من لا يحضره الفقيه الجزء ٤

من لا يحضره الفقيه14%

من لا يحضره الفقيه مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 558

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤
  • البداية
  • السابق
  • 558 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 170073 / تحميل: 11087
الحجم الحجم الحجم
من لا يحضره الفقيه

من لا يحضره الفقيه الجزء ٤

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

حكومةُ يزيد

٢٤١
٢٤٢

وتسلّم يزيد بعد هلاك أبيه قيادة الدولة الإسلاميّة وهو في غضارة العمر ، لمْ تهذّبه الأيام ولمْ تصقله التجارب ، وإنّما كان ـ فيما أجمع عليه المؤرّخون ـ موفور الرغبة في اللّهو والقنص ، والخمر والنساء وكلاب الصيد ، ومُمْعناً كلّ الإمعان في اقتراف المنكر والفحشاء ، ولم يكن حين هلاك أبيه في دمشق ، وإنّما كان في رحلات الصيد في حوارين الثنية(1) ، فأرسل إليه الضحّاك بن قيس رسالة يعزّيه فيها بوفاة معاوية ويهنئه بالخلافة ، ويطلب منه الإسراع إلى دمشق ليتولّى أزمّة الحكم ، وحينما قرأ الرسالة اتّجه فوراً نحو عاصمته في ركب مِنْ أخواله ، وكان ضخماً كثير الشعر ، وقد شعث في الطريق وليس عليه عمامة ولا متقلّداً بسيف ، فأقبل الناس يسلّمون عليه ويعزّونه ، وقد عابوا عليه ما هو فيه وراحوا يقولون : هذا الأعرابي الذي ولاّه معاوية أمر الناس ، والله سائله عنه(2) .

واتّجه نحو قبر أبيه فجلس عنده وهو باك العين ، وأنشأ يقول :

جاءَ البريدُ بقرطاسٍ يخبُّ بهِ

فأوجسَ القلبُ مِنْ قرطاسهِ فزعا

قلنا لكَ الويلُ ماذا في كتابكُمُ

قالَ الخليفة أمسى مدنفاً وجعا(3)

ثمّ سار متّجها نحو القبّة الخضراء في موكب رسمي تحفّ به علوج أهل الشام وأخواله وسائر بني أُميّة.

__________________

(1) الفتوح 4 / 265.

(2) تاريخ الإسلام ـ الذهبي 1 / 267.

(3) تاريخ ابن الأثير 3 / 261.

٢٤٣

خطاب العرش :

واتّجه يزيد نحو منصّة الخطابة ليعلن للناس سياسته ومخطّطات حكومته ، فلمّا استوى عليها ارتجّ عليه ولمْ يطق الكلام ، فقام إليه الضحّاك بن قيس فصاح به يزيد ما جاء بك؟ قال له الضحّاك : كلّم الناس وخذ عليهم ، فأمره بالجلوس(1) ، وانبرى خطيباً فقال : الحمد لله الذي ما شاء صنع ومَنْ شاء منع ، ومَنْ شاء خفض ومَنْ شاء رفع ، إنّ أمير المؤمنين ـ يعني معاوية ـ كان حبلاً مِنْ حبال الله مدّه ما شاء أنْ يمدّه ، ثمّ قطعه حين أراد أنْ يقطعه ، وكان دون مَنْ قبله وخيراً ممّا يأتي بعده ، ولا اُزكّيه عند ربّه وقد صار إليه ؛ فإنْ يعفُ عنه فبرحمته ، وإنْ يعاقبه فبذنبه. وقد وُلّيت بعده الأمر ولست اعتذر مِنْ جهل ولا آتي على طلب علم ، وعلى رسلكم : إذا كره الله شيئاً غيّره ، وإذا أحبّ شيئاً يسّره(2) .

ولم يعرض يزيد في هذا الخطاب لسياسة دولته ، ولمْ يدلِِ بأيّ شيء ممّا تحتاج إليه الأُمّة في مجالاتهم الاقتصادية والاجتماعية ، ومن المقطوع به أنّ ذلك ممّا لمْ يفكّر به ، وإنّما عرض لطيشه وجبروته واستهانته بالأُمّة ، فهو لا يعتذر إليها مِنْ أيّ جهل يرتكبه ولا مِنْ سيئة يقترفها ، وإنّما على الأُمّة الإذعان والرضا لظلمه وبطشه.

__________________

(1) تاريخ الخلفاء ، نشر أكاديمية العلوم للاتحاد السوفيتي.

(2) العقد الفريد 4 / 153 ، عيون الأخبار 2 / 239.

٢٤٤

خطابُهُ في أهل الشام :

وخطب في أهل الشام خطاباً أعلن فيه عن عزمه وتصميمه على الخوض في حرب مدمّرة مع أهل العراق ، وهذا نصه : يا أهل الشام ، فإنّ الخير لمْ يزل فيكم وسيكون بيني وبين أهل العراق حرب شديد ، وقد رأيت في منامي كأنّ نهراً يجري بيني وبينهم دماً عبيطاً ، وجعلت أجهد في منامي أنْ أجوز ذلك النهر فلمْ أقدر على ذلك حتى جاءني عبيد الله بن زياد فجازه بين يدي وأنا أنظر إليه.

وانبرى أهل الشام فأعلنوا تأييدهم ودعمهم الكامل له ، قائلين : يا أمير المؤمنين ، امضِ بنا حيث شئت واقدم بنا على مَنْ أحببت ، فنحن بين يديك وسيوفنا تعرفها أهل العراق في يوم صفين.

فشكرهم يزيد وأثنى على إخلاصهم وولائهم له(1) ، وقد بات من المقطوع به عند أوساط الشام أنّ يزيد سيعلن الحرب على أهل العراق لكراهتهم لبيعته وتجاوبهم مع الإمام الحُسين.

مع المعارضة في يثرب :

ولم يرق ليزيد أنْ يرى جبهة معارضة لا تخضع لسلطانه ولا تدين بالولاء لحكومته ، وقد عزم على التنكيل بها بغير هوادة ، فقد استتبت له الأمور وخضعت له الرقاب وصارت أجهزة الدولة كلّها بيده ، فما الذي يمنعه من إرغام أعدائه ومناوئيه؟

وأهم ما كان يفكّر به من المعارضين الإمام الحُسين (عليه السّلام) ؛ لأنّه يتمتّع

__________________

(1) الفتوح 5 / 6.

٢٤٥

بنفوذ واسع النّطاق ومكانة مرموقة بين المسلمين ، فهو حفيد صاحب الرسالة وسيد شباب أهل الجنّة ، أمّا ابن الزّبير فلمْ تكن له تلك الأهميّة البالغة في نفسه.

الأوامرُ المشدّدة إلى الوليد :

وأصدر يزيد أوامره المشدّدة إلى عامله على يثرب الوليد بن عتبة بإرغام المعارضين له على البيعة ، وقد كتب إليه رسالتين :

الأولى : وقد رويت بصورتين وهما :

1 ـ رواها الخوارزمي وهذا نصها : أمّا بعد ، فإنّ معاوية كان عبداً مِنْ عباد الله أكرمه واستخلصه ومكّن له ، ثمّ قبضه إلى روحه وريحانه ورحمته.

عاش بقدر ومات بأجل ، وقد كان عهد إليّ وأوصاني أنّ الله تبارك وتعالى منتقم للمظلوم عثمان بآل أبي سفيان ؛ لأنّهم أنصار الحقّ وطلاّب العدل ، فإذا ورد عليك كتابي هذا فخذ البيعة على أهل المدينة(1) .

وقد احتوت هذه الرسالة على ما يلي :

1 ـ نعي معاوية إلى الوليد.

2 ـ تخوّف يزيد مِن الأُسرة النبوية ؛ لأنّه قد عهد إليه أبوه بالحذر منها ، وهذا يتنافى مع تلك الوصية المزعومة لمعاوية التي جاء فيها اهتمامه بشأن الحُسين (عليه السّلام) ، وإلزام ولده بتكريمه ورعاية مقامه.

3 ـ الإسراع في أخذ البيعة من أهل المدينة.

2 ـ رواها البلاذري ، وهذا نصها : أمّا بعد ، فإنّ معاوية بن أبي سفيان كان عبداً من عباد الله أكرمه الله واستخلفه وخوّله

__________________

(1) مقتل الحسين (عليه السّلام) للخوازمي 1 / 178.

٢٤٦

ومكّن له ، فعاش بقدر ومات بأجل فرحمة الله عليه ، فقد عاش محموداً ومات برّاً تقيّاً ، والسّلام(1) .

وأكبر الظنّ أنّ هذه الرواية هي الصحيحة ؛ لأنّها قد اقتصرت على نعي معاوية إلى الوليد من دون أنْ تعرض إلى أخذ البيعة من الحُسين وغيره مِن المعارضين ، أمّا على الرواية الأولى فإنّه يصبح ذكر الرسالة التالية ـ التي بعثها يزيد إلى الوليد لإرغام الحُسين على البيعة ـ لغواً.

الثانية : رسالة صغيرة وصِفَت كأنّها أُذن فأرة ، وقد رويت بثلاث صور :

1 ـ رواها الطبري والبلاذري ، وهذا نصها : أمّا بعد ، فخذ حُسيناً وعبد الله بن عمر وعبد الله بن الزّبير أخذاً شديداً ليست فيه رخصة حتّى يبايعوا ، والسّلام(2) .

2 ـ رواها اليعقوبي ، وهذا نصها : إذا أتاك كتابي فاحضر الحُسين بن علي وعبد الله بن الزّبير فخُذهما بالبيعة ، فإن امتنعا فاضرب أعناقهما وابعث إليّ برأسيهما ، وخُذ الناس بالبيعة فمَنْ امتنع فانفذ فيه الحكم ، وفي الحُسين بن علي وعبد الله بن الزّبير ، والسّلام(3) .

وليس في الرواية الثانية ذكرٌ لعبد الله بن عمر ، وأكبر الظن أنّه أُضيف اسمه إلى الحُسين وابن الزّبير لإلحاقه بالجبهة المعارضة وتبريره من التأييد السافر لبيعة يزيد.

3 ـ رواها الحافظ ابن عساكر ، وهذا نصها : أن ادعُ الناس

__________________

(1) أنساب الأشراف 1 ق 1 / 124.

(2) تاريخ الطبري 6 / 84 ، أنساب الأشراف 1 ق 1 / 124.

(3) تاريخ اليعقوبي 2 / 215.

٢٤٧

فبايعهم وابدأ بوجوه قريش ، وليكن أوّل مَنْ تبدأ به الحُسين بن علي ؛ فإنّ أمير المؤمنين ـ يعني معاوية ـ عهد إليّ في أمره الرفق واستصلاحه(1) .

وليس في هذه الرواية ذكر لابن الزّبير وابن عمر ، إذ لمْ تكن لهما أيّة أهميّة في نظر يزيد ، إلاّ إنّا نشك فيما جاء في آخر هذه الرسالة مِنْ أنّ معاوية قد عهد إلى يزيد الرفق بالحُسين واستصلاحه ؛ فإنّ معاوية قد وقف موقفاً [سلبياً] يتّسم بالعداء والكراهية لعموم أهل البيت (عليهم السّلام) ، واتّخذ ضدّهم جميع الإجراءات القاسية كما ألمعنا إلى ذلك في البحوث السابقة ، وأكبر الظنّ أنّ هذه الجملة قد أُضيفت إليها لتبرير معاوية ونفي المسؤولية عنه فيما ارتكبه ولده مِن الجرائم ضدّ العترة الطاهرة.

بقي هنا شيء وهو أنّ هذه الرسالة قد وصفها المؤرّخون كأنّها أُذن فأرة لصغرها ، ولعلّ السبب في إرسالها بهذا الحجم هو أنّ يزيد قد حسِبَ أنّ الوليد سينفّذ ما عهد إليه مِنْ قتل الحُسين وابن الزّبير.

ومِن الطبيعي أنّ لذاك كثيراً مِن المضاعفات السيئة ، ومِنْ أهمها ما يلحقه مِن التذمّر والسّخط الشامل بين المسلمين ، فأراد أنْ يجعل التبعة على الوليد وأنّه لمْ يعهد إليه بقتلهما ، وأنّه لو أمره بذلك لأصدر مرسوماً خاصاً مطوّلاً به.

وحمل الرسالتين زُريق مولاه ، فأخذ يجذ في السير لا يلوي على شيء حتى انتهى إلى يثرب(2) ، وكان معه عبد الله بن سعد بن أبي سرح متلثّماً لا يبدو منه إلاّ عيناه ، فصادفه عبد الله بن الزّبير فأخذ بيده وجعل

__________________

(1) تاريخ ابن عساكر 13 / 68.

(2) تاريخ الإسلام ـ الذهبي 1 / 269 ، تاريخ خليفة بن خيّاط 1 / 222 ، وجاء في تاريخ ابن عساكر 13 / 68 وكتب يزيد مع عبد الله بن عمر ، وابن إدريس العامري عامر بن لؤي هذه الرسالة.

٢٤٨

يسأله عن معاوية وهو لا يجيبه ، فقال له : أمات معاوية؟ فلمْ يكلّمه بشيء فاعتقد بموت معاوية ، وقفل مسرعاً إلى الحُسين وأخبره الخبر(1) ، فقال له الحُسين : «إنّي أظنّ أنّ معاوية قد مات ، فقد رأيت البارحة في منامي كأن منبر معاوية منكوساً ، ورأيت داره تشتعل ناراً ، فأوّلت ذلك في نفسي بموته»(2) .

وأقبل زُريق إلى دار الوليد فقال للحاجب : استاذن لي ، فقال : قد دخل ولا سبيل إليه ، فصاح به زُريق : إنّي جئته بأمر ، فدخل الحاجب وأخبره بالأمر فأذن له ، وكان جالساً على سرير فلمّا قرأ كتاب يزيد بوفاة معاوية جزع جزعاً شديداً ، وجعل يقوم على رجليه ويرمي بنفسه على فراشه(3) .

فزع الوليد :

وفزع الوليد ممّا عهد إليه يزيد مِن التنكيل بالمعارضين ؛ فقد كان على يقين من أنّ أخذ البيعة من هؤلاء النفر ليس بالأمر السّهل حتّى يقابلهم بالعنف ، أو يضرب أعناقهم كما أمره يزيد.

إنّ هؤلاء النفر لمْ يستطع معاوية مع ما يتمتّع به مِن القابليات الدبلوماسية أنْ يُخضعهم لبيعة يزيد ، فكيف يصنع الوليد أمراً عجز عنه معاوية؟

__________________

(1) شرح نهج البلاغة 2 / 115.

(2) الفتوح 5 / 14.

(3) تاريخ خليفة بن خيّاط 1 / 222.

٢٤٩

استشارته لمروان :

وحار الوليد في أمره فرأى أنّه في حاجة إلى مشورة مروان عميد الأُسرة الاُمويّة فبعث خلفه ، فأقبل مروان وعليه قميص أبيض وملأة مورّدة(1) فنعى إليه معاوية فجزع مروان وعرض عليه ما أمره يزيد مِنْ إرغام المعارضين على البيعة له وإذا أصرّوا على الامتناع فيضرب أعناقهم ، وطلب مِنْ مروان أنْ يمنحه النّصيحة ويخلص له في الرأي.

رأي مروان :

وأشار مروان على الوليد فقال له : ابعث إليهم في هذه الساعة فتدعوهم إلى البيعة والدخول في طاعة يزيد ، فإنْ فعلوا قبلت ذلك منهم وإنْ أبَوا قدّمهم واضرب أعناقهم قبل أنْ يدروا بموت معاوية ؛ فإنّهم إنْ علموا ذلك وثب كلّ رجل منهم فأظهر الخلاف ودعا إلى نفسه ، فعند ذلك أخاف أنْ يأتيك مِنْ قِبَلِهم ما لا قِبَلَ لك به ، إلاّ عبد الله بن عمر فإنّه لا ينازع في هذا الأمر أحداً مع إنّي أعلم أنّ الحُسين بن علي لا يجيبك إلى بيعة يزيد ولا يرى له عليه طاعة ، ووالله ، لو كنت في وضعك لمْ اُراجع الحُسين بكلمة واحدة حتى أضرب رقبته كان في ذلك ما كان.

وعظُمَ ذلك على الوليد وهو أحنك بني أُميّة وأملكهم لعقله ورشده ، فقال لمروان : يا ليت الوليد لمْ يولد ولمْ يك شيئاً مذكوراً.

__________________

(1) تاريخ الإسلام ـ الذهبي 1 / 269.

٢٥٠

فسخر منه مروان وراح يندّد به قائلاً : لا تجزع ممّا قلت لك! فإنّ آل أبي تراب هم الأعداء مِنْ قديم الدهر ولم يزالوا ، وهم الدين قتلوا الخليفة عثمان بن عفان ثمّ ساروا إلى أمير المؤمنين ـ يعني معاوية ـ فحاربوه.

ونهره الوليد فقال له : ويحك يا مروان عن كلامك هذا! وأحسِن القول في ابن فاطمة ، فإنّه بقيّة النّبوة(1) . واتّفق رأيهم على استدعاء القوم وعرض الأمر عليهم ؛ للوقوف على مدى تجاوبهم مع السلطة في هذا الأمر.

أضواءُ على موقف مروان :

لقد حرّض مروان الوليد على التنكيل بالمعارضين ، واستهدف بالذات الإمام الحُسين ، فألحّ بالفتك به إنْ امتنع من البيعة ، وفيما أحسب أنّه إنّما دعاه لذلك ما يلي :

1 ـ أنّ مروان كان يحقد على الوليد ، وكانت بينهما عداوة متأصّلة وهو على يقين أنّ الوليد يحبّ العافية ولا ينفّذ ما عهد إليه في شأن الإمام الحُسين ، فاستغلّ الموقف وراح يشدّد عليه في اتّخاذ الإجراءات الصارمة ضدّ الإمام ؛ ليسبتين لطاغية الشام موقفه فيسلب ثقته عنه ويقصيه عن ولاية يثرب ، وفعلاً قد تحقّق ذلك ، فإنّ يزيد حينما علم بموقف الوليد مع الحُسين (عليه السّلام) غضب عليه وأقصاه عن منصبه.

__________________

(1) الفتوح 5 / 12 ـ 13.

٢٥١

2 ـ أنّ مروان كان ناقماً على معاوية حينما عهد بالخلافة لولده ولمْ يرشحّه لها ؛ لأنّه شيخ الاُمويِّين وأكبرهم سناً ، فأراد أنْ يورّط يزيد في قتل الإمام ؛ ليكون به زوال ملكه.

3 ـ كان مروان من الحاقدين على الحُسين ؛ لأنّه سبط رسول الله (صلّى الله عليه وآله) الذي حصد رؤوس بني أُميّة ونفى أباه الحكم عن يثرب ، وقد لعنه ولعن مَنْ تناسل منه ، وقد بلغ الحقد بمروان للأُسرة النّبوية أنّه منع مِنْ دفن جنازة الحسن (عليه السّلام) مع جدّه رسول الله (صلّى الله عليه وآله).

ويقول المؤرّخون : إنّه كان يبغض أبا هريرة ؛ لأنّه يروي ما سمعه مِنْ رسول الله (صلّى الله عليه وآله) في فضل سبطيه وريحانتيه ، وقد دخل على أبي هريرة عائداً له فقال له : يا أبا هريرة ، ما وجدت عليك في شيء منذ اصطحبنا إلاّ في حبّك الحسن والحُسين.

فأجابه أبو هريرة : أشهد لقد خرجنا مع رسول الله (صلّى الله عليه وآله) فسمع الحسن والحُسين يبكيان ، فقال : «ما شأن ابني؟» فقالت فاطمة : «العطش» ، يا مروان كيف لا أحبّ هذين وقد رأيت مِنْ رسول الله ما رأيت؟!(1)

لقد دفع مروان الوليد إلى الفتك بالحُسين لعله يستجيب له فيروي بذلك نفسه المترعة بالحقد والكراهية لعترة النّبي (صلّى الله عليه وآله).

4 ـ كان مروان على يقين أنّه سيلي الخلافة ، فقد أخبره الإمام أمير المؤمنين وصي النّبي (صلّى الله عليه وآله) وباب مدينة علمه حينما تشفّع الحسنان به بعد واقعة الجمل ، فقال : «إنّ له إمرة كلعقة الكلب أنفه» ، وقد اعتقد بذلك مروان ، وقد حرّض الوليد على الفتك بالحُسين ؛ ليكون

__________________

(1) تاريخ ابن عساكر 4 / 208.

٢٥٢

ذلك سبباً لزوال مُلْكِ بني سفيان ورجوع الخلافة إليه.

هذه بعض الأسباب التي حفّزت مروان إلى الإشارة على الوليد بقتل الإمام الحُسين ، وإنّه لمْ يكن بذلك مشفوعاً بالولاء والإخلاص إلى يزيد.

استدعاءُ الحُسين (عليه السّلام) :

وأرسل الوليد في منتصف الليل(1) عبد الله بن عمرو بن عثمان وهو غلام حدث خلف الحُسين وابن الزّبير ، وإنّما بعثه في هذا الوقت لعلّه يحصل على الوفاق من الحُسين ولو سرّاً على البيعة ليزيد ، وهو يعلم أنّه إذا أعطاه ذلك فلن يخيس بعهده ولن يتخلّف عن قوله.

ومضى الفتى يدعو الحُسين وابن الزّبير للحضور عند الوليد فوجدهما في مسجد النّبي (صلّى الله عليه وآله) فدعاهما إلى ذلك فاستجابا له وأمراه بالانصراف ، وذعر ابن الزّبير ، فقال للإمام :

ـ ما تراه بعث إلينا في هذه الساعة التي لم يكن يجلس فيها؟

ـ «أظنّ أنّ طاغيتهم ـ يعني معاوية ـ قد هلك ، فبعث إلينا بالبيعة قبل أنْ يفشو بالناس الخبر».

ـ وأنا ما أظن غيره ، فما تريد أنْ تصنع؟

ـ «أجمع فتياني السّاعة ثم أسير إليه ، وأجلسهم على الباب».

ـ إنّي أخاف عليك إذا دخلت.

ـ «لا آتيه إلاّ وأنا قادر على الامتناع»(2) .

__________________

(1) البداية والنهاية 8 / 160.

(2) تاريخ ابن الأثير 3 / 264.

٢٥٣

وانصرف أبيّ الضيم إلى منزله فاغتسل وصلّى ودعا الله(1) ، وأمر أهل بيته بلبس السّلاح والخروج معه ، فخفّوا محدقين به ، فأمرهم بالجلوس على باب الدار ، وقال لهم : «إنّي داخل فإذا دعوتكم ، أو سمعتم صوتي قد علا فادخلوا عليّ بأجمعكم». ودخل الإمام على الوليد فرأى مروان عنده وكانت بينهما قطيعة ، فأمرهما الإمام بالتقارب والإصلاح وترك الأحقاد ، وكانت سجية الإمام (عليه السّلام) التي طُبِعَ عليها الإصلاح حتّى مع أعدائه وخصومه.

فقال (عليه السّلام) لهما : «الصلة خير من القطيعة ، والصلح خير مِن الفساد ، وقد آن لكما أنْ تجتمعا ، أصلح الله ذات بينكما»(2) .

ولمْ يجيباه بشيء فقد علاهما صمت رهيب ، والتفت الإمام إلى الوليد فقال له : «هل أتاك مِنْ معاوية خبر ، فإنّه كان عليلاً وقد طالت علّته ، فكيف حاله الآن؟».

فقال الوليد بصوت خافت ، حزين النّبرات : آجرك الله في معاوية ، فقد كان لك عمّ صدوق ، وقد ذاق الموت ، وهذا كناب أمير المؤمنين يزيد.

فاسترجع الحُسين (عليه السّلام) ، وقال له : «لماذا دعوتني؟».

دعوتك للبيعة(3) .

فقال (عليه السّلام) : «إنّ مثلي لا يبايع سرّاً ولا يُجتزئ بها منّي سرّاً ، فإذا خرجت إلى الناس ودعوتهم للبيعة دعوتنا معهم ، وكان الأمر واحداً».

__________________

(1) الدر النظيم / 162.

(2) تاريخ ابن الأثير 3 / 264.

(3) الفتوح 5 / 17.

٢٥٤

لقد طلب الإمام تأجيل الأمر إلى الصباح ؛ حتّى يعقد اجتماعاً جماهيرياً فيدلي برأيه في شجب البيعة ليزيد ، ويستنهض همم المسلمين على الثورة والإطاحة بحكمه ، وكان الوليد ـ فيما يقول المؤرّخون ـ يحبّ العافية ويكره الفتنة ، فشكر الإمام على مقالته وسمح له بالانصراف إلى داره.

وانبرى الوغد الخبيث مروان بن الحكم وهو مغيظ محنق فصاح بالوليد : لئن فارقك السّاعة ولمْ يبايع لا قدرت منه على مثلها أبداً حتّى تكثر القتلى بينكم وبينه ، احبسه فإنْ بايع وإلاّ ضربت عنقه.

ووثب أبيّ الضيم إلى الوزغ بن الوزغ ، فقال له : «يابن الزرقاء ، أأنت تقتلني أمْ هو؟ كذبت والله ولؤمت»(1) .

وأقبل على الوليد فأخبره عن عزمه وتصميمه على رفض البيعة ليزيد قائلاً : «أيّها الأمير ، إنّا أهل بيت النّبوة ومعدن الرسالة ، ومختلف الملائكة ومحل الرّحمة ، بنا فتح الله وبنا يختم. ويزيد رجل فاسق ، شارب الخمر ، قاتل النفس المحرّمة ، معلن بالفسق ، ومثلي لا يبايع مثله ، ولكن نصبح وتصبحون ، وننظر وتنظرون أينا أحقّ بالخلافة والبيعة؟»(2) .

وكان هذا أوّل إعلان له على الصعيد الرسمي بعد هلاك معاوية في رفض البيعة ليزيد ، وقد أعلن ذلك في بيت الإمارة ورواق السلطة بدون مبالاة ولا خوف ولا ذعر.

لقد جاء تصريحه بالرفض لبيعة يزيد معبّراً عن تصميمه ، وتوطين نفسه حتّى النّهاية على التضحية عن سموّ مبدئه وشرف عقيدته ، فهو بحكم مواريثه الروحية ، وبحكم بيئته التي كانت ملتقى لجميع الكمالات الإنسانية

__________________

(1) تاريخ ابن الأثير 3 / 264.

(2) الفتوح 5 / 18.

٢٥٥

كيف يبايع يزيد الذي هو مِنْ عناصر الفسق والفجور؟ ولو أقرّه إماماً على المسلمين لساق الحياة الإسلاميّة إلى الانهيار والدمار ، وعصف بالعقيدة الدينية في متاهات سحيقة مِن مجاهل هذه الحياة.

وكانت كلمة الحقّ الصارخة التي أعلنها أبو الأحرار قد أحدثت استياءً في نفس مروان ، فاندفع يعنّف الوليد ويلومه على إطلاق سراحه قائلاً : عصيتني! لا والله ، لا يمكّنك مثلها من نفسه أبداً.

وتأثّر الوليد مِنْ منطق الإمام وتيقّظ ضميره ، فاندفع يردّ أباطيل مروان قائلاً : ويحك! إنّك أشرت عليّ بذهاب ديني ودنياي. والله ، ما أحبّ أنْ أملك الدنيا بأسرها ، وإنّي قتلت حُسيناً. سُبحان الله! أأقتل حُسيناً إنْ قال لا أُبايع؟! والله ، ما أظنّ أحداً يلقى الله بدم الحُسين إلاّ وهو خفيف الميزان ، لا ينظر الله إليه يوم القيامة ، ولا يزكّيه وله عذاب أليم.

وسخر منه مروان وطفق يقول : إذا كان هذا رأيك فقد أصبت(1) .

وعزم الحُسين على مغادرة يثرب والتوجّه إلى مكّة ؛ ليلوذ بالبيت الحرام ويكون بمأمن مِنْ شرور الاُمويِّين واعتدائهم.

الحسينُ (عليه السّلام) مع مروان :

والتقى أبيّ الضيم في أثناء الطريق بمروان بن الحكم في صبيحة تلك الليلة التي أعلن فيها رفضه لبيعة يزيد ، فبادره مروان قائلاً :

__________________

(1) الطبري.

٢٥٦

«إنّي ناصح ، فأطعني ترشد وتسدّد ..».

«وما ذاك يا مروان؟».

«إنّي آمرك ببيعة أمير المؤمنين يزيد ؛ فإنّه خير لك في دينك ودنياك».

والتاع كأشدّ ما تكون اللوعة واسترجع ، وأخذ يردّ على مقالة مروان ببليغ منطقه قائلاً : «على الإسلام السّلام ، إذ قد بُليت الأُمّة براعٍ مثل يزيد. ويحك يا مروان! أتأمرني ببيعة يزيد وهو رجل فاسق؟! لقد قلت شططاً من القول. لا ألومك على قولك ؛ لأنّك اللعين الذي لعنك رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وأنت في صلب أبيك الحكم بن أبي العاص».

وأضاف الإمام يقول : «إليك عنّي يا عدو الله! فإنّا أهل بيت رسول الله (صلّى الله عليه وآله) والحقّ فينا ، وبالحقّ تنطق ألسنتنا ، وقد سمعت رسول الله (صلّى الله عليه وآله) يقول : الخلافة محرّمة على آل أبي سفيان ، وعلى الطلقاء وأبناء الطلقاء. وقال : إذا رأيتم معاوية على منبري فابقروا بطنه. فوالله ، لقد رآه أهل المدينة على منبر جدّي فلم يفعلوا ما أُمروا به».

وتميّز الخبيث الدنس مروان غيظاً وغضباً ، واندفع يصيح : والله ، لا تفارقني أو تبايع ليزيد صاغراً ؛ فإنّكم آل أبي تراب قد أُشربتم بغض آل أبي سفيان ، وحقّ عليكم أن تبغضوهم وحقّ عليهم أن يبغضوكم.

وصاح به الإمام : «إليك عنّي فإنّك رجس ، وأنا مِنْ أهل بيت الطهارة الذين أنزل الله فيهم على نبيه (صلّى الله عليه وآله) : إِنّمَا يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهّرَكُمْ تَطْهِيراً».

ولمْ يطق مروان الكلام وقد تحرّق ألماً وحزناً ، فقال له الإمام : «أبشرْ يابن الزرقاء بكلّ ما تكره من الرسول (صلّى الله عليه وآله) يوم تقْدِم

٢٥٧

على ربّك فيسألك جدّي عن حقّي وحقّ يزيد».

وانصرف مروان مسرعاً إلى الوليد فأخبره بمقالة الحُسين له(1) .

اتصالُ الوليد بدمشق :

وأحاط الوليدُ يزيدَ علماً بالأوضاع الراهنة في يثرب ، وعرّفه بامتناع الحُسين (عليه السّلام) من البيعة ، وأنّه لا يرى له طاعة عليه ، ولمّا فهم يزيد بذلك تميّز غيظاً وغضباً.

الأوامر المشدّدة مِن دمشق :

وأصدر يزيد أوامره المشدّدة إلى الوليد بأخذ البيعة مِنْ أهل المدينة ثانياً ، وقتل الحُسين (عليه السّلام) وإرسال رأسه إليه.

وهذا نص كتابه : من عبد الله يزيد أمير المؤمنين إلى الوليد بن عتبة ، أمّا بعد ، فإذا ورد عليك كتابنا هذا فخذ البيعة ثانياً على أهل المدينة بتوكيد منك عليهم وذر عبد الله بن الزّبير ؛ فإنّه لن يفوت أبداً مادام حيّاً ، وليكن مع جوابك إليّ برأس الحُسين بن علي ، فإنْ فعلت ذلك فقد جعلت لك أعنّة الخيل ولك عندي الجائزة والحظّ الأوفر والنّعمة ، والسّلام.

رفض الوليد :

ورفض الوليد رسميّاً ما عهد إليه يزيد من قتل الحُسين ، وقال : لا والله ، لا يراني الله قاتلَ الحُسين بن علي. لا أقتل ابن بنت رسول الله (صلّى الله عليه وآله)

__________________

(1) الفتوح 5 / 24.

٢٥٨

ولو أعطاني يزيد الدنيا بحذافيرها(1) ، وقد جاءته هذه الرسالة بعد مغادرة الإمام يثرب إلى مكّة.

وداع الحُسين (عليه السّلام) لقبر جدّه (صلّى الله عليه وآله) :

وخفّ الحُسين (عليه السّلام) في الليلة الثانية إلى قبر جدّه (صلّى الله عليه وآله) وهو حزين كئيب ؛ ليشكو إليه ظلم الظالمين له ، ووقف أمام القبر الشريف بعد أنْ صلّى ركعتين وقد ثارت مشاعره وعواطفه ، فاندفع يشكو إلى الله ما ألمّ به من المحن والخطوب قائلاً : «اللّهم ، إنّ هذا قبرَ نبيّك محمّدٌ وأنا ابن بنت محمّد ، وقد حضرني من الأمر ما قد علمت. اللّهم ، إنّي اُحبّ المعروف واُنكر المُنكر ، وأنا أسألك يا ذا الجلال والإكرام بحقّ هذا القبر ومَنْ فيه إلاّ ما اخترت لي ما هو لك رضى ولرسولك رضى».

رؤيا الحُسين (عليه السّلام) لجدّه (صلّى الله عليه وآله) :

وأخذ الحُسين يطيل النظر إلى قبر جدّه وقد وثقت نفسه أنّه لا يتمتّع برؤيته وانفجر بالبكاء ، وقبل أنْ يندلعَ نور الفجر غلبه النوم فرأى جدّه الرسول (صلّى الله عليه وآله) قد أقبلَ في كتيبة مِن الملائكة ، فضمّ الحُسين إلى صدره وقبّل ما بين عينيه ، وهو يقول له : «يا بُني ، كأنّي عن قريب أراك مقتولاً مذبوحاً بأرض كربٍ وبلاء ، بين عصابة مِنْ أُمّتي ، وأنت مع ذلك عطشان لا تُسقى ، وظمآن

__________________

(1) الفتوح 5 / 26 ـ 27.

٢٥٩

لا تُروى ، وهم مع ذلك يرجون شفاعتي يوم القيامة! فما لهم عند الله مِنْ خلاق.

حبيبي يا حُسين ، إنّ أباك وأُمّك وأخاك قد قدموا عليّ وهم إليك مشتاقون. إنّ لك في الجنّة درجات لن تنالها إلاّ بالشهادة».

وجعل الحُسين يطيل النظر إلى جدّه (صلّى الله عليه وآله) ويذكر عطفه وحنانه عليه فازداد وجيبه. وتمثّلت أمامه المحن الكبرى التي يعانيها من الحكم الاُموي. فهو إمّا أنْ يُبايع فاجرَ بني أُميّة أو يُقتل ، وأخذ يتوسّل إلى جدّه ويتضرّع إليه قائلاً : «يا جدّاه ، لا حاجة لي في الرجوع إلى الدنيا ، فخذني إليك وأدخلني معك إلى منزلك».

والتاع النّبي (صلّى الله عليه وآله) ، فقال له : «لا بدّ لك مِن الرجوع إلى الدنيا حتّى تُرزق الشهادة ، وما كتب الله لك فيها من الثواب العظيم ؛ فإنّك وأباك وأخاك وعمّك وعمّ أبيك تُحشرون يوم القيامة في زمرة واحدة حتّى تدخلوا الجنّة»(1) .

واستيقظ الحُسين فزعاً مرعوباً ، قد ألمّت به تياراتٌ من الأسى والأحزان ، وصار على يقين لا يخامره أدنى شك أنّه لا بد أنْ يُرزق الشهادة ، وجمع أهل بيته فقصّ عليهم رؤياه الحزينة ، فطافت بهم الآلام وأيقنوا بنزول الرزء القاصم.

ووصف المؤرّخون شدّة حزنهم بأنّه لمْ يكن في ذلك اليوم لا في شرق الأرض ولا في غربها أشدّ غمّاً مِنْ أهل بيت رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ولا أكثر باكية وباك منهم(2) .

__________________

(1) الفتوح 5 / 28 ـ 29.

(2) مقتل العوالم / 54.

٢٦٠

الولد الذكر احد الاالزوج(١) والا بوان ما ذكره الله عزوجل في كتابه.

٥٦٠٥ - وروى جميل بن دراج، عن زرارة عن ابى جعفر عليه السلام قال: (سمعته يقول: ورث على عليه السلام من رسول الله صلى الله عليه واله علمه، وورثت فاطمة عليها السلام تركته).

٥٦٠٦ - وروى احمد بن محمد بن ابى نصر، عن الحسن بن موسى الحناط عن الفضيل ابن يسار قال: سمعت ابا جعفر عليه السلام يقول: (لا والله ماورث رسول الله صلى الله عليه واله العباس ولا على عليه السلام ولا ورثته الا فاطمة عليها السلام(٢) ، وما كان اخذ على عليه السلام السلاح وغيره الا لانه قضى عنه دينه، ثم قال عليه السلام: أولوا الارحام بعضهم اولى ببعض في كتاب الله).

٥٦٠٧ - وروى عن البزنطى قال: قلت لابى جعفر الثانى عليه السلام: (جعلت فداك رجل هلك وترك ابنته وعمه، فقال: المال للابنة، قال: وقلت له: رجل مات وترك ابنة له واخا او قال ابن اخيه قال: فسكت طويلا(٣) ثم قال: المال للابنة).

٥٦٠٨ - وروى على بن الحكم، عن على بن ابى حمزة عن ابى الحسن عليه السلام قال: (سألته عن جار لى هلك وترك بنات، فقال: المال لهن)(٤) .

٥٦٠٩ - وروى الحسن بن محبوب، عن على بن رئاب، عن زرارة عن ابى جعفر عليه السلام (في رجل مات وترك ابنته واخته لابيه وامه فقال: المال للابنة(٥) وليس للاخت من الاب والام شئ).

٥٦١٠ - وكتب البزنطى إلى ابى الحسن عليه السلام (في رجل مات وترك ابنته

___________________________________

(١) بالمعنى الاعم الشامل للزوجة أيضا. (م ت)

(٢) أى من الاقارب والا فلزوجات التسع من الثمن.

(٣) لعل وجه السكوت ماذهب اليه المخالفون من توريث العقب. أو لغفلة بعض الحاضرين.

(٤) و(٥) أى بالتسمية والرد. (م ت)

٢٦١

واخاه، قال: ادفع المال إلى الابنة ان لم تخف من عمها شيئا).

باب ميراث الابوين

٥٦١١ - روى الحسن بن محبوب، عن على بن رئاب، عن زرارة عن ابى جعفر عليه السلام (في رجل مات وترك ابويه، قال: للام الثلث، وللاب الثلثان).

باب ميراث الزوج والزوجة

٥٦١٢ - روى معاوية بن حكيم، عن على بن الحسن بن زيد(١) ، عن مشمعل عن ابى بصير قال: (سألت ابا جعفر عليه السلام عن امرأة ماتت وتركت زوجها ولاوارث لها غيره، قال: إذا لم يكن غيره فالمال له، والمرأة لها الربع وما بقى فلامام)(٢) .

قال مصنف هذا الكتاب رحمه الله: هذا في حال ظهور الامام عليه السلام فأما في حال غيبته فمتى مات الرجل وترك امرأة ولاوارث له غيرها فالمال لها(٣) ، و تصديق ذلك:

___________________________________

(١) كذا والظاهر أن الصواب مافي الكافي وفيه " على بن الحسن بن رباط " وهو أبوالحسن البجلى ثقة له كتاب.

واما مشمعل فهو ثقة من أصحابنا وصحفه النساخ في بعض النسخ باسمعيل، ورواه الشيخ في الاستبصار والتهذيب وفيهما عن معاوية بن حكيم عن اسماعيل عن أبي بصير وفيه سقط وتصحيف.

(٢) يدل على أن الزوج يرد عليه مع عدم الوارث دون الزوجة بل الربع لها والباقي للامام عليه السلام.

(٣) قال الشيخ - رحمه الله - بعد نقل توجيه المصنف: والوجه الآخر أن نحمله على أنها إذا كانت قريبة له فانها تأخذ الربع بالتسمية والباقي بالقرابة، يدل على ذلك ما رواه أحمد بن محمد بن عيسى عن البرقي، عن محمد بن القاسم، عن الفصيل بن يسار البصري قال: " سألت أبا الحسن عليه السلام عن رجل مات وترك امرأة قرابة ليس له قرابة غيرها قال: يدفع المال كله اليها ".

٢٦٢

٥٦١٣ - مارواه محمد بن ابى عمير، عن ابان بن عثمان، عن ابى عبدالله عليه السلام (في امرأة ماتت وتركت زوجها، قال: فالمال كله له، قلت الرجل يموت ويترك امرأته، قال: المال لها).

باب ميراث ولد الصلب والابوين

٥٦١٤ - روى محمد بن ابى عمير، عن عمر بن اذينة، عن محمد بن مسلم ان ابا جعفر عليه السلام (اقرأه(١) صحيفة الفرائض التى هى املاء رسول الله صلى الله عليه واله وخط على عليه السلام بيده، فوجدت(٢) فيها: رجل ترك ابنته وامه، للابنة النصف وللام السدس، ويقسم المال على اربعة اسهم، فما أصاب ثلاثة اسهم فهو للابنة، وما اصاب سهما فهو للام(٣) .

ووجدت فيها: رجل ترك ابنته وابويه، للابنة النصف ثلاثة اسهم وللابوين لكل واحد منهما السدس، يقسم المال على خمسة أسهم، فما اصاب ثلاثة فهو للابنة وما اصاب سهمين فهو للابوين(٤) .

قال: وقرأت فيها: رجل ترك ابنته وأباه، للبنت النصف وللاب سهم يقسم المال على اربعة اسهم، فما اصاب ثلاثة فهو للابنة، وما اصاب سهما فللاب)(٥) .

___________________________________

(١) أي أقرأ أبوجعفر عليه السلام محمد بن مسلم وفي الكافي " أقرأني أبوجعفر عليه السلام " وأقرأه أي جعله يقرء.

(٢) المناسب " فوجد " أو " قال وجدت " ولعل تغيير العبارة الاولى من النساخ.

(٣) أي على ما فرضه الله للام السدس وللابنة النصف والبقية لهما ردا بحساب الفرض، فيقسم كل المال أربعة أسهم ثلاثة منها للبنت وواحدة للام فرضا وردا، وهكذا الكلام فيما يأتي.

(٤) إلى هنا في الكافي والتهذيب ولم يذكر البقية لظهورها.

(٥) هذا على ما تقدم فيما لو ترك ابنة وأما ولعل ذلك علة عدم ذكره في الكافي والتهذيب.

٢٦٣

وان ترك ابوين وابنا وابنة أو بنين وبنات فللابوين السدسان وما بقى فللبنين والبنات للذكر مثل حظ الانثيين، فان ترك ابنا وابوين فللابوين السدسان وما بقى فللابن، فان ترك أما وابنا فللام السدس وما بقى فللابن، فان ترك ابا وابنا فللاب السدس وما بقى فللابن فان ترك أما وبنين فللام السدس وما بقى فللبنين والبنات للذكر مثل حظ الانثيين، فان ترك اباه وبنين وبنات فللاب السدس وما بقى فللبنين والبنات للذكر مثل حظ الانثيين، فان ترك اباه وبنين وبنات فللاب السدس وما بقى فللبنين والبنات للذكر مثل حظ الانثيين(١) .

باب ميرات الزوج مع الولد

إذا ماتت امرأة وتركت ابنا وزوجا فللزوج الربع وما بقى فللابن، وكذلك ان كانا ابنين او اكثر من ذلك فللزوج الربع وما بقى بعد الربع فللبنين بينهم بالسوية، ولا ينقص الزوج من الربع على كل حال، ولا يزاد على النصف، ولا تنقص المرأة من الثمن ولاتزاد على الربع، ولا تسقط المرأة والزوج من الميراث على حال(٢) .

فان تركت ابنة وزوجا فللزوج الربع وما بقى فللابنة لان الله عزوجل انما جعل للابنة النصف مع الابوين(٣) .

فان تركت زوجا وابنتين او بنات فللزوج الربع ومابقي فللبنات بينهن بالسوية.

__________________________________

(١) الظاهر أن من قوله " وان ترك أبوين " إلى هنا من تتمة الخبر واحتمل المولى المجلسي وكذا المولى الفيض الكاشاني في الوافي كونه من كلام الصدوق - رحمهم الله - واستغربه بعض.

(٢) جاء‌ت الاخبار بأن الزوجين ممن قدمهما الله فلا ينقص من حقيهما الاعلى والادنى شئ ولا يأخذان من الرد شيئا لان الرد لاية أولي الارحام وليسا من الرحم ولو كانا قريبين فيأخذان الرد للقرابة لا للزوجية. (م ت)

(٣) تقدم ان الآية تدل على خلافه بل لهما النصف تسمية مطلقا والباقي ردا وكذلك حكم الزوجية.(م ت)

٢٦٤

فان تركت زوجا وابنا وابنة او بنين وبنات فللزوج الربع وما بقى فللبنين والبنات للذكر مثل حظ الانثيين.

باب ميراث الزوجة مع الولد

إذا مات الرجل وترك امرأة وابنا فللمرأة الثمن وما بقى فللابن، وكذلك ان ترك امرأة وابنة فللمرأة الثمن وما بقى فللابنة.

فان ترك امرأة وابنا وابنة، او بنين وبنات فللمرأة الثمن وما بقى فللبنين والبنات للذكر مثل حظ الانثيين.(١) .

باب ميراث الولد والابوين مع الزوج

٥٦١٥ - روى محمد بن ابى عمير قال: قال ابن اذينة قلت لزرارة: (ان سمعت محمد بن مسلم وبكيرا يرويان عن ابى جعفر عليه السلام (في زوج وابوين وابنة فللزوج الربع ثلاثة من اثنى عشر، وللابوين السدسان اربعة من اثنى عشر، وبقي خمسة اسهم فهى للابنة لانها لو كانت ذكرا لم يكن لها غير ذلك(٢) ، وان كانتا ابنتين فليس لهما

___________________________________

(١) كما جاء في الكتاب العزيز من قوله تعالى " ولكم نصف ما ترك أزواجكم ان لم يكن لهن ولد فان كان لهن ولد فلكم لربع مما تركن من بعد وصية يوصيين بها أو دين ولهن الربع مما تركتم ان لم يكن لكم ولد فان كان لكم ولد فلهن الثمن مما تركتم - الآية " وقوله تعالى " يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الانثيين - الآية ".

(٢) أي غير خمسة من اثني عشر سهما.

وذلك أن للزوج الربع وللابوين السدسان وللابنة النصف تسمية ومخرج النصف يتداخل في مخرج الربع والسدس وبين مخرج الربع والسدس توافق بالنصف يضرب نصف أحدهما في الآخر تبلغ اثني عشر فللزوج الربع من اثني عشر وهو ثلاثة، وللابوين لكل واحد منهما السدس، ولا ينقص من حق هؤلاء شئ لانهم ممن قدمهم الله تعالى وبقي خمسة أسهم للابنة ويقع النقص عليها لانها ممن أخره الله تعالى وجعل لها النصيب الوافر وفي قباله يقع النقص عليها، وعلى قول العامة يقع النقص على كلهم فلا يكون للزوج ربع ولا للابوين سدسان ولا للبنت نصف.

وقوله " لم يكن لها " الانسب أن يقول لم يكن له، وكأنه من الرواة ولعله من النساخ، وقال المولى المجلسي بعد ما ذكر: هذا بحث الزامي مع العامة فانهم لا يقولون بالعول في الذكر مع أنه قال تعالى " فللذكر مثل حظ الانثيين " فاذا كان مكانها ابنا أو بنين لم يكن لهم غير ما بقي فكيف يستبعد أن يكون الله تعالى قدر لها ما بقى.

٢٦٥

غير ما بقى خمسة)).

قال زرارة: وهذا هو الحق ان اردت ان تلقى العول فتجعل الفريضة لا تعول وانما يدخل النقصان على الذين لهم الزيادة من الولد والاخوة للاب والام فأما الاخوة من الام فلا ينقصون مما سمى لهم.

فان تركت المرأة زوجها وأبويها وابنا او ابنين او اكثر فللزوج الربع و للابون السدسان وما بقى فللبنين بينهم بالسوية، وان تركت زوجها وابويها وابنا وابنة او بنين وبنات فللزوج الربع وللابوين السدسان وما بقى فللبنين والبنات للذكر مثل حظ الانثيين.

باب ميراث الولد والابوين مع الزوجة

إذا مات رجل وترك ابوين وامرأة وابنا فللمرأة الثمن وللابوين السدسان وما بقى فللابن، وكذلك إذا كانا ابنين او ثلاث بنين او اكثر من ذلك، انما يكون لهم ما بقى.

فان ترك امرأة وابوين وابنة فللمرأة الثمن وللابوين السدسان وللابنة النصف وما بقى رد على الابنة والابوين على قدر انصبائهم، ولا يرد على المرأة ولا على الزوج شئ، وهذه من اربعة وعشرين لمكان الثمن(١) ، فاذا ذهب منه الثمن والسدسان

___________________________________________

(١) أي مع السدس فتضرب نصف مخرج أحدهما في مخرج الاخر لتوافقهما في النصف فيحمل أربعة وعشرون. (مراد)

٢٦٦

والنصف بقى سهم فلا يستقيم بين خمسة فيضرب خمسة في أربعة وعشرين يكون ذلك مائة وعشرين، للمرأة الثمن من ذلك خمسة عشر، وللابوين السدسان من ذلك اربعون وبقى خمسة وستون، فللابنة من ذلك النصف ستون، وبقى خمسة للابنة من ذلك ثلاثة فيصير في يدها ثلاثة وستون، وللابوين من ذلك اثنان فيصير في ايديهما اثنان واربعون.

وكذلك ان مات رجل وترك امرأة وابنتين او اكثر من ذلك وابوين فللمرأة الثمن وللابوين السدسان وما بقى فللبنات(١) ، والعول فيه باطل لان البنات لوكن بنين لم يكن لهم الا ما فضل.

باب ميراث الابوين مع الزوج والزوجة

إذا تركت امرأة زوجها وابويها فللزوج النصف وللام الثلث كاملا، وما بقى فللاب وهو السدس قال الله عزوجل: (فان لم يكن له ولد وورثه ابواه فلامه الثلث) فجعل الله عزوجل للام الثلث كاملا إذا لم يكن له ولد ولا اخوة.

قال الفضل: ومن الدليل على ان لها الثلث من جميع المال ان جميع من خالفنا لم يقولوا لها السدس في هذه الفريضة انما قالوا: للام ثلث ما بقى، وثلث ما بقى هو السدس فأحبوا ان لا يخالفوا لفظ الكتاب فأثبتوا لفظ الكتاب وخالفوا حكمه، وذل تمويه وخلاف على الله عزوجل وعلى كتابه، وكذلك ميراث المرأة مع الابوين للمرأة الربع وللام الثلث وما بقى فللاب لان الله تبارك وتعالى قد سمى في هذه الفريضة وفي التى قبلها للزوج النصف وللمرأة الربع، وللام الثلث ولم يسم للاب شيئا، انما قال الله عزوجل: (وورثه ابواه فلامه الثلث) وجعل للاب ما بقى بعد

___________________________________

(١) وهو ثلاثة عشر من أربعة وعشرين، وفرضهن من ذلك الثلثان وهو ستة عشر، فينقص من فرضهن ثلاثة. (مراد)

٢٦٧

ذهاب السهام، وانما يرث الاب ما يبقى بعد ذهاب السهام(١) .

٥٦١٦ - وروى محمد بن ابى عمير، عن ابن اذينة، عن محمد بن مسلم قال: (اقرانى ابوجعفر عليه السلام صحيفة الفرائض التى هى املاء رسول الله صلى الله عليه واله وخط على بن ابى طالب عليه السلام بيده، فقرأت فيها: امرأة ماتت وتركت زوجها وابويها، فللزوج النصف ثلاثة اسهم، وللام الثلث سهمان، وللاب السدس سهم)(٢) .

٥٦١٧ - وروى احمد بن محمد بن ابى نصر، عن جميل، عن اسماعيل الجعفى عن ابى عبدالله عليه السلام(٣) قال: قلت له: (رجل مات وترك امرأته وابويه، قال: لامرأته الربع وللام الثلث، وما بقى فللاب).

فان تركت امرأة زوجها وامها فللزوج النصف وما بقى فللام، فان تركت زوجها واباها فللزوج النصف وما بقى فللاب).

باب ميراث ولد الولد

٥٦١٨ - روى الحسن بن محبوب، عن سعد بن ابى خلف عن ابى الحسن عليه السلام قال: (بنات الابنة يقمن مقام البنات إذا لم يكن للميت بنات لا وراث غيرهن، قال: وبنات الابن يقمن مقام الابن إذا لم يكن للميت ولد ولا وارث غيرهن)(٤) .

فاذا ترك الرجل ابن ابنة وابنة ابن فلابن الابنة الثلث، ولابنة الابن الثلثان

___________________________________

(١) إلى هنا من كلام الفضل كما يظهر من السياق هنا وفي الكافي.

(٢) للزوج النصف لعدم الولد، وللام الثلث من جميع المال، وللاب السدس هذا مع عدم الحاجب والا فينعكس ويكون للام السدس وللاب الثلث. (م ت)

(٣) في الكافي ج ٧ ص ٩٨ عن اسماعيل عن أبي جعفر عليه السلام نحوه.

(٤) رواه الكليني والشيخ في الصحيح أيضا، وقوله " ولا وارث غيرهن " أى من البنين.

ولكن المصنف - رحمه الله - أخذ بظاهره واشترط فقد الابوين في توريث أولاد الاولاد ولم يقل به غيره وسيأتي الكلام فيه عند قول المصنف في باب ميراث الابوين مع ولد الولد.

٢٦٨

لان كل ذى رحم يأخذ نصيب الذى يجره.

٥٦١٩ - وكتب محمد بن الحسن الصفار رضى الله عنه إلى ابى محمد الحسن بن على عليهما السلام: (رجل مات وترك ابنة ابنته واخاه لابيه وامه لمن يكون الميراث؟ فوقع عليه السلام في ذلك: الميراث للاقرب ان شاء الله)(١) .

ولا يرث ابن الابن، ولا ابنة الابنة مع ولد الصلب، ولا يرث ابن ابن ابن مع ابن ابن، وكل من قرب نسبه فهو أولى بالميراث ممن بعد ولا يرث مع ولد الولد وان سفل اخ ولا اخت ولا عم ولا عمة، ولا خال ولا خالة، ولا ابن اخ، ولا ابن اخت، ولا ابن عم، ولا ابن خال، ولا ابن عمة، ولا ابن خالة.

باب ميراث الابوين مع ولد الولد

اربعة لايرث معهم احد الا زوج أو زوجة: الابوان والابن والابنة هذا هو الاصل لنا في المواريث، فاذا ترك الرجل ابوين وابن ابن وابن ابنة فالمال للابوين للام الثلث وللاب الثلثان لان ولد الولد انما يقومون مقام الولد إذا لم يكن هناك ولد ولا وارث غيره، والوارث هو الاب والام(٢)

___________________________________

(١) قوله " الميراث للاقرب " مؤيد لقول المصنف لان الابوين أقرب إلى الميت من أولاد الاولاد لكن لم يعمل بظاهر الخبرين غيره - رحمه الله -.

(٢) قال المولى المجلسي: " لم يذكر هذا القول من غير المصنف فهو كالمجمع عليه، و يمكن أن يقال في الخبرين ان ظاهرهما متروك بالاجماع لان المصنف أيضا يقول بأن الزوج والزوجة يرثان معهم، فاذا لم يكن مرادا ويأول فلا يكون التأويل الذي يفعله المصنف بأحسن مما أولهما الاصحاب مع أن خبر عبدالرحمن بن الحجاج عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " ابن الابن إذا لم يكن من صلب الرجل أحد قام مقام الابن، قا ل وابنة البنت إذا لم يكن من صلب الرجل أحد قامت مقام البنت " وخبره الاخر " ابن الابن، يقوم مقام الابن إذا لم يكن للميت وارث غيره " قرينتان على أن المراد نفى الاولاد للصلب لانفى كل وارث مضافا إلى أن الايات اطلاقها ظاهره الدلالة على اطلاق الاولاد على أولاد الاولاد، وحمل الشيخ قوله " لا وارث غيره " وقال المراد بذلك إذا لم يكن للميت الابن الذي يتقرب ابن الابن به أو البنت التي تتقرب بنت البنت بها ولا وارث له غيره من أولاد الصلب.

أقول: صحة اطلاق الولد على ولد الولد ولو بنحو الحقيقة لا يوجب كونه في مرتبة الابوين مع أقر بيتهما للميت، ولازم القول المشهور وهو عدم حجب الابوين أن يرث ولد الولد كما يرث الولد للصلب للذكر مثل حظ الانثيين وأن يرث ابن البنت نصيب الابن وكذا بنت الابن نصيب الابن ولم يقولوا به لا في صورة وجود الابوين ولا في عدمهما.

٢٦٩

وقال الفضل بن شاذان رحمه الله خلاف قولنا في هذه المسألة واخطأ، قال: ان ترك ابن ابنة وابنة ابن وابوين فللابوين السدسان وما بقى فلابنة الابن من ذلك الثلثان ولابن الابنة من ذلك الثلث، تقوم ابنة الابن مقام أبيها وابن الابنة مقام امه وهذا ممازل به قدمه عن الطريق المستقيمة، وهذا سبيل من يقيس(١) .

باب ميراث ولد الولد مع الزوج والزوجة

إذا ترك الرجل امرأة وولد الولد فللمرأة الثمن وما بقى فلولد الولد، فان تركت امرأة زوجها وولد الولد فللزوج الربع وما بقى فلولد الولد، لان الزوج والمرأة ليسا بوارثين اصليين انما يرثان من جهة السبب لامن جهة النسب(٢) ، فولد

___________________________________________

(١) أى لما ورد أن أولاد الاخوة يقومون مقام آبائهم وكذا الاخوات والاعمام والخالات فالفضل قاس أولاد الاولاد بهم أو بقيامهم مقام آبائهم في مقاسمة الزوجين وحاشا من الفضل أن يقيس (م ت) أقول: كان الفضل بن شاذان ثقة جليلا متكلما عظيم الشأن في علمائنا الامامية له مائة وثمانون كتابا على مذهب أهل البيت عليهم السلام قال العلامة في الخلاصة بعد توثيقه وتبجيله: " ترحم عليه أبومحمد عليه السلام مرتين وهو أجل من أن يغمز عليه فانه رئيس طائفتنا رضي الله عنه ".

(٢) الظاهر أن غرضه أنه لا يرث الزوجان من الرد ويكون دليلا لان الباقي من نصيب الزوجين لاولاد البنات أيضا لانهم أقرب من الميت ولا وجه له لانهما يرثان مع الولد والابوين وعدم ارثهما من الرد للنص والاجماع ويمكن أن يكون نكتة بعد النص، ويحتمل أن يكون مراده نصرة مذهبه في أن ولد الولد مع الزوجين بمنزلة الولد، لان الزوجين ليسا مثل الابوين حتى يكون ولد الولد لا يرث لان الابوين أصيلان وهو أظهر من كلامه وأبعد عن الصواب ولا يحتاج إلى هذه الوجوه بل العمدة ظاهر خبر سعد بن أبي خلف. (م ت)

٢٧٠

الولد معهما بمنزلة الولد لانه ليس للميت ولد ولا ابوان.

باب ميراث الابوين والاخوة والاخوات

إذا مات الرجل وترك ابويه فلامه الثلث للاب الثلثان، فان ترك ابويه واخا اواختا فللام الثلث وللاب الثلثان، فان ترك ابويه واخا واختين او اخوين او اربع اخوات لاب او لاب وام فللام السدس وما بقى فللاب لقول الله عزوجل (فان كان له اخوة) يعنى اخوة لاب او لاب وام (فلامه السدس)(١) وانما حجبوا الام عن الثلث لانهم في عيال الاب وعليه نفقتهم فيحجبون ولا يرثون.

ومتى ترك ابويه واخوة واخوات لام ما بلغوا(٢) لم يحجبوا الام عن الثلث ولم يرثوا.

باب ميراث الابوين والزوج والاخوة والاخوات

ان تركت امرأة زوجها وأباها وإخوة وأخوات لاب وام او لاب او لام فللزوج النصف وما بقى فللاب، وليس للاخوة والاخوات مع الاب ولا مع الام شئ.

وكذلك ان تركت زوجها وامها واخوة واخوات لاب وام او لاب او لام فللزوج النصف وللام السدس وما بقى رد عليها وسقط الاخوة والاخوات كلهم،

___________________________________

(١) من أصل المال على نهج سائر الفرائض، والباقي للاب مالم يزاحمه أحد الزوجين ويكفى في حجب الاخوة الام عن الثلث إلى السدس أن يكونوا أزيد من واحد بأن يكونا أخوين أو أخا وأختين أو أربع أخوات فما زاد لاب وأم أو لاب مع وجود الاب ويجب أن لا يكون في العدد المعتبر كافر ولا رق ولا يكونوا حملا كما سيأتي.

(٢) يعنى بلغ عددهم ما بلغ كثرة.

٢٧١

لان الام ذات سهم وهى اقرب الارحام وهى تتقرب بنفسها والاخوة يتقربون بغيرهم.

فان تركت زوجا واما واخوة لام، واختا لاب وام فللزوج النصف ومابقى فللام.

فان تركت زوجها وابويها واخوة لاب وام او لاب فللزوج النصف وللام السدس وللاب الباقى، وان كان الاخوة من الام فللزوج النصف وللام الثلث وللاب السدس

باب من لايحجب عن الميراث

٥٦٢٠ - روى محمد بن سنان، عن العلاء بن فضيل عن ابى عبدالله عليه السلام قال: (ان الوليد والطفل لا يحجبك ولا يرثك(١) الا من آذن بالصراخ، ولا شئ اكنه البطن وان تحرك الا ما اختلف عليه الليل والنهار)(٢) .

ولا يحجب الام عن الثلث الاخوة والاخوات من الام ما بلغوا، ولا يحجبها الا اخوان او اخ واختان او اربع اخوات لاب، وام او اكثر من ذلك، والمملوك لايحجب ولايرث(٣) .

باب ميراث الاخوة والاخوات

إذا ترك الرجل اخا لاب وام فالمال كله له، وكذلك إذا كانا اخوين او اكثر

___________________________________

(١) أراد بالوليد المولود، وقوله " آذن " بالمدأى اعلم حياته، والاستثناء من الحجب والميراث معا (م ت)، وفي التهذيب " الوليد والطفيل لا يحجب ولا يرث ".

(٢) أى يكون قابلا له وهو ولد فكان ما في البطن لا يختلف عليه ولهذا لا يحسب من عمره وسنة.(م ت)

(٣) فلو كان للميت ولد مملوك لم يحجب أقاربه عن الارث، وكذا لوكان له أخوة مماليك لم يحجبوا أمه عن الزيادة عن السدس.(مراد)

٢٧٢

من ذلك فالمال بينهم بالسوية، فان ترك اختا لاب وام فلها النصف بالتسمية والباقى رد عليها لانها اقرب الارحام وهى ذات سهم(١) ، وكذلك ان تركت اختين او اكثر فلهن الثلثان بالتسمية والباقى رد عليهن بسهم ذوى الارحام، وان كانوا اخوة واخوات لاب وام فالمال بينهم للذكر مثل حظ الانثيين، وكذلك الاخوة والاخوات للاب في كل موضع يقومون مقام الاخوة والاخوات للاب والام إذا لم يكن اخوة واخوات لاب وام، فان ترك اخا لاب وام واخا لاب فالمال كله للاخ من الاب الام، وسقط الاخ من الاب، ولا يرث الاخوة من الاب ذكورا كانوا او اناثا مع الاخوة من الاب والام ذكورا كانوا او اناثا شيئا(٢) .

فان ترك اخا لاب وام واختا لاب فالمال كله للاخ من الاب والام، وكذلك ان ترك اختا لاب وام، واخا لاب، فالمال كله للاخت من الاب والام يكون لها النصف بالتسمية، وما بقى فلا قرب اولى الارحام وهى اقرب [اولى] الارحام.

٥٦٢١ - لقول النبى صلى الله عليه واله: (اعيان بنى الام احق بالميراث من ولد العلات).(٣)

___________________________________

(١) قيد به لان مجرد كونها أقرب غير كاف في الرد بل لا بد من أن تكون ذات سهم ليزاد على سهمها فيكون تلك الزيادة ردا ورثها بالقرابة ولو لم يكن سهم لورثت المال كله بالقرابة. (مراد)

(٢) ماذكره المصنف - رحمة الله عليه - يرجع إلى أن الاخ واحدا كان أو أكثر له المال بالقرابة، وكذا إذا اجتمع معه أو معهم الاخت أو الاخوات ويكون المال بينهم للذكر ضعف الانثى إذا كانوا لاب وأم أو لاب مع عدمهم، فان الاخوة والاخوات للاب لايرثون مع الاخوة والاخوات للاب والام. (م ت)

(٣) الاعيان الاخوة لاب واحد وأم واحدة مأخوذة من عين الشئ وهو النفيش منه (النهاية) وفي الكافي " اعيان بنى الاب " وبنو العلات هم أولاد الرجل من نسوة شتى، سميت بذلك لان الذى تزوجها على أولى قد كانت قبلها (ناهل) ثم عل من هذه.

والعلل الشرب الثاني، يقال علل بعد نهل (الصحاح) أقول: الخبر مروى في التهذيب ج ٢ ص ٤٣ مسندا، وذكره الكليني في الكافي، وقال: هذا مجمع عليه من قوله صلى الله عليه وآله

٢٧٣

فان ترك أخوات لاب وأم، وأخوات لاب، وابن أخ لاب، فللاخوات للاب والام الثلثان، وما بقى رد عليهن لانهن أقرب الارحام.

فان ترك أخا وابن أخ لاب وام فالمال كله للاخ من الاب لانه اقرب ببطن، ولان الاخ للاب يقوم مقام الاخ للاب والام إذا لم يكن اخ لاب وام فلما قام مقام الاخ للاب والام وكان اقرب ببطن كان احق بالميراث من ابن الاخ.

فان ترك اخا لاب وام واخا لام فللاخ من الام السدس وما بقى فللاخ من الاب والام.

فان ترك اخوه واخوات لاب وام، واختا لام فللاخت من الام السدس، وما بقى فبين الاخوة والاخوات للاب والام للذكر مثل حظ الانثيين.

فان ترك اختا لاب وام، واختا او اخا لام فللاخ أو الاخت للام السدس وللاخت للاب والام الباقى(١) .

فان ترك اخوين او اختين لام أو اكثر من ذلك، وإخوة لاب وام فللاخوة أو الاخوات من قبل الام الثلث بينهم بالسوية، وما بقى فللاخوة من الاب والام(٢) .

والاخ من الام ذكراكان أو انثى إذا كان واحدا فله السدس فان كانوا اكثر من ذلك ذكورا كانوا أواناثا فلهم الثلث لا يزادون على الثلث ولا ينقصون من السدس

___________________________________

(١) النصف بالتسمية والباقي بالرد. (مراد)

(٢) اختلف الاصحاب فيما إذا اجتمعت كلالة الام مع كلالة الابوين وزادت التركة عن نصيبهما هل تختص الزيادة بالمتقرب بالابوين أو يرد عليهما بنسبة سهامهما، فالمشهور بين الاصحاب اختصاص المتقرب بالابوين بالفاضل بل ادعى عليه جماعة الاجماع، وقال ابن أبي عقيل والفضل: الفاضل يرد عليهما على نسبة السهام، فلو كان مكان المتقرب بالابوين المتقرب بالاب فقط فاختلفوا فيه فذهب الصدوق والشيخ في النهاية والاستبصار وابن البراج وأبوالصلاح وأكثر المتأخرين إلى الاختصاص هنا أيضا لرواية محمد بن مسلم، وذهب الشيخ في المبسوط وابن الجنيد وابن ادريس والمحقق إلى أنه يرد عليهما، والاول أقوى. (المرآة)

٢٧٤

إذا كان واحدا، قال الله تبارك وتعالى: (وان كان رجل يورث كلالة او امرأة وله اخ او اخت فلكل واحد منهما السدس فان كانوا اكثر من ذلك فهم شركاء في الثلث.

فان ترك اخاه لابيه، واخاه لامه، واخاه لابيه وامه، فللاخ من الام السدس وما بقى فللاخ من الاب الام، وسقط الاخ من الاب.

فان ترك اخوة وأخوات لام، واخوة وأخوات لاب وام، واخوة وأخوات لاب فللاخوة والاخوات من الام الثلث الذكر والانثى فيه سواء، وما بقى فللاخوة والاخوات من الاب والام للذكر مثل حظ الانثيين، وسقط الاخوة الاخوات من الاب.

فان ترك اختا لام، واختا لاب وام، واختا لاب، فللاخت من الام السدس، وما بقى فللاخت من الاب والام، وسقطت الاخت من الاب.

فان ترك اختين لام، واختين لاب وام، واختين لاب فللاختين للام الثلث بينهما بالسوية، وما بقى فللاختين من الاب والام، وسقط الاختان من الاب.

فان ترك اختا لاب وام، واخوة واخوات لام، وابن اخ لاب وام فان للاخوة والاخوات من الام الثلث الذكر والانثى فيه سواء، وما بقى فللاخت من الاب والام، وسقط ابن الاخ للاب والام.

فان ترك اخا لاب، وابن اخ لام فالمال كله للاخ من الاب.

فان ترك اخا لام، وابن اخ لاب وام فالمال كله للاخ من الام، وسقط ابن الاخ للاب والام.

وغلط الفضل بن شاذان في هذه المسالة فقال: للاخ من الام السدس سهمه المسمى له، وما بقى فلا بن الاخ للاب والام واحتج " في ذلك بحجة ضعيفة، فقال: لان ابن الاخ للاب والام يقوم مقام الاخ الذى يستحق المال كله بالكتاب فهو بمنزلة الاخ للاب والام، وله فضل قرابة بسبب الام.

قال مصنف هذا الكتاب رحمه الله: وانما يكون ابن الاخ بمنزلة الاخ إذا لم يكن له اخ، فاذا كان له اخ لم يكن بمنزلة الاخ، كولد الولد انما هو ولد

٢٧٥

إذا لم يكن للميت ولد ولا ابوان، ولو جاز القياس في دين االله عزوجل لكان الرجل إذا ترك اخا لاب وابن اخ لاب وام كان المال كله لابن الاخ للاب والام قياسا على عم لاب وابن عم لاب وام لان المال كله لابن العم للاب والام لانه قد جمع الكلالتين كلالة الام وذلك بالخبر المأثور عن الائمة الذين يجب التسليم لهم عليهم السلام.

والفضل يقول في هذه المسالة: ان المال للاخ للاب وسقط ابن الاخ للاب والام، ويلزمه على قياس ان المال بين ابن الاخ للاب والام وبين الاخ للاب لان ابن الاخ له فضل قرابة بسبب الام وهو يتقرب بمن يستحق المال كله بالتسمية وبمن لا يرث الاخ للاب معه.(١) فان ترك ابن اخ لام، وابن اخ لاب وام، وابن اخ لاب، فلابن الاخ من الام السدس، وما بقى فلابن الاخ من الاب والام، وسقط ابن الاخ من الاب.

فان ترك ابن اخ لاب، وابن اخ لاب وام، فالمال كله لابن الاخ للاب والام، وسقط ابن الاخ للاب.

فان ترك ابنة اخت لام، وابنة اخت لاب وام، وابنة اخت لاب، فلا بنة الاخت للام السدس، وما بقى فلابنة الاخت للاب والام، وسقطت ابنة الاخت للاب.

___________________________________

(١) حاصله أن الفضل - رحمه الله - قاس قيام ابن الاخ والام مقام أبيه عند اجتماعه مع الاخ للام على قيامه مقام أبيه عند اجتماعه معه، ولو صح ذلك ليصح قياس ابن الاخ للاب والام عند اجتماعه مع الاخ للاب على ابن العم للاب والام عند اجتماعه مع العم للاب في قيام ابن العم مقام أبيه في التوريث وكان الميراث لابن الاخ من الاب والام دون الاخ من الاب كما أن الميراث لابن العم من الاب والام دون العم من الاب وليس كذلك، والفضل أيضا لا يقول به (مراد) أقول: قال في الدروس: لا ميراث لابن الاخ من الابوين مع الاخ للام، ولا لابن ابن الاخ من الابوين مع ابن أخ لام خلافا للفضل في المسألتين لاجتماع السببين، ويضعف بتفاوت الدرجتين.

٢٧٦

فان ترك ابنة اخ لاب وام، وبنى اخ لاب وام فان كانوا لاخ واحد فالمال بينهم للذكر مثل حظ الانثيين، وان كان الاخ ابوالابنة غير الاخ ابى البنين، فلابنة الاخ النصف من الميراث نصيب ابنها، ولبنى الاخ النصف ميراث ابيهم.

فان ترك ابن اخ لام، وابن ابن [ابن] اخ لاب وام فالمال كله لابن الاخ للام لانه اقرب، وليس كما قال الفضل بن شاذان: ان لابن الاخ من الام السدس وما بقى فلابن ابن [ابن] الاخ للاب والام، لانه خلاف الاصل الذى بنى الله عزوجل عليه فرائض المواريث.

فان ترك ابن ابن ابن اخ لاب وام او لاب او لام، وعما او عمة، او خالا او خالة، فالمال لابن ابن ابن الاخ [للاب والام] فان ولد الاخ وان سفلوا فهم من ولد الاب، والعم والعمة من ولد الجد، والخال والاخله من ولدالجد، وولد الاب وإن سفلوا أحق بالميراث من ولد الجد وكذلك يجرى اولاد الاخت لاب كانت او لام او لاب وام هذا المجرى لا يرث معهم عم ولا عمة ولا خال ولا خالة كما لايرث مع ولد الولد وان سفلوا اخ ولا اخت لاب كانوا او لام او لاب وام.

٥٦٢٢ - وروى ابن ابى عمير، عن ابن اذينة، عن بكير بن اعين قال: قلت لابى عبدالله عليه السلام: (امرأة ماتت وتركت زوجها واخوتها لامها واخوتها لابيها(١) فقال: للزوج النصف ثلاثة اسهم وللاخوة للام الثلث الذكر والانثى فيه سواء، وبقى سهم فهو للاخوة والاخوات من الاب للذكر مثل حظ الانثيين).

٥٦٢٣ - قال(٢) (وجاء رجل إلى ابى جعفر عليه السلام فسأله عن امرأة تركت زوجها وإخوتها لامها واختها لابيها، فقال: للزوج النصف ثلاثة اسهم، وللاخوة من الام سهمان وللاخت من الاب سهم(٣) ، فقال له الرجل: فان فرائض

___________________________________

(١) في الكافي والتهذيب " واخوتها وأخواتها لابيها " وهو الصواب، ولعل السقط من النساخ.

(٢) يعني بالسند المتقدم كما في الكافي ج ٧ ص ١٠٢.

(٣) كذا في التهذيب أيضا، وفي الكافي " للاخت من الاب السدس سهم ".

٢٧٧

زيد(١) وفرائض العامة على غير هذا ياابا جعفر يقولون للاخت من الاب ثلاثة اسهم هى من ستة تعول إلى ثمانية، فقال له أبوجعفر عليه السلام: ولم قالوا هذا؟ فقال: لان الله عزوجل قال: (وله اخت فلها نصف ما ترك) فقال ابوجعفر عليه السلام: فان كانت الاخت اخا؟ قال: ليس له الا السدس، فقال ابوجعفر عليه السلام: فما لكم نقصتم الاخ ان كنتم تحتجون ان للاخت النصف بأن الله عزوجل سمى لها النصف فان الله سمى للاخ الكل، والكل اكثر من النصف لانه عزوجل قال في الاخت: (فلها نصف ما ترك) وقال في الاخ: (وهو يرثها) يعنى جميع مالها ان لم يكن لها ولد فلا تعطون الذى جعل الله عزوجل له الجميع في بعض فرائضكم شيئا، وتعطون الذى جعل الله له النصف تاما وتقولون في زوج(٢) وام واخوة لام واخت لاب فتعطون الزوج النصف والام السدس، والاخوة من الام الثلث، والاخت من الاب النصف تجعلونها من تسعة وهى ستة تعول إلى تسعة فقال: كذلك يقولون، فقال له ابو جعفر عليه السلام(٣) :

___________________________________

(١) المراد زيد بن ثابت بن ضحاك الانصاري الصحابي المدني، وكان أصحاب الفتوى من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله ستة هو أحدهم، قال الشعبي غلب زيد الناس على اثنين الفرائض والقرآن.

وقال على بن زيد بن جدعان عن سعيد بن المسيب قال: شهدت جنازة زيد بن ثابت فلما دلى في قبره قال ابن عباس: من سره أن يعلم كيف ذهاب العلم فهكذا ذهاب العلم، والله لقد دفن اليوم علم كثير (تهذيب التهذيب) هذا وروى الكليني ج ٧ ص ٤٠٧ عن أبي علي الاشعري، عن محمد بن عبدالجبار، عن ابن فضال، عن ثعلبة بن ميمون، عن أبي بصير عن أبي جعفر عليه السلام قال: " الحكم حكمان حكم الله وحكم الجاهلية، وقد قال الله عزوجل " ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون " واشهدوا على زيد بن ثابت لقد حكم في الفرائض بحكم الجاهلية ".

(٢) في الكافي " جعل الله له النصف تاما، فقال له الرجل: أصحلك الله فكيف تعطى الاخت النصف ولا يعطى الذكر لو كانت هي ذكرا شيئا، قال: تقولون في أم وزوج واخوة لام واخت لاب يعطون الزوج - الخ ".

(٣) في الكافي " والاخت من الاب النصف ثلاثة فيجعلونها من تسعة وهي من ستة فترتفع إلى تسعة، قال: وكذلك تقولون، قال: فان كانت - الخ ".

٢٧٨

فان كانت الاخت اخا لاب، قال له الرجل: ليس له شئ فما تقول انت(١) ؟ فقال: ليس للاخوة من الاب والام ولا للاخوة من الاب مع الام شئ).

باب ميراث الزوج والزوجة مع الاخوة والاخوات

إذا مات الرجل وترك امرأة واخا لاب او لاب وام او لام فللمرأة الربع وما بقى فللاخ(٢) ، وكذلك ان ترك امرأة واختا لاب او لاب وام او لام فللمرأة الربع وما بقى فللاخت.

فان ترك امرأة، واخا لام، واخا لاب وام، واخا لاب، فللمرأة الربع وللاخ من الام السدس، وما بقى فللاخ من الاب والام، وسقط الاخ من الاب.

فان ترك امرأة واخا واختا لام، او اخوة واخوات لام، واخوة واخوات لاب وام واخوة واخوات لاب فللمرأة الربع وللاخوة والاخوات من الام الثلث الذكر والانثى فيه سواء، وما بقى فللاخوة والاخوات من الاب والام للذكر مثل حظ الانثيين، وسقط الاخوة والاخوات من الاب.

فان تركت امرأة زوجها واخا لاب او لام او لاب وام، فللزوج النصف وما بقى فللاخ.

وكذلك ان تركت زوجه واختها لاب او لام اولاب وام، فللزوج النصف، وما بقى فللاخت.

فان تركت زوجها، واخوة واخوات لام، واخوة واخوات لاب وام، واخوة واخوات لاب، فللزوج النصف، وللاخوة والاخوات من الام الثلث بينهم بالسوية وما بقى فلاخوة والاخوات من الاب والام وهو السدس للذكر مثل حظ الانثيين، و سقط الاخوة والاخوات من الاب.

___________________________________

(١) في الكافي بعد قوله " أخا لاب " قال ليس له شئ، فقال الرجل لابي جعفر عليه السلام فما تقول أنت، فقال - الخ".

(٢) لان الاخ ليس بذى فرض فيأخذ الباقي.

٢٧٩

فان تركت زوجها واخا لام، واخا لاب وام، واخا لاب، فللزوج النصف، وللاخ من الام السدس، وما بقى فللاخ من الاب والام، وسقط الاخ من الاب.

وكذلك تجرى سهام ولد الاخوة والاخوات مع الزوج والزوجة على هذا.

باب ميراث الاجداد والجدات

٥٦٢٤ - روى محمد بن ابى عمير، عن ابن اذينة، عن زرارة قال: (سألت ابا جعفر عليه السلام عن فريضة الجد، فقال: ما اعلم احدامن الناس(١) قال فيها الابالرأى الا على بن ابى طالب عليه السلام(٢) فانه قال فيها بقول رسول الله صلى الله عليه واله)(٣) .

٥٦٢٥ - روى يحيى بن ابى عمران(٤) ، عن يونس، عن رجل عن ابى عبدالله عليه السلام قال: (الجد والجدة من قبل الاب والجد والجدة من قبل الام كلهم يرثون).

٥٦٢٦ - وروى الحسن بن سعيد، عن ابن ابى عمير، عن جميل عن ابى عبدالله عليه السلام قال: (ان رسول الله صلى الله عليه واله اطعم الجدة ام الاب السدس وابنها حى،

___________________________________

(١) أى من الصحابة والتابعين غير الائمة المعصومين عليهم السلام. (م ت)

(٢) الاستثناء منقطع أو لان قول الائمة قول على عليه السلام. (م ت)

(٣) قال في النافع: وللجد المال ان انفرد لاب كان أو لام، وكذا الجدة، ولو اجتمع جد وجدة فان كانا لاب فلهما المال للذكر مثل حظ الانثيين وان كانا لام فالمال بينهم بالسوية، وإذا اجتمع الاجداد المختلفون فلمن يتقرب بالام الثلث على الاصح واحدا كان أو أكثر، ولمن يتقرب بالاب الثلثان ولو كان واحدا، ولو كان معهم زوج أو زوجة أخذ النصيب الاعلى ولمن يتقرب بالام ثلث الاصل والباقي لمن يتقرب بالاب، والجد الادنى يمنع الاعلى، وإذا اجتمع معهم الاخوة فالجد كالاخ والجدة كالاخت.

(٤) يحيى بن أبي عمران له كتاب يروى عنه المؤلف باسناده إلى ابراهيم بن هاشم وكان تلميذ يونس بن عبدالرحمن، والظاهر هو الهمداني.

٢٨٠

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558