البدعة

البدعة0%

البدعة مؤلف:
تصنيف: مفاهيم عقائدية
الصفحات: 610

البدعة

مؤلف: الشيخ جعفر السبحاني
تصنيف:

الصفحات: 610
المشاهدات: 148818
تحميل: 8454

توضيحات:

البدعة
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 610 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 148818 / تحميل: 8454
الحجم الحجم الحجم
البدعة

البدعة

مؤلف:
العربية

شورى تتردد بين ستة أشخاص من خصوص المهاجرين.

الثاني: أن يقال بأنَّ رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قد عيَّن (الخلفاء الراشدين) من بعده، ونصَّ عليهم، فهو إما أن يكون في نفس الحديث، وإمّا في غيره من الاحاديث، فعلى القول بورود التعيين في نفس الحديث، فهو ما لم نجد له أثراً فيما نقلناه من نص الحديث، على أنَّ افتراض مثل هذا المعنى يصطدم بقول جمهور العامة بعدم وجود النص أيضاً، وإمّا أن يكون تعيين الخليفة وذكره بالتفصيل والتخصيص قد ورد في غير هذا الحديث، فهو مضافاً إلى كونه ينتهي إلى القول بوجود النص، ويعارض أيضاً ما ذكره جمهور العامة من عدم وجوده، يؤيد ما نقوله نحن من أنَّ حديث (سنة الخلفاء الراشدين) ينصرف إلى أئمة أهل البيتعليهم‌السلام على فرض التسليم بصحة صدوره عن رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وذلك لوجود الأدلة الغفيرة الاُخرى التي تفسِّر هذا اللفظ في الحديث، على ما سنأتي عليه لاحقاً إن شاءَ اللّه تعالى.

٤ - حجم الحديث لا يتناسب مَعَ موقع الخلافة وأهميتها في الاسلام

انّ حديث (سنة الخلفاء الراشدين)، والنزر القليل المدَّعى معه في الدلالة على وجوب اتّباع سنة (الخلفاء الراشدين) على النحو المتقدم لدى أبناء العامة، لا يتناسب في حجم مؤداه مَعَ أمر الولاية الاسلامية وخطورته، إذ لا يمكن لحديث هزيل من الناحية السندية، ومبهم من الناحية الدلالية، أن يرتفع إلى مستوى تغطية هذا الأمر الحساس والوفاء به، ويكون ذريعة يتشبث بها المدافعون عن البدع والمحدثات، ويحسمون عن طريقها النزاعات التي تدور حول أكثر المفاهيم الاسلامية حساسية وخطورة.

على أنَّ قضية الخلافة الاسلامية والولاية على أمر التشريع هي أهم ما يفكّر فيه رائد إنساني مثل النبي الاكرم صلى الّه عليه وآله وسلم، الذي بُعث ليقدم للبشرية جمعاء منهجاً متكاملاً

٣٨١

يغطي جوانب الحياة، ويستجيب لمختلف احتياجاتها ومتطلباتها، ليودِّع اُمته بعد ذلك وهو مطمئن على سلامة ما أتى به من مبادئ وأحكام.

ولا يمكن أن يُدّعى هنا التفكيك بين مضمون الحديث الذي يُرجع الناس الى سنة الخلفاء الراشدين هنا، ويأمرهم باتباعها، ويقرنها مع سنته بالقول (سنتي وسنة الخلفاء الراشدين)، وتقع هذه الوصية في أواخر حياته على ما هو ظاهر الحديث. لا يمكن التفكيك بين كل ذلك وبين أمر الخلافة الاسلامية العامة، إذ انّ الخلافة بعد الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لا تعني إلا اقامة السنة، والتصدي لبيانها ونشرها بين الناس، وهو يتضمن أمر القيادة والرئاسة العامة للمجتمع في جميع شؤونه وخصوصياته، إذ ما من واقعة إلا وللاسلام حكم شرعي وسنة واقعية ثابتة فيها، وهو الأمر الذي جسّده رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في حياته بكل وضوح، وجَمعَ فيه بين القيادتين الروحية والسياسية للمجتمع، وحتى الواقع العملي لتطبيق العامة هذا الحديث على أبي بكر وعمر وعثمان لم يتجاوز هذه الحقيقة أو يتعداها، إذ لم يقولوا بانَّ هؤلاء كانوا خلفاء للناس في أمر الفتيا والأحكام الدينية فحسب، لانهم في الواقع قد تصدّوا إلى إدارة شؤون المجتمع سياسياً أيضاً.

على أنّ علماء العامة ومحدثيهم يروون الحشد الكبير من الروايات الدالة على استخلاف أبي بكر لعمر من بعده، وجعل عمر الخلافة من بعده في واحدٍ من ستة نفر شخَّصهم بأسمائهم، وقد طفحت كتب الحديث العامية بالأخبار التي تؤكد على أن أبا بكر وعمر لم يتركا الأمر من دون استخلاف، فكيف يمكن للنبي الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الذي اُؤتمن على أوسع الشرايع السماوية وأكثرها شمولية، أن يخرج عن السير على ضوء هذهِ القاعدة العقلائية المسلَّمة، ويتعامل مَعَ أمر الاستخلاف بهذه الطريقة المزعومة، ومن خلال حديثٍ متناقضٍ في مضمونه، ومجمل في دلالته، ويتيم في مؤداه؟!

روي انَّ أبا بكر: «دعا عثمان بن عفان فقال: اكتب: بسم اللّه الرحمن الرحيم، هذا ما عهد أبو بكر بن أبي قحافة في آخر عهده من الدنيا خارجاً عنها، وعند أول عهده

٣٨٢

بالآخرة داخلاً فيها، حيث يؤمن الكافر، ويوقن الفاجر، ويصدِّق الكاذب، انّي استخلفتُ عليكم بعدي عمر بن الخطاب، فاسمعوا له وأطيعوا.»(١) .

وروي أيضاً أن أبا بكر قال لعمر: «أدعوكَ لأمرٍ متعب لمن وُلّيه، فاتقِ اللّهَ يا عمر بطاعته، وأطعه بتقواه»(٢) .

وروي انَّ الناس قالوا لعمر عند ما دنت إليه الوفاة: استخلف، فقال «لا أجد أحداً أحق بهذا الأمر من هؤلاء النفر الذين توفي رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهو عنهم راضٍ، فأيُّهم استُخلف فهو الخليفة بعدي، فسمّى علياً وعثمان وطلحة والزبير وعبد الرحمن بن عوف وسعداً»(٣) .

وعنه انَّه قال: «وان اجتمع رأي ثلاثة ثلاثة فاتبعوا صنف عبد الرحمن بن عوف واسمعوا وأطيعوا»(٤) .

ولننظر إلى ما يرويه ابن عباس عن عمر حيث يقول:

«انّي لجالس مَعَ عمر بن الخطاب ذات يوم إذ تنفَّس تنفساً ظننت أنَّ أضلاعه قد تفرّجت، فقلت: يا أمير المؤمنين ما أخرجَ هذا منكَ لا شرٌّ، قال: شرٌّ واللّه، انّي لا أدري إلى مَن أجعل هذا الأمر بعدي، ثم التفتَ إليَّ فقال: لعلَّك ترى صاحبكَ لها أهلاً، فقلتُ: انَّه لأهلُ ذلكَ في سابقته وفضله، قال: انَّه لكما قلت، ولكنَّه امرؤ فيه دعابة.»(٥) .

فهل يعقل أن يفكر غير الرسول الاكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في أمر الخلافة الاسلامية بهذا المستوى من التفكير المؤلم، ويترك صاحب الرسالةصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم اُمته مَعَ حديث (سنة الخلفاء الراشدين) الذي وقفنا على سنده ودلالته قبل قليل؟!

____________________

(١) علاء الدين الهندي، كنز العمال، ج: ٥، ح: ١٤١٧٥، ص: ٦٧٤.

(٢) علاء الدين الهندي، كنز العمال، ج: ٥، ح: ١٤١٧٦، ص: ٦٧٧.

(٣) علاء الدين الهندي، كنز العمال، ج: ٥، ح: ١٤٢٤٥، ص: ٧٣٠.

(٤) علاء الدين الهندي، كنز العمال، ج: ٥، ح: ١٤٢٥١، ص: ٧٣٣.

(٥) علاء الدين الهندي، كنز العمال، ج: ٥، ح: ١٤٢٦٢، ص: ٧٣٧.

٣٨٣

انَّ مَن يستعرض مفردات الشريعة الاسلامية وتعاليمها، يجد أنَّها تعطي القضايا التي تلي أمر الخلافة في الأهمية الشيء الكثير من التركيز، وتغطّيه بالعدد الغفير من الأحاديث، كيف وأمر الولاية هو الدعامة الاُولى للدين، والأساس الرئيسي الذي تُشاد عليه بقية التعاليم؟

يقول الامام الباقرعليه‌السلام على ما رواه زرارة عنه:

«بُني الاسلام على خمسة أشياء، على الصلاة، والزكاة، والحج، والصوم، والولاية، قال زرارة: وأيُّ شيء من ذلكَ أفضل؟ فقالعليه‌السلام : الولاية أفضل، لانَّها مفتاحهنَّ، والوالي هو الدليل عليهنَّ.»(١) .

ويقولعليه‌السلام :

«بُني الاسلام على خمس، على الصلاة، والزكاة، والصوم، والحج، والولاية، ولم ينادَ بشيءٍ كما نودي بالولاية»(٢) .

فكيف يمكن لهذا البناء الفكري الذي آمن به أبناء العامة لمئات السنين، واختطّوا نهجه، وتسالموا على تعاطيه، خلال الحقب الزمنية المتمادية. كيف يمكن لهذا البناء أن يستند إلى مثل هذه الرواية الهزيلة التي عليها من الاشكالات والنقوض ما عليها، وكيف يمكن أن يُستظهر منها الأمر بوجوب اتّباع سنه (الخلفاء الاربعة) على ما زعموا، في مقابل الحشد الكبير، والسيل المتدفق من الآيات الكريمة والأحاديث النبوية المتواترة والمستفيضة التي دلَّت على إيكال أمر الولاية إلى أهل بيت العصمة والطهارةعليهم‌السلام ، كآية الولاية، وآية المباهلة، وآية التطهير، وآية المودة، وآية التبليغ. وكحديث الغدير، وحديث الثقلين، وحديث السفينة، وحديث المنزلة. إلى غير ذلك من الأحاديث التي طفحت بها كتب الفريقين، ومما ملأ ذكرهُ الخافقَين.

____________________

(١) محمد بن يعقوب الكليني، الاصول من الكافي، ج: ٢، باب: دعائم الاسلام، ح: ٥، ص: ١٨.

(٢) محمد بن يعقوب الكليني، الاصول من الكافي، ج: ٢، باب: دعائم الاسلام، ح: ١، ص: ١٨.

٣٨٤

٥ - أئمة أهل البيتعليهم‌السلام خلفاء الرسول بنصٍّ منه

نَقَل أبناء العامة في مصادرهم المعتبرة أنَّ رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قد نصَّ على انَّ خلفاء الامة الاسلامية من بعده هم (اثنا عشر) خليفة، وانَّهم من قريش، فتكون هذهِ الأحاديث مفسِّرة للمراد من لفظة (الخلفاء الراشدين) الوارد ذكرها في حديث (سنة الخلفاء الراشدين)، باعتبار انطباقها على أئمة أهل البيت صلوات اللّه عليهم أجمعين.

جاءَ في (صحيح البخاري) عن رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم انَّه قال:

«لا يزال هذا الأمر في قريش ما بقي منهم اثنان»(١) .

وفيه، وفي (سنن الترمذي) عن جابر بن سَمُرة قال:

«سمعتُ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول يكون اثنا عشر أميراً، فقال كلمةً لم اسمعها، فقال أبي: انَّه قال: كلهم من قريش»(٢) .

وفي (صحيح مسلم) عن جابر بن سَمُرة قال:

«دخلتُ مع أبي على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فسمعته يقول: إنَّ هذا الأمر لا ينقضي حتى يمضي فيهم إثنا عشر خليفة، ثم تكلّمَ بكلامٍ خفي عليَّ، قال: فقلتُ لأبي: ما قال؟ قال: كلهم من قريش»(٣) .

وفيه أيضاً عن جابر بن سَمُرة قال:

«سمعتُ رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: لا يزال الاسلام عزيزاً إلى اثني عشر خليفة، ثم قال كلمةً لم أفهمها، فقلتُ لأبي: ما قال؟ فقال كلهم من قريش»(٤) .

وفيه أيضاً عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

____________________

(١) البخاري، صحيح البخاري، ج: ٨، كتاب الأحكام، ح: ٤، ص: ١٠٥.

(٢) البخاري، صحيح البخاري، ج: ٨، كتاب الاحكام، ص: ١٢٧، وانظر: سنن الترمذي، ج: ٤، باب: ٤٦ ما جاء في الخلفاء، ح: ٢٣٢٣، ص: ٤٣٤.

(٣) مسلم، صحيح مسلم بشرح النووي، ج: ١٢، ص: ٢٠١.

(٤) مسلم، صحيح مسلم بشرح النووي، ج: ١٢، ص: ٢٠٢.

٣٨٥

«لا يزال الاسلام عزيزاً منيعاً إلى اثني عشر خليفة»(١) .

وفيه أيضاً عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

«لا يزال الدين قائماً حتى تقوم الساعة، أو يكون عليكم اثنا عشر خليفة، كلُّهم من قريش»(٢) .

وقد ورد في مصادر العامة المعتبرة أيضاً علاوة على تحديد الأئمة بعددهم وانَّهم اثنا عشر خليفةً، وتحديد أصلهم وهو أنهم من قريش، من خلال أحاديث معتبرة. ورد أيضاً في مصادرهم النص على بعضهم كما جاءَ في كتاب مودة القربى انَّ رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قد قال للحسينعليه‌السلام :

«انتَ إمام ابن إمام، أخو إمام، أبو أئمة، وأنت حجة ابن حجة، أخو حجة أبو حجج تسع، تاسعهم قائمهم«(٣) .

كما ورد النص على طرفي هذهِ السلسلة المباركة وتشخيص أول فردٍ فيها وهو الامام علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، وآخر فردٍ فيها وهو الامام محمد المهديعليه‌السلام ، وامّا تشخيص الائمة باسمائهم فقد ورد في مجاميع غفيرة من مصادرنا المعتبرة، فأمّا ما ورد بشأن سيد الائمة وأمير المؤمنين عليعليه‌السلام فقد تقدمت الاشارة إلى طرفٍ منه في صدر هذهِ الدراسة، وأمّا ما ورد بشأن الامام الثاني عشرعليه‌السلام فهو أحاديث كثيرة أيضاً منها ما روي في ينابيع المودة للشيخ سليمان الحنفي: ان رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال:

«انَّ خلفائي وأوصيائي وحجج اللّه على الخلق بعدي الاثنا عشر، أولهم علي، وآخرهم المهدي»(٤) .

ومنها ما ورد في (سنن الترمذي) من انَّ رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال:

____________________

(١) مسلم، صحيح مسلم بشرح النووي، ج: ١٢، ص: ٢٠٣.

(٢) مسلم، صحيح مسلم بشرح النووي، ج: ١٢، ص: ٢٠٣.

(٣) محمد حسين الزين، الشيعة في التاريخ، ص: ٢٣ عن ينابيع المودة للحنفي ص: ١٣٩.

(٤) محمد حسين الزين، الشيعة في التاريخ، ص: ٢٣ عن ينابيع الموده للحنفي ص: ٣٧٤.

٣٨٦

«لا تذهب الدنيا حتى يملك العرب رجل من أهل بيتي، يواطئ اسمه اسمي»(١) .

وفيه أيضاً عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

«لو لم يبقَ من الدنيا إلا يوم، لطوَّل اللّه ذلكَ اليوم حتى يلي رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي»(٢) .

وفي (سنن ابن ماجة) عن علقمة بن عبد اللّه قال:

«بينما نحن عند رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذا أقبل فتية من بني هاشم، فلما رآهم النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم اغرورقت عيناه، وتغيَّر لونُه، قال: فقلت: ما نزال نرى في وجهكَ شيئاً نكرهه، فقال: إنّا أهل بيت اختار اللّه لنا الآخرة على الدنيا، وانَّ أهل بيتي سيلقون بعدي بلاءً وتشريداً وتطريداً، حتى يأتي قوم من قبل المشرق، معهم رايات سود، فيسألونَ الخير فلا يعطونه، فيقاتلون فيُنصرون، فيُعطون ما سألوا، فلا يقبلونه، حتى يدفعونها إلى رجل من أهل بيتي، فيملؤُها قسطاً كما ملؤوها جوراً، فمن أدركَ ذلك منكم فليأتهم ولو حبواً على الثلج»(٣) .

وفيه أيضاً عن اُم سلمة انها قالت:

«سمعتُ رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: المهدي من ولد فاطمة»(٤) .

وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

«المهدي منّا أهل البيت، يصلحه اللّه في ليلة»(٥) .

وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

____________________

(١) الترمذي، سنن الترمذي، ج: ٤، باب: ٥٢، ح: ٢٢٣٠، ص: ٤٣٨.

(٢) الترمذي، سنن الترمذي، ج: ٤، باب: ٥٢، ح: ٢٢٣١، ص: ٤٣٨.

(٣) ابن ماجة، سنن ابن ماجة، ج: ٢، باب: خروج المهدي، ح: ٤٠٨٢، ص: ١٣٦٦.

(٤) ابن ماجة، سنن ابن ماجة، ج: ٢، باب: خروج المهدي، ح: ٤٠٨٦، ص: ١٣٦٨، وانظر: الاحاديث من ٤٠٨٢ - ٤٠٨٨، ص: ١٣٦٦ - ١٣٦٨.

(٥) ابن حجر، الصواعق المحرقة، ص: ٩٧.

٣٨٧

«المهدي منّا، يختم الدين بنا، كما فتح بنا»(١) .

وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

«يحل بامتي في آخر الزمان بلاء شديد من سلاطينهم لم يسمع بلاء أشد منه، حتى لا يجد الرجل ملجأ، فيبعث اللّه رجلاً من عترتي أهل بيتي، يملأ الأرض قسطاً وعدلاً، كما مُلئت ظلماً وجوراً.»(٢) .

وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في المهدي أيضاً:

«هو رجل من عترتي، يقاتل على سنتي، كما قاتلتُ أنا على الوحي»(٣) .

____________________

(١) ابن حجر، الصواعق المحرقة، ص: ٩٧.

(٢) ابن حجر، الصواعق المحرقة، ص: ٩٧.

(٣) ابن حجر، الصواعق المحرقة، ص: ٩٨.

٣٨٨

٣٨٩

الباب الرابع : دور أهل البيتعليهم‌السلام في مواجهة الابتداع

الفصل الاول: معنى التشيع ونشأته.

الفصل الثاني: عرض روائي لدور أهل البيتعليهم‌السلام

في مواجهة الابتداع.

ملحقات الباب الرابع.

٣٩٠

٣٩١

الفصل الأول : معنى التشيع ونشأته

إتهام التشيع بالابتداع.

التشيع في اللغة.

التشيع في الاصطلاح.

فرق الشيعة.

نشأة التشيع.

١ - العناية النبوية المتميزة بعليعليه‌السلام واعداده إعداداً رسالياً خاصاً.

٢ - النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يسند إلى عليعليه‌السلام المهام الاسلامية الكبرى.

٣ - النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوصي المسلمين بموالاة عليعليه‌السلام واتباعه.

٤ - النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يمهد للتشيع عن طريق الوصية بأهل البيتعليهم‌السلام .

٥ - النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم هو الذي أطلق اسم الشيعة على اتباع أهل البيتعليهم‌السلام .

٣٩٢

٣٩٣

اتهام التشيع بالابتداع

بعدَ أن اُصيبَ الكثير من المتعصبين ضد مذهب أهل البيتعليهم‌السلام بالعجز الحقيقي من ايجاد أية ثغرة عقائديّة يمكن النفوذ من خلالها للتشكيك في شرعية المبادئ والاصول الشيعيّة، وإدراكهم كون هذهِ المبادئ تمثّل خط الرسالة الاسلامية بكلِّ ما يحمله هذا الخط من أصالة ونقاء، وبعد أن لمسوا عمق انتساب هذا المنهج الى الدين من خلال الوثائق التأريخّية التي لا يمكن اغفالُها أو تجاهلها بحالٍ من الأحوال، وبعدَ اليأس من الظفر بأيّة مهاترة في اُصول هذا المنهج ومبانيه المستقاة من القرآن الكريم وسنّة رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . بعدَ كلِّ هذا وذاك حاولوا أن ينتحلوا ذريعةً غير مشروعة للنيل من هذا المذهب، وتشكيك المسلمين بعقائده واُصوله ومبانيه، وذلك عن طريق قذف أصل كيان التشيّع بالابتداع.

ولم يكتفوا بالقول بأنَّ التشيّع بدعة محدثة ليس لها أي ارتباط بالاسلام، واّنما ذهبوا الى القول بأنَّ التشيع هو أول بدعة ظهرت في الاسلام، وهو أساس لنشوء بقية البدع، وأصل لافتراق الامّة الاسلامية وتمزّقها.

وبهذا يكون مفهوم (البدعة) قد استُغل بطريقة مزوَّرة في سبيل ضرب منهج أهل البيتعليهم‌السلام ، وحُرِّف عن موارده الحقيقيّة، ومصاديقه الواقعية الصائبة الى حيث خدمة التعصب والافتراء، وشق وحدة المسلمين، وايجاد النعرات والخلافات فيما بينهم.

وكان من جرّاء اطلاق هذا اللفظ على كيان التشيع، وترسيخ هذا الادّعاء

٣٩٤

الموهوم في أذهان طبقة كبيرة وواسعة من المسلمين، واعتبار هذا الأمر حقيقة تأريخية مسلَّمة لا تقبل الشك والتردد. كان من جراء ذلك أن بُني على هذا الأساس المزعوم ركام من الافتراءات والانتهاكات الباطلة بحق التشيّع، في مختلف الكتب والدراسات الاسلاميّة لدى أبناء العامة.

فلماذا يزجّ هؤلاء المتعصبون بأنفسهم بين وثائق التاريخ ومصادره الناصعة التي لا تعطيهم فرصة التشكيك في شرعية انتماء الشيعة الى الاسلام، وانبثاقها عن اُصوله ومبانيه، ولماذا يتركون أنفسهم يضيعونَ وسط الحقائق الدينية الساطعة التي دلَّت بصراحة على وجوب التمسك بمنهج أهل البيتعليهم‌السلام ، والاقتداء بهم، والانضواء تحت رايتهم؟. إنَّ الأمر لا يحتاج الى أكثر من مناورة بسيطة تعالج القضية من الجذور، وتستأصل الحقيقة وتجتثها من الأساس، فتزلزل بذلك عقائد البسطاء من الناس، وتحول بينهم وبين الاطّلاع على تعاليم منهج أهل البيتعليهم‌السلام ، وتقطع الطريق على مَن يريد الاقتراب من الحقيقة والبحث عنها عن هذا الطريق. إنَّ الأمر لا يتطلّب أكثر من أن يلصقوا بهذا الكيان اسماً مقيتاً لدى المسلمين، ومعروفاً عندهم بالرفض والازدراء، وذاك هو لفظ (الابتداع)، ومن الطبيعي أن يتفرَّع على أساس هذا القول رفض لمجمل الاعتقادات التي يؤمن بها الشيعة، وعدَّها داخلةً في إطار (الابتداع) المزعوم، ومقاطعة كتب الشيعة ومصادرهم ورواياتهم، ما دام أصل التشيع (بدعةً) على ما يزعمون.

يقول (صالح الفوزان) في كتاب (البدعة):

«وأول بدعة ظهرت بدعة القدر وبدعة الارجاء وبدعة التشيع والخوارج، هذه البدع ظهرت في القرن الثاني، والصحابة موجودون، وقد أنكروا على أهلها»(١) .

فالفوزان في هذا النص يجعل التشيع أول (بدعة) ظهرت في الاسلام، ويعدّها مساوقة لبدع القدر والارجاء والخوارج، ويقول بأنَّها ظهرت متأخرة عن زمن رسول

____________________

(١) صالح الفوزان، البدعة: تعريفها، أنواعها، أحكامها، ص: ١١.

٣٩٥

اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ويحدد ذلك بالقرن الهجري الثاني، ويدّعي انَّ الصحابة قد انكروا على أهلها وأصحابها. فهذهِ ادّعاءات كبيرة وخطيرة تمس أصل كيان التشيع، وتطعن مبادئه في الصميم، ولكنّا نرى أن الفوزان يطلقها بعفوية وتسالم، من دون أن يجد نفسه مكَّلفاً وملزماً بأن يقدِّم أيَّ دليل عليها.

ويقول (القفاري) في (مسألة التقريب بين أهل السنة والشيعة):

«ثم حدث بعد بدعة الخوارج بدعة التشيع كالغلاة المدّعين الالوهيّة في علي والمدّعين النص على عليرضي‌الله‌عنه »(١) .

ونجد في كلام القفاري دعوين: الدعوى الاولى انَّه عدَّ التشيع بدعةً، والدعوى الاُخرى انَّه جعل الغلاة قسماً من أقسام الشيعة، وفرقةً من فرقها، خلطاً بين الحقائق، وتمويهاً على معالم الدين.

وجاءَ في (تارج العروس) للزبيدي عند تعرضه لذكر الشيعة:

«وقال الحافظ: وهم أئمة لا يحصون مبتدعة، وغلاتهم الامامية المنتظرية»(٢) .

ويقول الدكتور (عزت علي عطية):

«وما ان قتل عثمانرضي‌الله‌عنه حتى ابتدأ ظهور الفرق، وتعددت طوائف المسلمين، وأسفر كل من الالحاد والابتداع عن وجهه القبيح. وظهرت الشيعة تحمل الآراء الخاصة فيما يتصل بعصمة الائمة والقول بالوصية وغير ذلك»(٣) .

وكان الكثير من هؤلاء يتشفى بنبز الشيعة بلفظ (الروافض)، ويظهر غيظه وحقده وحنقه بالصاق التهم والاباطيل على شيعة أمير المؤمنين عليعليه‌السلام ، ومن غير شك انهم لا يقصدون من هذا اللفظ الا الشيعة الموالين لأهل البيتعليهم‌السلام ومن ضمنهم الشيعة الامامية الاثنا عشرية، فيقول ابن تيمية في قضية العدل الالهي:

____________________

(١) د. ناصر بن عبد اللّه بن علي القفاري، مسألة التقريب بين أهل السنة والشيعة، القسم الاول: ص: ٣٨ - ٣٩.

(٢) الزبيدي، تاج العروس، ج: ٥، ص: ٤٠٥.

(٣) د. عزّت علي عطية، البدعة، تحديدها وموقف الاسلام منها، ص: ١٤٩.

٣٩٦

«إنَّ شيوخ الرافضة كالمفيد والموسوي والطوسي وغيرهم انَّما أخذوا ذلكَ من المعتزلة»(١) .

ويقول في موضع آخر:

«الرافضة تجعل الائمة الاثني عشر أفضل من السابقين الاولين»(٢) .

ويقول في نفس هذا المعنى:

«إنَّ الرافضة لا يعرفونَ إمام زمانهم، فانَّهم يدّعون انَّه الغائب المنتظر محمد بن الحسن»(٣) .

ويقول (ابن حجر الهيثمي):

«وزعمت الرافضة أنَّ المهدي هو الامام محمد بن الحسن العسكري ثاني عشر الائمة»(٤) .

فمن الواضح من خلال هذهِ النصوص ومن الكثير غيرها مما طفحت به كتابات ابن تيمية وابن حجر وابن حزم. وغيرهم من المتعصبين، أنَّ المراد من الروافض في كلماتهم هم الشيعة الاثنا عشرية على نحو الخصوص.

ومن هنا جاءَ السب واللعن والتلفيق بدوافع الحقد والتعصب على أبناء الاسلام وحملته والسائرين على تعاليم الكتاب العزيز وهدي أهل بيت النبوة الطاهرينعليهم‌السلام ، وسعى الحاقدون سعياً حثيثاً على إرجاع غالبية الفرق الضالة الى التشيع، والصاقها به، وحشرها ضمن أقسامه، وبيان أن اساس تمزق الامة الاسلامية يعود الى انبثاق هذا الكيان في تاريخ الاسلام، وتصاعدَ بعضهم بذكر فرق الشيعة الى أرقام خياليّة! فيقول المقريزي في خططه:

____________________

(١) محمد حسين الزين، الشيعة في التاريخ، ص: ٣، عن منهاج السنة لابن تيمية، ص: ٣١.

(٢) محمد حسين الزين، الشيعة في التاريخ، ص: ٣، عن منهاج السنة لابن تيمية.

(٣) محمد حسين الزين، الشيعة في التاريخ، ص: ٣، عن منهاج السنة لابن تيمية، ص: ٢٧.

(٤) محمد حسين الزين، الشيعة في التاريخ، ص: ٤، عن صواعق ابن حجر، ص: ١٠٢.

٣٩٧

«انَّ الرافضة بلغت فرقهم ثلثمائة فرقة والمشهور منها عشرون»(١) .

وليت هؤلاء قد اكتفوا بذلك التلفيق والتشنيع، وانما لجأوا الى اختلاق الاحاديث في هذا الصدد، ونسبتها الى رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كذباً وزوراً، فقد ذكر ابن حجر أنَّ الذهبي أخرج عن عليعليه‌السلام أنَّه قال:

«قال رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يظهر في اُمتي في آخر الزمان، قوم يسمون الرافضة يرفضونَ الاسلام».

وأنَّ الدارقطني قد أخرجه بزيادة أنَّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال لعلي:

«فان أدركتهم فاقتلهم فانّهم مشركون، قال: قلت: ما العلامة فيهم؟ قال: يقرضونَكَ بما ليس فيكَ، ويطعنونَ على السلف»(٢) .

وما أحسن ما ردَّ به العلامة محمد حسين الزين على هذين الحديثين، حيث يقول:

«وانَّ ظهور اسم الرافضة بعد علي بقليل، وثبوت الطعن على بعض السلف في حياة علي، وكون علي نفسه قد طعن على ذلك البعض، انَّ ذلك كله يدل بوضوح على تكرار كذب هذا الخبر المحدد لظهور الرافضة في آخر الزمان، والأمر بقتلهم لخصوص الطعن على الخاطئين من السلف.

ولكنَّ ابن حجر تغافل عمّا في ذلك الخبر من علائم الكذب والوضع، فلأجله كرره في صواعقه، وأخذ يصول به، كما كرر تلك الالفاظ البذيئة في حق الشيعة البريئين»(٣) .

وأين هؤلاء عمّا يقوله الامام (الشافعي):

يا راكباً قف بالمحصب من منى

واهتف بساكن خيفها والناهضِ

سَحراً إذا فاضَ الحجيج الى منى

فيضاً كمرفضّ الفرات الفائضِ

ان كان رفضاً حبّ آل محمدٍ

فليشهد الثقلان أني رافضي!

____________________

(١) محسن الامين، أعيان الشيعة، ج: ١، ص: ٢٢.

(٢) محمد حسين الزين، الشيعة في التاريخ، ص: ٤، عن الصواعق المحرقة لابن حجر، ص: ٣.

(٣) محمد حسين الزين، الشيعة في التاريخ، ص: ٤.

٣٩٨

فهل يتفوه أحد من هؤلاء على (الشافعي) الذي هو أحد كبار ائمة أبناء العامة بما تقوَّه به على شيعة أهل البيتعليهم‌السلام ، وهل يُجري عليه ما اُجري عليهم من تهم وافتراءات باعتبار انَّه يصرح بكونه رافضياً، أي محبّاً لأهل البيتعليهم‌السلام الذين وجبت مودتهم بنص القرآن الكريم في قوله تعالى: (قُل لا أسئلُكُم عَلَيهِ أجراً الا المَودَّةَ في القُربى)(١) ؟

ويجسّد لنا الشافعي المعنى الذي يقيم عليه هؤلاء المتعصبون بالقول:

إذا في مجلس ذكروا عليّاً

وسبطيه وفاطمة الزكيّة

فأجرى بعضهم ذكراً سواهم

فأيقنَ انَّه لسلفلقيّة

إذا ذكروا عليّاً أو بنيه

تشاغل بالروايات العليّة

وقال تجاوزوا يا قوم هذا

فهذا من حديث الرافضية

برئت الى المهيمن من أُناسٍ

يرونَ الرفضَ حبّ الفاطميّة

على آل الرسول صلاة ربّي

ولعنته لتلكَ الجاهليّة

ونقلَ العلامة السيد محسن الامين في (الاعيان) عن قطعة مخطوطة عنده للمرزباني انه حكى عن شريك بن عبد اللّه القاضي قال:

«سعي بي الى المهدي بأنّي رافضي (الى أن قال) فقلت: إن كان الرافضيّ مَن أحبَّ رسولَ اللّه وعلياً وفاطمة والحسن والحسين، فأنا أشهد بأنَّ أميرالمؤمنين رافضي، أفتبغضهم أنت؟ قال: معاذ اللّه»(٢) .

وقد اشتهر بين أبناء العامة حديث الفرقة الناجية الذي طبقوه على أنفسهم، وانتحلوا لذلك روايات موضوعة بواسطة أيادي آثمة تجنّت على صاحب الرسالةصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ورووا انهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قد شخَّص الفرقة الناجية بالقول: (ما أنا عليه وأصحابي) وفي رواية اخرى انها (الجماعة) كذباً وزوراً، وجعلوا الشيعة وفرقها ضمن الطوائف الاثنين

____________________

(١) الشورى: ٢٣.

(٢) محسن الأمين، أعيان الشيعة، ج: ١، ص: ٢١.

٣٩٩

والسبعين الضالة المتبقية التي ذكرها الحديث، بل وبالغوا في ذلك وقالوا بأنَّ اكثر هذهِ الفرق الضالة تعود الى التشيع وتنتهي إليه(١) .

وحديث الفرقة الناجية إمّا أن تكون حديثاً موضوعاً، لاضطراب المضمون الذي نقله أبناء العامة له، وعدم امكانية الوثوق به، إذ لا يمكن أن يكون (الاصحاب) أو (الجماعة) بهذا العموم مصداقاً للحديث لانَّه سيكون معكوساً، ويوقعنا في التفرق والتشتت والتمزيق، لانّا لا نستطيع أن نقف على مبادئ موحّدة واُسس عقائدية وثقافية مشتركة على اُساس هذهِ الضابطة المذكورة.

وإمّا أن يكون الحديث وارداً في حق علي وشيعته كما ثبتته مصادرنا الخاصة(٢) ، الا أنَّه حُرِّف، شأنه شأن الكثير من الاحاديث الاخرى الواردة في فضل أهل البيتعليهم‌السلام .

وإمّا ان نقدِّر صحة الحديث الذي ورد في ذيله (ما أنا عليه وأصحابي) أو (الجماعة) على أن يكون النبي الاكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قد عنى مَن التزم في زمنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بفرائض اللّه وأقامها وتقبَّلها وجرى عليها مؤمناً مخلصاً، فيكون الامر مجملاً وبحاجة الى الدليل الخاص الذي يعيِّن هؤلاء الاصحاب وهذهِ الجماعات المؤمنة، وقد ثبت بالطرق المتواترة وجوب إتباع منهج أهل البيتعليهم‌السلام وانَّ شيعة عليعليه‌السلام ومتبعيه هم المجسدون للفرقة الناجية التي ذكرها رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على فرض صحة الحديث.

يقول الشيخ (مفيد الفقيه) في كتابه: (العقل في اصول الدين):

«وقد اعترف الكثير من كتّاب الفرق بهذا الحديث، فأخذ كلّ واحدٍ يطبقه على فرقته وأنَّها هي الناجية، مَعَ انه بالصيغ المذكورة لا ينطبق على فرقة بعينها، لأنَّ قوله صلى الّه عليه وآله وسلم: (ما أنا عليه وأصحابي): إن اُريد به كلّ الاصحاب، فلا اشكال في انَّ ما

____________________

(١) محسن الامين، أعيان الشيعة، ج: ١، ص: ٢٢.

(٢) انظر على سبيل المثال بحار الانوار للعلامة المجلسي، ج: ٢٨، باب: ١، ح: ٢٠، ص: ١٣.

٤٠٠