى صحة الصلاة المأتي بها، ونتعرض لذلك ان شاء الله فيما سيأتي.

٢٠٩

ثم ان السيد الاستاذ – مدل ظله أفاد فرعا في المقام لايجري عليه استصحاب الحرمة الذي جرى بنظره على الفرع السابق، وتمسك فيه باستصحاب العدم الأزلي وصرف عنان كلامه فيه. ونحن أيضا نتبع ما افاده لنرى أنه هل يمكن المساعدة لما بنى عليه أو لا؟.

قال: ولا يخفى ان الاستصحاب المذكور انما يتم فيما اذا علم بكون اللباس من اجزاء الحيوان، فلو تردد أمره بين كونه من محرم الأكل او من القطن مثلا لايجري استصحاب عدم الحرمة، فلابد لاثبات الجواز من التمسك بأصل موضوعي اخر وهو أصالة عدم جزئية هذا اللباس للحيوان المحرم اكل لحمه، وهل هذا الاستصحاب حجة أم لا؟ مبني على جريان الاستصحاب في الأعدام الأزلية وعدمه.

ثم قال: ولا بأس بصرف عنان الكلام في ذلك فنقول: يقع الكلام اولا في عدة امور:

الأول: ان موضوع الحكم – الأعم من المتعلق – قد يكون بسيطا وقد يكون مركبا من أمرين او عدة امور، أما (الأول) فلا اشكال في جريان الاستصحاب فيه اذا تم فيه أركانه. واما (الثاني) فجريان الاستصحاب في نفس المركب عند تمامية الأركان فيه أيضا كذلك، واما لو فرضنا حصول العلم ببعض أجزائه – الأعم من الشرائط – والشك في الباقي فهل يمكن اجراء الأصل في المشكوك فيه واحراز الموضوع بضم الوجدان الى الأصل أم لا؟ المشهور والمعروف امكان ذلك، وقد يقال ان الأصل الجاري في الجزء المشكوك فيه معارض بأصالة عدم حصول المركب عند فقدان ذلك الجزء. لكنه فاسد جزما لأن موضوع الحكم لو كان العنوان المأخوذ من الأجزاء بحيث تكون الأجزاء محصلا له، فمع أنه خارج عن الفرض – فان الكلام فيما اذا كان الموضوع مركبا لا بسيطا – لايجريالأصل في الجزء المشكوك فيه لعدم ترتب اثر عليه فضلا عن وقوع المعارضة بين الأصلين. ولو كان الموضوع ذوات الاجزاء بأسرها فاصالة عدم المركب لامعنى لها، فان المركب محرز على الفرض بضم الوجدان الى الأصل، فالأصلان لا يجريان في مورد واحد حتىتقع المعارضة بينهما.

وقد ذكر المرحوم النائيني –قدس‌سره – في مقام الجواب عن الشبهة بأن الأصل الجاري في الجزء حاكم على الأصل الجاري في المركب حكومة الأصل الجاري في السبب على الأصل الجاري في مسببه. ولايتم ماذكره بوجه، فان السببية وان كانت صحيحة الا نها غير شرعية ومعه لاحكومة الا بناء على جريان الاصول المثبتة، ولا نقول به.

٢١٠

اقول: لو كانت بين الجزء والمركب سببية شرعية كالطهارة والصلاة فما ذكره النائيني هو الصحيح، والا فلا يمكن تصديق السيد الاستاذ بما ذكره من ان اصالة عدم المركب لا معنى لها مع جريان الأصل في الجزء، فان هذا الأصل الجاري في الجزء ليس بمفروض الوجود حتى يقال بعدم وجود المعنى للأصل في المركب مع هذا الاصل، بل الأصلان في مرتبة واحدة ولايلزم ان يكون جريانهما في مورد واحد حتى تقع المعارضة بينهما، بل نفس العلم بعدم جريان احد الأصلين كاف في وقوع المعارضة بينهما، فتدبر جيدا. نعم أصالة عدم المركب غير جارية في نفسه لعدم ترتب اثر شرعي عليها فتبقىالأصل الجاري في الجزء بلا معارض.

ثم قال: هذا اذا كان الموضوع مركبا من جوهرين او عرضين او جوهر وعرض قائم بغير ذلك الجوهر، مثال الأول وجود الاخوة في حجب الام، ومثال الثاني كالطهارة والصلاة، ومثال الثالث كوجود الوارث وموت المورث. واما لو كان الموضوع مركبا من جوهر وعرضه القائم به فهل يجري الأصل في ذلك ام لا؟ فليعلم ان تركب الموضوع من العرض ومحله لايمكن الا اذا اخذ العرض ناعتا في محله، أي كون المأخوذ في الموضوع الا تصاف بكذا لا بما ذكره المرحوم النائيني –رحمه‌الله – من ان انقسام المعروض كزيد مثلاباتصافه بالعرض كالقيام وعدمه يقدم على انقسام العرض بكونه قائما بالمعروض وعدمه، فلابد من اخذ الاتصاف في المعروض، والا فيقع التهافت بين اطلاق المحل وثبوت العرض له او تقديم انقسام العرض على انقسام معروضه لان المعروض لايخلو أمره عن التقييد بالاتصاف وهو المطلوب او الاطلاق فيقع التهافت، فان المفروض اخذ العرض القائم بمحله في الموضوع او عدمه فيقدم انقسام العرض على انقسام المعروض. فان ماذكره كلام لايرجع الى معنى صحيح، لان العرض ليس له وجودان وجود في نفسه ووجود في غيره بل له وجود واحد والاختلاف انما هو باللحاظ، فلو لوحظ قائما بالغير يقال له الاتصاف ولو لوحظ مستقلا يقال له العرض، فاتصاف المعروض بالعرض عين قيام العرض به فأين التقدم والتأخر؟ بل وجه ذلك ماذكرنا من ان وجود العرض في نفسه عين وجوده في غيره فلا يعقل أخذ العرض ومحله في الموضوع الا مع كون المحل متصفا بذلك، فانه لو كان العرض مع ذلك مطلقا لزم الخلف، فان المعروض ليس محلا لعرضه على اطلاق العرض، أي ولو كان ثابتا في غير ذلك المحل، وهذا ظاهر، واذا كان الأمر كذلك لا يمكن اجراء الأصل في الموضوع الا اذا كان الاتصاف او عدمه مسبوقا بحالة سابقة كاستصحاب كرية الماء او عدمها، واما مع عدم السبق بذلك لايمكن اثبات الاتصاف باستصحاب محمولي، فانه من الأصل المثبت، فلو شككنا في عمى زيد وعدمه أي

٢١١

اتصافه بعدم البصر وعدمه مع عدم وجود حالة سابقة معلومة له كذلك لايمكن اثبات اتصافه بالعمى باستصحاب عدم البصر له فانه من المثبت.

الثاني: ان الموضوع او المتعلق في مقام الثبوت بالنسبة الى المولى الملتفت الى موضوع حكمه ومتعلقه لايخلو أمره – بالنظر الى كل خصوصية – من الاطلاق او التقييد بذلك، ولا يعقل الاهمال في هذا المقام لان هذه الخصوصية اما هي معتبرة في الموضوع او المتعلق أو لا، فالأول التقييد والثاني الاطلاق، واما في مقام الاثبات فيمكن الاهمال من جهة عدم كون المتكلم في مقام بيان اعتبار تلك الخصوصية في متعلق حكمه او موضوعه وعدم اعتبارها، وهذا ظاهر.

الثالث: كما ان تخصيص العام بالمتصل يوجب تعنونه بعنوان الخاص من جهة عدم انعقاد الظهور للكلام الا في ذلك كذلك تخصيصه بالمنفصل أيضا يوجب تعنونه بغير العنوان المأخوذ في المخصص لا من جهة هدم الظهور ولا كشف الخاص عن المستعمل فيه في لفظ العام، بل لأن حجية العام في مدلوله موقوف بعدم وجود حجة أقوى على خلافه، ومع وجود ذلك فحجية العام منحصرة بما وراء ذلك الخاص، فبما ان الاهمال في مقام الثبوت غير معقول نستكشف من التخصيص ان الجد في العام متحقق في غير مورد التخصيص، والارادة الجدية في مقام تعلق الحكم – لا في مقام الاستعمال – متعلق بغير ذلك المورد.

الرابع: ذكرنا ان موضوع الحكم أو متعلقه لو كان مركبا من العرض ومحله لابد من ان يؤخذ العرض ناعتا، فان وجود العرض في نفسه عين وجوده لغيره هذا اذا كان التركيب من الذات ووجود العرض، واما اذا كان منه ومن عدم

عرضه القائم به فلا، لان القضية السالبة لايحتاج الى وجود الموضوع بل لا يعقل الربط بين العدم والشيء، فان العدم بطلان محض، فلو اخذ ناعتا كما في القضايا المعدولة لايؤخذ بنفسه ناعتا بل يؤخذ عنوان وجودي مقارن له كذلك كالعمى مثلا المقارن لعدم البصر، ومن المعلوم ان هذا خلاف الظاهر من أخذ عنوان العدم في الموضوع، فطبع أخذ العدم في الموضوع يقتضي أخذه محمولا على نحو سلب الربط وسالبة محصلة لا أخذه ناعتا على نحو ربط السلب وموجبة معدولة، وبهذا يظهر عدم تمامية جملة مما ذكره المرحوم النائيني –رحمه‌الله – في هذا المقام فراجع كلامه – أعلى الله مقامه –.

٢١٢

وقد ظهر بما ذكرنا انه فيما اذا كان الموضوع مركبا من الذات وعدم اتصافه بالعرض يجري استصحاب عدم الاتصاف ويلتئم الموضوع بصم الوجدان الى الأصل، فانه كما ان الذات مسبوق بالعدم كذلك اتصافه بالعرض ايضا مسبوق بالعدم، فأركان الاستصحاب تامة، بخلاف ما لو اخذ العدم فيه على النحو الناعتية، فلا يجري الاستصحاب فيه اذا كان لنفس الاتصاف بالعدم حالة سابقة، والا فلا يجري الاستصحاب فيه ولايمكن اثباته بجريان الاستصحاب في العدم المحمولي، كما لايخفى، هذا.

وقد فصل بعض الأعاظم بين ما لو كان موضوع الحكم المركب من العرض ومحله على النحو المركبات الناقصة التقييدية كزيد العالم فيجري الاستصحاب عند الشك فيه لو كان مسبوقا بالوجود أو في عدمه لو كان مسبوقا بالعدم، بخلاف ما لو كان من قبيل الجمل الخبرية التامة التي يؤخذ الموضوع فيها مفروض الوجود كزيد الذي هو عالم فلا يجري الاستصحاب في عدمه وان كان يجري في وجوده لو كانت له حالة سابقة، فان عدم البديل للشيء في مرتبة نفسه، فكما أخذ الموضوع المفروض الوجود بالنسبة الى وجود العرض لابد من أخذه كذلك بالنسبة الى عدم ذلك أيضا، فلايمكن جريان استصحاب العدم

حينئذ لعدم العلم بسبق عدم العرض مع كون الموضوع مفروض الوجود.

ولكن لايتم شيء مما افاده –قدس‌سره – أمّا في المركبات التقييدية فهي وان كان الامر فيها كما ذكره من امكان جريان الاستصحاب الا انها خارجة عن محلّ الكلام، فان محل الكلام ما اذا اخذ العدم في الموضوع نعتا او محمولا لا إخذ عنوان وجودي كذلك فانه لا إشكال حينئذ في جريان الاستصحاب فيه اذا كان مسبوقا بحالة سابقة. واما في الجمل الخبرية فما ذكره من ان عدم البديل للشيء في مرتبة نفس الشيء لايتم، لان نقيض وجود الخاص عدم الخاص لا العدم الخاص، أي نقيض عدالة زيد ولو اخذ ناعتيا عدم اتصاف زيد بها لا اتصاف زيد بالعدم، والمفروض ان عدم النعت امر أزلي له حالة سابقة يجري فيه الاستصحاب.

والحاصل: انه لو اخذ الموضوع مركبا من الذات وعدم اتصافه بالوصف يمكن اجراء الاستصحاب في العدم، ويلتئم الموضوع حينئذ بضم الوجدان الى الأصل، بخلاف ما لو اخذ مركبا من الذات واتصافه بالعدم أو أتصافه بعرضه – كما هو قضية الأخذ مركبا من العرض ومحله – فلايمكن اجراء الاستصحاب الا اذا كان لنفس الاتصاف او لعدمه حالة سابقة، ولايمكن اثبات الاتصاف بالعدم باستصحاب عدم الاتصاف لكونه مثبتا، فيمكن اجراء استصحاب عدم قرشية

٢١٣

المرأة اذا اخذ الموضوع مركبا من المرأة وعدم انتسابها الى قريش، بخلاف ما اذا اخذ مركبا منها ومن اتصافها بعدم القرشية او كونها غير قرشية فلا يجري الاستصحاب حينئذ لانعتا ولا محمولا.

ففي محل كلامنا – وهو اللباس المشكوك فيه – يمكن اجراء استصحاب عدم كونه من غير المأكول لالتئام الموضوع بضم الوجدان وهو اللباس والأصل وهو عدم كونه كذلك بناء على مانعية لبس غير المأكول للصلاة، واما بناء على الشرطية والقول باشتراط وقوع الصلاة في اللباس الغير المأخوذ من غير المأكول

فلا، فان استصحاب عدم كون اللباس من غير المأكول لا يثبت به وقوع الصلاة في غير المأخوذ من غير المأكول، وحيث انا استفدنا من الروايات المانعية فيجري الاستصحاب بلا اشكال. هذا ما استفدنا من كلام السيد الاستاذ – دام ظله – في الدرس ونقلناه بطوله.

ولنا كلام اخر من سيدنا الاستاذ المحقق – مد ظله – استفدناه من الدرس ايضا ننقله في هذا المقام، ويستفاد منه عدم جريان الاستصحاب في الاعدام الازلية حتى بنحو استصحاب عدم الاتصاف، وعليه استصحاب عدم انتساب المرأة الى قريش او استصحاب عدم اتصاف اللباس بكونه من غير المأكول أيضا لا يجريان. والحق معه – مد ظله – فلاحظ ما ننقله من كلامه تعرف حقيقة مرامه ان شاء الله.

قال في بيان أدلة لزوم المعاطاة ونقلنا عنه في التقريرات ولم يتعرض هو – دام ظله – عن ذلك في كتابه (كتاب البيع): ولا بأس بجر الكلام الى استصحاب عدم تأثير الفسخ وملاحظة الحال في الاعدام الأزلية، وهل يجري الاستصحاب فيها ام لا؟ وقبل الورود في ذلك لابد من ملاحظة وضع القضايا السالبة لتوقفه عليه، ونبين القضايا الحملية الموجبة أولا استطرادا لما فيها من الفائدة.

فاعلم ان المعروف بين المحققين – خلفا عن سلف – ان القضية مركبة من الموضوع والمحمول والنسبة، لكن لما تفحصنا عن ذلك وفتشنا القضايا على اختلافها حملا ومحمولا ايجابا وسلبا ما وجدنا لا في الخارج ولا في القضية المعقولة ولا في الملفوظة مايكون نسبة بين المحمول والموضوع الا في القضايا الموجبة التي لوحظ فيها النسبة بين الأمرين وسميناها بالقضايا الحملية المؤولة نحو: زيد في الدار وعمرو علىالسطح وغير ذلك، بلا فرق بين الخارج والمعقولة والملفوظة، ولذلك يعبر عن تلك النسبة في هذه القضايا بحرف من الحروف.

٢١٤

والدليل على ما ادعينا من ان القضايا الحملية الحقيقية فاقدة للنسبة ان طرفيها متحدان في الخارج بالضرورة بل الحمل حقيقة عبارة عن الهوهوية والاتحاد، والنسبة لا يعقل قيامها الا بالمنتسبين، فمع فرض الاتحاد خارجا والحكم بالهوهوية كيف يعقل وجود النسبة خارجا؟ بل ليس في الخارج الا شيء واحد منتزع منه عنوانان احدهما موضوع والاخر محمول، والحمل في طرف المباينة من النسبة لما ذكرنا من ان النسبة قائمة بالمنتسبين والحمل عبارة عن الهوهوية. فالقول بوجود النسبة في القضايا الحملية خارجا خلف ومناقضة، ولذلك ترى انه في امثال هذا التركيب من القضايا: زيد زيد، الوجود موجود، الله – جل جلاله – موجود او عالم، زيد موجود، لايعقل وجود النسبة بين عقديها في الخارج، فان الالتزام به التزام بمغايرة الشيء ونفسه والتزام بأصالة الماهية والتزام بزيادة الصفات عن الباري والشرك تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا، فليكن الأمر في الهليات المركبة مثل زيد قائم كذلك ايضا بعين البيان، هذا بحسب الخارج.

واما المعقولة والملفوظة فهما حاكيان عن الخارج فوجود النسبة فيهما دون الخارج مستلزم لعدم تطابق الحاكي والمحكي، وهذا كبطلانه ظاهر.

وبعبار اخرى: ان الحاجة الى تفهيم الواقعيات وتفهمهما اقتضت وضع الألفاظ لمداليلها، فلابد من ملاحظة الواقع وما هو المتكلم بصدد بيانه، ففي مثل القيام لزيد الواقع هو الربط بين العرض الجوهر القائم به، فهنا عارض ومعروض وعروض، كل منها مدلول لدال لفظي، وحيث ان هذا المقدار غير كاف للدلالة على تصديق المتكلم بالربط، ولذلك ترى عدم دلالة موضوع هذه الجملة (القيام لزيد ثابت) على ذلك وضعت الهيئة للدلالة عليه ونسميه بالدلالة التصديقية، فهنا نسبة وطرفاها والتصديق بثبوتها لها ولكل منها دال وليس في البين حمل الا بالتأويل والاستمداد من كون الرابط، وفي مثل زيد موجود أو الله موجود أو عالم الواقع ليس الا الاتحاد بين العنوانين المنتزعين او المدركين، فلو اريد من ذلك زيد له الوجود او الله – جل جلاله – له الوجود او له العلم فهي خلاف الواقع وخلاف ما كان المتكلم بصدد بيانه، مع انه يلزم من الأول زيادة الوجود عن الماهية وأصالتها كالوجود، ومن الثاني ان يكون الباري – جل اسمه – معروضا لعوارض قد برهن فساد كل منها في محله، وهكذا الحال في الحمل الأولي الذاتي كحمل الحد على المحدود وما كان كذلك من الحمل الشائع كحمل الذاتيات على الشيء.

٢١٥

واما في موارد الهليات المركبة كزيد قائم فالأمر أيضا كذلك وان لم يلزم منه تلك الاستحالات، فان الواقع هو الاتحاد لا الربط بين الموضوع والمحمول والمتكلم في مقام بيان هذا الاتحاد والهوهوية، فلو اخذت النسبة بينهما في الملفوظة تكون خلاف الواقع، ففي هذا القسم من الحمل الذي هو الحمل الحقيقي موضوع ومحمول ولكل منهما دال والهيئة دالة على الهوهوية التصديقية، وفي مثل زيد القائم الهيئة دالة على الهوهوية التصورية.

أقول: تتميما لما استفدته مما افاده – مد ظله –: ان الهيئة غير دالة الا على التصديق بمفاد الجملة وهي مشتركة بين جميع ما افيد من القضايا ويعبر عنها بـ«أست» بالفارسية، كما انها موجودة في القضايا السالبة ايضا مع انه لا هوهوية فيها، واما الاتحاد والهوهوية فيفهم من مقام الحمل الذي موجود في زيد القائم ايضا، فهنا دوال أربعة: زيد، والقائم، والحمل، والهيئة، وهذا بخلاف القسم الاول، فان الحمل غير موجود هناك بل الموجود فيه الربط والنسبة.

فتحصل ان في القسم الاول منسوب ومنسوب اليه والنسبة والتصديق بها، وفي القسم الثاني محمول وموضوع والحمل والتصديق به، ولذا الأنسب تسمية القضايا في القسم الأول بالقضايا النسبية، وفي القسم الثاني بالقضايا

الحملية، ولو قيل بان الحمل أيضا قسم من النسبة وهي النسبة الاتحادية فانها تدل على اتحاد العنوانين المتغايرين بحسب المفهوم خارجا لم يكن به بأس، والجهات في القضايا الموجهة كزيد كاتب بالامكان راجع الى هذا المعنى من النسبة والشك والظن والقطع متعلق بها أيضا، ولعل القوم ايضا ارادوا بالنسبة ذلك فيصبح النزاع لفظيا. وعلى أي تقدير لابد من التفصيل المذكور الذي افاده – مد ظله – فان القسم الأول مما افاد لا حمل فيه الا مؤولا والأمر ظاهر.

وهنا نكتة لا بأس بالتنبيه بها وهي ان المحكي بالقضية ليس هو الخارج او الواقع، فانه قد لا يكون للقضية واقع اصلا بل في نفس القضية يحكم بعدم الواقع كالقضايا السالبة والموجبة المعدولة، المحمول، بل المحكي بها هي المفاهيم فمحكي زيد مفهومه كما ان محكي شريك الباري أيضا مفهومه، لا اريد من المهفوم الموجود الذهني بل اريد منه ماهو منسلخ عنه قابل للانطباق عليه الذي قد يعبرون عنه بالماهية، ولذا يقال ان الالفاظ موضوعة للمفاهيم والوجود الخارجي او الذهني غير دخيلين في الموضوع له، فزيد قائم قضية مركبة مما دل على مفهوم زيد وهو الموضوع ومادل على مفهوم القائم وهو المحمول، ومما دل على اتحادهما وهو الحمل ومادل على التصديق بالحمل وهي الهيئة.

٢١٦

واما خصوصية الخارجية فيفهم من المقام بمعنى انه مع امكان تطبيق اجزاء القضية على الخارج ووجود المصداق لها خارجا العقلاء يفهمون من القضية الاتحاد الخارجي والا فلا يفهمون منها الا مجرد المفهوم. وقد ظهر ان معنى قضية شريك الباري ممتنع مثلا اتحاد مفهوم شريك الباري والممتنع. وبهذا ايضا يمكن تصوير النسبة الاتحادية، فان المفهومين المحكيين متغايران، فليتدبر.

ثم قال – مد ظله – هذا حال القضايا الموجبة، وأما السوالب فلا نسبة في شيء منها، اما في الهليات البسيطة كزيد ليس بموجود والقضايا السالبة المحصلة

السالبة الموضوع كالعنقاء ليس بأبيض فلا واقع لشيء من طرفيها أصلا ففضلا عن النسبة بينهما، بل مفادها سلب تحقق الشيء في الأول وسلب الوصف من باب سلب الموصوف في الثاني، ففرض وجود النسبة واقعا خلاف الواقع بل خلف.

واما في الهليات المركبة كزيد ليس بقائم والقضايا الحملية المؤولة كزيد على السطح فسالبتها يمكن بوجهين (احدهما) ان تكون من باب سلب الموضوع وقد ذكر حاله. (وثانيهما) ان تكون سالبة محققة الموضوع. ففي ذلك لا واقع لاجزاء القضية الا لموضوعها، واما المحمول او النسبة فلا، وفرض وجودهما – مضافا الى انه خلاف الواقع – خلف، ولايتوهم ان السلب أيضا نسبة، فان السلب نفي الهوهوية في الأول ونفي النسبة في الثاني، فكيف يعقل أنها نسبة؟ مضافا الى ان النسبة قائمة بالمنتسبين والمفروض انتفاء احدهما، بل لو فرض وجودهما تنقلب السالبة موجبة، هذا حال القضية الواقعية.

واما المعقولة والملفوظة فقد عرفت لزوم تطابقهما والواقع، فلايمكن اشتمالهما على النسبة، واما الطرفان فيهما وان كان لا واقع لشيء منهما في الهليات البسيطة والسوالب السالبة الموضوع ولا واقع لاحدهما في السوالب المحققة الموضوع لكنهما مدركان في المعقولة ولمفوظات في اللفظية لا للحكاية عن وجودهما خارجا بل لتعلق السلب بهما للحكاية عن عدم التحقق خارجا موضوعا ومحمولا فقط في الثاني.

اقول: قد عرفت – مما ذكرنا سابقا – وجود الحكاية هنا أيضا، فان المحكي هو المفهوم مع قطع النظر عن الوجود والسلب أيضا متعلق بذلك، وسلب التحقق خارجا أو سلب الهوهوية في الخارج او سلب النسبة في الخارج يعلم من المقام بالمعنى المتقدم. نعم لا ينبغي الاشكال في عدم اشتمال السالبة للنسبة، فان نفي النسبة او الهوهوية في طرف المباينة للنسبة فلا يعقل كونها

٢١٧

نسبة، الا ان يقال ان سلب مفهوم عن مفهوم ايضا نسبة كالاتحاد بينهما. لكن هذا مجرد تعبير لا واقع له والقياس مع الفارق، كمالايخفى.

ثم قال – مد ظله –: والحاصل ان الموجبة على قسمين: (الأول) ماكان مفادها الحمل والهوهوية. (والثاني) ما كان مفادها النسبة بين العرض ونحوه ومحله. والسالبة على قسمين: (الأول) ما كان مفادها سلب الهوهوية. (والثاني) ماكان مفادها سلب النسبة، وشيء من هذه القضايا غير مشتمل على النسبة الا القسم الثاني من الموجبات.

واما القضايا الموجبة المعدولة أيضا حكمها حكم الموجبات فان المعتبر من القضايا المعدولة ما كان المنفي فيها من باب العدم والملكة فلا يقال للجدار انه لا بصير، ولو اريد هذا المفاد يلقى بالسالبة التحصيلية أي الجدار ليس له البصر، فعلى ذلك ان له حظا من الوجود فيمكن جعلها محمولا للقضية الحملية او موضوعا لها او طرفا للنسبة في الحملية المؤولة. فقد علم ان وضع الحكاية في الموجبات تختلف وضعها في السوالب، وفي الأول الحكاية عن امر واقع في نفس الأمر بخلاف الثاني فإن الحكاية فيه عن عدم التحقق في الواقع ونفس الأمر.

وبهذا ظهر ان مناط الصدق في القضايا الموجبة والسالبة هو موافقة القضية وصفحة الوجود، لكن تختلف الموجبة عن السالبة بأن المحكي في الأول امر له واقع في صفحة الكون وباعتبار توافقه مع ذلك الواقع وعدمه يتصف بالصدق والكذب بخلاف الثاني، فان المفروض انه لا واقع له في صفحة الكون وباعتبار توافقه مع ذلك وعدمه أي خلو صفحة الوجود عنه وعدمه يتصف بهما، هذا حال القضايا.

فلنرجع الى ما كنا بصدد بانه – وهو جريان الاستصحاب في الاعدام الأزلية كاستصحاب عدم قرشية المرأة للحكم بعدم تحيضها بعد خمسين – فنقول: ان موضوع الحكم الذي هو المستصحب يتصور على انحاء ثلاثة:

١– المرأة المتصفة بغير القرشية بحيث تكون القضية المتشكلة عن ذلك قضية ايجابية معدولة المحمول وهي المرأة غير القرشية.

٢ – المرأة التي ليست بقرشية بحيث تكون القضية المتشكلة عن ذلك قضية ايجابية سالبةالمحمول وهي المرأة هي التي ليست بقرشية.

٣ – من لم تكن قرشية بحيث تكون القضية المتشكلة عن ذلك قضية سالبة محصلة وهي المرأة ليست بقرشية. وهذا الأخير يتصور على انحاء ثلاثة أيضا:

٢١٨

١– سالبة تحصيلية مع فرض وجود الموضوع

٢ – سالبة تحصيلية بسلب الموضوع.

٣ – سالبة تحصيلية أعم منها.

ومن الظاهر ان الأخيرين لايكونان موضوعا للحكم، فان الحكم مترتب على المرأة مع رؤيتها الدم، فانحصرت المحتملات على انحاء ثلاثة، اما الأولان فعدم جريان الاستصحاب فيها ظاهر لفقد الحالة السابقة فيها، فأي زمان كان وكانت المرأة غير قرشية او التي ليست بقرشية حتى يحكم ببقاء ذلك؟ واي زمان كان وكانت غير القرشية موجودة يقينا حتى يستصحب؟ واما الأخير وهو السالبة مع وجود الموضوع فأيضا لايجري فيه الاستصحاب، وذلك لان القضية المتيقنة ليست سالبة مع وجود الموضوع فانه أي زمان كانت المرأة موجودة ولم تكن قرشية؟ بل هي سالبة بسلب الموضوع والقضية المشكوكة سالبة مع فرض وجود الموضوع، فالقضيتان متغايرتان فلا يجري فيهما الاستصحاب. ولو قيل بجريان استصحاب الأعم لايمكن اثبات الأخص الا على القول بالأصل المثبت، فالاستصحاب في هذا القسم اما غير جار او مثبت.

أقول: قد يتوهم ان هذا لو كانت القضية المتيقنة قضية سلبية بسلب الموضوع وهي المرأة لم تكن بقرشية والمفروض انها لم تكن فلم تكن قرشية، لكن اذا شكلنا قضية سالبة موضوعها المرأة الموجودة بالفعل فتتحد القضيتان.

والحاصل انه لا فاصل بين الوجود والعدم، فلو لم يمكننا ان نقول هذه المرأة الموجودة كانت متّصفة بالقرشية فلا محالة يصح لنا ان نقول هذه المرأة الموجودة بالفعل لم تكن قرشية سابقا فالان أيضا ليست بقرشية.

ولا يتوهم ان عدم كون هذه المرأة قرشي سابقا من باب عدم الموضوع فان هذا هو منشأ السلب والا فأركان الاستصحاب تامة على ما ذكرنا. ولكن هذا غفلة عن دقيقة وهي ان القضية المتيقنة فيما ذكر وهي ان المرأة الموجودة بالفعل لم تكن قرشية سابقا أي قبل وجوده ليس بقضية سالبة تحصيلية بل هي قضية موجبة سالبة المحمول، بخلاف القضية المشكوكة فانها سالبة تحصيلية مع فرض وجود الموضوع فاختلفت القضيتان، فلا يجري الاستصحاب على هذا التوهم أيضا.

هذا ما استفدناه من كلام سيدنا الاستاذ المحقق – مد ظله – ولايحتاج الى أي توضيح وبيان واقامة دليل وبرهان، فإن الشمس بازغة بالعين والبصر.

٢١٩

وظهر مما افاده – مد ظله – عدم جريان الاستصحاب في المسألة المبحوث عنها – وهي مسألة الصلاة في اللباس المشكوك – فان ظاهر الدليل ان اللباس المفروض الوجود اذا كان من الحيوان المحرم اكل لحمه موجب لبطلان الصلاة، واذا لم يكن كذلك لايوجب البطلان فلا يجري الاستصحاب مع هذه الحالة، فان القضية المتيقنة في استصحاب عدم كون الحيوان من غير المأكول سالبة بسلب الموضوع او اعم، والقضية المشكوك فيها سالبة مع وجود الموضوع فلا يمكن الحكم بصحة الصلاة بجريان هذا الاستصحاب على انحاء تصوراته، وقد مر بيانها.

وحينئذ لو استظهرنا من الأدلة ان اعتبار عدم لبس غير المأكول راجع الى اللباس فالمرجع هو البراءة او الاشتغال على كلام يأتي ان شاء الله. ولو استظهر منها ان الاعتبار راجع الى الصلاة فلابد من التفصيل بين اللبس في الأثناء

واللبس من الأول، فعلى الأول يجري استصحاب عدم كون الصلاة مقارنا للبس غير المأكول وعلى الثاني فلا يجري الاستصحاب الا اذا بنينا على جريان الاستصحاب التعليقي، بان يقال هذه الصلاة لو كانت واقعة قبل ذلك لم تكن مقارنة للبس غير المأكول والان أيضا كذلك، والا فالمرجع هو البراءة او الاشتغال أيضا على الكلام الاتي.

ولو استظهرنا من الأدلة رجوع الاعتبار الى المصلي فيمكننا استصحاب عدم كون المصلي لابسا لغير المأكول ووجهه ظاهر. وحيث انه ظهر في المقدمات ان المستفاد من الأدلة ذلك أي رجوع الاعتبار الى المصلي فيجري الاستصحاب ويحرز به صحة الصلاة لوجود شرائطها وتمامية اجزائها وفقد موانعها ولو بالأصل.

ثم لو قلنا بان الاعتبار راجع الى الصلاة فهل يجري الاستصحاب التعليقي لاثبات عدم اقترانها بلبس غير المأكول لو كان اللبس من الأول ام لا؟ ذكر المرحوم النائيني –رحمه‌الله – ان الاستصحاب التعليقي غير جار في الاحكام فضلا عن الموضوعات، ومع تسلي الجريان ففي المقام لايجري لتبدل الموضوع نظير استصحاب الحرمة على تقدير الغليان الثابت لماء العنب بالنسبة الىالزبيب المغلي في الماء الخارج.

وقال سيدنا الاستاذ – مد ظله –: ان ما ذكره من منع الاستصحاب التعليقي في الاحكام هو الصحيح فان الحكم في مقام الجعل متيقن لاشك فيه وفي مرحلة المجعول غير متحقق سابقا، نعم لو كان الغليان متحققا سابقا كانت الحرمة متحققة، الا ان هذا ليس بحكم شرعي، بل ليس

٢٢٠