تفسير الإمام العسكري

تفسير الإمام العسكري0%

تفسير الإمام العسكري مؤلف:
تصنيف: تفسير القرآن
الصفحات: 684

تفسير الإمام العسكري

مؤلف: الإمام أبي محمد الحسن بن علي العسكري عليهم السلام
تصنيف:

الصفحات: 684
المشاهدات: 216653
تحميل: 39681

توضيحات:

تفسير الإمام العسكري
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 684 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 216653 / تحميل: 39681
الحجم الحجم الحجم
تفسير الإمام العسكري

تفسير الإمام العسكري

مؤلف:
العربية

فيقولون: ألف ضعفنا.

وفيهم من المؤمنين من يقول أملاكه: نستزيد مدد ألف ألف ضعفنا(١) وأكثر من ذلك على قدر قوة إيمان صاحبهم، وزيادة إحسانه إلى أخيه المؤمن.

فيمددهم الله تعالى بتلك الاملاك، وكلما لقى هذا المؤمن أخاه فبره، زاده الله في ممالكه وفي خدمه في الجنة كذلك.

ثم قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : [و] إذا تفكرت في الطعام المسموم الذي صبرنا عليه كيف أزال الله عنا غائلته وكثره ووسعه، ذكرت صبر شيعتنا على التقية، وعند ذلك يؤديهم(٢) الله تعالى بذلك الصبر إلى أشرف العاقبة(٣) وأكمل السعادة طالما يغتبطون في تلك الجنان بتلك الطيبات، فيقال لهم: كلوا هنيئا جزاء على تقيتكم لاعدائكم وصبركم عى أذاهم(٤) .

٩٢ - قال على بن الحسينعليهما‌السلام : وذلك قوله عزوجل(وإن كنتم) أيها المشركون واليهود وسائر النواصب [من] المكذبين لمحمد(٥) صلى‌الله‌عليه‌وآله في القرآن [و] في تفضيله أخاه عليا، المبرز(٦) على الفاضلين، الفاضل على المجاهدين، الذي لا نظير له في نصرة المتقين، وقمع الفاسقين، وإهلاك الكافرين، وبث(٧) دين الله في العالمين(ان كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا) في إبطال عبادة الاوثان من دون الله، وفي النهي عن موالاة أعداء الله، ومعاداة أولياء الله، وفي الحث على الانقياد

____________________

(١) " ضعفها " الاصل.وهو تصحيف.

(٢) " يؤتيهم " ب، ط.

(٣) " العافية " أ.

(٤) عنه البحار: ٨ / ١٤٧ ح ٥٧(قطعة)، وج ١٤ / ٢٤٩ ح ٢٧(قطعة)، وج ١٧ / ٣٣٠ ضمن ح ١٥ وج ٧٤ / ٣٧ ح ٦٠، واثبات الهداة: ٢ / ١٥٨ ح ٦٠٥، والبرهان: ١ / ٥١٢ ح ٩(قطعة).

(٥) " بمحمد " أ، والبرهان.

(٦) " الممزز " أ، مززه بكذا: فضله.

(٧) " وبثه " ب. " وتثبيته " التأويل.

(*)

٢٠١

لاخي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، واتخاذه إماما، واعتقاده فاضلا راجحا، لا يقبل الله عزوجل إيمانا ولا طاعة(١) إلا بموالاته.

وتظنون أن محمدا تقوله(٢) من عنده، وينسبه إلى ربه [فان كان كما تظنون](فأتوا بسورة من مثله) مثل(٣) محمد أمي لم يختلف قط إلى أصحاب كتب وعلم ولا تتلمذ لاحد، ولا تعلم منه، وهو من قد عرفتموه في حضره وسفره، لم يفارقكم قط إلى بلد ليس معه منكم جماعة يراعون أحواله، ويعرفون أخباره، ثم جاء‌كم بعد بهذا الكتاب المشتمل على هذه العجائب(٤) فان كان متقولا كما تظنون(٥) فأنتم الفصحاء والبلغاء والشعراء والادباء الذين لا نظير لكم في سائر [البلاد و] الاديان، ومن سائر الامم، فان كان كاذبا فاللغة لغتكم وجنسه جنسكم، وطبعه طبعكم، وسيتفق لجماعتكم أو لبعضكم معارضة كلامه [هذا] بأفضل منه أو مثله.

لان ماكان من قبل البشر، لا عن الله، فلا يجوز إلا أن يكون في البشر من يتمكن من مثله، فاتوا بذلك لتعرفوه - وسائر النظائر(٦) إليكم في أحوالكم - أنه مبطل كاذب [يكذب] على الله تعالى(وادعوا شهداء‌كم من دون الله) الذين يشهدون بزعمكم أنكم محقون، وأن ما تجيئون به نظير لما جاء به محمد، وشهداء‌كم الذين تزعمون(٧) أنهم شهداؤكم عند رب العالمين لعبادتكم لها، وتشفع لكم إليه(إن كنتم صادقين) في قولكم: أن محمداصلى‌الله‌عليه‌وآله تقوله.

ثم قال الله عزوجل:(فان لم تفعلوا) هذا الذى تحديتكم به(ولن تفعلوا)

____________________

(١) " اسلاما " خ ل.

(٢) " يقوله " ب، س، ط.

(٣) " أى من مثل " ب، ص، ط.

(٤) " الخطاب " ط.

(٥) " تزعمون " أ، س، ص والبرهان." تزعمونه " البحار.

(٦) " النظار " ب، ص، ط، والبحار. والنظائر: المثل والشبه في الاشكال.

(٧) " يزعمون " البحار: ٩٢.

(*)

٢٠٢

[أي] ولا يكون ذلك منكم، ولا تقدرون عليه، فاعلموا أنكم مبطلون، وأن محمدا الصادق الامين المخصوص برسالة رب العالمين، المؤيد بالروح الامين، وبأخيه أمير المؤمنين وسيد الوصيين، فصدقوه فيما يخبركم به عن الله من أوامره ونواهيه وفيما يذكره من فضل [علي] وصيه وأخيه.

(فاتقوا) بذلك عذاب(النار التي وقودها - حطبها - الناس والحجارة) حجارة الكبريت أشد الاشياء حرا(أعدت) تلك النار(للكافرين) بمحمد والشاكين في نبوته، والدافعين لحق أخيه علي، والجاحدين لامامته.

ثم قال تعالى:(وبشر الذين آمنوا) بالله وصدقوك في نبوتك، فاتخذوك نبيا(١) وصدقوك في أقوالك، وصوبوك في أفعالك، واتخذوا أخاك عليا بعدك إماما ولك وصيا مرضيا، وانقادوا لما يأمرهم به وصاروا إلى ما أصارهم إليه، ورأوا له ما يرون لك إلا النبوة التي افردت بها.

وأن الجنان لا تصير لهم إلا بموالاته وموالاة من ينص لهم عليه من ذريته وموالاة سائر أهل ولايته، ومعاداة أهل مخالفته وعداوته.

وأن النيران لا تهدأ عنهم، ولا تعدل بهم عن عذابها إلا بتنكبهم(٢) عن موالاة مخالفيهم، ومؤازرة شانئيهم.

(وعملوا الصالحات) من أداء الفرائض واجتناب المحارم، ولم يكونوا كهؤلاء الكافرين بك، بشرهم(أن لهم جنات) بساتين(تجري من تحتها الانهار) من تحت أشجارها(٣) ومساكنها(كلما رزقوا منها) من تلك الجنان(من ثمرة) من ثمارها(رزقا) وطعاما يؤتون به(قالوا هذا الذي رزقنا من قبل) في الدنيا

____________________

(١) " أماما " أ، البحار: ٦٨، والبرهان.

(٢) تنكب عنه: تجنبه واعتزله .ط

(٣) " شجرها " أ، والبحار: ٨.

(*)

٢٠٣

فأسماؤه كأسماء ما في الدنيا من تفاح وسفرجل ورمان [و] كذا وكذا.

وإن كان ماهناك مخالفا لما في الدنيا فانه في غاية الطيب، وإنه لا يستحيل إلى ما تستحيل إليه ثمار الدنيا من عذرة وسائر المكروهات من صفراء وسوداء ودم [وبلغم] بل لا يتولد من مأكولهم إلا العرق الذي يجري من أعراضهم أطيب من رائحة المسك. (وأتوا به) بذلك الرزق من الثمار من تلك البساتين(متشابها) يشبه بعضه بعضا بأنها كلها خيار لا رذل(١) فيها [و] بأن كل صنف منها في غاية الطيب واللذة ليس كثمار الدنيا [التي] بعضها ني، وبعضها متجاوز لحد النضج والادراك إلى حد الفساد من حموضة ومرارة وسائر ضروب المكاره، ومتشابها أيضا متفقات الالوان مختلفات الطعوم. (ولهم فيها) في تلك الجنان(أزواج مطهرة) من أنواع الاقذار والمكاره مطهرات من الحيض والنفاس، لا ولاجات ولا(خراجات ولا دخالات ولاختالات ولا متغايرات)(٢) ولا لازواجهن فركات(٣) ولا صخابات(٤) ولا عيابات(٥) ولا فحاشات(٦) ومن كل العيوب والمكاره بريات.

(وهم فيها خالدون) مقيمون في تلك البساتين والجنات(٧)

____________________

(١) الرذل: الردئ من كل شئ.

(٢) " جراحات ولا دخالات ولا حيالات ولا متغيرات " أ. خراج ولاج: كثير الخروج والولوج.كثير الظرف والاحتيال.

والمخافلة: المخادعة.

(٣) الفرك - بالضم -: خاصة ببغض الزوجين.

(٤) كذا في خ ل، وفى " أ " ضخامات، وفى " ب، س، ط " متخابات، والصخاب: الشديد الصياح.

(٥) " عتابات " ب، س، ط.

(٦) الفحش: القبيح من القول والفعل.

(٧) عنه تأويل الايات: ١ / ٤٢ - ٤٤ ح ١٥، ١٧، وقطع في البحار: ٨ / ٢٩٩ ح ٥٣، و ج ١٧ / ٢١٦ ضمن ح ٢٠ وج ٦٧ / ١٨، وج ٦٨ / ٣٤ ح ٧١، وج ٩٢ / ٣٠ ضمن ح ٣٣ والبرهان ١ / ٦٨ ضمن ح ٢.

(*)

٢٠٤

ما يدل على مؤاخذة الشيعة بمظالم العباد المؤمنين

٩٣ - [قال:] وقال على بن أبي طالبعليه‌السلام : يا معشر شيعتنا اتقوا الله واحذروا أن تكونوا لتلك النار حطبا، وإن لم تكونوا بالله كافرين، فتوقوها بتوقي ظلم إخوانكم المؤمنين، فانه ليس من مؤمن ظلم أخاه المؤمن المشارك له في موالاتنا إلا ثقل الله في تلك النار سلاسله وأغلاله، ولم يفكه(١) منها إلا شفاعتنا، ولن نشفع إلى الله تعالى إلا بعد أن نشفع له إلى أخيه المؤمن، فان عفا عنه شفعنا [له] وإلا طال في النار مكثه(٢)

٩٤ - وقال على بن الحسينعليها‌السلام : معاشر شيعتنا أما الجنة فلن تفوتكم سريعا كان أو بطيئا، ولكن تنافسوا في الدرجات، واعلموا أن أرفعكم درجات، وأحسنكم قصورا ودورا وأبنية فيها: أحسنكم إيجابا لاخوانه المؤمنين، وأكثركم مواساة لفقرائهم(٣) .

إن الله عزوجل ليقرب الواحد منكم إلى الجنة بكلمة طيبة(٤) يكلم بها أخاه المؤمن الفقير بأكثر من مسيرة مائة ألف سنة تقدمه(٥) وإن كان من المعذبين بالنار، فلا تحتقروا(٦) الاحسان إلى إخوانكم، فسوف ينفعكم [الله تعالى](٧) حيث لا يقوم مقام ذلك شئ غيره(٨) قوله عزوجل: " إن الله لا يستحى أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها فأما الذين امنوا فيعلمون أنه الحق من ربهم وأما الذين كفروا فيقولون ماذا أراد

____________________

(١) " يكفه " ب، ط، والبحار.كفه عن الامر: صرفة ومنعه. ويفكه: يخلصه.

(٢) عنه البحار: ٧٥ / ٣١٥ ح ٣٩، والبرهان: ١ / ٦٩ ضمن ح ٢.

(٣) " لفقرائكم " ب، ط.

(٤) " بالكلمة الطيبة " أ.

(٥) " يقدمه " ب، ط." بقدمه " البحار." بقدومه " البرهان.

(٦) " تحقروا " ب، س، ط.

(٧) من البحار.

(٨) عنه البحار: ٧٤ / ٣٠٨ ح ٦١، والبرهان: ١ / ٦٩ ضمن ح ٢.

(*)

٢٠٥

الله بهذا مثلا يضل به كثيرا ويهدى به كثيرا وما يضل به الا الفاسقين الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الارض أولئك هم الخاسرون " ٢٦ و ٢٧

٩٥ - [قال الامام]عليه‌السلام : قال الباقرعليه‌السلام : فلما قال الله تعالى:(يا أيها الناس ضرب مثله)(١) وذكر الذباب في قوله:(إن الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذبابا) الآية(٢) ولما قال(مثل الذين اتخذوا من دون الله أولياء كمثل العنكبوت اتخذت بيتا وإن أوهن البيوت لبيت العنكبوت لو كانوا يعلمون)(٣) .

وضرب المثل في هذه السورة بالذي استوقد نارا، وبالصيب من السماء.

قالت الكفار والنواصب: وما هذا من الامثال فيضرب؟ ! يريدون به الطعن على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

فقال الله: يا محمد(إن الله لا يستحي) لا يترك حياء(أن يضرب مثلا) للحق ويوضحه به عند عباده المؤمنين(ما بعوضة)(٤) [أي] ما هو بعوضة المثل(فما فوقها) فوق البعوضة وهو الذباب، يضرب(٥) به المثل إذا علم أن فيه صلاح عباده ونفعهم.

____________________

(١) و (٢) الحج: ٧٣.

(٣) العنكبوت: ٤١.

(٤) قال المجلسى ره: لعله كان في قراء‌تهمعليهم‌السلام " بعوضة " بالرفع، كما قرئ به في الشواذ: قال البيضاوى بعد أن وجه قراء‌ة النصب يكون كلمة " ما " مزيدة للتنكير والابهام أو للتأكيد: وقرئت بالرفع على أنه خبر مبتدأ [محذوف] وعلى هذا يحتمل " ما " وجوها أخر: أن تكون موصولة حذف صدر صلتها، أو موصوفة بصفة كذلك ومحلها النصب بالبدلية على الوجهين، واستفهامية هى المبتدأ(راجع: أنوار التنزيل: ١ / ١٢٣ - ١٢٥ والبحار: ٢٤ / ٣٩٢ - ٣٩٣ وج ٩ / ١٧(٨).

(٥) " فضرب " أ.

(*)

٢٠٦

" فأما الذين آمنوا " بالله وبولاية محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله وعلي وآلهما الطيبين، وسلم(١) لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وللائمةعليهم‌السلام أحكامهم وأخبارهم وأحوالهم [و] لم يقابلهم في أمورهم، ولم يتعاط الدخول في أسرارهم، ولم يفش شيئا مما يقف عليه منها إلا باذنهم(فيعلمون) يعلم هؤلاء المؤمنون الذين هذه صفتهم(أنه) المثل المضروب(الحق من ربهم) أراد به الحق وإبانته، والكشف عنه وإيضاحه.

" وأما الذين كفروا " بمحمدصلى‌الله‌عليه‌وآله بمعارضتهم [له](٢) في علي بلم؟ وكيف؟ وتركهم الانقياد له في سائر ما أمر به(فيقولون ماذا أراد الله بهذا مثلا يضل به كثيرا ويهدي به كثيرا) يقول الذين كفروا: إن الله يضل بهذا المثل كثيرا ويهدي به كثيرا [أي] فلا معنى للمثل، لانه وإن نفع به من يهديه(٣) فهو يضر به من يضل‍ [- ه] به.

فرد الله تعالى عليهم قيلهم، فقال(وما يضل به) يعني ما يضل الله بالمثل(إلا الفاسقين) الجانين(٤) على أنفسهم بترك تأمله، وبوضعه(٥) على خلاف ماأمر الله بوضعه عليه(٦)

حديث صلة الرحم، وأن صلة رحم آل محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله أوجب

٩٦ - ثم وصف هؤلاء الفاسقين الخارجين عن دين الله وطاعته منهم، فقال عزوجل:(الذين ينقضون عهد الله) المأخوذ عليهم الله بالربوبية، ولمحمدصلى‌الله‌عليه‌وآله بالنبوة، ولعلي بالامامة، ولشيعتهما بالمحبة(٧) والكرامة(من بعد ميثاقه) إحكامه(٨) وتغليظه.

____________________

(١) كذا في الاصل والبحار، بلفظ المفرد - وكذا ما بعدها - والمراد الفرد من المؤمنين.

(٢) من البحار: ٩٢.

(٣) " يهدى به " أ.

(٤) " الخائبين " أ.

(٥) " يوضعه " أ." بوصفه " ب، ط.وكلاهما تصحيف ما في المتن.

(٦) عنه البحار: ٩ / ١٧٧ ح ٥، وج ٢٤ / ٣٨٨ صدر ح ١١٢، والبرهان: ١ / ٧٠ صدر ح ٢.

(٧) " بالجنة " أ، ب، ص، ط.

(٨) " واحكامه " ب، ط، والبرهان.

(*)

٢٠٧

(ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل) من الارحام والقرابات أن يتعاهدوهم ويقضوا حقوقهم.

وأفضل رحم، وأوجبه حقا رحم محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله فان حقهم بمحمد(١) صلى‌الله‌عليه‌وآله كما أن حق قرابات الانسان بأبيه وأمه، ومحمدصلى‌الله‌عليه‌وآله أعظم حقا من أبويه، وكذلك حق رحمه أعظم، وقطيعته [أقطع] وأفضع وأفضح.

(ويفسدون في الارض) بالبراء‌ة ممن فرض الله إمامته، واعتقاد إمامة من قد فرض الله مخالفته(أولئك) أهل هذه الصفة(هم الخاسرون) خسروا أنفسهم لما صاروا إلى النيران، وحرموا الجنان، فيالها من خسارة ألزمتهم عذاب الابد، وحرمتهم نعيم الابد.

[قال:] وقال الباقرعليه‌السلام : ألا ومن سلم لنا مالا يدريه، ثقة بأنا محقون عالمون لا نقف به إلا على أوضح المحجات، سلم الله تعالى إليه من قصور الجنة أيضا مالا [يعلم قدرها هو، ولا] يقادر(٢) قدرها إلا خالقها وواهبها.

[الاو] من ترك المراء والجدال واقتصر على التسليم لنا، وترك الاذى، حبسه الله على الصراط، فجاء‌ته(٣) الملائكة تجادله على أعماله، وتواقفه(٤) على ذنوبه، فاذا النداء من قبل الله عزوجل: يا ملائكتي عبدي هذا لم يجادل، وسلم الامر لائمته، فلا تجادلوه، وسلموه في جناني إلى أئمته يكون متبجحا(٥) فيها، بقربهم كما كان مسلما في الدنيا لهم.

____________________

(١) " لمحمد " أ.

(٢) " يقدر " أ.قادره: قايسه وفعل مثل فعله.

(٣) " فاذا حبسه الله على الصراط جاء‌ته " أ، س، والبرهان.

(٤) واقفه مواقفة: وقف معه في حرب أو خصومة.

(٥) " منيخا " أ، والبحار.

بجح: فخر.وأناخ فلان بالمكان: أقام به.

(*)

٢٠٨

واما من عارضنا(١) بلم؟ وكيف؟ ونقض الجملة بالتفصيل، قالت له الملائكة على الصراط: واقفنا يا عبدالله، وجادلنا على أعمالك كما جادلت [أنت] في الدنيا الحاكين(٢) لك [عن] أئمتك.

فيأتيهم النداء: صدقتم، بما عامل فعاملوه، ألا فواقفوه.

فيواقف ويطول حسابه ويشتد في ذلك الحساب عذابه، فما أعظم هناك ندامته، وأشد حسراته، لا ينجيه هناك إلا رحمة الله - إن لم يكن فارق في الدنيا جملة دينه - وإلا فهو في النار أبدا الآباد(٣) .

[و] قال الباقرعليه‌السلام : ويقال للموفي بعهوده - في الدنيا في نذوره وإيمانه ومواعيده -: يا أيتها الملائكة وفى هذا العبد في الدنيا بعهوده، فأوفوا له ههنا بما وعدناه، وسامحوه، ولا تناقشوه.

فحينئذ تصيره الملائكة إلى الجنان.

وأما من قطع رحمه، فان كان وصل رحم محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله و [قد] قطع رحم نفسه شفع أرحام محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله [له] إلى رحمه، وقالوا [له]: لك من حسناتنا وطاعاتنا ما شئت، فاعف عنه.

فيعطونه منها ما يشاء، فيعفو عنه، ويعطي الله المعطين ما ينفعهم(٤) ولا ينقصهم.

وان [كان] وصل أرحام نفسه، وقطع أرحام محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله بأن جحد حقوقهم ودفعهم عن واجبهم، وسمى غيرهم بأسمائهم، ولقب غيرهم بألقابهم، ونبز(٥) بالالقاب القبيحة مخالفيه من أهل ولايتهم.

قيل له: يا عبدالله اكتسبت عداوة آل محمد الطهر(٦) أئمتك، لصداقة هؤلاء

____________________

(١) " عارض " ب، س، ط، والبحار.وفى " أ ": بكم بدل " بلم ".

(٢) " الحاكمين " أ، ص والبحار.

(٣) " الابد " أ." الابدين " البحار، والبرهان.والمعنى واحد.

(٤) " ويعوض الله المعطين " ب، س، ط، والبحار.

(٥) " نبذ " ص.

النبز - بالتحريك: - اللقب، وكأنه يكثر فيما كان ذما.

(النهاية: ٥ / (٨).ونبذ الشى: طرحه ورمى به.

(٦) " الطهراء " ب، س، ط، والبحار.

(*)

٢٠٩

فاستعن بهم الآن ليعينوك، فلا يجد معينا ولا مغينا، ويصير إلى العذاب الاليم المهين.

قال الباقرعليه‌السلام : ومن سمانا بأسمائنا ولقبنا بألقابنا ولم يسم أضدادنا بأسمائنا ولم يلقبهم بألقابنا إلا عند الضرورة التي عند مثلها نسمي نحن، ونلقب أعداء‌نا بأسمائنا وألقابنا، فان الله عزوجل يقول لنا يوم القيامة: اقترحوا لاوليائكم هؤلاء ما تعينونهم(١) به.

فنقترح لهم على الله عزوجل ما يكون قدر الدنيا كلها فيه كقدر خردلة في السماوات والارض، فيعطيهم الله تعالى إياه، ويضاعفه لهم [أضعافا] مضاعفات.

فقيل للباقرعليه‌السلام : فان بعض من ينتحل موالاتكم يزعم أن البعوضة عليعليه‌السلام وأن ما فوقها - وهو الذباب - محمد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

فقال الباقرعليه‌السلام : سمع هؤلاء شيئا [و] لم يضعوه على وجهه.

إنما كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قاعدا ذات يوم هو وعليعليه‌السلام إذ سمع قائلا يقول: ماشاء الله وشاء محمد، وسمع آخر يقول: ما شاء الله، وشاء علي.

فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : لا تقرنوا محمدا و [لا] عليا بالله عزوجل ولكن قولوا: ماشاء الله ثم [شاء محمد ماشاء الله ثم](٢) شاء علي.

إن مشية الله هي القاهرة التي لا تساوى، ولا تكافأ ولا تدانى.

وما محمد رسول الله في [دين](٣) الله وفي قدرته إلا كذبابة تطير في هذه الممالك الواسعة.

وما علىعليه‌السلام في [دين] الله وفي قدرته إلا كبعوضة في جملة هذه الممالك.

مع أن فضل الله تعالى على محمد وعلي هو الفضل الذي لا يفي(٤) به فضله على

____________________

(١) " تغنونهم " البحار.

(٢) " ماشاء محمد ثم ما شاء على ثم ماشاء محمد ماشاء الله ثم ما " البحار.شاء محمد ثم " البرهان.

(٣) أى الملك والحكم.

(٤) أى يقصر عنه ولا يوازيه.

" مايفئ " أ، ب، ط.

(*)

٢١٠

جميع خلقه من أول الدهر إلى آخره.

هذا ما قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في ذكر الذباب والبعوضة في هذا المكان فلا يدخل في قوله:(إن الله لا يستحي أن يضرب مثلا مابعوضة)(١) قوله عزوجل: " كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتا فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم ثم اليه ترجعون " ٢٨

٩٧ - قال الامامعليه‌السلام : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لكفار قريش واليهود:(كيف تكفرون بالله) الذي دلكم على طرق الهدى، وجنبكم إن أطعتموه سبل(٢) الردى.(وكنتم أمواتا) في أصلاب آبائكم وأرحام أمهاتكم.

(فأحياكم) أخرجكم أحياء(ثم يميتكم) في هذه الدنيا ويقبركم.(ثم يحييكم) في القبور، وينعم فيها المؤمنين بنبوة محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله وولاية عليعليه‌السلام ، ويعذب فيها الكافرين بهما.

(ثم إليه ترجعون) في الآخرة بأن تموتوا في القبور بعد، ثم تحيوا(٣) للبعث يوم القيامة، ترجعون إلى ما وعدكم من الثواب على الطاعات إن كنتم فاعليها، ومن العقاب على المعاصي إن كنتم مقارفيها(٤)

حديث نعيم القبر وعذابه، ورؤية المحتضر للائمةعليهم‌السلام

٩٨ - فقيل له: يا ابن رسول الله(٥) ففي القبر نعيم، وعذاب؟

____________________

(١) عنه البحار: ٢٤ / ٣٨٩ ضمن ح ١١٢، والبرهان: ١ / ٧١ ضمن ح ٢، ومستدرك الوسائل: ٣ / ٦٠ ح ٤(قطعة).

(٢) " سبيل " أ، ط.

(٣) " تجيئوا " ب، ط.

(٤) عنه البحار: ٦ / ٢٣٦ صدر ح ٥٤، والبرهان: ١ / ٧٢ ح ١.

(٥) " يا رسول الله " ب، ط.

(*)

٢١١

قال: إي، والذي بعث محمداصلى‌الله‌عليه‌وآله بالحق نبيا، وجعله زكيا هاديا، مهديا.

وجعل أخاه عليا بالعهد وفيا، وبالحق مليا ولدى الله مرضيا، وإلى الجهاد سابقا، ولله في أحواله موافقا، وللمكارم حائزا، وبنصر الله على أعدائه فائزا، وللعلوم حاويا، ولاولياء الله(١) مواليا، ولاعدائه مناويا(٢) وبالخيرات ناهضا، وللقبائح رافضا وللشيطان مخزيا، وللفسقة المردة مقصيا(٣) ولمحمدصلى‌الله‌عليه‌وآله نفسا، وبين يديه لدى المكاره ترسا وجنة.

آمنت به أنا، وأبي(٤) علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، عبد رب الارباب، المفضل على أولي الالباب الحاوي لعلوم الكتاب، زين من يوافي يوم القيامة في عرصات الحساب بعد محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله صفي الكريم العزيز الوهاب إن في القبر نعيما يوفر الله به حظوظ أوليائه وإن في القبر عذابا يشدد الله به على أعدائه.

ان المؤمن الموالي لمحمد وآله الطيبين، المتخد لعلي بعد محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله إمامه الذي يحتذي مثاله، وسيده الذي يصدق أقواله، ويصوب أفعاله، ويطيعه بطاعة من يندبه من أطائب ذريته لامور الدين وسياسته، إذا حضره من [أمر] الله تعالى مالا يرد، ونزل به من قضائه مالا يصد، وحضره ملك الموت وأعوانه، وجد عند رأسه محمداصلى‌الله‌عليه‌وآله رسول الله [سيد النبيين] من جانب، ومن جانب آخر علياعليه‌السلام سيد الوصيين، وعند رجليه من جانب الحسنعليه‌السلام سبط سيد النبيين، ومن جانب آخر الحسينعليه‌السلام سيد الشهداء أجمعين، وحواليه بعدهم خيار خواصهم ومحبيهم الذين هم سادة هذه الامة بعد ساداتهم من آل محمد فينظر إليهم

____________________

(١) " لاوليائه " ب، ط.

(٢) " معاديا " أ.

(٣) " مغضبا " أ.

(٤) " أخى " ب، س، ص، ط.باعتبار أن المتكلم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله كما أشرنا في صدر الحديث.

وهو تصحيف ظاهرا.

(*)

٢١٢

العليل المؤمن، فيخاطبهم بحيث يحجب الله صوته عن آذان حاضريه كما يحجب رؤيتنا أهل البيت ورؤية خواصنا عن عيونهم، ليكون إيمانهم بذلك أعظم ثوابا لشدة المحنة عليهم فيه.

فيقول المؤمن: بأبي أنت وأمي يا رسول رب العزة، بأبي أنت وأمي يا وصي رسول [رب] الرحمة، بأبي أنتما وأمي يا شبلي محمد وضرغاميه، و [يا] ولديه وسبطيه، و [يا] سيدي شباب أهل الجنة المقربين من الرحمة والرضوان.

مرحبا بكم [يا] معاشر خيار أصحاب محمد وعلي وولديهما(١) ماكان أعظم شوقي إليكم ! وما أشد سروري الآن بلقائكم ! يا رسول الله هذا ملك الموت قد حضرني، ولا أشك في جلالتي في صدره(٢) لمكانك ومكان أخيك مني.

فيقول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : كذلك هو.

ثم يقبل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله على ملك الموت فيقول: يا ملك الموت استوص بوصية الله في الاحسان إلى مولانا وخادمنا ومحبنا ومؤثرنا.

فيقول [له] ملك الموت: يا رسول الله مره أن ينظر إلى ماقد أعد [الله](٣) له في الجنان.

فيقول له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : أنظر إلى العلو.

فينظر(٤) إلى مالا تحيط به الالباب ولا يأتي عليه العدد والحساب.

فيقول ملك الموت: كيف لا أرفق بمن ذلك ثوابه، وهذا محمد وعترته(٥) زواره؟ يا رسول الله لو لا أن الله جعل الموت عقبة لا يصل إلى تلك الجنان إلا من

____________________

(١) " ولديه " أ، والتأويل.

(٢) " صدرى " أ.وهو تصحيف.

(٣) من البحار.

(٤) " وينظر إلى العلو " أ، س، وفى " ب، ص، ط " بلفظ: انظر.فينظر إلى العلو، وينظر.

(٥) " أعزته " ب، س، ص، ط.

(*)

٢١٣

قطعها، لما تناولت روحه، ولكن لخادمك ومحبك هذا أسوة بك وبسائر أنبياء الله ورسله وأوليائه الذين أذيقوا الموت بحكم الله تعالى.

ثم يقول محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله : يا ملك الموت هاك أخانا قد سلمناه إليك فاستوص به خيرا.

ثم يرتفع هو ومن معه إلى ربض(١) الجنان، وقد كشف عن الغطاء والحجاب لعين ذلك المؤمن العليل، فيراهم المؤمن هناك بعد ماكانوا حول فراشه.

فيقول: يا ملك الموت الوحا، الوحا(٢) تناول روحي ولا تلبثني ههنا، فلا صبر لي عن محمد وعترته(٣) وألحقني بهم.

فعند ذلك يتناول ملك الموت روحه فيسلها، كما يسل الشعرة من الدقيق، وإن كنتم ترون أنه في شدة فليس في شدة، بل هو في رخاء ولذة.

فاذا أدخل قبره وجد جماعتنا هناك، فاذا جاء منكر ونكير قال أحدهما للاخر: هذا محمد، و [هذا] علي والحسن والحسين وخيار صحابتهم بحضرة صاحبنا فلنتضع(٤) لهم.

فيأتيان ويسلمان على محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله سلاما [تاما] منفردا، ثم يسلمان على علي سلاما تاما منفردا، ثم يسلمان على الحسن والحسين سلاما يجمعانهما فيه، ثم يسلمان على سائر من معنا من أصحابنا.

ثم يقولان: قد علمنا يا رسول الله زيارتك في خاصتك لخادمك ومولاك، ولو لا أن الله يريد إظهار فضله لمن بهذه الحضرة من أملاكه - ومن يسمعنا من ملائكته بعدهم - لما سألناه، ولكن أمر الله لابد من امتثاله.

ثم يسألانه فيقولان: من ربك؟ وما دينك؟ ومن نبيك؟ ومن إمامك؟ وما قبلتك(٥) ؟

____________________

(١) " رياض " خ ل.الربض - بالضم: - وسط الشئ.

وبالتحريك: نواحيه.

(٢) بالمد والقصر: السرعة، السرعة،

(٣) " أعزته " أ، س، ص، والبحار: ٦.

(٤) أى فلنتذلل ولنتخشع.

(٥) زاد في البحار: ومن شيعتك.

(*)

٢١٤

ومن إخوانك؟ فيقول: الله ربي، ومحمد نبيي؟؟، وعلي وصي محمد(١) إمامي، والكعبة قبلتي والمؤمنون الموالون لمحمد وعلي [وآلهما](٢) وأوليائهما، والمعادون لاعدائهما إخواني.

[و] أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وأن أخاه عليا ولي الله، وأن من نصبهم للامامة من أطائب عترته وخيار ذريته خلفاء الامة(٣) وولاة الحق، والقوامون بالعدل(٤) .

فيقول: على هذا حييت، وعلى هذا مت، وعلى هذا تبعث إن شاء الله تعالى، وتكون مع من تتولاه في دار كرامة الله ومستقر رحمته.

قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : وإن كان لاوليائنا معاديا، ولاعدائنا مواليا، ولاضدادنا بألقابنا ملقبا، فاذا جاء‌ه ملك الموت لنزع روحه.

مثل الله عزوجل لذلك الفاجر سادته الذين اتخذهم أربابا من دون الله، عليهم من أنواع العذاب مايكاد نظره إليهم يهلكه، ولا يزال يصل(٥) إليه من حر عذابهم مالا طاقة له به.

فيقول له ملك الموت: [يا] أيها الفاجر الكافر تركت أولياء الله إلى(٦) أعدائه فاليوم لا يغنون عنك شيئا، ولا تجد إلى مناص سبيلا.

فيرد(٧) عليه من العذاب ما لو قسم أدناه على أهل الدنيا لاهلكهم.

ثم إذا أدلي في قبره رأى بابا من الجنة مفتوحا إلى قبره يرى منه خيراتها، فيقول

____________________

(١) " وصيه " أ.

(٢) من البحار.

(٣) " الائمة " أ، ص.

(٤) " بالصدق " أ، ص." بالقسط " خ ل.

(٥) " يوصل الله " أ.

(٦) " وجئت إلى " أ.

(٧) " فيزاد " أ.

(*)

٢١٥

[له] منكر ونكير: انظر إلى ما حرمته من [تلك] الخيرات.

ثم يفتح له في قبره باب من النار يدخل عليه منه(١) [من] عذابها.

فيقول: يا رب لاتقم الساعة [يارب] لا تقم الساعة(٢) قوله عزوجل: " هو الذى خلق لكم ما في الارض جميعا ثم استوى إلى السماء فسويهن سبع سموات وهو بكل شئ عليم ": ٢٩.

٩٩ - [قال الامامعليه‌السلام :] قال أمير المؤمنينعليه‌السلام :(هو الذي خلق لكم مافي الارض جميعا) خلق لكم [مافي الارض جميعا](٣) لتعتبروا به وتتوصلوا به إلى رضوانه، وتتوقوا [به] من عذاب نيرانه.

" ثم استوى إلى السماء " أخذ في خلقها وإتقانها(فسويهن سبع سموات وهو بكل شئ عليم) ولعلمه بكل شئ علم المصالح(٤) فخلق لكم [كل] ما في الارض لمصالحكم يا بني آدم(٥) قوله عزوجل: " واذ قال ربك للملائكة انى جاعل في الارض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال انى اعلم مالا تعلمون وعلم آدم الاسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء ان كنتم صادقين.

قالوا سبحانك لا علم لنا الا ما علمتنا انك أنت العليم الحكيم.

قال يا ادم أنبئهم بأسمائهم فلما أنبأهم

____________________

(١) " من ذلك الباب " أ.

(٢) عنه المحتضر: ٢٠، وتأويل الايات: ٢ / ٦٤٤ ح ١٠، والبحار: ٦ / ١٧٣ ح ١، وص ٢٣٦ / ٥٤(قطعة)، ومدينة المعاجز: ١٨٦ ح ٥١٢.

(٣) من البحار.

(٤) " الصالح " ص.

(٥) عنه البحار: ٣ / ٤٠ ح ١٤، وعن عيون الاخبار.

٢ / ١٢ ح ٢٩ باسناده عن ابن القاسم المفسر، عن يوسف بن محمد.

وأخرجه في البرهان: ١ / ٧٢ ح ١ عن العيون.

(*)

٢١٦

بأسمائهم قال ألم أقل لكم انى أعلم غيب السموات والارض وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون " ٣١ - ٣٣

١٠٠ - قال الامامعليه‌السلام : لما قيل لهم(هو الذي خلق لكم ما في الرأض جميعا) الآية، قالوا: متى كان هذا؟ فقال الله عزوجل(١) - حين قال ربك للملائكة الذين كانوا في الارض مع إبليس وقد طردوا عنها الجن بني الجان، وخفت(٢) العبادة: -(إني جاعل في الارض خليفة) بدلا منكم ورافعكم منها فاشتد ذلك عليهم لان العبادة عند رجوعهم إلى السماء تكون أثقل عليهم.

(فقالوا) ربنا(أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء) كما فعلته الجن بنو الجان الذين قد طردناهم عن هذه الارض(ونحن نسبح بحمدك) ننزهك عما لا يليق بك من الصفات(ونقدس لك) نطهر أرضك ممن يعصيك.

قال الله تعالى:(إني أعلم مالا تعلمون) إني أعلم من الصلاح الكائن فيمن أجعله بدلا منكم مالا تعلمون.

وأعلم أيضا أن فيكم من هو كافر في باطنه [ما] لا تعلمون‍ [ه] - وهو إبليس لعنه الله -.

____________________

(١) " قال الله عزوجل " واذ قال ربك " ابدائى هذا الخلق لكم ما في الارض جميعا " ب، س، ص، ط.

قال البيضاوى في تفسيره: ١ / ١٣٤ عند تفسيره هذه الاية: وأما قوله تعالى " واذكر أخا عاد.

" ونحوه فعلى تأويل: اذكر الحادث اذ كان كذا، فحذف الحادث واقيم الظرف مقامه، وعامله في الاية قالوا، أو اذكر على التأويل المذكور لانه جاء معمولا له صريحا في القرآن كثيرا أو مضمرا دلعليه مضمون الاية المتقدمة مثل " وبدا خلقكم اذا قال " وعلى هذا فالجملة معطوفة على " خلق لكم " داخلة في حكم الصلة.

(٢) " حقت " أ.

(*)

٢١٧

ثم قال:(وعلم آدم الاسماء كلها) أسماء أنبياء الله، وأسماء محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله وعلي وفاطمة والحسن والحسين، والطيبين من آلهما وأسماء خيار شيعتهم وعتاة أعدائهم(ثم عرضهم - عرض محمدا وعليا والائمة - على الملائكة) أي عرض أشباحهم وهم أنوار في الاظلة.

(فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين) أن جميعكم تسبحون وتقدسون وأن ترككم ههنا أصلح من إيراد من بعدكم(١) أي فكما لم تعرفوا غيب من [في] خلالكم فالحري(٢) أن لا تعرفوا الغيب الذي لم يكن، كما لا تعرفون أسماء أشخاص ترونها.

قالت الملائكة:(سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم) [العليم] بكل شئ، الحكيم المصيب في كل فعل.

قال الله عزوجل:(يا آدم) أنبئ هؤلاء الملائكة بأسمائهم: أسماء الانبياء والائمة فلما أنبأهم فعرفوها أخذ عليهم(٣) العهد، والميثاق بالايمان بهم، والتفضيل لهم.

قال الله تعالى عند ذلك:(ألم أقل لكم إني أعلم غيب السماوات والارض - سرهما - وأعلم ما تبدون وماكنتم تكتمون) [و] ماكان يعتقده إبليس من الاباء على آدم إن أمر بطاعته، وإهلاكه إن سلط(٤) عليه.

ومن أعتقادكم أنه لا أحد يأتي بعدكم إلا وأنتم أفضل منه.

بل محمد وآله الطيبون أفضل منكم، الذين أنباكم آدم بأسمائهم(٥) قوله عزوجل: " واذ قلنا للملائكة اسجدوا لادم فسجدوا الا ابليس أبى

____________________

(١) " أبرار من بعدكم " ب، ط.وفى " ص " ايرادهم بدل " ايراد ".

(٢) أى فالاجدر (٣) " لهم " ب، ص، ط.

(٤) " تسلط " أ.

(٥) عنه البرهان: ١ / ٧٣ ح ١.

(*)

٢١٨

واستكبر وكان من الكافرين: " ٣٤

١٠١ - قال الامامعليه‌السلام : قال الله عزوجل: كان خلق الله لكم ما في الارض جميعا(إذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم) أي في ذلك الوقت خلق لكم.

قالعليه‌السلام : ولما امتحن الحسينعليه‌السلام ومن معه بالعسكر الذين قتلوه، وحملوا رأسه قال لعسكره: أنتم من بيعتي في حل، فالحقوا بعشائركم ومواليكم.

وقال لاهل بيته: قد جعلتكم في حل من مفارقتي، فانكم لا تطيقونهم لتضاعف أعدادهم وقواهم، وما المقصود غيري، فدعوني والقوم، فان الله عزوجل يعينني ولا يخليني من [حسن] نظره، كعادته في أسلافنا الطيبين.

فأما عسكره ففارقوه.

وأما أهله [و] الادنون من أقربائه فأبوا، وقالوا: لا نفارقك، ويحل بنا ما يحل بك، ويحزننا ما يحزنك، ويصيبنا ما يصيبك، وإنا أقرب ما نكون(١) إلى الله إذا كنا معك.

فقال لهم: فان كنتم قد وطنتم أنفسكم على ما وطنت نفسي عليه، فاعلموا أن الله إنما يهب المنازل الشريفة لعباده [لصبرهم] باحتمال المكاره.

وأن الله وإن كان خصني - مع من مضى من أهلي الذين أنا آخرهم بقاء في الدنيا -(٢) من الكرامات(٣) بما يسهل معها علي احتمال الكريهات(٤) فان لكم شطر ذلك من كرامات الله تعالى.

____________________

(١) " يكون " الاصل.

وما في المتن كما في البحار.

(٢) اشارة إلى أنهعليه‌السلام خامس أهل الكساء، وآخر من يستشهد منهمعليهم‌السلام .

(٣) " المكرمات " ب، ط.

الكرامة: أمر خارق للعادة.والمكرمة - بالراء المضمومة -: فعل الكرم.

(٤) " المكروهات " البحار.

الكريهة: الشدة في الحرب، الداهية.

والمكروهة: الشدة.

(*)

٢١٩

واعلموا أن الدنيا حلوها ومرها حلم، والانتباه في الآخرة، والفائز من فاز فيها، والشقي من شقى فيها أولا أحدثكم بأول أمرنا وأمركم معاشر أوليائنا ومحبينا، والمعتصمين بنا(١) ليسهل عليكم احتمال ما أنتم له معرضون(٢) ؟ قالوا: بلى يابن رسول الله.

سجود الملائكة لادمعليه‌السلام ، ومعناه

قال: إن الله تعالى لما خلق آدم، وسواه، وعلمه أسماء كل شئ وعرضهم على الملائكة، جعل محمدا وعليا وفاطمة والحسن والحسينعليهم‌السلام أشباحا خمسة في ظهر آدم، وكانت أنوارهم تضئ في الآفاق من السماوات والحجب والجنان والكرسي والعرش، فأمر الله تعالى الملائكة بالسجود لآدم، تعظيما له أنه قد فضله بأن جعله وعاء لتلك الاشباح التي قد عم أنوارها الآفاق.

فسجدوا [لادم] إلا إبليس أبى أن يتواضع لجلال عظمة الله، وأن يتواضع لانوارنا أهل البيت، وقد تواضعت لها الملائكة كلها واستكبر، وترفع، وكان بابائه ذلك وتكبره من الكافرين(٣) .

١٠٢ - وقال على بن الحسينعليهما‌السلام : حدثني أبي، عن أبيه، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله [قال:] قال: يا عباد الله إن آدم لما رأى النور ساطعا من صلبه، إذ كان الله قد نقل أشباحنا من ذروة العرش إلى ظهره، رأى النور، ولم يتبين(٤) الاشباح.

فقال: يا رب ما هذه الانوار؟

____________________

(١) " المتعصبين لنا " س، ص، ق، د.

(٢) " مقرون " البحار: ١١.

(٣) عنه تأويل الايات: ١ / ٤٤ ح ١٨(قطعة) والبحار: ١١ / ١٤٩ صدر ح ٢٥، وج ٤٥ / ٩٠ ح ٢٩ قطعة، وج ٢٦ / ٣٢٦ صدر ح ١٠.

(٤) تبين الشئ: تأمله وتعرفه.

(*)

٢٢٠