من لا يحضره الفقيه الجزء ٤

من لا يحضره الفقيه10%

من لا يحضره الفقيه مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 558

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤
  • البداية
  • السابق
  • 558 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 170011 / تحميل: 11086
الحجم الحجم الحجم
من لا يحضره الفقيه

من لا يحضره الفقيه الجزء ٤

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

باب المسلم يقتل الذمى أو العبد أو المدبر أو المكاتب أو يقتلون المسلم

٥٢٤٨ - روى الحسن بن محبوب، عن علي بن رئاب، عن محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه السلام قال: " لا يقاد مسلم بذمي في القتل ولا في الجراحات، ولكن يؤخذ من المسلم في جنايته للذمي بقدر جنايته على الذمي على قدر دية الذمي ثمانمائة درهم "(١) .

٥٢٤٩ - وروى ابن مسكان، عن أبي بصير قال: " سألت أبا عبدالله عليه السلام عن دية اليهودي والنصراني والمجوسي، قال: هم سواء ثمانمائة ثمانمائة، قال: قلت: جعلت فداك إن اخذوا في بلد المسلمين وهم يعملون الفاحشة أيقام عليهم الحد؟ قال: نعم يحكم فيهم بأحكام المسلمين "(٢) .

٥٢٥٠ - وروى ابن أبي عمير، عن سماعة بن مهران، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " بعث النبي عليه السلام خالد بن الوليد إلى البحرين فأصاب بها دماء قوم من اليهود والنصارى والمجوس، فكتب إلى رسول الله صلى الله عليه وآله: إني أصبت دماء قوم من اليهود والنصارى فوديتهم ثمانمائة ثمانمائة(٣) ، وأصبت دماء قوم من المجوس ولم تكن عهدت إلي فيهم عهدا، قال: فكتب إليه رسول الله صلى الله عليه وآله إن ديتهم مثل دية اليهود والنصارى وقال: إنهم أهل كتاب ".

٥٢٥١ - وروى الحسن بن محبوب، عن علي بن رئابل، عن ضريس الكناسي عن أبي جعفر عليه السلام " في نصراني قتل مسلما فلما اخذ أسلم أقتله به؟ قال: نعم قيل

___________________________________

(١) قال العلامة المجلسى - رحمه الله -: هذا هو المشهور بين الاصحاب.

(٢) رواه الشيخ في التهذيب ج ٢ ص ٤٩٨، وقوله " فوديتهم " أى أديت اليهم الدية.

١٢١

فإن لم يسلم؟ قال: يدفع إلى أولياء المقتول فإن شاؤوا قتلوا وإن شاؤوا عفوا وإن شاؤوا استرقوا، وإن كان معه مال - عين له - دفع إلى أولياء المقتول هو وماله "(١) .

٥٢٥٢ - وروى القاسم بن محمد، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " دية اليهودي والنصراني أربعة آلاف، أربعة آلاف، ودية المجوسي ثمانمائة درهم، وقال: أما إن للمجوس كتابا يقال له: جاماسف "(٢) .

٥٢٥٣ - وقد روي " أن دية اليهودي والنصراني والمجوسي أربعة آلاف درهم أربعة آلاف درهم لانهم أهل الكتاب"(٣) .

٥٢٥٤ - وروى عبدالله بن المغيرة، عن منصور، عن أبان بن تغلب عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " دية اليهودي والنصراني والمجوسي دية المسلم ".

قال مصنف هذا الكتاب - رحمه الله - هذه الاخبار اختلفت لاختلاف الاحوال وليست هي على اختلاف في حال واحد، متى كان اليهودي والنصراني والمجوسي على ما عوهدوا عليه من ترك إظهار شرب الخمور وإتيان الزنا وأكل الربا والميتة ولحم الخنزير ونكاح الاخوات وإظهار الاكل والشرب بالنهار في شهر رمضان واجتناب صعود مساجد المسلمين واستعملوا الخروج بالليل عن ظهراني المسلمين

___________________________________

(١) رواه الكلينى في الحسن كالصحيح، ويدل على أن الذمى إذا قتل المسلم ثم أسلم لا يسقط عنه القود وليس لهم استرقاقه كما ذكره الاصحاب، وعلى أنه إذا لم يسلم يدفع هو وماله إلى أولياء المقتول وهم مخيرون بين قتله واسترقاقه والعفو عنه ولم يخالف فيه أحد أيضا الا ابن ادريس فانه لم يجز أخذ المال الا بعد استرقاقه حتى لو قتله لم يملك ماله، وأما حكم أولاده الصغار فقد ذهب جماعة من الاصحاب منهم المفيد وسلار إلى أنهم يسترقون ونفاه ابن ادريس، واختلف فيه المتأخرون، والخبر لا يدل عليه، والاولى الاقتصار على ما دل عليه. (المرآة).

(٢) في الاستبصار ج ٤ ص ٢٦٩ " جاماس " كما في التهذيب وفى بعض نسخ الكتاب " جاماست " وفى بعض نسخ الحديث " جاماست " وحمل أربعة آلاف على ما إذا كان معتادا.

(٣) لم أجده مسندا ولعله أراد خبر ابن أبى عمير المتقدم تحت رقم ٠ ٥٢٥ ونقله بالمعنى وهو الاظهر.

١٢٢

والدخول بالنهار للتسوق وقضاء الحوائج(١) فعلى من قتل واحدا منهم أربعة آلاف درهم، ومر المخالفون على ظاهر الحديث فأخذوا به ولم يعتبروا الحال، ومتى آمنهم الامام وجعلهم في عهده وعقده وجعل لهم ذمة ولم ينقضوا ما عاهدهم عليه من الشرائط التي ذكرناها وأقروا بالجزية وأدوها فعلى من قتل واحدا منهم خطأ دية المسلم وتصديق ذلك:

٥٢٥٥ - ما رواه الحسين بن سعيد، عن فضالة، عن أبان، عن زرارة عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " من أعطاه رسول الله صلى الله عليه وآله ذمة فديته كاملة " قال زرارة: فهؤلاء ما قال أبوعبدالله عليه السلام(٢) وهم من أعطاهم ذمة. وعلى(٣) من خالف الامام في قتل واحد منهم متعمدا القتل لخلافة على إمام المسلمين لا لحرمة الذمي.

٥٢٥٦ - كما رواه علي بن الحكم، عن أبي المغرا، عن أبي بصير عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " إذا قتل المسلم النصراني فأراد أهل النصراني أن يقتلوه قتلوه وأدوا فضل ما بين الديتين "(٤) .

___________________________________

(١) أى يخرجون بالليل من بين المسلمين ويدخلون بالنهار لحوائجهم لئلا يقع منهم حيلة وغيلة، أو إذا أرادوا الخروج من بينهم إلى بلاد الكفار فليكن مخفيا بالليل لئلا ينظر المسلمون اليهم ويحصل لهم وهن من خروجهم، وهو كالسابق وكذا الدخول بالنهار للتسوق أى إذا جاؤوا من القرى من البلدان للبيع والشراء فليكن بالنهار لئلا يخاف منهم فان الدخول بالليل ريبة، ويمكن أن يحمل ذلك على بلاد تهامة - كالحرمين - التى لا يجوز لهم أن يسكنوها لما رواه الشيخ في الصحيح عن على بن جعفر، عن أخيه موسى بن جعفر عليهما السلام قال: " سألته عن اليهودى والنصرانى والمجوسى هل يصلح ان يسكنوافى دار الهجرة قال أما ان يلبثوا بها فلا يصلح وقال: ان نزلوا نهارا وخرجوا بالليل فلا بأس ". (م. ت)

(٢) أى في خبر أبان من أن ديتهم كاملة.

(٣) الظاهر أنه تتمة كلام المصنف كما يظهر من التهذيبين أو كلام زرارة كما قال التفرشى.

(٤) قول المؤلف " كما رواه " في قوة ان القول الذى أشار اليه زرارة رواه على بن الحكم - الخ، لكن لا يلائم ذلك قوله " وأدوا فضل ما بين الديتين " اذ لا فضل حينئذ بينهما على ما هو المفروض الا أن يحمل على ما إذا كان هناك فضل كأن يكون القاتل هو الرجل والمقتول هى المرأة (مراد) وقوله " قتلوه " ينبغى أن يجعل الاسناد مجازيا لان ذلك سبيل منهم على المسلم ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا.

١٢٣

وكذلك إذا كان المسلم متعودا لقتلهم قتل لخلافه على الامام عليه السلام، وإن كانوا مظهرين العداوة والغش للمسلمين.

٥٢٥٧ - وروى علي بن الحكم، عن أبان، عن إسماعيل بن الفضل قال: " سألت أبا عبدالله عليه السلام عن دماء المجوس واليهود والنصارى هل على من قتلهم شئ إذا غشوا المسلمين وأظهروا العداوة والغش لهم؟ قال: لا إلا أن يكون متعودا لقتلهم، قال: وسألته عن المسلم يقتل بأهل الذمة وأهل الكتاب إذا قتلهم؟ قال: لا إلا أن يكون معتادا لذلك لا يدع قتلهم فيقتل وهو صاغر "(١) .

ومتى لم يكن اليهود والنصارى والمجوس على ما عوهدوا عليه من الشرائط التي ذكرناها، فعلى من قتل واحدا منهم ثمانمائة درهم ولا يقاد لهم من مسلم في قتل ولا جراحة كما ذكرته في أول هذا الباب، والخلاف على الامام والامتناع عليه يوجبان القتل فيما دون ذلك، كما جاء في المؤلى(٢) إذا وقف بعد أربعة أشهر أمره الامام بأن يفي أو يطلق، فمتى لم يف وامتنع من الطلاق ضربت عنقه لامتناعه على إمام المسلمين.

٥٢٥٨ - وقد قال النبي صلى الله عليه وآله: " من آذى ذمتى فقد آذاني ".

فإذا كان في إيذائهم إيذاء النبي صلى الله عليه وآله فكيف في قتلهم، وإنما أراد النبي صلى الله عليه وآله

___________________________________

(١) قد أجمع الاصحاب على أن المسلم لا يقتل بالكافر مطلقا ذميا كان أم غيره إذا لم يكن معتادا لقتلهم، وأما إذا اعتاد المسلم قتل أهل الذمة ظلما ففى قتله أقوال: أحدها أنه يقتل قصاصا بعد أن يرد أولياء المقتول فاضل دية المسلم على دية الذمى، ذهب اليه الشيخ في النهاية وأتباعه، وثانيها أنه يقتل حدا لا قصاصا لافساده في الارض فلا رد عليه، وهو قول ابن الجنيد وأبى الصلاح، وثالثها أنه لا يقتل مطلقا وهو قول أكثر المتأخرين. (المرآة)

(٢) من الايلاء، وقوله " يفى " أى يؤدى الكفارة ويرجع.

١٢٤

بذلك فاطمة صلوات الله عليها وقال: إذا كان من آذى ذمتي فقد آذاني لمنعي من ظلمة وإيذائه فكيف من آذى ابنتى وواحدتي التي هي بضعة مني وسيدة نساء الاولين والآخرين، وأتبع عليه السلام ذلك بأن قال: " من آذاها فقد آذاني، ومن غاضها فقد غاضني ومن سرها فقد سرني ".

٥٢٥٩ - وروى ابن محبوب، عن علي بن رئاب، عن بريد العجلي قال: " سألت أبا عبدالله عليه السلام عن مسلم فقا عين نصراني؟ فقال: إن دية عين الذمي أربعمائة درهم "(١) هذا لمن دية نفسه ثمانمائة درهم.

٥٢٦٠ - وروى عثمان بن عيسى، عن سماعة عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " يقتل العبد بالحر، ولا يقتل الحر، بالعبد، ولكن يغرم قيمته ويضرب ضربا شديدا حتى لا يعود ".

٥٢٦١ - وروى حماد، عن الحلبي عن أبي عبدالله عليه السلام أنه قال " في رجل يقتل مملوكه متعمدا قال: يعجبني أن يعتق رقبة، ويصوم شهرين متتابعين، ويطعم ستين مسكينا، ثم تكون التوبة بعد ذلك "(٢) .

٥٢٦٢ - وسأل حمران أبا جعفر عليه السلام " عن رجل ضرب مملوكا له فمات من ضربه، قال: يعتق رقبة "(٣) .

٥٢٦٣ - وروى يحيى بن أبي العلاء، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " إذا قتل العبد

___________________________________

(١) يدل على أن دية الذمى ثمانمائة وفى الاطراف بالنسبة اليها، والخبر في الكافي والتهذيب إلى هنا والباقى من كلام المصنف ظاهرا.

(٢) قوله عليه السلام " يعجبني " ظاهره الاستحباب كما أن في ما يأتى من حديث حمران ظاهره الوجوب.

(٣) لانه شبه العمد، ويحمل على ما إذا لم يضربه بآلة قتالة أو ما هو الغالب منه القتل ذا لا ينافى وجوب شئ آخر كما في صحيحة حمران في الكافى ج ٧ ص ٣٠٣ عن أبى جعفر عليه السلام " في الرجل يقتل مملوكا له، قال: يعتق رقبة ويصوم شهرين متتابعين ويتوب إلى الله عزوجل ".

١٢٥

الحر فلاهل المقتول إن شاؤوا قتلوا وإن شاؤوا استعبدوا "(١) .

٥٢٦٤ - و " قضى أمير المؤمنين عليه السلام في مكاتب قتل، فقال: يحسب ما عتق منه فيؤدى دية الحر وما رق دية العبد، وقال: العبد لا يغرم أهله وراء نفسه شيئا "(٢) .

٥٢٦٥ - وروى ابن محبوب، عن علي بن رئاب، عن الفضيل بن يسار عن أبي - عبدالله عليه السلام " أنه قال في عبد جرح حرا، قال: إن شاء الحر اقتص منه، وإن شاء أخذه إن كانت الجراحة تحيط برقبته، وإن كانت لا تحيط برقبته افتداه مولاه فإن أبى مولاه أن يفتديه كان للحر المجروح من العبد بقدردية جراحته والباقى للمولى يباع العبد فيأخذ المجروح حقه ويرد الباقي على المولى "(٣) .

٥٢٦٦ - وروى الحسن بن محبوب، عن عبدالعزيز العبدي، عن عبيد بن زرارة عن أبي عبدالله عليه السلام " في رجل شج عبدا موضحة، قال: عليه نصف عشر

___________________________________

(١) رواه الشيخ في التهذيب في الموثق أيضا، ويدل على أن العبد إذا قتل حرا فلهم أن يقتلوه أو يستعبدوه ولا يضمن المولى جنايته لكن للمولى أن يفكه بما يرضون. (م ت)

(٢) رواه الكلينى والشيخ في الصحيح عن محمد بن قيس عن أبى جعفر (ع) بدون الذيل وتقدم مضمونه سابقا.

(٣) رواه الكلينى في الحسن كالصحيح، ويدل على أحكام: الاول أن الخيار في جراحة العبد عمدا إلى المجروح بين القصاص واسترقاق الكل ان كانت دية الجناية تحيط برقبته والا فبقدر أرش الجناية كما هو المشهور بين الاصحاب، الثانى أنه مع عدم استيعاب الجناية يفديه مولاه أن أرادوا حمل على ما إذا أراد المجنى عليه أيضا والا فله الاسترقاق بقدر أرش الجناية كماهو الاشهر وعمل بظاهره ابن الجنيد، الثالث أنه مع عدم رضا المولى بالفداء للمجروح استرقاقه بقدر الجناية ولا خلاف فيه، الرابع أن للمولى أن يجبر على بيع جميع العبد ليأخذ قدر أرشه وهو الظاهر من المحقق في الشرايع لكن الظاهر من كلام الاكثر والاوفق بأصولهم أن له أن يبيع بقدر أرش الجناية، ويمكن أن يحمل الخبر على ما إذا رضى المولى بالبيع أو على ما إذا لم يمكن بيع البعض، والاخير أيضا لا يخلو من اشكال، والله يعلم. (المرآة)

١٢٦

قيمته "(١) .

٥٢٦٧ - وروى ابن محبوب، عن علي بن رئاب، عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام " في عبد جرح رجلين، قال: هو بينهما إن كانت جنايته تحيط بقيمته، قيل له: فإن جرح رجلا في أول النهار وجرح آخر في آخر النهار؟ قال: هو بينهما ما لم يحكم الوالي في المجروح الاول، فإن كان الوالي قد حكم في المجروح الاول فدفعه إليه بجنايته فجنى بعد ذلك جناية فإن جنايته على الاخير ".

٥٢٦٨ - وروى علي بن رئاب، عن الحلبي عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " إذا قتل الحر العبد غرم قيمته وادب، قيل له: فإن كانت قيمته عشرين ألفا؟ قال: لا يجاوز بقيمة عبد عن دية حر "(٢) .

٥٢٦٩ - وفي رواية السكوني قال(٣) : قال أمير المؤمنين عليه السلام: " جراحات العبيد على نحو جراحات الاحرار في الثمن ".

٥٢٧٠ - وروى ابن محبوب، عن أبي محمد الوابشي(٤) قال: " سألت أبا عبدالله عليه السلام عن قوام ادعوا على عبد جناية تحيط برقبته فأقر العبد بها، قال: لا يجوز إقرار العبد على سيده، قال(٥) : فإن اقاموا البينة على ما ادعوا على العبد اخذوا العبد بها أو يفتديه مولاه).

٥٢٧١ - وروى ابن محبوب، عن هشام بن سالم، عن ابى بصير قال: (سألت ابا جعفر عليه السلام عن مدبر قتل رجلا عمدا، قال: يقتل به، قلت: فان قتله خطأ؟

___________________________________

(١) لان ية الموضحة نصف العشر من الدية فيحسب من العبد من قيمته.

(٢) في الكافي " لايجاوز بقيمته دية الاحرار ".

(٣) أى قال أبوعبدالله (ع) كما في التهذيب ج ٢ ص ٤٩٩.

(٤) كأنه عبد الله بن سعيد الوابشي وهذه النسبة إلى وابش - بكسر الباء الموحدة - ابن زيد بن عدوان بن عمرو بن قيس عيلان.

وعبدالله بن سهل بن سعيد مهمل ولكن لايضر.

(٥) يعنى قال أبوعبدالله (ع) وقوله " لايجوز " يدل على عدم قبول اقرار العبد بالجنابة لانه اقرار على الغير واقرار العقلاء على انفسهم جائز. (م ت)

١٢٧

قال: يدفع إلى اولياء المقتول فيكون لهم رقا فان شاؤوا استرقوا وان شاؤوا باعوا وليس لهم ان يقتلوه، ثم قال: يا ابا محمد ان المدبر مملوك)(١) .

٥٢٧٢ - وروى ابن محبوب، عن ابى ايوب، عن محمد بن مسلم قال: (سألت ابا جعفر عليه السلام عن مكاتب قتل رجلا خطأ فقال: ان كان مولاه حين كاتبة اشترط عليه انه ان عجز فهو رد إلى الرق فهو بمنزلة المملوك يدفع إلى اولياء المقتول فان شاؤوا استرقوا وان شاؤوا باعوا، وان كان مولاه حين كاتبه لم يشترط عليه وكان قد ادى من مكاتبته شيئا فان عليا عليه السلام كان يقول: يعتق من المكاتب بقدر ما ادى من مكاتبته، وعلى الامام ان يؤدى إلى اولياء المقتول بقدر ما اعتق من المكاتب ولا يبطل دم امرئ(٢) مسلم، وارى ان يكون بما بقى على المكاتب مما لم يؤده رقا لاولياء المقتول يستخدمونه حياته بقدر ما بقى عليه وليس لهم ان يبيعوه)(٣) .

٥٢٧٣ - وروى ابن محبوب، عن على بن رئاب عن ابى عبدالله عليه السلام (في رجل حمل عبدا له على دابة فوطئت رجلا، قال: الغرم على المولى)(٤) .

٥٢٧٤ - وروى ابن محبوب، عن على بن رئاب، عن ابى الورد قال: (سألت ابا جعفر عليه السلام عن رجل قتل عبدا خطا، قال: عليه قيمته ولا يجاوز بقيمته عشرة

___________________________________

(١) يدل على أن المدبر مملوك ولا يعقله المولى ويقتص منه في العمد من الحر والمملوك ولا يقتص منه في الخطأ مطلقا بل يسترق منه بنسبة الجنابة. (م ت)

(٢) لانه (ع) وارثه إذا لم يكن وارث ولاضامن جريرة.

(٣) قال في المسالك: إذا جنى المكاتب فان كان مشروطا أو مطلقا لم يؤد شيئا من مال الكتابة فحكمه حكم المملوك وان كان مطلقا وقد أدى شيئا من مال الكتابة تحرر منه بنسبته وحينئذ يتعلق الجنابة برقبته مبعضة فما قابل نصيب الحرية يكون على الامام في الخطأ وعلى ماله في العمد، وما قابل نصيب الرقية فان فداه المولى فالكتابة بحالها، وان دفعه استرقه أولياء المقتول وبطلت الكتابة في ذلك البعض هذا هو الذي تقتضيه الاصول وعليه أكثر المتأخرين وفي بعض الاخبار دلالة عليه، وفي المسألة أقوال أخر مذكورة في المسالك ج ٢ ص ٤٦٣.

(٤) القول بضمان المولى مطلقا للشيخ وأتباعه ومستندهم هذا الخبر، واشتراط ابن ادريس عدم بلوغ المملوك وقال جنابة العاقل تتعلق برقبته.

١٢٨

آلاف درهم، قلت: ومن يقومه وهو ميت؟ قال: ان كان لمولاه شهود ان قيمته يوم قتله كذا وكذا اخذبها قاتله، وان لم يكن لمولاه شهود كانت القيمة على الذى قتله مع يمينه يشهد اربع مرات بالله ماله قيمة اكثر مماقومته، وان ابى ان يحلف ورد اليمين على المولى اعطى المولى ما حلف عليه، ولا يجاوز بقيمته عشرة آلاف درهم، قال: وان كان العبد مؤمنا فقتله عمدا اغرم قيمته، واعتق رقبة، وصام شهرين متتابعين، واطعم ستين مسكينا وتاب إلى الله عزوجل)(١) .

٥٢٧٥ - وروى ابن محبوب، عن ابى ولاد قال: (سالت ابا عبدالله عليه السلام عن مكاتب(٢) جنى على رجل حر جناية فقال: ان كان ادى من مكاتبته شيئا غرم في جنايته بقدر ما ادى من مكاتبته للحر، وان عجز عن حق الجناية اخذ ذلك من المولى الذى كاتبه، قلت: فان كانت الجناية لعبد، قال: على مثل ذلك يدفع إلى مولى العبد الذى جرحه المكاتب، ولا يقاص بين المكاتب وبين العبد إذا كان المكاتب قد ادى من مكاتبته شيئا،(٣) فان لم يكن ادى من مكاتبته شيئا فانه يقاص للعبد منه او يغرم المولى كل ما جنى المكاتب لانه عبده مالم يؤد من مكاتبته شيئا(٣) ، قال: وولد المكاتبة كامه ان رقت رق وان عتقت عتق).

باب مايجب فيه الدية ونصف الديه فيما دون النفس

٥٢٧٦ - في رواية السكونى (ان اميرالمؤمنين عليه السلام قال: في ذكر الصبى الدية، وفي [ذكر] العنين الدية).(٤)

___________________________________

(١) رواه الشيخ في التهذيب ج ٢ ص ٤٩٩ بدون قوله " واطعم ستين مسكينا ".

(٢) في الكافي والتهذيب " عن مكاتب اشترط عليه مولاه حين كاتبه ".

(٣) الخبر في الكافي والتهذيب إلى هنا وليست التتمة فيهما.

(٤) رواه الكلينى ج ٧ ص ٣١٣ بسنده المعروف عن السكوني، والمشهور بين الاصحاب أن في ذكر العنين ثلث الدية لكونه في حكم العضو لمشلول ولم يعملوا بهذا الخبر لضعفه وفي المسألة اشكال (المرآة) أقول: اما الدية الكاملة في ذكر الصبي فلاخلاف فيه ظاهرا وهو وان لم تكن له فائدة في الحال فمرجو في المال.

١٢٩

٥٢٧٧ - وروى عبدالله بن ميمون(١) عن ابى عبدالله عن ابيه عليهما السلام قال: (اتي امير المؤمنين عليه السلام برجل قد ضرب رجلا حتى انتقص من بصره فدعا برجال من اسنانه ثم اراهم شيئا فنظر ما انتقص من بصره فأعطاه دية ما انتقص من بصره).(٢)

٥٢٧٨ - وروى موسى بن بكر، عن العبد الصالح عليه السلام (في رجل ضرب رجلا بعصا فلم يرفع عنه العصا حتى مات، قال: يدفع إلى اولياء المقتول ولكن لايترك يتلذذ به ولكن يجاز عليه بالسيف)(٣) .

٥٢٧٩ - وروى ابن المغيرة، عن عبدالله بن سنان عن ابى عبدالله عليه السلام قال: (دية اليد إذا قطعت خمسون من الابل، فما كان جروحا دون الاصطلام(٤) فيحكم به ذوا عدل منكم(٥) ، ومن لم يحكم بما انزل الله فاولئك هم الكافرون).

٥٢٨٠ - وروى محمد بن قيس(٦) عن احدهما عليهما السلام (في رجل فقأعين رجل وقطع انفه واذنيه ثم قتله، فقال: ان كان فرق ذلك عليه اقتص منه ثم قتل، وان كان ضربه ضربة واحدة فأصابه ذلك، ضربت عنقه ولم يقتص منه).

___________________________________

(١) الطريق اليه حسن كالصحيح بابراهيم بن هاشم.

(٢) يدل على انه إذا انتقص البصر من الجنابة فانه يقاس بذوى أسنانه. (م ت) (تقدم تحت رقم ٥١٩٤ ولامناسبة له بالباب.

(٤) أى لم يقطع عضو تام والاصطلام الاستيصال.

(٥) بأن يعتبرا نسبة ماقطع من الاصل بالمساحة ويقطع من الجاني بتلك النسبة، او يؤدى ديته بالنسبة، وان لم يكن في عضو مقدر له الدية فيعتبر ان بأنه اذاكان الحر عبدا كم كانت قيمته صحيحا وكم كانت معيبا ويلاحظ النسبتان فبقدر مانقص يؤخذ من الدية، ويمكن ان يكون " ذو عدل ". (م ت)

(٦) طريق المصنف إلى محمد بن قيس حسن كالصحيح بابراهيم بن هاشم.

١٣٠

٥٢٨١ - وروى ابن محبوب، عن ابى ايوب، عن بريد العجلى، عن ابى جعفرعليه السلام قال: (ان في لسان الاخرس وعين الاعمى وذكر الخصى الحر وانثييه ثلث الديه، وفي ذكر الغلام الدية كاملة).

٥٢٨٢ - وروى ابن محبوب، عن اسحاق بن عمار قال: سمعت ابا عبدالله عليه السلام يقول: (قضى اميرالمؤمنين عليه السلام في الرجل يضرب على عجانه(١) فلايستمسك غائطه ولا بوله ان في ذلك الدية كاملة)(٢) .

٥٢٨٣ - وروى ابن محبوب، عن جميل بن صالح، عن ابى عبيدة الحذاء قال: (سألت ابا جعفر عليه السلام عن رجل ضرب رجلا بعمود فسطاط على رأسه ضربة واحدة فأجافه حتى وصلت الضربة إلى دماغه فذهب عقله، فقال: ان كان المضروب لايعقل منها الصلاة ولا يعقل ما قال ولا ما قيل له فانه ينتظر به سنة، فان مات فما بينه وبين السنة اقيد به ضاربه، وان لم يمت فيما بينه وبين السنة ولم يرجع اليه عقله اغرم ضاربه الدية في ماله لذهاب عقله، قال: فقلت له: فما ترى عليه في الشجة شيئا، فقال: لا لانه انما ضربه ضربة واحدة فجنت الضربة جنايتين فألزمته اغلظ الجنايتين وهى الدية، ولو كان ضربه ضربتين فجنت الضربتان جنايتين لالزمته جناية ما جنت الضربتان كائنا ماكانتا الا ان يكون فيهما الموت فيقاد به ضار به وتطرح الاخرى(٣) ، قال: وان ضربه ثلاث ضربات واحدة بعد واحدة فجنين ثلاث جنايات الزمته جناية ما جنين الثلاث الضربات كائنات ما كن ما لم يكن فيهن الموت فيقاد

___________________________________

(١) العجان - ككتاب -: مابين الذكر والاست، أو حلقة الدبر.

(٢) عمل به الاصحاب، ويمكن أن يكون الواو بمعنى " أو " فحينئذ ذهاب كل واحد من المنفعتين سبب للدية.

(٣) هذا ينافي مامر في رواية محمد بن قيس " وان كان فرق ذلك عليه اقتص منه ثم قتل " وقد ذهب إلى مضمون كل منهما بعض ويمكن الجمع بينهما بحمل دخول الجنايات في الموت على وقوع الموت بالسراية وعدم دخولها على ماإذا كانت الجناية الاخيرة هى القتل ولعل في اختياره (ع) لفظ الموت على القتل في هذا الحديث في مواضع اشعاراالى هذا. (مراد)

١٣١

به ضاربه، قال: وان ضربه عشر ضربات فجنين جناية واحدة الزمته تلك الجناية التى جنتها العشر الضربات كائنة ماكانت ما لم يكن فيها الموت).

٥٢٨٤ - وروى ابن محبوب، عن هشام بن سالم، عن حبيب السجستانى قال (سألت ابا جعفر عليه السلام عن رجل قطع يدين لرجلين اليمينين، فقال: يا حبيب تقطع يمينه للرجل الذى قطع يمينه او لا، ويقطع يساره للذى قطع يمينه آخرا لانه انما قطع يد الرجل الاخير ويمينه قصاص للرجل الاول، فقلت: ان امير المؤمنين عليه السلام انما كان يقطع اليد اليمنى والرجل اليسرى، فقال: انما كان يفعل ذلك فيما يجب من حقوق الله عزوجل، فاما حقوق المسلمين يا حبيب فانه يؤخذ لهم حقوقهم في قصاص اليد باليد إذا كانت للقاطع يد، والرجل باليد إذا لم يكن للقاطع يدان، فقلت له: اما توجب عليه الدية وتترك له رجله؟ فقال: انما توجب عليه الدية إذا قطع يد رجل وليس للقاطع يدان ولا رجلان فثم توجب عليه الدية لانه ليست له جارحة يقاص منها).

٥٢٨٥ - وروى ابن ابى عمير، عن القاسم بن عروة، عن ابن بكير، عن زرارة عن ابى عبدالله عليه السلام قال: (في اليد نصف الدية وفي اليدين جميعا الدية وفي الرجلين كذلك، وفي الذكر إذا قطعت الحشفة وما فوق ذلك الدية، وفي الانف إذا قطع المارن الدية (قال مصنف هذا الكتاب رحمه الله: وجدت في كتاب ابن الاعرابى في صفة خلق الانسان ان المارن مالان من غضروفه، والغضروف هو الرقيق الابيض كالعظم يكون في المارن والمارن كله غضاريف)(١) وفي الشفتين الدية، وفي العينين الدية، وفي احديهما نصف الدية)(٢) .

٥٢٨٦ - وروى ابن محبوب، عن ابى جميلة، عن ابان بن تغلب عن ابى عبدالله عليه السلام قال: (في الشفة السفلى ستة آلاف وفي العليا اربعة آلاف لان السفلى تمسك الماء).

___________________________________

(١) مابين القوسين كلام المؤلف توسط بين الخبر.

(٢) في التهذيب مكان " وفي الشفتين " وفي البيضتين " وفي الكافي كما في المتن.

١٣٢

٥٢٨٧ - وروى عن محمد بن قيس عن ابى جعفر عليه السلام قال (قضى اميرالمؤمنين عليه السلام في رجل اصيب إحدى عينيه ان تؤخذ بيضة نعامة فيمشى بها وتوثق عينه الصحيحة حتى لايبصر بها وينتهي بصره(١) ثم يحسب ما بين منتهى بصرعينه التى اصيبت وبين عينه الصحيحة فيؤدى بحساب ذلك).

٥٢٨٨ - وروى ابن ابى عمير، عن هشام بن سالم عن ابى عبدالله عليه السلام قال: (كل ما كان في الانسان اثنين ففيهما الدية، وفي احديهما نصف الدية، وما كان واحدا ففيه الدية).

٥٢٨٩ - وروى ابن محبوب، عن عبدالوهاب بن(٢) الصباح، عن على(٣) ، عن ابى بصير عن ابى عبدالله عليه السلام انه قال: (في رجل وجئ في اذنه فادعى ان إحدى اذنيه نقص من سمعه بها شئ، قال: تشد التى ضربت شدا جيدا وتفتح الصحيحة فيضرب له بالجرس حيال وجهه ويقال له: اسمع فاذا خفى عليه صوت الجرس علم مكانه ثم يذهب بالجرس من خلفه فيضرب به من خلفه حتى يخفى عليه الصوت فاذا خفى عليه علم مكانه، ثم يقاس ما بينهما فان كانا سواء علم انه قد صدق ثم يؤخذ به عن يمينه فيضرب به حتى يخفى، ثم يعلم ثم يؤخذ به عن يساره فيضرب به حتى يخفى ثم يعلم به ثم يقاس ما بينهما فان كانا سواء علم انه قد صدق، قال: ثم تفتح اذنه المعتلة وتشد الاخرى شدا جيدا، ثم يضرب بالجرس من قدامه ثم يعلم حتى يخفى يصنع به كما صنع اول مرة باذنه الصحيحة ثم يقاس ما بين الصحيحة والمعتلة فيقوم من حساب ذلك)(٤) .

٥٢٩٠ - وروى ابن محبوب عن ابيه(٥) عن حماد بن زياد، عن سليمان بن خالد

___________________________________

(١) تقدم مثله في كتاب ظريف. وبالنظر إلى ما مر فيه سقط والساقط " ثم توثق عينه المصابة فيمشي بها حتى لا يبصرها وينتهي بصره ".

(٢) استثنى منه البيضتين.

(٣) يعني على بن أبي حمزة البطائني.

(٤) قال العلامة المجلسي: عليه الفتوى لكن لم يعتبر بعضهم الجهات الاربع بل اكتفوا بما يحصل معه العلم بصدقه وقالوا: لو ادعى نقصانها فنسبا إلى أبناء سنه.

(٥) " عن أبيه " زائدة من النساخ ولم يعهد رواية ابن محبوب عن أبيه لا في هذا الكتاب ولا في غيره.

١٣٣

عن ابى عبدالله عليه السلام قال: (سألته عن رجل وجأ اذن رجل بعظم فادعى انه ذهب سمعه كله، قال: يؤجل سنة ويترصد بشاهدى عدل فان جاء‌ا فشهدا انه سمع وانه اجاب على سمع فلا حق له(١) ، وان لم يعثر على انه سمع استحلف ثم انه اعطى الدية، قال: قلت: فانه يسمع بعد ما اعطى الدية قال: هو شئ اعطاه الله تعالى اياه، قال: وسألته عن العين يدعى صاحبها انه لا يبصربها، قال: يؤجل سنة ثم يستحلف بعد السنة انه لا يبصر ثم يعطى الدية، قلت: فانه ابصر بعد ذلك.

قال: هو شئ اعطاه الله اياه).

٥٢٩١ - وفي رواية السكونى (ان اميرالمؤمنين عليه السلام قضى في الصلب إذا انكسر الدية)(٢) .

٥٢٩٢ - وروى هشام بن سالم، عن سليمان بن خالد قال: (سألت ابا عبدالله عليه السلام عن رجل كسر بعصوصه فلم يملك استه(٣) ما فيه من الدية؟ فقال: الدية كاملة، قال: وسألته عن رجل وقع بجارية فأفضاها وهى إذا نزلت بتلك المنزلة لم تلد، فقال: الدية كاملة).

٥٢٩٣ - وروى حماد، عن الحلبى عن ابى عبدالله عليه السلام قال: (سالته عن رجل تزوج جارية فوقع عليها فأفضاها، قال: عليه الاجراء عليها مادامت حية)(٤) .

٥٢٩٤ - وفى رواية السكونى قال: قال: اميرالمؤمنين عليه السلام: (لاتقاس عين في يوم غيم).

باب دية الاصابع والاسنان والعظام

٥٢٩٥ - روى عثمان بن عيسى، عن سماعة عن ابى عبدالله عليه السلام قال: (سالته

___________________________________

(١) أى على من شأنه أن يسمع فلا حق له (مراد)

(٢) رواه الشيخ في التهذيب بسنده عن النوفلى عن السكوني وليس فيه " إذا انكسر ".

(٣) البعصوص - كقربوس - عظم الورك.

(٤) الاجراء الانفاق، وظاهره وجوب الانفاق عليها وان تزوجت وقد قيد بعدم التزويج اذ لايعقل وجوب الانفاق على الاثنين. (مراد)

١٣٤

عن الاصابع هل لبعضها على بعض فضل في الدية؟ قال: هن سواء في الدية)(١) .

٥٢٩٦ - وروى عاصم بن حميد، عن ابى بصير عن ابى عبدالله عليه السلام قال: (سألته عن السن والذراع يكسران عمدا الهما ارش او قود؟ فقال: قود، قال: قلت فان اضعفوا له الدية؟ فقال: ان ارضوه بما شاء فهو له)(٢) .

٥٢٩٧ - وفي رواية ابن بكير، عن زرارة عن ابى عبدالله عليه السلام قال: (في الاصبع عشر من الابل إذا قطعت من اصلها او شلت).(٣)

٥٢٩٨ - وفي رواية جميل، عن بعض اصحابنا عن احدهما عليهما السلام قال: (في سن الصبى يضربها الرجل فتسقط ثم تنبت، قال: ليس عليه قصاص وعليه الارش، و(٤) قال في الرجل تكسر يده ثم تبرأ يده، قال: لايقتص منه ولكن يغشى الارش، وسئل جميل كم الارش في سن الصبى وكسر اليد؟ قال: شئ يسير.

ولم يرو فيه شيئا معلوما).

٥٢٩٩ - روى ابن محبوب، عن عبدالله بن سنان، عن ابى عبدالله عليه السلام قال: (اصابع اليدين والرجلين في الدية سواء(٥) وقال: في السن إذا ضربت انتظر بها

___________________________________

(١) حمل على غير الايهام جمعا بين هذا الخبر وبين ما تقدم في خبر ظريف.

(٢) المراد أن مقتضى العمد القود فلا يصار إلى الدية الا لامر آخر، كما إذا كان الكسر على وجه لا يمكن الاتيان بمثله عادة، أو برئ أو رضي المجني عليه بالدية أو بالاقل أو بالاكثر أو عفى.

ومعنى " أضعفوا " أعطوا ضعف الدية وضمير " أرضوه " للمجني عليه المفهوم من سوق الكلام. (مراد)

(٣) لعل المراد بالشلل هنا قطع الحياة عنها بالكلية بحيث يصير عدمها أحسن من وجودها جمعا بينه وبين كثير من الاحاديث الدالة على إن دية شلل عضو ثلث دية ذلك العضو. (مراد)

(٤) تقدم أن الارش أن يفرض عبدا وينظر قيمته صحيحا ومعيوبا بهذا العيب الذي يرجى زواله فما نقص من القيمة فبنسبته من الدية أرش، وانما كان في سن الصبي الارش دون الدية لانه كالعضو الزائد لانه يسقط غالبا ثم ينبت. (م ت)

(٥) تقدم الكلام فيه في ذيل مامر والخبر إلى هنا رواه الشيخ في التهذيب مع زيادة في رواية والبقية في رواية أخرى كما فعله الكليني أيضا.

١٣٥

سنة، فان وقعت اغرم الضارب خمسمائة درهم، وإن لم تقع واسودت اغرم ثلثى ديتها)(١) .

٥٣٠٠ - و (قضى اميرالمؤمنين عليه السلام(٢) في الاسنان التى تقسم عليها الدية انها ثمانية وعشرون سنا، ستة عشر في مواخير الفم واثنا عشر في مقاديمه، فدية كل سن من المقاديم إذا كسر حتى يذهب خمسون دينارا فيكون ذلك ستمائة دينار، ودية كل سن من المواخير إذا كسر حتى يذهب على النصف من دية المقاديم خمسة وعشرون دينارا فيكون ذلك اربعمائة دينار فذلك الف دينار، فما نقص فلا دية له وما زاد فلا دية له)(٣) .

قال مصنف هذا الكتاب رحمه الله: إذا اصيبت الاسنان كلها فمازاد على الخلقة المستوية وهى ثمانية وعشرون سنا فلادية لها، وإذا اصيبت الزائدة مفردة عن جميعها ففيها ثلث دية التى تليها)(٤) .

٥٣٠١ - وروى ابن محبوب، عن على بن رئاب، عن فضيل بن يسار قال: (سألت ابا عبدالله عليه السلام عن الذراع إذا ضرب فانكسر منه الزند، فقال: إذا يبست منه الكف او شلت اصابع الكف كلها فان فيها ثلثى دية اليد، قال: وان شلت بعض

___________________________________

(١) ظاهره تساوي الاسنان لعدم التفصيل ولا يبعد حملها على المقاديم لاطلاق السن عليها واطلاق الضرس على المآخير شايع.

(٢) لم أجده مسندا وسيجئ مضمونه.

(٣) قال الفاضل التفرشي: ظاهره أنه إذا ذهبت الاسنان كلها بالجناية وزادت على ثمانية وعشرين لم يزد ديتها على كمال الدية سواء كانت الزائدة نابتة في طرف الاسنان المتسلسلة بحيث يمتاز عن الاصلية أم لا، وينبغي حمل الحديث على ذلك جمعا بينه وبين ما دل على أن دية الزائدة ثلث دية الصحيحة.

(٤) قال في المسالك " فمازاد عن الثمانية والعشرين يجعل بمنزلة السن الزائدة فيها ثلث دية الاصلية بحسب محلها لكن ذلك مع تمييزها عن الاصلية أما مع اشتباهها كماهو الغالب من بلوغ الاسنان اثنين وثلاثين من غير أن يتميز بعضها عن بعض فيشكل الحكم

١٣٦

الاصابع وبقى بعض فان في كل اصبع شلت ثلثى ديتها، قال: وكذلك الحكم في الساق والقدم إذا شلت اصابع القدم)(١) .

٥٣٠٢ - وروى محمد بن يحيى الخراز، عن غياث بن ابراهيم عن ابى عبدالله عليه السلام قال: (في الاصبع الزائدة إذا قطعت ثلث دية الصحيحة)(٢) .

٥٣٠٣ - وروى ابن محبوب، عن اسحاق بن عمار عن ابى عبدالله عليه السلام قال: (قضى اميرالمؤمنين عليه السلام في الجرح في الاصابع إذا اوضح العظم عشردية الاصبع إذا لم يرد المجروح ان يقتص)(٣) .

٥٣٠٤ - وروى ابن محبوب، عن هشام بن سالم، عن زياد بن سوقة، عن الحكم ابن عتيبة قال: قلت لابى جعفر عليه السلام: (اصلحك الله ان بعض الناس له في فيه اثنان وثلاثون سنا وبعضهم له ثمانية وعشرون سنا فعلى كم تقسم دية الاسنان؟ فقال: الخلقة انما هى ثمانية وعشرون سنا اثنا عشر سنا في مقاديم الفم وستة عشر سنا في مواخيره، فعلى هذا قسمت دية الاسنان فدية كل سن من المقاديم إذا كسر حتى يذهب خمسمائة درهم وهى اثنا عشر سنا فديتها ستة آلاف درهم، ودية كل سن من الاضراس إذا كسر حتى يذهب مائتان وخمسون درهما وهى ستة عشر سنا فديتها كلها اربعة آلاف درهم، فجميع دية المقاديم والمواخير من الاسنان عشرة آلاف درهم وانما وضعت الدية على هذا فما زاد على ثمانية وعشرين سنا فلادية له وما نقص فلادية له، وهكذا وجدناه في كتاب اميرالمؤمنين عليه السلام قال الحكم: فقلت ان

___________________________________

(١) رواه الكليني والشيخ، ويدل على أن في مثل شلل اليدين والرجلين وأصابعهما ثلثي دية ذلك العضو، وعمل به الاصحاب، ويظهر منه تداخل دية الشجة والكسر في دية الشلل.(م ت)

(٢) رواه الكليني والشيخ وعليه الفتوى.

(٣) يدل على أنه يجوز القصاص في الموضحة، ودية موضحة الاصبع عشر دية الاصبع، والذى في كتاب ظريف أن في موضحة كل عضو ربع كسره وهي الخمس ففي الموضحة نصف العشر.(م ت)

١٣٧

الديات انما كانت تؤخذ قبل اليوم من الابل والبقر والغنم، فقال: انما كان ذلك في البوادي قبل الاسلام فلما ظهر الاسلام وكثرالورق في الناس قسمها اميرالمؤمنين عليه السلام على الورق: قال الحكم: فقلت له: أرأيت من كان اليوم من اهل البوادي ما الذى يؤخذ منه في الدية اليوم الورق او الابل؟ فقال: الابل هى مثل الورق بل هى افضل من الورق في الدية انهم كانوا يأخذون منهم في دية الخطا مائة من الابل: يحسب لكل بعير مائة درهم فذلك عشرة آلاف درهم، قلت: فما أسنان المائة البعير؟ فقال: ما حال عليها الحول ذكران كلها)(١) .

باب الرجل يقتل فيعفو بعض اوليائه ويريد بعضهم القود وبعضهم الدية

٥٣٠٥ - في رواية جميل بن دراج قال: (قضى امير المؤمنين عليه السلام في رجل قتل وبه وليان فعفا احدهما واراد الاخر ان يقتل، قال: يقتل ويرد على اولياء المقتول المقاد نصف الدية)(٢) .

٥٣٠٦ - وروى الحسن بن محبوب، عن ابى ولاد الحناط قال: (سألت ابا عبدالله عليه السلام عن رجل قتل وله اب وام وابن، فقال الابن: انا اريد ان اقتل قاتل ابى، وقال الاخر(٣) انااعفو، وقال الاخر(٤) انا اريد ان آخذ الدية، قال:

___________________________________

(١) " ماحال عليه الحول " خلاف المشهور والاخبار السابقة، وقال العلامة المجلسي ولم أربه قائلا.

(٢) كأنه مضمون الخبر ولفظه كمافي الكافي والتهذبين مسندا عن ابن أبي عمير، عن جميل، عن بعض أصحابه رفعه إلى أمير المؤمنين عليه السلام " في رجل قتل وله وليان فعفا أحدهما وأبى الاخر أن يعفو، قال: ان أراد الذى لم يعف أن يقتل قتل ورد نصف الدية على أولياء المقتول المقاد منه " والظاهر أن المصنف نقله بالمعنى.

(٣) يعنى الاب كماهو صريح الكافي والتهذيب.

(٤) يعنى الام كماهو في التهذيبين والكافي.

١٣٨

فليعط الابن ام المقتول السدس من الدية، ويعطى ورثه القاتل السدس من الدية حق الاب الذى عفا ويقتله).

٥٣٠٧ - وروى الحسن بن محبوب، عن ابى ولاد قال: (سالت ابا عبدالله عليه السلام عن رجل قتل وله اولاد صغار وكبار أرأيت ان عفا أولاده الكبار، فقال: لا يقتل ويجوز عفو الكبار في حصصهم فاذا كبر الصغار كان لهم ان يطلبوا حقهم من الدية)(١) .

وقد روى انه إذا عفا واحد من الاولياء عن الدم ارتفع القود(٢) .

باب العاقلة(٣)

٥٣٠٨ - روى الحسن بن محبوب، عن مالك بن عطية، عن ابيه، عن سلمة بن

___________________________________

(١) ظاهره عدم جواز القود كما هو مذهب العامة، ويمكن أن يقال: جواز أخذ الدية لاينافي جواز القود مع أنه يمكن حمله على غير العمد. (المرآة)

(٢) المراد مارواه الكليني ج ٧ ص ٣٥٨ في الصحيح عن عبدالرحمن، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " سألته عن رجل قتل رجلين عمدا ولهما أولياء فعفا أولياء أحدهما وأبى الآخرون، قال: فقال: يقتل الذي لم يعف وان أحبوا أن يأخذوا الدية أخذوا، وقال عبدالرحمن: فقلت لابي عبدالله عليه السلام: فرجلان قتلا رجلا عمدا وله وليان فعفا أحد الوليين، قال: فقال: إذا عفا بعض الاولياء درأ عنهما القتل وطرح عنهما من الدية بقدر حصة من عفى وأديا الباقي من أموالهما إلى الذين لم يعفوا " وقال الفاضل التفرشي: ينبغي حمله على الاستحباب للجمع.

(٣) العقل هوالدية وأصله أن القاتل كان إذا قتل قتيلا جمع الدية من الابل فعقلها بفناء أولياء المقتول: أى شدها في عقلها ليسلمها ويقضبوها منه، فسميت الدية عقلا بالمصدر يقال عقل البعير يعقله عقلا وجمعها عقول، وكان أصل الدية الابل ثم قومت بعد ذلك بالذهب والفضة والبقر والغنم وغيرها، والعاقلة هي العصبة والاقارب من قبل الاب الذين يعطون دية قتيل الخطأ وهي صفة جماعة عاقلة وأصلها اسم، فاعلة من العقل وهي من الصفات الغالبة ومنه الحديث " الدية على العاقلة ". (النهاية)

١٣٩

كهيل(١) قال: (اتي على بن ابى طالب عليه السلام برجل قد قتل رجلا خطأ، فقال على عليه السلام، من عشيرتك وقرابتك فقال: ما لى بهذة البلدة قرابة ولا عشيرة فقال: من اهل اى البلدان انت؟ فقال: انا رجل من اهل الموصل ولدت بها ولى فيها قرابة واهل بيت، فسأل امير المؤمنين عليه السلام عنه فلم يجد له بالكوفة قرابة ولا عشيرة، قال: فكتب إلى عامله على الموصل (اما بعد فان فلان بن فلان، وحليته كذا وكذا قتل رجلا من المسلمين خطأ وقد ذكر انه رجل من اهل الموصل وان له بها قرابة واهل بيت، وقد بعثت به اليك مع رسولى فلان بن فلان وحليته كذا وكذا، فاذا وردا عليك ان شاء الله فقرأت كتابى فافحص عن امره وسل عن قرابته من المسلمين(٢) فان كان من اهل الموصل ممن ولدبها واصبت له بها قرابة من المسلمين فاجمعهم اليك ثم انظر فان كان هناك رجل يرثه له سهم في الكتاب لايحجبه عن ميراثه احد من قرابته فالزمه الدية وخذه بها في ثلاث سنين(٣) ، وان لم يكن له من قرابته احد له سهم في الكتاب وكانوا قرابته سواء في النسب، ففض الدية على قرابته من قبل ابيه وعلى قرابته من قبل امه من الرجال المدركين المسلمين، ثم اجعل على قرابته من قبل ابيه ثلثى الدية، واجعل على قرابته من قبل امة ثلث الدية، وان لم تكن له قرابة من امه ففض الدية على قرابته من قبل ابيه من الرجال المدركين

___________________________________

(١) سلمة بن كهيل تابعي لم يوثق في رجالنا الخاصة صريحا بل ورد فيه بعض الذم لكن عنونه العامة كابن حجر وغيره ووثقوه فوق الغاية مع أنهم قائلون بتشيعه وكيف كان الخبر مرسل لان سلمة بن كهيل كماصرح به جماعة ولد سنة ٤٧ ومات أمير المؤمنين عليه السلام سنة ٤٠.

راجع تقريب التهذيب وتهذيب التهذيب والمعارف لابن قتيبة، واحتمال التعدد بعيد.

(٢) يستفاد منه أن الكافر ليس عاقلة مسلم لانه ممنوع عن ميراثه. (مراد)

(٣) التخصيص بالرجل يدل على أن المرأة لاتكون عاقلة ولا غير البالغ والظاهر أن الرجل الذى له سهم في الكتاب العزيز هو الاب والزوج والكلالة والدية كلها عليه لو قدر انحصار الوارث فيه، فهوحجة لمن قال بذلك وظاهر المصنف أنه يعمل بمضمون هذا الخبر ومن يمنع من ذلك بادخال قرابة الام في العاقلة أو غير ذلك يرد الخبر للقدح في سلمة بن كهيل (مراد) أقول: قد عرفت أن سلمة لم يدرك أمير المؤمنين عليا عليه السلام.

١٤٠

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

معاوية بالهزيمة الساحقة ، فاستجاب لهم الإمام على كره ، وقد حذّرهم مِنْ أنّها مكيدة وخديعة فلمْ يكن يجدي ذلك معهم وأصروا على فكرتهم.

ولمّا استبان لهم ضلال ما اقترفوه أقبلوا على الإمام وهم يقولون له : إنّا قد كفرنا وتبنا فاعلن توبتك ، وقرّ على نفسك بالكفر لنكون معك ، فأبى (عليه السّلام) فاعتزلوه ، واتّخذوا لهم شعاراً (لا حكم إلاّ لله) ، وانغمسوا في الباطل ، وماجوا في الضلال ؛ فحاربهم الإمام (عليه السّلام) وقضى على الكثيرين منهم ، إلاّ أنّ البقيّة الباقية منهم ظلّت تواصل نشر أفكارها بنشاط ، وقد لعبت دوراً مهمّاً في إفساد جيش الإمام الحسن (عليه السّلام) حتّى اضطر إلى الصلح مع معاوية ، كما كان أكثر الجيش الذي زجّه ابن زياد لحرب الإمام الحُسين مِن الخوارج ، وكانوا موتورين مِن الإمام أمير المؤمنين (عليه السّلام) ، فرووا أحقادهم مِنْ أبنائه الطيّبين في كارثة كربلاء.

الحزب الاُموي :

وهؤلاء يمثّلون وجوه الكوفة وزعماءها ، كقيس بن الأشعث وعمرو بن الحجّاج الزبيدي ، ويزيد بن الحرث وشبث بن ربعي ، وعمرو بن حُريث وعمر بن سعد ، وكانوا يدينون بالولاء لبني اُميّة ، ويرون أنّهم أحقّ بالخلافة وأولى بزعامة الاُمّة مِنْ آل البيت (عليهم السّلام).

وقد لعبوا دوراً خطيراً في فشل ثورة مسلم ، كما زجّوا الناس لحرب الإمام الحُسين.

٤٤١

الشيعة :

وهي التي تدين بالولاء لأهل البيت (عليهم السّلام) ، وترى أنّه فرض ديني ، وقد أخلصت شيعة الكوفة في الولاء لهم ، أمّا مظاهر حبّهم فهي :

1 ـ الخطب الحماسية التي يُمجّدون فيها أهل البيت ويذكرون فضلهم ومآثرهم ، وما شاهدوه مِنْ صنوف العدل والحق في ظلّ حكومة الإمام أمير المؤمنين.

2 ـ الدموع السخية التي يهريقونها حينما يذكرون آلام آل البيت (عليه السّلام) وما عانوه في عهد معاوية مِن التوهين والتنكيل ، ولكنّهم لمْ يبذلوا أيّ تضحية تذكر لعقيدتهم ، فقد كان تشيّعهم عاطفيّاً لا عقائديّاً ، وقد تخلّوا عن مسلم وتركوه فريسة بيد الطاغية ابن مرجانة.

ويروي البلاذري أنّهم كانوا في كربلاء ، وهم ينظرون إلى ريحانة رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وقد تناهبت جسمه الشريف السيوف والرماح فكانوا يبكون ، ويدعون الله قائلين : اللّهم انزل نصرك على ابن بنت نبيك. فانبرى إليهم أحدهم فأنكر عليهم ذلك الدعاء ، وقال لهم : هلاّ تهبّون إلى نصرته بدل هذا الدعاء ، وقد جرّدهم الإمام الحُسين (عليه السّلام) مِنْ إطار التشيّع وصاح بهم : «يا شيعة آل أبي سفيان ...».

والحقّ أنّ الشيعة بالمعنى الصحيح لمْ تكن إلاّ فئة نادرة في ذلك العصر ، وقد التحق بعضهم بالإمام الحُسين واستشهدوا معه ، كما زُجّ الكثيرون منهم في ظلمات السجون.

وعلى أيّ حالٍ ، فلمْ يكن المسلمون في الكوفة على رأي واحد وإنّما كانت هناك انقسامات خطيرة بين صفوفهم.

٤٤٢

النصارى :

مِن العناصر التي سكنت الكوفة النصارى ، فقد أقبلوا إليها مِن الحيرة بعد زوال مجدها وقد أقاموا لهم في الكوفة عدّة كنائس ، فقد كانت لهم كنيسة في ظهر قبلة المسجد الأعظم(1) ، وكان لهم أسقفان ؛ أحدهما نسطوري والآخر يعقوبي(2) ، وكانوا طائفتين :

1 ـ نصارى تغلب :

وقد استوطنوا الكوفة عند تخطيطها مع سعد ، وكانت لهذه الطائفة عزّة ومنعة(3) ، وقد رفض أبناؤها دفع الجزية ممّا اضطر عمر أنْ يعاملهم معاملة المسلمين فجعل جزيتهم مثل صدقة المسلمين(4) .

2 ـ نصارى نجران :

نزلوا الكوفة في خلافة عمر ، واستوطنوا في ناحية منها سمّيت محلّة (النجرانية)(5) .

وقد شاركت النصارى مشاركة إيجابية في كثير مِنْ أعمال الدولة ، فقد اتّخذ أبو موسى الأشعري أمير الكوفة كاتباً نصرانياً(6) ، كما ولّى الوليد بن عقبة والي عثمان رجلاً مسيحياً لإدارة شؤون مسجد قريب مِن الكوفة(7) .

__________________

(1) فتوح البلدان / 284.

(2) خطط الكوفة / 35.

(3) تاريخ الطبري.

(4) تاريخ الطبري.

(5) حياة الشعر في الكوفة / 144.

(6) عيون الأخبار 1 / 43.

(7) الأغاني 4 / 184.

٤٤٣

وقد شغل المسيحيون في الكوفة أعمالَ الصيرفة وكوّنوا أسواقاً لها(1) ، وكانت الحركة المصرفية بأيديهم ، كما كانوا يقومون بعقد القروض لتسهيل التجارة ، وكانت تجارة التبادل والصيرفة بأيديهم(2) ، وقد مهروا في الصيرفة ونظّموها على شكل يشبه البنوك في هذا العصر.

وكانت هذه البنوك الأهلية تستقرض منها الحكومة المحلّية الأموال إذا حدثت ثورة في القطر ، فكانت الأموال توزّع على أعضاء الثورة لإخمادها. وقد استقرض منها ابن زياد الأموال فوزّعها على وجوه الكوفة وأشرافها للقضاء على ثورة مسلم.

وعلى أيّ حالٍ ، فإنّ المجتمع الكوفي كان مزيجاً بين المسلمين والمسيحيين ، وكانت العلاقة بينهما وثيقة للغاية.

اليهود :

واستوطن اليهود الكوفة سنة (20 هـ)(3) ، وقد قدِمَ قسمٌ كبير منهم مِن الحجاز بعد أنْ أجلاهم منها عمر بن الخطاب(4) ، وقد كانت لهم محلّة تُعرف باسمهم في الكوفة ، كما بنوا فيها معابد لهم. ويذكر الرحّالة (بنيامين)

__________________

(1) تاريخ الكوفة / 146 ، يبدأ سوق البنوك والصيرفة مِنْ مسجد سهيل إلى المسجد الأعظم ، كما نصّت على ذلك بعض المصادر.

(2) خطط الكوفة / 146.

(3) نزهة المشتاق في تاريخ يهود العراق ـ يوسف رزق الله غنيمة / 103.

(4) الحياة الاجتماعية والاقتصادية في الكوفة / 105.

٤٤٤

إنّ بالكوفة سبعة آلاف يهودي ، وفيها قبر يسكنه اليهود وحوله كنيس لهم(1) ، وقد زاولوا بعض الحرف التي كان العرب يأنفون منها كالصياغة وغيرها ، وكانت اليهود تحقد على الرسول (صلّى الله عليه وآله) كأعظم ما يكون الحقد ؛ لأنّه أباد الكثيرين منهم وألحق بهم العار والهزيمة. وقد قاموا بدور فعّال ـ فيما يقول بعض المحققين ـ في مجزرة كربلاء تشفّياً مِن النّبي (صلّى الله عليه وآله) بأبنائه وذريته. وبهذا ينتهي بنا الحديث عن بعض الأديان السائدة في الكوفة ، وقد اشترك معظمها في حركات الجهاد وعمليات الحروب في ذلك العصر.

تنظيم الجيش :

واُنشأت الكوفة لتكون معسكراً للجيوش الإسلاميّة ، وقد نُظِّمَ الجيش فيها على أساس قبلي ، كما كانوا مرتّبين وفق قبائلهم ، وكانوا يقسّمون في معسكراتهم باعتبار القبائل والبطون التي ينتمون إليها ، وقد رتّبت كما يلي :

نظام الأسباع :

ووزّع الجيش توزيعاً سباعياً يقوم قبل كلّ شيء على أساس قبلي ، بالرغم مِنْ أنّهم كانوا يُقاتلون في سبيل الله ، إلاّ أنّ الروح القبلية كانت سائدة ولمْ تضعف ، وفيما يلي أنظمتها :

السبع الأول : كنانة وحلفاؤها مِن الأحابيش وغيرهم ، وجديلة وكانوا أعواناً طيّعين للولاة القرشيين منذ إمارة سعد ، وتولّوا بإخلاص

__________________

(1) رحلة بنيامين ترجمة عزار حدّاد / 146.

٤٤٥

عمّال بني اُميّة وولاتهم.

السبع الثاني : قضاعة وغسّان وبجيلة وخثعم وكندة وحضرموت والأزد.

السبع الثالث : مذحج وحِمْيَر وهمدان وحلفاؤهم ، وقد اتّسموا بالعداء لبني اُميّة ، والمساندة الكاملة للإمام علي وأبنائه (عليهم السّلام).

السبع الرابع : تميم وسائر الرباب وحلفاؤهم.

السبع الخامس : أسد وغطفان ، ومحارب وضبيعة ، وتغلب والنمر.

السبع السادس : إياد وعكّ وعبد القيس ، وأهل هجر والحمراء.

السبع السابع : طي(1) .

وتحتوي هذه الأسباع على قطعات قبلية مِن الجيش ، وقد استعمل هذا النظام لأجل التعبئة العامّة للحروب التي جرت في ذلك العصر ، وتوزيع الغنائم عليها بعد العودة مِن الحرب ، وظلّت الكوفة على هذا التقسيم ، حتّى إذا كانت سنة (50 هـ) عمد زياد بن أبيه حاكم العراق فغيّر ذلك المنهج وجعله رباعياً ، فكان على النحو التالي :

1 ـ أهل المدينة : وجعل عليهم عمرو بن حريث.

2 ـ تميم وهمدان : وعليهم خالد بن عرفطة.

3 ـ ربيعة بكر وكندة : وعليهم قيس بن الوليد بن عبد شمس.

4 ـ مذحج وأسد(2) : وعليهم أبو بردة بن أبي موسى.

وإنّما عمد إلى هذا التغيير ؛ لإخضاع الكوفة لنظام حكمه ، كما إنّ الذين انتخبهم لرئاسة الأنظمة قد عُرفوا بالولاء والإخلاص للدولة ، وقد استعان بهم ابن زياد لقمع ثورة مسلم ، كما تولّى بعضهم قيادة الفرق التي

__________________

(1) حياة الشعر في الكوفة / 29 ـ 30.

(2) خطط الكوفة / 15 ـ 16.

٤٤٦

زجّها الطاغية لحرب الإمام الحُسين ، فقد كان عمرو بن حريث وخالد بن عرفطة من قادة ذلك الجيش. أمّا رؤوساء الأنظمة فقد كانت الدولة لا تنتخب إلاّ مِنْ ذوي المكانة الاجتماعية المعروفين بالنّجدة والبسالة والتجربة في الحرب(1) .

ورؤوساء الأرباع يكونون خاضعين للسلطة الحكومية ، كما إنّ اتصال السلطة بالشعب يكون عن طريقهم ، ونظراً لأهميتهم البالغة في المصر ، فقد كتب إليهم الإمام الحُسين يدعوهم إلى نصرته والذبّ عنه(2) .

العرافة :

وكانت الدولة تعتمد على العرفاء(3) ، فكانوا يقومون بأمور القبائل ويوزّعون عليهم العطاء ، كما كانوا يقومون بتنظيم السجّلات العامّة التي فيها أسماء الرجال والنساء والأطفال ، وتسجيل مَنْ يولد ليفرض له العطاء مِن الدولة وحذف العطاء لمَنْ يموت(4) ، كما كانوا مسؤولين عن شؤون الأمن والنظام ، وكانوا في أيّام الحرب يندبون الناس للقتال ، ويحثّونهم على

__________________

(1) تاريخ الطبري 7 / 207.

(2) أنساب الأشراف 5 / 245.

(3) العرفاء : جمع عريف ، وهو مَنْ يعرف أصحابه ، ومنه الحديث (فارجعوا حتّى يرفع إلينا عرفاؤكم أمركم). والعريف : هو القائم باُمور القبيلة والجماعة مِن الناس يلي اُمورهم ، ويتعرّف الأمير منه أحوالهم. جاء ذلك في تاج العروس 1 / 194.

(4) الحياة الاجتماعية والاقتصادية في الكوفة / 53.

٤٤٧

الحرب ، ويخبرون السلطة بأسماء الذين يتخلّفون عن القتال(1) ، وإذا قصّر العرفاء أو أهملوا واجباتهم فإنّ الحكومة تعاقبهم أقسى العقوبات وأشدّها(2) .

ومِنْ أهم الأسباب في تفرّق الناس عن مسلم هو قيام العرفاء في تخذيل الناس عن الثورة ، وإشاعة الإرهاب والأراجيف بين الناس(3) ، كما كانوا السبب الفعّال في زجّ الناس وإخراجهم لحرب الإمام الحُسين (عليه السّلام)(4) .

إلى هنا ينتهي بنا الحديث عن مظاهر الحياة الاجتماعية في الكوفة ، وكان الإلمام بها مِنْ ضرورات البحث ؛ وذلك لما لها مِن الأثر في إخفاق الثورة.

الطاغية ابن مرجانة :

ولا بد لنا أنْ نتعرّف على قائد الانقلاب الطاغية ابن مرجانة فنقف على نشأته وصفاته ، ومخطّطاته الرهيبة التي أدّت إلى القضاء على الثورة ، وإلى القرّاء ذلك.

ولادته :

ولد الطاغية سنة (39 هـ) ، وقد ولد لخلق الكوارث وإشاعة الخطوب في الأرض ، وعلى هذا فيكون عمره يوم قتله لريحانة رسول الله (صلّى الله عليه وآله) (21 سنة) ، ولمْ تعيّن المصادر التي بأيدينا المكان الذي ولد فيه.

__________________

(1) تاريخ الطبري 7 / 226.

(2) الأغاني 2 / 179.

(3) البداية والنهاية 8 / 154.

(4) البداية والنهاية 8 / 284.

٤٤٨

أبواه :

أمّا أبوه فهو زياد بن سُميّة ، وهو مِنْ عناصر الشرّ والفساد في الأرض ، فقد سمل عيون الناس وصلبهم على جذوع النخل ، وقتل على الظنّة والتّهمة وأخذ البريء بذنب السقيم ، وأغرق العراق بالحزن والثكل والحداد.

وأمّا اُمّه مرجانة فكانت مجوسية(1) ، وقد عُرِفَتْ بالبغي ، وقد عرض بها عبيد الله التميمي أمام ابنها عبيد الله فقال : إنّ عمر بن الخطاب كان يقول : اللّهم إنّي أعوذ بك مِن الزانيات وأبناء الزانيات ، فالتاع ابن زياد وردّ عليه : إنّ عمر كان يقول : لمْ يقمْ جنين في بطن حمقاء تسعة أشهر إلاّ خرج مائقاً(2) . وفارق زياد مرجانة فتزوّج بها شيرويه(3) .

نشأته :

نشأ الطاغية في بيت الجريمة ، وقد قطع دور طفولته في بيت زوج اُمّه شيرويه ولمْ يكن مسلماً ، ولمّا ترعرع أخذه أبوه زياد وقد ربّاه على سفك الدماء والبطش بالناس وربّاه على الغدر والمكر ، وقد ورث جميع صفات أبيه الشريرة مِن الظلم والتلذّذ بالإساءة إلى الناس ، وقد كان لا يقلّ قسوة عن أبيه ، وقد قال الطاغية في بعض خطبه : أنا ابن زياد أشبهته مِنْ بين مَنْ وطأ الحصا ، ولمْ ينتزعني شبه

__________________

(1) البداية والنهاية 8 / 284.

(2) البيان والتبيين 2 / 242.

(3) البيان والتبيين 1 / 72.

٤٤٩

خال ولا ابن عمّ(1) . لقد كان كأبيه في شدّته وصرامته في الباطل وتنكّره للحقّ.

صفاته :

أمّا صفاته النفسية فكان مِنْ أبرزها القسوة والتلذّذ بسفك الدماء ، وقد أخذ امرأة مِنْ الخوارج فقطع يديها ورجليها وأمر بعرضها في السوق(2) .

ووصفه الحسن البصري بأنّه غلام سفيه سفك الدماء سفكاً شديداً(3) .

ويقول فيه مسلم بن عقيل : ويقتل النفس التي حرّم الله قتلها على الغضب والعداوة وسوء الظنّ ، وهو يلهو ويلعب كأنّه لمْ يصنع شيئاً.

وكان متكبّراً لا يسمع مِنْ أحد نصيحة ، وقد دخل عليه الصحابي عائذ بن عمرو فقال له : أيّ بُني ، إنّي سمعت رسول الله (صلّى الله عليه وآله) يقول : «إنّ شرّ الرعاء الحطمة(4) ، فإيّاك أنْ تكون منهم».

فلذعه قوله وصاح به : اجلسْ ، إنّما أنت مِنْ نخالة أصحاب رسول الله (صلّى الله عليه وآله). فأنكر عليه عائذ وقال : وهل كان فيهم نخالة؟! إنّما كانت النخالة بعدهم وفي غيرهم(5) .

__________________

(1) تاريخ الطبري.

(2) قصص العرب 1 / 214.

(3) سير أعلام النبلاء 3 / 357.

(4) الحطمة : القاسي الذي يظلم الناس.

(5) البداية والنهاية 8 / 285.

٤٥٠

وعُرف في أثناء ولايته على البصرة بالغشّ للرعية والخديعة لها ، وقد نصحه معقل بن يسار أنْ يترك ذلك ، وقال له : إنّي سمعت رسول الله (صلّى الله عليه وآله) يقول : «ما مِنْ عبد يسترعيه الله ويموت وهو غاش لرعيته إلاّ حرّم الله عليه الجنّة»(1) .

هذه بعض نزعاته وصفاته النفسية ، أمّا صفاته الجسمية فقد كان منها ما يلي :

اللكنة :

ونشأ الطاغية في بيت اُمّه مرجانة ولمْ تكن عربية فأخذ لكنتها ، ولمْ يكن يفهم اللغة العربية ، فقد قال لجماعة : افتحوا سيوفكم ، وهو يريد سلّوا سيوفكم ، وإلى هذا يشير يزيد بن المفرغ في هجائه له :

ويوم فتحتَ سيفك مِنْ بعيدٍ

أضعتَ وكلّ أمركَ للضياعِ

وجرت بينه وبين سويد مشادّة ، فقال له عبيد الله : اجلس على أست الأرض ، فسخر منه سويد وقال : ما كنت أحسب أنّ للأرض أستاً(2) .

وكان لا ينطق بالحاء ، وقد قال لهانئ : أهروري سائر اليوم! يريد أحروري. وكان يقلب العين همزة ، كما كان يقلب القاف كافاً ، فقد قال يوماً : مَنْ كاتلنا كاتلناه ، يريد مَنْ قاتلنا قاتلناه(3) .

__________________

(1) صحيح مسلم 1 / 67.

(2) البيان والتبيين 1 / 73.

(3) البداية والنهاية 8 / 284.

٤٥١

نهمة في الطعام :

ويقول المؤرّخون : إنّه كان نهماً في الطعام ، فكان كلّ يوم يأكل خمس أكلات آخرها جنبة بغل ، ويوضع بين يديه بعد ما يفرغ عناق(1) أو جدي فيأتي عليه وحده(2) .

وكذلك كان مسرفاً في النساء ، فقد بنى ليلة قدومه إلى الكوفة باُمّ نافع بنت عمارة بن عقبة بن أبي معيط(3) . هذه بعض صفاته الجسمية.

ولايته على البصرة :

وأسند إليه معاوية إمارة البصرة وولاّه أمور المسلمين ، وكان في ميعة الشباب وغروره وطيشه ، وقد ساس البصرة كما ساسها أبوه ؛ فكان يقتل على الظنّة والتّهمة ، ويأخذ البريء بالسقيم ، والمقبل بالمدبر.

وقد وثق به معاوية وارتضى سيرته ، وكتب إليه بولاية الكوفة إلاّ أنّه هلك قبل إنْ يبعث إليه بهذا العهد.

__________________

(1) العناق : الاُنثى من أولاد المعز.

(2) نهاية الإرب 3 / 343.

(3) مرآة الزمان / 285.

٤٥٢

أحقاد يزيد على ابن مرجانة :

وكان يزيد ناقماً على ابن مرجانة كأشدّ ما يكون الانتقام ؛ لاُمور كان مِنْ أهمّها :

إنّ أباه زياداً كان مِن المنكرين على معاوية ولايته ليزيد ؛ لاستهتاره وإقباله على اللّهو والمجون ، وقد أراد يزيد أنْ يعزل عبيد الله مِن البصرة ويجرّده مِن جميع الامتيازات ، إلاّ أنّه لمّا أعلن الإمام الحُسين (عليه السّلام) الثورة وبعث سفيره مسلماً لأخذ البيعة مِنْ أهل الكوفة ، أشار عليه سرجون بأنْ يقرّه على ولاية البصرة ويضمّ إليه الكوفة ، ويندبه للقضاء على الثورة فاستجاب له يزيد.

وقد خلص العراق بأسره لحكم ابن زياد فقبض عليه بيد مِنْ حديد ، واندفع كالمسعور للقضاء على الثورة ؛ ليحرز بذلك ثقة يزيد به وينال إخلاص البيت الاُموي له.

مخطّطات الانقلاب :

وبالرغم مِنْ حداثة سن ابن زياد فإنّه كان مِنْ أمهر السياسيين في الانقلابات ، وأكثرهم تغلّباً على الأحداث ، وقد استطاع بغدره ومكره أنْ يسيطر على حامية الكوفة ، ويقضي على جذور الثورة ويخمد نارها.

وقد كانت أهمّ مخطّطاته ما يلي :

1 ـ التجسّس على مسلم والوقوف على جميع شؤون الثورة.

2 ـ نشر أوبئة الخوف : وقد أثار جوّاً مِن الفزع والإرهاب لمْ تشهد له الكوفة نظيراً ، وانشغل الناس بنفوسهم عن التدخّل في أيّ شأن مِن الشؤون السياسية.

3 ـ بذل المال للوجوه والأشراف : وقد صاروا عملاء عنده يوجههم

٤٥٣

حيثما شاء ؛ وقد أفسدوا عشائرهم وألحقوا الهزيمة بجيش مسلم.

4 ـ الاحتيال على هانئ بإلقاء القبض عليه : وهو أمنع شخصية في المصر ، وقد قضى بذلك على أهمّ العناصر الفعّالة في الثورة.

هذه بعض المخطّطات الرهيبة التي استطاع أنْ يسيطر بها الطاغية على الموقف ، ويقضي على الثورة ويزجّ حامية الكوفة إلى حرب ريحانة رسول الله (صلّى الله عليه وآله).

مسلم بن عقيل :

أمّا مسلم بن عقيل فكان مِنْ أعلام التقوى في الإسلام ، وكان متحرّجاً في دينه كأشدّ ما يكون التحرّج ، فلمْ يسلك أيّ منعطف في طريقه ، ولا يقرّ أيّ وسيلة مِنْ وسائل المكر والخداع ، وإنّ توقّف عليها النصر السياسي ، شأنه في ذلك شأن عمّه أمير المؤمنين (عليه السّلام).

بالإضافة إلى ذلك : إنّه لمْ يُبعثْ إلى الكوفة كوالٍ مطلق حتّى يتصرّف حسبما يراه ؛ وإنّما كانت مهمّته محدودة وهي أخذ البيعة للإمام ، والاستطلاع على حقيقة الكوفيين. فإنْ رآهم مجتمعين بعث إلى الإمام الحُسين بالقدوم إليهم ، ولمْ يؤمر بغير ذلك ، وقد أطلنا الحديث في هذه الجهة في البحوث السابقة.

وبهذا ينتهي بنا الحديث عن إخفاق ثورة مسلم التي كانت فاتحة لفاجعة كربلاء ومصدراً لآلامها العميقة ، كما ينتهي بنا الحديث عن الحلقة الثانية مِن هذا الكتاب.

٤٥٤

محتويات الكتاب

المُقدّمة7

مع القاسطين والناكثين 21

الناكثون :24

دوافع التمرّد :24

خديعة معاوية للزبير :26

مؤتمر مكة :26

قرارات المؤتمر :27

تجهيز الجيش بالأموال المنهوبة :27

الخطاب السّياسي لعائشة :28

عائشة مع أُمّ سلمة :29

الزحف إلى البصرة :31

عسكر :31

الحوأب :32

في ربوع البصرة :33

النزاعُ على الصلاة :38

رُسل الإمام (عليه السّلام) إلى الكوفة :38

التقاءُ الجيشين :40

رُسل السّلام :40

الدعوة إلى القرآن :41

الحربُ العامة :42

مصرعُ الزبير :43

مصرعُ طلحة :46

٤٥٥

قيادةُ عائشة للجيش :46

عقرُ الجمل :47

العفو العام :48

متاركُ الحرب :50

القاسطون :51

إيفادُ جرير :53

معاوية مع ابن العاص :53

ردُّ جرير :56

قميصُ عثمان :56

زحفُ معاوية لصفّين :57

زحفُ الإمام (عليه السّلام) للحرب :57

احتلالُ الفرات :58

رسلُ السلام :59

الحربُ :60

منعُ الحسنين (عليهما السّلام) من الحرب :61

مصرعُ عمّار :62

مكيدةُ ابن العاص :65

التحكيمُ :70

وثيقةُ التحكيم :71

رجوعُ الإمام (عليه السّلام) للكوفة :72

مع المارقين :73

اجتماعُ الحكمين :75

تمرّدُ المارقين :81

قتالُ المارقين :83

٤٥٦

مخلّفات الحرب :85

1 ـ انتصار معاوية :85

2 ـ تفلّل جيش الإمام (عليه السّلام) :86

3 ـ احتلال مصر :87

الغارات :89

الغارة على العراق :89

1 ـ عين التّمر :89

2 ـ هيت :90

3 ـ واقصة :92

الغارة على الحجاز واليمن :93

عبثُ الخوارج :95

دعاءُ الإمام (عليه السّلام) على نفسه :96

اُفول دولة الحق 99

مؤتمرُ مكة :103

رأيٌ رخيص :103

اشتراكُ الاُمويِّين في المؤامرة :104

اغتيالُ الإمام (عليه السّلام) :106

الى رفيق الاعلى :109

متاركُ حكومة الإمام (عليه السّلام) :109

خلافةُ الحسن (عليه السّلام) :111

1 ـ الاعتداء على الإمام (عليه السّلام) 113

2 ـ الحكم عليه بالكفر 113

3 ـ الخيانة العظمى 113

4 ـ نهب أمتعة الإمام (عليه السّلام) 114

الصلحُ :114

٤٥٧

موقفُ الإمام الحسين (عليه السّلام) :115

عدي بن حاتم مع الحسين (عليه السّلام) :116

تحوّلُ الخلافة :116

حكومةُ معاوية119

سياسته الاقتصادية :122

الحرمان الاقتصادي :123

1 ـ يثرب :123

2 ـ العراق :125

3 ـ مصر :125

الرفاه على الشام :126

استخدام المال في تدعيم ملكه :126

المنحُ الهائلة لأسرته :127

منح خراج مصر لعمرو :127

هباتُ الأموال للمؤيّدين :128

شراءُ الأديان :128

عجز الخزينة المركزيّة :129

مصادرةُ أموال المواطنين :130

ضريبةُ النيروز :131

نهب الولاة والعمال :131

جبايةُ الخراج :132

اصطفاء الذهب والفضة :132

شلّ الحركة الاقتصادية :133

حجّة معاوية :134

سياسةُ التفريق :134

اضطهادُ الموالي :135

٤٥٨

العصبيّة القبلية :137

سياسة البطش والجبروت :138

احتقارُ الفقراء :140

سياسةُ الخداع :141

إشاعةُ الانتهازيّة :143

الخلاعةُ والمجون :144

إشاعةُ المجون في الحرمين :147

الاستخفافُ بالقيم الدينيّة :148

استلحاقُ زياد :149

إنكارُ الإمام الحُسين (عليه السّلام) :150

الحقدُ على النّبي (صلّى الله عليه وآله) :150

تغييرُ الواقع الإسلامي :153

مع أهل البيت (عليهم السّلام) :154

1 ـ تسخير الوعّاظ :155

2 ـ استخدامُ معاهد التعليم :155

3 ـ افتعال الأخبار 155

حديثُ مفتعل على الحُسين (عليه السّلام) :158

سب الإمام أمير المؤمنين :160

ستر فضائل أهل البيت :162

التحرج من ذكر الإمام :164

مع الشيعة :166

القتل الجماعي 167

إبادة القوى الواعية :167

1 ـ حجر بن عدي :167

٤٥٩

مذكرة الإمام الحسين 168

2 ـ رشيد الهجري :169

3 ـ عمرو بن الحمق الخزاعي :170

مذكّرة الإمام الحُسين :171

4 ـ أوفى بن حصن :171

5 ـ الحضرمي مع جماعته :172

إنكار الإمام الحُسين :172

6 ـ جويرية العبدي :173

7 ـ صيفي بن فسيل :173

8 ـ عبد الرحمن :174

المروّعون مِن أعلام الشيعة :176

1 ـ عبد الله بن هاشم المرقال 176

2 ـ عَدِي بن حاتم الطائي 176

3 ـ صعصعة بن صوحان 176

4 ـ عبد الله بن خليفة الطائي 176

ترويع النّساء :176

هدم دور الشيعة :177

حرمان الشيعة مِن العطاء :177

عدم قبول شهادة الشيعة :178

إبعاد الشيعة إلى الخراسان :178

البيعة ليزيد :178

ولادة يزيد :179

نشأته :180

صفاته :180

ولَعه بالصيد :181

٤٦٠

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558