من لا يحضره الفقيه الجزء ٤

من لا يحضره الفقيه10%

من لا يحضره الفقيه مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 558

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤
  • البداية
  • السابق
  • 558 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 169984 / تحميل: 11085
الحجم الحجم الحجم
من لا يحضره الفقيه

من لا يحضره الفقيه الجزء ٤

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

وان قطعت روثة الانف فديتها خمسمائة دينار نصف الدية.

(قال مصنف هذا الكتاب رحمه الله الروثة من الانف مجتمع مارنه)(١) .

وان انفدت فيه نافذة لا تنسد بسهم او برمح فديته ثلاثمائة وثلاثه وثلاثون دينارا وثلث(٢) ، وان كانت نافذة فبرئت والتأمت فديتها خمس دية روثة الانف مائة دينار، فما اصيب فعلى حساب ذلك وان كانت النافذة في احدى المنخرين إلى الخيشوم وهو الحاجز بين المنخرين فديتها عشر دية روثة الانف لانه النصف والحاجز بين المنخرين خمسون دينارا، وان كانت الرمية نفذت في احدى المنخرين والخيشوم إلى المنخر الاخر فديتها ستة وستون دينارا وثلثا دينار.

وإذا قطعت الشفة العليا فاستوصلت فديتها نصف الدية خمسمائة دينار فما قطع منها فبحساب ذلك، فان انشقت فبدا منها الاسنان ثم دوويت فبرئت والتأمت فدية جرحها والحكومة فيه خمس دية الشفة مائة دينار، وما قطع منها فبحساب ذلك، وان شترت وشينت شينا قبيحا فديتها مائة دينار وستة وستون دينارا وثلثا دينار.

(قال مصنف هذا الكتاب رحمه الله: الشتر انشقاق الشفة من اسفلها اما خلقة واما من شئ اصابها، ويقال: شفة شتراء إذا كانت كذلك).

ودية شفة السفلى إذا قطعت واستوصلت ثلثا الدية كملا ستمائة دينار وستة وستون دينار او ثلثا دينار فما قطع منها فبحساب ذلك، فان انشقت حتى تبدو منها الاسنان ثم برئت والتأمت فمائة دينار وثلاثة وثلاثون دينارا وثلث دينار، وان اصيبت فشينت شينا فاحشا فديتها ثلاثمائة دينار وثلاثة وثلاثون دينارا وثلث دينار.

قال وسألت ابا جعفر عليه السلام عن ذلك فقال: بلغنا ان اميرالمؤمنين عليه السلام فضلها(٣)

___________________________________

(١) المارن: مادون قصبة الانف، وهو مالان منه.

(٢) أى ثلث دية النفس.

(٣) أى فضل السفلى على العليا.

٨١

لانها تمسك الماء والطعام مع الاسنان فلذلك فضلها في حكومته(١) .

وفي الخد إذا كانت فيه نافذة ويرئ منها جوف الفم فديتها مائة دينار، فان دوي فبرئ والتأم وبه اثر بين وشين فاحش فديته خمسون دينارا، فان كانت نافذة في الخدين كلتيهما فديتها مائة دينار وذلك نصف دية التى يرى منها الفم.

وان كانت رمية بنصل نشبت في العظم(٢) حتى تنفذ إلى الحنك فديتها مائة وخمسون دينارا جعل منها خمسين دينارا لموضحتها، وان كانت ناقبة ولم تنفذ فديتها مائة دينار فان كانت موضحة في شئ من الوجه فديتها خمسون دينارا، فان كان لهاشين فدية شينها ربع دية موضحتها، وان كان جرحا ولم يوضح ثم برء وكان في الخدين اثر فديته عشرة دنانير، وان كان في الوجه صدع فديته ثمانون دينارا.

فان سقطت منه جذوة لحم ولم توضح وكان قدر الدرهم فما فوق ذلك فديتها ثلاثون دينارا.

ودية الشجة إذا كانت توضح اربعون دينارا إذا كانت في الجسد، وفي مواضح الرأس خمسون دينارا، فان نقل منها العظام فديتها مائة دينار وخمسون دينارا(٣) ، فاذا كانت ناقبة في الراس فتلك تسمى المأمومة وفيها ثلث الدية ثلاثمائة دينار و ثلاثة وثلاثون دينارا وثلث دينار.

وجعل في الاسنان في كل سن خمسين دينارا وجعل الاسنان سواء وكان قبل ذلك يجعل في الثنية خمسين دينارا، وفيما سوى ذلك من الاسنان في الرباعيه اربعين دينارا، وفي الناب ثلاثين دينارا، وفي الضرس خمسة وعشرين دينارا، فاذا اسودت

___________________________________

(١) اختلف الاصحاب في دية كل واحدة من الشفتين على انفرادهما بعد اتفاقهم على أن في المجموع منهما الدية الكاملة على أقوال أحدها التسوية بينهما في وجوب نصف الدية لكل واحدة، وثانيها أن في العليا الثلث وفي السفلى الثلثين، وثالثهاأن في العليا خمسا الدية أربعمائة دينار، وفي السفلى ثلاثة أخماس الدية ستمائة دينار، ورابعها أن في العليا النصف وفي السفلى الثلثين اختاره ابن الجنيد ونقله المحقق عن المصنف، كما في المسالك.

(٢) أى علقت فيه، نشب الشئ في الشئ أى علق.

(٣) للنقل مائة، وللايضاح خمسون.

٨٢

السن إلى الحول فلم تسقط فديتها دية الساقطة خمسون دينارا، ان انصدعت فلم تسقط فديتها خمسة وعشرون دينارا، فما انكسر منها فبحسابه من الخمسين الدينار وان سقطت بعد وهى سوداء فديتها خمسة وعشرون دينارا، فان انصدعت وهى سوداء فديتها اثنا عشر دينارا ونصف، فما انكسر منها من شئ فبحسابه من الخمسة والعشرين الدينار.

وفي الترقوة إذا انكسرت فجبرت على غيرعثم ولا عيب اربعون دينارا، فان انصدعت فديتها اربعة اخماس كسرها اثنان وثلاثون دينارا، فان اوضحت فديتها خمسة وعشرون دينارا وذلك خمسة اجزاء من ثمانية اجزاء من ديتها إذا انكسرت، فان نقل منها العظام فديتها نصف دية كسرها عشرون دينارا، وان نقبت فديتها ربع دية كسرها عشرة دنانير.

ودية المنكب إذا كسر خمس دية اليد مائة دينار، فان كان في المنكب صدع فديته اربعة اخماس دية كسره ثمانون دينارا، فما اوضح فديته ربع دية كسره خمسة وعشرون دينارا، فان نقلت منه العظام فديته مائة دينار وخمسة وسبعون دينارا، منها مائة دينار دية كسره وخمسون دينارا لنقل العظام وخمسة وعشرون دينارا للموضحة فان كانت ناقبة فديتها ربع دية كسرها خمسة وعشرون دينارا(١) ، فان رض فعثم فديته ثلث دية النفس(٢) ثلاثمائة دينار وثلاثة وثلاثون دينار وثلث دينار، فان كان فك فديته ثلاثون دينارا(٣) .

وفى العضد إذا كسرت فجبرت على غير عثم ولا عيب فديتها خمس دية اليد مائة دينار(٤) ، وديه موضحتها ربع ديه كسرها خمسة وعشرون دينارا، ودية نقل عظامها

___________________________________

(١) لعل المراد بالناقبة ما لم ينفذ إلى الجانب الآخر فلا ينافي حكم النافذة.(المرآة)

(٢) هذا مخالف لما ذكره الاصحاب من أن فيه مع العثم ثلث دية العضو، ويمكن حمله على ما إذا شلت اليد ففيه ثلثا دية اليد وهو ثلث النفس.(المرآة)

(٣) قال به ابن حمزة خلافا للمشهور.

(٤) المشهور أنه إذا جبر على غير عثم أربعة أخماس دية الكسر.

٨٣

نصف ديه كسرها خمسون دينارا، ودية نقبها ربع وديه كسرها خمسه وعشرون دينارا.

وفي المرفق إذا كسر فجبر على غير عثم ولا عيب فديته مائة دينار وذلك خمس دية اليد، فان انصدع فديته اربعة اخماس دية كسره ثمانون دينارا، فان اوضح فديته ربع دية كسره خمسة وعشرون دينارا، فان نقلت منه العظام فديته مائة دينار وخمسة وسبعون دينارا، للكسر مائة دينار ولنقل العظام خمسون دينارا وللموضحة خمسة وعشرون دينارا، فان كانت فيه ناقبة فديتها ربع دية كسرها خمسة وعشرون دينارا، فان رض المرفق فعثم فديته ثلث دية النفس ثلاثمائة دينار وثلاثة وثلاثون دينارا وثلث دينار، فان كان فك فديته ثلاثون دينارا، وفى المرفق الاخر مثل هذا سواء.

وفى الساعد إذا كسر(١) فجبر على غير عثم ولا عيب ثلث ديه النفس ثلاثمائة دينار وثلاثة وثلاثون دينارا وثلث دينار، فان كان كسر احدى القصبتين من الساعد فديته خمس دية اليد مائة دينار، وفي احديهما ايضا في الكسر لاحد الزندين خمسون دينارا وفي كليهما مائه دينار، فان انصدع احدى القصبتين ففيها اربعة اخماس دية احدى قصبتى الساعد اربعون دينارا(٢) ودية موضحتها ربع كسرها خمسة وعشرون دينارا [ودية نقل عظامها مائة دينار، وذلك خمس دية اليد، وان كانت ناقبة فديتها ربع دية كسرها خمسه وعشرون دينارا](٣) ودية نقبها نصف ديه موضحتها اثنا عشردينارا ونصف دينار، ودية نافذتها خمسون دينارا، فان صارت فيه قرحة لاتبرا فديتها ثلث دية الساعد ثلاثة وثلاثون دينارا وثلث دينار(٤) وذلك(٥) ثلث دية الذى هو فيه.

ودية الرسغ إذا رض فجبر على غير عثم ولا عيب ثلث دية اليد مائة دينار وستة وستون دينارا وثلثا دينار(٦) .

___________________________________

(١) أي كسر القصبتين معا.

(٢) كذا وفي بعض النسخ " ثمانون ".

(٣) ما بين القوسين ليس في بعض النسخ.

(٤) كذا والمراد واضح.

(٥) بيان للقاعدة وبمنزلة التعليل لما قبله. (سلطان)

(٦) قال العلامة المجلسي - رحمه الله - الظاهر أن ههنا سقطا أو لفظتا " غير " و " لا " زيدتا من النساخ، فان المشهور أنه مع العثم فيه ثلث دية العضو وأما على سياق ما مر في المنكب من أن مع العثم فيه ثلث دية النفس لا استبعاد في أن يكون فيه من غيرالعثم ثلث دية العضو.

٨٤

(قال الخليل بن احمد: الرسغ: مفصل ما بين الساعد والكف.

وفي ((خلق الانسان)(١) للتيرانى الرسغ: گردن دست والارساغ جماعة)(٢) .

وفى الكف إذا كسرت فجبرت على غير عثم ولا عيب خمس دية اليد مائة دينار فان فكت الكف فديتها ثلث دية اليد(٣) مائة دينار وستة وستون دينارا وثلثا دينار وفى موضحتها ربع دية كسرها خمسة وعشرون دينارا، ودية نقل عظامها مائة دينار وثمانية وسبعون دينارا(٤) نصف ديه كسرها، في نافذتها ان لم تنسد خمس دية اليد مائة دينار، فان كانت نافذة فديتها ربع دية كسرها خمسة وعشرون دينارا.

ودية الاصابع والقصب الذى في الكف: في الابهام إذا قطع ثلث دية اليد(٥) مائة دينار وستة وستون دينارا وثلثا دينار، ودية قصبة الابهام التى في الكف تجبر على غير عثم خمس ديه الابهام ثلاثة وثلاثون دينارا وثلث دينار، إذا استوى جبرها وثبت، ودية صدعها ستة وعشرون ديناراو ثلثا دينار، ودية موضحتها ثمانية دنانير وثلث دينار، ودية نقل عظامها ستة عشر دينارا وثلثا دينار، ودية نقبها ثمانية دنانير وثلث دينار نصف دية نقل عظامها، ودية موضحتها نصف دية ناقلتها ثمانية دنانير وثلث دينار، ودية فكها عشرة دنانير.

ودية المفصل من من اعلى الابهام ان كسر فجبر على غير عثم ولا عيب ستة عشر دينارا وثلثا دينار، ودية الموضحة إذا كان فيها اربعة دنانير وسدس دينار، ودية نقبه اربعة دنانير وسدس دينار، ودية صدعه ثلاثة عشر دينارا وثلث دينار، ودية نقل عظامها

___________________________________

(١) اسم كتاب في اللغة للتيراني وهو محمد بن عبدالله لغوي مشهور. (م ت)

(٢) قال في الصراح: رسغ باريكي بيوند دست است، حمع آن أرساغ.

(٣) محمول على ما إذا لم تضر بالكف ففيها ثلثا دية اليد.

(٤) كذا، وفي الكافي " ودية نقل عظامها خمسون دينارا ".

(٥) المشهور أن في كل اصبع عشر الدية والقول بالثلث على الابهام والثلثين على الاربع البواقي لابي الصلاح وابن حمزة. (المسالك)

٨٥

خمسة دنانير، وما قطع منها فبحسابه على منزلته.

وفي الاصابع فكل اصبع سدس دية اليد ثلاثة وثمانون دينارا وثلث دينار، واصابع الكف الاربع سوى الابهام ديه كل قصبة عشرون دينارا وثلثا دينار، ودية كل موضحة في كل قصبة من القصب من الاربع الاصابع اربعة دنانير وسدس، ودية نقل كل قصبه منهن ثمانية دنانير وثلث دينار.

ودية كسر كل مفصل من الاصابع الاربع التى تلى الكف ستة عشر دينارا وثلثا دينار، وفي صدع كل قصبة منهن ثلاثة عشر دينارا وثلث دينار، وان كان في الكف قرحة لاتبرا فديتها ثلاثة وثلاثون دينارا، وثلث دينارا، وفى نقل عظامها ثمانية دنانير و ثلث دينار(١) ، وفي موضحتها اربعة دنانير وسدس، وفي نقبها اربعة دنانير وسدس دينار، وفي فكها خمسة دنانير.

ودية المفصل الاوسط من الاصابع الاربع إذا قطع فديته خمسة وخمسون دينارا وثلث دينار، وفي كسره احد عشر دينارا وثلث دينار، وفي صدعه ثمانية دنانير ونصف وفي موضحته دينار وثلثا دينار(٢) وفي نقل عظامه خمسة دنانير وثلث دينار وفي نقبه ديناران وثلثا دينار، وفي فكه ثلاثة دنانير وثلثا دينار.

وفي المفصل الاعلى(٣) من الاصابع الاربع إذا قطع سبعة وعشرون دينارا ونصف دينار وربع عشر دينار(٤) وفى كسره خمسة دنانير واربعة اخماس دينار، وفي نقبه دينار وثلث، وفي فكه دينار واربعة اخماس دينار(٥) وفي ظفر كل اصبع منها خمسة دنانير.

___________________________________

(١) أي عظام الاصابع وهذا تكرار، ويمكن أن يكون المراد بالعظام غير قصبات الاصابع فلا تكرار.

(٢) في الكافي " ديناران وثلثا دينار ".

(٣) لعل المراد المفصل الذي عليه الظفر.

(٤) في الكافي " سبعة وعشرون دينارا ونصف وربع ونصف عشر دينار " والمناسب للقاعدة ونصف تسع دينار أو سبعة وعشرون وثلثا دينار. (م ت)

(٥) فيه " في نقبه ديناران وثلثا دينار وفي فكه ثلاثة دنانير وثلثا دينار ".

٨٦

وفى الكف إذا كسرت فجبرت على غير عثم ولا عيب فديتها اربعون دينارا، و دية صدعها اربعة اخماس دية كسرها اثنان وثلاثون دينارا، ودية موضحتها خمسة و عشرون دينارا، ودية نقل عظامها عشرون دينارا ونصف دينار، ودية نقبهاربع دية كسرها عشرة دنانير، ودية قرحة فيها لاتبرأ ثلاثة عشر دينارا وثلث دينار(١) .

وفى الصدر إذا رض فتثنى شقاه كلاهما فديته خمسمائة دينار، وديه احدى شقية إذا انثنى(٢) مائتا دينار وخمسون دينارا، وان انثنى الصدر والكتفان فديته مع الكتفين الف دينار، وان انثنى احدى الكتفين مع شق الصدر فديته خمسمائة دينار، ودية الموضحة في الصدر خمسة وعشرون دينارا، ودية موضحة الكتفين والظهر خمسه وعشرون دينارا، وان اعترى الرجل من ذلك صعر(٣) ولا يقدر على ان يلتفت فديته خمسمائة دينار، وان كسر الصلب فجبر على غير عثم ولاعيب فديته مائة دينار وان عثم فديته الف دينار.

وفي الاضلاع فيما خالط القلب من الاضلاع إذا كسر منهما ضلع فديته خمسة وعشرون دينارا، ودية صدعه اثنا عشر دينارا ونصف، ودية نقل عظامه سبعة دنانير ونصف دينار وموضحته على ربع كسره، ودية نقبه مثل ذلك.

وفي الاضلاع مما يلى العضدين دية كل ضلع عشرة دنانير إذا كسر، ودية صعدة سبعة دنانير، ودية نقل عظامه خمسة دنانير، وموضحة كل ضلع ربع دية كسره ديناران ونصف دينار، وان نقب ضلع منها فديته ديناران ونصف دينار، وفي الجايفة(٤) ثلث ديه النفس ثلاثمائة دينار وثلاثة و

___________________________________

(١) تقدم أن دية الكف مائة دينار وهي خمس دية اليد، ولا وجه في إعادة ذكر الكف ومخالفته لما سبق ولعل فيه تصحيفا لكن نسخ الكتاب والكافي متفقة في ذلك ولا يخفى أن النسبة بين المقادير فيه أيضا مخالفة للقاعدة، ولعل المراد الكف الزائد أو الشلاء. (المرآة)

(٢) أي إذا انعطف، الشق - بالكسر -: النصف.

(٣) الصعر الميل في الخد خاصة وصاعره أي أماله و " لا تصعر خدك للناس " أي لا تمل لهم خدك تكبرا كما في اللغة أو تذللا كما في الخبر وما في الخبر أوفق بسياق الآية.

(٤) الجائفة: الطعنة التي تبلغ الجوف.

٨٧

ثلاثون دينارا وثلث دينار، وان نقب من الجانبين كليهما برمية او طعنة وقعت في الشقاق فديتها أربعمائة دينار وثلاثة وثلاثون دينارا [وثلث دينار].

وفي الاذن إذا قطعت فديتها خمسمائة دينار وما قطع منها فبحساب ذلك وفي الورك إذا كسر فجبر على غير عثم ولا عيب خمس دية الرجلين مائتا دينار(١) فان صدع الورك فديته مائة دينار وستون دينارا اربعة اخماس دية كسره وان اوضحت فديته ربع ديه كسره خمسون دينارا، ودية نقل عظامه مائة وخمسة وسبعون دينارا، منهما لكسرها مائة دينار، ولنقل عظامها خمسون دينارا، ولموضحتها خمسة وعشرون دينارا، ودية فكها ثلاثون دينارا، فان رضت(٢) فعثمت فديتها ثلاثمائه وثلاثة وثلاثون دينارا وثلث دينار.

وفي الفخذ إذا كسرت فجبرت على غير عثم ولا عيب خمس دية الرجلين مائتا دينار(٣) ، فان عثمت الفخذ فديتها ثلاثمائة وثلاثة وثلاثون دينارا وثلث دينار ثلث دية النفس، ودية صدع الفخذ أربعة اخماس دية كسرها مائة دينار وستون دينارا وان كانت قرحة لاتبرأ فديتها ثلث دية كسرها ستة وستون دينارا وثلثا دينار، ودية موضحتها ربع دية كسرها خمسون دينارا، ودية نقل عظامها نصف دية كسرها مائة دينار، ودية نقبها ربع دية كسرها خمسون دينارا(٤) .

___________________________________

(١) الظاهر أن المراد الوركان وكذا في الصدع والموضحة وأما الناقلة فذكر فيه حكم احدى الوركين، وأما الفك والرض فالاوفق بما سبق حملهما على ما إذا كانت في احديهما فيكون الحكم بثلث دية النفس في لرض لانه في حكم الشلل ففيه ثلثا دية العضو، وبما ذكره الاصحاب. حملها على الوركين. (المرآة)

(٢) أى الوركان.

(٣) الظاهر هنا أيضا أن المراد الفخذ ان، والعثم يحتمل الامرين وان كان الاظهر هنا الفخذان وكذا الصدع والبواقي (المرآة)

(٤) في الكافي " ربع دية كسرها ومائة وستون دينارا " وهذا تصحيف، وفي التهذيب كما في المتن وهو الصواب.

٨٨

وفي الركبة(١) إذا كسرت فجبرت على غير عثم ولاعيب خمس دية الرجلين مائتا دينار، فان انصدعت فديتها اربعة اخماس دية كسرها مائة وستون دينارا، ودية موضحتها ربع دية كسرها خمسون دينارا، ودية نقل عظامها(٢) مائة دينار وخمسة وسبعون دينارا، منها في دية كسرها مائة دينار، وفي نقل عظامها خمسون دينارا، وفي موضحتها خمسة وعشرون دينارا، ودية نقبها ربع دية كسرها خمسون دينارا، فاذا رضت فعثمت ففيها ثلث دية النفس ثلاثمائة وثلاثة وثلاثون دينارا وثلث دينار، فان فكت ففيها ثلاثة اجزاء من دية الكسر ثلاثون دينارا.

وفي الساق إذا كسرت(٣) فجبرت على غير عثم ولا عيب خمس دية الرجلين(٤) مائتا دينار، ودية صدعها اربعة اخماس دية كسرها مائه وستون دينارا، وفي موضحتها ربع دية كسرها خمسون دينارا، وفي نقل عظامها ربع دية كسرها خمسون دينارا، وفي نقبها نصف دية موضحتها(٥) خمسة وعشرون دينارا، وفي تعورها(٦) ربع دية كسرها خمسون دينارا، وفي قرحة فيها لاتبرأ ثلاثة وثلاثون دينارا(٧) ، فان عثمت الساق فديتها ثلث دية النفس ثلاثمائة وثلاثة وثلاثون دينارا وثلث دينار.

وفى الكعب إذا رض فجبر على غير عثم ولا عيب ثلث دية الرجلين ثلاثمائة وثلاثة وثلاثون دينارا وثلث دينار(٨) .

___________________________________

(١) أى في كلتيهما معا فلا منافاة. (سلطان)

(٢) أى في كل واحد منهما. * ههنافي التهذيب زيادة.

(٣) أى كسرت كلتاهما.

(٤) في الكافي " دية الرجل " هنا وفيما تقدم في الفخذ والركبة، وما يأتى في الكعب والقدم.

(٥) هذا مخالف لما مر وقال العلامة المجلسي: حمله على أن المراد في نقب احديهما نصف دية موضحتهما بعيد وكذا نقل العظام مخالف للقاعدة ويجرى فيه ماذكرنا من التوجيه وعليها قس البواقي.

(٦) في بعض النسخ " نفوذها " كمافي الكافي.

(٧) في الكافي " وثلث دينار ".

(٨) الظاهر أن المراد بالكعب هما العظمان الناتبان عن طرفى القدم ولعل المراد هنا دية كعوب الرجلين. (المرآة)

٨٩

وفي القدم(١) إذا كسرت فجبرت على غير عثم ولاعيب خمس دية الرجلين مائتا دينار، وفي ناقبة فيها ربع دية كسرها خمسون دينارا، ودية الاصابع والقصب التى في القدم للابهام ثلث دية الرجلين ثلاثمائة وثلاثة وثلاثون دينارا وثلث دينار.

ودية كسر الابهام القصبة التى تلى القدم خمس دية الابهام ستة وستون(٢) دينارا وثلث دينار، وفي صدعها ستة وعشرون دينارا وثلثا دينار، وفي موضحتها ثمانية دنانير وثلث دينار، وفي نقل عظامها ستة وعشرون دينارا وثلثا دينار، وفي نقبها ثمانية دنانير وثلث دينار، وفي فكها عشرة دنانير.

ودية المفصل الاعلى من الابهام وهو الثانى فيه الظفر ستة عشر دينارا وثلثا دينار، وفي موضحته اربعة دنانير وسدس دينار، وفي نقل عظامه ثمانية دنانير وثلث دينار، وفى ناقبته اربعة دنانير وسدس دينار، وفي صدعه ثلاثة عشر دينارا وثلث، وفي فكه خمسة دنانير(٣) .

ودية كل اصبع منها سدس دية الرجل ثلاثة وثمانون دينارا وثلث دينار، ودية قصبة الاصابع الاربع سوى الابهام دية كسر كل قصبة منهاستة عشردينارا وثلث(٤) ، ودية موضحة كل قصبة منهن اربعة دنانير وسدس، ودية نقل كل عظم قصبة منهن ثمانية دنانير وثلث ودية صدعها ثلاثة عشر دينار او ثلث(٥) ، ودية نقب

___________________________________

(١) أي في كليهما.

(٢) في الكافي " ودية كسر قصبة الابهام التي تلي القدم خمس دية الابهام - الخ " وفي بعض النسخ " ستة وسبعون " وقال العلامة المجلسي - رخمه الله -: المراد بدية الابهام دية الابهامين، وبكسر قصبة الابهام كسر قصبتي الابهامين، وانما جعل فيه خمس دية الابهام لان كسر تلك القصبة يسري ضرره في جميع الابهام.

(٣) زاد هنا في الكافي والتهذيب " وفي ضفره ثلاثين دينارا وذلك لانه ثلثدية الرجل " وقال العلامة المجلسي: لم يقل بهذا أحد.

(٤) في الكافي " ستة عشر دينارا وثلثا دينار ".

(٥) في الكافي " ودية صدعها ثلاثة عشر دينارا وثلثا دينار ".

٩٠

كل قصبة منهن اربعة دنانير وسدس، ودية قرحة لاتبرأ في القدم ثلاثة وثلاثون دينارا وثلث.

ودية كسر المفصل الذى يلى القدم من الاصابع(١) ستة عشر دينارا وثلث(٢) ودية صدعها ثلاثة عشر دينارا وثلث دينار، ودية نقل عظم كل قصبة منهن ثمانية دنانير وثلث، ودية موضحة كل قصبة اربعة دنانير وسدس دينار، ودية نقبها اربعة دنانير وسدس دينار، ودية فكها خمسة دنانير.

وفي المفصل الاوسط من الاصابع الاربع إذا قطع فديته خمسة وخمسون دينارا وثلثا دينار، ودية كسره احد عشر دينارا وثلثا دينار، ودية صدعه ثمانية دنانير واربعة اخماس دينار، ودية موضحته ديناران، ودية نقل عظامه خمسة دنانير وثلثا دينار، ودية فكه ثلاثة دنانير وثلثا دينار(٣) ، ودية نقبة ديناران وثلثا دينار.

وفى المفصل الاعلى من الاصابع الاربع التى فيها الظفر إذا قطع فديته سبعة وعشرون دينارا واربعة اخماس دينار، وديه كسره خمسة دنانير واربعة اخماس دينار ودية صدعه اربعة دنانير وخمس دينار، ودية موضحته دينار وثلث دينار، ودية نقل عظامه ديناران وخمس دينار، ودية نقبه دينار وثلث دينار، ودية فكه دينار واربعة اخماس دينار(٤) ، ودية كل ظفر عشرة دنانير.

وافتى عليه السلام في حلمة ثدى الرجل ثمن الدية مائة دينار وخمسة وعشرون دينارا، وفي خصية الرجل خمسمائة دينار، قال: فان اصيب رجل فادر(٥) خصيتاه كلتاهما فديته اربعمائة دينار، وان فحج(٦) فلم يقدر على المشى الا مشيا لاينفعه فديته

___________________________________

(١) أي الاصابع الاربعة كما في الكافي.

(٢) كذا في الكافي والتهذيب ولعل الصواب كما في نسخة من الفقيه " وثلثا دينار ".

(٣) ليس في الكافي " وثلثا دينار ".

(٤) في الكافي " ديناران وأربعة أخماس دينار ".

(٥) الادرة: انتفاخ الخصيتين.

(٦) الفحج: تباعد ما بين الرجلين في الاعقاب مع تقارب صدور القدمين.

٩١

اربعة اخماس دية النفس ثمانمائة دينار، فان احدب منها الظهر فحينئذ تمت ديته الف دينار.

والقسامة في كل شئ من ذلك ستة نفر على ما بلغت ديته.

وافتى عليه السلام في الوجأة إذا كانت في العانة فخرق الصفاق(١) فصارت ادرة في احدى الخصيتين فديتها مائتا دينار خمس الدية، وفي النافذة إذا نفذت من رمح أو خنجر في شئ من الرجل من اطرافه فديتها عشر دية الرجل مائة دينار.

وقضى عليه السلام انه لا قود لرجل اصابه والده في امر يعتب فيه عليه فاصابه عيب من قطع وغيره ويكون له الدية ولا يقاد، ولا قود لامرأة اصابها زوجها فعيبت فغرم العيب على زوجها ولا قصاص عليه.

وقضى عليه السلام في امرأة ركلها زوجها فأعفلها(٢) أن لها نصف ديتها مائتان وخمسون دينارا.

وقضى عليه السلام في رجل افتض جارية باصبعه فخرق مثانتها فلا تملك بولها فجعل لها ثلث نصف الدية مائة وستة وستين دينارا وثلثا دينار.

وقضى عليه السلام لها عليه صداقها مثل نساء قومها.

واكثر رواية اصحابنا في ذلك الدية كاملة.

باب تحريم الدماء والاموال بغير حقها والنهى عن التعرض لما لا يحل، و... التوبة عن القتل إذا كان عمدا او خطا

٥١٥١ - روى زرعة، عن سماعة عن ابى عبدالله عليه السلام قال: (ان رسول الله صلى الله عليه وآله

___________________________________

(١) الوجأة من الوجاء - بالكسر والمد -: رض عروق البيضتين حتى تنفضخ فيكون شبيها بالخصاء، وقيل هو رض الخصيتين.

والصفاق: الجلد الاسفل تحت الجلد الذي عليه الشعر أو ما بين الجلد والمصران، أو جلد البطن كله " القاموس " وفي بعض النسخ بالسين ولعلهما بمعنى، وفي بعضها " الوجية " بدل " الوجأة ".

(*) أي دية الرجل.

(٢) الركل ضربك الفرس ليعدو والضرب برجل واحد " القاموس " والعفل والعفلة محركتين - شئ يخرج من قبل المرأة يمنع وطيها، وقيل: هو ورم يكون بين مسلكيها فيضيق فرجها حتى يمنع الايلاج وقيل هو القرن.

٩٢

وقف بمنى حين قضى مناسكه في حجة الوداع فقال: ايها الناس اسمعوا ما اقول لكم واعقلوه فانى لاادرى لعلى لا القاكم في هذا الموقف بعد عامنا هذا، ثم قال: اى يوم اعظم حرمة؟ قالوا: هذا اليوم، قال: فاى شهر اعظم حرمة؟ قالوا: هذا الشهر قال: فاى بلدة اعظم حرمة؟ قالوا: هذه البلدة، قال: فان دماء‌كم واموالكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا إلى يوم تلقونه فيسألكم عن اعمالكم، الا هل بلغت؟ قالوا: نعم، قال: اللهم اشهد، الا ومن كانت عنده امانة فليؤدها إلى من ائتمنه عليها فانه لايحل له دم امرء مسلم ولا ماله الا بطيبة نفسه فلاتظلموا انفسكم ولا ترجعوا بعدى كفارا).

٥١٥٢ - وروى محمد بن ابى عمير، عن منصور بزرج، عن ابى حمزة الثمالى، عن على بن الحسين عليهما السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: (لايغرنكم رحب الذراعين بالدم فان له عندالله قاتلا لايموت(١) ، قالوا: يا رسول الله وما قاتل لا يموت؟ ! قال: النار)

٥١٥٣ - وروى هشام بن سالم عن ابى عبدالله عليه السلام قال: (لايزال المؤمن في فسحة من دينه مالم يصب دما حراما، وقال: لا يوفق قاتل المؤمن متعمدا للتوبة).

٥١٥٤ - وروى حماد بن عثمان عن ابى عبدالله عليه السلام قال: (يجيئ يوم القيامة رجل إلى رجل حتى يلطخه بالدم والناس في الحساب، فيقول: ياعبدالله مالى ولك؟ ! فيقول اعنت على يوم كذا وكذا بكلمة فقتلت)(٢) .

٥١٥٥ - وفى رواية العلاء، عن الثمالى قال: (لو ان رجلا ضرب رجلا سوطا لضربه الله سوطا من النار).

٥١٥٦ - وروى جميل عن ابى عبدالله عليه السلام قال: (لعن رسول الله صلى الله عليه وآله من

___________________________________

(١) الرحب: السعة، ورحب الذراعين أى القادر على الفعل في سعة.

(٢) رواه المصنف في عقاب الاعمال في الصحيح.

٩٣

احدث بالمدينة حدثا، او آوى محدثا، قلت: وما ذلك الحدث؟ قال: القتل)(١) .

٥١٥٧ - وروى ابن ابى عمير، عن غير واحد عن ابى عبدالله عليه السلام قال: (من اعان على مؤمن بشطر كلمة جاء يوم القيامة وبين عينيه مكتوب: آيس من رحمة الله)(٢) .

٥١٥٨ - وروى ابان، عن ابى اسحاق ابراهيم الصيقل قال: قال لى ابوعبدالله عليه السلام: (وجد في ذؤابة سيف رسول الله صلى الله عليه وآله صحيفة فاذا فيها مكتوب بسم الله الرحمن الرحيم ان اعتى الناس على الله يوم القيامة من قتل غير قاتله، وضرب غير ضاربه(٣) ، ومن تولى غير مواليه فهو كافر بما انزل الله على محمد، ومن احدث حدثا او آوى محدثا لم يقبل الله تعالى منه يوم القيامة صرفا ولا عدلا، قال: ثم قال: اتدرى ما يعنى بقوله (من تولى غير مواليه)؟ قلت: ما يعنى به؟ قال: يعنى اهل الدين)(٤) .

والصرف(٥) التوبة في قول ابى جعفر عليه السلام والعدل الفداء في قول ابى عبدالله عليه السلام.

٥١٥٩ - وروى عن حنان بن سدير عن ابى عبدالله عليه السلام (في قول الله عزو جل (انه من قتل نفسا بغير نفس(٦) او فساد في الارض فكانما قتل الناس جميعا) قال: هو واد في جهنم لو قتل الناس جميعا كان فيه ولو قتل نفسا واحدة كان فيه).

٥١٦٠ - وروى (انه يوضع في موضع من جهنم اليه ينتهى شدة عذاب اهلها لو قتل الناس جميعا لكان انما يدخل ذلك المكان، قيل: فأنه قتل آخر؟ قال:

___________________________________

(١) مروى في العقاب في الصحيح عن الوشاء عن أبي الحسن الرضا عليه السلام.

(٢) مروى في العقاب في الصحيح عن ابن أبي عمير.

(٣) أى قتل من لايريد قتله، وضرب من لايضربه.

(٤) " أهل البيت " نسخة في أكثر النسخ.

(٥) كلام ابراهيم الصيقل ويحتمل كون كلام أبان.

(٦) أى بغير قصاص بأن يقتله ظلما.

(٧) رواه الكلينى في الحسن كالصحيح ج ٧ ص ٢٧١ في حديث.

٩٤

٥١٦١ - وروى العلاء، عن محمد بن مسلم عن احدهما عليهما السلام قال: ((قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من قتل دون ماله(١) فهو شهيد، قال: وقال: لو كنت انا لتركت المال ولم اقاتل)(٢) .

٥١٦٢ - وروى ابن ابى عمير، عن محسن بن احمد(٣) ، عن عيسى الضعيف قال قلت لابى عبدالله عليه السلام (رجل قتل رجلا ما توبته؟ فقال: يمكن من نفسه، قلت: يخاف ان يقتلوه؟ قال: فليعطهم الدية، قلت: يخاف ان يعلموا بذلك؟ قال: فليتزوج اليهم امرأة، قلت: يخاف ان تطلعهم على ذلك؟ قال: فلينظر إلى الدية فيجعلها صررا ثم لينظر مواقيت الصلاة فليلقها في دارهم)(٤) .

٥١٦٣ - وروى الحسن بن محبوب، عن ابى ولاد الحناط قال: (سمعت ابا عبدالله عليه السلام يقول: من قتل نفسه متعمدا فهو في نار جهنم خالدا فيها)(٥) .

٥١٦٤ - وروى الحسن بن محبوب، عن عبدالله بن سنان، وابن بكير عن ابى عبدالله عليه السلام قال: (سئل عن المؤمن يقتل المؤمن متعمدا له توبة؟ فقال: ان كان قتله لايمانه فلاتوبة له، وان كان قتله لغضب او لسبب شئ من امر الدنيا فان توبته ان يقاد منه، وان لم يكن علم به احد انطلق إلى اولياء المقتول فاقر عندهم بقتل صاحبهم فان عفوا عنه فلم يقتلوه اعطاهم الدية واعتق نسمة، وصام شهرين متتابعين

___________________________________

(١) أى في مقام الدفع عنه مع طن السلامة وثوابه كثواب الشهيد.

(٢) تنبيه على أن المقاتلة لحفظ المال غير واجبة. (مراد)

(٣) في الكافي ج ٧ ص ٢٧٦ " عن الحسين بن أحمد المنقرى "، وفيه ايضا في موضع " عن عيسى الضرير " وفي آخر " عن عيسى الضعيف " ويمكن أن يكون ضعيف العين فيطلق عليه تارة الضرير وأخرى الضعيف، وهو وروايه مجهولان.

(٤) المشهور أن الخيار في القصاص وأخذ الدية إلى ورثة المجنى عليه لا القاتل، والخبر يدل على خلافة.

(٥) تقدم في المجلد الثالث.

٩٥

واطعم ستين مسكينا توبة إلى الله عزوجل)(١) .

٥١٦٥ - وروى ابن ابى عمير، عن سعيد الازرق عن ابى عبدالله عليه لسلام (في رجل يقتل رجلا مؤمنا(٢) قال: يقال له مت اى ميتة شئت ان شئت يهوديا، وان شئت نصرانيا، وان شئت مجوسيا).

٥١٦٦ - وروى جابر عن ابى جعفر عليه السلام قال: (قال رسول الله صلى الله عليه وآله: اول ما يحكم الله عزوجل فيه يوم القيامة الدماء، فيوقف ابنا آدم عليه السلام فيفصل بينهما ثم الذين يلونهما من اصحاب الدماء حتى لايبقى منهم احد من الناس بعد ذلك حتى يأتى المقتول بقاتله فيشخب دمه في وجهة(٣) ، فيقول: انت قتلته فلا يستطيع ان يكتم الله حديثا).

٥١٦٧ - وروى حماد، عن الحلبى عن ابى عبدالله عليه السلام (في رجل قتل رجلا مملوكا متعمدا قال: يغرم قيمته ويضرب ضربا شديدا(٤) ، وقال في رجل قتل مملوكه قال: يعتق رقبة(٥) ويصوم شهرين متتابعين، ويطعم ستين مسكينا، ثم التوبة بعد ذلك)(٦) .

٥١٦٨ - وروى عثمان بن عيسى، وزرعة، عن سماعة عن ابى عبدالله عليه السلام قال: (سألته عمن قتل مؤمنا متعمدا هل له توبة؟ فقال: لا، حتى يؤدي

___________________________________

(١) يدل على أن القاتل أن قتل رجلا لايمانه لا توبة له، ولعل ذلك لاستلزامه الكفر والارتداد والمرتد عن فطرة لا توبة له.

ويدل على أن حد التوبة تسليم القاتل نفسه إلى أولياء المقتول إن شاؤوا قتلوه وإن شاؤوا عفو عنه، وعلى أن كفارة القتل إذا كان عمدا هي كفارة الجمع.

(٢) أي من قتل مؤمنا لايمانه أو مستحلا دمه.

(٣) " حتى يأتي " متعلق بأول الكلام، والشخب: السيلان.

(٤) لانه لا تقاص بين الحر والعبد ولا يقتل الحر بالعبد ويقتل العبد بالحر، وتعيين مقدار الضرب إلى الحاكم، وتجب عليه الكفار ة لما يأتي.

وعدم ذكرها لا يدل على عدمها.

(٥) يعني بعد أن يضرب ضربا شديدا لعموم ماتقدم.

(٦) أي لا تكفي الكفارة فقط بل ان أراد أن لا يعذبه الله تعالى في الآخرة يجب عليه أن يتوب ويندم، عسى الله أن يتوب عليه، وتدرأ التوبة عنه العذاب في الآخرة.

٩٦

ديته إلى اهله، ويعتق رقبة، ويصوم شهرين متتابعين(١) ، ويستغفر الله عزوجل، ويتوب اليه ويتضرع، فانى ارجو ان يتاب عليه إذا هو فعل ذلك، قلت: جعلت فداك فان لم يكن له مال يؤدى ديته؟ قال: يسأل المسلمين حتى يؤدى ديته إلى اهله)).

٥١٦٩ - وروى القاسم بن محمد الجوهرى، عن كليب الاسدى قال: (سألت ابا عبدالله عليه السلام عن الرجل يقتل في شهر حرام ما ديته؟ فقال: دية وثلث)(٢) .

٥١٧٠ - وروى محمد بن ابى عمير، عن منصور بن يونس، عن ابى حمزة عن احدهما عليهما السلام قال: (اتي رسول الله صلى الله عليه وآله فقيل: يا رسول الله قتيل في جهينة، فقام رسول الله صلى الله عليه وآله حتى انتهى إلى مسجدهم وتسامع به الناس فأتوه، فقال عليه السلام: من قتل ذا؟ قالوا: يا رسول الله ماندرى، قال: قتيل من المسلمين بين ظهراني المسلمين لايدرى من قتله(٣) والذى بعثنى بالحق لو ان اهل السماء وأهل الارض اجتمعوا فشركوا في دم امرئ مسلم ورضوا به لكبهم الله عزوجل على مناخرهم في النار(٤) او قال على وجوههم)(٥) .

٥١٧١ - وسأل سماعة ابا عبدالله عليه السلام (عن قول الله عزوجل: (ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم) قال: من قتل مؤمنا على دينه فذاك المتعمد الذى

___________________________________

(١) لم يذكر فيه إطعام المساكين، والمشهور وجوب كفارة الجمع كما سبق في رواية عبدالله بن سنان. (سلطان)

(٢) تغليظ الدية بالقتل في أشهر الحرم موضع وفاق وبه نصوص (المسالك) والخبر في الكافي في الحسن كالصحيح عن كليب.

(٣) أي في وسطهم ومعظمهم.

(٤) على مناخرهم أي القاهم مقلوبا في النار، وينبغي أن يحمل على قتله بسبب اسلامه، ويدل على ذلك الحديث الآتي.

(٥) الترديد من الراوي.

٩٧

قال الله عزوجل في كتابه واعد له عذابا عظيما، قلت: فالرجل يقع بينه وبين الرجل شئ فيضربه بسيفه فيقتله، قال: ليس ذاك المتعمد الذى قال الله عزوجل).

٥١٧٢ - وروى حماد بن عيسى، عن ابى السفاتج عن ابى عبدالله عليه السلام (في قول الله عزوجل: (ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم) قال: ان جازاه)(١) .

٥١٧٣ - وفي رواية ابراهيم بن ابى البلاد، عمن ذكره عن ابى عبدالله عليه السلام قال: (كانت في زمن اميرالمؤمنين عليه السلام امرأة صدق يقال لها امفتان، فأتاها رجل من اصحاب على عليه السلام فسلم عليها فوافقها مهتمة فقال لها: مالى اراك مهتمة؟ قالت: مولاة لى دفنتها فنبذتها الارض مرتين، قال: فدخلت على اميرالمؤمنين عليه السلام فأخبرته فقال: ان الارض لتقبل اليهودي والنصرانى فمالها الا ان تكون تعذب بعذاب الله عزوجل، ثم قال: اما انه لو اخذت تربة من قبر رجل مسلم فالقى على قبرها لقرت، قال: فأتيت ام فتان فأخبرتها فأخذت تربة من قبر رجل مسلم فالقي على قبرها فقرت، فسالت عنها ما كانت تفعل فقالوا: كانت شديدة الحب للرجال لاتزال قد ولدت والقت ولدها في التنور).

٥١٧٤ - وروى على بن الحكم، عن الفضيل بن سعدان عن ابى عبدالله عليه السلام قال: (كانت في ذؤابة سيف رسول الله صلى الله عليه وآله صحيفة مكتوب فيها لعنة الله والملائكة والناس اجمعين على من قتل غير قاتله، او ضرب غير ضاربه أو احدث حدثا او آوى محدثا، وكفر بالله العظيم الانتفاء من حسب وان دق)(٢) .

باب القسامة(٣)

٥١٧٥ - روى الحسن بن محبوب، عن على بن رئاب، عن ابى بصير عن أبى

___________________________________

(١) أي كان جزاؤه جهنم من جهة الاستحقاق لو لم يتفضل الله على بعفوه أو بشفاعة الشافعين، وهذا أحد التأويلات للآية والتأويل الآخر هو أن المراد بالخلود المكث الطويل.

(٢) في الصحاح الحسب ما يعده الانسان من مفاخر الآباء ويقال حسبه دينه ويقال: ماله - إنتهى، ولعل المراد بالدق كون حسبه خسيسا دنيا أو خفيا.

(٣) بالفتح: القسم والمراد، بها هنا الجماعة يحلفون لاثبات الجناية.

٩٨

عبدالله عليه السلام قال: (ان الله تبارك وتعالى حكم في دمائكم بغير ما حكم في اموالكم حكم في اموالكم ان البينة على من ادعى واليمين على من ادعى عليه، وحكم في دمائكم ان اليمين على من ادعى، والبينة على من ادعى عليه لئلا يبطل دم امرء مسلم)(١)

٥١٧٦ - وروى منصور بن يونس، عن سليمان بن خالد قال: قال ابوعبدالله عليه السلام (سألنى عيسى بن موسى وابن شبرمة معه عن القتيل يوجد في ارض القوم وحدهم فقلت: وجد الانصار رجلا في ساقية من سواقى خيبر(٢) فقالت الانصار: اليهود قتلوا صاحبنا، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وآله: لكم بينة؟ فقالوا: لا، فقال: أفتقسمون؟ قالت الانصار: كيف نقسم على ما لم نره، فقال: فاليهود يقسمون، قالت الانصار يقسمون على صاحبنا؟ قال: فوداه النبى صلى الله عليه وآله من عنده، فقال ابن شبرمة: افرأيت لو لم يوده النبى صلى الله عليه وآله قال: قلت: لا نقول لما قد صنع رسول الله صلى الله عليه وآله: لو لم يصنعه، قال: فقلت له: فعلى من القسامة؟ قال: على اهل القتيل)(٣) .

٥١٧٧ - وروى محمد بن سهل، عن ابيه، عن بعض اشياخه عن ابى عبدالله عليه السلام

___________________________________

(١) فان الغالب أن القاتل له عداوة مع المقتول والقبيلة سيما الوارث مطلعون عليه فاذا كان لوث وهو القرينة الدالة على أن فلانا القاتل وحلفوا عليه قتلوا القاتل أو أخذوا الدية فكل من أراد القتل إذا عرف أنهم يحلفون ويقتلونه صار ذلك مانعا عن الاقدام عليه كالقصاص وقال الله تعالى " ولكم في القصاص حيوة يااولي الالباب " وذلك كالحكم بالبينة واليمين والقرعة ضابطة لرفع التنازع ولو خلفوا كاذبين وقتلوا أو أخذوا الدية كانت العقوبة في الآخرة. (م ت)

(٢) الساقية: النهر الصغير. وفيه سقط والصواب " رجلا منهم في ".

(٣) كذا في النسخ، وهو تصحيف، والصواب " قال فقال لي فعلى من القسامة؟ فقلت على - الخ " وفي الكافي ج ٧ ص ٣٦٢ في الموثق عن حنان بن سدير قال: قال لي أبوعبدالله عليه السلام: " سألني ابن شبرمة: ما تقول في القسامة في الدم؟ فاجبته بما صنع النبي صلى الله عليه وآله فقال: أرأيت لو أن النبي صلى الله عليه وآله لم يصنع هكذا كيف كان القول فيه؟ قال: فقلت له: أما ما صنع النبي عليه السلام فقد أخبرتك به وأما مالم يصنع فلا علم لي به".

٩٩

قال: " ان اميرالمؤمنين عليه السلام سئل عن رجل كان جالسا مع قوم فمات وهو معهم(١) ، أو رجل وجد في قبيلة او على دار قوم(٢) فادعى عليهم، قال: ليس عليهم قود ولايطل، دمه، عليهم الدية)(٣) .

٥١٧٨ - وروى موسى بن بكر، عن زرارة عن ابى عبدالله عليه السلام قال: (انما جعلت القسامة ليغلظ بها في الرجل المعروف بالشر المتهم، فان شهدوا عليه جازت شهادتهم)(٤) .

٥١٧٩ - وروى القاسم بن محمد، عن على بن ابى حمزة، عن ابى بصير قال: (سألت ابا عبدالله عليه السلام عن القسامة أين كان بدؤها؟ فقال: كان من قبل رسول الله صلى الله عليه وآله لما كان بعد فتح خيبر تخلف رجل من الانصار عن اصحابه فرجعوا في طلبه فوجدوه متشحطا في دمه قتيلا فجاء‌ت الانصار إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فقالت: يا رسول الله قتلت اليهود صاحبنا، فقال: ليقسم منكم خمسون رجلا على انهم قتلوه، قالوا: يا رسول الله انقسم على ما لم نره قال: فيقسم اليهود؟ فقالوا: يا رسول الله من يصدق اليهود فقال: انا إذا آدى صاحبكم، فقلت له: كيف الحكم فيها؟ قال ان الله عزوجل حكم في الدماء ما لم يحكم في شئ من حقوق الناس لتعظيمه الدماء لو ان رجلا ادعى على رجل عشرة آلاف درهم، اقل من ذلك او اكثر لم يكن اليمين على المدعي وكانت اليمين على المدعى عليه، فاذا ادعى الرجل على القوم الدم انهم قتلوا كانت اليمين على مدعي الدم قبل المدعى عليهم فعلى المدعي ان يجئ بخمسين يحلفون ان فلانا قتل فلانا فيدفع اليهم الذى حلف عليه فان شاؤوا عفوا عنه، وان شاؤوا قتلوا، وان شاؤوا قبلوا الدية، فان لم يقسموا فان على المدعى

___________________________________

(١) في أكثر النسخ " مع قوم ثقات ونفر معهم ".

(٢) في التهذيب " على باب دار قوم.

(٣) أى بعد القسامة للوث فيكون محمولا على غير العمد، أو عليهم الدية لكن يؤديها الامام كما فعله النبي عليه السلام، أو من بيت المال. (م ت)

(٤) " الرجل المعروف " اشارة إلى لزوم اللوث وسيأتى معناه و " المتهم " أى بالعداوة.

" فان شهدوا عليه أى أدعوا وحلفوا عليه ".

١٠٠

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

4 ـ إنّه تحدّث عمّا يجب أنْ يتّصفَ به الإمام والقائد لمسيرة الاُمّة مِنْ الصفات ، وهي :

أ ـ العمل بكتاب الله.

ب ـ الأخذ بالقسط.

ج ـ الإداناة بالحقّ.

د ـ حبس النفس على ذات الله.

ولم تتوفّر هذه الصفات الرفيعة إلاّ في شخصيته الكريمة التي تحكي اتّجاهات الرسول (صلّى الله عليه وآله) ونزعاته.

وتسلّم مسلم هذه الرسالة ، وقد أوصاه الإمام بتقوى الله وكتمان أمره(1) ، وغادر مسلم مكّة ليلة النصف مِنْ رمضان(2) ، وعرج في طريقه على يثرب فصلّى في مسجد الرسول (صلّى الله عليه وآله) وطاف بضريحه ، وودّع أهله وأصحابه(3) ، وكان ذلك هو الوداع الأخير لهم ، واتّجه صوب العراق وكان معه قيس بن مسهر الصيداوي ، وعمارة بن عبد الله السلولي وعبد الرحمن بن عبد الله الأزدي ، واستأجر مِنْ يثرب دليلين مِنْ قيس يدلاّنه على الطريق(4) .

وسارت قافلة مسلم تجذّ في السير لا تلوي على شيء ، يتقدّمها الدليلان وهما يتنكبان الطريق ؛ خوفاً مِن الطلب فضلاً عن الطريق ، ولم يهتديا له وقد أعياهما السير واشتدّ بهما العطش ، فأشارا إلى مسلم بسنن الطريق بعد

__________________

(1) تاريخ ابن الأثير 3 / 267.

(2) مروج الذهب 2 / 86.

(3) تاريخ الطبري 6 / 198.

(4) الأخبار الطوال / 231 ، تاريخ ابن الأثير 3 / 267.

٣٤١

أنْ بان لهما وتوفيا في ذلك المكان حسبما يقوله المؤرّخون(1) ، وسار مسلم مع رفقائه حتّى أفضوا إلى الطريق ووجدوا ماءً فأقاموا فيه ؛ ليستريحوا ممّا ألمَّ بهمْ مِنْ عظيم الجهد والعناء.

رسالة مسلم للحُسين (عليهما السّلام) :

ويقول المؤرّخون : إنّ مسلم تخوّف مِنْ سفره وتطيّر بعد أنْ أصابه مِن الجهد وموت الدليلين ، فرفع للإمام رسالة يرجو فيها الاستقالة مِنْ سفارته ، وهذا نصها : أمّا بعد ، فإنّي أقبلت مِن المدينة مع دليلين ، فجازا(2) عن الطريق فضلاّ ، واشتدّ عليهما العطش فلمْ يلبثا أنْ ماتا ، وأقبلنا حتّى انتهينا إلى الماء فلمْ ننجُ إلاّ بحشاشة أنفسنا ، وذلك الماء بمكان يدعى (المضيق) مِنْ بطن الخبث ، وقد تطيّرت مِنْ توجّهي هذا ، فإنْ رأيت أعفيتني مِنه وبعثت غيري ، والسّلام.

جواب الحُسين (عليه السّلام) :

وكتب الإمام الحُسين جواباً لرسالة مسلم ندد فيه بموقفه واتّهمه بالجبن ، وهذا نصها : أمّا بعد ، فقد خشيت أنْ لا يكون حمَلَك على الكتاب إليّ في الاستعفاء مِن الوجه الذي وجّهتك له إلاّ الجبن ، فامضِ لوجهك الذي

__________________

(1) الإرشاد / 227.

(2) جازا عن الطريق : أي تركاه خلفهما.

٣٤٢

وجّهتك فيه ، والسّلام(1) .

أضواء على الموضوع :

وأكبر الظنّ أنّ رسالة مسلم مع جواب الإمام مِن الموضوعات ، ولا نصيب لها مِن الصحة ؛ وذلك لما يلي :

1 ـ إنّ مضيق الخبث الذي بعث منه مسلم رسالته إلى الإمام يقع ما بين مكّة والمدينة حسب ما نصّ عليه الحموي(2) ، في حين أنّ الرواية تنصّ على أنّه استأجر الدليلين مِنْ يثرب ، وخرجوا إلى العراق فضلّوا عن الطريق وماتا الدليلان. ومِن الطبيعي أنّ هذه الحادثة وقعت ما بين المدينة والعراق ولمْ تقع ما بين مكّة والمدينة.

2 ـ إنّه لو كان هناك مكان يُدعى بهذا الاسم يقع ما بين يثرب والعراق لمْ يذكره الحموي ، فإنّ السفر منه إلى مكّة ذهاباً وإياباً يستوعب زماناً يزيد على عشرة أيّام ، في حين أنّ سفر مسلم مِنْ مكّة إلى العراق قد حدّده المؤرّخون فقالوا : إنّه سافر مِنْ مكّة في اليوم الخامس عشر مِنْ رمضان وقدم إلى الكوفة في اليوم الخامس مِنْ شوال ، فيكون مجموع سفره عشرين يوماً ، وهي أسرع مدّة يقطعها المسافر مِنْ مكّة إلى المدينة ؛ فإنّ المسافة بينهما تزيد على ألف وستمئة كيلو متر.

وإذا استثنينا مِنْ هذه المدّة سفر رسول مسلم مِنْ ذلك المكان ورجوعه إليه فإنّ مدّة سفره مِنْ مكّة إلى الكوفة تكون أقلّ مِنْ عشرة أيّام ، ويستحيل عادة قطع تلك

__________________

(1) الإرشاد / 226 ، وفي الحدائق الوردية 1 / 117 خرج مسلم مِنْ مكّة حتّى أتى المدينة ، وأخذ منها دليلين ، فمرّا به في البريّة فأصابهما عطش فمات أحد الدليلين ، فكتب مسلم إلى الحُسين يستعفيه ، فكتب إليه الحُسين (عليه السّلام) : «أنْ امضِ إلى الكوفة».

(2) معجم البلدان 2 / 343.

٣٤٣

المسافة بهذه الفترة مِن الزمن.

3 ـ إنّ الإمام اتّهم مسلماً في رسالته بالجبن ، وهو يناقض توثيقه له مِنْ أنّه ثقته وكبير أهل بيته والمبرز بالفضل عليهم ، ومع اتّصافه بهذه الصفات كيف يتّهمه بالجبن؟!

4 ـ إنّ اتّهام مسلم بالجبن يتناقض مع سيرته ؛ فقد أبدى هذا البطل العظيم مِن البسالة والشجاعة النادرة ما يبهر العقول ، فإنّه حينما انقلبت عليه جموع أهل الكوفة قابلها وحدّه مِنْ دون أنْ يعينه أو يقف إلى جنبه أيّ أحد ، وقد أشاع في تلك الجيوش المكثّفة القتل ممّا ملأ قلوبهم ذعراً وخوفاً ، ولمّا جيء به أسيراً إلى ابن زياد لمْ يظهر عليه أيّ ذلّ أو انكسار.

ويقول فيه البلاذري : إنّه أشجع بني عقيل وأرجلهم(1) ، بل هو أشجع هاشمي عرفه التاريخ بعد أئمّة أهل البيت (عليهم السّلام).

إنّ هذا الحديث مِن المفتريات الذي وضِعَ للحطّ مِنْ قيمة هذا القائد العظيم الذي هو مِنْ مفاخر الاُمّة العربية والإسلاميّة.

في بيت المختار :

وسار مسلم يطوي البيداء حتّى دخل الكوفة فاختار النزول في بيت المختار الثقفي(2) ، وهو مِنْ أشهر أعلام الشيعة وأحد سيوفهم ومِنْ أحبّ الناس وأنصحهم للإمام الحُسين.

__________________

(1) أنساب الأشراف 1 / ق 1.

(2) الإرشاد / 226 ، تاريخ ابن الأثير 3 / 267 ، وقيل : نزل مسلم في بيت مسلم بن عوسجة ، وقيل : نزل في بيت هانئ بن عروة ، جاء ذلك في كلّ مِن الإصابة 1 / 332 ، وتهذيب التهذيب.

٣٤٤

لقد اختار مسلم النزول في بيت المختار دون غيره مِنْ زعماء الشيعة ؛ وذلك لوثوقه بإخلاصه للإمام الحُسين وتفانيه في حبّه ، كما أنّ هناك عاملاً آخر له أهمّيته ، فقد كان المختار زوجاً لعمرة بنت النعمان بن بشير حاكم الكوفة ، ولا شك أنّ يده لنْ تمتد إلى المسلم طالماً كان مقيماً في بيت صهره المختار ، وقد دلّ ذلك على إحاطة مسلم بالشؤون الاجتماعية.

وفتح المختار أبواب داره لمسلم وقابله بمزيد مِن الحفاوة والتكريم ، ودعا الشيعة إلى مقابلته ، فأقبلوا إليه مِنْ كلّ حدب وصوب وهم يظهرون له الولاء والطاعة.

ابتهاج الكوفة :

وعمّت الأفراح بمقدم مسلم جميع الأوساط الشيعية في الكوفة ، وقد وجد منهم مسلم ترحيباً حارّاً وتأييداً شاملاً ، وكان يقرأ عليهم رسالة الحُسين وهم يبكون ويبدون التعطّش لقدومه والتفاني في نصرته ؛ لينقذهم مِنْ جور الاُمويِّين وظلمهم ويعيد في مصرهم حكم الإمام أمير المؤمنين ، مؤسس العدالة الكبرى في الأرض ، وكان مسلم يوصيهم بتقوى الله وكتمان أمرهم حتّى يقدم إليهم الإمام الحُسين.

البيعة للحُسين (عليه السّلام) :

وانثالت الشيعة على مسلم تبايعه للإمام الحُسين (عليه السّلام) ، وكانت صيغة البيعة الدعوة إلى كتاب الله وسنّة رسوله وجهاد الظالمين ، والدفع عن المستضعفين وإعطاء المحرومين وقسمة الغنائم بين المسلمين بالسويّة ، وردّ المظالم إلى

٣٤٥

أهلها ونصرة أهل البيت (عليهم السّلام) ، والمسالمة لمَنْ سالموا والمحاربة لمَنْ حربوا. وقد شبّه السيّد المقرّم هذه البيعة ببيعة الأوس والخزرج للنّبي (صلّى الله عليه وآله)(1) ، وكان حبيب بن مظاهر الأسدي يأخذ البيعة منهم للحُسين(2) .

كلمة عابس الشاكري :

وانبرى المؤمن الفذ عابس بن شبيب الشاكري فأعرب لمسلم عن ولائه الشخصي واستعداده للموت في سبيل الدعوة ، إلاّ إنّه لمْ يتعهد له بإيّ أحد مِنْ أهل مصره قائلاً : أمّا بعد ، فإنّي لا أخبرك عن الناس ولا أعلم ما في أنفسهم وما أغرّك منهم. والله ، إنّي محدّثك عمّا أنا موطّن عليه نفسي. والله ، لاُجيبنَّكم إذا دعوتم ولاُقاتلنَّ معكم عدوكم ، ولأضربنَّ بسيفي دونكم حتّى ألقى الله ، لا أريد بذلك إلاّ ما عند الله.

وقد صدق عابس ما عاهد عليه الله ؛ فلمْ يخن ضميره ففدى بنفسه ريحانة رسول الله (صلّى الله عليه وآله) واستشهد بين يديه في كربلاء. وانبرى حبيب ابن مظاهر فخاطب عابساً قائلاً له : رحمك الله ، فقد قضيت ما في نفسك بواجز مِنْ قولك ، وأنا والله الذي لا إله إلاّ هو على مثل ما أنت عليه.

واندفع سعيد الحنفي فأيّد مقالة صاحبيه(3) ، وهؤلاء الأبطال مِنْ

__________________

(1) الشهيد مسلم بن عقيل / 103.

(2) الحدائق الوردية 1 / 125 مِنْ مخطوطات مكتبة الإمام كاشف الغطاء العامّة.

(3) تاريخ الطبري 6 / 199.

٣٤٦

أنبل مَنْ عرفهم التاريخ صدقاً ووفاءً ، فقد بذلوا أرواحهم بسخاء إلى الإمام الحُسين واستشهدوا بين يديه في كربلاء.

عدد المبايعين :

وتسابقت جماهير الكوفة إلى بيعة الحُسين على يد سفيره مسلم بن عقيل ، وقد اختلف المؤرّخون في عدد مَنْ بايعه ، وهذه بعض الأقوال :

1 ـ أربعون ألفاً(1) .

2 ـ ثلاثون ألفاً ، ومِنْ بينهم حاكم الكوفة النعمان بن بشير(2) .

3 ـ ثمانية وعشرون ألفاً(3) .

4 ـ ثمانية عشر ألفاً ، حسب ما جاء في رسالة مسلم إلى الحُسين ، يقول فيها : وقد بايعني مِنْ أهل الكوفة ثمانية عشر ألفاً فعجل الإقبال(4) .

__________________

(1) شرح شافية أبي فراس 1 / 90 مِنْ مصوّرات مكتبة الإمام الحكيم ، مثير الأحزان لابن نما / 11.

(2) دائرة معارف وجدي 3 / 444 ، حقائق الأخبار عن دول البحار ، روضة الأعيان في أخبار مشاهير الزمان ـ محمد بن أبي بكر المتوفى سنة (730 هـ) / 67 مِنْ مصوّرات مكتبة الحكيم ، مناقب الإمام علي بن أبي طالب / 13 ، وجاء فيه : أنّ النعمان قال : يا أهل الكوفة ، ابن بنت رسول الله (صلّى الله عليه وآله) أحبّ إليكم مِن ابن بنت بجدل.

(3) تاريخ أبي الفداء 1 / 300.

(4) تاريخ الطبري 6 / 224.

٣٤٧

5 ـ اثنا عشر ألفاً(1) .

رسالة مسلم للحُسين :

وازداد مسلم إيماناً ووثوقاً بنجاح الدعوة حينما بايعه ذلك العدد الهائل مِنْ أهل الكوفة ، فكتب للإمام يستحثّه فيها على القدوم إليهم ، وكان قد كتبها قبل شهادته ببضع وعشرين ليلة(2) ، وهذا نصها : أمّا بعد ، فإنّ الرائد لا يكذب أهله ، وقد بايعني مِنْ أهل الكوفة ثمانية عشر ألفاً(3) فعجّل حين يأتيك كتابي ، فإنّ الناس كلّهم معك ليس لهم في آل معاوية رأي ولا هوي(4) .

لقد كتب مسلم هذه الرسالة ؛ لأنّه لمْ يرَ أيّة مقاومة لدعوته ، وإنّما رأى إجماعاً شاملاً على بيعة الإمام وتلهّفاً حارّاً لرؤيته ، وحمل الكتاب جماعة مِنْ أهل الكوفة وعليهم البطل العظيم عابس الشاكري ، وقدم الوفد مكّة المكرّمة وسلّم الرسالة إلى الإمام ، وقد استحثّوه على القدوم إلى الكوفة وذكروا إجماع أهلها على بيعته وما قالاه مسلم مِن الحفاوة البالغة منهم ؛ وعند ذلك تهيأ الإمام إلى السفر للكوفة.

__________________

(1) مروج الذهب 3 / 4 ، الصراط السوي في مناقب آل النّبي / 86 مِنْ مصوّرات مكتبة الإمام الحكيم ، تهذيب التهذيب 2 / 350 ، الإصابة 1 / 332 ، الحدائق الوردية 1 / 117.

(2) أنساب الأشراف 1 / ق 1.

(3) وفي رواية البلاذري (إنّ جميع أهل الكوفة معك).

(4) تاريخ الطبري 6 / 224.

٣٤٨

موقف النعمان بن بشير :

كان موقف النعمان بن بشير(1) من الثورة موقفاً يتّسم باللين والتسامح ، وقد اتّهمه الحزب الاُموي بالضعف ، أو التضاعف في حفظ مصلحة الدولة والاهتمام بسلامتها ، فأجابهم : لأنْ أكون ضعيفاً وأنا في طاعة الله أحبّ إليّ مِنْ أن أكون قويّاً في معصية الله ، وما كنت لأهتك ستراً ستره الله(2) .

وقد أعطى الشيعة بموقفه هذا قوّة وشجعهم على العمل ضد الحكومة علناً ، ولعلّ سبب ذلك يعود لأمرين :

1 ـ إنّ مسلم بن عقيل كان ضيفاً عند المختار ، وهو زوج ابنته عمرة ، فلم يعرض للثوار بسوء رعايةً للمختار.

__________________

(1) النعمان بن بشير الأنصاري الخزرجي ، كان قد ولاّه معاوية الكوفة بعد عبد الرحمن بن الحكم ، وكان عثماني الهوى ؛ يجاهر ببغض علي ويسيء القول فيه ، وقد حاربه يوم الجمل وصفين ، وسعى بإخلاص لتوطيد المُلْك إلى معاوية ، وهو الذي قاد بعض الحملات الإرهابيّة على بعض المناطق العراقيّة. ويقول المحقّقون : إنّه كان ناقماً على يزيد ، ويتمنّى زوال المُلْك عنه شريطة أنْ لا تعود الخلافة لآل علي (عليه السّلام). ومِن الغريب في شأن هذا الرجل أنّ يزيد لمّا أوقع بأهل المدينة وأباحها لجنده ثلاثة أيّام لمْ يثأر النعمان لكرامة وطنه وقومه ، وفي الإصابة 3 / 530 إنّه لمّا هلك يزيد دعا النعمان إلى ابن الزّبير ، ثمّ دعا إلى نفسه فقاتله مروان ، فقُتل وذلك في سنة (65 هـ). وكان شاعراً مجيداً ، له ديوان شعر طُبع حديثاً.

(2) سير أعلام النبلاء 3 / 206.

٣٤٩

2 ـ إنّ النعمان كان ناقماً على يزيد ؛ وذلك لبغضه للأنصار. فقد أغرى الأخطل الشاعر المسيحي في هجائهم ، فثار لهم النعمان كما ألمعنا إلى ذلك في البحوث السابقة ، ولعل لهذا ولغيره لمْ يتّخذ النعمان أيّ إجراء مضاد للثورة.

خطبة النعمان :

وأعطى النعمان للشيعة قوّة في ترتيب الثورة وتنظيماً ، وهيأ لهم الفرص في أحكام قواعدها ممّا ساء الحزب الاُموي ، فأنكروا عليه ذلك وحرّضوه على ضرب الشيعة ، فخرج النعمان وصعد المنبر فأعلن للناس سياسته المتّسمة بالرفق ، فقال بعد حمد الله والثناء عليه : أمّا بعد ، فاتّقوا الله عباد الله ، ولا تُسارعوا إلى الفتنة والفرقة ؛ فإنّ فيها تهلك الرجال وتُسفك الدماء وتُغصب الأموال. إنّي لمْ اُقاتل مَنْ لمْ يُقاتلني ، ولا أثب على مَنْ لا يثب عليّ ، ولا اُشاتمكم ، ولا أتحرّش بكم ، ولا آخذ بالقرف(1) ولا الظنّة ولا التّهمة ، ولكنّكم إنْ أبديتم صفحتكم لي ونكثتم بيعتكم وخالفتم إمامكم ، فوالله الذي لا إله إلاّ هو ، لأضربنّكم بسيفي ما ثبت قائمه في يدي ولو لمْ يكن منكم ناصر. أما إنّي أرجو أنْ يكون مَنْ يعرف الحقّ منكم أكثر ممّنْ يرديه الباطل(2) .

وليس في هذا الخطاب أيّ ركون إلى وسائل العنف والشدّة ، وإنّما كان فيه تحذير مِنْ مغبّة الفتنة وحبّ للعافية ، وعدم التعرّض لمَنْ لا يثب على السلطة ، وعدم أخذ الناس بالظنّة والتّهمة كما كان يفعل زياد بن أبيه

__________________

(1) القرف : التهمة.

(2) تاريخ ابن الأثير 3 / 267.

٣٥٠

والي العراق. وعلّق أنيس زكريا على خطاب النعمان بقوله :

ولنا مِنْ خطبه ـ أيّ خطب النعمان ـ في الكوفة برهان آخر على أنّه كان يرى الفتنة يقظى ولا بد أنْ تشتعل ، وإنّه لنْ يهاجم القائمين بها قبل أنْ يهاجموه ، فجعل لأنصارها قوّة وطيدة الأركان ويداً فعالة في ترتيب المؤامرة وتنظيمها على الأسس المتينة(1) .

سخط الحزب الاُموي :

وأغضبت سياسة النعمان عملاء الحكم الاُموي ، فانبرى إليه عبد الله بن مسلم الحضرمي حليف بني اُميّة ، فأنكر خطّته قائلاً : إنّه لا يصلح ما ترى إلاّ الغشم(2) ، وإنّ هذا الذي أنت عليه فيما بينك وبين عدوّك رأي المستضعفين!(3) .

ودافع النعمان عن نفسه بأنّه لا يعتمد على أيّة وسيلة تبعده عن الله ، ولا يسلك طريقاً يتجافى مع دينه ، وقد استبان للحزب الاُموي ضعف النعمان وانهياره أمام الثورة.

اتصال الحزب الاُموي بدمشق :

وفزع الحزب الاُموي مِنْ تجاوب الرأي العام مع مسلم واتّساع نطاق الثورة ، في حين أنّ السلطة المحليّة أغضّت النظر عن مجريات الأحداث

__________________

(1) الدولة الاُمويّة في الشام / 41.

(2) الغشم : الظلم.

(3) تاريخ ابن الأثير 3 / 267.

٣٥١

وقد اتّهمتها بالضعف أو بالتواطؤ مع الثوار ، وقام الحزب الاُموي باتّصال سريع بحكومة دمشق ، وطلبوا منها اتّخاذ الإجراءات الفورية قبل أنْ يتّسع نطاق الثورة ، ويأخذ العراق استقلاله وينفصل عن التبعية لدمشق.

ومِنْ بين الرسائل التي وفدت على يزيد رسالة عبد الله الحضرمي ، جاء فيها : أمّا بعد ، فإنّ مسلم بن عقيل قدم الكوفة وبايعته الشيعة للحُسين بن علي ، فإنْ كان لك بالكوفة حاجة فابعث إليها رجلاً قويّاً ينفّذ أمرك ويعمل مثل عملك في عدوّك ؛ فإنّ النعمان بن بشير رجل ضعيف أو هو يتضعّف(1) .

وتدعو هذه الرسالة إلى إقصاء النعمان عن مركزه ، واستعمال شخص آخر مكانه قوي البطش ؛ ليتمكن مِن القضاء على الثورة ، فإنّ النعمان لا يصلح للقضاء عليها. وكتب إليه بمثل ذلك عمارة بن الوليد بن عقبة وعمر بن سعد.

فزع يزيد :

وفزع يزيد حينما توافدت عليه رسائل عملائه في الكوفة بمبايعة أهلها للحُسين ، فراودته الهواجس وظلّ ينفق ليله ساهراً يطيل التفكير في الأمر ؛ فهو يعلم أنّ العراق مركز القوّة في العالم الإسلامي وهو يبغضه ويحقد على أبيه ، فقد أصبح موتراً منهم لما صبّوه عليه مِن الظلم والجور ، وإنّ كراهية أهل العراق ليزيد لا تقلّ عن كراهيتهم لأبيه ، كما إنّه على

__________________

(1) تاريخ ابن الأثير 3 / 267.

٣٥٢

يقين أنّ الأغلبية الساحقة في العالم الإسلامي تتعطّش لحكم الإمام الحُسين ؛ لأنّه المثل الشرعي لجدّه وأبيه ولا يرضون بغيره بديلاً.

استشارته لسرجون :

وأحاطت الهواجس بيزيد وشعر بالخطر الذي يهدّد مُلْكه فاستدعى سرجون الرومي ، وكان مستودع أسرار أبيه ومِنْ أدهى الناس ، فعرض عليه الأمر ، وقال له : ما رأيك إنّ حُسيناً قد توجّه إلى الكوفة ، ومسلم بن عقيل بالكوفة يبايع للحُسين ، وقد بلغني عن النعمان ضعف وقول سيئ ، فما ترى مَنْ أستعمل على الكوفة؟

وتأمّل سرجون وأخذ يطيل التفكير ، فقال له : أرأيت أنّ معاوية لو نُشر أكنت آخذاً رأيه؟ فقال يزيد : نعم. فأخرج سرجون عهد معاوية لعبيد الله بن زياد على الكوفة ، وقال : هذا رأي معاوية وقد مات ، وقد أمر بهذا الكتاب(1) .

أمّا دوافع سرجون في ترشيح ابن زياد لولاية الكوفة فهي لا تخلو مِنْ أمرين :

1 ـ إنّه يعرف قسوة ابن زياد وبطشه وأنّه لا يقوى أحد على إخضاع العراق غيره ؛ فهو الذي يتمكّن مِن القضاء على الثورة بما يملك مِنْ وسائل الإرهاب والعنف.

2 ـ إنّه قد دفعته العصبية القومية لهذا الترشيح ؛ فإنّ ابن زياد رومي.

__________________

(1) تاريخ ابن الأثير 3 / 268.

٣٥٣

ولاية ابن زياد على الكوفة :

وكان يزيد ناقماً على ابن زياد كأشدّ ما تكون النقمة ، وأراد عزله عن البصرة(1) ؛ وذلك لمعارضة أبيه في البيعة له ، إلاّ إنّه استجاب لرأي سرجون ؛ فقد رأى فيه الحفاظ على مصلحة دولته ، فعهد له بولاية الكوفة والبصرة ، وبذلك فقد خضع العراق بأسره لحكمه ، وكتب إليه هذه الرسالة : أمّا بعد ، فإنّه كتب إليّ شيعتي مِنْ أهل الكوفة يخبرونني أنّ ابن عقيل بالكوفة يجمع الجموع لشقّ عصا المسلمين ، فسرْ حين تقرأ كتابي هذا حتّى تأتي الكوفة فتطلب ابن عقيل كطلب الخرزة حتّى تثقفه فتوثقه أو تقتله أو تنفيه ، والسّلام.

وأشارت هذه الرسالة إلى مدى قلق السلطة في دمشق وفزعها مِنْ مسلم بن عقيل ، وقد شدّدت على ابن زياد في الإسراع بالسفر إلى الكوفة لإلقاء القبض عليه.

وتنصّ بعض المصادر أنّ يزيد كتب إلى ابن زياد : إنْ كان لك جناحان فطر إلى الكوفة(2) ، وهذا ممّا ينبئ عن الخوف الذي ألمّ بيزيد مِنْ الثورة في العراق. وحمل مسلم بن عمرو الباهلي العهد لابن زياد بولاية الكوفة مع تلك الرسالة.

ويقول المؤرّخون : إنّ الباهلي كان مِنْ عيون بني اُميّة في الكوفة ومِنْ أهمّ عملائهم ، كما كان مِنْ أجلاف العرب ، وهو الذي ضنّ على مسلم أنْ يشرب جرعة مِن الماء حينما جيء به أسيراً إلى ابن زياد.

__________________

(1) البداية والنهاية 8 / 152.

(2) سير أعلام النبلاء 3 / 201.

٣٥٤

وتسلّم ابن زياد مِن الباهلي العهد له بولاية الكوفة وقد طار فرحاً ؛ فقد تمّ له الحكم على جميع أنحاء العراق بعد ما كان مهدّداً بالعزل عن ولاية البصرة ، وقد سرّ ما خولته دمشق مِن الحكم المطلق على العراق.

وبما سوّغت له مِن استعمال الشدّة والقسوة وسفك الدماء لكلّ مَنْ لا يدخل في طاعة يزيد أو يشترك بأيّة مؤامرة ضدّه ، وكان هذا التفويض المطلق في استعمال القسوة على الناس ممّا يتّفق مع رغبات ابن زياد وميوله ؛ فقد كان مِنْ عوامل استمتاعاته النفسية حبّ الجريمة والإساءة إلى الناس ، وعدم التردّد في سفك الدماء.

خطبة ابن زياد في البصرة :

وتهيأ ابن زياد لمغادرة البصرة والتوجّه إلى الكوفة ، وقبل مغادرته لها جمع الناس وخطب فيهم خطاباً قاسياً ، جاء فيه : إنّ أمير المؤمنين يزيد ولاّني الكوفة وأنا غاد إليها الغداة. فوالله ، إنّي ما تقرن بي الصعبة ولا يقعقع لي بالشنآن ، وإنّي لنكل لمَنْ عاداني وسمّ لمَنْ حاربني ، أنصف القارة مِنْ راماها.

يا أهل البصرة ، قد استخلفت عليكم عثمان بن زياد بن أبي سفيان ، وإيّاكم والخلاف والإرجاف ، فوالله الذي لا إله غيره ، لئن بلغني عن رجلٍ منكم خلاف لأقتلنّه وعرينه(1) ووليّه ، ولآخذنّ الأدنى بالأقصى حتّى تسمعوا لي ، ولا يكون فيكم مخالف ولا مشاق أنا ابن زياد أشبه

__________________

(1) العرين : الجماعة.

٣٥٥

بين مَنْ وطأ الحصا ، ولمْ ينتزعني شبه خال ولا ابن عم(1) .

ما أهون سفك الدماء عند اُولئك البرابرة الوحوش مِنْ ولاة بني اُميّة! لقد تحدّث الطاغية عن نفسيته الشريرة التي توغّلت في الإثم ، فهو يأخذ البريء بالسقيم والمقبل بالمدبر والأدنى بالأقصى ، ويقتل على الظنّة والتهمة كما كان يفعل أبوه زياد ، الذي أشاع القتل في ربوع العراق.

سفر الطاغية إلى الكوفة :

وسار الخبيث الدنس مِن البصرة متّجهاً إلى الكوفة ؛ ليقترف أعظم موبقة لمْ يقترفها شقي غيره ، وقد صحبه مِنْ أهل البصرة خمسمئة رجل فيهم عبد الله بن الحارث بن نوفل وشريك بن الأعور الحارثي(2) ، وهو مِنْ أخلص أصحاب الإمام الحُسين ، وقد صحب ابن زياد ليكون عيناً عليه ويتعرّف على خططه ، وقد صحب ابن زياد هذا العدد ليستعين بهم على بثّ الإرهاب وإذاعة الخوف بين الناس ، والاتصال بزعماء الكوفة لصرفهم عن الثورة.

وعلى أيّ حالٍ ، فقد أخذ ابن زياد يجذّ في السير لا يلوي على شيء قد واصل السير إلى الكوفة مخافة أنْ يسبقه الحُسين إليها ، وقد جهد أصحابه وأعياهم المسير ، فسقط منهم جماعة منهم عبد الله بن الحارث فلمْ يعبأ.

ولمّا ورد القادسية سقط مولاه (مهران) ، فقال له ابن زياد : إنْ أمسكت على هذا الحال فتنظر إلى القصر فلك مئة ألف. فقال له مهران : لا والله لا أستطيع. ونزل الطاغية فلبس ثياباً

__________________

(1) الطبري 6 / 200.

(2) الطبري 6 / 199.

٣٥٦

يمانية وعمامة سوداء وتلثّم ؛ ليوهم مَنْ رآه أنّه الحُسين ، وسار وحده فدخل الكوفة ممّا يلي النجف(1) ، وكان قلبه كجناح طائر مِنْ شدّة الخوف ، ولو كانت عنده مسكة مِن البسالة والشجاعة لما تنكّر وغيّر بزّته وأوهم على الناس أنّه الحُسين.

وقد تذرّع الجبان بهذه الوسائل لحماية نفسه ، وتنصّ بعض المصادر أنّه حبس نفسه عن الكلام خوفاً مِنْ أنْ يعرفه الناس فتأخذه سيوفهم.

في قصر الإمارة :

وأسرع الخبيث نحو قصر الإمارة(2) وقد علاه الفزع وساءه كأشدّ ما يكون الاستياء ؛ مِنْ تباشير الناس وفرحهم بقدوم الإمام الحُسين ،

__________________

(1) مقتل الحُسين ـ المقرم / 165.

(2) قصر الإمارة : هو أقدم بناية حكومية شُيّدت في الإسلام ، بناها سعد بن أبي وقاص ، وقد اندثرت معالمه كما اندثرت جميع معالم الكوفة ما عدا الجامع. وقد اهتمت مديرية الآثار العامّة في العراق بالتعرّف عليه ؛ فكشفت في مواسم مختلفة اُسسه ، وقد أظهرت نتائج الحفائر التي اُجريت عليه أنّه يتألّف مِنْ سور خارجي يضمّ أربعة جدران ، تقريباً طولها 170 متراًً ، ومعدل سمكها 4 أمتار ، وتدعم كلّ ضلع مِنْ الخارج ستة أبراج نصف دائرية باستثناء الضلع الشمالي ، حيث يدعمها برجان فقط. والمسافة ما بين كلّ برج وآخر 24 و 60 سنتمتر ، وارتفاع هذا السور بأبراجه يصل إلى ما يقرب مِنْ عشرين متراً. وقد بُني القصر بناء محكماً ، وصُمّمت هندسته على غاية حربية ؛ ليكون في حماية آمنة مِنْ كلّ غزو خارجي ، جاء ذلك في تخطيط مدينة الكوفة للدكتور كاظم الجنابي / 135 ـ 155 =

٣٥٧

ولمّا انتهى إلى باب القصر وجده مغلقاً والنعمان بن بشير مشرف مِنْ أعلا القصر ، وكان قد توهّم أنّ القادم هو الحُسين ؛ لأنّ أصوات الناس قد تعالت بالترحيب به والهتاف بحياته ، فانبرى يخاطبه : ما أنا بمؤدٍ إليك أمانتي يا بن رسول الله ، ومالي في قتالك مِنْ إرب.

ولمس ابن مرجانة في كلام النعمان الضعف والانهيار فصاح به بنبرات تقطر غيظاً : افتحْ لا فتحت ، فقد طال ليلك. ولمّا تكلم عرفه بعض مَنْ كان خلفه فصاح بالناس : إنّه ابن مرجانة وربّ الكعبة!

ومِن الغريب أنّ ذلك المجتمع لمْ يُميّز بين الإمام الحُسين وبين ابن مرجانة ، مع أنّ كلاً منهما قد عاش فترة في ديارهم ؛ ولعلّ الذي أوقعهم في ذلك تغيير ابن زياد لبزّته ولبسه للعمامة السوداء.

وعلى أيّ حالٍ ، فإنّ الناس حينما علموا إنّه ابن زياد جفلوا وخفّوا مسرعين إلى دورهم وهم يتحدّثون عمّا عانوه مِن الظلم والجور أيّام أبيه ، وقد أوجسوا مِنْ عبيد الله الشرّ.

وبادر ابن زياد في ليلته فاستولى على المال والسّلاح ، وأنفق ليله ساهراً قد جمع حوله عملاء الحكم الاُموي ، فأخذوا يحدّثونه عن الثورة ويعرّفونه بأعضائها البارزين ، ويضعون معه المخططات للقضاء عليها.

__________________

= وقد وقفت عليه غير مرّة ، وتطلّعت إلى كثير مِنْ معالمه ، ففي بعض أبوابه الرئيسة مظلاّت لحرّاس القصر قد ردمت ولمْ يبقَ منها إلاّ بعض معالمها ، وفي جانب منه بعض الغرف التي اُعدّت للسجن ، وقد صُمّمت بشكل غريب ، وفي جانب منه مطابخ القصر ـ ولم يشر الاُستاذ الجنابي إليها ـ وقد اُحكم بناء القصر حتّى كان مِن المتعذّر اقتحامه والاستيلاء عليه.

٣٥٨

خطابه في الكوفة :

وعندما انبثق نور الصبح أمر ابن مرجانة بجمع الناس في المسجد الأعظم ، فاجتمعت الجماهير وقد خيّم عليها الذعر والخوف ، وخرح ابن زياد متقلداً سيفه ومعتمّاً بعمامة ، فاعتلى أعواد المنبر وخطب الناس ، فقال : أمّا بعد ، فإنّ أمير المؤمنين أصلحه الله ولاّني مصركم وثغركم وفيئكم ، وأمرني بإنصاف مظلومكم وإعطاء محرومكم ، وبالإحسان إلى سامعكم ومطيعكم وبالشدّة على مريبكم ، فأنا لمطيعكم كالوالد البرّ الشفيق ، وسيفي وسوطي على مَنْ ترك أمري وخالف عهدي ، فليبق امرؤ على نفسه الصدق ينبئ عنك لا الوعيد(1) .

وحفل هذا الخطاب بما يلي :

1 ـ إعلام أهل الكوفة بولايته على مصرهم وعزل النعمان بن بشير عنه.

2 ـ تعريفهم أنّ حكومة دمشق قد عهدت له بالإحسان على مَنْ يتبع السلطة ولمْ يتمرّد عليها ، واستعمال الشدّة والقسوة على الخارجين عليها.

ولمْ يعرض ابن مرجانة في خطابه للإمام الحُسين وسفيره مسلم ؛ خوفاً مِن انتفاضة الجماهير عليه وهو بعدُ لمْ يحكم أمره.

__________________

(1) مقاتل الطالبيِّين / 97.

٣٥٩

نشر الإرهاب :

وعمد ابن زياد إلى نشر الإرهاب وإذاعة الخوف ، ويقول بعض المؤرّخين : إنّه لمّا أصبح ابن زياد بعد قدومه إلى الكوفة صالَ وجالَ وأرعدَ وأبرقَ ، وأمسكَ جماعةً مِنْ أهل الكوفة فقتلهم في الساعة(1) ، وقد عمد إلى ذلك لإماتة الأعصاب وصرف الناس عن الثورة.

وفي اليوم الثاني أمر بجمع الناس في المسجد وخرج إليهم بزي غير ما كان يخرج به ، فخطب فيهم خطاباً عنيفاً تهدّد فيه وتوعّد ، فقد قال بعد حمد الله والثناء عليه : أمّا بعد ، فإنّه لا يصلح هذا الأمر إلاّ في شدّة مِنْ غير عنف ولين مِنْ غير ضعف ، وأنْ أخذ البريء بالسقيم ، والشاهد بالغائب ، والولي بالولي.

فانبرى إليه رجل مِنْ أهل الكوفة يُقال له : أسد بن عبد الله المرّي فردّ عليه : أيّها الأمير ، إنّ الله تبارك وتعالى يقول :( وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ) ‏ ، إنّما المرء بجدّه ، والسيف بحدّه ، والفرس بشدّه ، وعليك أنْ تقول وعلينا أنْ نسمع ، فلا تقدّم فينا السيئة قبل الحسنة.

وأُفحم ابن زياد فنزل عن المنبر ودخل قصر الإمارة(2) .

__________________

(1) الفصول المهمة / 197 ، وسيلة المال / 186.

(2) الفتوح 5 / 67.

٣٦٠

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558