خلاصة علم الكلام
0%
مؤلف: الدكتور عبد الهادي الفضيلي
تصنيف: أصول الدين
الصفحات: 339
مؤلف: الدكتور عبد الهادي الفضيلي
تصنيف:
المشاهدات: 27977
تحميل: 7616
توضيحات:
مؤلف: الدكتور عبد الهادي الفضيلي
تصنيف: أصول الدين
الصفحات: 339
مؤلف: الدكتور عبد الهادي الفضيلي
تصنيف:
اثبات الذات الالهية
منهج الاستدلال:
نهج اكثر من مؤلف كلامي في استدلاله على اثبات الذات الالهية أو اثبات وجود اللّه تعالى منهجين كلامياً وفلسفياً.
وتتلخص خطة الأول منهما في سلوكه طريقين، اعتمد في الاول منهما (مبدأ العلية)، واعتمد في الثاني (مبدأ القسمة).
ويتلخص الاول منهما في قيامه على خطوتين، هما:
- اثبات حدوث العالم أولاً.
- ثم اثبات وجود المحدث للعالم ثانياً.
وبتعبير آخر أخصر: استدلوا بوجود الآثار على وجود المؤثر.
وبعبارة علمية: استدلوا من وجود المعلول على وجود العلة.
أما الثاني فيقوم ايضاً على خطوتين هما:
- تقسيم الموجود الى واجب لذاته وممكن لذاته، أولاً.
- ثم الاستدلال على حدوث الممكن، ثانياً.
ومن بعد تأتي النتيجة: ان للمكنات محدثاً، وهو المطلوب.
أما الحكماء أو الفلاسفة الالهيون فقد سلكوا طريق القسمة المشار إليه، إلا أن دليل الاثبات عندهم انصبّ على اثبات أن أحد القسمين واجب الوجود لذاته، وهو المطلوب.
دليل المتكلمين:
وخلاصة دليل المتكلمين الاول المعتمد على مبدأ العلية، هي:
- بدأوا دليلهم بتأليف قياس منطقي من الشكل الأول وهو:
كل جسم لا يخلو من الحوادث + وكل ما لا يخلو من الحوادث فهو حادث = كل جسم حادث.
- ثم قالوا: لا يتم الاستدلال بهذا القياس والاحتجاج بهذه الحجة الا بعد اثبات أربع دعاوى اعتمدها القياس خطواته في الوصول الى النتيجة، وهي:
أ - وجود الحوادث.
ب - حدوث الاجسام.
ح - كل جسم لا يخلو من الحوادث.
د - كل ما لا يخلو من الحوادث فهو حادث.
- واستدلوا لاثبات القضية الاولى:
بلان الاكوان الاربعة (الحركة والسكون والاجتماع والافتراق) - التي نشاهدها ونحسها تعرض للاجسام - هي امور ثبوتية لها واقع مشاهد ومحسوس.
وكما شاهدناها وأحسسنا بها تعرض للاجسام، كذلك نراها تتبدل وتتغير مع ثبوت الاجسام.
وهذا دليل على:
أ - انها امور موجودة، وهو المطلوب.
ب - انها غير الاجسام.
ح - انها لا يمكن أن توجد الا في الاجسام.
- واستدلوا للقضية الثانية:
ان الاجسام تزول وتتبدل بعضها ببعض.
وهذا التغير دليل انها محتاجة في وجودها الى غيرها، وإلا لزم الدور أو التسلسل.
واحتياجها الى غيرها دليل حدوثها.. وهو المطلوب.
- واستدلوا للقضية الثالثة:
ان كل جسم يستحيل أن يكون لا في حيز، أي لا بد من أن يشغل حيزاً.
وكون الجسم في حيز، معناه انه يستحيل أن يخلو من الحركة والسكون، لانه اما أن يستمر في حيزه فهو في سكون أو ينتقل من حيزه الى حيز آخر فهو في حركة.
كما يستحيل أن تخلو علاقته بالاجسام الاخرى من الاجتماع والافتراق، لانه اذا لم يتخلل بين الجسمين جوهر فهما في اجتماع، واذا تخلل بينهما جوهر فهما في افتراق.
وهذا يدل على أن الاجسام لا يمكن أن تخلو من الحوادث. وهو المطلوب.
واستدلوا للقضية الرابعة:
أن جميع الحوادث معدومة في الأزل.
ولأن الاجسام لا تخلو منها - كما تقدم - نقول: إن الشيء الذي لا يخلو منها لو كان موجوداً في الازل لكان خالياً عنها لانها غير موجودة في الازل.
وهذا محال لاستلزامه اجتماع النقيضين، وهما وجود الحوادث في الجسم حسب الدليل، وعدم وجودها فيه حسب الفرض.
وهذا يدل على أن ما لا يخلو من الحوادث حادث.. وهو المطلوب.
- وبعد ثبوت مفاد القضايا الاربع المذكورة تتم للقياس المذكور سلامة خطواته التي سلكها في الوصول الى النتيجة.
وعليه تكون النتيجة صحيحة.
وهذا يعني أن ما سوى اللّه تعالى - وهو ما يعرف بالعالم - حادث.
- ثم يؤلف قياس آخر تكون مقدمته الصغرى النتيجة التي توصلنا اليها في الخطوة الاولى، وهو أن نقول:
العالم حادث + وكل حادث مفتقر الى محدث = العالم مفتقر الى محدث.
- واستدلوا لاثبات المقدمة الكبرى في هذا القياس بما يلي:
أن كل حادث - بما هو حادث - لا بد له من محدث. ومحدثه إما أن يكون حادثاً، وإما أن يكون قديماً.
فإن كان حادثاً لزم منه ان يكون له محدث أيضاً، فيقال فيه ايضاً اما ان يكون محدثه حادثاٌ واما ان يكون قديماً. فان كان حادثاً، واستمر هذا في جميع حلقات سلسلة العلل، تسلسلت هذه العلل الحوادث الى لا نهاية وهو محال.
وان كان قديماً - كما هو المتعين لبطلان حدوثه كما رأينا - ثبت المطلوب لان القدم يستلزم الوجوب.
وهنا تأتي النتيجة الاخيرة، وهي:
ان للعالم موجداً.
الارشاد القرآني للاستدلال،
والى هذا النمط من الاستدلال - وهو الاستدلال بالآثار على المؤثر، أو بالموجودات على الموجد - أشارت الآية الكريمة: (سنريهم آياتنا في الآفاق وفي انفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق أو لم يكف بربك أنه على كل شيء شهيد) - فصلت ٥٣ - بمعنى ان النظر والتدبر والتفكر في ملكوت السموات والارض، وما فيه من آيات كونية لا بد من أنها ستنتهي الى معرفة الحق، والدلالة بوجودها على موجدها.
والى ما أرشد اليه القران الكريم في هذه الآية وأمثالها من النظر والتفكير في
مخلوقات اللّه تعالى وآياته في الآفاق وفي الانفس بغية الوصول الى معرفة أنه هو الاله الخالق المعبود وحده، يشير الامام الحسين (ع) في دعائه المعروف بدعاء يوم عرفة بما يوضح المقصود من ذلك سلوكاً وغاية، يقولعليهالسلام : «الهي علمتُ باختلاف الآثار وتنقلات الاطوار ، أن مرادك مني أن تتعرّف إليّ في كل شيء حتى لا أجهلك في شيء».
والآية الكريمة - كما يظهر من آخرها - أنها بعد أن ترشد الانسان وتنبهه الى النظر في المخلوق لمعرفة الخالق، تنعى على الانسان أن لم يلتفت الى طريق آخر هو الذي ينبغي ان يسلك في الوصول الى معرفة اللّه تعالى، وذلك بقوله تعالى: (أَوَ لم يكفِ بربك أنه على كل شيء شهيد).
وهو أن يرجع الانسان الى فطرته التي فطره اللّه عليها، والى وجدانه، فسيرى - وبلا شك - ان اللّه امام عينيه، وله من التجلي والظهور ما ليس هو بمتحقق في سواه من العالم الذي يعيش فيه هذا الانسان ويعايش ما فيه من حوادث وآثار، فلا ينبغي له ان يقتصر في استدلاله على اتخاذ الظاهر دليلاً على الأظهر، والجلي دليلاً على الأجلى، وانما العكس هو الأصوب.
والى هذا يشير الامام الحسين (ع) في الدعاء نفسه، يقول: «كيف يستدل بما هو في وجوده مفتقر اليك؟!.. أيكون لغيرك من الظهور ما ليس لك حتى يكون هو المظهر لك؟ ب.. متى غبت حتى تحتاج الى دليل يدل عليك؟!!.. ومتى بعدت حتى تكون الآثار هي التي توصل اليك؟!.
عميت عين لا تراك عليها رقيباً، وخسرت صفقة عبدٍ لم تجعل له من حبك نصيباً.
إلهي أمرت بالرجوع الى الآثار، فأرجعني اليك بكسوة الانوار، وهداية الاستبصار، حتى أرجع اليك منها، كما دخلت اليك منها، مصون السر عن النظر اليها، ومرفوع الهمة عن الاعتماد عليها، انك على كل شيء قدير».
وكذلك الآية التالية (ان في خلق السموات والارض واختلاف الليل والنهار
والفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس، وما أنزل اللّه من السماء من ماء فأحيا به الارض بعد موتها وبث فيها من كل دابة وتصريف الرياح والسحاب المسخر بين السماء والارض لآيات لقوم يعقلون) - البقرة ١٦٤ -.
فانها ترشد الى ما في هذه الآثار من دلالة عقلية على وجود مؤثرها.
وطريقة الاستدلال بالآثار على المؤثر او بحدوث العالم على صانعه، هي الطريق الذي سلكه ابو الانبياء ابراهيم الخليل (ع) لاثبات الالوهية للّه تعالى، كما حكاه القران الكريم في الآيات التاليات:
(وكذلك نُري ابراهيم ملكوت السموات والارض وليكون من الموقنين* فلما جن عليه الليل رأى كوكباً قال هذا ربي فلما أفل قال لا أحب الآفلين* فلما رأى القمر بازغاً قال هذا ربي فلما أفل قال لئن لم يهدني ربي لأكونن من القوم الضالين* فلما رأى الشمس بازغة قال هذا ربي هذا اكبر فلما أفلت قال يا قوم اني بريء مما تشركون* اني وجهت وجهي للذي فطر السموات والارض حنيفاً وما انا من المشركين ) - الانعام ٧٥ - ٧٩.
قال الزمخشري في الكشاف: «والمعنى: ومثل ذلك التعريف والتبصير نعرّف ابراهيم ونبصّره ملكوت السموات والارض - يعني الربوبية والالهية - ونوقفه لمعرفتها ونرشده بما شرحنا صدره وسددنا نظره وهديناه لطريق الاستدلال - وليكون من الموقنين - فعلنا ذلك، و (نُري) حكاية حال ماضية، وكان ابوه آزر وقومه يعبدون الاصنام والشمس والقمر والكواكب، فأراد ان ينبههم على الخطأ في دينهم، وأن يرشدهم الى طريق النظر والاستدلال، ويعرفهم ان النظر الصحيح مؤدٍّ الى ان شيئاً منها لا يصح ان يكون إلهاً لقيام دليل الحدوث فيها، وإن وراءها محدثاً احدثها وصانعاً صنعها ومدبراً دبّر طلوعها وأفولها وانتقال مسيرها وسائر احوالها»(١) .
ودليل الحدوث فيها الذي أشار اليه الزمخشري هو «الافول الذي هو الغيبة المستلزمة للحركة، المستلزمة للحدوث، المستلزم للصانع تعالى»(٢) .
_________________________
(١) الكشساف ٢/٣١ - ٣٢.
(٢) النافع يوم الحشر ١٣.
وقديماً أشار الإِمام أمير المؤمنين (ع) الى هذه الطريقة - أعني الدلالة على قدم الخالق بحدوث المخلوقات، والدلالة بحدوث المخلوقات على وجود الخالق، قال: «الحمد للّه الذي لا تدركه الشواهد ولا تحويه المشاهد ولا تراه النواظر ولا تحجبه السواتر، الدال على قدمه بحدوث خلقه، وبحدوث خلقه على وجوده»(١) .
وقال : «الحمد للّه الدال على وجوده بخلقه، وبمحدث خلقه على أزليته»(٢) .
وخلاصة دليل المتكلمين الثاني:
- ايضاً بدأوا دليلهم هنا بتأليف قياس منطقي ومن الشكل الاول، وهو: كل ما سوى الواجب ممكن + وكل ممكن محدث = كل ما سوى الواجب محدث.
- ثم قالوا: لا يتم الاستدلال بهذا القياس الا بعد اثبات صحة مقدمتيه.
- واستدلوا على صحة المقدمة الاولى واثبات مؤداها بنفس دليل تقسيم الموجود الى واجب لذاته وممكن لذاته، وقد تقدم هذا في موضوع المواد الثلاث.
- واستدلوا لاثبات صحة المقدمة الثانية بأن قالوا:
إن الممكن - بما هو ممكن - محتاج في وجوده الى موجد.
وكذلك ان «الممكن لا يمكن ان يوجد حال وجوده» لان هذا من تحصيل الحاصل، وهو محال.
«فيلزم منه أن يوجد حال لا وجوده فيكون وجوده مسبوقاً بلا وجوده».
وهذا هو معنى حدوثه لان الحادث هو المسبوق بالعدم.
« واذا ثبت كون ما سوى الواجب محدثاً، وكان احتياج كل محدث الى محدث يوجده ضرورياً، ثبت ان لجميع العالم من الاجسام والاعراض وما سواهما من الممكنات محدثاً، وهو المطلوب»(٣) .
_____________________
(١) نهج البلاغة، الخطبة ١٨٥.
(٢) نهج البلاغة، الخطبة ١٥٢.
(٣) قواعد العقائد للطوسي ٤٤٣.
دليل الحكماء:
أما الحكماء فقالوا:
«ان الموجودات تنقسم الى واجب وممكن.
والممكن محتاج في وجوده الى مؤثر موجد.
فان كان موجده واجباً فقد ثبت ان في الوجود واجب الوجود لذاته.
وان كان ممكناً كان محتاجاً الى مؤثر آخر.
والكلام فيه كالكلام في مؤثره.. والدور محال وكذلك التسلسل»(١) فننتهي الى أن موجد الممكنات واجب الوجود لذاته.. وهو المطلوب.
والى هنا نكون قد التمسنا طريقين لاثبات الذات الالهية، هما:
١ - طريق الاستدلال العقلي.
وهو طريق المتكلمين والحكماء القائم على مبدأي العلية والقسمة.
٢ - طريق الوجدان الفطري.
وهو ادراك الانسان لوجود الذات الالهية من واقع وجدانه وبفطرته التي فطر عليها.
وهو ما أشارت اليه الآية الكريمة: (أو لم يكف بربك انه على كل شيء شهيد)، وأوضحه الامام الحسين (ع) بقوله: (كيف يستدل عليك بما هو في وجوده مفتقر اليك... الخ).
وهنا طريق ثالث يمكننا ان نطلق عليه:
_____________________
(١) م ن.
٣ - طريق الاتصال النبوي.
وفحواه: اننا عندما نؤمن بنبوة النبي لظهور المعجز على يديه تكون نبوته دليلاً على وجود اللّه تعالى، لأن ادعاءه انه مرسل من قبل اللّه تعالى قد ثبتت صحته بالمعجز، وبثبوت صحته يثبت وجود المرسل وهو اللّه تعالى.
وهو أيسر وأخصر طريق يمكن ان يسلكه كل من ثبتت عنده نبوة النبي بالمعجر، او بالنقل المتواتر لثبوت النبوة او ثبوت الاعجاز.
الصفات الالهية
- الصفات الثبوتية
- الصفات السلبية
اثبات الصفات الالهية
إن دراسة الالوهية تعني منهجياً البحث في موضوعين هما:
١ - اثبات الوجود المطلق للذات الالهية.
٢ - اثبات الكمال المطلق للذات الالهية.
واثبات الكمال المطلق للذات الالهية يقتضي الباحث دراسة موضوعين ايضاً، هما:
١ - اثبات كل ما يقتضي وجود الكمال.
٢ - نفي كل ما يقتضي عدم الكمال.
ومُلْزِمُ هذا ان الكمال المطلق لا يتحقق الا بثبوت كل مقتضيات وجوده، وانتفاء جميع النقوص او كل مقتضيات عدمه.
من هنا قسم المتكلمون البحث في موضوع كماله تعالى على قسمين:
١ - البحث في الصفات الثبوتية.
التي تعني ثبوت كل مقتضيات وجود الكمال له تعالى كالحياة والعلم والقدرة.. والخ.
وسموها بالصفات الثبوتية في مقابل قسيمتها الصفات السلبية، ولانها أيضاً
وجودية، والثبوت يعني الوجود.
وتعرف أيضاً بالصفات الجمالية، وصفات الجمال، وذلك لثبوتها وعدم تغيرها، لان الجمال في أحد معانيه صفة قائمة في طبيعة الاشياء ثابتة لا تتغير.. وربما كان الاسم مأخوذاً من قول الامام أمير المؤمنين: (اللهم أنت أهل الوصف الجميل).
٢ - البحث في الصفات السلبية.
التي تعني انتفاء جميع النقوص أو كل مقتضيات عدم كماله تعالى. وسموها بالسلبية في مقابل قسيمتها الثبوتية.. ولانها ايضاً عدمية، والسلب يعني العدم.
وتعرف أيضاً بالصفات الجلالية، وصفات الجلال، لانها تجلّ اللّه تعالى وتنزهه عن النقص.
وتندرج كل من الصفتين الثبوتية والسلبية تحت مقسم، أو عنوان (الصفة الذاتية).
والصفة الذاتية هي قسيم الصفة الفعلية.. وكلتاهما تتقاسمان عنوان (الصفة الالهية).
وذلك أن المتكلمين درجوا على تقسيم الصفات الالهية على ما يلي:
قالوا:
نقسم الصفات الالهية على قسمين هما: الذاتية والفعلية، أو صفات الذات وصفات الفعل.
١ - ويريدون بالصفة الذاتية: تلك الصفة التي يكفي في ثبوت تحقق الاتصاف بها ثبوت الذات.
٢ - ويريدون بالصفة الفعلية: تلك الصفة التي لا يكفي في ثبوت تحقق الاتصاف بها ثبوت الذات، بل لا بد مع ذلك من فرض أمر خارج عن الذات، وهي مثل: الخالق والرازق.
- وتنقسم الصفة الذاتية على قسمين ايضاً هما: الثبوتية والسلبية.
١ - والصفة الثبوتية: تعني الاتصاف بالوصف الوجودي، نحو: القادر والعالم.
٢ - وتعني الصفة السلبية: سلب الاتصاف بما يستحيل على الذات الالهية، امثال: انه تعالى بجوهر وليس بعرض وليس بمركب، ولا شريك له.
الخلاصة:
الصفات الثبوتية
وهي:
- الوحدانية.
- الحياة.
- العلم.
- القدرة.
- التكلم.
- العدل.
وهناك صفات اخرى عدّت من الصفات الثبوتية، وهي كذلك، إلا أنه يمكننا ادراجها منهجياً وفي مجال دراستها والبحث فيها ضمن ما ينطبق عليها من عناوين الصفات الست المذكورة، وهي أمثال:
- القدم، فانه يندرج تحت الحياة.
- الادراك، فانه يندرج تحت عنوان العلم.
- السمع والبصر، فانهما يندرجان تحت عنوان العلم أيضاً لانهما من الادراك.
- الارادة: فانها تندرج تحت عنوان (العلم) أيضاً لانها العلم بما في الفعل من المصلحة الداعي لايجاده.
الوحدانية
الوحدانية: - لغة - هي: «مصدر صناعي من الوحدة بزيادة الألف والنون للمبالغة»(١) .
واصطلاحاً هي: «صفة من صفات اللّه تعالى، معناها: أن يمتنع ان يشاركه شيء في ماهيته، وصفات كماله، وأنه منفرد بالايجاد والتدبير العام بلا واسطة ولا معالجة ولا مؤثر سواه في أثرها عموماً»(٢) .
وباختصار الوحدانية ترادف التوحيد الذي يعني نفي الشريك وبطلان تعدد الآلهة.
وقد ورد استعمال هذا المصطلح وبمعناه العلمي في كلام للامام الحسين (ع) في التوحيد، قال: «استخلص الوحدانية والجبروت، وأمضى المشيئة والارادة والقدرة والعلم بما هو كائن»(٣) .
وتعني هنا البحث في اثبات وحدانية اللّه تعالى أو اثبات أنه تعالى واحد.
وفي معنى (الواحد) - لغة - يقول ابو اسحاق الزجاج: «وضع الكلمة في اللغة انما هو للشيء الذي ليس باثنين ولا اكثر منهما»(٤) .
أما معناه في الاصطلاح فيقول الزجاج: «وفائدة هذه اللفظة في اللّه - عز اسمه - انما هي تفرده بصفاته التي لا يشركه فيها احد، واللّه تعالى هو الواحد في الحقيقة، ومن سواه من الخلق آحاد تركبت»(٥) .
ويعرّفه المعجم الفلسفي ب(ما لا يقبل التعدد بحال)(٦) .
______________________
(١) المعجم الوسيط: مادة: وحد. (٤) تفسير اسماء اللّه الحسنى ٥٧.
(٢) م ن(٥) م ن.
(٣) تحف العقول ١٧٥(٦) مادة: واحد.
وفي مفردات الراغب يعرف: ب(الذي لا يصح عليه التجزي ولا التكثر)(١) .
يقول الامام امير المؤمنين (ع): «من ثناه فقد جزأه، ومن جزأه فقد جهله»(٢) .
ويقول أيضاً: «واحد لا بعدد».
ولعل منه أخذت مؤديات التعريفات المذكورة.
وقد ورد استعمال هذا الاسم صفة للّه تعالى في القرآن الكريم على لسان بني يعقوب: «أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت اذ قال لبنيه: ما تعبدون من بعدي؟ قالوا: نعبد الهك وإله إبائك ابراهيم واسماعيل واسحاق إلهاً واحداً ونحن له مسلمون». البقرة ١٣٣ - -.
كما وصف اللّه تعالى نفسه في قوله: (وإلهكم إله واحد لا اله الا هو الرحمن الرحيم) - البقرة ١٦٣ -.
دليل المتكلمين:
واستدل المتكلمون على وحدانية اللّه تعالى بأن قالوا:
اننا اذا افترضنا وجود إلهين وكانا مستجمعين لشرائط الالهية التي منها القدرة والارادة.
فاننا نفترض ايضاً جواز تعلق ارادة أحدهما بايجاد المقدور وتعلق ارادة الآخر بعدم ايجاده، وذلك لأن الاختلاف في الداعي ممكن.
وعليه نقول: اذا اراد أحدهما ايجاده فاما أن يمكن من الآخر ارادة عدم ايجاده او تمتنع.
وكلا الامرين - الامكان والامتناع - محال.
_______________________
(١) مادة: وحد.
(٢) نهج البلاغة: الخطبة ١.
وترجع استحالة امكان تعلق ارادة الآخر بعدم ايجاده مع تعلق ارادة الأول بايجاده إلى انه يستلزم منه وقوع ايجاده وعدم ايجاده معاً. وهو من اجتماع النقيضين. أو يستلزم لا وقوعهما معاً، وهو من ارتفاع النقيضين. وكلاهما محال. كما أنه يلزم منه أيضاً عجزهما، وهذا خلف. أما وقوع مراد أحدهما دون الآخر، فيستلزم ان يكون الذي لم يقع مراده عاجزاً، وهذا خلف. وقالوا في محالية امتناع تعلق ارادة الآخر بعدم ايجاده مع تعلق ارادة الأول، بإيجاده: إن ذلك المقدور بما انه ممكن يمكن تعلق قدرة كل من الالهين وارادته به. وعليه يكون المانع من تعلق ارادة الآخر به هو تعلق ارادة الأول فيكون الآخر عاجزاً، هذا خلف.
والنتيجة: هي بطلان تعدد الآلهة، وعنده يثبت أن الإله واحد، وهو المطلوب.
ويعرف هذا الدليل ب(برهان التمانع) لما رأيناه من أن تعلق قدرة كل منهما بالمقدور تمنع من تعلق قدرة الآخر به، والتمانع هو حصول المنع من كل طرف من الطرفين.
دليل الحكماء:
أما الحكماء فخلاصة دليلهم أن قالوا:
إن الواجب لذاته - بما انه كذلك - يمتنع أن يكون اكثر من واحد.
وذلك لانه لو كان هناك واجبان للزمهما التمايز لامتناع الاثنينية بدون الامتياز بالتعين.
ويجب ان يكون امتياز كل واحد عن غيره بغير هذا المعنى المشترك فيه، وهو الوجوب.
ولان المجتمع من هذا المعنى المشترك فيه والمعنى الذي به الامتياز لا يكون واجباً لذاته، فيلزم منه أن يكون كل واحد من المتصفين بوجوب الوجود غير متصف به، وهذا محال.