الإمامة الإلهية الجزء ١

الإمامة الإلهية18%

الإمامة الإلهية مؤلف:
المحقق: محمد بحر العلوم
تصنيف: الإمامة
الصفحات: 440

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٤
  • البداية
  • السابق
  • 440 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 137446 / تحميل: 8178
الحجم الحجم الحجم
الإمامة الإلهية

الإمامة الإلهية الجزء ١

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

الا ( ان تشتغل )(٥) ببيع وشراء، فاقعد في الطحانين، فهيأ رحى وجملا وجعل يطحن.

[١٤٧٥١] ٤ - إبراهيم بن محمد الثقفي في كتاب الغارات: عن صالح ان جدته أتت علياعليه‌السلام ومعه تمر يحمله، فسلمت وقالت: أعطني هذا التمر أحمله، قالعليه‌السلام : « أبو العيال أحق بحمله »، الخبر.

[١٤٧٥٢] ٥ - القطب الراوندي في لب اللباب: وفي الخبر: « الحلال لا يأتي الا قوتا، والحرام يأتي جرفا(١) جرفا ».

__________________

(٥) في المصدر: لتشتغل.

٤ - الغارات ج ١ ص ٨٩.

٥ - لب اللباب: مخطوط.

(١) الجرف: الاخذ الكثير، جرفت الشئ: أخذته كله أو جله ( لسان العرب - جرف - ج ٩ ص ٢٥ ).

٦١

٦٢

أبواب ما يكتسب به

١ -( باب تحريم التكسب بأنواع المحرمات)

[١٤٧٥٣] ١ - أبو علي في أماليه: عن أبيه، عن المفيد، عن محمد بن الحسين الحلال، عن الحسن بن الحسين الأنصاري، عن زفر بن سليمان، عن أشرس الخراساني عن أيوب السجستاني، عن أبي قلابة قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في حديث: « ومن كسب مالا من غير حله، أفقره الله تعالى »، الخبر.

[١٤٧٥٤] ٢ - الحسن بن علي بن شعبة في تحف العقول: قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في حديث طويل: « طوبى لمن اكتسب من المؤمنين مالا من غير معصية » الخبر.

ورواه في الكافي(١) : عن العدة، عن سهل بن زياد، عن الحسن بن محبوب، عن الحسن بن السري، عن أبي مريم، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، عن جابر بن عبد الله، عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، مثله.

[١٤٧٥٥] ٣ - الحسن بن أبي الحسن الديلمي في ارشاد القلوب: عن حذيفة بن اليمان، رفعه عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « ان قوما يجيئون يوم القيامة، ولهم من الحسنات أمثال الجبال، فيجعلها الله هباء منثورا، ثم يؤمر بهم إلى

__________________

أبواب ما يكتسب به

الباب ١

١ - أمالي الطوسي ج ١ ص ١٨٥.

٢ - تحف العقول ص ٢٢.

(١) الكافي ج ٨ ص ١٦٩.

٣ - إرشاد القلوب ص ١٩١.

٦٣

النار »، فقال سلمان: صفهم لنا(١) يا رسول الله، فقال: « اما انهم قد كانوا يصومون ويصلون، ويأخذون أهبة من الليل، ولكنهم كانوا إذا عرض لهم بشئ من الحرام وثبوا عليه ».

[١٤٧٥٦] ٤ - الجعفريات: بإسناده عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، [ عن أبيه ](١) ، عن علي بن أبي طالبعليهم‌السلام ، قال: « بائع الخبيثات ومشتريها في الاثم سواء ».

٢ -( باب جواز التكسب بالمباحات، وذكر جملة منها ومن المحرمات)

[١٤٧٥٧] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « اعلم - يرحمك الله - ان كل ما يتعلمه العباد من أنواع الصنائع، مثل الكتاب، والحساب، والتجارة، والنجوم، والطب، وسائر الصناعات، والأبنية، والهندسة، والتصاوير ما ليس فيه مثال الروحانيين، وأبواب صنوف الآلات، التي يحتاج إليها، مما فيه منافع وقوام معاش، وطلب الكسب فحلال كله تعليمه، والعمل به، واخذ أجرة عليه، وان قد تصرف بها في وجوه المعاصي أيضا، مثل استعمال ما جعل للحلال ثم تصرفه إلى أبواب الحرام، ومثل معاونة الظالم، وغير ذلك من أسباب المعاصي، مثل الاناء والأقداح، وما أشبه ذلك، ولعلة ما فيه من المنافع جائز تعليمه وعمله، وحرم على من يصرفه إلى غير وجوه الحق والصلاح، التي أمر الله بها دون غيرها، اللهم إلا أن يكون صناعة محرمة أو منهيا عنها، مثل الغناء، وصنعة آلاته(١) ، ومثل بناء البيع والكنائس، وبيت النار، وتصاوير ذوي الأرواح على

__________________

(١) ليس في المصدر.

٤ - الجعفريات ص ١٧٢.

(١) أثبتناه من المصدر.

الباب ٢

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٤١، باختلاف يسير، وعنه في البحار ج ١٠٣ ص ٥٢ ح ١٤.

(١) في المصدر والطبعة الحجرية: الآلة، وما أثبتناه من البحار.

٦٤

مثال الحيوان والروحاني، ومثل صنعة الدف والعود وأشباهه، وعمل الخمر والمسكر، والآلات التي لا تصلح في شئ من المحللات، فحرام عمله وتعليمه، ولا يجوز ذلك، وبالله التوفيق ».

وقالعليه‌السلام في موضع آخر(٢) : « اعلم - يرحمك الله - ان كل مأمور به مما هو من على العباد، وقوام لهم في أمورهم، من وجوه الصلاح الذي لا يقيمهم غيره، ومما يأكلون ويشربون، ويلبسون، وينكحون، ويملكون، ويستعملون، فهذا كله حلال بيعه وشراؤه وهبته وعاريته، وكل أمر يكون فيه الفساد، مما قد نهي عنه من جهة أكله وشربه ولبسه ونكاحه وامساكه لوجه الفساد،(٣) ومثل الميتة والدم ولحم الخنزير، والربا وجميع الفواحش، ولحوم السباع، والخمر وما أشبه ذلك، فحرام ضار للجسم وفساد للنفس ».

[١٤٧٥٨] ٢ - دعائم الاسلام: عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه قال: « الحلال من البيوع كل ما هو حلال من المأكول والمشروب وغير ذلك، مما هو قوام للناس وصلاح، ومباح لهم الانتفاع به، وما كان محرما أصله، منهيا عنه، لم يجز بيعه ولا شراؤه ».

[١٤٧٥٩] ٣ - محمد بن إبراهيم النعماني في تفسيره: عن ابن عقدة، عن أحمد بن يوسف، عن إسماعيل بن مهران، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة، عن إسماعيل بن جابر، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه قال في حديث طويل: « فأما ما جاء في القرآن من ذكر معايش الخلق وأسبابها(١) ، فقد أعلمنا سبحانه ذلك من خمسة أوجه: وجه الإشارة، ووجه العمارة، ووجه الإجارة، ووجه التجارة، ووجه الصدقات - إلى أن قال - واما

__________________

(٢) فقه الرضاعليه‌السلام ص ٣٣.

(٣) في المصدر زيادة: مما قد نهي عنه.

٢ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٨ ح ٢٣.

٣ - تفسير النعماني ص ٥٧ - ٥٩ وعنه في البحار ج ٩٣ ص ٥٩.

(١) في المصدر: وأشباهها.

٦٥

وجه العمارة، فقوله تعالى:( هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا ) (٢) فاعلمنا سبحانه انه قد أمرهم بالعمارة، ليكون ذلك سببا لمعايشهم، بما يخرج من الأرض من الحب والثمرات، وما شاكل ذلك مما جعله الله تعالى معايش للخلق » الخبر.

[١٤٧٦٠] ٤ - الآمدي في الغرر: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه قال: « من توفيق المرء اكتسابه المال من حله ».

٣ -( باب انه لا يحل ما يشترى بالمكاسب المحرمة إذا اشتري بعين المال، والا حل)

[١٤٧٦١] ١ - الجعفريات: أخبرنا عبد الله، أخبرنا محمد، حدثني موسى قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد، عن أبيه، « ان علياعليه‌السلام قال: لو أن رجلا سرق ألفا، فأصدقها امرأة، واشترى جارية، كان الفرج حلالا، وعليه تبعة المال وهو آثم ».

[١٤٧٦٢] ٢ - نهج البلاغة: ومن كلامهعليه‌السلام فيما رده على المسلمين من قطائع عثمان: « والله لو وجدته قد تزوج به النساء وملك به الإماء، لرددته ( على مستحقيه )(١) فان في العدل سعة، ومن ضاق عليه العدل فالجور عليه أضيق ».

[١٤٧٦٣] ٣ - السيد فضل الله الراوندي في نوادره: بإسناده عن موسى بن جعفر،

__________________

(٢) هود ١١ الآية ٦١.

٤ - غرر الحكم ص ٣٤٩ « الطبعة الحجرية ».

الباب ٣

١ - الجعفريات ص ١٠٧.

٢ - نهج البلاغة ج ١ ص ٤٢ ح ١٤.

(١) ليس في المصدر.

٣ - نوادر الراوندي ص ١٧.

٦٦

عن آبائهعليهم‌السلام ، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إن أخوف ما أخاف على أمتي من بعدي، هذه المكاسب المحرمة(١) ، والشهوة الخفية، والربا ».

٤ -( باب عدم جواز الانفاق من الكسب الحرام ولو في الطاعات، وحكم اختلاطه بالحلال واشتباهه)

[١٤٧٦٤] ١ - الشيخ المفيد في أماليه: عن أحمد بن محمد بن الحسن، عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب عن ( حديد بن حكيم )(١) الأزدي، عن الصادقعليه‌السلام ، أنه قال في حديث: « واعلموا انه من خضع لصاحب سلطان الدنيا، أو من يخالفه في دينه، طلبا لما في يديه من دنياه، أخمله الله ومقته عليه ووكله إليه، فان هو غلب على شئ من دنياه، وصار إليه منه شئ، نزع الله البركة منه، ولم يؤجره(٢) على شئ ينفقه منه في حج ولا عتق ولا بر ».

[١٤٧٦٥] ٢ - وفي الاختصاص: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: من اكتسب مالا من غير حله، كان زاده(١) إلى النار ».

[١٤٧٦٦] ٣ - وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: « قال الله عز وجل: من لم يبال من أي باب اكتسب الدينار والدرهم، لم أبال يوم القيامة من أي أبواب النار أدخلته ».

__________________

(١) في المصدر: الحرام.

الباب ٤

١ - أمالي المفيد ص ٩٩ ح ٢.

(١) في الطبعة الحجرية: « حكيم بن حديد » وما أثبتناه من المصدر هو الصواب ( راجع المعجم ج ٤ ص ٢٣٩، ٢٤٠ ).

(٢) في الطبعة الحجرية: « يأجر منه » وما أثبتناه من المصدر.

٢ - الاختصاص ص ٢٤٩.

(١) في المصدر: راده.

٣ - المصدر السابق ص ٢٤٩.

٦٧

[١٤٧٦٧] ٤ - الشيخ الطوسي في أماليه: عن الحسين بن إبراهيم القزويني، عن محمد بن وهبان، عن علي بن الحبشي، عن العباس بن محمد بن الحسين، عن أبيه، عن صفوان بن يحيى، عن الحسين بن أبي غندر، عن أبيه، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه قال: « وكل شئ فيه حلال وحرام، فهو لك حلال أبدا حتى(١) تعرف الحرام منه فتدعه ».

[١٤٧٦٨] ٥ - عوالي اللآلي: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « ما اجتمع الحلال والحرام، الا غلب الحرام الحلال ».

[١٤٧٦٩] ٦ - وعن جابر، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « لعن الله الخمر، وشاربها، وعاصرها، وساقيها، وبائعها، وآكل ثمنها » فقام إليه اعرابي فقال: يا رسول الله، اني كنت رجلا هذه تجارتي، فحصل لي مال من بيع الخمر، فهل ينفعني المال ان عملت به طاعة؟ فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : لو أنفقته في حج أو جهاد لم يعدل عند الله جناح بعوضة، ان الله لا يقبل الا الطيب ».

[١٤٧٧٠] ٧ - كتاب عاصم بن حميد الحناط: عن أبي عبيدة الحذاء، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في حديث: لا يعجبك امرؤ أصاب مالا من غير حله، فان أنفق منه لم يقبل منه، وما بقي كان زاده إلى النار ».

[١٤٧٧١] ٨ - الآمدي في الغرر: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه قال: « من اكتسب مالا من غير حله أضر بآخرته ».

__________________

٤ - أمالي الطوسي ج ٢ ص ٢٨١.

(١) في المصدر: ما لم.

٥ - عوالي اللآلي ج ٢ ص ١٣٢ ح ٣٥٨.

٦ - المصدر السابق ج ٢ ص ١١٠ ح ٣٠٣.

٧ - كتاب عاصم بن حميد الحناط ص ٢٧.

٨ - غرر الحكم ج ٢ ص ٦٦٢ ح ٨٧١.

٦٨

[١٤٧٧٢] ٩ - وقالعليه‌السلام : « من يكتسب(١) مالا من(٢) غير حله، يصرفه في غير حقه ».

٥ -( باب تحريم أجر الفاجرة، وبيع الخمر والنبيذ، والميتة، والربا، والرشا، والكهانة، وجملة مما يحرم التكسب به)

[١٤٧٧٣] ١ - الجعفريات: بإسناده عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي بن أبي طالبعليهم‌السلام قال: « من السحت: ثمن الميتة، وثمن اللقاح، ومهر البغي، وكسب الحجام، وأجر الكاهن، وأجر القفيز(١) ، وأجر الفرطون(٢) ، والميزان الا قفيزا يكيله صاحبه، أو ميزانا يزن به صاحبه، وثمن الشطرنج، وثمن النرد، وثمن القرد، وجلود السباع، وجلود الميتة قبل أن تدبغ، وثمن الكلب، واجر الشرطي الذي لا يعديك الا باجر، واجر صاحب السجن، واجر القائف(٣) ، وثمن الخنزير، واجر القاضي، واجر الساحر(٤) ، واجر الحاسب بين القوم لا

__________________

٩ - غرر الحكم ج ٢ ص ٦٩١ ح ١٢٢٢.

(١) في المصدر: اكتسب.

(٢) في المصدر: في.

الباب ٥

١ - الجعفريات ص ١٨٠.

(١) القفيز: مكيال، ومساحة. وقفيز الطحان الذي نهي عنه هو أن يقول: أطحن بكذا وكذا وزيادة قفيز من نفس الدقيق. أو يطحن بأجرة قفيز من دقيقها ( لسان العرب ج ٥ ص ٣٩٥ ).

(٢) الفرطون: في ما بأيدينا من كتب اللغة: الفراط: السباق على الخيل والإبل وغيرها، فلعل المراد في الخبر، الرهن المجعول للسابق هنا. ( انظر: لسان العرب ج ٧ ص ٣٦٧ ).

(٣) القائف: الذي يتتبع الآثار ويعرفها، ويعرف شبه الرجل بأخيه وأبيه. ( النهاية ج ٤ ص ١٢١ )، وفي المصدر: القافي.

(٤) في المصدر: الصاحب.

٦٩

يحسب لهم الا باجر، واجر القارئ الذي لا يقرأ القرآن الا بأجر، ولا بأس ان يجرى له من بيت المال، والهدية يلتمس أفضل منها، وذلك قوله تعالى:( وَلَا تَمْنُن تَسْتَكْثِرُ ) (٥) وهو قوله تعالى:( وَمَا آتَيْتُم مِّن رِّبًا لِّيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلَا يَرْبُو عِندَ اللَّـهِ ) (٦) وهي الهدية يطلب منها من تراث الدنيا أكثر منها، والرشوة في الحكم، وعسب(٧) الفحل، ولا بأس ان يهدى له العلف، واجر القاضي الا قاض يجرى(٨) عليه من بيت المال، واجر المؤذن الا مؤذن يجرى عليه من بيت المال ».

[١٤٧٧٤] ٢ - البحار، عن كتاب الإمامة والتبصرة: عن هارون بن موسى، عن محمد ابن علي، عن محمد بن الحسين، عن علي بن أسباط، عن ابن فضال، عن الصادق، عن أبيه، عن آبائهعليهم‌السلام ، عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: « شر الكسب: ثمن الكلب، ومهر البغي، وكسب الحجام ».

[١٤٧٧٥] ٣ - العياشي في تفسيره: عن سماعة قال: قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : « الغلول كل شئ غل عن الامام، واكل مال اليتيم شبهة، والسحت شبهة ».

[١٤٧٧٦] ٤ - وعنه، عن أبي عبد الله وأبي الحسنعليهما‌السلام قال: « السحت أنواع كثيرة، منها: ( كسب الحجام )(١) ، واجر الزانية، وثمن الخمر، فاما الرشا في الحكم فهو الكفر بالله ».

__________________

(٥) المدثر ٧٤ الآية ٦.

(٦) الروم ٣٠ الآية ٣٩.

(٧) عسب الفحل: الكراء الذي يؤخذ على تلقيح فحل الحيوان للأنثى ( لسان العرب ـ عسب - ج ١ ص ٥٩٨ ).

(٨) ليس في المصدر، واستظهرها المصنف، ( قده ).

٢ - البحار ج ١٠٣ ص ٥٦ ح ٣٣ بل عن جامع الأحاديث ص ١٥.

٣ - تفسير العياشي ج ١ ص ٢٠٥ ح ١٤٨.

٤ - نفس المصدر ج ١ ص ٣٢١ ح ١١٢.

(١) في المصدر: الحجام وفي نسخة: كسب المحارم.

٧٠

[١٤٧٧٧] ٥ - دعائم الاسلام: روينا عن أبي عبد الله، عن أبيه، عن آبائهعليهم‌السلام : « ان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، نهى عن بيع الأحرار، وعن بيع الميتة(١) والخنزير والأصنام، وعن عسب الفحل، وعن ثمن الخمر، وعن بيع العذرة، وقال: هي ميتة ».

[١٤٧٧٨] ٦ - كتاب جعفر بن محمد بن شريح الحضرمي: عن عبد الله بن طلحة، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه قال: « من اكل السحت سبعة: الرشوة في الحكم، ومهر البغي، واجر الكاهن، وثمن الكلب، والذين يبنون البنيان على القبور، والذين يصورون التماثيل، وجعيلة(١) الاعرابي ».

[١٤٧٧٩] ٧ - الشيخ أبو الفتوح في تفسيره: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « لا تنتفعوا من الميتة باهاب ولا عصب ».

٦ -( باب جواز بيع الزيت والسمن النجسين للاستصباح بهما مع اعلام المشتري، دون شحم الميتة فلا يباع، ولكن يستصبح بما قطع من حي)

[١٤٧٨٠] ١ - الجعفريات: أخبرنا محمد، حدثني موسى قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد، عن أبيه: « ان علياعليه‌السلام ، قال في الخنفساء والعقرب والصرد إذا مات في الادام: فلا بأس بأكله، قال: وإن كان

__________________

٥ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٨ ح ٢٢.

(١) في المصدر زيادة: والدم.

٦ - كتاب جعفر بن محمد بن شريح الحضرمي ص ٧٦.

(١) الجعيلة: ما يجعل له من اجر على عمله، وقيل الرشوة، ( لسان العرب ج ١١ ص ١١١ ).

٧ - تفسير أبي الفتوح الرازي ج ٢ ص ٣٤٩.

الباب ٦

١ - الجعفريات ص ٢٦.

٧١

شيئا مات في الادام وفيه الدم، في العسل أو في الزيت أو في السمن وكان جامدا، جنبت ما فوقه وما تحته ثم يؤكل بقيته، وإن كان ذائبا فلا يؤكل، يستسرج به ولا يباع ».

[١٤٧٨١] ٢ - وبهذا الاسناد: أن علياعليه‌السلام ، سئل عن الزيت يقع فيه شئ له دم فيموت، قال: « الزيت - خاصة - يبيعه لمن يعمله صابونا ».

[١٤٧٨٢] ٣ - وبهذا الاسناد قال: « قالعليه‌السلام في الزيت والسمن إذا وقع فيه شئ له دم فمات فيه: استسرجوه » الخبر.

[١٤٧٨٣] ٤ - دعائم الاسلام عن أبي جعفر محمد بن عليعليهما‌السلام انه سئل عن فأرة وقعت في سمن، قال: « إن كان جامدا ألقاها وما حولها واكل الباقي، وإن كان مائعا فسد كله ويستصبح به، وسئل أمير المؤمنين - يعني علياعليه‌السلام - عن الدواب تقع في السمن والعسل واللبن والزيت [ فتموت فيه ](١) قال: إن كان ذائبا أريق اللبن، واستسرج بالزيت والسمن - إلى أن قال - وقالعليه‌السلام في الزيت: يعمله صابونا ان شاء ».

[١٤٧٨٤] ٥ - وقالواعليهم‌السلام : « إذا أخرجت الدابة حية ولم تمت في الادام، لم ينجس ويؤكل، وإذا وقعت فيه فماتت، لم يؤكل ( ولم يبع )(١) ولم يشتر ».

[١٤٧٨٥] ٦ - وعن علي وأبي جعفرعليهما‌السلام انهما قالا: « ما قطع من الحيوان فبان عنه قبل أن يذكى، فهو ميتة ».

__________________

٢ - الجعفريات ص ٢٦.

٣ - المصدر السابق ص ٢٦.

٤ - دعائم الاسلام ج ١ ص ١٢٢.

(١) ما بين المعقوفتين أثبتناه من المصدر.

٥ - دعائم الاسلام ج ١ ص ١٢٢.

(١) ليس في المصدر.

٦ - المصدر السابق ج ٢ ص ١٧٩ ح ٦٤٦.

٧٢

[١٤٧٨٦] ٧ - السيد فضل الله الراوندي في نوادره: بإسناده عن محمد بن محمد بن الأشعث، عن موسى بن إسماعيل بن موسى، عن أبيه عن، جده موسى بن جعفر، عن أبيه: « ان علياعليه‌السلام سئل عن الزيت يقع فيه شئ له دم فيموت، فقال: يبيعه لمن يعمله صابونا ».

[١٤٧٨٧] ٨ - عوالي اللآلي: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: « لعن الله اليهود، حرمت عليهم الشحوم فباعوها وأكلوا ثمنها(١) ، وان الله تعالى إذا حرم على قوم اكل شئ، حرم عليهم ثمنه ».

ورواه في الدعائم(٢) : عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى قوله: « وأكلوا » وفيه موضع « ثمنها »: « أثمانها ».

٧ -( باب حكم بيع الذكي المختلط بالميت، والنجس بالميتة، والعجين بالماء النجس، ممن يستحل الميتة)

[١٤٧٨٨] ١ - الجعفريات: بالاسناد المتقدم، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن عليعليهم‌السلام انه سئل عن شاة مسلوخة وأخرى مذبوحة، عمي على الراعي أو على صاحبها، فلا يدري الذكية من الميتة، قال: « يرمي بها جمعيا إلى الكلاب ».

[١٤٧٨٩] ٢ - دعائم الاسلام: عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، انه سئل عن

__________________

٧ - نوادر الراوندي ص ٥٠.

٨ - عوالي اللآلي ج ١ ص ١٨١ ح ٢٤٠.

(١) في المصدر أثمانها.

(٢) دعائم الاسلام ج ١ ص ١٢٢.

الباب ٧

١ - الجعفريات ص ٢٧.

٢ - دعائم الاسلام ج ١ ص ١٢٦.

٧٣

جلود الغنم يخلط الذكي منها بالميتة، ويعمل منها الفراء، فقال: « ان لبستها فلا تصل فيها، وان علمت أنها ميتة فلا تشترها ولا تبعها، وإن لم تعلم فاشتر وبع ».

قلت: إن كان المراد من العلم في قوله: « علمت » وفي قوله: « وإن لم تعلم » الأعم من التفصيلي والاجمالي الموجود في الشبهة المحصورة، بقرينة الخبر السابق، فلا ينافي القاعدة المحكمة في الشبهة المحصورة، من وجوب الاجتناب، فمورد الشق الأخير الشبهة البدوية، الناشئة من الاشتراء ممن يستحل جلود الميتة بالدباغ.

٨ -( باب كراهة كسب الحجام مع الشرط، واستحباب صرفه في علف الدواب، وكراهة المشارطة له، لا المحجوم)

[١٤٧٩٠] ١ - الجعفريات: بالسند المتقدم عن عليعليه‌السلام ، أنه قال: « من السحت كسب الحجام ».

وتقدم(١) في خبر العياشي، عن الصادق والكاظمعليهما‌السلام ، انهما قالا: « ان السحت أنواع كثيرة، منها كسب الحجام » الخبر.

[١٤٧٩١] ٢ - ابنا بسطام في طب الأئمةعليهم‌السلام : عن محمد بن الحسين، عن فضالة بن أيوب، عن إسماعيل، عن أبي عبد الله جعفر الصادقعليه‌السلام عن أبي جعفر الباقرعليه‌السلام ، أنه قال: « ما اشتكى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وجعا قط، الا كان مفزعه إلى الحجامة، وقال أبو طيبة: حجمت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأعطاني دينارا، وشربت دمه، فقال رسول الله ( صلى الله

__________________

الباب ٨

١ - الجعفريات ص ١٠٨.

(١) تقدم في الحديث ٤ الباب ٥ من هذه الأبواب.

٢ - طب الأئمة ص ٥٦.

٧٤

عليه وآله ): أشربت؟ قلت: نعم، قال: وما حملك على ذلك؟ قلت: أتبرك به، قال: أخذت أمانا من الأوجاع والأسقام، والفقر والفاقة، والله ما تمسك النار أبدا ».

[١٤٧٩٢] ٣ - دعائم الاسلام: عن أبي عبد الله، عن آبائهعليهم‌السلام : « ان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، احتجم وأعطى الحجام اجرته، وكان مملوكا فسأل مولاه فخفف عنه ».

[١٤٧٩٣] ٤ - وعن أبي جعفرعليه‌السلام ، انه سئل عن كسب الحجام، فقال: « وودت ان(١) لآل محمدعليهم‌السلام منهم كذا وكذا » سمى أعداد كثيرة.

[١٤٧٩٤] ٥ - وعن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، انه اتي برطب وعنده قوم من أصحابه، فيهم فرقد الحجام، فدعاهم فدنوا وتأخر فرقد، فقال أبو عبد اللهعليه‌السلام : « ما يمنعك ان تتقدم يا بني؟ » قال: جعلت فداك اني رجل حجام، فدعا بجارية فاتت بماء، وأمره فغسل يديه ثم أدناه فأجلسه إلى جنبه، وقال: « كل »، فأكل فلما فرغ قال: جعلت فداك، ( ان الناس )(١) ربما عيروني بعملي، وقالوا: كسبك حرام، فقال أبو عبد اللهعليه‌السلام : « ليس كما يقولون، كل من كسبك وتصدق وحج وتزوج ».

[١٤٧٩٥] ٦ - السيد المرتضى في تنزيه الأنبياء: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، انه نهى عن كسب الحجام، فلما روجع فيه، امر المراجع ان يطعمه رقيقه ويعلقه ناضحه.

٩ -( باب كراهة الحجامة يوم الثلاثاء والأربعاء، والجمعة عند الزوال)

[١٤٧٩٦] ١ - الديوان المنسوب إلى أمير المؤمنينعليه‌السلام :

__________________

٣ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٨١ ح ٢٣٨. ٤ - المصدر السابق ج ٢ ص ٨١ ح ٢٣٩.

(١) في المصدر زيادة: يكون.

٥ - المصدر السابق ج ٢ ص ٨١ ح ٢٤٠.

(١) في المصدر: إني رجل حجام والناس.

٦ - تنزيه الأنبياء ص ١٦٧.

الباب ٩

١ - الديوان المنسوب إلى أمير المؤمنينعليه‌السلام ص ٣٦.

٧٥

ومن يرد الحجامة في الثلاثاء

ففي ساعاته هرق الدماء.

[١٤٧٩٧] ٢ - الحسن بن فضل الطبرسي في مكارم الأخلاق: عن زيد بن علي، عن آبائه، عن عليعليهم‌السلام قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : من احتجم يوم الأربعاء فأصابه وضح، فلا يلومن الا نفسه ».

[١٤٧٩٨] ٣ - وعن المفضل بن عمر قال: دخلت على الصادقعليه‌السلام ، وهو يحتجم يوم الجمعة، فقال: « أوليس تقرأ آية الكرسي » ونهى عن الحجامة مع الزوال في يوم الجمعة.

[١٤٧٩٩] ٤ - ابنا بسطام في طب الأئمة عن الرضاعليه‌السلام ، أنه قال: « حجامة الاثنين لنا، والثلاثاء لبني أمية ».

[١٤٨٠٠] ٥ - دعائم الاسلام: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « من احتجم يوم الأربعاء أو يوم سبت فأصابه وضح، فلا يلومن الا نفسه ».

١٠ -( باب كراهة أجرة فحل الضراب، وعدم تحريمها)

[١٤٨٠١] ١ - الجعفريات: بالسند المتقدم، عن عليعليه‌السلام ، أنه قال: « من السحت عسب الفحل، ولا بأس ان يهدى له العلف ».

[١٤٨٠٢] ٢ - دعائم الاسلام: عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، عن أبيه، عن آبائهعليهم‌السلام : « ان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله نهى عن بيع الأحرار - إلى أن

__________________

٢ - مكارم الأخلاق ص ٧٥.

٣ - المصدر السابق ص ٧٥.

٤ - طب الأئمة ص ١٣٩، وعنه في البحار ج ٦٢ ص ١٢٣ ح ٥٤.

٥ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٤٥ ح ٥١٢.

الباب ١٠

١ - الجعفريات ص ١٨٠.

٢ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٨ ح ٢٢.

٧٦

قال - وعن عسب الفحل »، الخبر.

١١ -( باب استحباب الحجامة، ووقتها، وآدابها)

[١٤٨٠٣] ١ - علي بن إبراهيم في تفسيره: عن أبيه عن أبن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه قال - في خبر طويل في قصة المعراج - عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « ثم صعدنا إلى السماء السابعة، فما مررت بملك من الملائكة الا قالوا: يا محمد، احتجم وأمر أمتك بالحجامة » الخبر.

[١٤٨٠٤] ٢ - الجعفريات: بإسناده عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي بن أبي طالبعليهم‌السلام قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : لا تعادوا الأيام فتعاديكم، إذا تبيغ(١) الدم بأحدكم فليحتجم في اي الأيام [ كان ](٢) وليقرأ آية الكرسي، ويستخير الله ثلاثا، ويصلي على محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله ».

[١٤٨٠٥] ٣ - وبهذا الاسناد: عن علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، قال: « ما وجع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وجعا قط، الا كان فزعه إلى الحجامة ».

[١٤٨٠٦] ٤ - وبهذا الاسناد: عن عليعليه‌السلام : « ان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، احتجم في باطن رجله، من وجع اصابه ».

__________________

الباب ١١

١ - تفسير القمي ج ٢ ص ٩.

٢ - الجعفريات ص ١٦٢.

(١) أي: غلبة الدم على الانسان، وقيل إنه من المقلوب أي: لا يبغي عليه الدم فيقتله ( النهاية ج ١ ص ١٧٤ ) وفي المصدر: تبغي.

(٢) أثبتناه من المصدر.

٣ - المصدر السابق ص ١٦٢.

٤ - المصدر السابق ص ١٦٢.

٧٧

[١٤٨٠٧] ٥ - كتاب محمد بن المثنى الحضرمي: عن جعفر بن محمد بن شريح الحضرمي، عن ذريح المحاربي، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه قال: « ان اخذ الرجل الدوران فليحتجم ».

[١٤٨٠٨] ٦ - الحسين بن بسطام وأخوه في طب الأئمةعليهم‌السلام : عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه قال: « من احتجم في آخر خميس من الشهر في أول النهار، سل منه الداء سلا ».

[١٤٨٠٩] ٧ - وعن محمد بن القاسم بن سنجاب(١) ، عن خلف بن حماد، عن عبد الله بن مسكان، عن جابر بن يزيد الجعفي، قال: قال أبو جعفرعليه‌السلام لرجل من أصحابه: « إذا أردت الحجامة، وخرج الدم من محاجمك، فقل قبل أن تفرغ والدم يسيل(٢) : بسم الله الرحمن الرحيم، أعوذ بالله الكريم من العين في الدم، ومن كل سوء في حجامتي هذه، ثم قال: اما علمت يا فلان انك إذا قلت هذا، فقد جمعت ( الأشياء كلها )(٣) ؟ ان الله تبارك وتعالى يقول:( وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ ) (٤) يعني الفقر، وقال عز وجل:( وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلَا أَن رَّأَىٰ بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَٰلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ ) (٥) ( ان يدخل في الزنى )(٦) ، وقال عز وجل في قصة موسى:( أَدْخِلْ

__________________

٥ - كتاب محمد بن المثنى الحضرمي ص ٨٥.

٦ - طب الأئمة: لم نجده في المصدر المطبوع، وعنه في البحار ج ٦٢ ص ١١١ ح ١٠، ورواه في الخصال: ص ٣٨٩ ح ٧٩، وعنه في البحار ج ٥٩ ص ٤٧ ح ٤.

٧ - طب الأئمة ص ٥٥.

(١) في المصدر: منجاب.

(٢) كان في الحجرية: ويسيل الدم، وما أثبتناه من المصدر.

(٣) في نسخة: الخير كله ( هامش الحجرية ).

(٤) الأعراف ٧ الآية ١٨٨.

(٥) يوسف ١٢ الآية ٢٤.

(٦) في نسخة: السوء هاهنا الزنى ( هامش الحجرية ).

٧٨

يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ ) (٧) قال: من غير مرض، ثم قال: واجمع ذلك عند حجامتك والدم يسيل، بهذه العوذة المتقدمة ».

[١٤٨١٠] ٨ - وعن القاسم بن محمد، بن إسماعيل بن أبي الحسن، عن حفص بن عمر قال: قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : « خير ما تداويتم به الحجامة والسعوط ». الخبر.

[١٤٨١١] ٩ - وعن المنذر بن عبد الله، عن حماد بن عيسى، عن حريز، عن جعفر ابن محمدعليهما‌السلام قال: « الدواء أربعة: الحجامة، والطلي، والقئ، والحقنة ».

[١٤٨١٢] ١٠ - وعن إبراهيم بن محمد، عن عبد الرحمن، عن إسحاق بن حسان، عن عيسى بن بشير الواسطي، عن ابن مسكان وزرارة قالا: قال أبو جعفر محمد ابن عليعليهما‌السلام : « طب العرب في ثلاث: شرطة الحجامة، والحقنة، وآخر الدواء الكي ».

[١٤٨١٣] ١١ - وعن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: « طب العرب في خمسة: شرطة الحجامة » الخبر.

[١٤٨١٤] ١٢ - وعن أبي جعفر الباقرعليه‌السلام : « طب العرب في سبعة: شرطة الحجامة، والحقنة، والحمام، والسعوط، والقئ، وشربة العسل، وآخر الدواء الكي، وربما يزاد فيه النورة ».

[١٤٨١٥] ١٣ - وعن محمد بن يحيى البرسي، عن محمد بن يحيى الأرمني، عن محمد

__________________

(٧) النمل ٢٧ الآية ١٢.

٨ - طب الأئمة ص ٥٤.

٩ - طب الأئمة ص ٥٥.

١٠ - طب الأئمة ص ٥٥.

١١ - المصدر السابق ص ٥٥.

١٢ - طب الأئمة ص ٥٥.

١٣ - المصدر السابق ص ٥٦.

٧٩

ابن سنان، عن المفضل بن عمر قال: سأل طلحة بن زيد أبا عبد اللهعليه‌السلام ، عن الحجامة يوم السبت ويوم الأربعاء، وحدثته بالحديث الذي ترويه العامة عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ( فأنكره وقال )(١) : الصحيح عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: إذا تبيغ بأحدكم الدم فليحتجم لا يقتله، ثم قال: ما علمت أحدا من أهل بيتي يرى به بأسا ».

[١٤٨١٦] ١٤ - وروي أيضا عن أبي عبد اللهعليه‌السلام : « ان أول ثلاثاء تدخل في شهر آذار بالرومية، الحجامة فيه مصحة سنة، بإذن الله تعالى ».

[١٤٨١٧] ١٥ - وروي أيضا عنهمعليهم‌السلام : « ان الحجامة يوم الثلاثاء لسبعة عشر من الهلال، مصحة سنة ».

[١٤٨١٨] ١٦ - وعن أحمد بن عبد الله بن رزيق قال: مر جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، بقوم كانوا يحتجمون، قال: « ما كان عليكم لو أخرتموه إلى عشية الأحد »(١) .

[١٤٨١٩] ١٧ - وعن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « احتجموا إذا هاج بكم الدم، فان الدم ربما تبيغ بصاحبه فيقتله ».

[١٤٨٢٠] ١٨ - وعن الباقرعليه‌السلام ، أنه قال: « خير ما تداويتم به: الحقنة، والسعوط، والحجامة، والحمام ».

[١٤٨٢١] ١٩ - وعن أحمد بن محمد، عن أبيه محمد بن خالد، عن ابن بكير، عن زرارة قال: سمعت أبا جعفر محمد بن علي الباقرعليهما‌السلام يقول: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : الحجامة في الرأس، شفاء من كل داء الا السام ».

__________________

(١) في المصدر: وأنكروه وقالوا.

١٤، ١٥ - طب الأئمة ص ٥٦.

١٦ - المصدر السابق: ٥٧.

(١) في المصدر زيادة: فكان البراء للداء.

١٧ - ١٩ - المصدر السابق ص ٥٧.

٨٠

هـ - أوّل اعتبار قام الذهن بتصويره حتّى يُحرِّك الإرادة هو إيجاد نسبة الضرورة بين موضوع ومحمول لم تكن بينهما تلك النسبة من قبل؛ بيان ذلك:

إن الإنسان يرى وجود نسبة حقيقية بين ذاته وبين أعضائه، فيقوم بجعل نفس هذه النسبة بين نفسه وبين الأكل، فيسعى نحو تحقيقه، فيتحرك نحو الغذاء. وعبّر عن هذا بأنه أوَّل خديعة.

بعض تلامذة العلاّمة يصوّر الخديعة بنحو أخر؛ وذلك بأن الخديعة التي تقوم بها هي: تصوير أن حاجات البدن هي حاجات الروح، ويجعلها ضرورية لها، وتفسير هبوط آدم إنه هبوط إدراكي؛ حيث جعلت الروح البدن جزءَ حقيقةٍ نفسها، فجعلت كمالات البدن وحاجاته هي حاجات لها، فأول خديعة هي من جعل البدن جزء من الروح؛ خدعته بها الفطرةُ الإنسانية؛ لتتوصَّل بها إلى الخير بالذات والكمال المطلق الحقيقي.

و - إن نسبة الضرورة تعني الوجوب، وهو متقدِّم على الحرمة، كما أن الاستحباب متقدِّم على الكراهة؛ وذلك لأن الشعور بالحاجات والضرورات متقدِّم على الشعور بالمضرَّات والمؤذيات التي هي نسبة الامتناع.

ز - مثال آخر على نشأة اعتبار آخر؛ هو (اعتبار الملكية) وكيفية حصوله: هو أنه رأى وجود نسبة حقيقية بين الإنسان وسلطته على أعضائه وتصرُّفه بها كما يشاء، فجعل هذه السلطة بين الأمر الخارجي وبين نفسه حتّى يستطيع التصرُّف والاستفادة منه وحده؛ لا ينازعه فيه أحد.

ح - وأوَّل اعتبار اجتماعي نشأ؛ هو: اعتبار الألفاظ ودلالتها على المعاني، ثُم بعد ذلك تولَّد اعتبار العقد والمعاملات، واعتبار الرئاسة؛ وذلك لأن في الإنسان توجد قوة العقل التي تكون مهيمنة على بقيَّة القوى، فانتزع العقل هذه النسبة وجعلها في مملكة صغيرة هي مملكة الأسرة ورئاسة وهيمنة ربِّها، ثُم للمجتمع.

٨١

ط - إن الاعتبارات غير ثابتة و متزلزلة، فلا يمتنع أن لا يأتمر و لا يتبع الإنسان ذلك الاعتبار، لذا مسَّت الحاجة إلى أن تَعتبر ما يدعم هذا الاعتبار ويجعله مؤثِّراً في إرادة الإنسان، فاعتُبر الثواب والعقاب، واعتُبر المدح والذم. فاعتبار المدح والذم إنما هو لأجل أن يكون دافعاً لأن يتَّبع الإنسان الاعتبار الأصلي؛ حيث يضعف تأثيره، وكلَّما قوي تأثيره، ضعفت الحاجة إلى الثواب والعقاب أو إلى مدح وذم العقلاء.

والعلاّمة الطباطبائي في المقالة الثانية من رسالة الاعتباريات يركِّز على أمر مهم؛ وهو كيفية نشأة التكوين من الاعتبار، حيث أوضح في مقالته الأولى كيفية نشأة الاعتبار من التكوين والحقيقة، وكيف أن الاعتبار هو إعطاء حد الشي‏ء أو حكمه لشئ آخر بتصرف الوهم، وأنه ينشأ بسبب النقص؛ وهو أمر حقيقي. أمّا في المقالة الثالثة، فبيّن أن الاعتبار يولِد الإرادة، والإرادة تُحقِّق الفعلَ التكويني الخارجي؛ وهو إما كمال للإنسان أو نقص، فينشأ حينئذ التكوين من الاعتبار، فولِّد العقلُ التكوين من خلال عنوانٍ اعتباري.

وجوه التأمل في نظرية العلاّمة:

لا يخفى ما في النظرية من ظرافة ودقَّة نظر، ويظهر كذلك مدى أهميتها في صياغة الفكر البشري، وهذا لا يمنع من وجود بعض التأملات لنا عليها:

١ - إننا نتَّفق مع العلاّمة في:

* إن العقل النظري لا يحرِّك الإرادة؛ لذا سوف يأتي في الفصل الثاني أن التوحيد النظري من دون التوحيد العملي؛ وهو تولّي وليّ اللَّه الذي يهدي لإرادات اللَّه ومشيئآته، لا يوجب تحرَّك الإنسان، بل توجد مراتب أخرى متوسطة حتّى تصل إلى مدرَكات العقل العملي.

٨٢

* إن الفاعل الإرادي لا يتكامل إلاّ بتوسط إرادته.

* إن الإرادة لا تسعى إلى تحصيل ما هو متحقق بالفعل لأنه تحصيل للحاصل.

لكن نختلف مع العلاّمة في تحديد القضايا الحقيقية، فقد ذكر أن كل ما ليس له تحقق خارجي فعلي فهو قضية اعتبارية، وهذا غير صحيح وغفلة منه‏(قدِّس سرُّه)؛ وذلك لأن القضية الحقيقة لا تساوي القضية الخارجية، بل هي تشمل ما يكون الموضوع فيها حاكٍ عن وجودات في ظرف الاستقبال، وما تكون حاكية عن وجود تقديري، وما تكون حاكية عن موضوعات ممتنعة وهي القضايا غير البتِّية التي ليس فيها سوى فرض الوجود، وهذا أمر متسالم عليه، وبناء عليه فإن القضية التي يتصورها العقل ويحكم بها العقل العملي هي غير حاصلة في الخارج فعلاً، لكنها ليست اعتباراً محضا، بل تكون قضية حقيقية.

٢ - لقد حصر العلاّمة (رحمه الله) ‏الحاجة إلى الاعتبار في أنه مولِّد للإرادة، وهذا غير صحيح، بل إن الحاجة للاعتبار هو أمر آخر ذكره المتكلِّمون والأصوليون؛ حاصله:

إن الإرادة تنبعث من مدرَكات العقل العملي، ومدرَكات العقل العملي هي من الكلِّيات الفوقانية كحسن العدل وقبح الظلم، ومن هذه المدرَكات التي تمثِّل رأس مال العقل العملي ينطلق في سلسلة إدراكاته، وكذلك يستطيع إدراك الكلِّيات القريبة وفوق المتوسطة كحسن الصدق وقبح الكذب. أمَّا الكلِّيات النازلة والجزئيات الحقيقية، فإن العقل العملي لا يصل إليها كما في قبح القمار، ونكاح الشغار، ناهيك عن الجزئيات الحقيقية المتكثِّرة وغير المتناهية، من هنا يُحتاج إلى ضابطة تكون كاشفة عن حسن هذه الأمور وقبحها؛ وهذه الضابطة تكون بالاعتبار، فالاعتبار وظيفته الكشف عن الحقائق وما تخبِّأه من حسن وقبح، وحينئذٍ تنطلق الإرادة من هذا الاعتبار الكاشف، لا من كونه اعتباراً محضا.

والاعتبار إنما يكون كاشفاً صائباً للواقع في حال صدوره من العقل اللاّمحدود

٨٣

الذي يعلم بحسن وقبح جميع الأفعال.

٣ - ما ذكره من توسُّط الاعتبار بين حقيقتين وتكوينين صحيح، لكنَّه الاعتبار بما هو كاشف، لا بما هو اعتبار.

ونضيف على ما ذكره العلاّمة، وتكملة لِمَا ذكرناه من الحاجة للاعتبار:

ـ إنه قد يُتساءل: لماذا لجأ إلى الاعتبار - الذي هو إنشاء - في الكشف عن الحقائق، ولم يلتجأ إلى الإخبار عن حقيقة الأفعال الخارجية؟

والجواب عنه:

أ - إن الجزئيات غير متناهية، فإذا اعتمد أسلوب الإخبار التفصيلي، فهذا يعني إخبارات غير متناهية؛ لعدم تناهي الأفعال وعدم تناهي الأشخاص، فيجب أن يكون إخباراً لكل واحد. ويترتَّب عليه أن يُجعل كل الناس أنبياء، وأن لا يخطئ الكل في فعل، وهذا يبطل عالم الامتحان والابتلاء.

ب - إن برهان النظام الأصلح يقتضي وجود مراتب في العلم والوجود، والإخبار التفصيلي لكل واحد يقتضي عدم وجود مراتب، ويبطل النظام الأصلح.

جـ - إن الإخبار قد يؤدِّي إلى اختلاط الجزئيات؛ حيث إن الجزئي قد تكون له جهة حسن، وله قبح من جهة أخرى هي العامة، وقد يختلف الجزئي الواحد في تقديم جهة على جهة عن جزئي آخر، فلا تنضبط القضايا بضابط معين، بخلاف ما لو جعل ضابط يكون غالب المطابقة للواقع، فإنه ينظِّم حالة الإنسان بنحو أفضل. فالاعتبار أحد أمثلته: القانون الوضعي؛ حيث يراد من وضعه أن يكون كشفه غالبيا.

د - إن وساطة الاعتبارين الحقيقين هي وساطة إثباتية؛ باعتبار كشفه عن الواقع، ولا يتبعه الإنسان لأنه اعتبار، بل لأنه كاشف عن الواقع؛ وما ذلك إلاّ لأن الإنسان لا ينطلق إلاّ من الحقائق.

وما ذكره من أن أول اعتبار هو الأكل ونحوه، محلُّ إشكال؛ إذ لا داعي فيه إلى الاعتبار؛ حيث إن الأكل يُعتبر مكمِّلاً للبدن، ويَشعر الإنسان

٨٤

بحاجته ويقصد إليه، وهذه حقيقة يتولَّد منها الشوق والإرادة، وهذه الواقعية يدركها العقل - سواء العملي أم النظري - بسهولة، فلا حاجة إلى الاعتبار.

وهنا قد يرد تساؤل حول ما يظهر من التناقض بين قولنا فيما سبق: إن الإرادة تنطلق دوماً من

الحقائق( القضايا الحقيقية)، وبين ما ذكرناه في الأسطر السابقة من انطلاق الفاعل الإرادي من القضايا الاعتبارية.

وحلُّ هذا الإشكال يتمُّ بالتدقيق فيما بيَّناه من الحاجة إلى الاعتبار؛ إذ إنما يَلجأ إليه العقل لجهة كشفه عن جهات الحسن والقبح في الفعل، فهذا الاعتبار يساوق الحقيقة؛ لأنه يكون كاشفاً عن أمر واقعي، وليس بما هو اعتبار محض. ومن هنا لا يتَّبع الفاعل الإرادي أيَّ مُعتبر كان، بل يتحرى المُعتبرَ المطّلع على جهات الحسن والقبح، وخير مثال على ذلك: الاعتبار التشريعي الإلهي. فالإنسان يتَّبعه لأنه صادر من عقل لا محدود ومن المحيط بكل شي‏ء، فهو كاشف عن الواقع والتكوين، وهكذا الاعتبار في القانوني الوضعي؛ لأنه يقتضي صدوره من الكُمّلين في مجتمع بشري ما، فيتَّبعه لهذا الكشف أيضا؛ ومن ثَمّ ذكر أرسطو أنه لا يمكن أن يصدر التقنين إلاّ ممَّن يكون إنساناً إلهيَّا.

أمّا ما ذكر من الإثارة، وهي التغيُّر في التشريع وعدم الثبات، فيمكن الجواب عنه بما يلي:

١ - إن الحسن والقبح واقعيان، فأحكام العقل العملي ليست متغيِّرة، وقد برهنا على ذلك.

٢ - إن الاعتبار ليس أمراً اعتباطياً يقوم به كل واحد، بل لأجل الكشف عن الواقع، فيجب أن يتولاَّه مَن تكون له تلك القدرة؛ وآية ذلك أن المقنِّن الوضعي لا يُوكل كلَّ مَن هب ودبّ، بل يتخيَّر من أفراد المجتمع فئة خاصة تمتلك الخبرة والتجربة.

٣ - هناك نظريتان مشهورتان؛ أحدهما: المسمَّاة بنظرية التضاد أو الديالكتيكية.

٨٥

والأخرى: نظرية العقل التجريدي.

الأولى؛ تفترض عدم الثبات والتغيُّر الدائم. أمَّا الثانية، فتفترض الثبات ولو بنحو الموجبة الجزئية. وقد أُثري البحث فيهما بنحو تام وكامل، وثبت خطأ الأولى؛ لأنهم لابدّ أن يفترضوا ثوابت حتّى في نفس نظريتهم، فيكون نقضاً عليهم. إذن؛ لابدَّ من الاستناد إلى ثوابت، وإذا افترض أن كل شي‏ء في تغيُّر وغير ثابت، فما هو الهدف من البحث والاكتشافات؟ فإن كان للإثبات، فالسعي من أجل اكتشاف المجهول لن يصل إلى حد وغاية؛ حيث لا واقع ثابت.

٤ - إنَّا نسلِّم بوجودِ ثابتٍ وبوجود متغيِّر، لكن المشكلة في تحديد ضابط كلٍّ منهما. فمنطقة الثبات - كما أشرنا إليها سابقا - هي منطقة الكلِّيات العالية - كحسن العدل وقبح الظلم - والكلِّيات المتوسطة القريبة من العالية كالأخلاق الفاضلة المنبعِثة عن المَلَكات الفاضلة. أمَّا ما دونها؛ وهي منطقة الاعتبار، فهي تحتاج إلى ضوابط لمعرفة المتغيِّر والثابت.

ونستطيع أن نستفيد من القانون الوضعي وتقسيمه لتقريب فكرة الثابت والمتغيِّر في الاعتبار، بعد ثبوت أن لغة القانون والاعتبار واحدة. فإن القانون الوضعي على ثلاثة أقسام: الدستور / التشريعات البرلمانية / التشريعات الوزارية. فالقسم الأول غير قابل للتغيُّر عادة (١) ، والقسم الثاني أقلُّ ثباتا. أما الثالث، فهو دائم التغيُّر، وهكذا في الاعتبار؛ فنجد بعض الاعتبارات غير قابلة للتغيير، والبعض الأخر يحصل فيه التغيير والتبديل.

لكن ما هي ضابطة الأمور والاعتبارات المتغيِّرة؟

لقد ذُكر هنا ضوابط متعدِّدة، نذكر منها:

____________________

(١) والدستور ينطلق في وضعه من أهداف وأغراض ثابتة بحسب رشد مقنِّني الأمة كهدف الاستقلال والحرية والعدالة.

٨٦

١ - ذكر الميرزا النائيني أن ما هو قابل للتغيُّر هو الأحكام السياسية. أمَّا بقيَّة التشريعات، فثابتة. وتوضيح المقصود من الأحكام السياسية كالتالي:

إن التسيُّس هو التدبير وكيفية جعل الجزئيات متطابقة مع الكلِّيات الفوقانية؛ حيث إن الأمر الكلي الذي يُكتشف بقوة العقل يتنزَّل حتّى يصل إلى هذا الجزئي الحقيقي، فابتداءً هذا الجزئي لا يكون مندرجاً تحت قانون معيَّن، ولا محدود بميزان مخصوص، وإنما يختلف باختلاف الأعصار والأمصار، ويتغيَّر بتغيُّر المصالح والمقتضيات، وبالتالي يجب أن تكون هناك قوة خاصة لدى الإنسان تُرجِع هذه الجزئيات إلى كلِّياتها حسب جهات الحسن والقبح، وهذا يكون بقوة الفطنة. وهذه الجزئيات هي منطقة البرهان العياني؛ فالفطنة لا تتدخَّل في الجزئي الخارجي بقدر ما تُشخِّص إنه تحت أي كلي؟ وكيف يتنزَّل هذا الكلي في مدارج النفس إلى العمل الجزئي؟

٢ - من الأمور التي تؤدِّي إلى تغيُّر الأحكام، هو تبدُّل الموضوع الجزئي.

٣ - وجود التزاحم والورود بالعناوين الثانوية كالعسر والحرج والضرر على صعيد الأحكام الاجتماعية والأمور العامة، ولكن ليُلْتفت إلى أن الحكم الثانوي لا يكون إلاّ مؤقَّتاً دائما، ولا ينقلب إلى الدوام؛ لأنه خروج عن مقتضاه.

٤ - الاختلاف في الإحراز ومدى رعاية الضوابط الموضوعة، سواء في فهم القانون الإلهي أم القانون الوضعي، فكم نجد من فقهاء القانون يختلفون في تفسير القواعد القانونية، وهكذا في فقهاء الشريعة؛ حيث يختلفون في تفسير وفهم بعض النصوص الإلهية.

وهذا الاختلاف لا يتناول الكلِّيات الفوقانية؛ وذلك لأنها ثابتة وغير متغيِّرة، والأمور الثابتة أكثر وضوحا، والخفاء فيها يقل، بل يندر، والخفاء يظهر في الجزئيات والمتوسطات التي هي ذات درجات كثيرة وعرض عريض؛ حيث تتداخل

٨٧

الجزئيات مع بعضها البعض، فيكون عنصر الغموض.

وتتفق هذه الأسباب الثلاث على أن مورد الاختلاف والتغيُّر هو في الجزئيات، ومن هنا تنشأ الحاجة إلى فهم الضوابط التي تمنع الإنسان من الوقوع في الاشتباه عند تمييز الجزئيات، وهذه الضوابط تقع في مباحث أصول الفقه.

و يتلخَّص من كل ما مر:

١ - إن الأساس للأحكام الشرعية هو الحسن والقبح العقليين، وهما برهانيان، وهذا يعني أن لا تبدل فيهما ولا تغيُّر.

٢ - إن منشأ الحاجة للاعتبار هو محدودية العقل البشري، فتظهر عناية ولطف واجب الوجود بأن يبيِّن لهم تشريعات ثابتة في تلك المنطقة التي لا يدركها العقل المحدود.

٣ - إن جهات التغيُّر والتبدُّل في الاعتبار هي غالباً في منطقة الجزئيات.

٨٨

التنبيه الرابع:

في تبعية الولاية التشريعية للولاية التكوينية

المقصود من هذا البحث بيان أن مَن له صلاحية التشريع وسنِّ القوانين يجب أن يكون له مقام

تكويني خاص. فبعد اتفاق جميع الموحِّدين أن المشرّع الأول والمحيط بالواقع وحقائق الوجود هو اللَّه عزَّ وجل، يرد التساؤل والبحث: هل أُعطيت صلاحية مقدار من التشريع للبشر؟ وإذا كان الجواب بالإيجاب، فأي بشر هو الذي يمكنه سنُّ القوانين؟

للإجابة عن هذا التساؤل يوجد مسلكان:

المسلك الأول: النقل والاستدلال بالآيات القرآنية والروايات الشريفة الدالة على هذه التبعية؛ من نحو قوله تعالى: ( مَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا ) (١) ، ( فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيَما شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تسليماً ) (٢) ، ( لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ ) (٣) .

ومن أمثلة الروايات: ما ورد أن الصلاة الرباعية كانت ثنائية، فأوكِل التشريع للرسول فجعلها رباعية، وغيرها من الروايات.

المسلك الثاني: العقل. وهذا هو المقصود بالبحث هنا، فيمكن إقامة وجوه ثلاثة لإثبات تلك التبعية:

____________________

(١) الحشر ٥٩: ٧.

(٢) النساء ٤: ٦٥.

(٣) الأحزاب ٣٣: ٢١.

٨٩

الوجه الأول:

وهو ما ذكرناه سابقاً في التنبيه الثاني من وجه الحاجة إلى الاعتبار؛ حيث بينَّا:

أ - الحاجة إلى التشريع والقانون لتنظيم الاجتماع ولمسيرة الإنسان في هذه الحياة.

ب - إن العقل البشري لمحدوديته لا يستطيع التوصل إلى الواقع، ولا يحيط بجهات الحسن والقبح والموازنة بينها.

ح - يحتاج العقل المحدود إلى مَن يسنُّ له تلك القوانين، فتتم صياغة الحقائق عن طريق قضايا اعتبارية قانونية.

وحتّى لا تكون هذه الصياغات جهلاً، يجب أن تكون مطابقة للواقع، فيجب أن يتصف مَن يسنُّ تلك التشريعات أن يكون له علم متصل ومرتبط بالذات المقدَّسة، وإلاّ لأصاب التشريع والتقنين التغيير والتبديل كما نراه في التشريعات الوضعية الحديثة على مرّ الزمان.

د - إن من رحمة اللَّه بعباده ورأفته بهم أن يوصل العباد إلى كمالاتهم ويُبعدهم عن نقائصهم، فطِبقاً لذلك، ولِمَا ذكره المتكلِّمون بقاعدة اللطف أو ما ذكره الفلاسفة بقاعدة العناية الإلهية، يجعل الباري تعالى في بني الإنسان مَن له ذلك الاتصال الغيبي وتلك المنزلة الرفيعة.

وبذلك يثبت أنَّ مَن تكون له الولاية التشريعية وصلاحية سنِّ القوانين، له أيضاً ولاية تكوينية واتصال غيبي بالذات المقدَّسة.

الوجه الثاني:

ويعتمد على:

١ - ملاحظة الجهاز الإدراكي للإنسان وتفصيل قواه العقلية وكيفية توصُّـله للنتائج. وقد ذكر الفلاسفة أن هناك جهازين يحكمان إدراكات الإنسان؛

أحدهما: الجهاز القلبي؛ وهو يُعني بالعلم الحضوري. ومراتبه أربع: قلب، وسر، وخفي، وأخفى.

٩٠

وثانيهما: الجهاز العقلي الذي يحكم إدراكاته الحصولية. ومراتبه هي: العقل النظري، والعقل العملي، وقوة الفطنة والرؤية، والقوة النازلة الإدراكية كقوة الوهم والخيال والحس، والقوى العملية النازلة كقوى الغضبية والشهوية.

وهذه القوى النازلة تكون منصاعة إلى قوة العقل العملي بحسب الفطرة الإلهية الأصلية، وهو يمارس هيمنته وتوجيهه لها.

٢ - ذكرنا في التنبيه الأول ما يميِّز العقل العملي عن النظري؛ فالإدراك لأيِّ قضية يمرُّ عَبر أفعال ثلاثة:

أحدها: الفحص والبحث في الفكر.

الثاني: إدراك النتيجة المتولِّدة من المقدمات.

الثالث: الإذعان بتلك النتيجة والتسليم بها.

وقد أشار صدر المتألهين في رسالته في التصوير والتصديق وتبعه جلُّ المتأخرين: أن النتيجة والحكم في القضية لا يعتبر جزءاً للقضية. فالتصور؛ وهو الصورة الحاصلة لدى الذهن، تارة تكون مؤدِّية ومؤثِّرة في حصول الحكم، فتكون تصديقا، وتارة لا تكون مؤثِّرة، فتسمّى تصورا. وهاتان المقدمتان هما من إدراك العقل النظري؛ فهو يدرك النتيجة المتولِّدة من المقدمات، لكن هذا غير الإذعان والحكم الذي هو من أفعال العقل العملي. ويفسر العلاّمة الطباطبائي الحكم بأنه (١) : قيام النفس بدمج صورة الموضوع مع صورة المحمول في صورة واحدة.

وقد تقدَّم منَّا الإشارة إلى أن المراد من وجوب المعرفة هو الفعل الثالث، ومن هنا قلنا بإمكانية كونه واجباً شرعياً.

٣ - كثير من المفكِّرين يتوهَّمون بأن العلاقة والارتباط بين المقدِّمات (الصغرى والكبرى) والنتيجة، والعلاقة بين النتيجة والحكم والإذعان، هي علاقة العلية والمعلولية؛ بمعنى استحالة تخلُّف النتيجة عن مقدِّماتها واستحالة تخلُّف الإذعان عن النتيجة، لكن الحق أن الفلاسفة اثبتوا خلاف ذلك. فقد ذكر السبزواري في منظومته في بحث القياس أن الرابطة ليست هي رابطة العلة والمعلول، بل المقدمات

____________________

(١) نهاية الحكمة، ص ٢٥٢.

٩١

إعدادية فقط. والمتكلِّمون ذكروا بأن سنَّة اللَّه جلَّ وعلا قد جرت على أنه إذا أُدركت تلك المقدمات، فإنها تكون مُعِدَّة لإفاضة النتيجة على الإنسان، وهذه الإفاضة من العقول العالية على العقل البشري النازل.

والذي أوقع البعض في هذا الوهم، هو عدم التخلّف، وغفلوا عن أن هذا لا ينحصر بالعلية. وقد ذكر الحق سبحانه في مثال الفلاح الذي يقوم بعملية الزرع؛ حيث نصَّ سبحانه على أن وظيفته ليست إفاضة وجود الشجرة على البذرة، بل يقوم الفلاح بالإعداد عن طريق تهيئة التربة ووضع البذرة وريّها. أمّا المُفيض لوجود هذا النبات فهو الحق سبحانه: ( ءَأَنتُمْ تَزرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ ) . وقد أثبت الفلاسفة أن الجسم لا يمكن أن يُفيض صورة جسمية أخرى. وهكذا الارتباط بين النتيجة والحكم والإذعان؛ فالوظيفة التي يقوم بها العقل العملي هي الإذعان بالنتيجة، فهذا هو الحالة الطبيعية، وهي بذلك تكون مُعِدَّة لحصول ذلك الإذعان وليست علة.

٤ - إن ما ذكرناه سابقاً في تسلسل عملية الإدراك في الجهاز الوجودي للإنسان هي الحالة الطبيعية والتي بمقتضاها ينصاع الأسفل إلى الأعلى، وتمارس القوى العُليا هيمنتها على القوى النازلة، وتنساب عملية الفكر والإدراك في هذه المراحل المتسلسلة، لكن هذا التسلسل لعملية الإدراك يواجه عوائق وموانع تمنع عن حصول الإدراك الصحيح، وتمنع من خروج التصرف الصحيح طبقاً للإدراك الصحيح، وتؤدِّي هذه العوائق إلى قلب عملية التفكير؛ حيث تُسيطر القوى النازلة على القوى العالية وتتحكَّم بإدراكاتها؛ بمعنى أن ما ندركه، هو ما يحقِّق كمالات تلك القوى، فيندفع الإنسان حينئذ إلى تحقيق شهواته وإشباع رغباته الفتَّاكة.

ومن هذه الأمراض (١) :

مرض الجُربزة؛ وهي مقابل للبلادة؛ وهي البطء الشديد في إدراك النتائج بعد

____________________

(١) لاحظ: ملاّ صدرا، الأسفار، ج٨.

٩٢

إدراك المقدمات.

العناد: وهو عدم انسياق العقل العملي لمدركات العقل النظري مع العلم بصحتها.

... الوسوسة، الاضطراب.

فهذه الأمراض هي التي تمنع من حصول إذعان النفس بمدركات العقل النظري، وهذه الأمراض هي التي تصيب قوى الإنسان في إدراكاته الحصولية. وهناك أمراض تصيب درجات إداركه الحضورية؛ حيث تمنعه من الترقِّي الوجودي، وتمنعه من الوصول إلى/ بل ومن الاتصال بـ الصقع الربوبي، فيبتعد أكثر عن ساحة الحق ويصير بينه وبين الحقائق حاجباً وساتراً لا يزول إلاّ بالتقوى والعمل الصالح ولقد قال عزَّ من قائل: ( اتَّقُوا اللَّهَ يُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ ) (١) .

ومن هذه المقدمات الأربع ننتقل إلى ما نريد التوصُّل إليه؛ وهو إنه مع وجود هذه المراحل في إدراك الإنسان، ووجود مثل تلك الموانع والعوائق التي تؤثِّر في صدور القرار الصحيح والفعل النافع، كيف يمكن تقليده صلاحية التقنين والتشريع؟ إذن؛ فإن من الواجب أن يمتلك زمام التشريع والتقنين مَن يكون جهازه الإدراكي في مأمن من تلك العوائق والموانع، ويكون محلّاً لإفاضة العلوم عليها من العوالم العلوية وتنزُّلها، في مأمن من تشويش ومشاغبة قوى النفس الدنيا؛ هذا إذا أرادنا تشريعاً يكون مظهراً للحقائق الواقعية، مطابقاً وصحيحا.

وهذا الإنسان الذي يمتلك تلك القابلية، هو الذي يكون مظهراً للرضا الإلهي وللغضب الإلهي وللعزائم الإلهية؛ وذلك لا يكون ألاّ بأن تتساوى كلُّ حركاته وسكناته بلحاظ التأثُّر بالعوالم العلوية. ومَن لا يمتلك تلك المكانة والقابلية لن يكون تشريعه سالماً وصحيحا؛ ومن هنا قلنا: إن الولاية التشريعية تابعة للمقام التكويني الخاص.

والمقام الأكمل الذي يصل إليه المشرِّع والمُسِن للقوانين هو مقام العصمة، وهي كما لا يخفى على درجات؛ فبعضهم أصحاب شرائع، وبعضهم أولوا عزم،

____________________

(١) البقرة: ٢٨٢.

٩٣

وبعضهم شرائعهم دائمة وأبدية، وهكذا تختلف درجاتهم العصموية باختلاف درجات قربهم من الصقع الربوبي، وتتنزَّل درجات العصمة حتّى تصل إلى العصمة في الإنسان العادي وتتمثَّل في حدود البديهيات الموجودة في العقل البشري؛ حيث إن عدم وجودها يؤدي إلى نوع من الاضطراب والخلل؛ حيث لا يوجد حينئذ ما يتَّكئ عليها الفكر البشري.

الوجه الثالث:

ذكرنا فيما سبق أن الإنسان يُركِّز ويستند في علومه إلى نوع محدود من العصمة؛ وذلك من خلال البديهيات الموجودة في العقل البشري والتي ينتهي إليها في كل قضية، وبدونها يحل الاضطراب في الفكر البشري، كما أشرنا فيما سبق إلى أن مدركات العقل العملي والنظري هي الكلِّيات الفوقانية، وأن العقل البشري - وبسبب محدوديَّـته - احتاج إلى التقنين والاعتبار لضبط الجزئيات الخارجية، وأن التفكير البشري يمرُّ في تنزُّل العلوم الكلية إلى الجزئيات بمراحل متعدِّدة، ويستعين بجملة من البراهين يُحرز من خلالها التفكير الصحيح؛ وهما: البرهان النظري؛ ورأس ماله العلوم البديهية. و البرهان العياني الذي يتَّصل بالجزئيات، وأنه يضمن اختيار الفعل الأصلح عن طريق قوَّة الفطنة والتروِّي التي تستلم من العقل العملي والبرهان النظري النتائج الصادقة الحقيقية. وتستخدم قوة الفطنة القوى الإدراكية الجزئية والقوى العمَّالة السفلية؛ حيث الغضب الرافع للموانع والشهوة المولِّدة للشوق، وبهذا الشكل يصدر الفعل الجزئي صحيحاً غير خاطئ.

٩٤

التنبيه الخامس:

العلاقة بين العقل العملي والعقل النظري

نلاحظ بعض الظواهر التي يتَّحد فيها حكم العقلين وإن اختلف طريقهما؛ من أمثلة ذلك: قاعدة اللطف الكلامية المعروفة، ومدركها العقل العملي، وقاعدة العناية الفلسفية، ومدركها العقل النظري، وهما قاعدتان ينتجان نتائج متشابهة بنحو كبير.

وهكذا في بحث العقوبة الأخروية؛ بمقتضى المعاد الجسماني وكون القبح والحسن عقليين، فإن العقل العملي يحكم بالعقوبة الأخروية؛ حيث إن مدح اللَّه ثوابُه وذمَّه عقابُه، أو أن مدح الفعل بالكمال المنتهي إليه وذمِّ الفعل بالنقص، والعقل النظري يحكم بالعقوبة الأخروية بتوسُّط نظرية تجسُّم الأعمال. وهكذا سوف نجد موازاة بين قواعد أخرى يحكم بها العقلان، فهذا الارتباط بينهما ليس ارتباطاً عفوياً وصدفة؛ وإنما له منشأ تكويني.

بيان ذلك : أن ضابطة مدركات العقل العملي هو ما ينبغي فعله وما لا ينبغي فعله، وما ينبغي فعله هو الحب التكويني الفطري والانجذاب نحو الكمال؛ فلذا هو يطلبه طلباً تكوينياً ويبتغيه كغاية، وما لا ينبغي فعله هو خلافه؛ أي ما تنفر منه تكوينا.

والكمال هو الخير والوجود، والنقص هو الشر والعدم، وضابطة مدركات العقل النظري هي الوجود ونفي الوجود، فمباحث الحكمة النظرية مرتبطة بالكمال والوجود، ومباحثه تؤثِّر في العقل العملي الذي ينجذب تكويناً نحو الكمال الذي

٩٥

يحكم به العقل النظري، وقد ذكرنا فيما سبق أن محمولات العقل العملي هي الحسن والقبح بمعنى المدح والذم، والمدح هو الحكاية عمَّا يختزنه الفعل من الكمال، والذم هو الحكاية عمّا يكنزه من النقص.

وهكذا نلاحظ الارتباط الحاصل بين العقلين والاندماج بين مدركاتهما؛ بحيث يفتح باباً جديداً في الاستدلال الحِكمي البرهاني والمعرفة العقلية. ويمكن استخدام الأدلة الكلامية في المباحث الفلسفية؛ حيث تكون كاشفاً كشفاً إنيَّا، وكذلك العكس واستخدام الأدلة الفلسفية في المباحث الكلامية.

٩٦

المبحث الرابع:

حُجِّـيَّة المعارف القلبية

والبحث فيها من جهات:

الجهة الأولى:

في بيان المراد من المعارف القلبية.

إن الحديث عن المعارف القلبية مُتشعِّب وطويل، وسوف نتناول منه ما يهمُّنا في بحثنا و المقدار الذي يكون فيه حجة متميِّزة عن غير الحجة.

يتَّفق الفلاسفة على أن هناك نحوين من الإدراكات التي يتوصل بها الإنسان لمعرفة الحقائق؛

الأول: الإدراكات العقلية.

والثاني: الإدراكات القلبية.

وضابطة التفصيل بينهما يعتمد على كيفية الإدراك؛ فالأول يتمُّ عن طريق الصور الحصولية للأشياء، والثاني يتمُّ عن طريق الإدراكات الحضورية؛ وهو الارتباط بالشي‏ء ارتباطاً ما.

توضيح ذلك: أن الإدراكات العقلية تعتمد على الصور، ويختلف مدى ارتباط هذه الصور بالمادة حسب المراتب:

فالصورة الحسية وإن كانت مجرَّدة عن الخارج، إلاّ أن لها ثلاثة تعلُّقات:

١ - من جهة الأبعاد؛ الطول والعرض والعمق.

٢ - من جهة المشخِّصات والألوان.

٣ - لابدَّ من محاذات وجود خارجي محسوس.

فالصورة الحسية تنطوي على تجرُّد عن نفس المادة، ولها ثلاث تعلُّقات من لوازم المادة.

٩٧

أمَّا الصورة الخيالية، ففيها شي‏ء من اللطافة؛ إذ يضاف إليها تجرُّد عن المحاذات لشي‏ء محسوس، لكن مع تعلُّق من جهة الأبعاد ومن جهة العوارض المشخِّصة.

أمَّا الصورة الوهمية، فيضاف إليها تجرُّد عن الأبعاد الثلاثة وعن العوارض، لكن يبقى لها تعلُّق؛ باعتبار وجوب إضافتها إلى الجزئي الحقيقي كحبِّ زيد وبغض عمرو... وهكذا.

وأمَّا في العقل العملي والنظري، ففيه تجرُّدات تامة، لكن يبقى له تعلُّق بالصور.

والنفس في إدراكها لهذه الصور المختلفة، لها إياب وذهاب وخلط وترتيب وربط بين هذه الصور المختلفة؛ فقد تغرب عن الصور الحسية؛ أي الوهمية أو الخيالية، وتحمل المعنى الوهمي على المعنى الحسي... وهكذا؛ وهذا ما يسمّى في الاصطلاح: أن النفس لها حركة تجرُّد وتعلُّق.

أمّا المعارف القلبية، فهي أشدُّ تجرُّدا؛ حيث لا تتعلَّق بالصور كما في الإدراكات العقلية، بل هو الارتباط بالشي‏ء بنحو ما.

وللنفس أيضاً إياب وذهاب في مراتب المعارف القلبية الأربع وهي:

١ - القلب: وهو الارتباط بحقائق الأشياء من دون توسُّط الصور المادية، نعم، يُدرك في هذه المرحلة الصور العينية البرزخية كما في سماع أنين الموتى من الصالحين، وكذلك تشمل إدراكات عالم المثال، و يقال حينئذ: إنها تدرك صور الجوهر المثالي.

٢ - السر: وهي الإدراكات التي فوق عالم البرزخ والمثال، فهي أكثر سعة من مرتبة القلب، وأكثر إحاطة وجودية.

٣ و٤ - الخفي والأخفى وهما المرتبتان المتعلِّقتان بالأنوار الربوبية وإدراك الأسماء الإلهية.

إذا اتضح ذلك، نقول:

١ - إنه كما أن الإدراكات العقلية موجودة في كل إنسان، لكن قد لا يستطيع

٩٨

البعض استخدامها ويعجز عن الوصول حتّى إلى القوة الوهمية، بل تظل نفسه محبوسة بين الحس والخيال، فهكذا المراتب القلبية؛ فهي مراتب شأنية يستطيع كل إنسان أن ينالها، لكن تحتاج إلى قوة إيمانية وكمالات عالية حتّى يكون للنفس سبح في هذه المراتب، ولا ينالها إلاّ ذو حظٍ عظيم، والإنسان بعمله ومناعة نفسه يرتقي إلى هذه المراتب.

٢ - إن التمييز بين المراتب القلبية الأربعة هو التمييز في الحدود الوجودية.

٣ - إن مدرسة أهل البيت عليهم‌السلام تبنَّت الرؤية القلبية للذات المقدسة، لا الرؤية الحصولية الوهمية، ولا الخيالية، ولا الحسية. وأمَّا الرؤية العقلية بتوسط المعاني المجردة، فقد أثبتتها العديد من الروايات الواردة عنهم، المتضمِّنة للتنبيه على لزوم الوحدة والبساطة في المعاني والصفات وعدم تطرُّق التركيب العقلي التحليلي فيها، وأنه الفارق في التوصيف العقلي للذات الواجبة عن الممكنات؛ وهو متطابق مع ما قام عليه البرهان الحكمي.

وفي بعض الروايات (١) أنه لو أحيل الإدراك بالمعاني ‏العقلية، لكانت المعرفة أمر لا يطاق عند عامة البشر، كما أن الروايات نبَّهت على أن المعبود هو المحكي بالمعاني العقلية وهو المسمَّى، لا نفس المعاني العقلية وهي الاسم. فالذات المقدَّسة لا تُقتنَص بحسٍ ولا بوهمٍ ولا بخيال؛ لعدم الحدود والمقدار فيه، فكيف يمكن اقتناصها بتلك القوى وإثبات الرؤية الحسية لها؟! نعم، الإدراكات العقلية هي الحالة الوسط بين الإدراكات الصورية النازلة وبين الإدراكات القلبية؛ ولذا فهي بوابة على الغيب، لكنَّها تبقى معانٍ حاكية، وليست هي نفس المحكي؛ أي ليست هي نفس الواقع. وهذه الإدراكات العقلية بهذا المقدار، والحاكية عن أقصى غيب

____________________

(١) أصول الكافي، ج١، ص٨٣، ح٦.

٩٩

الغيوب؛ وهو الباري جلَّ وعلا، هو المقدار المكلَّف به الناس؛ أي العبادة عبر إدراكاتهم العقلية.

٤ - فوائد المعارف القلبية:

أ - إن الإنسان لم يخلق للخلود في هذا العالم، بل هو مخلوق لعوالم أخرى، فهو يعيش منذ ولادته عالمَه البرزخي؛ بمعنى إنه يَصنع بأعماله وعقائده عالمَه البرزخي، وعندما يتكامل ويبلغ ويرشد يصنع حياته الأخروية التي هي بعد الحياة البرزخية في عين عيشه حالياً للحياة الدنيوية، والمراتب القلبية تجعله مشرفاً على تلكم العوالم.

وقد يظنُّ البعض أن هذا نوع من الخيال وتسطير الكلمات، فما الحاجة إلى الإشراف على هذه العوالم وهو لم يعشها؛ بمعنى لم يحن ظرفها الزماني، فنقول:

خير مثال على ذلك؛ الطفل الذي يعيش في بطن أمِّه، يكون له أذن وأنف وفم ولسان وشفتين... وكل شي‏ء، فَلِمَ كل هذه الأجهزة؟ هل هي حتّى يستعين بها في حياته داخل رحم أمه؟ بالطبع لا، من الواضح أن هذه الأجهزة لأجل أن يعيش بها في عالم آخر غير عالم الرحم؛ وهو عالم الدنيا. وهكذا الإنسان في مراحله القلبية؛ فالإنسان لا يحتاج إليها في إدارة شؤون عالم الدنيا، إلاّ إنه محتاج لها في عالم الآخرة.

ب - إن المراتب القلبية هي السبيل لمعرفة الغيب، فكلٌّ يستطيع إدراك الغيب وكلٌّ يعيش الغيب ولو مرتبة ضامرة.

جـ - الفائدة الجليلة والعظيمة في الإدراكات القلبية، هي رؤية أشرف مرئي وهو: نور واجب الوجود.

٥ - إن الإنسان إذا أدرك - بلحاظ المراتب القلبية - حقيقة من الحقائق وأرادها أن تنزل إلى الإدراك العقلي النظري، فلابدَّ أن تتنزَّل بمعناها لا بوجودها وحقيقتها؛ فالارتباط بين المراتب القلبية والعقل النظري هي بوحدة المعنى وبوحدة المفهوم،

١٠٠

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440