تفسير الإمام العسكري

تفسير الإمام العسكري0%

تفسير الإمام العسكري مؤلف:
تصنيف: تفسير القرآن
الصفحات: 684

تفسير الإمام العسكري

مؤلف: الإمام أبي محمد الحسن بن علي العسكري عليهم السلام
تصنيف:

الصفحات: 684
المشاهدات: 216585
تحميل: 39681

توضيحات:

تفسير الإمام العسكري
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 684 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 216585 / تحميل: 39681
الحجم الحجم الحجم
تفسير الإمام العسكري

تفسير الإمام العسكري

مؤلف:
العربية

قال الله عزوجل: أنوار أشباح نقلتهم من أشرف بقاع عرشي إلى ظهرك ولذلك أمرت الملائكة بالسجود لك، إذ كنت وعاء لتلك الاشباح.

فقال آدم: يا رب لو بينتها لي؟ فقال الله عزوجل: انظر يا آدم إلى ذروة العرش.

فنظر آدم، ووقع(١) نور أشباحنا من(٢) ظهر آدم على ذروة العرش، فانطبع فيه صور(٣) أنوار أشباحنا التي في ظهره كما ينطبع وجه الانسان في المرآة الصافية فرأي أشباحنا.

فقال: يا رب ما هذه الاشباح؟ قال الله تعالى: يا آدم هذه أشباح أفضل خلائقي وبرياتي: هذا محمد وأنا المحمود الحميد في أفعالي، شققت له اسما من اسمي.

وهذا علي، وأنا العلي العظيم، شققت له اسما من اسمي.

وهذه فاطمة وأنا فاطر السماوات والارض، فاطم أعدائي عن رحمتي يوم فصل قضائي، وفاطم أوليائي عما يعرهم ويسيئهم(٤) فشققت لها اسما من اسمي.

وهذان الحسن والحسين وأنا المحسن [و] المجمل شققت اسميهما من اسمي هؤلاء خيار خليقتي كرام بريتي، بهم آخذ، وبهم أعطي، وبهم أعاقب، وبهم أثيب، فتوسل إلي بهم.

يا آدم، وإذا دهتك داهية، فاجعلهم إلي شفعاء‌ك، فاني آليت على نفسي قسما حقا [أن] لا أخيب بهم آملا، ولا أرد بهم سائلا.

____________________

(١) " واقع " أ، وينابيع المودة." رفع " ط، والتأويل.

واقع الامور: دانا وباشرها.

وقع الحق: ثبت.

(٢) " في " أ.

(٣) " صورة " ب، ط.

(٤) " يغربهم ويشينهم " التأويل." يعتريهم ويشينهم " البحار.

وفى " ب، س، ص، ط، ق، د " يشينهم بدل " يسيئهم ". عره عرا: ساء‌ه. وشانه يشينه شينا: ضد زانه.

(*)

٢٢١

فذلك حين زلت منه الخطيئة، دعا الله عزوجل بهم، فتاب عليه وغفر له.(١) قوله عزوجل: " وقلنا يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة وكلامنها رغدا حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين.

فأزلهما الشيطان عنها فأخرجهما مما كانا فيه وقلنا اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم في الارض مستقر ومتاع إلى حين.فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه انه هو التواب الرحيم.

قلنا اهبطوا منها جميعا فأما يأتينكم منى هدى فمن تبع هداى فلا خوف عليهم ولاهم يحزنون.

والذين كفروا وكذبوا بآياتنا اولئك أصحاب النارهم فيها خالدون ": ٣٥ - ٣٩.

١٠٣ - قال الامامعليه‌السلام : إن الله عزوجل لما لعن إبليس بابائه، وأكرم الملائكة بسجودها لآدم، وطاعتهم لله عزوجل أمر بآدم وحواء إلى الجنة وقال:(يا آدم أسكن أنت وزوجك الجنة وكلامنها) من الجنة(رغدا) واسعا(حيث شئتما) بلا تعب.

[الشجرة التى نهى الله عنها، وأنها شجرة علم محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله :](ولا تقربا هذه الشجرة) [شجرة العلم] شجرة علم محمد وآل محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله الذين آثرهم الله عزوجل بها دون سائر خلقه.

فقال الله تعالى:(ولا تقربا هذه الشجرة) شجرة العلم فانها لمحمد وآله خاصة دون غيرهم، ولا يتناول منها بأمر الله إلا هم، ومنها ماكان يتناوله النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وعلي وفاطمة والحسن والحسين(٢) صلوات الله عليهم أجمعين بعد إطعامهم المسكين واليتيم والاسير حتى لم يحسوا بعد بجوع ولا عطش ولا تعب ولا نصب.

وهى شجرة تميزت من بين أشجار الجنة.

إن سائر أشجار الجنة [كان] كل نوع منه يحمل نوعا من الثمار والمأكول

____________________

(١) عنه تأويل الايات: ١ / ٤٤ ح ١٩، والبحار: ١١ / ١٥٠ ضمن ح ٢٥، وج ٢٦ / ٣٣٧ ضمن ح ١٠، والبرهان: ١ / ٨٨ ح ١٣، وينابيع المودة: ٩٧.

(٢) " والحسنين " ب، ط.

(*)

٢٢٢

وكانت هذه الشجرة وجنسها تحمل البر والعنب والتين والعناب وسائر أنواع الثمار والفواكه والاطعمة.

فلذلك اختلف الحاكون التلك(١) الشجرة، فقال بعضهم: هي برة.

وقال آخرون: هي عنبة. وقال آخرون: هي تينة. وقال آخرون: هي عنابة.

قال الله تعالى:(ولا تقربا هذه الشجرة) تلتمسان بذلك درجة محمد [وآل محمد] في(٢) فضلهم، فان الله تعالى خصهم بهذه الدرجة دون غيرهم، وهي الشجرة التي من تناول منها باذن الله عزوجل ألهم علم الاولين والآخرين من غير تعلم، ومن تناول [منها] بغير إذن الله خاب من مراده وعصى ربه(فتكونا من الظالمين) بمعصيتكما والتماسكما درجة قد أوثر بها غير كما إذا أردتماها(٣) بغير حكم الله.(٤)

وسوسة الشيطان، وارتكاب المعصية

١٠٤ - قال الله تعالى:(فأزلهما الشيطان عنها) عن الجنة بوسوسته وخديعته وإيهامه [وعداوته] وغروره، بأن بدأ بآدم فقال:(ما نهيكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين) إن تناولتما منها تعلمان الغيب، وتقدران على ما يقدر عليه من خصه الله تعالى بالقدرة(أو تكونا من الخالدين) لا تموتان أبدا. (وقاسمهما) حلف لهما(إني لكما لمن الناصحين)(٥) [الصالحين].

وكان إبليس بين لحيي(٦) الحية أدخلته الجنة، وكان آدم يظن أن الحية هي

____________________

(١) " لذكر " أ، س، ص، ق، د، التأويل والبرهان." بذكر " البحار.

(٢) " و " البرهان.

(٣) " اذا رمتما " ب، ص، ط، ق، د والبحار." كما أردتما " التأويل.

(٤) عنه تأويل الايات: ١ / ٤٥ ح ٢٠، والبحار: ١١ / ١٨٩ صدر ح ٤٦، وج ٨ / ١٧٩ ح ١٣٥(قطعة)، والبرهان: ١ / ٧٩ صدر ح ١.

(٥) الاعراف: ٢٠، ٢١.

(٦) " لحيتى " أ، وكذا بعدها.

واللحى: عظم الحنك.

واللحيان: العظمان اللذان تنبت اللحية على بشرتهما.

(*)

٢٢٣

التي تخاطبه، ولم يعلم أن إبليس قد اختبأ بين لحييها.

فرد آدم على الحية: أيتها الحية هذا من غرور إبليس لعنه الله كيف يخوننا ربنا؟ أم كيف تعظمين الله بالقسم به وأنت تنسبينه إلى الخيانة وسوء النظر، وهو أكرم الاكرمين؟ أم كيف أروم التوصل إلى ما منعني منه ربي عزوجل، وأتعاطاه(١) بغير حكمة؟ فلما أيس إبليس من قبول آدم منه، عاد ثانية بين لحيي الحية فخاطب حواء من حيث يوهمها أن الحية هي التي تخاطبها، وقال: يا حواء أرأيت هذه الشجرة التي كان الله عزوجل حرمها عليكما، قد أحلها لكما بعد تحريمها لما عرف من حسن طاعتكما له، وتوقيركما إياه؟ وذلك أن الملائكة الموكلين بالشجرة - الذين(٢) معهم حراب يدفعون عنها سائر حيوان الجنة - لا تدفعك عنها إن رمتها(٣) فاعلمي بذلك أنه قد أحل لك، وابشري بأنك إن تناولتها قبل آدم كنت أنت المسلطة عليه، الآمرة الناهية فوقه.

فقالت حواء: سوف أجرب هذا.

فرامت الشجرة فأرادت الملائكة أن تدفعها(٤) عنها بحرابها.

فأوحى الله تعالى إليها(٥) : إنما تدفعون بحرابكم من لا عقل له يزجره، فأما من جعلته ممكنا مميزا مختارا، فكلوه إلى عقله الذي جعلته حجة عليه، فان أطاع استحق ثوابي، وإن عصى وخالف [أمري] استحق عقابي وجزائي.

فتركوها ولم يتعرضوا لها، بعد ما هموا بمنعها بحرابهم.

فظنت أن الله نهاهم عن منعها لانه قد أحلها بعد ما حرمها.

____________________

(١) " أو نعاطى " أ.

(٢) كذا في المستدرك، وفى الاصل: التى.

(٣) رام الشئ: أراده.

وفى البحار بلفظ " لا يدفعونكما عنها ان رمتما فاعلما بذلك ".

(٤) " تمنعها " أ.

(٥) أى إلى الملائكة.

(*)

٢٢٤

فقالت: صدقت الحية، وظنت أن المخاطب لها هي الحية، فتناولت منها ولم تنكر(١) من نفسها شيئا.

فقالت لادم: ألم تعلم أن الشجرة المحرمة علينا قد أبيحت لنا؟ تناولت منها فلم تمنعني أملاكها، ولم أنكر شيئا من حالي(٢) .

(فذلك حين)(٣) أغتر آدم وغلط فتناول، فأصابهما [ما] قال الله تعالى في كتابه:(فأزلهما الشيطان عنها فأخرجهما) بوسوسته وغروره(مما كانا فيه) من النعيم(٤) (وقلنا) يا آدم وياحواء ويا أيتها الحية ويا إبليس(اهبطوا بعضكم لبعض عدو) آدم وحواء وولدهما عدو للحية، وإبليس والحية وأولادهما أعداؤكم(ولكم في الارض مستقر) منزل ومقر للمعاش(ومتاع) منفعة(إلى حين) الموت(٥) .

١٠٥ - قال الله تعالى:(فتلقى آدم من ربه كلمات) يقولها، فقالها(فتاب) الله(عليه - بها - إنه هو التواب الرحيم) [التواب] القابل للتوبات، الرحيم بالتائبين(قلنا اهبطوا منها جميعا) كان أمر في الاول أن يهبطا، وفي الثاني أمرهم أن يهبطوا جميعا، لا يتقدم أحدهم الآخر.

والهبوط إنما كان(٦) هبوط آدم وحواء من الجنة، وهبوط الحية أيضا منها فانها كانت من أحسن دوابها، وهبوط إبليس من حواليها، فانه كان محرما عليه دخول الجنة.

(فاما يأتينكم مني هدى) يأتيكم(٧) - وأودلاكم من بعدكم - مني هدى.

____________________

(١) تنكر الرجل: تغير عن حال تسره إلى حال يكرهها.

(٢) " ذلك " ب س، ص، ط، ق، د والبرهان.

(٣) " فلذلك حين " أ." فلذلك " البحار.

(٤) " النعم " ب، ط.

(٥) عنه البحار: ١١ / ١٩٠ ضمن ح ٤٧، والبرهان: ١ / ٧٩ ح ١، ومستدرك الوسائل: ٢ / ٢٨٦ ح ٧.

(٦) " هو " أ.

(٧) " يأتينكم " أ، ص.

(*)

٢٢٥

يا آدم ويا إبليس(فمن تبع هداي فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون) لا خوف عليهم حين يخاف المخالفون، ولاهم يحزنون إذا يحزنون.

توسل آدمعليه‌السلام بمحمدصلى‌الله‌عليه‌وآله وقبول توبته بهمعليهم‌السلام

قالعليه‌السلام : فلما زلت من آدم الخطيئة، واعتذر إلى ربه عزوجل، قال(١) : يا رب تب علي، واقبل معذرتي، وأعدني إلى مرتبتي، وارفع لديك درجتي فلقد تبين نقص(٢) الخطيئة وذلها في أعضائي وسائر بدني.

قال الله تعالى: يا آدم أما تذكر أمري إياك بأن تدعوني بمحمد وآله الطيبين عند شدائدك ودواهيك، وفي النوازل [التي](٣) تبهظك؟ قال آدم: يارب بلى.

قال الله عزوجل(له: فتوسل بمحمد)(٤) وعلي وفاطمة والحسن والحسين صلوات الله عليهم خصوصا، فادعني أجبك إلى ملتمسك، وأزدك فوق مرادك.

فقال آدم: يارب، يا إلهي وقد بلغ عندك من محلهم أنك بالتوسل [إليك] بهم تقبل توبتي وتغفر خطيئتي، وأنا الذي أسجدت له ملائكتك، وأبحته(٥) جنتك وزوجته حواء أمتك، وأخدمته كرام ملائكتك ! قال الله تعالى: يا آدم إنما أمرت الملائكة بتعظيمك [و] بالسجود [لك] إذ كنت وعاء‌ا لهذه الانوار، ولو كنت سألتني بهم قبل خطيئتك أن أعصمك منها، وأن أفطنك لدواعي عدوك إبليس حتى تحترز منه لكنت قد جعلت(٦) ذلك.

ولكن المعلوم في سابق علمي يجري موافقا لعلمي، فالآن فبهم فادعني لاجبك.

____________________

(١) " وقال " البحار.

(٢) " بعض " الاصل.وما في المتن من التأويل والبحار والبرهان.

(٣) من البحار. بهظه الامر: أثقله وسبب له مشقة.وفى " أ " النوازل ينهضك، وهو تصحيف.

(٤) " فهم محمد " أ، س.

(٥) " والجنة " أ، واستظهرها: اسكنته.

(٦) " فعلت " التأويل والبرهان.

(*)

٢٢٦

فعند ذلك قال آدم: " اللهم [بجاه محمد وآله الطيبين](١) بجاه محمد وعلي وفاطمة، والحسن والحسين والطيبين من آلهم لما تفضلت [علي] بقبول توبتي وغفران زلتي(٢) وإعادتي من كراماتك إلى مرتبتي ".

فقال الله عزوجل: قد قبلت توبتك، وأقبلت برضواني عليك، وصرفت آلائي ونعمائي إليك وأعدتك إلى مرتبتك من كراماتي، ووفرت نصيبك من رحماتي.

فذلك قوله عزوجل:(فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم)(٣) .

١٠٦ - ثم قال عزوجل: للذين أهبطهم - من آدم وحواء وإبليس والحية -:(ولكم في الارض مستقر) مقام فيها تعيشون، وتحثكم لياليها وأيامها إلى السعي للاخرة، فطوبى لمن(تزود منها)(٤) لدار البقاء(ومتاع إلى حين) لكم في الارض منفعة إلى حين موتكم، لان الله تعالى منها يخرج زروعكم وثماركم، وبها ينزهكم وينعمكم، وفيها أيضا بالبلايا(٥) يمتحنكم.يلذذكم بنعيم الدنيا تارة ليذكركم(٦) نعيم الآخرة الخالص، مما ينقص(٧) نعيم الدنيا ويبطله، ويزهد فيه ويصغره ويحقره.

ويمتحنكم تارة ببلايا الدنيا التي [قد] تكون في خلالها(الرحمات، وفي تضاعيفها

____________________

(١) من التأويل والبحار والبرهان.

(٢) " خطيئتى " البرهان.

(٣) عنه تأويل الايات: ١ / ٤٦ ح ٢١، والبحار: ١١ / ١٩١ ضمن ح ٤٧، والبرهان: ١ / ٨٧ صدر ح ١٢، وغاية المرام: ٣٩٤ صدر ح ٧.

(٤) " تروضها " أ." يروضها " س، ص، ق، د، والبحار. راض يروض روضا ورياضة المهر: ذلله وطوعه وعلمه السير.

(٥) " بالبلاء " ب، ط.

(٦) " لتذكروا " ب، س، ص، ط، ق، د، والبحار.

(٧) " ينغص " ق، د.

(*)

٢٢٧

النعم التي)(١) ، تدفع عن المبتلى بها مكارهها ليحذركم بذلك عذاب(٢) الابد الذي لا يشوبه عافية، ولا يقع في تضاعيفه راحة ولا رحمة.

" فتلقى آدم " قد فسر.

" وقلنا اهبطوا " قد فسر.

ثم قال الله عزوجل:(والذين كفروا وكذبوا بآياتنا): الدالات على صدق محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله على ما جاء به من أخبار القرون السالفة، وعلى ما أداه إلى عباد الله من ذكر تفضيله لعليعليه‌السلام وآله الطيبين خير الفاضلين والفاضلات بعد محمد سيد البريات(اولئك) الدافعون لصدق محمد في إنبائه [والمكذبون له في نصبه(٣) لاوليائه] علي سيد الاوصياء، والمنتجبين من ذريته الطيبين الطاهرين(أصحاب النارهم فيها خالدون).(٤) قوله عزوجل: " يا بنى اسرائيل اذكروا نعمتى التى أنعمت عليكم وأوفوا بعهدى اوف بعهدكم واياى فارهبون":٤٠

١٠٧ - قال الامامعليه‌السلام : قال الله عزوجل:(يا بني إسرائيل) ولد(٥) يعقوب إسرائيل الله(اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم) لما بعثت محمداصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأقررته في مدينتكم، ولم أجشمكم الحط والترحال إليه، وأوضحت علاماته ودلائل صدقه لئلا يشتبه عليكم حاله.

(وأوفوا بعهدي) الذي أخذته على أسلافكم، أنبياؤهم(٦) وأمروهم(٧) أن يؤدوه

____________________

(١) " الزحمات وفي تضاعيفها النقمات المجحفة " الاصل - والظاهر أنها تصحيف بقرينة العبارة اللاحقة.

وما في المتن كما في البحار.

(٢) " عقاب " أ.

(٣) " تصديقه " ص، البحار.

(٤) عنه البحار: ١١ / ١٩٢ ضمن ح ٤٧ إلى قوله " الطيبين الطاهرين "، والبرهان: ١ / ٨٨ ذ ح ١٢، وغاية المرام: ٣٩٤ ح ٧ إلى قوله " راحة ولا رحمة ".

(٥) " أولاد " ب، س، ص، ق، د، ط.

(٦) " أنبياؤكم " البحار: ٩.

(٧) " وأمرهم " أ.

(*)

٢٢٨

إلى أخلافهم ليؤمنوا بمحمد العربي [القرشي] الهاشمي، المبان بالآيات، والمؤيد بالمعجزات التي منها: أن كلمته ذراع مسمومة، وناطقه ذئب، وحن إليه عود المنبر وكثر الله له القليل من الطعام، وألان له الصلب(١) من الاحجار، وصلب له المياه السيالة(٢) ولم يؤيد نبيا من أنبيائه بدلالة إلا جعل له مثلها أو أفضل منها.

والذى جعل من أكبر آياته علي بن أبي طالبعليه‌السلام شقيقه ورفيقه، عقله من عقله، وعلمه من علمه، [وحكمه من حكمه] وحلمه من حلمه، مؤيد دينه بسيفه الباتر بعد أن قطع معاذير المعاندين بدليله القاهر، وعلمه الفاضل، وفضله الكامل.

(أوف بعهدكم) الذي أوجبت به لكم نعيم الابد في دار الكرامة ومستقر الرحمة.

(وإياي فارهبون) في مخالفة محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فاني القادر على صرف بلاء من يعاديكم على موافقتي، وهم لا يقدرون على صرف انتقامي عنكم إذا آثرتم مخالفتي(٣) قوله عزوجل: " وآمنوا بما أنزلت مصدقا لم معكم ولا تكونوا أول كافر به ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا واياى فاتقون ": ٤١

١٠٨ - قال الامامعليه‌السلام : [ثم] قال الله عزوجل لليهود:(وآمنوا) أيها اليهود(بما أنزلت) على محمد [نبيي] من ذكر نبوته، وإنباء إمامة أخيه عليعليه‌السلام وعترته [الطيبين] الطاهرين(مصدقا لما معكم) فان مثل هذا الذكر(٤) في كتابكم أن محمدا النبي سيد الاولين والآخرين، المؤيد بسيد الوصيين وخليفة رسول رب العالمين فاروق هذه الامة، وباب مدينة الحكمة، ووصي رسول [رب](٥) الرحمة.

(ولا تشتروا بآياتي) المنزلة لنبوة محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وإمامة عليعليه‌السلام ، والطيبين

____________________

(١) " الصلد " أ. صلدت الارض: صلبت.

(٢) " السائلة " س. السيال: الشديد السيل.

(٣) عنه تأويل الايات: ١ / ٥٠ ح ٢٥، البحار: ٩ / ١٧٨ صدر ح ٦، ج ٢٦ / ٢٨٧ ح ٤٧ والبرهان: ١ / ٩٠ح١.

(٤) " لذكر " أ.

(٥) من التأويل والبحار.

(*)

٢٢٩

من عترته(ثمنا قليلا) بأن تجحدوا نبوة النبي [محمد]صلى‌الله‌عليه‌وآله وإمامة الامام [علي]عليه‌السلام [وآلهما] وتعتاضوا عنها عرض(١) الدنيا، فان ذلك وإن كثر فالى نفاد وخسار وبوار.

ثم قال الله عزوجل:(وإياي فاتقون) في كتمان أمر محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله وأمر وصيهعليه‌السلام .

فانكم إن تتقوا لم تقدحوا في نبوة النبي ولا في وصية الوصي، بل حجج الله عليكم قائمة، وبراهينه بذلك واضحة، قد قطعت معاذيركم، وأبطلت تمويهكم.

وهؤلاء يهود المدينة جحدوا نبوة محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله وخانوه، وقالوا: نحن نعلم أن محمدا نبي، وأن عليا وصيه، ولكن لست أنت ذاك ولا هذا - يشيرون إلى عليعليه‌السلام - فأنطق الله تعالى ثيابهم التي عليهم، وخفافهم التي في أرجلهم، يقول كل واحد منها للابسه: كذبت يا عدو الله، بل النبي محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله هذا، والوصي علي هذا، ولو أذن الله(٢) لنا لضغطناكم وعقرناكم وقتلناكم.

فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إن الله عزوجل يمهلهم لعلمه بأنه سيخرج من أصلابهم ذريات طيبات مؤمنات.

ولو تزيلوا(٣) لعذب [الله](٤) هؤلاء عذابا أليما، إنما يعجل من يخاف الفوت(٥) قوله عزوجل: " ولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وأنتم تعلمون وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واركعوا مع الراكعين.

أتأمرون الناس بالبر

____________________

(١) العرض - بالفتح -: اسم لما لادوام له.حطام الدنيا.

(٢) " أذنا " أ. " أذن " البحار: ٩.

(٣) " يزيلوا " أ. وتزايلوا: تفرقوا.أى لو تميزت ذرياتهم المؤمنات عن أصلابهم لعذبهم الله.

(٤) من التأويل والبحار: ٢٤.

(٥) عنه تأويل الايات: ١ / ٥١ ح ٢٦، البحار: ٩ / ١٧٩ ضمن ح ٦، وج ٢٤ / ٣٩٣ ح ١١٣، وج ٦٩ / ٣٤١(قطعة)، وج ٧٠ / ٢٦٧(قطعة) والبرهان: ١ / ٩١ ح ١.

(*)

٢٣٠

وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون.

واستعينوا بالصبر والصلاة وانها لكبيرة الا على الخاشعين.

الذين يظنون أنهم ملاقوا ربهم وأنهم اليه راجعون يا بنى اسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم وانى فضلتكم على العالمين.

واتقوا يوما لا تجزى نفس عن نفس شيئا ولا يقبل منها شفاعة ولا يؤخذ منها عدل ولا هم ينصرون.

واذ نجيناكم من آل فرعون يسومونكم سوء العذاب يذبحون أبناء‌كم ويستحيون نساء‌كم وفي ذلكم بلاء من ربكم عظيم ": ٤٢ - ٤٩

١٠٩ - قال الامامعليه‌السلام : خاطب الله بها قوما من اليهود لبسوا(١) الحق بالباطل بأن زعموا أن محمداصلى‌الله‌عليه‌وآله نبي، وأن عليا وصي، ولكنهما يأتيان بعد وقتنا هذا بخمسمائة سنة.

فقال لهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : أترضون التوراة بيني وبينكم حكما؟ قالوا: بلى.

فجاؤا بها، وجعلوا يقرأون منها خلاف ما فيها، فقلب الله عزوجل الطومار الذي كانوا منه يقرأون، وهو في يد قراء‌ين(٢) منهم، مع أحدهما أوله، ومع الآخر آخره فانقلب ثعبانا، له رأسان، [و] تناول كل رأس منهما يمين من هو في يده، وجعل يرضضه ويهشمه، ويصيح الرجلان ويصرخان.

وكانت هناك طوامير أخر فنطقت وقالت: لا تزالان في هذا العذاب حتى تقرء‌ا مافيها من صفة محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله ونبوته، وصفة عليعليه‌السلام وإمامته على ما أنزلالله تعالى فيها(٣) .

فقرء‌اه صحيحا، وآمنا برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله واعتقدا إمامة علي ولي الله ووصي رسول الله.

____________________

(١) " ألبسوا " ب، ط، والبرهان.

(٢) " قارئين " التأويل، والبحار.

والقراء - بفتح القاف وتشديد الراء - الحسن القراء‌ة.ج قراؤون.

(٣) أى في التوراة، وفى ب، ص، ط، والبحار: فيه.

(*)

٢٣١

فقال الله عزوجل(ولا تلبسوا الحق بالباطل) بأن تقروا بمحمد وعلي من وجه وتجحدوهما من وجه(وتكتموا الحق) من نبوة هذا، وإمامة هذا(وأنتم تعلمون) أنكم تكتمونه وتكابرون علومكم وعقولكم، فان الله إذا كان قد جعل أخباركم حجة، ثم جحدتم لم يضيع [هو] حجته، بل يقيمها من غير جهتكم(١) فلا تقدروا أنكم تغالبون ربكم وتقاهرونه.(٢) ثم قال الله عزوجل لهؤلاء:(وأقيموا الصلوة وآتوا الزكوة واركعوا مع الراكعين).

١١٠ - قال:(أقيموا الصلوة) المكتوبات(٣) التي جاء بها محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأقيموا أيضا الصلاة على محمد وآله الطيبين الطاهرين الذين علي سيدهم وفاضلهم.

(وآتوا الزكوة) من أموالكم إذا وجبت، ومن أبدانكم إذا لزمت، ومن معونتكم إذا التمست.

(واركعوا مع الراكعين) تواضعوا مع المتواضعين لعظمة الله عزوجل في الانقياد لاولياء الله: لمحمد نبي الله، ولعلي ولي الله، وللائمة بعدهما سادة أصفياء الله(٤)

حديث ان الصلوات الخمس كفارة للذنوب

١١١ - قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : من صلى الخمس كفر الله عنه من الذنوب ما بين كل صلاتين، وكان كمن على بابه نهرجار يغتسل فيه كل يوم خمس مرات [و] لا يبقي عليه

____________________

(١) " حجتكم " البحار: ٩.

(٢) عنه تأويل الايات: ١ / ٥٢ ح ٢٧، والبحار: ٩ / ٣٠٧ صدر ح ١٠، والبرهان: ١ / ٩١ صدر ح ١، ومدينة المعاجز: ٧٩ ح ١٩٩.

(٣) " المكتوبة " ق، د.

(٤) عنه تأويل الايات: ١ / ٥٣ ح ٢٨، والبحار: ٢٤ / ٣٩٥ ح ١١٤، وج ٧٤ / ٣٠٨ صدر ح ٦٢، وج ٩٦ / ٦(قطعة) والبرهان: ١ / ٩٢ ذ ح ١.

(*)

٢٣٢

من الدرن(١) شيئا إلا الموبقات التي هي جحد النبوة و(٢) الامامة أو ظلم إخوانه المؤمنين أو ترك التقية حتى(٣) يضر بنفسه وباخوانه المؤمنين(٤)

فضل الزكاة

١١٢ - ومن أدى الزكاة من ماله طهر من ذنوبه.

ومن أدى الزكاة من بدنه في دفع ظلم قاهر عن أخيه، أو معونته على مركوب له [قد] سقط عنه(٥) متاع لا يأمن تلفه، أو الضرر الشديد عليه [به] قيض الله له في عرصات القيامة ملائكة يدفعون عنه نفخات(٦) النيران، ويحيونه بتحيات أهل الجنان، ويرفعونه(٧) إلى محل الرحمة والرضوان.

ومن ادى زكاة جاهه بحاجة يلتمسها لاخيه فقضيت له، أو كلب سفيه(يظهر)(٨) غيبته فألقم ذلك الكلب بجاهه حجرا، بعث الله عليه في عرصات القيامة ملائكة عددا كثيرا وجما غفيرا لا يعرف(٩) عددهم إلا الله، يحسن فيه بحضرة الملك الجبار

____________________

(١) " الذنوب " ص، البحار والمستدرك. قال ابن منظور في لسان العرب: ١٣ / ١٥٣: وفى حديث: الصلوات الخمس تذهب الخطايا كما يذهب الماء الدرن.

أى الوسخ.

(٢) " أو " البحار.

(٣) " لمن " أ." حين " ص.

(٤) عنه البحار: ٧٤ / ٣٠٨ ضمن ح ٦٢، وج ٨٢ / ٢١٩ ح ٤٠، ومستدرك الوسائل: ١ / ١٧٠ ح ١٠، وج ٢ / ٣٧٤ ح ٦.

(٥) " عليه " أ، والمستدرك.

(٦) " نفخات " ب، ط، والبحار.

والظاهر أن ما في المتن كما في قوله تعالى " ولئن مستهم نفحة من عذاب ربك " الانبياء: ٤٦ أى " أدنى شئ من العذاب " كما في تفسير الفيض الكاشانى، أو " قطعة منه " كما في كتب اللغة. أقول لعلهما تصحيف " لفحات " باعتبار أن اللفح لكل حار، والنفح لكل بارد كما قال الجوهرى وابن الاعرابى.

ومصداق ذلك قوله تعالى " تلفح وجوههم النار " المؤمنون: ١٠٤(انظر لسان العرب: ٢ / ٥٧٨ و ٦٢(٣).

(٧) " يزفونه " أ، البحار والمستدرك، " يرقونه " س، ص، ق، د. زف: أسرع. ورقي: صعد.

(٨) " سفه بظهر " أ.

(٩) " يعلم " أ، ص، البحار.

(*)

٢٣٣

الكريم(١) الغفار محاضرهم ويجمل فيه قولهم، ويكثر عليه ثناؤهم، وأوجب الله عزوجل له بكل قول من ذلك ما هو أكثر من ملك الدنيا بحذافيرها مائة ألف مرة(٢)

حديث من تواضع لاخوانه المؤمنين

١١٣ - ومن تواضع مع المتواضعين، فاعترف بنبوة محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله وولاية علي والطيبين من آلهما، ثم تواضع لاخوانه وبسطهم(٣) وآنسهم، كلما ازداد بهم برأ ازداد لهم استيناسا وتواضعا، باهى الله عزوجل به كرام ملائكته من حملة عرشه والطائفين به(٤) .

فقال لهم: أما ترون عبدي هذا المتواضع لجلال عظمتي(٥) ؟ ساوى نفسه بأخيه المؤمن الفقير، وبسطه؟ فهو لا يزداد به برأ إلا ازداد له تواضعا؟ أشهدكم أني قد أوجبت له جناني، ومن رحمتي ورضواني ما يقصر عنه أماني المتمني(٦) .

ولارزقنه من محمد سيد الورى، ومن علي المرتضى، ومن خيار عترته مصابيح الدجى، الايناس(٧) والبركة في جناني، وذلك أحب إليه من نعيم الجنان ولو تضاعف ألف ألف ضعفها، جزاء على تواضعه لاخيه المؤمن(٨) .

١١٤ - ثم قال الله عزوجل لقوم من مردة اليهود ومنافقيهم المحتجنين(٩) الاموال

____________________

(١) " المالك " أ.

(٢) عند البحار: ٧٤ / ٣٠٩ ضمن ح ٦٢، ومستدرك الوسائل: ٢ / ٢٦٦ ح ٤(قطعة).

(٣) نشطهم " أ، بسطه - بالتحريك -: سره.

(٤) " به مباهاة " ب، س، ص، ط، ق، د.

(٥) " بجلالى عظمته " أ.

(٦) " المتمنين " أ.

(٧) " الاستيناس " خ ل.

(٨) عنه البحار: ٧٤ / ٣٠٩ ذ ح ٦٢.

(٩) احتجن المال: ضمه إلى نفسه واحتواه.

وفى " أ، ب، س، ط، ق، د " المحتجبين، وكذا مايأتي.

حجبه: ستره.

قال المجلسى(ره): والاول أظهر.

(*)

٢٣٤

الفقراء، المستأكلين للاغنياء(١) الذين يأمرون بالخير ويتركونه، وينهون عن الشر ويرتكبونه، قال: يا معاشر اليهود(أتامرون الناس بالبر) بالصدقات وأداء الامانات(وتنسون أنفسكم) أفلا تعقلون(٢) ما به تأمرون(وأنتم تتلون الكتاب): التوراة الآمرة بالخيرات الناهية عن المنكرات، المخبرة عن عقاب المتمردين، وعن عظيم الشرف الذي يتطول الله به على الطائعين المجتهدين.

(أفلا تعقلون) ما عليكم من عقاب الله عزوجل في أمركم بما به لا تأخذون، وفي نهيكم عما أنتم فيه منهمكون.

وكان هؤلاء قوم من رؤساء اليهود وعلمائهم احتجنوا أموال الصدقات والمبرات، فأكلوها واقتطعوها، ثم حضروا رسول الله صلى الله عليه وقد حشروا(٣) عليه عوامهم يقولون: إن محمداصلى‌الله‌عليه‌وآله تعدى طوره، وادعى ما ليس له.

فجاء‌وا بأجمعهم إلى حضرتهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وقد اعتقد عامتهم أن يقعوا برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فيقتلوه، ولو أنه في جماهير أصحابه، لا يبالون بما أتاهم به الدهر.

فلما حضروا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وكانوا بين يديه، قال لهم رؤساؤهم - وقد واطؤوا عوامهم - على أنهم إذا أفحموا محمدا وضعوا عليه سيوفهم.

فقال رؤساؤهم(٤) : يا محمد(٥) تزعم أنك رسول رب العالمين نظير موسى وسائر الانبياءعليهم‌السلام المتقدمين؟ فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : أما قولي إني رسول الله فنعم، وأما أن أقول(٦) إني نظير

____________________

(١) يستأكل الاغنياء: يأخذ أموالهم.

(٢) " تفعلون " البحار.

(٣) " هرشوا " أ." حرشوا " ص، ق د، والبحار. هرش بين الناس: أفسد. والحرش: الخديعة. وحشر الناس: جمعم.

(٤) " فقالوا " أ.

(٥) " يا محمد حيث " أ." جئت يا محمد " البحار.

(٦) " قولى " أ.

(*)

٢٣٥

موسى و [سائر] الانبياء فما أقول هذا، وما كانت لاصغر ما(قد) عظمه الله تعالى من قدري، بل قال ربي: يا محمد إن فضلك على جميع النبيين والمرسلين والملائكة المقربين كفضلي - وأنا رب العزة - على سائر الخلق أجمعين.

وكذلك قال الله تعالى لموسىعليه‌السلام لما ظن أنه قد فضله على جميع العالمين.

فغلظ ذلك على اليهود، وهموا بقتله، فذهبوا يسلون سيوفهم، فما منهم أحد إلا وجد يديه إلى خلفه كالمكتوف، يابسا لا يقدر أن يحركها، وتحيروا.

فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله - و [قد](١) رأى مابهم من الحيرة -: لا تجزعوا فخير(٢) أراده الله تعالى بكم، منعكم من الوثوب على وليه، وحبسكم على استماع حجته في نبوة محمد ووصية أخيه علي.

ثم قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : [يا] معاشر اليهود هؤلاء رؤساؤكم كافرون، ولاموالكم محتجنون ولحقوقكم باخسون، ولكم - في قسمة من بعدما اقتطعوه - ظالمون يخفضون، ويرفعون.

فقالت رؤساء اليهود: حدث عن مواضع الحجة، أحجة نبوتك ووصية علي أخيك هذا، دعواك الاباطيل، وإغراؤك قومنا بنا؟ فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : [لا](٣) ولكن الله عزوجل قد أذن لنبيه أن يدعو بالاموال التي خنتموها بهؤلاء الضعفاء، ومن يليهم، فيحضرها ههنا بين يديه، وكذلك يدعو حسباناتكم(٤) فيحضرها لديه، ويدعو من واطأتموه على اقتطاع أموال الضعفاء فينطق باقتطاعهم جوارحهم، وكذلك ينطق باقتطاعكم جوارحكم.

ثم قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : يا ملائكة ربي احضروني أصناف الاموال التي اقتطعها

____________________

(١) من البحار.

(٢) " فحين " أ.تصحيف ظ.

(٣) ليس في البحار.

(٤) " حساباتكم " أ، وكذا بعدها.

والمعنى واحد، فالحسبان - بالضم -: الحساب.

(*)

٢٣٦

هؤلاء الظالمون لعوامهم.

فاذا الدراهم في الاكياس والدنانير، وإذا الثياب والحيوانات وأصناف الاموال منحدرة عليهم [من حالق](١) حتى استقرت بين أيديهم.

ثم قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ائتوا بحسبانات هؤلاء الظالمين الذين غالطوا بها هؤلاء الفقراء(٢) .

فاذا الادراج(٣) تنزل عليهم، فلما استقرت على الارض، قال: خذوها.

فأخذوها فقرأوا فيها: نصيب كل قوم كذا وكذا.

فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : يا ملائكة ربي اكتبوا تحت اسم كل واحد من هؤلاء ما سرقوه منه(٤) وبينوه(٥) .

فظهرت كتابة بينة: لابل نصيب كل واحد(٦) كذا وكذا.فاذاهم قد خانوا عشرة أمثال ما دفعوا إليهم.

ثم قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : يا ملائكة ربي ميزوا بين(٧) هذه الاموال الحاضرة [في] كل ما فضل، عما بينه(٨) هؤلاء الظالمون لتؤدى إلى مستحقه.

فاضطربت تلك الاموال، وجعلت تنفصل بعضها من بعض، حتى تميزت أجزاء كما ظهر في الكتاب المكتوب، وبين أنهم سرقوه واقنطعوه؟؟، فدفع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى من حضر من عوامهم نصيبه، وبعث إلى من غاب [منهم] فأعطاه، وأعطى ورثة من قد مات، وفضح الله رؤساء اليهود وغلب الشقاء على بعضهم وبعض العوام

____________________

(١) من البحار." خالق " أ." سارح " البرهان.

يقال: جاء من حالق: من أى كان مشرف.

(٢) " الضعفاء " ص.

(٣) الدرج: ما يكتب فيه.

(٤) " منهم " الاصل، وما في المتن كما في البحار والبرهان.

(٥) قال المجلسىرحمه‌الله : أى وما بينوه وأظهروه وأعطوه مستحقه، أو هو بصيغة الامر خطابا للملائكة، وهو أظهر.

(٦) " قوم " أ، والبرهان.

(٧) " من " أ، ص.

(٨) " بينه وبين " ب، س، ص، ط والبرهان.

(*)

٢٣٧

ووفق(١) الله بعضهم.

فقال [له](٢) الرؤساء الذين هموا بالاسلام: نشهد يا محمد أنك النبي الافضل، وأن أخاك هذا [هو] الوصى الاجل الاكمل فقد فضحنا الله بذنوبنا، أرأيت إن تبنا [عما اقتطعنا] وأقلعنا؟؟ ماذا تكون حالنا؟ قال رسول الله: إذن أنتم في الجنان رفقاؤنا، وفي الدنيا [و] في دين الله إخواننا ويوسع الله تعالى أرزاقكم، وتجدون في مواضع هذه الاموال التي أخذت منكم أضعافها، وينسى هؤلاء الخلق فضيحتكم حتى لا يذكرها أحد منهم.

فقالوا: [ف‍] انا نشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأنك يا محمد عبده ورسوله وصفيه وخليله.

وأن عليا أخوك ووزيرك، والقيم بدينك، والنائب عنك والمقاتل(٣) دونك، وهو منك بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدك.

فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : فأنتم(٤) المفلحون.(٥)

١١٥ - ثم قال الله عزوجل لسائر اليهود والكافرين المظهرين:(٦) (واستعينوا بالصبر والصلوة) [أي بالصبر] عن الحرام [و](٧) على تأدية الامانات، وبالصبر على الرئاسات الباطلة، وعلى الاعتراف لمحمد بنبوته ولعلي بوصيته.

(واستعينوا بالصبر) على خدمتهما، وخدمة من يأمرانكم(٨) بخدمته على

____________________

(١) " وقى " س.

(٢) من البحار.

(٣) " الفاضل على من " أ." المناضل " س، ص، ق، د، والتأويل والبحار.

(٤) " فاذا أنتم " س، ص.

(٥) عنه تأويل الايات: ١ / ٥٣ ح ٣٠ باختصار، والبحار: ٩ / ٣٠٨ ضمن ح ١٠، والبرهان : ١ / ٩٢ ح ١، ومستدرك الوسائل: ٢ / ٣٦٣ ح ٢(قطعة).

٦ " المشركين " س، ص، ق.

(٧) من التأويل، وفيه وفى خ ل " عن " بدل على. وصبر على الامر: شجع وتجلد فهو صابر. وصبر عن الشئ: أمسك. يقال: صبرت على ما أكره، وصبرت عما أحب.

(٨) " يأمركم " أ.

(*)

٢٣٨

استحقاق الرضوان والغفران ودائم نعيم الجنان في جوار الرحمن، ومرافقة خيار المؤمنين، والتمتع بالنظر إلى عزة(١) محمد سيد الاولين والآخرين، وعلي سيد الوصيين والسادة الاخيار المنتجبين، فان ذلك أقر لعيونكم، وأتم لسروركم، وأكمل لهدايتكم من سائر نعيم الجنان.

واستعينوا أيضا بالصلوات الخمس، وبالصلاة على محمد وآله الطيبين(على قرب الوصول إلى جنات النعيم).(٢) (وإنها) أي هذه الفعلة من الصلوات الخمس، و [من] الصلاة على محمد وآله الطيبين مع(٣) الانقياد لاوامرهم والايمان بسرهم وعلانيتهم وترك معارضتهم بلم؟ وكيف؟(لكبيرة) [ل‍] عظيمة.

(إلا على الخاشعين) الخائفين من عقاب(٤) الله في مخالفته في أعظم فرائضه.(٥) .

١١٦ - ثم وصف الخاشعين فقال: " الذين يظنون أنهم ملاقوا ربهم وأنهم اليه راجعون " الذين يقدرون أنهم يلقون ربهم، اللقاء الذي هو أعظم كراماته لعباده وإنما قال:(يظنون) لانهم لا يدرون بماذا يختم لهم(٦) والعاقبة مستورة عنهم(وأنهم إليه راجعون) إلى كراماته ونعيم جناته، لايمانهم وخشوعهم، لا يعلمون ذلك يقينا لانهم لا يأمنون أن يغيروا ويبدلوا(٧)

____________________

(١) " غرة " س، ص، والتأويل." عترة " ب، ط، والبحار.

(٢) " مع الانقياد لاوامرهم والايمان بسرهم وعلانيتهم وترك معارضتهم بلم وكيف " أ.

وهو من اشتباهات النساخ.ظ.

(٣) " و " أ.

(٤) " عذاب " أ.

(٥) عنه تأويل الايات: ١ / ٥٤ ح ٣١، والبحار: ٢٤ / ٣٩٥ ح ١١٤، وج ٨٢ / ١٩٢(قطعة) والبرهان: ١ / ٩٤ صدر ح ١.

(٦) " بهم " أ.

(٧) عنه المحتضر: ٢٢، والبحار: ٦ / ١٧٦ صدر ح ٢، وج ٧١ / ٣٦٦ صدر ح ١٣، والبرهان: ١ / ٩٤ ضمن ح ١.

(*)

٢٣٩

ورود ملك الموت على المؤمن، واراء‌ته منازله وسادته

١١٧ - قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : لا يزال المؤمن خائفا من سوء العاقبة، لا يتيقن الوصول إلى رضوان الله حتى يكون وقت نزع(١) روحه وظهور ملك الموت له.

وذلك أن ملك الموت يرد على المؤمن وهو في شدة علته، وعظيم(٢) ضيق صدره بما يخلفه من أمواله، ولما هو(٣) عليه من [شدة] اضطراب أحواله في معامليه وعياله(٤) [و] قد بقيت في نفسه حسراتها، واقتطع دون أمانيه فلم ينلها.

فيقول(٥) له ملك الموت: مالك تجرع(٦) غصصك؟ فيقول: لاضطراب أحوالي، واقتطاعك لي دون [أموالي و] آمالي(٧) .

فيقول له ملك الموت: وهل يحزن(٨) عاقل من فقد درهم زائف واعتياض ألف ألف ضعف الدنيا؟ فيقول: لا. فيقول ملك الموت: فانظر فوقك. فينظر، فيرى درجات الجنان وقصورها التي تقصر دونها الاماني، فيقول ملك الموت: تلك منازلك ونعمك وأموالك وأهلك وعيالك ومن كان من أهلك ههنا وذريتك صالحا، فهم(٩) هناك معك أفترضى به(١٠) بدلا مما هناك(١١) ؟ فيقول: بلى والله. ثم يقول: انظر.فينظر، فيرى محمدا وعليا والطيبين من آلهما في أعلى عليين

____________________

(١) " نزوع " أ، والبرهان.

(٢) " عظم " ب، ط، والتأويل.

(٣) " وعياله وماهو " التأويل، البحار: ٢٤.

(٤) " معاطبه وعقباته " البرهان.وفى " أ " معاملته بدل " معامليه ".

(٥) " قال " أ، ب، س، ط.

(٦) " تتجرع " التأويل والبحار: ٢٤. جرع الماء: ابتلعه بمرة.

(٧) " أمانى " ب، س، ط، والتأويل.

(٨) " يجزع " التأويل، والبحار: ٢٤، والبرهان.

(٩) " فهو " أ.

(١٠) " بهم " أ.

(١١) " ههنا " ب، ط، ق، د، والتأويل." هنالك " المحتضر.

(*)

٢٤٠