فاطمة الزهراء (عليها السلام) من المهد إلى اللحد

فاطمة الزهراء (عليها السلام) من المهد إلى اللحد0%

فاطمة الزهراء (عليها السلام) من المهد إلى اللحد مؤلف:
الناشر: دار الأنصار
تصنيف: السيدة الزهراء سلام الله عليها
الصفحات: 568

فاطمة الزهراء (عليها السلام) من المهد إلى اللحد

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: السيد محمد كاظم القزويني
الناشر: دار الأنصار
تصنيف: الصفحات: 568
المشاهدات: 232306
تحميل: 9881

توضيحات:

فاطمة الزهراء (عليها السلام) من المهد إلى اللحد
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 568 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 232306 / تحميل: 9881
الحجم الحجم الحجم
فاطمة الزهراء (عليها السلام) من المهد إلى اللحد

فاطمة الزهراء (عليها السلام) من المهد إلى اللحد

مؤلف:
الناشر: دار الأنصار
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

وأنار في التفكير معقولها.

الممتنع من الأبصار رؤيته.

ومن الألسن صفته.

ومن الأوهام كيفيته.

ابتدع الأشياء لا من شيء كان قبلها (1) .

وأنشأها بلا احتذاء أمثلة امتثلها (2) .

كوَّنها بقدرته، وذرأها بمشيئته (3) .

من غير حاجة منه إلى تكوينها.

ولا فائدة في تصويرها.

إلاّ تثبيتاً لحكمته وتنبيهاً على طاعته.

وإظهاراً لقدرته، وتعبّداً لبريته.

وإعزازاً لدعوته.

ثم جعل الثواب على طاعته.

ووضع العقاب على معصيته.

ذيادة لعباده من نقمته (4) .

وحياشةً لهم إلى جنّته (5) .

وأشهد أنّ أبي محمّداً عبده ورسوله.

اختاره وانتجبه قبل أن اجتبله (6) .

____________________

(1) ابتدع: احدث.

(2) الاحتذاء: الاقتداء. وحذو النعل بالنعل أي قطع النعل على مثال النعل وقدرها.

(3) ذرأها: خلقها.

(4) ذيادة: منعاً.

(5) حياشة لهم: سَوقهم.

(6) اجتبله: فطره.

٣٠١

واصطفاه قبل أن ابتعثه.

إذ الخلائق بالغيب مكنونة.

وبستر الأهاويل مصونة.

وبنهاية العدم مقرونة

علماً من الله تعالى بمآئل الأُمور (1) .

وإحاطة بحوادث الدهور.

ومعرفة بمواقع المقدور.

ابتعثه الله إتماماً لأمره.

وعزيمةً على إمضاء حكمه.

وإنفاذاً لمقادير حتمه.

فرأى الأُمم فِرَقاً في أديانها.

عُكَّفاً على نيرانها.

وعابدة لأوثانها.

منكرة لله مع عرفانها.

فأنار الله بمحمّدٍ صلى‌الله‌عليه‌وآله ظُلمـَها (2) .

وكشف عن القلوب بُهمها (3) .

وجلى عن الأبصار غُمَمها (4) .

وقام في الناس بالهداية.

وأنقذهم من الغواية.

____________________

(1) المآئل: جمع مآل - أي المرجع.

(2) ظُلم: جمع ظلمة.

(3) البُهم: جمع بهمة وهي مشكلات الأمور.

(4) الغمم - جمع غمّة - الشيء الملتبس المستور.

٣٠٢

وبصَّرهم من العماية.

وهداهم إلى الدين القويم.

ودعاهم إلى الصراط المستقيم.

ثم قبضه الله إليه قبض رأفة واختيار.

ورغبةٍ وإيثار.

فمحمَّدصلى‌الله‌عليه‌وآله من تعب هذه الدار في راحة.

قد حفَّ بالملائكة الأبرار.

ورضوان الربّ الغفَّار.

ومجاورة الملك الجبَّار.

صلّى الله على أبي.

نبيّه، وأمينه على الوحي وصفيّه.

وخيرته من الخلق ورضيّه.

والسلام عليه ورحمة الله وبركاته.

٣٠٣

شرح الخطبة

(الحمد لله على ما أنعم) إنّ شكر المنعم واجب شرعاً وعقلاً وعرفاً، يستحق الحمد على ما أنعم من النعم الظاهرية كالحياة والصحّة ونحوها.

(وله الشكر على ما ألهم) من النعم الباطنية، كالعلم والمعرفة، والغرائز التي ألهم الإنسان وغير الإنسان إيّاها، فإنّ الإلهام إلقاء في القلب والنفس كالتلقين، وهو تعليم على وجه لا سبيل لأحد للوقوف عليه.

(والثناء بما قدّم) لله تعالى نعم قد أخّرها إلى الدار الآخرة، وهي الجنّة ونعيمها وغير ذلك، ولله تعالى نعم قد قدّمها في هذه الدنيا، قدّمها على بقيّة النعم، وإليك بعض التفصيل:

(من عموم نعم ابتداها) النعم العامّة التي ابتداها الله تعالى: كالماء والهواء والتراب والنار، وقبلها نعمة الإيجاد والخلق، والنعم الابتدائية كالجاذبية في الأرض، والمسافة المعيّنة المحدودة بين الأرض والقمر، وبين الأرض والشمس، والغطاء الجوّي المحيط بالكرة الأرضية المسمّى بالطبقة النتروجينية، وغير ذلك ممّا علم به البشر وما لم يعلمه، ابتداها الله قبل أن يستحقّها البشر.

(وسبوغ آلاء أسداها) الآلاء السابغة أي النعم الشاملة الكاملة التامّة، وأسداها: أعطاها، كنعمة الأعضاء والجوارح والمشاعر والمدارك التي يشعر ويدرك بها الإنسان وغير الإنسان.

(وتمام منن والاها) المنن: جمع منّة، وهي النعمة والعطيّة والإحسان،

٣٠٤

وليس المقصود - هنا - المنّة بمعنى المنّ وهو عدّ الإحسان الذي نهى الله تعالى عنه بقوله:( وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ ) وقال:( لا تُبْطِلُوا صَدَقاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالأَذى ) ووالاها من الموالاة وهي المتابعة في الإعطاء، أي نعمة بعد نعمة، فالنعم الإلهيّة متواصلة متواترة.

(جمّ عن الإحصاء عددُها) أي: كثرت نعم الله سبحانه، فعجز الناس عن إحصائها وعدّها، كما قال سبحانه:( وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّـهِ لَا تُحْصُوهَا ) .

(ونأى عن الجزاء أمَدها) الأمد: الغاية ومنتهى الشيء، فلعلّ المعنى: أنّ الإنسان لا يستطيع أن يجازي ربَّه على نعمه وأياديه.

(وتفاوت عن الإدراك أبدها) كذلك لا يمكن للإنسان أن يدرك النعم الإلهيّة.

(وندبَهم لاستزادتها بالشكر لاتصالها) إنّ الشكر يوجب زيادة النعمة ودوامها واتّصالها، كما قال سبحانه:( لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ) .

(واستحمد إلى الخلائق بإجزالها) كذلك الحمد يوجب المزيد من الخيرات والبركات الإلهيّة.

(وثنى بالندب إلى أمثالها) أي: إنّه تعالى نَدب عباده ودعاهم إلى الاستزادة من موجبات الخير والرحمة، كالإنفاق في سبيل الله والعطف.

(وأشهد أن لا إله إلاّ الله، وحده لا شريك له، كلمة جعل الإخلاص تأويلها) المقصود أنّ كلمة: (لا إله إلاّ الله) يعود معناها إلى الإخلاص، كما قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : (وكمال توحيده الإخلاص له، وكمال الإخلاص له نفي الصفات عنه) فقد قيل: إنّ المقصود من الإخلاص هو جعله خالصاً من النقائص كالجسم والعرض، وما شاكلهما من النقائص، وكمال الإخلاص له نفي الصفات، أي الصفات الزائدة على ذاته؛ لأنّ كل موجود متصف بصفته، وصفته غير ذاته، فالإنسان غير العلم، والعلم

٣٠٥

غير الإنسان، ولكنّ الله تعالى علمه عين ذاته، وبقيّة صفاته كلّها عين ذاته، ولهذا الموضوع بحث مفصّل عند العلماء مذكور في الكتب الكلامية.

(وضمّن القلوب موصولها) أي إنّ الله تعالى ألزم القلوب المعنى الذي تصل إليه كلمة (لا إله إلاّ الله) وهو معنى التوحيد الفطري، أي جعل القلوب على هذه الفطرة، قال تعالى: ( فِطْرَتَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها ) والفطرة: الملّة، وهي الدين الإسلام والتوحيد، وهي التي خلق الناس عليها ولها وبها، ومعنى ذلك أنّ الله تعالى خلقهم وركّبهم وصوّرهم على وجه يدل على أنّ لهم صانعاً قادراً عالماً حياً قديماً واحداً، لا يشبه شيئاً، ولا يشبهه شيء.

(وأنار في الفكر معقولها) أي بسبب التفكير والتعقّل أوضح الله المعنى الذي يوصل إليه بعد التدبّر والتعمّق، أي معنى كلمة التوحيد، والمقصود منه التوحيد النظري، وقد مضى الكلام عن التوحيد الفطري، ومعنى التوحيد النظري: التفكّر في الدلائل والبيّنات، والنظر في الآيات في الآفاق وفي أنفسهم.

(الممتنع عن الأبصار رؤيته) حيث إنّ الله تعالى ليس بجسم، ولا جوهر ولا عرض، والعين لا تدرك ولا ترى إلاّ الأجسام والأعراض، وهي الأمور التي تعرض الجسم، كالألوان والطول والعرض وما شابه ذلك، وحيث إنّ الإدراك بالبصر إنّما يتحقّق بانعكاس صورة المرئي في عدسة العين، أو اتصال أشعّة العين إلى ذلك الشيء المرئي، وحيث إنّ الله تعالى ليس بجسم فلا يمكن انعكاسه في العين؛ ولهذا من المستحيل أن تدركه العيون ولا يمكن لأي موجود أن يرى الله تعالى ويدركه بالعين، كما قال تعالى:( لا تُدْرِكُهُ الأَبْصارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ) وليس هذا الامتناع خاصّاً بالرؤية، بل بجميع الحواس الظاهرة كالسامعة والشامّة والذائقة واللامسة.

٣٠٦

ومن المؤسف جداً أنّ بعض طوائف المسلمين يعتقدون أنّ الله تعالى جسم، ويصرّحون بهذا الاعتقاد الفاسد الساقط عبر الإذاعات، رافعين أصواتهم: إنّ الله ينزل إلى سماء الدنيا وهو راكب على حمار!!

وليس هذا ببعيد من طائفةٍ أُصول دينهم وفروعه محمول على أكتاف رجل يصفونه بالكذب والتزوير والتلاعب، واختلاق الروايات وإسنادها إلى رسول الله وغيره، ويكتبون أنّ عمر بن الخطاب ضربه بالدرّة ومنعه عن الحديث لكثرة الأكاذيب التي كان يختلقها ويصوغها في بوتقة الدجل والتزوير.

وسمعت أيضاً من بعض مدّعي العلم - عبر الإذاعة -: أنّ الرسول رأى ربّه ليلة المعراج رؤية عين.

يا للكفر، يا للإلحاد، يا للزندقة، يا للجهل.

القرآن يقول:( لا تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ ) ، والجهّال يقولون: تدركه الأبصار، يتركون كلام الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، ويأخذون بقول مخلوق إن لم نقل إنّه كذّاب فهو جاهل يخطئ ويصيب.

وإذا كان بعض المسلمين يجهلون أو ينحرفون عن التوحيد الذي هو أصل الدين، فكيف بالنبوّة والإمامة والمعاد؟ وكيف بفروع الدين والأحكام الفقهية والأمور الدينية والقضايا الشرعية؟

(ومن الألسن صفته) أي لا يمكن وصف الله تعالى كما لا يمكن رؤيته، وكيف يستطيع الإنسان أن يصف شيئاً لم يره، ولم يحط به إحاطة، كما قال عليعليه‌السلام : (ليس لصفته حد محدود، ولا نعت

٣٠٧

موجود) لأنّ صفاته عين ذاته، فكما أنّه لا يمكن إدراك ذاته كذلك لا يمكن إدراك صفاته التي هي عين ذاته.

(ومن الأوهام كيفيّته) إنّ الله تعالى جعل للإنسان قوى باطنية، وهي الحواس الخمس الباطنية، وهي الذاكرة والحافظة والواهمة والمفكّرة والحسّ المشترك، والواهمة هي القوّة التي تدرك بها الأشياء الجزئية، كأن يتصوّر الإنسان امرأة جميلة، أو قصراً شاهقاً، أو حديقة غنّاء، أو ما شابه، وكل ما تصوّره الإنسان أو توهّمه فهو مخلوق، ولا يستطيع الإنسان أن يتصوّر الخالق تصوّراً صحيحاً حقيقياً، أي لا يستطيع أن يعلم كيف هو؟ وهو تعالى لا يكيّف بكيف؟ أي لا يمكن تصوّر الكيفيّة في ذاته.

(ابتدع الأشياء لا من شيء كان قبلها) أي خلق الله الكائنات لا من مادّة، أي أوجدها وما كانت موجودة.

ويقول المادّيّون: لا يمكن أن يوجد شيء إلاّ من مادة، والمادة أصل الأشياء.

فإذا سألتهم: وما المادّة؟ من أي شيء وُجدت؟ وأين وُجدت؟ ومَن أوجدها؟ تراهم يسكتون ولا يحيرون جواباً، لأنّهم إذا قالوا: إنّ المادّة وجدت من غير مادّة. قلنا لهم: فما المانع أن توجد الموجودات الأخرى من غير مادّة؟ وإذا قالوا: إنّ المادّة وُجدت من مادّة أخرى نسألهم: المادّة الأخرى من أي شيء وُجدت؟ وهكذا، وهلمّ جراً.

فالاعتقاد بأنّ الله تعالى خلق الأشياء لا من شيء أفضل وأسلم من نظريات الماديّين.

(وأنشأها بلا احتذاء أمثلة امتثلها) أوجد الله تعالى الأشياء لا من مادّة ولا من شيء بلا اقتداء بأحد في تصويرها.

٣٠٨

انظر إلى الاختراعات الحديثة، إنّما اقتدى مخترعوها بأشياء أخرى، صنعوا الطائرة حينما نظروا إلى الطيور وكيفيّة طيرانها، وكيف تلصق رجليها إلى بطنها وقت الطيران، وترسل رجليها حين الهبوط، وصنعوا الغواصة حينما نظروا إلى السمكة تغوص في الماء متى شاءت، وتطفو على الماء متى أرادت.

وهكذا التطوّرات في المصانع والمعامل كلّها من احتذاء أمثالها، والاقتداء بأشباهها، ولكنّ الله تعالى أوجد الكائنات بلا احتذاء ولا اقتداء ولا اتباع بموجودات أخرى مماثلة ومشابهة لتلك الكائنات.

(كوّنها بقدرته) أوجد الله تعالى الأشياء بقدرته الجامعة الكاملة، بدون مشاركة من أحد، بقدرته وقوّته وتمكّنه على الإيجاد والتكوين، لا باستعمال الأدوات والآلات.

(وذرأها بمشيئته) أي خلقها بإرادته دون قوله: وحسب إرادته في الكيفيّة والصورة والشكل والهيئة والعدد، وبقيّة الخصوصيات، خلقها بمشيئته بلا إجبار، وبإرادته التي إذا أراد شيئاً يقول له كن فيكون.

وقد جاء في دعاء الإمام زين العابدينعليه‌السلام : (... ومضت على إرادتك الأشياء، فهي بمشيّتك - دون قولك - مؤتمرة، وبإرادتك - دون نهيك - منزجرة...).

(من غير حاجة منه إلى تكوينها) أي إنّ الله تعالى خلق الكائنات بلا حاجة منه إلى إيجادها وتكوينها، مثل: أن يستأنس بهم، أو يستعين بهم في الأمور، فله تعالى الكمال الكامل بجميع معنى الكلمة، ولا طريق للاحتياج إلى ذاته المقدسة.

(ولا فائدة له في تصويرها) أي لم تكن لله تعالى فائدة في إحداث

٣٠٩

تلك الصور والأشكال والهيئات، فإذا نفينا الحاجة والفائدة في التكوين والتصوير، ينبغي أن نعلم السبب في ذلك؛ لأنّ الفعل بلا سبب لغو، وتعالى الله عن ذلك.

(إلا تثبيتاً لحكمته) وفي نسخة (تبييناً) وعلى كل تقدير، فالمعنى أنّ المقصود من الإنشاء والتكوين والإيجاد هو إظهار الحكمة الإلهيّة، وهو تعالى يعلم تلك الحكمة البالغة التي اقتضت إيجاد الكائنات، ولعلّ من تلك الحكمة أنّ الله تعالى خلق الكائنات لكي يُعرّف.

(وتنبيهاً على طاعته) أي خلق الخلائق كي ينبّههم على وجوب طاعته، والانقياد لأوامره؛ لقوله تعالى:( وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنْسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُون ) والإطاعة والعبادة إنّما تحصل بعد المعرفة، وما قيمة العبادة بغير معرفة؟ وما قيمة المعرفة بدون إطاعة وعبادة؟

(وإظهاراً لقدرته) قدرة الله تعالى كانت موجودة، وإنّما أراد إظهار شيء من قدرته فخلق الجمادات والنباتات والحيوانات والإنسان، وأودع في كل واحد من هذه الموجودات آيات من القدرة، فخلق الكواكب والمجرّات، والأفلاك والسماوات، وخلق الكريّات الحمر والبيض في الدم، وخلق الذرّة وجعل لها قوائم، إلى غير ذلك ممّا يطول الكلام بذكره.

وملخّص القول: إنّ كل موجود من الموجودات تتجلّى وتظهر فيه قدرة الله على الإبداع.

(وتعبّداً لبريته) خلق الله الموجودات كي ينقادوا لأوامره، وينزجروا عن نواهيه، والعبادة هي الانقياد والطاعة.

(وإعزازاً لدعوته) أي خلق الله الأشياء لتكون تقوية للبراهين والحجج التي يستدلّ بها الداعون إلى الله تعالى من الأنبياء وغيرهم.

٣١٠

(ثم جعل الثواب على طاعته) الإنسان لا يندفع نحو العمل إلاّ بدافعين: دافع الرغبة وهو الطمع لجلب الخير، ودافع الرهبة وهو الخوف من المكروه، فالتاجر يتّجر طلباً للمنافع وخوفاً من الفقر، والطالب يتعلّم ويدرس طلباً للثقافة أو الوظفيفة، وهرباً من الجهل الذي يحول بينه وبني الصعود إلى مدارج الكمال.

والإنسان لا ينقاد ولا يطمع إلاّ طمعاً في الأجر والثواب، وخوفاً من العذاب والعقاب، وانطلاقاً من هذه الحكمة جعل الله الثواب - وهو الأجر مع التقدير والاحترام - جزاء لطاعة والانقياد.

(ووضع العقاب على معصيته) أي جعل قانون العقوبة للعاصين، المخالفين لأوامره المتجاوزين لأحكامه، لماذا؟

(ذيادةً لعباده من نقمته) وضع الله تعالى قانون العقوبة لأجل ردع العباد ومنعهم عن ارتكاب الأعمال التي توجب نقمته أي عقوبته.

(وحياشةً لهم إلى جنّته) أي جعل الثواب والعقاب لمنع العباد عن المعاصي، وسوقهم إلى طريق الجنّة، أي الأعمال التي يستحق الإنسان بها الجنّة، وقد مرّ معنى الحياشة في شرح الكلمات.

(وأشهد أنّ محمداً عبده ورسوله) أقرّت السيدة فاطمة الزهراءعليها‌السلام بالشهادتين بعد أن شرحت كلامها شرحاً كافياً حول التوحيد، فانتقلت إلى ذكر النبوّة وما يدور في هذا الفلك، فاعترفت لأبيها - أولاً - بالعبودية الكاملة أي الانقياد والخضوع لله تعالى، وهي درجة يبلغها الإنسان باختياره مع العلم أنّ النبوّة مرتبة تحصل للنبي بغير سعي منه.

٣١١

ثم اعترفت له بالرسالة، أي إنّه نبي مرسل من عند الله تعالى إلى الخلائق بشريعة سماوية.

ومن المؤسف أنّ كلمة (الرسالة) صارت تُستعمل - في زماننا - في كل مبدأ حق أو باطل، وفي كل فكرة صحيحة أو سقيمة.

(اختاره وانتجبه قبل أن أرسله) انتقاه الله من أهل العالم كما ينتقي أحدنا الفرد الكامل الممتاز من أفراد عديدة، فالفاكهة الواحدة نختارها من مئات أمثالها بعد أن نرى فيها المزايا المتوفّرة المستجمعة فيها، المفقودة في غيرها، من حيث الحجم واللون والنضج والطعم والنوع وما شابه ذلك.

وهكذا اختار الله محمّداًصلى‌الله‌عليه‌وآله قبل أن يرسله، أي إنّ أهليّة الرسول - واستحقاقه لهذا المنصب الخطير وهو النبوّة - كانت ثابتة ومعلومة عند الله تعالى قبل أن ينزل الرسول إلى ساحة العمل والجهاد والدعوة إلى الله، وما كانت - هناك - حاجة للاختبار والامتحان حتى تظهر مواهبه واستعداده وتقبّله للمسؤولية، بل كان الله يعلم كفاءة الرسول لهذا العبء الثقيل.

(وسمّاه قبل أن اجتبله) أي سمّاه الله محمّداً قبل أن يخلقه أو سمّاه (كالخطيبة) يقال في حقّها: (سمّيت لفلان) أي تقرّر تزويجها من فلان، فالمعنى - ولا مناقشة في الأمثال - أنّ الله تعالى قد قرّر في سابق علمه أن يكون محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله رسول الله، أو سمّاه الله لأنبيائه قبل أن يخلقه.

(واصطفاه قبل أن ابتعثه) أي اختاره الله تعالى قبل أن يرسله نبيّاً.

(إذ الخلائق بالغيب مكنونة) إنّ الله تعالى اصطفى محمّداً واختاره واجتبله في الوقت الذي كانت الخلائق، وهم الناس غير موجودين، بل كانوا في الغيب مختفين مستورين، أي كانوا في علم غيب الله، وما كان

٣١٢

لهم وجود في الخارج بحيث ما كان يمكن إدراكهم.

(وبستر الأهاويل مصونة) هذه الجملة تفسير لما قبلها، والأهاويل: جمع أهوال وهي جمع هول، وهو الخوف والأمر الشديد والمقصود: وحشة ظلمات الغيب.

(وبنهاية العدم مقرونة) نهاية الشيء حدوده وآخره، والمقصود أنّ الخلائق كانت بعيدة عن الوجود أي كانت معدومة.

(علماً من الله بمآئل الأمور) من ذلك الوقت اختار الله محمّداًصلى‌الله‌عليه‌وآله بسب علمه بعواقب الأمور وما ترجع إليه الأمور، كان الله يعلم عواقب البشر، وعواقب حالاتهم وشؤونهم، وعواقب رسالة النبي وبعثته، ومواهبه وكفاءته للرسالة بسبب اتصافه بالأخلاق الحميدة والصفات الجميلة؛ ولهذا اختاره للرسالة من ذلك الوقت.

وقد صرّحت أحاديث كثيرة جداً مرويّة عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : أنّ أوّل ما خلق الله نور محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله .

وهكذا قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّ الله خلق نوري ونور علي قبل أن يخلق آدم، أو: قبل أن يخلق السماوات والأرض باثنتي عشر ألف سنة، أو: أربعة وعشرين ألف سنة. وغيرها من الروايات الواردة في الكتب المعتبرة.

(وإحاطة بحوادث الأمور) وبسبب إدراكه تعالى جميع ما يدرك من الوقائع التي تحدث وتتجدّد على مرّ الأعوام والقرون.

(ومعرفة بمواقع المقدور) وبسبب معرفته بأزمنة الأمور وأمكنتها التي قضاها، والمصالح التي رآها تعالى.

٣١٣

(ابتعثه الله إتماماً لأمره) بعث الله محمّداًصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إتماماً للحكمة التي خلق الله الأشياء لأجلها، ولعلّ المقصود هو ختم النبوّة برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

(وعزيمة على إمضاء حكمه) وإرادة قويّة أكيدة لإنفاذ حكمه وقضائه، وتقديره في خلقه.

(وإنفاذاً لمقادير حتمه) وإجراء لمقدوراته الواجبة التي لا يمكن إسقاطها، وهي المقادير المحتومة التي لا تتغيّر ولا تتبدّل.

وهنا تتحدّث السيدة فاطمة الزهراء عن الحياة الدينية والتفسّخ العقائدي في ذلك العهد:

(فرأى الأُمم فرقاً في أديانها) رأى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أهل الأرض على أديان متفرّقة، من يهود ونصارى ومجوس، وصابئة وملاحدة وزنادقة.

(عُكّفاً على نيرانها) ملازمة على عبادة النار، ومواظبة عليها، وهم المجوس الذين كانوا يقدّسون النار إلى حدّ العبادة، بل ويبنون بيوتاً للنار، ويحافظون على إبقائها كي لا تنطفئ.

(عابدة لأوثانها) جمع وثن وهم الصنم المصنوع من خشب أو حجارة أو غيرها من التماثيل في كنائسهم وبيعهم، ينحنون أمامها، ويركعون ويسجدون لها بقصد العبادة.

(منكرة لله مع عرفانها) جاحدة لله تعالى مع معرفتهم به تعالى كما قال عزّ وجلّ:( يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَها ) والمقصود أنّهم كانوا يعرفون الخالق والصانع بالفطرة والوجدان والعقل؛ إذ إنّهم كانوا يعلمون أنّ كل مصنوع لابدّ له من صانع، ويعلمون أنّ الكائنات مخلوقة ولم يدّع أحد من المخلوقين أنّه خلق الشمس والقمر والسماء والأرض، فلابدّ من

٣١٤

الاعتقاد بوجود صانع لها.

(فأنار الله بمحمّدٍ صلى‌الله‌عليه‌وآله ظلمها) أزال الله تعالى - بجهود الرسول وجهاده - تلك الظلمات، ظلمات تلك الأُمم، ظلمات الكفر والشرك والجهل، أي إنّ الأدلّة والبراهين التي احتجّ بها الرسول كانت كفيلة للقضاء على تلك النظريات، التي تأسّست عليها عبادة النيران والأوثان، وليس المقصود أنّ الرسول قضى على جميع الأديان الباطلة والعقائد الفاسدة بمعنى إزالتها عن الوجود، بل أثبت أنّ الإسلام هو الحق وغيره باطل.

(وكشف عن القلوب بهمها) كشف الله - بمحمدصلى‌الله‌عليه‌وآله - عن القلوب مشكلاتها، والأمور المخفيّة المستورة عنها، كالاعتقاد بالتوحيد والحشر والنشر في القيامة؛ إذ كانت تلك الأمور من المشاكل الغامضة عندهم، ولكنّها انحلّت وانكشفت ببركة الرسول.

(وجلى عن الأبصار غممها) وكشف وأوضح عن العيون الظلمة المبهمة المستولية عليها، والمقصود من الظلمة - هنا - الانحرافات العقائدية التي كانت كالظلمة على أعينهم؛ ولهذا ما كانوا يبصرون الحقائق بسبب تلك الظلمة.

(وقام في الناس بالهداية) قام رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بإراءة الطريق للناس، ونصب لهم العلامات الدالّة على الحق والحقيقة، على التوحيد والنبوّة والمعاد.

(وأنقذهم من الغواية) أنقذهم من الضلالة التي كانوا يعيشون فيها، ويموتون عليها، الضلالة في العقائد، في الأخلاق، في الآداب والسلوك، في العادات والتقاليد فكأنّهم مغرقون في البحر، فأنقذهم الرسول من الغرق، وأسعفهم من الهلاك.

(وبصّرهم من العماية) جعلهم أصحاب بصر وبصيرة، فالأعمى - لغةً - هو الذي لا يرى شيئاً، والأعمى - مجازاً - هو الذي لا يدرك الحقائق كما هي، فإذا تعلّم صار بصيراً.

٣١٥

(وهداهم إلى الدين القويم) للهداية معاني عديدة، منها: إراءة الطريق لمـَن لا يعرف الطريق، ومنها الإيصال إلى المطلوب، ولقد قام رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بالهداية بكلا المعنيين: أراهم طريق السعادة وأوصلهم إلى سعادة الدنيا والآخرة.

(ودعاهم إلى الصراط المستقيم) أي الطريق الذي لا اعوجاج فيه، وهو الإسلام.

(ثمّ قبضه الله إليه قبض رأفة واختيار، ورغبة وإيثار) أي توفّاه الله وأخذه إلى عالم الآخرة بسبب الرأفة لا الغضب والسخط، وباختيار منه لا بإجبار وإكراه أو باختيار من الله تعالى له الآخرة وإرادة منه تعالى، وفضّل له الآخرة على الدنيا كما قال عزّ وجلّ:( وَلَلآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الأُولى ) .

(فمحمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله من تعب هذه الدار في راحة) من مشاكلها ونوائبها، وما كان يرى فيها من أنواع الأذى والمخالفة، فإنّ الموت راحة لأولياء الله، وإنّ حياة الأنبياء حياة متعبة؛ لأنّها جهود وجهاد، ومشقّة وعناء.

(قد حُفّ بالملائكة الأبرار) الذين حفّوا به والتفّوا حوله، ورافقوا روحه الطاهرة إلى الرفيق الأعلى إلى أعلى علّيّين.

(ورضوان الربّ الغفّار) الذي شمله في ذلك العالم بصورة أوسع؛ لأنّ الدنيا تضيق عن ظهور جميع آثار رضا الله، ولكنّ الآخرة واسعة المجال.

(ومجاورة الملك الجبار) فهو في حفظ الله وذماره وقريب من ثوابه وألطافه.

(صلّى الله على أبي، نبيّه وأمينه على الوحي وصفيّه) الأمين الذي أُؤتمن على الوحي والرسالة وصفيّه الذي اصطفاه من خلقه.

(والسلام عليه ورحمة الله وبركاته) وفي نسخة: (فمحمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله في راحةٍ من تعب هذه الدار، موضوعاً عنه أعباء الأوزار، محفوفاً بالملائكة الأبرار).

٣١٦

خطبة فاطمة الزهراءعليها‌السلام

ثم التفَتت إلى أهل المجلس وقالت:

أنتم - عباد الله - نصب أمره ونهيه (1) .

وحَمَلة دينه ووحيه.

وأُمناءُ الله على أنفسكم (2) .

وبلغاؤه إلى الأُمم (3) .

زعيم حقّ له فيكم.

وعهد قدّمه إليكم.

وبقيّة استخلفها عليكم.

كتاب الله الناطق.

والقرآن الصادق.

والنور الساطع (4) .

والضياء اللامع (5) .

بيّنة بصائره، منكشفة سرائره (6) .

____________________

(1) منصوبون لأوامره ونواهيه.

(2) أمناء: جمع أمين.

(3) البلغاء - جمع بليغ، والمقصود - هنا - المبلّغ.

(4) الساطع: المرتفع.

(5) اللامع: المضيء.

(6) البصائر: جمع بصيرة، والمراد - هنا -: الحجج والبراهين. والسرائر: جمع سريرة، والمقصود - هنا -: الأسرار الخفيّة واللطائف الدقيقة.

٣١٧

متجلّية ظواهره (1) .

مغتبط به أشياعه (2) .

قائد إلى الرضوان إتّباعه.

مؤدٍّ إلى النجاة استماعه.

به تُنال حجج الله المنوّرة.

وعزائمه المفسّرة (3) .

ومحارمه المحذّرة.

وبيّناته الجالية (4) .

وبراهينه الكافية.

وفضائله المندوبة (5) .

ورُخَصُه الموهوبة.

وشرائعه المكتوبة (6) .

فجعل الله الإيمان تطهيراً لكم من الشرك.

والصلاة تنزيهاً لكم من الكبر.

والزكاة تزكية للنفس ونماءً في الرزق.

والصيام تثبيتاً للإخلاص.

والحج تشييداً للدين.

____________________

(1) متجلّية: منكشفة.

(2) الغبطة: أن تتمنّى مثل حال المغبوط إذا كان بحالة حسنة.

(3) العزائم: جمع عزيمة: الفريضة التي افترضها الله.

(4) الجالية: الواضحة.

(5) المندوبة: المدعو إليها.

(6) المكتوبة - هنا -: الواجبة.

٣١٨

والعدل تنسيقاً للقلوب (1) .

وإطاعتنا نظاماً للملّة وإمامتنا أماناً للفرقة.

والجهاد عزّاً للإسلام.

والصبر معونة على استيجاب الأجر.

والأمر بالمعروف مصلحة للعامّة.

وبرَّ الوالدين وقايةً من السخط.

وصِلَة الأرحام منماةً للعدد (2) .

والقصاص حقناً (3) للدماء.

والوفاء بالنذر تعريضاً (4) للمغفرة.

وتوفية المكاييل (5) والموازين تغييراً للبخس.

والنهي عن شرب الخمر تنزيهاً عن الرجس.

واجتناب القذف حجاباً عن اللعنة.

وترك السرقة إيجاباً للعفّة.

وحرّم الشرك إخلاصاً له بالربوبيّة.

فاتقوا الله حقّ تقاته، ولا تموتنّ إلاّ وأنتم مسلمون.

وأطيعوا الله فيما أمركم به ونهاكم عنه.

فإنّه إنّما يخشى الله من عباده العلماء.

__________

(1) التنسيق: التنظيم.

(2) منماة - على وزن مسجاة -: اسم آلة النموّ، ولعلّها مصدر ميمي للنموّ.

(3) حقناً: حفظاً.

(4) تعريضاً: إذا جعلته في عرضة الشيء.

(5) المكاييل: جمع مكيال: وهو ما يكال به. والموازين: جمع ميزان. والبخس: النقص.

٣١٩

خطابهاعليها‌السلام إلى الحاضرين في المسجد

ثم انتقلتعليها‌السلام من ذكر النبوّة إلى ذكر ما تركه الرسول الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من الثقلين: الكتاب والعترة الذين يقومان مقام النبي فقالت: وهي مخاطبة للحاضرين في المسجد النبوي حينذاك:

(أنتم - عباد الله - نصب أمره ونهيه) كلمة: (عباد الله) جملة معترضة بين المبتدأ والخبر، والمعنى: أخصّ بالخطاب عباد الله أنتم نصب أمره ونهيه، أي أنتم منصوبون لأوامره الله تعالى ونواهيه؛ لأنّكم كنتم موجودين عند ورود الأوامر والنواهي، والخطاب موجّه إليكم.

(وحَملة دينه ووحيه) أي الحاملون لأحكام الدين لمشاهدتكم سيرة الرسول والأحكام التي كانصلى‌الله‌عليه‌وآله يصدّرها، وأنتم الحاملون لآيات القرآن حينما كان جبرئيل ينزل بها على الرسول يعلّمكم إيّاها.

(وأُمناؤ الله على أنفسكم) أنتم الذين ائتمنكم الله على دينه حتى تتلقّوا الأحكام من الرسول ثم تلقوها إلى الأفراد الذين لم يتعلّموا تلك الأحكام.

(وبلغاؤه إلى الأُمم) لا شك أنّ العلوم تنتقل من جيل إلى جيل على مرّ القرون، وحيث إنّكم عاصرتم الرسول وسمعتم أحاديثه وتعلَّمتم سُنّته؛ يجب عليكم أن تبلّغوا تلك الأوامر والتعاليم والأحاديث والسنن إلى

٣٢٠