خلاصة علم الكلام
0%
مؤلف: الدكتور عبد الهادي الفضيلي
تصنيف: أصول الدين
الصفحات: 339
مؤلف: الدكتور عبد الهادي الفضيلي
تصنيف:
المشاهدات: 27985
تحميل: 7616
توضيحات:
مؤلف: الدكتور عبد الهادي الفضيلي
تصنيف: أصول الدين
الصفحات: 339
مؤلف: الدكتور عبد الهادي الفضيلي
تصنيف:
خلاصة علم الكلام
الدكتور عبد الهادي الفضيلي
هذا الكتاب
نشر إليكترونياً وأخرج فنِّياً برعاية وإشراف
شبكة الإمامين الحسنينعليهماالسلام للتراث والفكر الإسلامي
بانتظار أن يوفقنا الله تعالى لتصحيح نصه وتقديمه بصورة أفضل في فرصة أخرى قريبة إنشاء الله تعالى.
بِسمِ اللّهِ الرحمِن الرحِيم
الحمد للّه وسلام على عباده الذين اصطفى.
وبعد:
فيعتد علم الكلام في طليعة المعارف التي أسهمت إسهاماً حياً في دراسة العقيدة الاسلامية أو ما يعرف قديماً بأصول الدين.
فهناك الدراسة القرآنية للعقيدة التي حفلت بها كتب التفسير وعلوم القرآن، والتي أفاد منها هي الأخرى.
ويضاف الى هذه المدونات الحديثية في التوحيد، وكذلك هي الأخرى أفاد منها.
وجديداً انضم الى هذه المعارف الدراسات العلمية التي اعتمدت نتائج العلوم الانسانية والعلوم الطبيعية في الاستدلال على قضايا التوحيد بخاصة وسائر العقائد بعامة، ولأنها متأخرة زماناً عن الدراسات الكلامية لم يكن بينهما من التفاعل ما قد يؤدي الى شيء من التلاقح.
ولأن علم الكلام - مضافاً الى أهميته في مجال معرفة العقيدة التي أشرت اليها - لا يزال يمدنا بمعطياته وتجاربه العلمية في الدرس العقائدي الاسلامي.
وبغية أن تتكامل لدى الدارس الديني مقدمات العلوم الشرعية التي قدمت منها محاولات متواضعة في النحو والصرف والتربية الدينية والعروض والبلاغة والمنطق واصول الفقه، قمت بهذه المحاولة المتواضعة في وضع هذه المقدمة الكلامية.
وقد نهجت في تأليف الكتاب المنهج الذي سلكته في تأليف المقدمات التي سبقته، فبدأت بتعريف الموضوع ثم بيان أقسامه - إن وجدت- ، ثم الاحكام بعرض مختصر لادلتها، مع المقارنة، والمناقشة أحياناً، فالانتهاء الى النتيجة المطلوبة.
وتوخيت قدر المستطاع الاختصار والتوضيح، الا في مسائل رأيت الفائدة في أن أطيل وأتوسع في بحثها لما لها من أهمية علمية او خلافية، ولأضيف ما جدَّ من آراء ونظريات.
وقرنت العقل بالنقل لما بين العقل والشرع من إلتقاء تام، فلم أسلك المنهج العقلي خالصاً ولا المنهج النقلي محضاً.
وحاولت أن أقتصر وسع الطاقة على آراء المذاهب الكلامية التي لا تزال قائمة حتى عصرنا هذا، وهي:
من السنة: الاشاعرة والماتريدية والصوفية والسلفية.
ومن الشيعة: الامامية والزيدية والاسماعيلية.
ومن غيرهما: الاباضية.
وكان معها من المذاهب التاريخية او التي انتهى معتنقوها: مذهب المعتزلة، لأنه أشهر وأعرق وأشمل مذهب كلامي.
وختاماً: إذ أضع هذه المحاولة المتواضعة بين يدي القراء الكرام، آمل أن أجد من ملاحظات المعنيين والمختصين ما يرفع من مستواها ويصحح من أخطائها، واللّه تعالى ولي التوفيق وهو الغاية.
عبد الهادي الفضلي
علم الكلام
- مقدمته
- منهجه
- مصطلحاته
مقدمة علم الكلام
لا تخلتف مقدمة علم الكلام عن سائر مقدمات العلوم الاخرى في احتوائها: تعريفه، وبيان موضوعه الذي يبحث فيه، والغاية او الفائدة من دراسته وتعلمه، وذلك التزاماً بالمنهج المنطقي في تدوين العلوم الذي يفرض على المؤلف في علم ما أن يبدأ بتدوين مقدمته مضمناً إياها: تعريفه، وبيان موضع بحثه، والغاية من تعلمه.
ثم وبعد المقدمة، يعرض موضوعاته حسب تسلسلها الفني وترابطها العضوي.
ومن بعدها يأتي بالخاتمة منهياً بها علمه المؤلَّف فيه.
وفي هدي هذا، نقول:
تعريفه:
علم الكلام: هو العلم الذي يبحث فيه عن إثبات أصول الدين الاسلامي بالأدلة المفيدة لليقين بها.
شرح التعريف:
يتوفر علم الكلام على بحث ودراسة مسائل العقيدة الاسلامية الحقة بايراد الأدلة وعرض الحجج على اثباتها، ومناقشة الاقوال والآراء المخالفة لها، ومحاكمة أدلة تلكم الاقوال والآراء، وإثبات بطلانها، ونقد الشبهات التي تثار حولها، ودفعها بالحجة والبرهان.
فمثلاً: اذا أردنا أن نستدل على ثبوت وجود خالق لهذا الكون، وثبوت أنه واحد لا شريك له، نرجع الى هذا العلم، وعن طريقه نتعرف الأدلة، التي يوردها علماء هذا العلم في هذا المجال.
ذلك أن هذا العلم هو الذي يعرّفنا الأدلة والبراهين والحجج العلمية التي باستخدامها نستطيع أن نثبت أصول الدين الاسلامي ونؤمن بها عن يقين.
كما أنه هو الذي يعرّفنا كيفية الاستدلال بها وكيفية اقامة البراهين الموصلة الى نتائج يقينية.
وهكذا اذا أردنا أن نعرف وجوب النبوة وصحة نبوة النبي، فإننا نعمد الى أدلة هذا العلم التي يستدل بها في هذا المجال، وندرسها، ثم نقيمها برهاناً على ذلك.
وأيضاً اذا أردنا ان ننفي شبهة التجسيم عن الذات الالهية، أو شبهتي التفويض والجبر في أفعال العباد، نرجع الى هذا العلم، وعن طريقه نستطيع معرفة ما يقال من نقد لابطالها.
ومثلها سائر مسائل وقضايا علم الكلام التي سنأتي على عرضها واستعراضها.
ولا بد في الأدلة التي يستدل بها على اثبات أي أصل من أصول الدين، وأية مسألة او قضية من مسائل هذا العلم وقضاياه من أن تكون مفيدة لليقين بالأصل أو المسألة أو القضية.
فمثلاً: لو أقمنا الدليل على ثبوت (المعاد) لا بد في هذا الدليل من أن يؤدي الى اثبات المعاد بشكل يدعونا الى الاعتقاد الجازم والايمان القاطع بثبوت المعاد، أي اليقين بمعاد الناس الى اللّه تعالى ببعثهم من القبور وحشرهم في مشهد القيامة، وعرضهم للحساب، ومن بعد مجازاتهم بالثواب أو العقاب.
ومن هنا قيّدت التعريف بقولي (المفيدة لليقين بها)، والضمير في عبارة (بها) يعود الى اصول الدين.
موضوعه:
عرفنا من خلال تعريفنا لعلم الكلام موضوعه ضمناً وهو ( أصول الدين).
وأصول الدين هي:
١ - الالوهية.
٢ - النبوة.
٣ - الامامة.
٤ - المعاد.
وما ذكر في بعض الكتب الكلامية من عناوين اخرى غير هذه الاربعة معدوداً في الاصول، فهو مندرج ضمن هذه العناوين الاربعة، وانما افرد عند بعضهم للخلاف الذي وقع فيه بين المدارس الكلامية والفرق المذهبية.
وذلك أمثال (العدل) عند الامامية والمعتزلة، فانه من موضوعات الالوهية.
و (الوعد والوعيد) و (المنزلة بين المنزلتين) عند المعتزلة و (القدر خيره وشره من اللّه) عند السنة، فانها مندرجة في الالوهية من جانب، وفي المعاد من جانب آخر.
وسميت موضوعات هذا العلم المذكورة في أعلاه باصول الدين في مقابل الاحكام القائمة على أساس منها والمبتنية عليها التي تعرف بفروع الدين.
وهذا التقسيم للدين الى أصول وفروع مأخوذ من تقسيمهم الدين الى: معرفة وطاعة.
ويعنون بالمعرفة: العقيدة، وبالطاعة: العمل.
ولأن العمل بطبيعته يقوم على المعرفة سميت مفاهيم واحكام المعرفة باصول الدين، ومفاهيم واحكام الطاعة بفروع الدين.
ونستطيع ان نتبين فحوى هذا التقسيم من فهمنا للدين بأنه توجيه لسلوك الانسان
في هذه الحياة.
وسلوك الانسان - كما هو معلوم - ينقسم الى قسمين:
- السلوك النظري.
والسلوك العملي.
فاحكام الدين التي شرّعت لتوجيه السلوك النظري سميت بالمعرفة لانها عقيدة، والعقيدة: معرفة موطنها النظر (الفكر). والتي شرعت لتوجيه السلوك العملي سميت بالطاعة، لانها عمل، والعمل طاعة.
والى هذا تشير المأثورة: (الدين: اعتقاد بالجنان واقرار باللسان وعمل بالاركان).
فائدته:
تتلخص فائدة علم الكلام في التالي:
١ - معرفة اصول الدين معرفة علمية قائمة على أساس من الدليل والبرهان.
٢ - القدرة على اثبات قواعد العقائد بالدليل والحجة.
٣ - القدرة على ابطال الشبهات التي تثار حول قواعد العقائد.
الحاجة اليه:
تأتي الحاجة الى دراسة هذا العلم وأمثاله مما يوصل الى معرفة اصول الدين من وجوب معرفة اصول الدين على كل انسان توافرت فيه شروط التكليف الشرعي والالزام الديني.
ووجوب النظر في قواعد العقائد ومعرفتها وجوب عقلي، أوجبته الفطرة العقلية الملزمة بالتمسك بالدين والالتزام باحكامه وتعليماته.
وخلاصة الدليل:
هي ان يقال: إن اللّه تعالى منعم على الانسان بنعمة الخلق والايجاد.
وشكر المنعم واجب عقلاً، وذلك لأن العقلاء يذمون تاركه.
وكل فعل يستحق صاحبه الذم من قبل العقلاء بسبب تركه له هو واجب عقلي.
وشكره تعالى لا يتحقق الا باطاعته بامتثال أوامره ونواهيه.
وتقدم أن الطاعة فرع المعرفة، فاذن لا بد من المعرفة.
وقد أيدت وأكدت النصوص الشرعية هذا الوجوب، ومنها:
١ - قوله تعالى: (فاعلم أنه لا إله الا اللّه) - محمد ١٩ - ويتم الاستدلال بهذه الآية الكريمة بأن يقال:
إن قوله تعالى (إعلمْ) فعل أمر +
والأمر المجرد من قرائن الاستحباب والجواز دال على الوجوب =
ف(اعلم) يدل على وجوب معرفة الالوهية، ومعرفة تفرد اللّه تعالى بها.
٢ - قوله تعالى: (إنّ في خلق السموات والارض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الالباب) - آل عمران ١٩٠ -.
قال الشيخ الطوسي: «في هذه الآية:
- دلالة على وجوب النظر والفكر والاعتبار بما يشاهد من الخلق، والاستدلال على اللّه تعالى.
- ومدح لمن كانت صفته هذه.
- وردّ على من أنكر وجوب ذلك، وزعم أن الايمان لا يكون إلا تقليداً، بالخبر.
لانه تعالى أخبر عما في خلق السموات والارض واختلاف الليل والنهار من
الدلالات عليه، وعلى وحدانيته»(١)
وقال الشيخ الطبرسي: «وقد اشتهرت الرواية عن النبيصلىاللهعليهوآله ، أنه لما نزلت هذه الايات قال: ويل لمن لاكها بين فكيه ولم يتأمل ما فيها»(٢) .
وفي رواية الشيخ الظواهري: «ويل لمن لاكها بين لحييه ولم يتفكر فيها»(٣) .
وفي رواية الفاضل المقداد: «ويل لمن لاكها بين لحييه ثم لم يتدبرها»(٤)
وأوضح الفاضل المقداد الاستدلال على وجوب المعرفة بهذه الرواية، بقوله: «رتب الذم على تقدير عدم تدبرها، أي عدم الاستدلال بما تضمنته الآية من ذكر الاجرام السماوية والارضية، بما فيها من آثار الصنع والقدرة والعلم بذلك، الدالة على وجود صانعها وقدرته وعلمه، فيكون النظر والاستدلال واجباً، وهو المطلوب»(٥) .
٣ - قوله تعالى: (اللّه الذي خلق سبع سموات ومن الارض مثلهن يتنزل الأمر بينهن لتعلموا أن اللّه على كل شيء قدير وأن اللّه قد أحاط بكل شيء علماً) - الطلاق ١٢ -.
تشير الآية الكريمة الى أن الغاية من خلق السموات والارض هي:
- معرفة قدرة اللّه تعالى.
- ومعرفة علمه سبحانه.
وبديهي ان هذه المعرفة لا تتأتى الا بالتدبر والتأمل والتفكر فيهما.
واذا كانت الغاية من خلق السموات والارض هي معرفة اللّه تعالى كما تشير الآية،
___________________________
(١) التبيان ٣/٧٨ - ٧٩.
(٢) مجمع البيان ٢/٢٩٨.
(٣) التحقيق التام ٣٥.
(٤) النافع يوم الحشر ٧.
(٥) من.
كانت معرفته أول الدين كما يقول الامام امير المؤمنين (ع) في اول خطبه النهجية.
ومن هنا كان التوحيد هو الأصل والأساس لسائر اصول الدين وجميع فروعه وشؤونه.
منهج علم الكلام
منهج البحث في علم الكلام أو الطريقة التي يعتمدها الباحث في دراسة مسائله وقضاياه، افكاره ونظرياته، يختلف باختلاف وجهات نظر علمائه ومدارسه التي تعرف بالفرق الكلامية في المنهج الذي ينبغي ان يتبع في دراسة وبحث الفكر الديني.
ويتلخص هذا في أن للمذاهب الاسلامية الكلامية خمسة مناهج معتمدة في البحث والدراسة، وهي:
١ - المنهج النقلي
٢ - المنهج العقلي
٣ - المنهج التكاملي
٤ - المنهج الوجداني
٥ - المنهج العرفاني
المنهج النقلي:
ويتمثل في الاعتماد على:
١ - اجماع الامة.
٢ - اجماع الصحابة.
٣ - سيرة الصحابة.
٤ - اجماع السلف - وهم مسلمو القرن الاول الهجري -.
٥ - الخبر المتواتر.
٦ - خبر الواحد المتلقى بالقبول، وعند بعضهم، خبر الواحد مطلقاً.
٧ - الأخذ بالنص الشرعي - قرآناً او حديثاً - بحمله على ظاهره الحقيقي من غير تأويل.
٨ - عدم جواز الحمل على المجاز.
٩ - التوقف في اعطاء الرأي:
أ - عند عدم وجود نص شرعي في المسألة.
ب - عند تعارض النصين الشرعيين وعدم وجود مرجح شرعي لاحدهما على الآخر.
ح - عند اجمال النص لانه متشابه أو لانغلاق فهم معناه أو لغيرهما.
وهو منهج أهل الحديث من الظاهرية والسلفية.
المنهج العقلي:
ويتمثل في الاعتماد على:
١ - الضرورة العقلية (بداهة العقول).
٢ - سيرة العقلاء.
٣ - البديهيات العقلية (المنطقية) وهي: استحالة الدور واستحالة التسلسل، واستحالة اجتماع وارتفاع النقيضين.
٤ - المبادئ الفلسفية المسلم بها، مثل: مبدأ العلية، مبدأ القسمة الى الواجب والممكن والممتنع.
٥ - اعتبار النصوص الشرعية مؤيدة ومؤكدة لمدركات العقل واحكامه.
٦ - تأويل النصوص الشرعية التي تخالف بظاهرها مرئيات العقول وفق مقتضيات القرينة العقلية.
٧ - الأخذ بالمتشابه بتأويله في ضوء ما ينهي اليه النظر العقلاني.
وهو منهج المعتزلة ومن تأثر بهم.
المنهج التكاملي:
ويتمثل في الاعتماد على:
١ - الجمع بين العقل والنقل لانه لا تعارض بينهما في الحقيقة والواقع.
٢ - الأخذ بظاهر النص ان كان مجرداً من القرائن الصارفة، ولم يتعارض والضرورة العقلية، والا ففي ضوء ما يقترن به من قرائن نقلية أو عقلية، لفظية او معنوية.
٣ - آيات القران يفسر بعضها بعضاً ويقرن بعضها البعض.
٤ - السنة القطعية تقرن القران وتفسره.
٥ - الأثر المنقول لا يعارض القرآن حتى ولو كان صحيحاً وفق قواعد علمي الرجال والحديث.
فإذا لم يمكن تأويله، تسقطه المعارضة من الاعتبار.
٦ - جواز التأويل عند وجود ما يقتضيه.
٧ - الحمل على المجاز مع وجود القرينة الداعية لذلك.
٨ - تفسير المتشابه بالمحكم او تأويله في ضوء المعقولات المرعية. وهو منهج الامامية والاشاعرة ومن سار في هديهما.
المنهج الوجداني:
ويتمثل في اعتماده على سلوك الطرق المؤدية الى تصفية الباطن واستكمال الظاهر،
بغية الفناء في الوصول الى مرحلة الحب الالهي.
وهو منهج الصوفية.
المنهج العرفاني:
وهو منهج تكاملي ايضاً يتمثل في الاعتماد على الجمع بين العقل والنقل والوجدان، فيأخذ من كلٍّ بطرف في حدود ما يتوصل به الى مستوى المعرفة المطلوبة.
وهو منهج الاسماعيلية.
ونهجه ايضاً غير واحد من علماء الفرق الأخرى.
وسأنتهج وسع الطاقة المنهج التكاملي في ما ابديه من ملاحظات، وفيما أقوم به من معالجات ومناقشات.. وباللّه التوفيق، ومنه العون.