البدعة

البدعة0%

البدعة مؤلف:
تصنيف: مفاهيم عقائدية
الصفحات: 610

البدعة

مؤلف: الشيخ جعفر السبحاني
تصنيف:

الصفحات: 610
المشاهدات: 148834
تحميل: 8454

توضيحات:

البدعة
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 610 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 148834 / تحميل: 8454
الحجم الحجم الحجم
البدعة

البدعة

مؤلف:
العربية

توارثوهم»(١) .

٤ - وقال مرازم: قال لي أبو عبد اللّهعليه‌السلام :

«قل للغالية توبوا إلى اللّه فانَّكم فسّاق مشركون»(٢) .

٥ - وقال أبو بصير: قال لي أبو عبد اللّهعليه‌السلام :

«يا أبا محمد أبرء ممن يزعم أنّا أرباب، قلتُ: بريء منه».

وعن أبي بصير أيضاً عنهعليه‌السلام انَّه قال:

«أبرء ممن يزعم أنّا أنبياء، قلتُ: بريء منه»(٣) .

٦ - وعن أبي بصير قال: قلتُ لابي عبد اللّهعليه‌السلام حول الخطابية:

«انَّهم يقولون: انكَ تعلم قطر المطر، وعدد النجوم، وورق الشجر، ووزن ما في البحر، وعدد ما في التراب، فرفع الامام الصادقعليه‌السلام يده وقال:

- سبحانَ اللّه! سبحانَ اللّه! واللّهِ ما يعلم هذا إلا اللّه»(٤) .

٧ - وعن سدير عن أبيه قال: قلتُ لأبي عبد اللّهعليه‌السلام :

- «إنَّ قوماً يزعمون انّكم آلهة، يتلون علينا بذلك قرآناً:( يا أَيُّها الرُّسلُ كُلُوا مِن الطَّيِّباتِ واعمَلُوا صالِحاً إِنّي بِما تَعمَلُونَ عَلِيمٌ ) (٥) ، فقالعليه‌السلام :

- يا سدير، سمعي وبصري وشعري وبشري ولحمي ودمي من هؤلاءِ براء، برأ اللّه منهم ورسوله، ما هؤلاء على ديني ودين آبائي، واللّهِ لا يجمعني وإيّاهم يوم إلا وهو عليهم ساخط»(٦) .

٨ - وقال ميسرة: ذكرتُ أبا الخطّاب عند أبي عبد اللّهعليه‌السلام وكان متكئاً، فرفع

____________________

(١) أسد حيدر، الامام الصادق والمذاهب الاربعة، المجلد الثاني، ص: ٣٧٦.

(٢) أسد حيدر، الامام الصادق والمذاهب الاربعة، المجلد الثاني، ص: ٣٧٦.

(٣) أسد حيدر، الامام الصادق والمذاهب الاربعة، المجلد الثاني، ص: ٣٧٦.

(٤) أسد حيدر، الامام الصادق والمذاهب الأربعة، المجلد الثاني، ص: ٣٧٦.

(٥) المؤمنون: ٥١.

(٦) أسد حيدر، الامام الصادق والمذاهب الاربعة، المجلد الثاني، ص: ٣٧٦.

٥٢١

إصبعه إلى السماء ثم قال:

«على أبي الخطّاب لعنةُ اللّه والملائكة والناس أجمعين، فأشهد باللّهِ انَّه كافر، فاسق، مشرك، وانّه يحشر مَعَ فرعون في أشد العذاب غدواً وعشيّاً، ثم قالعليه‌السلام :

- واللّه واللّه انّي لأنفس على أجسادٍ اُصيبت معه النار»(١) .

ويعنيعليه‌السلام : في الفقرة الاخيرة من كلامه انَّه يأسف على اُولئك القوم الذين غرر بهم دعاة الالحاد، فأوردوهم موارد الهلكة.

٩ - وقال مرازم قال لي أبو عبد اللّهعليه‌السلام :

- يا مرازم! مَن بشّار؟ قلتُ:

- الشعيري، فقالعليه‌السلام :

- لعنَ اللّه بشاراً(٢) ، يا مرازم قل لهم: ويلكم توبوا إلى اللّه، فانَّكم كافرون مشركون.

وكان بشار جاراً لمرازم، فقال له الصادقعليه‌السلام :

- يا مرازم! إنَّ اليهود قالوا ووحدوا اللّه، وانَّ النصارى قالوا ووحدوا اللّه، وانَّ بشاراً قال قولاً عظيماً، فإذا قدمت الكوفة فأتِه وقل له يقول لكَ جعفر: يا فاسق، يا كافر، يا مشرك، أنا بريء منكَ.

قال مرازم: فلما قدمتُ الكوفة، فوضعتُ متاعي وجئت إليه، ودعوت الجارية، وقلت قولي لابي إسماعيل هذا مرازم، فخرج اليَّ فقلتُ له: يقول لك جعفر بن محمد: يا كافر، يا فاسق، يا مشرك، أنا بريء منك، فقال بشّار:

- وقد ذكرني سيدي، قلت:

____________________

(١) أسد حيدر، الامام الصادق والمذاهب الاربعة، المجلد الثاني، ص: ٣٧٦.

(٢) كان بشار الشعيري من أهل الكوفة من دعاة الالحاد، وممن يقول بمقالة العلياوية، وهم الذين قالوا: انَّ علياً ربّ، وظهر بالعلوية الهاشمية، وقالوا بالتناسخ والتعطيل، وكان لبشّار جماعة يتبعونه على أضاليله وأباطيله.

(أسد حيدر، الامام الصادق والمذاهب الاربعة، المجلّة الثاني، ص: ٣٧٨).

٥٢٢

- نعم ذكركَ بهذا الذي قلتُ لكَ، فقال:

- جزاك اللّه خيراً.

وأخذَ يدعو لي.

وروي عن إسحق بن عمّار انَّ أبا عبد اللّهعليه‌السلام قال لبشّار الشعيري:

- «اخرج عني لعنَكَ اللّه، لا واللّه لا يظلّني وإيّاك سقف أبداً، فلما خرجَ قال أبو عبد اللّهعليه‌السلام :

- ويله ألا قالَ بما قالت اليهود؟ ألا قالَ بما قالت النصارى؟ ألا قالَ بما قالت المجوس؟ أو بما قالت الصابئة؟ واللّهَ ما صغَّر اللّه تصغير هذا الفاجر أحد، إنه شيطان ابن شيطان، خرج من البحر ليغوي أصحابي فاحذروه، وليبلغ الشاهد الغائب، انّي عبد اللّه ابن عبد اللّه، ضمَّتني الاصلاب والارحام،انّي لميّت ومبعوث، ثم مسؤول، واللّهِ لاُسألنَّ عمّا قال فيَّ هذا الكذّاب، وادّعاه، ما له غمّه اللّه، فلقد أمن على فراشه، وأفزعني وأقلقني عن رقادي»(١) .

١٠ - وروي عن هشام بن الحكم انَّه سمع أبا عبد اللّه الصادقعليه‌السلام يقول:

«لا تقبلوا علينا حديثاً إلا ما وافق القرآن والسنّة، وتجدونَ معه شاهداً من أحاديثا المتقدمة، فانَّ المغيرة بن سعيد دسَّ في كتب أصحاب أبي أحاديث لم يحدِّث بها، فاتقوا اللّه، لا تقبلوا علينا ما خالفَ قول ربنا وسنة نبيِّنا»(٢) .

وفي رواية اُخرى عن يونس عن هشام انَّه سمع أبا عبد اللّهعليه‌السلام يقول:

- «كان المغيرة بن سعيد(٣) يتعمَّد الكذب على أبي، ويأخذ كتب أصحابه، وكانَ

____________________

(١) أسد حيدر، الامام الصادق والمذاهب الاربعة، المجلد الثاني، ص: ٣٧٨ - ٣٧٩.

(٢) أسد حيدر، الامام الصادق والمذاهب الاربعة، المجلد الثاني، ص: ٣٨٢.

(٣) المغيرة بن سعيد: وهو مولى بجيلة، خرج في أيام أبي جعفر الباقرعليه‌السلام ، وقُتل في أيام الامام الصادقعليه‌السلام سنة ١١٩ ه‍ وقد استطاع أن يموّه على كثير من المتطرفين، وأن يخدع جملة من الناس، وكان ماهراً في دسّ الاحاديث ووضعها على أهل البيتعليهم‌السلام .

ويقول الشهرستاني: انَّ المغيرة ادّعى لنفسه الامامة بعد محمد المعروف بالباقر بن علي بن الحسين، وبعد ذلك ادّعى النبوة لنفسه، وغلا في حقّ علي.

ويقول الاشعري: انَّه زعم انَّه يحيي الموتى بالاسم الأعظم، وأراهم أشياء من اليزنجات والمخاريق.

وقال جرير بن عبد الحميد: كان المغيرة بن سعيد كذاباً ساحراً.

وقال الجوجزاني: قتل المغيرة على ادّعاء النبوة، كأن أسعر النيران بالكوفة على التموية والشعبذة حتى أجابه خلق كثير.

(أسد حيدر، الامام الصادق والمذاهب الاربعة، المجلد الثاني، ص: ٣٨١).

٥٢٣

أصحابه المستترون بأصحاب أبي يأخذون الكتب، فيدفعونها إلى المغيرة، وكان يدس فيها الكفر والزندقة، ويسندها إلى أبي، ثم يدفعها إلى أصحابه، ثم يأمرهم أن يبثوها في الشيعة، فكل ما كان في كتب أبي من الغلو فذاك مما دسَّه المغيرة بن سعيد في كتبهم».

وعن عبد الرحمن بن كثير قال: قال أبو عبد اللّه يوماً لأصحابه:

«لعنَ اللّه المغيرة بن سعيد، ولعن اللّه يهوديةً كان يختلف اليها، يتعلّم منها السحر والشعبذة والمخاريق، انَّ المغيرة كذب على أبي فسلبه اللّه الايمان، وانَّ قوماً كذبوا عليَّ، ما لهم؟ أذاقهم اللّه حرَّ الحديد، فواللّهِ ما نحن إلا عبيد خلقنا واصطفانا، ما نقدر على ضرٍ ولا نفع، وإن رحمنا فبرحمته، وان عذَّبنا فبذنوبنا، واللّهِ ما بنا على اللّه من حجّة، ولا معنا من اللّه براءة، وانّا لميتون، ومقبورون، ومنشورون، ومبعوثون، وموقوفون، ومسؤولون، ما لهم لعنهم الله، فلقد آذوا اللّه، وآذوا رسولَ اللّه في قبره وأمير المؤمنين، وفاطمة، والحسن، والحسين، وها أنا ذا بين أظهركم، أبيتُ على فراشي خائفاً، يأمنون وأفزع، وينامون على فراشهم وأنا خائف، ساهر وَجلِ، أبرأ إلى اللّه مما قال فيَّ الأجدع، وعبد بني أسد أبو الخطّاب لعنه اللّه، واللّهِ لو ابتلوا بنا وأمرناهم بذلك لكان الواجب أن لا يتقبلوه، فكيف وهم يروني خائفاً، وجلاً، أستعدي اللّه عليهم، وأبرأ الى اللّه منهم!! إنّي امرؤ ولدني رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وما معي براءة من اللّه، إن أطعته رحمني وإن عصيته عذَّبني عذاباً شديداً»(١) .

____________________

(١) أسد حيدر، الامام الصادق والمذاهب الأربعة، المجلد الثاني، ص: ٣٨٢ - ٣٨٣.

٥٢٤

٥٢٥

ملحقات الباب الرابع

المحلق الاول: خطبة الاشباح لأمير المؤمنين علي بن ابي طالبعليه‌السلام .

المحلق الثاني: احتجاج الامام جعفر الصادقعليه‌السلام مع الزنديق الذي سأله عن معرفة اللّه وصفاته ومسائل دينية اخرى.

الملحق الثالث: مجلس الامام علي الرضاعليه‌السلام مَعَ المروزيّ عند المأمون في التوحيد.

الملحق الرابع: رسالة الامام محمد الجوادعليه‌السلام في الجبر والتفويض وبيان معنى الأمر بين الأمرين.

٥٢٦

٥٢٧

الملحق الأول : خطبة(١) الاشباح(٢) لأمير المؤمنينعليه‌السلام

روى مسعدة بن صدقة عن الصادق جعفر بن محمدعليهما‌السلام انَّه قال: خطب أمير المؤمنينعليه‌السلام بهذه الخطبة على منبر الكوفة، وذلك انَّ رجلاً أتاه فقال له: يا أمير المؤمنين صف لنا ربنا مثلما نراه عياناً لنزداد له حباً، وبه معرفة، فغضب ونادى: الصلاة جامعة فاجتمع الناس حتى غصّ المسجد بأهله، فصعد المنبر وهو مغضب متغير اللون، فحمد اللّه وأثنى عليه وصلّى على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ثم قال:

الحمدُ للّه الذي لا يَفِره المنع والجمود(٣) ولا يكديه الإعطاء والجود، إذ كل معطٍ مُنتَقص سواه، وكل مانع مذموم ما خلاه، وهو المنّان بفوائد النِّعَم، وعوائد المزيد والقِسَم، عياله الخلق، ضمن أرزاقهم، وقدَّر أقواتهم، ونهج سبيل الراغبين اليه، والطالبين ما لديه، وليس بما سئُل بأجود منه بما لم يُسأل، الاول الذي لم يكن له قبل فيكون شيء قبله، والآخر الذي ليس له بعدٌ فيكون شيء بعده، والرادع أناسيَّ الابصارِ عن أن تناله أو تدركه(٤) ، ما اختلف عليه دهرٌ فيختلف منه الحال، ولا كان في مكانٍ فيجوز عليه الانتقالُ، ولو وهبَ ما تنفَّسَت عنه معادن الجبال(٥) ، وضحكت عنه

____________________

(١) وردت الخطبة في نهج البلاغة، الخطبة: ٩١، والشروح المذكورة في هامش الخطبة تعود للاستاذ الشيخ محمد عبده في شرحه على النهج.

(٢) الاشباح: الاشخاص، والمراد بهم ها هنا الملائكة.

(٣) لا يفره لا يزيد ما عنده من البخل والجمود وهو أشد البخل، ولا يكديه: أي لا يفقره.

(٤) أناسي: جمع إنسان، وإنسان البصر: هو ما يرى وسط الحدقة ممتازاً عنها في لونها.

(٥) أبدع الامام في تسمية انفلاق المعادن عن الجواهر تنفساً فانَّ أغلب ما يكون من ذلك بل كله عن تحرك المواد الملتهبة في جوف الأرض إلى الخارج وهي في تبخرها أشبه بالنفس، كما أبدع في تسمية انفتاح الصدف عن الدر ضحكاً.

٥٢٨

أصداف البحار من فلز اللُّجين والعِقيان(١) ونُثارة الدر وحصيد المرجان ما أَثَّر ذلك في جوده، ولا أنفد سعة ما عنده، ولكان عنده من ذخائر الانعام ما لا تنفدُهُ مطالب الانام(٢) ، لأنّه الجواد الذي لا يغيضه سؤال السائلين، ولا يبخله إلحاح الملحين(٣) ، فانظر أيها السائل فما دلَّك القرآن عليه من صفته فأتمّ به(٤) ، واستضئ بنور هدايته، وما كلفك الشيطانُ عِلمَه مما ليس في الكتاب عليك فرضهُ ولا في سنة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأئمة الهدى أثره فَكِل علمه إلى اللّه سبحانه، فانَّ ذلك منتهى حقِّ اللّهِ عليك، واعلم أنَّ الراسخين في العلم هم الذين أغناهم عن اقتحام السدد المضروبة دون الغيوب، الاقرار بجملة ما جهلوا تفسيره من الغيب المحجوب(٥) ، فمدح اللّه اعترافهم بالعجز عن تناول ما لم يحيطوا به علماً، وسمى تركهم التعمقَ فيما لم يكلفهم البحث عن كنهه رسوخاً، فاقتصر على ذلك، ولا تقدر عظمة اللّه سبحانه على قدر عقلِكَ فَتكون من الهالكين، هو القادر الذي إذا ارتمت الاوهام لتدرك منقطع قدرته(٦) وحاول الفكر المبرَّأ من خطراتِ الوساوِس أن يقع عليه في عميقات غيوب ملكوتِه(٧) وتولّهت القلوب إليه(٨) لتجرى في كيفية صفاته(٩) ، وغمضت مداخلُ العقول في حيث لا تبلغه الصفاتُ لتناول علم

____________________

(١) الفلز: بكسر الفاء واللام الجوهر النفيس، واللجين: الفضة الخالصة، والعقيان: ذهب ينمو في معدنه، ونثارة الدر: بالضم منثوره، وفعالة: بالضم فاش للجيد المختار كالخلاصة، وللساقط المتروك كالقلامة، وحصيد المرجان: محصوده، يشير إلى انَّ المرجان نبات، وقد حققته كاشفات الفنون جديدها وقديمها.

(٢) أنفده: بمعنى أفناه، ونفد: كفرح أي فني.

(٣) يغيض: بفتح حرف المضارعة من غاض المتعدي: يقال غاض الماء لازماً وغاضه اللّه متعدياً، ويقال أغاضه أيضاً وكلاهما بمعنى أنقصه واذهب ما عنده. ويبخله: بالتخفيف من أبخلت فلاناً وجدته بخيلاً، أمّا بخَّله: بالتشديد فمعناه رماه بالبخل.

(٤) ائتم به: أي اتبعه فصفه كما وصفه اقتداء به.

(٥) السدد: جمع سدة باب الدار، والاقرار فاعل أغناهم.

(٦) ارتمت الاوهام: ذهبت أمام الافكار كالطليعة لها. ومنقطع الشيء: ما إليه ينتهي.

(٧) المبرَّأ الخ أما الملابس لهذه الخطرات فمعلوم أنه لا يصل إلى شيء لوقوفه عند وساوسه.

(٨) تولّهت القلوب إليه: اشتد عشقها وميلها لمعرفة كنهه.

(٩) لتجرى الخ لتجول ببصائرها في تحقيق كيف قامت صفاته بذاته أو كيف اتصف سبحانه بها.

٥٢٩

ذاته(١) ، ردعها وهي تجوب مهاوي سدف الغيوب، متخلصة إليه سبحانهُ، فرجعت إذ جبهت(٢) معترفةً بأنه لا ينال بجورِ الاعتساف كنه معرفته(٣) ، ولا تخطُر ببالِ أوُلي الرَّوياتِ خاطِرةٌ من تقديرِ جلال عزتهِ(٤) ، الذي ابتدع الخلقَ على غيرِ مثالٍ امتثلهُ(٥) ، ولا مقدارٍ احتذى عليه من خالقٍ معهودٍ كانَ قبلهُ، وأرانا من ملكوتِ قدرتهِ، وعجائِب ما نطَقت به آثارُ حكمته، واعتراف الحاجَة من الخلق إلى أن يُقيمها بمساك قدرته ما دلَّنا باضطرار قيام الحجة له على معرفته(٦) ، وظهرت في البدائع التي أحدثها آثارُ صنعته وأعلام حكمته، فصار كل خلق حجةً لهُ ودليلاً عليه، وإن كان خلقاً صامتاً فحجته بالتدبير ناطقة، ودلالته على المبدع قائمة، وأشهد أن من شبَّهك بتباين أعضاءِ خلقكَ، وتلاحم حِقاق مفاصلهم(٧) المحتجبة لتدبير حكمتك، لم يعقد غيب ضميره على معرفتك(٨) ، ولم يباشر قلبه اليقين بأنه لا ندَّ لكَ، وكأنَّهُ لم يسمع تبرُّؤَ التابعين من

____________________

(١) وغمضت الخ أي خفيت طرق الفكر ودقت وبلغت في الخفاء والدقة إلى حد لا يبلغه الوصف.

(٢) ردعها الخ جواب للشرط في قوله إذا ارتمت الخ. وردعها كفها وردها، والمهاوي المهالك، والسدف بضم ففتح جمع سدفة وهي القطعة من الليل المظلم، وجبهت من جبهه إذا ضرب جبهته والمراد ردت بالخيبة.

(٣) الجور العدول عن الطريق، والاعتساف سلوك على غير جادة وسلوك العقول في أي طريق طلباً لاكتناه ذاته وللوقوف على ما لم تكلف الوقوف عليه من كيفية صفاته يعد جوراً وعدولاً عن الجادة فان العقول الحادثة ليس في طبيعتها ما يؤهلها للإحاطة بالحقائق الأزلية، اللهم الا ما دلت عليه الآثار وذلك هو الوصف الذي جاء في الكتاب والسنة، وكنه معرفته نائب فاعل ينال.

(٤) الرويات جمع روية الفكر.

(٥) ابتدع الخلق أوجده من العدم المحض على غير مثال سابق امتثله أي حاذاه ولا مقدار سابق احتذى عليه أي قاس وطبق عليه، وكان ذلك المثال أو المقدار من خالق معروف سبقه بالخلقة أي لم يقتد بخالق آخر في شيء من الخلقة إذ لا خالق سواه.

(٦) المساك كسحاب - ويكسر - ما به يمسك الشيء كالملاك ما به يملك «ان اللّه يمسك السموات والأرض أن تزولا» وقد جعل الحاجة الظاهرة من المخلوقات الى اقامة وجودها بما يمسكها من قوته بمنزلة الناطق بذلك المعترف به، وقوله باضطرار متعلق بدلنا، وعلى معرفته متعلق به أيضاً، أي دلنا على معرفته بسبب أن قيام الحجة اضطرنا لذلك، وما دلنا مفعول لأرانا وظهرت في البدائع الخ معطوف على أرانا.

(٧) الحقاق جمع حق بضم الحاء رأس العظم عند المفصل، واحتجاب المفاصل استتارها باللحم والجلد وذلك الاستتنار مما له دخل في تقوية المفاصل على تأدية وظائفها التي هي الغاية من وضعها في تدبير حكمة اللّه في خلقة الابدان، والمراد من شبهه بالانسان ونحوه.

(٨) غيب الضمير باطنه، والمراد منه هنا العلم واليقين، أي لم يحكم بيقينه في معرفتك بما أنت أهل له.

٥٣٠

المتبوعِينَ إذ يقولون:( تاللّهِ إن كنَّا لفي ضلالٍ مبينٍ إذ نسويكم برب العالمين ) ! كذب العادلون بك(١) ، إذ شبهوك بأصنامهم، ونحلوك حلية المخلوقين بأَوهامهم(٢) ، وجزءوكَ تجزئةَ المجسماتِ بخواطرهم، وقدروك على الخلقةِ المختلفة القوى(٣) بقرائح عقولهم، وأشهد أنَّ من ساواك بشيءٍ من خلقكَ فقد عدل بك، والعادل بك كافرٌ بما تَنزَّلت به محكمات آياتك، ونطقت عنه شواهد حجُجِ بيناتك، وأنك أنت اللّه الذي لم تتناه في العقول فتكون في مهب فكرها مكيفاً(٤) ولا في رويات خواطرها فتكون محدوداً مصرفاً(٥) .

قدَّر ما خلق فأَحكم تقديرهُ، ودبَّره فأَلطفَ تدبيرهُ، ووجهَّه لوجَّهه فلم يتعدَّ حدود منزلته، ولم يقصِّر دون الانتهاء إلى غايته، ولم يستصعب إذ أُمِر بالمُضيِّ على أرادته(٦) . وكيف وانَّما صدرت الامورُ عن مشيئتهِ؟ المُنِشئُ أصنافَ أصناف الأَشياء بلا رويَّة فكرٍ آل إليها، ولا قريحة غريزةٍ أضمر عليها(٧) ، ولا تجربةٍ أفادَها من حوادث الدهور(٨) ، ولا شريكٍ أعانهُ على ابتداعِ عجائبِ الاُمور، فتم خلقه، وأذعنَ لطاعته، وأَجاب إلى دعوته، وَلَم يعترض دونه ريث المبطئ(٩) ، ولا أناةُ المتلكئ(١٠) فأقام من الاشياءِ

____________________

(١) العادلون بك: الذين عدلوا بك غيرك أي سووه بك وشبهوك به.

(٢) نحلوك: أعطوك، وحلية المخلوقين: صفاتهم الخاصة بهم من الجسمانية وما يتبعها، أي وصفوك بصفات المخلوقين، وذلك انما يكون من الوهم الذي لا يصل إلى غير الأجسام ولواحقها دون العقل الذي يحكم فيما وراء ذلك.

(٣) قدروك: قاسوك.

(٤) أي: لم تكن متناهياً محدود الأطراف حتى تحيط بك العقول فتكيفك بكيفة مخصوصة.

(٥) مصرفاً: أي تصرفك العقول بأفهامها في حدودك.

(٦) إستصعب المركوب: لم ينقد في السير لراكبه، وكل مخلوق خلقه اللّه لأمر أراده بلغ الغاية مما أراد اللّه منه ولم يقصر دون ذلك منقاداً غير مستصعب.

(٧) غريزة: طبيعة ومزاج، أي ليس له مزاج كما للمخلوقات الحساسة فينبعث عنه إلى الفعل، بل هو انفعال بما له بمقتضى ذاته لا بأمر عارض.

(٨) أفادها: استفادها.

(٩) لم يعترض دونه أي دون الخلق وإجابة دعوة اللّه، والريث: التثاقل عن الأمر أي أجاب الخلق دعوة الخالق فيما وجهت إليه فطرته بدون جهل.

(١٠) الاناة: تؤدة تمازجها روية في اختيار العمل وتركه، والمتلكئ: المتعلل، يقول أجاب الخلق ربه طائعاً مقهوراً بلا تلكؤ.

٥٣١

أوَدَها(١) ، ونهج حدودها(٢) ، ولاءَمَ بقُدرتِه بين متضادِّها، ووصل أسباب قرائنها(٣) ، وفرقها أجناساً مختلفاتٍ في الحدود والاقدار والغرائز والهيئاتِ(٤) ، بدايا خلائق أحكم صنعها(٥) وفطرها على ما أراد وابتدعها، ونظم بلا تعليق رهوات فرجها(٦) ، ولاحم صدوع انفراجها(٧) ووشج بينها وبين أزواجها(٨) وذلل للهابطين بأمرهِ والصاعدين بأعمال خلقه حزونة معراجها(٩) ، ناداها بعد إذ هي دخانٌ، فالتحمت عرى أشراجها، وفتق بعد الارتتاق صوامت أبوابها(١٠) ، وأقام رصداً من الشهب الثواقب على نقابها(١١) ،

____________________

(١) أودها: إعوجاجها.

(٢) نهج عين ورسم.

(٣) قرائنها: جمع قرينة وهي النفس، أي وصل حبال النفوس وهي من عالم النور بالابدان وهي من عالم الظلمة.

(٤) الغرائر: الطبائع.

(٥) بدايا: جمع بدئ أي مصنوع.

(٦) رهوات: جمع رهوة أي المكان المرتفع ويقال للمنخفض أيضاً، والفرج: جمع فرجة. يقول قد فرج اللّه ما بين جرم وآخر من الاجرام السماوية ونظمها على ذلك بدون تعليق أحدها بالآخر وربطه به بآلة حسية.

(٧) لاحم الخ ما كان في الجرم الواحد منها من صدع لحمه سبحانه وأصلحه فسواه، وذلك كما كان في بدء خلقة الأرض وانفصالها عن الاجرام السماوية وانفراج الاجرام عنها، فما تصدع بذلك أصلحه اللّه «أولم ير الذين كفروا أن السموات والأرض كانتا رتقاً ففتقناهما».

(٨) من وشج محمله إذا شبكه بالأربطة حتى لا يسقط منه شيء، أي انّه سبحانه شبك بين كل سماء وأجرامها وبين أزواجها أي أمثالها وقرنائها من الاجرام الأُخرى في الطبقات العليا والسفلى عنها بروابط الماسكة المعنوية العامة، وهي من أعظم المظاهر لقدرته.

(٩) الهابطين والصاعدين: الارواح العلوية والسفلية، والحزونة: الصعوبة، وقوله ناداها الخ رجوع إلى بيان بعض ما كانت عليه قبل النظم، يقول كانت السموات هباء مائراً أشبه بالدخان منظراً، وبالبخار مادة، فتجلى من اللّه فيها سر التكوين، فالتحمت عرى أشراجها، والأشراج: جمع شرج بالتحريك هو العروة وهي مقبض الكوز والدلو وغيرهما. وأشار باضافة العرى للاشراج الى أن كل جزء من مادتها عروة للآخر بجذبه إليه ليتماسك بك، فكل ماسك وممسوك، وكل عروة وله عروة.

(١٠) بعد أن كانت جسماً واحداً فتق اللّه رتقه، وفصلها الى أجرام بينها فرج وأبواب، وأفرغ ما بينها بعد ما كانت صوامت أي لا فراغ فيها.

(١١) النقاب: جمع نقب وهو الخرق، والشهب الثواقب: أي الشديدة الضياء، والرصد: اقوم يرصدون كالحرس، وكون الرصد من الشهب في أصل تكوين الخلقة كما قال الامام دليل على ما أثبته العلم من أن الشهب مقذيان لبعض أجرام الكواكب (*) ما نظمه لها من التفاتق فما نقب وخرق من جرم عوض بالشهاب، وذلك أمر آخر غير ما جاء في الكتاب العزيز فما جاء في الكتاب بمعنى آخر.(*) العبارة فيها تحريف في الأصل، والمعنى انَّ كلام الامام دليل على ما أثبته العلم الحديث من انَّ الشهب جعلت لتسد ما يحصل في بعض أجرام الكواكب من خروق، كما يدل عليه آخر العبارة.

٥٣٢

وأَمسكها من أن تمور في خراق الهواء بأيده(١) وأَمرها أن تقف مستسلمةً لأمره وجعل شمسها آيةً مبصرةً لنهارها(٢) وقمرها أيةً ممحوةً من ليلها(٣) فأجراهما في مناقل مجراهما، وقدر سيرهما في مدارج دَرَجِهِما. ليميِّز بين الليل والنهار بهما. وليُعلم عددُ السنين والحسابُ بمقاديرهما، ثم علَّق في جوِّها فلكها(٤) ، وناط بها زينتها من خفيات دراريِّها ومصابيح كواكبها(٥) ، ورمى مسترقي السمع بثواقب شهبها وأجراها على إذلال تسخيرها من ثبات ثابتها، ومسير سائرها، وهبوطها وصعودها، ونحوسها وسعودها(٦) ثم خلق سبحانهُ لإسكان سمواته، وعمارة الصفيح الاعلى(٧) من ملكوته خلقاً بديعاً من ملائكته ملأ بهم فروج فجاجها. وحشى بهم فتوق أجوائها(٨) ، وبين فجوات تلك الفروج زجل المسبِّحين منهم في حظائِر القدس، وسُتُرات الحجبِ، وسرادقاتِ المجدِ(٩) . ووراء ذلك الرجيج الذي تستك منه الاسماع، سبحاتُ نورٍ تردع الابصار عن بلوغها(١٠) ، فتقف.

____________________

(١) وأمسكها عن أن تمور: أي تضطرب في الهواء بأيده أي بقوته، وأمرها أن تقف أي تلزم مراكزها لا تفارق مداراتها، لا بمعنى أن تسكن.

(٢) مبصرة: أي جعل شمس هذه الاجرام السماوية مضيئة يبصر بضوئها مدة النهار كله دائماً.

(٣) ممحوة: يمحى ضؤها في بعض أطراف الليل في أوقات من الشهر، وفي جميع الليل أياماً منه. ومناقل مجراهما الاوضاع التي ينقلان فيها من مداريهما.

(٤) فلكها هو الجسم الذي ارتكزت فيه وأحاط بها وفيه مدارها، وناط بها: أي علق بها وأحاطها، ودراريها: كواكبها وأقمارها. والإذلال: جمع ذل بالكسر وهو محجة الطريق أي على الطرق التي سخرها فيها.

(٥) نجومها الصغار.

(٦) نحوسها وسعودها من إقفار بعضها في عالمه وريع بعضها على كونه (*).

(*) هذه العبارة طبق الأصل، وهي غير واضحة، وفي شرح ابن أبي الحديد ما يفيد أن النجوم تدل بنحسها وسعدها على اُمور عامة، مما لا تخص أحداً بعينه، كأن تدل على قحط عام أو مرض عام أو نحو ذلك.

(٧) الصفيح: السماء.

(٨) الأجواء: جمع جو.

(٩) الزجل: رفع الصوت، والحظائر: جمع حظيرة موضع يحاط عليه لتأوي اليه الغنم والابل توقياً من البرد والريح، وهو مجاز هنا عن المقامات المقدسة للأرواح الطاهرة، والسترات: جمع سترة ما يستر به، والسرادقات: جمع سرادق وهو ما يمد على صحن البيت فيغطيه.

(١٠) الرجيج: الزلزلة والاضطراب. وتستك منه، أي تصم منه الآذان لشدته. وسبحات نور: أي طبقات نور، وأصل السبحات الأنوار نفسها.

٥٣٣

خاسئةً على حدودها(١) ، أنشأهم على صورٍ مختلفاتٍ، وأقدارٍ متفاوتاتٍ، أُولي أجنحةٍ تسبحُ جلال عزته، لا ينتحلون ما ظهر في الخلق من صنعته، ولا يدَّعون أنهم يخلقون شيئاً ممَّا انفردَ به، بل عبادٌ مكرمون «لا يسبقونهُ بالقول وهم بأَمره يعملون»، جعلهم فيما هنالكَ أهل الأمانةِ على وحيه، وحمَّلهم إلى المرسلين ودائع أمره ونهيه، وعصمهم من ريب الشبهات، فما منهم زائغٌ عن سبيلِ مرضاته، وأمدَّهم بفوائد المعونة، وأشعر قلوبهم تواضع إخباتِ السكينة(٢) وفتح لهم أبواباً ذُلُلاً(٣) إلى تماجيده. ونصب لهم مناراً واضحة على أعلام توحيده(٤) ، لم تُثقلهم موصرات الآثام(٥) ، ولم ترتحلهم عُقَبُ الليالي والايام(٦) ، ولم ترم الشكوك بنوازعها عزيمة إيمانهم(٧) ، ولم تعترك الظنون على معاقد يقينهم(٨) ، ولا قدحت قادحة الإِحَن فيما بينهم(٩) ، ولا سلبتهم الحيرة ما لاق من معرفته بضمائِرهم(١٠) ، وما سكن من عظمته وهيبة جلالته في أثناء صدورهم، ولم تطمع فيهم الوساوس فتقترع برينها على فكرهم(١١) ، منهم من هو في خلق الغمامِ الدُلَّحِ(١٢) ، وفي

____________________

(١) خاسئة: مدفوعة مطرودة عن الترامي اليها.

(٢) الاخبات: الخضوع والخشوع.

(٣) جمع ذلول خلاف الصعب.

(٤) قال بعض أهل اللغة أن منارة تجمع على منار وإن لم يذكره صاحب القاموس، وأرى أن مناراً ههنا جمع منارة بمعنى المسرجة وهي ما يوضع فيه المصباح، والأعلام ما يقام للاهتداء على أفواه الطرق ومرتفعات الأرض، والكلام تمثيل لما أنار به مداركهم حتى انكشف لهم سر توحيده.

(٥) مثقلاتها.

(٦) ارتحله: وضع عليه الرحل ليركبه، والعقب: جمع عقبة هي النوبة. والليل والنهار (عقيبان) لتعاقبهما، أي لم يتسلط عليهم تعاقب الليل والنهار فيفنيهم أو يغيرهم.

(٧) النوازع: جمع نازعة وهي النجم أو القوس، وعلى الأول المراد منها الشهب وعلى الثاني تكون الباء في بنوازعها بمعنى من.

(٨) جمع معقد محل العقد بمعنى الاعتقاد.

(٩) الإحن: جمع إحنة هي الحقد والضغينة.

(١٠) لاق: لصق.

(١١) تقترع: من الاقتراع بمعنى ضرب القرعة، والرين بفتح الراء الدنس وما يطبع على القلب من حجب الجهالة.

(١٢) جمع دالح وهو الثقيل بالماء من السحاب.

٥٣٤

عظمِ الجبالِ الشمَّخِ، وفي قترة الظلامِ الأَبهمِ(١) ، ومنهم من خرقَت أقدامهم تُخوم الأرضِ السفلى، فهي كراياتٍ بيضٍ قد نفذت في مخارق الهواء(٢) ، وتحتها ريح هفافةٌ تحبسها على حيث انتهت من الحدود المتناهيةِ، قد استفرغتهم أشغال عبادته(٣) ، ووصلت حقائقُ الايمان بينهم وبين معرفته. وقطعهم الايقانُ به إلى الوله إليهِ(٤) ، ولم تجاوز رغباتهم ما عنده إلى ما عند غيره، قد ذاقوا حلاوةَ معرفته وشربوا بالكأس الروية من محبته(٥) ، وتمكنت من سويداء قلوبهم(٦) وشيجةُ خيفته(٧) ، فحنوا بطول الطاعة اعتدال ظهورهم، ولم ينفد طول الرغبةِ إليه مادة تضرعهم(٨) ، ولا أطلق عنهم عظيم الزلفة رِبَقَ خشوعهم(٩) ، ولم يتولهم الإعجابُ فيستكثروا ما سلف منهم، ولا تركت لهم استكانة الإجلال(١٠) نصيباً في تعظيم حسناتهم، ولم تجر الفترات فيهم على طول دؤوبهم، ولم تغض رغباتهم(١١) ، فيخالفوا عن رجاء ربهم، ولم تَجِفَّ لطول المناجاة أسلاتُ ألسنتهم(١٢) ، ولا ملكتهم الاشغال فتنقطع بهمس الجؤارِ إليه أصواتهم(١٣) ، ولم تختلف في

____________________

(١) القترة هنا: الخفاء والبطون، ومنها قالوا أخذه على قترة أي من حيث لا يدري، والابهم: بباء موحدة بعد الهمزة أصله من لا يعقل ولا يفهم، وصف به الليل وصفاً للشيء بما ينشأ عنه، فانَّ الظلام الحالك يوقع في الحيرة ويأخذ بالفهم عن رشاده.

(٢) مواضع ما خرقت أقدامهم.

(٣) جعلتهم فارغين من الاشتغال بغيرها.

(٤) شدة الشوق إليه.

(٥) الروية التي تروي وتطفئ العطش.

(٦) محل الروح الحيواني من مضغة القلب.

(٧) الوشيجة أصلها عروق الشجرة أراد منها هنا بواعث الخوف من اللّه.

(٨) أي أن شدة رجائهم لم تفن مادة خوفهم وتذللهم.

(٩) جمع ربقة بالكسر والفتح وهي العروة من عرى الربق بكسر الراء وهو حبل فيه عدة عرى تربط فيه اليهم.

(١٠) الاستكانة ميل للسكون من شدة الخوف ثم استعملت في الخضوع.

(١١) دأب في العمل بالغ في مداومته حتى أجهده.

(١٢) لم تنقص. وأسلة اللسان طرفه أي لم تيبس أطراف ألسنتهم فتقف عن ذكره.

(١٣) الهمس الخفي من الصوت. والجؤار رفع الصوت بالتضرع أي لم يكن لهم عن اللّه شاغل يضطرهم للهمس والإخفاء وخفض جؤارهم بالدعاء إليه.

٥٣٥

مقاوم الطاعة مناكبهم(١) ، ولم يثنوا إلى راحة التقصير في أمرهِ رقابهم، ولا تعدو(٢) على عزيمة جدهم بلادة الغفلات، ولا تنتضل في هممهم خدائعُ الشهوات(٣) ، قد اتخذوا ذا العريش ذخيرةً ليوم فاقتهم(٤) ،وَيمَّمُوه عند انقطاع الخلق إلى المخلوقين برغبتهم(٥) ، لا يقطعون أمد غاية عبادته، ولا يرجع بهم الاستهتار بلزوم طاعته(٦) ، إلا إلى مواد من قلوبهم غير منقطعةٍ من رجائه ومخافته(٧) ، لم تنقطع أسبابُ الشفقةِ منهم(٨) فينوا في جدهم(٩) ، ولم تأسرهم الاطماع فيؤثروا وشيك السعي على اجتهادهم(١٠) ، ولم يستعظموا ما مضى من أعمالهم، ولو استعظموا ذلك لنسخ الرجاءَ منهم شفقاتُ وجلهم(١١) ، ولم يختلفوا في ربهم باستخواذ الشيطان عليهم، ولم يفرقهم سوءُ التقاطع، ولا تولاهُم غلُّ التحاسد، ولا شعبتهم مصارف الريب(١٢) ، ولا اقتسمتهم أحيافُ الهم(١٣) ، فهم أسراءُ إيمانٍ، لم يفكهم من ربقته زيغ ولا عدولٌ ولا ونىً ولا فتورٌ(١٤) ، وليس في أطباق السموات موضعُ إهابٍ(١٥) إلا وعليه ملكٌ ساجدٌ، أو ساعٍ

____________________

(١) المقاوم جمع مقام، والمراد الصفوف.

(٢) لا تسطو.

(٣) انتضلت الابل ورمت بأيديها في السير بسرعة. وخدائع الشهوات للنفس (بما تزينه لها). أي لم تسلك خدائع الشهوات طريقاً في هممهم.

(٤) حاجتهم.

(٥) يمموه: قصدوه بالرغبة والرجاء عندما انقطعت الخلق سواهم إلى المخلوقين.

(٦) الاستهتار: التولع.

(٧) مواد جمع مادة: أصلها من مد البحر إذا زاد، وكل ما أعنت به غيرك فهو مادة، ويريد بها البواعث المعينة على الأعمال، أي كلما تولعوا بطاعته زادت بهم البواعث عليها من الرغبة والرهبة.

(٨) الشفقة: الخوف.

(٩) ونى يني: تأنى.

(١٠) وشيك السعي: مقاربه وهينه، أي أنه لا طمع لهم في غيره فيختاروا هين السعي على الاجتهاد الكامل.

(١١) الشفقات: تارات الخوف وأطواره، وهو فاعل نسخ والرجاء مفعول. والوجل: الخوف أيضاً.

(١٢) شعبتهم: فرقتهم، صروف الريب جمع ريبة وهي ما لا تكون النفس على ثقة من موافقته للحق.

(١٣) جمع خيف بالفتح هو في الأصل ما انحدر عن سفح الجبل، والمراد هنا سواقط الهمم، فان التفرق والاختلاف كثيراً ما يكون من انحطاط الهمة بل أعظم ما يكون منه ينشأ عن ذلك. وقد يكون الخيف بمعنى الناحة أي متطرفات الهمم.

(١٤) ونى مصدر ونى كتعب أي تأنى.

(١٥) جلد حيوان.

٥٣٦

حافدٌ(١) ، يزدادون على طول الطاعة بربهم علماً، وتزداد عزةُ ربهم في قلوبهم عظماً.

كبس الارض(٢) على مور أمواج مستفحلةٍ، ولجج بحارٍ زاخرةٍ(٣) ، تلتطم أو أذي أمواجها(٤) ، وتصطفقُ متقاذفاتُ أثباجها(٥) ، وترغو زبداً كالفحولِ عند هياجها، فخضع جماع الماءِ المتلاطم لثقل حملها، وسكن هيج ارتمائه إذ وطئته بكلكلها(٦) ، وذل مستخذياً(٧) إذ تمعكت عليه بكواهلها(٨) ، فأصبحَ بعد اصطخاب أمواجه(٩) ساجياً مقهوراً(١٠) ، وفي حكمة الذل منقاداً أسيراً(١١) ، وسكنت الارضُ مدحوةً في لجةِ تيارهِ، وردَّت من نحوه بَأُوِه واعتلائه(١٢) وشموخ أنفه وسموِّ غُلوائهِ(١٣) وكَعَمته(١٤) على كِظَّة جِريته(١٥) فهمد بعد نزقانهِ(١٦) ، ولبد بعد زَيفانِ وثباته(١٧) ، فلما سكن هياج الماء من تحت أكنافها(١٨) ، وحمل شواهق الجبال الشمَّخُ البذَّج على أكتافها(١٩) ، فجر ينابيع العيون

____________________

(١) خفيف سريع.

(٢) كبس النهر والبئر: أي طمهما بالتراب وعلى هذا كان حق التعبير كبس بها مور أمواج لكنَّه أقام الآلة مقام المفعول لأنَّها المقصود بالعمل. والمور: التحرك الشديد. والمستفحلة: الهائجة يصعب التغلب عليها.

(٣) ممتلئة.

(٤) جمع أذى أعلى الموج.

(٥) اصطفقت الأشجار: اهتزت بالريح، والاثباج: جمع ثبج بالتحريك هو في الأصل ما بين الكاهل والظهر أو صدر القطاة استعاره لأعالي الموج، والمتقاذفات التي يقذف بعضها بعضاً.

(٦) هو في الأصل الصدر استعاره لما لاقى الماء من الأرض.

(٧) منكسراً: مسترخياً.

(٨) من تمعكت الدابة أي تمزّغت في التراب.

(٩) اصطخاب افتعال من الصخب بمعنى ارتفاع الصوت.

(١٠) ساجياً: ساكناً.

(١١) الحكمة محركة: ما أحاط بحنكي الفرس من لجامه وفيها العذاران.

(١٢) البأو: الكبر والزهو.

(١٣) بضم الغين وفتح اللام النشاط وتجاوز الحد.

(١٤) كعم البعير كمنع: شد فاه لئلا يعض أو يأكل، وما يشد به كعام ككتاب.

(١٥) الكظة بالكسر: ما يعرض من امتلاء البطن بالطعام، ويراد بها هنا ما يشاهد في جري الماء من ثقل الاندفاع.

(١٦) النزق والنزقان: الطيش.

(١٧) الزيفان: التبختر في المشية. ولبد كفرح ونصر: أي قام وثبت.

(١٨) نواحيها.

(١٩) البذخ: بمعنى جمع شامخ، وباذج: أي عال ورفيع. غير أني أجد من لفظ الباذج معنى أخص وهو الضخامة مع الارتفاع. وحمل عطف على أكناف.

٥٣٧

من عرانين أنوفها(١) ، وفرقها في سهوب بيدها وأخاديدها(٢) وعدل حركاتها بالراسيات من جلاميدها(٣) ، وذواتِ الشناخيب الشم(٤) من صياخيدها(٥) ، فسكنت من الميدان(٦) لرسوب الجبال في قطع أديمها(٧) ، وتغلغلها متسربةً في جَوبات خياشيمها(٨) ، وركوبها أعناق سهول الارضين وجراثيمها(٩) ، وفسح بين الجو وبينها، وأعد الهواء متنسماً لساكنها، وأخرج اليها أهلها على تمام مرافقها(١٠) ، ثم لم يدع جرز الارض(١١) التي تقتصر مياه العيون عن روابيها(١٢) ، ولا تجد جداولُ الانهار ذريعةً إلى بلوغها(١٣) ، حتى أنشأ لها ناشئةَ سحابٍ تحيي مواتها(١٤) ، وتستخرج نباتها، ألَّف غمامها بعد افتراق لمعه(١٥) ،

____________________

(١) عرانين: جمع عرنين بالكسر ما صلب من عظم الأنف والمراد أعالي الجبال، غير أن الاستعارة من ألطف أنواعها في هذا المقام.

(٢) السهوب: جمع سهب بالفتح أي الفلاة. والبيد جمع بيداء، والأخاديد جمع أخدود الحفر المستطيلة في الأرض، والمراد منها مجاري الأنهار.

(٣) الضمير للأرض كما يظهر من بقية الكلام. والجلاميد: جمع جلمود الحجر القاسي.

(٤) الشناخيب: جمع شنخوب وهو رأس الجبل. والشم: الرفيعة.

(٥) جمع صيخود وهو الصخرة الشديدة.

(٦) بالتحريك الاضطراب.

(٧) سطحها.

(٨) التغلغل: المبالغة في الدخول، ومتسربة: أي داخلة. والجوبات: جمع جوبة بمعنى الحفرة، والخياشيم: جمع خيشوم هو منفذ الأنف إلى الرأس أو ما رقّ من الغضاريف الكائنة فوق قصبة الأنف متصلة بالرأس، وضمير تغلغلها للجبال. وخياشيمها للأرض والمجاز ظاهر.

(٩) ركوب الجبال أعناق السهول استعلاؤها عليها. وأعناقها سطوحها وجراثيمها ما سفل عن السطوح من الطبقات الترابية، واستعلاء الجبال عليها ظاهر.

(١٠) مرافق البيت: ما يستعان به فيه وما يحتاج إليه في التعيش خصوصاً ما يكون من الأماكن أو هو ما يتم به الانتفاع بالسكنى كمصاب المياه والطرق الموصلة إليه والأماكن التي لا بد منها للساكنين فيه لقضاء حاجاتهم وما يشبه ذلك.

(١١) الأرض الجرز: بضمتين التي تمر عليها مياه العيون فتنبت.

(١٢) مرتفعاتها.

(١٣) ذريعة: وسيلة.

(١٤) الموات من الأرض: ما لا يزرع.

(١٥) جمع لمعة بضم اللام: في الأصل القطعة من النبات مالت لليبس استعارها لقطع السحاب، والمشابهة في لونها وذهابها إلى الاضمحلال لولا تأليف اللّه إياها مع غيرها.

٥٣٨

وتباين قزعه(١) ، حتى إذا تمخضت لجة المزن فيه(٢) ، والتمع برقه في كُففه(٣) ، ولم ينم وميضه في كنهور ربابه(٤) ، ومتراكم سحابه، أَرسلهُ سحاً متداركاً(٥) ، قد أسف هيدبه، تمريه الجنوب درر أهاضيبه(٦) ودفع شآبيبه(٧) ، فلما ألقت السحاب برك بوانيها(٨) ، وبعاع ما استقلت به(٩) من العبء المحمولِ عليها(١٠) ، أخرج به من هوامد الارض النبات(١١) ومن زعر الجبال الاعشاب(١٢) ، فهي تبهج بزينة رياضها(١٣) ، وتزدهي(١٤) بما ألبسته من ريط(١٥) أزاهيرها(١٦) ، وحلية ما سمطت به(١٧) من ناضر أنوارها، وجعل

____________________

(١) جمع قرعة محركة وهي القطعة من الغيم.

(٢) تمخضت: تحركت تحركاً شديداً كما يتحرك اللبن في السقاء بالمخض. والضمير في فيه راجع إلى المزن أي تحركت اللجة التي يحملها المزن فيه، ويصح أن يرجع للغمام في أول العبارة.

(٣) جمع كفة بضم الكاف وهي الحاشية والطرف لكل شيء أي جوانبه.

(٤) نامت النار همدت. والوميض اللمعان، والكنهور كسفرجل: القطع العظيمة من السحاب أو المتراكم منه، والرباب كسحاب الأبيض المتلاحق منه، أي لم يمهد لمعان البرق في ركام هذا الغمام.

(٥) صباً متلاحقاً متواصلاً.

(٦) أسف الطائر: دنا من الأرض، والهيدب: كجعفر السحاب المتدلى أو ذيله، وقوله تمريه: من مرى الناقة أي مسح على ضرعها ليحلب لبنها، والدرر: كغلل جمع درة بالكسر اللبن. والأهاضيب: جمع هضاب وهو جمع هضبة كضربة وهي المطرة، أي دنا السحاب من الأرض لثقله بالماء وريح الجنوب تستدره الماء كما يستدر الحالب لبن الناقة، فان الريح تحركه فيصيب ما فيه.

(٧) جمع شؤبوب ما ينزل من المطر بشدة.

(٨) البرك: بالفتح في الأصل ما يلي الأرض من جلد صدر البعير كالبركة. والبواني: هي أضلاع الزور. وشبه السحاب بالناقة إذا بركت وضربت بعنقها على الأرض ولاطمتها بأضلاع زورها. واشتبه ابن أبي الحديد في معنى البرك والبواني فأخرج الكلام عن بلاغته.

(٩) بعاع عطف على برك. والبعاع: بالفتح ثقل السحاب من الماء، وألقى السحاب بعاعه أمطر كل ما فيه.

(١٠) العبء: الحمل.

(١١) الهوامد من الأرض: ما لم يكن بها نبات.

(١٢) زعر: جمع زاعر وهو من المواضع القليل النبات.

(١٣) بهج: كمنع سر وأفرح.

(١٤) تعجب. (١٥) جمع ريطة بالفتح وهي كل ثوب رقيق لين.

(١٦) جمع زهار الذي هو جمع زهرة بمعنى النبات.

(١٧) سمط: من سمط الشيء علق عليه السموط وهي الخيوط تنظم فيها القلادة، الأنوار: جمع نور بفتح النون وهو الزهر بالمعنى المعروف أي حلية القلائد التي علقت عليها من أزهار نباتها. وفي رواية شمطت بالشين وتخفيف الميم من شمطه إذا خلط لونه بلون آخر. والشميط من النبات: ما كان فيه لون الخضرة مختلطاً بلون الزهر.

٥٣٩

ذلك بلاغاً للانام(١) ورزقاً للانعامِ، وخرق الفجاج في آفاقها، وأقام المنار للسالكين على جوادِّ طرقها، فلما مهد أرضهُ، وأنفذ أمرهُ، اختار آدم عليهعليه‌السلام خيرةً من خلقه، وجعله أول جبلته(٢) ، وأسكنهُ جنتهُ، وأَرغد فيها أُكُله، وأوعز إليه فيما نهاه عنه، وأعلمهُ أن في الإقدام عليه التعرض لمعصيته، والمخاطرة بمنزلته، فأَقدم على ما نهاهُ عنه موافاةً لسابق علمه، فأَهبطه بعد التوبة ليعمُرَ أرضهُ بنسله، وليقيم الحجة به على عباده، ولم يخلهم بعد أن قبضه مما يؤكد عليهم حجة ربوبيته، ويصل بينهم وبين معرفته، بل تعاهدهم بالحُججِ على ألسن الخيرة من أنبيائه، ومتحمِّلي ودائع رسالاته، قرناً فقرناً حتى تمت بنبينا محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حجته، وبلغ المقطع عذره ونذره(٣) ، وقدر الارزاق فكثرها وقللها، وقسمها على الضيق والسعة فعدل فيها ليبتلي من أراد بميسورها ومعسورها، وليختبر بذلك الشكر والصبر من غنيها وفقيرها، ثم قرن بسعتها عقابيل فاقتها(٤) ، وبسلامتها طوارق آفاتها، وبفُرج أفراحها(٥) غُصص أتراحها(٦) ، وخلق الآجال فأطالها وقصرها، وقدّمها وأخرها، ووصل بالموت أسبابها(٧) ، وجعله خالجاً لأشطانها(٨) ، وقاطعاً لمرائر أقرانها(٩) ، عالم السرِّ من ضمائر المضمرين، ونجوى المتخافتين(١٠) ، وخواطر رجم الظنون(١١) ، وعقد عزيمات اليقين(١٢) ، وَمَسارق إيماض الجفون(١٣) ، وما

____________________

(١) البلاغ: ما يتبلغ به من القوت.

(٢) خلقته.

(٣) المقطع: النهاية التي ليس وراءها غاية.

(٤) العقابيل: الشدائد جمع عقبولة بضم العين. والفاقة الفقر.

(٥) الفرج: جمع فرجة وهي التفصي من الهم.

(٦) جمع ترح بالتحريك الغم والهلاك.

(٧) حبالها.

(٨) خالجاً جاذباً لاشطانها جمع شطن كسبب: الحبل الطويل، شبه به الأعمار الطويلة.

(٩) المرائر: جمع مريرة الحبل يفتل على أكثر من طاق أو الشديد الفتل، والاقران جمع قرن بالتحريك وهو الحبل يجمع به بعيران، وذكره لقوته أيضاً. وإضافة المرائر للاقران بعد استعمالها في الشديدة بلا قيد أن تكون حبالاً.

(١٠) التخافت: المكالمة سراً.

(١١) رجم الظنون: ما يخطر على القلب أنه وقع أو يصح أن يقع بلا برهان.

(١٢) العقد: جمع عقدة ما يرتبط القلب بتصديقه لا يصدق نقيضه ولا يتوهمه، والعزيمات جمع عزيمة ما يوجب البرهان الشرعي أو العقلي تصديقه والعمل به.

٥٤٠