شبهات وردود حول القرآن الكريم

شبهات وردود حول القرآن الكريم10%

شبهات وردود حول القرآن الكريم مؤلف:
تصنيف: مفاهيم القرآن
الصفحات: 578

شبهات وردود حول القرآن الكريم
  • البداية
  • السابق
  • 578 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 296929 / تحميل: 13650
الحجم الحجم الحجم
شبهات وردود حول القرآن الكريم

شبهات وردود حول القرآن الكريم

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

____________________

=

النبوّة للبيهقي: ٦ / ٤٢٦ باب ما جاء في إخباره بخروجهم وسيماهم والمخدج، سنن أبي داود: ٤ / ٢٤٣ باب قتال الخوارج من كتاب السنّة: ح ٤٧٦٤، السنّة لابن أبي عاصم: ص ٤٢٦ ح ٩١٠، سنن سعيد بن منصور: ٢ / ٣٢٢: ٢٩٠٣.

عطاء بن يسار: المصنّف لابن أبي شيبة: ٧ / ٥٥٩: ٣٧٩٠٧ في أواخر الكتاب، صحيح البخاري: (٦٩٣١)، صحيح مسلم، ح ١٤٧ من كتاب الزكاة باب ذكر الخوارج، شرح السنّة للبغوي: ١٠ / ٢٢٦: ٢٥٥٣، السنّة لابن أبي عاصم: ص ٤٤٢ ح ٩٣٥.

أبو عثمان النهدي: السنّة لابن أحمد: ص ٢٧٧ ح ١٤٣٨.

الفرزدق: السنّة لابن أبي عاصم: ص ٤٣٧ ح ٩٢٦.

قتادة: السنّة للمروزي: ٢٠: ٥٢، سنن أبي داود: ٤ / ٢٤٣: ٤٧٦٥ باب في قتال الخوارج، مستدرك الحاكم: ٢ / ١٤٨ (كتاب قتال أهل البغي) وقال: لم يسمع هذا الحديث قتادة من أبي سعيد إنّما سمعه من أبي المتوكّل الناجي عن أبي سعيد، السنن الكبرى للبيهقي: ٨ / ١٧١ كتاب قتال أهل البغي.

أبو المتوكّل عليّ الناجي: مستدرك الحاكم: ٢ / ١٤٨ كتاب قتال أهل البغي.

محمّد بن عليّ بن الحسين أبو جعفر الباقر: تاريخ الطبري: ٣ / ٩٢ حوادث سنة ٨.

معبد بن سيرين: صحيح البخاري: ٩ / ١٩٨ باب قراءة الفاجر والمنافق في آخر الصحيح، مسند أحمد: ١٨ / ١٥٨: ١١٦١٤، السنّة لعبد الله بن أحمد: ص ٢٨٥ ح ١٤٧٨ في آخر الكتاب، شرح السنّة للبغوي: ١٠ / ٢٣٤: ٢٥٥٨ عن البخاري، مسند أبي يعلى: ٢ / ٤٠٩: ١١٩٣، سنن سعيد بن منصور: ٢ / ٣٢٤: ٢٩٠٤.

أبو نضرة العبدي: تقدّم برقم: ١٧٣.

أبو هارون العبدي: المصنّف لعبد الرزّاق: ١٠ / ١٥١.

أبو الوداك: تاريخ بغداد: ٥ / ١٢٢ ترجمة أحمد بن محمّد بن يوسف بن شاهين، مسند أبي يعلى: ٢ / ٢٨٨: ١٠٠٨.

٢٤١

١٧٧ - قال الحارث بن مسكين قراءة عليه وأنا أسمع عن [ عبد الله ] بن وهب [ بن مسلم ] قال: أخبرني عمرو بن الحارث، عن بكير بن الأشج، عن بسر بن سعيد، عن عبيد الله بن أبي رافع:

أنّ الحرورية لمّا خرجت مع عليّ بن أبي طالب فقالوا: لا حكم إلاّ لله، قال عليّ:كلمة حقّ أُريد بها باطل، إنّ رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم)وصف لي ناساً، إنّي لأعرف صفتهم في هؤلاء الّذين يقولون الحقّ بألسنتهم لا يجوز هذا منهم - وأشار إلى حلقه -من أبغض خلق الله إليه، منهم أسود إحدى يديه طُبْيُ شاة أو حلمة ثدي .

فلمّا قاتلهم عليّ قال:انظروا. فنظروا فلم يجدوا شيئاً فقال:ارجعوا والله ما كذبت ولا كذبت - مرّتين أو ثلاثاً -. ثمّ وجدوه في خربة فأتوا به حتّى وضعوه بين يديه. قال عبيد الله: أنا حاضر ذلك من أمرهم وقول عليّ فيهم.

____________________

يزيد بن صهيب الفقير: مسند أحمد: ٣ / ٥٢ ط ١، التاريخ الكبير للبخاري: ٨ / ٣٤٢ ترجمة يزيد الفقير برقم ٣٢٥١.

وللحديث شواهد منها الأحاديث التالية.

١٧٧ - ورواه إبراهيم بن منذر الحزامي عن ابن وهب: فرائد السمطين: ح ٢٢٦ باب ٥٣.

ورواه أحمد بن صالح عن ابن وهب: الشريعة للآجري: ص ٣١ باب ذكر قتل عليّ (رضي الله عنه) للخوارج.

ورواه أحمد بن عمرو بن السرح أبو الطاهر عن ابن وهب: صحيح مسلم: ٢ / ٧٤٩ باب ٤٨ التحريض على قتل الخوارج من كتاب الزكاة، السنن الكبرى للبيهقي: ٨ / ١٧١ كتاب (قتال أهل البغي)، وعنه الجويني في فرائد السمطين: باب ٥٣.

ورواه اصبغ بن الفرج عن ابن وهب: المعرفة والتاريخ للفسوي: ٣ / ٣٩١، وعنه الخطيب في تاريخ بغداد: ١٠ / ٣٠٥ ترجمة عبيد الله بن أبي رافع، السنّة لابن أبي عاصم: ص ٤٣٨ ح ٩٢٨.

٢٤٢

١٧٨ - أخبرنا محمّد بن معاوية بن يزيد قال: حدثنا عليّ بن هاشم [ بن البريد ]، عن الأعمش، عن خيثمة [ بن عبد الرحمان ]، عن سويد بن غفلة قال:

سمعت عليّاً يقول:إذا حدّثتكم عن نفسي فإنّ الحرب خدعة، وإذا حدّثتكم عن رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) فلأن أخرّ من السماء أحبّ إليّ من أن أكذب على رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) ،سمعت رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) يقول:

(يخرج قوم أحداث الأسنان، سفهاء الأحلام، يقولون من خير قول البريّة، لا يجاوز إيمانهم حناجرهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، فإن أدركتهم فاقتلهم، فإنّ في قتلهم أجراً لمَن قتلهم يوم القيامة) .

____________________

ورواه حرملة بن يحيى عن ابن وهب، صحيح ابن حبّان: ١٥ / ٣٨٧: ٦٩٣٩.

ورواه يونس بن عبد الأعلى عن ابن وهب: صحيح مسلم: ٢ / ٧٤٩ باب ٤٨ التحريض على قتل الخوارج من كتاب الزكاة.

ورواه ابن لهيعة عن بكير: الشريعة للآجري: ص ٣١ باب ذكر قتل عليّ الخوارج.

ورواه المتّقي في كنز العمّال: ١١ / ٢٩٥: ٣١٥٥٦ عن مصادر منها ابن جرير وأبي عوانة.

١٧٨ - ورواه إبراهيم بن حميد عن الأعمش: السنّة لعبد الله بن أحمد: ص ٢٧١ رقم ١٤١٦.

ورواه جرير عن الأعمش: صحيح مسلم: ٢ / ٧٤٧ باب التحريض على قتل الخوارج من كتاب الزكاة، تهذيب الآثار للطبري: ص ١٢٠ ح ١٨٩ من مسند عليّ (عليه السلام).

ورواه حفص بن غياث عن الأعمش: صحيح البخاري: ٩: ٢١ باب قتل الخوارج من كتاب استتابة المرتدّين.

ورواه زهير بن معاوية عن الأعمش: شرح السنّة للبغوي: ١٠ / ٢٢٧: ٢٥٥٤، والجعديات: ٢٦٨٩.

ورواه سفيان الثوري عن الأعمش: صحيح ابن حبّان: ١٥ / ١٣٦: ٦٧٣٩، السنن الكبرى للبيهقي: ٨ / ١٨٧، صحيح البخاري: ٦ / ٢٤٣ باب من رايا بقراءة القران في آخر كتاب التفسير، صحيح مسلم: ٢ / ٧٤٧ باب التحريض على قتل الخوارج، سنن أبي داود:

=

٢٤٣

____________________

=

٤ / ٢٤٤: ٤٧٦٧ باب قتال الخوارج من كتاب السنّة، سنن النسائي: ٧ / ١١٩ باب مَن شهر سيفه من كتاب تحريم الدم، المصنّف لعبد الرزّاق: ١٠ / ١٥٧: ١٨٦٧٧ باب ما جاء في الحرورية، مسند أحمد: ٢ / ٣٢٩: ١٠٨٦، السنّة لابن أحمد: ٢٧٢: ١٤١٩.

ورواه سليمان التيمي عن الأعمش: المعجم الصغير للطبراني: ٢ / ١٠٠ ح ١٠٤٩.

ورواه شريك عن الأعمش: السنّة لعبد الله بن أحمد: ٢٧٠: ١٤١٣.

ورواه محمّد بن عبيد الطنافسي عن الأعمش: السنن الكبرى للبيهقي: ٧ / ١٧٠ كتاب قتال أهل البغي باب ما جاء في قتالهم والخوارج.

ورواه محمّد بن فضيل عن الأعمش: مناقب الكوفي: ٢ / ٣٣٠ ح ٨٠٤ ط ١.

ورواه أبو معاوية محمّد بن خازم عن الأعمش: صحيح مسلم: ٢ / ٧٤٧ ح ٣ من باب التحريض على قتل الخوارج من كتاب الزكاة، مسند أحمد: ٢ / ٥٣: ٦١٦ و ٩١٢ مكرّراً وفي الفضائل: ح ٣٢٠، مسند أبي يعلى: ١ / ٢٢٥: ٢٦١ ح ١ من مسند عليّ، مسند البزّار: ح ٥٦٨، سنن البيهقي: ٨ / ١٧٠ كتاب قتال أهل البغي، دلائل النبوّة للبيهقي: ٦ / ٤٣٠ باب ما جاء بخروجهم وسيماهم والمخدج، السنّة لعبد الله بن أحمد عن أبيه وأبي خيثمة عن أبي معاوية: ص ٢٧١ برقم ١٤١٤، السنّة لابن أبي عاصم: ص ٤٢٩ ح ٩١٤.

ورواه وكيع عن الأعمش: صحيح مسلم: ٢ / ٧٤٦: ١٠٦٦ باب ٤٨ (التحريض على قتل الخوارج) من كتاب الزكاة: ح ١، مسند أحمد: ٢ / ٣٢٩: ١٠٨٦، المصنّف لابن أبي شيبة: ١٢ / ٥٣٠، مسند أبي يعلى: ١ / ٢٧٣: ٣٢٤، السنّة لعبد الله بن أحمد: ٢٧٢: ١٤١٩ عن أبيه وص ٢٧١ برقم ١٤١٥ عن ابن نمير كلاهما عن وكيع.

ورواه يحيى بن عيسى عن الأعمش: تهذيب الآثار للطبري: ١٢٠.

ورواه يعلى بن عبيد عن الأعمش: مناقب ابن المغازلي: ٥٧: ٨١، السنّة لعبد الله بن أحمد: ص ٢٧١ رقم ١٤١٥.

ورواه أبو حصين عثمان بن عاصم عن سويد بصدره: تهذيب الآثار: مسند عليّ: ١١٩:

=

٢٤٤

ذكر الاختلاف على أبي إسحاق في هذا الحديث:

١٧٩ - أخبرنا أحمد بن سليمان [ الرهاوي ] والقاسم بن زكريّا قالا: حدثنا عبيد الله [ بن موسى ]، عن إسرائيل [ بن يونس ]، عن [ جدّه ] أبي إسحاق، عن سويد بن غفلة، عن عليّ قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم):

(يخرج قوم من آخر الزمان يقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، قتالهم حقّ على كلّ مسلم) .

خالفه يوسف بن أبي إسحاق فأدخل بين أبي إسحاق وبين سويد بن غفلة عبد الرحمان بن ثروان [ أبي قيس ]:

____________________

=

١١٨.

ورواه شمر بن عطية عن سويد: مسند الطيالسي: ٢٤: ١٦٨.

ورواه أبو قيس الأزدي عن سويد: كشف الأستار: ٢ / ٣٦٣: ١٨٥٨، وفي مسند البزّار: ٥٦٦.

ورواه أبو جحيفة عن عليّ: تهذيب الآثار: ١٢٠: ١٩١ بصدره.

ولقوله: (الحرب خدعة) مرفوعاً إلى رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) شواهد من طريق: جابر وعائشة وزيد بن ثابت وكعب بن مالك وابن عبّاس وأبي الطفيل والنوّاس وشهر وأبي هريرة وأنس ونعيم بن مسعود وابن عمر وأُمّ كلثوم بنت عقبة، ذكر ذلك كلّه الطبري في تهذيب الآثار: مسند عليّ (عليه السلام): ح ١٩٣ إلى ٢٢١.

١٧٩ - ورواه يحيى بن آدم عن إسرائيل: مسند أحمد: ٢ / ٤٥٣: ١٣٤٦ والسنّة: ٢٧٢: ١٤٨ في أواخر الكتاب وفي ص ٢٦٨ برقم ١٤٠٦ مكرّراً.

ورواه البزّار في مسنده: ح ٥٦٧ من طريق إسرائيل؛ فلاحظ.

ورواه حديج عن أبي إسحاق: السنّة لابن أبي عاصم: ص ٤٢٧ ح ٩١١.

ولاحظ الحديث المتقدّم والتالي.

٢٤٥

١٨٠ - أخبرني زكريّا بن يحيى قال: حدثنا [ أبو كريب ] محمّد بن العلاء قال: حدثنا إبراهيم بن يوسف [ بن إسحاق بن أبي إسحاق ]، عن أبيه، عن أبي إسحاق، عن أبي قيس الأودي، عن سويد بن غفلة، عن عليّ، عن النبيّ (صلّى الله عليه وسلّم) قال:

(يخرج في آخر الزمان قوم يقرءون القرآن لا يجاوز (١) تراقيهم، يمرقون من الدين مروق السهم من الرمية، قتالهم حقّ على كل مسلم، سيماهم [ التحليق ] (٢) ) .

١٨١ - أخبرنا أحمد بن بكار الحراني قال: حدثنا مخلد [ بن يزيد ] قال: حدثنا إسرائيل [ بن يونس ]، عن إبراهيم بن عبد الأعلى، عن طارق بن زياد قال:

خرجنا مع عليّ إلى الخوارج فقتلهم، ثمّ قال:انظروا فإنّ نبي الله (صلّى الله عليه وسلّم)قال: (إنّه سيخرج قوم يتكلّمون بالحقّ لا يجاوز حلوقهم، يخرجون من الحقّ كما يخرج السهم من الرمية، سيماهم أنّ فيهم رجلاً أسود مخدج اليد، في يده شعرات سود). إن كان هو فقد قتلتم شرّ النّاس، وإن لم يكن هو فقد قتلتم خير النّاس . فبكينا ثمّ قال:اطلبوا. فطلبنا فوجدنا المخدج فخررنا سجوداً، وخرّ عليّ معنا ساجداً غير أنّه قال: يتكلّمون بكلمة الحقّ.

____________________

١٨٠ - ورواه عبد الله بن أحمد عن أبي كريب: السنّة: ٢٧٢: ١٤١٧.

ورواه محمّد بن أحمد بن هلال عن أبي كريب: الكامل لابن عدي: ١ / ٢٣٧ ترجمة إبراهيم بن يوسف.

ورواه البزّار أيضاً عن أبي كريب: كشف الأستار: ٢ / ٣٦٣: ١٨٥٨.

(١) في بعض النسخ: (لا يجاز).

(٢) من طبعة مصر وحدها، ولم ترد لفظة (سيماهم) في نسخة طهران.

١٨١ - ورواه عثمان بن عمر عن إسماعيل: مسند البزّار: ٨٩٧.

ورواه أبو نعيم الفضل بن دكين عن إسرائيل: فضائل أحمد: ح ٣٤٦، المسند: ٢ / ٤١٠: ١٢٥٥.

٢٤٦

١٨٢ - أخبرنا الحسن بن مدرك قال: حدثنا يحيى بن حماد قال: أخبرنا أبو عوانة قال: أخبرنا أبو بلج يحيى بن سليم بن بلج قال: أخبرني أبي سليم بن بلج:

أنّه كان مع علي في النهروان قال: كنت قبل ذلك أصارع رجلاً على يده شيء فقلت: ما شأن يدك؟ قال: أكلها بعير. فلمّا كان يوم النهروان وقتل عليّ الحروريّة، فجزع عليّ من قتلهم حين لم يجد ذا الثدي فطاف حتّى وجده في ساقية فقال: صدق الله وبلّغ رسوله وقال: في منكبه ثلاث شعرات مثل حملة الثدي.

____________________

ورواه وكيع عن إسرائيل باختصار: السنّة لابن أحمد: ٢٨٠: ١٤٤٩.

ورواه الوليد بن القاسم عن إسرائيل: مسند أحمد: ٢ / ٢٠٩: ٨٤٨ والسنّة: ص ٢٧٤ ح ١٤٢٥.

ورواه يحيى بن آدم عن إسرائيل: أنساب الأشراف: ح ٤٦٧ من ترجمة أمير المؤمنين.

١٨٢ - لم أجده في مصدر آخر من هذا الطريق، وقد رواه النسائي أيضاً في مسند عليّ (عليه السلام) كما في ترجمة سليم بن بلج من تهذيب الكمال.

٢٤٧

ثواب مَن قاتلهم

١٨٣ - أخبرنا عليّ بن المنذر قال: أخبرنا [ محمّد ] بن فضيل قال: حدثنا عاصم بن كليب [ بن شهاب ] الجرمي، عن أبيه قال:

كنت عند عليّ جالساً إذ دخل رجل عليه ثياب السفر، قال: وعليّ يكلّم النّاس ويكلّمونه، فقال: يا أمير المؤمنين أتأذن أن أتكلّم؟ فلم يلتفت إليه وشغله ما هو فيه، فجلست إلى الرجل فسألته: ما خبرك؟ قال: كنت معتمراً فلقيت عائشة فقالت لي: هؤلاء القوم الّذين خرجوا في أرضكم يسمون حرورية؟ قلت: خرجوا في موضع يسمّى حروراء فسمّوا بذلك. فقالت: طوبى لمَن شهد

____________________

١٨٣ - ورواه أبو بكر بن أبي شيبة عن ابن فضيل: مسند أبي يعلى: ١ / ٣٦٣: ٤٧٢، السنّة لعبد الله بن أحمد: ٢٧٠: ١٤١١، السنّة لابن أبي عاصم: ص ٤٢٨ ح ٩١٣.

ورواه عليّ بن حكيم عن ابن فضيل: مناقب الكوفي: ٢ / ٣٢٥ ح ٧٩٨.

ورواه أبو هشام الرفاعي عن ابن فضيل: مسند أبي يعلى: ١ / ٣٧٥: ٤٨٢، وأشار في حديث ٤٧٢ إلى روايته أيضاً.

ورواه سعيد بن مسلمة عن عاصم: مسند البزّار: ح ٨٧٣، وكشف الأستار: ٢ / ٣٦٣: ١٨٥٦.

ورواه عبد الله بن إدريس عن عاصم: مسند أحمد: ٢ / ٤٧٠: ١٣٧٩، والسنّة: ٢٦٩: ١٤١٠، وكلاهما من رواية عبد الله بن أحمد.

ورواه عبد الواحد بن زياد عن عاصم: مسند البزّار: ح ٨٧٢، وكشف الأستار: ٢ / ٣٦٢: ١٨٥٥.

ورواه قاسم بن مالك عن عاصم: مسند أحمد: ٢ / ٤٧٠: ١٣٧٨، والفضائل: ٣٤٥، والسنّة: ٢٧٠: ١٤١٢، وجميعها من رواية عبد الله بن أحمد.

وله شاهد من حديث مسروق عن عائشة: دلائل النبوّة للبيهقي: ٦ / ٤٣٤ باب ما جاء في إخباره بخروجهم، مناقب الكوفي: ٢ / ٣٦١ ح ٨٣٩ ط ١، كشف الأستار: ٢ / ٣٦٣.

ومن حديث أبي سعيد الرقاشي عن عائشة: السنّة لابن أبي عاصم: ص ٥٨٥ ح ١٣٢٧.

٢٤٨

هلكتهم، لو شاء ابن أبي طالب لأخبركم خبرهم، قال: فجئت أسأله عن خبرهم. فلمّا فرغ عليّ قال:أين المستأذن؟ فقصّ عليه كما قصّ علينا. قال [ علي ]:

إنّي دخلت على رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) وليس عنده أحد غير عائشة أُمّ المؤمنين فقال لي: (كيف أنت يا عليّ وقوم كذا وكذا)؟ قلت: الله ورسوله أعلم. وقال ثمّ أشار بيده فقال: (قوم يخرجون من المشرق يقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، فيهم رجل مخدج كأنّ يده ثدي). أُنشدكم بالله أخبرتكم بهم؟ قالوا: نعم. قال: أُناشدكم بالله أخبرتكم أنّه فيهم؟ قالوا: نعم. قال: فأتيتموني فأخبرتموني أنّه ليس فيهم فحلفت لكم بالله أنّه فيهم فأتيتموني به تجرونه(١) كما نعتّ لكم؟ قالوا: نعم. قال: صدق الله ورسوله.

١٨٤ - أخبرنا محمّد بن العلاء(٢) قال: حدثنا أبو معاوية [ محمّد بن خازم ]، عن الأعمش، عن زيد - وهو ابن وهب - عن عليّ بن أبي طالب قال:

لمّا كان يوم النهروان (٣) لقى الخوارج فلم يبرحوا حتّى شجروا بالرماح فقتلوا جميعاً ، قال علي:اطلبوا ذا الثدية .فطلبوه [ فلم يجدوه، فقال علي:ما كذبت ولا

____________________

(١) في ج، ط: (تسحبونه)، وهكذا في طبعة مصر.

١٨٤ - ورواه أحمد عن أبي معاوية: السنّة: ٢٧٣: ١٤٢٣.

ورواه ابن أبي شيبة عن أبي معاوية: المصنّف: ٧ / ٥٥٨: ٣٧٩٠٢ في أواخر الكتاب.

ولاحظ مسند البزّار: ح ٥٧٩، ولاحظ الحديثين الاتيين وما بهامشهما من تعليق.

(٢) هو أبو كريب الكوفي، وكان في الأصل وطبعة الكويت: (محمّد بن عبد الأعلى)، والمثبت من طبعة بيروت ومصر ويؤيّدهما ما في تهذيب الكمال في ترجمة محمّد بن العلاء وأبي معاوية ومحمّد بن عبد الأعلى.

(٣) في ج: (النهر).

٢٤٩

كذبت، اطلبوه . فطلبوه ](١) فوجدوه في وهدة من الأرض عليه ناس من القتلى، فإذا رجل على يده مثل سبلات السنور، فكبّر عليّ والنّاس، وأعجبهم ذلك.

١٨٥ - أخبرنا عبد الأعلى بن واصل بن عبد الأعلى قال: حدثنا الفضل بن دكين، عن موسى بن قيس الحضرمي، عن سلمة بن كهيل، عن زيد بن وهب قال:

خطبنا عليّ بقنطرة الديزجان فقال: إنّه قد ذكر لي خارجة تخرج من قبل المشرق وفيهم ذو الثدية، فقاتلهم، فقالت الحرورية بعضهم لبعض: لا تكلّموه فيردكم كما ردّكم يوم حروراء، فشجر بعضهم بعضاً بالرماح فقال رجل من أصحاب عليّ: اقطعوا العوالي. - والعوالي: الرماح - فداروا واستداروا، وقتل من أصحاب عليّ اثني عشر رجلاً أو ثلاثة عشرة رجلاً(٢) ، فقال علي: التمسوا المخدج. وذلك في يومٍ شات، فقالوا: ما نقدر عليه. فركب عليّ بغلة النبيّ (صلّى الله عليه وسلّم) الشهباء فأتى وهدة من الأرض فقال: التمسوه في هؤلاء. فأخرج فقال: ما كذبت ولا كُذّبت. فقال: اعملوا ولا تتكلوا، لولا أنّي أخاف أن تتكلوا لأخبرتكم بما قضى الله لكم

____________________

(١) من طبعة مصر وبيروت و(ج) والمصنّف والسنّة.

١٨٥ - ورواه... عن الفضل بن دكين: مسند البزّار.

ورواه يحيى بن آدم عن موسى بن قيس: المصنّف لابن أبي شيبة: ٧ / ٥٥٥ ح ٣٧٨٨٧ في أواخر الكتاب.

ورواه الأعمش عن سلمة: كما في الحديث المتقدّم.

ورواه عبد الملك بن أبي سليمان عن سلمة بن كهيل: كما في الحديث التالي.

(٢) كذا في هذه الرواية وهي شاذّة، وفي التالية: (وما أصيب من النّاس يومئذ إلاّ رجلان)، وفي روايات أُخر: أخبر فيها أمير المؤمنين أصحابه مسبقاً بعدد القتلى فقال: (لا يفلت منهم عشرة ولا يقتل منكم عشرة) فكان كما قال.

٢٥٠

على لسانه - يعني النبيّ (صلّى الله عليه وسلّم) - ولقد شهدنا ناس(١) باليمن. قالوا: كيف يا أمير المؤمنين؟ قال: كان هواهم معنا.

١٨٦ - أخبرنا العبّاس بن عبد العظيم قال: حدثنا عبد الرزّاق [ بن همام ] قال: أخبرنا عبد الملك بن أبي سليمان، عن سلمة بن كهيل قال: حدثنا زيد بن وهب:

أنّه كان في الجيش الّذين كانوا مع عليّ، الّذين ساروا إلى الخوارج، فقال عليّ:أيّها النّاس إنّي سمعت رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم)يقول: سيخرج قوم من أُمّتي يقرءون القرآن، ليس صيامهم بشيء، يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية)، لو يعلم (٢) ، الجيش الّذين يصيبونهم ما قضى لهم على لسان نبيّهم (صلّى الله عليه وسلّم)لاتّكلوا عن (٣) العمل، وآية ذلك أنّ فيهم رجلاً له عضد وليست له ذراع، على رأس عضده مثل حلمة

____________________

(١) في طبعتي مصر وبيروت و(ج): أُناس.

١٨٦ - المصنّف لعبد الرزّاق: ١٠ / ١٤٧: ١٨٦٥٠ باب ما جاء في الحروريّة، وعنه مسلم في صحيحه: ٢ / ٧٤٨، وأبو داود في سننه: ٤ / ٢٤٤: ٤٧٦٨، وابن أبي عاصم في السنّة: ص ٤٣٢ ح ٩١٧، والبزّار في مسنده (٥٨١)، والبيهقي في السنن الكبرى: ٨ / ١٧٠ ودلائل النبوّة: ٦ / ٤٣٢، والبغوي في شرح السنّة: ١٠ / ٢٣٠: ٢٥٥٦ بسنده عن أحمد عن عبد الرزّاق، والسيّد أبو طالب في أماليه: ح ١٥ بسنده عن عبيد الله بن فضالة عن عبد الرزّاق.

ورواه يحيى بن عبد الملك بن حميد بن أبي غنية عن عبد الملك بن أبي سليمان: مسند أحمد: ٢ / ١١٣ ح ٧١٦ برواية عبد الله، وفي السنّة: ٢٧٢: ١٤٢٠، والسنّة لابن أبي عاصم: ٩١٦: ٤٣٠.

(٢) في الأصل: (لو يعلمون... الذي). والمثبت من المصنّف و (أ، ب) وطبعتي مصر وبيروت.

(٣) في (غ) وطبعتي مصر وبيروت: على.

٢٥١

ثدي المرأة، عليه شعرات بيض، [ فتذهبون إلى معاوية وأهل الشام، وتتركون هؤلاء يخلفونكم في ذراريكم وأموالكم؟! والله إنّي لأرجوا أن يكونوا هؤلاء القوم فإنّهم قد سفكوا الدم الحرام وأغارو في سرح النّاس، فسيروا على اسم الله ] (١) .

قال سلمة: فنزّلني زيد منزلاً حتّى مررنا على قنطرة [ فلما التقينا و ](٢) على الخوارج عبد الله بن وهب الراسبي، فقال لهم: ألقوا الرماح وسلّوا سيوفكم من جفونها، فإنّي أخاف أن يناشدوكم [ كما ناشدوكم يوم حروراء ](٣) قال: فسلوا السيوف وألقوا جفونها، وشجرهم النّاس - يعني برماحهم - فقتل بعضهم على بعض، وما أُصيب من الناس يومئذ إلاّ رجلان. قال علي:التمسوا فيهم المخدج ، فلم يجدوه، فقام عليّ بنفسه حتّى أتى أناساً قتلى بعضهم على بعض. قال:جرّدوهم . فوجدوه ممّا يلي الأرض فكبّر عليّ وقال:صدق الله وبلّغ رسوله (صلّى الله عليه وسلّم).

فقام إليه عبيدة السلماني فقال: يا أمير المؤمنين، والله الّذي لا إله إلاّ هو سمعت هذا الحديث من رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم)؟ قال: إي والله الّذي لا إله إلاّ هو لسمعته من رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم). حتّى استحلفه ثلاثاً وهو يحلف له.

١٨٧ - أخبرنا قتيبة بن سعيد قال: حدثنا [ محمّد بن إبراهيم ] بن أبي عدي، عن [ عبد الله ] بن عون، عن محمّد [ بن سيرين ]، عن عبيدة [ السلماني ] قال:

قال عليّ:لولا أن تبطروا لأنبأتكم ما وعد الله الّذين يقتلونهم على لسان محمّد (صلّى الله عليه وسلّم). فقلت: أنت سمعته من رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم)؟ قال:إي وربّ الكعبة، إي وربّ الكعبة، إي وربّ الكعبة.

____________________

(١) من أ، ب، غ، والمصنّف.

(٢) من ب، غ، وطبعة مصر والمصنّف.

(٣) من المصنّف، وفي طبعة بيروت: (يوم النهروان).

١٨٧ - ورواه أحمد عن ابن أبي عدي: السنّة لابن أحمد: ٢٦٩: ١٤٠٧، المسند:

=

٢٥٢

____________________

=

٢ / ٤٦٦: ١٣٣٢.

ورواه محمّد بن المثنى عن ابن أبي عدي: صحيح مسلم: ٢ / ٧٤٨ باب التحريض على قتال الخوارج من كتاب الزكاة، مسند البزّار: ح ٥٤٧.

ورواه أشهل بن حاتم عن ابن عون: دلائل البيهقي: ٦ / ٤٣١ باب ما جاء في إخباره بخروجهم.

ورواه حمّاد بن يحيى عن ابن عون: السنّة لعبد الله بن أحمد: ٢٦٩: ١٤٠٨، المسند لأحمد: ٢ / ٢٨١: ٩٨٣ من رواية عبد الله.

ورواه خالد بن الحارث عن ابن عون: مسند أبي يعلى: ١ / ٣٧٣: ٤٧٩.

ورواه عبد الرحمان بن حماد عن ابن عون: فضائل أحمد: ح ١٦٨ من رواية القطيعي.

ورواه عثمان بن عمر عن ابن عون: دلائل البيهقي: ٦ / ٤٣١.

ورواه أيّوب السختياني عن ابن سيرين: صحيح مسلم: ٢ / ٧٤٧ ح ١٥٥ من كتاب الزكاة باب التحريض على قتال الخوارج، مسند أحمد: ٢ / ٦٠: ٦٢٦ و ٢ / ٢٨١: ٩٨٢، المصنّف لابن أبي شيبة: ح ١ من باب ما ذكر في الخوارج في آخر المصنّف، وعن ابن ماجة في سننه: ١ / ٥٩ ح ١٦٧، مسند أبي يعلى: ١ / ٢٨١: ٣٣٧ وص ٣٧١ ح ٤٧٧ وص ٣٧٤ ح ٤٨١ بسندين، السنّة لابن أبي عاصم: ص ٤٢٨ ح ٩١٢ بسندين عن أيّوب، مسند البزّار: (٥٣٨ و ٥٣٩)، المصنّف لعبد الرزّاق: ١٠ / ١٤٩: ١٨٦٥٢ باب ما جاء في الحروريّة، سنن أبي داود: ٤ / ٢٤٢ باب قتال الخوارج من كتاب السنّة: ح ٤٧٦٣، السنّة لعبد الله بن أحمد: ٢٦٧: ١٤٠٠ وص ٢٦٨ ح ١٤٠٢ و ١٤٠٤ و ١٤٠٥، مسند أحمد: ٢ / ٢٣٦: ٩٠٤ وكرّره في ٩٨٨ برواية عبد الله، دلائل النبوّة للبيهقي: ٦ / ٤٣١ باب ما جاء في إخباره بخروجهم، السنن الكبرى للبيهقي: ٨ / ١٧٠ كتاب قتال أهل البغي.

ورواه جرير بن حازم عن محمّد: المسند لأحمد: ٢ / ١٣٧: ٧٣٥، السنّة لعبد الله بن أحمد: ٢٦٧: ١٣٩٨ و ١٤٠١ وص ٢٦٨ ح ١٤٠٣، مسند البزّار: ٥٤٦، الشريعة للآجري: ص ٣٢،

=

٢٥٣

١٨٨ - أخبرنا إسماعيل بن مسعود قال: حدثنا المعتمر بن سليمان، عن عوف

____________________

=

المناقب لابن المغازلي: ٤١٦: ٤٦٢.

ورواه سعيد بن عبد الرحمان عن محمّد: مسند الطيالسي: ٢٤: ١٦٦.

ورواه أبو عمرو بن العلاء عن محمّد: السنّة لعبد الله بن أحمد: ٢٦٧: ١٣٩٨ و ١٣٩٩ وص ٢٦٨ ح ١٤٠٣، مسند أحمد: ٢ / ١٣٧: ٧٣٥، مسند البزّار: (٥٤٥)، الشريعة للآجري: ص ٣٢، تاريخ بغداد: ١٢ / ٣٩٠ ترجمة فارس بن محمّد بن عمر البزّار.

ورواه عوف بن أبي جميلة الأعرابي عن محمّد: كما في الحديث التالي؛ فلاحظ تخريجاته هناك.

ورواه قتادة بن دعامة عن محمّد: المعجم الصغير للطبراني: ٢ / ٧٥ ترجمة محمّد بن ياسر الحذاء الدمشقي، مسند البزّار: ح....

ورواه معاوية بن عبد الكريم عن محمّد: المعجم الصغير: ٢ / ٨٥ ترجمة محمّد بن محمّد بن سليمان الباغندي.

ورواه هشام بن حسان عن محمّد: المصنَّف لعبد الرزّاق: ١٠ / ١٤٩: ١٨٦٥٣، المسند لأحمد: ٢ / ٢٨٣: ٩٨٨ و ٢ / ٣٩٣: ١٢٢٤ وكرّره في ٩٠٤ من رواية عبد الله بن أحمد، السنّة لعبد الله: ٢٦٨: ١٤٠٥ وص ٢٧٥: ١٤٢٨، الشريعة للآجري: ص ٣٢، السنن الكبرى للبيهقي: ٨ / ١٨٨.

ورواه أبو هلال الراسبي واسمه محمّد بن سليم عن ابن سيرين: مناقب ابن المغازلي: ص ٥٦ ح ٨٠.

ورواه يزيد بن إبراهيم عن ابن سيرين: مسند البزّار: ح...

ورواه يونس بن عبيد عن محمّد: مناقب الخوارزمي: ص ٢٦٢ ح ٢٤٥ في آخر الفصل ١٦، مسند البزّار: ح... و... بسندين.

ولاحظ مسند البزّار ح ٥٤٠ - ٥٤٤ فمن طريق محمّد بن سيرين.

١٨٨ - ورواه عبد الله بن صباح عن المعتمر: مسند البزّار: ح....

ورواه أبو أسامة عن عوف: تاريخ بغداد: ١١ / ١١٨ ترجمة عبيدة السلماني.

٢٥٤

[ بن أبي جميلة الأعرابي ] قال: حدثنا محمّد بن سيرين قال: قال عَبيدة السلماني:

لمّا كان حيث أصيب أصحاب النهر(١) قال عليّ:ابتغوا فيهم، فإنّهم إن كانوا هم القوم الّذين ذكرهم رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم)فإنّ فيهم رجلاً مُخْدج اليد - أو مثدون اليد أو مؤدن اليد(٢) - فابتغيناه فوجدناه فدللناه عليه فلمّا رآه قال:الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر . قال:والله لو لا أن تبطروا - ثمّ ذكر كلمة معناها -لحدّثتكم بما قضى الله [ عزّ وجلّ ] (٣) على لسان نبيّه [ صلّى الله عليه وسلّم ](٤) لمَن وَلِي قتل هؤلاء . قلت: أنت سمعته من رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم)؟ قال:إي وربّ الكعبة. ثلاثاً.

١٨٩ - أخبرنا محمّد بن عبيد بن محمّد قال: حدثنا أبو مالك عمرو - وهو ابن هاشم -، [ عن إسماعيل - وهو ابن أبي خالد - قال: أخبرني عمرو بن قيس، عن المنهال بن عمرو ](٤) عن زِرّ بن حبيش أنّه سمع عليّاً يقول:

____________________

ورواه جعفر بن سليمان الضبعي عن عوف: الشريعة للآجري: ص ٣٢ باب ذكر قتل عليّ للخوارج.

ورواه هوذة بن خليفة عن عوف: دلائل النبوّة للبيهقي: ٥ / ١٨٩.

ورواه يزيد بن زريع عن عوف: مسند أبي يعلى: ١ / ٣٧٠: ٤٧٥٠.

ورواه جماعة عن ابن سيرين فلاحظ الحديث المتقدّم وتعليقته.

(١) في (ط) وطبعة مصر: (النهروان).

(٢) مخدج اليد: ناقصها، ومثدون اليد: صغيرها.

(٣ و٤) من أ، ب، ط.

١٨٩ - ورواه عبد الله بن أحمد بن محمّد بن عبيد: السنّة: ٢٧٣: ١٤٢١.

ورواه الحسن بن سفيان عن محمّد بن عبيد: حلية الأولياء: ٤ / ١٨٦ ترجمة زر بن حبيش،

=

٢٥٥

____________________

=

وعنه الكنجي في كفاية الطالب: باب ٤٠.

ورواه عيسى بن زيد عن إسماعيل بن أبي خالد بصدر الحديث فقط: حلية الأولياء: ١ / ٦٨ في ترجمة أمير المؤمنين، تاريخ دمشق: ح ١٢٢٤ من ترجمة أمير المؤمنين: ٣ / ٢٢١ ط ٢، وفيه خطأ (عن زاذان) بدل (عن زر).

وقال الدار قطني في العلل: ق ١١٨ / أ: يرويه إسماعيل بن أبي خالد واختلف عنه، فرواه عمران الطفاوي عن المنهال عن عبّاد بن عبد الله عن عليّ. وخالفه مسعود بن سعد الجعفي فرواه عن إسماعيل عن المنهال عن زرّ، وخالفه عيسى بن زيد بن علي فرواه عن إسماعيل عن عمرو بن قيس عن المنهال عن زرّ.

طرق حديث ذمّ الخوارج عن عليّ (عليه السلام):

أبو جحيفة: السنّة لعبد الله بن أحمد: ٢٧٥: ١٤٣٠، مناقب الكوفي: ٢ / ٣٣٣: ٨٠٩ ط ١، أنساب الأشراف: ح ٤٦٨ من ترجمة عليّ (عليه السلام).

جندب الأزدي: الشريعة للآجري: ص ٣٣، تاريخ بغداد: ٧ / ٢٤٩ ترجمة جندب، المعجم الأوسط للطبراني: ٢ / ٣٢٣ ح ١٥٦٠.

جوين والد أبي هارون العبدي: تاريخ بغداد: ٧ / ٢٥٠ في ترجمة جوين، المصنَّف لعبد الرزّاق: ١٠ / ١٥٠: ١٨٦٥٧.

حبة بن جوين: مناقب الكوفي: ٢ / ٣٣٥ ح ٨١١ ط ١، تيسير المطالب: ح ٥.

زِرّ بن حبيش: تقدّم في الحديث ١٨٩ وتعليقته.

زيد بن وهب: تقدّم في الحديث ١٨٤ - ١٨٦ وتعليقاتها.

أبو سعيد الخدري: السنّة لابن أبي عاصم: ص ٤٣٠ ح ٩١٥.

سلمان الفارسي: تاريخ بغداد: ١٣ / ٢٨٢ ترجمة نصر بن مزاحم.

سليم بن بلج: تقدّم في الحديث ١٨٢ تخريجه.

سويد بن غفلة: تقدّم في الحديث ١٧٨ - ١٨٠ تخريجه.

٢٥٦

____________________

شقيق بن سلمة: مسند البزّار....

طارق بن زياد: تقدّم في الحديث ١٨١ تخريجه.

عبيد الله بن أبي رافع: تقدّم في الحديث ١٧٧ تخريجه.

عَبيدة السَلماني: تقدّم في الحديث ١٨٧ و ١٨٨ وتعليقتهما.

علقمة بن قيس: لاحظ الحديث ١٩١ وما بهامشه من تعليق.

قيس بن أبي حازم: تاريخ بغداد: ١٢ / ٤٥٢ ترجمة قيس.

كثير البجلي: تاريخ بغداد: ١٢ / ٤٨٠ ترجمة كثير.

أبو كثير مولى الأنصار: مسند الحميدي: ١ / ٣١: ٥٩، مسند أحمد: ٢ / ٩٤: ٦٧٢، مسند أبي يعلى: ١١ / ٣٧٢: ٤٧٨، تاريخ بغداد: ١٤ / ٣٦٣ ترجمة أبي كثير، التاريخ الكبير للبخاري: ٩ / ٦٤ ترجمة أبي كثير الأنصاري.

كليب الجرمي: تقدّم في الحديث ١٨٣ وتعليقته.

مالك بن الحارث: مستدرك الحاكم: ٢ / ١٥٤ كتاب قتال أهل البغي.

أبو المؤمن الواثلي: السنّة لابن أبي عاصم: ص ٤٣٣ ح ٩١٩ ولعبد الله بن أحمد: ٢٧٨: ١٤٤٢، مسند البزّار...، تاريخ بغداد: ١٤ / ٣٦٢ ترجمة أبي المؤمن، تهذيب الكمال: ٣٤ / ٣٣٦ ترجمة أبي المؤمن بسنده إلى الخطيب البغدادي ونقلاً عن مسند علي للنسائي.

أبو مريم: مسند أحمد: ٢ / ٤٣٠: ١٣٠٣ برواية عبد الله وهكذا في الفضائل: ح ٣٢٧، مسند أبي يعلى: ١ / ٢٩٦: ٣٥٨، مسند الطيالسي: ٢٤: ١٦٥، المصنَّف لابن أبي شيبة: ٧ / ٥٦٠: ٣٧٩١٤، أنساب الأشراف: ح ٤٦٦ من ترجمة أمير المؤمنين.

أبو موسى: السنّة لعبد الله بن أحمد: ٢٧٤: ١٤٢٤، دلائل النبوّة للبيهقي: ٦ / ٤٣٣ باب ما جاء في إخباره بخروجهم.

أبو وائل: المصنَّف لابن أبي شيبة: ٧ / ٥٥٧: ٣٧٩٠١، وعنه أبو يعلى في مسنده: ١ / ٣٦٤: ٤٧٣.

٢٥٧

____________________

أبو الوضيء عباد بن نسيب: المسند: ٢ / ٣٧٠: ١١٧٩٠ و ٢ / ٣٧٥: ١١٨٨ و ١١٨٩ و ٢ / ٣٨٠: ١١٩٧ وجميعها برواية عبد الله، السنّة لعبد الله: ٢٨٢: ١٤٦٨ عن أبيه أحمد، والفضائل: ح ٣٥٣ من رواية عبد الله، مسند أبي يعلى: ١ / ٣٧٤: ٤٨٠ وص ٤٢١ ح ٥٥٥، مسند الطيالسي: ٢٤: ١٦٩، سنن أبي داود: ٤ / ٢٤٥: ٤٧٦٩، دلائل النبوّة للبيهقي: ٦ / ٤٣٣ باب ما جاء في إخباره بخروجهم.

ورواه الأزرق بن قيس عن رجل من عبد القيس عن عليّ: السنّة لعبد الله بن أحمد: ٢٧٤: ١٤٢٦.

طريق حديث الخوارج من غير أمير المؤمنين:

أبو أُمامة: سنن ابن ماجة: ١ / ٦٢: ١٧٦، المصنّف لعبد الرزّاق: ١٠ / ١٥٢: ١٨٦٦٣، المصنّف لابن أبي شيبة: ٧ / ٥٥٣: ٣٧٨٨١، الشريعة للآجري: ص ٣٥ باب ذكر ثواب من قاتل الخوارج بأسانيد، السنّة لعبد الله بن أحمد: ٢٨٢: ١٤٦٩ - ١٤٧٣، مستدرك الحاكم: ٢ / ١٤٩ بسندين، طبقات المحدّثين بأصبهان لأبي الشيخ: ٢ / ١٥٢: ١٧٢ ترجمة عصام بن سلم، السنن الكبرى للبيهقي: ٨ / ١٨٨ كتاب قتال أهل البغي باب الخلاف في قتالهم بسندين، مناقب الكوفي: ٢ / ٣٣٠ ح ٨٠٣ ط ١.

أنس بن مالك: رواه عنه حفص بن عمر وسليمان التيمي وقتادة: مسند أحمد: ٣ / ١٥٩ و ١٨٣ و ١٨٩ و ١٩٧ و ٢٢٤ ط ١ و سنن ابن ماجة: ١ / ٦٢ ح ١٧٥، السنّة لعبد الله بن أحمد: ص ٢٨٤ ح ١٤٧٤ و ١٤٧٥ و ١٤٧٦، السنّة لمحمّد بن نصر المروزي: ٢٠: ٥٢، السنّة لابن أبي عاصم: ص ٤٤٤ ح ٩٤٠ وص ٤٤٧ ح ٩٤٥، سنن أبي داود: ٤ / ٢٤٣: ٤٧٦٥ وتاليه باب في قتال الخوارج، المستدرك للحاكم: ٢ / ١٤٧ و ١٤٨ بأسانيد عن قتادة، دلائل النبوّة للبيهقي: ٦ / ٤٣٠ باب ما جاء في إخباره بخروجهم، السنن الكبرى للبيهقي: ٨ / ١٧١ كتاب قتال أهل البغي، مناقب الكوفي: ٢ / ٣٢٧: ٧٩٩ ط ١.

أبو أيّوب الأنصاري: مناقب الكوفي: ٢ / ٣٣٩: ٨١٤ ط ١، تاريخ دمشق: ح ١٢١٧ -

=

٢٥٨

____________________

=

١٢١٩ من ترجمة عليّ (عليه السلام)، المستدرك للحاكم: ٣ / ١٣٩ وفيه بسندين أنّه مأمور بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين.

أبو برزة الأسلمي: المصنّف لابن أبي شيبة: ٧ / ٥٥٨: ٣٧٩٠٤ في آخر باب من المصنّف (باب ما ذكر في الخوارج)، سنن النسائي: ٧ / ١١٩ باب من شهر سيفه من كتاب تحريم الدم، مسند أحمد: ٤ / ٤٢١ و ٤٢٤ ط ١ مسند أبي برزة، مستدرك الحاكم: ٢ / ١٤٦ كتاب قتال أهل البغي.

أبو بكرة: السنّة لعبد الله بن أحمد: ٢٧٩: ١٤٤٦ و ١٤٤٨، مستدرك الحاكم: ٢ / ١٤٦ كتاب قتال أهل البغي، مسند أحمد: ٥ / ٣٦ و ٤٢ ط ١ مسند أبي بكرة، السنّة لابن أبي عاصم: (٩٢٧ و ٩٣٦ - ٩٣٨)، مسند البزّار كما في كشف الأستار: ٢ / ٣٤٦، السنن الكبرى للبيهقي: ٨ / ١٨٧ كتاب قتال أهل البغي باب الخلاف في قتالهم.

جابر الأنصاري: صحيح مسلم: ٢ / ٧٤٠: ١٠٦٣ باب ذكر الخوارج وصفاتهم من كتاب الزكاة بأسانيد، سنن ابن ماجة: ١ / ٦١: ١٧٢، المصنّف لعبد الرزّاق: ١٠ / ١٤٩: ١٨٦٥١، مسند الحميدي: ٢ / ٥٣٤: ١٢٧١، المصنّف لابن أبي شيبة: ٥ / ٥٥٩: ٣٧٩٠٥، مسند أحمد: ٣ / ٣٥٣ و ٣٥٤ ط ١ بأسانيد، السنّة لابن أبي عاصم: ص ٤٤٥ ح ٩٤٣، السنن الكبرى للنسائي: ٥ / ٣١: ٨٠٨٧ و ٨٠٨٨ في كتاب فضائل القران، دلائل البيهقي: ٥ / ١٨٥ - ١٨٦.

أبو ذر الغفاري: دلائل البيهقي: ٦ / ٤٢٩ باب ما جاء في إخباره بخروجهم، سنن ابن ماجة: ١ / ٦٠: ١٧٠، المصنّف لابن أبي شيبة: ٧ / ٥٥٣: ٣٧٨٧٨ باب ما ذكر في الخوارج: آخر المصنّف، صحيح مسلم: ٢ / ٧٥٠: ١٠٦٧ باب ٤٩ (الخوارج شرّ الخلق والخليقة)، مسند الدارمي: ٢ / ٢١٤ في آخر كتاب الجهاد، السنّة لابن أبي عاصم: (٩٢١ و ٩٢٢)، مسند الطيالسي: ص ٦٠ ح ٤٤٨ مسند أبي ذر، مسند أحمد: ٥ / ١٧٦ ط ١.

رافع الغفاري: دلائل البيهقي: ٦ / ٤٢٩، صحيح مسلم: ٢ / ٧٥٠، مسند الدارمي: ٢ / ٢١٤، السنّة لابن أبي عاصم: ص ٤٣٤ ح ٩٢١ ذيل حديث أبي ذر.

٢٥٩

____________________

أبو زيد الأنصاري: السنّة لابن أبي عاصم: ص ٤٤٥ ح ٩٤١.

سعد بن أبي وقّاص: دلائل البيهقي: ٦ / ٤٣٤ بسندين باب إخباره بخروجه وسيماهم والمخدج...، المصنّف لابن أبي شيبة: ٧ / ٥٥٩: ٣٧٩٠٨، السنّة لابن أبي عاصم: ح ٩٢٠ و ١٣٢٩.

أبو الطفيل عامر بن واثلة: مناقب الكوفي: ٢ / ٣٢٤ ح ٧٩٧ ط ١.

أبو سعيد الخدري: وقد تقدّم برقم ١٦٩ - ١٧٦ فلاحظ.

سهل بن حنيف: دلائل النبوّة للبيهقي: ٦ / ٤٢٨ و ٤٢٩ باب ما جاء في إخباره بخروجهم بسندين، المصنّف لابن أبي شيبة: ٧ / ٥٥٢: ٣٧٨٧١ وص ٥٦٢ ح ٣٧٩٢٦، السنّة لعبد الله بن أحمد: ص ٢٧٧ ح ١٤٣٥، صحيح البخاري: ٩ / ٢٢ باب ٧ من كتاب استتابة المرتدّين، صحيح مسلم: ٢ / ٧٥٠: ١٠٦٨ وتالييه باب ٤٩ من كتاب الزكاة، مسند أحمد: ٣ / ٤٨٦ ط ١ مسند سهل بسندين، مناقب الكوفي: ٢ / ٣٢٨ ح ٨٠٠ ط ١، السنّة لابن أبي عاصم: ص ٤٢٦ ح ٩٠٨ و ٩٠٩، سنن النسائي الكبرى: ٥ / ٣٢: ٨٠٩ كتاب فضائل القران.

عائشة: انظر ما تقدّم برقم ١٨٣ وما بهامشه من تعليق.

عبد الله بن أبي أوفى: سنن ابن ماجة: ١ / ٦١: ١٧٣، المصنَّف لابن أبي شيبة: ٧ / ٥٥٢: ٣٧٨٧٣، الشريعة للآجري: ص ٣٧، السنّة لعبد الله بن أحمد: آخر الكتاب ح ١٤٨٠ وقبله ص ٢٧٩ ح ١٤٤٧ وص ٢٧٨ ح ١٤٤٠، السنّة لابن أبي عاصم: ص ٤٢٤ ح ٩٠٤ - ٩٠٦.

عبد الله بن عبّاس: المصنّف لابن أبي شيبة: ٦ / ١٤٥: ٣٠١٨٥ و ٧ / ٥٥٩: ٣٧٩٠٦، وعنه ابن ماجة في سننه: ١ / ٦١: ١٧١، وعبد الله بن أحمد في المسند: ٤ / ١٥٧: ٢٣١٢، والفريابي في فضائل القران: ١٩٤، مسند الطيالسي: (٢٦٨٧)، المعجم الكبير للطبراني: ١١ / ٢٢٣: ١١٧٣٤ وص ٢٣٢ برقم ١١٧٧٥، مسند أبي يعلى: ٤ / ٢٤٢: ٢٣٥٤.

عبد الله بن عمر: سنن ابن ماجة: ١ / ٦١: ١٧٤، صحيح البخاري: ٩ / ٢١ باب ٦ من كتاب استتابة المرتدّين.

٢٦٠

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

سرورستان وفيرزآباد على أَقواس وقِباب لأَبنية قديمة، يُعتقد أنّها من بقايا عصر كورش الكبير، كما يُوجد حجر مُكعّب الشكل يُعرف بتَخت طاووس في باساركاد على مَقربة من مقبرة كورش كان واحداً من أعتاب معبد قديم.

أَضف إلى ذلك (تُرْعَة سويس) - قناة تصل البحر الأحمر بالمتوسّط - ذلك المـَشروع العظيم، كان أَوّل مَن أَمر بحفرها هو المـَلِك الفارسي داريوش الأَوّل الهخامنشي، وذلك بعد أنْ استولى على مصر وبلاد أفريقيّة مُجاورة، وقد عُثِر في حَفريّات هناك على ضِفاف التُرْعَة كتيبة فيها دلالة واضحة على السيرة الحَسنة التي كان يُراعيها مُلوك فارس مع أبناء البلاد التي كانوا يَمتلكونها آنذاك، الأمر الذي يدلّ على حضارة راقية كانت تسود إمبراطوريّة فارس (١) .

والأَمثلة لا حصرَ لها في هذا المـَبحث مِن موضوعنا، وكلّها تُجيب على السؤال المطروح: هل كانت فارس على درجة من التَحضُّر والتقدُّم بما يُوفّر الخُبرة الهندسيّة لتشييد السُدود والأعمال العُمرانيّة؟

ومن العرض البسيط قد تحقّقنا من تقديم كورش الخُبرة والمهندسينَ والإشراف لسُكّان منطقة سُهول القوقاز وبحر قزوين والبحر الأسود.

* * *

وأمّا عن الإمكانيّات التي يُمكن أنْ يكون قد طلبها ذو القَرنَينِ من الأُمَم المـُسالِمة في المنطقة الوادِعة، حسب فهمنا للآية الكريمة، فنأخذ أوّلاً: القوّة البشرية (العَمّالة) التي يُمكن أنْ يكون كورش قد طلبها، فإنّ المنطقة حسب التخمين العام كانت آهِلة ومُزدحِمة بالسُكّان ويُمكن حساب عدد السُكّان (تقريباً) في إقليم آذربيجان - أرمينيّة - داغستان - جورجيا - وما والاها سنة ٥٥٠ ق. م كان على الأرجح ما يَقُرب من ٠٠٠/ ١٧٠ نَسَمة (٢) .

____________________

(١) راجع: تأريخ إيران، ص ١٢٤ - ١٣٢.

(٢) وذلك على حسب الإحصاءات التقريبيّة والتي قَدّرت عدد نُفوس العالَم قبل الميلاد بثمانية آلاف سنة، وكانت خمسة ملايين نَسَمة، وقبل خمسة قُرون من الميلاد بعشرين مليون، وقبل الميلاد بثلاثة آلاف سنة بأَربعين مليون، وقبل الميلاد بألف سنة بمِئة مليون، وبعده بألف: ٠٠٠/٠٠٠/٢٧٥ وفي سنة ١٦٥٠ م: ٠٠٠/٠٠٠/٥٤٥، وذلك على

٥٠١

فلو افترضنا أنّ العَمّالة كانت تُمثّل بنسبة ٦% من السُكّان، لعرفنا أنّ العَمّالة التي تُقدَّر للاشتراك في بِناء السدّ ما يزيد على (٠٠٠/١٠٠) مِئة ألف عامل.

وهذا العدد يُمكنه بالفعل إنجاز العمل في سدّ ثغرة (داريال) لمدّة عشر سنوات تقريباً.

والموادّ الخام التي شُيّد منها سدّ ذي القَرنَينِ حسب وصف القرآن الكريم: خامات الحديد.

تحتوي أراضي آذربيجان على معادن الحديد بكمّيات كبيرة، ويشهد لذلك قيام صناعة الحديد والصُلب الآن في مدينة (باكو)، فإذا كان الإقليم غنيّاً به الآن فلا شكّ أنّه كان أغنى زمن كورش بالطبع.

أمّا أرمينيّة فغنيّة بمعادنها، ويَكثُر بها على وجه الخصوص خام الحديد والنُحاس والرَصاص والزرنيخ وحجر الشبّ والكبريت والذهب. وابن الفقيه (١) هو الكاتب الإسلامي الوحيد الذي أَمدّنا بمعلومات قيّمة عن الثروة المعدنيّة في أرمينيّة.

ويَذكر المؤرّخ الأَرمني (ليونتيوس) أنّ مَناجم الحديد والفضّة في تلك البلاد كُشِفت حوالي نهاية القرن الثامن للميلاد، وتَدلّ مَلامح الأرض على مناطق محفورة في الجبال تُشير إلى استنفاد السُكّان الأقدمين لاحتياطي الحديد القديم الذي كان يُستخرج في العَراء دون عَناءٍ كبير، وهي تقع في مُنتصف الطريق بين أطرابزندة وأرزن الروم.

كما يوجد الحديد بوِفرة في جورجيا بالقُرب من (تسخالطوبو) و (محج قلعة) و (دربند) في داغستان وغيرها، وفي مناطق الحدود الأرمينيّة في تركيا إقليم الحديد المشهور الذي يُقدَّر احتياطيّه بحوالي ٢٥ مليون طنّ وتبلغ نسبة الحديد في الفلز ما بين ٦٠ - ٦٦% وهي نسبة عالية، وقد استخرج الحيثيّون من آلاف السنين كمّيّات هائلة من الحديد من هذا الإقليم، وأَهمّ مناطق إنتاجه الآن هناك إقليم (ديفرجي).

____________________

حساب ( F.A.O ) المعروف، مفاهيم جغرافيّة، ص ٣٠٤. وبذلك يُقدّر عدد نُفوس العالَم سنة (٥٥٠ ق. م): ١٦٨ مليون نَسَمة. ويكون قِسط إقليم آذربيجان وأرمينيّة وداغستان وجورجيا ذلك العهد - على حساب التقسيم على المائة - ما يَقُرب من ٠٠٠/ ١٧٠ نَسَمة.

(١) كاتب شاعر مجيد من أهل الموصل تُوفي ٦٣٦ هـ / ١٢٣٨ م.

٥٠٢

أمّا عن الفحم والأخشاب اللازمَينِ لصهر الحديد، فتكوينيّات منطقة (كلاكنت) بأرمينيّة فيها احتياطيّ كبير، وفي سواحل البحر الأسود تُعتَبر مناجم (زونفلداك) من المـَناطق الغنيّة جدّاً بخامات الفحم، وهو من النوع البيتومين ويُعطي نوعاً جيّداً مِن فحم الكوك الذي يُستخدم في صناعة الحديد.

وأمّا عن الأَخشاب فيَذكر ابن حوقل أنّ إقليم أَردبيل كثير البساتين والأنهار والمياه والأشجار والفواكه الحَسنة والخَيْرات والغَلاّت، وكذلك إقليم المراغة، ويقول عن إقليم أُروميّة: إنّه كثير الكُرُوم والمياه الجارية والضياع والرَسَاتيق، ويضمّ الإقليم أيضاً: أُشنَه، كثيرة الشجر والخُضر والخَيْرات ومدينة بردغة كثيرة الخِصب والزرع والثِمار والأشجار.

كما أنّ مجموعة أنهار كورا (كورش) ونهر ترك، وكذلك صولاق ونهر آراكس ونهر آيورا، كلّها مُحاطة بمساحات هائلة من الأخشاب، لانتشار أشجار الدَردَار والبَلوط والصنوبر والأَرز والشوح والعَرعَر والزيتون البرّي.

وخامات النُحاس - التي طلبها (كورش = ذو القَرنَينِ) من سُكّان الإقليم حسبما عَبَّر القرآن الكريم: ( قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْراً ) ... هذه الخامات ثَبُت علميّاً وتأريخيّاً تَوفّرها بالمنطقة، فالدراسات الجيولوجيّة الحديثة أثبتت وجودها بوِفرة في تكوينيّات (زنجان) و (أنارك) وشمال أصفهان، وفي جنوب آذربيجان كميّات هائلة منه.

وفي أرمينيّة أَصبحت مناجم النُحاس الكبيرة المعروفة مُنذ القِدَم، شاهد على استخراج السُكّان القُدامى لخاماته، خصوصاً في منطقة (كدابك) وما يَتبعها من مَنجم فرعي في إقليم (كلاكنت) - بين البزاوتيول وبُحَيرة كوك جاي - وقد أُعيد إحياء مَجد الإقليم في مجال استخراج النُحاس حديثاً في السنوات الأخيرة، بفضل إدارة إخوان (سيمنس) مُؤسّسي مصانع سَبْك المعادن هناك.

ومن ناحية تَوفّر العدد اللازم من حيوانات الجرّ والحَمل، فالإقليم غنيّ بالثروة الرَعويّة والحيوانيّة؛ لأنّه يقع بين خطَّي عَرض ٣٠ - ٤٥ شمالاً، وينحصر بين إقليم البحر

٥٠٣

المتوسّط غرباً وإقليم الصين شرقاً ويمتدّ في أُوراسيا بين التركستان الصينيّة ورومانيا، ويشمل بذلك كلّ آذربيجان وأرمينيّة والقوقاز وجورجيا وداغستان وأنجازيا وأجاريا، ولكَثرة حشائش الإقليم سُمّيت إقليم المـَراعي المـُعتَدلِة الدفيئة، وهي غنيّة تكفي رَعيَ الماعز والضأن على الهِضاب، والأبقار والمواشي في السُهول، والجَمَل أيضاً معروف هناك وهو من نوع ذي السنامَينِ وحيوان الياك ( YAK ) ).

وقد استخدمه السُكّان في النَقل تَماماً كالحَمير، وهو يَمتاز على الحَمير بوجود أَظفار في رجلَيه تُساعده على ارتقاء المـُرتفعات والتنقّل بأَحماله بينها، كما يوجد هناك مُنذ القِدَم عشرات الآلاف من الخُيول السيسي الشهيرة بقُدرتها على حَمل الأثقال وجرّ العَربات.

ومن حيث توفّر المـُؤَن لمواجهة استهلاك العُمّال والمهندسين من غذاء لازم حتّى إتمام تشييد السّدّ، فقد عَرَف الإقليم جميع الحُبوب من آلاف السنين، وكانت أرمينيّة تُعتبر من أَخصب أملاك الخلافة العباسيّة، وكانت الغِلال تُستَنبت فيها بكَثرة وتُصدّر إلى الخارج كبغداد مثلاً (٢) ، وكان السمك يكثُر في بُحيراتها وأَنهارها ويُصدّر إلى الخارج أيضاً (٣) ، وكانت خَيرات الإقليم تَتَوجّه زمن كورش إلى همدان وسائر البلاد المعروفة ذلك اليوم.

وأودية هذا الإقليم الكبير مُزدَحِمة بغابات الأشجار المـُثمرة، وفي مناطق العَراء كانت زراعة البطاطا والشمندر السكّري مِن أَهمّ حِرَف السُكّان في العصور القديمة.

ففي آذربيجان كان القمح الشتوي يُزرع هناك بنجاح كبير، عَلاوةً على أنواع أُخرى من الحبوب وكذلك الكُرُوم والجوز... وداغستان بلاد زراعيّة بالدرجة الأُولى من

____________________

(١) نوع من البَقر الوَحش عظيم الجُثّة وقوّتها، يكثُر وجوده في جبال آسيا الغربيّة والوسطى ولا سيّما هَضبات تبّتب، وقد استخدموه لحَمل الأثقال.

(٢) أُنظر: تأريخ الطبري، ج ٣، ص ٢٧٢ - ٢٧٥، (مفاهيم جغرافيّة، ص ٣١١).

(٣) وقد ورد أنّ شُهرة الإقليم بالأسماك كمورد غذائي للسكّان والتصدير لا تُضارَع، حيث كانت الأسماك تكثُر في بُحيرات أرمينيّة وسواحل القوقاز وخصوصاً بُحَيرة (وان) التي اشتهرت بنوع خاصّ وبكميّات هائلة منه، وهو الذي يَعرفه العرب باسم (الطريخ) وكان هذا السمك في العُصور القديمة يُملّح ويُصدّر إلى الجهات البعيدة كالهند، أُنظر: القزويني، طبعة قستنفلد، ج ٢، ص ٣٥٢، (مفاهيم جغرافيّة، ص ٣١١)، ولا يزال الناس في أرمينيّة وآذربيجان وبلاد القوقاز وآسيا الصُغرى يستطيبون هذا السمك المـُمَلَّح حتّى يومنا هذا.

٥٠٤

العصور القديمة حتّى الآن، فهي تَنتُج القمح والذُرّة والبطاطا والخضروات والكَرمة، كما أنّ الماشية تَرعى في سُفوح الجبال وأَشهر مواشيها الأغنام... ومناخ جورجيا (طرجستان) من آلاف السنين ملائم لزراعة الحبوب وخاصّة الذُرّة والكَرمة والحُمّضيّات والشمندر السكّري (١) وهذه المزروعات تجدها في كلّ أنحاء الإقليم، وثروة الإقليم بالماشية هائلة، إذ تنتشر المـَراعي الواسعة كما رأينا وتَربّى عليها قُطعان الماشية وخاصّة الأغنام.

ومن المـَلامح التي عَرضناها بإيجاز تأَكّد لنا قُدرة الإقليم على تَموين العُمّال والمهندسينَ بالطعام والشراب الكافي، دون أنْ يَحدث نقص في إمدادات الغذاء، أي أنّ الأَمن الغذائي كان مَكفولاً.

والموادّ الخام اللازمة كانت متوفّرة، من حديد ونُحاس وفحم وأخشاب، وحيوانات الجرّ والحِمل كانت موجودة تفي بالغرض تماماً، والأَيدي العاملة الرخيصة كانت متوفّرة كذلك، والخُبرة الفارسيّة، والتخطيط الدقيق لكورش كلّها كانت مُقوّمات نجاح تشييد أَعظم السدود في العالَم، لدرجة جَعلت القرآن يَصفه بالرَدم، أي السّدّ الضخم الهائل في قوله تعالى: ( فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْماً ) (٢) .

وبعد فإليك الكلام عن السدّ (سدّ ذي القَرنَينِ الذي ذَكَره القرآن) وهل هو سدّ كورش التأريخي؟

سدّ كورش (ذي القَرنَينِ) التأريخي

في وصف شامل لسدّ كورش (ذي القَرنَينِ) وتحديد موقعه الجغرافي حاليّاً على الخريطة السياسيّة، وتحديد نوعيّة الدَولة التي كانت تُسيطر على المنطقة الجبليّة التي شُيّد فيها، يُمكن القول: إنّه من المـُعطيات السابقة، تتبلور ملامح سدّ كورش التأريخي في:

____________________

(١) فقد عَرف الإقليم جميع الحبوب من آلاف السنين - حسبما تقول الجغرافيا التأريخيّة - وعُثِر عليها في الآثار القديمة، ووُجِدت قوارير مملوءة بالحبوب وغيرها (القمح - الذُرّة - القصب - الأَرز). أُنظر: مواطن الشعوب الإسلاميّة، قفقازيا لمحمود شاكر، ص ٦٢ - ٦٩. (مفاهيم جغرافيّة، ص ٣١١).

(٢) مفاهيم جغرافيّة، الفصل السابع، ص ٣٠١ - ٣١٢.

٥٠٥

أنّ السّدّ بُنيَ فيما بين عامَي - ٥٣٩ ق. م. و ٥٢٩ ق. م - في مكان جبليّ شاهق شديد التَضرّس قائم كجدارَينِ شامخَينِ على جانبَيه، وبذلك - وعلى هذه الصورة - يكون السّدّ حجازاً مضافاً على الجدارَينِ، في مكان المـَضيق الجبليّ الذي كان موجوداً بينهما، ويُعرف بمَضيق (داريال)، وهو موسوم في جميع الخرائط الإسلاميّة والروسيّة في جمهوريّة جورجيا (كرجستان).

وقد استُخدِمت في تشييد السدّ زُبُر الحديد أي قطع الحديد الكبيرة، وأُفرغ عليها النُحاس المـُنصهِر. وهذا هو وصف القرآن، ولا نقبل عنه بديلاً، مهما كانت درجة التقارب أو التشابه، ونرفض أيّ سدٍّ آخر يكون قد شُيّد من الحِجارة - مِثل سور الصين العظيم - حتّى ولو كانت عناصر ومُقوّمات وظروف إنشائه مُشابهةً لِما جاء عن سدّ ذي القَرنَينِ.

وقد رأينا خلال السرد التأريخي أنّ القبائل المـَغولية - وراء سِلسلة جبال قوقاز - كانت لا تَتَكاسل عن الانقضاض على مناطق آسيا الغربيّة خلال القرن السادس قبل الميلاد.

وكلّ صفحات التأريخ تَذكر لنا أنّ ثَمّة تَوقُّف مُفاجئ حَدث في عمليّة تَدفّق هذه القبائل البدائيّة المـُتوحِّشة، وتُشير أَصابع الدقّة التأريخيّة نحو الحُقبة التي ظهر فيها كورش الهخامنشي!

ومِن ثَمّ جاء قول المـُؤرّخينَ بأنّ هذه القبائل التي سُمّيت (ميكاك) عند اليونان و (منكوك) عند الصينيّين، هم قوم (يأجوج ومأجوج) الذي جاء ذِكرهم في القرآن، وقد تقدّم الكلام عن ذلك.

هذا وقد تَتَّبع مولانا أبو الكلام آزاد، من خلال استقراء التأريخ ومُراجعة النَصوص في العهد القديم وما جاء فيها عن يأجوج ومأجوج، ووصل إلى نفس ما هو قائم في الواقع في جمهوريّة جورجيا (كرجستان) الآن، وقد عُثر على كُتَل هائلة من الحديد المخلوط بالنُحاس، موجودة في جبال قوقاز، مُبعثَرة في منطقة مضيق (داريال) الجبلي.

وهذه حقيقة قائمة لكلّ من أراد أنْ يشاهدها برَأْي العَين.

٥٠٦

جبال شاهقة تمتدّ من البحر الأسود حتّى بحر قزوين، التي تمتدّ لتصل بين البحرين طول (١٢٠٠ ك. م) وهي جبال التوائيّة حديثة التكوين، شامخة مُتجانسة التركيب، إلاّ من كُتَل هائلة من الحديد الصافي المخلوط بالنُحاس الصافي في مَضيق داريال، غير أنّ جسم الجبال الصخري (جبال قوقاز) من جانبي السدّ تآكل بفعل عوامل التَعريَة طِوال ٢٥٠٠ سنة وصار هناك فراغ فيما بين الصخور الجبليّة وجسم السدّ الحديدي النُحاسي، وأصبح كُتَلاً ضَخمة تَبعثرت في مَعبَر المـَضيق.

ويُشار إلى هذا السدّ في الأطالس الجغرافيّة الحديثة بين فلادي ( Fladi ) وكوكس ( Kiuakass ) وبين تفليس، ويَذكره الأَرمَن - هناك - في صفحات تأريخهم (الشاهد على أحداثهم) باسم (بهاك غورائي) و (كابان غورائي) أي مَضيق كورش أو (ممرّ كورش)، كما أنّ سُكّان كرجستان يَعرفونه في بلادهم باسم الباب الحديدي، وذَكره الأتراك في كتاباتهم أيضاً باسم (دامركابو) (قابو) (١) ، و (دامر) - بالتركيّة - يعني: الحديد. و (قابو): الباب.

فالسدّ شُيّد في منطقة جبليّة بين صَدفَينِ في مَضيق داريال، وليس في مناطق سَهليّة مِثل سور الصين العظيم، وقد أُقيم لإيقاف زحف الأجناس المـُتوحِّشة عِبر جبال القوقاز إلى شمال مَملكة فارس وغرب آسيا، ولم يكن لحجز مياه السيول والفيضان مثل سدّ مأرب.

وقد شُيّد من خامات الحديد وأُشعلت النيران لصهر النُحاس ليُصَبّ فوق الحديد، وبقاياه تدلّ فعلاً على انطباق مواصفاته مع ما جاء في القرآن الكريم.

ولذلك عبّر القرآن عن متانته بقوله تعالى: ( فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْباً ) .

إذن، لم يكن السدّ من الحَجَر، مثل سور الصين العظيم (٢) ، أو جدار (دربند) الذي بَناه

____________________

(١) كورش الكبير، ص ٢٨٠.

(٢) بَناه الإمبراطور (تشين شيه هوانج) بعد سنة (٢٢١ ق. م)، حاجزاً بين (منغوليا) والصين، وهو مُشيّد من الطُوب (اللِبْن

٥٠٧

أنوشيروان المـَلِك الساساني (١) بعد (١٠٠٠ عام) من بِناء سدّ كورش، أو سدّ (مأرب) الذي شُيّد لتنظيم الريّ ووقاية المنطقة - وعاصمتها مدينة مأرب قاعدة المـَملكة السبئيّة (باليَمن) - من أخطار الفيضانات المـُوسميّة، وتَهدَّم بين (٥٠٧ - ٥٤٢ ق. م) على أثر السيل العَرِم (الهائج المـُدمّر) ونتيجةً للإهمال بشأن ترميم ثُلَمها (٢) .

هذا هو سدّ كورش ذي القَرنَينِ - كما وَصَفه القرآن الكريم - يَشهد على ذلك جميع الشُعوب التي دخلت أُوربا عن شمال جبال قوقاز وشاهدته بعد ما شُيّد أو اجتازت مضيق داريال قبل تشييده، هذا هو السدّ، في منطقة استراتيجيّة ذات أهميّة كبيرة، جرَّ عليها موقعها هذا صِعاباً كثيرةً، فطَمعت فيها كلّ الدُول المـُجاورة!

وهكذا، فكلّ مَن سيطر على الإقليم صارت كلّ المناطق شماله وجنوبه تحت رحمته؛ لذلك فقد وصل الغُزاة إلى المنطقة من فجر التأريخ، فغزاها الآشوريّون والكلدانيّون والمصريّون والقُدماء والفارسيّون، ثُمّ اليونانيّون... وخضعت لنُفوذ بيزانطة في القَرن الثالث الميلادي بعد أن انتشرت المسيحيّة في جنوبها في القرن الأوّل الميلادي، وكذلك استولت الصين على جنوب قوقاز في القَرن الرابع الميلادي، وكانت دَولَتا الفُرس والروم كفَرَسَي رِهان على امتلاك أرمينيا وقوقاز وآذربيجان طول التأريخ.

بناء جِدار (دربند)

وفيما بين عامَي (٥٣١ - ٥٧٩ م) حَكم الفُرس في عهد أنوشيروان هذه المنطقة وَوَجد المـَلِك الفارسي أنّ السدّ (الذي بَناه كورش قبل ١٠٠٠ عام ) لم يَعد يمنع المـُغيرينَ عن بلاد فارس، خصوصاً وأنّ النوعيّة قد تغيّرت، فقد أُضيف إليها العُنصر الروماني

____________________

المحروق) والطين والحجارة، يبلغ طوله (١٥٠٠ مِيلاً ) ويمتدّ من البحر الأصفر حتّى سَلاسل جبال (تاين تاغ)؛ لتَحول دون القبائل الهمجيّة - التي كانت تسكن صحراوات منغوليا - الدائمة الإغارة على سُهول الصين، ويَشتمل السور على عدد مِن البوّابات الضَخمة في مناطق مُتباعدة يقوم على حراستها جُنُود أشدّاء، مفاهيم جغرافيّة، ص ١٢٨ - ١٢٩.

(١) بَناه في مُنحدَرات جبال قوقاز حتّى شواطئ بحر قزوين حيث مدينة دربند في طول سبعة فراسخ؛ سدّاً لهجمات الرومان البيزنطيّين والأتراك حيث كانوا يتدفّقون على شمال فارس عِبر الشريط الساحلي الذي بلغ اتّساعه ٣٠ مِيلاً بين بحر قزوين وجبال قوقاز، مفاهيم جغرافيّة، ص ٣١٥، ولغت نامه دهخدا، حرف الدال.

(٢) المـُنجد في الأعلام، حرف الميم.

٥٠٨

والتركي.

فمن أين جاء التهديد هذه المرّة، وكيف بَطَل مفعول السدّ الكورشي؟

... كان بحر قزوين يَضرب بأمواجه أقدامَ جبال قوقاز من جهة الشرق، وكانت مياه البحر الأسود تَضرب أقدامها من ناحية الغرب، وكان من المستحيل على الغُزاة بعد بِناء سدّ كورش الشهير أنْ يتوغَّلوا إلى جنوب قوقاز.

ولكن بعد (١٠٠٠ عام) من بِناء السدّ في مضيق داريال، كان البحر قد فعل مفعوله في مياه بحر قزوين.

وبما أنّه بحرٌ مُغلق لا يتّصل ببِحار العالَم ومحيطاتها، فقد تناقصت مياهُه وانحسرت عن شواطئه، مُتراجعةً نحو القاع، فانكشف جزءٌ مُدرَّج على طُول امتداد تعاريج الساحل، وظهر بذلك شريط ساحلي ضَيّق بين خطّ ماء البحر الجديد وأقدام جبال قوقاز عند (دربند)، وصار الرومان البيزنطيّون والأتراك يَتدفّقون على شمال فارس عِبر هذا الشريط الساحلي الذي بلغ اتساعه ٣٠ ميلاً بين بحر قزوين وجبال قوقاز.

لذلك أمر (أنوشيروان) ببِناء جِدار من الحَجَر بين مياه بحر قزوين وأقدام الجبال، بعَرض هذا الشريط الساحلي، حتّى التَحَم الجِدار تماماً بجبال قوقاز، وبذلك عاد لسدّ كورش مفعوله مرّةً أخرى (١) .

جدار (دربند) (٢)

ويَجدُر بنا و نحن على وَشَك الانتهاء من حديث ذي القَرنَينِ، أنْ نتحدّث شيئاً عن السُدود المعروفة في العالَم القديم وربّما اشتبهت بسدّ ذي القَرنَينِ الآتي في القرآن الكريم:

____________________

(١) مفاهيم جغرافيّة، ص ٣١٤ - ٣١٥.

(٢) دربند، مدينة في داغستان على ساحل بحر قزوين غرباً، سَمّاها العرب (باب الأبواب) مشهورة بأَسوارها التي تَسدّ المـَمرّ بين البحر والجبل، احتلّها المـُسلمون عام (٢٢ هـ / ٦٤٣ م) وكانت آخر مدينة على حُدود إيران الشماليّة حتّى عهد فتحعلي شاه قاجار فاستلبها الرُوس عام ١٧٩٦ م.

٥٠٩

منها: (جدار دربند) أو (حائط قوقاز) الذي بناه المـَلِك الساساني أنوشيروان في امتداد جبال قوقاز حتّى مياه بحر قزوين في طول سبعة فراسخ، سدّاً لهَجمات أَقوام هَمَج كانوا وراء السدّ، كانوا يُغيرون على حدود مَمالك فارس، فصدّهم ببِناء هذا الحائط العظيم، وجَعل له باباً ضَخماً كان يُوصد بوجه المـَغول والتتار، واشتهر بباب الأبواب.

وكانت مدينة (دربند) والتي بَناها أنوشيروان في نَفس المكان، قد سُمّيت بنفس الاسم، وهي اليوم عاصمة جمهوريّة (داغستان) على ساحل البحر (١)، لقد كانت الحروب دامية بين مُلوك فارس والقبائل الوَحش خَلف جبال قوقاز مُنذ عهد بعيد، حيث أَطماع تلك الأَقوام الصحراويّين في ثَراء منطقة آذربيجان وأرمينيّة وداغستان وكرجستان وسائر البلاد الخِصبة الغنيّة بالحَرث والنَسل.

وكان المـَلِك الساساني (قباد) (والد أنوشيروان) كان قد شَنّ حَملاته الدفاعيّة ضدّ أقوام التتر؛ ليَمنعهم عن إغارة البلاد، وكانوا يُغيرون عِبر حُدود مَمالك فارس حتى نهر كورا (كورش القديم)، فحاربهم (قباد) ومَزَّق شملَهم في حروب دامية، وقَتَلهم شرَّ قتلة وسبى وغَنِم الكثير من أموالهم، وهكذا كانت الإغارات والهجمات ظلّت مُستمرّةً بين حين وآخر حتى جاء دور (أنوشيروان) وتَسنَّم الحُكم، فكان ممّا شَدَّ العَزم على إنهاء تلك العَرقلة، أنْ قام بتشييد حائط متين يَحجز دون إغارات الأَقوام الهَمَج نهائيّاً، وليريح شَعبه من المـُزاحمينَ طول حُقبات (٢) .

وفيما بين عامَي(٥٣١ - ٥٧٩ م) (أي بعد بِناء سدّ كورش بأَلف عام) وجَدَ المـَلِك أنوشيروان أنّ السدّ القديم لم يَعد يمنع المـُغيرينَ عن فارس، خصوصاً وأنّ النوعيّة قد تغيّرت، فقد أُضيف إلى أقوام التتر والمـَغول، العنصر الروماني والتركي، وكان بحر قزوين قد أَخذ في الانخفاض والانحسار عن أقدام جبال قوقاز؛ نظراً لأنّه بحر مُغلق لا يتّصل بالمـُحيطات، فقد تناقصت مياهه وانحسرت عن شواطئه نحو القاع، فانكشف جُزء مُدرَّج على طول امتداد تعاريج الساحل، وظهر بذلك شريط ساحليّ ضيّق بين خطّ ماء البحر الجديد وأقدام جبال القوقاز عند (دربند) وصار الرومان البيزنطيّون والأتراك، مع البقايا

____________________

(١) لغت نامه دهخدا، حرف الدال، ص ١٠٥٥٤.

(٢) تأريخ إيران، ص ٢٠٥ - ٢٠٦ و ٢١٥.

٥١٠

من أقوام التَتَر الهَمج يتدفّقون على شمال فارس، عِبر هذا الشريط الساحلي الذي بلغ اتّساعه (٣٠ ميلاً) (١) بين بحر قزوين وجبال قوقاز.

لذلك قام أنوشيروان ببِناء جِدار متين من الصخور الغِلاظ، مُمتدّاً من سُفوح جبال قوقاز حتّى مياه البحر، وآخِذاً فيه بعض الشيء - على ما ذَكَره المسعودي والحَموي - (٢) حتّى التَحم الجِدار مع الجبال تماماً.

* * *

وهل كان أنوشيروان هو الذي تَبنّى بناء جِدار دربند، أَم كان هو القائم بتجديد بنائه بعد انهيارات حَصلت في أَطرافه وتَضعضع وأشرف على الخراب، فأعاد أنوشيروان بِناءه على أُسس متينة وعلى استحكام بالغ بَقيَ طيلة قرون، (وقد كان قائماً حتّى عهد المسعودي سنة ٣٢٣ هـ )؟

يبدو مِن كتاب تأريخ كرمان: أنّ الجِدار كان قد بُني قَبل ذلك بما أَثّر فيه طول العهد

____________________

(١) حسب تقديره الآن وقد انحسر البحر أكثر، وقد قَدَّره الحَموي آنذاك على عهد المـَلِك أنوشيروان بسبعة فراسخ، كلّ فرسخ ثلاثة أميال اليوم، فقد اتّسع هذا الشريط بعد أَلفي عام بعَرض عشرة فراسخ.

(٢) قال الحَموي: وعلى مدينة باب الأبواب (دربند) سور من الحجارة مُمتدّ من الجبل طولاً، ومع طول السور فقد مُدّت قطعة في البحر شبه أنف طولاني لمنع مِن تقارب السُفن من السور، وهي مُحكَمة البِناء موثّقة الأَساس من بِناء أنوشيروان، وهي أحد الثغور الجليلة العظيمة؛ لأنّها كثيرة الأَعداء الذين حَفُّوا بها من أُمم شتّى وأَلسِنة مختلفة وعدد كثير.

قال: وأقام أنوشيروان يبني الحائط بالصخر والرصاص، ثُمّ قاده في البحر، وقد أَحكم هذا المـُمتدّ في البحر بحيث لا يَتهيّأ سلوكه، وقد بَناه بالحجارة المنقورة المـُربّعة المـُهندّمة، لا يُقِلُّ أَصغَرَها خمسون رجلاً، وقد أُحكمت بالمسامير والرصاص، وأُلقيت في قَرار البحر حتى اعتلى السور على وجه البحر بما استوى مع الذي في البرّ في عَرضه وارتفاعه.

وقُدِّر طول الحائط من البحر إلى سَفح الجبل بسبعة فراسخ، معجم البلدان، ج ١، ص ٣٠٣ - ٣٠٥.

وذَكَر المسعودي أنّ كسرى أنوشيروان بنى السور من جَوف البحر بمقدار ميل (٤٠٠٠ ذراع) بالصخر والحديد والرصاص، ويُسمّى هذا المـَوضع من السور في البحر: الصدّ. وهو باقٍ إلى وقتنا هذا، وهو سنة (٣٣٢ هـ ) مانِعاً للمـَراكب في البحر إنْ وردت من بعض الأعداء. ثُمّ مَدَّ السور في البرّ مابين الجبل والبحر.

وزاد: أنّه مَدَّ السور حتى أعالي الجبال ومنخفضاته وشِعابه (أي سَدَّ جميع الخلل والفُرج هناك) نحواً من أربعين فرسخاً إلى أنْ ينتهي إلى قلعة (طبرستان)، مُروج الذهب، ج ١، ص ١٧٦ و ٢٦٤.

قلتُ: ولعلّه الصاروج بدل الرصاص وقد التَبَس عليهم، لوجود المـُشابَهة شكليّاً وبعد مرور ألف عام على بِنائه، والصاروج: خليط من حجر الكِلس وأَملاح الكلسيوم والباريون مَحروق القَصَب وغيرها، يُستعمل في طِلاء الجدران والأحواض والحمّامات، صَنعة قديمة استُخدمت في أُسُس البِنايات الضَخمة وأَعمدة الجسور ولمخازن المياه؛ لمقاومتها تجاه تأثير الرطوبة واستحكامها عن كلّ مؤثّرات الجوّ والمـُحيط، وهي على مقاومة الإسمنت في هذا العصر.

٥١١

مِن التَضعضع والإشراف على الانهيار، فكان أنوشيروان قام بتَرميمه وتجديد عمارته.

جاء فيه: أنّ شاهنشاه إيران أنوشيروان عَمَد من (المدائن) عاصمة مُلوك الفُرس، قاصداً مدينة باب الأبواب لتَرميم السدّ في منطقة (شروان) (١) ، فأَخذ طريقه على ساحل الخزر ومعه العُمّال والمهندسون لعمارة السدّ، وأنفق أموالاً طائلة، لكن المشروع استنفدها دون الاكتمال، وبعد التدبُّر والمـُشاورة رأى المـَلِك أنّ أَحداً من عُظماء مَملكته لا تَسَعه المـُساهمة في إكمال المشروع الجَلَل، سِوى الأمير (آذرماهان) وكان والياً على بلاد كرمان من قبل السلطان، وكانت بلاد كرمان يومذاك غنيّة بالثروات الطبيعيّة والزراعيّة بما يَفوق سائر البلاد.

غير أنّ المـَلِك لم يَرُقه تكليف مُوظّفيه بأكثر من المـُقرّر الرسمي المفروض عليهم، حيث كان خِلاف العَدل السُلطاني؛ ولذلك عَزَم على المسير إليه في أَلف من خواصّه المهندسينَ والعُمّال الفنّيينَ، حتّى ورد (إيلغار كواشير) (٢) نازلاً في دار الأمير، فوَعَدهم بالمـُساهمة في المشروع بما يكفي مؤنة إكمال السدّ نهائيّاً... ذكروا أنّ السدّ اكتمل بما بَذَله أمير كرمان آنذاك (٣) .

شكوك حول كورش: هل هو ذو القَرنَينِ؟

ربّما تَشكّك البعض في الرأي القائل بأنّ ذا القَرنَينِ - الذي وَصَفه القرآن بالصلاح - هو كورش الكبير المـَلِك الفارسي العظيم؟!

وعُمدة مَسارب الشكّ هو جانب سلوكه السياسي المـُتسامح مع أصحاب الأديان وحتّى مع عَبَدة الأوثان، ومن غير أنْ يسير سعياً وراء إعلاء كلمة الله في الأرض، يشهد لذلك سلوكه الخاصّ مع البابليّينَ وإفساح المجال لهم في عقيدتهم الأُولى ولا سيّما تَزلّفه في تكريم كبير آلهتهم (مردوك) - حتّى أنّه عَدّ نفسه مَوضعاً لعنايته في مَنشورٍ عام، كما رَدّ إلى عَبَدة الأوثان كلّ ما نُهب منهم من أصنام وجَعلها في معابد كانت تُسمّى (شادي

____________________

(١) شروان: منطقة في الجنوب الشرقي من بلاد قوقاز بين أعالي نهر أرس وكورا كانت في القديم من نواحي باب الأبواب.

(٢) إيلغار، لفظة تُركية تَعني: المـُعسكر - الحامية، وكواشير اسم قديم لمدينة كرمان الفعليّة.

(٣) راجع: كورش كبير، ص ٢٨٣ - ٢٨٤ الهامش، عن تأريخ كرمان، ص ٢٤.

٥١٢

دل) أَي فَرحة النَفْس.

يقول في ذلك الأُستاذ مُحمّد خير رمضان: تلك المقاطع التأريخيّة إنْ دلّت على شيء فإنّما تدلّ على وثنيّة كورش وتعظيمه للآلهة وإفساح المـَجال لعبادتها لكلّ الشعوب المـُقدِّسة لها، ويكفيك ما قاله في منشوره العام: (أَرجعتُ الآلهة التي نُقِلَت إليها (معابد بابل) إلى مواطنها... وأَعدتُ إلى سومر وأَكَد آلهتها التي حُملت إلى بابل ووضعتُها في قصورها التي تُسمّى (شادي دل) وبذلك أَنهيتُ غضب الآلهة بأمر مِن مردوك الإله الكبير - ومردوك هو صنم بابلي.

وهذا يُقوّي ما ذَهب إليه المؤرّخون ممّا قيل عن عقيدته وإعطائه الحريّة الدينيّة كيفما كانت، وبخاصّة عبادة الأصنام، لا كما هي صفات ذي القَرنَينِ - حسبما جاءت في القرآن - مِن أنّه كان يُحارب هذا الشرك، ولا يَتعامل معهم ولا يَقبل منهم إلاّ الإيمان أو الحرب!! (١)

ومن ناحية أُخرى هي جانب بِناء السدّ - الذي ذَكَره القرآن - تَشَكّكوا في كونه عمل كورش بالذات، ولعلّه قام بترميمه نظير ما عَمِله أنوشيروان بعد ألف عام، ومُستند الشكّ أنّه لم يأتِ في التأريخ ذِكر عن بناء هذا السدّ على يد كورش، في حين أنّه لم يكن بذلك البعيد بحيث يُجهل تأريخ حياته ولا سيّما في مِثل هذا العمل الضخم، كما لم يَذكره هو في مَفاخره، حيث ذَكَر مفاخر هي أقلّ شأناً من بِناء هذا السدّ العظيم.

يقول الأُستاذ مُحمّد خير رمضان: لا دليل لاستناد بِناء السدّ إلى كورش، وعُمدة ما يستدلّون به: أنّ القبائل المـَغوليّة كانت لا تَتَكاسل عن الانقضاض على مناطق آسيا الغربيّة خلال القرن السادس قبل الميلاد... وكلّ صفحات التأريخ تَذكر لنا أنّ ثَمّة توقّفاً مُفاجئاً حَدَث في عمليّة تدفّق هذه القبائل البدائيّة المـُتوحّشة... وتُشير أصابع الدقّة التأريخيّة نحو الحُقبة التي ظهر فيها كورش الهخامنشي.

هذا هو الدليل الوحيد الذي استند إليه أصحاب القول بأنّ السدّ من عَمل كورش

____________________

(١) ذو القَرنَينِ، القائد الفاتح والحاكم الصالح لمـُحمّد خير رمضان يوسف، ص ٢٣٦ - ٢٣٨.

٥١٣

الكبير.

ولكن: هل يعني توقّف هذه القبائل: أنّ كورش بنى السدّ؟!

لماذا لا نقول: إنّ السدّ كان مَبنيّاً من قَبل، ولكنّ الحوادث الطبيعيّة أَثّرت في جوانب السدّ، كأَن تكون مياه بحر قزوين قد انحسرت عن شواطئه فكانت القبائل تغزو من الساحل الذي كان مكانه الماء، ثُمّ أُعيد ترميم السدّ في عهد ذلك المـَلِك، وَوَقفت هجمات القبائل المـُتوحّشة على تلك المنطقة بعد هذا؟!

وهذا نظير ما حدث على عهد أنوشيروان بعد ألف عام... أَفَليس من المعقول أنْ يكون كورش قد فعل مِثل صنيع أنوشيروان في ذلك، ويكون السدّ - بطبيعة الحال - قد بُنيَ قبله بزمن طويل؟!

قال: إنّني أرى ما ذكرتَه أَسلم، لأسباب:

١ - لم يَثبت تأريخيّاً قطّ أنّ كورش قد بنى سدّاً هناك...

٢ - لم يَذكر كورش في الوثيقة السابقة التي كَتَبها، أنّه بنى السدّ... رُغم أنّ هذا يُعدّ عَملاً عظيماً جدّاً لا يرتقي إليه أيّ عَمل من أعمال كورش السابقة...

فكيف يَهمل كورش ذِكر هذا السدّ - والذي استغرق بناؤه عشر سنوات كما يقول الأُستاذ خضر - والذي هو أَبلغُ آثاره على مرّ السنين، ثُمّ يَذكر أشياء أُخر أَبسط منه بكثير، والتي يُشارك فيها مُلوك غيره؟!!

٣ - ليس كورش بذلك المـَلِك القديم جدّاً حتّى تخفى أخباره على جزيرة العرب... في حين يجب أنْ لا ننسى أنّ قَصَص الفُرس كانت مُنتشرةً بين العرب، وكان لهم أنصار بينهم، وقد تَأثّروا بأَدبهم ورواياتهم وقَصَصهم الشعبيّة... وتُحدّثنا السيرة النبويّة الشريفة عن النضر بن الحارث، الذي قَدِم من الحيرة وكان قد تَعلّم بها أحاديث مُلوك فارس وأحاديث رستم واسفنديار... وكان يُحدّث بها إثر ما يقوم رسول الله (صلّى اللّه عليه وآله) من مجلسه حينذاك...

وإذا كان كورش من أعظم مُلوك فارس، فلابدّ أنّه كان له نصيب من بين تلك

٥١٤

الأحاديث...

قال: هذا ما بدا لي خلال هذا البحث، والقارئ حرّ فيما يَرتئيه، وبخاصّة بعد أنْ بُيّنت له كلّ الأوجه بدقّة وإنصاف... (١)

* * *

إذن: فمن هو ذو القرنين؟

يرى الأُستاذ رمضان: إنّه رجل آخر، عاش في عصور غابِرة، قبل تُبّع، وقبل الإسكندر، وقبل كورش، فقد كان في زمن نبي الله وخليله إبراهيم عليه الصلاة والسلام (أي قبل كورش هذا بألف عام) كما ذَكَره وصَحّحه ثقات المؤرّخين!!

إذن فذو القرنين رجل آخر ضاعت أخباره على مرّ التاريخ ولم يسلم منها إلاّ ما ذكره الله - عزّ وجلّ - وما ثبت عن الرسول (صلّى اللّه عليه وآله) ونتف أخرى قليلة من التاريخ، اعتمدها بعض الثِقات من المؤرّخينَ (٢) .

وهنا أَورد روايات وحكايات - أسندها إلى السَلف - بشأن ذي القَرنَينِ:

ذو القَرنَينِ في الروايات

قال: وأنا هنا سأَصِل بالقارئ إلى النتيجة، من تلك الروايات إلى ما سَنَستقرّ عليه بعونه تعالى.

فقد ذكر الأزرقي وغيره: أنّ ذا القَرنَينِ أَسلم على يدي إبراهيم الخليل (عليه السلام) وطاف معه بالكعبة المـُكرّمة هو وإسماعيل (عليه السلام).

ورُوي عن عبيد بن عمير وابنه عبد الله وغيرهما: أنّ ذا القَرنَينِ حَجَّ ماشياً، وأنّ إبراهيم لمـّا سَمع بقُدومه تلقّاه، فلمـّا اجتمعا دعا له الخليل ورضّاه وأنّ الله سَخَّر لذي القَرنَينِ السَحاب يحمله حيث أراد.

وقال إسحاق بن بشر عن عثمان بن الساج عن خصيف عن عكرمة عن ابن عباس قال: كان ذو القَرنَينِ مَلِكاً صالحاً رضيَ الله عملَه وأثنى عليه في كتابه وكان منصوراً وكان

____________________

(١) المصدر: ص ٢٤٢ - ٢٤٤.

(٢) المصدر: ص ٢٤٨.

٥١٥

الخضر وزيره، وذَكَر أنّ الخضر (عليه السلام) كان على مُقدّمة جيشه، وكان عنده بمنزلة المـُشاور... (١)

وروى الفاكهي من طريق عبيد بن عمير - أحد كِبار التابعين -: أنّ ذا القَرنَينِ حجَّ ماشياً فسَمع به إبراهيم فتلقّاه، ومن طريق عطا عن ابن عباس: أنّ ذا القَرنَينِ دَخَل المسجد الحرام فسلّم على إبراهيم وصافحه، ويُقال: إنّه أَوّل من صَافح (٢) .

ومن طريق عثمان بن الساج: أنّ ذا القَرنَينِ سأل إبراهيم أنْ يدعو له. فقال: وكيف وقد أفسدتم بئري! فقال ذو القَرنَينِ: لم يُكن ذلك عن أمري، يعني أنّ بعض الجُند فعل ذلك بغير عِلمه! وذكر ابن هشام - في التيجان -: أنّ إبراهيم تَحاكم إلى ذي القَرنَينِ في شيء فحَكم له! وروى ابن أبي حاتم من طريق علي بن أحمد: أن ذا القَرنَينِ قَدِم مكّة فوجد إبراهيم وإسماعيل يَبنيان الكعبة، فاستفهَمهُما عن ذلك، فقالا: نحن عَبدانِ مَأموران، فقال: مَن يشهد لكما؟ فقامت خمسة أَكبُش فشهدت! فقال: قد صَدَقتُما، قال ابن حجر: فهذه الآثار يَشدّ بعضها بعضاً وتدلّ على قِدَم عهد ذي القَرنَينِ (٣) .

إزاحة شُبُهات

تلك شُبُهات أُثيرت حول الرأي القائل بأنّ ذا القَرنَينِ - الذي جاء وَصْفه في القرآن - هو كورش الهخامنشي المـَلِك الفارسي العظيم!!

لكنّها لم تَحسب حسابها الدقيق، ومِن ثَمّ فإنّ الترجيح مع هذا القول المـُعتَمد على أُصول متينة، أمّا الشُبهات أو الشُكوك فلا مَجال لها بعد إحكام الدليل:

____________________

(١) اُنظر: البداية والنهاية لابن كثير، ج ٢، ص ١٠٣.

(٢) وهكذا روى الشيخ في أماليه (المجلس ٨ والحديث ٢٥ - ترتيب الأمالي، ج ٢، ص ٤٥، رقم ١٠ - ٦٠٣) بإسناده إلى أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: (أوّل اثنين تَصافحا على وجه الأرض ذو القَرنَينِ وإبراهيم الخليل، استقبله إبراهيم فصافحه...).

وفي قَصَص الأنبياء للراوندي: وكان ذو القَرنَينِ أَوّل المـُلوك بعد نوح (عليه السلام) مَلَك مابين المشرق والمغرب، بحار الأنوار، ج ١٢، ص ١٧٥.

قال الصدوق: والصحيح الذي أَعتقده في ذي القَرنَينِ أنّه لم يُكن نبيّاً، وإنّما كان عبداً صالحاً أَحبّ الله فأحبّه الله ونصح لله فنصحه، قال أمير المؤمنين (عليه السلام): (وفيكم مِثله) - يعني نفسه الشريفة، بحار الأنوار، ج ١٢، ص ١٨١، رقم ٩.

(٣) اُنظر: فتح الباري بشرح البخاري، ج ٦، ص ٢٧١.

٥١٦

أَوّلاً - ليس في الروايات أو الحكايات التي سَردوها لغرض إثبات قِدَم عهد ذي القَرنَينِ بما يُقارن عهد إبراهيم الخليل، ليس فيها ما يُفيد اليقين؛ لضعف الأَسناد واضطراب المـُتون إلى حدّ بعيد.

يقول الدكتور صلاح عبد الفتاح الخالدي - ردّاً على اختيار الأُستاذ مُحمّد خير رمضان يوسف -: (كم كنتُ أتمنّى على الأُستاذ... أنْ يأتي على رأيه بأدلّة علميّة يقينيّة، وهذه لا تكون إلاّ فيما أُخذ من القرآن والحديث الصحيح، أمّا اعتماده على كلام مؤرّخينَ ومفسّرينَ، لا دليل عليه من المصادر المـُعتَمدة، فهذا لا يُقبل في البحث العلمي المنهجي اليقيني.

ولذلك نحن مُضطرّون أنْ نُخالف الأُستاذ مُحمّد خير في ترجيحه عن ذي القَرنَينِ، من أنّه كان يعيش في زمن إبراهيم (عليه السلام) كما أنّنا مضطرّون إلى تَرك كلّ الأقوال المذكورة في كُتب التأريخ والتفسير عن التقاء ذي القَرنَينِ بإبراهيم (عليه السلام) في فلسطين أو الحجاز؛ لكونها غير مذكورة في حديث واحد صحيح، يُمكن للإنسان أنْ يعتمده ويَطمئنّ به، والله أعلم) (١) .

كورش هو ذلك العبد الصالح؟

جاء في وَصْف القرآن لذي القَرنَينِ ما يَنمّ على صلاح وإيمان واعتقاد باللّه العظيم، وأنّه كان على بصيرة من أَمره ومَوضع عنايته تعالى فيما انتهجه من الحياة السياسيّة الاجتماعيّة، وفي سبيل إحياء كلمة اللّه في الأرض، بما آتاه اللّه من القدرة والحِكمة وحُسن التدبير:

( إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَباً... )

( قُلْنَا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْناً... )

____________________

(١) مع قَصَص السابقينَ في القرآن (٢) من كنوز القرآن (٦) - دار القلم - دمشق، ط ٢، ١٤١٦ هـ / ١٩٩٦ م. الدار الشاميّة، بيروت، دار البشير بجدّة، المـَملكة العربيّة السعوديّة.

٥١٧

( قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ... هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي... ) (١)

كان قد مَكّنه اللّه في الأرض وكان قد استخدم سلطانه هذا في سبيل عمارة الأرض وإفشاء السلام فيها، وبذلك وبنعمته تعالى أَصبح عبداً شكوراً!

وهل تَتَصادق صفاتٌ كهذه مع سيرة كورش السياسيّة آنذاك؟

المـُمعِن في سيرة كورش بدقّة يَجده على الوصف الذي جاء في القرآن الكريم:

كان مُؤمناً معتقداً باللّه العظيم وأنْ لا حول ولا قوّة إلاّ به، وأنّه تعالى هو الذي رَعاه وأَلهمه الخير وهَداه إلى سبيل الرشاد، في إصلاح البلاد والعناية بشؤون العباد، الأمر الذي يبدو بوضوح من سيرته الحكيمة مع مختلف شعوب الأرض:

يقول الدكتور خضر: ويَميل كثير من المؤرّخينَ إلى اعتبار أنّ كورش كان مَلِكاً يَتّصف بالعقل والحزم والعزم والرأفة في آن واحد، وأنّه كان يَمضي إلى آخر المـَطاف في أيّ عمل يبدأه، ولا يَترك أيّ عمل دون إتمام. وكان يلجأ إلى العقل أكثر من لجوئه إلى القوّة.

وكان يعامل الشُعوب المـَغلوبة معاملة حَسنة تتّصف بالرأفة والشفقة، بخلاف ما كان عليه الحال عند المـُلوك الآشوريّين والبابليّين، وكان يَعامل المـُلوك المـَهزومينَ مُعاملة طيّبة جدّاً لدرجة أنّهم كانوا يُصبحونَ أصدقاء حميمينَ له، وكانوا يُقدِّمون له العَون إذا تطّلب الأمر.

وكان العدل يُرفرف على جميع الشعوب التي خضعت له من نهر السند حتى بحر إيجه (وهي مَسافة تقرُب من طول الولايات المـُتّحدة الأمريكيّة من الشرق إلى الغرب)... ومن خليج عدن حتى صحراء بحر قزوين، وكان النظام الذي أَرسى الحاكم العظيم كورش دعائمه في هذه الإمبراطوريّة المـُترامية الأطراف عَمَلاً خارقاً يُعدّ من الأعمال الخالدة المجيدة في تأريخ الشرق بل في تأريخ العالَم كلّه...

حقّاً... لقد كان حاكماً رحيماً مُستنيراً يَدعو إلى الخير... وكان يُلقّب بالمـَلِك

____________________

(١) الكهف ١٨: ٨٤ و٨٦ و٩٥ و٩٨.

٥١٨

الأكبر... وظلّ هذا تَقليداً عامّاً لكلّ عاهل فارسي.

ويرى العلاّمة أبو الكلام آزاد: أنّ كورش كان يُطبّق تعاليم الفيلسوف والحكيم المشهور (زرادشت) والتي تدعو إلى الخير وتَعتقد بالحياة الأُخرى وبقاء الروح، كما يرى أبو الكلام آزاد في تعاليم (زرادشت) أنّها مُحور دارت عليه الدعوة إلى طهارة النفس وحُسن العمل، يرى فيها أيضاً تَحريماً لعبادة الأصنام في أيّ شكل من الأشكال.

ومن دلائل تَديُّن الحاكم العظيم كورش ما كَشفه الأُستاذ (هرتزفلد) ( Herzfeld ) مِن بقايا مَعبد قديم، يُعتَقد أنّ كورش هو الذي بَناه في مدينة (باساركاد) ويقوم هذا المـَعبد على مَقربة من قصر المـَلِك، وقبره في تلك المـَنطقة، وهذا المـَعبد يُعبِّر عن مَبلغ أَهميّة هذه الديانة في عهد كورش ومَن بعده، ويراها المـُؤرّخون ديانةً قديمةً كانت ذات أهميّة كبيرة عند أهل فارس القديمة، وأنّها دَعت كلّ إنسان وحثّته على اختيار أحد الطريقَينِ:

إمّا أن يَملأ قلبَه بالخير والنور أو يَنغمس في الشرّ والظُلمة، وعلى كلٍّ فسَيُلاقي جزاءه ويُحاسب على ما آتاه، ويَعتبر المؤرّخون هذه العقيدة أَقدم ديانة ظهرت في آسيا تعتقد بالحِساب بعد البعث.

قال الدكتور خضر: ولعلّنا نجد في قول ذي القَرنَينِ ما يُشير إلى ذلك:

( قَالَ أَمَّا مَنْ ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا نُكْراً ) .

أي هناك إلهاً، سَيرِد إليه كلّ إنسان يوم البعث للحساب، فإن كان ظالماً في حياته فسوف يعذّبه الله عذاباً شديداً.

وقد ذَكَرت كُتب المؤرّخينَ أنّ كورش لم يَعمل السَلب والنهب في القبائل الأَيونيّة (١) التي أَخضعها، ولم يَسمح بالنهب والقتل فيما آل إليه من مُدُن ومَمالك، وكان بذلك على العكس تماماً من المـُلوك الآشوريّينَ... فإنّهم جعلوا المـُدُن التي فتحوها في مستوى الأرض، وكانوا يتبجّحون بأنّهم تركوها خَراباً يباباً، فلم يَعد يُسمع فيها نُباح كلب

____________________

(١) أيونيّة: منطقة وسيعة في غرب آسيا الصُغرى تشمل السُهول الساحليّة لبحر إيجة والبحر الأسود وجُزر منتشرة هناك، كان يسكنها المهاجرون اليونانيّون القُدامى وأَسّسوا هناك مَملكةً وسيعةً مُقتدرة حالفت ليديا ومَلِكها (كرزوس) العاتي على كورش، لكنّ كورش سامَحَهم بعد الاستيلاء عليهم جميعاً.

٥١٩

أو صياح ديك، وقد وَرد نفسُ الشيء عن مُلوك عيلام.

وحين رأى الناس سُلوك كورش، وقارنوا ذلك بما كان سائداً ومُتَّبعاً آنذاك، كانوا يَعتبرونه حاكماً عادلاً مُنصفاً، طيّب القلب يُحبّ الخير للناس (١) .

ويَعتبره المؤرّخونَ أَوّل مَن أَرسى الأُسس الأخلاقيّة في العالَم القديم، وأدخل أُسلوباً جديداً لمعاملة المـَمالك التابعة والشُعوب المـَغلوبة (٢) .

ويَذكر المؤرّخ اليوناني الكبير (هيرودتس) أنّ كورش - بعد إخضاع بابل - توجّه نحو الشمال الغربي لإعادة الأَمن على البلاد، وإخضاع القبائل الوَحْش (ماساجيت - ماجوج) التي كانت تَشنّ إغارتها على البلاد الآمِنة، يقول: وكان قد تَوجّه لذلك الصَوب بدافع إلهي... أَوّلاً: أَصالة نزعته الإلهيّة... وثانياً: ثقته النفسيّة اعتماداً على ما مكّنه الله تعالى من القوّة والسطوة وقدرته الفائقة على إخضاع كلّ الصِعاب (٣) .

ويقول (ول ديورانت): كان كورش من الحُكّام الذين خُلقوا ليكونوا حُكّاماً، والذين يقول فيهم (إمرسن): كان الناس يَبتَهجون عندما يَرَون هؤلاء يُتوَّجون.

فلقد كان مَلِكاً بحقٍّ في رُوحه وأَعماله، قديراً في الأَعمال الإداريّة والفُتوح الخاطِفة المـُحيّرة، كريماً في معاملة المـَغلوبينَ، مَحبوباً لدى أعدائه السابقينَ، فلا عجب والحالة هذه أنْ يتّخذ اليونان منه مَوضوعاً لعدّة روايات بُطوليّة وأنْ يَصفوه بأنّه أكبر أبطال العالم (٤) .

كان وَسيمَاً بهيّ الطَّلعة - وقد اتّخذه الفُرس نَموذجاً للجمال البشري حتى آخر أيّام فُنونهم القديمة - (٥) وأنّه أَسّس الأُسرة الهخامنشيّة أُسرة المـُلوك العِظام التي حَكَمت بلاد الفُرس في أزهى أَيّامها وأَعظمها شُهرةً، وأنّه نَظَّم قوّات ميديا وفارس الحربيّة، فجَعَل منها

____________________

(١) مفاهيم جغرافيّة، ص ٢٥١ - ٢٥٥.

(٢) تأريخ إيران، ص ٧١ - ٧٢.

(٣) (أَنكيزه هاي مُتعددي داشت، يكى اصل و تبار إزدي وي، ديكر بيروزيهاي بي در بي...). تأريخ هيرودت، ص ٩٩.

(٤) قصة الحضارة، ج ٢، ص ٤٠٣.

(٥) يَبدو مِن وصف (ول ديورانت) عن الشعب الفارسي أنّهم كانوا أَجمل شُعوب الشرق الأدنى في الزمن القديم، فالآثار الباقية مِن عهدهم تُصوِّرهم شعباً معتدل القامات قويّ الأجسام، قد وهبتهم طبيعة البلاد شِدّةً وصَلابةً، ولكن ثروتهم الطائلة رقّقت طِباعهم، وهم ذَوو ملامح متناسبة متناسقة، شُمُّ الأُنوف، تبدو على وجناتهم سِمات النُبل والرَوعة - ثُمّ يأتي في وصف ملابسهم الجميلة ذوات وِقار وإكبار... قصّة الحضارة - تأريخ الشرق القديم، ج ٢، ص ٤١٠.

٥٢٠

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578