فاطمة الزهراء (عليها السلام) من المهد إلى اللحد

فاطمة الزهراء (عليها السلام) من المهد إلى اللحد0%

فاطمة الزهراء (عليها السلام) من المهد إلى اللحد مؤلف:
الناشر: دار الأنصار
تصنيف: السيدة الزهراء سلام الله عليها
الصفحات: 568

فاطمة الزهراء (عليها السلام) من المهد إلى اللحد

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: السيد محمد كاظم القزويني
الناشر: دار الأنصار
تصنيف: الصفحات: 568
المشاهدات: 231845
تحميل: 9876

توضيحات:

فاطمة الزهراء (عليها السلام) من المهد إلى اللحد
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 568 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 231845 / تحميل: 9876
الحجم الحجم الحجم
فاطمة الزهراء (عليها السلام) من المهد إلى اللحد

فاطمة الزهراء (عليها السلام) من المهد إلى اللحد

مؤلف:
الناشر: دار الأنصار
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

في ذلك اليوم يجمع الله تعالى فراعنة الأُمم، وهم أذلاَّء حقراء قد أذهلهم الفزع الأكبر، وقد تذكّر كل منهم أعماله ومخازيه وموبقاته.

وقرأ إضبارته المليئة بهتك حرمات الله، وظلم أوليائه وإهدار دماء الأبرياء، وإذلال الصالحين.

في ذلك اليوم تتبخَّر الشخصيات الجبَّارة، وتنعدم إمكانيات الطواغيت وتسلب قدرة الفراعنة.

في ذلك اليوم تظهر عظمة الصدّيقة الطاهرة، ومنزلتها السامية عند ربّها وجلالة قدرها وعظم شأنها.

إنّه يوم عظيم، وعجيب ومدهش ومذهل.

فأنبياء الله يحشرون من قبورهم، ويتّجهون نحو المحشر.

وجميع الخلائق على اختلاف أديانهم وألوانهم وأعمالهم.

وجميع الأُمم على اختلاف شرائعهم.

وجميع العالمين( وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَدًا ) .

وحتى الجنين الذي سقط عن بطن أُمّه قد استوى إنساناً كاملاً.

أكثرهم عراة وكلّهم حفاة.

يجتمعون على صعيد المحشر، ويصطفّون صفوفاً تبلغ سبعين ألف صف تبدأ الصفوف من أقصى المشرق وتنتهي إلى أقصى المغرب.

في ذلك اليوم تتجلّى شخصية الزهراء عند أهل المحشر، وإليك بعض الأحاديث التي تشير إلى هذا المعنى، وقد ذكرها جمع غفير من علماء العامّة أضف إليها طائفة كبيرة من تلك الأحاديث التي رُويت عن أئمّة أهل البيتعليهم‌السلام وهاهي بعض تلك الأحاديث:

1 - روى الحاكم النيسابوري في المستدرك ج3 ص153 بإسناده عن عليّعليه‌السلام قال: سمعت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول:

٥٤١

(إذا كان يوم القيامة نادى منادٍ من وراء الحجاب: يا أهل الجمع غضّوا أبصاركم عن فاطمة بنت محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله حتّى تمرّ).

ورواه ابن الأثير في (أُسد الغابة ج5 ص523)، والكنجي الشافعي في (كفاية الطالب ص212)، والذهبي في (ميزان الاعتدال ج2 ص18)، والهمذاني في (مودّة القربى ص104) مع زيادة قال:

2 - عن عليّعليه‌السلام عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال:

إذا كان يوم القيامة نادى منادٍ من بطنان العرش: يا أهل القيامة أغمضوا أبصاركم، لتجوز فاطمة بنت محمد مع قميص مخضوب بدم الحسين. فتحتوي على ساق العرش فتقول: أنت الجبّار العدل، اقض بيننا وبين مَن قتل ولَدي. فيقضي الله بسُنَّتي وربّ الكعبة.

ثم تقول: اللّهمّ أشفعني فيمن بكى على مصيبته، فيشفّعها الله فيهم.

ومنهم الزرندي في (نظم درر السمطين)، والمتقي في (كنز العمّال ج13 ص93)، والهيثمي في (مجمع الزوائد ج6 ص212)، وابن الصباغ المالكي في (الفصول المهمّة ص127)، وابن أبي الحديد في (شرح النهج)، وابن حجر العسقلاني في (لسان الميزان ج3 ص237).

والسيوطي في (الخصائص ج2 ص265) و(الجامع الصغير) و(التعقيبات)، والكناني المصري في (تنزيه الشريعة المرفوعة)، والنبهاني في (الفتح الكبير) و(جواهر البحار)، والشافعي في (المناقب)، والملاّ عليّ القاري في (جمع الوسائل)، والقندوزي في (ينابيع المودّة)، والشبراوي في (الإتحاف بحب الأشراف)، والشبلنجي في (نور الأبصار).

3 - ويروي هذا الحديث عن أبي هريرة كلٌّ من:

أبي نعيم في (دلائل النبوّة)، وابن حجر الهيثمي في (الصواعق المحرقة)، وغيرهما.

ويروي هذا الحديث أيضاً عن أبي أيوب الأنصاري كل من: الخوارزمي في (مقتل الحسين) قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ينادي مناد من بطنان العرض: يا أهل الجمع نكّسوا رؤوسكم وغضّوا أبصاركم حتى تجوز فاطمة بنت محمّد على الصراط.

قال: فتمرّ ومعها سبعون ألف جارية من الحور العين كالبرق اللامع.

ورواه القرماني في (أخبار الدول)، والطبري في (ذخائر العقبى)، وابن الصباغ في (الفصول المهمّة)، والصفوري في (نزهة المجالس) وغيرهم.

ويروي هذا الحديث عن ابن عمر وأبي سعيد الخدري، وغيرهما.

4 - وقد روى جمع كثير من علماء العامّة عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) أنّ السيدة فاطمة الزهراء ترد المحشر على ناقة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله العضباء أو ناقته القصوى.

٥٤٢

فاطمة الزهراءعليها‌السلام والشفاعة

هناك أحاديث كثيرة - مذكورة في كتب الشيعة وأهل السنّة - تصرِّح بشفاعة السيدة فاطمة الزهراءعليها‌السلام يوم القيامة.

وإليك بعضها فيما يلي:

1 - عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال: قلت لأبي جعفر الباقرعليه‌السلام : جُعلت فداك يا بن رسول الله حدثني بحديث في فضل جدّتك فاطمة، إذا أنا حدّثت به الشيعة فرحوا بذلك؟

فقال أبو جعفرعليه‌السلام : حدثني أبي عن جدّي عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: إذا كان يوم القيامة تُنصب للأنبياء والرسل منابر من نور، فيكون منبري أعلى منابرهم يوم القيامة، ثم يقول الله: اخطب، فأخطب بخطبة لم يسمع أحد من الأنبياء والرسل بمثلها، ثم يُنصب للأوصياء منابر من نور، ويُنصب لوصيي عليّ بن أبي طالب في أوساطهم منبر، فيكون منبره أعلى من منابرهم، ثم يقول: يا عليّ أُخطب، فيخطب بخطبة لم يسمع أحد من الأوصياء بمثلها، ثم ينصب لأولاد الأنبياء والمرسلين منابر من نور، فيكون لابنيّ وسبطيّ وريحانتي أيام حياتي منبر من نور، ثم يقال لهما اخطبا، فيخطبان بخطبتين لم يسمع أحد من أولاد الأنبياء والمرسلين بمثلها!

٥٤٣

ثم ينادي المنادي - وهو جبرائيلعليه‌السلام -: أين فاطمة بنت محمد؟.

... فتقومعليها‌السلام .

إلى أن قال: فيقول الله تبارك وتعالى: يا أهل الجمع لمن الكرم اليوم؟

فيقول محمد وعليّ والحسن والحسينعليهم‌السلام : لله الواحد القهّار.

فيقول الله تعالى: يا أهل الجمع إنّي قد جعلتُ الكرم لمحمّد وعليّ وفاطمة والحسن والحسين!

يا أهل الجمع، طأطئوا الرؤوس، وغضّوا الأبصار، فإنّ هذه فاطمة تسير إلى الجنّة، فيأتيها جبرئيل بناقة من نوق الجنّة، مدّبحة الجنين، خطامها من اللؤلؤ الرطب، عليها رحل من المرجان، فتُناخ بين يديها، فتركبها، فيبعث الله مائة ألف ملك ليسيروا عن يمينها، ويبعث إليها مائة ألف ملك ليسيروا عن يسارها، ويبعث إليها مائة ألف ملك، يحملونها على أجنحتهم، حتّى يصيّروها على باب الجنّة، فإذا صارت عند باب الجنّة تلتفت، فيقول الله: يا بنت حبيبي ما التفاتك وقد أمرتُ بك إلى جنّتي؟

فتقول: يا ربّ أحببتُ أن يُعرف قدري في مثل هذا اليوم!

فيقول الله: يا بنت حبيبي! ارجعي فانظري مَن كان في قلبه حبّ لكِ أو لأحد من ذريّتك، خُذي بيده فأدخليه الجنّة!

قال أبو جعفرعليه‌السلام : والله يا جابر، إنّها ذلك اليوم لتلتقط شيعتها ومحبّيها، كما يلتقط الطير الحب الجيّد من الحبّ الرديء، فإذا صار شيعتها معها عند باب الجنّة، يُلقي الله في قلوبهم أن يلتفتوا، فإذا التفتوا يقول الله تعالى:

يا أحبائي ما التفاتكم، وقد شفّعت فيكم فاطمة بنت حبيبي؟

٥٤٤

فيقولون: يا رب أحببنا أن يُعرف قدرنا في مثل هذا اليوم؟!

فيقول الله: يا أحبائي ارجعوا وانظروا: مَن أحبّكم لحبّ فاطمة.

انظروا: مَن أطعمكم لحب فاطمة.

انظروا: مَن كساكم لحب فاطمة.

انظروا: مَن سقاكم شربة في حب فاطمة.

انظروا: مَن ردّ عنكم غيبة في حب فاطمة.

فخذوا بيده، وأدخلوه الجنّة...(1) .

2 - وورد عن ابن عباس قال: سمعت أمير المؤمنين عليّاًعليه‌السلام يقول: دخل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ذات يوم على فاطمة وهي حزينة، فقال لها: ما حزنكِ يا بنيّة؟

قالت: يا أبة ذكرت المحشر، ووقوف الناس عراة يوم القيامة!

فقال: يا بنيّة إنّه ليوم عظيم، ولكن قد أخبرني جبرئيل عن الله عزّ وجل أنّه قال: أوّل مَن ينشق عنه الأرض يوم القيامة، أنا، ثم بعلك عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام ، ثم يبعث الله إليك جبرائيل في سبعين ألف ملك فيضرب على قبرك سبع قباب من نور، ثم يأتيك إسرافيل بثلاث حلل من نور، فيقف عند رأسك، فيناديك: يا فاطمة بنت محمد قومي إلى محشرك.

فتقومين آمنة روعتك، مستورة عورتك، فيُناوِلُك إسرافيل الحُلل فتلبسينها، ويأتيك روفائيل بنجيبة من نور، زمامها من لؤلؤ رطب، عليها محفّة (2) من ذهب، فتركبينها، ويقود روفائيل بزمامها، وبين يديك سبعون

____________________

(1) بحار الأنوار ج 8 ص 51، تفسير فرات بن إبراهيم ص 113.

(2) محفّة - بكسر الميم -: مركب للنساء كالهودج.

٥٤٥

ألف ملك بأيديهم ألوية التسبيح، فإذا جدّ بك السير استقبلتك سبعون ألف حوراء، يستبشرون بالنظر إليك، بيد كل واحدة منهن مجمرة من نور، يسطع منها ريح العود من غير نار، وعليهن أكاليل الجوهر، مرصّعة بالزبرجد الأخضر(1) .

وعن الإمام الباقرعليه‌السلام قال: سمعت جابر بن عبد الله الأنصاري يقول: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إذا كان يوم القيامة تُقبِل ابنتي فاطمة على ناقة من نوق الجنّة... وعن يمينها سبعون ألف ملك، وعن شمالها سبعون ألف ملك، وجبرئيل آخذ بخطام الناقة ينادي بأعلى صوته:

(غضّوا أبصاركم حتى تجوز فاطمة بنت محمّد) فلا يبقى يومئذ نبي ولا رسول ولا صدّيق ولا شهيد إلاَّ غضّوا أبصارهم حتى تجوز فاطمة...

وتقول: إلهي وسيّدي احكم بيني وبين مَن ظلمني، اللّهمّ احكم بيني وبين مَن قتل ولدي.

فإذا النداء من قِبَل الله جلّ جلاله: يا حبيبتي وابنة حبيبي سليني تُعطي، واشفعي تُشَفَّعي، فو عزتي وجلالي لا جازني ظلم ظالم.

فتقول: إلهي وسيّدي: ذريّتي وشيعتي وشيعة ذريّتي، ومحبييّ، ومحبيّ ذرّيتي.

فإذا النداء من قِبَل الله جلّ جلاله: أين ذرّية فاطمة وشيعتها ومحبّوها ومحبّو ذريّتها؟

فيُقبلون وقد أحاط بهم ملائكة الرحمة، فتتقدمهم فاطمةعليها‌السلام حتى تدخلهم الجنة(2) .

3 - وروي عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - في قوله تعالى:

____________________

(1) بحار الأنوار ج 43.

(2) بحار الأنوار ج43.

٥٤٦

(لا يحزنهم الفَزغ الأكبر وهم فيما اشتهت أنفسهم خالدون) - قال:

(... فتدخل فاطمة ابنتي الجنّة وذريّتها وشيعتُها، ومَن أولاهم معروفاً ممّن ليس هو من شيعتها.

فهو قول الله (عزّ وجلّ): (لا يحزنه الفَزَع الأكبر).

قال: هو يوم القيامة.

(وهم فيما اشتهت أنفسهم خالدون) هي - واللهِ - فاطمة وذريّتها وشيعتها، ومَن أولاهم معروفاً ممّن ليس هو من شيعتها)(1) .

أيّها القارئ الكريم:

بعد ما مرّ عليك بعض تلك الأحاديث الصحيحة فقف معي موقف المتعجّب من آراء مستحدثة، وأقوال مبتدعة تتحدّى جميع الآيات القرآنية والأحاديث النبوية التي تتحدّث عن الشفاعة لأولياء الله، فتراهم ينكرون الشفاعة وينفونها حتى من سيّد الأنبياء محمد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وهم يحسبون أنّهم يدافعون عن توحيد الله تعالى فكأن الشفاعة تناقض التوحيد، أو تدعو إلى الشرك بالله عزّ وجل.

استمع إلى هذه الآيات المباركة ثم أحكم:

( مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِندَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ ) (2) .

( وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَىٰ ) (3) .

( مَا مِن شَفِيعٍ إِلَّا مِن بَعْدِ إِذْنِهِ ) (4) .

( لَّا يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِندَ الرَّحْمَـٰنِ عَهْدًا ) (5) .

( يَوْمَئِذٍ لَّا تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَـٰنُ ) (6) .

____________________

(1) تفسير فرات الكوفي.

(2) البقرة: 255.

(3) الأنبياء: 28.

(4) يونس: 3.

(5) مريم: 87.

(6) طه: 109.

٥٤٧

( وَلَا تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ عِندَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ ) (1).

( لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلَّا مِن بَعْدِ أَن يَأْذَنَ اللَّـهُ لِمَن يَشَاءُ ) (2) .

هذه الآيات كما تراها تصرّح بالشفاعة بإذن الله، وتثبت الشفاعة للشافعين، أما تكفي هذه الآيات لإثبات الشفاعة لأولياء الله أيّها المسلمون؟

هذه الآيات كما تراها تصرّح بشفاعة أولياء الله في يوم القيامة، وأمّا الشفاعة لهم في الدنيا فإليك هذه الآية المباركة الصريحة في تخويل أولياء الله الشفاعة والدعاء والاستغفار للناس، قال تعالى:

1 -( وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ جَآؤُوكَ فَاسْتَغْفَرُواْ اللهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُواْ اللهَ تَوَّاباً رَّحِيماً ) فإنّ الآية دلَّت على أنّ العاصين إذا جاءوا إلى الرسول تائبين، وجعلوا يتوسّلون به في طلب المغفرة من الله، واستغفر عند ذلك لهم الرسول لوجدوا الله توّاباً رحيماً، فلو كان الاستشفاع من النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله شركاً بالله لما وجدوا الله تواباً رحيماً؛ لأنّ الله لا يغفر أن يشرك به.

2 - قوله تعالى حكاية من أولاد يعقوب:( يَا أَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ ) وقول يعقوب:( سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي ) فإنّه صريح في سؤالهم وتوسلهم بأبيهم إلى الله في الاستغفار وطلب العفو.

3 - قوله تعالى:( وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ ) .

4 -( وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَّهُمْ ) .

5 -( مَّن يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُن لَّهُ نَصِيبٌ مِّنْهَا ) .

هذا والبحث يحتاج إلى مزيد من التفصيل ولكنّ الكتاب لا يسع لذلك، بل يحتاج إلى مجال أوسع والله وليّ التوفيق.

____________________

(1) سبأ: 23.

(2) النجم: 26.

٥٤٨

التوسّل إلى الله بفاطمة الزهراء

قال تعالى:( أُولئِكَ الّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى‏ رَبّهِمُ الْوَسِيلَةَ ) (1) .

روى الحاكم الحسكاني الحنفي(2) - في هذه الآية -: عن عكرمة قال: هم النبي وعلي وفاطمة والحسن والحسين.

وروي عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّ الله تعالى حين خلق آدم، أراه أنوار محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين، ثم أوحى إليه:

(هؤلاء خمسة شققتُ لهم خمسة أسماء من أسمائي... فأنا المحمود وهذا محمد، وأنا العالي وهذا علي، وأنا الفاطر وهذه فاطمة وأنا الإحسان وهذا الحسن وأنا المحسن وهذا الحسين... فإذا كانت لك إليَّ حاجة فبهؤلاء توسَّل).

ثم قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : (نحن سفينة النجاة، ومَن حاد عنّا هلك، فمن كانت له إلى الله حاجة فليسأل بنا أهل البيت...)(3) .

وروي أنّ السيدة فاطمةعليها‌السلام قالت: (... واحمدوا الذي لعظمته ونوره يبتغي من في السماوات والأرض إليه الوسيلة، ونحن وسيلته في خلقه، ونحن خاصَّته ومحلّ قدسه، ونحن حجته في غيبه، ونحن ورثة أنبيائه...)(4) .

____________________

(1) الإسراء: 57.

(2) في شواهد التنزيل ج 1 ص 342.

(3) فرائد السمطين للجويني الشافعي ج 1 ص 36.

(4) شرح نهج البلاغة ج 16 ص 211.

٥٤٩

وعن الإمام العسكريعليه‌السلام قال: (نحن حجة الله على الخلق، وفاطمة حجة علينا)(1).

وروي أنّ الإمام الباقرعليه‌السلام أصابته الحمّى، فكان يتوسّل إلى الله تعالى - لشفائه - بالسيّدة الزهراءعليها‌السلام وينادي - بأعلى صوته، وهو على فراش المرض -: يا فاطمة بنت محمّد. حتى يُسمع صوته عند باب الدار(2) .

ومن الأمور المجرَّبة لقضاء الحوائج هو أن تقول:

(اللّهم صلّ على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها عدد ما أحاط به علمك).

تقولها خمسمائة وثلاثين مرّة.

____________________

(1) كتاب أطيب البيان.

(2) بحار الأنوار ج 46.

٥٥٠

زيارة فاطمة الزهراءعليها‌السلام

1 - روي عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : (... ومن زار فاطمة فكأنّما زارني...)(1) .

2 - وعن يزيد بن عبد الملك(2) عن أبيه، عن جدّه قال: دخلت على فاطمة فبدأتني بالسلام ثم قالت: ما غدا بك؟

قلت: طلب البركة.

قالت: أخبرني أبي - وهو: ذا - أنّه من سلَّم عليه وعليَّ ثلاثة أيام، أوجب الله له الجنّة.

قلت لها: في حياته وحياتك؟

قالت: نعم وبعد موتنا(3).

3 - وروي عن الإمام عليعليه‌السلام عن فاطمةعليها‌السلام قالت: قال لي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يا فاطمة مَن صلّى عليك غَفر الله له، وألحقه بي حيث كنتُ من الجنّة(4) .

____________________

(1) بشارة المصطفى.

(2) الظاهر أنّه النوفلي، من أصحاب الإمام الباقرعليه‌السلام ذكره المامقاني في رجاله، وليس المقصود يزيد بن عبد الملك المرواني؛ لأنّ أباه وجدّه كانا منفيّين من المدينة المنوَّرة إلى الطائف، لبغضهما لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ولم يعودا إلى المدينة إلاّ في عهد عثمان.

(3) التهذيب.

(4) كشف الغمّة.

٥٥١

وقد روى السيد ابن طاووس هذه الزيارة للسيدة الزهراءعليها‌السلام وقال: روي أنّ مَن زارها بهذه الزيارة، واستغفر الله غفر الله له وادخله الجنّة.

والزيارة هي:

(السلام عليك يا سيّدة نساء العالمين، السلام عليك يا والدة الحجج على الناس أجمعين، السلام عليك أيّتها المظلومة الممنوعة حقّها).

ثم قل: (اللّهمّ صلّ على أَمَتِك وابنة نبيّك وزوجة وصيِّ نبيّك، صلاةً تزلفها فوق زلفى عبادك المكرَّمين من أهل السماوات والأرضين)(1) .

وهناك زيارة أُخرى مرويَّة عن الإمام محمد الجوادعليه‌السلام ولهاعليها‌السلام زيارات أُخرى أيضاً مذكورة في كتب الدعاء والزيارات.

____________________

(1) الإقبال للسيد ابن طاووس.

٥٥٢

مَوَاكِبُ الشّعرَاء في رثَاءِ السَيّدَةِ الزّهَراء

إنّ عظمة السيدة فاطمة الزهراءعليها‌السلام وفضائلها ومزاياها ومصائبها وما رأت من الضغط والكبت والاضطهاد كانت كافية لتهييج العواطف الجيّاشة تجاهها، فلا عجب إذا طفق الشعراء ينثرون مدائحهم للسيدة فاطمة - بمختلف اللغات - ويعبّرون عن شعورهم وحبّهم ومودّتهم إيّاها.

وذلك حينما اهتزت ضمائرهم، فتفتحت قرائحهم، وفاضت أحاسيسهم فطفقوا يثنون على السيدة فاطمة الزهراء أحسن الثناء، ويرثونها بأوجع الرثاء.

وأي شاعر يشعر بآلام السيدة فاطمة الزهراء ولا يهيج شعوره؟ وأي إنسان يدرك مواهب السيدة فاطمة الزهراء ومزاياها ولا يعبّر عن مشاعره؟

إلاّ أن يكون شعوره متحجّراً، أو إدراكه معطّلاً أو أحاسيسه راكدة وجامدة.

إنّ جمال حياة السيدة فاطمة الزهراء يأخذ بمجامع قلب كل حرٍ، وكل قلبٍ حرٍ سليم.

ولقد كان للشعراء مواقف مشكورة مذكورة تجاه سيّدتنا فاطمة الزهراء، وأخصّ منهم شعراء القرون الأخيرة فلقد سجّلوا أروع آيات الولاء بأجمل تعبير، وصبّوها في قالب النظم والقريض مدحاً ورثاءً، وكفاهم بذلك ثمناً للجنّة التي وُعد المتّقون.

٥٥٣

فإنَّك تجد الأدب الرفيع والمستوى الأعلى والتعبير الأجمل الأرقى في كل بيت من كل قصيدة، وكأنّ كل بيت منها هو بيت القصيد.

وإليك طائفة من باقات الولاء التي سجلّها الشعراء في ديوان التاريخ الخالد:

1 - لقد أجاد المرحوم الشيخ كاظم الأزري (تغمّده الله برحمته) حيث قال:

نقضوا عهد أحمد في أخيه

وأذاقوا البتول ما أشجاها

يوم جاءت إلى عديٍّ وتيمٍ

ومن الوجد ما أطال بكاها

فدنت واشتكت إلى الله شكوىً

والرواسي تهتزّ من شكواها

لست أدري إذ روّعت وهي حسرى

عاند القوم بعلها وأباها

تعظ القوم في أتمّ خطابٍ

حكت المصطفى به وحكاها

هذه الكتب فاسألوها تروها

بالمواريث ناطقاً فحواها

وبمعنى (يوصيكم الله) أمر

شامل للأنام في قرباها

فاطمأنَّت لها القلوب وكادت

أن تزول الأحقاد ممّن طواها

أيّها القوم راقبوا الله فينا

نحن من روضة الجليل جناها

واعلموا أنّنا مشاعر دين الله

فيكم فأكرموا مثواها

ولنا من خزائن الغيبِ فيض

ترد المهتدون منه هداها

أيّها الناس أيّ بنت نبيٍّ

عن مواريثه أبوها زواها!

كيف يزوي عنّي تراثي عتيقٌ

بأحاديث من لدنه افتراها

كيف لم يوصنا بذلك مولانا؟

وتيماً من دوننا أوصاها؟

هل رآنا لا نستحق اهتداءً

واستحقّت تيم الهدى فهداها؟

أم تراه أضلّنا في البرايا

بعد علمٍ لكي نصيب خَطاها؟

أنصفوني من جائرين أضاعا

حرمة المصطفى وما رعياها

٥٥٤

2 - ولشيخ الفقهاء والفلاسفة آية الله الشيخ محمد حسين الأصفهاني (رحمه الله) في مدح الزهراءعليها‌السلام ورثائها:

جوهرة القدس من الكنز الخفي

بدت فأبدت عاليات الأحرف

وقد تجلى من سماء العظمة

في عالم الأسماء أسمى كلمة

بل هي أُمّ الكلمات المحكمة

في غيب ذاتها، فكانت مبهمة

أم أئمة العقول الغرّ، بل

(أُمّ أبيها) وهو علّة العلل

روح النبي في عظيم المنزلة

وفي الكفاء كفء مَن لا كفء له

تمثلّت رقيقة الوجود

لطيفة جلَّت عن الشهود

تطوّرت في أفضل الأطوار

نتيجة الأدوار والأكوار

تصوّرت حقيقة الكمال

بصورة بديعة الجمال

فإنّها الحوراء في النزول

وفي الصعود محور العقول

يمثّل الوجوب في الإمكان

عيانها بأحسن العيان

فإنّها قطب رحى الوجود

في قوسي النزول والصعود

وليس في محيط تلك الدائرة

مدارها الأعظم إلاَّ (الطاهرة)

مصونة عن كل رسم وسمة

مرموزة في الصحف المطهّرة

(صدّيقة) لا مثلها صدّيقة

تفرغ بالصدق عن الحقيقة

بدا بذلك الوجود الزاهر

سرّ ظهوره الحقّ في المظاهر

هي (البتول) الطهر و(العذراء)

كمريم الطهر، ولا سواء

فإنَّها سيّدة النساء

ومريم الكبرى بلا خفاء

بُشراك يا أبا (العقول العشرة)

بالبضعة الطاهرة المطهّرة

مهجة قلب عالَم الإمكان

وبهجة الفردوس في الجنان

غُرّتها الغرّاء مصباح الهدى

يُعرف حسن المنتهى بالمبتدا

٥٥٥

وفي محيّاها بعين الأولياء

عينان من ماء الحياة والحياء

بُشراك يا خلاصة الإيجاد

بصفوة الأنجاد والأمجاد

أُمّ الكتاب وابنة التنزيل

ربّة بيت العلم بالتأويل

بحر الندى ومجمع البحرين

قلب الهدى ومهجة الكونين

واحدة النبي أوّل العدد

ثانية الوصي نسخة الأحد

ومركز الخمسة من أهل العبا

ومحور السبع علوّاً وإبا

لك الهنا يا سيّد البرية

بأعظم المواهب السّنيّة

أتاك طاووس رياض الأنس

بنفحة من نفحات القدس

من جُنّة الأسماء والصفاء

جلّت عن المديح والثناء

فارتاحت الأرواح من شميمها

واهتزت النفوس من نسيمها

بها انتشى في الكون كل صاح

وطابت الأشباح بالأرواح

تحيى بها الأرض ومَن عليها

ومرجع الأمر غداً إليها

لهفي لها لقد أضيع قدرها

حتى توارى بالحجاب بدرها

تجرّعت من غصص الزمان

ما جاوز الحدّ من البيان

وحبّها من الصفات العالية

عليه دارت القرون الخالية

تبتّلت عن دنس الطبيعة

فيا لها من رتبة رفيعة

مرفوعة الهمّة والعزيمة

عن نشأة الزخارف الذميمة

في أفق المجد هي الزهراء

للشمس من زهرتها الضياء

بل هي نور عالَم الأنوار

ومطلع الشموس والأقمار

رضيعة الوحي من الجليل

حليفة لمحكم التنزيل

مفطومة عن زلل الأهواء

معصومة عن وصمة الخطاء

معربة بالستر والحياء

عن غيب ذات بارئ الأشياء

(راضية) بكل ما قضى القضا

بما يضيق عنه واسع الفضا

٥٥٦

(زكيّة) عن وصمة القيود

فهي غنيّة عن الحدود

يا قِبلة الأرواح والعقول

وكعبة الشهود والوصولِ

مَن بقدومها تشرّفت (منى)

ومَن بها تدرك غاية المنى

وبابها الرفيع باب الرحمة

ومستجار كلّ ذي ملمّة

وما الحطيم عند باب فاطمة

بنورها تطفأ نار الحاطمة

وبيتها المعمور كعبة السما

أضحى ثراه للثريّا مَلثما

وخدرها السامي رواق العظمة

وهو مطاف الكعبة المعظّمة

حجابها مثل حجاب الباري

بارقة تذهب بالأبصار

تمثل الواجب في حجابها

فكيف بالإشراق من قبابها

يا درّة العصمة والولاية

من صدف الحكمة والعناية

فالكوكب الدرّيّ في السماء

من ضوء تلك الدرّة البيضاء

والنيّر الأعظم منها كالسّها

كيف ولا حدّ لها ومنتهى

أشرقت العوالم العلوية

بنور تلك الدرّة البهيّة

يا دوحة حازت سنام الفلك

بل جاوز السدرة فرعها الزكي

يا دوحة أغصانها تدلّت

بموضع فيه العقول ضلّت

دنت إلى مقام (أو أدنى) فلا

تبتغ من ذلك أعلى مثلا

يا شجرة الطور وأين الشجرة

من دوحة المجد الأثيل المثمرة؟

وإنّما السدرة والزيتونة

عنوان تلك الدوحة الميمونة

أثمارها الغرّ مجالي الذات

مظاهر الأسماء والصفات

مبادئ الحياة في البداية

ومنتهى الغايات للنهاية

أثمارها عزائم القرآن

في صفحات مصحف الإمكان

أثمارها منابت للمعرفة

من جنّة الذات غدت مقتطفة

٥٥٧

لك الهنا يا (سيّد الوجود)

في نشئات الغيب والشهود

بمن تعالى شأنها عن مثل

كيف ولا تكرار في التجلّي

لا يتثنى هيكل التوحيد

فكيف بالنظير والنديد

وملتقى القوسين نقطة، فلا

ترى لها ثانية أو بدلا

وحيدة في مجدها القديم

فريدة في أحسن التقويم

وما أصابها من المصاب

مفتاح بابه (حديث الباب)

إنّ حديث الباب ذو شجون

ممّا به جنت يد الخؤون

أيهجم العدى على بيت الهدى

ومهبط الوحي ومنتدى الندى؟

أيضرم النار بباب دارها

وآية النور علا منارها

وبابها باب نبي الرحمة

وباب أبواب نجاة الأُمّة

بل بابها باب العلي الأعلى

فثمّ وجه الله قد تجلىَّ

ما اكتسبوا بالنار غير العار

ومن ورائه عذاب النار

ما أجهل القوم فإنّ النار لا

تطفئ نور الله جلّ وعلا

وإنّ كسر الضلع ليس ينجبر

إلاَّ بصمصام عزيز مقتدر

إذ رضّ تلك الأضلع الزكيّة

رزيّة لا مثلها رزيّة

ومن نبوع الدم من ثدييها

يُعرف عُظم ما جرى عليها

وجاوز الحدّ بلطم الخدّ

شلّت يد الطغيان والتعدّيّ

فاحمرّت العين، وعين المعرفة

تذرف بالدمع على تلك الصفة

ولا تزيل حمرة العين سوى

بيض السيوف يوم ينشر اللوى

وللسياط رنّة، صداها

في مسمع الدهر، فما أشجاها

والأثر الباقي كمثل الدملج

في عضد الزهراء أقوى الحجج

ومن سواد متنها اسودّ الفضا

يا ساعد الله العلي المرتضى

٥٥٨

ووكز نعل السيف في جنبيها

أتى بكل ما أتى عليها

ولست أدري خبر المسمار

سل صدرَها خزانة الأسرار

وفي جنين المجد ما يُدمي الحشا

وهل لهم إخفاء أمر قد فشا

والبابُ والجدار والدماءُ

شهود صدق ما به خفاء

لقد جنى الجاني على جنينها

فاندكّت الجبال من حنينها

أهكذا يُصنع بابنة النبي

حرصاً على الملك فيا للعجب

أتُمنع المكروبة المقروحة

عن البكا خوفاً من الفضيحة

تالله ينبغي لها تبكي دما

ما دامت الأرض ودارت السما

لفقد عِزّها: أبيها السامي

ولاهتضامها وذُلّ الحامي

أتستباح نحلة الصدّيقة

وإرثها من أشرف الخليقة؟

كيف يُردّ قولها بالزور

إذ هو ردّ آية التطهير

أيؤْخذ الدين من الأعرابي

وينبذ المنصوص بالكتاب

فاستلبوا ما ملكت يداها

وارتكبوا الجريمة مُنتهاها

يا ويلهم قد سألوها البيّنة

على خلاف السنّة المبيّنة

وردّهم شهادة الشهود

أكبر شاهد على المقصود

ولم يكن سدّ الثغور غرَضا

بل سدّ بابها وباب المرتضى

صدّوا عن الحق وسدّوا بابه

كأنّهم قد أمنوا عقابه

أبضعة الطهر، العظيم قدرها

تدفن ليلاً ويعفّى قبرها

ما دُفنت ليلاً بستر وخفا

إلاَّ لوجدها على أهل الجفا

ما سمع السامع فيما سمعا

مجهولة بالقدر وبالقبر معا

يا ويلهم من غضب الجبّار

بظلمهم ريحانة المختار

٥٥٩

3 - لبعض الشعراء المتأخّرين:

إن قيل حوّاء قلت: فاطم فخرها

أو قيل مريم قلت: فاطم أفضلُ

أفهل لحوّا والد كمحمد؟

أم هل لمريم مثل فاطم أشبُلُ

كلٌّ لها حين الولادة حالة

منها عقول ذوي البصائر تذهلُ

هذي لنخلتها التجت فتساقطت

رطباً جنيّاً فهي منه تأكلُ

وضعت بعيسى وهي غير مروعة

أنّى وحارسها السرّي الأبسلُ

وإلى الجدار وصفحة الباب التجت

بنت النبي فأسقطت ما تحملُ

سقطت وأسقطت الجنين وحولها

من كل ذي حسبٍ لئيمٍ جحفلُ

هذا يعنّفها وذاك يدعّها

ويردّها هذا وهذا يركلُ

وأمامها أسد الأسود، يقوده

بالحبل قنفذ هل كهذا معضلُ

ولسوف تأْتي في القيامة فاطم

تشكو إلى ربّ السماء وتعولُ

ولترفعنَّ جنينها وحنينها

بشكاية منها السما تتزلزلُ

ربّاه! ميراثي وبعلي حقَّه

غصبوا، وأبنائي جميعاً قُتّلوا

فرخاي: ذا بالسُمّ أمسى قلبه

قطعاً، وهذا بالدماء مغسّلُ

4 - ومن قصيدة لبعض أشراف مكّة، نقتطف منها بعضها:

وأتت فاطم تطالب بالإرث

من المصطفى فما ورّثاها

ليت شعري لِمَ خولفت سنن

القرآن فيها؟ والله قد أعلاها

نُسخت آية المواريث منها

أم هُما بعد فرضها بدّلاها؟

أم ترى آية المودّة لم تا

تِ بوُدّ الزهراء في قرباها

ثم قالا: أبوكِ جاء بهذا

حجّة من عنادهم نصباها

قال: للأنبياء حكم بأن لا

يُورثوا في القديم وانتهراها

أفَبِنتُ النبي لم تدر إن كا

ن نبي الهدى بذلك فاها؟

٥٦٠