الشيعة في الميزان

الشيعة في الميزان14%

الشيعة في الميزان مؤلف:
تصنيف: تاريخ التشيع
الصفحات: 419

الشيعة في الميزان
  • البداية
  • السابق
  • 419 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 142477 / تحميل: 9284
الحجم الحجم الحجم
الشيعة في الميزان

الشيعة في الميزان

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

٦ - عبد الرحمن بن أحمد الدشني الحنفي.

٧ - عبد الوهاب الشعراني في كتابه «عقائد الأكابر».

٨ - عطاء اللّه بن غياث الدين في كتابه «روضة الأحباب في سيرة النبي والآل والأصحاب».

٩ - محمد بن محمد البخاري المعروف بخواجة بارسا الحنفي في كتابه «فصل الخطاب».

١٠ - العارف عبد الرحمن في كتابه «مرآة الأسرار».

١١ - الشيخ حسن العراقي.

١٢ - أحمد بن إبراهيم البلاذري في «الحديث المتسلسل».

١٣ - عبد اللّه بن أحمد المعروف بابن الخشاب في كتابه «تواريخ مواليد الأئمة ووفياتهم».

هذي هي مسألة المهدي المنتظر عرضناها على العقل فلم ينكرها، وعلى القرآن الكريم فوجدنا لها اشباهاً ونظائر، وعلى سنة الرسول فكانت هي المصدر الأول، وعلى علماء السنة فألفيناهم مجمعين عليها، ومنهم هؤلاء الذين قالوا: إنه ولد، وإنه حي إلى أن يأذن اللّه، فأين مكان الغرابة والخرافة في قول الإمامية ؟!

وكأني بقائل: ما لك ولهذي الموضوعات التي أكل الدهر عليها وشرب ؟ أليس من الأجدر والأليق بك، وبالصالح العام أن تعرض عن هذه إلى أوضاعنا وضياعنا، إلى الحديث عن الحلول لما نعانيه من مشاكل وآلام.

قلت: أجل، واللّه. نحن في أشد الحاجة إلى الأفعال لا إلى الأقوال. إلى السكوت عما مضى وكان، والاهتمام بما هو كائن ويكون. ولكن ماذا نصنع ؟ ونحن نقرأ بين الحين والحين كتاباً أو مقالاً يكفر الملايين، ويطعنها في أقدس مقدساتها، وينعتها بالجهل والسخف، وأنها لا تصلح للحياة ولا لشيء إلا للسخرية والاستهزاء، وأن التشيع الذي تتمذهب به لا يعد من المذاهب الإسلامية في شيء وإنما هو دين ابتدعه أعداء الإسلام، وخصوم الإنسانية ؟!

ماذا نصنع ؟ هل يجب أن نسكت ونتغاضى عن هذه الهجمات والحملات ؟ هل يحرم علينا الدفاع عن النفس، وبيان الحقيقة، وإبطال التهم الكاذبة التي تزاداد وتتفاقم بالتجاهل والإغضاء ؟! ثم هل يجتمع شمل المسلمين، وتتحد كلمتهم بهذه النزوات والضلالات، أو بإثبات أن ما قاله الإمامية في المهدي وغير المهدي هو من الإسلام في الصميم. وهذي هي المهمة التي يضطلع بها هذا الكتاب.

٨١

الإسلام والإيمان:

الإسلام في اللغة هو التسليم والانقياد ظاهراً، سواء أطابق الواقع أم خالفه، والإيمان هو التصديق في القلب، سواء أأعلنه المؤمن أم أسره.

أما في الشرع فالإسلام هو الإقرار بالشهادتين، أما الايمان فلا بد من إضافة أمور أخرى إلى الإقرار، وهي إقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، والحج إلى بيت اللّه الحرام، وفي بعض الأحاديث الإيمان إقرار باللسان، وتصديق في الجنان، وعمل بالأركان، وفي بعضها الآخر الإيمان عمل كله(١) - إذن - الإسلام أعم، والإيمان أخص، فكل مؤمن مسلم، ولا عكس، فقد يكون الإنسان مسلماً حكماً، ولا يكون مؤمناً واقعاً، وهذا ما قاله فخر الدين الرازي عند تفسير قوله تعالى: «وقالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الإيمان في قلوبكم - ١٤ الحجرات» وقوله تعالى: «فما وجدنا فيها

_____________________

(١) العمل أثر للإيمان، ومسبب عنه، فاطلاق العمل عليه فيه ضرب من التجوز، ولست اتصور بحال ان من لا يعمل يكون مؤمناً، وان خيل إليه، وإلى الفقهاء بأنه مؤمن متهاون.

٨٢

غير بيت من المسلمين - ٣٦ الذاريات».

وبهذا يتبين أن قول النبي بني الإسلام على خمس أراد به الإسلام الخاص المتحد مع الإيمان المستلزم للعمل، والعام كثيراً ما يطلق، ويراد به الخاص.

التشيّع في ثَلاث مَراحِل

قدمنا في الصفحات السابقة أن قول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : «من كنت مولاه فعلي مولاه» هو السبب الأول لقول من قال بأحقية علي بالخلافة، وأن قوله «علي مع الحق والحق مع علي» سبب للقول بعصمته، وأن قوله «يخرج المهدي ويملأ الأرض قسطاً وعدلاً» سبب للقول بالمهدي المنتظر، حيث لا يسع المسلم بما هو مسلم أن يتجاهل أقوال نبيه الكريم التي رواها الثقات، وأثبتها أصحاب الصحاح في صحاحهم.

ولكن هذه الأحاديث، وما إليها لا تؤتي ثمارها، ولا تعمل عملها بدون دعاة وحماة يبينونها للناس، ويعملون على بثها ونشرها. فمن هم الذين دعوا إلى التشيع؟ وما هي الأساليب التي استعملوها لبثه ونشره؟

والجواب عن هذا السؤال يستوعب كتاباً ضخماً، لأن رواد التشيع والذابين عنه لا يبلغهم الإحصاء، ولكن نستطيع أن نقسم الدعوة إلى التشيع باعتبار الأدلة التي كان يعتمدها الدعاة إلى ثلاثة أدوار: ويبدأ الدور الأول بوفاة الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وينتهي بانتهاء العصر الأموي. ويبدأ الثاني بعهد الإمام الصادق، أي بأول العهد العباسي. ويمتد إلى عصر الشيخ المفيد المتوفى سنة ٤١٣ هجري، وينتهي هذا الدور بالعلامة الحلي (ت ٧٢٦هجري) الذي وضع أجوبة الشبهات ونقضها بشتى أنواعها في وضعها النهائي، ولم يدع فيها زيادة لمن جاء بعده، ونذكر من كل دور أفراداً - على سبيل المثال لا الحصر - كان لهم الأثر البالغ في بث التشيع ونشره.

الدور الأول:

إن انتشار الإسلام وامتداده إلى شرق الأرض وغربها لا يستند إلى الفتوحات

٨٣

الإسلامية، وقوة المسلمين فحسب(١) وإنما يستند أولاً وقبل كل شيء إلى مبادئه الإنسانية، وشريعته السهلة السمحة، ولولاها لم يكتب له النجاح والبقاء، حتى اليوم، وإلى آخر يوم، وكذلك مبدأ التشيع فإنه مدين في نجاحه واستمراره إلى كتاب اللّه وسنة الرسول، لا إلى هيئة من الهيئات، أو فرد من الأفراد، فمن دعا إليه تسلح بكتاب اللّه وسنة نبيه، ومن اعتنقه اعتنقه طاعة للّه ورسوله. ومن هنا اعتمد دعاة التشيع أول ما اعتمدوا على ما جاء في كتاب اللّه سبحانه بحق

علي خاصة، كقوله تعالى «إنما وليّكم اللّه ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون - ٥٥ المائدة» وغيرها من الآيات التي بحق علي خاصة، كقوله تعالى «إنما وليكم اللّه ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون - ٥٨ المائدة» وغيرها من الآيات التي ذكرناها في كتاب «علي والقرآن»، واعتمدوا على ما نزل في أهل البيت عامة، كآية التطهير، وآية المودة، وآية المباهلة، وعلى الأحاديث النبوية، كحديث الغدير، وحديث المنزلة، وحديث مدينة العلم، وحديث المؤاخاة، وما إليه وإذا تعدوا الآيات والأحاديث فإلى فضائل الإمام، كزهده، وعلمه، وشجاعته، وسبقه إلى الإسلام، وجهاده، وتصلبه في جانب اللّه.

وكانت مظاهر التشيع في هذا الدور غاية في الوضوح، غاية في البساطة، فلا عيد غدير، ولا شهادة أن علياً ولي اللّه في الأذان، لا شيء سوى الإيمان بأن الخلافة بعد الرسول حق إلهي لعلي بن أبي طالب، وكان أول من أعلن هذا الحق ودعا إليه السيدة فاطمة أم الحسنين أعلنته في خطبتها الأولى بالمسجد الجامع، وفي خطبتها الثانية ببيتها على نساء المهاجرين والأنصار، وقد أبنا ذلك في كتاب مع «بطلة» كربلاء وقلنا: إن الغاية الأولى من كلتا الخطبتين أن تعلن للأجيال حق بعلها في خلافة أبيها، وإن المطالبة بفدك كانت وسيلة لهذه الغاية.

______________________

(١) لم تكن الغاية من تلك الفتوحات التبشير بالإسلام، والدعوة إلى اللّه - فيما نعتقد - وإنما كانت من أجل سيطرة المسلمين، وامتداد سلطانهم وايجاد أرض يعيشون فيها أغنى من أرضهم، وتربة أخصب من تربتهم. ولكن عظمة الإسلام بشرت بنفسها لنفسها في جميع أدوار التاريخ، بخاصة في هذا العصر الذي ينهش المسلمون بعضهم بعضاً، وبصورة أخص حكامهم الذين أعانوا قوى الشر والعدوان عليهم وعلى دينهم وبلادهم، ولولا ما في الإسلام من قوة ومناعة لكان المنتمون إليه من أقوى عوامل القضاء عليه.

٨٤

أجل، منذ اليوم الأول لفاجعة كربلاء، والشيعة يتوافدون إلى زيارة قبر الحسين، ويقيمون المآتم الحسينية، وإن لم تكن على الشكل الذي عليه الآن، وأول من زار الضريح المقدس الصحابي المعروف جابر بن عبد اللّه الأنصاري، مع جماعة من الشيعة، وأول من رثاه أبو باهل الجمحي، قال كرد علي في الجزء السادس من كتاب «خطط الشام» ص ٢٥٦ طبعة ١٩٢٨:

«تجتمع الشيعة في أيام عاشوراء، فتقيم المآتم على الحسين بن علي شهيد كربلاءعليه‌السلام ، وعهدهم بذلك بعيد يتصل بعصر الفاجعة، وأول من رثاه أبو باهل الجمحي بقصيدة يقول فيها:

تبيت النشاوى من أمية نوماً

وبالطف قتلى ما ينام حميمها

والظاهر من سيرة ديك الجن الحمصي في كتاب «الأغاني» أن هذه الاجتماعات للمآتم كانت معروفة في زمانه. ثم أن بني بويه أيام دولتهم عنوا بها مزيد العناية، ولا تزال إلى اليوم تقام في جميع أقطار الشيعة، وليست هي من الفروض، كما يتوهم، بل يستحبونها، لأنها تصدر عن ولاء ومحبة. وقد تطرف بعض العجم، فأبدعوا فيها بدعاً يمقتها اللّه والناس، من ضرب أنفسهم بالمدى، وإسالة الدماء على أثوابهم، وعمل ما يسمونه الشبيه، وقد مقته العلماء من الشيعة، ولم تذعن لهم به العامة في كثير من البلدان التي استحكمت فيها هذه العادة».

ومن الدعاة الأول للتشيع جميع بني هاشم، وعلى رأسهم العباس عم الرسول، وكثير من الأصحاب، وقد ذكرنا أسماءهم فيما سبق، وكان أشهرهم وأكثرهم حماساً أربعة: سلمان، وأبو ذر، وعمار، والمقداد، فقد أولوا الدعاء لعلي اهتماماً بالغاً، وعناية خاصة، ونظروا إلى خلافته كركن من أركان الإسلام، وشرط لقوة المسلمين واجتماع شملهم، وتوحيد كلمتهم، ولم يشكوا لحظة في أن انصرافها عن علي إلى غيره مخالفة صريحة لنصوص الكتاب والسنة، ومعصية اللّه ورسوله.

سلمان الفارسي:

وكان سلمان من رؤوس أصحاب رسول اللّه، وأثنى عليه النبي بأحاديث

رواها السنة والشيعة، منها «سلمان منا أهل البيت» وقد نظم هذا الحديث أبو فراس الهمداني بقوله:

كانت مودة سلمان لهم رحما

ولم تكن بين نوح وابنه رحم

وهو الذي أشار على النبي بحفر الخندق في وقعة الأحزاب، وكان أميراً على زهاء ثلاثين ألفاً من المسلمين في المدائن، وكان يخطب الناس في عباءة يفترش بعضها، ويجعل البعض الآخر غطاء.

٨٥

وكان لا يأكل إلا من عمل يده، وإذا خرج عطاؤه، وهو خمسة آلاف، فرقه بكامله، وقال حين توفي الرسول: «أيها الناس قدموا من هو أقرب إلى رسول اللّه، وأعلم بكتاب اللّه، وسنة نبيه، ومن قدمه النبي في حياته، وأوصاكم به عند وفاته. ألا إن لكم منايا تتبعها بلايا، وإن عند علي بن أبي طالب علم المنايا والبلايا وفصل الخطاب». توفي سلمان بالمدائن سنة ٣٦ هجري. وكتبت له ترجمة مطولة في كتاب «مع علماء النجف».

أبو ذر:

أبو ذر الصحابي الجليل الذي قال فيه النبي: «ما أظلت الخضراء، ولا أقلت الغبراء على ذي لهجة أصدق من أبي ذر، يعيش وحده، ويموت وحده، ويبعث وحده، ويدخل الجنة وحده» وكان رابع المسلمين أو خامسهم، وقد نفي وشرد ونكل به، لإيمانه وإخلاصه، وقال حين بويع أبو بكر: «يا معشر قريش: تركتم قرابة رسول اللّه، واللّه ليرتد جماعة من العرب، ولتشكن في هذا الدين، ولو جعلتم الأمر في أهل بيت نبيكم ما اختلف عليكم سيفان، واللّه لقد صارت لمن غلب، ولتطمحن إليها عين من ليس من أهلها، وليسفكن في طلبها دماء كثيرة. إن علياً هو الصديق الأكبر، وهو الفاروق بعد رسول اللّه يفرق بين الحق والباطل، وهو يعسوب الدين، والمال يعسوب الظلمة». مات أبو ذر طريداً منفياً سنة ٣٢ هجري. وتكلمت عنه مطولاً في كتاب «مع علماء النجف».

عمار بن ياسر:

من السابقين الأولين، هاجر الهجرتين: إلى الحبشة والمدينة، وصلى القبلتين، وشهد بدراً وأحداً، وبيعة الرضوان، وجميع المشاهد مع رسول اللّه، وأسلم عمار وأخوه عبد اللّه، وأبوه ياسر، وأمه سمية حين كان المسلمون مستضعفين في مكة، فكانت قريش تأخذ ياسراً وزوجته سمية، وولديهما عماراً وعبد اللّه، وتلبسهم أدراع الحديد، وتلقيهم في الشمس، حتى يبلغ منهم الجهد كل مبلغ، وربطت قريش سمية بين بعيرين، وطعنها أبو جهل في قلبها، فقتلها، وهي تأبى إلا الإسلام، وقتلوا زوجها ياسراً، فكانا أول شهيدين في الإسلام.

وجاءت في مدح عمار أحاديث كثيرة، منها قول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله عمار جلدة بين عيني، ومنها: ويح عمار تقتله الفئة الباغية، يدعوهم إلى الجنة ، ويدعونه إلى النار، ومنها: كم ذي طمرين لا يؤبه له، لو أقسم على اللّه لأبر قسمه، منهم عمار، إلى غير ذلك، وقال يوم البيعة لأبي بكر: «يا معشر قريش ويا معشر المسلمين إن أهل بيت نبيكم أولى به - أي بالنبي - وأحق بأثره، وأقوم

٨٦

بأمور الدين، وأحفظ لملته، وأنصح لأمته، فردوا الحق إلى أهله قبل أن يضرب حبلكم، ويضعف أمركم، ويظهر شتاتكم، وتعظم الفتنة بكم، ويطمع فيكم عدوكم، فقد علمتم أن بني هاشم أولى بهذا الأمر منكم، وعلي أقرب إلى نبيكم، وهو من بينكم وليكم بعهد اللّه ورسوله».

وحضر عمار مع الإمام حرب الجمل وصفين، وفيها استشهد وكانت سنة ٣٧ هجري، ومن أقواله يوم صفين:

سيروا إلى الأحزاب أعداء النبي

سيروا فخير الناس أتباع علي

هذا أوان طاب سل المشرقي

وقودنا الخيل وهز السمهري

المقداد:

كان من السابقين إلى الإسلام، وحضر بدراً مع رسول اللّه، وسائر المشاهد، وحين شاور النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أصحابه في وقعة بدر قال له المقداد: لا نقول لك ما قال بنو إسرائيل لموسى «فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا ههنا قاعدون» بل نقول: لو أمرتنا أن نخوض جمر الغضى وشوك الهراس لخضناه معك». وقال الإمام الصادق: لم يتغير المقداد منذ قبض رسول اللّه، حتى فارق الدنيا طرفة عين. وقال لعلي يوم السقيفة: إن أمرتني لأضربن بسيفي، وإن أمرتني كففت. فقال له: أكفف.

وقال يوم بويع عثمان: «وا عجباً من قريش، واستئثارهم هذا الأمر من أهل البيت معدن الفضيلة، ونجوم الأرض، ونور البلاد، وأن منهم رجلاً - أي علياً - ما رأيت بعد رسول اللّه أولى بالحق ولا أقضى بالعدل والأمر بالمعروف منه». مات في خلافة عثمان بن عفان،وحضر جنازته، وأثنى عليه، فأنشد الزبير:

لا ألفينك بعد الموت تندبني

وفي حياتي ما زودتني زادا

فقال عثمان: يا زبير تقول هذا؟! أتراني أحب أن يموت مثل هذا من أصحاب رسول اللّه، وهو علي ساخط؟!

٨٧

ومن رؤوس الدعاة في هذا الدور حجر بن عدي، وميثم التمار، وكميل بن زياد، وعمر بن الحمق، ورشيد الهجري، وجويرية بن مسعد العبدي، وجمعيهم قتلوا على التشيع، ومنهم أيضاً سليمان بن صرد الخزاعي الذي استشهد في ثورته على قتلة الإمام سيد الشهداء، ومنهم مالك الأشتر، ومحمد بن أبي بكر، وقيس بن سعد، والمسيب بن نجية، وغيرهم كثير، وقد ازدادوا وكثروا بعد وقعة الطف.

وبديهة أن قوة الدعوة وضعفها يدوران على الظروف والمناسبات، ومن هنا كانت الدعوة بطيئة جداً في عهد الخليفتين أبي بكر وعمر، وسريعة في عهد الخليفة الثالث، لأن سيرة عثمان أعانت على نجاح الدعوة إلى التشيع، ومكنت لها في النفوس، ومضى التشيع قدماً في خلافة الإمام علي، وفي حكم معاوية، ولم تعقه المذابح والفظائع عن التقدم، بل على العكس زادته قوة وانتشاراً بخاصة حادثة كربلاء، قال الدكتور طه حسين في كتاب «علي وبنوه»: «عظم أمر الشيعة في الأعوام الأخيرة من حكم معاوية، وانتشرت دعوتهم أي انتشار في شرق البلاد الإسلامية، وفي جنوب بلاد العرب، ومات معاوية حين مات، وكثير من الناس، وعامة أهل العراق بنوع خاص يرون بغض بني أمية، وحب أهل البيت لأنفسهم ديناً».

وقال المستشرق فلهوزن يصف جيش التوابين الذي تجمع للأخذ بثارات الحسين، قال: «وكانوا مدفوعين بدافع الضمير الديني لا العواطف»(١) .

_____________________

(١) كتاب «الخوارج والشيعة» ص ١٨٩ طبعة سنة ١٩٥٨

٨٨

ويظهر من كلام السيد محسن الأمين أن الشيعة في هذا الدور كان يطلق عليهم اسم الشيعة، واسم العلويين معاً، ثم اختفى اسم العلويين في عهد العباسيين، وبقى اسم الشيعة، قال في القسم الأول من الجزء الأول ص ١٢ سنة ١٩٦٠:

«وعن كتاب الزينة تأليف أبي حاتم سهل بن محمد السجستاني المتوفى سنة ٢٠٥ هجري. أن لفظ الشيعة على عهد رسول اللّه كان لقب أربعة من الصحابة: سلمان الفارسي، وأبي ذر، والمقداد بن الأسود، وعمار بن ياسر «١هجري» ثم بعد مقتل عثمان وقيام معاوية وأتباعه في وجه علي، وإظهار الطلب بدم عثمان، واستمالته عدداً عظيماً إلى ذلك صار أتباعه يعرفون بالعثمانية، وهم من يوالون عثمان، ويبرؤون من علي. وصار أتباع علي يعرفون بالعلوية، مع بقاء إطلاق اسم الشيعة عليهم، واستمر ذلك مدة ملك بني أمية، وفي دولة بني العباس نسخ اسم العلوية والعثمانية، وصار في المسلمين اسم الشيعة، واسم السنة إلى يومنا هذا».

وبالتالي فإن دعاة التشيع الذين عملوا وناضلوا لبثه ونشره في هذا الدور اعتمدوا أول ما اعتمدوا على عظمة الإمام، وفضائله، وعلى ما نزل في مدحه والثناء عليه من الآيات القرآنية، وما ثبت من الأحاديث النبوية، وكانت خصائص الإمام وسجاياه والميزات التي يتمتع بها أداة فعالة لانتشار المذهب، فلقد مهدت الطريق للمبشرين، وفتحت الباب واسعاً أمامهم ولم يكونوا بحاجة الى الكذب ووضع الأخبار والأحاديث على لسان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، كما فعل غيرهم حين أراد أن يقاتل كل فضيلة ثبتت لعلي بفضيلة مفتعلة لأبي بكر وعمر وعثمان. كقول من قال: إن حديث «أنا مدينة العلم وعلي بابها» لا يعرفه على التمام إلا من كان في صدر الإسلام، لأن النبي قال: «أنا مدينة العلم، وأبو بكر أساسها، وعمر حيطانها، وعثمان سقفها، وعلي بابها»(١) .

المختار:

ظهر المختار بن أبي عبيد الثقفي في هذا الدور، لأنه ولد في السنة الأولى من هجرة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وكان فطناً ذكياً. قتل أبوه في إحدى المعارك، وهو ابن

___________________________

(١) اللآلئ المصنوعة في الأحاديث الموضوعة للسيوطي ج ١ ص ٣٣٦

٨٩

ثلاثة عشر عاماً، فانضم إلى عمه سعد بن مسعود، وكان عمه هذا من أصحاب الإمام علي بن أبي طالب، وحضر معه وقعة الجمل وصفين، وولاه الإمام على المدائن.

ولا يحدثنا التاريخ بشيء عن حياة المختار في خلافة الإمام، ولا في عهد معاوية بن أبي سفيان، سوى ما قيل: إن معاوية حين ولى المغيرة بن شعبة على الكوفة تركها المختار، حتى أتى المدينة المنورة. وحين هلك معاوية، وقام ولده يزيد كان المختار في الكوفة، ولما دخلها مسلم بن عقيل سفيراً للحسين نزل في بيت المختار، واختلفت الشيعة إليه في هذا البيت، فقبض ابن زياد على المختار، وضرب وجهه بالسوط، حتى أدماه، وأصاب عينه فقشرها، ثم ألقي به في السجن، وبقي فيه، حتى انتهت كارثة كربلاء، فاستشفع به صهره زوج أخته عبد اللّه بن عمر عند يزيد، فأطلق سراحه، وترك الكوفة متوجهاً إلى الحجاز.

وبعد أن هلك يزيد، ودعا ابن الزبير إلى نفسه بايعه المختار، مع علمه بأنه عثماني العقيدة. وعاد المختار بعد هذه البيعة إلى الكوفة. «وجعل يظهر البكاء على الطالبيين وشيعتهم، والحنين والجزع، ويحث على أخذ الثأر لهم، والمطالبة بدمائهم، فمالت إليه الشيعة، وسار إلى قصر الإمارة، وأخرج الوالي ابن مطيع، وغلب على الكوفة، وابتنى لنفسه داراً، واتخذ بستاناً أنفق عليه أموالاً عظيمة، أخرجها من بيت المال. وكتب إلى ابن الزبير أن يحسب له بما أنفقه من بيت المال، فأبى ابن الزبير، فخلع المختار طاعته، وجحد بيعته.

وكتب كتاباً إلى علي بن الحسين يريده على أن يبايع له، ويقول بإمامته، ويظهر دعوته، وأنفذ إليه مالاً كثيراً، فأبى علي أن يقبل ذلك، أو يجيبه على كتابه، وسبه على رؤوس الملأ في مسجد رسول اللّه، وأظهر كذبه وفجوره، ودخوله على الناس بإظهار الميل إلى أبي طالب، ولما يئس المختار منه كتب إلى محمد بن الحنفية يريده على مثل ذلك، فأشار عليه علي بن الحسين أن لا يجيبه إلى شيء. (المسعودي ج ٣ ص ٨٣ سنة ١٩٤٨).

وبعد أن استقل المختار بالكوفة أخذ يطارد قتلة الحسين، ويقتلهم الواحد تلو الآخر تلبية لرغبات الشيعة الذين صمموا على الأخذ بالثأر، والانتقام من

كل من اشترك في موقعة كربلاء، بخاصة الأشراف، والرؤوس الكبار، وقد هرب جماعة من هؤلاء إلى البصرة خوفاً من نقمة الجماهير، منهم شبث بن ربعي، ومحمد بن الأشعث، أما عمر بن سعد فبقي بالكوفة بأمان من المختار.

وفي سنة ٦٦ هجري أرسل عبد الملك بن مروان جيشاً للاستيلاء على العراق بقيادة عبيد اللّه بن زياد، فأرسل له المختار جيشاً بقيادة إبراهيم بن الأشتر، فالتقيا بالموصل، فدارت الدائرة على

٩٠

جيش الأمويين، وقتل ابن زياد، والحصين بن نمير، وجماعة من أشراف أهل الشام، فقويت شوكة المختار في الكوفة، واشتد أمره، وفي مستهل سنة ٦٧ أنفذ عبد اللّه بن الزبير أخاه مصعباً والياً على البصرة، فحرضه أشراف الكوفة الذين هربوا من المختار على حربه وانتزاع الكوفة منه، فأجابهم، وكان أصحاب المختار قد انقسموا على أنفسهم، وأصبحوا فئتين متباغضتين عرباً وموالي، فأوقع بهم مصعب شر إيقاع، وقتل المختار، «وكان من جملة من أدركه الإحصاء ممن قتله مصعب مع المختار سبعة آلاف رجل، كل هؤلاء طالبون بدم الحسين، وقتلة أعدائه. وتتبع مصعب الشيعة بالقتل بالكوفة وغيرها». (المسعودي ج ٣ ص ١٠٧).

وبعد مقتل المختار كثرت عليه الأقاويل، وحيكت حوله الأساطير، ونسب إليه ادعاء النبوة ونزول الوحي، وأنه كان يطلق الحمامات البيض حين تقوم المعركة بينه وبين خصومه يوهم أنصاره أنها ملائكة أرسلها اللّه لنصرته، وأنه ابتدع القول بالبداء، إلى غير ذلك. ونحن نستبعد هذه النسب، ونظنها من وضع الأمويين والزبيريين الذين جرت بينهم وبين المختار حروب طاحنة، قال المستشرق فلهوزن في كتاب «الخوارج والشيعة» ص ٢٣٤ سنة ١٩٥٨:

«لما مني المختار بالهزيمة أدبرت عنه الدنيا، وراحت الروايات تطلق سهامها على ذكراه بعد مقتله، في البدء كانت تذمه دون تشوه صورته، ولكنها راحت بعد ذلك في مرحلة متأخرة تنعته بنعوت أملاها الحقد، وهذه النعوت نفسها هي تسود الصورة التي كونتها عنه الأجيال التالية». وقال الأهواني في كتاب «في عالم الفلسفة» ص ٧٨: «إن كثيراً مما نسب إلى المختار موضوع للتشنيع عليه».

واختلف علماء الإمامية في أمر المختار، فمنهم من لم يثق بدينه وإخلاصه، لأن الإمام السجاد ذمه وتبرأ منه، ومنهم من مدحه وأثنى عليه - وهم الأكثر الأشهر - لأن اللّه سبحانه استجاب دعوة الإمام، وقتل قتلة الحسين على يده، ومنهم من توقف، ولم يحكم عليه بشيء.

وقبل أن أكتب هذه الكلمات راجعت سيرته فيما لدي من المصادر، وبقيت معه ثلاثة أيام بلياليها، وانتهى بي البحث إلى الميل إلى أن الرجل كان من طلاب الحكم، وعشاق الإمارات، وأنه بايع ابن الزبير طمعاً أن يوليه الكوفة، ولما يئس منه انتقض عليه، وحين اجتمع حوله الناس أخذ البيعة لنفسه، أما طلبه لثأر الحسين (ع) فكان لمجرد الدعاية، لأن الجماهير كانت تريد ذلك، ولولاها لسكت وأحجم، وعلى الأقل لم يفعل ما فعل، بدليل أنه أعطى الأمان لعمر بن سعد بطل المأساة في كربلاء، ولم يبطش به - فيما أعتقد - إلا بضغط الجماهير، ومضايقتهم له، فقد تجاوز الحماس للأخذ بالثأر كل حد، والتهبت المشاعر حقداً وغيظاً على قتلة الحسين، حتى أن

٩١

النسوة كانت توشي بأزواجهن الذين اشتركوا في مأساة كربلاء، ولم يستطع المختار كبح الجماح، حتى ولو حاول ذلك، هذا، إلى أنه كان في أشد الحاجة إلى مؤازرتهم ومناصرتهم بعد أن أحاطت به قوى الزبيريين والأمويين من كل جانب. إذن لم يستطع المختار إلا أن يفعل ما فعل. والذي طالب بدم الحسين حقاً، وبدافع من دينه وإخلاصه هو سليمان بن صرد الخزاعي ومن كان معه، ولذا انضم إليه كثير من القراء وأهل المعرفة، أما الغوغاء فكانت مع المختار.

ورغم ذلك كله فإني أقول مع العلامة المجلسي صاحب البحار: «إنه - أي المختار - وإن لم يكن كاملاً في الإيمان واليقين، ولا مأذوناً فيما فعله صريحاً من أئمة الدين، لكن كما جرى على يده الخيرات الكثيرة، وشفى بها صدور قوم مؤمنين كانت عاقبة أمره إلى النجاة».

وكفاه شفيعاً قول الإمام السجاد حين رأى رأس ابن سعد: «الحمد للّه الذي أدرك لي ثأري من أعدائي، وجزى اللّه المختار خيراً». وقول الإمام الصادق: «ما امتشطت فينا هاشمية، ولا اختضبت، حتى بعث إلينا المختار برؤوس الذين قتلوا الحسين».

وصدق اللّه العظيم «قاتلوهم يعذبهم اللّه بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور قوم مؤمنين، ويذهب غيظ قلوبهم ويتوب اللّه على من يشاء واللّه عليم حكيم - ١٥ التوبة».

والخلاصة أنه بعد وفاة النبي اجتمع الأنصار في سقيفتهم يتداولون فيما بينهم. لتكون الخلافة فيهم ولهم دون قريش، فقصدهم أبو بكر وعمر وأَبو عبيدة الجراح، وتمكنوا من صرف الخلافة عن الأنصار إلى أبي بكر. وكان بنو هاشم في شغل بمصيبتهم وتجهيز الرسول، وعارض قوم من الأصحاب العارفين لحق علي، وأصروا على أن تكون الخلافة له، ولكن القوة كانت ضدهم، فكفوا عن المعارضة وأمسكوا وأظهروا التسليم، ولكنهم بثوا الدعوة لعلي بين الناس، ونقلوا إلى الأجيال ما سمعوه من نص النبي على علي. فالدعوة إلى التشيع في هذا القرن كانت بسيطة ساذجة، تماماً كالدعوة الإسلامية في هذا العهد لا فلسفية فيها، ولا شيء سوى حجج القرآن والسنة النبوية التي قبلها المسلمون الأولون، وآمنوا بها بدون جدال وتعليل وتأويل، ولا تعمق في الشروح والتفاصيل، ولم يكن في هذا الدور فقه يعرف بفقه الشيعة، وآخر يعرف بفقه السنة ولذا لم يظهر أي فرق بين الشيعة وغيرهم إلا في مسألة الخلافة، وإمارة المؤمنين، وكان الشيعة في هذا الدور يعرفون بالتقوى والزهد، ومناهضة الظلم والظالمين، ومن هنا لاقوا من حكام الجور ألواناً من التقتيل والتنكيل.

٩٢

الدور الثاني:

يبدأ الدور الثاني بعصر الإمام جعفر الصادق، ونعني به آخر الدولة الأموية، حيث دب فيها الضعف، وأول دولة العباسيين، حيث تنفس الشيعة الصعداء، بعد الأيام السود التي عاشوها مع الأمويين، وأصبحوا على شيء من الحرية والأمن على أرواحهم وأموالهم، وأتيح لأئمة أهل البيت أن ينشروا تعاليمهم في هذه الفرصة والفرجة. فرواها الألوف. وتقبلها الملايين إلى أن قام المنصور، فوضع في طريقها العراقيل، وعاد الأمر أشد وأسوأ مما كان في عهد الأمويين إبان قوتهم وعظمتهم.

ازدحم الرواة والعلماء - في هذه الفترة - حول الإمام الصادق، وقصده

الناس من كل قطر ينهلون من معينه، ويأخذون عنه شتى العلوم والمعارف، قال السيد محسن الأمين في ترجمته «أعيان الشيعة» ج ٤:

«ولد الإمام الصادق سنة ٨٠ هجري، وتوفي سنة ١٤٨، فمدة حياته ٦٨ سنة، أدرك فيها هشام بن عبد الملك إلى آخر دولة بني أمية، وأدرك من دولة بني العباس السفاح وعشر سنين من ملك المنصور.

ومن مميزات هذا العصر انتشار العلوم الإسلامية فيه من التفسير والفقه والحديث وعلم الكلام والجدل والأنساب، والشعر والأدب والكتابة والتاريخ والنجوم وغيرها.

وكان الإمام الصادق أشهر أهل زمانه علماً وفضلاً، قال مالك بن أنس إمام المذهب المالكي:

ما رأت عين ولا سمعت أذن، ولا خطر على قلب بشر أفضل من جعفر بن محمد علماً وعبادة وورعاً، وكان كثير الحديث، طيب المجالسة، جم الفوائد.

وقال الحسن بن زياد: سمعت أبا حنيفة، وقد سئل عن أفقه من رأى، فقال: جعفر بن محمد.

وقال ابن أبي ليلى: ما كنت تاركاً قولاً قلته، أو قضاء قضيته لقول أحد إلا رجلاً واحداً، هو جعفر بن محمد.

ولم يقل أحد سلوني قبل أن تفقدوني إلا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، وحفيده جعفر بن محمد.

وروى الجنابذي في معالم العترة الطاهرة عن صالح بن الأسود: سمعت جعفر الصادق يقول: سلوني قبل أن تفقدوني، فإنه لا يحدثكم أحد بعدي بمثل حديثي، فكان يقول: حديثي حديث أبي، وحديث أبي حديث جدي، وحديث جدي حديث علي بن أبي طالب، وحديث علي

٩٣

حديث رسول اللّه.

وقد انتشر عنه من العلوم الجمة ما بهر العقول، ولم ينقل العلماء عن أحد ما نقل عنه، ولا لقي أحد، ونقل عنه من الأخبار ما نقل عنه، فقد جمع أصحاب الحديث أسماء الرواة عنه من الثقات على اختلاف الآراء والمقالات، فكانوا أربعة آلاف رجل، ذكرهم الحافظ بن عقدة الزيدي في كتاب رجاله، وذكر مصنفاتهم فضلاً عن غيرهم، واستدرك ابن الغضائري على ابن عقدة،

فزاد عليهم.

وروى عنه راوٍ واحد، وهو إبان بن تغلب ثلاثين ألف حديث، وقال الحسن بن علي ألوشا: «أدركت في مسجد الكوفة تسعمائة شيخ، كل يقول: حدثني جعفر بن محمد، وبرز بتعليمه من الفقهاء والأفاضل جم غفير».

وقال الشيخ محمد الحسين المظفر في كتاب «تاريخ الشيعة»:

«أحسن أيام مرت على الشيعة هي الفترة التي امتزجت من أخريات دولة بني مروان، وأوليات دولة بني العباس، في اشتغال الأمويين بقتل بعضهم البعض، وفي انتقاض البلاد عليهم، وفي اشتغال بني العباس بالحروب مع المروانيين تارة، واستتباب الأمن أخرى. فانتهز الشيعة هذه الفرصة للارتواء من مناهل علم الإمام الصادق، فشدوا الرحال إليه، لأخذ أحكام الدين والمعارف عنه.

ولقد روي عنه في كل علم وفن، كما تشهد به كتب الشيعة، ولم تقتصر الرواية عنه على الشيعة فحسب، بل روت عنه سائر الفرق، كما تفصح بذلك كتب الحديث والرجال، وقد أحصى ابن عقدة والشيخ الطوسي، والمحقق في المعتبر وغيرهم من روى عنه من الشيعة وغيرهم، فكانوا أربعة آلاف.

وصارت الشيعة في غضون هذه الفترة تنشر الحديث، وتجهر بولاء أهل البيت، وربا عددهم في مختلف الجهات. ولما قامت دعائم السلطان للمنصور ضيق على الإمام الصادق، وأراد أن يقطع الأصل ليكون به جفاف الفرع».

لقد وافق عصر الإمام الصادق حركة فكرية بلغت الغاية في نشاطها وانتشارها، وظهرت مقالات غريبة، وتيارات أجنبية عن الإسلام تفشت بين المسلمين، بخاصة بين شبابهم، بالنظر لاتساع رقعة الإسلام، وكثرة الفتوحات التي فتحها العرب، واندماجهم بالأمم العديدة المتباينة في ثقافاتها وأديانها. فكان الملحدون يلقون الشبهات، والمرجئة يساندون حكام الجور، والمغالون يدعون مع اللّه إلهاً آخر، والخوارج يكفرون المسلمين، والمتصوفة يضللون ويراؤون، والمحدثون يضعون الأحاديث على رسول اللّه، والمؤمنون يريدون إيماناً واعياً، فكان الشغل الشاغل لقادة

٩٤

الدين أن يدفعوا عنه، ويثبتوا صحة العقيدة، ويفندوا مزاعم المبطلين، ويزيفوا أقوالهم.

وكانت مدرسة الإمام الصادق أول من شعر بهذا الخطر، وأسبق من عمل لدرئه ومناهضته، فأخذت على نفسها الذب عن الحق وأهله، وحملت لواء الشريعة الإسلامية أصولها وفروعها، وقصدت لكل مهاجم ومناعد، وأعلنت حرباً لا هوادة معها على الغلاة(١) ، وناضلت ضد المعتزلة والمتصوفة والمرجئة والخوارج والأشاعرة، وصححت لعلماء الكلام الذين حاولوا إثبات الدين كثيراً مما وقعوا فيه من الأخطاء، وجرت بين هؤلاء من جهة، وبين الإمام الصادق وتلاميذه من جهة مناظرات ومجادلات كان الفوز والنصر فيها لمدرسة الإمام، فأثبت بالبرهان أن أقوالهم تبتعد عن الحق بمقدار صدودها عن الإسلام وتعاليمه(٢) . لذا اتجهت الأنظار إلى المعلم الأكبر، وتشيع له المفكرون، وحفظوا أقواله، ودونوها، واعتبروها الفصل بين الحق والباطل، وبين الأصيل والدخيل، تماماً كأقوال جده الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله

وكان من نتيجة هذه الفترة، ومرافقتها لتلك الحركات الفكرية أن عرف المذهب صافياً على حقيقته في العقائد والتفسير، والأخلاق والفقه وأصوله، وأخذ التشيع معناه ومجراه في إطاره العلمي أصولاً وفروعاً. وقد كان المذهب في أشد الحاجة إلى هذا المتنفَّس والمنطلَق الذي صادف وجود الإمام، إذ لو أمكنت الفرصة ولم يوجد الإمام، أو وجد ولم تكن الفرصة ممكنة، أو تحقق الأمران ولم تكن تلك الحركات الفكرية لم يكن لنا هذا التراث الضخم في شتى العلوم الإسلامية، خصوصاً الفقه، بل لم يكن هذا التقارب بين الشيعة والسنة في أصول الدين ومبادئ التشريع. فالفضل في استقلال المذهب وتركيزه، كما هو الآن يعود للإمام الصادق بعد أن أسعفته الظروف، ومهدت له السبيل، ومن هنا أطلق على الشيعة لفظ الجعفريين، وعلى فقههم الفقه الجعفري.

نحن نؤمن وندين بأن كل إمام من الأئمة الاثني عشر عنده علم الكتاب وسنة الرسول بكاملهما، وأنه أعلم أهل زمانه على الإطلاق، ولكن العلم ليس بالسبب الكافي لبثه ونشره ما لم تواكبه عوامل أخرى، وقد ساعد الإمام الصادق

______________________

(١) ولا أجافي الصواب إذا قلت: إن الإمام الصادق قرب مسافة الخلف بين السنة والشيعة في محاربته الغلاة، وإبطال الكثير من أقوال المعتزلة.

(٢) تجد الكثير من هذه المناظرات في كتاب «الاحتجاج» للطبرسي، والبحار للمجلسي وسائر كتب المناقب والفضائل.

٩٥

على بث علومه ومعارفه العامل الحضاري من جهة، وفترة انتقال الحكم من الأمويين إلى العباسيين من جهة ثانية، ووجود رواة ثقات كثيرين يؤمنون بالصادق، ويحسنون الأخذ عنه من جهة ثالثة، حتى ذهب بعض علماء الإمامية إلى القول بتوثيق الأربعة آلاف راوٍ بدون استثناء. وقد يكون هناك عوامل أخرى خفيت علينا إلى جانب هذه العوامل التي استبانت لنا.

وعلي أية حال، فإن هذه الأسباب مجتمعة لم تتوفر لأحد من الأئمة غير الإمام الصادق، فقد كان للإمام علي حواريون وأصحاب خلص، كميثم التمار، وكميل بن زياد، وحجر بن عدي، ومحمد بن أبي بكر وغيرهم، ولكنه مني في خلافته بالحروب والفتن الداخلية، ولما انتقل إلى جوار ربه عمل معاوية على طمس آثاره، وقتل رجاله، والقضاء على كل ما يمت إليه بسبب، أما عهد الحسنين والإمام السجاد فهو عهد معاوية وولده يزيد، وزياد وابنه عبيد اللّه، وعبد الملك وشيطانه الحجاج، عهد مذابح الشيعة ومجازرهم، واستشهاد أئمتهم، عهد سم الحسن، ومذبحة مرج عذراء، ومأساة كربلاء، ووقعة الحرة، وما إليها.

أما الإمام الباقر فهو المؤسس الأول لمدرسة ولده الصادق، فقد كان له أصحاب وتلاميذ من كبار التابعين وأعيان الفقهاء والمحدثين يتحلقون حوله للدرس في مسجد جدة الرسول، ولكن اللّه سبحانه قد اختاره إليه قبل أن تبلغ هذه المدرسة الغاية في النمو والاذهار، فقبض في خلافة هشام بن عبد الملك، وهو ابن ٥٧ سنة، فخلفه ولده الإمام الصادق، وتوالت على مدرسته خطوظ وتوفيقات شتى، حيث ربا عدد تلاميذها على ما كانوا أيام أبيه، وأصبح الذين يفدون إليها، ويهتدون بهديها يعدون بالألوف.

وبعد الإمام الصادق عادت الظروف إلى قسوتها، والحوادث إلى شدتها على الأئمة وشيعتهم، ولكن المذهب كان قد انتشر في كل قطر، وعرفت معالمه، وتركزت أسسه، وحفظ ودوّن، وعمل الناس به منذ أيام الصادق، حتى اليوم، وإلى آخر يوم.

وبالتالي، فإن مذهب أهل البيت تبلور واتخذ صورته واضحة جلية، وثبتت أركانه ودعائمه في عهد الإمام الصادق، وأصبح للشيعة فقههم المستقل،

وعلماؤهم ورواتهم المعروفون، وآراؤهم الخاصة بالتوحيد والعدل وعصمة الأنبياء وشفاعتهم، وبالجبر والاختيار، وما إلى ذلك. وتميز مذهب التشيع عن بقية المذاهب تميزاً تاماً كما تميز مذهب المعتزلة عن مذهب الأشاعرة. أما أقوال بقية الأئمة الأطهار منذ الإمام الكاظم إلى نهاية الغيبة الصغرى فهي إما تأكيد لأقوال الصادق، وإما متممة لبعض أصول المذهب أو فروعه، أما

٩٦

رجالات الشيعة في عهد الإمام الصادق وبعده فكان همهم واهتمامهم حفظ تعاليمه، وتدوينها والدفاع عنها.

الدور الثالث:

ظهر مما قدمنا أن دعاة التشيع ورواده في الدور الأول اهتموا قبل كل شيء بالدعوة إلى الولاء لأهل البيت، والإيمان بأنهم أحق الناس جميعاً في خلافة النبي وميراثه في الحكم والسلطان، وان الدعاة اعتمدوا على نصوص الكتاب والسنة، ولم يتجاوزوا حرفيتها وهكذا كان الإسلام في الصدر الأول يستمد من الكتاب والسنة، وأخلاق الرسول الأعظم، والتشيع منذ يومه الأول إلى آخر يوم يسير مع الإسلام جنباً إلى جنب.

أما الدور الثاني، وهو دور الحضارة والحركة الفكرية فقد ظهر فيه مذهب التشيع، وتميز عن غيره أصولاً وفروعاً، وأصبح للشيعة فقههم المستقل وآراءهم الواضحة في كل ما يتصل بالعقيدة من قريب أو بعيد(١) .

أما الدور الثالث فهو دور الدفاع ورد العاديات، ويبتدئ بالشيخ المفيد وتلميذه الشريف المرتضى، وينتهي بالعلامة الحلي، وليس من شك أن الأئمة الأطهار، وأصحابهم كهشام بن الحكم وغيره قد ذبوا ودافعوا ولكن قصدهم الأول كان إلى تحديد المذهب، وإطهاره على حقيقته، وتمييزه عن غيره، يدعمه بالحجج والبراهين.

ويجب أن نكون على علم اليقين بأن هذا التقسيم لا يمس التشيع في حقيقته

________________________

(١) قال الشيخ مصطفى عبد الرازق أحد شيوخ الأزهر في كتاب « تمهيد لتاريخ الفلسفة الإسلامية» ص ٣٠٢ طبعة ١٩٥٩: «إن النزوع إلى تدوين الفقه كان أسرع إلى الشيعة من سائر المسلمين».

٩٧

وجوهره، لأنه هو هو في جميع المراحل والأدوار لا تبديل فيه ولا تعديل، وإنما هو - أي التقسيم - باعتبار خصائص العصر الذي مر به التشيع، وعناية الدعاة والرواد بهذه الخصائص، تماماً كما هو الشأن بالقياس إلى موقف علماء الفرق السلامية من التيارات الأجنبية، والعلوم الدخيلة حينذاك.

لقد سبق الشيخ المفيد علماء أعلام كان لهم أحسن الأثر في خدمة المذهب، كالكليني صاحب الكافي، والصدوق صاحب من لا يحضره الفقيه، ولكن هذين العظيمين ومن إليهما كانوا امتداداً لرواة الحديث عن الأئمة الأطهار، ووعاة لأخبارهم وآثارهم يحفظونها من الضياع، أما الشيخ المفيد فكان المدافع الأكبر عن هذه الأخبار والآثار.

لقد تكاثرت في عصر المفيد المدارس وحلقات الدرس، وبلغ علم الكلام والجدل الغاية، ونبغ عدد كبير من العلماء والمتكلمين، وكان من أبرز خصائصهم المناقشات والمناظرات حول قضايا الدين والمذهب، وكانت المنافسة حامية وعلى أشدها بين مذهب الأشاعرة، ومذهب الاعتزال، وقد وضع علماء كل طائفة كتباً في الطعن والرد على مذهب الأخرى، ولكنهم تظاهروا جميعاً على الشيعة والتشيع، غير أن الشيخ المفيد كان لهم بالمرصاد.

فكان يجيب عن شبهاتهم وطعونهم بنظر دقيق، وبصر ثاقب، واستخراج عجيب، ثم يورد عليهم ما لم يستطيعوا معه إلا الإذعان والتسليم. كان يشرح عقيدة التشيع، ويدعمها بالدليل القاطع، ويرد عنها شبهات الخصوم، ثم يكر على عقيدتهم ومبادئهم ينقدها ويفندها، وينثر الفلسفة في شرحه وتأييده وتفنيده. وكان له فضل السبق إلى الاعتماد على منطق العقل والتفكير الحر، فقبل الشيخ المفيد كان المؤمنون لا يتجاوزون حرفية النصوص إلى العقل، وبعده أصبح العقل حليفاً للنصوص الدينية، وأساساً للعقيدة، وإذا قال أغسطين: «آمن كي تتعقل» فقد قال الشيخ المفيد: «تعقل كي تؤمن».

قال الشيخ عبد اللّه نعمة، وهو يترجم له في كتاب «فلاسفة الشيعة»: «كانت الشيعة القوة الثالثة بين مذهب المعتزلة ومذهب الأشاعرة. وقد تزعم هذه القوة في هذا العهد أبو عبد اللّه المفيد، وكان عليه، وهو دماغ الشيعة المفكر أن يشترك في هذا الصراع العنيف، ويجالد على عدة جبهات، ويناظر

أهل كل عقيدة، كما يقول ابن كثير الشامي. ونعرف حيوية المفيد في تفكيره وآرائه حين نأخذ باعتبارنا تأثير طبيعة العصر الذي عاش فيه يوم كانت الأخبار والأحاديث هي السند الوحيد لعلماء الشيعة فيما كتبوه حول عقائدهم ومذاهبهم. دون محاكمة أو تمحيص. أما المفيد فقد كان يحاكم ويفكر بحرية وتجرد».

٩٨

وقال السيد الأمين في الجزء السادس والأربعين من كتاب «الأعيان»: «قال اليافعي في تاريخه مرآة الجنان: عالم الشيعة وصاحب التآليف الكثيرة، شيخهم المعروف بالمفيد البارع في الكلام والفقه والجدل، كان يناظر كل عقيدة بالجلال والعظمة.

وقال ابن النديم في الفهرست: ابن المعلم أبو عبد اللّه دقيق الفطنة ماضي الخاطر، شاهدته فرأيته بارعاً».

وقال صاحب «روضات الجنات»:

«نقل عن ابن كثير أنه قال: كان المفيد شيخ الروافض محامياً عنهم، متعصباً في حقهم. وكان يحضر مجلسه خلق كثير من العلماء من جميع الطوائف والملل. ولما بلغ نعيه إلى الشيخ أبي القاسم الخفاف المعروف بابن النقيب فرح بموته كثيراً، وأمر بتزيين داره، وجلس فيها للتهنئة، وقال: الآن طاب لي الموت».

نقلنا هذه الجملة، لأنها أبلغ صورة، وأصدق شاهد على عظمة المفيد التي تضاءل أمامها العلماء وتصاغروا، حتى شعروا بأنهم ليسوا بشيء يذكر ما دام المفيد حياً.

أما قول ابن كثير بأنه كان متعصباً فهو التعصب بالذات، لأن من يؤمن بالحق، ويجادل بالعقل والكتاب المبين، ويستقي أقواله من أصدق مصدر، وأنقى معين لا يكون متعصباً ولا متحيزاً، بل مؤمناً مخلصاً، إن المتعصب هو الذي يكابر، ويجادل بالباطل، ويبخس الناس أشياءهم بالكذب والافتراء.

إن الذين جاءوا بعد العلامة، ودافعوا عن المذهب كما دافع، السيد الأمين، وكاشف الغطاء، وشرف الدين، والشيوخ المظفرون(١) ، إن هؤلاء وغيرهم لهم

_____________________

(١) هم الاخوة والأقطاب الثلاثة: الشيخ محمد الحسن صاحب «دلائل الصدق» والشيخ محمد الحسين صاحب «تاريخ الشيعة» والشيخ محمد الرضا صاحب «السقيفة».

٩٩

أكبر الفضل على جهودهم وإخلاصهم، ولولاهم لطمع فينا السفهاء، وآمن المغفلون والبسطاء بافتراءات صاحب المنار، وخليفته محب الدين الخطيب، وأحمد أمين، وموسى جار الله، ومن إليهم، ولكن علماءنا المتأخرين - زمناً - على عظمتهم ، وتمكنهم من العلوم ومعرفة الحق بدليله لم يزيدوا شيئاً عن أقوال المفيد والمرتضى والطوسي والعلامة ذلك أن الاعتراض واحد لم يتغير منذ زمان وزمان، فجوابه أيضاً واحد، تماماً كجواب من أنكر اللّه سبحانه بالأمس، ومن أنكره اليوم.

ولو تجاوزنا أقوال أولئك العظماء لتجاوزنا الحق والواقع، لأن الحق لا يتغير، فهو هو في كل زمان ومكان، وكذلك دليله ومدركه. إن هذه الكتب والنشرات التي تصدر - اليوم - تباعاً في سب الشيعة وتكفيرهم لهي أكثر ضرراً، وأعظم خطراً من تلك الشبهات والافتراءات التي قيلت على الشيعة والتشيع في عهد المفيد والعلامة. فإذا لم تتصد الأقلام الواعية لإبطالها، وفضح أربابها لجعلنا من لا علم له في عداد المشركين، وطليعة المغالين.

ودفعاً لكل التباس نختم هذا الفصل بالتأكيد مرة أخرى أن تقسيم التشيع إلى أدوار ثلاثة لا يمس كنهه وحقيقته، وإنما هو باعتبار الأساليب والوسائل التي اعتمدها الدعاة والحماة من الاستناد إلى النصوص والفضائل، ثم إلى حيث المذهب ونشره بحرية تامة، وتدوينه أصولاً وفروعاً، ثم النقاش والمناظرة مع المذاهب الأخرى.

الإسلام وَالوَلاء

سؤال:

هل يعتقد الإمامية أن الولاء ركن من أركان الإسلام، بحيث لا يكون مسلماً - عندهم - إلا إذا كان موالياً لأهل البيت(ع)؟

الجواب:

لقد نسب أكثر من واحد هذا القول إلى الإمامية، ولكن النسبة هذه لا تبتنى على أساس. فلقد اتفقت كلمتهم على أن كل من نطق بالشهادتين يكون حكمه حكم المسلمين، له ما لهم، وعليه ما عليهم، وبذلك صرحوا في كتب العقائد والتفسير والفقه، وعملوا به منذ أقدم العصور، فعن الإمام الرضا عن آبائه عن جده النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال: أُمرت أن أقاتل الناس، حتى يقولوا لا إله إلا اللّه، فإن قالوها حرم علي دماؤهم وأموالهم. وقال صاحب الجواهر ج ٦ باب الإرث:

١٠٠

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

الدرس الثلاثون

في حسن الخلق

الخلق بالضم وبضمتين : الطبع والسجية ، وهو صورة نفس الإنسان وباطنه في مقابل الخلق بالفتح الذي هو صورة جسمه وظاهره ، وهي تتصف بالحسن والقبح كاتصاف الجسم بهما ، إلا أن ذاك الاتصاف يكون تحت اختيار الإنسان وإرادته ، لجل اختيارية اسبابها بخلاف صورته الجسمية الظاهرية ، وذلك لأن صورة النفس والروح البرزخية سواء قلنا بكون الروح في ذلك العالم موجوداً مستقلاً قائماً بنفسه ، أو حالاً في القالب المثالي تتبع صفاته النفسية الدنيوية وتتشكل على وفق تلك الحالات والملكات ، بل وكذا الجسم الدنيوي للمؤمن المنشور من الأرض والمبعوث عنها بعد القيامة ، فهو وإن كان على صورته الدنيوية عند البعث والحشر إلا أنه يتشكل عند اقتراب الوفود على الله والورود في الجنة على طبق الصفات والسجايا التي اكتسبها وحصّلها ورباها وحسّنها ، ففي النشأتين بعد الموت ، أعني : البرزخ والقيامة تبلى السرائر الخلقية ، وتتجلى السجايا الروحية

١٦١

بالصورة البرزخية والأخروية ، حيث أن إصلاح صورة النفس في الدنيا وتحصيل الفضائل لها وإزالة الرذائل عنها بيد الإنسان ، وللعقائد الباطنة من الكفر والإيمان وللأعمال الظاهرة من الطاعة والعصيان دخلاً وافراً في تلك الصفات والملكات فلا جرم تكون الصور البرزخية والأخروية في تشكل هيئتها وحسن منظرها وبياضها وقبح مظهرها وسوادها بيد الإنسان ، فله أن يشكلها بأي شكل أراد ويصورها بأية صورة شاء ، غير أنه يبقى في الشخص شيء من وصفه الكمي أو الكيفي السابق ، ليتعارف به في تلك النشأة في أبناء نوعه كما في « الكاريكاتور » ، قال تعالى :( يتعارفون بينهم ) (١) .

ثم إنه قد يطلق حسن الخلق ويراد به حسن العشرة مع الناس من الأقارب والأباعد بطلاقة الوجه وحسن اللقاء وطيب الكلام ، وجميل المخالطة والمصاحبة ورعاية الحقوق وإعمال الرأفة والإشفاق ونحو ذلك.

وقد يطلق ويراد به : حسن جميع الأوصاف النفسية الدخيلة في حسن الهيئة البرزخية أو الأخروية ، وهو الذي يصعب تحصيله ، ولا يتحقق إلا لأولياء الله تعالى والأوحدي من الناس ، ولذا قيل في تعريف هذه الصفة بأنها : حالة نفسانية يتوقف حصولها على اشتباك الأخلاق النفسانية بعضها ببعض ، فهي حسن الصورة الباطنة التي هي صورة الناطقة ، كما أن حسن الخلق هو الصورة الظاهرة وتناسب الأجزاء ، إلا أن حسن الصورة الباطنة قد يكون مكتسباً ، ولذا تكررت الأحاديث في الحث به وبتحصيله(٢) .

هذا ، وأدلّة الباب وأخبارها توضح المراد من حسن الخلق بالتأمل فيها.

فقد ورد في الكتاب الكريم خطاباً للنبي الأقدسصلى‌الله‌عليه‌وآله :( إنك لعلى خلق

__________________

١ ـ يونس : ٤٥.

٢ ـ راجع البحار : ج٧١ ، ص٣٧٢.

١٦٢

عظيم ) .(١) وقال تعالى :( فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظّاً غليظ القلب لانفضّوا من حولك ) (٢) .

وورد في النصوص : أن حدّ حسن الخلق أن تلين جانبك وتطيب كلامك وتلقى أخاك ببشر حسن(٣) .

وأن المؤمن هين لين سمح ، له خلق حسن(٤) .

وأن خيار المؤمنين أحاسنهم أخلاقاً ، الموطّئون أكنافاً ، الذين يألفون ويؤلفون وتوطأ رحالهم.(٥) ( رجل موطئ الأكناف أي : سهل الأخلاق كريم مضياف )

وأن من لم يكن له خلق يداري به الناس ، لم يقم له عمل(٦) .

وأن اكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً(٧) .

وأنه : ما يوضع في ميزان امرئ مؤمن يوم القيامة أفضل من حسن الخلق(٨) .

وأنه : أول ما يوضع في ميزانه(٩) .

__________________

١ ـ القلم : ٤.

٢ ـ آل عمران : ١٥٩.

٣ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٣٨٩.

٤ ـ الأمالي : ج١ ، ص٣٧٦ ـ وسائل الشيعة : ج٨ ، ص٥١١ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٣٩١.

٥ ـ الكافي : ج٢ ، ص١٠٢ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٣٨٠.

٦ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٣٩٢.

٧ ـ الكافي : ج٢ ، ص٩٩ ـ الأمالي : ج١ ، ص١٣٩ ـ وسائل الشيعة : ج٨ ، ص٥٠٣ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٣٧٣ وج٧٧ ، ص١٥١.

٨ ـ الكافي : ج٢ ، ص٩٩ ـ وسائل الشيعة : ج٨ ، ص٥٠٥ ـ بحار الأنوار : ج٧ ، ص٢٤٩ وج٧١ ص٣٧٤.

٩ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص ٣٨٥.

١٦٣

وأنه : أفضل ما أعطي المرء المسلم(١) .

وأن حسن الخلق من الخصال التي تكمل بها الإيمان(٢) .

وأنه : ما يقدم المؤمن على الله بعمل بعد الفرائض أحب إلى الله من أن يسع الناس بخلقه(٣) .

وأن صاحب الخلق الحسن يعطيه الله من الثواب كما يعطي المجاهد في سبيل الله يغدوا عليه ويروح(٤) .

وأن العبد يكون له بعض التقصير من العبادة ويكون له حسن خلق فيبلغه الله به درجة الصائم القائم(٥) ( والثواب إما لنفس الصفة الباطنة تفضلاً ، أو لما يظهر من صاحبها من العشرة المندوبة فيترتب عليها ثواب الواجبات ).

وأن من أكثر ما تلج به الأمة الجنة ، حسن الخلق(٦) .

وأن الخلق الحسن يميث الخطيئة كما تميث الشمس الجليد ،(٧) ( الميث : الاذابة والجليد : الماء الجامد ).

وأن ما في الكفار من حسن الخلق أعاره الله إياهم ليعيش أولياؤه معهم في دولاتهم(٨) .

وأن المؤمن مألوف ، ولا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف(٩) .

__________________

١ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٣٨٦.

٢ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٣٨٧.

٣ ـ الكافي : ج٢ ، ص١٠٠ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٣٧٥.

٤ ـ الكافي : ج٢ ، ص١٠١ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٣٧٧.

٥ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٣٩٥.

٦ ـ الكافي : ج٢ ، ص١٠٠ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٣٧٥.

٧ ـ الكافي : ج٢ ، ص١٠٠ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٣٧٥ ـ روضة المتقين : ج١٢ ، ص١١٠.

٨ ـ الكافي : ج٢ ، ص١٠١ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٣٧٨.

٩ ـ الكافي : ج٢ ، ص١٠٢ ـ شرح أصول الكافي : ص٨٢ ـ وسائل الشيعة : ج٨ ، ص٥١٠ ـ بحار

١٦٤

وأن أحسن الحسن الخلق الحسن(١) .

وأن قوله تعالى :( ربنا آتنا في الدنيا حسنة ) (٢) منها حسن الخلق(٣) .

وأنكم لن تسعوا الناس بأموالكم فسعوهم باخلاقكم ،(٤) أي : بطلاقه الوجه وحسن اللقاء.

وأنه حسن خلقك يخفف الله حسابك(٥) .

وأن حسن الخلق ذهب بخير الدنيا والآخرة(٦) .

وأن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أطلق أسيراً من بين الأسراء وأعلنه أن الله أخبر بحسن خلقه ، فأسلم الأسير لذلك(٧) .

وأنه قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : أحبكم إلي وأقربكم مني يوم القيامة مجلساً أحسنكم خلقاً(٨) .

وأن الخلق الحسن نصف الدين(٩) ( ولعل نصفه الآخر التقوى الذي هو حسن المعاملة مع الله ، وقد ورد عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله : أكثر ما تلج به أمتي الجنة ، تقوى الله وحسن الخلق )(١٠) .

__________________

الأنوار : ج٧١ ، ص١٧.

١ ـ الخصال : ص٢٩ ـ وسائل الشيعة : ج٨ ، ص٥٠٧ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٣٨٦.

٢ ـ البقرة : ٢٠١.

٣ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٣٨٣.

٤ ـ الأمالي : ج١ ، ص٢٠ ـ من لا يحضره الفقيه : ج٤ ، ص٣٩٤ ـ وسائل الشيعة : ج٨ ، ص٥١٣ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٣٨٣ وج٧٧ ، ص١٦٦.

٥ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٣٨٣.

٦ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٣٨٤.

٧ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٣٨٥.

٨ ـ وسائل الشيعة : ج١١ ، ص٣٠١ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٣٨٥ وج٧٣ ، ص٢٣١.

٩ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٣٨٥.

١٠ ـ الكافي : ج٢ ، ص١٠٠ ـ وسائل الشيعة : ج٨ ، ص٥٠٤ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٣٧٥.

١٦٥

وأن حسن الخلق في الجنة لا محالة ؛ وسوء الخلق في النار لا محالة(١) .

وأن حسن الخلق خير قرين(٢) .

وأن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : أنا زعيم ببيت في ربض الجنة وبيت في وسطها وبيت في أعلاها لمن حسن خلقه(٣) .

وأنه : لا حسب كحسن الخلق(٤) .

وأن الكمال هو تقوى الله وحسن الخلق(٥) .

وأنه : أحسنوا صحبة الدين بحسن الخلق(٦) .

وأنه يزين الرجل كما تزين الواسطة القلادة(٧) .

وأن العجب ممن يشتري العبيد بماله كيف لا يشتري الأحرار بحسن خلقه(٨) .

وأنه : جمال في الدنيا ونزهة في الآخرة(٩) .

وأنه شجرة في الجنة وصاحبه متعلق بغصنها(١٠) .

وأنه يعمر الديار ويزيد في الأعمار(١١) .

__________________

١ ـ وسائل الشيعة : ج٨ ، ص٥٠٦ وج١١ ، ص٣٢٤ ـ بحار الأنوار : ج١٠ ، ص٣٦٩ وج٧١ ، ص٣٨٣

٢ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٣٨٧.

٣ ـ الخصال : ص١٤٤ ـ بحار الأنوار : ج٢ ، ص١٢٨ وج٧١ ، ص٣٨٨ وج٧٢ ، ص٢٦١.

٤ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٣٨٩ ـ مستدرك الوسائل : ج٨ ، ص٤٤٥.

٥ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٣٩٠.

٦ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٣٩١.

٧ ـ نفس المصدر السابق.

٨ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٣٩٢.

٩ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٣٩٣ ـ مستدرك الوسائل : ج٨ ، ص٤٤٩.

١٠ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٣٩٣.

١١ ـ الكافي : ج٢ ، ص١٠٠ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٣٩٥.

١٦٦

وأنه : يزيد في الرزق(١) .

وأنه : أكرم الحسب(٢) .

وأنه : خير فيق(٣) .

__________________

١ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٣٩٦ وج٧٨ ، ص٢٥٧.

٢ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٣٩٦.

٣ ـ نفس المصدر السابق.

١٦٧

١٦٨

الدرس الحادي والثلاثون

في الحلم وكظم الغيظ والعفو والصفح

الحلم : ضبط النفس عن هيجان الغضب ، والكظم : الحبس والسد ، فكظم الغيظ يرادف الحلم ، والعفو : ترك عقوبة الذنب ، والصفح : ترك التثريب واللوم عليه فالمراد من العبائر والعناوين المذكورة : أن يحلم الإنسان عند غضبه للغير ولا يرتب الآثار التي يقتضيها الغضب من العقوبة بالقول أو الفعل ، والممارسة على ذلك والعمل بما يحكم به الشرع والعقل سبب لحصول ملكة في النفس تمنعها من سرعة الانفعال عن الواردات المكروهة ، وجزعها عن الامور الهائلة ، وطيشها في المؤاخذة ، وصدور الحركات غير المنظمة منها ، وإظهار المزية على الغير ، والتهاون في حفظ ما يجب عليه شرعاً وعقلاً. وهذه الملكة عن أفضل الأخلاق وأشرف الملكات ، والحليم هو صاحب هذه الملكة ، وكذا الكاظم.

وقد ورد في الكتاب والسنة في فضل هذه الخليقة وحسنها والحث على تحصيلها وترتيب آثارها عليها بل ، والجري على وفقها ـ وإن لم يكن عن ملكة ـ

١٦٩

آيات كثيرة ونصوص متواترة.

فقد قال تعالى في الكتاب الكريم في وصف المتقين :( والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين ) (١) وأمر بذلك في عدة آيات كقوله :( وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم ) (٢) وقوله :( خذ العفو ) (٣) وقوله :( فاصفح الصفح الجميل ) (٤) وقوله :( ادفع بالتي هي أحسن السيّئة ) (٥) وقوله :( ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم وما يلقّاها إلا الذين صبروا وما يلقّاها إلا ذو حظ عظيم ) .(٦) ( وما يلقّاها أي : وما يعطي ويبذل هذه السجية ، أي : مقابلة الإسائلة بالاحسان إلا ذو حظ من الإيمان وفضائل الإنسان ) .

وقوله :( وإذا ما غضبوا هم يغفرون ) (٧) و( فمن عفى وأصلح فأجره على الله ) (٨) و( لمن صبر وغفر إن ذلك من عزم الامور ) (٩) ( فاصفح عنهم وقل سلام ) (١٠) و( قل للذين آمنوا يغفروا للذين لا يرجون ايام الله ) (١١) إلى غير ذلك.

وقد ورد في النصوص : أن من خير أخلاق الدنيا والآخرة ومكارمها : أن تعفو عمن ظلمك وتحلم إذا جهل عليك(١٢) .

__________________

١ ـ آل عمران : ١٣٤.

٢ ـ النور : ٢٢.

٣ ـ الاعراف : ١٩٩.

٤ ـ الحجر : ٨٥.

٥ ـ المؤمنون : ٩٦.

٦ ـ فصلت : ٣٤ و ٣٥.

٧ ـ الشورى : ٣٧.

٨ ـ الشورى : ٤٠.

٩ ـ الشورى : ٤٣.

١٠ ـ الزخرف : ٨٩.

١١ ـ الجاثية : ١٤.ذ ١٢ ـ الكافي : ج٢ ، ص١٠٧ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٣٩٩ ـ مرآة العقول : ج٩ ، ص٢٨٤.

١٧٠

وأنه إذا جمع الله الناس يوم القيامة في صعيد واحد نادى مناد : أين أهل الفضل؟ فيقوم عنق من الناس فيسأل عن فضلهم ، فيقولون : كنا نعفوا عمن ظلمنا ، فيقال : صدقتم ، ادخلوا الجنة.(١) ( والعنق : الجماعة ).

وأن عليكم بالعفو فإنه لا يزيد العبد إلا عزاً ، فتعافوا يعزكم الله(٢) .

وأن الندامة على العفو أفضل وأيسر من الندامة على العقوبة(٣) .

وأنه : ما التقت فئتان قط إلا نصر أعظمها عفواً(٤) .

وأنه : إذا نودي يوم القيامة من بطنان العرش : ألا فليقم كل من أجره عليّ ، فلا يقوم إلا من عفى عن أخيه(٥) .

وأن علي بن الحسينعليه‌السلام قال : إنه ليعجبني الرجل أن يدركه حلمه عند غضبه(٦) .

وأن الله يحب الحييّ الحليم(٧) . وأنه ما أذل بحلم قط(٨) .

وكفى بالحلم ناصراً وهو وزير المرء. وإذا لم تكن حليماً فتحلم(٩) .

وأن الحليم أقوى الخلق(١٠) .

وأنه : إذا وقع بين رجلين منازعة نزل ملكان فيقولان للحليم منهما : صبرت وحلمت سيغفر لك إن اتمت ذلك(١١) .

__________________

١ ـ الكافي : ج٢ ، ص١٠٧ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٤٠٠.

٢ ـ الكافي : ج٢ ، ص١٠٨ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٤٠١.

٣ ـ الكافي : ج٢ ، ص١٠٨ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٤٠١ ـ نور الثقلين : ج٤ ، ص٥٨٤.

٤ ـ الكافي : ج٢ ، ص١٠٨ ـ الأمالي : ص٢١٠ ـ وسائل الشيعة : ج٨ ، ص٥١٨ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٤٠٢ وج٧٨ ، ص٣٣٩.

٥ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٤٠٣.

٦ـ الكافي : ج٢، ص١١٢ ـ بحار الأنوار : ج٧١، ص٤٠٤ ـ وسائل الشيعة : ج١١، ص٢١٠.

٧ ـ الكافي : ج٢ ، ص١١٢ ـ وسائل الشيعة : ج١١ ، ص٢١١ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٤٠٤.

٨ ـ الكافي : ج٢ ، ص١١٢ ـ وسائل الشيعة : ج١١ ، ص٢١١ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٤٠٤.

٩ ـ الكافي : ج٢ ، ص١١٢ ـ وسائل الشيعة : ج١١ ، ص٢١١ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٤٠٤.

١٠ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٤٢٠.

١١ ـ الكافي : ج٢ ، ص١١٢ ـ وسائل الشيعة : ج١١ ، ص٢١١ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٤٠٦.

١٧١

وأن نعم الجرعة الغيظ لمن بر عليها. وأنها من أحب السبيل إلى الله ، فإن عظيم الأجر لمن عظيم البلاء(١) .

وأنك لن تكافئ من عصى الله فيك بأفضل من أن تطيع الله فيه(٢) .

وأن من كظم غيظاً ولو شاء أن يمضيه أمضاه ملأ الله قلبه يوم القيامة رضاه وحشاه أمناً وإيماناً(٣) .

وأن أهل بيت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله مروّتهم العفو عمن ظلمهم(٤) .

وأنه لا عز أرفع من الحلم(٥) .

وأن كظم الغيظ إذا كان في الرجل استكمل خصال الإيمان وزوّجه الله من الحور العين كيف شاء(٦) .

وأنه : أوحى الله إلى نبي من أنبيائه : إذا أصبحت فأول شيء يستقبلك فكُله ، فلما أصبح استقبله جبل أسود عظيم فبقى متحيراً ، ثم رجع إلى نفسه ، فقال ، إن ربي لا يأمرني إلا بما أطيق ، فمشى غليه ليأكله فلما دنى صغر ، فوجده لقمة فأكلها ، فوجدها أطيب شيء أكله ، ثم قيل له : إن الجبل الغضب ، إن العبد إذا غضب لمن ير نفسه ، وجهل قدره من عظيم الغضب ، فإذا حفظ نفسه وعرف قدره وسكن غضبه كانت عاقبته كاللقمة الطيبة التي أكلتها(٧) .

وأن أولى الناس بالعفو أقدرهم على العقوبة(٨) .

__________________

١ ـ الكافي : ج٢ ، ص١٠٩ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٤٠٨.

٢ ـ الكافي : ج٢ ، ص١٠٩ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٤٠٨.

٣ ـ الكافي : ج٢ ، ص١١٠ ـ وسائل الشيعة : ج٨ ، ص٥٢٤ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٤١١.

٤ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٤١٤.

٥ ـ نفس المصدر السابق.

٦ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٤١٧.

٧ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٤١٨ و ٤١٩.

٨ ـ نهج البلاغة : الحكمة : ٥٢ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٤٢١.

١٧٢

وأن من لم يكن له حلم لم يقم له عمل(١) .

وأنه ما أرضى المؤمن ربه بمثل الحلم(٢) .

وأن الناس أعوان الحليم على الجاهل(٣) .

وأنه لا يعرف الحليم إلا عند الغضب(٤) .

وأن من كف غضبه عن الناس كف الله عنه عذاب يوم القيامة(٥) .

وأن الصفح الجميل : العفو بغير عتاب(٦) .

وأنه إذا قدرت على العدو فاجعل العفو شكراً للقدرة عليه(٧) .

وان الحلم عشيرة(٨) .

وأنه غطاء ساتر(٩) .

وأن الحلم والأناة توأمان تنتجهما علو الهمة(١٠) .

وأنه من لا يكظم غيظه يشمت عدوه(١١) .

وأن الحلم سجية فاضلة(١٢) .

__________________

١ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٤٢٢.

٢ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٤٢٤.

٣ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٤٢٥.

٤ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٤٢٦.

٥ ـ الكافي : ج٢ ، ص٣٠٥ ـ وسائل الشيعة : ج١١ ، ص٢٨٩ ـ بحار الأنوار : ج٩٥ ، ص٣٣٩.

٦ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٤٢٧.

٧ ـ نهج البلاغة : الحكمة ١١ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٤٢٧.

٨ ـ نهج البلاغة : الحكمة ٤١٨ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٤٢٨.

٩ ـ نهج البلاغة : الحكمة ٤٢٤ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٤٢٨.

١٠ ـ نهج البلاغة : الحكمة ٤٦٠ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٤٢٨.

١١ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٤٢٨.

١٢ ـ نفس المصدر السابق.

١٧٣

١٧٤

الدرس الثاني والثلاثون

في الفقر والفقراء والغنى والأغنياء

الفقر في اللغة : انكسار فقار الظهر والفقير بمعنى : المفقور المنكسر فقرات ظهره يقال : فقرته الداهية أي : نزلت به وكسرت فقاره ، ويستعمل بمعنى : الحفر ، والفقيرة : الحفيرة ، والفقير من أثّرت المكاره الخدشة والحفرة في نفسه ، أو ذهبت بماله فتركت محله حفرة.

وهو في اصطلاح الشرع وأهله يطلق على معان كما أشار إليها الراغب :

الأول : الحاجة والافتقار ، وهي بمعناها الحقيقي العام ، متحقق في كل موجود بالنسبة إلى الله تعالى ، فالكل مفتقر في وجوده وبقائه ، بل وفي زواله وانعدامه إلى الله تعالى ومشيئته كما قال تعالى :( أنتم الفقراء إلى الله ) (١) والفقر بهذا المعنى أمر وجودي.

__________________

١ ـ فاطر : ١٥.

١٧٥

الثاني : فقد لوازم العيش والحياة بالنسبة إلى من يحتاج إليها ، وهو المراد في أغلب مأثورات الباب ، وهذا أمر عدمي.

الثالث : فقر النفس بمعنى : حرصها وشرهها إلى الدنيا ومتاعها ، ويقابله غنى النفس.

الرابع : الفقر إلى الله بمعنى : حالة اعتماد النفس إليه تعالى وانقطاعها عن غيره وعدم عنايتها إلى الأسباب الظاهرية. ثم إنه لا كلام هنا في المعنى الأول ، والعلم والاذعان به من شؤون الإيمان ، ولا في المعنى الثالث ، فإنه من رذائل الصفات ، وقد وقعت الاشارة في النصوص أحياناً إلى المعنى الرابع ، فعمدة الكلام في المقام هو المعنى الثاني ، وعليه فقد يستظهر من أدلة الباب أن الفقر بنفسه أمر ممدوح مطلوب ذو فضل ورجحان ، مندوب إليه في الشرع. وأن الغنى مذموم مبغوض منهي عنه لكن الظاهر أن الفقر الممدوح مشروط :

أولاً : بعدم كون حصوله من ناحية قصور المكلف وتقصيره في الحركة والسعي إلى تحصيل رزقه كما أمره الله تعالى ، وإلا فلا حسن في ذلك ، ولا يكون مشمولاً لما دل على فضله.

وثانياً : بتقارنه بالرضا والتسليم ، وعدم ظهور الجزع منه والشكوى إلى الناس.

وثالثاً : بعدم وقوع صاحبه في المعصية من جهته ، وهو ممدوح ـ حينئذٍ ـ لرضا الفقير باطناً بقضاء الله تعالى وتسليمه قلباً لأمره ، مع وقوعه في ضيق العيش وضنك الحياة ، مع أن أغلب أهل هذا الفقر ، يصرفون أعمارهم في سبيل دينهم وطاعة ربهم ، وسائر الأمور النافعة لمعاش أنفسهم وإخوانهم ولمعادهم عوضاً عن الأوقات التي يصرفها الأغنياء في دنياهم.

١٧٦

وأما الغنى : فهو مذموم إذا أورث الحرص على الدنيا والغفلة عن الله تعالى ، وعن القيام بالوضائف والطاعات المندوبة أو الواجبة ، بل والوقوع في المعاصي والانهماك فيها كما هو الغالب في هذه الطائفة ونعوذ بالله منها.

ولو فرض أن صاحب الغنى قد واظب في عين تلك الحالة على ما أراد الشرع منه وأدى حقوق أمواله الواجبة والمندوبة ، بل وحصل له توفيق صرف المال في سبيل ربه وإحياء دينه والخدمة لأهل ملته بما لا يمكن ذلك للفقير فلا إشكال في عدم شمول الذموم الواردة في الغنى له.

وبالجملة : كم من غني لم يشغله غناه عن الله ، وكم من فقير شغله فقره عن الله. فإطلاقات المدح والذم في الوصفين محمولة على الغالب ، إذاً ، فالحسن عارض للفقر ، لملازمته أو مقارنته لما هو حسن عقلاً أو شرعاً ، والقبح عارض للغنى لتقارنه لما هو مبغوض كذلك. وقال المجلسيقدس‌سره : ( مقتضى الجمع بين أخبارنا : أن الفقر والغنى كل منهما نعمة من نعم الله يعطيها من يشاء من عباده لمصالح ، وعلى العبد أن يصبر على الفقر ، بل ويشكره ويشكر الغنى ويعمل بمقتضاه ، فمع عمل كل منهما بمقتضى حاله ، فالغالب أن الفقير الصابر أكثر ثواباً من الغني الشاكر ، لكن مراتبهما مختلفة ، والظاهر أن الكفاف أسلم وأقل خطراً من الجانبين ).

والأولى ذكر أدلة الباب حتى يتضح حقيقة الحال ، فإن الحق الحقيق بالاتباع هو المستفاد من الكتاب والسنة.

فقد ورد في الكتاب الكريم قوله :( واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطا ) .(١) فقد ورد : أن نزولها كان في

__________________

١ ـ الكهف : ٢٨.

١٧٧

أصحاب النبي وطائفة من الأغنياء ، فصدر الآية ناظر إلى الفقراء من أصحابهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وذيلها إلى الأغنياء في عصره ، حيث استدعوا من النبي أن يطرد الفقراء من عنده حتى يرغبوا في الإسلام ويجالسوا النبي الأعظم ، فالفقراء هم الذين أرادوا وجه الله ورضوانه ، وداوموا على الدعاء والصلاة صباحاً ومساء ، والأغنياء كانوا ـ عندئذ ـ هم الذين أغفل الله قلبهم عن ذكره واتبعوا أهواءهم وكان أمرهم فرطاً ، أي : في تجاوز عن الحق وتضييع له. ثم إن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال بعد نزولها : الحمد لله الذي أمرني أن أصبر مع هؤلاء الرجال ، منعكم المحيا ومعكم الممات(١) . وقال تعالى أيضاً بعد ذكر قولهم :( لولا أنزل إليه ملك أو يلقى إليه كنز أو تكون له جنة يأكل منها ) ،(٢) ( تبارك الذي إن شاء جعل لك خيراً من ذلك جنات تجري من تحتها الأنهار ويجعل لك قصوراً ) .(٣)

فيستفاد من حال الكفار ـ عندئذ كما هو حالهم الآن ـ أن الدنيا وما عليها من الزينة لها فضل وكرامة وأصالة في حياة الإنسان ، مع أنها وجميع ما فيها وعليها ليست إلا مقدمة لغرض أصيل آخر وآلة ووسيلة لتحصيله ، فالغنى المذموم عبارة عن الأموال التي ينظر إليها بتلك النظرة الاستقلالية ، ولذلك قال تعالى : لو شاء ربك لأعطاك فوق ما يقولون ، أو فوق ما يخطر ببالهم ، ونظيرتها الآية ٣٣ من الزخرف. وورد في النصوص :

أن الفقر مخزون عند الله(٤) ( والمراد : إختزان ثوابه إذا صبر عليه صاحبه صبراً جميلاً ).

__________________

١ ـ بحار الأنوار : ج١٧ ، ص٤١ وج٢٢ ، ص٤٤.

٢ ـ الفرقان : ٧ ـ ٨.

٣ ـ الفرقان : ١٠.

٤ ـ بحار الأنوار : ج٧٢ ، ص٥٢.

١٧٨

وأن الله جعل الفقر والحاجة أمانة عد خلقه ، فمن أسره وكتمه أعطاه الله مثل أجر الصائم القائم(١) .

وأنه : ما أعطي أحد من الدنيا إلا اعتباراً ، وما زوي عنه إلا اختباراً ( اعتباراً أي : ليعتبر الغير به ، واختباراً : ليختبر نفسه ).

وأن الله يلتفت يوم القيامة إلى فقراء المؤمنين شبيهاً بالمعتذر إليهم ، فيقول : ما أفقرتكم في الدنيا من هوانٍ بكم عليّ ، ولترون ما أصنع بكم اليوم ، فتصفحوا وجوه الناس ، فمن صنع إليكم معروفاً لم يصنعه إلاّ فيّ فكافئوه عني بالجنة ، وارفعوا هذا السجف ، فانظروا إلى ما عوضتكم من الدنيا ، فيقولون ما ضرنا ما منعتنا مع ما عوضتنا(٢) ( والسجف ـ بالفتح والكسر ـ الستر ).

وأنه : قال الله تعالى لموسى : يا موسى إذا رأيت الفقر مقبلاً فقل : مرحباً بشعار الصالحين ، وإذا رأيت الغنى مقبلاً فقل : ذنب عجلت عقوبته ،(٣) ( عجلت عقوبته أي : وقع مني ذنب وهذه عقوبته قد عجلت ).

وأنه : طوبى للمساكين بالصبر ، وهم الذين يرون ملكوت السموات والأرض(٤) .

وأن الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : يا معشر المساكين ، طيبوا نفساً ، وأعطوا الله الرضا من قلوبكم يثبكم الله على فقركم(٥) .

وأنه : كل ما يراه الفقير في السوق من الأمتعة والفاكهة فله بكل ما لم يقدر

__________________

١ ـ الكافي : ج٢ ، ص٢٦٠ ـ وسائل الشيعة : ج٦ ، ص٣١١ ـ بحار الأنوار : ج٧٢ ، ص٨ وج٩٦ ، ص١٥٣.

٢ ـ الكافي : ج٢ ، ص٢٦١ ـ بحار الأنوار : ج٧ ، ص٢٠٠ وج٧٢ ص١١.

٣ ـ الكافي : ج٢ ، ص٢٦٣ ـ الوافي : ج٥ ، ص٧٩٣ ـ بحار الأنوار : ج٧٢ ، ص١٥.

٤ ـ الكافي : ج٢ ، ص٢٦٣ ـ الوافي : ج٥ ، ص٧٩٣ ـ بحار الأنوار : ج٧٢ ، ص١٥.

٥ ـ الكافي : ج٢ ، ص٢٦٣ ـ وسائل الشيعة : ج٦ ، ص٣١٢ ـ بحار الأنوار : ج٧٢ ، ص١٧.

١٧٩

على شرائه حسنة(١) .

وأنه : لا تدع أن يغنيك الله عن خلقه ، فإن الله قسّم رزق من شاء على يدي من شاء ، بل إسأل الله أن يغنيك عن الحاجة التي تضطرك إلى لئام خلقه(٢) .

وأن في فقر الفقراء ابتلاء للأغنياء(٣) .

وأن الصادق ٧ : قال : مياسير شيعتنا أمناء على محاويجهم فاحفظونا فيهم(٤) .

وأن الفقر أزين للمؤمنين من العذار على خد الفرس(٥) .

وأنه : لا تستخفوا بفقراء الشيعة ، فإن الرجل منهم ليشفع في مثل ربيعة ومضر(٦) .

وأن من استخف بالفقير لفقره استخف بحق الله ، والله يستخف به يوم القيامة(٧) .

وأن السلام على الفقير خلاف السلام على الغني ، استخفاف(٨) .

وأن ابن آدم يكره قلة المال ، وهي أقل للحساب(٩) .

وأنه : لا يبلغ أحدكم حقيقة الإيمان حتى يكون الفقر أحب إليه من الغنى(١٠) .

__________________

١ ـ الكافي : ج٢ ، ص٢٦٤ ـ بحار الأنوار : ج٧٢ ، ص٢٥.

٢ ـ الكافي : ج٢ ، ص٢٦٦ ـ بحار الأنوار : ج٧٢ ، ص٤.

٣ ـ الكافي : ج٢ ، ص٢٦٥ ـ بحار الأنوار : ج٧٢ ، ص٢٦.

٤ ـ الكافي : ج٢ ، ص٢٦٥ ـ بحار الأنوار : ج٩٦ ، ص١٣١.

٥ ـ الكافي : ج٢ ، ص٢٦٥ ـ بحار الأنوار : ج٧٢ ، ص٢٨.

٦ ـ بحار الأنوار : ج٧٢ ، ص٣٥ ـ مستدرك الوسائل : ج٩ ، ص١٠٦.

٧ ـ بحار الأنوار : ج٧٢ ، ص٣٨.

٨ ـ نفس المصدر السابق.

٩ ـ بحار الأنوار : ج٧٢ ، ص٣٩.

١٠ ـ بحار الأنوار : ج٦ ، ص١٣٠ وج٦٧ ، ص٣٠٠ وج٧٢ ، ص٤٠.

١٨٠

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419