سبعة من السلف

سبعة من السلف0%

سبعة من السلف مؤلف:
تصنيف: مناظرات وردود
الصفحات: 392

سبعة من السلف

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: آية الله السيد مرتضى الحسيني الفيروزآبادي
تصنيف: الصفحات: 392
المشاهدات: 83543
تحميل: 5245

توضيحات:

سبعة من السلف
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 392 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 83543 / تحميل: 5245
الحجم الحجم الحجم
سبعة من السلف

سبعة من السلف

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

( أنا فرطكم على الحوض، وليُرفعُنَّ رجال منكم، ثمَّ ليُختلجَنَّ دوني ؛ فأقول : يا ربِّ أصحابي ؛ فيقال : إنَّك لا تدري ما أحدثوا بعدك )(١) . ثمَّ رواه عن حذيفة عن النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ثمَّ عن أبي هريرة عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بهذا اللفظ: أنَّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال :

( يَرد عليَّ يوم القيامة رَهط مِن أصحابي، فيُجلون عن الحوض ؛ فأقول : يا ربِّ أصحابي ؛ فيقول : إنّك لا علم لك بما أحدثوا بعدك، إنَّهم ارتدَّوا على أدبارهم القهقرى ). ثمَّ رواه عنه ابن المسيب باختلاف يسير(*) .

٤ - روى البخاري بسنده عن أبي وائل، عن عبد الله : أنَّه قال : قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ( أنا فرطكم على الحوض، ليُرفعنَّ إليَّ رجال منكم، حتَّى إذا أهويت لأُناولهم اختلجوا دوني ؛ فأقول : أيْ ربِّ أصحابي، يقول : لا تدري ما أحدثوا بعدك )(٢) .

٥ - روى مسلم بن حجاج، بسنده عن أبي هريرة، قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ( ترد عليَّ أمتي الحوض، وأنا أذود الناس عنه، كما يذود الرجل إبل الرجل عن إبله - إلى أنْ قال - وليُصدَّنَّ عنِّي طائفة منكم، فلا يَصِلون، فأقول يا ربِّ : هؤلاء مِن أصحابي ؛ فيجيبني مَلَك فيقول : وهل تدري ما أحدثوا بعدك ؟! )(٣) .

٦ - روى مسلم بطرق عديدة، عن عبد الله، وبطريق واحد، عن حذيفة بهذا اللفظ، قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ( أنا فرطُكم على الحوض، ولأُنازعنَّ أقواماً، ثم لأغلِبنَّ عليهم، فأقول : يا ربِّ أصحابي أصحابي ؛ فيقال :

____________________

(١) المصدر نفسه : ٧/٢٠٦.

(*) المصدر نفسه : ٧/٢٠٨.

(٢) صحيح البخاري، كتاب الرقاق، كنز العمَّال : ٧/٢٢٤ط الهند، رواه المُتَّقي الهندي عن ابن مسعود مرَّة وعن حذيفة أُخرى، كنز العمَّال : ٧/٢٢٥، ورواه عن سُمرة، وكلٌّ باختلاف يسير في اللفظ.

(٣) صحيح مسلم : ١/٢١٧ كتاب الطهارة في الوضوء، تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي.

٦١

إنَّك لا تدري ما أحدثوا بعدك ).

ثمَّ رواه عن أنس بن مالك بلفظ آخر، قال :

إنَّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : ( ليَردنَّ عليَّ الحوض رجال مِمَّن صاحبني، حتَّى إذا رأيتهم ورُفِعوا إليَّ واختلجوا دوني، فلأقولنَّ : أيْ ربِّ أُصيحابي أُصيحابي ؛ فليُقالنَّ لي : إنَّك لا تدري ما أحدثوا بعدك )(١) .

٧ - روى ابن ماجة بسنده، عن عبد الله بن مسعود قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وهو على ناقته بعرفات، فقال :

( أتدرون أي يوم هذا وأي شهر هذ، وأي بلد هذا ؟

قالوا : هذا بلد حرام، وشهر حرام، ويوم حرام.

قال : ألاْ وإنَّ أموالكم ودماءكم عليكم حرام، كحرمة شهركم هذا، في بلدكم هذا، في يومكم هذا، ألاْ وإنِّي فرطُكم على الحوض، وأُكاثر بكم الأُمَم، فلا تسوِّدوا وجهي، ألاْ وإنِّي مُستنقِذ أُناساً، ومُستنقَذ منِّي أُناساً ؛ فأقول : يا ربِّ أُصيحابي ؛ فيقول : إنَّك لا تدري ما أحدثوا بعدك)(٢) .

٨ - روى الإمام أحمد بن حنبل، بسنده عن أبي هريرة، عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنَّه قال : ( ليُذادنَّ أُناسٌ مِن أصحابي عن الحوض، كما تُذاد الغريبة مِن الإبل ).

ورواه في ص٣٠٠ أيضاً وص ٤٠٨، وقال في آخرة(٣) : ( أناديهم هلمَّ، فيُقال : إنَّهم قد بدَّلوا بعدك ؛ فأقول: سُحقاً سُحقاً ).

٩ - عن أبي سعيد الخدري ما هذا لفظه :

____________________

(١) المصدر نفسه كتاب الفضائل، باب إثبات حوض نبيّنا مُسند أحمد : ٥/٥٠٤٨ عن أبي بكر، ورواه في ص٣٨٨ - ٤٠٠، عن حذيفة ورواه باللفظ الأوَّل في ٥/٣٩٣.

(٢) سُنَن ابن ماجه : ٢/١٠١٥ كتاب المناسك، باب الخُطبة يوم النحر، رقم الحديث ٣٠٧٥ تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي.

(٣) المُسند : ٢/٤٥٤.

٦٢

أنَّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : ( فأقول : أصحابي أصحابي، فقيل : إنَّك لا تدري ما أحدثوا بعدك - قال - فأقول بُعداً بُعداً - أو قال - : سُحقاً سُحقاً لمَن بدَّل بعدي )(١) .

١٠ - وروى ابن جرير الطبري بسنده، عن قتادة قوله :( يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ ) الآية : لقد كفر أقوام بعد إيمانهم كما تسمعون، ولقد ذكر لنا أنَّ نبي اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يقول :

( والذي نفس محمد بيده، ليَرِدنَّ عليَّ الحوض - مِمَّن صَحِبني أقوام - حتَّى إذا رفعوا إليَّ ورأيتهم اختلجوا دوني ؛ فلأقولنَّ : ربِّ أصحابي أصحابي، فليُقالنّ : إنَّك لا تدري ما أحدثوا بعدك )(٢) .

١١ - روى المُتَّقي الهندي، عن عبد الرحمان بن أبي بكر، قال: وفدنا على معاوية، ومعنا أبو بكرة، فقال يا أبا بكرة، حدِّثنا بشيءٍ سمعته مِن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؛ فقال أبو بكرة ( وساق الحديث إلى أنْ قال ) : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ( ليَردنَّ عليَّ الحوض رجال مِمَّن صَحِبني ورآني، وإذا رُفِعوا إليَّ ورأيتهم اختلجوا دوني، فأقول ربِّ أصحابي ( قال ) : وفي لفظ أصحابي ؛ فيُقال : إنَّك لا تدري ما أحدثوا بعدك ).

قال: أخرجه ابن عساكر(٣) .

المؤلِّف : ومِن العجيب جِدَّاً، أنَّ جملة مِن علماء العامَّة - أعني من أهل السُّنَّة والجماعة - بعد اليأس عن المُناقشة في سند الأخبار المُتقدِّمة ؛ لصحة إسنادها وتواترها، قد حملوها على قوم من الأعراب، الذين امتنعوا مِن بعد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مِن أداء الزكاة إلى أبي بكر.

كمالك بن نويرة، وغيره، وهذا تأويل بعيد [ ورد ](٤) في لفظين.

الأوَّل :

____________________

(١) المصدر نفسه.

(٢) تفسير جامع البيان : ٤/٢٧.

(٣) كنز العمَّال : ٦/٤٢٤ط حيدر آباد الهند ،مجمع الزوائد : ١٠/٣٦٤، عن سُمرة، وفي ص٣٦٥ عن ابن مسعود، وقال : رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح.

(٤) ما بين المعقوفين لم يكن في الأصل.

٦٣

في لفظ الأصحاب، فإنَّ هذا اللفظ ظاهر جِدَّاً، بل هو نَصٌّ قطعاً فيمن صاحب النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وكان معه دائماً في ليله ونهاره، وسفره وحضره، وحروبه وغزواته، وجمعته وجماعته، كأبي بكر، وعمر، وعثمان، وعبد الرحمان بن عوف، وسعد بن أبي وقاص، وأبي عبيدة الجراح، وأبي سعيد الخدري، والبرَّاء ابن عازب ونظرائهم.

لا مِثل مالك بن نويره وغيره، مِمَّن سكن خارج المدينة على فراسخ، ولم يرَ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم طول عمره، إلاَّ مرَّة أو مرَّتين، أو ما يَقرب مِن ذلك.

الثاني : في لفظ الارتداد ؛ فإنَّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ( إذا صرَّح في أوائل نبوَّته )، عند نزول قوله تعالى :( وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأقْرَبِينَ ) ، وقال لعليعليه‌السلام (١) هذا أخي ووصيِّي وخليفتي فيكم، فاسمعوا له وأطيعوا، فقام القوم يضحكون، ويقولون لأبي طالب :قد أمرك أنْ تسمع لابنك وتطيع .

وقال في أواسط نبوّته لقضيَّة وقعت هناك : ( ما تُريدون مِن عليٍّ، إنَّ عليَّاً مِنِّي وأنا منه، وهو وليُّ كلِّ مؤمن(٢) مِن بعدي ). وقال في أواخر أيّامه : في يوم غدير خُمٍّ : ( كأنِّي دُعيت فأُجبت، أو إنِّي قد يوشَك أنْ أُدعى فأُجيب ثمَّ قال : ألستُ أولى بالمؤمنين مِن أنفسهم ؟ قالوا بلى. قال : فمَن كنتُ مولاه فعليٌّعليه‌السلام مولاه )(٣) .

____________________

(١) ابن جرير في تاريخه ٢/٦٢، كنز العمَّال ٦/٣٩٢ - ٣٩٧، وقال : أخرجه : ابن جرير، وابن إسحاق، وابن أبي حاتم وابن مردويه في الدلائل.

(٢) صحيح الترمذي ٢/٢٩٧، ومُسند أحمد بن حنبل ٤/٤٣٨ وج٥/٣٥٦، ومُسند أبي داود والطيالسي ٣/١١١ وج١١/٣٦٠، وحِلية الأولياء لأبي نعيم ٦/٢٩٤، وخصائص النسائي ص١٩ و٢٣ و٢٤، والرياض النضرة للمُحبِّ الطبري ٢/٢٠٣١٧١، وكنز العمَّال للمُتَّقي ٦/١٥٤ - ١٥٥ - ١٥٩ - ٣٦٩ - ٣٩٩ - ٤٠١ط الهند، وكنوز الحقائق للمنَّاوي ص١٨٦، ومجمع الزوائد ٩/١٠٩ و١١٩ وص١٢٧ وص١٢٨، وأُسد الغابة ج٥ ص٩٤، وفيض القدير : ٤/٣٥٧/٣٥٨ والإصابة لابن حجر ٦ القسم ١- ٣٢٥ وج ٦/١٥٥، الرضوي : - يأتي محلُّ طبع هذه المصادر في آخر الكتاب.

(٣) صحيح الترمذي ٥/٦٣٢ رقم الحديث ٣٦١٤، وصحيح ابن ماجة ١/٤٣، ومُسند أحمد ومُستدرك الصحيحين، والدُّرُّ المنثور للسيوطي ٢٥٦ - ٢٩٢، وتاريخ بغداد ٨/٢٩٠، وخصائص النسائي ص٢٣، والرياض النضرة ٣/١١٤ط بيروت، والصواعق المُحرقة، وكنز العمَّال ١١/٦٠٢ط بيروت، والإصابة ٢/٥٠٩ط بيروت، وأُسد الغابة ٤/٢٨، ومُشكل الآثار، وسُنَن النسائي : ١/٤٥ وفيض القدير ٤/٣٥٧. إلى غير ذلك من الكتب الكثيرة. وكلٌّ منها قد رواه بطُرق عديدة، بلْ بعضها بطرق مُتواترة.

٦٤

واعترف بذلك عمر، بل وأبو بكر أيضاً ؛ فقالا لعليعليه‌السلام (١) :أصبحتَ وأمسيتَ مولى كلِّ مؤمن ومؤمنة.

ثم نبذوا هذه النصوص - كلَّها - وراء ظهورهم.

واتَّخذوا أبا بكر خليفة، وبدَّلوا شخصاً غير الذي قيل لهم.

وهجموا بعد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - بأيَّام قلائل - على دار فاطمةعليها‌السلام ، ولم يُخلِّف عَفيُّهم النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ذريَّةً مِن صُلبه سِوى فاطمة، وهي سيِّدة نساء العالمين، وأفضلهم.

وقد سمعوا ذلك من النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مِراراً، وعرفه كلُّ فرد مِن أفراد المسلمين، حتَّى الخوارج، والنواصب والنساء والأطفال، وهي بضعة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، يغضب الله ورسوله لغضبها، كما عرِفته في باب إنَّ فاطمةعليها‌السلام مَن أغضبها أغضب الله ورسوله. إلخ.

هجموا على دارٍ كانت مِن أفاضل(٢) بيوت الأنبياء، هجموا على دار كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يُسلِّم ويَستأذن(٣) ، إذا أراد الدخول فيها ،

____________________

(١) مُسند الإمام أحمد بن حنبل ٤/٢٨١، والتفسير الكبير للفخر الرازي، في ذيل تفسير قوله تعالى :( يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ ) ، وتاريخ بغداد ٨/٢٩٠، وفيض القدير للمنَّاوي ٦/٢١٧، وذخائر العُقبى ص٦٧، والصواعق المُحرقة ص١٠٧، والرياض النضرة ٢/١٧٠ط مصر.

(٢) الدُّرُّ المنثور للسيوطي : ٥/٥٠، في تفسير قوله تعالى :( فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ ) ، قال: وأخرج ابن مردويه، وبريدة قال : قرأ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم هذه الآية، فقام إليه رجل، فقال : أيُّ بيوت هذه يا رسول الله ؟ قال : ( بيوت الأنبياء )، فقام إليه أبو بكر فقال : يا رسول الله، هذا البيت منها بيت علي وفاطمة ؟ قال : ( نعمْ، مِن أفاضلها ).

(٣) حِلية الأولياء لأبي نعيم ٢/٤٢ روى بسنده عن عمران بن حصين : أنَّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال :

( ألاْ تنطلق بنا نعود فاطمةعليها‌السلام ؟ فإنَّها تَشتكي

قلت : بلى.

قال : فانطلقنا حتَّى إذا انتهينا إلى بابها، فسلَّم واستأذن.

فقال : أدخل أنا ومَن معي ؟

قالت : نعم ). وساق الحديث إلى آخره، وفيه : ( يا بنيَّة، أمْا ترضين أنَّك سيدة نساء العالمين ؟! )، ( وفيه أيضاً ) : ( أمْا والله زوَّجتك سيِّداً في الدنيا والآخرة ).

وقد روى هذا الحديث مِن الأعاظم : كالطحَّاوي في مُشكل الآثار، والحافظ أبو القاسم الدمشقي على ما ذكره المُحبُّ الطبري في الذخائر، وغيرهما.

٦٥

هجموا على دارٍ، كان رسول الله يمرُّ ببابها ستَّة أشهر - إذا خرج إلى(١) صلاة الفجر، وكان يقول: ( الصلاة، يا هل البيت،( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ) .وفي بعض الروايات(٢) ثمانية أشهر، وفي بعضه(٣) تسعة أشهر.

هجموا على تلك الدار، وأرادوا حَرقها بمَن فيها.

فقيل لعمر :إنَّ فيها فاطمة عليها‌السلام .

فقال : وإنْ. كما تقدَّم ذلك في باب بعث أبي بكر عمر إلى دار عليعليه‌السلام .

هجموا على تلك الدار وأخرجوا عليَّاً بتك الحالة، إلى أبي بكر وكادوا يقتلونه، وهم يَعلمون أنَّ عليَّاًعليه‌السلام مِمَّن أذهب الله عنه الرجس وطهَّره تطهيراً. وأنَّه أخو النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وابن عَمِّه، وهو مِنه بمنزلة هارون مِن موسى، بلْ هو نفس النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وأحبُّ الخَلق إلى الله ورسوله، وأحد الثقلين اللذين خلَّفهما رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في أُمَّته.

وقد عرفت تفصيل هذا كلِّه، مشروحاً في الباب المذكور - أعني باب بعث أبي بكر عمر إلى دار عليعليه‌السلام - فحَمْلُ لفظ الارتداد على هذا الفعل الشنيع، الذي لم يرتكبه أحد مِن الأُمَم السابقة أولى وأقرب، أم حَمْلُه على امتناع قوم مِن أداء الزكاة إلى أبي بكر بعد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؟!

ولَعمري، إنَّ هذا كلَّه واضح لا يحتاج إلى إطالة الكلام، ومَزيد النقض وإلا برام، غير

____________________-

(١) صحيح الترمذي ٢/٢٠٩ط بولاق مصر.

(٢) الدُّرُّ المنثور في تفسير( وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاَةِ ) في آخر سورة طه.

(٣) الدُّرُّ المنثور في تفسير : آية التطهير.

٦٦

إنَّ( مَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ ) (١) ، وقد صدق الله جَلَّ وعَلا ؛ حيث قال:

( وَلَقَدْ ذَرَأْنَا - أي خلقنا -لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنَ الْجِنِّ وَالإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لاَ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آَذَانٌ لاَ يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالأنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ ) (٢) .

هذا كلُّه مضافاً إلى أنَّ لنا جملة مِن الأخبار، الواردة في المقام، وفيها إشارة جليَّة، بلْ ودلالة واضحة، على أنَّ المُراد مِن الأصحاب، الذين قد أحدثوا مِن بعد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ما أحدثوا هم : أبو بكر، وعمر، وعثمان، ونظرائهم مِن صحب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وكانوا معه في ليله ونهاره، سفره وحضره، لا مِثل مالك بن نويرة، وغيره مِمَّن سكن خارج المدينة على فراسخ.

منها : ما رواه الإمام مالك، بسنده عن مولى عمر بن عبيد الله، أنَّه بلغه أنَّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، قال لِشهداء أُحُد : ( هؤلاء أشهد لهم، فقال أبو بكر : ألسنا - يا رسول الله -صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - إخوانهم ؟ ! أسلمنا كما أسلموا، وجاهدناكما جاهدوا.فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ( بلى، ولكنْ لا أدري ما تُحدِثون بعدي ؛ فبكى أبو بكر، ثمَّ بكى، ثمَّ قال : أئنّا لكائنون بعدك ؟ !(٣) ؛ فإنَّ هذا الحديث هو مِمَّا فيه إشارة واضحة على أنَّ أبا بكر مِمَّن يُحدِث بعد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ما يُحدِث ؛ ومِن هنا جعل أبو بكر يبكي، ثمَّ يبكي، ولم يَنهه النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن بُكائه ؛ فلو كان مِمَّن علم النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنَّه لا يُحدِث بعده شيئاً لمنعه عن البكاء جِدَّاً، وهذا واضح ظاهر.

ومنها : ما رواه ابن حجر، عن سعيد بن منصور، أنَّه قال : حدَّثنا خلف بن خليفة، عن العلاء بن المُسيِّب، عن أبيه، عن أبي سعيد، قلنا له : هنيئاً لك برؤية رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وصحبته قال : إنَّك لا تدري ما أحدثنا بعده(٤) .

ومنها : ما رواه البخاري بسنده، عن العلاء بن المُسيِّب، عن أبيه، قال : لقيت البرَّاء بن

____________________

(١) سورة النور : ٤٠.

(٢) سورة الأعراف : ١٧٩.

(٣) الموطأ ٢/٤٦٠ كتاب الجهاد في سبيل الله تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي.

(٤) الإصابة في تمييز الصحابة : ٣ القِسم الأوَّل ص٨٤.

٦٧

عازب، فقلت : طوبى لك ؛ صحبت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؛ وبايعته تحت الشجرة، فقال : يا بن أخي، إنَّك لا تدري ما أحدثنا بعده(١) .

ومنها : ما رواه ابن حجر، عن عمرو بن ثابت، أنَّه قال :لمَّا مات النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كفر الناس إلاّ خمسة (٢) .

المؤلِّف : ويؤيِّد حديث عمرو بن ثابت - في الجملة - ما روي مِن طُرقنا الإماميَّة، وهو ما ذكره في الوافي في باب إنَّ عامَّة الصحابة نقضوا عهدهم، وارتدُّوا بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن الكشي، أنَّه روى بإسناده عن أبي جعفرعليه‌السلام ، أنَّه قال : ( ارتدَّ الناس إلاّ ثلاثة نفر : سلمان، وأبو ذر، والمُقداد.

قيل : فعمَّار.

قال : كان جاض جيضةً(٣) ثم رجع ).

ومِن المُحتمَل قويَّاً، أنَّ المُراد مِن الخمسة في حديث عمرو بن ثابت، الذين لم يكفروا بعد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، هم الخمسة الذين صَرَّح بأسمائهم الحديث المروي مِن طُرقنا أيضاً، وهو ما ذكره الوافي في الباب المُتقدِّم عن الكشي، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، عن أبيه عن جَدّه عن عليعليه‌السلام قال : ( ضاقت الأرض بستَّة، بهم تُرزقون، وبهم تُنصرون، وبهم تُمطرون، منهم :

سلمان الفارسي، والمقداد، وأبو ذر، وعمار، وحذيفةرحمهم‌الله

قال : وكان عليّعليه‌السلام يقول : وأنا إمامهم، وهم الذين صلّوا على فاطمةعليها‌السلام ).كما أَنَّ مِن المُحتمل - قويَّاً - أنَّ هؤلاء النفر المعدودين، حيث لم يكفروا مِن بعد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ولم ينقضوا عهده، ولم يرتدُّوا على أعقابهم ؛ فورد في شأنهم : عن أنس بن مالك، قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ( إنَّ الجنة لَتشتاق إلى ثلاثة : عليّ، وعمار، وسلمان )(٤) . و

____________________

(١) صحيح البخاري بحاشية السندى : ٣/٤٤، كتاب المغازى باب غزوة الحُديبيّة.

(٢) أُنظر : تهذيب التهذيب ٨/٩ط بيروت.

(٣) الجيضة المَيل يميناً أو يساراً.

(٤) صحيح الترمذى : ٢/٣١٠ط بولاق مصر عام ١٢٩٢ه-، المُستدرك على الصحيحين : ٣/١٧٣، أُسد الغابة : ٢/٣٣٠، الرياض النضرة للمُحبِّ الطبرى : ٢/٢٠٩ الطبعة الأولى، كنوز الحقائق للمنَّاوي ص٦٠.

٦٨

رواه أبو نعيم، عن بريدة عن أبيه، وعن أنس : ( إِنّ الجنة لتشتاق إلى أربعه : إلى علي، وأبي ذر، وعمار، والمقداد )(١) ، إلى غير ذلك مِن الأخبار الكثيرة، الواردة في هذا المعنى، بلْ ورد في شأنهم، قوله تعالى :( إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ ) (٢) -(*) .

* * *

____________________

(١) حِلية الأولياء : ١/١٩٠ - ١٤٢، كنز العمَّال : ٦/١٦٣ - ٤٢٨ط الهند.

(٢) جامع البيان الطبرى : ٣٠/١٧١، الدُّرُّ المنثور : ٦/٣٧٩، الصواعق المُحرِقة ص٩٦، نور الأبصار ص٧٠ - ١٠١ مِن أنَّ عليَّاً وشيعته هم خير البريَّة. بلْ وما في الدُّرِّ المنثور، والمحرقة لابن حجر ص٩٦ - ١٣٩ مِن أنَّ عليَّاً وشيعته هم الفائزون ( انتهى ).

(٣) جعلنا الله تعالى منهم، وأَماتنا الله تعالى على موالاتهم، وحشرنا الله تعالى يوم القيامة معهم.

(*) - فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

( والذي نفسي بيده، إِنَّ هذا وشيعته لهم الفائزون يوم القيامة )، ونزلت :

( إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ ) ؛ فكان أصحاب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذا أقبل علي قالوا : جاء خير البريَّة.

وأخرج ابن عدي عن ابن عباس قال :

لمَّا نزلت( إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ ) .

قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لعلي : ( هو أنت وشيعتك يوم القيامة، راضين مرضيين ). الدُّرُّ المنثور : ٦/٣٧٩.

٦٩

٧ - باب ( في إعطاء النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فدكاً لفاطمةعليها‌السلام وقد غَصبه أبو بكر وعمر )(*) .

المؤلِّف : أمَّا إعطاء النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فَدكاً لفاطمةعليها‌السلام ، فقد رواه السيوطي، في تفسير قوله تعالى:( وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ ) في سورة الإسراء، وقال :

١ - أخرج البزَّار، وأبو يعلى، وابن أبي حاتم، وابن مردويه، عن أبي سعيد الخِدري، قال : لمَّا نزلت هذه الآية( وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ ) دعا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فاطمةعليها‌السلام فأعطاها فدكاً(١) .

٢ - وأخرج ابن مردويه، عن ابن عباس قال : لمَّا نزلت( وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ ) أقطع(٢) رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فاطمةعليها‌السلام فدكاً.

٣ - وروى الهيثمي، عن أبي سعيد، قال : لمَّا نزلت( وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ ) دعا

____________________

(*) - فيه خمسة أحاديث.

(١) الدُّرُّ المنثور في التفسير بالمأثور : ٤/١٧٧.

(٢) أَقطع له قطعة مِن المال : أي أفرزها له.

٧٠

رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فاطمةعليها‌السلام ، فأعطاها فدكاً، وقال: رواه الطبراني.

٤ - وروى المُتَّقي الهندي، عن أبي سعيد، قال :

لمَّا نزلت( وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ ) ، قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ( يا فاطمة، لك فدك )، وقال: أخرجه الحاكم في تاريخه، وابن النجار(١) .

٥ - وذكر الذهبي حديثاً مُسنداً، وقد صحَّحه، عن أبي سعيد، قال : لمَّا نزلت( وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ ) ، دعا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فاطمةعليها‌السلام فأعطاها فدكاً(٢) .

غصب فَدك وغيرها من آل البيت :

غصب أبو بكر وعمر فدكاً، بلْ وغير فدك ؛ فقد روى الهيثمي، عن عمر قال :

لمَّا قُبِض رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، جئت أنا وأبو بكر إلى عليعليه‌السلام ، فقلنا : ما تقول فيما ترك رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؟

قال : ( نحن أحقُّ الناس برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ).

قال: فقلت : والذي بخيبر ؟

قال : ( والذي بخيبر ).

قلت : والذي بفَدك ؟

قال : ( والذي بفَدك ).

فقلت : أما والله، حتَّى تحزُّوا رقابنا بالمَناشير فلا.قال : رواه الطبراني في الأوسط(٣) .

* * *

____________________

(١) كنز العمَّال : ٢/١٥٨ط الهند.

(٢) ميزان الاعتدال : ٢/٢٢٨.

(٣) مجمع الزوائد ومنبع الفوائد : ٩/٣٩.

٧١

٨ - باب ( لم يُعطِ أبو بكر قُربى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم )(*) .

روى أبو داود، بسنده عن جبير بن مطعم، أنَّه جاء هو وعثمان بن عفان، يكلِّمان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فيما قَسَّم مِن الخُمس بين بني هاشم، وبني المطلب، فقلت :يا رسول الله، قَسَّمت لإخواننا بني المطلَّب، ولم تُعطنا شيئاً، وقرابتنا وقرابتهم منك واحدة ؟!.

فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ( إنَّما بنو هاشم وبنو المطلب شيء واحد ).

قال جبير : ولم يُقسِّم لبني عبد شمس ولا لَبني نوفل، مِن ذلك الخُمس، كما قَسّم لبني هاشم وبني المطلب، قال :

وكان أبو بكر يُقسِّم الخمس، نحو قِسم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، غير إنَّه لم يكن يُعطي قُربى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ما كان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يُعطيهم ( الحديث ). ثمَّ رواه بطريق آخر عن جبير أيضاً مُختصراً(١) .

* * *

____________________

(*) فيه حديث واحد.

(١) سُنن أبي داود : ٣/٢٦، تحقيق سعيد محمد اللّحام، باب بيان مواضع قِسَم الخُمس، مُسند الإمام أحمد ٤/٨٣، السُنَن الكبرى للبيهقى : ٦/٢٤٣ باب سهم ذي القُربى مِن الخُمس، ورواه الهيثمى في مجمع الزوائد : ٥/٣٤١. وقال :

رواها أحمد ورجاله رجال الصحيح.

٧٢

٩ - باب ( في رفع أبي بكر وعمر أصواتهما عند النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حتى نزل النهي )(*) .

١ - روى البخاري بسنده، عن نافع بن عمر، عن ابن أبي مليكة، قال : كاد الخيِّران أنْ يُهلكا - أبو بكر وعمر - رفعا أصواتهما عند النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حين قَدِم عليه رَكْبُ بني تميم، فأشار أحدهما بالأقرع بن حابس - أخي بني مجاشع - وأشار الآخر برجل آخر قال نافع :

لا أحفظ اسمه، فقال أبو بكر لعمر :

ما أردت إلاَّ خلافي ؛ فارتفعت أصواتهما في ذلك، فأنزل الله :( لاَ تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلاَ تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لاَ تَشْعُرُونَ ) (١) .

ورواه بطريق آخر - أيضاً - هنا، وقبل ذلك في كتاب بدأ الخلق، قال فيها :

فقال أبو بكر : أمِّر القعقاع بن معبد.

وقال عمر : بلْ أمِّر الأقرع بن حابس - إلى أنْ قال - فتماريا حتَّى ارتفعت أصواتهما الحديث.

____________________

(*) فيه ثلاثة أحاديث.

(١) صحيح البخاري ٦/٤٦ - ٤٧ط استانبول.

٧٣

ورواه أيضاً في كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، باب ما يُكره مِن التعمُّق والتنازع، وذكر بعد الآية المُتقدِّمة آيةً أُخرى، وهي قوله تعالى :( إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ أُولَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ ) .

٢ - روى الترمذي بسنده، عن ابن أبي مليكة، قال : حدَّثنى عبد الله بن الزبير : أنَّ الأقرع بن حابس قَدِم على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فقال أبو بكر : يا رسول الله، استعمله على قومه، فقال عمر : لا تستعمله - يا رسول الله - فتكلَّما عند النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، حتَّى ارتفعت أصواتهما.

فقال أبو بكر لعمر : ما أردت إلاَّ خلافي.

قال عمر : ما أردت خِلافك.

قال : فنزلت هذه الآية( لاَ تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ ) إلى آخر الآية(١) .

٣ - روى النسائي بسنده، عن عبد الله بن الزبير، أنَّه قَدِم رَكْب مِن بني تميم على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : أبو بكر أمِّر القعقاع بن معبد. وقال عمر : بلْ أمِّر الأقرع بن حابس ؛ فتماريا حتَّى ارتفعت أصواتهما ؛ فنزلت في ذلك، وذكر أربع آيات، أعني الآيتين المتقدمتين، وهما قوله تعالى( لاَ تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ ) ، وقوله تعالى :( إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ ) ، وقوله تعالى :( إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ * وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) (*) .

المؤلِّف : إنَّ أخبار هذا الباب، على اختلافها - في الجملة - بعضها مع بعض، هي مِمَّا تدلُّ دلالة واضحة جليَّة، ظاهرة بيِّنة، على سوء أدب أبي بكر وعمر مع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وأنهما كانا كالأعراب، الذين يسكنون البوادي والصحاري، في الخشونة والبُعد عن المعرفة والآداب الإنسانيَّةكما إنّ الآية الثانية، وهي قوله تعالى :

( إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ ) إلخ، هي صريحة في أنَّ أبا بكر وعمر ليسا مِن الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى ؛ ليكون لهما مغفرةٌ وأجر عظيم، وإلاّ لكانا مِن الذين يغضُّون أصواتهم

____________________

(١) سُنن الترمذي : ٥/٣٨٧ كتاب تفسير القرآن باب ٥٠ ( سورة الحجرات ).

(*)- صحيح النسائي : ٢/٣٠٤ المطبعة الميمنيَّة بمصر، ورواه الطحَّاوي في مُشكل الآثار : ١/١٤١ - ١٤٢ بثلاثة طُرق، ورواه في ٢/٢٩٩ بطريق.

٧٤

عند رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، لا مِن الذين رفعوا أصواتهم عند رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وهذا واضح ظاهر، يَعرِفه كلُّ أحد بأدنى تأمُّل.

* * *

٧٥

١٠ - باب ( في انهزام أبي بكر وعمر يوم خيبر وأحُد )(*) .

١ - روى الحاكم بسنده، عن أبي ليلى، عن عليٍّعليه‌السلام أنَّه قال : ( يا أبا ليلى، أما كنتَ معنا بخيبر ؟

قال : بلى - والله - كنت معكم.

قال : ( فإنَّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بعث أبا بكر إلى خيبر، فسار بالناس وانهزم ورجع ). وقال :

هذا حديث صحيح الإسناد(١) .

٢ - روى المُتَّقي الهندي حديثاً، عن عبد الرحمان بن أبي ليلى، قال فيه : فإنَّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بعث أبا بكر - يعني يوم خيبر - فسار بالناس ؛ فانهزم حتَّى رجِع عليه، وبعث عمر ؛ فانهزم بالناس حتَّى انتهى إليه ؛ فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ( لأعطينَّ الراية رجُلاً يُحبُّ الله ورسوله، يفتح الله له ليس بفرَّار ). وساق الحديث إلى آخره.

وقال:

أخرجه ابن أبي شيبة، وأحمد بن حنبل، وابن ماجة، والبزَّار، وابن جرير وصحَّحه، والطبراني في الأوسط، والحاكم، والبيهقي في الدلائل، والضياء

____________________

(*) فيه تسعة أحاديث.

(١) المُستدرك على الصحيحين : ٣/٣٧.

٧٦

المَقدسي(١) .

٣ - قال الهيثمي، وعن ابن عباس، قال : بعث رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى خيبر أحسبه قال : أبا بكر، فرجع مُنهزماً ومن معه، فلمَّا كان مِن الغد بعث عمر، فرجع مُنهزماً يُجبِّن أصحابه ويُجبِّنه أصحابه ؛ فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ( لأعطينَّ الراية غَداً رجُلاً يُحبُّ الله ورسوله، ويُحبُّه الله ورسوله، لا يرجع حتَّى يفتح الله عليه ). ثم ساق الحديث في إعطاء النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم رايته إلى علي، وأنَّ الفتح كان في يديه، وقال : رواه الطبراني.

٤ - روى الهيثمي حديثاً، عن أبي ليلى، قال فيه : فإنَّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم دعا أبا بكر - يعني يوم خيبر - فعقد له لواء، ثمَّ بعثه فسار بالناس، فانهزم حتَّى إذا بلغ ورجع، فدعا عمر فعقد له لواء، فسار ثمَّ رجع مُنهزماً بالناس ؛ فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ( لأعطينَّ الراية رجُلاً يُحبُّ الله ورسوله، ويُحبُّه الله ورسوله، يفتح الله له ليس بفرَّار ). وساق الحديث إلى آخره، وقال: رواه البزَّار(٢) .

٥ - روى الحاكم بسنده، عن أبي موسى الحنفي، عن عليٍّ قال : ( سار النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى خيبر، فلمَّا أتاها بعث عمر، وبعث معه الناس إلى مدينتهم أو قصرهم، فقاتلوهم فلم يَلبثوا أنْ هَزموا عمر وأصحابه، فجاءوا يُجبَّنونه ويُجبّنهم ) ( الحديث ).

قال : هذا حديث صحيح الإِسناد(٣) .

٦ - روى الحاكم بسنده، عن جابر أنَّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم دفع الراية يوم خيبر إلى عمر، فانطلق فرجع يُجبِّن أصحابه ويُجبِّنونه.

قال : هذا حديث صحيح على شرط مسلم(٤) .

____________________

(١) كنز العمَّال : ٦/٣٩٤. ط. حيدر آباد - الهند.

(٢) مجمع الزوائد ومنبع الفوائد : ٩/١٢٤.

(٣) المُستدرك : ٣/٣٧ط حيدر آباد الهند.

(٤) المصدر نفسه : ٣/٣٨.

٧٧

٧ - روى المُتَّقي الهندي، عن عليعليه‌السلام ، قال : ( سار رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى خيبر، فلمَّا أتاها بعث عمر ومعه الناس إلى مدينتهم، وإلى قصرهم فقاتلوهم، فلم يَلبثوا أنْ هزموا عمر وأصحابه ؛ فجاء يُجبِّنهم ويُجبنِّونه ؛ فساء ذلك رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؛ فقال : لأبعثنَّ عليهم رجُلاً يُحبُّ الله ورسوله، ويُحبُّه الله ورسوله ). ثمَّ ساق الحديث في إعطاء النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لوائه إلى عليعليه‌السلام ، وقتل عليعليه‌السلام مرحباً، وفتح خيبر على يديه.

قال : أخرجه ابن شيبة والبزَّار. قال : وسنده حَسَن(*) .

٨ - روى المُتَّقي الهندي، عن بريدة، قال نزل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بخضرة خيبر ؛ ففزع أهل خيبر، فقالوا : جاء محمّد في أهل يثرب، فبعث رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عمر بن الخطاب بالناس، فلقي أهل خيبر، فردُّوه وكشفوه هو وأصحابه، فرجعوا إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يُجبِّن أصحابه ويُجبِّنه أصحابه ؛ فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ( لأعطينَّ اللواء غداً رجُلا يُحبُّ الله ورسوله، ويُحبُّه الله ورسوله ). ثمَّ ساق الحديث في إعطاء النبي لوائه إلى عليعليه‌السلام ، وقتل عليٍّعليه‌السلام مرحباً، وفتح خيبر على يديه قال : أخرجه ابن أبي شيبة(١) .

٩ - روى المُتَّقي الهندي، عن عائشة، قالت : كان أبو بكر إذا ذكر يوم أُحدٍ بكى - إلى أن قالت - ثمَّ أنشأ، تعني : أبا بكر يُحدِّث، قال :كنت أوّل مَن فاء يوم أُحُد . ( الحديث )(٢) .

المؤلِّف : الفيء الرجوع، ومن المعلوم أنَّه لا رجوع إلاَّ بعد الفِرار، قال : أخرجه الطيالسي، وابن سعد، وابن السني، والشاشي، والبزَّار، والطبراني في الأوسط، وابن حبّان، والدار قطني في الإفراد، وأبو نعيم في المعرفة، وابن عساكر، والضياء المَقدسي.

____________________

(*) كنز العمَّال : ٥/٢٨٣ط. حيدر آباد - الهند، مجمع الزوائد ومنبع الفوائد : ٦/١٥١ رواه البزَّار.

(١) كنز العمَّال : ٥/٢٨٤. ط الهند، تاريخ الأُمَم والملوك للطبرى : ٢/٣٠٠، مطبعة الاستقامة بمصر خصائص النسائي ص٥، مجمع الزوائد : ٦/١٥٠، الرياض النضرة : ٢/١٨٧ ( الطبعة الأولى ) وقال : أخرجه الغيبانى، والحافظ الدمشقى في الموافقات.

(٢) المصدر نفسه : ٥/٢٧٤.

٧٨

ثمَّ إنَّ الفِرار مِن الزَّحف، هو مِن الذنوب التي لا كفارة لها، كالشرك على ما ذكره المنَّاوي في شرح الجامع الصغير السيوطي(١) .قال في المَتْن : خمس ليس لهنَّ كفارة : الشرك بالله، وقتل النَّفس بغير حقٍّ - إلى أن قال - :

والفِرار مِن الزَّحف. وقال : أخرجه أحمد بن حنبل في مُسنده، وأبو الشيخ في التوبيخ عن أبي هريرة، وقال في الشرح : ورواه عنه أيضاً الديلمي.

* * *

____________________

(١) فيض القدير : ٣/٤٥٨، رقم الحديث ٣٩٦٤.

٧٩

١١ - باب ( في إعراض النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن أبي بكر وعمر حين تكلَّما في يوم بدر )(*) .

١ - روى الإمام أحمد بن حنبل، بسنده عن أنس : أنَّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم شاور الناس يوم بدر، فتكلَّم أبو بكر ؛ فأعرض عنه، ثمَّ تكلَّم عمر ؛ فأعرض عنه.

فقالت الأنصار : يا رسول الله، إيَّانا تريد ؟

فقال المقداد بن الأسود : يا رسول الله، والّذي نفسي بيده، لو أمرتنا أنْ نُخيضها البحر لأخضناها، ولو أمرتنا أنْ نضرب أكبادنا إلى بَرك الغُماد فعلنا، فشأنك يا رسول الله ؛ فندب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أصحابه، فانطلق حتَّى نزل بدراً ( الحديث )(١) .

المؤلِّف : ثمَّ رواه الإمام أحمد بطريق آخر بلا فصل، باختلاف يسير، وقال فيه :

فقال سعد بن عبادة : إيَّانا تريد ؟ يا رسول الله إلخ.

٢ - عن أنس بن مالك : أنَّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم شاور حيث بلغه إقبال أبي سفيان، قال : فتكلَّم أبو بكر ؛ فأعرض عنه، ثمَّ تكلَّم عمر ؛ فأعرض عنه، فقال سعد بن عبادة : إيَّانا يريد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؟ والذي نفسي بيده، لو أمرتنا أنْ نُخيضها البحار لأخضناها، ولو أمرتنا أنْ

____________________

(*) فيه ثلاثة أحاديث.

(١) مُسند الإمام أحمد بن حنبل : ٣/٢١٩.

٨٠