شبابنا ومشاكلهم الروحية

شبابنا ومشاكلهم الروحية0%

شبابنا ومشاكلهم الروحية مؤلف:
الناشر: دار القرآن الكريم
تصنيف: كتب الأخلاق
الصفحات: 156

شبابنا ومشاكلهم الروحية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: السيد كامل الهاشمي
الناشر: دار القرآن الكريم
تصنيف: الصفحات: 156
المشاهدات: 27158
تحميل: 43826

توضيحات:

شبابنا ومشاكلهم الروحية
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 156 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 27158 / تحميل: 43826
الحجم الحجم الحجم
شبابنا ومشاكلهم الروحية

شبابنا ومشاكلهم الروحية

مؤلف:
الناشر: دار القرآن الكريم
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

وعلى هذا الأساس لم يعول علماؤنا وفقهاؤنا على الرؤيا في استنباط الأحكام الشرعية، وقد كان هذه سيرتهم منذ زمن الأئمة (ع) إلى يومنا هذا، وقد سأل بعضهم العلامة الحلي (قده) فقال: (ما يقول سيدنا في من رأى في منامه رسول الله (ص) أو بعض الأئمة (ع) وهو يأمره بشيء أو ينهاه عن شيء، هل يجب عليه امتثال ما أمر به أو اجتناب ما ينهاه عنه أم لا يجب ذلك مع ما صح عن سيدنا رسول الله (ص) أنه قال: (من رآني في منامه فقد رآني فإن الشيطان لم يتمثل بي) وغير ذلك من الأحاديث المروية عنه (ص)؟ وما قولكم لو كان ما أمر به أو نهى عنه على خلاف ما في أيدي الناس من ظاهر الشريعة، هل بين الحالين فرق أم لا).

فأجاب (رض) قائلاً: (ما يخالف الظاهر فلا ينبغي المصير إليه، وأما ما يوافق الظاهر فالأولى متابعته من غير وجوب، ورؤيته (ص) لا يعطي وجوب اتباع المنام)(١).

ولا ينافي كل هذا ما توحيه بعض أخبار الأئمة (ع) من اعتماد بعض الناس في زمان وجودهم (ع) على الرؤيا التي كانوا يرون فيها أحد الأئمة (ع) يأمرهم بشيء أو ينهاهم عنه أو يجيبهم على حكم مسألة شرعية، كما في هذه الرواية التي يرويها بشير الدهان عن الإمام الصادق (ع) إذ يقول: (قلت له: إني رأيت في المنام أني قلت لك: إن

____________________

(١) العلامة الحلي، أجوبة المسائل المهنائية: ٩٧ - ٩٨.

١٤١

القتال مع غير الإمام المفروض طاعته حرام مثل الميتة والدم ولحم الخنزير، فقلت لي: هو كذلك؟ فقال أبو عبد الله (ع):هو كذلك هو كذلك )(١) .

لأننا نقول - وكما أشرنا إليه سابقاً - إن الرؤية الصادقة هي رتبة من رتب معرفة الغيب والاطلاع على الحقائق، ولكن تمييز الرؤيا الصادقة ومعرفتها وفهم تعبيرها لا يكون في بعض الأحيان إلا للمعصوم (ع)، وفي هذه الرواية قد أقر المعصوم (ع) الجواب الذي أجابه عن حكم المسألة في الرؤيا، ومع وجود المعصوم (ع) الذي تعرض عليه الرؤى والمكاشفات فيميز صحيحها من سقيمها لا يبقى مجال للتردد والإبهام في ما يراه الإنسان من مكاشفات يعرضها على الإمام المعصوم (ع) فيميز بينها ويكشف حقها من باطلها سواء كانت المكاشفات حصلت  ... في اليقظة أم في المنام، وبالتالي يكون المرجع الأصلي في إثبات أو نفي الحقيقة الدينية والحكم الشرعي ليست هي المكاشفة أو الرؤيا وإنما هو إقرار الإمام المعصوم (ع) وتصديقه.

وإلى هنا ننتهي من البحث عن الرؤيا وما يرتبط بها من أبحاث علمية، ونختم هذه الكلمة بالحديث عن قضية ترتبط بالرؤيا وملابساتها، وهي النقطة الأخيرة من هذه الكلمة.

النقطة السادسة: شبابنا والموقف من الرؤيا في قضية المهدي (ع)

نود في ختام هذا البحث أن نتعرض لقضية ترتبط في

____________________

(١) الكافي: ٥ / ٢٣.

١٤٢

واقعها الفعلي عند البعض من الناس، ولاسيَّما الشباب المسلم، بمسألة الرؤى والمنامات، وهي قضية الإمام المهدي (ع)، إذ إن هذه القضية واجهت على مر التاريخ الإسلامي عدة محاولات لاستغلالها لمصالح شخصية وطموحات ذاتية، وقد عرف تاريخنا الإسلامي منذ عهد الغيبة الصغرى للإمام المهدي (ع) التي أعقبت وفاة أبيه الإمام الحسن العسكري (ع) العديد من الأشخاص الذين أدعوا البابية والوكالة والسفارة عن صاحب العصر والزمان (ع)، وتنوعت أشكال هذه الدعاوى واختلفت أساليبها، ولكنها كانت على الدوام تسقط وتتلاشى في نهاية المطاف، وتبقى اللعنات هي التي تصاحب مدعيها ومن ينخدع لهم إلى يوم القيامة، وفي زماننا هذا تتخذ هذه الدعاوي المنحرفة شكل الارتباط بالمهدي (ع) من خلال الرؤيا والأحلام، وادعاء السفارة أو الوكالة أو البابية من خلال التنصيب في عالم الرؤيا، ونحن وإن كنا نعتقد بأن مثل هذه الدعاوي لا تعدوا أن تكون مجرد ترهات وسخافات سرعان ما يرفضها الواقع ويكذبها من ينخدعون بها في أول أمرها، إلا إننا أحببنا في ختام حديثنا أن نقدم لشبابنا المسلم كلمة مختصرة عن الإمام المهدي (ع) وقضيته الكبرى، فنقول: إن من الخصائص والميزات التي يتمتع بها الفكر الإسلامي الشيعي ما يمتلكه من رؤية مستقبلية واضحة ومفصلة في ما يرتبط بقضية الإمام المهدي (عج)، إذ إننا نلحظ إن هناك تصوراً واضحاً عن كثير من الجزئيات والتفاصيل التي تتحدث عن صاحب العصر والزمان (ع)

١٤٣

وما يتعلق بحركته الإصلاحية والتغييرية التي يحقق الله سبحانه وتعالى من خلالها انجاز وعده في نصر المستضعفين وجعلهم أئمة يرثون الأرض ويقيمون حكم الله فيها، كما يرشدنا إلى ذلك قوله تعالى:( وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ ) (القصص: ٥)، وقوله تعالى:( وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ ) (الأنبياء: ١٠٥).

ولقد جاءت الروايات الكثيرة جداً جداً عن أهل البيت (ع) في التأكيد على ضرورة ظهوره (ع) وأنه من المحتوم الذي لا تبديل فيه ولا تغيير، فعن الإمام الرضا (ع) عن آبائه (ع) أن رسول الله (ص) قال:(لا تقوم الساعة حتى يقوم القائم الحق منا وذلك حين يأذن الله (عَزَّ وجَلَّ) له، ومن تبعه نجا ومن تخلف عنه هلك: الله الله عباد الله فأتوه ولو على الثلج فإنه خليفة الله (عَزَّ وجَلَّ) وخليفتي) (١).

وعنه (ص) أيضاً:(لا تذهب الدنيا حتى يقوم بأمر أمتي رجل من ولد الحسين يملأها عدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً) (٢).

وعن أبي أيوب الأنصاري (رض) قال:(قال رسول الله (ص) لفاطمة في مرضه: والذي نفسي بيده لابد لهذه الأمة من مهدي وهو والله من ولدك) (٣) .

____________________

(١) بحار الأنوار: ٥١ / ٦٥.

(٢) نفس المصدر: ٦٦.

(٣) نفس المصدر: ٦٧.

١٤٤

وعن ابن عباس أنه قال: (قال رسول الله (ص):إن خلفائي وأوصيائي وحجج الله على الخلق بعدي أثنا عشر أولهم أخي وآخرهم ولدي ، وقيل: يا رسول الله (ص) ومن أخوك؟ قال:علي بن أبي طالب ، قيل: فمن ولدك؟ قال:المهدي يملأها قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً. والذي بعثني بالحق نبياً لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لأطال الله ذلك اليوم حتى يخرج فيه ولدي المهدي فينزل روح الله عيسى بن مريم (ع) فيصلي خلفه وتشرق الأرض بنور ربها ويبلغ سلطانه المشرق والمغرب )(١).

ومع أن قضية الإمام المهدي (ع) - التي كانت تمثل في واقعها قضية الاستضعاف والمظلومية والاصرار على حمل معاناة الإنسان والدفاع عن حقه في عيشة كريمة حرة - اعتبرت أكبر وأوضح وأعظم رؤية دينية في استشراف المستقبل وتحديد ورسم معالم المسار النهائي للإنسان في عالمه الدنيوي، إلا أنها قدر لها أن تواجه على مر التاريخ الإسلامي العديد من التشويهات المقصودة وغير المقصودة، ومما يؤسف له أن أكثر هذه التشويهات لقضية المهدي (ع) جاءت وصدرت من أناس يؤمنون كل الإيمان بالقضية ويتحمسون لها أشد التحمس.

وأهم تلك التشويهات التي واجهتها قضيته (ع) - وكان لها الأثر الشيء على تصورات ومواقف الرأي العام الإسلامي في ما يرتبط بقضيته (ع) - محاولة التسطيح لأبعاد القضية وحرفها عن مسارها

____________________

(١) نفس المصدر: ٧١.

١٤٥

الصحيح الذي يراد من خلاله تحسيس الإنسان المسلم بمسؤوليته الخطيرة في ما يتخذه من مواقف ترتبط بماضيه وحاضره ومستقبله.

نعم  ... لقد عمل البعض من العلماء والمفكرين الإسلاميين - من دون وعي وإدراك - على حرف القضية عن مساراتها الصحيحة التي تبتغي تأصيلها وتجذيرها في حركة الإنسان المسلم، فبدلاً من أن تصور القضية - كما يريد لها الإسلام - قضية إنسان يعيش كل معاناة الإنسانية وهمومها ويتحمل طوال سنين عديدة صرخات المظلومين وأنات المضطهدين والمعذبين من بني البشر، وإذا بها تختلق لها التصورات الخيالية من هنا وهناك لتبتعد شيئاً فشيئاً عن واقع الإنسان المعذب، وتتحول - على خلاف إرادتها - إلى قضية رؤى وأحلام وقصص خيالية يلهث وراءها الإنسان الذي يريد الابتعاد عن واقعة والعيش في عالم الخيال.

ولسنا بحاجة إلى أن نضرب الأمثال ونذكر بالمصاديق التي أنتجها وأسسها هذا المنحى في التعامل مع قضية الإمام المهدي (ع)، إذ يكفينا أننا نعلم أن قضية خيالية مثل قصة (الجزيرة الخضراء) صارت ترتبط أشد الارتباط في أذهان المسلمين بقضيته (ع)، وهي توحي لكل من يسمعها أو يقرؤها بكثير من الاطمئنان والاستقرار واللامبالاة وتناسي هموم الإنسانية ومعاناتها التي يعيشها الإمام (ع) في أجواء جزيرته المختلقة، والتي تشابه في إيحاءاتها أجواء قصور الملوك والطواغيت الذين لا يحملون أية قضية ولا يستشعرون أية معاناة إنسانية.

١٤٦

وللأسف استطاع هذا الفهم المغلوط أن يتعمق في أذهان الكثير من المتدينين ولاسيَّما الشباب المسلم حتى صار الكثير من شبابنا المسلم يبحث في قضية المهدي (ع) أبعاداً وجوانب تضفي على القضية الكثير من لمسات السطحية واللاوعي وتبتعد بها عن آفاقها الأصيلة التي تحفز المسلم على التفكير والحركة والسعي والتغيير في كل لحظة وفي كل آن.

ولا نستطيع - إذا ما أردنا أن نكون منصفين - أن نحمل الشباب المسلم المسؤولية كاملة في ما يتخذه ويؤسسه من أساليب ومواقف خاطئة تجاه قضية المهدي (ع)، لأننا ندرك أن النتاج الفكري الإسلامي في ما يختص بالقضية مورد البحث، كان يبتعد في كثير من معطياته عن مقتضيات الواقعية ومستلزمات الموضوعية في طرح ودراسة وتحليل قضية المهدي (ع)، وكان يجنح في كثير من الأحيان إلى الخيال واللاواقعية ويستنجد بهما إذا أعيته الحيلة عن إثبات أو نفي فكرة معينة ترتبط من قريب أو بعيد بقضيته (ع)، ومن الطبيعي أن يولد مثل هذا النتاج الذي يقبل عليه شبابنا المسلم بشغف وشوق شخصيات تهرب من الواقع وترفض التعامل معه بمنطقه، وتلجأ إلى الأحلام والرؤى والتنبؤات وشواذ الأخبار وضعاف الروايات ومختلقات القصص لتكون من خلال ضم بعضها إلى بعض نسيجاً متكاملاً عن واقع القضية وأبعادها، ولكنه نسيج خيالي ووهمي إلا أنه له من القوة ما يحطم به كل ثوابت الواقع شرعية كانت أم عقلية أم اجتماعية.

١٤٧

وكلامنا هذا ليس مجرد فرض وتوهم يعجز الواقع عن إثباتهما وتقديم المصاديق والدلائل عليهما، بل أن الأمر بات واضحاً وضوح الشمس ولم يعد مجتمع من مجتمعاتنا الإسلامية يخلو من قضية مثيرة ينتجها ويؤسسها الفهم اللاواعي والموقف اللامتزن من قضية الإمام المهدي (ع)، فلقد صار الكثير من الجهلة والنفعيين يستغلون قضيته (ع) ليحولوها إلى قضية أحلام ورؤى تثبت من خلالها وعن طريقها اعتقادات ومقولات تستهدف في نهاية المطاف ضرب الوجودات الإسلامية بعضها ببعض وتحطيم بنائها الداخلي بنفس يدها.

ولسنا نريد هنا أن ندخل مع الشباب في بحوث دينية وعلمية حول من يرى صاحب الزمان (ع) في الرؤيا، وصحة مثل هذه الرؤى أو عدم صحتها، وجواز الاعتماد عليها أو عدم جوازه، ومحاولة تفنيد دعاوي من يدعون النيابية الخاصة والسفارة عنه (ع) في زمن الغيبة أما عن طريق الرؤيا أو عن طريق المشاهدة، لأننا نعتقد أن مثل هذه البحوث قد وجدت كل الإجابات المقنعة عنها، ومنذ زمن بعيد والعلماء يؤلفون الكتب والمقالات في إبطال وتزييف قول من يدعي النيابة الخاصة عنه (ع) بعد انتهاء فترة الغيبة الصغرى. بل ما نريده من شبابنا المسلم أن يعي كل الوعي أن قضية المهدي (ع) أسمى من أن تتحول إلى قضية أحلام ورؤى يراها أناس ينتحلون الإسلام كذباً وزوراً ونفاقاً، ويبتغون من وراء أحلامهم الكاذبة أن يثبتوا لأنفسهم مقامات عند السذج من الناس، يعجزون عن اكتسابها بطريق الجد والسعي والعمل والإخلاص

١٤٨

لله تعالى.

ونحن نرجوا في ختام هذه الكلمة - والتي ستكون الكلمة الأخيرة من الكتاب - أن يكون شبابنا المسلم قد وعى من خلال ما قدمناه له من بحث مطول ومفصل عن "الرؤيا" الموقعَ المناسب الذي تستحقه مثل هذا الدعاوي الباطلة والمنحرفة، وأن يتعامل معها بوعي ودراية، ونحن على ثقة تامة بأن شبابنا المسلم سيفعل ذلك، وأنه يمتلك من البصيرة والفهم ما يجعله قادراً على التمييز بين الحق والباطل( وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ ) (الأحزاب: ٤).

١٤٩

الخاتمة

بعد هذه الرحلة الطويلة مع(شبابنا ومشاكلهم الروحية) نصل إلى خاتمة الكتاب، ونأمل أن يكون شبابنا المسلم قد استفاد مما قرأه من كلمات الكتاب التي ربما كانت بعضها مرهقة لتفكيره لاشتمالها على مطالب علمية ومباحث فلسفية وعرفانية قد لا يستطيع الشاب أن يهضمها ويستوعبها بسهولة، ولكن ليعلم شبابنا المسلم إننا كنا نرفض أن نعالج قضايا شبابنا المسلم، ولاسيَّما قضاياه الروحية، بالسطحية التي يرغب فيها الكثير من الناس، والتي لا يهمها أن تعالج المشكلة علاجاً حاسماً بقدر ما يهمها أن تقدم للآخرين أفكاراً تدغدغ عواطفهم وتثير مشاعرهم وربما كانت سبباً في تجذير المشكلة وتعميق أبعادها.

نعم  ... لقد ابتعدنا باختيارنا عن مثل هذا النوع من المعالجات التبسيطية للقضايا والمشاكل، وحاولنا أن نخلص لشبابنا النصيحة بدراستنا لمشاكلهم الروحية دراسة موضوعية تستقطب جميع أبعاد المشكلة وجوانبها المختلفة، وإن كان ذلك يستدعي من الشاب الذي يقرأ الكتاب مزيداً من التوجه والانتباه، وكان عذرنا الوحيد في ذلك أننا

١٥٠

نريد أن نكون مخلصين في ما نقدمه للشباب من كلمات ومعالجات وتوجيهات، ولقد نصح أمير المؤمنين (ع) ابنه الحسن فقال:(أي بني، إني وإن لم أكن عمرت عمر من كان قبلي، فقد نظرت في أعمالهم، وفكَّرت في أخبارهم، وسرت في آثارهم، حتى عدت كأحدهم، بل كأني بما انتهى إلي من أمورهم قد عمَّرت مع أولهم إلى آخرهم، فعرفت صفو ذلك من كدره، ونفعه من ضره، فاستخلصت لك من كل أمر نخيله (١) ،وتوخيت (٢) لك جميله، وصرفت عنك مجهوله) (٣) .

وهكذا أردنا من كتابنا هذا أن يتمثل في ما طرحه وصية أمير المؤمنين (ع) فيقدم للشاب المسلم الرأي النافع والكلمة الواعية فيحببها إليه ويحثّه عليهما، ويحذره من الوقوع في المطبات التي تستهلك شبابه وقدراته فيما لا ينفعه ولا يعود على أمته بالمصلحة.

وهذه المحاولة في معالجة مشاكل الشباب الروحية التي جسدتها كلمات هذا الكتاب لا تزعم أنها متكاملة وتامة، وما كنا نرجوه من ورائها هو فتح الباب لعلمائنا ومفكرينا وكتابنا من أجل أن يتوجهوا إلى شبابهم المسلم ويعتنوا بقضاياهم ومشاكلهم المختلفة، ويفكروا بصورة جدية في واقع الشباب وما يكتنف هذا الواقع من إثارات يواجهها الشباب المسلم على مختلف المستويات. ونأمل أن تكون هذه

____________________

(١) النخيل: المختار المصفى.

(٢) توخيت: أي تحريت.

(٣) نهج البلاغة: باب الرسائل / رقم ٣١.

١٥١

الكلمات حافزاً ومشجعاً للآخرين على دراسة ومعالجة بقية مشاكل الشباب التي لم نوفق لطرحها وإثارتها في هذا الكتاب من أجل أن تبقى قضايا شبابنا المسلم تحتل الصدراة والأولوية في تفكيرنا وتوجهاتنا.

ونحن نأمل أن يكون هذا الكتاب قد بصَّر الشاب المسلم بموقعه الحقيقي الذي ينبغي أن يتخذه في النهضة الجديدة للإسلام التي يشهدها عصرنا الراهن، وأن يدرك أن أمته الإسلامية الكبيرة تعقد آمالها وطموحاتها في مستقبل مزهر ومشرق عليه وعلى غيره من شباب عالمنا الإسلامي، ومازالت أمتنا الإسلامية تنظر إلى شبابها المسلم الملتزم وترى فيه الأيدي الأمينة التي لا يستطيع غيرها أن يحقق للأمة نهضتها المرجوة. ولن يستطيع شبابنا المسلم أن يحققوا هذا الأمل إلا إذا تمكنوا من تجسيد الإسلام الأصيل في كل حياتهم وقدموا للبشرية النماذج الإنسانية الصالحة والمتكاملة في سعيها العملي، والبعيدة كل البعد عن كل مظاهر الاختلال في الفكر والسلوك.

وآخر كلمة نقولها لشبابنا المسلم: إنكم أيها الشباب ملك لله وللإسلام وللأمة فلا يحق لكم أن تفرِّطوا في عمركم الشريف ولا أن تضيعوا ولا لحظة واحدة في غير ما يخدم دينكم ويرضى ربكم ويعلي شأن أمتكم الإسلامية.

والحمد لله رب العالمين وسلام على عباده الصالحين.

١٥٢

مصادر الكتاب

- القرآن الكريم.

- نهج البلاغة للإمام علي(ع).

١ - الأمدي: عبد الواحد بن محمّد بن التميمي.

تصنيف غرر الحكم ودرر الكلم، مكتب الإعلام الإسلامي الطبعة الأولى، إيران.

٢ - الآملي: سيد حيدر.

جامع الأسرار ومنبع الأنوار، شركت انتشارات علمى وفرهنگى و انجمن إيران شناسى فرانسه، الطبعة الثانية، إيران.

٣ - البحراني: سيد هاشم.

البرهان في تفسير القرآن، مؤسسة مطبوعاتى اسماعيليان، إيران.

٤ - جامى: عبد الرحمن بن أحمد.

نقد النصوص في شرح نقش الفصوص، مؤسسة مطالعات وتحقيقات فرهنگى، الطبعة الثانية، إيران.

٥ - الحلي: الحسن بن يوسف بن المطهر.

أجوبة المسائل المهنائية، مطبعة الخيام، ١٤٠١ هـ، إيران.

٦ - الحويزي: عبد علي بن جمعة.

تفسير نور الثقلين، مؤسسة مطبوعاتى اسماعيليان، إيران.

١٥٣

٧ - الخميني: روح الله.

الآداب المعنوية للصلاة، طلاس للدراسات والترجمة والنشر، الطبعة الأولى، ١٩٨٤ م، دمشق.

٨ - الرازي: فخر الدين.

المطالب العالية من العلم الإلهي، دار الكتاب العربي، بيروت، الطبعة الأولى، ١٩٨٧ م.

٩ - السجاد: علي بن الحسين (ع).

الصحيفة الكاملة السجادية، مؤسسة النعمان، بيروت.

١٠ - الصادق: جعفر بن محمد (ع).

توحيد المفضل، مكتبة الداوري، الطبعة الثالثة، إيران.

١١ - الطباطبائي: محمّد حسين.

الميزان في تفسير القرآن، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، بيروت، الطبعة الثانية، ١٩٧٤ م.

١٢ - الطهراني، محمد حسين. رسالة لب اللباب، انتشارات حكمت، الطبعة الرابعة، إيران.

١٣ - العاملي: محمد بن الحسن. وسائل الشيعة إلى تحصيل مسائل الشريعة، دار إحياء التراث العربي، بيروت.

١٤ - فندلاي، جـ، آرثر.

على حافة العالم الأثيري، مكتبة النهضة المصرية، القاهرة، الطبعة الثانية، ١٩٤٥ م.

١٥٤

١٥ - القيصري: داود بن محمود.

رسائل قيصري، انتشارات انجمن اسلامى حكمة وفلسفة إيران، إيران.

١٦ - الكراجكي: محمد بن على.

كنز الفوائد، انتشارات دار الذخائر، الطبعة الأولى، ١٤١٠ هـ، إيران.

١٧ - الكليني: محمد بن يعقوب.

الكافي، دار الكتب الإسلامية، الطبعة الثانية، إيران.

١٨ - المجلسى: محمد باقر.

بحار الأنوار، منشورات المكتبة الإسلامية، الطبعة الثانية، إيران.

١٩ - المرتضى، علي بن الحسين.

أمالي المرتضى، دار الكتاب العربي، بيروت، الطبعة الثانية، ١٩٧٦ م.

٢٠ - مودى: ريمون.

أضواء حول الحياة بعد الحياة، دار قتيبة، دمشق، الطبعة الأولى، ١٩٨٤ م.

٢١ - اليافعي: عبد الله بن أسعد.

روض الرياحين في حكايات الصالحين، دار الأنبار للطباعة والنشر، بغداد، الطبعة الأولى، ١٩٨٩ م.

١٥٥

الفهرس

فهرست الكتاب.. ٣

المقدمة ٥

الكلمة الأولى: تحليل دوافع النزوع الروحي عند الشباب وبيان حد الاعتدال الذي لا يصح للشاب تجاوزه ١٠

الكلمة الثانية: نقد وتوجيه لمظاهر النزوع الروحي عند الشباب   ٢٢

الكلمة الثالثة: تصحيح الدوافع الخاطئة في التوجه الروحي عند الشباب   ٣٢

الكلمة الرابعة: حقائق لابد أن يعيها الشباب في سيرهم التكاملي  ٤٢

الكلمة الخامسة: حقائق مهمة للشباب عن عالم الغيب وقضايا الروح  ٥٢

النقطة الأولى: ضرورة الإيمان بالغيب.. ٥٤

النقطة الثانية: حقيقة العالم الغيبي. ٥٧

النقطة الثالثة: حقيقة الاتصال بالعالم الغيبي وصوره ٦٦

النقطة الرابعة: مخاطر الاتصال بالعالم الغيبي. ٨١

الكلمة السادسة: الشباب وعلم العرفان والقراءات الروحية والغيبية ٨٥

الكلمة السابعة: الشباب وعالم الأحلام والرؤى  ٩٥

النقطة الأولى: حقيقة الرؤى والمنامات. ٩٩

النقطة الثانية: حقيقة عالم المثال. ١١٠

النقطة الثالثة: عوامل صواب الرؤيا وخطئها. ١١٦

النقطة الرابعة: حاجة الرؤيا إلى التعبير. ١٢٨

النقطة الخامسة: الموقف العملي من الرؤيا ١٣٤

النقطة السادسة: شبابنا والموقف من الرؤيا في قضية المهدي (ع) ١٤٢

الخاتمة ١٥٠

مصادر الكتاب.. ١٥٣

١٥٦