البحث في رسالات عشر

البحث في رسالات عشر0%

البحث في رسالات عشر مؤلف:
تصنيف: متون فقهية ورسائل عملية
الصفحات: 367

  • البداية
  • السابق
  • 367 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 32908 / تحميل: 5607
الحجم الحجم الحجم
البحث في رسالات عشر

البحث في رسالات عشر

مؤلف:
العربية

أقول: ظهر مما تقدم لزوم التفصيل بين الصورتين، بوجوب اعادتهما، لو كان الشك بعد السلام. واما قبله، فالظاهر الحكم بصحة المغرب، ووجوب عمل الشك بين الأربع والخمس في صلاة العشاء. ولا بأس بحصول العلم بالخلاف في الحكمين لعدم احراز المخالفة العملية، كما ذكرنا في المسألة السابقة. فان هذا هو مقتضى التعبد والتنزيل في المقام.

وبعبارة اخرى: ليس حال العلاج في شكوك الصلاة حال الأحكام الظاهرية التي تكون مفاد ادلة الامارات والاصول، حتى يحكم بعدمها في موارد العلم الاجمالي، بل لأدلة العلاج في المقام نحو تنزيل وتحكيم، ولذا لايجب اعادة الصلاة في مورد تبين نقصان الصلاة بعد صلاة الاحتياط في الشكوك الصحيحة التي توجبها، فتدبر جيدا. وبعد في النفس شيء في المسألتين، وطريق الاحتياط واضح.

قال: الثانية والثلاثون: لو أتى بالمغرب ثم نسي الاتيان بها، بأن اعتقد عدم الاتيان، او شك فيه فأتى بها ثانيا، وتذكر قبل السلام أنه كان اتيا بها، ولكن علم بزيادة ركعة، اما في الاولى او الثانية، له أن يتم الثانية ويكتفي بها بحصول العلم بالاتيان بها، اما أولا أو ثانيا. ولايضره كونه شاكا في الثانية بين الثلاث والأربع، مع ان الشك في ركعات المغرب موجب للبطلان، لما عرفت سابقا من ان ذلك اذا لم يكن هناك طرف اخر يحصل معه اليقين بالاتيان صحيحا. وكذا الحال اذا أتى بالصبح، ثم نسي وأتى بها ثانيا، وعلم بالزيادة اما في الاولى او الثانية.

أقول: ما أفاده في هذه المسألة صحيحة، ووجهه ظاهر، كما ذكره. نعم يبقى في المسألة شيء، تعرض له غير واحد من المحشين، وهو انه يجوز له الاكتفاء بالاولى، ويبني على صحتها بقاعدة الفراغ، ومع عدم تسليم ما أفاده في المتن في جواب المناقشة يمكننا الحكم بصحة الصلاة الاولى على أي حال.

قال: الثلاثة والثلاثون: اذا شك في الركوع و هو قائم وجب عليه الاتيان به، فلو نسي حتى دخل في السجود فهل يجري عليه حكم الشك بعد تجاوز المحل أم لا؟ الظاهر عدم الجريان، لان الشك السابق باق وكان قبل تجاوز المحل. وهكذا لو شك في السجود قبل ان يدخل في التشهد ثم دخل فيه نسيانا وهكذا.

أقول: ليس الوجه في عدم جريان حكم الشك بعد تجاوز المحل ما ذكره من بقاء الشك السابق، فان الشك - وهو الحالة النفسانية الترددية الاولى - قد ارتفع بالنسيان جزما، والحالة

٢٨١

الثانية وجدت بعد تجاوز المحل قطعا. بل الوجه في ذلك انه حين حصول الشك اولا كان في الحل، وتنجز عليه وجوب الاتيان بالركوع، ولم يأت به، والشك الثاني ليس في اتيان هذا التكليف المنجز، حتى يقال بأنه شك بعد المحل، فان المفروض العلم بعدم الاتيان بالركوع بعد حصول الشك في المحل.

قال: الرابعة والثلاثون: لو علم نسيان شيء قبل فوات محل المنسي، ووجب عليه التدارك، فنسي حتى دخل في ركن بعده، ثم انقلب علمه بالنسيان شكا، يمكن اجراء قاعدة الشك بعد تجاوز المحل، والحكم بالصحة ان كان ذلك الشيء ركنا، والحكم بعدم وجوب القضاء، وسجدتي السهو فيما يجب فيه ذلك. لكن الاحوط مع الاتمام اعادة الصلاة اذا كان ركنا. والقضاء وسجدتا السهو في مثل السجدة والتشهد، وسجدتا السهو فيما يجب في تركه السجود.

الخامسة والثلاثون: اذا اعتقد نقصان السجدة او التشهد مما يجب قضاؤه، او ترك مايوجب سجود السهو في اثناء الصلاة، ثم تبدل اعتقاده بالشك في الأثناء، او بعد الصلاة ، قبل الاتيان به، سقط وجوبه. وكذا اذا اعتقد بعد السلام نقصان ركعة أو غيرها، ثم زال اعتقاده.

أقول: الوجه في هاتين المسألتين ان المدار في جريان احكام الشك والسهو

وغيرهما، الحالة الفعلية للمكلف، فالشاك الفعلي مع كونه معتقدا سابقا او ناسيا يعمل بوظيفة الشك. والمعتقد الفعلي وان كان شاكا قبلا، يعمل باعتقاده.

نعم، هنا أمر لاباس بالتنبيه عليه، وهو انه يمكن دعوى اختصاص ذلك بما اذا حصل العلم بالنسيان في المسألة الاولى، والعلم بالنقصان في المسالة الثانية بعد التجاوز، وأما اذا حصل العلم بهما في المحل فاجراء القاعدة بالنظر الى الحالة الفعلية محل اشكال، لا لما افيد من انصراف دليل القاعدة عن ذلك، بل لما مر من ان تنجز التكليف قبل النسيان والتبدل يوجب الخروج عن عهدته، وعروض الشك بعد النسيان او تبدل الاعتقاد بالشك لايوجب ذلك.

قال: السادسة والثلاثون: اذا تيقن بعد السلام - قبل اتيان المنافي عمدا أو سهوا - نقصان الصلاة، وشك في ان الناقص ركعة أو ركعتان، فالظاهر انه يجري عليه حكم الشك بين الاثنتين والثلاث، فيبني على الأكثر، ويأتي بالقدر المتيقن نقصانه، وهو ركعة اخرى، ويأتي بصلاة احتياطية. وكذا اذا تيقن نقصان ركعة، وبعد الشروع فيها شك في ركعة اخرى. وعلى هذا فاذا كان مثل ذلك في صلاة المغرب والصبح، يحكم ببطلانهما، ويحتمل جريان حكم الشك بعد السلام بالنسبة الى الركعة المشكوكة، فيأتي بركعة واحدة من دون الاتيان بصلاة الاحتياط، وعليه فلا تبطل الصبح والمغرب أيضا بمثل ذلك، ويكون كمن علم نقصان ركعة فقط.

٢٨٢

أقول: أفاد سيدنا الاستاذ المحقق - مد ظله - في التعليقة على «يحتمل» لكنه لاوجه له، وقال السيد الاستاذ - مد ظله - في تعليقته على ذلك: هذا الاحتمال ضعيف جدا. وما ذكراه هو الصحيح، فان عدم اعتبار الشك بعد السلام، انما يكون في السلام الصلاتي، لا السلام الزائد، كما هو المفروض في المسألة. والوجه في المسألة ما أفاده الماتن قبل الاحتمال بما لامزيد عليه.

قال: السابعة والثلاثون: لو تيقن بعد السلام قبل اتيان المنافي نقصان ركعة، ثم شك في أنه أتى بها أم لا، ففي وجوب الاتيان بها، لأصالة عدمه او جريان حكم الشك في الركعات عليه وجهان، والأوجه الثاني.

وأما احتمال جريان حكم الشك بعد السلام عليه فلا وجه له، لان الشك بعد السلام لايعتنى به اذا تعلق بما في الصلاة، وبما قبل السلام، وهذا متعلق بما وجب بعد السلام.

أقول: لايخفى ما فيما ذكره أخيرا من دليل نفي احتمال جريان الشك بعد السلام، بأن هذا متعلق بما وجب بعد السلام. فانه بعد فرض اليقين بنقص الركعة لايكون السلام سلاما صلاتيا، بل هو سلام زائد واقع في الصلاة. وبهذا يرد الاحتمال المذكور أيضا. فان جريان حكم الشك بعد السلام على المورد موقوف على كون السلام سلاما صلاتيا، وهذا سلام زائد على الفرض.

وأما أصل المسألة: فقد افاد سيدنا الاستاذ المحقق - مد ظله - في التعليقة على «والأوجه الثاني». بل الأوجه الأول على ما هو ظاهر المفروض من الشك في اتيانها تاما، وعدم اتيانها رأسا. فانه مع الاتيان بركعة متصلة يقطع ببراءة

الذمة، وأدلة البناء على الاكثر لاتشمل المفروض، نعم مع القطع بعدم تحقق السلام وعروض الشك في حينه، فالظاهر جريان حكم الشك، لكنه خلاف المفروض ظاهرا، انتهى.

وقال السيد الاستاذ في تعليقته على ذلك: هذا اذا لم يعلم بوقوع السلام على تقدير الاتيان بالركعة الناقصة، وأما مع العلم بوقوعه على تقديره فلا يخلو الوجه الأول عن وجه وجيه، انتهى.

والوجه الوجيه ما في كلام الاستاذ المحقق، من ان الاتيان بركعة متصلة في هذا الفرض يوجب القطع ببراءة الذمة، ولاتجري أدلة العلاج بالبناء على الأكثر والاتيان بالركعة المفصولة؛ لان موردها حصول الشك في الصلاة لامطلقا. وفي الفرض يحتمل تمامية الصلاة وحصول الشك بعدها. والاستصحاب لا يثبت موضوع دليل العلاج، فلا يمكن التسمك به، الا اذا قلنا بجواز التمسك بالدليل في الشبهات المصداقية، ولا نقول به. فالصحيح ما افاده - مد ظله - في التعليقة من التفصيل.

٢٨٣

قال: الثامنة والثلاثون: اذا علم ان ما بيده رابعة ويأتي به بهذا العنوان، لكن لايدري أنها رابعة واقعية أو رابعةبنائية، وانه شك سابقا بين الاثنتين والثلاث فبنى على الثلاث، فتكون هذه رابعة بعد البناء على الثلاث، فهل تجب عليه صلاة الاحتياط لأنه وان كان عالما بانها رابعة في الظاهر الا انه شاك من حيث الواقع فعلا بين الثلاث والأربع، او لاتجب، لأصالة عدم شك سابق. والمفروض انه عالم بانها رابعة فعلا؟ وجهان: والوجه الأول.

أقول: بل الوجه هو الأول، ولا وجه للثاني، فانه لا اثر لأصالة عدم الشك

السابق، والمدار على الحال الفعلي، وهو الشك بين الثلاث والأربع، سواء كان شاكا قبلا أم لا.

قال: التاسعة والثلاثون: اذا تيقن بعد القيام الى الركعة التالية انه ترك سجدة او سجدتين او تشهدا، ثم شك في انه هل رجع وتدارك ثم قام، أو هذا القيام هو القيام الأول؟ فالظاهر وجوب العود الى التدارك؟ لأصالة عدم الاتيان بها بعد تحقق الوجوب. واحتمال جريان حكم الشك بعد تجاوز المحل - لأن المفروض انه فعلا شاك وتجاوز عن محل الشك - لا وجه له؟ لأن الشك انما حدث بعد تعلق الوجوب، مع كونه في المحل بالنسبة الى النسيان، ولم يتحقق التجاوز بالنسبة الى هذا الواجب.

أقول: الأولى ان يقال: ان الترديد المزبور مساوق للشك في ان ما بيده من القيام هو القيام الزائد او القيام الصلاتي، ومعه لم يحرز التجاوز، ويكون المورد من موارد الشبهة المصداقية لقاعدة التجاوز، وحينئذ لابد من الاتيان بالمشكوك، عملا بقاعدة الاشتغال المعبر عنها بأصالة عدم الاتيان في المتن.

ذكر المحقق العراقي -رحمه‌الله - ما لفظه: بعد فرض حدوث الشك في قيام يصلح للجزئية، لاقصور حينئذ في جريان القاعدة بالنسبة الى السجدة المشكوكة، ومجرد العلم بوجود قيام باطل في البين - مع احتمال كون ذلك غيره - غير مضر بوجود موضوع القاعدة كما لايخفى فتأمل، انتهى.

وفيه: انه لو اراد من «قيام يصلح للجزئية» انه صالح لها، فالصغرى غير محرزة، فان القيام الباطل، غير صالح للجزئية، والمفروض احتمال كون هذا القيام هو القيام الباطل. ولو اراد من ذلك انه يحتمل ان يكون جزء، فالكبرى

٢٨٤

ممنوعة؛ لعدم جواز التمسك بالدليل في موارد الشبهات المصداقية.

وذكر سيدنا الاستاذ في رد ما ذكره المحقق المذكور -رحمه‌الله - ان المعتبر هو الدخول في الغير المترتب، فصرف كونه في القيام مع احتمال كونه غير داخل في الغير أصلا لايكفي في جريانها، بل لابد من احراز الدخول في الغير المترتب، انتهى موضع الحاجة.

وفيه: منع اعتبار الدخول في الغير في قاعدة التجاوز، فضلا عن اعتبار كون الغير من الغير المترتب، بل موضوع القاعدة هو صدق التجاوز فان الشك اذا كنت في شيء لم تجزه، والمصداق مشكوك في المقام، وتمام الكلام في محله.

قال: الأربعون: اذا شك ين الثلاث والأربع مثلا، فبنى على الأربع، ثم أتى بركعة اخرى سهوا، فهل تبطل صلاته من جهة زيادة الركعة، أم يجري عليه حكم الشك بين الأربع والخمس؟ وجهان، والأوجه الأول.

أقول: الوجه في ذلك تنجز حكم الشك بين الثلاث والأربع في حقه، والمفروض عدم الاتيان بهذه الوظيفة، والاتيان بركعة زائدة عليها. وهي تبطل الصلاة ولو كان سهوا. وتبدل الشك بالشك بين الأربع والخمس لايوجب الانقلاب في ما تنجز على المكلف. ومخالفته بما تبطل الصلاة به، قبل انقلاب الشك الأول بشك اخر.

هذا هو الوجه، لا ما يقال من انصراف دليل علاج الشك بين الأربع والخمس، بالشك الحادث، لا الشك المتولد من الشك الاخر، ولا تعارض القاعدتين والرجوع الى الاشتغال، فانه يمكن منع الانصراف، ودعوى اطلاق

الدليل. ولا تعارض بين القاعدتين اذا كانت احداهما جارية في صلاة باطلة، كما في المقام. فان الشك بين الأربع والخمس انما حدث بعد تعبد الشارع ببطلان الصلاة، كما ذكرنا.

قال: الحادية والاربعون: اذا شك في ركن بعد تجاوز المحل، ثم اتى به نسيانا، فهل تبطل صلاته من جهة الزيادة الظاهرية او لا؟ من جهة عدم العلم بها بحسب الواقع. وجهان، والأحوط الاتمام والاعادة.

أقول: في تعليقة استاذنا المحقق - مد ظله - أوجههما الأول، وفي تعليقة السيد الاستاذ - مد ظله - اظهرها البطلان. ولكن لا وجاهة ولا ظهور للثاني، أي الصحة. فان الحكم بالصحة من جهة عدم العلم بالزيادة - بحسب الواقع أيضا - ليس الا حكما ظاهريا، يحكم بها لاصالة البراءة عن مانعية ما احتمل زيادته. وهذا محكوم بالدليل الاجتهادي الدال على عدم جواز الاعتناء بالشك في المحل. فالزيادة وان كانت ظاهرية الا ان دليل البطلان بها هو الدليل الاجتهادي، ودليل

٢٨٥

الصحة أصالة البراءة، ولايخفى تقدم الدليل على الاصل العملي.

قال: الثانية والأربعون: اذا كان في التشهد، فذكر انه نسي الركوع، ومع ذلك شك في السجدتين أيضا، ففي بطلان الصلاة من حيث انه بمقتضى قاعدة التجاوز محكوم بأنه أتى بالسجدتين، فلا محل لتدارك الركوع. أو عدمه، اما لعدم شمول قاعدة التجاوز في مورد يلزم من اجرائها بطلان الصلاة، واما لعدم احراز الدخول في ركن اخر، ومجرد الحكم بالمضي لا يثبت الاتيان. وجهان، والوجه الثاني.

ويحتمل الفرق بين سبق تذكر النسيان وبين سبق الشك في السجدتين، والأحوط العود الى التدارك، ثم الاتيان بالسجدتين، واتمام الصلاة، ثم الاعادة، بل لايترك هذا الاحتياط.

أقول: مقتضى اصالة عدم الاتيان بالسجدتين هو الرجوع والاتيان بالركوع وبالسجدتين واتمام الصلاة، وتكون محكومة بالصحة. ولا تجري قاعدة التجاوز بالنسبة الى السجدتين؛ وذلك لما في المتن من الوجه الأول، وهو ان مورد جريان القاعدة ماتكون القاعدة مصححة للصلاة لا مبطلة كما في المقام. مع ان السجدتين المشكوك فيهما لم يؤمر بهما قطعا، فلا معنى لجريان قاعدة التجاوز بالاضافة اليهما. واما ما في المتن من الوجه الثاني فلا يتم لأن لسان أدلة القاعدة ليس مجرد المضي، بل لسان بعضها التعبد بالجزء المشكوك فيه كقوله «بلى قد ركع».

وذكر سيدنا الاستاذ وجها اخر لعدم جريان القاعدة في المقام، وهو ان التشهد لم يقع جزء من الصلاة قطعا، فلا يتحقق معه الدخول في الغير. وقد مر عدم امكان المساعدة لهذا المبنى، وعدم اعتبار الدخول في الغير في جريان القاعدة وكفاية المضي والتجاوز في ذلك. فالصحيح ما مر من لزوم الرجوع، والاتيان بالمنسي والمشكوك، واتمام الصلاة، بلا فرق بين سبق تذكر النسيان وبين سبق الشك في السجدتين. فان الشك السابق يرتفع موضوعه بتذكر النسيان، كما ان الشك يوجب تغيير حكم النسيان.

قال: الثالثة والأربعون: اذا شك بين الثلاث والأربع مثلا، وعلم انه على فرض الثلاث ترك ركنا، او ما يوجب القضاء، او مايوجب سجود السهو، لا اشكال في البناء على الأربع ، وعدم وجوب شيء

عليه، وهو واضح، وكذا اذا علم انه على فرض الأربع ترك مايوجب القضاء، او ما يوجب سجود السهو، لعدم احراز ذلك بمجرد التعبد بالبناء على الأربع. وأما اذا علم انه على فرض الاربع ترك ركنا او غيره مما يوجب بطلان الصلاة، فالأقوى بطلان صلاته، لا لاستلزام البناء على

٢٨٦

الأربع ذلك؛ لأنه لا يثبت ذلك بل للعلم الاجمالي بنقصان الركعة او ترك الركن مثلا، فلايمكن البناء على الأربع حينئذ.

أقول: لا فرق بين الفرض الأول والأخير في أن الأقوى بطلان الصلاة. والوجه فيه ما ذكره سيدنا الاستاذ - مد ظله - من ان جريان قاعدة البناء على الأكثر، يتوقف على أمرين، احتمال صحة الصلاة في نفسها، واحتمال جبر النقص المحتمل بصلاة الاحتياط. وعليه فاذا علم الشاك بترك ركن على تقدير الصلاة فلا يحتمل جابرية الركعة المنفصلة، لانه اما ان صلاته اربع ركعات فلا حاجة الى الركعة المنفصلة، او باطلة على تقدير النقص. واذا علم بترك ركن على تقدير الأربع فجابرية الركعة المنفصلة، وان كانت محتملة، الا ان الصلاة - على تقدير كونها أربع ركعات - مقطوعة البطلان، فلا تجري القاعدة في شيء من الفرضين، فيحكم ببطلان الصلاة في كليهما، لقاعدة الاشتغال.

قال: الرابعة والأربعون: اذا تذكر بعد القيام انه ترك سجدة من الركعة التي قام عنها، فان أتى بالجلوس بين السجدتين ثم نسي السجدة الثانية يجوز له الانحناء الى السجود من غير جلوس. وان لم يجلس أصلا وجب عليه الجلوس ثم السجود. وان جلس بقصد الاستراحة والجلوس بعد السجدتين، ففي كفايته عن الجلوس بينهما وعدمهما وجهان، الأوجه

الأول. ولا يضر نية الخلاف، لكن الأحوط الثاني، فيجلس ثم يسجد.

أقول: وجه هذه المسألة ظاهر، ولا حاجة الىالاحتياط في الفرض الأخير، فانه لم يثبت للجلسة بين السجدتين او بعدهما عنوان قصدي في الأدلة. بل الثابت مجرد الجلوس بقصد القربة، والمفروض حصوله، فالانطباق قهري، والاجزاء عقلي.

قال: الخامسة والأربعون: اذا علم بعد القيام، او الدخول في التشهد، ونسيان احدى السجدتين، وشك في الاخرى، فهل يجب عليه اتيانهما، لأنه اذا رجع الى تدارك المعلوم يعود محل المشكوك ايضا، او يجري بالنسبة الى المشكوك حكم الشك بعد تجاوز المحل؟ وجهان، أوجههما الأول، والأحوط اعادة الصلاة أيضا.

أقول: تقدم الكلام في نظير هذه المسألة، في المسألة السابعة عشرة، وقوينا هناك احتمال العمل بحكم الشك بعد تجاوز المحل؛ لصدق المضي والتجاوز بالنسبة الى المشكوك، وعود محل المشكوك لا دليل عليه، فان المضي بعد تحققه لاينقلب عما وقع عليه.

٢٨٧

وما ذكره السيد الاستاذ - مد ظله - من ان التشهد او القيام وقع في غير محله، فالشك في اتيان السجدة الاولى شك في محله، مبني على مبناه، من اعتبار الدخول في الغير المترتب في جريان القاعدة. ولا نقول به، فان الظاهر من الادلة عدم لزوم الدخول في الغير، فضلا عن الغير المترتب بل اللازم هو التجاوز عن المحل المفروض في المقام وجوده.

قال: السادسة والأربعون: اذا شك بين الثلاث والأربع مثلا وبعد السلام قبل الشروع في صلاة الاحتياط علم انها كانت أربعا، ثم عاد شكه، فهل يجب عليه صلاة الاحتياط لعود الموجب وهو الشك. او لا، لسقوط التكليف عنه حين العلم، والشك بعده شك بعد الفراغ؟ وجهان، والأحوط الأول.

أقول: عود الشك بحيث يكون العائد عين الزائل غير معقول. والشك الأول قد ارتفع بحدوث العلم، والثاني شك جديد. فأدلة البناء لا تشمل المسألة. ومع ذلك لاتجري قاعدة الفراغ أيضا، لا لما ذكره السيد الاستاذ -مد ظله - من ان اطلاق دليل البناء يشمل الشك الاول، فان المتيقن من الخارج عن ذلك الحكم، صورة علمه بتمامية الصلاة اذا لم يتبدل بالشك. واما في مورد التبدل فلابد من العمل بما يقتضيه الشك الاول لاطلاق الدليل، فان لازمه جريان الحكم المذكور حال العلم المتوسط بين الشكين، وهذا كما ترى. والحكم يدور مدار موضوعه، وموضوع الحكم قد زال بالعلم. والشك الثاني لايوجب عود الموضوع الزائل لانه مستحيل، بل لما ذكره أخيرا، وهو عدم جريان قاعدة الفراغ في مثله لفرض الشك في حال العمل، وعدم احتمال الالتفات واختصاص القاعدة بصورة عدم الشك حين الفراغ منه.

أفلم يبق الا قاعدة الاشتغال المقتضية للاتيان بركعة متصلة، والسجدتين للسلام الزائد، فان الامر دائر بين كون صلاته تامة أو ناقصة، ومع الاتيان بركعة متصلة، يقطع بالخروج عن العهدة، فمع كونها تامة تكون الركعة زائدة بعد السلام، ومع كونها ناقصة تكون الركعة جابرة، والسلام الواقع قبلها سلاما زائدا موجبا لسجود السهو.

قال: السابعة والأربعون: اذا دخل في السجود من الركعة الثانية فشك في ركوع هذه الركعة وفي السجدتين من الاولى ففي البناء على اتيانها من حيث انه شك بعد تجاوز المحل، او الحكم بالبطلان؛ لأوله الى الشك بين الواحدة والاثنتين وجهان، والأوجه الاول. وعلى هذا فلو فرض الشك بين الاثنتين والثلاث بعد اكمال السجدتين، مع الشك في ركوع الركعة التي بيده وفي السجدتين من السابقة لايرجع الى الشك بين الواحدة والاثنتين حتى تبطل الصلاة. بل هو من الشك بين الاثنتين والثلاث بعد الاكمال. نعم لو علم بتركهما مع الشك المذكور يرجع الى

٢٨٨

الشك بين الواحدة والاثنتين، لأنه عالم حينئذ باحتساب ركعتيه بركعة.

أقول: ما ذكره الماتن في هذه المسألة ظاهر، بل تعبيره بأن الأوجه الاول ليس بوجيه. فانه لاوجاهة للوجه الثاني، لأنه بدخوله في القيام الى الثانية تجاوز عن محل السجدتين، وبدخوله في السجدة تجاوز عن محل ركوع الركعة الثانية التي قام لها. ولاموجب لاحتمال الغاء القيام الى الركعة الثانية، حتى يحصل الشك في الركعات.

قال: الثامنة والأربعون: لايجري حكم كثير الشك في صورة العلم الاجمالي. فلو علم ترك احد الشيئين اجمالا من غير تعيين يجب عليه مراعاته. وان كان شاكا بالنسبة الى كل منهما، كما لو علم حال القيام انه اما ترك التشهد او السجدة، او علم اجمالا أنه اما ترك الركوع أو

القراءة. وهكذا لو علم بعد الدخول في الركوع انه اما ترك سجدة واحدة او تشهدا، فيعمل في كل واحد من هذه الفروض حكم العلم الاجمالي المتعلق به، كما في غير كثير الشك.

أقول: في الأمثلة مناقشة، وهي أنه لا خصوصية لكثرة الشك في ملاك شبهةالمسألة، وهي عدم الاعتناء بشك كثير الشك، فان هذه الشبهة جارية ولو في غير كثير الشك ايضا في هذه الأمثلة. فانه بعد التجاوز لايعتني بالشك، ولو لم يكن كثير الشك. والمناسب المثال بالعلم الاجمالي مع كون الشخص باقيا في المحل، بحيث لو لم يكن كثير الشك يجب عليه الاتيان.

وهنا مناقشة اخرى في المثال الثاني، فان ما ذكره مبني على ان يكون ترك القراءة موجبا لسجدة السهو، والا فلا اثر للعلم الاجمالي، ويجري عليه حكم كثير الشك بالنسبة الى شكه في الركوع. وكيف كان، التحقيق هو التفصيل بين ما لو قلنا بالعزيمة او الرخصة؛ لعدم الاعتناء بالشك المذكور، فعلى الثاني، لابد من الاتيان بالمعلوم بالاجمال وتصح الصلاة. واما على القول الاول، فلايجب الاتيان بالمعلوم بالاجمال، بل اللازم اعادة الصلاة، فان العلم الاجمالي لايلاحظ فيه العلم فقط، بل انه علم وشك، ولذا يعبر عن الشك في طرفه انه شك مقرون بالعلم الاجمالي. ومن هنا يظهر انه لو علم اجمالا بترك احد الجزئين، وعلم أيضا الاتيان بأحدهما، لايجب عليه الاتيان بهما، وعليه اعادة الصلاة فقط، ولو قلنا بالرخصة في ترك الاعتناء.

وحيث ان الصحيح البناء على العزيمة، لايمكن تصحيح الصلاة بالاتيان بالجزئين فيها، وتجب اعادة الصلاة.

قال: التاسعة والأربعون: لو اعتقد انه قرأ السورة مثلا، وشك في

٢٨٩

قراءة الحمد فبنى على أنه قرأها، لتجاوز محله، ثم بعد الدخول في القنوت تذكر انه لم يقرأ السورة. فالظاهر وجوب قراءة الحمد أيضا، لان شكه الفعلي وان كان بعد تجاوز المحل بالنسبة الى الحمد لله، انه هو الشك الأول الذي كان في الواقع قبل تجاوز المحل، وحكمه الاعتناء به، والعود الى الاتيان بما شك فيه.

أقول: ما ذكره هو الصحيح، فان شكه الفعلي بعينه الشك الأول، وليس شكا جديدا حتى يعامل معه معاملة الشك بعد تجاوز المحل. واما ما ذكره السيد الاستاذ - مد ظله - من لغوية القنوت من جهة وجوب تدارك السورة، فلا تكون القنوت من الغير المترتب، فقد مر عدم تمامية مبنى هذا البناء. واغرب من ذلك ما ذكره بعض الأعاظم من ان لغوية القنوت مانعة من صدق التجاوز بالنسبة الى الشك في الفاتحة، فان التجاوز والمضي وجداني لايحتاج الى الاستدلال والبرهان.

قال: الخمسون: اذا علم أنه ما ترك سجدة أو زاد ركوعا فالأحوط قضاء السجدة وسجدتا السهو، ثم اعادة الصلاة. ولكن لايبعد جواز الاكتفاء بالقضاء وسجدة السهو، عملا بأصالة عدم الاتيان بالسجدة وعدم زيادة الركوع.

أقول: ذكر السيد الاستاذ في تعليقته على «ولكن لايبعد جواز الاكتفاء» بل هو الأظهر، لا لما ذكر، بل لجريان قاعدة التجاوز في الشك في زيادة الركوع من دون معارض لأن كل ما لايترتب عليه البطلان لايعارض جريان القاعدة فيه جريانها فيما يترتب عليه البطلان. وعليه فتجري أصالة عدم الاتيان

بالسجدة، ويترتب عليه أثره، انتهى.

وبعد ما فهمت معنى جريان قاعدة التجاوز في الشك في زيادة الركوع فأين محل زيادة الركوع أو عدمها في الصلاة حتى نعرف التجاوز والمضي عنه، ولاسيما على مبناه، من اعتبار الدخول في الغير المترتب؟ فأي جزء من أجزاء الصلاة مترتب على زيادة الركوع او عدمها؟ نعم أصالة عدم الاتيان جارية في الركوع الزائد، وهذا غير قاعدة التجاوز. وأما ما ذكره من المبنى مامر سابقا، من أنه لاتجري القاعدة لاثبات السجدة للعلم بعدم امتثال امرها، اما لعدم الاتيان بها، او لبطلان الصلاة. فأصالة عدم الاتيان جارية في الركوع الزائد بلا معارض. فلو كان الشك في محل السجدة، تجب الاتيان بها، ومع فوت المحل الذكري لابد من قضاء السجدة وسجدتا السهو، بلا حاجة الى اعادة الصلاة.

٢٩٠

ولكن ذكرنا سابقا من استحالة انحلال العلم الاجمالي بالعلم التفصيلي المتولد منه، ولزوم مراعاة الشك في نفسه لتطبيق القواعد، فتقع المعارضة بين قاعدة التجاوز عن محل السجدة، وأصالة عدم زيادة الركوع، فتسقطان، فتصل النوبة الى أصالة البراءة بالنسبة الى قضاء السجدة وسجدتا السهو، وقاعدة الاشتغال بالنسبة الى اعادة الصلاة. هذا اذا حصل العلم الاجمالي بعد فوات المحل الذكري للسجدة. واما قبل ذلك، وبعد المحل الشكي، فلابد من التدارك في الصلاة، واعادة الصلاة لقاعدة الاشتغال في كلتيهما. نعم اذا حصل العلم في المحل الشكي، فلا معارضة بين قاعدة الاعتناء بالشك في المحل، وأصالة عدم زيادة الركوع، فيكتفي بتدارك السجدة فقط. وقد مر في المسائل السابقة توضيحا اكثر مما ذكرنا، فراجع. وقد يتوهم أنه في مورد حصول العلم الاجمالي بعد المحل الشكي تجري اصالة عدم الاتيان بالسجدة، وقاعدة الاشتغال بالنسبة الى أصل الصلاة، ولذا لابد من الجمع بين الوظيفتين.

وناقش استاذنا المحقق في جريان أصالة عدم الاتيان بالسجدة، بأن

الموضوع للحكم ليس الترك المطلق، والترك عن سهو ليس له الحالة السابقة. وهذا اشكال حسن، ونتيجته ان حصول العلم اذا كان قبل المحل الذكري فقاعدة الاشتغال بالنسبة الى السجدة تقتضي الإتيان بها، كما ان قاعدة الاشتغال بالنسبة الى أصل الصلاة تقتضي اعادتها، فيجب الجمع بينهما.

نعم حصول العلم بعد المحل الذكري لايقتضي الجمع بين القضاء والاعادة الى هذا المبنى، بل يقتضي لزوم الاعادة فقط، لقاعدة الاشتغال. واما التكليف بالقضاء فمورد لاصالة البراءة فينحل العلم الاجمالي حينئذ.

ونقتصر بما ذكرنا من خمسين فرعا من فروع العلم الاجمالي، لما نرى من كفاية ذلك، وظهور بقية الفروع المذكورة في العروة وغيرها، مما بيناه في هذه المسائل.

والحمد لله رب العالمين.

٢٩١

رسالة في اعتبار اتفاق الافق في اثبات رؤية الهلال

بسم الله الرحمن الرحيم

هل تكفي رؤية الهلال في بلد ما لاثبات الشهر في جميع البلدان سواء اتفق الافق بينه وبينها أم اختلف حتى اذا كان البلد المرئي فيه الهلال غربيا بالنسبة الى تلك البلدان او لايكفي ذلك؟ فقد اختار السيد الاستاذ كفاية ذلك لجميع البلاد واستدل عليه بأمرين. وملخص دليله الاول ما ذكره في اخر كلامه بقوله: ومن هنا يظهر ان ذهاب المشهور الى اتحاد البلدين في الافق مبني على تخيل ارتباط خروج القمر عن تحت الشعاع ببقاع الأرض كارتباط طلوع الشمس وغروبها، الا أنه لاصلة لخروج القمر عنه ببقعة معينة دون اخرى فان حاله مع وجود الكرة الأرضية وعدمها سواء.

أقول: ليت شعري انه لو قطعنا النظر عن بقاع الأرض فأي ارتباط بين القمر والشمس نسميه بالمحاق او تحت الشعاع؟ واي معنى محصل لقوله لارتباط خاص بين القمر والشمس من دون ارتباط له ببقاع الارض؟ فلو فهم من تحت الشعاع ان القمر يكون بين أشعة الشمس يرد عليه ان القمر دائما تحت الشعاع بهذا المعنى الا عند الخسوف بلا فرق بين كون القمر في المحاق أولا، فان نصف القمر منور دائما بالشمس في جميع حالاته طول الشهر، ولوفهم ان القمر في حالة المحاق يكون في مسافة خاصة للشمس بحيث لايرى، يرد عليه ان القرب والبعد بالنسبة الى الشمس لا يؤثران في الرؤية مادام القمر موجود ويستضيء من نور الشمس والمانع بين الأرض والقمر مفقود.

فلو قيل: ان اشعة الشمس مانعة عن الرؤية. يقال: مع ان شعاع الشمس مثبت للرؤية لا انه مانع لها فافهم، لازم ذلك الحكم بوجود القمر وترتيب اثار الشهر، فان المفروض ان عدم الرؤية من جهة المانع وهو شعاع الشمس ومانعية شعاع الشمس كمانعية الغيم.

ولو قيل: ان بقاع الارض مانعة عن الرؤية يرد عليه مع انه خلاف ما هو بصدده وهو ان حالة المحاق تستدعي عدم الرؤية لازم ذلك ارتباط الارض أيضا في الخروج عن المحاق ولكن شيئا من ذلك لايتم، والصحيح ان تحت الشعاع وكذا المحاق ربط بين القمر والشمس وبقاع الأرض لأن الشهر نتيجة حركة القمر الانتقالية حول الارض على خلاف حركة الأرض الوضعية أي من المشرق الى المغرب، وأسرعية حركة الأرض عن حركة القمر بمقدار يقرب اربعين دقيقة في دور واحد، فان حركة الأرض الوضعية من المغرب الى المشرق وحركة القمر الانتقالية حول الارض من المشرق الى المغرب وتختلف الحركتان بمقدار أربعين دقيقة في دور واحدة، ونتيجة هذا الاختلاف تأخير غروب القمر عن غروب الشمس كل ليلة بمقدار أربعين دقيقة، فيحصل في كل ليلة موضع

٢٩٢

خاص للقمر بالنسبة الى الشمس وبالنسبة الى الأرض، وحيث ان نصف كرة القمر منور دائما بالشمس ونصف كرة القمر مواجه لكرة الأرض يختلف النصف المواجه للأرض باختلاف موضع القمر بحسب الليالي، فقد يكون النصف المواجه للأرض باختلاف موضع القمر بحسب الليالي، فقد يكون النصف المواجه للأرض مواجها للشمس أيضا تماما، ولذا يرى تمام هذا النصف كليالي البيض، وقد يكون بعض النصف المواجه للأرض مواجها للشمس فيرى ذلك البعض ويختلف ذلك باختلاف موضع القمر في الليالي ويحصل منه الهلال والتربيع وغيرهما، وقد لايكون شيء من النصف المواجه للأرض مواجها للشمس والنصف المنور في الطرف الاخر فلايرى من القمر

شيء وهذا يسمى بالمحاق.

هذا من ناحية، ومن ناحية اخرى ان في ليالي اخر الشهر يكون غروب الهلال اما مع غروب الشمس او يختلف بمقدار قليل، ويكون المقدار المنور من القمر المواجه للشمس والأرض أيضا قليلا فيكون مقهورا لأشعة الشمس بحيث لايكون قابلا للرؤية، وهذا يسمى بتحت الشعاع، فعلة عدم رؤية الهلال في الليالي الأخيرة أحد أمرين على سبيل منع الخلو المحاق أو كون القمر تحت الشعاع، والقوم اطلقوا تحت الشعاع على المحاق أيضا، وعبروا عن ذلك بتحت الشعاع فقط وقالوا إنّ بداية الشهر هو خروج القمر عن تحت الشعاع. ومن المعلوم اختلاف كلا الأمرين المحاق وتحت الشعاع باختلاف البقاع، فان ارتباط بقاع الأرض في كلا الأمرين ارتباط ركني، فلو لم تكن الارض لم يكن محاق ولا تحت شعاع، فان الأول يحصل من مواجهة النصف المظلم للقمر الى الأرض، والثاني يحصل من اتحاد الغروبين زمانا أو اختلافها يسيرا بحيث يكون المقدار المنور من القمر – اليسير أيضا – مقهورا لأشعة الشمس، ولا معنى لشيء من ذلك مع قطع النظر عن بقاع الأرض، ومن الظاهر انه تختلف الحالتين باختلاف البقاع.

فما ذكره من ان المحاق فرد واحد في الكون لايعقل تعدده بتعدد البقاع مع انه مصادرة غير صحيح، فان المحاق وضع القمر للشمس بحيث لاترى الجهة المنورة منه بالنسبة الى الرائي الواقع في بقعة من بقاع الارض، واختلاف هذا باختلاف البقاع ظاهر.

وما ذكره من ان عدم الرؤية في بلد مع الرؤية في البلد الاخر لمانع خارجي كشعاع الشمس او حيلولة بقاع الأرض او ماشاكل ذلك أيضا لايصح، فانه قد يكون موضع القمر للشمس بالنسبة الى بقعة موضعا لايرى أصلا وبالنسبة الى البقعة الاخرى لايكون كذلك فيرى. مضافا الى ان ماذكره

٢٩٣

خلف الفرض فان المفروض ان عدم الرؤية في محل دون الاخر من جهة الاختلاف في الافق لا من جهة المانع الخارجي كشعاع الشمس وبقاع الأرض وماشاكل ذلك، فقد علم بوضوح ان عدم الرؤية في بلد والرؤية في الاخر من جهة ان البلد الأول غير مواجه للجهة المنورة القابلة للرؤية من القمر والبلد الاخر مواجه لبعض منها، فما ذكره من الدليل الأول دليل على اعتبار اتحاد الافق، او كون البلد المرئي فيه بحيث يقطع بوجود الهلال في مطلع البلد الاخر لا ان يكون دليلا على عدم الاعتبار.

وأما الدليل الثاني: وهو النصوص، فقد تمسك بجملة من الروايات واستنتج منها ان رؤية الهلال في بقعة كافية لثبوته في بقية البقاع من دون فرق في ذلك بين الاتفاق في الافق او الاختلاف فيه.

ونحن نبحث لذلك في ضمن أمرين: (الأول) هل يصح التمسك باطلاق الدليل الشرعي لاثبات ذلك أولا؟ (الثاني) هل يتم ماذكره من الأدلة او لا؟.

أما الأول: فالمسلم بينه وبين غيره ان بداية الشهر هو خروج القمر عن المحاق وعن تحت الشعاع كما ذكره في الأمر الأول، وانما الاختلاف بينه وبين غيره في ان الخروج عن هذا الوضع هل يختلف باختلاف البقاع اولا؟ ولايمكن التمسك بالاطلاق لرفع هذا الشك واثبات انه لايختلف الخروج عن المحاق باختلاف البقاع، فان هذا امر تكويني عبر هو عنه بالظاهرة الكونية، ولامجال لاثبات الامور التكوينية بالاطلاقات بل لابد من مراجعة الفن المربوط بهذا الأمر، وتحقيق انه هل يختلف الخروج عن المحاق باختلاف البقاع اولا يختلف من العلم المدون له.

ان قلت: الامر التكويني وان لايثبت باطلاق الدليل الشرعي الا ان الاطلاق يثبت حكم ذلك الامر، فلو قال الشارع: ان الفقاع خمر يثبت حكم الخمر للفقاع وان لايثبت خمرية الفقاع فانه من الامور التكوينية، وفي ما نحن فيه لو قال الشارع «فان شهد اهل بلد اخر انهم رأوه فاقضه» يثبت حكم وجوب القضاء وان لايثبت ان اليوم الذي أفطر فيه كان من شهر رمضان.

قلت: مضافا الى انه خلاف ما هو بصدده فانه في مقام اثبات ان اليوم المذكور من شهر رمضان والافطار والواقع فيه افطار في شهر رمضان، ومضافا الى انه خلاف المقطوع به بيننا وبين الاصحاب من عدم وجوب القضاء لو لم يكن الافطار في شهر رمضان ومن عدم جواز الافطار لو علم ان اليوم من شهر رمضان بل لا يقول بذلك مسلم فضلا عن الفقهاء لايكفي اطلاق المذكور لاثبات ذلك بل لابد من دليل خاص لاثبات الحكم في صورة عدم الموضوع وهو الشهر.فان المحتمل في هذه المطلقات أمران: (احدهما) ان يكون التعبد بالقضاء مطلقا ولو لم يكن اليوم المفطر فيه من الشهر. (وثانيهما) اختصاص الحكم بصورة كون اليوم المذكور من الشهر

٢٩٤

والثاني لو لم يكن موافقا لظاهر الدليل من جهة التعبير بالقضاء فانه ظاهر في فوت الصوم في الوقت فلا اقل من احتمال الأمرين، فيسقط الاطلاق عن الاستدلال لمخالفة كل من الاحتمالين للظاهر من جهة.

فالمتحصل انه لو اراد من التمسك بالاطلاقات اثبات الشهر واقعا في بلد لم يرفيه الهلال فهذا من اثبات التكوين بالتعبد، ولو اراد من ذلك اثبات حكم الشهر فمع انه خلاف المقطوع به دون اثباته خرط القتاد. فان جميع المطلقات ناظرة الى بيان لزوم قضاء صوم يوم افطر فيه مع رؤية الهلال في غير البلد، وهذا لو لم يكن دالا على ان فوت صوم شهر رمضان مفروض في المطلقات ولذا عبر فيها بالقضاء وهو التدارك، فلا اطلاق للرواية حتى يلزم التقييد بل الحكم متقيد من الأول لايكون دالا على الاطلاق أيضا، فان الاطلاق خلاف ظاهر لفظ القضاء والتحفّظ بظاهر القضاء ينافي الاطلاق فلا يمكن التمسك بأصالة الاطلاق مع هذه الحالة.

واما الثاني: فقد تمسك بعدة روايات (منها) صحيحة هشام بن الحكم عن أبي عبد اللهعليه‌السلام انه قال فيمن صام تسعة وعشرين: قال«ان كانت له بينة عادلة على اهل مصر انهم صاموا ثلاثين على رؤيته قضى يوما»(١) بتقريب ان هذه الصحيحة باطلاقها تدلنا بوضوح على ان الشهر اذا كان ثلاثين يوما في مصر كان كذلك في بقية الامصار، واطلاقها يشمل صورتي اتحاد الافق واختلافه.

أقول: الرواية غير ناظرة الى بيان انه لو رئي الهلال في مصر يثبت الشهر في غير هذا المصر، فان الشهر امر تكويني لايتغير بالتعبد، والقول بالتعبد بالحكم خلاف ما هو بصدده وخلاف المقطوع به كما مر، مضافا الى ظهور لفظ القضاء في ان فوت صوم شهر رمضان مفروض الوجود فلابد من حمل الرواية على اتحاد الافق بين المصرين او كون المصر المرئي فيه الهلال غربيا بالنسبة الى المصر الاخر، مع ان في الرواية لم يعلم رجوع ضمير رؤيته الى الهلال، فان الهلال غير مذكور في الرواية بل ظاهر تعبيرات الرواية ان الضمير راجع الى من صام تسعة وعشرين، وعلى هذا يكون اليوم المفطر فيه من اخر الشهر لا من أوله، فيحصل في الرواية اشكال، فان يوم الشك الاخر لابد من صومه ومع الافطار لابد من قضائه، بلا فرق بين قيام البينة على انه من شهر رمضان وعدم قيام البينة، فتأمل. (ومنها) صحيحة أبي بصير عن أبي عبد اللهعليه‌السلام انه سئل عن اليوم الذي يقضى من شهر رمضان فقال: لا تقضه الا ان يثبت شاهدان عادلان من

____________________

(١) الوسائل: ج٧، باب ٥ من ابواب احكام شهر رمضان، ح١٣.

٢٩٥

جميع أهل الصلاة متى كان رأس الشهر، وقال: لاتصم ذلك اليوم الذي يقضى الا ان يقضي اهل الامصار، فان فعلوا فصمه(١) بتقريب ان الشاهد في الصحيحة جملتان «من جميع اهل الصلاة» و«اهل الأمصار».

أقول: مضافا الى ما ذكرنا من عدم امكان التعبد في التكوين وظهور لفظ القضاء في ان فوت صوم الشهر مفروض انه يحتمل في الجملة الاولى تعلق الجار والمجرور بـ«يثبت» فتكون الرواية في مقام بيان كفاية شاهدين عادلين وعدم لزوم الزائد عليهما لا ان تكون ناظرة الى مكان الرؤية، والجملة الثانية على خلاف مطلوبه أدل، فان الجمود على ظاهرها يقتضي الحكم بعدم وجوب القضاء الا اذا قضى أهل الامصار عموما فان هذه الجملة ظاهرة في العموم، فقضاء بعضهم دون البعض لايوجب القضاء، وهذا يدلنا على امكان قضاء بعض دون بعض، فلا تكفي رؤية بعض لثبوت الهلال عند الاخر.

(ومنها) صحيحة اسحاق بن عمار، قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن هلال رمضان يغم علينا في تسع وعشرين من شعبان فقال لاتصمه الا ان تراه، فان شهد أهل بلد اخر انهم رأوه فاقضه»(١) بتقريب ان اطلاق بلد اخر يشمل موردي اتحاد الافق واختلافه.

أقول: مضافا الى مامر ان السؤال في مورد الغمام وهو الغيم فان الغمام السحاب – كما في المنجد – فالسائل يحتمل وجود الهلال في المطلع وكون الغيم مانعا عن رؤيته وجواب الامام عن حكم هذه المسالة ووارد في مورد احتمال وجود الهلال في المطلع، فلا تشمل الرواية صورة عدم الرؤية لأجل الاختلاف في الافق ولم يذكر في الجواب كبرى كلية حتى نتمسك بها ويقال ان المورد

____________________

(١) الوسائل: ج٧، باب ١٢ من ابواب احكام شهر رمضان. ح١.

(٢) الوسائل: ج٧ باب ٨ من ابواب احكام شهر رمضان حديث٣.

٢٩٦

لايخصص عموم الوارد.

بقي وجهان اخران أستشهد بواحد منهما واستدل بالاخر. (أما الأول) ما يقال في صلاة العيدين وهو «أسألك في هذا اليوم الذي جعلته للمسلمين عيدا»(١) بتقريب ان الظاهر ان المشار اليه يوم معين خاص لا انه كل يوم ينطبق عليه انه يوم العيد، وايضا الظاهر منه ان هذا العيد عيد للمسلمين كلهم لا لخصوص اهل بلد تقام فيه صلاة العيد.

أقول: لعل وجه الاستشهاد لا الاستدلال سند الدعاء، وكيف كان لايمكن التصرف في الواقع بمثل هذه التعبيرات والقول بالتعبد خلاف المقطوع به مع ان في المقام خصوصية وهو ان التعبد بمثل هذه العبارة هو التعبد بالتنزيل، والتنزيل التعبدي الحكمي انما يتصور في مورد عدم الموضوع فلابد من لحاظ عدم الموضوع فيه، والمفروض شمول الاطلاق لصورة وجود الموضوع ايضا. ولحاظ عدم الموضوع وعدم هذا اللحاظ في لحاظ واحد غير معقول وعلى هذا يعلم احد أمرين، اما ان المشار اليه عنوان الفطر او الاضحى او ان المسلمين خصوص مسلمي بلد العيد.

(واما الثاني) الاية الكريمة الظاهرة في ان ليلة القدر ليلة واحدة شخصية ضرورة ان القران نزل في ليلة واحدة وهي ليلة القدر، وفيها يفرق كل امر حكيم، ويكتب الأرزاق والبلايا والمنايا في هذه الليلة، وهذا لايتم الا بكونها ليلة واحدة شخصية.

أقول: مضافا الى ما مر نفس هذا الاستدلال لا يتم، فان نزول القران في ليلة واحدة وهي ليلة القدر لايستلزم انحصار ليلة القدر بما انزل فيه القران بل يمكن تعدد الليلة والقران انزل في ليلة واحدة منها، ويصح ان يقال انا انزلناه في

____________________

(١) الوسائل: ج١، باب ٢٦ من ابواب صلاة العيد، حديث٢و٥.

٢٩٧

ليلة القدر. وهكذا قضية كتابة الارزاق والبلايا والمنايا في ليلة القدر لاتستدعي الوحدة. وهكذا الكلام في تفريق كل امر حكيم فانه ايضا لا يستلزم وحدة الليلة. والذي يسهل الخطب ان المقام ليس مقام التمسك بالألفاظ والاطلاقات، فما ذكره أخيرا من قوله «هذا مضافا الى سكوت الروايات ضعيفة» ايضا غيروجيه، فان المسألة غير مرتبطة بالرواية عن المعصوم ولا تنالها يد التعبد حتى تطلب من الروايات، بل لابد من أخذها من العلم المعد له، وقد ثبت الاختلاف باختلاف الافق الا ان يكون البلد المرئي فيه شرقيا، فمع رؤيته في البلاد الشرقية يرى في البلاد الغربية بخلاف العكس، وقد مر وجه ذلك، وهنا اشكال نقضي يرد على السيد الاستاذ – مد ظله – وهو الحكم في البلاد التي يكون اليوم فيها مقارنا لليل في بلادنا، والليل فيها مقارنا لليوم فيه. فاذا كان اليوم في بلادنا يوم العيد فهل يتلزم بأنه عيد بالنسبة اليهم مع كونهم في الليلة؟ وكذا لو كان الليل في بلادنا ليلة القدر فهل يلتزم بأنه ليلة القدر في بلادهم أيضا مع كونهم في اليوم؟ ولايمكن التفصي عن هذا الاشكال الا بأن يلتزم باختلاف عيدنا مع عيدهم واختلاف ليلة القدربالنسبة الينا واليهم، وهذا هو المطلوب.

ولا بأس بالتعرض لما ذكره بعض اساتذتنا اداء لحقه. وهو ان الدليل قد دل على انه صام للرؤية وافطر للرؤية(١) فيعلم من ذلك ان الشهر من الرؤية الى الرؤية، واما الخروج عن المحاق او وجود الهلال في المطلع فخارج عما اعتبره الشارع في الشهر. وبما ان الرؤية ظاهرة في صرف وجود طبيعتها فالنتيجة انه لو تحقق صرف وجود الرؤية يحكم بأول الشهر، ووجوب الصوم والافطار

____________________

(١) الوسائل: ج٧ باب ٣ من ابواب احكام شهر رمضان، حديث١٣.

٢٩٨

مطلقا بالنسبة الى بلد الرؤية وغيره مع اتحاد الافق واختلافه.

أقول: لايرد على هذا التقريب مامر من التعبّد في التكوين موضوعا او حكما فانه يرى للشهر حقيقة شرعية من صرف وجود الرؤية الى صرف وجود الرؤية. ولكن يرد عليه ان الشهر ام واقعي يرجع الى العرف في مفهومه، وليس للشارع اصطلاح خاص فيه، والرؤية المأخوذة في الرواية قد أخذت طريقا الى ماهو ملاك اول الشهرولا موضوعية لها، وهذا نظير ما ذكرنا في الاستطاعة من انها أمر واقعي عقلائي، وليس للشارع اصطلاح خاص فيها حتى يمكن الأخذ بالادلة المفسرة للاية(١) الشريفة من ان الاستطاعة هي الزاد والراحلة.

والحمد لله رب العالمين

٢٩٩

رسالة في عدم حجية الخبر الواحد في الموضوعات

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد واله الطاهرين والسلام علينا وعلى عباد الله الصالحين واللعن الدائم على أعدائهم اجمعين الى يوم الدين.

الكلام في حجية خبر الواحد في الشبهات الموضوعية وعدمها، وحجية البينة فيها: وحيث ان بعض أعاظم العصر –قدس‌سره – تعرض للمسألة مفصلا في المجلد الثاني من بحوثه رأيت كفاية الاكتفاء بنقل مواضع النظر من كلامه وبيان النظر فيه والتحقيق حولها، والله هو الموفق والمعين.

تعرض –رحمه‌الله – لهذه المسألة مفصلا في ذيل المسألة السادسة من العروة الوثقى، وهي المسالة المبينة لطرق ثبوت النجاسة.

قال: وتوضيح الحال في ذلك ان الفقهاء ذكروا عدة طرق لاثبات النجاسة وهي كما يلي: ١ – العلم: ولا شك في الخروج به عن عموم اصل الطهارة لكونه محققا للغاية التي أخذت في دليل القاعدة، وانما الكلام في ان العلم المأخوذ غاية لها هل هو طريق صرف الى النجاسة الواقعية او مأخوذ في موضوعها؟

اقول: العلم ماخوذ في الموضوع في قاعدة الطهارة وان كان طريفا بالنسبة الى النجاسة الواقعية، وقد اخذ موضوعها على وجه الطريفية الى النجاسات الواقعية، فتقوم مقامها الامارات وبعض الاصول على ما حقق في الاصول.

قال: البينة ويمكن الاستدلال على حجيته بوجوه: الاول: استفادة ذلك مما دل على حجيتها في باب القضاء، وحيث ان هذا الدليل وارد في القضاء وفصل الخصومة فالاستناد اليه لاثبات حجية البينة في امثال المقام يحتاج الى توجيه، ويمكن ان يقرب هذا التوجبه بعدة تقريبات: (احدها) ما ذكره المحقق الهمدانيقدس‌سره من التعدي عن مورد الدليل بالاولوية او المساواة، فانه اذا كانت البينة حجة رغم معارضتها للقواعد التي توافق قول المنكر، فحجيتها في امثال المقام مما لا يكون فيه معارض لها سوى اصالة الطهارة ونحوها اوضح. الى ان قال: وقد اعترض السيد الاستاذ على ذلك نقضا وحلا، اما النقض فبان حجية شيء في باب القضاء لا يستلزم حجيته في غيرهذا الباب لوضوح ان اليمين حجة في ذلك الباب مع عدم حجيته في غيره. واما الحل فبان باب القضاء يتميز بنكتة وهي لزوم فصل الخصومة حفظاللنظام، ومثل هذه النكتة غير موجودة في

٣٠٠