مطارحات في الفكر المادي والفكر الديني

مطارحات في الفكر المادي والفكر الديني33%

مطارحات في الفكر المادي والفكر الديني مؤلف:
تصنيف: أديان وفرق
الصفحات: 174

مطارحات في الفكر المادي والفكر الديني
  • البداية
  • السابق
  • 174 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 62588 / تحميل: 7640
الحجم الحجم الحجم
مطارحات في الفكر المادي والفكر الديني

مطارحات في الفكر المادي والفكر الديني

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

التوضيح :

الخرور : السقوط على الأرض

الذقن : هو مجمع اللحيين من الوجه

السِّيمَا : العلامة

وبعد بيان هذه المعاني ، يتضح لنا أن « الخرور للأذقان : السقوط على الأرض على أذقانهم للسجدة كما بينه قوله : « سجدا » ، وإنما اعتبرت الأذقان ؛ لأن الذقن أقرب أجزاء الوجه من الأرض عند الخرور عليها للسجدة ، وربما قيل : المراد بالأذقان الوجوه إطلاقاً للجزء على الكل مجازاً »(٣٢)

« والمراد بـ( سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ) أثر التراب في جباههم ؛ لأنهم كانوا إنما يسجدون على التراب لاعلى الأثواب »(٣٣) وخلاصة القول : أن كيفية السجود في القرآن هي وضع الجبهة على الأرض خضوعاً وخشوعاً لله

٣ ـ أهمية السجود :

س / ما أهمية السجود في القرآن ؟

ج / تتضح لنا أهمية السجود في القرآن بعد معرفة العناوين التالية :

١ ـ القرب من الله : قال تعالى :( كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِب ) [ العلق / ١٩ ] أي اسجد يا محمد للتقرب منه ، فإن أقرب ما يكون العبد من الله إذا سجد له

٢ ـ الإعتناء بالساجدين : ويشير إليه قوله تعالى :( وَعَهِدْنَا إِلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ
أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ
) [ البقرة / ١٢٥ ] « العهد حفظ ______________________

(٣٢) ـ الطباطبائي ، السيد محمد حسين : الميزان في تفسير القرآن ، ج ١٣ / ٢٢٢

(٣٣) ـ نفس المصدر ، ج ١٨ / ٣٠٠ ( بتصرف )

٤١

الشيء ومراعاته حالاً بعد حال والإهتمام به »(٣٤) ويأتي بمعنى التثبيت المشدد مع عناية خاصة ، وهي ظهور إحترام المعهود إليه بالوفاء بما عهد إليه ، وظهور نوع الموضوع مما يعتني به كثيراً ، وفي إضافة البيت إلى نفسه المقدسة ثم التفضيل بقبول العبادة الواقعة فيه إيماء إلى كثرة عنايته تعالى بالبيت وبالعبادة الواقعة فيه(٣٥) والتي منها السجود وتتضح لنا العناية أكثر بتكرار الخطاب إلى إبراهيمعليه‌السلام في قوله :( وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَن
لَّا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ
) [ الحج / ٢٦ ]

٣ ـ توبيخ الممتنعين عن السجود : قال تعالى :( قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ
أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَن تَتَكَبَّرَ
فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ
) [ الأعراف / ١٢ ـ ١٣ ] « والمعنى ـ قال الله تعالى : فتنزل عن منزلتك حيث لم تسجد لما أمرتك ، فإن هذه المنزلة منزلة التذلل والانقياد لي ، فما يحق لك أن تتكبر فيها فأخرج إنك من الصاغرين أهل الهوان ، وإنما أخذ بالصغار ليقابل به التكبر »(٣٦)

الفصل الرابع : السجود في السنة :

ويضم الأبحاث التالية :

أولاً ـ تعريف السجود :

س / ما هو السجود في السنة ؟

ج / هو كما نصبت عليه كتب الحديث الإسلامية ، ونذكر منها الآتي :

______________________

(٣٤) ـ الراغب الإصفهاني ، أبي القاسم ، الحسين بن محمد : المفردات في غريب القرآن / ٣٥٠

(٣٥) ـ السبزواري ، السيد عبد الأعلى : مواهب الرحمان في تفسير القرآن ، ج ٢ / ٢٥

(٣٦) ـ الطباطبائي ، السيد محمد حسين : الميزان في تفسير القرآن ، ج ٨ / ٣٠

٤٢

روت الإمامية ، كما عن زرارة ، قال أبو جعفرعليه‌السلام : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :( السجود على سبعة أعظم : الجبهة ، واليدين ، والركبتين ، والإبهامين من الرجلين ، وترغم بأنفك إرغاماً ، أما الفرض ؛ فهذه سبعة ، وأما الإرغام بالأنف ؛ فسنة من النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) (٣٧)

وروت السنة عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :( إذا سجد العبد سجد معه سبعة أطراف ، وجهه ، وكفاه وركبتاه ، وقدماه ) (٣٨)

ثانياً ـ مكان السجود :

س / ما هي الأشياء التي يصح السجود عليها ؟

ج / يمكن تقسيم ذلك إلى ثلاثة أقسام :

الأول ـ السجود على الأرض مباشرة :

إن من المتسالم عليه لدى المسلمين ، السجود على الأرض حسب التفصيل الآتي :

مرويات الإمامية :

إستدلت الإمامية على ذلك بعدة روايات نذكر منها التالي :

١ ـ قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :( أُعطيت خمساً لم يعطها أحد قبلي ؛ جُعِلَتْ لي الأرض مسجداً وطهوراً ) (٣٩)

٢ ـ وفي لفظ آخر عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال :( إن الله جعل لي الأرض مسجداً وطهوراً أينما كنت منها ، أتيمم من تربتها وأصلي عليها ) (٤٠)

______________________

(٣٧) ـ الحر العاملي ، الشيخ محمد حسن : وسائل الشيعة ، ج ٤ / ٩٥٤ ( باب ـ ٤ ـ من أبواب السجود حديث ٤ )

(٣٨) ـ مسلم ، مسلم بن الحجاج : صحيح مسلم ، ج ١ / ( كتاب الصلاة ـ باب أعضاء السجود )

(٣٩) ـ الحر العاملي ، الشيخ محمد حسن : وسائل الشيعة ، ج ١ / ٩٦٩ ـ ٩٧٠ ( باب ـ ٧ ـ من أبواب التيمم حديث (٢) )

(٤٠) ـ المجلسي ، الشيخ محمد باقر : بحار الأنوار ، ج ٨٠ / ٢٧٧

٤٣

يقول الشيخ المجلسي ( قده ) :« قد عرفت أنه يستفاد من تلك الأخبار المتواترة معنى جواز الصلاة في جميع بقاع الأرض إلا ما أخرجه الدليل » (٤١)

ويقول صاحب المدارك ( قده ) :« أجمع الأصحاب على أنه لا يجوز السجود على ما ليس بأرض ولا نبات » (٤٢) هذا خلاصة رأي الإمامية ، ومن أراد التوسع ؛ فعليه مراجعة كتبهم ورسائلهم الفقهية

مرويات السنة :

وإستدلت السنة بالسجود على الأرض بعدة روايات ، أهمها التالي :

١ ـ عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال :( وجعلت لي الأرض مسجداً وطهورا ، فأيما رجلُ من أمتي أدركته الصلاة فليصلِّ ) (٤٣)

٢ ـ وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :( وجعلت لي الأرض طيبة وطهوراً ومسجداً ، فأيما رجلُ أدركته الصلاة صلى حيث كان ) (٤٤)

قال النووي : « وفيه جواز الصلاة في جميع المواضع إلا ما إستثناه الشرع من الصلاة في المقابر وغيرها من المواضع التي فيها النجاسة كالمزبلة والمجزرة ، وكذا ما نُهي عنه لمعنى آخر ، فمن ذلك أعطان الإبل ، ومنه قارعة الطريق والحمام وغيرهما »(٤٥) وهناك أقوالٌ أخرى ، من أرادها ؛ فعليه بمراجعتها

فالنتيجة التي يمكن التوصل إليها هي : أنّ الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأهل بيتهعليهم‌السلام وصحابته والتابعين سجدوا على الأرض بلا خلاف في ذلك

______________________

(٤١) ـ المجلسي ، الشيخ محمد باقر : بحار الأنوار ، ج ٨٠ / ٢٧٨

(٤٢) ـ العاملي ، السيد محمد علي : مدارك الأحكام ، ج ٣ / ٢٤١

(٤٣) ـ البخاري ، محمد بن إسماعيل : صحيح البخاري ، ج ٢ / ٩١ ( باب التيمم )

(٤٤) ـ مسلم ، مسلم بن الحجاج : صحيح مسلم ، ج ٢ / ٦٤

(٤٥) ـ النووي ، محي الدين بن شرف : شرح صحيح مسلم ، ج ٥ / ٢

٤٤

الثاني ـ السجود على غير الأرض لغير عذر :

تقدم أنّ السجود لابد أنْ يكون على الأرض ؛ والمراد من الأرض التراب والحصى ، وأما المعادن والفلزّات العالقة في الأرض ؛ فخارجة ، وسيتضح هذا بعد ذلك هذا هو التشريع الأساسي ، ولكن إستفاد المسلمون من عمل الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه رَخّصَ في السجود على غير الأرض ، تارة لعذر ، وأخرى لغير عذر أما الذي لغير عذر ؛ فسيكون البحث فيه كالتالي :

مرويات الإمامية :

ذهبت الإمامية : إلى أنّ السجود على الأرض أفضل من السجود على النبات والقرطاس وغيرهما مما جاز السجود عليه ، كما هو مُفَصّل في كتبهم الفقهية ، إعتماداً على روايات أهل البيتعليهم‌السلام ، ونذكر منها التالي :

١ ـ عن هشام بن الحكم : أنه قال لأبي عبد اللهعليه‌السلام :( أخبرني عما يجوز السجود عليه وعَمّا لا يجوز ؟ قال عليه‌السلام لا يجوز إلا على الأرض أو ما أنبتت الأرض إلا ما أكل أو لبس فقال له : جُعلْتُ فداك ما العِلّة في ذلك ؟ قال عليه‌السلام : لأنّ السجود خضوع لله عَزّ وجَلّ فلا ينبغي أنْ يكون على ما يُؤْكَل ويُلْبَس ؛ لأنّ أبناء الدنيا عبيد ما يأكلون ويلبسون والساجد في سجوده في عبادة الله عَزّ وجَلّ ، فلا ينبغي أنْ يضع جبهته في سجوده على معبود أبناء الدنيا الذين إغتروا بغرورها ) (٤٦)

٢ ـ عن إسحاق بن الفضيل أنه سأل أبا عبد اللهعليه‌السلام عن السجود على الحُصُر والبَوارِي ؟ فقال :( لا بأس ، وأنْ يسجد على الأرض أَحَبُّ إليَّ ، فإنّ

______________________

(٤٦) ـ الحر العاملي ، الشيخ محمد حسن : الوسائل ، ج ٣ / ٥٩١ ( باب ـ ١ ـ من أبواب ما يسجد عليه ، حديث (١) )

٤٥

رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يحب ذلك أنْ يُمكِّن جبهته من الأرض ، فأنا أحب لك ما كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يحبه ) (٤٧)

٣ ـ عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال :( لا بأس بالصلاة على البُورِيَا ، والخَصَفَة وكل نبات إلا الثمرة ) (٤٨)

وبعد هذه الروايات نقول : إن الإمامية تُصرِّح بلزوم السجود على الأرض من ناحية أساسية ، وتجوِّز السجود على نبات الأرض وما يصنع منه ، كالحصر والبواري ونحوها ، إلا المأكول والملبوس كالقطن والكتان ونحوهما ، كل ذلك إعتماداً على ما ورد عن أهل البيتعليهم‌السلام

مرويات السنة :

قد روت السنة والجماعة أحاديث كثيرة مذكورة في صحاحها ومسانيدها ، مفادها أن الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم رخّص في السجود على نبات الأرض وما يُصنع منه ، كالخمرة والحصير وغيرهما نذكر منها التالي :

١ ـ عن أنس بن مالك قال :( كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يُقِيل عند أم سليم ؛ فتبسط له نَطْعَاً فتأخذ من عَرَقِه فتجعله في طيبها وتبسط له الخُمْرَة (٤٩) ؛ فيصلي عليها ) (٥٠)

٢ ـ عن أنس بن مالك قال :( كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أحسن الناس خُلقاً ، فربما تحضره الصلاة وهو في بيتنا ، فيأمر بالبساط الذي تحته فُيكْنَسْ ثم

______________________

(٤٧) ـ المصدر السابق / ٦٠٩ ( باب (١٧) ، حديث (٤) )

(٤٨) ـ نفس المصدر / ٥٦٣ ( باب (١) ، حديث (٩) )

(٤٩) ـ المستفاد من كلمات اللغويين أن الخمرة مصنوعة من سعف النخيل أصغر من الحصير

(٥٠) ـ البيهقي ، أحمد بن الحسين : السنن الكبرى ، جـ ٢ / ٤٢١ ( باب الصلاة على الخمرة )

٤٦

يُنْضَح ثم يقوم ؛ فنقوم خلفه فيصلي بنا قال : وكان بساطهم من جريد النخل ) (٥١)

٣ ـ عن أنس بن مالك قال :( إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم دخل بيتاً فيه فحل (٥٢) ، فكسح ناحية منه ورش فصلى عليه ) (٥٣)

٤ ـ عن جابر قال :( حدثني أبو سعيد قال : دخلت على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهو يُصَلِّي على حصير ) (٥٤) قال الشوكاني : « وقد ذهب إلى إستحباب الصلاة على الحصير أكثر أهل العلم كما قال الترمذي ، قال : إلا أنّ قوماً من أهل العلم إختاروا الصلاة على الأرض إستحباباً »(٥٥)

وقال أيضاً : وعن جابر بن زيد :( أنه كان يكره الصلاة على كل شئ من الحيوان ، ويستحب الصلاة على كل شئ من نبات الأرض ) (٥٦) وقال :« وقد روي عن زيد بن ثابت ، وأبي ذر ، وجابر بن عبدالله ، وعبدالله بن عمر ، وسعيد بن المسيب ، ومكحول ، وغيرهم من التابعين : إستحباب الصلاة على الحصير ، وصرح ابن المسيب بأنها سنة » (٥٧)

______________________

(٥١) ـ المصدر السابق / ٤٣٦ ( باب من بسط شيئاً فصلى عليه )

(٥٢) ـ حصير مصنوع من سعف فحال النخل ؛ أي ذكر النخل الذي تلقح منه ، فسمى الحصير فحلاً مجازاً راجع النهاية في غريب الحديث ج ٣ / ٤١٦

(٥٣) ـ البيهقي ، أحمد بن الحسين : السنن الكبرى ، ج ٢ / ٤٣٦ ( باب من بسط شيئاً فصلى عليه )

(٥٤) ـ نفس المصدر / ٤٢٠ ( باب الصلاة على الحصير )

(٥٥) ـ الشوكاني ، الشيخ محمد علي : نبل الأوطار ، ج ٢ / ١٤٩ ( باب الصلاة على الفراء وغيرهما من المفارش )

(٥٦) ـ نفس المصدر

(٥٧) ـ نفس المصدر

٤٧

الثالث ـ السجود على غير الأرض لعذر :

مرويات الإمامية :

منعت الإمامية من السجود على غير الأرض وما يلحقها من النبات غير المأكول والملبوس وأجازته في حال الضرورة والعذر ، إعتماداً على مرويات أهل البيتعليهم‌السلام ، نذكر منها التالي :

١ ـ عن أبي بصير ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال :( قلت له : أكون في السفر فتحضر الصلاة وأخاف الرّمْضَاء على وجهي ، كيف أصنع ؟ قال : تسجد على بعض ثوبك ، فقلت : ليس عليَّ ثوب يمكنني أنْ أسجد على طرفه ولا ذيله ، قال : أسجد على ظهر كفك فإنها إحدى المساجد ) (٥٨)

٢ ـ عن القاسم بن الفضيل قال :( قلت للرضا عليه‌السلام : جُعِلْتُ فداك الرجل يسجد على كُمّه من أذى الحر والبرد ؟ قال : لا بأس به ) (٥٩)

٣ ـ عن علي بن جعفر ، عن أخيهعليه‌السلام قال :( سألته عن الرجل يؤذيه حر الأرض وهو في الصلاة ولا يقدر على السجود ، هل يصلح له أن يضع ثوبه إذا كان قطناً أو كَتّاناً ؟ قال : إذا كان مضطراً فليفعل ) (٦٠)

مرويات السنة :

إختلف علماء السنة في السجود على غير الأرض ، خصوصاً في السجود على الطَنَافِسْ والفِرَاء وغيرها من المَفارِش على ثلاثة أقوال :

______________________

(٥٨) ـ الحر العاملي ، الشيخ محمد حسن : وسائل الشيعة ، ج ٣ / ٥٩٧ ( باب ـ ٤ ـ من أبواب ما يسجد عليه ، حديث (٥) )

(٥٩) ـ نفس المصدر ، حديث (٤)

(٦٠) ـ نفس المصدر ، حديث (٨)

٤٨
الأول ـ القول بعدم جواز السجود عليها إلا لعذر وهو الأكثر

إعتماداً على روايات كثيرة نقتصر منها على الآتي :

عن أنس بن مالك قال :( كنا نصلي مع النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في شدة الحر ، فإذا لم يستطع أحدنا أن يُمكِّن جبهته من الأرض ؛ بَسَط ثوبه فسجد عليه ) (٦١)

قال الشوكاني : « والحديث يدل على جواز السجود على الثياب لاتقاء حر الأرض ، وفيه إشارة إلى أن مباشرة الأرض عند السجود هي الأصل ؛ لتعليق( بَسَط ثوبه ) لعدم الإستطاعة وقد إستدل بالحديث على جواز السجود على الثوب المتصل بالمصلي قال النووي : وبه قال أبو حنيفة والجمهور »(٦٢) فعليك بمراجعة كتبهم وموسوعاتهم العلمية

الثاني ـ القول بالكراهة :

« وقد كره ذلك جماعة من التابعين فروى ابن أبي شَيْبَة في المصنف : عن سعيد بن المسيب ، ومحمد بن سيرين أنهما قالا : الصلاة على الطنفسة ؛ وهي البساط الذي تحته حَمْل مُحْدَثَة وجابر بن زيد ، كان يكره الصلاة على كل شئ من الحيوان ، ويستحب الصلاة على كل شئ من نبات الأرض وإلى الكراهة ذهب الهادي ، ومالك »(٦٣)

الثالث ـ القول بالجواز :

وممن نسب إليه القول بجواز السجود ـ على الثياب والفرش والطَنَافِس المصنوعة من الجلود والقطن والصوف ونحوها وبدون عذر ـ أبو هريرة ، وأنس ، ______________________

(٦١) ـ الشوكاني ، الشيخ محمد علي : نبل الأوطار ، ج ٢ / ٢٨٩ ( باب المصلي يسجد على ما يحمله ولا يباشر مصلاه بأعضائه )

(٦٢) ـ نفس المصدر

(٦٣) ـ نفس المصدر ، ج ٢ / ١٤٧

٤٩

ومكحول ، وعامة الفقهاء فيما بعد القرن الرابع ، إعتماداً على بعض مروياتهم نذكر منها الآتي :

١ ـ عن أبي هريرة :( كان الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يسجد على كور عمامته ) (٦٤)

٢ ـ عن ابن عباس :( أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم صلى على بساط ) (٦٥)

٣ ـ يونس بن الحرث ، عن أبي عون ( محمد بن عبدالله الثقفي ) ، عن أبيه ، عن المغيرة بن شعبة( أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يصلي على الحصير والفروة المذبوغة ) (٦٦) نكتفي بذكر هذا القسم من مروياتهم ونوضح بطلان وضعف هذا القوب بما يأتي :

أولاً ـ مناقشة صحة نسبة الآراء إلى أصحابها وهي كالتالي :

أ ـ إستفادة رأي أبي هريرة من مروياته غير ثابتة ؛ حيث أنكر البيهقي حديث السجود على كور العمامة ، حيث قال : « قال الشيخ : وأما ما روي في ذلك عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من السجود على كور العمامة ، فلا يثبت شئ من ذلك »(٦٧)

وذكر الزرقاني : « وذهب الشيعة إلى عدم الجواز ووافقهم الشافعي وأحمد في إحدى الروايتين عنه ؛ لأنه لم يثبت عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه سجد على كور عمامته ، وكان ينهى عن ذلك نعم روى عبدالله بن محرر عن أبي هريرة : أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم سجد على كور عمامته وهذا غير صحيح ؛ لأن عبدالله متروك الحديث كما قال ابن حجر ، وأبو حاتم ، والدار قطني ، وقال البخاري : انه

______________________

(٦٤) ـ المتقي الهندي ، علاء الدين ، علي بن حسام الدين : كنز العمال ، ج ٨ / ٨٥

(٦٥) ـ نفس المصدر

(٦٦) ـ نفس المصدر / ١٤٨

(٦٧) ـ البيهقي ، أحمد بن الحسين : السنن الكبرى ، ج ٢ / ١٠٦

٥٠

منكر الحديث ، وهو أحد قضاة الدولة ، ولم يذكر علماء الرجال سماعه عن أبي هريرة وقال الحافظ ابن حجر : لم يذكر عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه سجد على كور عمامته ، ولم يثبت ذلك في حديث صحيح ولا حسن »(٦٨)

ب ـ وأما ما نسب إلى أنس في مروياته ؛ فقد حمل على الإضطرار ، ويدل على ذلك رواية عبدالله عن أنس بن مالك قال :( كنا نصلي مع النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فيضع أحدنا طرف الثوب من شدة الحر في مكان السجود ) (٦٩)

وأما روايته( أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم صلى على البسط ) : فقال الشوكاني : « حديث انس الذي ذكر بلفظ « البسط » ، أخرجه الأئمة الستة بلفظ الحصير وقد روى ابن أبي شيبة في سننه : ما يدل على أن المراد بالبساط الحصير بلفظ( فيصلي أحياناً على بساط لنا ) ، وهو حصير ننضحه بالماء قال العراقي : فتبين أن مراد أنس بالبساط : الحصير ، ولاشك انه صادق على الحصير لكونه يبسط على الأرض أي يفرش »(٧٠) وقد تقدم ما يدل على ذلك أيضاً فراجع(٧١)

ج ـ وأما ما نسب إلى مكحول ؛ فمحمول على الاضطرار كما هو صريح ما رواه ابن راشد قال :( رأيت مكحولاً يسجد على عمامته ، فقلت : لم تسجد عليها ؟ فقال : أتقي البرد على إنساني ) (٧٢)

______________________

(٦٨) ـ الزرقاني ، محمد بن عبد الباقي : شرح المواهب اللدنية ، بالمنح المحمدية ، ج ٧ / ٣٢١

(٦٩) ـ الصنعاني عبد الرزاق بن همام بن نافع : المصنف ، ج ٢ / ٤٠٠

(٧٠) ـ الشوكاني ، الشيخ محمد علي : نبل الأوطار ، ج ٢ / ١٤٩

(٧١) ـ ص / ٤١

(٧٢) ـ ابن أبي شيبة ، الحافظ عبدالله بن محمد : الكتاب المصنف في الأحاديث والأثار ، ج ١ / ٢٦٧ ، فيه اختلاف يسير : ( إني أخاف على بصري من برد الحصى ) المؤلف

٥١

د ـ وأما ما نسب إلى عامة الفقهاء ؛ فيحتاج إلى تأمل ، حيث أن الإعتماد على مثل هذه المرويات التي قسم منها يدل على الاضطرار ، والبعض منها ضعيف ، بالإضافة إلى مخالفة رأي الكثير من فقهاء الإسلام ، كل ذلك على فرض صحة النسبة ؛ فهو من الآراء الشاذة التي لا يعتمد عليها

ثانياً ـ يمكن تلخيص آراء الصحابة والتابعين والفقهاء كالتالي :

١ ـ ذهب أبو بكر ، ومسروق بن الأجدع ، وعبادة بن الصامت ، وإبراهيم النخعي ، إلى القول بوجوب السجود على الأرض فقط

٢ ـ وذهب عبدالله بن عمر ، ومالك ، وأبو حنيفة ، وابن حجر ، والشوكاني ، وأحمد ، والاوزاعي ، وإسحاق بن راهويه ، وأصحاب الرأي ، إلى القول بوجوب السجود على الأرض وما أنبتته اختياراً ، وجواز السجود على الثياب للحر والبرد

الفصل الخامس ـ أنواع السجود :

ذكر الفقهاء في رسائلهم العملية : أربعة أنواع للسجود كالتالي :

أولاً ـ السجود في الصلاة :

والواجب منها في كل ركعة سجدتان ، وهما معاً ركن تبطل الصلاة بتركه ، أو زيادته عمداً أو سهواً ، حسب التفصيل المذكور في الرسائل العملية

ثانياً ـ سجود السهو :

وهو سجدتان يؤتى بهما بعد الصلاة مباشرة لأسباب مذكورة في بحث الصلاة اليومية

٥٢

ثالثاً ـ سجود التلاوة :

وهو : سجدة يؤتى بها بعد قراءة أو سماع إحدى آيات السجدة حسب التفصيل الآتي :

١ ـ الواجب : وهو ما يكون في آيات سور العزائم ، كما في الجدول التالي :

السورة

الآية

العلق

١٩

النجم

٦٢

السجدة

١٥

فصلت

٣٧

٢ ـ المستحب : وهو ما يكون في إحدى عشر آية كالتالي :

السورة

الآية

السورة

الآية

الأعراف

٢٠٦

الحج

١٨ ، ٧٧

الرعد

١٥

الفرقان

٦٠

النحل

٤٩

النمل

٢٥

الإسراء

١٠٧

ص

٢٤

النشقاق

٢١

مريم

٥٨

رابعاً ـ سجود الشكر :

وهو سجدة والأفضل سجدتان ، يستحب الإتيان بهما شكراً لله تعالى عند تجدد كل نعمة ، ودفع كل نقمة ، وعند تذكر ذلك والتوفيق لأداء كل فريضة أو نافلة ، بل فعل كل خير

٥٣

الفصل السادس ـ أسرار السجود

س / ما هي أسرار السجود على الأرض ؟

ج / أسرار السجود على الأرض كثيرة ، ويمكن تلخيصها في التالي :

السجود هو أعظم مراتب الخضوع ، وأحسن درجات الخشوع ، وأعلى مراتب الإستكانة ، وأحق المراتب بإستيجاب القرب إلى الله تعالى ، كما نبه عليه الكتاب الكريم في أمر نبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :( وَاسْجُدْ وَاقْتَرِب ) [ العلق / ١٩ ] ووعده على ذلك بأنه يقرب ثم اهوِ إلى السجود ومكّن أعزّ أعضائك وهو الوجه من أذل الأشياء وهو التراب ، فإن أمكنك أن لا تجعل بينها حائلاً فتسجد على الأرض فافعل فإنه أجلب للخشوع وأدلّ على الذلّ والخضوع ، وهذا السر في منع الشريعة من السجود على ما يأكله الآدميون ويلبسونه ؛ لأنه متاع الدنيا وأهلها الذين اغتروا بغرورها ، وركنوا إلى زخرفها ، واطمئنوا إليها ، فأسلمتهم إلى المهالك أحوج ما كانوا إليها ، وإذا وضعت نفسك موضع الذل ؛ فاعلم انك وضعتها ورددت الفرع إلى أصله ؛ فإنك من التراب خلقت وإليه رددت ، ثم تخرج منها مرة أخرى ؛ فاحضر في بالك نقلاتك منها وإليها ثم خروجك منها بتكرار السجود ، كما ذكر تعالى :( مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً
أُخْرَىٰ
) (٧٣) [ طه / ٥٥ ] وروى الصدوق عن أمير المؤمنينعليه‌السلام :( أنه سأل ما معنى السجدة الأولى ؟ قال : تأويلها « اللهم انك منها خلقتنا » يعني من الأرض وتأويل رَفْع رأسك منها « ومنها أخرجتنا » والسجدة الثانية « واليها تعيدنا » ، ورفع رأسك منها « ومنها تخرجنا تارة أخرى » ) (٧٤)

______________________

(٧٣) ـ الشهيد الثاني ، الشيخ زين الدين العاملي : أسرار الصلاة / ١٠٨ ـ ١١٠ ( مقتبس )

(٧٤) ـ شبر ، السيد عبد الله بن السيد محمد رضا : الأخلاق / ٥١

٥٤

٥٥

٥٦

٥٧
٥٨

الدليل الأول ـ الإحتياط طريق النجاة :

س / ما هو الإحتياط الذي تزعمه الشيعة الإمامية ؟

ج / هو الإحتراز والتحفظ من وقوع النفس في المأثم وبيان ذلك :

إنّ الغاية من إتخاذ تربة الحسينعليه‌السلام مسجداً في كل صلاة ، تعتمد على أصلين كالتالي :

الأول ـ إتخاذ تربة طاهرة للسجود :

إنّ المتفق عليه بين المسلمين تفضيل السجود على الأرض دون غيرها ، كما إشترطوا في مكان السجود الطهارة ، ونهوا عن الصلاة في مواطن منها : المزبلة ، والمجزرة ، والمقبرة ، وقارعة الطريق ، والحمام ، ومعاطن الإبل كما ورد الأمر بتطهير المسجاد ، كل ذلك إهتماماً بأمر الصلاة

ولذا ينبغي للمسلم أنْ يحتاط ويهتم بشأن الصلاة ، ويتخذ له تربة طاهرة يطمئن بها للسجود عليها في صلاته ، حذراً من السجود على النجاسة والقذارة التي لا يُتقرب بها إلى الله ، والمسلم لا يحصل له كل ذلك في حِلِّهِ وترحاله ؛ إذ الثقة بطهارة كل أرض لا تحصل له ، حيث يحل فيها المسلم وغيره من فئات الناس الذين لا يكترثون لأمر الطهارة والنجاسة في الدين ، فالشيعة يصطحبون معهم ألواح الطين والتراب ، ويتخذونها مساجد للسجود عليها ، إهتماماً بشأن الصلاة ومحافظة على آدابها ، وبهذا الإحتياط عمل رجال الورع من فقهاء السلف في القرون الأولى ؛ فمن الذين ساروا على هذا النهج ، التابعي الفقيه

٥٩

مسروق بن الأجدع(٧٥) ، كما أخرجه الحافظ أبو بكر ابن أبي شيبة بالطريقين التاليين :

١ ـ عن ابن سيرين قال : « نُبئْتُ أنّ مسروقاً كان إذا سافر حمل معه في السفينة لبنةً يسجد عليها »

٢ ـ يزيد بن هارون قال : « أخبرنا ابن عون ، عن محمد : أنّ مسروقاً كان إذا سافر حمل معه في السفينة لُبْنَةً يسجد عليها »(٧٦)

الثاني ـ قاعدة الإعتبار والتفاضل :

قاعدة الإعتبار المُطّرَدْ تقتضي التفاضل بين الأشياء ، وتستدعي إختلاف الآثار والشؤون والنظرات فيها ، وهذا أمر طبيعي عقلي متسالم عليه مُطّرَد بين الأمم طُراً ، بل نَصّ القرآن الكريم على ذلك في كثير من الآيات ، منها قوله تعالى :( تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ مِّنْهُم مَّن كَلَّمَ اللَّـهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ ) [ البقرة / ٢٥٣ ] وقوله تعالى :( الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّـهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ
أَمْوَالِهِمْ
) [ النساء / ٣٤ ]

إذن ، هذا الإعتبار وقانون الإضافة لا يختص بالشرع فحسب ، ولا يختص بمفاضلة الأراضي ، وإنما هو أصل مطرد في باب المفاضلة في مواضيعها العامة ، من الأنبياء والرسل وما شابه ذلك ، بل في كل ما يتصور فيه فضل على غيره بل هذا الأصل هو محور دائرة الوجود وبه قوام كل شئ ، واليه

______________________

(٧٥) ـ هو عبدالرحمن بن مالك الهمداني ( أبو عائشة ) ، المتوفى عام ٦٢ هـ ، تابعي من رجال الصحاح الست ، روى عن أبي بكر وعمر وعثمان وعلي ، وكان فقيهاً ، ومن أصحاب ابن مسعود الذين كانوا يعلمون الناس السنة راجع طبقات ابن سعد ١ / ٥٠ ، وتهذيب التهذيب ١٠ / ٢٧٠

(٧٦) ـ ابن أبي شيبة ، الحافظ عبدالله بن محمد : المصنف ج ٢ / ٢٧٠

٦٠

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

الفكر البشري لدى جميع الناس في جميع الأزمان والأمكنة بدرجة متساوية أو متقاربة، فلماذا تفاوتت افكار الناس على مدى التاريخ؟.

المحاولة الثالثة:

اعتبار التكامل العلمي في شتى الميادين دليلاً على الحركة الديالكتيكية في الفكر.

والحق أن التكامل العلمي وتقدم العلوم أمر لا يمكن إنكاره، ولكنه لا يصح دليلاً على الدعوى الماركسية. فتقدم العلوم وتكاملها جاء نتيجة لزيادة في كمية الحقائق المكتشفة ينتج عنها تقلص في كمية الأخطاء المتراكمة، نتيجة لعمل العلماء الدائب جيلاً بعد جيل، وليس نتيجة لنمو في داخل كل حقيقة علمية. إن الحقيقة تبدأ بافتراض. وإذا بقي هذا الافتراض ملايين السنين فانه لا يتحول إلى حقيقة، وإنما يبقى افتراضاً. الذي يحدث أن العلماء يجرون تجاربهم على أساس هذا الافتراض الذي يطرح جانباً حين لا تؤيده التجارب، فاذا ما ايدنه ينتقل إلى درجة من الترجيح تحتاج إلى مزيد من التجارب إلى أن يأخذ صفة الحقيقة العلمية. إن الذي جعل الافتراض حقيقة ليس نمو الافتراض وانما ما أضافته التجارب من خبرات مكتشفة. وإذا غدا الافتراض حقيقة في ميدان العلوم فقد يواجه أثناء تطبيقه ما يجعله أكثر وثوقاً، أو يدخل عليه تعديلات معينة، أو يلغيه من دائرة العلوم نهائياً، إن كل هذا يعني أن زيادة في كمية الحقائق وتقلصاً في كمية الاخطاء هو ما حصل، وتاريخ العلوم هو تاريخ المحاولات التي تزيد في كمية الحقائق وتقلص من كمية الأخطاء.

١٦١

٢ - تناقضات التطور

بعد أن آمنت الماركسية - كالواقعية الإلهية - بمبدأ الحركة في الطبيعة وتطور الطبيعة من خلال حركتها العامة - بعد أن آمنت بهذا واجهت السؤال الكبير: من أين جاءت الحركة في الطبيعة؟

أجابت على ذلك الواقعية الإلهية بأن هذه الحركة معلولة لسبب فوق المادة والطبيعة وهو اللّه تعالى.

أما المادية الديالكتيكية فقد رفضت الايمان بحقيقة المبدأ الأول ومن هنا كان عليها أن تجد جواباً على هذا السؤال الكبير. وقد توهمت أنها وجدته في تبني مبدأ التناقض، برفضها لمبدأ عدم التناقض والهوية. فالمادة تحتوي في داخلها على الاضداد والنقائض، وهي لا بد تتصارع لأنها نقائض وأضداد، وهذا الصراع يولد الحركة التي تؤدي إلى التغير والتطور، فالتطور نتيجة لصراع المتناقضات في داخل المادة، فهو ناشئ من سبب مادي ذاتي وليس من مبدأ خارجي فوق المادة والطبيعة كما هو مذهب الواقعية الإلهية.

١٦٢

وقد أدى إنكار مبدأ عدم التناقض وتبني مبدأ التناقض إلى إنكار مبدأ آخر وهو مبدأ الهوية أي أن الشيء عبارة عن عين ذاته وليس عبارة عن شيء آخر، فذهبت الماركسية - نتيجة لتبني مبدأ التناقض - إلى أنه يجب أن يكون الشيء غير نفسه، لأنه ما دام الشيء محتوياً لنقيضه ونفيه وما دام هذا النقيض نافياً لاثباته ومنتفياً في ذات الوقت في حركة نفي مستمرة وانتفاءٍ مستمر فلا بد أن تنقلب القضية (أ - هي - أ) إلى (ليست أ - هي - أ) دائماً.

والحق أن التناقض كما بيناه في حديثنا عن حركة التطور مستحيل إطلاقاً بحيث لا نتصور أن عقلاً بشرياً سوياً يؤمن بما تدعي الماركسية الايمان به من كون التناقض - لا ممكناً فقط - وإنما ضروري الوجود. فمن المستحيل قبول فكرة أن شيئاً بعينه موجود بالفعل وانه بعينه معدوم بالفعل في زمان واحد ومكان واحد وشروط متحدة وظروف متحدة في حالي الوجود والعدم.

وإنكار الماركسية لمبدأ عدم التناقض ناشئ من أن ماركس وأشياعه لم يفهموا هذا المبدأ، أو فهموه ولكنهم أنكروه توصلاً إلى غايات سياسية في نضالهم للاستيلاء على السلطة. كما بينا ذلك فيما تقدم ولذا فإن الماركسية لم تقدم برهاناً على مبدأ التناقض، وانما قدمت امثلة من الطبيعة والمجتمع زعمت أنها مظاهر للتناقض في صميم المادة ولدى مراجعة ما قدمه كتاب الماركسية منذ ماركس وانجلز من أمثلة وتحليله يتبين أنه ليس من التناقض المدعى في شيء.

***

١٦٣

وختاماً نلاحظ أن الماركسية نفسها تقدم دليلاً على أن التناقض مستحيل وأنها في موقفها هذا تدعم موقف الواقعية الإلهية في تمسكها بمبدأ عدم التناقض. وهذا الدليل ناشيء من تمسك الماركسية بمبدأ التناقض الذي أدى بها إلى رفض مبدأ عدم التناقض فالماركسية من ايمانها بمبدأ التناقض ورفضها لمبدأ عدم التناقض تنساق لا شعورياً إلى مبدأ عدم التناقض، وإلا فعليها أن تؤمن بأن الكون يحتوي المبدأين معاً. التناقض وعدمه.

«وما دعاء الكافرين إلا في ضلال»

٣ - قفزات التطور

هذا القانون يتكون من النقاط التالية:

١ - إن حركة التطور هي انتقال من التراكم الكمي إلى التغير النوعي.

٢ - إن هذا الانتقال ليس تدريجياً وانما هو دفعي يحدث فجأة وبقفزات.

٣ - إن التغيرات النوعية الفجائية ليستت دائرية، وإنما هي «حركة تقدمية صاعدة، وانتقال من الحالة الكيفية القديمة إلى حالة كيفية جديدة».

ترى الماركسية أن هذا القانون حتمي في الطبيعة والمجتمع.

والماركسية - كما هو شأنها في قانون تناقضات التطور - لا تقدم دليلاً فلسفياً على دعواها، وإنما تقدم جملة من الأمثلة تدعي أنها نماذج لما يحدث في الطبيعة والمجتمع على نطاق مستوعب شامل.

وترى الواقعية الإلهية أن هذا القانون باطل، وأن الماركسية وضعته لخدمة أهدافها السياسية، كما شرحنا ذلك فيما مضى - وأن المبادئ التي يتألف منها هذا القانون غير صحيحة، ويتضح ذلك فيما يأتي:

أولاً - في طريقة البرهان:

تعمد الماركسية هنا - كما هو الشأن في قانون تناقضات التطور - إلى

١٦٤

البرهان على موقفها بسرد جملة من الأمثلة كما ذكرنا. ولو سلمنا بصحة هذه الأمثلة في دلالتها فانها لا تدل على أن مضمونها قانون عام في الطبيعة والمجتمع، وانما غاية ما تدل عليه هو صحة مضمونها فقط - فمثال الماء حين يتحول - بالحرارة - دفعة الى غاز حين تبلغ درجة الحرارة (١٠٠) هذا المثال - لو سلمناه، وهو غير مسلم - إنما يدل على صدق قانون قفزات التطور بالنسبة الى الماء فقط، ولا يمكن الانتقال منه إلى جميع الموجودات الطبيعية. وهكذا الحال بالنسبة الى جميع الأمثلة الأُخرى.

وعلى هذا الضوء، فقانون قفزات التطور مجرد دعوى فلسفية وليس حقيقة فلسفية، لأنه لم يقم عليه برهان صحيح.

ثانياً - في مبادئ القانون:

أ - تحول التغير الكمي الى تغير كيفي

والمثال المتداول هو الماء والحرارة فإن الماء اذا ارتفعت حرارته (كميات الحرارة) إلى ان تتراكم وتبلغ درجة (١٠٠) ينقلب من حالة السيلان إلى حالة الغاز، فتكون التغيرات (الكمية - الحرارة في المثال) قد ادت الى تغيرات نوعية (الحالة الغازية في المثال).

ولكن تصوير المثال غير صحيح فانه مبني على اعتبار الحرارة شيئاً كمياً في الماء وهي في الحقيقة ليست كذلك، بل هي كيفية، فالتغير الكيفي - الحرارة - أدى إلى تغير كيفي هو الحالة البخارية أو الغازية.

ونلاحظ ان هذا المثال بالاسلوب الذي يفرضه الماركسيون يحتوي على

١٦٥

التضليل فإذا افترضنا أن الحرارة - في الأُسلوب العلمي - ظاهرة كمية تقاس بالدرجات. والبخار أو الغاز ظاهرة كمية تقاس بموازين الضغط أو بعلاقات الذرات فهنا إذن كميتان - فزيادة كمية الحرارة أدت إلى تغير كمي في الماء - أما أذا قلنا إن الحالة البخارية أو الغازية حالة كيفية لأن «كيفية» الماء في حسنا تتغير، فان الحرارة أيضاً حالة كيفية لأن حالة إحساسنا بها تختلف عن كيفية إحساسنا بالبرودة.

فهنا إذن كيفيتان، أدى تغير كيفية الحرارة إلى تغير كيفية الماء - والماركسية تجافي الدقة العلمية لأجل أن تجعل من المثال مطابقاً لدعواها فتنظر إلى الحرارة بأُسلوب القياس العلمي، وتنظر إلى الحالة البخارية أو الغازية على أساس حسي.

ب - الانتقال بالقفزة والدفعة:

إن الواقعية الإلهية لا تجادل في وجود التطور الدفعي في الطبيعة ولكنها لا تعتبر ذلك قانوناً كونياً شاملاً لأنه كما تشتمل الطبيعة على مظاهر للتطور الدفعي كذلك على مظاهر للتطور التدريجي.

فكما نلاحظ أن الماء يتطور من الحالة السائلة إلى الحالة البخارية أو الغازية دفعة، نلاحظ أيضاً أن تطور الجرثومة الحية في البيضة إلى فرخ والفرخ إلى دجاجة إنما هو تطور تدريجي وليس تطوراً دفعياً. وكذلك الحال في تطور البذرة إلى شجرة فانه تطور تدريجي وليس تطوراً دفعيا.

١٦٦

ج - إن التطور ليس دائرياً، وإنما هو تقدمي صاعد أبداً.

لا تنكر الواقعية الإلهية أن التطور في الطبيعة تكاملي وتقدمي، ولكنها تنكر أنه دائماً كذلك وأنه لا يكون دائرياً في حالة من الحالات بل تلاحظ الواقعية الإلهية أن التطور في كثير من الحالات يكون دائرياً.

ومن أبرز الأمثلة على ذلك مثال الماء الذي يتحول إلى بخار ليعود إلى ماء، فالحركة التطورية هنا دائرية وليست تقدمية.

هذه الملاحظات على طريقة البرهان وعلى مبادئ القانون تكشف عن زيف قانون قفزات التطور.

وتبقى ملاحظات اضافية على مثال الماء.

١ - ان الحركة في الماء ليست ديالكتيكية، لأنها - كما نعلم - ليست ناشئة عن تفاعل ذاتي في داخل الماء، بل هي بواسطة الحرارة الخارجية، وإذا كانت ظاهرة التبخر في الماء نموذجاً لما يحدث في الطبيعة والمجتمع فلا بد لنا من القول بأن كل الحركات التطورية الدفعية والتدريجية تحدث بواسطة عوامل خارجية، وحينئذٍ لايكون التطور حتمياً لأنه ناشئ من حركة ذاتية في داخل المادة إذ نلاحظ انه لا توجد حركة ذاتية في داخل المادة، وإنما هي حركة تنشأ من عامل حارجي فتتوقف الحركة التطورية على وجود العوامل الخارجية المواتية في الطبيعة والمجتمع على حد سواء.

٢ - ان القفزة التطورية في الماء لا تستوعبه دفعة واحدة، وإنما يتبخر الماء على دفعات لتستوعب الكمية كلها أو لا تستوعبها كلها - حسب

١٦٧

توفر العوامل الخارجية للتبخر - وإذن، فلا وجه للقول بأن هذا القانون في الحياة الاجتماعية يقضي بقلب النظام الاجتماعي دفعة واحدة ولماذا لا يقال إن القانون يقضي بالتطور المرحلي الاصلاحي في المجتمع كما هو الحال في الطبيعة، فيناول التطور قفزات جزئية تتناول المؤسسات التي توفرت لها الظروف الاجتماعية القاضية بحدوث انقلاب فيها؟

٤ - الارتباط العام

قال ستالين:

«إن الديالكتيك - خلافاً للميتافيزية - لا يعتبر الطبيعة تراكماً عرضياً للأشياء، أو حوادث بعضها منفصل عن بعض، أو أحدها منعزل مستقل عن الآخر. بل يعتبر الطبيعة كلا واحداً متماسكاً، ترتبط فيه الأشياء والحوادث فيما بينها ارتباطاً عضوياً، ويتعلق أحدها بالآخر، ويكون بعضها شرطاً لبعض بصورة متقابلة». هذه هي دعوى الماركسية. وهي تريد أن تنسب الى نفسها فضيلة اكتشاف هذا القانون دون سواها من الفلسفات الميتافيزية.

ولكن الحقيقة على خلاف ذلك تماماً، وقد تورط أئمة الماركسية- ماركس وانجلز وسواهما - في هذه الدعوى إما لجهلهم بموقف الميتافيزية - والواقعية الإلهية بوجه خاص - وإما بدافع من النية السيئة.

فان الواقعية الإلهية تؤمن بقانون الارتباط قبل أن يكون للديالكتيك في دنيا الفلسفة وجود، بل ان قانون الارتباط العام في الواقعية الإلهية

١٦٨

ركن أساس لا يمكن تكوين نظرة متكاملة عن الكون والحياة إلا من خلاله.

ولكن الواقعية الإلهية لا تبني موقفها من قانون الارتباط العام على أساس الديالكتيك الذي تؤمن به الماركسية - والذي عرفت زيفه وبطلانه في بحث سابق. وانما تبني موقفها من هذا القانون على أساس مبدأ العلية الذي لايمكن فهم الوجود إلا من خلاله، وقد تقدم بحثه في فصلٍ سابق من هذه المقالات.

فالواقعية الإلهية ترفض مبدأ وجود الكون بالصدفة كما ترفض مبدأ وجود الكون نتيجة لضرورة ذاتية محتواة في داخل عناصره، وإذا بطل هذان الاحتمالان تعين أن يكون العالم موجوداً نتيجة لنظام العلية المتسلسل إلى نهايته وهي العلة العليا والنهائية وهي اللّه سبحانه وتعالى.

فكل جزء من أجزاء الكون في الطبيعة والانسان يدخل في سلسلة من النتائج لغيره كما يدخل في سلسلة من الأسباب لغيره، وإذن، فمن وجهة نظر الواقعية الإلهية، لا يمكن فهم شيء ما لم يربط بعلله وأسبابه وشروطه، وبالاجمال جميع الظروف المؤثرة في وجوده وصيروته.

وعلينا ان نعلق - قبل إنهاء هذا البحث - على كلمة ماركس الآنفة التي يقول فيها عن الأشياء والحوادث: (.. ويتعلق أحدها بالآخر، ويكون بعضها شرطاً لبعض بصورة متقابلة).

إن الواقعية الإلهية ترفض فهم الارتباط العام على هذا الأساس، فان قانون الارتباط على ضوء هذه العبارة - يكون دائرياً، أي أن العنصرين المترابطين أحدهما سبب في وجود الآخر ومسبب عنه في الوقت نفسه،

١٦٩

وهذا مستحيل لأنه يفترض وجود الشيء وعدمه، في آن واحد وهو باطل لانه مستحيل. بل إن نظام العلية يعمل أما بصورة أُفقية أو بصورة عمودية، ومجموع العلل والأسباب في الكون يتجه اتجاها عمودياً ينتهي في الآخر إلى العلة الاولى والعليا وهي اللّه تعالى فما يكون سبباً لوجود شيء أو حالة لا يكون مسبباً عن ذلك الشيء أو تلك الحالة وإلا لكان الدور الباطل المستحيل(١) .

***

____________________

(١) اعتمدنا في معظم الافكار الواردة في هذا الفصل على كتاب فلسفنا للسيد الصدر، ويحسن بمن يريد التوسع في الأبحاث المتعلقة بالركائز الاسس في الماركسية ان يرجع إلى الكتاب المذكور.

١٧٠

رَبنا لا تؤاخِذنا إن نَسيِنا أو أخطأنا،

رَبَّنا ولا تحمِل علينا إصراً كما حَمَلته على

الذيِن من قبلنا، رَبَّنا ولا تُحمِّلنا ما لا

طاقة لنا به. واعفُ عنّا، واغفر لنا،

وارحمنا، أنت مولانا فانصرنا على القوم

الكافرين.

والحمد للّه رب العالمين

١٧١

الفهرس

مطارحات في الفكر المادي والفكر الديني تأليف محمد مهدي شمس الدين ١

تقديم ٣

القِسمُ الأوّل ١ - المادية في الرأسمالية والماركسية ومأساة إنسان عصرنا ٢ - الماركسية والعلم والسياسة المادية في الرأسمالية والماركسية ومأساة إنسان عصرنا ٧

٢ ـ الماركسية والعلم والسياسة ٣٠

١ ـ المدلول السياسي لقانون حركة التطور ٣٢

٢ ـ المدلول السياسي لقانون تناقضات التطور ٣٣

٣ ـ المدلول السياسي لقانون قفزات التطور ٣٥

٤ ـ المدلول السياسي لقانون الارتباط العام ٣٧

خلاصة ٣٩

القِسمُ الثَاني مطارحات في الفكر المادي والفكر الديني (تصفية حساب صغير) ٤٠

مدخل ٤١

أ - أهلية المؤلف ٤٣

ب - وظيفة الدين، ما هي؟ ٤٤

ج - مَنْهَجة البحث ٤٨

مسألة العلة الأولى اللّه ام المادة؟ أ - تمهيد ب - العلة الاولى ج - اللّه أم المادة؟ ٥٠

أ - مسألة العلة الاولى - ١ - ٥٥

- ٢ - ٥٦

- ٣ - ٥٧

- ٤ - ٥٩

١٧٢

ب - اللّه أم المادة - ١ - ٦٠

- ٢ - - ٣ - ٦١

- ٤ - ٦٢

النتيجة - ٥ - ٦٣

- ٦ - ٦٤

الاسلام والعلم - ١ - ٦٧

- ٢ - ٦٨

- ٣ - ٧١

خلق الانسان ٧٧

- ١ - ٧٨

- ٢ - ٧٩

- ٣ - ٨١

الجن والملائكة وابحاث أخرى (الجن والملائكة) ٨٧

النظرة الغائية ٨٨

تدخل القدرة الإلهية في عمل الطبيعة ٨٩

تزوير وتناقض ٩٠

التوفيق التبريري التوفيق التعسفي ٩١

التوفيق على الطريقة اللبنانية ٩٢

تناقض ٩٣

قصة ابليس ٩٥

بين قصة ابراهيم وقصة ابليس ١١٦

المكر الالهي - ١ - ١١٩

- ٢ - ١٢٢

- ٣ - ١٢٥

١٧٣

- ٤ - ١٢٨

- ٥ - ١٣٣

نظرة نقدية الى ركائز الماركسية (الركائز الاساسية للفلسفة الماركسية) تحديد المفاهيم اولاً ١٤٤

١ - حركة التطور ١٤٩

٢ - تناقضات التطور ١٦٢

٣ - قفزات التطور ١٦٤

٤ - الارتباط العام ١٦٨

الفهرس ١٧٢

١٧٤