البحث في رسالات عشر

البحث في رسالات عشر0%

البحث في رسالات عشر مؤلف:
تصنيف: متون فقهية ورسائل عملية
الصفحات: 367

  • البداية
  • السابق
  • 367 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 32954 / تحميل: 5614
الحجم الحجم الحجم
البحث في رسالات عشر

البحث في رسالات عشر

مؤلف:
العربية

الكلام في فروع العلم الاجمالي

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة على سيدنا محمد واله الطاهرين، واللعن على اعدائهم اجمعين الى يوم الدين.

ونقدم اقسام الخلل الواقع في الصلاة، وبيان بعض احكامها بنحو الاختصاص، فانه لايخلو عن المنافسة والفائدة، وقبل بيان ذلك لا بأس بالتعرض لصحيحة زرارة الدالة على القاعدة المعروفة بـ«لاتعاد» وموارد شمولها ومورد عدم شمولها، وانه هل يكون من باب الصرف او الانصراف.

روى زرارة عن ابي جعفرعليه‌السلام انه قال: لا تعاد الصلاة الا من خمسة: الطهور والوقت والقبلة والركوع والسجود. ثم قال: القراءة سنة والتشهد سنة ولا تنقض السنة الفريضة(١) .

مقتضى اطلاق الصحيحة عدم الفرق بين جميع الصور من العمد والسهو الجهل. وما يقال: من انه لابد من تقييدها بغير العمد – والا تنافي الصحيحة ادلة الاجزاء والشرائط والقواطع والموانع، فانه لو لم يكن العمل باطلا حتى في

____________________

(١) الوسائل: ج٤ باب ٢٩ من ابواب القراءة في الصلاة حديث٥.

٢٤١

مورد الخلل العمدي فما معنى الجزئية وغيرها – مدفوع.

اولا: النقض بغير العمد ايضا، الا ان يلتزم بالتقييد واختصاص الجزئية والشرطية مثلا بمورد العمد فقط، والمفروض عدم الاختصاص للاجماع وظواهر الأدلة.

وثانيا: لا منافاة ابدا لامكان مطلوبية الاجزاء والشرائط وغيرهما بنحو تعدد المراتب المطلوبية، فيصح العمل عند وجود الخلل وان لم يشتمل على المرتبة الكاملة من المطلوبية التي كان اللازم تحصيلها ايضا. وتفصيل الكلام في محله.

وقد يقال بانصراف الصحيحة عن صورة العمد.

والجواب: ان الانصراف بدوي ولا منشأ لدعوى الانصراف. فعلى ذلك لو كنا نحن وهذه الصحيحة لكانت معارضة لادلة الاجزاء والشرائط والقواطع والموانع. فلو كان في ادلتها قيد العمد يحكم ببطلان الخلل العمدي، والا فيحكم بالبطلان مطلقا، فان تلك الادلة بالنسبة الى حديث «لاتعاد» خاص بالنسبة الى العام، الا ان يجمع بينهما بتعدد المراتب المطلوبية، ولكن هذا الجمع انما يتصور في موارد ادلة الاجزاء والشرائط وغيرها، التي تكفلت لبيان الجزئية والشرطية وغيرها محضا. واما في مثل ادلة القواطع التي ذكر فيها لزوم الاعادة بفعل القاطع فلايمكن هذا الجمع، فتدبر.

ولكن وردت في باب القراءة، صحيحة زرارة عن احدهماعليهما‌السلام ، قال: ان الله تبارك وتعالى فرض الركوع والسجود، والقراءة سنة، فمن ترك القراءة متعمدا اعاد الصلاة ومن نسي فلا شيء عليه(١) .

فيعلم من هذه الصحية ان ترك الفريضة مبطلة عمدا وسهوا، وأما ترك

____________________

(١) الوسائل: ج٤ باب ٢٧ من ابواب القراءة في الصلاة حديث١.

٢٤٢

السنة مبطلة عمدا لا سهوا فيقيد بذلك ذيل صحيحة «لاتعاد» من انه لا تنقض السنة الفريضة.

فالنتيجة: انه لا تنقض السنة الفريضة اذا حصلت بلا عمد، فقيدت صحيحة «لاتعاد» بغير العمد. وحينئذ لو ترك الجزء او الشرط، او وجد المانع من دون عمد لاتعاد قضية لحكومة الصحيحة على ادلتها. والجواب عن اشكال المنافاة، فرغنا عنه بامكان تعدد المراتب المطلوبية.

واما اذا كان الاخلال عمديا، فيحكم بالبطلان لوجهين: (الأول) صحيحة زرارة المتقدمة الدالة على ان ترك السنة متعمدا مبطلة.

(الثاني) اطلاق دليل الجزئية والشرطية وغيرهما، فان ظاهره الدخل مطلقا بحيث لم يمتثل التكليف من دون الاتيان به، والمفروض انه لاحاكم عليه، بخلاف صورة غير العمد، فتدبر جيدا.

ويقع الكلام في اقسام خلل الصلاة، وهي اما بنقيصة او زيادة، وكل منهما اما عمدي او جهلي او سهوي.

اما النقيصة العمدية، فقد افاد المحقق الهمداني –قدس‌سره – ان من القضايا التي قياساتها معها بطلان الصلاة بذلك لعدم تمامية المأمور به على الفرض. وعدم الاجزاء حينئذ مقتضى القاعدة.

والتحقيق ان دليل الجزء او الشرط او المانع التي وقع الاخلال به لو كان له اطلاق يشمل صورة تركه ايضا يتم ما ذكره، والا فلا. وايضا بحسب الثبوت كما يمكن جعل الجزء بنحو يكون مع سائر الاجزاء دخيلا في اصل المطلوبية، يمكن جعله بنحو يكون دخيلا في تمام المطلوب بحيث يكون المأمور به مطلوبا بنحو تعدد مراتب المطلوبية، مع انه لو قلنا بذلك على القواعد الا انه للشارع الاجتزاء بالفاقد، غاية الأمر في مقام الاثبات يحتاج الى دليل، فلقائل ان يدعي ان دليل «لاتعاد» يشمل صورة العمد ايضا، ولكن لاخلاف في

البطلان بالخلل العمدي، مع «لاتعاد» مقيد بغير العمد بقرينة سائر الروايات، وان كان دعوى النصراف الى غير العمد بلاوجه. وقد انقدح بذلك عدم تمامية الاستدلال على المطلب، بان الجزئية والشرطية والاجزاء على تقدير الاخلال لايجتمعان، وحيث ان حديث «لاتعاد» دل على الاجزاء، فلابد ن القول بعدم الجزئية والشرطية في مورد الحديث، ولايمكن الاخذ باطلاقه لمنافاته لأدلة الاجزاء والشرائط، ولزوم اللغوية في جعل الجزئية والشرطية، فلابد من الالتزام بالتقييد فيه، والقدر المتيقن من التقيد اخراج العمد عن مورده، فلابد من الحكم بالبطلان فيه، هذا.

ووجه عدم تمامية الاستدلال (ايضا) عدم المنافاة بين الجزئية والشرطية والاجزاء على تقدير الاخلال، لامكان الجعل بنحو تعدد المراتب.

٢٤٣

(وثانيا) نفس «لاتعاد» ظاهر في عدم لزوم الاعادة في مورد الجزئية والشرطية، والا يلزم منه السلب بانتفاء الموضوع، وهذا خلاف الظاهر.

(وثالثا) يستفاد من ملاحظة الادلة الدالة على كيفية الصلاة في مورد السهو او الاضطرار بترك الاجزاء والشرائط وفواتها في بعض الموارد، كباب القضاء ان جعل الاجزاء والشرائط كلها الا الاركان بنحو تعدد المراتب.

فالحق ما مر من ان مقتضى الصناعة اولا الاخذ باطلاق ادلة الاجزاء والشرائط لو كان لها اطلاق، والحكم بالبطلان على تقدير الخلل، الا ان «لاتعاد» يثبت الصحة، وبما انه مقيد بغير العمد ففي مورد العمد يحكم بالبطلان دون غيره، ولابأس بذكر وجه التقييد بغير العمد. ففي صحيح زرارة علل عدم لزوم الاعادة في غير الخمسة ، بأنه: لا تنقض السنة الفريضة. وفي صحيح محمد بن مسلم: القراءة سنة فمن ترك القراءة متعمدا اعاد الصلاة(١) .

____________________

(١) الوسائل: ج٤ باب ٢٧ من ابواب القراءة في الصلاة حديث٢.

٢٤٤

فيستفاد من التفريع ان كل سنة حكمه هكذا فيقيد صحيح زرارة بغير العمد بهذه القرينة.

ثم ان الماتن بين محل النقص، واختار بالاخرة ان المحل باق حتى يدخل في الركن، فانه مع التدارك وتحصيل الترتيب في ما اذا ترك جزء واشتغل بغيره لا اشكال الا من جهة الزيادة، وهذا ليس من ايجاد الزائد، بل هو من قبيل ايجاد وصف الزيادة في المتقدم. ولكن يرد بان الجزء المأتي به قبل التدارك ليس بجزء وقد اتى به بهذا القصد فهو من ايجاد الزائد بالفعل، وتوهم ان اتصافه بالزائد موقوف على كون العمل ناقصا بالجزء السابق، ولازمه كون البطلان مستندا الى النقص، فبالنقص يبطل العمل في المرتبة المتقدمة فليس من ايجاد الزائد، فلزم من اتصافها بالزيادة عدم الاتصاف، مستدفع بان الامر دائر بين النقص الفعلي (لو لم يتدارك) والزيادة الفعلية(لو تدارك)، فلايمكن تصحيح هذه الصلاة.

واما النقيصة عن جهل، فقد تقدم ان الاصل الأولي وان كان مقتضيا للاعادة على تقدير الاخلال بالنقيصة الا ان الاصل الثانوي بملاحظة حديث «لاتعاد» المخصص بغير العمد عدم لزوم الإعادة في غير موارد المستثنى، بلا فرق بين كون الخلل للجهل حكما او موضوعا او السهو او النسيان، لكن قد يقال بان الحديث لايشمل صورة الجهل بالحكم. وقيل في وجهه امور:

١ – لو كان الحديث شاملا لصورة الجهل يلزم اختصاص الجزئية او الشرطية بصورة العلم، ويلزم الدور(والجواب) ان هذا مبني على القول بعدم الجزئية في مورد شمول الحديث، وقد مر ان ظاهر نفس الحديث ثبوت الجزئية والشرطية.

٢ – اطلاق العمد في صحيحةمحمد بن مسلم، الدالة على لزوم الاعادة بترك القراءة عمدا، الشامل لصورة الجهل (والجواب) ان الرواية واردة في

مورد العلم وقد اخذ العلم مفروضا فيها فلا اطلاق لها من هذه الحيثية.

٣ – ما افاده المحقق الهمداني –قدس‌سره – من ان الحديث لم يرد في مقام بيان الاطلاق، فان صورة العمد خارجة عنه قطعا، فيدور الأمر بين اختصاصه بالسهو ومايضاهيه، او هو والجهل ولا قرينة، والقدر المتيقن الأول، مع انه لو فرض وروده في مقام البيان لكن يدور الامر بين تقييده وتقييد ادلة الجزئية والشرطية واختصاصها بصوره العلم، والثاني ممتنع، فلابد من تقييد الحديث والحاق الجاهل بالعامد. (والجواب) اما عن الاول، فبما مر من ان ظاهر الحديث الاطلاق، حتى بالنسبة الى العمد فضلا عن الجهل، والتقييد بغير العمد من جهة الدليل الخارجي وهو صحيح

٢٤٥

محمد بن مسلم، واما عن الثاني، فبما مر ايضا من ان عدم الاعادة، لايستلزم نفي الجزئية والشرطية حتى يقال بالامتناع في تقييد ادلة الجزئية او الشرطية بل لابد من تقديم «لاتعاد» لحكومته على ادلتها.

٤ – ما افاده الميرزا النائيني –قدس‌سره – ولا بأس بالاشارة الى جميع اطراف كلامه ملخصا ومحصلا. ذكر ان الجاهل ملحق بالعامد، لا من جهة اطلاق ادلة الجزئية بالنسبة الى العالم والجاهل؛ لان الاطلاق من هذه الجهة كالتقييد بالعلم في الاستحالة، لكن لما كان الاهمال في الاقع غير معقول، فالاوقع اما مقيد ذاتا، او مطلق كذلك، وكل من التقييد والاطلاق لابد من اثباته بدليل اخر، ونسمي ذلك بنتيجة التقييد او نتيجة الاطلاق. وبما ان اطلاقات كثيرة دلت على اشتراك العالم والجاهل في الأحكام، فمن هذه الجهة نستكشف بنتيجة الاطلاق ان الجاهل ملحق بالعامد. نعم لو كان حديث «لاتعاد» شاملا للجاهل لقلنا بعدم الاعادة في حقه. لحكومة «لاتعاد» على ادلة الاشتراك، ولكن الحديث لايشمل الجاهل، فان الحكم بنفي الاعادة في مقابل الحكم بالاعادة ظاهر في ان مورد الحكم قابل للحكم بالاعادة وفيها، وليس

الأمر كذلك بالنسبة الى الجاهل، فان الجاهل مكلف بالواقع حين تركه الجزء او الشرط. ونفس هذا الامر يدعو الى الاتيان بمتعلقه مع تمام الجزاء والشرائط، لا الأمر بالاعادة، بخلاف الساهي والناسي، فان الامر بالاتيان بالمركب كذلك ساقط في حالة السهو والنساين، للزوم تكليف العاجز، فالاتيان بتمام الاجزاء ثانيا موضوع للأمر بالاعادة، كما ان الاكتفاء بالناقص وعدم لزوم الاتيان كذلك موضوع للحكم بنفي العادة. فالقابل للامر بالاعادة او الحكم بنفيها انما هو مورد السهو والنسيان لا الجهل، فان نفس الامر الاول متوجه الى الجاهل، ويستدعي الاتيان بمتعلقه تاما.

هذا ما استفدنا من وجه قوله بعدم شمول الحديث للجاهل، وان ذكر بعض تلامذته تقريبات اخرى يستبعد عما هو بصدده. وفيه:

أولا: ما ذكره من ان اطلاق دليل الحكم بالنسبة الى العالم والجاهل مستحيل نشأ من مبناه في الاطلاق، وان الاطلاق هو الاطلاق اللحاظي المسمى باللا بشرط القسمي، وقد حقق في محله ان الإطلاق هو جعل نفس الطبيعة موضوعا للحكم بنحو اللابشرط المقسمي. ولايلحظ فيه الا نفس طبيعة المتعلق، لا اصنافه وافراده. فلو قلنا باستحالة التقييد لا نقول باستحالة الاطلاق من جهة استحالة اللحاظ. واما توهمك عدم تمامية مقدمات الحكمة من جهة عدم كون المولى في

٢٤٦

مقام البيان من جهة هذا القيد فمدفوع بان اللازم كون المولى في مقام بيان ما تعلق به الحكم، وهو نفس الطبيعة، بلا لحاظ شيء اخر، وهذا بمكان من الامكان.

وثانيا: الحكم في مقام الثبوت اما مطلق او مقيد او مهمل، والدليل الدال عليه اما مطلق او مقيد او مهمل او مجمل، وليس في البين امر اخر نسميه بالاطلاق الذاتي او التقييد الذاتي، فمع القول باستحالة الاطلاق والتقييد ثبوتا لابد من الالتزام بالاهمال، وهكذا في مقام الاثبات لو استحال الاطلاق

والتقييد يلزم الاهمال او الاجمال.

وثالثا: لا استحالة في التقييد ثبوتا او اثباتا، فضلا عن الاطلاق اما الثبوت فلانه متقوم باللحاظ، ولحاظ المتأخر ممكن. واما الاثبات فلانه كاشف عن الثبوت وعالم اللحاظ، ولامانع من بيان مالوحظ ثبوتا في مقام الاثبات.

ورابعا: ليس في البين اطلاق واحد دال على اشتراك العالم والجاهل في الاحكام بالاطلاق، فضلا عن اطلاقات كثيرة، ومادل على ثبوت بعض الاثار على المصيب والمخطىء ناظر الى بيان حكم اخر، والدليل على الاشتراك ليس الا الاجماع المفقود في المقام.

وخامسا: ما ذكره في الحديث منقوض بأنه لو نسي الركن وتذكر بعد الصلاة في الوقت، افهل يلتزم بان الملزم للاتيان ثانيا هو الامر بالاعادة ولولاه لما وجب؟ ومن هذا يعلم ان الامر بالاعادة في جميع المقامات ارشاد الى بقاء الأمر الأول، وعدم تحقق امتثاله.

وسادسا: تكليف العاجز بنحو الجعل القانوني امر ممكن، كما قرر في محله، والقدرة قيد للتنجز، لا شرط للتعلق، ولو سلم فانما هو قيد للتكليف لا للوضع، ومنه الجزئية، ولازمه سقوط الامر بالمركب في مورد السهو والنسيان، وبعد رفعهما لابد من امتثال الامر الاول، ولو قيل بأن نفي الاعادة يثبت ان الشارع اكتفى بالناقص، يقال عليه: فلماذا لانقول به في مورد الجهل ايضا؟.

وسابعا: لو سلمنا جميع ما ذكره، الا ان اللازم اختصاص وجوب الاعادة بمورد السهو والنسيان فانه قابل للخطاب باعد، واما الجاهل فلا يقال عليه اعد، بل يقال: صل، واما نفي الاعادة بمعنى ان الشارع اكتفى بالناقص، فمشترك بين الساهي والناسي والجاهل، وهذا ظاهر.

وثامنا: كل ذلك مبني على القول بسقوط الجزئية والشرطية في مورد

«لاتعاد» واما على القول بالثبوت، كما هو ظاهر «لاتعاد» ايضا لا موضوع لما ذكره اصلا،

٢٤٧

لثبوت الجزئية والشرطية بالنسبة الى الناسي والجاهل، ومع الالتزام بتعدد المراتب واكتفاء الشارع بالناقص فهدم لزوم الاعادة مشترك فيهما، ومع الالتزام بوحدة المرتبة وعدم اكتفاء الشارع بالناقص لزوم الإعادة مشترك فيهما. هذا وقد ظهر مما مر ان الحق شمول الحديث للجاهل ايضا ولا تجب عليه الاعادة لاطلاق الحديث، ولولاه لكان اللازم الاعادة لا لأدلة الاشتراك ونتيجة الاطلاق، بل لنفس اطلاق دليل الجزئية والشرطية كما مر.

ثم انه لو قلنا بلزوم الاعادة بالنسبة الى الجاهل فقد استثنى منه المحقق –قدس‌سره – موارد:

الأول: الجهر في موضع الاخفات وبالعكس. ووجهه صحيحة زرارة عن أبي جعفرعليه‌السلام في رجل جهر فيما لاينبغي الاجهار فيه، وأخفى فيما لا ينبغي الخفاء فيه فقال: أي ذلك فعل متعمدا، فقد نقض صلاته وعليه الاعادة، فلان فعل ذلك ناسيا او ساهيا أو لا يدري فلا شيء عليه وقد تمت صلاته(١) .

الثاني: الصلاة في الثوب او المكان المغصوب. والظاهر عدم صحة الاستثناء، فانه لو قلنا بجواز الامر والنهي والحكم بالبطلان من جهة الاجماع فالقدر المتيقن من الاجماع صورة العمد، بل المتيقن عدم الاجماع في غيرها فالصحة في مورد الجهل على القاعدة، ولو لم نقل بدلالة «لاتعاد» على الصحة فيه. ولو قلنا بعدم الجواز، فاما ان يكون وجهه عدم امكان قصد القربة، فاختصاصه بمورد العمد ظاهر، فالصلاة كذلك جهلا صحيح، وان لاتكون مشمولة للحديث. واما ان يكون وجهه عدم صلاحية المحرم، لكونه مصداقا.

____________________

(١) الوسائل: ج٤، باب ٢٦ من ابواب القراءة في الصلاة، حديث١.

٢٤٨

للواجب، فلابد من الحكم بالبطلان، حتى في مورد الجهل، ولو قلنا بشمول «لاتعاد» للجاهل فان موضوع «لاتعاد» هو الصلاة التي يمكن ان تكون مأمور به، في مورد الخلل، والصلاة في المغصوب ليس كذلك، لامتناع كون المحرم مصداقا للواجب.

وبعبارة اخرى: الوجه العقلي غير قابل للتخصيص، والمفروض عموم الوجه لمورد الجهل ايضا، فتجب الاعادة لثبوت المقتضي وفقد المانع، فان شمول «لاتعاد» للمورد مستلزم للتخصيص في الدليل العقلي، فليتدبر. والكلام في الوضوء بالماء المغصوب هو الكلام بعينه فلا نطيل بذكره، وان جعله المحقق فرعا مستقلا في المقام.

الثالث: الجهل بنجاسة الثوب او البدن او موضع السجود. وجه الاستثناء ان ما دل على الطهارة في مورد الشك، ينقح موضوع دليل الاشتراط بالطهارة، فيكون حاكما عليه، وكشف الخلاف انما هو بحسب نفس الطهارة الواقعية، لا ما هو الشرط في الصلاة وبعبارة اخرى: ما هو دائر في الألسنة من ان الشرط الطهارة الاعم من الاوقعية والظاهرية، وهذا لم ينكشف الخلاف فيه كما لايخفى.

فرعان

الأول: لو احرز تذكية الحيوان وصلى في جلده، فانكشف الخلاف تصح الصلاة ولاتجب الاعادة. فان الشرط طهارة الثوب الأعم من الواقع والظاهر كما مر، وهذا حاصل مع كفاية «لاتعاد» لاثبات الصحة، لو لم نقل بذلك. ولا فرق في ذلك بين كون الاحراز واقعيا او بأمارة او اصل لاشراك الجميع في العلة. واما الصلاة فيه مع الشك في التذكية فلا تصح لا لاستصحاب عدم التذكية، فانه لايتم، بل لدلالة الروايات عليها، وبعضها مذكور في المتن، فراجع (مصباح الفقيه).

٢٤٩

الثاني: الصلاة في اللباس المشكوك في كونه مما يؤكل او مما لايؤكل، صحيحة لا لاستصحاب عدم كونها فيما لا يؤكل، لانه من الاستصحاب في العدم الأزلي، ولانقول به، بل لأصالة البراءة من مانعية اللباس المذكور عن الصلاة، وهذا مبني على القول بالمانعية لا الشرطية. والمستفاد من الادلة مثل موثقة ابن بكير(١) المانعية، مع ان المانع المستفاد من الأدلة، مصاحبة ما لايؤكل في الصلاة وان لم يكن في اللباس، وهذه قابلة لاستصحاب العدم فيها بلا محذور، وقد أجرى السيد الاستاذ البراءة حتى على القول بالشرطية، وهذا كما ترى لا يثبت وقوع الصلاة مع الشرط كما لايخفى.

واما النقيصة السهوية، فقد تقدم ان مقتضى القاعدة، وان كان هو البطلان بالاخلال ولو سهوا، الا ان حديث «لاتعاد» يثبت الصحة في موارد المستثنى منه، ولا فرق بين الجهل والسهو والنسيان، ويستفاد من الصحيحة البطلان مع الاخلال بالمذكورات في المستثنى، مع ان القاعدة ايضا تقتضي ذلك. والمذكورات بعضها شرط، وهو الطهور والوقت والقبلة والباقي جزء وهو الركوع والسجود. ويلحق بذلك تكبيرة الافتتاح، فان الاخلال بها – ولو جهلا او سهوا – يوجب البطلان لصحيحة زرارة(٢) ، بل الاخلال بالقيام حالها ايضا يوجب ذلك لموثقة عمار(٣) . واما النسية فخارجة عن العمل، وان كان دخيلا في قوام العمل. فالاخلال بها يوجب عدم تحقق العمل. والقيام المتصل بالركوع مقوم للركوع، فحاله حال الركوع، فلم يبق من اركان الصلاة الا الركوع والسجود، ولابد من البحث عنهما في جهات:

١ – هل الاخلال بهما يوجب فساد الصلاة، أو لا؟

____________________

(١) الوسائل: ج٣، باب ٢ من ابواب لباس المصلي، حديث١.

(٢) الوسائل: ج٤، باب ٢ من ابواب تكبيرة الاحرام، حديث١.

(٣) الوسائل: ج٤، باب ١٣ من ابواب القيام، حديث١.

٢٥٠

٢ – حد امكان التدارك فيهما، وهل يوجب الدخول في السجدة الاولى بطلان الصلاة لو علم بنسيانه الركوع، او لا؟.

اما الجهة الاولى فيدل على البطلان الاجماع والاخبار الدالة على اعادة الصلاة بنسيانهما، والمستثنى في «لاتعاد» مضافا الى ان القاعدة تقتضي البطلان، ومع صرف النظر عن الأدلة الدالة على البطلان، فلا أقل من عدم الدليل على الخروج عن القاعدة، وهذا ظاهر.

نعم استدلال المحقق الهمداني، بما دل على كون الركوع والسجود فريضة لا يتم، فان الفريضة ما ذكر في القران في قبال السنة التي سنها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، لا الوجوب في قبال الاستحباب، ولا ما هو داخل في قوام الماهية في قبال سائر الأجزاء.

واما الجهة الثانية، فحد امكان تدارك السجود الدخول في الركوع. فالدليل على فوت محل التدارك بالدخول فيه عدم امكان تصحيح الصلاة لا بالتدارك للزوم زيادة الركن، ولا بعدمه للزوم النقيصة. وتوهم امكان التدارك وسقوط الترتيب فاسد، فان الترتيب ليس بشيء معتبر في الصلاة ماوراء نفس الاجزاء المترتبة، وعلى ذلك الجزء الغير المترتب ليس بجزء حقيقة، لا انه جزء غير مترتب. فالركوع المأتي به بلا سجود قبله ليس بجزء للصلاة، بل زيادة محضة، وعليه يمكننا القول ببطلان الصلاة من جهة زيادة الركن حتى مع التدارك، فتدبر.

واما ما ورد من اسقاط الزائد والاتيان بالفائت كصحيحة محمد بن مسلم(١) ، مع انه مخالف للمشهور ففي نفسه ليس بحجة، معارض؛ لعدة من الروايات الدالة على البطلان، مع ان الصحيحة واردة في مورد نسيان الركوع،

____________________

(١) الوسائل: ج٤، باب ١١ من ابواب الركوع، حديث٢.

٢٥١

فيمكن منع شمولها للمسألة، واما الدليل على بقاء محل التدارك مالم يدخل في الركوع شمول دليل «لاتعاد» للزيادة السهوية، فلا مانع من التدارك من جهة الزيادة الحاصلة، والاشتغال بالصلاة يقتضي الاتيان، والامتثال على وجهه، يقتضي الاجزاء. وبعبارة اخرى: مع التدارك لا خلل الا من جهة الزيادة، وهي غير مانعة. هذا مع استفادة الحكم من الروايات ايضا مع انه لاخلاف فيه. وحد امكان تدارك الركوع بالدخول في السجدة الأخيرة.

اما فوت محل التدارك بعدها، لما ذكرنا في الركوع من الدوران بين نقص الركن وزيادته، والمانع لايصلح للمانعية؛ لسقوطه عن الحجية بمخالفة المشهور ومعارضته بعدة من الروايات. فلو لم نقل بترجيحها فلا اقل من التساقط والرجوع الى القاعدة. واما ما ذكره المحقق الهمداني من امكان حملها على الاستحباب، ففيه: انها ارشاد الى البطلان، ولا معنى للحمل على الاستحباب في ذلك، فعلم من ذلك عدم تمامية التفصيلات المذكورة في المسألة، مع عدم دلالة شيء من الادلة على التفصيل، والجمع بين الطائفتين بما ذكر من التفصيل، جمع تبرعي بلا شاهد.

واما الدليل على بقاء محل التدارك قبل الدخول في السجدة الاولى مامر في نسيان السجود قبل الدخول في الركوع بلا تفاوت.

بقي الكلام في نسيان الركوع، والدخول في السجدة الاولى، والتذكر حينئذ. فهل هناك مجال للتدارك، أو لا؟ فيه خلاف، ذكر المحقق الهمداني –قدس‌سره – ان مقتضى اطلاق الامر بالاستقبال واعادة الصلاة في موثقة اسحاق(١) ورواية أبي بصير(٢) الثانية من غير استفصال هو لزوم الاستئناف بالدخول في السجدة. وفيه: ان الموضوع في الروايتين نسيان الركوع، ومن

____________________

(١ و٢) الوسائل: ج٤، باب ١٠ من ابواب الركوع، حديث٢و٤.

٢٥٢

المعلوم ان النسيان بوجوده انا لا يوجب البطلان، بل النسيان مع عدم الاتيان بالمنسي الى أن يفوت محله موجب له، فاذا مادل على اغتفار زيادة السجدة الواحدة سهوا حاكم على ذلك فانه يدل على بقاء المحل، فلا موضوع للروايتين.

وذكر المرحوم النائيني –قدس‌سره – ان من المعلوم على المراجع الى أدلة اغتفار زيادة السجدة الواحدة سهوا انها تدل على اغتفارها فيما اذا كان السهو متعلقا الى السجدة، لا فيما اذا أتى بها عمدا للسهو عن أمر اخر كالركوع في المقام، فأدلة الاغتفار لاتشمل الفرض، والقاعدة تقتضي البطلان. وفيه: ان هذا اشتباه في متعلق السهو، فان السهو غير متعلق بالسجدة في شيء من الموارد، حتى موارد الاغتفار بنظره، بل السجدة اوتي بها عمدا واختيارا، وانما السهو متعلق بالزيادة، فالزيادة سهوية، لا ان السجدة سهوية، وتعلق السهو بالزيادة مشترك بين ما كان من جهة السهو في امر اخر وبين مالم يكن كذلك، فمن أتى بالسجدة الثالثة سهوا زاد سجدة واحدة في صلاته سهوا، بعين زيادة السجدة الواحدة سهوا الحاصلة من جهة ترك الركوع سهوا، فلا فرق بينهما من هذه الجهة، فيشمل دليل الاغتفار لكلا الموردين.

وفي اثناء كلامه عبارة وهي «فعلى هذا، فتكون السجدة الواحدة ركنا، بالقياس الى عدم جواز زيادتها لتدارك منسي غيرها» وهذه العبارة، توهم انه –قدس‌سره – يرى ان الاتيان بالسجدة بعد تدارك الركوع المنسي زيادة، والحال ان الزيادة هي السجود المأتي به بلا ركوع قبله، فلاحظ كلامه وتأمل فيه.

والصحيح شمول ادلة اغتفار زيادة السجدة الواحدة للموارد، ونتيجة ذلك بقاء محل التدارك، فلا تبطل الصلاة بترك الركوع سهوا مالم يدخل في السجدة الثانية، ويؤيد ذلك خبر ابي بصير عن الصادقعليه‌السلام قال: اذا أيقن الرجل انه ترك ركعة من الصلاة وقد سجد سجدتين أو ترك الركوع

٢٥٣

استأنف الصلاة(١) . فانه ظاهر في دخل سجود سجدتين في الحكم، سواء كان من جهة مفهوم الوصف او الشرط. فان التقييد او التعليق بشيء لو كان بصدد بيان الضابط يستفاد منهما المفهوم بلا فرق بينهما، فالرواية دالة على ان بالدخول في السجدة الاولى لايجب الاستئناف. فعلم مما ذكرنا في تقريب المهفوم عدم تمامية ايراد صاحب الجواهر –قدس‌سره – من ان الوصف لا مفهوم له، والشرط في الرواية اليقين بترك الركعة وسجود سجدتين، وانتفائه انتفاء اليقين بذلك في مورد سجود سجدتين، لا انتفاء السجدتين.

وجه عدم تمايمة ماذكره: (اولا) ما ذكرنا من انه يستفاد من الرواية دخل سجود سجتدين في الحكم، لكونها في مقام القاء القاعدة والضابط، فلو كان من قبيل الوصف ايضا يدل على المفهوم.

(وثانيا) اليقين في الرواية، طريقي لا موضوعي، والرواية غير ناظرة الى بيان مورد الشك بل ناظرة الى بيان ترك الرعة وسجود سجدتين، فايراده –قدس‌سره – على مفهوم الشرط ليس في محله. كما ان توهم ان المفهوم من قبيل السلب بانتفاء الموضع، فان نفي الشرط هو عدم ترك الركعة وسجود سجدتين، فاسد، لما ذكرنا من دلالة الرواية على دخالة سجود سجدتين في الحكم. وان ترك الركعة انما يضر في مورد سجود سجدتين، ومفهوم الرواية انه لو ترك الركعة ولم يسجد سجدتين لم يستأنف الصلاة، فتدبر جيدا.

واما الزيادة العمدية، فيكفي في وجه البطلان بها خبر أبي بصير: من زاد في صلاته فعليه الاعادة(٢) والقدر المتيقن منها العمد، واما ما قيل من ان وجه البطلان بالزيادة وقوع النقيصة في المأتي به، فان المأمور به مقيد بعدم الزيادة،

____________________

(١) الوسائل: ج٤ باب ١٠ من ابواب الركوع حديث٣.

(٢) الوسائل: ج٥ باب ١٩ من ابواب الخلل الواقع في الصلاة حديث٢.

٢٥٤

ولم يحصل القيد فحصلت النقيصة، مدفوع، بان اعتبار المانع لايرجع الى اعتبار الشرطية، ووجود الزيادة مانع، لا انه عدمها شرط، وهذا ظاهر.

واما الزيادة عن جهل او سهو في غير الأركان فمقتضى القاعدة وان كان هو البطلان، الا ان صدر «لاتعاد» مثبت للصحة على ما مر. ويستفاد من الروايات الخاصة ايضا، والمهم هو البحث عن زيادة الاركان.

اما زيادة النية، فلا معنى لها بناء على الحق من انها ليست الا الداعي الى العمل، لا الاخطار بالقلب، ولو قلنا بانها الاخطار، فالزيادة فيها لايضر؛ لعدم صدق الزيادة في الصلاة، فان النية خارجة عن الصلاة، وليست مسانخة لأجزاء الصلاة، فلا يصدق على تكرارها الزيادة في الصلاة.

واما زيادة التكبيرة، فتعد من الزيادة في البطلان، فتكون مبطلة لها في صورة العمد. واما غير العمد فالظاهر عدم البطلان بزيادتها كذلك، لشمول «لاتعاد» لها. والدليل الخارجي قد دل على البطلان بنقيصتها، وقد مر، فتبقى الزيادة مشمولة للحديث. ثم انه لو قلنا بكونها مبطلة للصلاة كصورة العمد فهل يمكن احتسابها من تكبير الصلاة، والاتيان بالصلاة بعدها؟ أم لابد من تكبير جديد؟ فقد يقال بانها زيادة، والزيادة منهية، فهي فاسدة للنهي عنها. وفيه: ان النهي ارشادي اولا، ولايدل على الفساد. وثانيا: النهي متعلق بالزيادة لا بالتكبيرة، فالمقام من اجتماع الامر والنهي، لا النهي في العبادة.

وقد يقال بان التكبيرة الزائدة غير مأمور بها، وان لم يكن منهيا عنها، وهذا يكفي في الفساد. وفيه: ان التكبيرة والزيادة موجودتان بوجود واحد، وبتحقق الزيادة تبطل الصلاة، وينتفي المانع من كون التكبيرة مأمور بها، وبعبارة اخرى: مع فرض صحة الصلاة لا تكون التكبيرة مأمور بها، وهذا ظاهر، الا انه لايلزم من ذلك كون الأمر بالتكبيرة مترتبا على بطلان الصلاة بحيث يكون في طوله وفي المرتبة المتأخرة عنه، بل يمكن فرض كون التكبيرة المقارنة للبطلان

مأمور بها فتشملها اطلاقات ادلة التكبيرة، هذا، والاحتياط في محله، من جهة نقل الاجماع على البطلان.

واما زيادة القيام حال التكبيرة، او زيادة القيام المتصل بالركوع فلا تحقق الا بزيادة التكبيرة والركوع، كما هو ظاهر، وقد مر حال زيادة التكبيرة، ويأتي حال زيادة الركوع.

وقد بقي من زيادة الاركان، زيادة الركوع والسجود، وذكروا قبل ذلك زيادة الركعة من جهة ورود النصوص فيها. واستدلوا على البطلان فيها بامور:

٢٥٥

الأول: خبر أبي بصير «من زاد في صلاته فعليه الاعادة»(١) ولكنه محكوم بحديث «لاتعاد»، فان الخلل بالزيادة، مندرج في عقد المستثنى منه، والخلل الاتي من الركوع والسجود الواقع في المستثنى انما هو بتركهما، واما زيادتهما فليس خللا في الصلاة من جهة الركوع والسجود، بل انما هو من جهة الزيادة، وبعبارة اخرى: حديث «لاتعاد» دال على صحة الصلاة من جهة وقوع خلل فيها، لو كان الخلل من غير المذكورات في المستثنى. واما فيها فتبطل الصلاة، ومعنى الخلل في الصلاة ترك الاتيان بما اعتبر فيها جزء او شرطا، او الاتيان بما اعتبر فيها قاطعا ومانعا. والركوع والسجود معتبران في الصلاة جزء، فمعنى الخلل من جهتهما ترك الاتيان بهما. وأما زيادة الركوع والسجود قاطعة او مانعة للصلاة والخلل الاتىي منهما انما هو باتيانها، وهذا غير مشمول لعقد الاستثناء، بل داخل في المستثنى منه. فمقتضى ظهور «لاتعاد» صحة الصلاة في جميع مواردالزيادات السهوية، فبحكومتها على الخبر يستكشف اختصاص الخبر بصورة العمد، كالخلل في سائر الاجزاء والشرائط.

الثاني: ما رواه الشيخ عن زرارة وبكير عن أبي جعفرعليه‌السلام قال:

____________________

(١) الوسائل: ج٥، باب ١٩ من ابواب الخلل الواقع في الصلاة، حديث٢.

٢٥٦

اذا استيقن انه زاد في صلاته المكتوبة، لم يعتد بها، واستقبل صلاته استقبالا(١) . بل في رواية الكليني اضافة ركعة. ولا يرد على هذا الاستدلال ماورد على سابقه من حكومة «لاتعاد» عليه، فان مورد الرواية الزيادة الغير العمدية كما لايخفى.

الثالث: التعليل في رواية الأعمش: ومن لم يقصر في السفر لم تجز صلاته، لأنه قد زاد في فرض الله عز وجل(٢) . والقدر المتيقن من التعليل، زيادة الركعة، ولكن هذا ايضا قابل لكونه محكوما «بلاتعاد» ويؤيد ذلك ان الاتمام في السفر جهلا بالحكم صحيح.

الرابع: خبر عبد الله بن محمد عن أبي الحسنعليه‌السلام قال: الطواف المفروض اذا زدت عليه مثل الصلاة المفروضة اذا زدت عليها، فعليك الاعادة(٣) . وهذا ايضا قابل لكونه محكوما «بلا تعاد»، ولاسيما بملاحظة ان الزيادة السهوية في الطواف لاتضر به.

الخامس: ما ورد في صحيحة منصور وخبر عبيد، من انه لايعيد صلاته من سجدة، ويعيدها من ركعة(٤) . بناء على كون الركعة ظاهرة فيها تماما، لا مجرد الركوع المقابل للسجدة، او القول بأن زيادة الركعة تماما مشتملة على زيادة الركوع ايضا. ومورد الروايتين السهو فلا يمكن تحكيم «لاتعاد» عليهما، الا ان الظاهر من الركعة الركوع بقرينة المقابلة. واما القول باشتمال زيادة الركعة على زيادة الركوع، فلا يتم؛ لأنا لو بنينا على عدم البطلان بزيادة الركعة مطلقا، او في الجملة نقول بعدم البطلان في زيادة الركوع اخر الصلاة

____________________

(١) الوسائل: ج٥. باب ١٩ من ابواب الخلل الواقع في الصلاة، حديث١.

(٢) الوسائل: ج٥ باب ١٧ من ابواب صلاة المسافر، حديث٨.

(٣) الوسائل: ج٩، باب ٣٤ من ابواب الطواف، حديث ١١.

(٤) الوسائل: ج٤، باب ١٤ من ابواب الركوع، حديث٢و٣.

٢٥٧

على نحو زيادة الركعة. والحكم بالبطلان بزيادة الركوع مختص بمورد الزيادة في الصلاة، لا على الصلاة، كما هو ظاهر الأخبار، فيختص الحكم بزيادة في الأثناء.

السادس: مضمرة الشحّام، قال: سألته عن الرجل يصلي العصر ست ركعات، او خمس ركعات، قال: ان استيقن انه صلى خمسا أو ستا فليعد(١) . وهذه الرواية لابأس بدلالتها، فانحصر الدليل برواية زرارة وبكير ومضمرة الشحام. وقد حكي عن المحقق –قدس‌سره – الحكم بالصحة بزيادة الركعة ان جلس في الرابعة قدر التشهد، واستدل بامور:

الأول: بأن نسيان التشهد غير مبطل.

الثاني: صحيحة زرارة عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: سألته عن رجل صلى خمسا. فقال: ان كان قد جلس في الرابعة قدر التشهد فقد تمت صلاته(٢) .

الثالث: صحيحة جميل(٣) وصحيحة محمد بن مسلم(٤) الدالتان على مفاد صحيحة زرارة المتقدمة وقد ظهر حكم زيادة الركوع والسجود مما مر فلا نطيل فراجع المفصلات هذا بعض الكلام في أقسام الخلل، وبعض احكامها بنحو الايجاز.

بيان فروع العلم الاجمالي

قال السيد «رحمه‌الله »: الاولى: اذا شك في ان ما بيده ظهر او عصر، فان كان قد صلى الظهر بطل ما بيده، وان كان لم يصلها او شك في أنه صلاها، او لا، عدل بها اليها.

____________________

(١) الوسائل: ج٥، باب ١٩ من ابواب الخلل الواقع في الصلاة، حديث٣.

(٢و٣و٤) الوسائل: ج٥ باب ١٩ من ابواب الخلل الواقع في الصلاة حديث٤و٦و٥.

٢٥٨

أقول: اما وجه وجوب العدول في الصورة الثانية فظاهر؛ لاحرازه امتثال الامر بالظهر حينئذ. واما وجه البطلان في الصورة الاولى، فقد ذكروا في ذلك ان ما بيده لايصح ظهرا لانه قد صلاها، ولا عصرا لعدم احراز نيتها، ولا مجال لاحرازها بقاعدة التجاوز؛ لان صدق التجاوز يتوقف على احراز العنوان، وهو موقوف على النية، فلايمكن اثباتها به، فالحكم البطلان.

وفصل الماتن -قدس‌سره - في مبحث النية في هذه المسألة «مسألة ١٩»، بين مالو رأى نفسه في صلاة العصر وشك في انه من الأول نواها او نوى غيرها، وبين مالو كان شاكا بالفعل بالنسبة الى مابيده. واختار سيدنا الاستاذ - مدّ ظله - ايضا هذا التفصيل. وافاد في وجه ذلك ان محل نية العصر وان كان قبل صلاة المعنونة بالعصر، واحراز التعنون بصلاة العصر موقوف على احراز النية، فلا تجري القاعدة في النية مطلقا. الا انه لو رأى نفسه في صلاة العصر وشك في انه من الأول بأي نية شرع في الصلاة، فيمكن اجراء القاعدة في المنوي لا في النية، وهي الأجزاء السابقة. فانا نشك في وجود تكبيرة موافقة للأمر وعدمه، فتشملها القاعدة، لأنها كما تشمل الشك في الوجود تشمل الشك في الموجود ايضا، بل الشك في الموجود يرجع حقيقة الى الشك في الوجود، وقد حقق ذلك في محله. لكن ما افاده وان كان تاما بالنسبة الى تصحيح الاجزاء السابقة، الا انه لايتم بالنسبة الى تصحيح الاجزاء الاتية، فان صحتها موقوفة علىاحراز ان الداعي اليها هي نية الصلاة بنحو المجموع من الأول، ولايمكن احراز ذلك بالقاعدة.

وجه بعض الأكابر -قدس‌سره - حكمه بالصحة في الفرض، بان النية موجودة لم تتخلف، فان الداعي للشخص، وهو امتثال امره الواقعي، المتعلق بما هو في يده. وقد أخطأ التطبيق. وفيه: ان الخطأ في التطبيق انما يتصور في ما اذا لم يعتبر قصد العنوان في المأمور به، كمسألة الاقتداء، وفي المقام يعتبر ذلك فيه،

فان تعنون صلاة الظهر بها موقوف علىالاتيان بها بهذا العنوان، فلا معنى للخطأ في التطبيق في ذلك، ولذا بنينا على ان العدول من صلاة الى صلاة في مورد تذكر عدم الاتيان بها ولزوم الاتيان بها اولا، او مورد تذكر الاتيان بالمعدول عنه، والاستغناء عنه على خلاف القاعدة والنص يصحح العدول من اللاحقة الى السابقة، لا العكس، وان علم الاتيان بالسابقة اثناء الاشتغال بها، مع ان تعليل المذكور للحكم بالصحة جار في هذا ايضا، بل لا حاجة الى العدول لحصول النية من الأول، وانما حصل الاشتباه في التطبيق، بناء على هذا القول. ومن هنا ظهر عدم تمامية ما افاده الماتن -قدس‌سره - في مسألة «٣٠» من مسائل النية، فلاحظ.

٢٥٩

فالمتحصل مما ذكرناه بطلان الصلاة في مفروض المسألة، لعدم احراز قصد العنوان وعدم امكان تصحيح الصلاة بقاعدة التجاوز، لا من جهة عدم جريانها في النية حتى يقال بكفاية جريانها في المنوي. ولا من جهة عدم جريانها في موارد الشك في الموجود حتى يقال بان الشك في الموجود ايضا راجع الى الشك في الوجود، او استفادة العموم من دليل القاعدة. ولا من جهة عدم احراز نشوء العمل عن قصد العنوان حتى يقال بعدم اعتبار ذلك، بل لان صحة الاجزاء اللاحقة موقوفة على الاتيان بمجموع هذه الصلاة، من اولها الى اخرها بقصد العنوان، والقاعدة لاتثبت ذلك؛ لعدم جريانها في النية وعدم اثبات ذلك بجريانها في المنوي، الا على القول بالاصل المثبت. والحاصل ان تعنون عنوان العصرية مثلا موقوف على قصد عنوان العصرية، فلابد من احراز ذلك، ولايمكن الاحراز بقاعدة التجاوز بالنسبة الى مامضى، كما هو واضح، بل الاحراز بجريان القاعدة دوري.

قال: الثانية: اذا شك في أن ما بيده مغرب أو عشاء، فمع علمه

باتيان المغرب بطل ومع علمه بعدم الاتيان بها او الشك فيه، عدل بنيته اليها ان لم يدخل في ركوع الرابعة، والا بطل أيضا.

اقول: الوجه في هذه المسألة عين الوجه في المسألة السابقة. نعم تمتاز هذه المسألة عن سابقتها بانه لو حصل العلم بعدم الاتيان بالمغرب بعد الدخول في ركوع الركعة الرابعة فانه لايمكن العدول حينئذ، بل لا مصحح لهذه الصلاة الا على مبنى الميرزا النائيني -رحمه‌الله - من سقوط شرطية الترتيب، ولكن لاتصح هذه الدعوى، اذ الترتيب المعتبر انما هو بين الصلاتين بتمام اجزائهما، ولا دليل على سقوطه بينهما بالنسبة الى ما لم يؤت به من الأجزاء.

لا اقول: ان دليل الترتيب يعتبر الترتيب بين اجزاءالصلاة حتى يقال بأن هذا خلاف الظاهر وان الترتيب المعتبر انما هو بين الصلاتين ولايمكن احرازه الا باعادة الصلاة. بل أقول بأن الترتيب، وان كان معتبرا بين الصلاتين الا ان اعتباره انما هو بالنسبة اليهما بنحو جميع الاجزاء لا مجموع الأجزاء. فالترتيب معتبر بين الجميع والجميع، لا المجموع والمجموع، فتدبر جيدا.

قال: الثالثة: اذا علم بعد الصلاة او في اثنائها انه ترك سجدتين من ركعتين سواء كانتا من الأولتين او الأخيرتين صحت وعليه قضاؤهما وسجدتا السهو مرتين، وكذا ان لم يدر انهما من أي الركعات بعد العلم بأنهما من الركعتين.

٢٦٠