البحث في رسالات عشر

البحث في رسالات عشر0%

البحث في رسالات عشر مؤلف:
تصنيف: متون فقهية ورسائل عملية
الصفحات: 367

  • البداية
  • السابق
  • 367 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 32957 / تحميل: 5614
الحجم الحجم الحجم
البحث في رسالات عشر

البحث في رسالات عشر

مؤلف:
العربية

الامام ولا همته مضافا الى الشهرة بل الاجماع المدعى، عدة روايات منها صحيحة الحلبي عن ابي عبد اللهعليه‌السلام لقولهعليه‌السلام : الا ان تكون صلاة تجهر فيها بالقراءة ولم تسمع فاقرأ(١) . بعد ضميمة صحيحة عبيد بن زرارة عنهعليه‌السلام انه ان سمع الهمهمة فلا يقرأ(٢) . والامر في «فاقرأ» لا يدل على الوجوب لوقوعه مقام توهم الحظر، مع دلالة صحيحة علي بن يقطين على الجواز لقولهعليه‌السلام «لابأس ان صمت وان قرأ»(٣) هذا حكم الركعتين الاولتين في الجهرية التي لم تسمع قراءة الامام حتى همهمته، واما الأخيرتان من ذلك فكذلك للتبعية المستفاد من صحيحة زرارة المتقدمة، فلم يبق الا الصلوات الجهرية مع سماع المأموم قراءة الامام ولو همهمته. وما مر من صحيحة زرارة ومحمد بن مسلم وضميمة صحيحة زرارة الدالة على التبعية تدلنا على حرمة قراءة المأموم فيها بلا فرق بين الركعتين الاولتين منها او الأخيرتين، وليس في البين ما يعارض ذلك بل الروايات في الباب مؤيدة له ولو اغمضنا النظر عن دلالتها عليه.

نعم، هنا روايتان استدل بهما المحقق الهمداني على الكراهة وهما: صحيحة ابن الحجاج قال: سألت ابا عبد اللهعليه‌السلام عن الصلاة خلف الامام أقرأ خلفه؟ فقال.. – الى ان قالعليه‌السلام –: واما الصلاة التي يجهر فيها فانما امر بالجهر لينصت من خلفه فان سمعت فانصت – الخبر(٤) . وصحيحة زرارة عن ابي جعفرعليه‌السلام انه قال: وان كنت خلف امام فلا تقرأن شيئا في الاولتين وانصت لقراءته ولا تقرأن شيئا في الأخيرتين فإن الله عز وجل يقول

____________________

(١) الوسائل: ج٥، باب ٣١ من ابواب صلاة الجماعة، حديث١.

(٢) الوسائل: ج٥، باب ٣١ من ابواب صلاة الجماعة، حديث٢.

(٣) الوسائل: ج٥، باب ٣١ من ابواب صلاة الجماعة، حديث١١.

(٤) الوسائل: ج٥، باب ٣١ من ابواب صلاة الجماعة، حديث٥.

٤١

للمؤمنين واذا قرئ القرآن – يعني في الفريضة خلف الامام – فاستمعوا له وانصتوا لعلكم ترحمون(١) .

وقال في تقريب الاستدلال: ان المستفاد من الصحيحتين ان النهي عن القراءة من جهة الامر بالانصات،بل ترك القراءة مأخوذ في الانصات المأمور به وحيث ان الأمر بالانصات استحبابي بالاجماع وغير الاجماع من القرائن الداخلية والخارجية فلا يكون النهي عن القراءة الزاميا، ثم وجه الكلام الى الآية الكريمة وانه هل الانصات محكوم فيها بالوجوب او الاستحباب؟ وقال: ان ظاهر الأمر بالانصات وان كان هو الوجوب، الا ان هنا روايتين(٢) ، دالتين على انه رخص في الدعاء للمأموم ان كان الامام يجهر بالقراءة فيحمل الامر على الاستحباب، ثم احتمل ابقاء الامر على ظاهره وارتكاب التخصيص في الاية الكريمة باخراج الدعاء عنها، ثم اقام شواهدا على ترجيح الحمل على الاستحباب، ثم قال: بأن التخصيص من اهون التصرفات، وبالاخرة احتاط في ترك القراءة، هذا.

اقول: الظاهر من الروايتين وان كان ما افاده –قدس‌سره – من ان النهي عن القراءة من جهة منافاة القراءة للانصات المأمور به الا ان هذا لا يدل على كون النهي عن القراءة غير الزامي، وذلك لان المنافاة بين الانصات والقراءة لايقتضي الا عدم الأمر بهما معا لا الأمر بأحدهما والنهي عن الاخر، فلو فرضنا ورود النهي بغير المأمور به كما في المقام وكان ظاهر الدليل ان النهي من جهة المنافاة فلابد من ارتكاب توجيه لذلك، والتوجيه مشترك بين كون النهي تحريميا او غيره.

____________________

(١) الوسائل:ج٥، باب ٣١من ابواب صلاة الجماعة، حديث٣.

(٢) الوسائل: ج٥، باب ٣١، حديث١١ وباب ٣٢ حديث٢ من ابواب صلاة الجماعة

٤٢

وبعبارة اخرى: ان المنافاة بينهما تقتضي عدم طلبهما معا، وهذا يجتمع مع الامر بالانصات وعدم الامر بالقراءة ومع الأمر بالانصات والنهي عن القراءة تنزيهيا او تحريميا، فالروايتان لا تدلان على خصوص النهي التنزيهي حتى تكونا دليلين على تقييد صحيحة زرارة ومحمد بن مسلم وغيرها مما دل على التحريم، ثم انه لاحاجة الى الاستشهاد بالرواية لحمل الاية على الاستحباب فان الانصات هو السكوت مستمعا لا السكوت المطلق، والسكوت مستمعا كنفس الاستماع المأمور به ليس بواجب قطعا.

تنبيه «١»

قد مر ان حكم سماع الهمهمة حكم سماع القراءة لصحيحة عبيد بن زرارة المتقدمة، ولكن قد يقال بان ظاهر صحيحة علي بن يقطين السابقة يعم صورة سماع الهمهمة، والروايات الامرة بالقراءة لدى عدم السماع مخصوصة بما اذا لم يسمع اصلا، فتخصص الصحيحة وتحمل على صورة سماع الهمهمة، والنتيجة: وجوب القراءة اذا لم يسمع اصلا والتخيير اذا سمع الهمهمة، واجاب المحقق الهمداني –قدس‌سره – عنه بأن هذا الحمل تخصيص بالفرد الخفي وهو ابعد من حمل الامر على الاستحباب، ثم قال: نعم لايبعد ان يدعى انصراف الاخبار المشتملة على الامر بالانصات الى ما اذا سمع الكلمات وتنزيل النهي عن القراءة مع سماع الهمهمة على الرخصة في الترك دون الحرمة فيتجه هذا التفصيل فليتأمل، انتهى. اقول: جوابه عن الجمع بارتكاب التخصيص صحيح متين، لكن ما نفى عنه البعد في مقام الجمع انما يتم لو لم يكن هنا اطلاق دال على حرمة القراءة، ومع وجوده كما هو الصحيح – وقد مر – فالأصل هو الحرمة الا ما خرج بالدليل والخارج انما هو مورد عدم السماع، فلو قلنا بظهور ذلك فيما اذا لم يسمع المأموم حتى الهمهمة فالاطلاق يقتضي الحرمة في مورد سماع الهمهمة، ولو قلنا بعدم الظهور واحتمل الامران أي عدم سماع الكلمات وعدم سماع الصوت فالقدر المتيقن الثاني، ولابد في مورد الشك من التمسك بالمطلق قضية للتمسك به في المقيد المجمل المردد بين الاقل والاكثر، وعلى أي تقدير لايجوز للمأموم القراءة لدى سماعه صوت الامام حال القراءة وان لم يسمع الكلمات والحروف

تنبيه «٢»

لو سمع بعض قراءة الامام دون بعض فاحتمل المحقق الهمداني –قدس‌سره – احتمالات ثلاثة

واختار ان الأشبه الاجتزاء بما سمع والقراءة في ما لم يسمع. اقول: اطلاق الدليل كما مر

٤٣

يقتضي حرمة قراءة المأموم، خرجنا عن ذلك اذا لم يسمع القراءة ولا اطلاق لدليل المخرج بالنسبة الى سماع البعض فلابد من الأخذ بالمتيقن في هذا الدليل ويؤخذ بالمطلق في مورد الشك، والنتيجة حرمة القراءة حتى اذا سمع بعض قراءة الامام.

تنبيه «٣»

قد مر ان مقتضى الجمع بين صحيحة زرارة الدالة على تبعية الركعتين الأخيرتين للاولتين وصحيحة ابن سنان الدالة على اجزاء التسبيح في الاخيرتين في الصلوات الاخفاتية حرمة القراءة في الاخيرتين من الجهرية مع سماع صوت الامام والتخيير في الاخيرتين من الاخفاتية وفيهما من الجهرية اذا لم يسمع صوت الامام، فالتمسك بالادلة الناهية عن القراءة بالنسبة الى المأموم والقول بسقوط القراءة والتسبيح كليهما لايرجع الى محصل، كما ان التمسك بها لاثبات سقوط القراءة وتعين التسبيح مطلقا لايتم، فان الجمع بين هذه الأدلة والصحيحتين يقتضي ما اخترناه من التفصيل، هذا. ثم ان هنا روايتين متعارضتين وهما رواية معاوية بن عمار قال: سألت ابا عبد اللهعليه‌السلام عن القراءة خلف الامام في الركعتين الأخيرتين، قال: الامام يقرأ فاتحة الكتاب ومن خلفه يسبح - الحديث(١) . ورواية سالم ابي خديجة فان فيها: فاذا كان في الركعتين الاخيرتين فعلى الذين خلفك ان يقرأوا فاتحة الكتاب، وعلى الامام ان يسبح - الخبر(٢) . وحمل المحقق الهمداني -قدس‌سره - الرواية الأخيرة على الماموم المسبوق، ثم قال: ولا أقل من الاجمال المانع من الاستدلال.

اقول: تعارض الروايتين بظاهرهما لايخفى، ولكن صحيحة زرارة الدالة على التبعية شاهد جمع بينهما فيحمل الاولى على الجهرية والأخيرة على الاخفاتية، فيحصل ان في الجهرية لابد من التسبيح وفي الاخفاتية الافضل القراءة فتأمل. وكيف كان فلا يعارض شيء من الروايات ما هو مقتضى الجمع بين الصحيحتين والله العالم. قوله «قده»: ولو كان الامام لايقتدى به وجبت القراءة.اقول: فرض المسألة فيما اذا كان الصلاة معهم لأجل التقية اما اضطرارا او مدارة، فبحسب الأدلة العامة تصح الصلاة ولاتجب القراءة اذا اقتضت التقية تركها، وليس المراد من اقتضاء التقية ترك القراءة عدم امكانها، بل المراد من ذلك كسائر موارد التقية ان التخلف والاتيان

____________________

(١) الوسائل: ج٥،باب ٣٢ من ابواب صلاة الجماعة، حديث٥.

(٢) الوسائل: ج٥، باب٣٢ من ابواب صلاة الجماعة، حديث٦.

٤٤

بالواقع لايمكن الا بالحيلة، فلا تجب الحيلة على حسب النصوص العامة التي منها «فكل شيء يعمله المؤمن بينهم لمكان التقية مما لايؤدي الى الفساد في الدين فانه جائز فكلما صدق عليه عنوان التقية جائز»(١) ولاتجب الحيلة للفرار عن التقية، ولذا لانرى اعتبار عدم المندوحة لا في الأفراد الطولية ولا العرضية بل ولا في نفس العمل، والحكم يدور مدار صدق التقية الغير المتوقف على الخوف ولا الاضطرار بل يصدق العنوان حتى اذا كان مدارة ومماشاة معهم، هذا بحسب الادلة العامة.

واما الروايات الواردة في باب الصلاة جماعة معهم فبعضهم يدل على ما اقتضته تلك الادلة كخبر زرارة(٢) وخبر بكير(٣) . وعارضها عدة من الروايات وهي لاتخلو اما من ضعف السند كرواية عمرو بن ربيع(٤) ورواية ناصح(٥) واما من عدم الادلة له على الخلاف كما دل على ايقاع الفريضة قبل او بعد(٦) وهي محمولة على الاستحباب لما سبق من الادلة العامة والروايات الخاصة الدالة على الاجزاء(٧) ومادل على قراءة المأموم(٨) وهي ايضا محمولة على الاستحباب لما سبق.

والحاصل: ان ملاحظة عمومات التقية وخصوصاتها تدلنا على ان التقية واسعة ولابد من العمل على وفق العامة في دار التقية ولاتجب الفرار والحيلة، بل لايجوز في بعض الموارد اذا كان خلاف التقية والعمل على غير ما اقتضته التقية والاتيان بالواقع الاولي لعله باطل، فان التقية دين ولا دين لمن لاتقية

____________________

(١) الوسائل: ج١١، باب ٢٥ من ابواب الامر والنهي وما يناسبهما، حديث٦.

(٢) الوسائل: ج٥، باب ٣٤ من ابواب صلاة الجماعة، حديث٥.

(٣) الوسائل: ج٥، باب ٣٤ من ابواب صلاة الجماعة، حديث٣.

(٤) الوسائل: ج٥، باب ٦ من ابواب صلاة الجماعة، حديث.

(٥) الوسائل: ج٥، باب ٥ من ابواب صلاة الجماعة، حديث٧.

(٦) الوسائل: ج٥، باب ٦ من ابواب صلاة الجماعة.

(٧) و(٨) الوسائل: ج٥. باب ٣٣ من ابواب صلاة الجماعة.

٤٥

له، فالعمل المذكور خارج عن الدين فيبطل، فتأمل.

بل يمكن ان يستفاد من بعض الروايات التنزيل الموضوعي اللازم منه تقييد الواقع، ففي رواية ابي الجارود قال: انا شككنا سنة في عام من تلك الاعوام في الاضحى، فلما دخلت علي ابي جعفرعليه‌السلام وكان بعض اصحابنا يضحي فسألت عنهعليه‌السلام فقال: الفطر يوم يفطر الناس والصوم يوم يصوم الناس والاضحى يوم يضحي الناس(١) . فانه تنزيل موضوعي يدل على ان في مورد التقية الاضحى هو يوم يضحي الناس وان كان واقعا يوم التاسع، فلابد من متابعة العامة في الوقوفين وفي اعمال منى بلا فرق بين العلم بالخلاف والشك بمقتضى ادلة التقية ولاسيما هذ الرواية، وماقاله استاذنا المحقق - مد ظله - من عدم تصور التقية في اعمال منى خلاف هذه الرواية، مع ان فيها ايضا يصدق التقية فانها واسعة ولايجب الصبر الى الغد فانها من الفرار عن التقية ولايجب، وبهذه الرواية نحمل مادل على افطار الامامعليه‌السلام يوما من شهر رمضان تقية معللا بان الافطار والقضاء احب عنده من ان يضرب عنقه على استحباب القضاء(٢) ، فتدبر جيدا. والايراد في سند الرواية بأبي الجارود مندفع بان الظاهر اعتبار رواياته لرواة كثير من الأكابر والافاضل بل الفقهاء من الراوة كعبد الله بن مغيرة في نفس هذه الرواية عنه، وهذا يكفي للاعتماد على روايات الرجل مع ان الشواهد والمؤيدات الاخر على اعتبار رواياته ايضا موجودة.

(منها) توثيق الشيخ المفيد -قدس‌سره - عنه المستفاد من كلامه بانه من الاعلام الرؤساء المأخوذ عنهم الحلال والحرام والفتيا في الاحكام الذين لايطعن

____________________

(١) الوسائل: ج٧، باب ٥٧ من ابواب مايمسك عنه الصائم، حديث٧.

(٢) الوسائل:ج٧، باب ٥٧ من ابواب مايمسك عنه الصائم، حديث٤و٥.

٤٦

عليهم ولا طريق الى ذم واحد منهم.

(ومنها) ما ذكره ابن الغضائري من اعتماد الاصحاب على ما رواه محمد بن بكر الارجني عنه الذي يعلم منه بالأولوية اعتمادهم على رواية عبد الله بن مغيرة عنه في هذه الرواية، وكل ما ورد في طعنه من الروايات ضعاف، مع عدم امكان ما ورد في بعضه، وفي جامع الرواة رواية اكثر من ثلاثين شخص عنه وفيهم الأكابر والفقهاء مع انه ازيد من ذلك جزما، فلو قلنا بأنه من المتيقن اعتبار روايات ابي الجارود لم نقل قولا جزافا.

والمتحصل من جميع ما ذكرنا عدم وجوب القراءة على المأموم المصلي خلفهم اذا كان في مورد التقية، نعم يستحب ذلك ما لم يكن مخالفا للتقية، والا فلا يجوز. وما افاده المحقق الهمداني -قدس‌سره - في الجمع بين روايات الباب من ان ما دل على لزوم القراءة ناظر الى ما اذا لم تقتض التقية ترك القراءة ومادل على سقوطها ناظر الى صورة الاقتضاء لايمكن المساعدة عليه، فان المفروض ان الاقتداء في مورد التقية ولا معنى حينئذ للقول بعدم اقتضاء التقية ترك القراءة، ويؤيد ما ذكرنا دلالة بعض الروايات(١) على الاكتفاء بمثل حديث النفس في بعض الصور، مع ان حديث النفس لايعد من القراءة حتى بأدنى مراتب القراءة، وهذا تكليف استحبابي يدل عليه الجمع بين مادل على الاجزاء كالعمومات وبعض الخصوصات ، وهذه الروايات الظاهرة في لزوم القراءة او حديث النفس.

قوله «قده»: وتجب على المأموم المتابعة للامام.

اقول: قد استدل على وجوب المتابعة في الأفعال (اولا) بالاجماع والشهرة

____________________

(١) الوسائل: ج٥، باب ٣٣ من ابواب صلاة الجماعة.

٤٧

ولكن ليس هذا الاجماع او الشهرة كاشفا عن الحكم لاختلاف المباني، واختلافهم في المراد من الوجوب، ووجود الخلاف في المسألة، مع ان المحتمل بل المظنون استنادهم الى الادلة الاتية.

(وثانيا) بالنبوي اما يخشى الذين يرفع رأسه قبل الامام ان يحول الله رأسه رأس حمار(١) . وهذه الرواية - مع كونها مرسلة، ولم يحرز اعتماد الاصحاب عليها - لا تدل على المطلب، فان المدعي وجوب المتابعة في جميع الافعال شرطا او تكليفا، والرواية لا تدل على ازيد من عدم جواز التقدم في السجود ولعله لخصوصية فيه.

(وثالثا) بالنبوي انما جعل الامام ليؤتم به فاذا ركع فاركعوا واذا سجد فاسجدوا - الخبر(٢) . وفي بعض الطرق: فاذا كبر فكبروا واذا ركع... الخ. والاستدلال بهذه الرواية ايضا لا يتم وان فرض جبر سندها.

ولابد من بيان امور: ١ - ان جعل الامام محتمل لكونه من الشارع تأسيسا ويحتمل كونه من الماموم مع امضاء الشارع له وان كان الظاهر هو الثاني، ولا ثمرة مهمة للفرق وان جعله بعض السادة الأعاظم منشأ لترتب اثر عليه.

٢- الائتمام محتمل لكونه هو المقوم لماهية الجماعة ويحتمل كونه ازيد من ذلك بمعنى المتابعة في جميع افعال الصلاة، والظاهر من الرواية الثاني لا الاول، لصدق الجماعة مع عدم متابعة المأموم في بعض افعال الصلاة كما لايخفى.

٣ - ظهور الفاء في اصل التفريع لا الترتيب الزماني، ولذا يصح ان يقال وجدت العلة فوجد المعلول.

____________________

(١) صحيح مسلم: ج٤، ص١٥١.

(٢) كنز العمال: ج٤، ص٢٥٠ الرقم ٥٢٢٤.

٤٨

٤ - اذا ظرفية مفيدة معنى الشرط فقوله «اذا ركع فاركعوا» يعني في زمان ركوع الامام فاركعوا.

٥ - الشرط مقدم على المشروط رتبة لازمانا بلا فرق بين التكوين والاعتبار، فوجوب الحج بنفس الاستطاعة وفي حال الاستطاعة لابعدها.

٦ - الامتثال متأخر عن الأمر مرتبة لازمانا، ولذا لو علم الشخص بأن المولى سيأمره فيما بعد في زمان لابد من امتثاله في نفس ذلك الزمان لايكون معذورا في ترك الامتثال، ولايسمع عذره بأن ظرف الامر مقدم على ظرف الامتثال.

٧ - ظاهر «اذا ركع فاركعوا» ان لا يتأخر المأموم عن الامام ولا يقدم عنه ولايختص بصورة التأخر كما قيل، كما لا يختص بصورة التقدم كما احتمل، قضية للاطلاق، فحاصل المعنى انه في زمان ركع الامام فاركعوا بلا تقدم ولا تأخر، وقد مر ان الفاء والشرط لايقتضيان الترتيب والتقدم الزماني.

٨ - لا يجب وقوع تكبير المأموم في زمان تكبير الامام جزما، بل ادعي وجوب تأخره عنه، ومع ذلك لا يضر التأخر الفاحش، وهذا مسلم وافق للنصوص.

٩ - الظاهر انه ليس هنا الا رواية واحدة، والاختلاف في طريق الراوية لا ان هنا روايتين احداهما واجدة لجملة «فاذا كبر فكبروا» واخراهما فاقدة لها، فحينئذ يحصل الترديد في اشتمال الرواية لهذه الجملة وعدمه، والصناعة وان اقتضت البناء على الاشتمال الا انها في مورد كان الطريق صحيحا وهنا الرواية المشتملة عليها وردت بطريق عامي ولايعلم اعتماد الاصحاب على الواردة بهذا الطريق، فالترديد باق.

١٠ - يظهر مما ذكرنا من الامور عدم دلالة الرواية على ازيد من الاستحباب، فان مراعاة العمل على وفق «اذا كبر فكبروا» امر مستحب جزما، فبوحدة السياق اولا، والتفريع على الائتمام المنطبق على الجميع ثانيا، يعلم ان حكم المتابعة المذكور في استحبابي، على ان ظاهر جميع الجمل

الأمر بمراعاة عدم التقدم وعدم التأخر وبيان مطلوبية كون افعال المأمومين بنحو منظم منطبق على فعل الامام، وهذا نظير اتصال الصفوف الذي مر الكلام في استحبابه، ويؤيد ذلك خبر ابي

٤٩

سعيد الخدري المروي من مجالس الصدوق مسندا عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: اذا قمتم الى الصلاة فاعدلوا صفوفكم واقيموها وسووا الفرج، واذا قال امامكم الله اكبر فقولوا الله اكبر - الخبر(١) .

١١ - قد ظهر مما مر انه لا دلالة للرواية على لزوم تأخير افعال المأموم عن الامام وان قلنا بدلالتها على لزوم المتابعة، فان غاية ما يمكن ان يقال في وجه دلالتها على ذلك وجوه (منها) ان التفريع يدل على الترتيب، فلابد من كون ركوع المأموم مثلا عقيب ركوع الامام. (ومنها) ان الامر بالركوع مثلا في النبوي مشروط بركوع الامام وما لم يتحقق الشرط لا امر بالركوع حتى يمتثل فلابد من كون ركوع المأموم متأخرا عن ركوع الامام قضية لتأخير الامتثال عن الامر المتأخر عن شرط الأمر. (ومنها) ان الائتمام الذي جعل غاية لجعل الامامة لا يتم الا بذلك.

وشيء من هذه الوجوه لايتم لما ذكرنا من ان الفاء لايدل على الترتيب الزماني، وكذا الشرط لايتقدم على المشروط زمانا، كما ان الامتثال لايلزم ان يتأخر عن الأمر زمانا، والائتمام صادق على صورة التقارن ايضا كما يصدق على صورة تقدم افعال الامام، وهذا على مبنى دلالة الرواية على لزوم المتابعة، ولو كان الدليل الاجماع والشهرة فكذلك، لان القدر المتيقن من اعتبار المتابعة بحيث تبطل الجماعة بالاخلال بها صورة عدم تقدم المأموم على الامام، واما سائر الصور ومنها المقارنة فلا اجماع على البطلان فيها، ولا دليل على الاعتبار

_____________________________

(١) الوسائل: ج٥، باب ٧٠ من ابواب صلاة الجماعة، حديث٦.

٥٠

فيها، والمرجع ما اسسناه من الاصل وهو البراءة بل الاطلاق المقامي.

١٢- قد ظهر مما مر أن ما جعله المحقق الهمداني وجها ودليلا على لزوم المتابعة في الافعال وهو ان التبعية مأخوذة في مفهوم الائتمام والاقتداء واسنده الى الشيخ الاعظم - قدس‌سرهوايده - خارج عن محل البحث، فان الكلام في لزوم المتابعة بعد فرض صدق الجماعة وان تخلف المأموم، ولذا ذكر في اخر كلامه ان الائتمام قد يلاحظ بالنظر الى مجموع الصلاة على سبيل الاجمال، وقد يلاحظ كونها فعلا تدريجيا حاصلا بمتابعة الامام في افعالها المتدرجة، فلاحظ كلامه وتأمل فيه، وما هو دخيل في الجماعة هو الأول، وما هو محل الكلام في الثاني.

١٣ - حكم التأخير الفاحش حكم التقديم حرفا بحرف، فلو فرضنا ان التأخير كان بحيث اخل بهيئة الجماعة بحيث لايرى انه مأموم مقتد في الصلاة فتبطل الجماعة، ولو لم يكن كذلك فمجرد التأخير الفاحش لايكون مضرا بصحة الجماعة ولم يحصل به اثم، وما استدل الهمداني -قدس‌سره - به من روايتين لا دلالة لهما، فلاحظ.

١٤ - لو بنينا على استفادة الوجوب من الرواية او دلنا الاجماع او الشهرة على الوجوب فهل الوجوب شرعي او شرطي؟ اما الرواية فالظاهر منها الوجوب الشرطي للائتمام الذي جعل غاية لجعل الامامة، وأما ان الائتمام هل هو واجب بوجوب شرعي أو شرط في صحة الجماعة فلا يعلم من الرواية، واما الشهرة او الاجماع فلم يقم على خصوص واحد منهما، بل الاصحاب بين قائل بالوجوب الشرعي وقائل بالوجوب الشرطي، فلايحرز احدهما، فعلى كلا المبنيين نتردد في ذلك، فلو قام دليل كالاجماع والشهرة على احدهما كما ادعي قيام الشهرة على الوجوب النفسي ينحل العلم الاجمالي، والا فيعلم اجمالا بثبوت احدهما، فلو بنينا على ان الشك في اعتبار شيء في الجماعة مورد

للاشتغال ينحل العلم الاجمالي حكميا ويثبت الشرطية للاشتغال وينفي التكليف بالبراءة، وعلى ما بنينا عليه من انه مورد للبراءة فالاصلان متعارضان ولابد من ترتيب اثار كلا الوجوبين، فمع التخلف تجب الاعادة والتوبة.

وقد افاد المحقق الهمداني -قدس‌سره - في المقام من ان الوجوب شرعي، وان شئت قلت شرطي بالنسبة الى الجزء لا الكل، وهذا - مع انه قول بلا دليل - مناقضة في الكلام، ولا يستقيم مع مابنى عليه من ظهور الرواية على الشرطية للائتمام المعتبر في حقيقة الجماعة، فلاحظ. هذا كله

٥١

بالنسبة الى المتابعة في الأفعال، وقد تحصل ان الصناعة تقتضي عدم الوجوب لا شرطا ولا شرعا الا اذا كان التخلف بمقدار يكون مخلا بهيئة الجماعة، ومع ذلك الاجماعات المنقولة والشهرة والسيرة الخارجية تمنعنا عن الجزم بالحكم والافتاء، فلا يترك الاحتياط بترتيب آثار الوجوب شرعا، واما الشرطية فلم تثبت جزما.

والاقوال فلا تجب المتابعة فيها ولو قلنا بوجوب المتابعة في الافعال، وذلك لعدم قيام دليل في الاقوال، ولا يشملها ما ادعي دلالتها على الوجوب في الافعال، فان الاجماع والشهرة لم تقم على الوجوب في الاقوال بل ادعي الاجماع وقيام الشهرة على عدم الوجوب فيها، والنبوي ايضا منصرف عن المتابعة في الاقوال، وعدم جواز تكبيرة الاحرام قبل الامام ليس من باب وجوب المتابعة، بل من جهة انه لا تنعقد الجماعة بانفراد المأموم بالتكبير، ولذا لا بأس بالتأخير الفاحش في تكبيرة الاحرام لا شرطا ولا شرعا، وهل يجوز المقارنة في التكبير، او لابد من المتأخير في الشروع وان كان الختم مقدما، او لابد من التأخير في الشروع والختم، اولابد من التأخير عن تكبير الامام جميعا؟ الظاهر هو الاول لصدق الجماعة عليه، وقد مر عدم قيام دليل على المتابعة بمعنى الفصل الزماني فلا يمكن التمسك بقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «فاذا كبر فكبروا» على لزوم التأخير، مضافا الى تفريع ذلك على الائتمام، فلابد من ملاحظة انه هل يصدق الاتمام او لا يصدق؟ والظاهر صدق الائتمام بالمقارنة، بل يجوز المقارنة في الشروع ولو ختم المأموم مقدما للصدق ايضا.

وما توهم من ان المأموم على هذا دخل في الصلاة قبل دخول الامام في الصلاة مبني على خروج تكبيرة الاحرام عن الصلاة، وهذا واضح الفساد، وتسميتها بتكبيرة الافتتاح من جهة انها الجزء الاول منه، لا ان الصلاة تفتتح بها بمعنى ان الصلاة امر والتكبيرة خارجة عنها وتفتتح الصلاة بها نظير الباب والمفتاح، فالامام والمأموم دخلا في الصلاة معا بشروعهما في التكبير مقارنا وان كان ختم تكبير المأموم مقدما على ختم تكبير الامام.

واما التسليم فلا بأس بتقدم المأموم على الامام فيه، فانه مضافا الى ما مر في مطلق الاقوال

٥٢

يكفي في الدلالة على ذلك صحيحة ابي المعزا عن الصادقعليه‌السلام في الرجل يصلي خلف امام فيسلم قبل الامام قال: ليس بذلك بأس(١) فانها مطلقة تشمل العمد ايضا، ودعوى الانصراف الى السهو - ولا سيما بملاحظة صحيحه الاخر(٢) الوارد في مورد السهو - ممنوع، فان الانصراف بدوي مع ان صحيح الحلبي عن الصادقعليه‌السلام في الرجل يكون خلف الامام فيطيل الامام التشهد فقال: يسلم من خلفه ويمضي لحاجته ان احب(٣) وارد في مورد العمد، ودعوى ان مورد الصحيحة مورد العذر فاسد، فان الاطالة في التشهد ليست بمقدار يوجب العذر عن المتابعة، واحتمال ان تسليم المأموم في الرواية مع قصد الانفراد مدفوع بعدم دلالة الدليل على لزوم قصد الانفراد، هذا. مع ان صحة التسليم على القواعد وان قلنا بوجوب المتابعة شرطا او شرعا،

____________________

(١) الوسائل: ج٥ باب ٦٤ من ابواب صلاة الجماعة حديث٤.

(٢) الوسائل: ج٥ باب ٦٤ من ابواب صلاة الجماعة حديث ٥.

(٣) الوسائل: ج٥ باب ٦٤ من ابواب صلاة الجماعة حديث١.

٥٣

لما تقدم من ان بطلان الجماعة لايستلزم بطلان الصلاة، ووجوب المتابعة لا يستلزم النهي عن التسليم، فالتسليم وقع موافقا للأمر فتصح الصلاة جزما، وليس في البين الا احتمال الاثم، وهو مدفوع بأصالة البراءة لعدم قيام دليل صالح لاثبات ذلك.

قوله «قده»: فلو رفع المأموم رأسه عامدا استمرر.

اقول: هذا هو الموافق للقاعدة، فان ركوعه او سجوده وقع موافقا للامر فيجري، والشك في بطلان الصلاة او الجماعة لا اثر له، فان العمل موافق للمأمور به والاحتمال المذكور يدفع بالاطلاق لفظا او مقاما، مع ان استصحاب الصحة وبقاء القدوة يكفي في ذلك.

ان قلت: رفع الرأس محرم فكيف يكون موافقا للأمر، وعليه فلا يمكن تصحيح الصلاة لأنه مع اعادة الركوع او السجود تحصل الزيادة العمدية، ومع عدم الاعادة يحصل الاخلال من جهة رفع الرأس.

قلت: رفع الرأس غير محرم حتى بناء على القول باقتضاء الامر بالشيء - وهو المتابعة في المقام - للنهي عن ضده الخاص، فان المنهي وان كان هو الضد الخاص الا انه بعنوان انه مضاد للواجب لا بعنوان اخر، فالحركة المذكورة مجمع لعنوانين احدهما رفع الرأس من السجدة او الركوع والاخر كونها مضادا للواجب، والنهي على القول بالاقتضاء متعلق بهذا العنوان ولايسري الى ذاك العنوان، مع ان القول بالاقتضاء باطل كما حقق في محله، مضافا الى ان رفع الرأس ليس من اجزاء الصلاة حتى توجب حرمته فساد الصلاة بفساد جزئها، بل هو مقدمة للجزء وهو القيام بعد الركوع او الجلوس بعد السجود.

وقد اشكل المحقق الهمداني -قدس‌سره - على الاستدلال بان اعادة الركوع

او السجود ليس من ايجاد الزائد الممنوع في الصلاة، بل اما يوجب احداث وصف الزيادة في المتقدم وهذا لايكون مبطلا، وذكر هذا في مواضع متن كتابه، ولكن لايخفى انه لو سلم هذا الكبرى، أي ان الممنوع ايجاد الزائد لايجاد وصف الزيادة في الجزء السابق لكن لايرتبط بما نحن فيه، فان المحرم - على القول به - ليس الا رفع الرأس لا الركوع او السجود، فالركوع او السجود وقع صحيحا واعادتهما من ايجاد الزائد وهو مبطل للصلاة.

فتحصل: ان مقتضى القاعدة صحة الصلاة اذا رفع المأموم رأسه عامدا، وقد مر انه لا دليل

٥٤

على وجوب المتابعة شرطا للصلاة او الجماعة لو لم نقل بعدم الدليل على الوجوب التكليفي ايضا. واما وجوب الاستمرار فأيضا موافق للقاعدة، فان ترك الاستمرار واعادة الركوع او السجود موجب لحصول الزيادة العمدية، بل زيادة الركن في اعادة الركوع، هذا بحسب القاعدة.

واما الادلة الخاصة في المقام فمضافا الى الشهرة كما يظهر من كلماتهم، بل ادعي على ذلك انه مذهب الاصحاب: موثقة غياث بن ابراهيم قال: سئل ابو عبد اللهعليه‌السلام عن الرجل يرفع رأسه من الركوع قبل الامام ايعود فيركع اذا أبطأ الامام ويرفع رأسه معه؟ فقال: لا(١) بناء على ثبتو الاطلاق فيها بحيث تشمل صورة العمد او تقيد بهذه الصورة جمعا، والا فلا دليل على ذلك، الا انه مقتضى القاعدة وموافق للشهرة. ثم انه هل يكون للرواية اطلاق؟ وعلى تقدير ثبوت الاطلاق، هل يمكن تقييدها بصورة العمد أولا؟ فقد يدعى ان السؤال عن الرفع قبل الامام، واجاب الامامعليه‌السلام بالنفي ولم يفصل بين صورة العمد وغيره، وهذا يدل على اطلاق الحكم لصورة العمد، وادعى المحقق الهمداني -قدس‌سره - انصراف الراوية الى غير مورد العمد. والانصاف انه لا

____________________

(١) الوسائل: ج٥ باب ٤٨ من اباوب صلاة الجماعة حديث٦.

٥٥

يمكن الاعتماد على أي من الدعويين، فان ندرة وجود العمد في التقدم تكون موجبة لاحتمال الانصراف بل الظن به، ومع ذلك لايمكن احراز ان المتكلم في مقام بيان الاطلاق فنبقى في الشك في الاطلاق والانصراف ومعه اطلاقات ادلة مبطلية الزيادة محكمة، على انه لو فرضنا الاطلاق لابد من حمل الرواية على نفي الوجوب وحمل الروايات الاتية على الاستحباب، فالنتيجة التخيير بين الاستمرار والاعادة وان كانت الاعادة مستحبة، فالاستمرار موافق للاحتياط، فانه على جميع التقادير لا بأس به، والحاصل ان وجوب الاستمرار لو لم يكن اقوى فلا اقل من انه احوط.

قال المحقق الهمداني - قدس سره: لا يقال: الاجماع على عدم وجوب الاستمرار في مورد السهو يخصص الموثقة بصورة العمد، وتنقلب النسبة بين الموثقة والروايات الاتية الدالة على وجوب العود مطلقا فتخصص الروايات بالموثقة، فتحصل وجوب الاستمرار في مورد العمد ووجوب العود في مورد السهو. لأنا نقول: ان الاجماع من قبيل المخصص المنفصل الذي يجب ملاحظة النسبة بين المتعارضين قبل التخصيص به لابعده، فلابد من الجمع بين الموثقة والروايات بحملها على الاستحباب، وهذا لاينافي الاجماع.

اقول: الظاهر انه لابد من الالتزام بما يقتضيه انقلاب النسبة، فان العرف لايرى عموم لايكرم الفساق مثلا المبتلى بمخصص مثل يستحب اكرام الجاهل الفاسق معارضا لعموم اكرم العلماء، بل يرى قرينية المخصص للارادة الجدية من العموم الاول، ويرى ذلك قرينة للارادة الجدية من العموم الثاني، هذا بحسب الكبرى، لكن في المقام لايمكن القول به، فان تخصيص الموثقة بالاجماع موجب للتخصيص المستهجن، فان مورد التخلف العمدي نادر جدا، فلا يمكن رفع اليد عن عمومها لغير مورد العمد، والنتيجة هو الحمل على الاستحباب، لكن الكلام في عمومها لمورد العمد، وقد مر دعوى الانصراف

عنه في كلام بعض الفقهاء

قوله «قده»: ولو كان ناسيا اعاد.

اقول: قد ظهر مما مر ان هذا الحكم على خلاف القاعدة، يدل عليه - مضافا الى التسالم بينهم وان كان وجوب الاعادة واستحبابها مورد الخلاف - بعض الروايات كخبر محمد بن سهل

٥٦

عن ابيه عن أبي الحسنعليه‌السلام قال: سألته عمن يركع مع امام يقتدي به ثم رفع رأسه قبل الامام، قال: يعيد ركوعه معه(١) . وبمضمونه خبر علي بن يقطين(٢) . وكصحيحة الفضيل بن يسار انه سأل ابا عبد اللهعليه‌السلام عن رجل صلى مع امام يأتم به ثم رفع رأسه من السجود قبل ان يرفع الامام رأسه من السجود قال: فليسجد(٣) . وبمضمونها موثقة محمد بن علي بن فضال(٤) الا انهعليه‌السلام قال: اعد واسجد.

والجمع بين هذه الروايات وموثقة غياث قد تقدم، وقلنا بانه لابد من حمل هذه الروايات على الاستحباب، قلنا بانصرافها الى غير العمد او لم نقل، فان السؤال في الموثقة وهذه الروايات بلسان واحد، فلو قلنا بالانصراف نقول في الجميع ولو لم نقل لا نقول في الجميع، وعلى أي حال فالقدر المتيقن من شمول هذه الروايات صورة غير العمد، وبما انه لابد من حمل الامر فيها على الاستحباب جمعا فيحصل استحباب الاعادة فيما اذا رفع المأموم رأسه قبل الامام ناسيا.

____________________

(١) الوسائل: ج٥ باب ٤٨ من ابواب صلاة الجماعة حديث٢.

(٢) الوسائل: ج٥ باب ٤٨ من ابواب صلاة الجماعة حديث٣.

(٣) الوسائل: ج٥ باب ٤٨ من ابواب صلاة الجماعة حديث١.

(٤) الوسائل: ج٥ باب ٤٨ من ابواب صلاة الجماعة حديث٥.

٥٧

تنبيهان

١ - لو قلنا بوجوب العود على الناسي فان اخل به عمدا فهل تبطل صلاته؟ قولان مبنيان على استفادة الشرطية من الأوامر الواقعة في هذه الروايات او استفادة التكليف منها. وقال المحقق الهمداني -قدس‌سره -: المتبادر من الامر في مثل المقام ليس الا بيان ماهو وظيفته من حيث كونه مقتديا لا من حيث كونه مصليا، فمخالفته غير موجبة لبطلان الصلاة بل ولا اصل الجماعة.

اقول: اما بطلان اصل الصلاة فغير محتمل مع الاتيان بوظيفة المنفرد وعدم الاخلال بها، والكلام انما هو في صحة الجماعة وعدمها، وليس في الروايات شيء يعتمد عليه من ان الحكم فيها تكليفي او شرطي، فان احتمال كل من ذلك احتمال عقلائي، ودعوى التبادر ممنوعة، ولابد من ملاحظة ما هو المرجع للشك في ان المجعول الشرطية او التكليف المحض والمفروض عدم دليل اجتهادي صالح لاثبات احدهما، واصالة البراءة عن الشرطية تعارض اصالة البراءة عن التكليف، فتصل النوبة الى الاصل الحكمي وهو استحباب بقاء القدوة وصحة الجماعة بلا مانع، والنتيجة موافق لعدم الشرطية والوجوب التكليفي.

٢ - لو رفع رأسه قبل الذكر الواجب فهنا صور اربع: الرفع عمدا مع ترك الذكر عمدا. الرفع عمدا مع ترك الذكر سهوا. الرفع سهوا مع ترك الذكر عمدا. الرفع سهوا مع ترك الذكر سهوا.

اما صورة كون الرفع والترك عمديين فلا ينبغي الاشكال في بطلان الصلاة، للاخلال بالذكر الواجب عمدا مع عدم امكان تداركه.

كما لاينبغي الاشكال في صحة الصلاة والجماعة في مورد كون الرفع عمديا والترك سهويا، وذلك لكون الاخلال بالذكر الواجب سهويا فلا

يوجب البطلان، وقد مر صحة الجماعة ولزوم الاستمرار في هذه الصورة.

واما في صورة كون الرفع سهويا والترك عمديا فهل يحكم ببطلان الصلاة او يجب العود لتدارك الذكر الواجب، ومعه يحكم بصحة الصلاة والجماعة؟ وجهان.

وهكذا في صورة كون الرفع والترك سهويين فلا اشكال في صحة الصلاة والجماعة، لكن هل يجب العود لتدارك الذكر اولا؟ ولو تذكر بعد العود فهل يجب الذكر اولا؟ الوجهان مبنيان على ان الركوع الثاني او السجدة الثانية هل هما امر مستقل وركوع او سجود زائد مغتفر في الصلاة، او ان الشارع الغى الزائد واعتبر المصلي بعد العود عائدا الى ما كان فكانه في نفس الركوع الاول او السجدة الاولى؟ فقد اختار المحقق الهمداني -قدس‌سره - الوجه الثاني، وادعى ان المتبادر من الامر

٥٨

بالعود والرجوع والاعادة بذلك.

اقول: ليس في الروايات كلمة العود والرجوع، وانما وردت في راويتين(١) منها يعيد وأعد، ولو لم نقل بان اعادة الركوع او السجدة ظاهرة في أن المعادة اعتبرت مغايرة للمأتي به اولا فلا اقل من عدم الظهور في خلافه، والحاصل ان كلا الوجهين محتمل في الروايات. ودعوى تبادر احدهما عهدتها على مدعيها، نعم ما اختاره من الوجه امر مناسب ملائم للذوق، لكن دعوى التبادر بمجرد ذلك غير ممكن، ولايمكن الافتاء على شيء بمجرد انه مناسب للذوق وملائم للطبع، فلابد من ملاحظة ما هو المرجع في مثل هذا الشك.

والظاهر الفرق بين الصورتين، فمع كون ترك الذكر عمديا لابد من العود والاتيان بالذكر الواجب، والا فتبطل الصلاة للاخلال بالذكر الواجب عمدا، ولكن لو اعاد واتى بالذكر يحكم بصحة الصلاة والجماعة

____________________

(١) الوسائل: ج٥ باب ٤٨ من ابواب صلاة الجماعة

٥٩

للاستصحاب، ولا مانع منه لتمامية اركانه، فوجوب العود حينئذ عقلي لامكان اتمام الصلاة مع العود صحيحا، واما صورة كون ترك الذكرسهويا فالاصل البراءة، ولايجب العود، بل لايجب الذكر لو عاد ثم تذكر، والله العالم.

قوله «قده»: وكذا لو اهوى الى الركوع او سجود.

اقول: فيستمر مع العمد، والخصوصية المحتملة في هذه المسألة الفارقة بينها وبين المسألة السابقة امور:

الاول: ان الركوع من اجزاء الصلاة بخلاف رفع الرأس منه، وكذا السجود والرفع منه، فقد يقال ان ترك المتابعة عمدا في الركوع موجب للنهي عنه المفسد له بخلاف ترك المتابعة في الرفع وان كان عمدا، فان النهي عن الرفع لا اثرله الا الاثم فقط، وهذا الفرق وان كان صحيحا الا انه ليس بفارق، لما مر من عدم سراية النهي الى الركوع وان قلنا باقتضاء الامر بالشيء للنهي عن ضده الخاص، لان المنهي حينئذ الاتيان بمضاد الواجب وهذا عنوان غير عنوان الركوع، والحكم المتعلق الى عنوان لايسري الى عنوان اخر، هذا فضلا عما اذا لم نقل بالاقتضاء.

الثاني: الرفع المقدم على الامام لا يكون مبطلا على حسب النص(١) وفي المقام لم يرد نص في خصوص العمد. ولكن هذا ايضا ليس بفارق، فان القاعدة تقتضي لزوم الاستمرار كما ذكرناها في تلك المسألة، مع ان شمول النص لصورة العمد في المسالة السابقة قد عرفت حاله.

الثالث: هنا خصوصية في بعض الفروض وهو فرض ركوع المأموم قبل اتمام الامام القراءة، و هذا مورد للاشكال من جهات:

____________________

(١) الوسائل: ج٥ باب ٤٨ من ابواب صلاة الجماعة

٦٠