رسائل الشيخ بهاء الدين محمد بن الحسين بن عبدالصمد الحارثى العاملي

رسائل الشيخ بهاء الدين محمد بن الحسين بن عبدالصمد الحارثى العاملي19%

رسائل الشيخ بهاء الدين محمد بن الحسين بن عبدالصمد الحارثى العاملي مؤلف:
تصنيف: فقه استدلالي
الصفحات: 414

رسائل الشيخ بهاء الدين محمد بن الحسين بن عبدالصمد الحارثى العاملي
  • البداية
  • السابق
  • 414 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 191134 / تحميل: 8953
الحجم الحجم الحجم
رسائل الشيخ بهاء الدين محمد بن الحسين بن عبدالصمد الحارثى العاملي

رسائل الشيخ بهاء الدين محمد بن الحسين بن عبدالصمد الحارثى العاملي

مؤلف:
العربية






رسائل الشيخ بهاء الدين محمد بن الحسين بن عبدالصمد الحارثى العاملي



الشيخ البهائي

١

هذا الكتاب

نشر إليكترونياً وأخرج فنِّياً برعاية وإشراف

شبكة الإمامين الحسنينعليهما‌السلام للتراث والفكر الإسلامي

بانتظار أن يوفقنا الله تعالى لتصحيح نصه وتقديمه بصورة أفضل في فرصة أخرى قريبة إنشاء الله تعالى.

٢

الوجيزة

حبل المتين

الرسالة الارثية

مشرق الشمسين

رسالة الكر

العروة الوثقى

٣

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلوة على رسوله وآله واللعن على اعدائهم إلى يوم لقائه وبعد بشرى لفقهاء الامصار وفضلاء الديار فقد طلع شارق مشرق الشميسن عن مغربه وانار ووقع عروة الحبل المتين في موقعه ودار فاستضيئوا واعتصموا بما فيهما من مجامع انوار الآيات والاخبار وعمد مباني الاحكام باطنانها على وجه الاختصار ولا يحتاج مصنفات رأس العرفاء والموحدين وتاج الفقهاء والمجتهدين وشيخ الرواة والمحدثين واستاد الفضلاء والمتبحرين وذخر الحكماء والمتكلمين وفخر الادباء والرياضيين الشيخ بهاء الملة والدين قوى الله اجنحة لا هوتيته في اعلا عليين إلى التوصيف والظهار فان مزاياها كنار على منار وقد انطبع كثير منها ونفع وبقي ما هو اتم وانفع سيما الكتابين المشار اليهما في البين فان فيهما فوائد طريقة في مقام الاستنباط وعوائد ظريفة في فهم الاخبار ورفع الاخلاط فطبعا هذا الطبع وضم اليهما من مصنفاته الفائقة ما يتلو بهما في النفع فاشتمل هذا الكتاب المبارك على هذه الكتب والرسائل الوجيزة في الدراية ثم كتاب الحبل المتين ثم الرسالة الارثية ثم كتاب مشرق الشمسين ثم الرسالتان الكريتان ثم رساله العروة الوثقى ولعمري انها من احسن الوسائل لتنقيح الاحكام بالدلائل ولقد اظهر انار الله برهانه في الايجاز الاعجاز وكانه امدع الالفاظ واودع في قليلها كثير المعاني من غير تعقيد ولا الغاز ومع ذلك ففيها نكات جامعة ودقائق نافعة من اعظم اسباب الاستنباط والاجتهاد واتم ما يستكمل القوة بتجوال الفكر في ميدان بياناته ويزداد؟ فان صفاء ذهنه الوقاد وحلاء فكره النقاد واستظهاراته التاسيسية المستقيمة

٤

الجياد واستنبطاته التقديسة القويمة الاجواد اصفى واجلى من ان يبين او يعاد ثم انه قد اتعب بعض اغصان الفقاهة وافنان النباسة والدوحة العلوية والشجرة المحمديةصلى‌الله‌عليه‌وآله من افاضل العصرو اكارم الدهر نفسه الشريفة اشد الاتعاب في تصحيح هذا الكتاب وانهائه إلى الصواب سيما في مقابلة مافيها من الاخبار فجد في تحصيل نسخ الكافي والفقيه والتهذيب والاستبصار وحصل نسخة مصححة شهد على صحتها ومقابلتها جماعة من فحول العلماء الاخيار ووشحوها بخطوطهم الشريفة وخواتيمهم المنيفة المنجلي منها الاعتبار سيما كتاب التهذيب فانه كان في مواضع منه خطوط فحل الفحول التقي المجلسي قدس الله سره القدسي الذي مجدد مذهب الشيعة على الوجه الاتم ومحي الشريعة في العالم محمد باقر المجلسي جزاه الله عن اهل الاديان؟ خير الجزاء بالفيض القدوسي حسنة من حسناته آية مباركة من آياته مشتملة على فوائد وتحقيقات سوى ما شهد به من التصحيحات ومع ما قوبل باستمداد الافاضل الاتقياء والاكارم الاجلاء بالدقة التامة مع نسخ الكتابين لوحظ النسخ المشار اليها التي هي الاصول المسلمة عن المين واشير إلى اختلاف النسخ وإلى ما ليس في الكتب الاربعة وعلى ما فيها بهذه الرموز الكافية والاشارات الوافية رموزها المعروفة في للكافي والنهاية للفقيه ويب للتهذيب وصا للاستبصار وفيما لم يوجد في الكافي والتهذيب في لا ويب لا وفي اختلاف النسخ في خ و النهاية خ ويب خ وصا خ وبعد التأمل والتطبيق وعند الملاحظة والتعميق يظهر انها اصح من نسخة الاصل وان هذا وهو القول الفصل وليس بالهزل والحمد لله على عظيم الفضل والصلوة على محمد وآله ه‍ ١٣٢١.

٥

الوجيزة

هذه رسالة غزيرة موجزة مسماة بالوجيزة في...

علم الدراية مجعولة كالمقدمة لحبل المتين لجمال الملة...

بهاء الدين عامله الله بلطف يوم الدين:

الحمد لله على نعمائه المتواترة والائه المستفيضة (المسفضاة) والصلوة على اشرف اهل الدنيا والاخرة محمد عترة الطاهرين (الطاهرة) فهذه رسالة غزيرة موسومة بالوجيزة تتضمن خلاصة علم الدراية وتشتمل على زبده ما يحتاج اليه اهل الرواية جعلتها كالمقدمة لكتاب حبل المتين وعلى الله اتوكل وبه استعين اما المقدمة علم الدراية يبحث فيه عن سند الحديث ومتنه وكيفية تخله واداب نقله والحديث كلام يحكي قول المعصوم او فعله او تقريره واطلاقه عندنا على ما ورد عن غير المعصوم تجوز وكذلك الاثر والخبر يطلق تارة على ما ورد عن غير المعصوم من الصحابي والتابعين ونحوهما (غيرهما) واخرى على مايرادف الحديث وهو الاكثر وتعريفه حينئذ بكلام يكون لنسبته خارج في احد الازمنة يعم التعريف للخبر المقابل الانشاء لا المرادف للحديث كما ظن لانتقاضه طردا بنحو زيد انسان وعكسا بنحو قوله ص صلوا كما رأيتموني اصلي فبين الخبرين عموم من وجه اللهم الا ان يجعل قول الراوي قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله مثلا جزء منه ليتم العكس ويضاف إلى التعريف قولنا يحكى ليتم الطرد وعنه مندوحة ثم اختلال عكس التعريفين بالحديث المسموع من المعصوم (ع) قبل نقله عنه ظاهر والتزام عدم كونه حديثا تعسف ولو قيل الحديث قول المعصوم او حكاية قوله او فعله او تقريره لم يكن بعيدا واما نفس الفعل والتقرير فيطلق عليهما اسم السنة لا الحديث فهي اعم منه مطلقا ومن الحديث ما يسمى حديثا قدسيا وهو ما يحكى كلامه تعالى غير متحدي بشئ منه نحو قال الله تعالى الصوم لي وانا اجزي عليه

الفصل الاول ( ما يتقوم به الحديث متنه وسلسلة رواته إلى المعصوم سنده...)

فان بلغت سلاسله في كل طبقة حدا يؤمن معه تواطئهم على فمتواتر ويرسم بانه خبر جماعة يفيد بنفسه القطع بصدقه والا فخبر احاد ولا يفيد بنفسه الا ظنا فان نقله في كل مرتبة ازيد من ثلاثة فمستفيض او انفرد به واحد من احدها فغريب وان علمت سلسلة باجمعها فمسند او سقط من اولها واحد فصاعدا فمعلق او من آخرها كذلك او كلها فمرسل او من وسطها واحد فمنقطع او اكثر فمفصل والمروي بتكرير لفظ عن فمعنعن ومطوى ذكر المعصوم

٦

مضمر وقصير السلسلة عال ومشتركها كلا او جلا في امر خاص كالاسم والاولية والمصافحة والتلقيم ونحو ذلك سلسل ومخالف المشهور شاذ ثم سلسلة المسند اما اماميون ممدوحون بالتعديل فصحيح وان شذ او بدونه كلا او بعضا مع تعديل البقية فحسن او مسكوت عن مدحهم وذمهم كذلك فقوي واما غير الاماميين كلا او بعضا مع تعديل الكل فموثق ويسمى قويا ايضا وما عدا هذه الاربعة ضعيف فان اشتهر العمل بمضمونه فمقبول وقد يطلق الضعيف على القوي بمعنييه وقد يخص بالمشتمل على جرح او تعليق ا وانقطاع او اعضال او ارسال وقد يعلم من حال مرسله عدم الارسال من غير الثقة فينتظم حينئذ في سلك الصحاح كمراسيل محمد بن ابي عمير وروايته احيانا عن غير الثقة لا يقدح في ذلك كما يظن لانهم ذكروا انه لا يرسل الا عن ثقة لا انه لا روي الا عن ثقة

الفصل الثاني ( الصدق في المتواترات....)

مقطوع والمنازع مكابر وفي الاحاد الصحاح مظنون وقد عمل بها المتأخرون وردها المرتضى وابن زهرة وابن البراج وابن ادريس واكثر قدمائنا ومضمار البحث من الجانبين وسيع ولعل كلام المتأخرين عند التأمل اقرب والشيخ على ان غير المتواتر ان اعتضد بقرينة الحق بالمتواتر في ايجاب العلم ووجوب العمل والا فيسميه خبر احاد ويجيز العمل به تارة ويمنعه اخرى على تفصيل ذكره في الاستبصار وطعنه في التهذيب في بعض الاحاديث بانها اخبار احاد مبني على ذلك فتشنيع بعض المتأخرين عليه بان جميع احاديث التهذيب احاد لا وجه له والحسان كالصحاح عند بعض ويشترط الانجبار باشتهار عمل الاصحاب بها عند آخرين كما في الموثقات وغيرها وقد شاع العمل بالضعاف في السنن وان اشتهر ضعفها ولم ينجبر والايراد بان اثبات حد الاحكام الخمسة بما هذا حاله مخالف لما ثبت في محله مشهور والعامة مضطربون في التفصي عن ذلك واما نحن معاشر الخاصة فالعمل عندنا ليس بها في الحقيقة بل بحسنة من سمع شيئا من الثواب وهي ما تفردنا بروايته وقد بسطنا فيها الكلام في شرح الحديث الحادي والثلثين من كتاب الاربعين

الفصل الثالث (الحديث ان اشتمل على علة خفية في متنه او سنده...)

فمعلل وان اختلط به كلام الراوي فتوهم انه منه ونقل مختلفي الاسناد او المتن بواحد فمدرج او اوهم السماع ممن لم يسمع منه او تعدد شيخه بايراد ما لم يشتهر من القابه مثلا فمدبراو بدل بعض الرواة او كل السند بغيره سهوا او للرواج او الكساد فمقلوب او صحف في السند او المتن فمصحف والراوي ان وافق في اسمه واسم ابيه لفظا فهو المتفق والمفترق او خطأ فقط المؤتلف والمختلف في اسمه فقط والابوان مؤتلفان فهو المتشابه وان وافق المروي عنه في السن او في الاخذ عن الشيخ فرواية الاقران او يقدم عليه في احدهما فرواية الاكابر عن الاصاغر

الفصل الرابع ( يثبت تعديل الراوي وجرحه...)

بقول واحد عدل عند الاكثر ولو اجتمع الجارح والمعدل فالمشهور تقديم الجارح والاولى التعويل على ما يثمر غلبة الظن كالاكثر عددا وورعا وممارسة و الفاظ التعديل ثقة حجة عين وما ادى مؤداها واما متقن حافظ ضابط صدوق مشكور مستقيم زاهد قريب الامر نحو ذلك فيفيد المدح المطلق والفاظ الجرح ضعيف مضطرب غال مرتفع القول متهم ساقط ليس بشئ كذوب وضاع وما شاكلها دون يروى عن الضعفاء لا يبالي عمن اخذ يعتمد المراسيل واما نحو يعرف حديثه وينكر ليس بنقي

٧

الحديث وامثال ذلك ففي كونه جرحا تأمل ورواية من اتصف بفسق بعد صلاح او بالعكس لا تعتبر حتى يعلم او يظن صلاحه وقت الاداء اما وقت التحمل فلا

الفصل الخامس ( انحاء تحمل الحديث سبعة...)

اولها السماع من الشيخ وهو اعلاها فيقول المتحمل سمعت فلانا او حدثنا او اخبرنا او نبانا ثانيها القراء‌ة عليه ويسمى العرض و شرطه حفظ الشيخ او كون الاصل الصحيح بيده او يد ثقة فيقول قرأت عليه فاقربه ويجوز احدى تلك العبارات مقيدة بقراء‌ة عليه على قول ومطلقة مطلقا على آخروفي غير الاولى على ثالث وفي حكم القراء‌ة عليه السماع حال قراء‌ة الغير فيقول قرئ عليه وانا اسمع منه فاقربه او احدى تلك العبارات والخلاف في اطلاقها وتقييدها كما عرفت ثالثها الاجازة والاكثر على قبولها ويجوز مشافهة وكتابة ولغير المميز وهي اما المعين بمعين او غيره او لغيره به او بغيره واول هذه الاربعة اعلاها بل منع بعضهم ما عداها ويقول اجازني رواية كذا او احدى تلك العبارات مقيدة والمقيدة باجازة على قول رابعها المناولة بان يناوله الشيخ اصله ويقول هذا سماعي مقتصرا عليه من دون اجرتك ونحوه وفيها خلاف وقبولها غير بعيد مع قيام القرينة على قصد الاجازة فيقول حدثنا مناوله و مااشبه ذلك اما المقرنة بها لفظا فهي اعلى انواعها خامسها الكتابة بان يكتب له مروية بخطه او يأمر بها له يقول كتب إلى او حدثنا مكاتبة على قول سادسها الاعلام بان يعلمه ان هذا مروية مقتصرا عليه من دون مناولة ولا اجازة والكلام في هذا وسابقه كالمناولة فيقول اعلمناه ونحوه سابعها الوجادة بان يجد المروي مكتوبا من غير اتصال على احد الانحاء السابقة فيقول وجدت بخط فلان او في كتاب اخبرني فلان انه خط فلان ففي العمل بها قولان اما الرواية بها فلا

الفصل السادس ( اداب كتابة الحديث....)

تبيين الخط وعدم ادماج بعضه في بعض واعراب ما يخفى وجهه وعدم الاخلال بالصلوة والسلام بعد اسم النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله والائمة صلوات الله وسلامه عليهم وتصريحا من غير رمز ويكتب عند تحويل السند جاء بين المحول والمحول اليه واذا كان المستتر في قال او يقول عائدا إلى المعصوم (ع) فليمد اللام وليفصل بين الحديثين بدائرة صغيرة من غير لون الاصل وان وقع سقط فان كان يسيرا تب على سمت السطر او كثيرا فعلى اعلى الصفحة يمينا او يسارا ان كان سطرا واحدا وإلى اسفلها يمينا واعلاها يسارا ان كان اكثر والزيادة اليسيرة تنفي بالحل مع امن الخرق وبدونه بالضرب عليها ضربا ظاهرا لا بكتابة لا او حرف الزاء على اولها وإلى في خرها فانه ربما يخفى على الناسخ واذا وقع تكرار فالثاني احق بالحك او الضرب الا ان يكون ابين خطا او في اول السطر خاتمة جميع احاديثنا الا ما ندر ينتهي إلى ائمتنا الاثني عشر سلام الله عليهم اجمعين وهم ينتهون فيها إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فان علومهم مقتبسة من تلك المشكاة وما تضمنه كتب الخاصة رضوان الله عليهم من الاحاديث المروية عنهم (ع) يزيد على ما في الصحاح الست للعامة بكثيركما يظهر لمن تتبع احاديث الفريقين وقد روى راو واحد وهو ابان بن تغلب عن امام واحد اعني الامام ابا عبدالله جعفر بن محمد الصادق (ع) ثلاثين الف حديث كما ذكره علماء الرجال وكان قد جمع قدماء محدثينا رضي ‌الله ‌عنهم ما وصل اليهم من احاديث ائمتنا سلام الله عليهم في اربعمأة كتاب يسمى الاصول ثم تصدى جماعة من المتأخرين شكر الله سعيهم لجمع تلك الكتب وترتيبها تقليلا للانتشار وتسهيلا

٨

على طالبي تلك الاخبار فالفوا كتبا مبسوطة مبوبة واصولا مضبوطة مهذبة مشتملة على الاسانيد المتصلة باصحاب العصمة سلام الله عليهم كالكافي وكتاب من لا يحضره الفقيه والتهذيب والاستبصار ومدينة العلم والخصال والامالي وعيون الا خبار الرضا وغيرها والاصول الاربعة الاول هي التي عليها المدار في هذه الاعصار اما الكافي وهو تأليف ثقة الاسلام ابي جعفر محمد بن يعقوب الكليني الرازي عطر الله مرقده الفه في مدة عشرين سنة وتوفي ببغداد سنة ثمان او تسع وعشرين وثلثمأة ولجلالة شأنه عدة جماعة من علماء العامة كابن الاثير في كتاب جامع الاصول من المجددين لمذهب الامامية على رأس المأه الثالثة بعد ما ذكر ان سيدنا وامامنا ابا الحسن على بن موسى الرضا سلام الله عليه وعلى ابائه الطاهرين وهو المجدد لذلك المذهب على رأس المأة الثانية واما كتاب من لا يحضره الفقيه فهو تاليف رئيس المحدثين حجة الاسلام ابي جعفر محمد بن علي بن بابويه القمي قدس الله سره وله طاب ثراه مؤلفات اخرى سواه يقارب ثلثمأة كتاب توفي بالري سنة احدى وثمانين وثلثمأة واما التهذيب والاستبصار فهما من تأليفات شيخ الطائفة ابي جعفر محمد بن الحسن الطوسي نورالله ضريحه وله تأليفات اخرى سواهما في التفسير والاصول والفروع وغيره توفي طيب الله مضجعه سنة ستين واربعمأة بالمشهد المقدس الغروي على ساكنه افضل الصلوة والسلام فهؤلاء المحمدون الثلثة قدس الله ارواحهم هم ائمة اصحاب الحديث من متاخري علماء الفرقة الناجية الامامية رضوان الله عليهم وقد وفقني الله تعالى وانا اقل العباد محمد المشتهر ببهاء الدين العاملي عفى الله عنه للاقتداء باثارهم والاقتباس من انوارهم فجمعت في كتاب حبل المتين خلاصة ما تضمنه الاصول الاربعة من الاحاديث الصحاح والحسان والموثقات التي منها تستنبط امهات الاحكام الفقهية واليها ترد مهمات المطالب الفرعية وسلكت في توضيح مبانيها وتحقيق معانيها مسلكا يرتضيه الناظرون بعين البصيرة ويحمله المتأولون بيد غير قصيرة واسأل الله التوفيق لاتمامه والفوز بسعادة أختتامه انه سميع مجيب خاتمة قد يبتدء في الحديث بقوله روينا بالاسناد عن فلان فلفظ روينا بناء على العلوم كلما اطلق معناه اخبرني شيخي او استادي وكلما اطلق على المجهول معناه رواني شيخ شيخي او استاد استادي وكلما روى روينا على المجهول والتشديد يطلق على الاجازة يعني رويت اجازة قد فرغت من تحرير هذه النسخة الشريفة في ليلة الاثنين الرابع من ذيحجة الحرام سنة الف وثلثمأة وثمان عشر فائدة اذا اطلق ابوجعفر (ع) فالمراد به الباقر (ع) واذا قيد بالثاني فالجواد (ع) واذا اطلق ابوعبدالله (ع) فالصادق (ع) واذا قيل احدهما فالباقر او الصادق (ع) واذا اطلق ابوالحسن (ع) فالكاظم (ع) واذا قيد بالثاني فالرضا (ع) وبالثالث الهادي (ع) والعالم والشيخ وابوابراهيم والعبد الصالح الكاظم (ع) وابومحمد والماضي والفقيه و صاحب العسكر والامر فا العسكريعليهم‌السلام من لطائف افادات المصنف قدس سره البهي في احوال بعض الرواة كحميد حميد كل جميل جميل كل شعيب خال عن العيب كل عبد السلم صالح حتى عبد السلم كل عاصم حسن الا عاصم بن الحسن كل يعقوب بلا خيبة الا يعقوب بن شيبة كل سالم غير الم كل طلحة طالح بسم الله الرحمن الرحيم في معرفة من اجتمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنهم وهم على ماحكاه الكشي ثمانية عشر رجلا ستة منهم من اصحاب ابي جعفر وابي عبداللهعليهما‌السلام وهم زرارة ومعروف بن خربوز وبريد العجلي وابونصر الاسدي و الفضيل بن يسار ومحمد بن مسلم وقال بعضهم ابوبصير ليث المرادي مكان ابي نصر الاسدي وستة منهم من اصحاب ابي عبداللهعليه‌السلام وهم جميل بن دراج وعبدالله بن مسكان وعبدالله بن بكير وحماد بن عثمن وابان بن عثمان وزعم بعضهم ان افقه هؤلاء جميل بن دراج وستة منهم من اصحاب ابي ابراهيم وابي الحسنعليهما‌السلام وهم يونس بن عبدالرحمن وصفوان بن يحيى بياع السابري ومحمد بن ابي عمير و عبدالله بن المغيرة والحسن بن محبوب واحمد بن محمد بن ابي نصر وقال بعضهم مكان الحسن فضالة بن ايوب وقال بعضهم مكان فضالة عثمن بن عيسى وافقه هؤلاء يونس بن عبدالرحمن صفوان بن يحيى فتدبر

٩

الحبل المتين

هذا هو الكتاب المبين المسمى بالحبل المتين في احكام احكام الدين لبرهان الحق

جمال الملة بهاء الدين العاملي حباه الله بما تقر به عينه يوم الدين

الحمد لله الذي دلنا على الطريق القويم ومن علينا بالهداية إلى الصراط المستقيم ووفقنا عند تفرق الاهواء وتشعب الاراء للتمسك بكتابه المبين وهدانا عند تخالف المذاهب وتباين المشارب إلى التشبث باذيال اهل بيت نبيه سيد المرسلين واشرف الاولين والاخرين صلوات الله وسلامه عليه وعليهم اجمعين صلوة و سلاما دائمين إلى يوم الدين وبعد فان الفقير إلى الله الغني محمد المشتهر ببهاء الدين العاملي وفقه الله للعمل في يوم لغده قبل ان يخرج الامر من يده يقول ان اهم ما توجهت اليه الهمم العوالي واحق ما نقضت عليه الايام والليالي هو العلوم الدينية التي عليها مدار امر الاسلام والمعارف الملية التي اليها دعى الانبياءعليهم‌السلام سيما علم الحديث ودرايته ونقله وروايته والبحث عن حاله والتفحص على رجاله والوقوف على رموزه و الوصول إلى كنوزه فانه بعد علم التفسير منبع العلوم الشرعية واساس الاحكام الاصلية والفرعية فطوبى لمن وجه اليه همته وبيض عليه لمته وجعله شعاره ودثاره وصرف فيه ليله ونهاره وهذا الكتاب بذلت فيه جهدي وجعلته تذكرة لاولي الالباب من بعدي ينطوي على عيون الاحاديث الواردة في الاحكام العملية ويحتوي على خلاصة ما رواه اصحابنا رضي ‌الله ‌عنهم بالاسانيد المعتبرة عن العترة النبوية كنز مذخور بصحاح الاحاديث و حسانها وبحر مسجور بلؤلؤ الاخبار ومرجانها موشحة احاديثه بتفسير المباني وتقرير المعاني وتبيين النكات وتوضيح المغلقات واستكشاف الدلائل واستنباط المسائل إلى غير ذلك مما انجر اليه الكلام في بعض الاوقات من سوانح المباحثات ولوايح المطارحات مما سمح به النظر القاصر وانتهى اليه الفكر الخاسر وهذا الكتاب انما يعرف قدره من تامل اصول اصحابنا قدس الله ارواحهم بعين بصيرة وسبر اغوار تلك الكتب بيد غير قصيرة وافنى في

١٠

فن الجرح والتعديل برهة من عمره وصرف في رد الفروع إلى الاصول شطرا من ايام دهره ثم غاية ما التمس منكم ايها الاخوان في الدين والشركاء في طلب اليقين ان تمنوا علي باصلاح فساده وترويج كساده والاغماض عما لا يخلو عنه مؤلف ولا يسلم منه مصنف مما هو حقيق بان يستر ولا يسطر ويضمر ولا يظهر ويلفظ ولا يحفظ فانكم تعلمون ان الغوص على درر الدقايق يتعذر مع تلاطم امواج المحن والعوايق وإلى الله سبحانه المشتكى من دهر قل ما اضحك وطال ما ابكى ثم ان طرق سمعكم ما لم تعهدوا طروقه ولاح لكم برق لم تالفوا بروقه فلا تعجلوا اللجاج في سلوك ذلك السبيل وامكثوا قليلا فعسى ان يتبدل الملح الاجاج بالعذب السلسبيل وها انا باسط كف السؤال إلى من لا يخيب لديه الامال ان يعصمني عن اقتحام موارد الزلل في القول والعمل وان يسهل لي اتمام ما ارجوه و يوفقني لاكماله على احسن الوجوه وان يجعله خالصا لوجهه الكريم وان يتقبله بلطفه العميم وفضله العظيم وسميته بالحبل المتين في احكام احكام الدين ورتبته على اربعة مناهج اولها في العبادات وثانيها في العقود وثالثها في الايقاعات ورابعها في الاحكام وما توفيقى الا بالله عليه توكلت واليه انيب المنهج الاول في العبادات وفيه خمسة كتب الكتاب الاول في الصلوة وفيه مقدمة وابواب المقدمة في فضل الصلوة و الحث (اى الترغيب) عليها خمسة احاديث.

ا من الصحاح ابان بن تغلب عن ابي عبدالله (ع) انه قال يا ابان هذه الصلوات الخمس المفروضات من اقامهن وحافظ على مواقيتهن لقي الله يوم القيمة وله عنده عهد يدخله به الجنة لم يصلهن لمواقتهن ولم يحافظ عليهن فذلك اليه ان شاء غفر له وان شاء عذبه

ب معوية بن وهب قال سألت ابا عبدالله (ع) عن افضل ما يتقرب به العباد إلى ربهم واحب ذلك إلى الله عزوجل ما هو فقال ما اعلم بعد المعرفة افضل من (؟) الصلوة الا ترى ان العبد الصالح عيسى بن مريم صلى الله عليه قال واوصاني بالصلوة والزكوة ما دمت حيا

ج بريد بن معوية العجلى عن ابي جعفر (ع) قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ما بين المسلم وبين ان يكفر الا ان يترك الصلوة الفريضة متعمدا او يتهاون بها فلا يصليها

د من الحسان عبيد بن زرارة؟ عن الصادق (ع) ان الكباير سبع الكفر بالله وقتل النفس وعقوق الوالدين واكل الربوا واكل مال اليتيم ظلما والفرار من الزحف والتعرب بعد الهجرة قال قلت فاكل درهم من مال اليتيم اكبر من ترك الصلوة قلت فما عدت في الكبائر قال اي شئ ما قلت لك قال قلت الكفر قال فان تارك الصلوة كافر يعني من غير علة

ه‍ زرارة عن ابي جعفر (ع) قال بينا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله جالس في المسجد اذ دخل رجل فقام فصلى فلم يتم ركوعه ولا سجوده فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله نقر كنقر الغراب لئن مات هذا وهكذا صلوته ليموتن على غير ديني اقول المراد بالمحافظة على المواقيت شدة الاعتناء بشأنها بمراقبتها والتطلع اليها والتهؤ لها قبل دخولها وعدم تفويت وقت الفضيلة منها وما هو من هذا القبيل واللام في قوله (ع) ولم يصلهن لمواقيتهن اما بمعنى في كما قالوه في قوله (ع) ونضع الموازين القسط ليوم القيمة او بمعنى بعد كما قالوه في قوله (ع) صومو الرؤيته وافطرو الرؤيته او بمعنى عند كما قالوه في قولهم كتب الكتاب لخمس خلون من شهر كذا والمجرور في قوله (ع) ولم يحافظ عليهن اماعائد إلى الصلوات او إلى المواقيت والسلامة من تشويش الضمائر تعضد الول ورعاية اللف والنشر تعضد الثاني والجار والمجرور في قوله (ع) فذلك خبر مبتدأ محذوف والتقدير

١١

فذلك امره اليه سبحانه ويحتمل ان يكون مراد هو الخبر عن اسم الاشارة اي فذلك الشخص صائر إلى الله تعالى و راجع اليه ان شاء غفر له وان شاء عذبه وهذا الحديث رواه الصدوق في الفقيه على انه حديث قدسي هكذا دخل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله المسجد وفيه ناس من اصحابه فقال اتدرون ما قال ربكم قالوا الله ورسوله اعلم فقال ان ربكم يقول هذه الصلوات الخمس المفروضات الحدث مع ادنى تغير والمراد بالمعرفة في قوله (ع) في الحديث الثاني لا اعلم شيئا بعد المعرفة افضل من هذه الصلوة ما يتحقق به الايمان عندنا من المعارف الخمس وماقصده (ع) من افضلية الصلوة على غيرها من الاعمال وان لم يدل عليها منطوق الكلام الا ان المفهوم منه بحسب العرف ذلك كما يفهم ن قولنا ليس بين اهل البلد افضل من زيد افضليته عليهم وان كان منطوقه نفي افضليتهم عليه وهو لايمنع المساواة هذا و في جعله (ع) قول عيسى على نبينا وعليه‌السلام واوصاني بالصلوة والزكوة ما دمت حيا مؤيد الافضلية الصلوة بعد المعرفة على غيرها من الاعمال نوح خفاء ولعل وجهه ما يستفاد من تقديمه (ع) ما هو من قبيل الاعتقادات في مفاتيح؟ كلامه ثم اردفه ذلك بالاعمال البدنية والمالية وتصديره لها بالصلوة مقدما لها على الزكوة ولا يبعدان يكون التاييد لمجرد تفضيل الصلوة على غيرها من الاعمال من غير ملاحظة تفضيل المعرفة عليها ويؤيده عدم ايراده (ع) صدر الاية في صدر التاييد والاية هكذا قال اني عبدالله اتاني الكتاب وجعلي نبيا وجعلنى مباركا اينما كنت واوصاني الصلوة والزكوة مادمت حيا والظاهر ان المراد من اول شقي الترديد في قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله في الحديث الثالث الا ان يترك الصلوة الفريضة متعمدا او يتهاون بها فلا يصليها ترك الاتيان بها في جميع الوقت من غير ان يكون عازما على ادائها في شئ من اجزائه ومن الشق الثاني التقاعد عنها في كل جزء من اجزاء الوقت تساهلا وتكاسلا لكن مع عزمه على الاتيان بها في الجكزء الاخر ثم يتكاسل عنها في ذلك الجزء ايضا وهكذا إلى ان يفوت الوقت ثم ما يفهم من ظاهر هذا الحديث وما بعده من فر تارك الصلوة متعمدا من دون تقييد بالاستحلال مشكل ويظهر من بعض الاصحاب الميل اليه والاحاديث الدالة بظاهرها عليه كثيرة ولعل المراد الترك مستحلا وان التعبير بالكفر للمبالغة والتاكيد وتغليظ الاثم كما في قوله تعالى جل شانه ولله على الناس حج البيت من استطاع اليه سبيلا ومن كفر فان الله غني عن العالمين وما تضمنه الحديث الرابع من ان الكباير سبع هو احد ما رواه اصحابنا عن ائمتناعليهم‌السلام في تعدادها وستسمع في تحقيق ذلك كلاما مستوفي في بحث صلوة الجماعة انشاء الله تعالى والمراد من الفرار من الزحف الفرار في معركة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله واحد خلفائه (ع) الزحف بالزاي و الحاء المهملة الساكنة العسكر والمراد بالتعرب بعد الهجرة الالتحاق ببلاد الكفر والاقامة بها بعد ا لمهاجرة عنها إلى بلاد الاسلام والتاء في قوله في آخر الحديث قال قلت الكفر يحتمل الضم والفتح على انها تاء المتكلم او المخاطب ولفظة بينا في الحديث الخامس هي بين الظرفية اشبعت فتحتها فصارت الفا ويقع بعدها اذ الفجائية تقول بينا انا في عسر اذ جاء الفرج والمراد من عدم اتمام الركوع والسجود ترك الطمأنينة فيهما كما يشعر به قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله نقر كنقر الغراب والنقر لتقاط الطاير بمنقاره الحبة وفيه دلالة ظاهرة على وجوب الطمأنينة في الركوع والسجود والعجب من الاصحاب رضوان الله عليهم كيف استدلوا على وجوبها فيهما بحديث الاعرابي وهو ضعيف السند عامي وبرواية حماد وزرارة وهما غير دالتين على الوجوب ولم يستدلوا

١٢

بهذا الحديث المعتبر السند الظاهر الدلالة وقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله لئن مات هذا وهكذا صلوته ليموتن على غير ديني شعر بان التهاون في المحافظة على حدود الفرائض والتساهل في استيفاء اركانها يؤدي إلى الاستخفاف بشانها وعدم المبالاة بتركها وهو يؤدي إلى الكفر نعوذ بالله من ذلك الباب الاول في مقدمات الصلوة وفيه مقاصد المقصد الاول في الطهارة وفيه جمل ثلث الجملة الاولى في الوضوء وما يتعلق به وفيه فصول اثنا عشر:

الفصل الاول ( في صفة وضوء رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله والائمة من عترته (ع))

اربعة احاديث

ا من الصحاح زرارة بن اعين قال حكى لنا ابوجعفر (ع) وضوء رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فدعا بقدح من ماء فادخل يده اليمنى فاخذ كفا من ماء فاسد لها لى وجهه من اعلى الوجه ثم مسح بيده الجانبين جميعا ثم اعاد اليسر في الاناء فاسدلها على اليمنى ثم مسح جوانبها ثم اعاد اليمنى في الاناء ثم صبها على اليسرى فصنع بها كما صنع باليمنى ثم مسح ببقية ما بقي في يديه ولمسه ورجليه ولم يعدهما في الاناء

ب زرارة قال قال ابوجعفر (ع) الا احكي لكم وضوء رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقلنا بلى فدعا بقعب فيه شئ من ماء فوضعه بين يديه ثم سر على ذراعيه ثم غمس فيه كفه اليمنى ثم قال هذا اذا كانت الكف طاهره ثم غرف فملاها ماء فوضعها على جنبيه ثم قال بسم الله وسدله على اطراف لحيته ثم امر يده على وجهه وظاهر جنبيه مرة واحدة ثم غمس يده اليسرى فغرف بها ملاها ثم وضعها على مرفقه اليمنى وامركفه على ساعده حتى جرى الماء على اطراف اصابعه ثم غرف بيمينه ملاها فوضعها على مرفقه اليسرى وامر كفه على ساعده حتى جرى الماء على اطراف اصابعه ومسح مقدم راسه وظهر قدميه ببلة يساره؟ بلة يمناه

ج حماد بن عثمان قال كنت قاعدا عند ابي عبدالله (ع) فدعا بماء فملاء به كفه ثم غم به وجهه ثم ملاء كفه فعم به يده اليمنى ثم ملاء كفه فغم به يده اليسرى ثم مسح على راسه ورجليه وقال هذا وضوء من لم يحدث حدثا يعني به التعدي في الوضوء

د ابوعبيدة الحذاء قال وضأت ابا جعفر (ع) بجميع وقد بال فناولته ماء فاستنجى ثم صببت عليه كفا فغسل به وجهه وكفا غسل به ذراعه الايمن وكفا غسل به ذراعه الايسر ثم مسح بفضله الندي راسه ورجليه اقول ما تضمنه صدر الاحاديث الثلاثة الاول من در انه (ع) دعا بقدح من ماء يمكن ان يستنبط منه ان استدعاء الماء للوضوء والامر بالاحضار ليس من الاستعانة المكروهة تنزيها للامام (ع) عن فعل المكروه والذي استفاده الاصحاب رضوان الله عليهم من الاخبار ان الاستعانة المكروهة هي صب الماء في اليد ليغسل به كما روى ان امير المؤمنين (ع) كان لا يدعهم يصبون الماء عليه ويقول لا احب ان اشرك في صلوتي احد وكما رواه في الكافي والتهذيب عن الحسن بن علي الوشاء قال دخلت على الرضا (ع) وبين يديه ابريق يريد ان يتهيأ منه لصلوة فدنوت لاصب عليه فابى ذلك وقال مه يا حسن فقلت لم تنهاني ان اصب على يدك تكره ان اوجر فقال توجر انت واوزر انا قلت وكيف ذلك فقال اما سمعت الله يقول فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه احدا وها اناذا اتوضأ للصلوة وهي العبادة فاكره ان يشركني فيها احد وهاتان الروايتان وان ضعفت اوليهما بالارسال والثانية بان في طريقها ابراهيم بن اسحق بن الحميري؟ وهو ضعيف جدا الا انهما مجبورتان بعمل الاصحاب ومعتضدتان بالحديث الحسن الوارد في العمل بالضعاف فيما هو من باب السنن على ان الرواية الاولى من مراسيل الصدوقرحمه‌الله ي كتاب من لا يحضره الفقيه وقد ذكررحمه‌الله ان ما اورده فيه فهو حاكم بصحته ومعتقدا به حجة فيما بينه وبين الله تعالى فينبغي ان لا يقصر مراسيله عن

١٣

مراسيل ابن ابي عمير وان تعامل معاملتها ولا تطرح بمجرد الارسال نعم يمكن ان يقال انه لا دلالة لتينك الروايتين على ما فهمه الاصحاب من ان النهي فيهما انما كان عن صب الماء في اليد لاحتمال كونه عن الصب على نفس لعضو المغسول و يؤيده الاستشهاد بالاية الكريمة فان النهي فيها ظاهر في التحريم وكذا قوله (ع) توجر انت واوزرانا اذ لا وزر في فعل المكروه وبهذا يرتفع التعارض بينهما وبين الحديث الرابع المتضمن لصب ابي عبيده الماء في يد الباقر (ع) ولا يحتاج إلى حمله على الضرورة او بيان الجواز والله اعلم بحقايق الامور والاسدال في اللغة ارخاء الستر وطرف العمامة ونحوهما ومنه السديل وهو ما يرخى على الهودج ففي الكلام استعارة تبعية وما تضمنه الحديثان الاولان من ابتدائه (ع) باعلى لوجه هو مستند جمهور الاصحاب على وجوب الابتداء بالاعلى لانه (ع) في مقام البيان فوجب اتباعه ولما روي من انهصلى‌الله‌عليه‌وآله لما توضأ الوضوء البياني قال هذا وضوء لا يقبل الله الصلوة الا به ولانهصلى‌الله‌عليه‌وآله لو بدء بغير الاعلى لتعين ولم يجز خلافه لهذه الرواية لكنه لم يقل به احد فتعين ان يكون قد بدأ بالاعلى هذا خلاصة ما استدل به العلامة في المنتهى وذهب السيد المرتضىرضي‌الله‌عنه وابن ادريس إلى جواز الابتداء بغير الاعلى لاطلاق الاية واصالة براء‌ة الذمة ويمكن ان يقال من جانبهما في الجواب عن الدليل الاول ان مجرد ابتدائه (ع) بالاعلى لا يقتضي وجوبه كامراره (ع) اليد على الوجه ولم لا يجوز ان يكون ذلك من الامور الجبلية فان كل من يغسل وجهه يغسله من الاعلى وايضا فيجوز كون غسله (ع) من الاعلى لكونه احد جزئيات المامور به اعني مطلق الغسل لا لكونه عين المأمور به وعن الثاني انها رواية مرسلة لا تعويل عليها مع ظهور ان المراد لا يقبل الله الصلوة الا بمثله فالواجب اقل ما يصدق معه مماثلة الوضوئين ولا نسلم انتفاؤها راسا بالبدء‌ة بغير الا على وبه يظهر الجواب عن الثالث على انه يجوز ان يكون (ع) بدء بالاسفل لبيان جوازه فيه وبما قررناه يعلم ان قول المرتضىرضي‌الله‌عنه غير بعيد عن الصواب وان كان العمل على المشهور بين الاصحاب وظنى انه لو استدل على هذا المطلوب بان المطلق ينصرف إلى الفرد الشايع لمتعارف و الشايع المتعارف في غسل الوجه غسله من فوق إلى اسفل فيصرف الامر به في قوله تعالى فاغسلوا وجوهكم اليه لم يكن بعيدا والله اعلم وقوله ثم مسح بيده الجانبين جميعا ربما يوجد في بعض نسخ التهذيب الحاجبين والاول اصح وهو الموافق لما في الكافي و يمكن ان يستدل به على ما يلوح من كلام ابن الجنيد من وجوب امرار اليد على الوجه ولا يخفى ان الادلة الثلاثة التي استدل بها العلامة على وجوب الابتداء باعلى الوجه جارية بعينها هنا وما يرد عليها هناك يرد عليها هنا من غير رق واستدل له في الذكرى بان المعهود من الغسل ما كان معه امرار اليد ثم اجاب عنه بان الغالب في استعمال الغسل وان كان ذلك؟ لا يلزم منه وجوبه وفيه نظر فان المطلق ينصرف إلى الفرد الشايع الغالب كما مر فينبغي ان يحمل الغسل المامور به على ذلك كما اعترف به وقوله ثم اعاد اليسرى في الاناء كان الظاهر ان يقول ثم ادخل اليسرى ولعله اطلق الاعادة على الادخال الابتدائي لمشاكلة قوله فيما بعد ثم اعاد اليسرى ليمنى ولا يشترط في المشاكلة تقدم المشاكل بالفتح على المشاكل بالكسر وان ان اكثريا الا ترى انهم صرحوا بان يمشي في قوله تعالى فمنهم من يمشي على بطنه لمشاكلة قوله تعالى ومنهم من يمشي على رجلين ويمكن ان يقال انه اطلق الاعادة باعتبار كونها يدالا باعتبار كونها يسرى وقوله في الحديث الثاني فدعا بقعب فيه شئ من ماء القعب بفتح القاف واسكان العين قدح من خشب وما تضمنه هذا الحديث من وضعه (ع) الاناء بين يديه يخالف ما

١٤

اشتهر من استحباب وضع الاناء على اليمنى واستدل عليه في المنتهى بما روى عن عايشة ان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ان يحب التيامن في تنعله وترجله وطهوره وفي شانه كله وفيه انه لا يصلح لمعارضة مثل هذا الحديث الصحيح واستدل في المعتبر بان وضع الاناء على اليمين امكن في الاستعمال وانت خبير بعدم دلالته على الاستحباب وربما يستفاد من قوله فوضعها على يمينه جبينه وقوله ثم وضعه على مرفقه وامركفه على ساعده حتى جرى الماء على اطراف اصابعه عدم جواز النكس في كل من الوجه و اليدين وجوزه المرتضىرضي‌الله‌عنه وابن ادريس في الكل وقد عرفت الكلام فيه وفي قوله في آخر الحديث ومسح مقدم راسه وظهر قدميه ببلة يساره وبقية بلة يمناه نوع اشعار بانه (ع) مسح راسه ببلة يمناه حيث قال في اليسرى بالبلة وفي اليمنى ببقيتها وهو ربما يعطي استحباب مسح الراس باليمنى وقوله في آخر الحديث الثالث يعني به التعدي في الوضوء الظاهر انه من كلام حماد لا من كلام من روى عنه ولعل مراد الامام (ع) ان هذا الوضوء المشتمل على مسح الرجلين هو وضوء من لم يتعد دود الله وان وضوء من يغسلهما وضوء من تجاوز عما ورد به الكتاب والسنة ويمكن على القول بعدم استحباب تثنية الغسلات ان يكون مراده (ع) ان مثل هذا الوضوء الخالي عن تثنيتها وضوء من لم يحدث في الوضوء ما ليس منه على ما سيجئ الكلام فيه عن قريب انشاء الله تعالى والفاء في قول ابي عبيدة وضأت ابا جعفر (ع) بجمع فناولته ماء فاستنجى ظاهر انها فاء التعقيب وهو لا يخلو من ئ فان الوضوء وقع عقيب الاستنجاء دون العكس فاما ان يراد من وضأت اردت التوضية كما قالوا في قوله تعالى كم من قرية اهلكناها فجاء‌ها باسنا بيانا او هم قائلون من انه بتاويل اردنا اهلاكها واما ان يصار إلى ما قاله بعض المحققين من النحاة من ان التعقيب في الفاء على نوعين حقيقي معنوي نحو جاء زيد فعمرو ومجازي ذكرى وهو عطف مفصل على مجمل كقوله تعالى ونادى نوح ربه فقال رب ان ابني من اهلي فان التفصيل حقه ان يتعقب الاجمال وعلى هذا ففي كلام الراوي اشعار بان الاستنجاء يلحق بافعال الوضوء و مقدماته فيتايد به ان ماء‌ه محسوب من الماء الذي يستحب به الوضوء كما قاله شيخنا الشهيد في الذكرى ولا يخفى ان هذا لا يتمشى على الوجه الاول وسياتيك في هذا الباب كلام مشبع انشاء الله تعالى وجمع بفتح الجيم واسكان الميم المشعر الحرام المسمى بالمزدلفة روى عن الصادق (ع) سمى جمعا لان ادم (ع) جمع فيه بين المغرب والعشاء

الفصل الثاني ( في تحديد الوجه والحكم في تخليل الشعر)

حديثان حديثان أ من الصحاح زرارة عن ابي جعفر (ع) قال قلت له اخبرني عن حد الوجه الذي ينبغي ان يتوضأ الذي قال الله عزوجل فقال الوجه الذي امر الله تعالى بغسله الذي لا ينبغي لاحد ان يزيد عليه ولا ينقص منه ان زاد عليه لم يوجر وان نقص منه اثم ما دارت عليه الوسطى والابهام من قصاص شعر الرأس إلى الذقن وما جرت عليه الاصبعان مستديرا فهو من الوجه وما سوى ذلك فليس من الوجه فقلت له الصدغ من الوجه فقال لا قال زرارة قلت له ارأيت ما احاط به الشعر فقال كل ما احاط به الشعر فليس على العباد ان يطلبوه ولا ان يبحثوا عنه ولكن يجري عليه الماء. ب محمد بن مسلم عن احدهما (ع) قال سالته عن الرجل يتوضأ ايبطن لحيته قال لا اقول كل من الموصولين في قول زرارة الذي قال الله عزوجل وفي قول الامام (ع) الذي لا نبغي لاحد ان يزيد عليه نعت بعد نعت للوجه وجملة الشرط والجزاء في قوله (ع) ان زاد عليه لم يوجز صلة بعد صلة وتعدده الصلة وان لم يكن بين النحاة مشهور الا انه لا مانع منه وقد ذكر بعض المحققين في قوله تعالى فاتقوا النار التي وقودها الناس والحجارة اعدت للكافرين تجويز كون جملته اعدت صلة ثانية للتي والقصاص بالتثليث منتهى منابت شعر الرأس من مقدمة

١٥

ومؤخره والمراد هنا المقدم وهو ياخذ من كل جانب من آخر الناصية ويرتفع عن النزعة إلى ان يتصل بمواضع لتحذيف ويمر فوق الصدغ ويتصل بالعذار واما ما يرتفع من الاذن فداخل في المؤخر والذقن بالتحريك مجمع اللحيتين اللذين فيهما منابت الاسنان السفلى والذي استفاده الاصحاب رضوان الله عليهم من هذه الرواية ان الحد الطولى للوجه من القصاص إلى طرف الذقن والحد العرضي ما حواه الابهام والوسطى وهذا التحديد يقتضي بظاهره دخول النزعتين و الصدغين والعارضين ومواضع التحذيف في الوجه وخروج العذارين عنه لكن النزعتان وان كانتا تحت القصاص فهما خارجتان عن الوجه عند علمائنا ولذلك اعتبروا قصاص الناصية وما على سمته من الجانبين في عرض الرأس واما لصدغان فهما وان كانا تحت الخط العرضي المار بقصاص من الناصية ويحويهما الاصبعان غالبا الا انهما خرجا بالنص واما العارضان فقد قطع العلامة في المنتهى بخروجهما وشيخنا الشهيد في الذكرى بدخولهما وربما يستدل على الدخول بشمول الاصبعين لهما واما مواضع التحذيف فقد ادخلهما بعضهم لاشتمال الاصبعين عليها غالبا ووقوعهما تحت ما يسامت قصاص الناصية واخرجها آخرون لنبات الشعر عليهما متصلا بشعر الرأس وبه قطع العلامة في التذكرة واما العذاران فقد ادخلهما بعض المتأخرين وقطع المحقق والعلامة بخروجهما للاصل ولعدم اشتمال الاصبعين عليهما غالبا وعدم المواجهة بهما واذا تقرر هذا ظهر لك ان ما فهمهالاصحاب رضي ‌الله ‌عنهم من هذه الرواية يقتضي خروج بعض الاجزاء عن حد الوجه مع دخوله في التحديدات الذي عينه (ع) فيها ودخول البعض فيه مع خروجه من التحديد المذكور وكيف يصدر مثل هذا التحديد الظاهر القصور الموجب لهذا الاختلاف ن الامام (ع) فلابد من امعان النظر في هذا المقام وقد لاح لي من الرواية معنى آخر يسلم به التحديد عن القصور ودلالة الرواية عليه في غايه الظهور وهو ان كلا من طول الوجه وعرضه هو ما اشتمل عليه الابهام والوسطى بمعنى ان الخط الواصل من القصاص إلى طرف الذقن وهو مقدار ما بين الاصبعين غالبا اذا فرض اثبات وسطه واديرعلى نفسه ليحصل شبه دائرة فذلك القدر هو الوجه الذي يجب غسله وذلك لان الجار والمجرور في قوله (ع) من قصاص شعر الرأس اما متعلق بقوله دارت و صفته مصدر محذوف والمعنى ان الدوران تبدء من القصاص منتهيا إلى الذقن واماحال من الموصول الواقع خبرا عن الوجه وهو لفظ ما ان جوزنا الحال عن الخبر والمعنى ان الوجه هو القدر الذي دارت عليه الاصبعان حال كونه من القصاص إلى الذقن فاذا وضع طرف الوسطى مثلا على قصاص الناصية وطرف الابهام إلى آخر الذقن ثم اثبت وسط انفراجهما ودار طرف الوسطى مثلا على الجانب الايسر إلى اسفل ودار طرف الابهام على الجانب الايمن إلى فوق تمت الدائرة المستفادة من قوله (ع) مستديرا وتحقق مانطق به قوله (ع) وماجرت عليه الاصبعان مستديرا فهو من الوجه وبهذا يظهر ان كلا من طول الوجه وعرضه قطر من اقطار تلك الدائرة من غير تفاوت ويتضح خروج النزعتين والصدغين عن الوجه وعدم دخولهما في التحديد فان اغلب الناس اذا طبق انفراج الاصبعين على ما بين قصاص الناصية إلى طرف ذقنه وادارهما على ما قلناه ليحصل شبه دائرة وقعت النزعتان الصدغان خارجة عنها و كذلك يقع العذاران ومواضع التحذيف كما يشهد به الاستقراء والتتبع واما العارضان فيقع بعضها داخلها والبعض خارجا عنها فيغسل ما دخل ويترك ما خرج على ما يستفاد من الرواية وحينئذ يستقيه التحديد المذكور فيها ويسلم عن القصور ولا يدخل فيه ما هو خارج ولا يخرج ما هو داخل فتامل في ذلك فانه بالتامل حقيق والله سبحانه اعلم بحقايق الامور وما تضمنه الحديث

١٦

من قوله (ع) كلما احاط به الشعر فليس على العبادان يطلبوه وكذا ما تضمنه الحديث الثاني من عدم وجوب تبطين اللحية اي ايصال الماء إلى باطنها وهو مستند الاصحاب رضوان الله عليهم في عدم وجوب تخليل الشعر الكثيف وفسر بما لا تترأاى البشرة خلاله في مجالس التخاطب لكنهم اختلفوا في وجوب تخليل الخفيف وفسر بما يقابل تفسير الكثيف فالمرتضىرضي‌الله‌عنه وابن الجنيد والعلامة في القواعد والمختلف والتذكرة على الوجوب والشيخ والمحقق والعلامة في المنتهى وشيخنا الشهيد في الذكرى والدروس على العدم وهو المشهور واستدل في الذكرى بان الوجه اسم لما يواجه به فلا يتبع غيره وبهاتين الصحيحتين وبما رووه من ان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله توضأ فغرف غرفة غسل بها وجهه ولا يبلغ الغرفة الواحدة اصول الشعر وخصوصا مع ان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله كان كث اللحية كما وصفه به علي (ع) ولان كل شعرة تستر ما تحتها ضرورة فلا يجب غسله كالساتر لجميع لقيام المواجهة به هذا كلامه وفيه نظر لان دليله الاول انما يجري بظاهره في الكثيف وليس النزاع فيه والعلاوة التي ظنها مؤيدة لدليله الثالث تاييدها غير ظاهر بل الظاهر خلافه وقوله في الرابع ان كل شعرة تستر ما تحتها ان اراد ان اصلها تستر نفس منبتها الحقيقي فليس الكلام فيه وان اراد ان الشعرة تستر شعاع البصر عن الوقوع على ما يحاذيها من اجزاء الوجه فان اراد اجزاء شخصيته بعينها في كل مجالس التخاطب فالخفيف ليس كذلك فان المستوريه تتبدل بتبدل مجلس التخاطب بل بادنى حركة بين الرائي والمرئي يظهر ما كان مستورا ويستر ما كان ظاهرا وان اراد اجزاء نوعية متبدلة الافراد بتبدل المجالس توجه المنع إلى الكبرى لحصول المواجهة بها في بعض الاوقات ثم اعلم انه لا خلاف بين الفريقين في وجوب غسل ما لا يرى من البشرة خلال الشعر في مجلس التخاطب وفي عدم وجوب غسل ما لا يرى منها ومن هنا قال بعض مشايخنارضي‌ الله ‌عنهم ان النزاع في هذه المسألة قليل الجدوى وانت خبير بانه لو جعل النزاع في وجوب غسل ما يستره الشعر الخفيف في بعض المجالس دون بعض كما يلوح من كلامهم لم يكن بعيد اولا يكون النزاع قليل الجدوى ومنشاؤه حينئذ ان عدم المواجهة به في بعض الاوقات هل يؤثر في سقوط غسله ام لا وان قوله (ع) كلمااحاط به الشعر فليس على العباد ان يطلبوه هل يراد به الاحاطة الدائمية او في الجملة لكن الظاهر ان المراد لاحاطة الدائمية وان المواجهة به في بعض الاوقات كافيه في ايجاب غسله وحينئذ فيقوى مذهب المرتضى (رض) مع انه اقرب إلى سلوك سبيل الاحتياط والله اعلم

الفصل الثالث ( فيما يمسح من الرأس والقدم وجواز النكس)

فيهما عشرة احاديث

ا من الصحاح زرارة قال قلت لابي جعفر (ع) الا تخبرني من اين علمت وقلت ان المسح ببعض الرأس وبعض الرجلين في القدم فضحك ثم قال يازرارة قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ونزل به (بها) الكتاب من الله لان الله عزوجل يقول فاغسلوا وجوهكم فعلمنا ان الوجه كله ينبغي ان يغسل ثم قال وايديكم إلى المرافق ثم فصل بين الكلامين فقال وامسحوا برؤسكم فعرفنا حين قال برؤسكم ان المسح ببعض الرأس لمكان الباء ثم وصل الرجلين بالراس كما وصل اليدين بالوجه فقال وارجلكم إلى الكعبين فعرفنا حين وصلهما بالراس ان المسح على بعضهما (ب) زرارة واخوه بكير عن ابي جعفر (ع) قال اذا مسحت بشئ من راسك او بشئ من قدميك ما بين كعبيك إلى اطراف الاصابع فقد اجزأك (ج) حماد بن عثمن عيسى عن بعض اصحابه عن احدهماعليه‌السلام في الرجل يتوضأ وعليه العمامة قال يرفع العمامة بقدر مايدخل اصبعه فيمسح على مقدم راسه (د) زرارة قال قال ابوجعفرعليه‌السلام المرأة يجزيها من مسح الرأس ان تمسح مقدمه مقدار ثلاث اصابع ولا تلقى عنها خمارها

ه‍ احمد بن محمد بن ابي نصر عن ابي الحسن لرضاعليه‌السلام قال

١٧

سألته عن المسح على القدمين كيف هوفوضع كفه على الاصابع فمسحها إلى الكعبين إلى ظهر القدم فقلت جعلت فداك لو ان رجلا قال باصبعين من اصابعه فقال لا الا بكفه

وحماد بن عثمن عن ابي عبداللهعليه‌السلام قال لا بأس بمسح الوضوء مقبلا و مدبرا

ز حماد بن عثمن ايضا عن ابي عبداللهعليه‌السلام لا بأس بمسح القدمين مقبلا ومدبرا

ح زرارة قال ابوجعفر عليه لسلام ان الله وتريحب الوتر فقد يجزيك من الوضوء ثلاث غرفات واحدة للوجه واثنتان للذراعين وتمسح ببلة يمناك ناصيتك وما بقي من بلة يمناك يمينك ظهر قدمك اليمنى وتمسح ببلة يسراك ظهر قدمك اليسرى

ط معمر بن خلاد قال سالت ابا الحسنعليه‌السلام يجزى الرجل ان يمسح قدميه بفضل رأسه فقال برأسه لا فقلت بماء جديد فقال براسه نعم

ى من الموثقات ابوبصير قال سألت ابا عبدالله (ع) عن مسح الرأس فقلت امسح بما في يدي من الندا رأسي قال لا بل تضع يدك في الماء ثم تمسح قول قد يظن ان ما تضمنه الحديث الاول من قول زرارة للباقر (ع) الا تخبرني من اين علمت ينبئ عن سواد به وقلة احترامه للامام (ع) وهو قدح عظيم في شأنه وجوابه ان زرارة رضي ‌الله‌ عنه اوضح حالا وارفع قدرا من ان يظن به ذلك ولكنه كان ممتحنا بمخالطة علماء العامة وكانوا ربما بحثوا معه في بعض المسائل وطالبوه عليها بالدلايل التي ربما عجز عنها فاراد ان يستفيد من الامام( ع) ما يسكتهم به ويرد شبهاتهم ويخلص من تعجيزهم فعبر بتلك العبارة من دون تأمل معتمدا على رسوخ عقيدته واثقا بعلم الامام (ع) بما قصده بذلك السؤال وربما قرئ قوله من اين علمت وقلت بتاء المتكلم اي اخبرني بمستند علمى بذلك ودليله قولي به فاني جازم بالمدعى غيرعالم بدليله وعلى هذا فلا اشكال وفي ضحكه (ع) عند سماع كلامه هذا نوع تاييد لهاذ الوجه وقوله (ع) ثم فصل بين الكلامين اي غاير بينهما بادخال الثانى الثاني دون الاول وهو يعطي كون الباء في الاية للتبعيض فلا يلتفت إلى كلام من جعلها فيها المطلق الالصاق واما قول سيبويه في سبعة عشر موضعا من كتابه ان لباء لم تجئ للتبعيض في لغة العرب فمع كونه شهادة على نفي يكذبه اصرار الاصمعي على مجيئها له وهو اشد انساب كلام العرب واعرف بمقاصدهم من سيبويه وقد وافق الاصمعي كثير من النحاة وجعلوها في قوله تعالى عينا يشرب بها عباد الله للتبعيض وناهيك بما تضنفه هذا الحديث حجة لهم وقوله (ع) في الحديث الثانى ما بين كعبيك إلى اطراف الاصابع يدل على عدم وجوب ادخال الكعبين في المسح وهو مختار المحقق في المعتبر وذهب العلامة في المنتهى إلى وجوبه واجاب عنا دل عليه ذا الحديث بان مثل ذلك قد يستعمل فيما يدخل فيه المبدء كقولك له عندي ما بين واحد إلى عشرة فان الواحد داخل قطعا وهو كما ترى ولا ريب ان الدخول احوط ما تضمنه الحديث الثالث من رفع العمامة يراد به تنحيتها عن محل المسح إلى قدام لا رفعها عنه إلى فوق بقرينة قوله (ع) بقدر ما يدخل اصبعه ويجوز قراء‌ته بكسر الخاء ونصب الاصبع بالمفعولية وبضمها ورفعه بالفاعلية وما تضمنه الحديث الرابع من اجزاء مسح المراة بثلث اصابع يمكن ان يستدل به للشيخ في النهاية وابن بابويه من وجوب لمسح بثلث اصابع وعدم اجزاء الاقل مع الاختيار ويؤيده روايه معمر عن ابي جعفر (ع) قال يجزي المسح على الرأس موضع ثلث اصابع وكذلك الرجل ويمكن حملها على الاستحباب عملا بالمشهور بين الاصحاب المعتضد بالاخبار الصحيحة الصريحة وسلوك سبيل الاحتياط اولى و ماتضمنه ظاهر الحديث الخامس من وجوب مسح الرجلين بكل الكف لا اعرف به قائلا من اصحابنا ونقل المحقق في لمعتبر و العلامة في التذكرة الاجماع على الاجتزاء بمسمى المسح ولو باصبع واحدة فحمل ما تضمنه الحديث على الاستحباب لا بأس به

١٨

ويكون قوله (ع) لا الا بكفه من قبيل قوله (ع) لا صلوة لجار المسجد الا في المسجد كما قاله العلامة في المنتهى تبعا للشيخ في التهذيب وقال في قول السائل قال باصبعين من اصابعه بمعنى فعل واعلم ان العلامة في المختلف؟ استدل بهذا الحديث من جانب لقائلين بعدم الاجتزاء في مسح الراس والرجلين باصبع واحدة بعدما نسب الاجتزاء به فيهما إلى الشهرة وهو يقتضي وقوع الخلاف بين اصحابنا في الرجلين ايضا ولا ينافيه الاجماع المنقول في الكتابين اذ وجود المخالف لا يقدح في انعقاد الاجماع عندنا وقد ظن بعض الاصحاب ان استدلاله طاب ثراه بذلك الحديث انما هو من جانب الشيخ وابن بابويه على عدم الاجتزاء في مسح الراس باقل من ثلث اصابع فاعترض عليه بانه لا دلالة في ذلك الحديث على المدعى بوجه وما تضمنه الحديث لسادس والسابع من جواز النكس في مسح الرأس والرجلين هو المشهور بين المتأخرين وقال الشيخ في النهاية والخلاف والمرتضى في الانتصار بعدم جواز استقبال الشعر في مسح الرأس خروجا من الخلاف ونقل عن ظاهر ابن بابويه والمرتضى عدم جاز النكس في مسح الرجلين ايضا و هما ضعيفان وما تضمنه الحديث الثامن من المسح ببقية البلل مما انعقد عليه اجماع عنا اصحابنا بعد ابن الجنيد وهذا هو المستند في هذا الباب واما استدلال المحقق في المعتبر بان الامر بالمسح مطلق والمطلق للفور والاتيان به ممكن من غير استيناف ماء فيجب الاقتصار عليه تحصيلا للامتثال فانت خبير بان للبحث فيه مجالا واسعا اذ على تقدير كون الامر في الاية للفور لا يخل به اخذ الماء قطعا وهو ظاهر واما استدلال الاصحاب بالروايات الورادة في الوضوء البياني المتضمنة للمسح ببقية البلل كصحيحتي زرارة وابي عبيدة الحذاء وغيرهما ففيه ان لابن الجنيد ان يقول ان تلك الروايات انما تنهض دليلا لو ثبت ان مسح الامام (ع) ببقية البلل انما كان لتعينه وعدم جواز غيره ولم لا يجوز ان يكون فعله (ع) له لكونه؟ زئيات الكلي المامور به وبعض الاصحاب لما تفطن بهذا عدل عن الاستدلال بتلك الروايات إلى الاستدلال بهذا؟ وقال ان الجملة الخبرية يعني قوله (ع) وتمسح ببلة يمناك ناصيتك هنا بمعنى الامر وهو يقتضي الوجوب ولا يخفى ان لابن الجنيد ان يقول انما يتم التقريب لو تعين كون الجملة الخبرية هنا بمعنى الانشاء ولم يجز كون الفعل فيها معطوفا على ثلث غرفات ومندرجا تحت قوله (ع) فقد يجزيك اما على هذا التقدير فلا اذ لا كلام في اجزاء المسح ببلل الوضوء انما الكلام في تعينه وعطف لفعل على الاسم باضمار ان من الامور الشايعة في الكلام السايغة عند النحاة كما في البيت المشهور للبس عباء‌ة وتقر عيني احب الي من لبس الشفوف يعطف تقربا بالنصب على لبس وبهذا يظهر ان ما ظنه بعض الاصحاب من دلالة هذه الرواية على اولوية مسح القدم اليمنى باليد اليمنى واليسرى باليسرى غير ظاهر والله اعلم بحقائق الامور وما تضمنه الحديث التاسع والعاشر من النهي عن المسح ببقية البلل والامر بالاستيناف لا يخلو من اشكال والشيخ حملهما على التقية ثم قال ويحتمل ان كون اراد بالخبر الثانى من قوله بل تضع يدك في الماء الماء الذي بقي في لحيته او حاجبيه هذا كلامه واستبعده والذي ره في حواشى الاستبصار لان المسائل قال امسح بما في يدي من النداء فكيف ينهاه (ع) عن ذلك ويامره بالاخذ من لحيته او حاجبيه ولا يخفى ان الاحتمال الاول ايضافى نهاية البعد لان السائل قال يمسح قدميه بفضل راسه وهوصريح في عدم الجفاف وفي حمل الخبرالاول على التقية اشكال لتضمنه مسح القدمين والعامة لا يمسحونهما لا ببقية البلل ولا بماء جديد فان قلت انهم يجوزون اطلاق المسح على الغسل فيمكن تنزيل الكلام على ما يوافق زعمهم الفاسد قلت ما تضمنه الحديث من

١٩

المسح يفضل الرأس يابي هذا التنزيل كما لا يخفى فلو نزل على مسح الخفين لكان اولى والذي ما زال يختلج بخاطري ان ايماء‌ه (ع) براسه نهى لمعمر بن خلاد عن هذا السؤال لئلا يسمعه المخالفون الحاضرون في المجلس فانهم كانوا كثيرا ما يحضرون مجالسهم (ع) فظن معمر انه (ع) انمانها عن المسح ببقية البلل فقال ايماء جديد فسمعه الحاضرون فقال (ع) براسه نعم ومثل هذا يقع في المحاورات كثيرا والله اعلم بحقايق الامور

الفصل الرابع ( في تعين الكعبين )

ثلاثة احاديث

ا من الصحاح زرارة واخوه بكير عن ابي جعفر (ع) انهما سالاه عن وضوء رسول الله صلى الله عليه آله فدعا بطست او تور فيه ماء ثم حكى وضوء رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى ان انتهى إلى المسح قالا قلنا له اصلحك الله فاين الكعبان قال هاهنا يعني المفصل دون الساق قلنا هذا ما هو قال هذا عظم الساق

ب احمد بن محمد بن ابي نصيرعن ابي الحسن الرضا (ع) قال سألته عن المسح على القدمين كيف هو فوضع كفه على الاصابع فمسحها إلى الكعبين إلى ظهر القدم

ج من الحسان ميسرة عن ابي جعفر (ع) قال الوضوء واحدة واحدة ووصف الكعب في ظهر القدم اقول الطست يروي بالبين والشين معا والتور اناء يشرب منه و لفظة دون في قول الاخوين دون عظم الساق اما بمعنى تحت او بمعنى عند او بمعنى غير وقوله في الحديث الثاني إلى ظهر القدم تفسير وبيان لقوله إلى الكعبين وليس المراد بظهر القدم خلاف باطنه بل ما ارتفع منه كما يقال لما ارتفع وغلظ من الارض ظهر بخلاف ظهر القدم في الحديث الثالث فانه لا مانع فيه من ارادة كل من المعنيين وما تضمنه من قوله (ع) الوضوء واحدة واحدة مما يستدل به القائلون من اصحابنا بعدم استحباب الغسلة الثانية كالصدوق والكليني قدس الله روحهما وسنتكلم فيه عنقريب انشاء الله تعالى ولابد في هذاالمقام من الكلام في تحقيق الكعب فانه من المعارك العظيمة بين العلامة اعلى الله مقامه وبين من تاخر منه من علمائنا نور الله مراقدهم فلا بأس باطلاق عنان القلم في هذا الجدال فعسى ان تنحسم به مواد القيل والقال فاقول وبالله العصمة والتوفيق الكعب يطلق على معان اربعة الاول العظم المرتفع في ظهر القدم الواقع فيما بين المفصل والمشط الثانى بين الساق والقدم الثالث عظم مائل إلى الاستدارة واقع في ملتقى الساق و القدم له زائدتان في اعلاه يدخلان في حفرتي قصبة الساق او زائدتان في اسفله يدخلان في حفرتي العقب وهو ات في وسط ظهر القدم اعنى وسطه العرضى ولكن نتوه غير ظاهر لحس البصر لارتكاز اعلاه في حفرتى الساق وقد يعبر عنه بالمفصل ايضا اما لمجاورته له او من قبيل تسمية الحال باسم المحل الرابع احد الناتيين عن يمين القدم وشماله اللذين يقال لهما المنجمين وهذا المعنى الاخير هو الذي حمل اكثر العامة الكعب في الاية عليه واصحابنا رضى عنهم مطبقون على خلافه واما المعاني الثلثة الاول فكلامهم قدس الله ارواحهم لا يخرج عنها وان كان بعض عباراتهم اشد انطباقا على بعضها من بعض فالمعنى الاول ذكره من اصحابنا اللغويين عميد الرؤساء في كتابه الذي الفه في الكعب وصريح عبارة المفيد طاب ثراه منطبق عليه فانه قال الكعبان هما قبتا القدمين امام الساقين ما بين المفصل والمشط والمعنى الثاني ذكره جماعة من اهل اللغة كصاحب القاموس حيث قال الكعب كل مفصل العظام والرواية الاولى ظاهرة فيه وهو المفهوم بحسب الظاهر من كلام ابن الجنيد والمعنى الثالث هوالذي يكون في ارجل البقر والغنم ايضا وربما يلعب به الناس كما قاله صاحب القاموس وهو الذي يحبث عنه علماء التشريح وقال به الاصمعي ومحمد بن الحسن الشيباني كما نقله عنهما العامة

٢٠

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

وهكذا نلاحظ كثيراً من الأدلة القرآنية التي تؤيد هذا الأمر. إذن ما ذهب إليه الإمامية صحيح ، لا يخالف القرآن كما إدعاه البعض.

وبعد هذا البيان والدراسة في بحث (الغيب) ، ندخل في دراسة القصة الغيبية.

ب ـ أقسام القصة الغيبية :

سبق أن قلنا أنّ هذا النوع من القصص تعد أحداثها بتفاصيلها مصدرها الوحي ، فهذه القصص من قبيل الغيب الذي كشفه الله عَزّ وجَلّ لنبيه صلى الله عليه وآله وسلم ، وهي غيب سواء أكانت في الماضي أو المستقبل ، فعلى هذا يمكن تقسيم القصة الغيبية إلى ما يلي :

الأول ـ قصص الماضي :

يحتوي القرآن الكريم على كثير من علوم الغيب ، خصوصاً ما جرى على الأمم الماضية ، فعلى سبيل المثال ما جاء في قصة يوسف عليه السلام مع اخوته حيث أوحى الله سبحانه إلى يوسف في قوله تعالى :( لَتُنَبِّئَنَّهُم بِأَمْرِهِمْ هَـٰذَا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ ) [يوسف / ١٥]. ففي الآية غيب موحى إلى يوسف ، وكذلك غيب موحى إلى نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم بإخبار الوحي له بما حصل ليوسف عليه السلام وأكّد على ذلك في قوله تعالى :( ذَٰلِكَ مِنْ أَنبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ ) [يوسف / ١٠٢]. إلى غير ذلك مما ذكره القرآن الكريم من أخبار الأمم الماضية ، فالقرآن ذكر تلك القصص على نحو الإختصار ، ثم جاء الرسول صلى الله عليه وآله وسلم يوضحها ، فالملاحظ أنّ تلك القصص وما تضمنته من أحداث ليست في متناول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ولم تحدث أمامه ، كما أنّه لم يُنشئها ولم يأخذها عن طريق غيره

١٠١

من المؤرخين ، بل مصدره الوحي ، وأخذ عنه أهل بيته عليهم السلام. «وذكر العلامة الجليل الورع الثقة النبيل ، السيد هاشم البحراني في كتابه (مدينة المعاجز) أكثر من ستمائة رواية في إخبارات الأئمة الإثني عشر صلوات الله عليهم»(١٠٥) .

الثاني ـ قصص المستقبل :

يتناول هذا اللون من القصص أموراً مختلفة كلها تتحدث عن أمور غيبية خاصة تحدث في الواقع ، ولو تأملنا ما ذكر في القرآن الكريم ، وعلى لسان النبي الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم ؛ لأمكن تقسيمه إلى ما يلي :

أولاً ـ أخبار تحققت في حياة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) :

رأى الرسول صلى الله عليه وآله وسلم في المنام ـ وكان ذلك في المدينة المنورة قبل أن يخرج إلى الحديبية ـ أنّ المسلمين دخلوا المسجد الحرام ، فأخبر بذلك أصحابه ففرحوا وحسبوا أنّهم داخلوا مكة عامهم هذا ، فلما إنصرفوا ولم يدخلوا مكة ؛ قال المنافقون : ما حلقنا ولا قصرنا ولا دخلنا المسجد الحرام. فأنزل الله هذه الآية :( لَّقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِن شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِن دُونِ ذَٰلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا ) [الفتح / ٢٧]. وكان بين نزول الآية والدخول مدة سنة. وكان عام سبع للهجرة وتَمّ الفتح القريب من دونه ـ وهو صلح الحديبية ـ ، الذي كان مقدمة لفتح مكة سنة ثمان للهجرة.

ثانياً ـ أخبار تحققت بعد حياته :

وهذا ال نوع من القصص منه ما هو مشهور كأخبار آخر الزمان ، المسمى بـ(أحاديث الفتن والملاحم) ، ويندرج تحت هذا النوع كثير من الإخبارات ،

__________________

(١٠٥) ـ النمازي ، الشيخ علي الشاهرودي : مستدرك سفينة البحار ، ج ٨ / ٨٠.

١٠٢

كخبر الدابة التي تخرج للناس في آخر الزمان ، وقد جاء في القرآن الكريم خبرها في قوله تعالى :( وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِّنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لَا يُوقِنُونَ ) [النمل / ٨٢]. ومن أراد تفاصيل ذلك ؛ فليراجع كتب التفسير.

كما ورد على لسان النبي صلى الله عليه وآله وسلم عدة إخبارات غيبية ، من أهمها ما يحل على أهل بيته عليهم السلام كإخباره بمقتل سبطه الحسين عليه السلام في كربلاء ، وقد ذكر منها ابن الأثير في ترجمة أنس بن الحارث حيث قال : «روى حديثه أشعث بن سحيم ، عن أبيه عن أنّه سمع النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول : (إنّ ابني هذا يقتل بأرض من أرض ال عراق ، فمن أدركه فلينصره) ، فقتل مع الحسين عليه السلام»(١٠٦) .

وأيضاً إخباره عن الإمام المهدي عليه السالم ، وقد ذكرها علماء المسلمين ، لا ينكر ذلك إلا مكابر لا قيمة لرأيه.

ثالثاً ـ أخبار البعث والنشور :

لعلّ من أهم القضايا التي واجه بها نبينا الأعظم عليه السلام مشركي قريش قضية البعث والنشور ، فقد أنكر المشركون هذا الأمر باصرار عنيف ، واستغربوا من ذلك أشد الإستغراب ، وقد سجل القرآن الكريم هذا الإنكار في أكثر من آية ، منها ما يلي :

قوله تعالى :( وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلَىٰ رَجُلٍ يُنَبِّئُكُمْ إِذَا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ * أَفْتَرَىٰ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَم بِهِ جِنَّةٌ بَلِ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ فِي الْعَذَابِ وَالضَّلَالِ الْبَعِيدِ ) [سبأ / ٧ ـ ٨].

__________________

(١٠٦) ـ ابن الاثير ، علي بن محمد : أسد الغابة ، ج ١ / ١٢٣.

١٠٣

وقوله تعالى :( وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ وَمَا لَهُم بِذَٰلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ ) [الجاثية / ٢٤].

وقوله تعالى :( أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ *أَوَآبَاؤُنَا الْأَوَّلُونَ *قُلْ نَعَمْ وَأَنتُمْ دَاخِرُونَ *فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ فَإِذَا هُمْ يَنظُرُونَ ) [الصافات / ١٦ ـ ١٩].

وإزاء هذا الإنكار لهذه القضية ، إستخدم الرسول صلى الله عليه وآله وسلم القصة في عرض البعث واليوم الآخر ، وأكّد على ذلك بأن نَزّل المستقبل منزلة الحار ، فهذه القصص في الوقت الذي تحمل الرد على المنكرين ، فإنّها تُؤكِّد الإيمان بالبعث والنشور ، كما أنّ هناك عاملاً جوهرياً يضاف إلى وجود هذا النوع من قصص العالم الآخر ، ووراء كثرته وتكراره أنّ ذلك العالم هو محل العقاب والثواب ، وقضية العقاب والثواب أساسية يتمد عليها منهج التربية في الشريعة الإسلامية ، من أجل قيام الإنسان المسلم على مبادئ دينه والإلتزام بها ، حيث سيظل وازع الإحساس بالمسؤولية ، ـ عما يقول أو يفعل ـ مائلاً أمامه من خلال تصوره لحياة أخرى يؤمن بأنّه سيجازي فيها على سلوكه ، على الخير بالخير في الجنة والنعيم ، وعلى الشر بالشر في النار والعذاب ، كما في قوله تعالى :( فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ *وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ) [الزلزلة / ٧ ـ ٨].

١٠٤

٣ ـ القصة الخيالية

أ ـ الخرافية

ب ـ التمثيلية

ج ـ الخيال العلمي

١٠٥
١٠٦

٢ ـ القصة الخيالية :

هي حكايات يبتدعها خيال المؤلف ، قد تكون نثراً أو نظماً ، والروايات والقصص القصيرة ، هي من أشهر أشكال قصص الخيال رواجاً ، وسمات هذه القصص أنّها تحتوي على عناصر خيالية ، إما كلياً أو جزئياً ، وهذه العناصر تشمل الشخصيات والأوضاع المحيطة ، وفي بعض قصص الخيال تكون العناصر الخيالية واضحة ـ أي بعيدة عن الواقع ـ مثل القصة الإطارية ، وهي قصة تروي في إطارها مجموعة من الحكايات ، ومن أحسن الأمثلة عليها قصة شَهْرَيَار الملك وشَهْرَزَاد في كتاب (ألف ليلة وليلة) ، ومع ذلك ليس من الضروري أن تختلف كثيراً عن الواقع ؛ إذ أنّ كثيراً من نماذج قصص الخيال تمثل شخصيات قريبة من الواقع ، وتصف أوضاعاً واقعية ، وبعض القصص ترتكز على شخصيات وحوادث حقيقية ، وتدمج عادة العناصر الواقعية في قصص الخيال مع الأوضاع والشخصيات والحوادث الخيالية ، والغرض الرئيس لمعظم قصص الخيال هو التسلية ، إلا أنّ هناك بعض الأعمال الجادة من قصص الخيال التي تحفز العقل وتدعو إلى التفكير عن طريق إيجاد الشخصيات ، ووضعها في مواقف محددة ، وتأسيس وجهات النظر ، ويقوم مؤلفو قصص الخيال الجادة بتوضيح الأحكام المميزة بين الأشياء ، وهذه الأحكام تتناول المسائل الأخلاقية والفلسفية والنفسية والإجتماعية ، ولعلّ أهم ما يمكن دراسته من أقسامها هي التالي :

أ ـ الخرافية :

الخُرافَة : «الحديث المستملح من الكذب. وقالوا : حديث خرافة ، ذكر إبن الكلبي في قولهم حديث خرافة أنّ خرافة من بني عُذْرَة أو من جُهَيْنَة ، إختطفته الجن ، ثم رجع إلى قومه فكان يُحدث بأحاديث مما رأى يعجب منها

١٠٧

الناس ، فكذبوه فجرى على ألسن الناس»(١٠٧) . وعُرِّفت الخرافة أيضاً بـ«معتقد لا عقلاني أو ممارسة لا عقلانية. والخرافات قد تكون دينية ، وقد تكون ثقافية أو إجتماعية. فمن الخرافات الدينية إيمان بعض المشلولين أو المقعدين ، بقدرة قديس بعينه أو قديسة بعينها على شفائهم.

ومن الخرافات الثقافية أو الإجتماعية ، إيمان كثير من الناس بأنّ الخرزة الزرقاء تدفع الشر ، وبأنّ نعل الفرس مجلبة للخير»(١٠٨) وبعد هذا التعريف فالحكاية الخرافية : «قصة أو حكاية خيالية قصيرة ذات مغزى في معظم الحكايات الخرافية ، يمثل واحد أو أكثر من الشخصيات حيواناً أو نباتاً أو شيئاً يتكلم ويتصرف كمخلوق بشري ، ويمكن أن نُقص الحكاية الخرافية نثراً أو شعراً ، وفي عديد من الحكايات يمكن تلخيص المراد من القصة ، أو مغزاها في النهاية على شكل مثل شعبي»(١٠٩) .

وهذا النوع من القصة الخيالية لا قيمة له على المستوى الديني ، لا في القرآن الكريم ، ولا في السنة النبوية.

ب ـ التمثيلية :

لست بصدد دراسة القصة التمثيلية من جميع جوانبها ، وإنّما الهدف هو التعريف بها من بعض جوانبها ، في القرآن الكريم والسنة النبوية ، والذي يهمنا بحثه هو التالي :

__________________

(١٠٧) ـ ابن منظور ، محمد بن مكرم : لسان العرب ، ج ٩ / ٦٥ ـ ٦٦.

(١٠٨) ـ البعلبكي ، منير : موسوعة المورد العربية ، ج ١ / ٤٦١.

(١٠٩) ـ الموسوعة العربية العالمية ، ج ٩ / ٤٨١.

١٠٨

١ ـ التعريف بالمثل :

يطلق المثل على معانٍ ثلاثة ، هي كالتالي :

الأول ـ المثل السائر :

هو كلمة موجزة قيلت في مناسبة تناقلتها الأجيال بدون تبديل ، كقوله صلى الله عليه وآله وسلم : (إنّ من البيان لسحرا)(١١٠) ، قال الميداني : «يعني أنّ بعض البيان يعمل عمل السحر ، ومعنى السحر : إظهار الباطل في صورة الحق ، والبيان : إجتماع الفصاحة والبلاغة ، وذكاء القلب مع اللسَنِ ، وإنما شُبّه بالسحر ، لحدّة عمله في سامعه وسرعة قبول القلب له. يضرب في إستحسان المنطق ، وإيراد الحجة البالغة»(١١١) . والهدف منه مقصور على التطبيق.

الثاني ـ المثل القياسي :

ويقصد به البيانيون متشكل من أي وصف أو قصة أو تصوير رائع لتوضيح فكرة ، عن طريق تشبيه يسميه البلاغيون (التمثيل المركب) لتقريب أمر معقول من محسوس يجمع بذلك بين عمق الفكرة ، وجمال التصوير ولم يقصر على سماع أو نقل ، والإهتمام بصياغة الفكر فيه أكثر من إقتباس مثل سائر ، وحاصل القياسي : هو ما يخلقه المتمثل لغرض ينشده ، ومن نماذجه في القرآن الكريم ، قوله تعالى :( وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ ) [النحل / ١١٢]. فالآية فيها إستعارة تمثيلية ؛ حيث أخذ اللباس في الجوع والخوف الدال على إستعمالها لمن

__________________

(١١٠) ـ الميداني ، احمد بن محمد النيسابوري : مجمع الأمثال ، ج ١ / ٧.

(١١١) ـ نفس المصدر.

١٠٩

كفر بأنعم الله تعالى ـ الأمن والصحة والكفاية في الرزق وغيرها من النعم التي لا تحصى ـ ، ولو إكتفى بالإذاقة لفات ذلك. وفي الأمثال النبوية قوله صلى الله عليه وآله وسلم : (أيها الناس إياكم وخضراء من الدِمَن. قيل يا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : وما خضراء الدمن؟ قال : المرأة الحسناء في منبت السوء)(١١٢) .

قال الشريف الرضي : «... أنّه عليه الصلاة والسلام نهى عن نكاح المرأة على ظاهر الحسن ـ وهي منبت السوء ، أو في البيت السوء ـ ، فوجه المجاز في هذا القول ، أنّه عليه الصلاة والسلام ، شَبّه المرأة الحسناء بالروضة الخضرة لجمال ظاهرها ، وشبّه منبتها السوء بالدِمْنَة لقباحته ، والدِمْنَة هي : الأبعار المتجمعة تركبها السوافي ، ويعلوها الهابي ، فإذا أصابها المطر أنبتت نباتاً خضراء يروق منظره ويسوء مخبره ، فنهى عليه الصلاة والسلام عن نكاح المرأة إذا كانت مغموضة في نفسها ، أو مطعوناً عليها في نسبها ، لأنّ أعراق السوء تنزع إلى ولدها ، وتضرب في نسلها ، قال الشاعر :

وأدركنه خالاته فخذلنه

ألا إنّ عِرق السوء لا بدّ مدرك(١١٣)

وفي السيرة الحسينية ما جاء في خطبته في مكة المكرمة : «خُطّ الموت على ولد آدم مخط القلادة على جيد الفتاة ، وما أولهني إلى أسلافي إشتياق يعقوب إلى يوسف ، وخِيرَ لي مصرع أنا لاقيه ، فكأنّي بأوصالي تُقطعها عُسْلَان الفَلوات بين النَوَاوِيس وكربلا ، فيملأن مني أكراشاً جُوفَاً ، وأجْرُبَة سُغُبَاً»(١١٤) .

__________________

(١١٢) ـ الغروي ، الشيخ محمد : الأمثال النبوية ، ج ١ / ٢٧٢.

(١١٣) ـ الشريف الرضي ، محمد بن الحسين : المجازات النبوية / ٦٠ ـ ٦١.

(١١٤) ـ السماوي ، الشيخ محمد طاهر : إبصار العين في أنصار الحسين / ٦.

١١٠

إنّ بلاغة هذه الخطبة وعُلو مضمونها ، يوجب لنا الإطمئنان بصدورها عن سيد الشهداء عليه السلام ، كما أنّها على وجازتها تضمنت نهج الحسين عليه السلام وهدفه ، ونهايته ووصف مصرعه ومكانه ، والذي يهمنا بحثه ـ هنا ـ بيان بعض أوجهها البلاغية ، المتمثلة فيما يلي :

أولاً ـ عَبّر الحسين عليه السلام عن الموت الذي هو طبيعي للبشر بأنّه : (خط مخط القِلادة على جِيدْ الفَتاة). وهذا التعبير براعة إستهلال عجيبة المعنى ؛ حيث أنّ مخط القلادة يراد منه شيئين :

أ ـ إسم مكان : وهو موضع خط القلادة ـ وهي الجلد المستدير من الجيد ـ ، فكما أنّ ذلك الجلد لازم على الرقبة ، كذلك الموت على ولد آدم.

ب ـ إسم مصدر : والمراد به نفس الخط ، فيكون معنى ذلك : أنّ الموت دائرة لا يخرج ابن آدم عن وسطها ، كما أنّ القلادة دائرة لا يخرج الجيد منها حال تقليده. فإذا كان الموت لابد منه ؛ فليختر الإنسان أفضل ميتة ، وأعظمها شرفاً ونفعاً ، وإن أدّت إلى تقطيع أوصاله.

ثانياً ـ إختيار الحسين عليه السلام لنفسه الموتة الكريمة ، التي هي مرتبطة بأمر السماء التي تتم فيها شهادة الحسين وسعادته ، وسعادة من سار على نهجه ، لقد قضي الأمر وتمت الخيرة ، وكيفية القتلة ومكانها وعَبّر عن ذلك بقوله : (وخِير لي مصرع أنا لاقيه ، كأنّي بأوصالي تُقَطّعها عُسْلَان الفَلوات ، بين النَواوِيس وكربلاء).

فعسلان الفلوات : هي الذئاب ، ولعلّ الحسين عليه السلام يعني بها ـ مجازاً ـ الوحوش البشرية من أعدائه التي وَزّعت جسده الطاهر ، وتركته بالعراء وسلبته ووطأته بالخيول ، ثم تركته بلا مواراة ثلاثة أيام ، وقد عَبّر عن وحشيتهم بقوله

١١١

(فيملأن مني أكراشاً جُوْفَاً ـ أي واسعة ـ ، وأجربة سُغُباً ـ أي البطون الجائعة ـ ، وهذا تعبير عن شدتها وكثرة أكلها من دون محام ولا دافع عن الأعضاء المقطعة ، ويُؤَيّد هذا المعنى ما قاله لأصحابه لما نزل بَطْن العَقَبة : «ما أراني إلا مقتولاً ، فإنّي رأيت في المنام كلاباً تنهشني ، وأشدّها عليّ كلب أبقع»(١١٥) . أراد الحسين عليه السلام أن يُبيّن للمسلمين من خلال خطبته ، تلك الجريمة النكراء التي إقترفها الأمويون في حق البيت النبوي الطاهر ، ومدى اللثم والخسة في نفوس أعدائه ، حيث إمتدت تلك الجريمة ـ بعد تقطيع الحسين عليه السلام بالسيوف ، ووطئ جثته بالخيول ـ لتدخل الرعب والهلع في نفوس النساء والأطفال ، وتُعَرِّضَهم للعطش والحرق والسحق والأسر وضرب السياط ، وبهذا أراد الحسين عليه السلام أن يسجل على صفحات التاريخ ، صوراً من البطش والهمجية التي لا يرتكبها إلا الذئاب المفترسة والوحوش الضارية.

الثالث ـ مطلق ما يسمى بالمثل :

سواء فيه المثل السائر ، والقياسي والفرضي المعروف بالخياليات التي صنعت للإعتبار والموعظة ، كفرضيات كتاب (كليلة ودمنة) ، وكل وصف به نوع غرابة أو إعجاب زائد ، كقوله تعالى :( مَّثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِّن مَّاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِّن لَّبَنٍ لَّمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ .) [محمد / ١٥]. المستفاد من كلمات اللغويين أنّ المثل بمعنى التمثيل والتنظير ، وسمي المثل مثلاً لأنّه ماثل بخاطر الإنسان ؛ أي شاخص به. يقول الجوهري : «ومثلت له كذا تمثلاً إذا صَوّرت له مثاله

__________________

(١١٥) ـ المقرّم ، السيد عبد الرزاق الموسوي : مقتل الحسين / ١٨١.

١١٢

بالكتابة وغيرها»(١١٦) . فكأنّ مراد الجوهري الصورة بالكتابة والتمثال بخير الكتابة ؛ لأنّ غير الكتابة إما يكون وصفاً ؛ فهو أمر تخييلي محض ، وإما أن يكون عملاً يدوياً محسوساً فهو التمثال. فيكون الغاية من سوق المثل والتنظير له إقامة الحجة أو إظهار آية دالة على شيء ما. فالأسلوب في الآية عرضها مثول وانتصاب لحقيقتها أمام الناظر. ومن هذا الباب ما جاء عن الحسين عليه السلام في اليوم العاشر من المحرم ، حينما إستدعى ابن سعد ومَثّل له نهايته ، حيث قال له : «أي عمر ، أتزعم أنك تقتلني ويوليك الدّعي بلاد الرّي وجُورجَان ، والله لا تهنأ بذلك ، عهد معهود فاصنع ما أنت صانع ، فإنّك لا تفرح بعدي بدنيا ولا آخرة ، وكأنّي برأسك على قصبة يتراماه الصبيان بالكوفة ، ويتخذونه غرضاً بينهم ، فصرف بوجهه عنه مغضباً»(١١٧) .

وعند خروج الأكبر عليه السلام إلى الميدان ؛ صاح بعمر بن سعد : «مالك؟! قطع الله رحمك كما قطعت رحمي ، ولم تحفظ قرابتي من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وسَلّط عليك من يذبحك على فراشك»(١١٨) .

٢ ـ أهمية المثل :

للمثل أهمية كبرى يمكن تلخيصها فيما يلي :

١ ـ إنّ أهمية الأمثال بيانية ، حيث لم يكن في كلام العرب أوجز منها ، ولا أشد إختصاراً. قال إبراهيم النظام : «إجتمع في المثل أربعة لا تجتمع في

__________________

(١١٦) ـ الجوهري ، إسماعيل بن حَمّاد : تاج اللغة وصحاح العربية ، ج ٥ / ١٨١٦.

(١١٧) ـ المقرّم ، عبد الرزاق : مقتل الحسين / ٢٣٥.

(١١٨) ـ نفس المصدر / ٢٥٧.

١١٣

غيره من الكلام : إيجاز اللفظ ، وإصابة المعنى ، وحسن التشبيه ، وجودة الكناية ، فهو نهاية البلاغة»(١١٩) .

٢ ـ إنّ المقصود من ضرب الأمثال ، أنّها تؤثر في القلوب ما لا يؤثره وصف الشيء في نفسه ؛ وذلك لأنّ الغرض في المثل أن تنفعل به النفوس ، وتؤمن به القلوب ، فإن كان مدحاً ؛ كان أبهى وأفخم وأنبل في النفوس ، وأعظم وأهز للعطف ، وأسرع للإلف ، وأذكر وأيسر على الألسن ، وأولى بأن تعتلقه القلوب وأجدر. وإن كان ذماً ؛ كان مَسّه أوجع ، ووقعه أشدّ ، وحَدّه أحد. ومن هذا ما ورد في الخطب الحسينية في الطريق وفي كربلاء. وكذلك ما ورد عن أهل بيته عليهم السلام أثناء الخطب في الكوفة ، ويمكن التركيز منها على ما يلي :

المثل في خطب الإمام الحسين (عليه السلام) :

قال عليه السلام لابن عباس : «والله لا يدعوني حتى يستخرجوا هذه العَلَقَة من جوفي ، فإذا فعلوا ذلك ؛ سَلّط الله عليهم من يذبهم ، حتى يكونوا أذلّ من فِرَام المرأة»(١٢٠) .

وقال أثناء طريقه إلى الكوفة : «إنّ هؤلاء أخافوني ـ وهذه كتب أهل الكوفة ـ وهم قاتليَّ ، فإذا فعلوا ذلك ولم يدعوا الله محرماً إلا انتهكوه ؛ بعث

__________________

(١١٩) ـ الغروي ، الشيخ محمد : الأمثال النبوية ، ج ١ / ١٠.

(١٢٠) ـ المقرّم ، السيد عبد الرزاق : مقتل الحسين / ٢٣٤.

١١٤

الله إليهم من يقتلهم ، وحتى يكونوا أذلّ من فِرَام الأمّة»(١٢١) . وخاطب الأعداء يوم عاشوراء بقوله : (يا عَبيد الأمّة)(١٢٢) تحقيراً لهم.

إيضاح أهم مفردات المثل الحسيني :

الفِرَام : ورد في كتب اللغة أنّ (الفِرَام) : دواء تُضيِّق به المرأة المسلك ، أو حب الزبيب تحتشى به لذلك ، وكانت في أحراح ثقيف سعة يتضيقن بعجم الزبيب. والفرامة : هي الخرقة تحتشي بها المرأة عند الحيض كالفِرَام ، وفيها يقول الشاعر :

وجَدْتُك فيها كأمِّ الغلام

متى ما تَجِدْ فَارِما تَفْترِم(١٢٣)

وأيضاً قال في (بَطْن العَقَبة) : «إنّهم لن يدعوني حتى يستخرجوا هذه العلقة من جَوفي ، فإذا فعلوا ذلك ؛ سَلّط الله عليهم من يذلهم ، حتى يكونوا أذلّ فرق الأمم»(١٢٤) .

وقال في (الرُهَيَمة) : «وطلبوا دمي فهربت ، وأيم الله ليقتلوني فيلبسهم الله ذِلّاً شاملاً ، وسيفاً قاطعاً ، ويسلط عليهم من يذلهم ، حتى يكونوا أذلّ من قوم سَبأ ؛ إذ ملكتهم إمرأة فحكمت في أموالهم ودمائهم»(١٢٥) . هذه بعض الأمثال الحسينية الواردة في خطبه عليه السلام.

__________________

(١٢١) ـ المصدر السابق / ١٧٥.

(١٢٢) ـ نفس املصدر / ١٦٨.

(١٢٣) ـ ابن منظور ، محمد بن مكرم : لسان العرب ، ج ١٢ / ٤٥١ ـ ٤٥٢.

(١٢٤) ـ المقرم ، السيد عبد الرزاق : مقتل الحسين / ١٨١.

(١٢٥) ـ نفس المصدر / ١٨٥.

١١٥

وإن كان وعظاً ؛ كان أشفى للصدر ، وأدعى للفكر ، وأبلغ في التنبيه والزجر ، ويبصر الغاية.

المثل في خطبة السيدة زينب (عليها السلام) في الكوفة :

ومما ورد في الخطبة الزينبية التي خطبتها في الكوفة ـ من الأمثال ما يلي : «الحمد لله ، والصلاة على أبي محمد وآله الطيبين الأخيار ، أما بعد يا أهل الكوفة ، يا أهل الخَتَل والغَدْر ، أتبكون؟! فلا رقأت الدمعة ، ولا هدأت الرنّه ، إنما مثلكم كمثل التي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثاً ، تتخذون أيمانكم دخلاً بينكم»(١٢٦) . تشير أم المصائب زينب عليها السلام إلى قوله تعالى :( وَلَا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِن بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَاثًا تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ أَن تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَىٰ مِنْ أُمَّةٍ إِنَّمَا يَبْلُوكُمُ اللَّهُ بِهِ وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ ) [النحل / ٩٢].

وبعد مراجعة كتب المفسرين حول هذه الآية ؛ نخرج بالنتيجة التالية :

أولاً ـ هذا مثل قرآني يشير إلى المرأة التي غزلت ثم نقضت غزلها من بعد إمرار وفَتلٍ للغزل ؛ وهي إمرأة حمقاء من قريش ، واسمها رَيطَة بنت عمرو ، بن كعب ، بن سعد ، بن تميم ، بن مُرّة ، وكانت تسمى خَرْقَاء مكة ، كانت تغزل مع جواريها إلى إنتصاف النهار ، ثم تأمرهن أن ينقضن ما غزلن ، ولا يزال ذلك دأبها.

ثانياً ـ هذا نهي من الله للمكلفين أن يتصفوا بالصفات المذكورة في الآية ، المندرجة تحت الألفاظ التالية :

__________________

(١٢٦) ـ المصدر السابق / ٣١١.

١١٦

١ ـ أنْكَاثاً : جمع نِكْث ، وكل شيء نقض بعد الفتل ؛ فهو أنكاث حبلاً كان أو غزلاً.

٢ ـ دَخَلاً : الدَخَل ، ما أدخل في الشيء على فساد ، فالمراد بالدخل وسيلته ، من تسمية السبب باسم المسبب ؛ أي وسيلة للغدر والخدعة والخيانة ؛ تطيبون بها نفوس الناس ثم تخونون وتدعونهم بنقضها. ومعنى ذلك : أنكم كمثلها ، إذا تتخذون أيمانكم دخلاً بينكم فتؤدونها وتعقدونها ، ثم تخونون وتخدعون بنقضها ونكثلها ، والله ينهاكم عنه.

٣ ـ أرْبَى : أي أكثر عدداً ومنه أربا فلان للزيادة التي يزيدها على غريمة في رأس ماله. ومعنى ذلك لا ينقضوا العهد بسبب أن يكون قوم أكثر من قوم ؛ أي لا تنقضوا عهدكم ، متخذيها دغلاً وغدراً وخديعة ، لمداراتكم قوماً هم أكثر عدداً ممن عاهدتم له ، بل عليكم الوفاء والحفظ لما عاهدتم عليه. فالسيدة زينب عليها السلام تذكرهم وتوبخهم بالعهد والبيعة لسيد الشهداء عليه السلام التي نقضوها ، وشبهتهم بالمرأة التي نقضت غزلها من بعد قوة ، إلى أن قالت : «ألا وهل فيكم إلا الصَلَف النَطَف ، والعجب والكذب والشَنِف ، ومَلِق الإماء ؛ وغَمَز الأعداء؟!» وفي هذا المقطع عَبّرت عنهم بألفاظ تعيبهم وتكشفهم بها توبيخاً لهم (فالصَلَف) : الذي يمتدح بما ليس عنده. وفي حديث المؤمن : (لا عنف ولا صَلَف) ، يقال : سحاب صلف ، إذ كان قليل الماء ، كثير الرعد ، وفي المثل (رُبّ صَلَف تحت الرَاعِدَة) يضرب للرجل يتوعد ثم لا يقوم فيه»(١٢٧) .

__________________

(١٢٧) ـ الطريحي ، الشيخ فخر الدين : مجمع البحرين ، ج ٥ / ٨٢.

١١٧

(والنَطَفَ) : «القذف بالفجور ، أو الفساد ، أو الشر»(١٢٨) .

(والشنف) : المبغض(١٢٩) .

(ومَلِق الإماء) :

«المَلأِق : الضعيف. أو التودد والتذلل ، وإبداء ما باللسان من الإكرام والودّ ما ليس في القلب»(١٣٠) .

(وغَمَز الأعداء) :

«الغَمَز : الضعف والميل والعيب»(١٣١) ؛ أي أنتم ضعاف في عقولكم وعملكم بحيث إستزِهدكم الأعداء ، وسخروا بكم بإطاعتكم لهم. إلى أن قالت : «أو كَمَرْعَى على دِمّنَة ، أو كقَصّةٍ على مَلْحُودَة».

(الدِمنَة) :

«هي ما تُدمّنُه الإبل والغنم بأبوالها وأبعارها ؛ أي تلبّده في مرابضها ؛ فربما نبت الحسن النضير. ومنه الحديث : (فينبتون نبات الدِّمن في السيل) ، هكذا جاء في رواية بكسر الدال وسيكون يرعى البعير ؛ لسرعة ما ينبت فيه»(١٣٢) .

وقيل الدِّمنة : هي المنزل الذي ينزل فيه أخيار العرب وتحصل فيه بسبب نزولهم تغيّر في الأرض بسبب الأحداث الواقعة منهم ومن مواشيهم ، فإذا أمطرت أنبتت نبتاً حسناً شديد الخضرة والطراوة ؛ لكنّه مرعى وَبِيء للإبل

__________________

(١٢٨) ـ لويس ، معلوف : المنجد في اللغة / ٨١٦.

(١٢٩) ـ نفس المصدر / ٤٠٤.

(١٣٠) ـ نفس المصدر / ٧٧٤.

(١٣١) ـ نفس المصدر / ٥٥٩.

(١٣٢) ـ ابن الأثير ، المبارك بن محمد الجزري : نهاية في غريب الحديث ، ج ٢ / ١٣٤.

١١٨

مُضرّبها)(١٣٣) . ومن هذا ، ما ورد في الحديث النبوي (.. إياكم وخَضْرَاء الدِّمن ، وقيل يا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : وما خضراء الدِّمن؟ قال : المرأة الحسناء في منبت السوء)(١٣٤) .

قال الشريف الرضي (ره) : «والقول الآخر : أن يكون عليه الصلاة والسلام ؛ إنّما نهى في الحقيقة عن تغارض النفاق وتعاير الأخلاق ، وأن يتلقى الرجل أخاه بالظاهر الجميل ، وينطوي عن الباطن الدميم ، أو يخدعه بحلاوة اللسان ، ومن خلفها مرارة الجنان ، وإلى هذا المعنى ذهب الشاعر في قوله :

وقد يَنْبُتُ المرْعَى على دِمَنِ الثّرَى

وتَبْقَى حَزَازَاتُ النفوس كما هِيَا

كأنه أراد ، إنا وإن لقيناكم بظاهر الطلاقة والبشر ، فإنّا نضمر لكم على باطن الغش والغمز ، ومثل هذا قول الآخر :

وفِينَا وإن قِيلَ إصْظَلحْنَا تَضَاغُنٌ

كما طرّ أوبارُ الجِرَابِ على النّشْرِ

وقال أهل العربية : النشر أن ينبت وبر البعير وتحته داء العرّ ؛ وهو الجرب فيرى كأن ظاهره سليم وباطنه سقيم»(١٣٥) ، وبعد هذا الإيضاح يظهر لنا مغزى ما يستفاد من كلام السيدة زينب عليها السلام ، حيث أنّ الغرض هو التعريف بأن الدِّمنَة وإن زها ظاهرها بالنبت ، إلا أنّه لا يفيد الحيوان قوة ؛ لأنّها مجمع الأوساخ والكشافات السامة القاتلة ، فنتاج الدِّمنة لا يكون طيباً ، وأهل الكوفة وإن زها

__________________

(١٣٣) ـ الطريحي ، الشيخ فخر الدين : مجمع البحرين ، ج ٦ / ٢٤٨.

(١٣٤) ـ الحر العاملي ، الشيخ محمد بن الحسن : وسائل الشيعة ، ج ٢٠ / ٣٥ (الباب ٧ من أبواب مقدمات النكاح ـ الحديث ٧).

(١٣٥) ـ الشريف الرضي ، محمد بن ابي احمد الحسين : المجازات النبوية / ٦١.

١١٩

ظاهرهم بالإسلام ؛ إلا أنّ الصدور إنطوت على قلوب مظلمة لا يصدر منها إلا بما يقوم به أهل الجاهلية والإلحاد»(١٣٦) .

(أو كقَصّةٍ على مَلْحُودة) :

«القَصّةُ والقِصّة والقَصُّ ، الجَصّ : لغة حجازية. وقيل : الحجارة من الجَصّ ، وقد قصّصَ داره ، أي جصّصَها. ومدينة مُقصّصَة : مطلية بالقصّ ، وكذلك قبر مُقصّصٌ ، والتقصيص : هو التجصيص ، وذلك أنّ الجَصّ يقال له ، القَصّة. يقال : قصصت البيت وغيره ؛ أي جصّصته. وفي حديث زينب (يا قَصّةٌ عُلى مَلحُودَةٍ) ؛ شبهت أجسادهم بالقبور المتخذة من الجصّ ، وأنفسهم بجيف الموتى التي تشتمل عليها القبور»(١٣٧) .

قال السيد المقرّم (ره) : «والذي أراه ، أنّ النكتة في هذه الإستعارة ، أنّ القصّة بلغة الحجاز الجصّ ، والملحودة ؛ القبر لكونه ذا لحد ، فكان القبر يتزين ظاهره ببياض الجصّ ، ولكن داخله جيفة قذرة ، وأهل الكوفة وإن تزين ظاهرهم بالإسلام ، إلا أنّ قلوبهم كجيف الموتى ؛ بسبب قيامهم بأعمال الجاهلية الوخيمة العاقبة من الغدر وعدم الثبات على المبادئ الصحيحة ؛ وقد إنفردت (متتمة الدعوة الحسينية) بهذه النكات البديعة ، التي لم بسبقها مهرة البلغاء إليها»(١٣٨) .

إلى أن قالت عليها السلام : (ولقد أتيتم بها خَرْقَاء ، شَوْهَاء كِطلَاعِ الأرض ، ومِلء السماء).

__________________

(١٣٦) ـ المقرم ، السيد عبد الرزاق : مقتل الحسين / ٣١١ (بتصرف).

(١٣٧) ـ ابن منظور ، محمد بن مكرم : لسان العرب ، ج ٧ / ٧٦ ـ ٧٧.

(١٣٨) ـ المقرم ، السيد عبد الرزاق : مقتل الحسين / ٣١٢.

١٢٠

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414