هذا ويظهر مما ذكرهرحمهالله
انه سلم الردع مع قطع النظر عن هذا الاستصحاب. والصحيح ان مجرد احتمال الردع لا يوجب سقوط السيرة عن الحجية لو فرض وجودها، والا لم يمكن التمسك باي سيرة عقلائية، فان باب الاحتمال واسع. الا ترى انهم يستدلون بالسيرة العقلائية في باب المعاطاة وفي باب رجوع الجاهل الى العالم مع انه يحتمل ردع الشارع عنها و الوجه في ذلك بتقريبين:
١ـ التمسك بنفس السيرة، أي ان السيرة قائمة على العمل بالخبر او المعاطاة او رجوع الجاهل الى العالم حتى مع احتمال ردع الشارع عنها وهي حجة الا اذا ثبت الردع، والا فالكلام بعينه.
٢ـ السيرة بنفسها حجة مع عدم الردع وردع الشارع حجة توجب هدم
حجية السيرة، فمع قيام السيرة على شيء واحتمال الردع قامت الحجة عليه، ولم نحرز قيام حجة هادمة لحجيتها، ولايجوز عقلا رفع اليد عن الحجة بمجرد احتمال قيام الحجة الهادمة. وبعبارة اخرى ليس عدم الردع دخيلا في الحجية؛ بل الردع هادم للحجية، فرفع اليد عن السيرة بمجرد احتمال الردع رفع لليد عن الحجة بغير الحجة، وهو احتمال الهدم.
قال: (الثاني) ان الرواية حتى لو صح سندها لاتكفي لاثبات الردع، لان مستوى الردع يجب ان يتناسب مع درجة قوة السيرة وترسّخها، ومثل هذه السيرة على العمل بخبر الثقة لو كان الشارع قاصدا ردعها ومقاومتها لصدرت بيانات عديدة من اجل ذلك كما صدر بالنسبه الى القياس، لشدة ترسخ السيرة العقلائية على العمل بخبر الثقة وتركزها، ولما اكتفى باطلاق خبر من هذا القبيل.
أقول: هذا صحيح الا انه مع تسليم قيام السيرة على العمل بالخبر في الشبهة الموضوعية والا فتبقى رواية مسعدة على حجيتها، فلو دل دليل لفظي من الشرع على حجية الخبر في الموضوعات يقع التعارض بين هذه الروايات ورواية مسعدة، فلابد من الجمع الدلالي او العلاج، والا فلا بدّ من العمل بالرواية.
قال: (الثالث) ان تحمل البينة في الخبر على المعنى اللغوي أي مطلق الكاشف فلا تكون الرواية رادعة، بل يكون دليل حجية الخبر محققا مصداقا للبينة، وهذا بعيد.
إلى ان قال: (الرابع) ان الغاية في خبر مسعدة مشتملة على عنواني «الاستبانة» المساوقة للعلم، «والبينة». ودليل حجية الخبر – وهو
السيرة – يجعل خبر الواحد علما بالتعبد، فيكون مصداقا للغاية، ومعه لايعقل الردع عنه باطلاق المغيى.