كتاب الغيبة

كتاب الغيبة0%

كتاب الغيبة مؤلف:
تصنيف: الإمام المهدي عجّل الله فرجه الشريف
الصفحات: 316

كتاب الغيبة

مؤلف: الشيخ الاجل ابن ابي زينب محمد بن ابراهيم النعماني
تصنيف:

الصفحات: 316
المشاهدات: 48916
تحميل: 5403

توضيحات:

كتاب الغيبة
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 316 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 48916 / تحميل: 5403
الحجم الحجم الحجم
كتاب الغيبة

كتاب الغيبة

مؤلف:
العربية

عبدالرحمن بن كثير قال: كنت عند أبى عبداللهعليه‌السلام يوما وعنده مهزم الاسدي، فقال: " جعلني الله فداك متى هذا الامر [الذي تنتظرونه؟] فقد طال [علينا] فقال: [يامهزم] كذب المتمنون، وهلك المستعجلون، ونجا المسلمون، وإلينا يصيرون".

٩ - علي بن أحمد، عن عبيدالله بن موسى العلوي، قال: حدثنا على بن الحسن، عن علي بن حسان، عن عبدالرحمن بن كثير، عن أبي عبداللهعليه‌السلام في قول الله عزوجل " أتى أمر الله فلا تستعجلوه "(١) قال: هو أمرنا، أمر الله عز وجل أن لا تستعجل به حتى يؤيده [الله] بثلاثة [أجناد]: الملائكة، والمؤمنين، والرعب، وخروجهعليه‌السلام كخروج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وذلك قوله تعالى: " كما أخرجك ربك من بيتك بالحق "(٢) .

١٠ - أخبرنا محمد بن همام ; ومحمد بن الحسن بن محمد بن جمهور جميعا، عن الحسن ابن محمد بن جمهور، عن أبيه، عن سماعة بن مهران، عن صالح بن ميثم ; ويحيى بن سابق(٣) جميعا عن أبى جعفر الباقرعليه‌السلام أنه قال: " هلك أصحاب المحاضير، ونجا المقربون، وثبت الحصن على أوتادها، إن بعد الغم فتحا عجيبا ".

١١ - وحدثنا أحمد بن محمد بن سعيد ابن عقدة قال: حدثنا أحمد بن يوسف بن يعقوب الجعفي قال: حدثنا إسماعيل بن مهران، قال: حدثنا الحسن بن علي ابن أبي حمزة، عن الحكم بن أيمن، عن ضريس الكناسي، عن أبى خالد الكابلي، قال: قال علي بن الحسينعليهما‌السلام : " لو ددت أنى تركت فكلمت الناس ثلاثا، ثم قضى الله في ما أحب، ولكن عزمة من الله أن نصبر، ثم تلى هذه الآية " ولتعلمن نبأه بعد حين(٤) " ثم تلا أيضا قوله تعالى " ولتسمعن من الذين اوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا أذى كثيرا وإن تصبروا وتتقوا فإن ذلك من عزم

____________________

(١)النحل: ١.

(٢)الانفال: ٥.

(٣)في بعض النسخ " صالح بن نبط ; وبكر بن المثنى ".

(٤)ص: ٨٨.

(*)

١٨١

الامور "(١) .

١٢ - علي بن أحمد قال: حدثنا عبيد الله بن موسى العلوي، عن علي بن إبراهيم ابن هاشم، عن علي بن إسماعيل، عن حماد بن عيسى، عن إبراهيم بن عمر اليماني، عن أبى الطفيل، عن أبي جعفر محمد بن علي، عن أبيه علي بن الحسينعليهم‌السلام : أن ابن عباس بعث إليه من يسأله عن هذه الآية " يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا(٢) " فغضب علي بن الحسينعليهما‌السلام وقال للسائل: وددت أن الذي أمرك بهذا واجهني به، ثم قال: نزلت في أبي وفينا ولم يكن الرباط الذي امرنا به بعد وسيكون ذلك ذرية من نسلنا المرابط، ثم قال: أما إن في صلبه يعني ابن عباس - وديعة ذرئت لنار جهنم، سيخرجون أقواما من دين الله أفواجا، وستصبغ الارض بدماء فراخ من فراخ آل محمدعليهم‌السلام تنهض تلك الفراخ في غير وقت، وتطلب غير مدرك، ويرابط الذين آمنو ويصبرون ويصابرون حتى يحكم الله، وهو خير الحاكمين ".

١٣ - حدثنا علي بن أحمد، عن عبيد الله بن موسى، عن هارون بن مسلم، عن القاسم بن عروة، عن بريد بن معاوية العجلي، عن أبي جعفر محمد بن علي الباقرعليهما‌السلام في قوله عزوجل: " اصبروا وصابروا ورابطوا " فقال: اصبروا على أداء الفرائض، وصابروا عدوكم، ورابطوا إمامكم [المنتظر] ".

١٤ - حدثنا محمد بن همام قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مالك قال: حدثني أحمد بن علي الجعفي، عن محمد بن المثني الحضرمي، عن أبيه، عن عثمان بن زيد(٣) عن جابر، عن أبي جعفر محمد بن علي الباقرعليهما‌السلام قال: " مثل خروج القائم منا أهل البيت كخروج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ومثل من خرج منا أهل البيت قبل قيام القائم مثل فرخ طار فوقع من وكره(٤) فتلا عبت به الصبيان ".

____________________

(١)آل عمران: ١٨٦.

(٢)آل عمران: ٢٠٠.

(٣)عثمان بن زيد بن عدى الجهنى كان من أصحاب أبى عبداللهعليه‌السلام .

(٤)في منقوله في البحار " ووقع في كوة فتلاعب به الصبيان ".

(*)

١٨٢

١٥ - حدثنا على بن أحمد، عن عبيد الله بن موسى، عن أحمد بن الحسين(١) ، عن علي بن عقبة، عن موسى بن أكيل النميرى، عن العلاء بن سيابة، عن أبي - عبدالله جعفر بن محمدعليهما‌السلام أنه قال: " من مات منكم على هذا الامر منتظرا كان كمن هو في الفسطاط الذي للقائمعليه‌السلام "(٢) .

١٦ - حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد ابن عقدة قال: حدثنا أحمد بن يوسف بن يعقوب الجعفى أبوالحسن، قال: حدثنا إسماعيل بن مهران، قال: حدثنا الحسن ابن علي بن أبي حمزة، عن أبيه ; ووهيب بن حفص، عن أبى بصير، عن أبي عبداللهعليه‌السلام أنه قال ذات يوم: " ألا اخبركم بما لا يقبل الله عزوجل من العباد عملا إلا به؟ فقلت: بلى، فقال: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا عبده [ورسوله] والاقرار بما أمر الله، والولاية لنا، والبراء‌ة من أعدائنا - يعني الائمة خاصة - والتسليم لهم، والورع والاجتهاد والطمأنينة، والانتظار للقائمعليه‌السلام ، ثم قال: إن لنا دولة يجيئ الله بها إذا شاء.

ثم قال: من سره أن يكون من أصحاب القائم فلينتظر وليعمل بالورع ومحاسن الاخلاق، وهو منتظر، فإن مات وقام القائم بعده كان له من الاجر مثل أجر من أدركه، فجدوا وانتظروا(٣) هنيئا لكم أيتها العصابة المرحومة ".

١٧ - على بن أحمد، عن عبيد الله بن موسى العلوي، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن سنان، عن عمار بن مروان، عن منخل بن جميل، عن جابر بن يزيد، عن أبى جعفر الباقرعليه‌السلام أنه قال: " اسكنوا ما سكنت السماوات والارض - أي لا تخرجوا على أحد - فإن أمركم ليس به خفاء، ألا إنها آية من الله عزوجل ليست من الناس(٤)

____________________

(١)الظاهر هو أحمد بن الحسين بن سعيد بن عثمان أبوعبدالله القرشى.وفي بعض النسخ " أحمد بن الحسن " وكأنه احمد بن الحسن بن على بن فضال.

(٢)في بعض النسخ " كان كمن في فسطاط القائمعليه‌السلام ".

(٣)في بعض النسخ " فجدوا تعطوا، هنيئا، هنيئا ".

(٤)في بعض النسخ " آية من الله عزوجل جعلها بين الناس ".

(*)

١٨٣

ألا إنها أضوء من الشمس لاتخفى على بر ولا فاجر، أتعرفون الصبح؟ فإنها كالصبح ليس به خفاء ".انظروا - رحمكم الله - إلى هذا التأديب من الائمةعليهم‌السلام وإلى أمرهم ورسمهم في الصبر والكف والانتظار للفرج، وذكرهم هلاك المحاضير والمستعجلين وكذب المتمنين، ووصفهم نجاة المسلمين، ومدحهم الصابرين الثابتين، وتشبيههم إياهم(١) على الثبات بثبات الحصن على أوتادها، فتأدبوا - رحمكم الله - بتأديبهم، وامتثلوا أمرهم، وسلموا لقولهم، ولا تجاوزوا رسمهم، ولا تكونوا ممن أردته الهواى والعجلة، ومال به الحرص عن الهدى والمحجة البيضاء، وفقنا الله وإياكم لما فيه السلامة من الفتنة، وثبتنا وإياكم على حسن البصيرة، وأسلكنا وإياكم الطريق المستقيمة الموصلة إلى رضوانه المكسبة سكنى جنانه مع خيرته وخلصائه بمنه وإحسانه.

باب - ١٢: ما يلحق الشيعة من التمحيص والتفرق والتشتت عند الغيبة

حتى لا يبقى على حقيقة الامر الا الاقل الذى وصفه الائمةعليهم‌السلام :

١ - حدثنا محمد بن يعقوب قال: حدثنا علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن يعقوب السراج ; وعن علي بن رئاب، عن أبي عبداللهعليه‌السلام أنه قال: لما بويع لامير المؤمنينعليه‌السلام بعد مقتل عثمان صعد المنبر وخطب خطبة ذكرها(٢) يقول فيها: " ألا إن بليتكم قد عادت كهيئتها يوم بعث الله نبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (٣) والذي

____________________

(١)في بعض النسخ " نسبهم اياهم ".

(٢)الضمير في " ذكر " لابى عبداللهعليه‌السلام .

(٣)اى ابتلاء‌كم واختباركم قد عادت، فإن النبىصلى‌الله‌عليه‌وآله قد بعث في زمان ألف الناس بالباطل وجروا عليه، ونشأوا فيه من عبادة الاصنام وعادات الجاهلية، ثم الناس بعد الرسول " ص " رجعوا عن الدين القهقرى إلى سنن الكفر ونسوا سنن النبى " ص " وألفوا البدع والاهواء، فلما أراد أميرالمؤمنينعليه‌السلام ردهم إلى الحق قامت الحروب وعظمت الخطوب، فعاد الزمان كما كان قبل البعثة مثل ما كان في قصة صلاة التراويح وغيرها.

(*)

١٨٤

بعثه بالحق لتبلبلن بلبلة ولتغربلن غربلة حتى يعود أسلفكم أعلاكم وأعلاكم أسفلكم(١) ، وليسبقن سابقون كانوا قصروا(٢) ، وليقصرن سباقون كانوا سبقوا، والله ما كتمت وسمة(٣) ولا كذبت كذبة، ولقد نبئت بهذا المقام وهذا اليوم ".

٢ - حدثنا محمد بن يعقوب الكليني قال: حدثني عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن معمر بن خلاد، قال: سمعت أباالحسنعليه‌السلام يقول: " الم أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون(٤) " ثم قال لي: ما الفتنة؟ فقلت: جعلت فداك الذي عندنا أن الفتنة في الدين(٥) ، فقال: يفتنون كما يفتن الذهب، ثم قال: يخلصون كما يخلص الذهب ".

٣ - حدثنا محمد بن يعقوب قال: حدثنا علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن سليمان بن صالح رفعه إلى أبي جعفر محمد بن علي الباقرعليهما‌السلام قال: قال: " إن حديثكم هذا لتشمئز منه قلوب الرجال [فانبذوه إليهم نبذا] فمن أقربه فزيدوه، ومن أنكر فذروه، إنه لابد من أن تكون فتنة يسقط فيها كل بطانة ووليجة حتى يسقط فيها من يشق الشعرة [بشعرتين](٦) حتى لا يبقى إلا

____________________

(١)بلبلة الصدر وسواسه، والبلابل هى الهموم والاحزان، ولعله أشارعليه‌السلام إلى تشتت الآراء عند قتال أهل القبلة في وقعة الجمل وصفين، والغربلة أيضا كناية عن الاختبار، والمعنى أنكم لتميزن بالفتن التى ترد عليكم حتى يتميز خياركم من شراركم.

(٢)في الكافى " وليسبق سباقون كانوا قصروا ".

(٣)أى ما سترت علامة.وفى بعض النسخ " بالشين " أى كلمة.

(٤)سورة العنكبوت: ٢، وقال البيضاوى أحسبوا تركهم غير مفتونين لقولهم آمنا، بل يمتحنهم الله بمشاق التكاليف كالمهاجرة والمجاهدة، ورفض الشهوات، ووظائف الطاعات، وأنواع المصائب في الانفس والاموال، ليميز المخلص من المنافق، والثابت في الدين من المضطرب فيه.

(٥)أى احداث بدعة أو شبهة تدعو إلى الخروج عن الدين.

(٦)بطانة الرجل: دخلاؤه، وبطانة الانسان: خاصته: وشق الشعرة - بفتح المعجمة - كناية شايعة بين العرب والفرس عن كمال الدقة في الامور.

(*)

١٨٥

نحن وشيعتنا ".

٤ - حدثنا أبوسليمان أحمد بن هوذة الباهلي، قال: حدثنا أبوإسحاق إبراهيم بن إسحاق النهاوندي سنة ثلاث وسبعين ومائتين قال: حدثنا عبدالله بن حماد الانصاري سنة تسع وعشرين ومائتين، عن رجل، عن أبي عبداللهعليه‌السلام : أنه دخل عليه بعض أصحابه فقال له: جعلت فداك إني والله أحبك واحب من يحبك، يا سيدي ما أكثر شيعتكم، فقال له: أذكرهم، فقال: كثير، فقال: تحصيهم؟ فقال: هم أكثر من ذلك.

فقال أبوعبداللهعليه‌السلام : أما لو كملت العدة الموصوفة ثلاثمائة وبضعة عشر كان الذى تريدون، ولكن شيعتنا من لايعدو صوته سمعه، ولا شحناؤه بدنه(١) ، ولا يمدح بنا معلنا(٢) ، ولا يخاصم بنا قاليا(٣) ، ولا يجالس لنا عايبا، ولا يحدث لنا ثالبا(٤) ، ولا يحب لنا مبغضا، ولا يبغض لنا محبا، فقلت: فكيف أصنع بهذه الشيعة المختلفة الذين يقولون إنهم يتشيعون؟ فقال: فيهم التمييز، وفيهم التمحيص، وفيهم التبديل، يأتى عليهم سنون تفنيهم، وسيف يقتلهم، واختلاف يبددهم(٥) .

إنما شيعتنا من لا يهر هرير الكلب ولا يطمع طمع الغراب، ولا يسأل الناس بكفه وإن مات جوعا قلت: جعلت فداك فأين أطلب هؤلاء الموصوفين بهذه الصفة؟ فقال: أطلبهم في أطراف الارض، أولئك الخفيض عيشهم(٦) ، المنتقلة دارهم، الذين إن شهدوا لم يعرفوا، وإن غابوا لم يفتقدوا، وإن مرضوا لم يعادوا،

____________________

(١)الشحناء: الحقد، أى لا يضر شحناؤه غيره ولا يتجاوز نفسه.

(٢)في بعض النسخ " عاليا " يعنى ظاهرا.

(٣)أى مبغضا والقلاء: البغض، وفى بعض النسخ " لا يخاصم بنا واليا ".

(٤)الثالب فاعل من الثلب، وثلبه ثلبا أى عابه أو اغتابه أو سبه، أى لا يتحدث مع الساب لنا.

(٥)في بعض النسخ " يبيدهم " أى يهلكهم.

(٦)أى كانوا سهل المؤونة، من الخفض أى الدعة والسكون.

(*)

١٨٦

وإن خطبوا لم يزوجوا، وإن ماتوا لم يشهدوا، أولئك الذين في أموالهم يتواسون، وفي قبورهم يتزاورون، ولا تختلف أهواؤهم وإن اختلفت بهم البلدان "

٥ - حدثنا محمد بن همام قال: حدثنا حميد بن زياد الكوفى، قال: حدثنا الحسن بن محمد بن سماعة، قال: حدثنا أحمد بن الحسن الميثمى، عن على بن منصور، عن إبراهيم بن مهزم الاسدي، عن أبيه مهزم، عن أبي عبداللهعليه‌السلام بمثله إلا أنه زاد فيه " وإن رأوامؤمنا أكرموه، وإن رأوا منافقا هجروه، وعند الموت لايجزعون، وفي قبورهم يتزاورون - ثم تمام الحديث ".

٦ - أخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد قال: حدثني أحمد بن يوسف الجعفي، أبوالحسن من كتابه، قال: حدثنا إسماعيل بن مهران، عن الحسن بن على بن أبي حمزة، عن أبيه ; ووهيب [بن حفص] عن ابي بصير، عن ابي عبداللهعليه‌السلام أنه قال: " مع القائمعليه‌السلام من العرب شئ يسير، فقيل له: إن من يصف هذا الامر منهم لكثير، قال: لابد للناس من أن يمحصوا(١) ويميزوا، ويغربلوا، وسيخرج من الغربال خلق كثير ".

٧ - وأخبرنا علي بن الحسين قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار، قال: حدثنا محمد بن حسان الرازى، قال: حدثنا محمد بن علي الكوفي، عن الحسن بن محبوب الزراد، عن أبي المغرا، عن عبدالله بن أبي يعفور، عن أبي عبداللهعليه‌السلام أنه سمعه يقول: " ويل لطغاة العرب من شر قد اقترب(٢) ، قلت: جعلت فداك كم مع القائم من العرب؟ قال: شئ يسير، فقلت: والله إن من يصف هذا الامر منهم لكثير(٣)

____________________

(١)محص الذهب: أخلصه مما يشوبه، والتمحيص: الاختبار والابتلاء،(٢) الطغاة - بالضم - جمع الطاغى وهو الذى تجاوز الحد في العصيان، ولعل المراد أئمة الجور، وفى الكافى " من أمر قد اقترب " ولعله أراد ظهور القائمعليه‌السلام ; أو الفتن الحادثة قبل قيامهعليه‌السلام .ويؤيد الثانى ما جاء في المتن من قوله " من شر قد اقترب ".

(٣)أى من يدعى الاعتقاد بامامة الائمةعليهم‌السلام ويظهره.

(*)

١٨٧

فقال: لابد للناس من أن يمحصوا ويميزوا ويغربلوا ويخرج من الغربال خلق كثير "(١) .

وحدثنا بذلك أيضا بلفظه محمد بن يعقوب الكلينى، عن محمد بن يحيى ; والحسن بن محمد، عن جعفر بن محمد، عن القاسم بن إسماعيل الانبارى، عن الحسن ابن علي(٢) عن أبي المغرا، عن ابن أبي يعفور قال: سمعت أبا عبداللهعليه‌السلام - وذكر مثله -.

٨ - وأخبرنا علي بن أحمد، قال: حدثنا عبيد الله بن موسى العلوي العباسى، عن أحمد بن محمد عن الحسن بن علي بن زياد(٣) ، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي - بصير قال: سمعت أبا جعفر محمد بن عليعليهما‌السلام يقول: " الله لتميزن، والله لتمحصن، والله لتغربلن كما يغربل الزؤان من القمح "(٤) .

٩ - أخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد قال: حدثنا القاسم بن محمد بن الحسن بن حازم، قال: حدثنا عبيس بن هشام، عن عبدالله بن جبلة، عن مسكين الرحال عن علي بن أبي المغيرة، عن عميرة بنت نفيل قالت: سمعت الحسين بن عليعليهما‌السلام (٥)

____________________

(١)قال العلامة المجلسى -رحمه‌الله -: هذا الكلام يدل على أن الغربال المشبه به هو الذى يخرج الردى ويبقى الجيد في الغربال.وحاصله أن في الفتن الحادثة قبل قيام القائمعليه‌السلام يرتد أكثر العرب عن الدين - انتهى.

أقول: الظاهر أنه أراد من الغربلة التذرية والتنقية وما يقال له بالفارسية " بوجارى ".

(٢)الظاهر كونه الحسن بن على بن فضال التيملى، فما في بعض نسخ الكافى من " الحسين بن على " تصحيف،(٣) هو الحسن بن على الوشاء المعروف يروى عنه أحمد بن محمد بن عيسى الاشعرى وكلاهما من وجوه الشيعة، وما في بعض النسخ والبحارمن محمد بن أحمد أو الحسين ابن على زياد تصحيف.

(٤)الزؤان: هو ما ينبت غالبا بين الحنطة، وحبه يشبه حبها الا أنه أصغر واذا أكل يجلب النوم.

والقمح: البر وهو حب معروف يطحن ويتخذ منه الخبز.

(٥)في بعض النسخ هنا وما يأتى " الحسن بن علىعليهما‌السلام ".

(*)

١٨٨

يقول: " لا يكون الامر الذي تنتظرونه حتى يبرأ بعضكم من بعض، ويتفل بعضكم في وجوه بعض، ويشهد بعضكم على بعض بالكفر، ويلعن بعضكم بعضا، فقلت له: ما في ذلك الزمان من خير، فقال الحسينعليه‌السلام : الخير كله في ذلك الزمان، يقوم قائمنا، ويدفع ذلك كله ".

١٠ - أخبرنا علي بن أحمد قال: أخبر نا عبيد الله بن موسى العلوي، عن الحسن بن علي، عن عبدالله بن جبله، عن بعض رجاله، عن أبى عبداللهعليه‌السلام أنه قال: " لا يكون ذلك الامر حتى يتفل بعضكم في وجوه بعض، وحتى يلعن بعضكم بعضا، وحتى يسمي بعضكم بعضا كذابين ".

١١ - وأخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد قال: حدثنا علي بن الحسن التيملي، قال: حدثنا محمد وأحمد ابنا الحسن(١) عن أبيهما، عن ثعلبة بن ميمون، عن أبي - كهمس، عن عمران بن ميثم، عن مالك بن ضمرة قال: قال أميرالمؤمنينعليه‌السلام : " يا مالك بن ضمرة كيف أنت إذا اختلفت الشيعة هكذا - وشبك أصابعه وأدخل بعضها في بعض - فقلت: يا أميرالمؤمنين ما عند ذلك من خير، قال: الخير كله عند ذلك، يا مالك عند ذلك يقوم قائمنا فيقدم سبعين رجلا يكذبون على الله وعلى رسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فيقتلهم، ثم يجمعهم الله على أمر واحد ".

١٢ - وأخبرنا علي بن أحمد، قال: أخبرنا عبيد الله بن موسى العلوي، عن علي بن إسماعيل الاشعري، عن حماد بن عيسى، عن إبراهيم بن عمر اليماني، عن رجل، عن أبي جعفرعليه‌السلام أنه قال: لتمحصن يا شيعة آل محمد تمحيص الكحل في العين(٢) ، وإن صاحب العين يدري متى يقع الكحل في عينه ولا يعلم متى يخرج

____________________

(١)محمد وأحمد، هما ابنا الحسن بن على بن فضال يروى عنهما أخوهما على بن الحسن وتقدم ذكرهم في مقدمة مؤلف الكتاب ص ٢٥.

(٢)في غيبة الشيخ " لمتخضن يا معشر شيعة آل محمد كمخيض الكحل في العين، لان صاحب الكحل يعلم متى - الخ ".ومحص الذهب أخلصه مما يشوبه، والتمحيص: الاختبار والابتلاء، ومخض اللبن: أخذ زبده.

(*)

١٨٩

منها، وكذلك يصبح الرجل على شريعة من أمرنا، ويمسي وقد خرج منها، ويمسي على شريعة من أمرنا، ويصبح وقد خرج منها ".

١٣ - وأخبرنا علي بن أحمد قال: أخبرنا عبيدالله بن موسى، عن رجل(١) ، عن العباس بن عامر، عن الربيع بن محمد المسلي - من بني مسلية(٢) - عن مهزم بن أبى بردة الاسدي وغيره، عن أبي عبداللهعليه‌السلام أنه قال: " والله لتكسرن تكسر الزجاج، وإن الزجاج ليعاد فيعود [كما كان]، والله لتكسرن تكسر الفخار، فإن الفخار ليتكسر فلا يعود كما كان، [و] والله لتغربلن [و] والله لتميزن [و] والله لتمحصن حتى لا يبقى منكم إلا الاقل، وصعر كفه "(٣) .

فتبينوا يامعشر الشيعة هذه الاحاديث المروية عن أمير المؤمنين ومن بعده من الائمةعليهم‌السلام ، واحذروا ما حذروكم، وتأملوا ما جاء عنهم تأملا شافيا، وفكروا فيها فكرا تنعمونه، فلم يكن في التحذير شئ أبلغ من قولهم " إن الرجل يصبح على شريعة من أمرنا ويمسي وقد خرج منها، ويمسي على شريعة من أمرنا ويصبح وقد خرج منها " أليس هذا دليلا على الخروج من نظام الامامة وترك ما كان يعتقد منها إلى تبيان الطريق(٤) .

وفي قولهعليه‌السلام : " والله لتكسرن تكسر الزجاج وإن الزجاج ليعاد فيعود [كما كان] والله لتكسرن تكسر الفخار فإن الفخار ليتكسر فلا يعود كما

____________________

(١)لعله أيوب بن نوح بن دراج وهو ثقة.وقد رواه الشيخ عن أيوب بن نوح عن العباس بن عامر.

(٢)المسلى - بضم الميم وسكون السين وفي آخرها لام - قال في اللباب: هذه النسبة إلى مسلية بن عامر بن عمرو بن علة بن خلد بن مالك بن أدد، ومالك هو مذحج وهى قبيلة كبيرة من مذحج، ونزلت مسلية بالكوفة محلة، فنسبت اليهم، وينسب إلى هذه المحلة جماعة ليسوا من القبيلة، فالتصريح بكون الراوى من بنى مسلية لدفع توهم كونه من أهل الكوفة.

(٣)صعر كفه - بتشديد العين المهملة - أى أمالها تهاونا بالناس.

(٤)أى إلى أن يتبين الطريق أو " إلى " بمعنى مع، وفى نسخة " على غير طريق ".

(*)

١٩٠

كان " فضرب ذلك مثلا لمن يكون على مذهب الامامية فيعدل عنه إلى غيره بالفتنة التى تعرض له، ثم تلحقه السعادة بنظرة من الله فتبين له ظلمة ما دخل فيه وصفاء ما خرج منه، فيبادر قبل موته بالتوبة والرجوع إلى الحق فيتوب الله عليه ويعيده إلى حاله في الهدى كالزجاج الذي يعاد بعد تكسره فيعود كما كان، ولمن يكون على هذا الامر فيخرج عنه ويتم على الشقاء بأن يدركه الموت وهو على ما هو عليه غير تائب منه ولا عائد إلى الحق فيكون مثله كمثل الفخار الذي يكسر فلا يعاد إلى حاله، لانه لا توبة له بعد الموت ولا في ساعته، نسأل الله الثبات على ما من به علينا، وأن يزيد في إحسانه إلينا فإنما نحن له ومنه.

١٤ - أخبرنا علي بن أحمد قال: حدثنا عبيد الله بن موسى، قال: حدثنا محمد بن موسى، عن أحمد بن أبى أحمد(١) ، عن إبراهيم بن هلال قال: " قلت لابي - الحسنعليه‌السلام : جعلت فداك مات أبى على هذا الامر، وقد بلغت من السنين ما قد ترى أموت ولا تخبرني بشئ، فقال: يا أبا إسحاق أنت تعجل؟ فقلت: إي والله أعجل ومالى لا أعجل وقد [كبر سني و] بلغت أنا من السن ما قد ترى، فقال: أما والله يا أبا إسحاق ما يكون ذلك حتى تميزوا وتمحصوا، وحتى لا يبقى منكم إلا الاقل، ثم صعر كفه ".

١٥ - وأخبرنا علي بن أحمد قال: حدثنا عبيد الله بن موسى، قال: حدثنا محمد بن الحسين، عن صفوان بن يحيى قال: قال أبوالحسن الرضاعليه‌السلام : " والله لا يكون ما تمدون إليه أعينكم حتى تمحصوا وتميزوا، وحتى لا يبقى منكم إلا الاندر فالاندر ".

١٦ - وأخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد قال: حدثنا أبوعبدالله جعفر بن عبدالله

____________________

(١)في بعض النسخ " موسى بن محمد " ولعل ما في المتن هو الصواب والمراد به محمد بن موسى بن عيسى أبو جعفر الهمدانى، وأما أحمد بن أبى احمد فهو أحمد بن أبى أحمد الوراق الجرجانى كما صرح به المؤلف في باب علائم الظهور تحت رقم ٣٨.وتكلمنا فيه هناك.

(*)

١٩١

المحمدي، من كتابه في سنة ثمان وستين ومائتين، قال: حدثنا محمد بن منصور الصيقل، عن أبيه، قال: " دخلت على أبى جعفر الباقرعليه‌السلام (١) وعنده جماعة فبينا نحن نتحدث وهو على بعض أصحابه مقبل إذ التفت إلينا وقال: في أي شئ أنتم(٢) هيهات هيهات لا يكون الذي تمدون إليه أعناقكم حتى تمحصوا، [هيهات] ولا يكون الذي تمدون إليه أعناقكم حتى تميزوا، ولا يكون الذي تمدون إليه أعناقكم حتى تغربلوا، ولا يكون الذي تمدون إليه أعناقكم إلا بعد إياس، ولا يكون الذي تمدون إليه أعناقكم حتى يشقى من شقي ويسعد من سعد "(٣) .

وحدثنا محمد بن يعقوب، عن محمد بن الحسن ; وعلى بن محمد، عن سهل بن زياد، عن محمد بن سنان، عن محمد بن منصور الصيقل، عن أبيه، قال: " كنت أنا والحارث بن المغيرة وجماعة من أصحابنا جلوسا عند أبي جعفرعليه‌السلام يسمع كلامنا(٤) قال - وذكر مثله إلا أنه يقول في كل مرة: " لا والله ما يكون ما تمدون إليه أعينكم - بيمين - "(٥) .

١٧ - أخبرنا أبو سليمان أحمد بن هوذة بن أبي هراسة الباهلي قال: حدثنا إبراهيم بن إسحاق النهاوندي، قال: حدثنا عبدالله بن حماد الانصاري، عن صباح المزني، عن الحارث بن حصيرة، عن الاصبغ بن نباتة، عن أمير المؤمنينعليه‌السلام أنه قال: " كونوا كالنحل في الطير، ليس شئ من الطير إلا وهو يستضعفها، ولو

____________________

(١)كذا في النسخ، والظاهر كونه تصحيف " أبى عبدالله جعفر بن محمدعليهما‌السلام " كما يظهر من غيبة الشيخ والكافى.

(٢)الظاهر أن كلامهم يدور حول ظهور الحق، وقيام الامام الذى جعله الله للناس اماما، ورفع التقية بكثرة الشيعة.

(٣)في الكافى " يشقى من يشقى ويسعد من يسعد ".ومد الاعناق أوالاعين إلى الشئ كناية عن رجاء حصوله.

والاياس: القنوط.

(٤)كذا، وفى الكافى ج ١ ص ٣٧٠ " جلوسا وأبوعبداللهعليه‌السلام يسمع كلامنا ".

(٥)يعنى ذكر قبل كل جملة " لا والله ".

(*)

١٩٢

علمت الطير ما في أجوافها من البركة لم تفعل بها ذلك(١) ، خالطوا الناس بألسنتكم وأبدانكم، وزايلوهم بقلوبكم وأعمالكم(٢) ، فو الذي نفسي بيده ما ترون ما تحبون حتى يتفل بعضكم في وجوه بعض، وحتى يمسى بعضكم بعضا كذابين، وحتى لا يبقى منكم - أو قال من شيعتى - إلا كالكحل في العين، والملح في الطعام(٣) وسأضرب لكم مثلا، وهو مثل رجل كان له طعام فنقاه وطيبه، ثم أدخله بيتا وتركه فيه ماشاء الله، ثم عاد إليه فإذا هو قد أصابه السوس(٤) ، فأخرجه ونقاه وطيبه، ثم أعاده إلى البيت فتركه ما شاء الله، ثم عاد إليه فإذا هو قد أصابته طائفة من السوس فأخرجه ونقاه وطيبه وأعاده، ولم يزل كذلك حتى بقيت منه رزمة كرزمة الاندر لايضره السوس شيئا، وكذلك أنتم تميزون حتى لا يبقى منكم إلا عصابة لا تضرها الفتنة شيئا "(٥) .

حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد قال: حدثنا علي بن الحسن التيملي، قال: حدثنا محمد وأحمد ابنا الحسن، عن أبيهما، عن ثعلبة بن ميمون، عن أبى كهمس وغيره رفع الحديث إلى أمير المؤمنينعليه‌السلام وذكر مثله، وقد ذكر هذا الحديث في صدر هذا الكتاب(٦) .

١٨ - حدثنا عبدالواحد بن عبدالله بن يونس قال: حدثنا أحمد بن محمد بن رباح الزهري الكوفي، قال: حدثنا محمد بن العباس بن عيسى الحسني(٧) ، عن

____________________

(١)أى لم تفعل بها ما تفعل من عدم التعرض لها.

(٢)هذا معنى قولهم " كن في الناس ولا تكن مع الناس ".

(٣)التشبيه من حيث القلة، فكما أن الملح في الطعام بالنسبة إلى مواده الآخر اقل كذلك أنتم بالنسبة إلى باقى الناس.

(٤)السوس: العت وهو دود يقع في الصوف والخشب والثياب والبر ونحوها فيفسدها.

(٥)الظاهر أن المراد بالفتنة الغيبة وطول مدتها مع تظاهر الزمان على معتقديها.

(٦)تقدم في مقدمة المؤلف ص ٢٦.

(٧)كذا في أكثرالنسخ، وفى بعضها " الحسينى " وفى بعضها " الجنبى ".

(*)

١٩٣

الحسن بن على البطائني، عن أبيه، عن أبى بصير قال: قال أبوجعفر محمد بن علي الباقرعليهما‌السلام : " إنما مثل شيعتنا مثل أندر - يعنى بيدرا فيه طعام(١) - فأصابه آكل فنقي، ثم أصابه آكل فنقي حتى بقي منه ما لا يضره الآكل، وكذلك شيعتنا يميزون ويمحصون حتى تبقى منهم عصابة لا تضرها الفتنة ".

١٩ - حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد ابن عقدة قال: حدثنا جعفر بن عبدالله المحمدى، قال: حدثني شريف بن سابق التفليسي، عن الفضل بن أبى قرة التفليسي عن جعفر بن محمد، عن أبيهعليهما‌السلام أنه قال: " المؤمنون يبتلون، ثم يميزهم الله عنده إن الله لم يؤمن المؤمنين من بلاء الدنيا ومرائرها، ولكن أمنهم فيها من العمى والشقاء في الآخرة، ثم قال: كان علي بن الحسين بن عليعليهم‌السلام يضع قتلاه بعضهم إلى بعض، ثم يقول: قتلانا قتلى النبيين "(٢) .

٢٠ - حدثنا علي بن الحسين قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار، قال: حدثنا محمد بن حسان الرازي، عن محمد بن على الكوفي، عن الحسن بن محبوب، قال: حدثنا عبدالله بن جبلة،عن علي بن أبي حمزة، عن أبى عبداللهعليه‌السلام أنه قال: لو قد قام القائمعليه‌السلام لانكره الناس لانه يرجع إليهم شابا موفقا لا يثبت عليه إلا مؤمن قد أخذ الله ميثاقه في الذر الاول".

وفي هذا الحديث عبرة لمعتبر وذكرى لمتذكر متبصر، وهو قوله: " يخرج إليهم شابا موفقا لا يثبت عليه إلا مؤمن قد أخذ الله ميثاقه في الذر الاول " فهل يدل هذا إلا على أن الناس يبعدون هذه المدة من العمر ويستطيلون المدى في ظهوره وينكرون تأخره ويأيسون منه فيطيرون يمينا وشمالا كما قالواعليهم‌السلام ، تتفرق بهم المذاهب وتتشعب لهم طرق الفتن، ويغترون بلمع السراب من كلام المفتونين، فإذا ظهر لهم بعد السنين التى يوجب مثلها فيمن بلغه الشيخوخة والكبر وحنو الظهر وضعف القوى شابا موفقا أنكره من كان في قلبه مرض، وثبت عليه من سبقت له

____________________

(١)في بعض النسخ " بعنى به بيتا فيه طعام ".

(٢) " قتلى " جمع القتيل بمعنى المقتول، والمراد قتلى يوم الطف.

(*)

١٩٤

من الله الحسنى بما وفقه عليه وقدمه إليه من العلم بحاله، وأوصله إلى هذه الروايات من قول الصادقينعليهم‌السلام فصدقها وعمل بها، وتقدم علمه بما يأتي من أمر الله وتدبيره فارتقبه غير شاك ولا مرتاب ولا متحير، ولا مغتر بزخارف إبليس وأشياعه، والحمد لله الذي جعلنا ممن أحسن إليه وأنعم عليه وأوصله من العلم إلى ما لا يوصل إليه غيره، إيجابا للمنة، واختصاصا بالموهبة، حمدا يكون لنعمه كفاء ولحقه أداء.

باب ١٣: ماروى في صفته وسيرته وفعله وما نزل من القرآن فيهعليه‌السلام

١ - حدثنا على بن أحمد قال: حدثني عبيدالله بن موسى العلوي، عن أبي - محمد موسى بن هارون بن عيسى المعبدي(١) قال: حدثنا عبدالله بن مسلمة بن قعنب قال حدثنا سليمان بن بلال(٢) قال: حدثنا جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، عن أبيه، عن جده عن الحسين بن عليعليهم‌السلام قال: جاء رجل إلى أمير المؤمنينعليه‌السلام ، فقال له: يا أميرالمؤمنين نبئنا بمهديكم هذا؟ فقال: " إذا درج الدارجون، وقل المؤمنين، وذهب المجلبون(٣) ، فهناك هناك.

فقال: يا أميرالمؤمنين ممن الرجل؟ فقال: من بني هاشم من ذروة طود العرب(٤) وبحر مغيضها إذا وردت، ومخفر أهلها إذا اتيت،

____________________

(١)كذا وفى البحار " العبدى " ولم أجده ولعله موسى بن هارون بن بشير القيسى أبومحمد الكوفي البردى المعنون في تهذيب التهذيب.

(٢)سليمان بن بلال التيمى مولاهم أبومحمد المدنى وفى التقريب لابن حجر: يروى عنه عبدالله بن مسلمة بن قعنب أبوعبدالرحمن الحارثى البصرى الثقة، وما في بعض النسخ من سليمان ابن هلال فمن تصحيف النساخ.

(٣)درج الرجل: مشى، والقوم: ماتوا وانقرضوا، وأجلب القوم: تجمعوا من كل وجه للحرب.

وضجوا وصاحوا، وفى بعض النسخ " ذهب المخبتون " وأخبت إلى الله: أطمأن اليه تعالى وتخشع أمامه.

(٤)الذروة - بضم الذال المعجمة وكسرها -: المكان المرتفع وأعلى كل شئ، والطود - بفتح الطاء المهملة -: الجبل العظيم.

والمغيض بالمعجمتين -: مجتمع الماء، شبههعليه‌السلام ببحر في أطرافه مغائض.

(*)

١٩٥

ومعدن صفوتها إذا اكتدرت(١) ، لايجبن إذا المنايا هكعت، ولا يخور إذا المنون اكتنعت(٢) ، ولا ينكل إذا الكماة اصطرعت(٣) ، مشمر مغلولب ظفر ضرغامة حصد مخدش ذكر(٤) ، سيف من سيوف الله رأس، قثم، نشؤ رأسه في باذخ السؤدد

____________________

(١)مخفر أهلها - بالخاء المعجمة والفاء -: أى مأمن أهلها يعنى العرب، من خفره وبه وعليه إذا أجاره وحماه وأمنه، و " اتيت " من أتى عليه الدهر، وفى بعض النسخ " مجفو أهلها " كما في البحار وقال المجلسى -رحمه‌الله -: أى اذا أتاه أهله يجفونه ولا يطيعونه - أنتهى.ولكن لا يناسب السياق لكون الكلام في مقام المدح للصاحب(ع).

والصفوة من كل شئ: خالصه وخياره.

والكدر: نقيض الصافى.وفى بعض النسخ " ومعدن صفوها اذا تكدرت ".

(٢)المنايا جمع المنية وهى الموت، وهكع فلان بالقوم: نزل بهم بعد ما يمسى، وهكع إلى الارض: أكب، وأقام.

وفى بعض النسخ والبحار " هلعت " وقال العلامة المجلسى -رحمه‌الله -: أى صارت حريصة على اهلاك الناس.

وخار يخور - بالمعجمة - أى فتر وضعف، وفى بعض النسخ بالحاء المهملة وهو بمعنى الرجوع والتحير.

والمنون: الموت والدهر، وريب المنون هو حوادث الدهر.

واكتنع أى دنا وقرب، وفى بعض النسخ " اذا المنون اكتنفت " ولعله بمعنى أحاطت.

(٣)نكل من كذا أو عن كذا: جين ونكص، والكماة - بالضم - جمع الكمى وهو الشجاع أو لابس السلاح.

وتصارع أو اصطراع الرجلان: حاولا أيهما يصرع صاحبه.

(٤)مشمر - بشد الميم - أى جاد، ويمكن أن يقرء " شمير " والشمير هو الماضى في الامور، المجرب.

واغلو لب العشب أى تكاثر، والقوم: تكاثروا، وفى القاموس: غلب - كفرح -: غلظ عنقه، والغلباء: الحديقة المتكاثقة كالمغلولبة، ومن الهضاب المشرفة العظيمة، ومن القبائل العزيزة الممتنعة.، وفيه رجل مظفر وظفر - بكسر الفاء - وظفير أى لا يحاول أمرا الا ظفر به.

والضر غامة - بكسر الضاد المعجمة - : الاسد والشجاع.

وقولهعليه‌السلام " حصد " أى حاصد يحصد أصول الظالمين وفروع الغى والشقاق، والمخدش - بكسر الميم وضمها -: الكاهل، ويقال: فلان كاهل القوم أى سندهم، وهو كاهل أهله وكاهلهم أى الذى يعتمدونه، شبهه بالكاهل.

وقيل: من أخدش فهو مخدش أى يخدش الكفار ويجرحهم.والذكر - بكسر الذال المعجمة - من الرجال: القوى الشجاع، والابى.

(*)

١٩٦

وعارز مجده في أكرم المحتد(١) ، فلا يصرفنك عن بيعته صارف عارض ينوص إلى الفتنة كل مناص(٢) ، إن قال فشر قائل، وإن سكت فذو دعاير(٣) .

ثم رجع إلى صفة المهدىعليه‌السلام فقال: أوسعكم كهفا، وأكثر كم علما، وأوصلكم رحما، اللهم فاجعل بعثه خروجا من الغمة، واجمع به شمل الامة.

فإن خارالله لك فاعزم ولا تنثن عنه إن وفقت له(٤) ، ولا تجوزن عنه(٥) إن هديت إليه، هاه - وأومأ بيده إلى صدره - شوقا إلى رؤيته ".

٢ - أخبرنا على بن أحمد قال: حدثنا عبيد الله بن موسى العلوي، عن بعض رجاله، عن إبراهيم بن الحكم بن ظهير(٦) ، عن إسماعيل بن عياش، عن الاعمش عن أبي وائل، قال: نظر أميرالمؤمنين عليعليه‌السلام إلى الحسينعليه‌السلام فقال: إن ابني هذا سيد كما سماه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم سيدا، وسيخرج الله من صلبه رجلا باسم نبيكم، يشبهه في الخلق والخلق، يخرج على حين غفلة من الناس، وإماتة للحق

____________________

(١)الرأس أعلى كل شئ، وسيد القوم.

والقثم - بالضم ثم الفتح -: الجموع للخير والذى كثر عطاؤه، والباذخ: المرتفع العالى، والسؤدد: المجد والسيادة، والشرف، وقد يقرء " نشق رأسه " وفى بعض النسخ " لبق رأسه " ولم أجد لهما معنى مناسبا وقوله " عارز مجده " أى مجده العارز الثابت من عرز الشئ في الشئ اذا أثبته فيه وأدخله، والمحتد - كمجلس -: الاصل.

(٢)ينوص اليه ينهض،، والمناص، الملجأ.و " عارض " صفة للصارف كينوص، وفى بعض النسخ " عاص ".

(٣) " دعاير من الدعارة وهى الخبث والفساد والشر والفسق.

وقيل: لا يبعد أن يكون تصحيف الدغائل جمع ا لدغيلة، وهى الدغل والحقد، أو بالمهملة من الدعل بمعنى الختل.

(٤)و " لا تنثن " أى لا تنعطف.

(٥)في بعض النسخ " ولا تجيزن عنه ".

(٦)هو ابراهيم بن الحكم بن ظهير الفزارى أبواسحاق المعنون في فهرست الشيخ ورجال النجاشى، وما في النسخ من ابراهيم بن الحسين عن ظهير " تصحيف.

(*)

١٩٧

وإظهار للجور، والله لو لم يخرج لضربت عنقه(١) ، يفرح بخروجه أهل السماوات وسكانها، وهو رجل أجلى الجبين، أقنى الانف، ضخم البطن، أزيل الفخذين، بفخذه اليمنى شامة، أفلج الثنايا(٢) ويملا الارض عدلا كما ملئت ظلما وجورا ".

٣ - حدثنا أبوسليمان أحمد بن هوذة قال: حدثنا إبراهيم بن إسحاق النهاوندي قال: حدثنا عبدالله بن حماد الانصاري، قال: حدثنا عبدالله بن بكير، عن حمران بن أعين قال: " قلت لابى جعفر الباقرعليه‌السلام : جعلت فداك إني قد دخلت المدينة وفي حقوي هميان فيه ألف دينار، وقد أعطيت الله عهدا أننى انفقها ببابك دينارا دينارا أو تجيبني فيما أسألك عنه، فاقل: يا حمران سل تجب، ولا تنفقن دنانيرك، فقلت: سألتك بقرابتك من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أنت صاحب هذا الامر والقائم به؟ قال: لا، قلت: فمن هوبأبى أنت وامي، فقال: ذاك المشرب حمرة(٣) الغائر العينين، المشرف الحاجبين، العريض ما بين المنكبين، برأسه حزاز، بوجهه أثر، رحم الله موسى "(٤) .

٤ - حدثنا عبد الواحد بن عبدالله قال: حدثنا أحمد بن محمد بن رباح الزهري قال: حدثنا أحمد بن علي الحميري، قال: حدثني الحسن بن أيوب، عن عبدالكريم بن

____________________

(١)كذا، ولعله تحريف " لو يخرج قبل لضربت عنقه ".

(٢)القنا في الانف: طوله ودقة أرنبته مع حدب في وسطه، وأزيل الفخذين كناية عن كونهما عريضتين، وفلج الثنايا انفراجها.

(٣)الاشراب خلط لو ن بلون، كأن أحد اللونين سقى اللون الاخر، يقال: بياض مشرب حمرة - بالتخفيف - واذا شدد كان للتكثير والمبالغة(النهاية).

(٤)المشرف الحاجبين أى في وسطهما ارتفاع، من الشرفة.

والحزاز - بفتح الحاء المهملة والزاى -: الهبرية في الرأس كأنه نخالة.

وقولهعليه‌السلام " رحم الله موسى " قال العلامة المجلسى(ره): لعله اشارة إلى أنه سيظن بعض الناس أنه القائم وليس كذلك، أو أنه قال: " فلانا " كما يأتى فعبر عنه الواقفية بموسى، وأقول: لا يبعد أن يكون المراد موسى بن عمران ويكون الاوصاف المذكورة بعضها فيه وكانعليه‌السلام اشترك فيها معه(ع).والعلم عند الله.

(*)

١٩٨

عمرو الخثعمي، عن إسحاق بن جرير، عن حجر بن زائدة(١) عن حمران بن أعين، قال: " سألت أبا جعفرعليه‌السلام ، فقلت له: أنت القائم؟ فقال: قد ولدنيرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وإنى المطالب بالدم، ويفعل الله ما يشاء، ثم أعدت عليه، فقال: قد عرفت حيث تذهب، صاحبك المبدح البطن، ثم الحزاز برأسه، ابن الارواع، رحم الله فلانا "(٢) .

٥ - حدثنا عبدالواحد بن عبدالله قال: حدثنا أحمد بن محمد بن رباح الزهري قال: حدثنا أحمد بن علي الحميري، قال: حدثنا الحسن بن أيوب، عن عبدالكريم ابن عمرو الخثعمي، قال: حدثني محمد بن عصام، قال: حدثني وهيب بن حفص، عن أبي بصير، قال: قال أبوجعفرعليه‌السلام - أو أبوعبداللهعليه‌السلام ، الشك من ابن عصام - " يا أبا محمد بالقائم علامتان: شامة في رأسه(٣) وداء الحزاز برأسه، وشامة بين كتفيه، من جانبه الايسر تحت كتفه الايسر ورقة مثل ورقة الآس "(٤) .

[٦ - أخبرنا محمد بن يعقوب قال: حدثنا أبوالقاسم بن العلاء الهمداني [رفعه](٥) عن عبدالعزيز بن مسلم قال: " كنا مع [مولانا] الرضاعليه‌السلام بمرو، فاجتمعنا وأصحابنا في الجامع يوم الجمعة في بدء مقدمنا، فأداروا أمر الامامة، وذكروا كثرة الاختلاف فيها(٦) فدخلت على سيدي [الرضا]عليه‌السلام فأعلمته

____________________

(١)في بعض النسخ " محمد بن زرارة " وكأنه تصحيف وقع من النساخ.

(٢)المبدح البطن أى واسعه وعريضه، والارواع جمع الاروع وهو من يعجبك بحسنه وجهارة منظره أو بشجاعته.

والمراد آباؤهعليهم‌السلام .

(٣)كأن الجملة زائدة أوردها النساخ سهوا.أو الصواب " بالقائم علامات ".

(٤)الحديث تم إلى هنا، وما زاد في المطبوع الحجرى والبحار من زيادة " ابن ستة وابن خيرة الاماء " فهى عنوان لما يأتى بعدها خلط بالحديث كما هو ظاهر النسخ المخطوطة.

(٥)الراوى بين أبى القاسم وعبدالعزيز هو القاسم بن مسلم أخو عبدالعزيز كما في كمال الدين، وهذا الخبر والذى بعده ليسا في بعض النسخ ولكن أشار العلامة المجلسى في المرآة بوجودهما في غيبة النعمانى.

(٦)في الكافى " كثرة اختلاف الناس فيه ".

(*)

١٩٩

خوض الناس في ذلك فتبسمعليه‌السلام ، ثم قال: يا عبدالعزيز جهل القوم وخدعوا عن آرائهم، إن الله تبارك أسمه لم يقبض رسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله (١) حتى أكمل له الدين فأنزل عليه القرآن فيه تفصيل كل شئ(٢) بين فيه الحلال والحرام، والحدود والاحكام وجميع ما يحتاج الناس إليه كملا، فقال عزوجل: " ما فرطنا في الكتاب من شئ"(٣) وأنزل [عليه] في حجة الوداع وهي آخر عمره " اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا "(٤) وأمر الامامة من تمام الدين، لم يمضصلى‌الله‌عليه‌وآله حتى بين لامته معالم دينهم، وأوضح لهم سبيلهم، وتركهم على قول الحق(٥) وأقام لهم علياعليه‌السلام علما وإماما، وما ترك شيئا يحتاج إليه الامة إلا بينه، فمن زعم أن الله لكم يكمل دينه فقد رد كتاب الله، وهو كافر [به].

هل يعرفون قدر الامامة ومحلها من الامة فيجوز فيها [اختيارهم]؟ إن الامامة أجل قدرا، وأعظم شأنا، وأعلى مكانا، وأمنع جانبا، وأبعد غورا من أن يبلغها الناس بعقولهم، أو ينالوها بآرائهم، أو يقيموا إماما باختيارهم، إن الامامة [منزلة] خص الله بها إبراهيم الخليلعليه‌السلام بعد النبوة والخلة مرتبة ثالثة وفضيلة شرفه بهاوأشاد بها ذكره(٦) فقال عزوجل " " إني جاعلك للناس إماما "(٧) فقال الخليل سرورا بها: " ومن ذريتي " قال الله تعالى: " لا ينال عهدي الظالمين " فأبطلت هذه الآية إمامة كل ظالم [إلى يوم القيامة](٨) وصارت في الصفوة، ثم أكرمه الله عزوجل بأن جعلها في ذريته [أهل] الصفوة والطهارة فقال: " ووهبنا له إسحاق ويعقوب نافلة وكلا جعلنا صالحين وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا وأوحينا إليهم

____________________

(١)في الكافى " لم يقبض نبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله ".

(٢)في المصدر " تبيان كل شئ ".

(٣)الانعام: ٣٨.

(٤)المائدة: ٥.

(٥)في المصدر " تركهم على قصد سبيل الحق ".

(٦)الاشادة: رفع الصوت بالشئ.

(٧)البقرة: ١٢٤.

(٨)ما بين القوسين ساقط في النسخ وموجود في المصدر.

(*)

٢٠٠