الشيعة في الميزان

الشيعة في الميزان14%

الشيعة في الميزان مؤلف:
تصنيف: تاريخ التشيع
الصفحات: 419

الشيعة في الميزان
  • البداية
  • السابق
  • 419 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 142459 / تحميل: 9284
الحجم الحجم الحجم
الشيعة في الميزان

الشيعة في الميزان

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

النص والاجتهاد - السيد شرف الدين ص ١: -

النص والاجتهاد

تأليف الإمام عبد الحسين شرف الدين الموسوي قدس الله سره

تحقيق وتعليق أبو مجتبى

بسم الله الرحمن الرحيم(١)

[ خطبة الكتاب ]

الحمد لله الذي اختص عبده ورسوله محمدا بما اختصه به من الكرامة والمنزلة والزلفى لديه، فعلمه علم ما كان وعلم ما بقي، وآتاه من الفضل ما لم يؤت أحدا من العالمين، و " الله أعلم حيث يجعل رسالته " فختم به النبوة والوحي ونسخ بشريعته السمحة ما كان قبلها من شرائعه المقدسة المتعلقة بأفعال المكلفين(٢) فحلال محمد هو الحلال إلى يوم القيامة، وكذلك حرامه وسائر أحكامه(٣) ، سواء أكانت تكليفية أم وضعية. وهذا مما أجمع عليه

____________________

(١) بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد والأئمة من آله شهداء دار الفناء وشفعاء دار البقاء وعلى الصالحين من ذريتهم ومواليهم في كل خلف ورحمة الله وبركاته (منه قدس).

(٢) دون ما كان منها متعلقا بأصول الدين كالتوحيد والعدل والنبوة والبعث والجنة والنار والثواب والعقاب، فان هذه وأمثالها مما جاء به آدم وسائر من بعده من الأنبياء حتى خاتمهمصلى‌الله‌عليه‌وآله وعليهم أجمعين (منه قدس).

(٣) مضمون الحديث القائل: حلال محمد حلال إلى يوم القيامة. وسائل الشيعة ج ١٨ / ١٢٤ ح ٤٧ (*).

٢١

كافة، كإجماعهم على نبوتهصلى‌الله‌عليه‌وآله لم ينبس(١) منهم واحد بكلمة من خلاف فيه، ولا رتم بها أبدا. وقد علموا - ولله الحمد - ان الشرائع الإسلامية قد وسعت الدنيا والآخرة بنظمها وقوانينها وحكمتها في جميع أحكامها وقسطها في موازينها، وانها المدنية الحكيمة الرحيمة الصالحة لأهل الأرض في كل مكان وزمان، على اختلافهم في أجناسهم وأنواعهم وألوانهم ولغاتهم.

لم يبق شارع الإسلام " وهو علام الغيوب جل وعلا " غاية الا أوضح سبيلها وأقام لأولي الألباب دليلها، وحاشاه تعالت آلاؤه أن يوكل الناس إلى آرائهم، أو يذرهم يسرحون في دينه على غلوائهم، بل ربطهم - على لسان عبده وخاتم رسالته - بحبليه، وعصمهم بثقليه، وبشرهم بالهدى ما ان أخذوا بهديهما، وأنذرهم الضلال ان لم يتمسكوا بهما، واخبرهم انهما لن يفترقا ولن تخلو الأرض منهما حتى يردا عليه الحوض(٢) ، فهما معا مفزع الأمة ومرجعها بعد نبيها، فالمنتهج نهجهما لاحق به، والمتخلف عنهما أو عن أحدهما مفارق لهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (٣) .

____________________

(١) أي ما تكلم، وكذا ما نبس ولا رتم (منه قدس).

(٢) أشارة إلى حديث الثقلين الآتي مع مصادره تحت رقم - ١٥ -.

(٣) مشيرا إلى قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله في القرآن وعترته: " فلا تقدموهما فتهلكوا ولا تقصروا عنهما فتهلكوا، ولا تعلموهم فإنهم اعلم منكم " راجع الحديث في: الصواعق المحرقة ص ١٤٨ و ٢٢٦ ط المحمدية وص ٨٩ و ١٣٦ ط الميمنية، مجمع الزوائد ج ٩ ص ١٦٣ ط بيروت، كنز العمال ج ١ ص ١٦٨ ح ٩٥٨ ط ٢، الدر المنثور للسيوطي ج ٢ ص ٦٠ ط مصر، ينابيع المودة للقندوزى ص ٤١ و ٣٥٥ ط الحيدرية وص ٣٧ و ٢٩٦ ط اسلامبول، الغدير للأميني ج ١ ص ٣٤ وج ٣ ص ٨٠ ط بيروت.

٢٢

مثلهم في هذه الأمة كباب حطة في بني إسرائيل، وكسفينة نوح في قومه(٤) ، فليس لأحد - وان عظم شأنه - أن يتبع غير سبيلهم،( وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيرًا ) (٥)

وليس لأحد أن يحمل من المأثور عن الله تعالى آية أو عن رسوله سنة الا على ظاهرهما المتبادر منهما إلى الأذهان، وليس له أن يحيد عن الظاهر المتبادر فضلا عن المنصوص عليه بصراحة، الا بسلطان مبين، فان كان هناك سلطان يخرج به الظاهر عن ظاهره عمل بمقتضاه، والا فقد ضل وابتدع.

هذا ما عليه الأمة المسلمة - امة محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله - بجميع مذاهبها، فان من دينهم التعبد بظواهر الكتاب والسنة، فضلا عن نصوصها الصريحة.

جروا في الأخذ بهما، والعمل على مقتضاهما مجرى أهل العرف من أهل اللغات كلها، فان أهل اللغات بأسرهم انما يحملون ألفاظهم المطلقة على ما يسبق منها إلى أذهانهم من المعاني، لا يتأولون منها - عند انطلاقها - شيئا، ولا يحملونها على ما تقتضيه أغراضهم ومصالحهم، شخصية كانت أم عامة.

نعم رأيت - بكل أسف - بعض ساسة السلف وكبرائهم يؤثرون اجتهادهم في ابتغاء المصالح على التعبد بظواهر الكتاب والسنة ونصوصهما

____________________

(٤) مشيرا إلى حديث السفينة الآتي تحت رقم (١٧) فراجع.

(٥) أخرج ابن مردويه في تفسير الآية: ان المراد بمشاققة الرسول هنا انما هي المشاققة في شأن علي وان الهدى في قوله بعد ما تبين له الهدى انما هو شأنهعليه‌السلام وأخرج العياشي في تفسيره نحوه، والصحاح متواترة من طريق العترة الطاهرة، في ان سبيل المؤمنين انما هو سبيلهمعليهم‌السلام (منه قدس). تفسير على بن إبراهيم القمي ج ١ ص ١٥٢ ط النجف، البرهان في تفسير القرآن ج ٢ ص ٤١٥ ط طهران. (*)

٢٣

الصريحة يتأولونها بكل جرأة ويحملون الناس على معارضتهما طوعا وكرها بكل قوة وهذا أمر ليس له قبلة ولا دبرة(١) فانا لله وإنا إليه راجعون.

وقد قال الله تعالى:( ... وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (٢) )

وقال عز سلطانه:( وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا (٣) )

( فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا (٤) )

( إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ * ذِي قُوَّةٍ عِندَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ * مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ * وَمَا صَاحِبُكُم بِمَجْنُونٍ (٥) )

( إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ * وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلًا مَا تُؤْمِنُونَ * وَلَا بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ * تَنزِيلٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ (٦) )

( وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى * عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى ) (٧) .

فنطقهصلى‌الله‌عليه‌وآله كالقرآن الحكيم( لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ ) (٨)

فليس لمن يؤمن بهذه الآيات أو يصدق بنبوتهصلى‌الله‌عليه‌وآله أن يحيد عن نصوصه قيد شعرة فما دونها، وما كان القوم كحائدين، وانما كانوا كمجتهدين متأولين( وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا ) فانا لله وإنا إليه راجعون.

____________________

(١) أي لا يعرف له وجه (منه قدس).

(٢) الحشر آية ٧.

(٣) الأحزاب آية ٣٦.

(٤) النساء آية ٦٥.

(٥) التكوير آية ١٩.

(٦) الحاقة آية ٤٠.

(٧) النجم آية ٣.

(٨) فصلت آية ٤٢ (*).

٢٤

واليك في كتابنا هذا (النص والاجتهاد) من موارد تأولهم للنصوص واجتهادهم في إيثار المصلحة عليها ما تسعه العجالة وضعف الشيخوخة، وبلابل المحن والإحن ونوائب الزمن، وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت واليه أنيب.

فخذها إليك مائة مورد في فصول سبعة لتسمعن بها ولك بعد ذلك رأيك، والله الهادي إلى الحق والصواب، واليه المرجع والمآب، وهو حسبنا ونعم الوكيل، نعم المولى ونعم النصير.

النص والاجتهاد - السيد شرف الدين ص ٦: -

[ الفصل الأول ] [ تأول أبى بكر واتباعه ] [ المورد (١) يوم السقيفة ]

إذ بسط أبو بكر يده ليبايع بالخلافة عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فبايعه من بايعه طوعا، وبايعه - بعد ذلك - آخرون كرها(٦) مع علمهم جميعا بعهد رسول

____________________

(٦) وقد تخلف عن بيعة أبى بكر جماعة منهم: ١ - على بن أبى طالبعليه‌السلام . ٢ - العباس بن عبد المطلب ٣ - الفضل بن العباس ٤ - عتبة بن أبى لهب ٥ - سلمان الفارسي ٦ - أبو ذر الغفاري ٧ - عمار بن ياسر ٨ - المقداد ٩ - البراء بن عازب ١٠ - أبى بن كعب ١١ - سعد بن أبى وقاص ١٢ - طلحة بن عبيد الله ١٣ - الزبير بن العوام ١٤ - خزيمة بن ثابت ١٥ - فروة بن عمرو الأنصاري ١٦ - خالد بن سعيد بن العاص الأموي ١٧ - سعد بن عبادة الأنصاري لم يبايع حتى مات في خلافة عمر. وجماعة من بني هاشم راجع: العقد الفريد لابن عبد ربه ج ٤ ص ٢٥٩ ط ٢ بمصر وج ٢ ص ٢٥١ ط آخر و =>

٢٥

اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بها إلى أخيه وابن عمه علي بن أبي طالب، وقد رأوه وسمعوه ينص عليه مستمرا في تكرار هذا النص من مبدأ أمره - في نبوته - إلى منتهى عمره الشريف. ويورده بطرق مختلفة في وضوح الدلالة عليه.

ومن أراد التفصيل فعليه بكتابنا (المراجعات) (٧) إذ استقصينا البحث ثمة عن تلك النصوص، وعن كل ما هو حولها مما يقوله الفريقان في هذا الموضوع، تبادلنا ذلك مع شيخنا شيخ الإسلام ومربي العلماء الأعلام الشيخ سليم البشري المالكي شيخ الجامع الأزهر يومئذرحمه‌الله تعالى، أيام كنا في خدمته(١) وكان إذ ذاك شيخ الأزهر، فعني بي عنايته بحملة العلم عنه، وجرت بيننا وبينه حول الخلافة عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ونصوصها مناظرات

____________________

=> ج ٣ ص ٦٤ ط آخر أيضا، عبد الله بن سبأ للعسكري ج ١ ص ١٠٥ ط ٣ بيروت، شرح نهج البلاغة لابن أبى الحديد ج ١ ص ١٣١ - ١٣٤ ط ١ بمصر، الغدير للأميني ج ٥ ص ٣٧٠ - ٣٧١ وج ٧ ص ٧٦ و ٧٧ ط بيروت، مروج الذهب للمسعودي ج ٢ ص ٣٠١ ط دار الأندلس بيروت، أسد الغابة لابن الأثير ج ٣ ص ٢٢٢ ط مصر، تاريخ الطبري ج ٣ ص ٢٠٨ ط دار المعارف بمصر، الكامل في التاريخ لابن الأثير ج ٢ ص ٣٢٥ و ٣٣١ ط دار صادر، تاريخ اليعقوبي ج ٢ ص ١٠٣ و ١٠٥ ط الغرى، سمط النجوم العوالي للعاصمى المكى ج ٢ ص ٢٤٤ ط السلفية، السيرة الحلبية ج ٣ ص ٣٥٦ ط البهية بمصر.

استعمال القوة والإكراه في البيعة لأبي بكر. راجع: شرح نهج البلاغة لابن أبى الحديد ج ١ ص ٢١٩ وج ٦ ص ٩ و ١١ و ١٩ و ٤٠ و ٤٧ و ٤٨ و ٤٩ ط مصر بتحقيق محمد أبو الفضل وج ١ ص ٧٤ وج ٢ ص ٤ - ١٩ ط ١، وغيرها.

(٧) وكتابنا (سبيل النجاة في تتمة المراجعات) المطبوع ملحقا بالمراجعات ط بغداد والطبعة الثانية في بيروت ١٤٠٢ ه‍.

(١) وذلك سنة ١٣٢٩ والتي بعدها بعد رجوعنا من الجامعة العلمية في النجف الأشرف (منه قدس) (*).

٢٦

ومراجعات خطية، بذلنا الوسع فيها ايغالا في البحث والتمحيص، وإمعانا فيما يوجبه الإنصاف والاعتراف بالحق، فكانت تلك المراجعات بيمن نقيبة الشيخ سفرا من انفع أسفار الحق، يتجلى فيها الهدى بأجلى مظاهره والحمد لله على التوفيق(١) .

وها هي تلك، منتشرة في طول البلاد وعرضها، تدعو إلى المناظرة بصدر شرحه الله للبحث، وقلب واع لما يقوله الفريقان، ورأي جميع ولب رصين، فلا تفوتنكم أيها الباحثون. نعم لي رجاء أنيطه بكم فلا تخيبوه.

أمعنوا في أهداف النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ومراميه من أقواله وأفعاله. التي هي محل البحث بيننا وبين الجمهور، ولا تغلبنكم العاطفة على إفهامكم وعقولكم، كالذين عاملوها معاملة المجمل أو المتشابه من القول، لا يأبهون بشئ من صحتها، ولا من صراحتها، والله تعالى يقول:( إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ * ذِي قُوَّةٍ عِندَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ * مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ * وَمَا صَاحِبُكُم بِمَجْنُونٍ ) (٨) فأين تذهبون، أيها المسلمون( إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى * عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى ) (٩) .

ما رأيت كنصوص الخلافة صريحة متواترة صودرت من أكثر الأمة، والجرح لما يندمل والنبي لما يقبر. على ان حياة النبي بعد النبوة كانت مليئة مفعمة بتلك النصوص منذ يوم الإنذار في دار أبي طالب(١٠) فما بعده من الأيام حتى سجيصلى‌الله‌عليه‌وآله على فراش الموت

____________________

(١) وقد بلغت مائة واثنتي عشرة مراجعة (منه قدس).

(٨) سورة التكوير آية: ١٩ - ٢٢.

(٩) سورة الحاقة آية: ٣ - ٥.

(١٠) إذا دعا عشيرته الأقربين لينذرهم، وكان آخر كلامه معهم ان أخذ بيد على =>

٢٧

..

____________________

=> فقال: ان هذا أخي ووزيري ووصيي وخليفتي فيكم فاسمعوا له وأطيعوا، فلتراجع المراجعة ٢٠ والتي بعدها من المراجعات (منه قدس).

حديث الدار يوم الإنذار وفيه قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لعلىعليه‌السلام : " ان هذا أخي ووصيي وخليفتي فيكم فاسمعوا له وأطيعوا ".

راجع: تاريخ الطبري ج ٢ ص ٣١٩ - ٣٢١ ط دار المعارف بمصر، الكامل في التاريخ لابن الأثير الشافعي ج ٢ ص ٦٢ و ٦٣ ط دار صادر في بيروت، شرح نهج البلاغة لابن أبى الحديد ج ١٣ ص ٢١٠ و ٢٤٤ وصححه ط مصر بتحقيق أبو الفضل، السيرة الحلبية للحلبي الشافعي ج ١ ص ٣١١ ط البهية بمصر، منتخب كنز العمال بهامش مسند أحمد ج ٥ ص ٤١ و ٤٢ ط الميمنية بمصر، شواهد التنزيل للحسكاني الحنفي ج ١ ص ٣٧١ ح ٥١٤ و ٥٨٠ ط ١ بيروت، كنز العمال ج ٦ ص ٣٩٢ ط ١ وج ١٥ ص ١١٥ ح ٣٣٤ ط ٢، ترجمة الإمام على بن أبى طالب من تاريخ دمشق لابن عساكر الشافعي ج ١ ص ٨٥ ح ١٣٩ و ١٤٠ و ١٤١ ط ١ بيروت، حياة محمد لمحمد حسين هيكل ص ١٠٤ الطبعة الأولى سنة ١٣٥٤ ه‍

وفى الطبعة الثانية وما بعدها من طبعات الكتاب حذف من الحديث قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : " وان يكون أخي ووصيي وخليفتي فيكم " ! وأكبر شاهد مراجعة الطبعة الأولى والطبعات الأخرى، جريدة السياسة المصرية لمحمد حسين هيكل ملحق عدد - ٢٧٥١ - بتاريخ ١٢ ذي القعدة ١٣٥٠ ه‍ ص ٥ وص ٦ من ملحق عدد: - ٢٧٨٥ - ذكر الحديث بتمامه، تفسير الخازن ج ٣ ص ٣٧١ و ٣٩٠ ط مصر، التفسير المنير لمعالم التنزيل للجاوي ج ٢ ص ١١٨ ط ٣، تفسير الطبري ج ١٩ ص ١٢١ ط ٢ ولكن المؤلف أو الطابع حرف آخر الحديث فحذف قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : " ان هذا أخي ووصيي وخليفتي فيكم " وذكر بدله " ان هذا أخي وكذا وكذا ! ! " فيا للعجب لهذه الأعمال التي تنطوي على الحقد الدفين والحسد المشين مع انه ذكر الحديث تاما في تاريخه ج ٢ ص ٢١٩ كما تقدم. وبلفظ آخر: وفيه نزل قوله تعالى: "( وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ ) " الشعراء: ٢١٤ يوجد في =>

٢٨

والحجرة غاصة بأصحابه فقال: " أيها الناس يوشك أن اقبض قبضا سريعا فينطلق بي. وقد قدمت إليكم الا أني مخلف فيكم كتاب الله عزوجل وعترتي أهل بيتي ". ثم أخذ بيد علي فرفعها فقال: " هذا علي مع القرآن، والقرآن مع علي لا يفترقان حتى يردا علي الحوض "(١١) . وكفى بنصوص

____________________

=> شواهد التنزيل للحسكاني الحنفي ج ١ ص ٣٧٢ ح ٥١٤ وج ٢ ص ٤٢٠ ح ٥٨٠ ط ١ بيروت، مسند أحمد ج ١ ص ١١١ ط الميمنية بمصر، كفاية الطالب للكنجي الشافعي ص ٢٠٤ - ٢٠٦ ط الحيدرية وص ٨٩ ط الغرى، تذكرة الخواص للسبط بن الجوزى الحنفي ص ٣٨ ط الحيدرية وص ٤٤ ط النجف، كنز العمال ج ٦ ص ٣٩٦ ط ١ وج ١٥ ص ١١٣ و ١١٥ ط ٢، منتخب كنز العمال بهامش مسند أحمد ج ٥ ص ٤١ و ٤٢ و ٤٣ ط الميمنية بمصر، ينابيع المودة للقندوزي الحنفي ص ١٠٥ ط اسلامبول وص ١٢٢ ط الحيدرية، تاريخ أبى الفداء ج ١ ص ١١٩ ط القسطنطنية، الدر المنثور للسيوطي ج ٥ ص ٩٧ ط مصر، تفسير ابن كثير ج ٣ ص ٣٥١ ط مصر. وبلفظ ثالث يوجد في: خصائص أمير المؤمنين للنسائي ص ٨٦ ط الحيدرية وص ٣٠ ط بيروت، نظم درر السمطين للزرندى الحنفي ص ٨٣ ط النجف، مجمع الزوائد ج ٨ ص ٣٠٢ وج ٩ ص ١١٣ ط القدسي. ولاجل المزيد من المصادر راجع (سبيل النجاة في تتمة المراجعات) تحت رقم - ٧١١ - ط بيروت .

(١١) يوجد في: الصواعق المحرقة لابن حجر الشافعي ص ١٢٤ ط المحمدية وص ٧٥ ط الميمنية بمصر، ينابيع المودة للقندوزى الحنفي ص ٢٨٥ ط اسلامبول وص ٣٤٢ ط الحيدرية.

وقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : " علي مع القرآن والقرآن مع على لن يفترقا حتى يردا علي الحوض " يوجد في: المستدرك على الصحيحين للحاكم ج ٣ ص ١٢٤ وصححه، تلخيص المستدرك للذهبي مطبوع بذيل المستدرك ج ٣ ص ١٢٤ وصححه أيضا، المناقب للخوارزمي الحنفي =>

٢٩

الثقلين حكما بين الفريقين(١٢) ، وخصائص علي كل نص جلي:( إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ ) (١٣) .

استأثروا بالأمر يوم السقيفة، متأولين نصوص لا يلوون على شئ، وقد قضوا أمرهم بينهم بدون أن يؤذنوا به أحدا من بني هاشم وأوليائهم(١٤) وهم أهل بيت النبوة، وموضع الرسالة ومختلف الملائكة، ومهبط الوحي والتنزيل، حتى كأنهمعليهم‌السلام لم يكونوا ثقل رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم وأعدال كتاب الله عزوجل(١٥) .

____________________

=> ص ١١٠ ط الحيدرية وص ١٠٧ ط تبريز، المعجم الصغير للطبراني ج ١ ص ٥٥ ط دار النصر بالقاهرة، كفاية الطالب للكنجي الشافعي ص ٣٩٩ ط الحيدرية وص ٢٥٤ ط الغرى، مجمع الزوائد ج ٩ ص ١٣٤ ط القدسي، الصواعق المحرقة ص ١٢٢ و ١٢٤ ط المحمدية وص ٧٤ و ٧٥ ط الميمنية، تاريخ الخلفاء للسيوطي ص ١٧٣ ط السعادة، إسعاف الراغبين المطبوع بهامش نور الأبصار ص ١٥٧ ط السعيدية وص ١٤٣ ط العثمانية، الغدير للأميني ج ٣ ص ١٨٠ ط بيروت، نور الأبصار للشبلنجى ص ٧٣ ط السعيدية، ينابيع المودة للقندوزى ص ٤٠ و ٩٠ و ١٨٥ و ٢٣٧ و ٢٨٣ و ٢٨٥ ط اسلامبول وص ٤٤ و ١٠٣ و ٢١٩ و ٢٨١ و ٣٣٩ و ٣٤٢ ط الحيدرية وج ١ ص ٣٨ و ٨٨ وج ٢ ص ١٠ و ٦١ و ١٠٨ و ١١٠ ط العرفان بصيدا، فيض القدير للشوكاني ج ٤ ص ٣٥٨، الجامع الصغير للسيوطي ج ٢ ص ٥٦ ط الميمنية، الفتح الكبير للنبهاني ج ٢ ص ٢٤٢ ط مصر، غاية المرام ص ٥٤٠ (باب) ٤٥ ط ايران، أسنى المطالب للحوت ص ٢٠١ ح ٨٩٨.

(١٢) سوف تأتى مصادره تحت رقم (١٥)

(١٣) سورة ق: ٣٧.

(١٤) لم يحضر أحد من بني هاشم السقيفة بل كانوا متخلفين راجع المصادر تحت رقم (٦)

(١٥) إشارة إلى النصوص الصريحة في السنن الصحيحة، التي أنزلت العترة من منزلة الكتاب فجعلتهما القدوة لأولى الألباب، وقد أخرجها مسلم في صحيحه، وأخرجها =>

٣٠

.

____________________

=> الترمذي والنسائي والإمام أحمد في مسنده والطبراني في الكبير، والحاكم في مستدركه والذهبي في تلخيص المستدرك، وابن أبى شيبة وأبو يعلى في سننهما، وابن سعد في الطبقات، وغير واحد من أصحاب السنن بطرق متعددة وأسانيد كثيرة، والتفصيل في المراجعة ٨ من مراجعاتنا (منه قدس).

أقول: إشارة إلى مضمون الحديث المتواتر وهو حديث الثقلين قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : " يا أيها الناس إني تركت فيكم ما ان أخذتم به لن تضلوا، كتاب الله وعترتي أهل بيتي ". راجع الحديث في: صحيح الترمذي ج ٥ ص ٣٢٨ ط بيروت وج ١٣ ص ١٩٩ ط الصاوى وج ٢ ص ٣٠٨ ط بولاق بمصر، تفسير ابن كثير ج ٤ ص ١١٣ دار إحياء الكتب العربية بمصر، مصابيح السنة للبغوي ص ٢٠٦ ط القاهرة وج ٢ ص ٢٧٩ ط محمد على صبيح، جامع الأصول لابن الأثير ج ١ ص ١٨٧ ط مصر، مشكاة المصابيح ج ٣ ص ٢٥٨ ط دمشق، إحياء الميت للسيوطي بهامش الإتحاف ص ١١٤ ط الحلبي، الفتح الكبير للنبهاني ج ١ ص ٥٠٣ وج ٣ ص ٣٨٥ ط دار الكتب العربية، الشرف المؤبد للنبهاني أيضا ص ١٨ ط مصر، نظم درر السمطين للزرندى الحنفي ص ٢٣٢ ط النجف، ينابيع المودة للقندوزى الحنفي ص ٣٣ و ٤٥ و ٤٤٥ ط الحيدرية وص ٣٠ و ٤١ و ٣٧٠ ط اسلامبول

وبلفظ ثان قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : " إني تارك فيكم ما ان تمسكتم به لن تضلوا بعدى، أحدهما أعظم من الأخر، كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض وعترتي أهل بيتي ولن يفترقا حتى يردا على الحوض فانظروا كيف تخلفوني فيهما ". راجع الحديث في: صحيح الترمذي ج ٥ ص ٣٢٩ ط دار الفكر بيروت وج ١٣ ص ٢٠٠ ط الصاوى وج ٢ ص ٣٠٨ ط بولاق بمصر، نظم درر السمطين للزرندى ص ٢٣١ ط النجف، الدر المنثور للسيوطي ج ٦ ص ٧ و ٣٠٦ ط مصر، ذخائر العقبى ص ١٦ ط القدسي، الصواعق المحرقة ص ٨٩ ط الميمنية وص ١٤٧ و ٢٢٦ ط المحمدية، أسد الغابة لابن الأثير ج ٢ ص ١٢ =>

٣١

وأمان الأمة من الاختلاف(١٦)

____________________

=> ط مصر، المعجم الصغير للطبراني ج ١ ص ١٣٥ ط دار النصر بمصر، ينابيع المودة للقندوزى الحنفي ص ٣٣ و ٤٠ و ٢٢٦ و ٣٥٥ ط الحيدرية وص ٣٠ و ٣٦ و ١٩١ و ٢٩٦ ط اسلامبول، تفسير ابن كثير ج ٤ ص ١١٣ ط مصر، عبقات الأنوار ج ١ من حديث الثقلين ص ٢٥ ط اصفهان، كنز العمال ج ١ ص ٤٤ ح ٨٧٤ ط ١ وج ١ ص ١٥٤ ط ٢، الفتح الكبير للنبهاني ج ١ ص ٤٥١ ط مصر، تفسير الخازن ج ١ ص ٤ ط مصر، مصابيح السنة للبغوي ج ٢ ص ٢٧٩ ط محمد على صبيح وص ٢٠٦ ط الخيرية، جامع الأصول لابن الأثير ج ١ ص ١٨٧ ط مصر، مشكاة المصابيح للعمري ج ٣ ص ٢٥٨ ط دمشق.

وفى لفظ ثالث عن زيد بن ثابت قال: " قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إني تارك فيكم خليفتين كتاب الله حبل ممدود ما بين السماء والأرض أو ما بين السماء إلى الأرض وعترتي أهل بيتي وانهما لن يتفرقا حتى يردا على الحوض ". راجع: الفضائل لأحمد بن حنبل بترجمة الإمام الحسين ص ٢٨ ح ٥٦. مسند أحمد بن حنبل ج ٥ / ١٨٢ و ١٨٩ ط ١، فرائد السمطين للحموينى ج ٢ / ١٤٤ عن زيد بن ثابت قال: قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : " إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله عزوجل وعترتي أهل بيتي ألا وهما الخليفتان من بعدى ولن يتفرقا حتى يردا على الحوض ".

وعن أبى سعيد الخدري أيضا: " إني تارك فيكم الثقلين أحدهما أكبر من الأخر كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض وعترتي أهل بيتي وانهما لن يتفرقا حتى يردا على الحوض ". الفضائل لأحمد بن حنبل ص ٢٠ ح ٣٥ ترجمة الحسين وح ٣٦. ويوجد هذا الحديث بألفاظ أخرى متعددة ومصادر كثيرة جدا ولأجل المزيد من الاطلاع راجع (سبيل النجاة في تتمة المراجعات تحت رقم - ٣٠ و ٣١ و ٣٢ و ٣٣ و ٣٤ و ٣٥ و ٣٦ ط في بغداد وبيروت مع المراجعات).

(١٦) إشارة إلى قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : أهل بيتي أمان لأمتي من الاختلاف، فإذا خالفتهم =>

٣٢

وسفينة نجاتها من الضلال(١٧) . وباب حطتها(١٨) .

____________________

=> قبيلة من العرب اختلفوا فصاروا حزب إبليس. أخرجه الحاكم في ص ١٤٩ من الجزء ٣ من المستدرك، ثم قال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه (منه قدس). والصواعق المحرقة لابن حجر ص ٩١ و ١٤٠ ط الميمنية وص ١٥٠ و ٢٣٤ ط المحمدية وصححه، إحياء الميت للسيوطي بهامش الإتحاف ص ١١٤ ط الحلبي بمصر، منتخب كنز العمال بهامش مسند أحمد ج ٥ ص ٩٣ ط الميمنية بمصر، ينابيع المودة للقندوزى الحنفي ص ٢٩٨ ط اسلامبول وص ٣٥٧ ط الحيدرية، جواهر البحار للنبهاني ج ١ / ٣٦١. ولأجل المزيد من المصادر راجع كتاب (سبيل النجاة في تتمة المراجعات طبع ملحقا بالمراجعات في بغداد وبيروت تحت رقم - ٤١ -).

(١٧) إشا رة إلى ما أخرجه الحاكم بالإسناد إلى أبى ذر ص ١٥١ من الجزء ٣ من المستدرك قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : " ان مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق " (منه قدس). وراجع أيضا: تلخيص المستدرك للذهبي، نظم درر السمطين للزرندى الحنفي ص ٢٣٥ ط النجف، ينابيع المودة للقندوزى ص ٣٠ و ٣٧٠ ط الحيدرية وص ٢٧ و ٣٠٨ ط اسلامبول، الصواعق المحرقة ص ١٨٤ و ٢٣٤ ط المحمدية وص ١١١ و ١٤٠ ط الميمنية، تاريخ الخلفاء للسيوطي ص، إسعاف الراغبين للصبان ص ١٠٩ ط السعيدية و ١٠٢ ط العثمانية، جواهر البحار ج ١ / ٣٦١، الفضائل لأحمد بن حنبل بترجمة الإمام الحسين ص ٢٨ ح ٥٥.

(١٨) إشارة إلى ما أخرجه الطبراني في الأوسط عن أبى سعيد قال: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول: إنما مثل أهل بيتي كسفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق، وإنما مثل أهل بيتي فيكم مثل باب حطة بني إسرائيل من دخله غفر له (منه قدس). راجع: كفاية الطالب للكنجي الشافعي ص ٣٧٨ ط الحيدرية وص ٢٣٤ ط الغرى، مجمع الزوائد ج ٩ ص ١٦٨، المعجم الصغير للطبراني ج ٢ ص ٢٢ ط دار =>

٣٣

وكأنهم لم يكونوا من الأمة بمنزلة الرأس من الجسد، وبمنزلة العينين من الرأس(١٩) بل كأنهم انما كانوا ممن عناهم الشاعر في المثل السائر.

____________________

=> النصر بمصر، إحياء الميت للسيوطي بهامش الإتحاف ص ١١٣ ط الحلبي، ينابيع المودة ص ٢٨ و ٢٩٨ ط اسلامبول وص ٣٠ و ٣٥٨ ط الحيدرية، رشفة الصادى لأبي بكر الحضرمي ص ٧٩ ط مصر، الصواعق المحرقة ص ٩١ ط الميمنية وص ١٥٠ ط المحمدية وهذا الحديث من الأحاديث المتواترة وان شئت المزيد فراجع (سبيل النجاة في تتمة المراجعات تحت رقم - ٣٩ و ٤٠) ففيهما عشرات المصادر.

وفى لفظ آخر يقولصلى‌الله‌عليه‌وآله : " مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح، من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق ". يوجد في: حلية الأولياء ج ٤ ص ٣٠٦ ط السعادة بمصر، مناقب على بن أبى طالب لابن المغازلى الشافعي ص ١٣٢ ح ١٧٣ و ١٧٦ ط ١ بطهران، ذخائر العقبى ص ٢٠ ط القدسي، مجمع الزوائد ج ٩ / ١٦٨، إحياء الميت ص ١١٣، الجامع الصغير للسيوطي ج ٢ / ١٣٢ ط الميمنية، منتخب كنز العمال بهامش مسند أحمد ج ٥ / ٩٢ ط الميمنية، الفتح الكبير للنبهاني ج ٣ / ١٢٣ ط مصر، ينابيع المودة ص ١٨٧ و ١٩٣ ط اسلامبول وص ٢٢١ و ٢٢٨ ط الحيدرية، مقتل الحسين للخوارزمي ج ١ / ١٠٤ ط مطبعة الزهراء. وغيرها من المصادر.

(١٩) نقل الإمام الصبان في كتابه - إسعاف الراغبين - والشيخ يوسف النبهاني في - الشرف المؤبد - وغير واحد من الثقات بالإسناد إلى أبى ذر قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله اجعلوا أهل بيتي منكم مكان الرأس من الجسد، ومكان العينين من الرأس، ولا يهتدى الرأس الا بالعينين، ومن أراد تفصيل هذه الأحاديث وما يجرى مجراها فعليه بمراجعاتنا، ولا سيما المراجعة ٦ وما بعدها حتى المراجعة ١٣ (منه قدس). راجع: إسعاف الراغبين بهامش نور الأبصار ص ١١٠ ط السعيدية وص ١٠٢ ط العثمانية، الفصول المهمة لابن الصباغ المالكى ص ٨ ط الحيدرية، مجمع الزوائد ج ٩ ص ١٧٢ ط بيروت، الشرف المؤبد للنبهاني. (*)

٣٤

ويقضي الأمر حين تغيب تيم * ولا يستأذنون وهم شهود(٢٠)

أجل قضي الأمر في السقيفة ورسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لقى بين عترته الطاهرة وأوليائهم ثلاثة أيام، وهم حوله يتقطعون حسرات، ويتصعدون زفرات قد أخذهم من الحزن ما تنفطر به المرائر، ومن الهم والغم ما يذيب لفائف القلوب، ومن الرعب والوجل ما تميد به الجبال ومن الهول والفرق ما أطار عيونهم، وضيق الأرض برحبها عليهم.

وأولئك في معزل عن المسجى ثلاثا - بأبي وأمي - يرهفون لسلطانه عزائمهم ويشحذون لملكه آراءهم، لم يهتموا في شئ من أمره، حتى قضوا أمرهم مستأثرين به. وما ان فاءوا إلى مواراته حتى فاجأوا أولياءه وأحباءه بأخذ البيعة منهم، أو التحريق عليهم(٢١) كما قال شاعر النيل حافظ إبراهيم في قصيدته السائرة :

____________________

(٢٠) هذا البيت.

(٢١) تهديدهم عليا بالتحريق ثابت بالتواتر القطعي، وحسبك ما أخرجه أبو بكر أحمد بن عبد العزيز الجوهري في كتاب (السقيفة) كما في ص ١٣٠ وفى ص ١٣٤ من المجلد الأول من شرح النهج الحميدى. وأخرجه ابن جرير الطبري في موضعين في أحداث السنة الحادية عشرة من تاريخ الأمم والملوك. وذكره ابن قتيبة في أوائل كتابه - الإمامة والسياسة -. وابن عبد ربه المالكي في حديث السقيفة في الجزء الثاني من العقد الفريد.

والمسعودي في مروج الذهب نقلا عن عروة بن الزبير في مقام الاعتذار عن أخيه عبدالله، إذ هم بالتحريق على بني هاشم حين تخلفوا عن بيعته. وابن الشحنة حيث ذكر بيعة السقيفة في كتابه (روضة المناظر). وأبو الفداء حيث أتى على ذكر أخبار أبى بكر في تاريخه الموسوم بالمختصر في أخبار البشر. ورواه الشهرستاني عن النظام عند ذكره للفرقة النظامية من كتاب - الملل والنحل - ونقله العلامة الحلي في (نهج الصدق) عن كتاب (المحاسن وأنفاس الجواهر) وغرر ابن خنزابة. وأفرد أبو مخنف لبيعة السقيفة كتابا فيه التفصيل (منه قدس) =>

٣٥

وقولة لعلي قالها عمر

أكرم بسامعها أعظم بملقيها

حرقت دارك لا أبقى عليك بها

ان لم تبايع وبنت المصطفى فيها

ما كان غير أبي حفص بقائلها

أمام فارس عدنان وحاميها(٢٢)

فلو فرض ان لا نص بالخلافة على أحد من آل محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وفرض كونهم مع هذا غير مبرزين في حسب أو نسب، أو أخلاق، أو جهاد، أو علم، أو عمل، أو إيمان، أو إخلاص ولم يكن لهم السبق في مضامير كل فضل، بل كانوا كسائر الصحابة، فهل كان من مانع شرعي أو عقلي أو عرفي، يمنع من تأجيل عقد البيعة إلى فراغهم من تجهيز رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ؟ ؟ ولو بأن يوكل حفظ الأمن إلى القيادة العسكرية مؤقتا حتى يستتب أمر الخلافة ؟

أليس هذا المقدار من التريث كان أرفق بأولئك المفجوعين ؟ وهم وديعة النبي لديهم، وبقيته فيهم، وقد قال الله تعالى:( لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ ) (٢٣) أليس على حق هذا الرسول - الذي يعز عليه عنت الأمة، ويحرص على

____________________

=> تهديد عمر عليا وفاطمة بالإحراق: راجع: الإمامة والسياسة لابن قتيبة ج ١ / ١٢ ط مصر، العقد الفريد لابن عبد ربه المالكي ج ٤ / ٢٥٩ و ٦٠ ط ٢ بمصر، شرح نهج البلاغة لابن أبى الحديد ج ١ / ١٣٤ وج ٢ / ١٩ ط ١ بمصر وج ٢ / ٥٦ وج ٦ / ٤٨ ط مصر بتحقيق أبو الفضل وج ١ / ١٥٧ ط دار الفكر، تاريخ الطبري ج ٣ / ٢٠٢ ط دار المعارف بمصر، الملل والنحل للشهرستاني ج ١ / ٥٧ ط بيروت، تاريخ أبى الفداء ج ١ / ١٥٦، أعلام النساء ج ٣ / ١٢٠٧، تاريخ ابن شحنة بهامش الكامل ج ٧ / ١٦٤، بحار الأنوار ج ٢٨ / ٣٢٨ و ٣٣٩ ط الجديد، الغدير للأميني ج ٧ / ٧٧ ط بيروت، عبدالله بن سبأ ج ١ / ١٠٨ ط بيروت.

(٢٢) ديوان حافظ إبراهيم

(٢٣) سورة التوبة: ١٢٨ (*).

٣٦

سعادتها، وهو الرؤوف بها الرحيم لها - ان لا تعنت عترته فلا تفاجأ بمثل ما فوجئت به، - والجرح لما يندمل، والنبي لما يقبر - ؟ ! وحسبها يومئذ فقد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قارعة تفترش بها القلق، وتتوسد الأرق، وتساور الهموم، وتسامر النجوم، وتتجرع الغصص، وتعالج البرحاء، فالتريث الذي قلناه كان أولى بتعزيتها، وأدنى إلى حفظ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فيها، وأجمع لكلمة الأمة، واقرب إلى استعمال الحكمة، ولكن القوم صمموا على صرف الخلافة عن آل محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله مهما كلفهم الأمر، فخافوا من التريث أن يفضي بهم إلى خلاف ما صمموا عليه، فان آل محمد إذا حضروا المشورة ظهرت حجتهم وعلت كلمتهم، فبادر القوم بعقد البيعة، واغتنموا اشتغال الهاشميين برزيتهم، وانتهزوا انصرافهم بكلهم إلى واجباتهم بتجهيز جنازتهم المفداة.

وأعان أولئك على ما دبروه دهشة المسلمين وذعرهم، وتزلزل أقدامهم، واجتماع أكثر الأنصار في السقيفة يرشحون سعد بن عبادة وهو سيد الخزرج، لكن ابن عمه بشير بن سعد بن ثعلبة الخزرجي وأسيد بن الحضير سيد الأوس، كانا ينافسانه في السيادة فحسداه على هذا الترشيح وخافا أن يتم له الأمر، فأضمرا له الحسيكة مجمعين على صرف الأمر عنه بكل ما لديهما من وسيلة، وصافقهما على ذلك عويم بن ساعدة الأوسي، ومعن بن عدي حليف الأنصار، وقد كان هذان على اتفاق سري مع أبي بكر وعمر وحزبهما، فكانا من أولياء أبي بكر على عهد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وكانا مع ذلك ذوي بغض وشحناء لسعد بن أبي عبادة، فانطلق عويم إلى أبي بكر وعمر مسرعا فشحذ عزمهما لمعارضة سعد، وأسرع بهما إلى السقيفة ومعهما أبو عبيدة، وسالم مولى أبي حذيفة، ولحقهم آخرون من حزبهم من المهاجرين.

٣٧

فاحتدم الجدال بين المهاجرين والأنصار، واشتدت الخصومة حتى ارتفعت أصواتهم بها وكادت الفتنة أن تقع، فقام أبو بكر بكلام أثنى فيه على الأنصار، واعترف لهم بالجميل خاطبا ودهم بلين ورقة

واحتج عليهم: بأن المهاجرين شجرة رسول الله وبيضته التي تفقأت عنه، ورشحهم للوزارة إذا تمت للمهاجرين الإمرة، ثم أخذ بضبعي عمر وأبي عبيدة فأمر المجتمعين بمبايعة أيهما شاؤا، وما ان فعل ذلك حتى تسابق إلى بيعته عمر وبشير، وما ان بايعاه حتى تبارى إلى بيعته أسيد بن الحضير، وعويم بن ساعدة، ومعن بن عدي، وأبو عبيدة بن الجراح، وسالم مولي أبي حذيفة، وخالد بن الوليد(٢٤) واشتد هؤلاء على حمل الناس على البيعة بكل طريق، وكان أشدهم في ذلك عمر، ثم أسيد وخالد وقنفذ(١) بن عمير بن جدعان التميمي(٢٥) وما بويع أبو بكر حتى أقبلت به الفئة التي بايعته تزفه إلى مسجد

____________________

(٢٤) ولأجل المزيد من المصادر راجع: كتاب عبدالله بن سبأ للعسكري ج ١ / ٨٢ - ١٣٢.

(١) كان هؤلاء مع الجماعة الذين دخلوا بيت فاطمةعليها‌السلام وحسبك ما هو منقول عنهم في ص ١٩ من المجلد الثاني من شرح النهج. وروى أحمد بن عبد العزيز الجوهري - كما في ص ١٣٠ من المجلد الأول من شرح النهج - قال: لما بويع أبو بكر كان الزبير والمقداد يختلفان في جماعة من الناس إلى علي وهو في بيت فاطمة فخرج عمر حتى دخل على فاطمة فقال: يا بنت رسول الله ما من أحد من الخلق أحب إلينا من أبيك، ومنك بعد أبيك وايم الله ما هذا بما نعى ان اجتمع هؤلاء النفر عندك ان آمر بتحريق البيت عليهم. (الحديث) (منه قدس).

(٢٥) استعمال القوة والإكراه في البيعة لأبي بكر: راجع: شرح نهج البلاغة لابن أبى الحديد ج ١ / ٢١٩ وج ٦ / ٩ و ١١ و ١٩ و ٤٠ و ٤٧ و ٤٨ و ٤٩ ط مصر بتحقيق أبو الفضل وج ١ / ٧٤ وج ٢ / ٤ - ١٩ ط ١ بمصر .(*)

٣٨

رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله زفاف العروس(٢٦) والنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ثمة لقي بين أولئك المولهين والمولهات من الطيبين والطيبات، فما وسع أمير المؤمنينعليه‌السلام حينئذ الا التمثيل بقول القائل ؟

وأصبح أقوام يقولون ما اشتهوا * ويطغون لما غال زيدا غوائل(٢٧)

وكانعليه‌السلام على علم من تصميم القوم على صرف الأمر عنه، وانه لو نازعهم فيه لنازعوه، ولو قاتلهم عليه لقاتلوه، وان ذلك يوجب التغرير في الدين والخطر بالأمة، فاختار الكف احتياطا على الإسلام، وإيثارا للصالح العام، وتقديما للأهم على المهم، عهد معهود من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله . صبر أمير المؤمنين على تنفيذه وفي العين قذى، وفي الحلق شجى(١) .

نعم قعد في بيته ساخطا مما فعلوه، حتى أخرجوه كرها(٢٨) احتفاظا بحقه المعهود به إليه

____________________

(٢٦) نص على زفافه الزبير بن بكار في الموفقيات كما في ص ٨ من المجلد الثاني من شرح النهج (منه قدس). وج ٦ / ١٩ ط مصر بتحقيق أبو الفضل.

(٢٧) نقل تمثله بهذا البيت أبو بكر أحمد بن عبد العزيز الجوهري في كتاب - السقيفة - كما في ص ٥ من المجلد الثاني من شرح النهج الحميدى (منه قدس). شرح نهج البلاغة لابن أبى الحديد ج ٦ / ١٤ بتحقيق أبو الفضل.

(١) وتفصيل هذه الأمور كلها في رسالتنا - فلسفة الميثاق والولاية - وحسبك المراجعة ٨٢ و ٨٤ من كتابنا - المراجعات - فان فيهما من التفصيل ما يثلج الغليل. وكذلك التنبيه المعقود في الفصل الثامن من - فصولنا المهمة - فراجع (منه قدس).

(٢٨) أخرج أبو بكر الجوهري في كتاب السقيفة - كما في ص ١٩ من المجلد الثاني من شرح النهج الحميدى - عن الشعبى حديثا قال فيه: فانطلق عمر وخالد بن الوليد إلى بيت فاطمة فدخل عمر ووقف خالد على الباب، فقال عمر للزبير: ما هذا =>

٣٩

واحتجاجه على من استبد به(٢٩) وما أبلغ حجته إذ قال مخاطبا لأبي بكر :

فأن كنت بالقربى حججت خصيمهم

فغيرك أولى بالنبي وأقرب

____________________

=> السيف ؟ قال: أعددته لأبايع عليا. قال وكان في البيت ناس كثير منهم المقداد وجمهور الهاشميين، فاخترط عمر السيف وضرب به صخرة في البيت فكسره ثم أخرجوا الزبير إلى خالد ومن معه، وكان معه جمع كثير أرسلهم أبو بكر ردءا لعمر وخالد، ثم قال عمر لعلى: قم فبايع. فتلكأ وأحتبس، فأخذ بيده فقال: قم، فأبى فحملوه ودفعوه إلى خالد كما دفعوا الزبير وساقهما عمر ومن معه من الرجال سوقا عنيفا، واجتمع الناس ينظرون، وامتلأت شوارع المدينة بالرجال، فلما رأت فاطمة ما صنع عمر صرخت وولولت، واجتمع معها نساء كثير من الهاشميات وغيرهن، فخرجت إلى باب حجرتها ونادت: يا أبا بكر ما أسرع ما أغرتم على أهل بيت رسول الله. والله لا أكلم عمر حتى ألقى الله، (الحديث)، ومن استقصى ما كان منهم يومئذ تجلت له الحقيقة في قول أبى بكر عند موته: وددت إني لم أكشف عن بيت فاطمة ولو أغلق على حرب.

وأخرج أبو بكر الجوهري في كتاب السقيفة أيضا من حديث أبى لهيعة عن أبى الأسود: ان عمر وأصحابه اقتحموا الدار وفاطمة تصيح وتناشدهم الله، وأخرجوا عليا والزبير يسوقهما عمر سوقا، وأخرج أبو بكر الجوهري: ان عمر جاء إلى بيت فاطمة في رجال من الأنصار ونفر قليل من المهاجرين، فقال: والذي نفسي بيده لتخرجن إلى البيعة أو لأحرقن البيت عليكم، فخرج إليه الزبير مصلتا بالسيف، فاجتمعوا عليه حتى ندر السيف من يده، فضرب به عمر الحجر فكسره، ثم أخرجهم بتلابيبهم يسوقهم سوقا عنيفا. (الحديث)، فراجعه في ص ١٩ من المجلد الثاني من شرح النهج، وكل ما ذكرناه هنا تجده هناك (منه قدس).

أخراج الإمام أمير المؤمنين (ع) كرها لأجل البيعة: راجع: العقد الفريد ج ٤ / ٣٣٥ ط لجنة التأليف والنشر في مصر وج ٢ / ٢٨٥ ط آخر، شرح نهج البلاغة لابن أبى الحديد ج ٣ / ٤١٥ ط أفست بيروت وج ٦ / ١١ و ٤٨ ط مصر بتحقيق أبو الفضل.

(٢٩) مطالبة الإمام (ع) بحقه واحتجاجه عليهم =>

٤٠

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

والينا رجل يتولاكم أهل البيت، وعليّ في ديوانه خراج، وأنا اعجز عن وفائه، فإن رأيت أن تكتب إليه بالإحسان اليّ.

قال الإمام: اني لا اعرفه.

فقال الرجل: انه كما قلت من محبيكم، وكتابك ينفعني عنده.

فكتب الإمام: بسم اللّه الرحمن الرحيم، ان موصل كتابي هذا اليك ذكر عنك مذهباً جميلاً، وانه ليس لك من عملك إلا ما احسنت، فاحسن إلى اخوانك، واعلم ان اللّه سائلك عن مثاقيل الذر والخردل.

قال الرجل: فاعطيت الكتاب للوالي، وهو الحسين بن عبد اللّه النيسابوري، فقبله ووضعه على عينيه، وقال لي: ما حاجتك ؟

فقلت: خراج عليّ في ديوانك.

فأمر بطرح الخراج عني، وقال: لا تؤد خراجاً بعد اليوم ما دام لي عمل، ثم أمر لي بصلة، وما زال يحسن إليّ، حتى مات.

ونقدم هذا الحديث إلى الذين يزعمون أنهم من شيعة العترة الطاهرة، حتى إذا تولوا منصباً من المناصب تنكروا لكل محب وموالٍ لآل الرسول جاهلين، أو متجاهلين أن مودة الآل تستدعي بطبعها الاخلاص للموالين والمحبين.

مع المعتصم:

مات المأمون، وبويع بالخلافة للمعتصم، فطلب الإمام الجواد، واحضره إلى بغداد، وقيل: أنه أخذ يعمل الحيلة في قتله، حتى دس إليه السم، فانتقل إلى جوار ربه، ودفن في الكاظمية مع جده موسى بن جعفر.

٢٢١

الإمَام عَلي الهَادِي

- هو الإمام العاشر، ولد بقرية في ضواحي المدينة سنة ٢١٤، وتوفي ودفن في سامراء سنة ٢٥٤، وأمه أم ولد، واسمها أم الفضل، فيكون عمره الشريف ٤٠ سنة، أقام منها مع أبيه ست سنين وأشهراً وبعده (٣٣) سنة وأشهراً.

- أولاده: كان له أربعة ذكور وبنت واحدة، وهم الإمام الحسن العسكري، والحسين، ومحمد، وجعفر(١) وعلية.

وكنيته أبو الحسن، واشهر ألقابه الهادي والنقي.

مع المتوكل:

كان المتوكل يبغض علياً وذريته، ولما بلغه مقام الإمام الهادي بالمدينة، وميل الناس إليه، خاف منه، ودعا يحيى بن هرثمة، وأمره بالذهاب إلى المدينة، واحضار الإمام.

قال يحيى: لما دخلت المدينة ضج أهلها ضجيجاً عظيماً ما سمع الناس بمثله خوفاً على الإمام الهادي، وقامت الدنيا على ساق، لأنه كان محسناً إليهم، ملازماً للمسجد، ولم يكن عنده ميل إلى الدنيا، فجعلت اسكنهم، واحلف اني ما أمرت به بسوء، وانه لا بأس عليه، ثم فتشت منزله فلم أجد فيه إلا المصاحف والأدعية وكتب العلم، فعظم في عيني، وتوليت خدمته بنفسي، واحسنت عشرته.

وما وصل الإمام إلى سامراء، واستقر به المقام، حتى بعث إليه المتوكل جماعة من الأتراك، فهجموا داره ليلاً، وحملوه إلى المتوكل على الحالة التي كان

_____________________

(١) ويلقب بجعفر الكذاب، لأنه ادعى الإمامة بعد أخيه الحسن العسكري.

٢٢٢

عليها، وقالوا له: لم نجد في بيته شيئاً، ووجدناه يقرأ القرآن مستقبلاً القبلة.

وكان المتوكل حين دخل عليه الإمام في مجلس الشرب حاملاً الكأس بيده، فلما رآه هابه وعظمه، وكان في المجلس علي بن الجهم، فسأله المتوكل: من اشعر الناس ؟. فذكر ابن الجهم الشعراء في الجاهلية والإسلام. فسأل الإمام عن ذلك ؟ فقال: اشعر الناس الحماني حيث يقول:

لقد فاخرتنا من قريش عصابة

بمط خدود وامتداد اصابع

فلما تنازعنا المقال قضى لنا

عليهم بما نهوى نداء الصوامع

ترانا سكوتاً والشهيد بفضلنا

عليهم جهير الصوت في كل جامع

فان رسول اللّه احمد جدنا

ونحن بنوه كالنجوم الطوالع

فقال له المتوكل: وما نداء الصوامع يا أبا الحسن ؟. قال: اشهد ان لا إله إلا اللّه وأن محمداً رسول اللّه.

رجل يتشيع:

كان بأصفهان رجل يدعى عبد الرحمن، وكان له لسان وجرأة، وكان شيعياً. فقيل له: ما سبب تشيعك وقولك بامامة الهادي ؟.

قال: اخرجني أهل أصفهان سنة من السنين، وذهبوا بي إلى باب المتوكل شاكين متظلمين، وفي ذات يوم، ونحن وقوف بباب المتوكل ننتظر الاذن بالدخول إذ خرج الأمر باحضار علي الهادي، فقلت لبعض من حضر: من هذا الرجل الذي أمر الخليفة باحضاره ؟.

قال: رجل علوي، تقول الرافضة بامامته، ويريد المتوكل قتله.

فقلت في نفسي: لن أبرح، حتى انظر إليه، ولم يمض أمد من الوقت حتى أقبل راكباً على فرس، وقد قام الناس يمنة الطريق، ويسرتها صفين ينظرون إليه، فلما رأيته وقع حبه في قلبي، ودعوت له في نفسي أن يدفع اللّه شر المتوكل.

واقبل الإمام يسير بين الناس، لا ينظر يمنة ولا يسرة، وأنا أكرر في نفسي الدعاء، فلما صار بأزائي أقبل بوجهه عليّ، وقال لي: قد استجاب اللّه دعاءك، وطول عمرك، وكثر مالك وولدك.

قال عبد الرحمن: فارتعدت من هيبته، ووقعت بين أصحابي، فسألوني:

ما شأنك ؟. فقلت: خيراً، ولم اخبر بذلك مخلوقاً، فانصرفنا بعد ذلك إلى أصفهان، ففتح اللّه علي بدعائه، حتى أنا اليوم أغلق بابي على ألف ألف درهم سوى أموالي التي خارج الدار، ورزقت عشرة من الأولاد، وقد بلغت الآن من العمر نيفاً وسبعين سنة.

٢٢٣

الإمَام حَسَن العَسكري

- الإمام الحادي عشر، ولد بالمدينة سنة ٢٣١ من الهجرة، وتوفي ودفن بسامراء مع أبيه سنة ٢٦٠، وأمه أم ولد، وتسمى سوسن، وأقام مع أبيه ٢٣ سنة وأشهراً، وبعد أبيه خمس سنين وأشهراً.

- كنيته أبو محمد، ولقبه العسكري، لأنه كان يسكن في سامراء بمحلة تعرف بالعسكر.

- أولاده: ليس له من الولد سوى محمد بن الحسن، وهو الحجة المنتظر.

من مناقبه:

قال الرواة: كانت أخلاقه كأخلاق جده رسول اللّه في هديه وسكونه وعفافه ونبله وكرمه، وكان على صغر سنه مقدماً على العلماء والرؤساء، معظماً عند سائر الناس. وقدمنا أن ما جرى لأول الأئمة في الفضائل وصفات الكمال يجري لآخرهم، وانهم في ذلك سواء.

وسجنه الخليفة العباسي عند رجل يدعى صالح بن وصيف، فوكل به رجلين من الأشرار بقصد ايذائه والتضييق عليه، فاصبحا بمعاشرة الامام من الصلحاء الابرار، فقال لهما صالح: ويحكما ما شأنكما في هذا الرجل ؟. قالا: ما نقول في رجل يصوم نهاره، ويقوم ليله كله، لا يتكلم ولا يتشاغل بغير العبادة، وإذا نظر الينا ارتعدت فرائصنا، ودخلنا ما لا نملكه من انفسنا.

اسير لا يملك حولاً ولا قوة، ينظر إلى آسره فيرتعد خوفاً وفزعاً. ولا تفسير لذلك إلا هيبة الإمامة، والا الرياسة الحقة التي تفرض نفسها على الناس اجمعين. وهكذا من ينقطع إلى اللّه سبحانه تهابه الملوك والجبابرة، وقد جاء في الحديث أن المؤمن يخشع له كل شيء، وان من يخاف اللّه يخاف منه كل شيء، حتى هوام الأرض وسباعها وطيور السماء.

من تفسيره:

قال الإمام العسكري في تفسير قوله تعالى: «الذي جعل لكم الأرض فراشاً والسماء بناء وأنزل من السماء ماء فاخرج به من الثمرات رزقاً لكم فلا تجعلوا للّه انداداً وانتم تعلمون»:

ان معنى جعل الأرض فراشاً انها ملائمة لطباعكم، موافقة لاجسادكم، ولم يجعلها شديدة الحرارة فتحرقكم، ولا شديدة البرودة فتجمدكم، ولا قوية الريح فتصدع هامكم، ولا شديدة اللين كالماء فتغرقكم، ولا شديدة الصلابة فتمتنع عليكم في الحرث والبناء والحفر، ولكنه جعلها من المتانة ما تنتفعون به، وجعل فيها من اللين ما تنقاد لحرثكم وكثير من منافعكم.

أما معنى جعل السماء بناء فهو حفظها بالشمس والقمر والنجوم، وانتفاع الناس بها:

٢٢٤

ثم أنزل المطر من علو ليبلغ الجبال والتلال والهضاب والوهاد، وفرقة رذاذاً ووابلاً وطلاً، لتنتفع الاشجار والزرع والثمار، ثم رتب اللّه سبحانه على ذلك وحدانيته وقدرته، ونفي الانداد والامثال.

وقال في تفسير قوله سبحانه «ومنهم أميون لا يعلمون الكتاب الا أماني»: ان الامي هو المنسوب إلى أمه، أي هو لا يعرف شيئاً، تماماً كما خرج من بطن أمه.

جعفر الكذاب:

كان للإمام العسكري أخ يسمى جعفراً، وكان يكيد له ويدس عليه وعلى شيعته الدسائس عند الخلفاء، وقد لحق بالموالين الأذى والحبس والتشريد من وشايته وافتراءاته، وادعى الإمامة بعد أخيه. ولذلك قيل له الكذاب. وجاء جعفر هذا إلى الوزير ابن خاقان بعد أن قبض أخوه الإمام، وقال له: اجعل لي مرتبة أبي وأخي، وأعطيك في كل سنة عشرين ألف دينار. فنهره الوزير، وقال له: يا أحمق ان السلطان جرد سيفه وسوطه على الذين والوا أباك وأخاك، ليردهم عن ذلك، فلم يقدر، وجهد أن يزيل أباك وأخاك عن تلك المرتبة فلم يتهيأ له، فإن كنت عند شيعة أبيك وأخيك إماماً فلا حاجة بك إلى إمام يرتبك مراتبهم، وإن لم تكن عندهم بهذه المرتبة لم تنلها، وان ساندك السلطان وغيره. ثم أمر الوزير أن يحجب عنه جعفر، ولا يؤذن له عليه بالدخول. وصدق ابن خاقان، فإن منصب الإمامة والرياسة عند الشيعة لا يناط بارادة الحكام، ولا ينال بالشفاعات والوساطات، كما هو الشأن في تعيين المشيخات والقضاة والمفتين. إن الرياسة عند الإمامية تعود إلى إرادة اللّه سبحانه، وثقة المؤمنين ووجدانهم واطمئنانهم لما يظهر لهم من دلائل الصدق وشواهد العدل، وهذا ميزة اختص بها الشيعة الإمامية عن كثير من الطوائف وأصحاب المذاهب الذين يختار رؤساؤهم بمرسوم الدولة، أقول هذا، مع العلم بأني من هؤلاء القضاة الذين تعينوا بمرسوم. ولكني أحمد اللّه سبحانه على لطفه وعنايته، حيث أوجد لي الظروف - من حيث أريد أو لا أريد - التي سلختني كلية عن القضاء الرسمي، بحيث لم يكن لي من وظائفه وشؤونه سوى قبض الراتب كاملاً، وأنا جالس في بيتي منقطع إلى الكتاب والقلم(١) .

_____________________

(١) في سنة ١٩٤٨ عينت قاضياً، وفي سنة ٤٩ مستشاراً، وفي سنة ٥١ رئيساً للمحكمة العليا، وبقيت في هذا المنصب إلى سنة ٥٦، فصادف ان اقيمت عندي دعوى تخص كاظم الخليل، وكان يومئذ وزيراً، فصدر الحكم في غير صالحه، فطار صوابه وجن جنونه، كما ان عادل عسيران رغب في تعيين بعض الشيوخ قاضياً فرفضت، وكان يومها رئيساً لمجلس النواب، فتعاون رئيس النواب والوزير على الشيخ لابس العمة، وعملا على تنحيتي من الرياسة إلى المستشارية، وذكرت ذلك مفصلاً مع الشواهد في آخر كتاب «الإسلام مع الحياة» وكان في ذلك الخير كل الخير وللّهِ الحمد، حيث انصرفت إلى التأليف، حتى أخرجت لي المطابع، حتى أول سنة ٦٣ اثنين وعشرين كتاباً.

٢٢٥

الإمَام الحجَّة محمَّد بن الحَسَن

- هو الإمام الثاني عشر من أئمة آل الرسول، ولد للنصف من شعبان سنة ٢٥٥ من الهجرة في سامراء أيام الخليفة المعتمد، ولما ولد أمر أبوه أن يفرق عنه عشرة آلاف رطل من الخبز، ومثلها من اللحم، كما عق عنه ثلاثمائة رأس من الغنم.

- وامه أم ولد، واسمها نرجس، وكانت سنه عند وفاة أبيه خمس سنين، وقد آتاه اللّه فيها الحكمة، وفصل الخطاب، وجعله آية للعالمين، كما جعل يحيى إماماً في حال طفولته، وعيسى نبياً، وهو في المهد.

وتكلمنا فيما تقدم بعنوان «المهدي المنتظر» ان السبب الأول لفكرة المهدي في الإسلام، وكل ما يتصل به هو الأحاديث النبوية المدونة في صحاح السنة والشيعة، وقد اتفق المسلمون على ممر العصور أنه لا بد في آخر الزمان من ظهور رجل من أهل البيت يسمى المهدي، ويؤيد الدين، ويظهر العدل، ويستولي على البلاد، ويملأها عدلاً.

الغيبة:

وللإمام المهدي غيبتان: صغرى، وكبرى، ومعنى الصغرى أن الإمام كان يحتجب عن الناس إلا عن الخاصة، وان اتصاله بشيعته كان عن طريق السفراء، فكان الشيعة يعطون الاسئلة إلى السفير، وهو بدوره يوصلها إلى الإمام، وبعد الجواب عنها والتوقيع عليها يرجعها إلى السائلين على يد سفيره، ومن هنا سميت الغيبة الصغرى، أي أنها ليست بغيبة كاملة، بحيث انقطع فيها عن جميع الناس، وكانت مدتها ٧٤ سنة.

وكان السفير الأول بين الإمام الغائب وشيعته رجل، يدعى عثمان بن عمر والعمري الأسدي، وكان عثمان هذا وكيلاً للإمام علي الهادي جد الإمام الغائب، ثم وكيلاً لأبيه الإمام حسن العسكري، ثم صار سفيراً للمهدي. ولما توفي عثمان تولى السفارة بعده ولده محمد بأمر المهدي، ثم تولاها بعده الحسين بن روح النوبختي، ثم علي بن محمد السمري، وبعد هؤلاء السفراء الأربعة انتهت الغيبة الصغرى.

أما الغيبة الكبرى فتبتدئ بمنتصف شعبان ٣٢٨ هجري، وفيها انقطعت الاتصالات والسفارة بين الإمام وشيعته، واللّه سبحانه أعلم بحكمتها، فإنها سر من اسراره عز وجل، والشك في أسرار اللّه جحود، والجهل ليس عذراً يسوغ الانكار، إذ ليس كل ما هو كائن يجب أن نعلمه بالتفصيل،

٢٢٦

فنحن المسلمين جميعاً نؤمن بالقرآن الكريم كلمة كلمة، وحرفاً حرفاً، ومع ذلك نجهل بعض معاني ألفاظه، كفواتح السور التي قيل ان علمها عند اللّه وحده، وقال آخرون: ان علمها عند اللّه ونبيه لا غيرهما، وقلنا نحن عندهما وعند الأئمة الآل الأطهار فقط سلام اللّه وصلواته على جدهم وعليهم أجمعين.

الأئِمَة الإثنَا عَشَر

قد يتساءل: لماذا كان عدد الأئمة اثني عشر إماماً لا يزيدون ولا ينقصون ؟

الجواب:

إن السبب الأول لهذا الحصر الأحاديث النبوية التي رواها أصحاب الصحاح في صحاحهم كالبخاري ومسلم وغيرهما. فكما دلت الأحاديث الصحيحة على ان صلاة الظهر أربع ركعات، والمغرب ثلاث، والصبح ركعتان كذلك دلت على أن الأئمة ١٢ دون زيادة أو نقصان، وقد نقلنا الأحاديث فيما تقدم من هذا الكتاب بعنوان «شروط الإمام» فقرة الإمام من أهل البيت، هذا إلى أن الإمامية استدلوا بأدلة أخرى تعزز السنة النبوية، نلخصها بما يلي:

١ - أنواع العلوم التي ظهرت من أئمة آل محمد، فقد روي عن علي أمير المؤمنين من أبواب التوحيد وعلوم الدين، وأحكام الشريعة وتفسير القرآن، وأصول اللغة وقواعدها وآدابها ومن الطب والحكمة والنجوم ما استفاد منه العلماء والفلاسفة والفقهاء وأهل اللغة والأدباء والأطباء وغيرهم.

وحين زال الخوف عن الإمامين الباقر والصادق روي عنهما من أنواع العلوم ما ملأ الأسفار، كذلك الإمام الكاظم فقد أظهر العلوم واشاعها إلى أن حبسه الرشيد، ومنعه من ذلك، وأيضاً انتشر عن الرضا وولده الجواد الشيء الكثير، وكذلك كان سبيل الهادي والعسكري، وانما قلت الرواية عنهما، لانهما كانا محبوسين ممنوعين عن الاتصال بالناس، واتصال الناس بهم.

وإذا عرفنا أنهم لم يأخذوا علومهم عن صحابي ولا تابعي ولا عالم أو فقيه، لانهم لم يرووا عن أحد قط، وإن أكثر ما أخذ عنهم من العلم لا يعرف إلا منهم، إذا عرفنا هذا تبين معنا أنهم أخذوا العلم عن جدهم النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله دون غيره، وانه قد أفردهم بها ليدل على إمامتهم، وافتقار الناس إليهم، وغناهم عن الناس، ليكونوا مرجعاً لأمته في الدين، وملجأ في الأحكام.

٢ - إن حكام الجور قد تتبعوا الأئمة الأطهار واحداً فواحداً، واجتهدوا في النيل من كرامتهم، وتطلبوا لهم العثرات والزلات، ولما اعياهم الطلب نكلوا بهم وبشيعتهم، وما ذاك إلا لأنهم كانوا

٢٢٧

على أعلى الصفات، كما شاهدنا في هذا العصر، وفي كل عصر من عداوة أهل الرذيلة لأهل الفضيلة.

٣ - اعتقاد العلماء والرؤساء في الفقه والحديث والكلام بإمامة الأئمة وعصمتهم، كهشام بن الحكم، وأبي بصير، وزرارة، ومحمد بن النعمان، وإبان بن تغلب، ومحمد بن مسلم، ومعاوية بن عمار وغيرهم ممن بلغوا الجمع الكثير، والجم الغفير من أهل الحجاز والعراق وإيران، فإنهم قد جمعوا أقوال الأئمة من أهل البيت، ودونوها في كتبهم، واعتمدوها كأصل من أصول الدين والشرع، مع العلم بأن كل واحد من هؤلاء الاقطاب كان على جانب كبير من العلم والتقوى، وأن الأئمة الأطهار قد أقروهم على عقيدتهم، ولو كانوا مبطلين لنهوهم وتبرأوا منهم، تماماً كما تبرأوا ولعنوا الغلاة.

٤ - ان معاوية وطلحة والزبير وعائشة الذين كانوا أعدى اعداء الامام علي لم يجدوا شيئاً يتذرعون به حين قاوموه وحاربوه إلا الطلب كذباً وافتراءً بدم عثمان. وقد انبأنا التاريخ انه بعد ان خلا الجو لمعاوية كانت الوفود تأتيه، وتجرعه السم الزعاف بذمه، ومدح أمير المؤمنين، وهو يسلم، ولا يجد مجالاً للتكذيب.

ثم كان من أمر ولده يزيد مع الحسين ما كان، ومع ذلك لم يستطع أن يتفوه بكلمة تدين الإمام الشهيد، وكذلك بقية الأئمة من الإمام زين العابدين إلى الإمام العسكري قد فرضوا تعظيمهم على الملوك الذين اجتهدوا كل الاجتهاد في البحث والطلب عن عثرة واحدة لأحد الأئمة، فاعياهم الطلب.

٥ - تعظيم قبورهم، وفضل مشاهدهم، حتى ان الألوف تقصدها في كل آن للتبرك والاجر والثواب، وإعلان الخطباء مناقبهم وفضائلهم من على المنابر طوال أيام السنة ومدى الدهر، ووضع العلماء مئات الكتب في شرف منزلتهم وأنواع علومهم، والأدلة العقلية والنقلية على امامتهم.

وبالتالي، فليس لأحد من البشر بعد نبيناصلى‌الله‌عليه‌وآله ما للأئمة من ذريته من الفضل والعظمة، ورحم اللّه السيد المرتضى حيث قال: ان الشيعة والشافعية قالوا: ان الصلاة على النبي وآله فرض واجب، وقالت بقية المذاهب: هي مستحبة، وليست بواجبة، ومهما يكن، فان الصلاة عليهم عبادة، والتعبد بالشيء لا يتم إلا بمعرفته. فمعرفتهم - اذن - اما واجبة، واما مستحبة. وفي هذا الدليل القاطع على انهم أفضل الناس بعد جدهم، اذ لا تجب ولا تستحب معرفة أحد من أجل الصلاة إلا معرفتهم.

٢٢٨

لا سُنّة وَلا شِيعَة

ما زلنا نسمع الحين بعد الحين كلمة تدور على لسان أكثر من واحد، وهي «لا سنة ولا شيعة» بل مسلمون، وكفى. حتى أن أحد الشيوخ ألف كتاباً، اسماه بذلك. وليس من شك أن بعض من ردد هذه الكلمة طيب القلب، خالص النية، وانه عبر بها عن امنيته وهي ان يسود الوئام، وتزول الحواجز بين المسلمين. ولكن البعض الآخر أراد بها أن يسكت الشيعة على ما يوجه إلى عقيدتهم من التزييف والطعون، وان يتقبلوا ما يتقوله عليهم الحفناوي والجبهان ومحب الدين الخطيب واخوان السنة في القاهرة، ومجلة التمدن الإسلامي في دمشق، وغيرها. وبكلمة يريد بها أن المسلمين هم السنة دون الشيعة، وان عقيدة التشيع يجب القاؤها في سلة المهملات، لانها بزعمه لا تمت إلى الاسلام بسبب. وقد جهل أو تجاهل ان نفي التشيع هو نفي للقرآن والحديث، وبالتالي، نفي للإسلام من الأساس.

في سنة ١٣٨٠ هجري احتفلت جمعية البر والإحسان في صور بعيد الغدير، وكان بين المتكلمين شيخ أزهري وأنا، وبعد أن ألقيت كلمتي تكلم هذا الشيخ، وقال فيما قال: ما لنا وليوم الغدير ؟ لقد ذهب بما فيه. والاحتفال به تباعد بين المسلمين، وهم احوج إلى التقريب والوئام.

وبعد ان انتهى من كلامه عدت إلى منصة الخطابة، وعقبت على خطابه بقولي:

مهما نهى الشيخ عن شيء فإنه لن يستطيع هو ولا غيره أن ينهى عن كتاب اللّه وسنة نبيه، ونحن لسنا مع عيد الغدير، ولا مع علي بن أبي طالب لو لم يكن اللّه ورسوله معه، وإذا لم يترك اللّه والرسول علياً فماذا نصنع ؟. هل نتركه نحن ؟.

ثم إذا تركنا علياً - والحال هذه - هل نكون مسلمين حقاً ؟. ان احتفالنا بهذا اليوم هو احتفال بالقرآن الكريم وسنة النبي العظيم بالذات، احتفال بالاسلام ويوم الإسلام. ان النهي عن يوم الغدير تعبير ثانٍ عن النهي بالاخذ بالكتاب والسنة، وتعاليم الاسلام ومبادئه(١) .

وتلك كتب الأحاديث والسِّيَر متخمة بالادلة والبراهين القاطعة على أن تعظيم العترة الطاهرة تعظيم للّه وكتابه، وللرسول وسنته.

٢٢٩

والآن وفي كتابي هذا أذكر رواية تغني عن ألف دليل ودليل، لأن الذين أوردوها هم الآل والعترة بالذات:

كان من عادة المأمون العباسي أن يعقد المجالس للعلماء على اختلاف مذاهبهم وفرقهم، ويرغب إليهم ان يتدارسوا ويتناقشوا في الفقه والحديث والفلسفة وغيرها، وفي ذات يوم جمعهم في حضور الامام الرضا (ع) والقى عليهم هذا السؤال:

من هم المصطفون المعنيون بقوله تعالى: «ثم اورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا - ٣٢ الفرقان» ؟

قال العلماء - غير الإمام -: انهم أمة محمد بكاملها.

قال المأمون للإمام الرضا: ما تقول أنت يا أبا الحسن ؟

قال الإمام: انه أراد العترة الطاهرة دون غيرهم.

قال المأمون: وما الدليل على ذلك ؟

قال الإمام: لو أراد اللّه عز وجل بهذه الآية الكريمة جميع المسلمين كما قال العلماء لحرمت النار على كل مسلم، وان فعل ما فعل، لأنه سبحانه لا يعذب احداً ممن اصطفاه، والثابت بضرورة الدين خلاف ذلك، وان من يعمل مثقال ذرة خيراً يره، وان من يعمل مثقال ذرة شراً يره، هذا، إلى أن آيات القرآن الكريم يفسر بعضها بعضاً، كما أن الأحاديث النبوية هي تفسير وبيان لكتاب اللّه، وفي الكتاب والحديث دلائل وشواهد على أن المراد بقوله تعالى «ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا» هم العترة الطاهرة، منها:

_____________________

(١) قال الشيخ عبد اللّه العلايلي في خطبة أذاعتها محطة الاذاعة اللبنانية: ان عيد الغدير جزء من الإسلام، فمن أنكره فقد أنكر الإسلام بالذات. وذلك في ١٨ ذي الحجة سنة ١٣٨٠ هجري.

٢٣٠

١ - قوله تعالى: «انما يريد اللّه ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً - ٣٣ الاحزاب» فقد دلت الآية على أن أهل البيت هم المطهرون من الرجس، وبديهة ان المصطفين مطهرون. فأهل البيت - اذن - هم المصطفون دون غيرهم.

٢ - قول الرسول الأعظم: «اني مخلف فيكم الثقلين: كتاب اللّه، وعترتي أهل بيتي ألا وانهما لن يفترقا، حتى يردا علي الحوض» وما دام الكتاب ملازماً للعترة، ولم يفترق عنها بحال، اذن، هي التي ترثه، وهي التي خصها اللّه بالقرب والاصطفاء.

٣ - قوله تعالى: «فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع ابناءنا وابناءكم ونساءنا ونساءكم وانفسنا وانفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة اللّه على الكاذبين - ٦١ آل عمران». فالذين اختارهم اللّه هنا في هذه الآية واصطفاهم للمباهلة هم بالذات الذين اصطفاهم وعناهم في آية «ثم أورثنا الكتاب» ولا يختلف اثنان ان المراد بانفسنا علي، وابناؤنا الحسن والحسين، ونساؤنا فاطمة، وهذه خاصة لا يتقدمهم فيها أحد، وفضل لا يلحقهم به بشر، وشرف لا يسبقهم إليه مخلوق.

٤ - ان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله سد ابواب الصحابة جميعاً التي كانت على مسجده الا باب علي، حتى تكلموا، واحتجوا، وقالوا فيما قالوا: يا رسول اللّه ابقيت علياً، واخرجتنا. فقال: ما انا ابقيته، واخرجتكم، ولكن اللّه سبحانه هو الذي ابقاه وأخرجكم. فكما اخرج اللّه الناس هناك، وأبقى علياً، كذلك اخرجهم من آية «ثم أورثنا الكتاب» وابقى العترة الطاهرة.

٥ - قوله تعالى: «وآت ذا القربى حقه - ٢٦ الاسراء». فقد نص صراحة على أن لأهل البيت حقاً خاصاً بهم لا يشاركهم فيه أحد، وما ذاك إلا لأن اللّه سبحانه قد اصطفاهم على الأمة جمعاء.

٦ - ان اللّه عز وجل لم يبعث نبياً الا أوحى إليه أن لا يسأل قومه اجراً على تبليغ رسالته، لأن اللّه سبحانه هو الذي يوفيه اجر الانبياء الا محمداً، فإن اللّه أمره أن يجعل أجره مودة قرابته، بطاعتهم ومعرفة فضلهم. فقد حكى عن نوح أن قال: «يا قوم لا أسألكم عليه مالاً ان أجري إلا على اللّه - ٢٩ هود»

وحكى عن هود أنه قال لقومه: «قل لا أسألكم عليه أجراً ان اجري إلا على الذي فطرني - ٥١ هود». أما محمد فقد قال بأمر ربه: «قل لا أسألكم عليه اجراً إلا المودة في القربى - ٢٠ الشورى» وإذا كان وجوب المودة ميزة خاصة بآل الرسول دون غيرهم من آل الانبياء فكذلك

٢٣١

ارث الكتاب والاصطفاء ميزة خاصة بهم دون غيرهم.

٧ - ان اللّه سبحانه قال: «سلام على نوح في العالمين - ٧٩ الصافات» وقال: «سلام على إبراهيم - ١٠٩ الصافات». وقال: «سلام على موسى وهارون - ١٢٠ الصافات». ولم يقل سلام على آل نوح، ولا سلام على آل إبراهيم، ولا سلام على آل موسى. ولكنه قال عز من قال: «سلام على آل يس - ١٣٠ الصافات». ويس هو محمد بالاتفاق، وإذا خصهم اللّه بالسلام فقد خصهم أيضاً بارث الكتاب والاصطفاء. وجاء في الحديث ان المسلمين سألوا محمداً: كيف نصلي عليك يا رسول اللّه ؟ قال: تقولون اللهم صلِّ على محمد وآل محمد.

٨ - قوله تعالى: «واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن للّه خمسه وللرسول ولذي القربى - ٤١ الانفال» فقد جعل اللّه سبحانه الآل في حيز، والناس في حيز دونهم، ورضي لهم ما رضي لنفسه، واصطفاهم على الخلق، فبدأ بنفسه، ثم ثنى برسوله، ثم بذي القربى في كل ما كان من الفيء والغنيمة، وغير ذلك، وهذا فضل للآل دون الأمة.

٩ - قوله تعالى: «فاسألوا أهل الذكر ان كنتم لا تعلمون - ٤٣ النحل» وأهل البيت هم أهل الذكر، لأنهم عدل القرآن الكريم بنص حديث الثقلين.

١٠ - قوله تعالى: «وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها - ١٣٢ طه». قال الإمام الرضا (ع): ان اللّه تبارك وتعالى قد أمرنا مع الناس بإقامة الصلاة في قوله «اقيموا الصلاة»، ثم خصنا من دونهم بهذه الآية الكريمة، فكان رسول اللّه بعد نزولها يأتي إلى باب علي وفاطمة عند حضور كل صلاة خمس مرات، ويقول: الصلاة يرحمكم اللّه. ولم يكرم أحداً من ذراري الانبياء بمثل هذه الكرامة التي اكرمنا بها.

وبعد ان انتهى الإمام من حديثه الطويل(١) قال العلماء والمأمون للإمام: جزاكم اللّه خيراً أهل البيت عند أمة جدكم، فإنا لا نجد بيان ما اشتبه علينا من الحق إلا عندكم. وصلى اللّه على محمد وآله الطيبين.

_____________________

(١) ذكر الشيخ الصدوق في كتاب «عيون الأخبار» هذه الأدلة القاطعة مع غيرها لاثبات ان المراد من آية «واورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا» هم العترة الطاهرة، ورواها عن الإمام الرضا، وقد لخصتها بشيء من التصرف في التعبير، لأجل التوضيح والاختصار، مع المحافظة التامة على المعنى.

٢٣٢

معَ الشِّيعَة الإمَاميَّة.

رَاي صَريح في حَقِيقَةِ التَّشيعِ وَأصُولهِ التي تَرتَكِزُ عَليهَا المذاهِبُ الإسلامِيَّة

مقَدّمَة

بسم اللّه، وله الحمد، والصلاة والسلام على محمد وآله وصحبه

«الكلام في وثاقك ما لم تتكلم به،

فإذا تكلمت به صرت في وثاقه»

الإمام علي بن أبي طالب ع.

* * *

٢٣٣

جمعت في هذه الأوراق بعض ما كنت أرسله في الصحف الحين بعد الحين من سنة ١٩٣٧ إلى هذا التاريخ(١) .

ومنه ما كان رداً على من نسب إلى الإمامية ما ليس لهم به علم، ومنه ما أردت به بيان عقيدتهم، وما عندهم من كنوز، والتقريب بين مذهبهم ومذاهب السنة، ومنه تلوته يوم العاشر من المحرم في ذكرى سيد الشهداء الحسين بن علي ع، ومنه اذعته من الراديو في شهر رمضان المبارك ويوم العيد إلى غير ذلك من المناسبات.

وأسميت الكتاب «مع الشيعة الإمامية» لأني رأيت هذا الاسم أجمع لشتات تلك الخطب والمقالات، وأقرب إليها من سائر الأسماء التي لاحت لي، وأنا أفكر في اختيار التسمية.

ومعنى التشيع في اللغة، المتابعة على وجه التدين والولاء، ومنه قوله تعالى «وان من شيعته لإبراهيم. فاستغاثه الذي من شيعته» ولكن لفظ الشيعة صار بسبب كثرة الاستعمال علماً مختصاً بشيعة علي بن أبي طالب الذين يعتقدون بإمامته بعد الرسول، وهم فرق منهم الإمامية والزيدية والجارودية.

وقال الشيخ المفيد في أول كتاب - أوائل المقالات -: ان لفظ الإمامية علم على من دان بوجوب الإمامة ووجودها في كل زمان، وأوجب النص الجلي والعصمة والكمال لكل

_____________________

(١) أهملت ما نشرته قبل هذا التاريخ لأنه الباكورة الاُولى.

٢٣٤

إمام، ثم حصر الإمامة في ولد الحسين، وساقها إلى علي بن موسى الرضا.

والشيعة الإمامية هم أكثر فرق الشيعة عدداً وانتشاراً، ومنهم الاثنا عشرية الذين قالوا بإمامة اثني عشر معصوماً، أولهم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، وآخرهم محمد بن الحسن المهدي المنتظر، ويبلغ عدد الإمامية ما يقرب من سبعين مليوناً منتشرين في العراق، والأكثرية فيها إمامية، وإيران وليس فيها من غيرهم إلا القليل، ومنهم نحو اثنين وثلاثين مليوناً في الهند بما فيها باكستان، ونحو عشرة ملايين في روسيا وتركستان، وبخارى والافغان ولبنان، وقليل منهم في سوريا والحجاز واليمن، ومنهم في الصين والتيبت والصومال وجاوا والالبان وتركيا والبحرين والكويت والاحساء والقطيف * ولو كنت أعلم بظهر الغيب ان هذه المقالات والخطب ستستوي في يوم من الأيام بكتاب مجموع لحاولت عند انشائها أن تكون خيراً مما هي، على أني لم أعدل فيها إلا قليلاً، لا حفظاً لحق التاريخ عليّ، ولا لأن وقتي لا يتسع للصقل والتسوية، بل، لأني لم أشعر من نفسي الرغبة في التحريف والتعديل، ولا شيء أصعب علي من الكتابة في هذه الحال.

وأبادر إلى الاعتراف بأني لم آت بتمام الغرض، واستوعب كل القصد، وأن أقوالي كأقوال أي إنسان غير معصوم تخضع للنقد والحساب، ويخضع صاحبها للمؤاخذة والعتاب، وعذري أنها عقلي وإيماني أضعهما بين يدي القارئ. ومن اللّه سبحانه استمد العون والهداية.

محمد جواد مغنية

_____________________

* راجع كتاب أعيان الشيعة للسيد محسن الأمين الجزء الأول ص ٤٦ الطبعة الاُولى.

٢٣٥

ضرورَات الدين وَالمذهَب *

المسلم من صدّق مقتنعاً بكل ما اعتبره الإسلام من الأصول والفروع، والأصول ثلاثة: التوحيد، والنبوة، والمعاد، فمن شك في أصل منها، أو ذهل عنه قاصراً أو مقصراً فليس بمسلم، ومن آمن بها جميعاً جازماً فهو مسلم، سواء أكان إيمانه عن نظر واجتهاد، أم عن التقليد والعدوى، على شريطة ان يكون وفق الحق والواقع.

أما ما ذكره العلامة الحلي، والشهيد الثاني، وغيرهما، من وجوب الاستدلال والنظر في العقائد، وعدم كفاية التقليد فيها، فإِن المقصود منه التقليد الذي لا يوصل إلى الواقع، أما إذا كان سبيلاً للتصديق بالحق، فلا ريب في إجزائه وكفايته، وإلا لم يبق من المسلمين سوى واحد من كل مائة، ولذا قال العلامة الأنصاري في كتاب الفرائد: (والأقوى كفاية الجزم الحاصل من التقليد).

ويكفي من التوحيد الإيمان بوحدة اللّه تعالى، وقدرته وعلمه وحكمته، ولا تجب معرفة صفاته الثبوتية والسلبية بالتفصيل، ولا انها عين ذاته أو غيرها، ويكفي من النبوة الإيمان بأن محمداً،صلى‌الله‌عليه‌وآله وسلم، رسول من اللّه صادق فيما أخبر به، معصوم في تبليغ الأحكام، فإن الرسول قد يخبر عن الشيء بصفته الدينية المحضة أي كونه رسولاً مبلغاً عن اللّه تعالى، وقد يخبر عنه بصفته الشخصية، أي كونه إنساناً من البشر، فما كان من النوع الأول يجب

_____________________

* نشر في رسالة الإسلام المصرية العدد الرابع المجلد الثاني سنة ١٩٥٠

٢٣٦

التعبد به، وما كان من النوع الثاني فلا يجب.

أما التصديق والإيمان بأن النبي كان يسمع ويرى وهو نائم، كما يسمع ويرى وهو مستيقظ، وأنه يرى من خلفه كما يرى من أمامه، وانه عالم بجميع اللغات، وأنه أول من تنشق عنه الأرض، فليس من ضرورات الدين ولا المذهب.

ويكفي من المعاد الاعتقاد بأن كل مكلف يحاسب بعد الموت على ما اكتسبه في حياته، وأنه ملاق جزاء عمله، ان خيراً فخير، وان شراً فشر، أما انه كيف يحاسب العبد ؟ وعلى أية صورة بالتحديد يكون ثواب المحسن، وبأي لون يعاقب المسيء ؟ فلا يجب التدين بشيء من ذلك، فالتوحيد، والنبوة، والمعاد، دعائم ضرورية لدين الإسلام، فمن أنكر واحداً منها، أو جهله فلا يعد مسلماً شيعياً، ولا سنياً.

أما الفروع التي هي من ضرورات الدين، فهي كل حكم اتفقت عليه المذاهب الإسلامية كافة من غير فرق بين مذهب ومذهب، كوجوب الصلاة والصوم، والحج، والزكاة، وحرمة زواج الأم والأخت، وما إلى ذلك مما لا يختلف فيه رجلان من المسلمين، فضلاً عن طائفتين منهم، فإنكار حكم من هذه الأحكام إنكار للنبوة، وتكذيب لما ثبت في دين الإسلام بالضرورة.

والفرق بين الأصول والفروع الضرورية، أن الذي لا يدين بأحد الأصول يكون خارجاً عن الإسلام، جاهلاً كان أم غير جاهل، أما الذي لا يدين بفرع ضروري، كالصلاة والزكاة فإن كان ذلك مع العلم بصدوره عن الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله وسلم، فهو غير مسلم، لأنه إنكار للنبوة نفسها، وإن كان جاهلاً بصدوره عن الرسالة، كما لو نشأ في بيئة بعيدة عن الإسلام والمسلمين، فلا يضر ذلك بإسلامه إذا كان ملتزماً بكل ما جاء به الرسول، ولو على سبيل الإجمال، فالتدين بالأصول أمر لا بد منه للمسلم، ولا يعذر فيها الجاهل، أما إنكار الاحكام الفرعية الضرورية فضلاً عن الجهل بها، فلا يضر بإسلام المسلم إلا مع العلم بانها من الدين، فالإمامة ليست أصلاً من أصول دين الإسلام، وإنما هي أصل لمذهب التشيع، فمنكرها مسلم إذا اعتقد بالتوحيد والنبوة، والمعاد، ولكنه ليس شيعياً.

٢٣٧

ضرورات المذهب:

ضرورات المذهب عند الشيعة على نوعين: النوع الأول يعود إلى الأصول، وهي الإمامة، فيجب على كل شيعي امامي اثني عشري، أن يعتقد بإمامة الاثني عشر إماماً، ومن ترك التدين بإمامتهم عالماً كان أم جاهلاً، واعتقد بالأصول الثلاثة، فهو عند الشيعة مسلم غير شيعي، له ما للمسلمين، وعليه ما عليهم، فالإمامة أصل لمذهب التشيع الذي يرجع معناه ودليله إلى حديث الثقلين (مثل أهل بيتي كسفينة نوح من ركبها نجا، ومن تخلف عنها غرق).

النوع الثاني من ضرورات مذهب الشيعة يرجع إلى الفروع، كنفي العول، والتعصيب، ووجوب الاشهاد على الطلاق، وفتح باب الاجتهاد، وما إلى ذلك مما اختصوا به دون سائر المذاهب الإسلامية، فمن أنكر فرعاً منها مع علمه بثبوته في مذهب التشيع لم يكن شيعياً.

وأغتنم هذه المناسبة لألفت نظر من يحتج على الشيعة ببعض الأحاديث الموجودة في كتب بعض علمائهم، ألفت نظره إلى أن الشيعة تعتقد ان كتب الحديث الموجودة في مكتباتهم فيها الصحيح والضعيف، وان كتب الفقه التي ألفها علماؤهم فيها الخطأ والصواب، فليس عند الشيعة كتاب يؤمنون بأن كل ما فيه حق وصواب من أوله إلى آخره غير القرآن الكريم، فالأحاديث الموجودة في كتب الشيعة لا تكون حجة على مذهبهم، ولا على أي شيعي بصفته المذهبية الشيعية، وإنما يكون الحديث حجة على الشيعي الذي ثبت عنده الحديث بصفته الشخصية.

وهذه نتيجة طبيعية لفتح باب الاجتهاد لكل من له الاهلية، فإن الاجتهاد يكون في صحة السند وضعفه، كما يكون في استخراج الحكم من أية رواية.

ولا أغالي إذا قلت: أن الاعتقاد بوجود الكذب والدس بين الأحاديث ضرورة من ضرورات دين الإسلام من غير فرق بين مذهب ومذهب، حيث اتفقت على ذلك كلمة جميع المذاهب الإسلامية.

٢٣٨

مِن أصُول الإماميَّة *

يتساءل البعض: لقد انقطع دابر الساسة الذين فرقوا المسلمين إلى مذاهب، فكيف بقي هذا الانقسام، وقد زالت أسبابه ؟

أجل، إن الانقسام كان في بدئه عرضياً - وما زال - ولكن سرعان ما تحول إلى انقسام جوهري عند الكثير من رجال المذاهب، فظنوا ان الاختلاف في الفروع والاعتبارات اختلاف في الأصل والجوهر، وما زال اثر هذا الظن الخاطئ حتى اليوم، على أن عمل الساسة في كل عصر يرتكز على بث روح العداء والتعصب عن طريق الأديان، وهذا هو السبب لاستمرار الانقسام والشقاق.

والغريب أن هذه الحقيقة يقررها الكثير من حملة الأقلام، ولكنهم يذهلون عنها وعن أنفسهم إذا وقع نظرهم على اختلاف يسير بين فقيهين من مذهبين، فيجعلونه اختلافاً دينياً، لا نظرياً.

وأغرب من ذلك أن ينسبوا لأحد المذاهب قولاً لم يقل به أحد من اتباع ذلك المذهب، أو قال به فرد أو أفراد خالفهم فيه أكثر فقهاء المذهب نفسه، فينسبون إلى أهل السنة أجمعين قولاً للأحناف، أو لفقيه منهم، وينسبون إلى الشيعة كافة، بما فيهم الإمامية، قولاً لغلاة الشيعة، أو لفقيه من الإمامية خالف علماءهم جميعاً، بل قد ينسبون إلى الشيعة قولاً لجاهل لا يفهم عن التشيع شيئاً.

هذا، والمعروف من مذهب الإمامية القول بفتح باب الاجتهاد، ولازم ذلك أن قول مجتهد أو جماعة من المجتهدين، لا يكون حجة على الآخرين،

_____________________

* - نشر في رسالة الإسلام العدد الثاني المجلد الخامس ١٩٥٣

٢٣٩

فمن الخطأ أن ينسب إلى مذهب الإمامية قول وجد في كتاب عالم منهم، ومن عرف طريقتهم، وتتبع كلمات علمائهم، تجلت له هذه الحقيقة بأوضح معانيها.

وعند الشيعة الإمامية كتب أربعة للمحمدين الثلاثة: محمد الكليني، ومحمد الصدوق، ومحمد الطوسي، وهي: الاستبصار، ومن لا يحضره الفقيه، والكافي، والتهذيب، وهذه الكتب عند الشيعة تشبه الصحاح عند السنة، ومع ذلك يقول الشيخ جعفر كاشف الغطاء في كتابه «كشف الغطاء» صفحة ٤٠ «المحمدون الثلاثة رضوان اللّه عليهم كيف يعول في تحصيل العلم عليهم، وبعضهم يكذب رواية بعض بتكذيب بعض الرواة. وما استندوا إليه مما ذكروا في أوائل الكتب الأربعة من أنهم لا يروون إلا ما هو حجة بينهم وبين اللّه، أو ما يكون من القسم المعلوم دون المظنون، فبناء على ظاهره لا يقتضي حصول العلم بالنسبة إلينا، لأن علمهم لا يؤثر في علمنا..»، وإذا كانت هذه الكتب الأربعة لا يعول عليها إلا بعد نقدها حديثاً حديثاً وفحصها دلالة وسنداً، فكيف ينسب إلى الشيعة ما لم يؤمن به الكل أو الجل ؟!

فإذا أراد الكاتب أن ينسب لأحد المذاهب أصلاً أو فرعاً يجب عليه قبل كل شيء أن يكون على معرفة بأقوال علماء المذهب واصطلاحهم وطريقتهم في تقرير الأصول، واستنباط الفروع، وأن ينقل عمن يعبر عن عقيدة الطائفة دون تعصب لها أو على غيرها من الطوائف.

على هذا الأساس، أساس النقل عن المرجع الذي اتفقت كلمة علماء المذهب على فضله واخلاصه للدين، والتجرد للحق، ننقل جملة من أصول مذهب الإمامية التي كثر حولها القيل والقال، ونسبت إليهم على غير وجهها جهلاً من الناقل أو نقلاً عن جاهل، أو عالم متعصب.

معنى الإسلام:

قال الشيخ جعفر كاشف الغطاء قدس سره في كتابه: «كشف الغطاء» باب الاجتهاد صفحة ٣٩٨: «يتحقق الإسلام بقول أشهد أن لا إله إلا اللّه، محمد رسول اللّه» أو بما يرادفه من أي لغة كانت، وبأي لفظ كان، فمن قاله حكم باسلامه، ولا يسأل عن صفات ثبوتية ولا

٢٤٠

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419