فاطمة الزهراء (عليها السلام) من المهد إلى اللحد

فاطمة الزهراء (عليها السلام) من المهد إلى اللحد0%

فاطمة الزهراء (عليها السلام) من المهد إلى اللحد مؤلف:
الناشر: دار الأنصار
تصنيف: السيدة الزهراء سلام الله عليها
الصفحات: 568

فاطمة الزهراء (عليها السلام) من المهد إلى اللحد

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: السيد محمد كاظم القزويني
الناشر: دار الأنصار
تصنيف: الصفحات: 568
المشاهدات: 231907
تحميل: 9876

توضيحات:

فاطمة الزهراء (عليها السلام) من المهد إلى اللحد
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 568 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 231907 / تحميل: 9876
الحجم الحجم الحجم
فاطمة الزهراء (عليها السلام) من المهد إلى اللحد

فاطمة الزهراء (عليها السلام) من المهد إلى اللحد

مؤلف:
الناشر: دار الأنصار
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

النبيّ يخبر الزهراء عن أحداث المستقبل

من الطبيعي أنّ السيدة فاطمةعليها‌السلام مع منزلتها القريبة ومكانتها الخاصة عند الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ، كان الرسول يخبرها عن المستقبل الخاص والعام.

إنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله كان يخبر الناس عمّا يجري بعده ويخبرهم عن أشراط الساعة، وعلائم آخر الزمان ومشاهد القيامة.

أتراه لا يعلم بما سوف يجري على أهل بيته من بعده، وعلى ابنته العزيزة فاطمة الزهراء؟!

أو تراه يعلم ذلك ولا يخبرهم بما يتعلّق بمستقبلهم ومصيرهم؟!

نعم... كان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله يخبر أهل بيته بما سيجري عليهم من الناس من بعد وفاته مباشرة، وبعد ذلك على طول خط التاريخ، فكم أخبر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أصحابه وزوجاته بشهادة الحسينعليه‌السلام ؟

ومن اليقين أنّهصلى‌الله‌عليه‌وآله أخبر ابنته الحبيبة فاطمة بمصائبها ونوائبها واضطهادها، وما يجري عليها من المآسي.

وخاصة في الأيام الأخيرة من حياته الشريفة، وعلى الأخص في الليلة الأخيرة واليوم الأخير من حياته؛ فقد ضاق المجال وحضرت الساعة الحرجة

٢٤١

ليكشف رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله النقاب عن الواقع لابنته، ويخبرها بكل صراحة، فيبشرّها أنّها لا تلبث بعده إلاّ قليلاً، ثم تلتحق بأبيها الرسول في الدرجات العلا والرفيق الأعلى، ثم يخبرها بتبدّل الأحوال وتغيّر الأوضاع:

فقد رُوي عن عبد الله بن العباس قال: لما حضرت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله الوفاة بكى حتى بلّت دموعه لحيته،

فقيل له: يا رسول الله ما يبكيك؟

فقال: أبكي لذرّيّتي، وما تصنع بهم شرار أُمَّتي من بعدي، كأنّي بفاطمة بنتي وقد ظُلمت بعدي وهي تنادي يا أبتاه فلا يعينها أحد من أُمّتي.

فسمعت ذلك فاطمةعليها‌السلام فبكت، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : لا تبكينّ يا بنيّة.

فقالت: لست أبكي لما يُصنع بي من بعدك، ولكنّني أبكي لفراقك يا رسول الله.

فقال لها: أبشري يا بنت محمد بسرعة اللحاق بي؛ فإنّك أوّل مَن يلحق بي من أهل بيتي(1) .

وعن ابن عبّاس عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّه قال:... وإنّي لما رأيتها(فاطمة) ذكرت ما يُصنع بها بعدي، كأنّي وقد دخل الذلّ بيتها وانتهكت حرمتها، وغُصب حقُّها، ومُنع إرثها، وكسر جنبها، وأسقطت جنينها، وهي تنادي: يا محمّداه. فلا تُجاب، وتستغيث فلا تُغاث، فلا تزال بعدي محزونة مكروبة باكية، تتذكّر انقطاع الوحي عن بيتها مرّة، وتتذكر فراقي أُخرى، وتستوحش إذا جنّها الليل لفقد صوتي

____________________

(1) بحار الأنوار ج 43 ص 156 عن الأمالي للشيخ المفيد.

٢٤٢

الذي كانت تستمع إليه إذا تهجّدت بالقرآن، ثم ترى نفسها ذليلة بعد أن كانت في أيام أبيها عزيزة... إلى آخره(1) .

هذا والأخبار والأحاديث الواردة عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في إخباره أهل بيته بما يجري عليهم من بعده كثيرة جداً، وآخر مرة أخبر النبي أهل بيته (وهم عليّ والزهراء والحسن والحسين) في مرض موته، وقبل وفاتهصلى‌الله‌عليه‌وآله بساعات قلائل.

فقد رُوي عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) - في مرضه الذي قُبض فيه لفاطمةعليها‌السلام -: بأبي وأُمّي أنتِ! أرسلي إلى بعلك فادعيه لي.

فقالت فاطمة للحسين أو الحسن: انطلق إلى أبيك فقل: يدعوك جدّي. فانطلق إليه الحسين فدعاه. فأقبل عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام حتى دخل على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وفاطمة عنده وهي تقول:

وا كرباه لكربك يا أبتاه!

فقال لها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : لا كرب على أبيك بعد اليوم يا فاطمة، ولكن قولي كما قال أبوك على إبراهيم(2) : تدمع العينان وقد يوجع القلب، ولا نقول ما يسخط الرب، وإنّا بك يا إبراهيم لمحزونون(3) .

ورُوي أنّ النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) دعا عليّاً وفاطمة والحسن والحسينعليهم‌السلام وقال لمـَن في بيته: أخرجوا عني. وقال لأُم

____________________

(1) بحار الأنوار ج43 ص 172 عن أمالي الصدوق / 99.

(2) ابراهيم بن رسول الله، وامّه مارية القبطية، توفي وله من العمر سنة ونصف.

(3) تفسير فرات بن ابراهيم، رواه عنه في البحار ج 22.

٢٤٣

سلمة: كوني على الباب فلا يقربه أحد.

ثم قال لعلي: أُدنُ منّي، فدنا منه فأخذ بيد فاطمة فوضعها على صدره طويلاً وأخذ بيد عليّ بيده الأخرى، فلمّا أراد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله الكلام غلبته عبرته، فلم يقدر على الكلام، فبكت فاطمة بكاءً شديداً وبكى عليّ والحسن والحسينعليهم‌السلام لبكاء رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقالت فاطمة: يا رسول الله قد قطّعت قلبي، وأحرقت كبدي لبكائك يا سيّد النبيّين من الأوّلين والآخرين، ويا أمين ربّه ورسوله، ويا حبيبه ونبيّه.

مَن لولدي بعدك؟

ولذُلٍّ ينزل بي بعدك؟ مَن لعليّ أخيك وناصر الدين؟

مَن لوحي الله وأمره؟

ثم بكت وأكبَّت على وجهه فقبّلته، وأكبَّ عليه عليّ والحسن والحسينعليهم‌السلام فرفع رأسهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إليهم، ويد فاطمة في يده فوضعها في يد عليّ وقال له:

يا أبا الحسن وديعة الله ووديعة رسوله محمد عندك، فاحفظ الله واحفظني فيها، وإنّك لفاعل هذا.

يا عليّ هذه - والله - سيّدة نساء أهل الجنّة من الأوّلين والآخرين، هذه - والله - مريم الكبرى (1) .

أما - والله - ما بلغت نفسي هذا الموضع حتى سألت الله لها ولكم، فأعطاني ما سألته.

يا عليّ أنفذ ما أمرتك به فاطمة، فقد أمرتها بأشياء أمر بها جبرئيل.

____________________

(1) أي من حيث الشبه أو المنزلة.

٢٤٤

واعلم يا عليّ أنّي راضٍ عمّن رضيت عنه ابنتي فاطمة، وكذلك ربّي وملائكته.

يا عليّ: ويل لمـَن ظلمها، ويل لمـَن ابتزّها حقّها، وويل لمـَن هتك حرمتها...

ثم ضمّصلى‌الله‌عليه‌وآله فاطمة إليه وقبّل رأسها وقال: فداك أبوك يا فاطمة... إلى آخره(1) .

وروي عن الإمام الصادقعليه‌السلام - في حديث طويل -: أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال لابنته فاطمةعليها‌السلام : (أما ترضين أن تنظري إلى الملائكة على أرجاء السماء ينظرون إليكِ والى ما تأمرين به، وينظرون إلى بَعلك قد حضَر الخلائق وهو يخاصمهم عند الله، فما ترين الله صانعاً بقاتل ولدك وقاتليك وقاتل بعلك...) إلى آخر الحديث(2) .

إنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يخبر ابنته - بكل صراحة - بأنّها سوف تُقتل، كما يُقتل زوجها ووُلدها أيضاً.

وسوف تقرأ - في فصل قادم - ما جرى على سيّدة النساء من المصائب والآلام، التي أدّت إلى شهادتها ووفاتها.

وروي عن الإمام موسى بن جعفرعليه‌السلام قال: قلت لأبي عبد الله[ الصادق ] عليه‌السلام : أليس كان أمير المؤمنين كاتب الوصيّة، ورسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم المملي عليه، وجبرئيل والملائكة المقرّبونعليهم‌السلام شهوداً؟

قال: فأطرق[ الإمام الصادق ] طويلاً(1) ثم قال[ الإمام ] : يا أبا الحسن

____________________

(1) بحار الأنوار ج 22 / 484.

(2) بحار الأنوار ج 44 ص 265.

(3) وفي نسخة: مليّاً.

٢٤٥

[ الكاظم ] قد كان ما قلت، ولكن حين نزل برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله الأمر (1) نزلت الوصيّة من عند الله كتاباً مُسجّلاً (2) نزل به جبرئيل مع أمناء الله (تبارك وتعالى) من الملائكة.

فقال جبرئيل: يا محمد! مُر بإخراج مَن عندك، إلاّ وصيَّك، ليقبضها منّا، وتُشهِدنا بدَفعك إيّاها إليه، ضامناً لها - يعني عليّاًعليه‌السلام .

فأمر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله بإخراج مَن كان في البيت ماخلا عليّاًعليه‌السلام وفاطمة فيما بين الستر والباب؛

فقال جبرئيل: يا محمد! ربُّك يقرؤك السلام، ويقول:

(هذا كتاب ما كنتُ عهدتُ إليك، وشرطت عليك، وشهدت به عليك وأشهدت به عليك ملائكتي، وكفى بي - يا محمد - شهيداً.

قال [ الإمام الصادق ] : فارتعدت مفاصل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال: يا جبرئيل؛ ربّي هو السلام، ومنه السلام، وإليه يعود السلام، صدق (عزّ وجلّ) وبرَّ، هاتِ الكتاب.

فدفعه إليه، وأمره بدفعه إلى أمير المؤمنينعليه‌السلام فقال له: اقرأه. فقرأه حرفاً حرفاً؛ فقال [ النبي ]: يا علي، هذا عهد ربّي (تبارك وتعالى) إليّ، وشرطه عليّ، وأمانته، وقد بلّغت ونصحتُ وأدّيتُ!

فقال عليعليه‌السلام : وأنا أشهد لك - بأبي وأمّي أنت - بالبلاغ والنصيحة والتصديق على ما قلت، ويشهد لك سمعي وبصري ولحمي ودمي!

فقال جبرئيل: وأنا لكما على ذلك من الشاهدين.

____________________

(1) لعلّ المقصود من الأمر - هنا -: الموت.

(2) مُسجّلاً: أي محكماً مستوثقاً.

٢٤٦

فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : يا عليّ، أخذتَ وصيَّتي وعرفتها، وضمنتَ لله ولي الوفاء بما فيها؟

فقال عليعليه‌السلام : نعم بأبي أنت وأُمّي، عليّ ضمانُها، وعلى الله عوني وتوفيقي على أدائها.

فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : يا علي، إنّي أريد أن أشهد عليك بموافاتي بها يوم القيامة!!

فقال عليعليه‌السلام : نعم، أشهد.

فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : إن جبرئيل وميكائيل فيما بيني وبينك الآن، وهُما حاضران، معهما الملائكة المقرّبون، لأشهدهم عليك!

فقال: نعم، ليشهدوا، وأنا - بأبي أنت وأُمّي - أشهدهم!

فأشهدهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

وكان فيما اشترط عليه النبي - بأمر جبرئيلعليه‌السلام فيما أمر الله به (عزّ وجلّ) أن قال له:

(يا علي، تفي بما فيها من موالاة مَن والى الله ورسوله، والبراءة والعداوة لمـَن عادى الله ورسوله، والبراءة منهم على الصبر منك [ و ] على كظم الغيظ، وعلى ذهاب حقّي، وغصب خُمسك (1) وانتهاك حُرمتك؟

فقال: نعم، يا رسول الله.

قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : والذي فلق الحبّة، وبرأ النّسمة، لقد سمعت جبرئيلعليه‌السلام يقول للنبي:

(يا محمد! عرِّفه أنّه ينتهك الحرمة، وهي حرمة الله، وحرمة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وعلي أن تخضب لحيته من رأسه بدم عبيط!).

____________________

(1) وفي نسخة: غصبك.

٢٤٧

قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : فصعقت حين فهمتُ الكلمة من الأمين جبرئيل حتى سقطتُ على وجهي، وقلتُ:

(نعم، قبلتُ ورضيتُ، وإن انتهكت الحرمة! وعُطّلت السّنن، ومزّق الكتاب [ القرآن ] وهدّمت الكعبة، وخضبت لحيتي من رأسي بدم عبيط، محتسباً أبداً، حتى أقدم عليك).

ثم دعا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : فاطمة والحسن والحسين، وأعلمهم مثل ما أعلم أمير المؤمنين، فقالوا مثل قوله؛ فَخُتِمت الوصية بخواتيم من ذهب لم تمسّه النار، ودفعت إلى أمير المؤمنينعليه‌السلام .

قال الراوي: فقلت لأبي الحسن [ الكاظم ]عليه‌السلام : بأبي أنت وأُمّي! ألا تذكر ما كان في الوصيّة؟

فقال: سنن الله وسنن رسوله.

فقلت: أكان في الوصيّة توثّبهم(1) وخلافهم على أمير المؤمنينعليه‌السلام ؟

فقال: نعم، والله، شيئاً شيئاً، وحرفاً حرفاً، أما سمعتَ قول الله (عزّ وجلّ):( إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآَثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ ) ؟

والله لقد قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لأمير المؤمنين وفاطمةعليهما‌السلام : أليس قد فهمتُما ما تقدّمت به إليكما وقبلتماه؟

فقالا: بلى، وصبرنا على ما ساءنا وغاظنا (2) .

كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في تلك الساعة الأخيرة

____________________

(1) التوثُّب: الاستيلاء على الشيء ظلماً.

(2) الكافي: ج1 ص281.

٢٤٨

واضعاً رأسه على صدر عليّعليه‌السلام وقلبه لا يطاوعه إلاَّ أن يضمّ فاطمة إلى صدره مرة بعد مرة ودموعه تجري كالمطر، حتى ابتلت لحيته الشريفة وابتلّت الملاءة التي كانت عليه، وأقبل الحسن والحسين يقبّلان قدميه ويبكيان بأعلى أصواتهما.

وأراد عليّعليه‌السلام أن يرفعهما، فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : دَعهما يشمّاني وأشمّهما، ويتزوّدا منّي وأتزوّد منهما، فسيلقيان من بعدي زلزالاً، وأمراً عضالاً، فلعن الله مَن يحيفهما، اللّهمّ إنّي أستودعكهما وصالح المؤمنين.

ولا تسأل عن بكاء السيدة فاطمة الزهراء في تلك اللحظات، وهي ترى أباها الرسول العظيم ووالدها البار العطوف الحنون على أعتاب المنيّة، فكانت تخاطب أباها بدموع جارية: نفسي لنفسك الفداء ووجهي لوجهك الوقاء، يا أبتاه ألا تكلّمني كلمة، فإنّي أنظر إليك وأراك مفارق الدنيا، وأرى عساكر الموت تغشاك شديداً.

فقال لها: بُنية إنّي مفارقك، فسلام عليك منّي.

وفي كشف الغمّة: ثم قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : يا بنية أنتِ المظلومة بعدي، وأنت المستضعفة بعدي، فمَن آذاك فقد آذاني، ومَن جفاكِ فقد جفاني، ومَن وصلك فقد وصلني، ومَن قطعك فقد قطعني، ومَن أنصفك فقد أنصفني؛ لأنّك منّي وأنا منك، وأنت بضعة منّي وروحي التي بين جَنبيّ.

ثم قال: إلى الله أشكو ظالميك من أُمّتي.

فما مضت سوى فترة قصيرة إذ قام عليّعليه‌السلام قائلاً: أعظم الله أجوركم في نبيّكم فقد قبضه الله إليه.

٢٤٩

فارتفعت الأصوات بالضجّة والبكاء، فكان أعظم يوم في تاريخ البشر، وأوجع صدمة على قلوب المسلمين، ولم ير يوم أكثر باكياً وباكية من ذلك اليوم.

وهكذا مرّت تلك الساعة المـُرة العصيبة التي كانت أصعب ساعة في حياة الزهراء.

فكيف انقضت تلك الدقائق على قلب فاطمة وهي ترى أباها مسجّى لا حراك به؟!

فكانت الزهراء تقول: يا أبتاه من ربه ما أدناه!

وا أبتاه جنّة الفردوس مأواه!

وا أبتاه إلى جبرئيل ننعاه!

وا أبتاه أجاب ربّاً دعاه (1) .

وكان عليّ يقول: يا رسول الله!

والحسنان يبكيان يقولان: وا جدّاه وا جدّاه(2) .

وقامعليه‌السلام بتغسيل الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وتحنيطه وتكفينه وحضر وقت الصلاة عليه، فكانت السيدة فاطمة الزهراء من جملة المصلّين على جثمان أبيها العظيم في الوجبة الأُولى(3) .

وإلى أن دُفن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله كان بكاء الزهراء مستمرّاً متصلاً، ورجعت إلى بيتها واجتمعت النساء فقالت: إنّا لله وإنا إليه راجعون، انقطع عنّا خبر السماء.

ثم قالت في مرثيّة أبيها أبياتاً نذكرها قريباً.

____________________

(1) البخاري ج 5 ص 15.

(2) المنتقى ص 178.

(3) الاحتجاج، للطبرسي.

٢٥٠

وقالت لأنس بن مالك: أطابت نفوسكم أن تحثوا على رسول الله التراب؟

وفي كشف الغمّة عن الإمام الباقرعليه‌السلام : ما رُؤيت فاطمةعليها‌السلام ضاحكة مستبشرة منذ قُبض رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله حتى قُبضت.

وفي رواية أخرى:إلاّ يوماً افترت بطرف نابها (1).

وعن عمران بن دينار: إنّ فاطمة لم تضحك بعد النبي حتى قُبضت؛ لِما لحقها من شدّة الحزن على أبيهاصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

____________________

(1) أي: ابتسمت ابتسامة خفيفة.

٢٥١

فَاطِمةُ الزهَراءعليها‌السلام

بَعَدَ وَفَاةِ الرسُول (صلى الله عليه وآله وسلَّم)

في كل يوم من أيام الدنيا آباء يموتون، وبناتهم يُفجعن بهم، ويبكين في مصابهم، ويحزنَّ لفقدهم إلاَّ أنّ نسبة الحزن والبكاء وألم المصيبة تختلف باختلاف الآباء والبنات، وباختلاف العلاقات الودّيّة بين الأب وابنته، فهناك العدد الكثير من البنات اللاتي لا نصيب لهنّ من الآباء إلاّ الأُبوّة، فلا عطف ولا حنان ولا محبّة، فكأنّه لا معرفة بينهما ولا صلة.

وهناك آباء يمطرون بناتهم بالعطف والدلال والاحترام والمحافظة على البنت لئلاّ تنخدش عواطفها، ولئلاّ يحدث شيء يمسّ بكرامتها.

ويجد الأب من ابنته نفس الشعور المتبادل والاحترام والتقدير.

وفي هذه الصورة تكون العلاقات الودّيّة بين الأب وابنته وثيقة جداً، وعلى هذا تكون مصيبة الأب على قلب ابنته أليمة وعميقة.

وقد مرّ عليك موقف رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من ابنته الطاهرة فاطمة الزهراءعليها‌السلام ، وسوف يسهل عليك أن تدرك علاقة السيدة فاطمة الزهراء بأبيها الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ؛ ومحبّتها إيّاه لم تكن بدافع الأبوّة والنبوّة فقط، بل كانت السيدة فاطمة تعتبره أباً عطوفاً، ووالداً رؤوفاً، شفيقاً رحيماً.

وفي الوقت نفسه تعتبره رسول الله، وسيّد الأنبياء والمرسلين، فهي تحترم أباها كما تحترم المرأة المسلمة العارفة نبيّها، وتعظّمه أقصى

٢٥٢

أنواع التعظيم، وأعلى درجات التفخيم والتجليل.

والسيدة فاطمة الزهراءعليها‌السلام أعلم امرأة في الإسلام، وأعرف أُنثى بعظمة نبي الإسلام.

وبعد هذه المقدّمة يتضح لنا أنّ مصيبة وفاة الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله سلبت عن ابنته البّارة كل قرار واستقرار، وكل هدوء وسكون.

فالزهراء تعرف عِظم المصاب، ومدى تأثير الواقعة في الموجودات كلّها.

وهنا تحدّثنا فضّة خادمة الزهراء عن الحزن المسيطر على السيدة فاطمة بسبب وفاة أبيها الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله قالت:

(ولمّا تُوفّي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله افتجع له الصغير والكبير وكثر عليه البكاء، وعظُم رزؤه على الأقرباء والأصحاب والأولياء والأحباب، والغرباء والأنساب.

ولم تلق إلاّ كل باكٍ وباكية، ونادب ونادبة، ولم يكن في أهل الأرض والأصحاب والأقرباء والأحباب أشدّ حزناً وأعظم بكاءً وانتحاباً من السيدة فاطمة الزهراءعليها‌السلام وكان حزنها يتجدّد ويزيد، وبكاؤها يشتد، فجلست سبعة أيام لا يهدأ لها أنين، ولا يسكن منها الحنين، وكل يوم كان بكاؤها أكثر من اليوم الذي قبله.

فلمّا كان اليوم الثامن أبدت ما كتمت من الحزن، فلم تطق صبراً، إذ خرجت وصرخت، وضجَّ الناس بالبكاء، فتبادرت النسوة، وأطفئت المصابيح لكيلا تتبيّن وجوه النساء.

كانت السيدة فاطمة تنادي وتندب أباها قائلة:

وا أبتاه، وا صفياه، وا محمداه، وا أبا القاسماه، وا ربيع الأرامل واليتامى!

مَن للقبلة والمصلّى؟

٢٥٣

ومَن لابنتك الوالهة الثكلى؟

ثم أقبلت تعثر في أذيالها، وهي لا تبصر شيئاً من عبرتها، ومن تواتر دمعتها، حتى دنت من قبر أبيها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فلمّا نظرت إلى الحجرة وقع طرفها على المئذنة أغمي عليها، فتبادرت النسوة، فنضحن الماء عليها وعلى صدرها، وجبينها حتى أفاقت، فقامت وهي تقول:

رُفعت قوتي، وخانني جَلَدي، وشمت بي عدوي، والكمد قاتلي.

يا أبتاه بقيت والهة وحيدة، وحيرانة فريدة.

فقد انخمد صوتي، وانقطع ظهري، وتنغَّص عيشي، وتكدَّر دهري.

فما أجد - يا أبتاه - بعدك أنيساً لوحشتي، ولا راداً لدمعتي، ولا معيناً لضعفي، فقد فني بعدك محكم التنزيل، ومهبط جبرئيل، ومحل ميكائيل.

انقلبت - بعدك - يا أبتاه الأسباب.

وتغلَّقت دوني الأبواب.

فأما الدنيا بعدك قالية، وعليك ما تردّدت أنفاسي باكية.

لا ينفد شوقي إليك، ولا حزني عليك.

إنّ حزني عليك حزنٌ جديد

وفؤادي والله صبّ عنيدُ

كل يوم يزيد فيه شجوني

واكتئابي عليك ليس يبيدُ

جلّ خطبي، فبان عنّي عزائي

فبكائي في كل وقتٍ جديدُ

إنّ قلباً عليك يألف صبراً

أو عزاءً فإنّه لجليدُ

ثم نادت:

يا أبتاه، انقطعت بك الدنيا بأنوارها، وذوتْ زهرتها وكانت ببهجتك زاهرة.

يا أبتاه، لا زلت آسفة عليك إلى التلاق.

٢٥٤

يا أبتاه، زال غمضي منذ حقَّ الفراق.

يا أبتاه، مَن للأرامل والمساكين؟

ومَن للأُمّة إلى يوم الدين؟

يا أبتاه، أمسينا بعدك من المستضعفين!

يا أبتاه، أصبحت الناس عنّا معرضين!

ولقد كنَّا بك معظَّمين في الناس غير مستضعفين!

فأي دمعة لفراقك لا تنهمل؟

وأي حزن بعدك لا يتصل؟

وأي جفن بعدك بالنوم يكتحل؟

وأنت ربيع الدين، ونور النبيّين.

فكيف بالجبال لا تمور؟ وللبحار بعدك لا تغور؟

والأرض كيف لم تتزلزل؟

رُميتُ - يا أبتاه - بالخطب الجليل.

ولم تكن الرزيّة بالقليل.

وطُرِقتُ - يا أبتاه - بالمصاب العظيم، وبالفادح المهول.

بكتك - يا أبتاه - الأملاك.

ووقفتِ الأفلاك.

فمنبرك بعدك مستوحش.

ومحرابك خالٍ من مناجاتك.

وقبرك فرِحٌ بمواراتك.

والجنّة مشتاقة إليك وإلى دعائك وصلاتك.

يا أبتاه ما أعظم ظلمة مجالسك!!

فوا أسفاه عليك إلى أن أقدم عاجلاً عليك.

٢٥٥

وأُثكل أبو الحسن المؤتمن، أبو ولديك الحسن والحسين.

وأخوك ووليّك، وحبيبك، ومَن ربيّته صغيراً وآخيته كبيراً.

وأحلى أحبابك وأصحابك إليك.

مَن كان منهم سابقاً ومهاجراً وناصراً.

والثكل شاملنا! والبكاء قاتلنا! والأسى لازمنا.

ثم زفرت، وأنَّت أنيناً يخدش القلوب، ثم قالت:

قلَّ صبري وبان عنّي عزائي

بعد فقدي لخاتم الأنبياءِ

عين يا عين اسكبي الدمع سحّاً

ويك لا تبخلي بفيض الدماءِ

يا رسول الإله يا خيرة الله

وكهف الأيتام والضعفاءِ

قد بكتك الجبال والوحش جمعاً

والطير والأرض بعد بكي السماءِ

وبكاك الحجون والركن والمشـ

ـعر - يا سيّدي - مع البطحاءِ

وبكاك المحراب والدرس

للقرآن في الصبح معلناً والمساءِ

وبكاك الإسلام إذ صار في النا

س غريباً من سائر الغرباءِ

لو ترى المنبر الذي كنت تعلو

ه علاه الظلام بعد الضياءِ

يا إلهي عجّل وفاتي سريعاً

(فلقد عِفْتُ الحياة يا مولائي)

وأخذت فاطمة الزهراءعليها‌السلام شيئاً من تراب قبر أبيها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وجعلت تشمّه وهي تقول:

ماذا على مَن شمّ تربة أحمدٍ

إن لا يشمّ مدى الزمان غواليا

قل للمغيّب تحت أطباق الثرى

إن كنت تسمع صرختي وندائيا

صُبَّت عليَّ مصائب لو أنّها

صُبَّت على الأيام صرن لياليا

قد كنت ذات حمى بظلّ محمّدٍ

لا أخش من ضيم وكان حمىً ليا

فاليوم أخضع للذليل وأتّقي

ضيمي، وأدفع ظالمي بردائيا

٢٥٦

فإذا بكت قمريّة في ليلها

شجناً على غصنٍ بكيت صباحيا

فلأجعلنّ الحزن بعدك مؤنسي

ولأجعلنّ الدمع فيك وِشاحيا (1)

وروى زيني دحلان في السيرة النبوية هذه الأبيات لها في رثاء أبيها بعد دفنهصلى‌الله‌عليه‌وآله :

اغبرَّ آفاق السماء وكوّرت

شمس النهار وأظلم العصرانِ

والأرض من بعد النبيّ كئيبة

أسفاً عليه كثيرة الرجفانِ

فليبكه شرق البلاد وغربها

وليبكه مضرٌ وكل يماني

وليبكه الطود المعظّم جوّه

والبيت ذو الأستار والأركانِ

يا خاتم الرسل المبارك ضوؤه

صلّى عليك منزّل القرآنِ

ثم رجعت إلى منزلها، وأخذت بالبكاء والعويل، وكانت - سلام الله عليها - معصبة الرأس، ناحلة الجسم منهدّة الركن، باكية العين، محترقة القلب، يغشى عليها ساعة بعد ساعة.

وتقول لولديها: أين أبوكما الذي كان يكرمكما ويحملكما مرّة بعد مرّة؟

أين أبوكما الذي كان أشد الناس شفقة عليكما، فلا يدعكما تمشيان على الأرض.

لا أراه يفتح هذا الباب أبداً، ولا يحملكما على عاتقه، كما لم يزل يفعل بكما! !

ولمّا توفّى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله امتنع بلال من الأذان قال: لا أؤذن لأحد بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

وإنّ فاطمةعليها‌السلام قالت ذات يوم: إنّي أشتهي أن أسمع

____________________

(1) بحار الأنوار ج43.

٢٥٧

صوت مؤذّن أبيصلى‌الله‌عليه‌وآله بالأذان.

فبلغ ذلك بلالاً فأخذ في الأذان فلما قال: الله أكبر الله أكبر، ذكرت أباها وأيامه، فلم تتمالك من البكاء.

فلما بلغ إلى قوله: أشهد أنّ محمّداً رسول الله شهقت فاطمةعليها‌السلام وسقطت لوجهها وغشي عليها.

فقال الناس لبلال: أمسك يا بلال فقد فارقت ابنة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله الدنيا، وظنّوا أنّها قد ماتت؟ فقطع أذانه، ولم يتمّه.

فأفاقت فاطمةعليها‌السلام وسألته أن يتمّ الأذان فلم يفعل وقال لها: يا سيّدة النسوان إنّي أخشى عليك ممّا تنزلينه بنفسك إذا سمعت صوتي بالأذان. فأعفته عن ذلك(1) .

قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : غسّلت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله في قميصه. فكانت فاطمة تقول: أرني القميص. فإذا شمّته غشي عليها. فلمّا رأيت ذلك غيّبته(2) .

ورُوي عن الإمام جعفر الصادقعليه‌السلام أنّه قال: عاشت فاطمة بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خمسة وسبعين يوماً، لم تُرَ كاشرةً ولا ضاحكة، تأتي قبور الشهداء في كل جمعة مرّتين: الاثنين والخميس، فتقول، ها هنا كان رسول الله، وها هنا كان المشركون(3).

وعن محمود بن لبيد قال: لما قُبض رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كانت فاطمةعليها‌السلام تأتي قبور الشهداء وتأتي قبر حمزة

____________________

(1) بحار الأنوار ج 43 عن مَن لا يحضره الفقيه.

(2) مقتل الحسين للخوارزمي.

(3) بحار الأنوار ج 43 ص 195 عن الكافي.

٢٥٨

وتبكي هناك.

فلمّا كان في بعض الأيام أتيت قبر حمزة فوجدتُها تبكي هناك، فأمهلتها حتى سكنت، فأتيتها وسلّمت عليها وقلت: يا سيّدة النسوان قد - والله - قطعتِ نياط قلبي من بكائك.

فقالت: يا أبا عمرو، ويحقّ لي البكاء، فلقد أصبتُ بخير الآباء: رسول الله.

وا شوقاه إلى رسول الله.

ثم أنشأت تقول:

إذا مات يوماً ميّتٌ قلَّ ذكره

وذكر أبي مذ مات - والله - أكثر (1)

أقول: المستفاد من التاريخ والأحاديث أنّ السيدة فاطمةعليها‌السلام كانت تبكي - علي أبيها - في بيتها، فلمّا منعوها عن البكاء، خرجت إلى أُحد، فلمّا اشتدّ بها المرض صعب عليها الخروج إلى أُحد، فكانت تخرج إلى البقيع وبيت الأحزان - كما ستقرأ ذلك -.

____________________

(1) بيت الأحزان للقمّي ص 141.

٢٥٩

فَاطِمَةُ الزهْرَاءعليها‌السلام في مهبِّ الأعَاصِير

أيّها القارئ:

لقد وصلنا - في حديثنا هذا - إلى موضع حساس جدّاً، حساس تاريخياً ودينياً وعقائدياً، ولا أعلم ما يكون صدى هذه الجملات التي سأذكرها هنا؟

ولا أعلم ردود الفعل التي تنشأ من مطالعة هذه الكلمات؟

ولا أعرف نوعية الحكم الذي سيحكم به القارئ عليَّ؟

وما هي التهم التي سيوجّهها إليَّ؟

الطائفية؟ التفرقة؟ إثارة الفتن؟ المسّ بكرامة الصحابة؟

وغيرها من الكلمات التي سأحظى بها من حضرات المطالعين!!

ولعلّك - أيّها القارئ - لا ترضى بهذه الحقائق، وتظنّها كذباً وافتراءً ثم تحكم عليَّ حكماً غيابيّاً بما جاد به لسانك وقلمك.

لا يهمّني هذا بمقدار ما يهمّني أن تعلم أنّني لا أذكر لك - هنا - شيئاً من المصادر الشيعية، ولا من كتب الإمامية، وإنّما أذكر لك بعض القضايا من مصادر سُنّية بحتة محضة فقط، معتبرة عند أهل السنّة والجماعة.

فإن كانت هذه الأخبار صحيحة وصادقة فنعم المطلوب.

وإن كانت سقيمة أي غير صحيحة فليست المسؤولية عليَّ.

وإنّما المسؤولية على تلك المصادر.

وبعبارةٍ أُخرى: ليس الذنب ذنبي، بل الذنب ذنب التاريخ الذي ذكر

٢٦٠