كتاب الغيبة

كتاب الغيبة0%

كتاب الغيبة مؤلف:
تصنيف: الإمام المهدي عجّل الله فرجه الشريف
الصفحات: 316

كتاب الغيبة

مؤلف: الشيخ الاجل ابن ابي زينب محمد بن ابراهيم النعماني
تصنيف:

الصفحات: 316
المشاهدات: 48923
تحميل: 5403

توضيحات:

كتاب الغيبة
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 316 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 48923 / تحميل: 5403
الحجم الحجم الحجم
كتاب الغيبة

كتاب الغيبة

مؤلف:
العربية

" يا مفضل إن هذا الامر ليس بالقول فقط، لا والله حتى يصونه كما صانه الله و يشرفه كما شرفه الله، ويؤدي حقه كما أمرالله "(١) ].

١٢ - وأخبرنا عبدالواحد بإسناده، عن الحسن، عن حفص بن نسيب فرعان(٢) قال: " دخلت على أبى عبداللهعليه‌السلام أيام قتل المعلى بن خنيس مولاه فقال لي: يا حفص حدثت المعلى بأشياء فأذاعها فابتلى بالحديد، إنى قلت له: إن لنا حديثا من حفظه علينا حفظه الله وحفظ عليه دينه ودنياه، ومن أذاعه علينا سلبه الله دينه ودنياه، يا معلى إنه من كتم الصعب من حديثنا جعله الله نورا بين عينيه ورزقه العز في الناس(٣) ، ومن أذاع الصعب من حديثنا لم يمت حتى يعضه السلاح أو يموت متحيرا(٤) ".

____________________

(١)هذا الحديث ليس في بعض النسخ ولذا جعلناه بين القوسين.

(٢)كذا، وفى رجال الكشى " عن حفص الابيض التمار قال: دخلت على أبى عبداللهعليه‌السلام ايام طلب المعلى بن خنيس - وساق نحو الكلام مع زيادة - " ولا يخفى اتحادهما لاتحاد الخبر، والمعنون في الرجال " حفص بن الابيض التمار - أو النيار - ".وفى بعض النسخ المخطوطة " حفص التمار ".والظاهر كونه حفص بن نسيب بن عمارة الذى عده الشيخ في رجاله من أصحاب الصادقعليه‌السلام .

(٣)في رجال الكشى " نورا بين عينيه، وزوده القوة في الناس ".

(٤)في البحار " يموت كبلا " وكبله كبلا أى قيده وحبسه.

وفى رجال الكشى " أو يموت بخيل " والخبل: الجنون، وفلج الايدى والا رجل.

(*)

٢١

باب - ٢: فيما جاء في تفسير قوله تعالى: واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا

١ - حدثنا محمد بن عبدالله بن المعمر الطبرانى بطبرية سنة ثلاث وثلاثين وثلاثمائة - وكان هذا الرجل من موالي يزيد بن معاوية ومن النصاب(١) - قال: حدثنى أبي، قال: حدثنى علي بن هاشم ; والحسين بن السكن معا(٢) قالا: حدثنا عبد - الرزاق بن همام(٣) قال: أخبرني أبي، عن مينا مولى عبدالرحمن بن عوف، عن جابر بن عبدالله الانصاري قال: " وفد على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أهل اليمن فقال النبىصلى‌الله‌عليه‌وآله : جاء‌كم أهل اليمن يبسون بسيسا(٤) فلما دخلوا على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: قوم رقيقة قلوبهم راسخ إيمانهم، ومنهم المنصور، يخرج في سبعين ألفا ينصر

____________________

(١)في بعض النسخ " يوالى يزيد بن معوية ومن الثقات " وهو تصحيف.

(٢)على بن هاشم بن بريد البريدى الخزاز، وثقه ابن معين، وقال أحمد بن حنبل والنسائى: ليس به بأس، وذكره ابن حبان في الثقات وقال كان غاليا في التشيع، وقال ابوحاتم: يتشيع، كما نقله العسقلانى في تهذيبه، واما الحسين بن السكن القرشى كان بصريا سكن بغداد عنونه الخطيب في تاريخه ج ٨ ص ٥٠ وقال مات سنة ٢٥٨.

(٣)عبدالرزاق بن همام بن نافع الحميرى من المشاهير عنونه ابن حجر في تهذيبه ج ٦ ص ٣١١ وأطال الكلام في ترجمته ونقل عن الصورى عن على بن هاشم عنه - يعنى عن عبدالرزاق - أنه قال: كتبت عن ثلاثة لا ابالى أن لا أكتب عن غيرهم، كتب عن ابن الشاذكونى وهو من احفظ الناس، وكتبت عن ابن معين وهو من أعرف الناس بالرجال، وكتبت عن أحمد بن حنبل وهو من أثبت الناس.

وبالجمله روى عن ابيه همام وهو من رواة مينا بن أبى مينا الزهرى الخزاز الذى ذكره ابن حبان في الثقات، وقال ابن عدى: تبين على أحاديثه أنه يغلو في التشيع.

(٤)بسست الناقة وأبسستها اذا سقتها وزجرتها وقلت لها: بس بس بكسر الباء و فتحها.وفى منقوله في البحار " يبشون بشيشا " من البشاشة أى طلاقة الوجه.

(*)

٢٢

خلفى وخلف وصيي، حمائل سيوفهم المسك(١) فقالوا: يا رسول الله ومن وصيك؟ فقال: هوالذى أمركم الله بالاعتصام به فقال عزوجل: " واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا "(٢) فقالوا: يا رسول الله بين لنا ما هذا الحبل، فقال: هو قول - الله، " إلا بحبل من الله وحبل من الناس "(٣) فالحبل من الله كتابه، والحبل من الناس وصيي: فقالوا: يا رسول الله من وصيك؟ فقال: هو الذى أنزل الله فيه " أن تقول نفس يا حسرتى على ما فرطت في جنب الله"(٤) فقالوا: يا رسول الله وما جنب الله هذا؟ فقال: هو الذى يقول الله فيه: " ويوم يعض الظالم على يديه يقول يا ليتنى اتخذت مع الرسول سبيلا "(٥) هو وصيي، والسبيل إلى من بعدي، فقالوا: يا رسول الله بالذي بعثك بالحق نبيا أرناه فقد اشتقنا إليه، فقال: هو الذى جعله الله آية للمؤمنين المتوسمين، فإن نظرتم إليه نظر من كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد عرفتم أنه وصيي كما عرفتم أني نبيكم، فتخللوا الصفوف وتصفحوا الوجوه فمن أهوت إليه قلوبكم فإنه هو، لان الله عزوجل يقول في كتابه: " فاجعل أفئدة من الناس تهوى إليهم "(٦) [أي] إليه وإلى ذريتهعليهم‌السلام .

ثم قال: فقام أبوعامر الاشعرى في الاشعريين، وأبوغرة الخولانى في الخولانيين، وظبيان، وعثمان بن قيس في بنى قيس، وعرنة الدوسى(٧) في الدوسيين، ولا حق بن علاقة چ، فتخللوا الصفوف وتصفحوا الوجوه وأخذوا بيد الانزع الاصلع

____________________

(١)اى علائق سيوفهم الجلد.والمسك - بفتح الميم وآخره الكاف بمعنى الجلد، وفى بعض النسخ " المسد - بالدال المهملة محركة - حبل من ليف أو خوص.

(٢)آل عمران: ١٠٣.

(٣)آل عمران: ١١٢.

(٤)الزمر: ٥٦ جنب الله أى حقه أو طاعته أو أمره وأول بأمير المؤمنين(ع).

(٥)الفرقان: ٢٧ والعض كناية عن الغيظ، والتحسر.

(٦)ابراهيم: ٤٧.

(٧)في بعض النسخ " غرية " وفى بعضها " عزية ".

(*)

٢٣

البطين وقالوا: إلى هذا أهوت أفئدتنا يا رسول الله، فقال النبىصلى‌الله‌عليه‌وآله : أنتم نجبة الله حين عرفتم(١) وصى رسول الله قبل أن تعرفوه، فبم عرفتم أنه هو؟ فرفعوا أصواتهم يبكون ويقولون: يا رسول الله نظرنا إلى القوم فلم تحن لهم قلوبنا ولما رأيناه رجفت قلوبنا(٢) ثم اطمأنت نفوسنا، وانجاشت أكبادنا، وهملت أعيننا، وانثلجت صدورنا(٣) حتى كأنه لنا أب ونحن له بنون.

فقال النبىصلى‌الله‌عليه‌وآله : " وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم " أنتم منهم(٤) بالمنزلة التى سبقت لكم بها الحسنى، وأنتم عن النار مبعدون.

قال: فبقى هؤلاء القوم المسمون حتى شهدوا مع أمير المؤمنينعليه‌السلام الجمل وصفين فقتلوا بصفينرحمهم‌الله ، وكان النبىصلى‌الله‌عليه‌وآله بشرهم بالجنة وأخبرهم أنهم يستشهدون مع على بن أبي طالبعليه‌السلام ".

٢ - أخبرنا محمد بن همام بن سهيل قال: حدثنا أبوعبدالله جفعر بن محمد الحسني(٥) قال: حدثنا أبوإسحاق إبراهيم بن إسحاق الحميرى(٦) ، قال:

____________________

(١)في بعض النسخ " أنتم بحمد الله عرفتم ".

(٢)حن - بتشديد النون - اليه أى مال واشتاق.ورجف أى اضطرب.وفى بعض النسخ " رجعت ".

(٣)انجاشت أى اضطربت، والاكباد جمع كبد، وهملت أى فاضت دموعا، و انثلجت نفسى به أى ارتاحت به واليه.

وفى بعض النسخ " وتبلجت ".

(٤)في نسخة " منه ".

(٥)الظاهر كونه جعفر بن محمد بن جعفر بن الحسن بن جعفر بن الحسن المثنى الذى هو من وجوه الطالبيين وكان ثقة في الحديث مات في ذى القعدة سنة ثمان وثلاثمائة وله نيف وتسعون سنة(جش).

(٦)كذا في بعض النسخ وفى بعضها " الخيبرى " والظاهر تصحيفهما والصواب " الاحمرى " وهو أبواسحاق ابراهيم بن اسحاق النهاوندى وكان ضعيفا متهما في مذهبه كما في الخلاصة، وقال الشيخ في الفهرست نحوه وقال صنف كتبا جملتها قريبة من السداد وذكرفى جملتها كتاب الغيبة.

ثم اعلم أنه يظهر من تاريخ الخطيب بترجمة احمد بن نصر ابن سعيد النهروانى أن الصواب احدى النسبتين اما النهاوندى أو النهروانى وكانه صحف ما في التاريخ، والصواب النهاوندى كما في كتب الخاصة.

(*)

٢٤

حدثنا محمد بن [ي‍] زيد بن عبدالرحمن التيمى، عن الحسن بن الحسين الانصاري، عن محمد بن الحسين، عن أبيه، عن جده قال: قال علي بن الحسينعليهما‌السلام : " كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ذات يوم جالسا ومعه أصحابه في المسجد فقال: يطلع عليكم من هذا الباب رجل من أهل الجنة يسأل عما يعنيه، فطلع رجل طوال يشبه بر جال مضر، فتقدم فسلم على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وجلس، فقال: يا رسول الله إنى سمعت الله عزوجل يقول فيما أنزل: " واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا " فما هذا الحبل الذي أمرنا الله بالاعتصام به وألا نتفرق عنه، فأطرق رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله مليا، ثم رفع رأسه وأشار بيده إلى علي بن أبي طالبعليه‌السلام وقال: هذا حبل الله الذى من تمسك به عصم به في دنياه ولم يضل به في آخرته، فوثب الرجل إلى علىعليه‌السلام فاحتضنه من وراء ظهره وهو يقول: اعتصمت بحبل الله وحبل رسوله، ثم قام فولى وخرج، فقام رجل من الناس فقال: يا رسول الله ألحقه فأسأله أن يستغفر لي؟ فقال رسول الله: إذا تجده موفقا(١) ، فقال: فلحقه الرجل فسأله أن يستغفر الله له، فقال له: أفهمت ما قال لى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وما قلت له؟ قال: نعم، قال: فإن كنت متمسكا بذلك الحبل يغفر الله لك وإلا فلا يغفر الله لك "(٢) .

ولو لم يدلنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله على حبل الله الذي أمرنا الله عزوجل في كتابه بالاعتصام به وألا نتفرق عنه لاتسع للاعداء المعاندين التأول فيه والعدول بتأويله وصرفه إلى غير من عنى الله به ودل عليه رسولهعليه‌السلام عنادا وحسدا، لكنه قالصلى‌الله‌عليه‌وآله في خطبته المشهورة التي خطبها في مسجد الخيف في حجة الوداع: " إنى فرطكم(٣) وإنكم واردون علي الحوض، حوضا عرضه مابين بصرى إلى

____________________

(١)في بعض نسخ الحديث " اذا تجده مرفقا ".

(٢)في بعض النسخ " والا فلا غفر الله لك ".

(٣)فرطكم - بفتح الفاء والراء - اى متقدمكم اليه، يقال: فرط يفرط فهو فارط وفرط - بفتح الراء - اذا تقدم وسبق القوم ليرتاد لهم الماء ويهيئ لهم الدلاء والارشية.(النهاية).

(*)

٢٥

صنعاء، فيه قدحان عدد نجوم السماء، ألا وإنى مخلف فيكم الثقلين، الثقل الاكبر القرآن، والثقل الاصغر عترتي أهل بيتى، هما حبل الله ممدود بينكم وبين الله عزوجل، ما إن تمسكتم به لن تضلوا، سبب منه بيدالله، وسبب بأيديكم(١) إن اللطيف الخبير قد نبأني أنهما لن يفترقا حتى يردا على الحوض كاصبعي هاتين - وجمع بين سبابتيه - ولا أقول كهاتين - وجمع بين سبابته والوسطى - فتفضل هذه على هذه ".

أخبرنا بذلك عبدالواحد بن عبدالله بن يونس الموصلي قال: أخبرنا محمد بن علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن جده، عن محمد بن أبي عمير، عن حماد بن عيسى، عن حريز، عن أبي عبدالله جعفر بن محمد بن علي، عن أبيه، عن آبائه، عن عليعليهم‌السلام قال: خطب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله - وذكر الخطبة بطولها، وفيها هذا الكلام.

وأخبرنا عبدالواحد بن عبدالله، عن محمد بن علي، عن أبيه، عن جده، عن الحسن ابن محبوب ; والحسن بن علي بن فضال، عن علي بن عقبة، عن أبي عبداللهعليه‌السلام بمثله.

وأخبرنا عبدالواحد، عن محمد بن علي، عن أبيه، عن جده، عن الحسن ابن محبوب، عن علي بن رئاب، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر محمد بن علي - الباقرعليهما‌السلام بمثله.

فإن القرآن مع العترة والعترة مع القرآن وهما حبل الله المتين لا يفترقان كما قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وفى ذلك دليل لمن فتح الله مسامع قلبه ومنحه حسن البصيرة في دينه على أن من التمس علم القرآن والتأويل والتنزيل والمحكم والمتشابه والحلال والحرام والخاص والعام من عند غير من فرض الله طاعتهم وجعلهم ولاة - الامر من بعد نبيه وقرنهم الرسولعليه‌السلام بأمر الله بالقرآن وقرن القرآن بهم

____________________

(١)وزاد في نسخة " وفى رواية اخرى: طرف بيدالله وطرف بأيديكم ".

(*)

٢٦

دون غيرهم، واستودعهم الله علمه وشرايعه وفرائضه وسننه فقدتاه وضل و هلك وأهلك.

والعترةعليهم‌السلام هم الذين ضرب بهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله مثلا لامته، فقالعليه‌السلام : مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح من ركبها نجا، ومن تخلف عنها غرق ".

وقال: " مثل أهل بيتى فيكم كمثل باب حطة في بني إسرائيل الذي من دخله غفرت ذنوبه واستحق الرحمة والزيادة من خالقه " كما قال الله عزوجل: " أدخلوا الباب سجدا وقولوا حطة نغفر لكم خطاياكم وسنزيد المحسنين ".(١) وقال أمير المؤمنينعليه‌السلام وأصدق الصادقين في خطبته المشهورة التى رواها الموافق والمخالف: " ألا إن العلم الذي هبط به آدم من السماء إلى الارض وجميع مافضلت به النبيون إلى خاتم النبيين في عترة خاتم النبيين، فأين يتاه بكم، بل أين تذهبون يامن نسخ من أصلاب أصحاب السفينة هذا مثلها فيكم، فكما نجا في هاتيك من نجا فكذلك ينجو من هذه من ينجو، ويل لمن تخلف عنهم - يعنى عن الائمةعليهم‌السلام - ".

وقال: " إن مثلنا فيكم كمثل الكهف لاصحاب الكهف، وكباب حطة وهو باب السلم، فادخلوا في السلم كافة ".

وقالعليه‌السلام في خطبته هذه: " ولقد علم المستحفظون من أصحاب محمد أنه قال: إنى وأهل بيتي مطهرون فلا تسبقوهم فتضلوا، ولا تخلفوا عنهم فتزلوا(٢) ، ولا تخالفوهم فتجهلوا، ولا تعلموهم فإنهم أعلم منكم، هم أعلم الناس صغارا، وأعلم الناس كبارا، فاتبعوا الحق وأهله حيثما كان، وزايلوا الباطل وأهله حيثما كان ".

فترك الناس من هذه صفتهم، وهذا المدح فيهم، وهذا الندب إليهم وضربوا عنهم صفحا(٣) وطووا دونهم كشحا، واتخذوا أمر الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله هزوا، وجعلوا

____________________

(١)البقرة: ٥٨..

(٢)كذا.ويمكن أن يكون " فتذلوا " بالذال، والاول من الزلة.

(٣)في بعض النسخ " وانصرفوا غنهم صفحا ".

(*)

٢٧

كلامه لغوا، فرفضو فرض الله تعالى على لسان نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم طاعته ومسألته والاقتباس منه بقوله: " فاسئلوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون "(١) .

وقوله: " أطيعوا الله وأطيعوا الرسول واولى الامر منكم "(٢) ، ودل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على النجاة في التمسك به والعمل بقوله والتسليم لامره والتعليم منه والاستضاء‌ة بنوره، فادعوا(٣) ذلك لسواهم، وعدلوا عنهم إلى غيرهم، ورضوا به بدلا منهم، وقد أبعدهم الله عن العلم، وتأول كل لنفسه هواه، وزعموا أنهم استغنوا بعقولهم وقياساتهم وآرائهم عن الائمةعليهم‌السلام الذين نصبهم الله لخلقه هداة، فو كلهم الله عزوجل بمخالفتهم أمره، وعدولهم عن اختياره وطاعته وطاعة من اختاره لنفسه فولاهم إلى اختيارهم وآرائهم وعقولهم، فتاهوا وضلوا ضلالا بعيدا، وهلكوا وأهلكوا، وهم عند أنفسهم كما قال الله عزوجل: " قل هل ننبئكم بالاخسرين أعمالا الذين ضل سعيهم في الحيوة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا "(٤) حتى كأن الناس ما سمعوا قول الله عزوجل في كتابه حكاية لقول الظالمين من هذه الامة في يوم القيامة عند ندمهم على فعلهم بعترة نبيهم وكتاب ربهم حيث يقول: " ويوم يعض الظالم على يديه يقول يا ليتنى اتخذت مع الرسول سبيلا * يا ويلتى ليتنى لم أتخذ فلانا خليلا ".

فمن الرسول إلا محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله وسلم ؟ ومن فلان هذا المكنى عن اسمه المذمومة(٥) وخلته ومصاحبته ومرافقته في الاجتماع معه على الظلم؟ ثم قال: " لقد أضلني عن الذكر بعد إذ جاء‌ني "(٦) أي بعد الدخول في الاسلام والاقرار به، فما هذا الذكر الذي أضله خليله عنه بعد إذ جاء‌ه؟ أليس هو القرآن والعترة اللذين وقع التوازر

____________________

(١)الانبياء: ٧.

(٢)النساء: ٦٠.

(٣)في بعض النسخ " وادعوا ".

(٤)الكهف: ١٠٣.

(٥)كذا.

(٦)الفرقان ٣١ و ٣٢ و ٣٣.

(*)

٢٨

والتظافر على الظلم بهم والنبذ لهما، فقد سمى الله تعالى رسوله ذكرا فقال: " قد أنزل الله إليكم ذكرا رسولا "(١) وقال: " فاسئلوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون "(٢) فمن الذكر ههنا إلا الرسول؟ ومن أهل الذكر إلا أهل بيته الذين هم محل العلم، ثم قال عزوجل " وكان الشيطان للانسان خذولا " فجعل مصاحبة خليله - الذى أضله عن الذكر في دارالدنيا وخذله في الآخرة ولم تنفعه خلته ومصاحبته إياه حين تبرأ كل واحد من صاحبه - مصاحبة الشيطان.

ثم قال عزوجل من قائل حكاية لما يقوله النبىصلى‌الله‌عليه‌وآله يوم القيامة عند ذلك: " وقال الرسول يا رب إن قومى اتخذوا هذا القرآن مهجورا " أي اتخذوا هذا القرآن الذي أمرتهم بالتمسك به وبأهل بيتى وألا يتفرقوا عنهما مهجورا.

أليس هذا الخطاب كله والذم بأسره للقوم الذين نزل القرآن على لسان الرسول إليهم وإلى الخلق ممن سواهم وهم الظالمون من هذه الامة لعترة نبيهم محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم النابذون لكتاب الله، الذين يشهد عليهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوم القيامة بأنهم نبذوا قوله في التمسك بالقرآن والعترة وهجرو هما واتبعوا أهواء هم وآثروا عاجل الامر والنهى وزهرة الحياة الدنيا على دينهم شكا في محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله وما جاء به، وحسدا لاهل بيت نبيهعليهما‌السلام لما فضلهم الله به، أو ليس قد روي عن النبىصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مالا ينكره أصحاب الحديث مما هو موافق لما أنزله الله تعالى من هذه الآيات قوله: " إن قوما من أصحابى يختلجون(٣) دونى يوم القيامة من ذات اليمين إلى ذات الشمال فأقول: يا رب اصيحابي اصيحابي " - وفي بعض الحديث " أصحابي أصحابي "

____________________

(١)الطلاق: ١٠.

(٢)الانبياء: ٧.

(٣)في النهاية الاثيرية " ليردن على الحوض أقوام ثم ليختلجن دونى " بصيغة المفعول أى يجتذبون ويقتطعون.

(*)

٢٩

فيقال: يا محمد إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك، فأقول: بعدا بعدا، سحقا سحقا "(١) .

ويصدق ذلك ويشهد به قول الله عزوجل: " وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا [وسيجزى الله الشاكرين](٢) " وفي هذا القول من الله تبارك اسمه أدل دليل على أن قوما ينقلبون بعد مضى النبىصلى‌الله‌عليه‌وآله على أعقابهم، وهم المخالفون أمر الله تعالى وأمر رسوله عليه وآله السلام، المفتونون الذى قال فيهم " فليحذر الذى يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم "(٣) يضاعف الله العذاب والخزى لهم وأبعد وأسحق من ظلم آل محمدعليهم‌السلام وقطع ما أمر الله به أن يوصل فيهم ويدان به من مودتهم، والاقتداء بهم دون غيرهم حيث يقول: " قل لا أسئلكم عليه أجرا إلا المودة في القربى(٤) " ويقول: " أفمن يهدى إلى الحق أحق أن يتبع أمن لا يهدي إلا أن يهدى فما لكم كيف تحكمون "(٥) .

وليس بين الامة التى تستحى ولا تباهت، وتزيغ عن الكذب(٦) ولا تعاند، خلاف في أن وصى رسول الله أميرالمؤمنينعليه‌السلام كان يرشد الصحابة في كل معضل ومشكل ولا يرشدونه إلى الحق، ويهديهم ولا يهدى سواه، ويفتقر إليه، ويستغنى هو عن كافتهم، ويعلم العلم كله، ولا يعلمونه.

وقد فعل بفاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وعليها ما دعاها إلى الوصية

____________________

(١)قال في النهاية: في حديث الحوض " سحقا سحقا " اى بعدا بعدا.راجع مسند احمد ج ١ ص ٤٥٣ و ٤٥٤، وصحيح البخارى كتاب الرقاق.

(٢)آل عمران: ١٤٤.

(٣)النور: ٦٣.

(٤)الشورى: ٣٣.

(٥)يونس: ٣٥.

(٦)في بعض النسخ " التى تستحى ولا تباهت ولا تزغ إلى الكذب " ولا تباهت أى لا يأتى بالبهتان والزور.

وزاغ أى مال واعوج.

(*)

٣٠

بأن تدفن ليلا ولايصلى عليهاأحد من أمة أبيها إلا من سمته.

فلو لم يكن في الاسلام مصيبة ولا على أهله عار ولا شنار(١) ولا حجة فيه لمخالف لدين الاسلام إلا مالحق فاطمةعليها‌السلام حتى مضت(٢) غضبى على امة أبيها، ودعاها ما فعل بها إلى الوصية بأن لا يصلى عليها أحد منهم فضلا عما سوى ذلك لكان عظيما فظيعا منبها لاهل الغفلة، إلا من قد طبع الله على قلبه وأعماه لا ينكر ذلك ولا يستعظمه ولا يراه شيئا، بل يزكى المضطهد لها(٣) إلى هذه الحالة، ويفضله عليها وعلى بعلها وولدها، ويعظم شأنه عليهم، ويرى أن الذى فعل بها هو الحق ويعده من محاسنه، وأن الفاعل له بفعله إياه من أفضل الامة بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وقد قال الله عزوجل: " فإنها لا تعمى الابصار ولكن تعمى القلوب التى في الصدور "(٤) .

فالعمى يستمر على أعداء آل محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله وظالميهم والموالين لهم إلى يوم - الكشف الذي قال الله عزوجل: " لقد كنت في غفلة من هذا فكشفنا عنك غطاء‌ك فبصرك اليوم حديد "(٥) و " يوم لا ينفع الظالمين معذرتهم ولهم اللعنة ولهم سوء - الدار "(٦) .

ثم أعجب من هذا ادعاء هؤلاء الصم العمى أنه ليس في القرآن علم كل شئ من صغير الفرائض وكبيرها، ودقيق الاحكام والسنن وجليلها، وإنهم لمالم

____________________

(١)الشنار - بفتح الشين المعجمة - أقبح العيب، وفى بعض النسخ " ولا فيها شنار " فالضمير المؤنث راجع إلى لفظ المصيبة.

(٢)في بعض النسخ " حتى قبضت " وفى بعضها " لما قبضت فاطمة(ع) غضبى على امة أبيها ولما أوصت بان لا يصلى عليهاأحد منهم فضلا عما سوى ذلك، وذلك منبه لاهل الغفلة ".

(٣)أى مؤذيها والقاهر لها من ضهده ضهدا، واضطهده أى قهره وآذاه واضطره، والمضطهد بصيغة الفاعل هو الذى قهر وآذى غيره.

(٤)الحج: ٤٦.

(٥)ق: ٢٣.

(٦)المؤمن: ٥٢.

(*)

٣١

يجدوه فيه احتاجو إلى القياس والاجتهاد في الرأى والعمل في الحكومة بهما، وافتروا على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الكذب والزور بأنه أباحهم الاجتهاد، وأطلق لهم ما ادعوه عليه لقوله لمعاذ بن جبل(١) .

والله يقول: " ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شئ(٢) .

ويقول: " ما فرطنا في الكتاب من شئ "(٣) ويقول: " وكل شئ أحصيناه في إمام مبين "(٤) ، ويقول: " وكل شئ أحصيناه كتابا "(٥) ، ويقول: قل: " إن اتبع إلا ما يوحى إلى "(٦) ، ويقول: " وأن احكم بينهم بما أنزل الله "(٧) فمن أنكر أن شيئا من امور الدنيا والآخرة وأحكام الدين وفرائضه وسننه وجميع ما يحتاج إليه أهل الشريعة ليس موجودا في القرآن الذي قال الله تعالى فيه: " تبيانا لكل شئ " فهو راد على الله قوله، ومفتر على الله الكذب، وغير مصدق بكتابه.

ولعمري لقد صدقوا عن أنفسهم وأئمتهم الذى يقتدون بهم(٨) في أنهم لا

____________________

(١)روى الترمذى وأبوداود مسندا عن معاذ بن جبل أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لما بعثه إلى اليمن قال: كيف تقضى اذاعرض لك قضاء؟ قال: أقضى بكتاب الله، قال: فان لم تجد في كتاب الله؟ قال: فبسنه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: فان لم تجد في سنة رسول الله؟ قال: أجتهد رأيى ولا آلو، قال: فضرب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله على صدره وقال: الحمد لله الذى وفق رسول رسول الله لما يرضى به رسول الله ".

وفي رواية قال له رسول الله: " فان أشكل عليك أمر فسل ولا تستحى واستشر ثم اجتهد، فان الله ان يعلم منك الصدق يوفقك، فان التبس عليك فقف حتى تثبته أو تكتب إلى فيه، واحذر الهوى فانه قائد الاشقياء إلى النار وعليك بالرفق ".

انتهى. أقول: ان صح هذا الكلام عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله لا يدل على مدعاهم لاحتمال أن يكون المراد السعى والاجتهاد والفحص في تحصيل مدرك الحكم بل هو الظاهر من قوله " اجتهد " بعد قوله " فسل ولا تستحى واستشر " فان من له قوة الاجتهاد بمعنى المتعارف لا يحتاج إلى السؤال والاستشارة وهذا شأن المقلد دون المجتهد.

(٢)النحل: ٨٩.

(٣)الانعام: ٣٨.

(٤)يس: ١٢.

(٥)النبأ: ٢٩ و " كتابا " أى مكتوبا في اللوح المحفوظ.

(٦)الانعام: ٥٠.

(٧)المائدة: ٤٩.

(٨)في بعض النسخ " الذى يفتنون بهم ".

(*)

٣٢

يجدون ذلك في القرآن، لانهم ليسوا من أهله ولا ممن أوتى علمه، ولا جعل الله ولا رسوله لهم فيه نصيبا، بل خص بالعلم كله أهل بيت الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله الذى آتاهم العلم، ودل عليهم، الذين أمر بمسألتهم ليدلوا على موضعه من الكتاب الذي هم خزنته(١) وورثته وتراجمته.

ولو امتثلوا أمر الله عزوجل في قوله " ولو ردوه إلى الرسول وإلى اولي الامر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم "(٢) وفي قوله: " فاسئلوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون " لاوصلهم الله إلى نور الهدى، وعلمهم ما لم يكونوا يعلمون، وأغناهم عن القياس والاجتهاد بالرأي، وسقط الاختلاف الواقع في أحكام الدين الذي يدين به العباد، ويجيزونه بينهم، ويدعون على النبىصلى‌الله‌عليه‌وآله الكذب أنه أطلقه وأجازه، والقرآن يحظره وينهى عنه حيث يقول عزوجل: " ولو كان من عند غيرالله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا "(٣) : ويقول: " ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاء‌هم البينات "(٤) : ويقول " واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا " وآيات الله في ذم الاختلاف والفرقة أكثر من أن تحصى، والاختلاف والفرقة في الدين هو الضلال، ويجيزونه ويدعون على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه أطلقه وأجازه افتراء عليه، وكتاب الله عزوجل يحظره وينهى عنه بقوله: " ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا ".

فأي بيان أو ضح من هذا البيان؟ وأي حجة للخلق على الله بعد هذا الايضاح والارشاد؟ نعوذ بالله من الخذلان، ومن أن يكلنا إلى نفوسنا وعقولنا واجتهادنا وآرائنا في ديننا، ونسأله أن يثبتنا على ما هدانا له(٥) ودلنا عليه

____________________

(١)أى خزنة الكتاب وورثته كمافى قوله تعالى " ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا " فاطر: ٣٢.

(٢)النساء: ٨٣ أى يستخرجون تدبيره أوحكمه.

(٣)النساء ٨٢.

(٤)آل عمران: ١٠٥.

(٥)في بعض النسخ " أن يثبتنا بالقول الثابت، ودلنا - الخ ".

(*)

٣٣

وأرشدنا إليه من دينه، والموالاة لاوليائه، والتمسك بهم، والاخذ عنهم، والعمل بما أمروا به، والانتهاء عما نهوا عنه حتى نلقاه عزوجل على ذلك، غير مبدلين ولا شاكين، ولا متقدمين لهم ولا متأخرين عنهم، فإن من تقدم عليهم مرق، و من تخلف عنهم غرق، ومن خالفهم محق، ومن لزمهم لحق، وكذلك قال رسول -الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

باب - ٣: ماجاء في الامامة والوصية، وانهما من الله عزوجل

*(وباختياره، وأمانة يؤديها الامام إلى الامام بعده) *

١ - أخبرنا أبوالعباس أحمد بن محمد بن سعيد ابن عقدة الكوفي، قال: حدثنا أبومحمد عبدالله بن أحمد بن مستورد الاشجعى(١) من كتابه في صفر سنة ست وستين ومائتين، قال: حدثنا أبوجعفر محمد بن عبيد الله الحلبي(٢) ، قال: حدثنا عبدالله ابن بكير، عن عمر [و] بن الاشعث قال: سمعت أبا عبدالله جعفر بن محمدعليهما‌السلام يقول - ونحن عنده في البيت نحو من عشرين رجلا - فأقبل علينا وقال: " لعلكم ترون أن هذا الامر في الامامة إلى الرجل منا يضعه حيث يشاء، والله إنه لعهد من الله نزل على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وسلم إلى رجال مسمين رجل فرجل حتى تنتهى إلى صاحبها ".

٢ - وأخبرنى أبوالعباس أحمد بن محمد بن سعيد، قال: حدثنى أحمد بن يوسف ابن يعقوب الجعفي من كتابه، قال: حدثنا إسماعيل بن مهران، قال: حدثنا الحسن بن علي بن أبي حمزة، عن أبيه ; ووهيب بن حفص جميعا، عن أبي بصير، عن أبي عبداللهعليه‌السلام " في قول الله عزوجل: " إن الله يأمركم أن تؤدوا الامانات إلى

____________________

(١)عده الخطيب في تاريخه من مشايخ ابى العباس ابن عقدة.

(٢)في بعض النسخ " محمد بن عبدالله الحلبى " وهو تصحيف.

(*)

٣٤

اهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل إن الله نعما يعظكم به "(١) قال: هي الوصية يدفعها الرجل منا إلى الرجل ".

٣ - وأخبرنا علي بن أحمد البندنيجي، عن عبيدالله بن موسى العلوي.

قال: حدثنا على بن الحسن(٢) عن اسماعيل بن مهران، عن المفضل بن صالح، عن معاذ بن كثير، عن أبى عبدالله جعفر بن محمدعليهما‌السلام أنه قال: " الوصية نزلت من السماء على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كتابا مختوما(٣) ، ولم ينزل على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كتاب مختوم إلا الوصية، فقال جبرئيلعليه‌السلام : يا محمد هذه وصيتك في امتك إلى أهل - بيتك(٤) فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أي أهل بيتى يا جبرئيل؟ فقال: نجيب الله منهم وذريته(٥) ليورثك علم النبوة قبل إبراهيم(٦) وكان عليها خواتيم، ففتح علىعليه‌السلام الخاتم الاول ومضى لما امر فيه(٧) ثم فتح الحسنعليه‌السلام الخاتم الثانى ومضى لما امر به، ثم فتح الحسينعليه‌السلام الخاتم الثالث فوجد فيه أن قاتل وأقتل وتقتل(٨) واخرج بقوم للشهادة، لاشهادة لهم إلا معك ففعل وثم دفهعما إلى على بن الحسينعليهما‌السلام ومضى،

____________________

(١)النساء: ٥٨.

(٢)يعنى ابن فضال، وفى بعض النسخ " على بن الحسين " كما في الكافى والظاهر تصحيفهما وقد يظن كون ما في الكافى على بن الحسين المسعودى صاحب المروج ولكنه خطأ.

(٣)أى مكتوبا بخط الهى مشاهدا من عالم الامر، كما أن جبرئيل(ع) كان ينزل عليه في صورة آدمى مشاهد من هناك.ولا يمكن لاحد أن يقرأ هذا الكتاب الا من اختاره الله للنبوة أو الامامة.

(٤)في الكافى ج ١ ص ٢٧٩ " عند أهل بيتك ".

(٥)أى من نجبائه، والنجيب بمعنى الكريم الحسيب، كنى به عن اميرالمؤمنينعليه‌السلام .كما قاله في الوافى.

(٦)كذا، وفى الكافى " ليرثك علم النبوة كما ورثه ابراهيم(ع) ولعل "عليه‌السلام " زائد من النساخ والمراد بابراهيم ابراهيم بن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

(٧)على تضمين معنى الاداء ونحوه أى مؤديا لما أمر به فيه.والضمير المذكر باعتبار الكتاب، والمؤنث باعتبار لفظ الوصية.

(٨)في بعض النسخ " أن قاتل إلى أن تقتل ".

(*)

٣٥

ففتح على بن الحسين الخاتم الرابع فوجد فيه أن أطرق واصمت(١) لما حجب العلم، ثم دفعها إلى محمد بن علىعليهما‌السلام ففتح الخاتم الخامس فوجد فيه أن فسر كتاب الله تعالى وصدق أباك وورث ابنك العلم واصطنع الامة(٢) ، وقل الحق في الخوف والامن ولا تخش إلا الله، ففعل، ثم دفعها إلى الذى يليه، فقال معاذ بن كثير: فقلت له: وأنت هو؟ فقال: ما بك في هذا إلا أن تذهب يا معاذ فترويه عنى(٣) نعم أنا هو، حتى عدد على اثنى عشر اسما ثم سكت، فقلت: ثم من؟ فقال: حسبك ".

٤ - أخبرنا علي بن أحمد البندنيجى، عن عبيد الله بن موسى، قال: حدثنا محمد بن أحمد القلانسي(٤) قال: حدثنا محمد بن الوليد(٥) عن يونس بن يعقوب(٦)

____________________

(١)قال العلامة المجلسى -رحمه‌الله -: هذا كناية عن عدم الالتفات إلى ما عليه الخلق من آرائهم الباطلة وأفعالهم الشنيعة.

(٢)أى أحسن اليهم وربهم بالعلم والعمل.

(٣)أى ما بك بأس في اظهارى لك بانى هوالا مخافة أن تذهب وتروى ذلك عنى فأشتهر بذلك.وفى الكافى " ما بى بأس " وهو الاصوب.وفى نسخة " فقال شأنك في هذا الا أن تذهب فتروى عنى ".

(٤)هو محمدبن احمد بن خاقان النهدى حمدان القلانسى، ضعفه النجاشى بقوله انه مضطرب، ووثقه أبوالنضر العياشى وقال: كوفى فقيه ثقة خير.

(٥)هو محمد بن الوليد الخزاز البجلى أبوجعفر الكوفى ثقة عين نقى الحديث كما في " جش ".

(٦)هو يونس بن يعقوب بن قيس أبوعلى الجلاب البجلى الدهنى الكوفى مولى نهد، له كتب وكان ثقة يتوكل لابى الحسن(ع) واختص بابى عبدالله صلوات الله عليه، ومات في ايام ابى الحسن الرضا(ع) بالمدينة فبعث اليه ابوالحسن(ع) بحنوطه وكفنه وجميع مايحتاج اليه، وأمر مواليه وموالى أبيه أن يحضروا جنازته، وأمر محمد بن الحباب أن يصلى عليه وقال: احفروا له في البقيع وان منعكم أهل المدينة وقالوا: انه عراقى لا ندفنه في البقيع فقولوا لهم: هذا مولى أبى عبدالله(ع) وكان يسكن العراق، فان منعتمونا أن ندفنه بالبقيع منعناكم ان تدفنوا مواليكم، فدفن في البقيع، وروى الكشى باسناده عن محمد بن الوليد قال: رآنى صاحب المقبرة - وانا عند القبر بعد ذلك - فقال: من هذا الرجل صاحب القبر فان أبا الحسن على بن موسى(ع) أوصانى به، وأمرنى أن ارش قبره شهرا أو أربعين يوما في كل يوم، وقال لى ايضا: ان سرير رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عندى، فاذا مات رجل من بنى هاشم صرالسرير - اى صوت - فأقول أيهم مات؟ حتى أعلم بالغداة، فصر السرير في الليلة التى مات فيها يونس، فقلت: لا أعرف احدا من بنى هاشم مريضا فمن ذا الذى مات؟ فلما ان كان الغد جاؤوا فأخذوا السرير منى وقالوا: مولى لابى عبدالله(ع) مات كان يسكن العراق، وبالجملة كانت امه اخت معاوية بن عمار واسمها منية بنت عمار.

٣٦

عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال: " دفع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى علىعليه‌السلام صحيفة مختومة باثنى عشر خاتما، وقال: فض الاول واعمل به، وادفعها إلى الحسنعليه‌السلام يفض الثانى ويعمل به، ويدفعها إلى الحسينعليه‌السلام يفض الثالث ويعمل بما فيه، ثم إلى واحد واحد من ولد الحسينعليهم‌السلام ".

٥ - وأخبرنا علي بن أحمد، عن عبيد الله بن موسى، عن علي بن إبراهيم ابن هاشم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن حريز، عن زرارة، عن أبي جعفر محمد ابن علىعليهما‌السلام قال: " سألته عن قول الله عزوجل: " إن الله يأمركم أن تؤدوا الامانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل " قال: " أمر الله الامام منا أن يؤدي الامامة إلى الامام بعده، ليس [له] أن يزويها عنه ألا تسمع إلى قوله: " وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل إن الله نعما يعظكم به " هم الحكام، أو لا ترى أنه خاطب بها الحكام ".

٦ - وأخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد ابن عقدة الكوفي قال: حدثنى أحمد بن يوسف ابن يعقوب، قال: حدثنا إسماعيل بن مهران، قال: حدثنا الحسن بن علي بن أبي حمزة، عن أبيه، عن يعقوب بن شعيب قال: سمعت أبا عبداللهعليه‌السلام يقول: " لا والله لا يدع الله هذا الامر إلا وله من يقوم به إلى يوم تقوم الساعة ".

٧ - وأخبرنا علي بن أحمد، عن عبيد الله بن موسى العلوي، عن علي بن إبراهيم، عن أحمد بن محمد بن خالد البرقي، عن إسماعيل بن مهران، قال: حدثني المفضل بن صالح أبوجميلة عن أبي [عبدالله] عبدالرحمن(١) ، عن أبي عبداللهعليه‌السلام :

____________________

(١)كذا والظاهر كونه عبدالرحمن بن الحجاج المكنى بابى عبدالله، وروى ابو - جميلة عنه في التهذيبين في غير مورد.فان كان ما بين القوسين زيادة من النساخ كما خط عليه في بعض النسخ فالظاهر كونه ابا عبدالرحمن الحذاء لكن لم أعثر على رواية ابى جميلة عنه.

(*)

٣٧

قال: " إن الله جل اسمه أنزل من السماء إلى كل إمام عهده وما يعمل به، وعليه خاتم فيفضه ويعمل بما فيه(١) ".

وإن في هذا يا معشر الشيعة لبلاغا لقوم عابدين وبيانا للمؤمنين، ومن أراد الله تعالى به الخير جعله من المصدقين المسلمين للائمة الهادين بما منحهم الله تعالى من كرامته، وخصهم به من خيرته، وحباهم(٢) به من خلافته على جميع بريته دون غيرهم من خلقه، إذ جعل طاعتهم طاعته بقوله عزوجل: " أطيعوا الله وأطيعوا الرسول واولى الامر منكم " وقوله: " من يطع الرسول فقد أطاع الله "(٣) ، فتدب الرسول(صلى‌الله‌عليه‌وآله سلم) الخلق إلى الائمة من ذريته الذين أمرهم الله تعالى بطاعتهم ودلهم عليهم، وأرشدهم إليهم بقولهعليه‌السلام : " إنى مخلف فيكم الثقلين: كتاب الله وعترتى أهل بيتي، حبل ممدود بينكم وبين الله، ما إن تمسكتم به لن تضلوا " وقال الله تعالى محثا للخلق إلى طاعته(٤) ، ومحذرا لهم من عصيانه فيما يقوله ويأمر به " فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم "(٥) .

فلما خولف رسول الله(صلى الله عليه وسلم) ونبذ قوله وعصي أمره فيهمعليهم‌السلام واستبدوا بالامر دونهم، وجحدوا حقهم، ومنعوا تراثهم، ووقع التمالئ عليهم(٦) بغيا وحسدا وظلما وعدوانا حق على المخالفين أمره والعاصين ذريته [وعلى التابعين لهم والراضين بفعلهم] ما توعدهم الله من الفتنة والعذاب الاليم، فعجل لهم الفتنة في الدين بالعمى عن سواء السبيل والاختلاف في الاحكام والاهواء، والتشتت في

____________________

(١)فض ختم الكتاب: كسره وفتحه.

(٢)منحه الشئ وحباه بكذا أى أعطاه اياه.

(٣)النساء: ٨٠.

(٤)كذا، والقياس " محثا الخلق على طاعته " وحثه على الامر حضه وحمله عليه.

(٥)النور: ٦٣.

(٦)تمالا القوم على امر - مهموزا -: اجتمعوا عليه، وقيل: تعاونوا.

(*)

٣٨

الآراء وخبط العشواء(١) ، وأعدلهم العذاب الاليم ليوم الحساب في المعاد.

وقد رأينا الله عزوجل ذكر في محكم كتابه ما عاقب به قوما من خلقه حيث يقول " فأعقبهم نفاقا في قلوبهم إلى يقوم يلقونه بما أخلفوا الله ما وعدوه وبما كانوا يكذبون "(٢) فجعل النفاق الذي أعقبهموه عقوبة ومجازاة على إخلافهم الوعد وسماهم منافقين(٣) ثم قال في كتابه: " إن المنافقين في الدرك الاسفل من النار "(٤) .

فإذا كانت هذه حال من أخلف الوعد في أن عقابه النفاق المؤدي إلى الدرك الاسفل من النار، فماذا تكون حال من جاهر الله عزوجل ورسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله بالخلاف عليهما، والرد لقولهما، والعصيان لامرهما، والظلم والعناد لمن أمرهم الله بالطاعة لهم والتمسك بهم والكون معهم(٥) حيث يقول: " يا أيهاالذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين "(٦) وهم الذين صدقوا ما عاهدوا الله عزوجل عليه من جهاد عدوه، وبذل أنفسهم في سبيله، ونصرة رسوله، وإعزاز دينه حيث يقول: " رجال صدوقا ماعاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا "(٧) فشتان بين الصادق لله وعده، والموفي بعهده، والشاري نفسه له(٨) والمجاهد في سبيله، والمعز لدينه، الناصر لرسوله، وبين العاصي والمخالف رسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، والظالم عترته، ومن فعله أعظم من إخلاف الوعد المعقب للنفاق المؤدي إلى الدرك الاسفل من النار؟ نعوذ بالله منها.

____________________

(١)الخبط: المشى على غير الطريق، والعشواء: الناقة التى في بصرها ضعف تخبط بيديها اذا مشت لا تتوفى شيئا.

وهذا مثل يضرب لمن ركب امرا بجهالة، ولمن يمشى في الليل بلا مصباح فيتحير ويضل، وربماتردى في بئر أو سقط على سبع.

(٢)التوبة ٧٧.

(٣)في بعض النسخ " وسماه نفاقا ".

(٤)النساء: ١٤٥.

(٥)في بعض النسخ " لمن امره الله بالطاعة له والتمسك به والكون معه ".

(٦)التوبة: ١١٩.

(٧)الاحزاب: ٢٣.

(٨)المراد من يشرى نفسه ابتغاء مرضات الله.

(*)

٣٩

وهذه - رحمكم الله - حال كل من عدل عن واحد من الائمة الذين اختارهم الله عزوجل، وجحد امامته، وأقام غيره مقامه، وادعى الحق لسواه إذ كان أمر الوصية والامامة بعهد من الله تعالى وباختياره لامن خلقه ولا باختيارهم، فمن اختار غير مختار الله وخالف أمر الله سبحانه ورد مورد الظالمين والمنافقين الحالين في ناره بحيث وصفهم الله عزوجل، نعوذ بالله من خلافه وسخطه وغضبه وعذابه ونسأله التثبت على ماوهب لنا، والا يزيغ قلوبنا بعد إذ هدانا برحمته ورأفته.

باب - ٤: ماروى في أن الائمة اثنا عشر اماما وأنهم من الله وباختياره

١ - أخبرنا أبوسليمان أحمد بن هوذة أبي هراسة الباهلي(١) ، قال: حدثنا إبراهيم بن إسحاق النهاوندي سنة ثلاث وسبعين ومائتين(٢) ، قال: حدثنا أبومحمد عبدالله بن حماد الانصاري سنة تسع وعشرين ومائتين، قال: حدثنا عمرو بن شمر، عن المبارك بن فضالة، عن الحسن بن أبي الحسن البصري يرفعه قال: " أتى جبرئيل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال: يا محمد إن الله عزوجل يأمرك أن تزوج فاطمة من على أخيك فأرسل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى علىعليه‌السلام ، فقال له: يا علي إنى مزوجك فاطمة ابنتي سيدة نساء العالمين وأحبهن إلى بعدك، وكائن منكما سيدا شباب أهل الجنة، والشهداء المضر جون(٣) المقهورون في الارض من بعدي، والنجباء الزهر

____________________

(١)هو أحمد بن نصر بن سعيد الباهلى المعروف بابن أبى هراسة، عنونه الجامع و قال: سمع منه التلعكبرى سنة احدى وثلاثين وثلاثمائة، ومات يوم التروية سنة ثلاث وثلاثين وثلاثمائة، وقال الخطيب في التاريخ ج ٥ ص ١٨٣: ابوسليمان النهروانى، يعرف بابن أبى هراسة، حدث عن ابراهيم بن اسحاق الاحمرى - شيخ من شيوخ الشيعة -.

(٢)في بعض النسخ " ثلاث وتسعين ومائتين " وتقدم أن النهاوندى كما يظهر من جامع الرواة وتاريخ الخطيب صحف بالنهروانى او بالعكس.

(٣)ضرجه - من باب التفعيل - أى لطخه بالدم أو صبغه بالحمرة، والمراد الملطخون بدمائهم.

(*)

٤٠