نشأة الشيعة الامامية

نشأة الشيعة الامامية0%

نشأة الشيعة الامامية مؤلف:
الناشر: دار المؤرخ العربي
تصنيف: تاريخ التشيع
الصفحات: 318

نشأة الشيعة الامامية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: نبيلة عبد المنعم داود
الناشر: دار المؤرخ العربي
تصنيف: الصفحات: 318
المشاهدات: 16141
تحميل: 6718

توضيحات:

بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 318 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 16141 / تحميل: 6718
الحجم الحجم الحجم
نشأة الشيعة الامامية

نشأة الشيعة الامامية

مؤلف:
الناشر: دار المؤرخ العربي
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

١

٢

الإهداء

إلى أبي ...

إلى أبي الّذي أنار لي هذا الطريق

ورحلَ ولم يرَ ثمرة جُهوده

نبيلة عبد المـُنعم

٣

٤

المُقدّمة

الشيعة فِرقةٌ مِن أكبر الفِرَق الإسلاميّة التي ظهرتْ بعد وفاة الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم )، وقد تطوّرت هذه الفِرقة وانقسمت إلى فِرَقٍ عديدة، مِن أبرزها وأهمها الإماميّة التي كُتب لها الاستمرار؛ لذلك كان هذا الموضوع - نشأة الشيعة الإماميّة - جديراً بالدراسة والبحث.

إنّ بحثَ هذا الموضوع لا يخلو مِن عقباتٍ؛ وذلك لكثرة المصادر والمادّة التي تُقدّمها، فالمصادر غير الإماميّة تُقدّم مادّةً لا يُستهان بها، إلاّ أنّها لا تخلو مِن تناقض، إذ ليس هناك تمييز بين الإماميّة وبين غيرها مِن فِرق الشيعة، كما أنّ هذه المعلومات قد تتأثّر أحيانا بأهواء كاتبيها، لذلك كان اعتمادي على المصادر الإماميّة؛ لإعطاء صورةٍ واضحةٍ عن نشأة الإماميّة لوفرة مادّتها ووضوحها.

اشتملت الرسالة على دراسة نشأة الشيعة الإماميّة، وقد ابتدأتُ مِن عهد الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلّم )؛ وذلك لأنّه بدون الرجوع إلى هذه الفترة لا يُمكن توضيح النشأة الأُولى للشيعة، وقد قسّمتُ الرسالة إلى خمسة فصولٍ:

الفصل الأوّل: دراسة للمصادر التي بحثتْ عن الشيعة الإماميّة، والمصادر الإماميّة وقسمتها إلى مجموعاتٍ بالنسبة لزمن كاتبيها.

أمّا الفصل الثاني: كان دراسةً تاريخيّةً لنشأة وأصل التَشيُّع، ثُمّ مُناقشة الآراء حول بداية التَشيُّع وتطوّره في ضوء الأحداث الرئيسيّة الّتي مرّتْ به.

والفصل الثالث: دراسة للإمامة بنظرِ الشيعة، وبحث إمامة عليّ بن أبي طالب وأدّلة إمامته عند الشيعة، ثُمّ إمامة الأئمّة مِن بعده إلى نهاية إمامة الباقر، كما بحثتُ فيه الدعوة العباسيّة وصلتها بالشيعة.

٥

أمّا الفصل الرابع: فيبحث عن سياسة العباسيّين تجاه الشيعة بما فيهم زيديّة وإماميّة، كما يبحث عن الثورات الزيديّة وموقف الإماميّة مِن هذه الثورات، وعلاقة الشيعة الإماميّة بالعباسيّين.

والفصل الخامس: يبحث في الإمامة، فيبداً مِن إمامة الصادق وأدلّة إمامته، ثُمّ إمامة باقي الأئمّة حتّى نهاية إمامة الإمام الثاني عشر، كما يبحث عن الغَيبَة وظروفها، ثُمّ بحث نظريّة الإمامة عند الشيعة الإماميّة وما اتّصل بها مِن عقائد.

أمّا أساس المنهج الذي سلكته في بحثي، فيعتمد على دراسة النصوص التاريخيّة وما فيها مِن غموضٍ وتضارب أو تشابه، ثُمّ تحليلها واستخلاص النتائج منها، كما كان اهتمامي بدراسة الأحداث التاريخيّة وربطها بظروفها، ثُمّ دراسة ما تكون منها مِن عقائد وأفكار.

وبعد، فأرجو أنْ أكون قد وُفّقتُ في إعطاء صورةٍ عن بعض الجوانب المهمّة مِن تاريخنا.

ويسرّني أنْ أتقدّم بخالص شُكري وتقديري إلى أُستاذي الدكتور عبد العزيز الدوري؛ لِما تقدّم به مِن إرشادات وتوجيهات قيّمة كان لها الفضل الأكبر في إبراز هذه الرسالة، كما أشكر أُستاذي الدكتور صالح أحمد العلي؛ لِما أبداه مِن مُساعدةٍ وتوجيه، والدكتور حسين محفوظ لإعارتي بعض الكُتب وزميلاتي موظّفات مَكتبة معهد الدراسات الإسلاميّة العُليا: ابتسام الصفّار، وأديبة عريم، وفائزة عبد القادر.

نبيلة عبد المـُنعم داود

٦

الفصل الأوّل

١ - دراسة للمصادر

أ - المصادر التاريخيّة

ب - كُتب الفِرَق

ج - المصادر الإسماعيليّة

د - كُتب أهلِ السُنّة

هـ - كُتب الاعتزال

و - كُتب الإماميّة

٧

٨

إنّ مصادر دراسة الشيعة الإماميّة تتكوّن مِن: المصادر التاريخيّة، ومِن كُتب الفِرَق الّتي تتناول بحث عقائد الإماميّة وفِرقهم، ومِن المصادر الإسماعيليّة التي تتناول الإماميّة، ومِن كُتب الاعتزال، ومِن كُتب أهل السُنّة التي تروي أخبار الأئمّة، ومِن المصادر الإماميّة التي تُعطينا صورةً واضحةً عن الشيعة الإماميّة ومبادئهم.

أ - أمّا المصادر التاريخيّة، فتُفيدنا مِن ناحية التطوّر التاريخي لحركةِ الشيعة في ضوءِ الأحداث التي مرّت بها.

(١) وتأتي معلوماتنا التاريخيّة الأُولى عن الأخباريّين الّذين كانوا رواد الكتابة التاريخيّة، ومِن هؤلاء: أبو مِخنف لوط بن يحيى ( ت ١٧٠ هـ )، وقد بدأ بكتابة تاريخ بعض الأحداث بكُتب مُفردة(١) ، وأشهرت كُتبه التي وصلتنا:مقتل الحسين ، وكتابأخبار المـُختار، ففي مقتل الحسين يُعطينا صورةً واضحة عن الحوادث التي جرتْ منذ خُروج الحسين مِن المدينة حتّى مقتله، وتبدو فيها ميول أبي مِخنف الشيعيّة والعراقية، وهذا ما نُلاحظه في حديثه عن مقتل المـُختار. ومعلوماته ذات قيّمة؛ لأنّها أصبحت مادّةً للمؤرّخين فيما بعد، وبالأخص البلاذري والطبري، كما أنّ معلوماته موّثوقٌ بها عند الشيعة الإماميّة، حيث ورد ذِكره في كُتب الرجال، فقد ذكره الطوسي في رجاله(٢) .

____________________

(١) بروكلمان: تاريخ الأدب العربي ج٣ ص ٣٦.

(٢) الطوسي: الرجال ص ٧٩.

٩

(٢) ثُمّ نَصر بن مُزاحم بن سيار المِنقري الكوفي ( ت ٢١٢ هـ )، حيث يُزوّدنا كتابه:( صِفّين ) بمعلوماتٍ وافيةٍ عن وقعة صِفّين تُعدّ مِن أقدم المعلومات التاريخيّة التي اعتمد عليها البلاذري والطبري، إذ يُظهِر لنا أنصار عليٍّ وشيعته في تلك الموقعة، ودورهم فيها وتطوّر الأحداث حتّى خُروج الخوارج.

وتبدو ميول نصر العلويّة في روايته لأحداث صِفّين، كما تَظهر ميوله العراقيّة فهو كوفي كما أنّه شيعي. ذكره ابن النديم في الفهرست(١) ، وعدّه الطوسي مِن أصحاب الإمام الباقر(٢) .

(٣) ومِن المـُؤرّخين الأوَّلين الذين تناولوا الشيعة: أبو حنيفة الدينوري ( ت ٢٧٦ هـ ) في كتابه:( الأخبار الطوال ) ، فبالرغم مِن الإيجاز في الكتاب فقد أورد معلوماتٍ وافيةً عن خلافة عليّ بن أبي طالب وحرب الجمل وصِفّين، كما ذَكر أخبار الحسن بن عليّ وتنازله، ثُمّ يذكر أخبار المـُختار بن عُبيد الثقفي بشيءٍ مِن التفصيل، ثُمّ يُعطي معلوماتٍ عن الدولة العبّاسيّة وبدء الدعوة، ولكنّه بعد الدعوة لا يَذكر شيئاً عن الشيعة، ولا يتناول سياسة العباسيّين تجاههم إلاّ نادراً.

وتظهر أهميّة المعلومات التي يوردها الدينوري لقِدَم فترتها، فهي البدايات بالنسبة لتاريخ الشيعة.

(٤) ويُعطي أحمد بن يحيى بن جابر البلاذري ( ت ٢٧٩ هـ ) في كتابه:( أنساب الأشراف ) مَعلوماتٍ مُفصّلة عن الشيعة، فيبدأ بذِكر أخبار عليّ بن أبي طالب مع النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلّم )، ويروي حديث المـُؤاخاة وحديث الراية يوم خَيبر وحديث الغدير، ولهذا الحديث أهميّة عند الشيعة، وقد رواه البلاذري بالرغم مِن أنّه لم يكنْ شيعيّاً، ويبدو أنّ أخباره موثوقٌ بها عند الشيعة، كما يبدو مِن قول المرتضى في( الشافي ) : ( وقد روى أبو الحسن أحمد بن يحيى بن جابر البلاذري، وحاله في الثقة عند العامّة والبعد عن مُقاربة الشيعة

____________________

(١) ابن النديم: الفهرست ص ٩٣. أمّا عن المراجع وسَنة الطبع اُنظر عن ذلك: ثبت المراجع.

(٢) الرجال: ص ١٣٩.

١٠

والضبط لِما يرويه معروفٌ )(١) .

ثُمّ يورد أخباراً عن خلافة عليٍّ وعن وقعة الجَمل وصِفّين، وتتّصف أخباره بكونها مُفصّلة، فيذكر قصّة مَقتل عليّ، ثُمّ يَذكر أولاد علي، فيذكر أخبار الحسن ويتكلّم عن أولاد الحسن؛ لأنّه لا يلتزم بالتَسلسل التاريخي وإنّما يسير في ذِكر الأخبار على الأنساب، فيبدأ بالنبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلّم ) والعلويّين، ثُمّ العباسيّين ويُتبعها بذكر أخبار الأُمويّين.

ويورد أخبار محمّد النفس الزكيّة وإبراهيم أخيه، ثُمّ يذكر أخبار الحُسين ومقتله بشيءٍ مِن التفصيل، ثُمّ يتكلّم عن زيد بن عليّ وثورته وأخباره مع الإمام الباقر.

كما يورد أخبار المـُختار بن أبي عبيد الثقفي، ويتكلّم عن العباسيّين فيذكر العبّاس بن عبد المـُطلب وابنه عبد الله بن العبّاس ثُمّ محمّد بن عبد الله، ويذكر انتقال الخلافة إلى بني العبّاس، والكلام عن الدعوة العباسيّة وأخبار الخُلفاء العباسيّين، إلاّ أنّه لا يروي أخبار العلويّين وباقي الأئمّة(٢) .

(٥) وقد بحث أحمد بن طاهر الملقب ب طيفور ( ت ٢٨٠ هـ ) في كتابه ( بغداد ) أخبار المأمون مع العلويّين وولاية عليّ بن موسى الرضا لعهد المأمون، والقسم الأوّل مِن الكتاب مفقود، والموجود لدينا يتّصل بعصر المأمون.

(٦) ويأتي بعد هذا أحمد بن يعقوب بن أبي جعفر بن وهب بن

____________________

(١) الشافي في الإمامة: ص ٢٠٧.

(٢) وقد اعتمدّتُ على نسخة الرباط لمخطوطةأنساب الأشراف ؛ لأنّ فيها معلومات غير موجودة في نسخة استانبول التي اعتمد عليها محمّد حميد الله حينما نشر الجُزء الأوّل مِن كتابأنساب الأشراف ، ففي ذِكر أخبار الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلّم ) يذكر خبر حجّة الوداع، ولا يذكر خَبر غدير خُم، وإنما يذكر وفاة الرسول ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) ثُمّ السقيفة.

وكذلك في الجُزء الرابع والخامس طبعة القُدس سَنة ١٩٣٦، حيث أنّ المعلومات المذكورة عن ثورة الحسين ومقتله ليست مُطابقةً لِما في نسخة الرباط؛ إذ أنّ نسخة الرباط فيها تفصيلات أكثر، وكذلك فيما يتعلّق بأخبار المـُختار.

١١

واضح الكاتب الأخباري ( المشهور باليعقوبي ) المـُتوفّى سنة ٢٨٢ هـ فيُقدّم معلوماتٍ هامةٍ عن تاريخ الشيعة، وكان اليعقوبي مولى لبني العبّاس، وكان جده مِن موالي أبي جعفر المنصور، ولكنْ بالرغم مِن صلته بالعباسيّين لم يستطع أنْ يُخفي ميوله العلويّة في كتاباته، إلاّ أنّه كان مُعتدلاّ، فقد روى أخبار عليّ بن أبي طالب مع الرسول، وأكّد حديث الغدير بعد حِجّة الوداع، وبيّن أهميّته بالنسبة لاعتقاد الشيعة الإماميّة، وأورد أحداث خلافة عليٍّ وحُروبه في الجمل وصِفّين، ثُمّ خلافة الحسن وأخبار الحسين والتوّابين والمـُختار، كما تكلّم عن الدولة العبّاسية وبدءِ الدعوة وأخبار الشيعة مع العباسيّين، إلاّ أنّ الأخبار التي يذكرها مُختصرة تمشيّاً مع الخطّة التي التزمها في الإيجاز.

وقد تناول الأئمّة الاثني عشر إلى الإمام علي الهادي، وذكر تاريخ كلّ إمامٍ: سَنة ولادته ووفاته وشيئاً مِن أخباره ونُبذاً مِن أقواله بشيءٍ مِن الإيجاز(١) .

(٧) أمّا محمّد بن جرير الطبري ( ت ٣١٠ هـ )، فيُزوّدنا تاريخه:( الرُسل والمـُلوك ) بمعلوماتٍ عن نشأة الشيعة وتَطوّرها، وتمتاز معلوماته بكونها مأخوذةً مِن مصادر مُتعدّدة، ويروي الحوادث بشيءٍ مِن التفصيل.

وكان الطبري شافعيّاً، إلاّ أنّه أسّس مذهباً خاصّاً به تبعه عليه بعض العُلماء، وقد ظهر ذلك في كتاباته ومع أنّه لا يُعطي رأيه في الأحداث التي يرويها، إلاّ أنّه انتقى مِن الروايات الكثيرة التي توفّرت له، وقد روى أخبار عليٍّ مع النبي ( صلى الله عليه وآله وسلّم )، وذَكر خبر المؤاخاة وحديث الراية وحديث المـَنزلة كما ذَكر خبر حِجّة الوداع، إلا أنّه لم يَذكر حديث الموالاة - أو حديث الغدير - مع العِلم أنّ المصادر الإماميّة تَذكر أنّ له كتاباً حول غدير خُم(٢) ، وقد ذكر ياقوت أنّ له كتاباً في فضائل علي(٣) ، كما ذكر ذلك الذهبي وسمّاه

____________________

(١) اليعقوبي: التاريخ ج٣ ص ٢٤٥.

(٢) اُنظر الطوسي: الفهرست ص ١٧٨، النجاشي: الرجال ص ٢٤٦، ابن شهراشوب: معالم العُلماء ص ١٠٦، ابن طاووس: اليقين في إمرة أمير المؤمنين ص ٩٦.

(٣) ياقوت: مُعجم الأُدباء ج٦ ص ٤٥٢.

١٢

كتاب الولاية(١) .

كما ويورد لنا الطبري معلومات مُفصّلة عن السقيفة، ثُمّ عن خلافة عليّ بن أبي طالب وعن وقعتي الجَمل وصِفّين، وهو في هذا يأخذ معلوماته عن رواة عراقيّين، ومع أنّه اعتمد بالدرجة الأُولى في الجَمل على أبي مِخنف، وفي صِفّين على نصر بن مزاحم، إلا أنّه لا يأخذ بوجهة نظر الشيعة(٢) .

ويبدو أنّ الطبري يهتمّ اهتماماً كبيراً بالثورات، فيُعطي أهميّةً لثورة الحسين ويشرحها بالتفصيل، معتمداً في روايته لأحداثها على أبي مِخنف، وكذا في حركة التوّابين والمـُختار، وتتشابه معلوماته مع معلومات البلاذري في هذه الفترة.

ويتحدّث الطبري بشيءٍ مِن التفصيل عن الدعوة العبّاسية، ويهتمّ بذِكر ثورات أبناء الحسن، ولا يذكر إلاّ القليلاً عن الشيعة الإماميّة، كما أنّ معلوماته عن الأئمّة وصلتهم بالعباسيّين قليلة.

(٨) أمّا أبو الحسن عليّ بن الحسين بن عليّ المسعودي ( ت ٣٤٦ هـ )، فيُعطي في كتابه:( مُروج الذهب ومعادن الجوهر ) أخبار عليّ بن أبي طالب والأحداث في عهده ولكنّها أخبار مُختصرة.

ويمتاز المسعودي بأنّه ينفرد بذِكر أخبارٍ لا تَرد عند بقيّة المـُؤرّخين(٣) ، كما أنّه يتكلّم عن الفِرَق، فهو يتحدّث عن فِرَق الكيسانيّة وأصلها، ويتحدث عن الزيديّة ويَذكر فِرقهم، ثُمّ يتكلّم عن الشيعة الإماميّة ويذكر بعض فِرَقهم، كما يذكر أخبار الأئمّة الاثني عشر حتى يصل إلى ذِكر

____________________

(١) الذهبي: تاريخ الإسلام ج ص ١٩٥.

(٢) يذكر نصر بن مُزاحم في روايته لأحداث صِفّين مجموعةً مِن الأشعار والأراجيز التي تُشير إلى كون عليّ وصي النبيّ، ولا تَرِد هذه عند الطبري بالرغم مِن اعتماده على نصر في رواية أحداث صِفّين.

(٣) مُروح الذهب: ج٣ ص ٨٣ - ٨٤ في كلامه عن المختار ثُمّ في كلامه على فرق الزيديّة، حيث يُعدّد فئاتٍ غير موجودة عند كتاب الفِرق، اُنظر: مروج الذهبي: ج٣ ص ٢٢٠.

١٣

الإمام الثاني عشر(١) ، إلاّ أنّ أخباره مُختصرة، ولعلّ ذلك يعود إلى أنّ المسعودي قد استوفى ذِكر هذه الأخبار في كُتب مُنفصلة؛ لذلك نراه يُشير إلى هذه الأخبار ويذكر أنّه تَحدّث عنها بالتفصيل في كُتبه أمثال: كتاب( المقالات في معرفة الديانات ) (٢) وكتاب( سِرّ الحياة ) (٣) وكتاب( الصفوة في الإمامة ) (٤) وكتاب( حدائق الأذهان في أخبار آل محمّد ) ، وكذلككتاب الوسيط وكتاب أخبار الزمان وقد طُبِع قسمٌ منه، ولكنّ هذه الكُتب لم تصلنا.

(٩) وفي كتابه( التنبيه والإشراف ) تناول المسعودي ظُهور الإسلام وحياة الرسول والخُلفاء وأخبار العلويّين وثورات أبناه الحسن، إلاّ أنّ الأخبار مُختصرة ولكنّه يأتي بمعلومات لا توجد في كُتب التواريخ، كما يتحدّث عن الفِرَق مِثل الشيعة الإماميّة ورأيهم في الإمامة(٥) .

(١٠) أمّا مُطهّر بن طاهر المـَقدسي ( ت ٣٥٥ هـ )، فيورد في كتابه:( البدء والتاريخ ) معلومات عن صفة النبي وأخباره، وأخبار الصحابة أمثال: سلمان الفارسي وأبي ذر وعمّار بن ياسر.

ويُخصّص المـَقدسي فصلاً في ذِكر ( مقالات أهل الإسلام )، يتحدث فيه عن سبب الاختلاف في الإمامة، ويُعدّد الفِرَق فيذكر فِرَق الشيعة ويقول: ( منهم الغالية الغرابيّة والقطعيّة والبيانيّة والكيسانيّة والسبأيّة ...، ويجمعهم الزيديّة والإماميّة(٦) .

فالمـَقدسي يَخلط بين فِرَق الشيعة، ومعلوماته في هذا الباب تختلف عن كِتاب الفِرَق، فهو يُدخل الغلاة ضمن فِرَق الشيعة، ثُمّ يذكر فِرَقاً هي عند مُؤرّخي فِرق الشيعة مِن الغُلاة، كالسبأيّة والغرابيّة وغيرهم ويجعلها فِرَقاً

____________________

(١) مُروج الذهب: ج٤ ص ١٩٩.

(٢) ن. م ج٣ ص ٢٢٠.

(٣) ن. م ج٤ ص ١٩٩.

(٤) ن. م ج٤ ص ٢٧.

(٥) التنبيه والإشراف: ص ٢٣١.

(٦) المقدسي: البدء والتاريخ ج٥ ص ١٢٤.

١٤

قائمة بذاتها، وحين يتحدّث عن هذه الفِرَق يتكلّم عن الإماميّة، ثُمّ يتكلّم عن الزيديّة وعن المغيريّة والبزيغيّة والقطعيّة والواقفة، وحينما يُعدّد أصناف الزيديّة لا يَذكر إلاّ الجاروديّة فقط(١) .

ثُمّ يَذكر المقدسي أخبار خلافة عليٍّ والحسن ومَقتل الحسين والمـُختار، وكذلك أخبار الخُلفاء العباسيّين وثورات أبناء الحسن، إلاّ أنّ الأخبار التي يذكرها مُختصرة.

(١١) ويُعطي أبو الفرج الأصفهاني ( ت ٣٥٦ هـ ) معلوماتٍ وافيةً ومُفصّلةً عن آل أبي طالب ومَن قُتل منهم، في كتابه:( مقاتل الطالبيين ) ، وقد قَسّم الأصفهاني كتابه إلى أقسام، فذَكر مَن قُتل مِن آل أبي طالب في بدء الإسلام، ثُمّ مَن قُتل منهم في أيّام الدولة الأُموية وأيام الدولة العباسية، وهو في ذِكر هذه الأخبار لا يقتصر على ذِكر مقاتل آل أبي طالب، وإنّما يورد ترجمةً لكلّ مَن قُتل منهم، مع ذِكر أخباره ونَسبه وسبب قَتلِه وما قيل فيه مِن المراثي والأشعار، ثُمّ ذكر أخبار الخُلفاء العباسيّين وسيرتهم مع آل أبي طالب، فهو تاريخٌ لآل أبي طالب في أيّام الأُمويّين والعباسيّين، كما أنّه يكشف عن العلاقة بين فرعي الهاشميّين: العلويّين والعباسيين، والنزاع المـُستمر بينهما ودور أبناء الحسن بن عليٍّ في الثورات ضدّ الحُكم العبّاسي.

(١٢) وهناك مخطوَطة بعنوان:( أخبار العبّاس وأولاده ) مجهولة المـُؤلِّف، والكتاب يبدأ بذِكر العبّاس بن عبد المـُطلب ومنزلته مِن النبيّ وأخباره مع النبي، ثُمّ ذِكرِ أولاد العبّاس، والكلام عن عبد الله بن عبّاس ومنزلته وعلمه وأخباره مع الأُمويّين، ويذكر أخبار الإمامة، ويقصد بها إمامة آل العبّاس، وكيفيّة انتقالها إليهم عن طريق محمّد بن الحنفيّة، مع ذِكر ثورة زيد بن عليٍّ وموقف آل العبّاس منها، وهذه المعلومات غير مُتوفّرة في كُتب التواريخ الأُخرى ولا سيّما في أخبار الدعوة العباسيّة، فيذكر صاحب المـَخطوط أسماء الدُعاة العباسيّين وأسماء النُقباء وأساليب الدعاة، كما أنّه

____________________

(١) المقدسي: البدء والتاريخ ج٥ ص ١٣٣.

١٥

يجعل بدء الدعوة بفترةٍ أسبق ممّا جعلها الطبري وبقيّة المـُؤرِّخين، وينتهي إلى انتقال الخلافة إلى العباسيّين وتولّي السفّاح الخلافة.

ويبدو مِن المعلومات التي يُزوّدنا بها صاحب المخطوطة أنّ له صِلةً بآل العبّاس؛ لأنّ المعلومات التي يرويها لا يُمكن أنْ يذكرها إلا مَن كان مُطّلعاً على الدعوة أو أحد رجالها.

ويعتقد الدكتور الدوري أنّ المعلومات التي أوردها صاحب المخطوطة قد أخذها مِن الحَلقة الداخليّة مِن رجال الدعوة العباسيّة، ومِن رجال الدعوة والدُعاة البارزين المـُتّصلين بالعباسيّين دون أفراد الأُسرة العباسيّة(١) .

كما أنّ أُسلوب الكِتاب ومصادرة تُشير إلى أنّه كُتب حوالي مُنتصف القرن الثالث الهجري(٢) .

وقد روى صاحب المخطوطة عن مُعاصرين اتّصل بهم كالبلاذري، فمرّةً يَذكر: قال البلاذري، وأخرى حدّثنا البلاذري(٣) .

(١٣) ويُعطينا صاحب( العيون والحدائق ) أخباراً عن الشيعة أيّام الأُمويّين، وأخبارهم مع العباسيّين وثورات أبناء الحسن، كما يتحدّث عن الدعوة العباسيّة.

وتتشابه معلوماته مع معلومات الطبري، إلاّ فيما يتعلّق بأخبار الدعوة العباسيّة، فإنّه يَنفرد بمعلوماته(٤) .

____________________

(١) الدكتور الدوري: ضوء جديد على الدعوة العباسيّة، مقالة في مجلّة كُلّية الآداب والعلوم: العدد الثاني ١٩٥٧ ص ٦٦.

(٢) ن. م ص ٦٤.

(٣) أخبارهم العبّاس الورقة ٣٦ ب، ٦٥ آ، ٧٣ آ وقد اختصر هذا الكتاب مؤلّف مَجهول في القرن الحادي عشر، وقد ذَكر نفس الأخبار ولكن بإيجاز، وفي مُقدّمة المـُختصر ما يُلقي ضوءاً على شخصيّة المؤلّف، فقد ذَكر صاحب المـُختصر في كلامه: ( وقد دعاني إلى ارتدئ، وذكر العبّاس بن عبد المـُطلب لبانة في نفس وأرب يخصني، وذاك أنّي أنتسب إلى ولاءٍ في هذا البيت الشريف شرعي؛ لأنّ جدّي الذي أنتسب إليه مِن إحدى طرفَي وثاب كان مُكاتباً لعبد الله بن عبّاس.. ثُمّ يذكر أن وثاب تزوج فولد له يحيى صاحب طريقة في قراءة القرآن )، وبعد هذا لا يَذكر شيئاً، ويصل في أخباره إلى خلافة السفّاح ويَذكر خُطبته. نبذة مِن كتاب التاريخ: الورقة ٧.

(٤) العيون والحدائق: ص ١٨٠ - ١٨١.

١٦

وصاحب الكتاب مجهولٌ، والقسم المـُتوفّر مِن كتابه يبدأ مِن خلافة الوليد بن عبد المـَلك إلى خلافة المـُعتصم، وهو الجزء الثالث، ثُمّ الجزء الرابع، ويبدأ مِن حوادث ٢٥٦ هـ - ٣٥١ هـ وهذا الجزء مخطوط لم يُطبع بعد.

(١٤) أمّا مسكويه (ت ٤٢١هـ ) فيسير في رواية الأحداث في كتابه:( تجارب الأُمم ) على طريقة الطبري، فلا يأتي بجديد في معلوماته، والقسم الموجود مِن كتاب مسكويه الجُزء الأوّل ويبدأ مِن سنة ١ هـ - ٤٠هـ نشره كايتاني، وتوجد مَخطوطة تبدأ مِن حوادث سَنة مِن سنة ١٠٤هـ - ١٣٤هـ يتناول فيها أخبار الدعوة العباسيّة، وهو في هذا لا يأتي بأكثر ممّا جاء به الطبري، إلاّ قليلاً.

ثُمّ نُشر قسمٌ آخر مِن تجارب الأُمم يبدأ مِن سنة ٢٩٨هـ - ٢٥١ هـ، وهو في هذا القِسم لا يأتي بجديد أيضاً، فيروي أخبار الطالبيّين مع المأمون وثوراتهم، ويفصل في ذِكر ثورة أبي السرايا مع ذِكر مَن ثار منهم بعده.

(١٥) وذَكر محمّد بن عبد الكريم بن عبد الواحد الشيباني - المعروف بابن الأثير الجزري - ( ت ٦٣٠ هـ ) في كتابه:( الكامل في التاريخ ) نفس الأحداث التي أوردها الطبري، وسار على طريقته في ذِكر الحوادث مع إضافات، وقد ذَكر ذلك في خطبة كتابه حيث يقول: ( إنّي قد جمعت في كتابي هذا ما لم يُجمع في كتابٍ واحد ...، فابتدأت بالتاريخ الكبير الذي صنّفه الإمام أبو جعفر الطبري، إذ هو الكتاب المـُعوّل عليه عند الكافّة ...، فأخذتُ ما فيه مِن جميع تراجمه ولم أُخلّ بترجمة واحدة منها، وقد ذَكر هو في أكثر الحوادث روايات ذات عدد، كلّ رواية منها مثل التي قبلها أو أقلّ منها، وربما زاد الشيء اليسير أو نقصه فقصدّت أتمّ الروايات، فنقلتها وأضفتُ إليها مِن غيرها ما ليس فيها )(١) .

(١٦) ويروي ابن الطقطقي ( ت ٧٠٩ هـ ) في كتابة: ( الفخري في الآداب السُلطانيّة ) أخبار عليّ بن أبي طالب مع النبيّ، ثُمّ أخبار الشيعة مع

____________________

(١) الكامل في التاريخ: ج١ ص ٥.

١٧

الأُمويّين، وأخبارهم مع العباسيّين، وذَكر أخبار الأئمّة والثورات التي قام بها أبناء الحسن، وهو في روايته للأحداث لم يستطع أنْ يُخفي مُيوله العلويّة.

(١٧) أبو الفدا ( ت ٧٣٢ هـ ) يذكر في كتابه:( المـُختصر في أخبار البشر) خلاصةً عن ما أورده مِن سَبَقه مِن المـُؤرّخين.

(١٨) ويعطي شمس الدين محمّد بن أحمد بن عثمان الذهبي ( ت ٧٤٨هـ ) في كتابه: ( تاريخ الإسلام) تراجم للصحابة، ويذكر بعض الأخبار التي تهتمّ بها الشيعة، كذِكر حادثة الغدير وغيرها مِن الحوادث، ويأخذ عن الطبري.

(١٩) ويسير ابن كثير ( ت ٧٧٤ هـ ) في كتابه: ( البداية والنهاية في التاريخ ) على طريقة الطبري وابن الأثير في روايته للأحداث، ويأخذ عن الذهبي في بعض الروايات.

(٢٠) ابن خلدون ( ت ٨٠٨ هـ ) يسير على طريقٍ يختلفُ عن بقيّة المـُؤرّخين، فهو لا يكتفي بسرد الحوادث، وإنّما يُحاول أنْ يجدَ فلسفةً وأسباباً للأحداث، فيَذكر في مُقدّمة كتابه:( العِبَر وديوان المـُبتدأ والخبر ) فصلاً عن المِلل، ويتحدث عن الشيعة وبداية ظُهورهم، وسبب ظهور الفِرَق، ثُمّ يورد في العِبَر الأخبار الواردة عند المـُؤرّخين.

(٢١) وأحسن ما كَتبه المقريزي ( ت٨٤٥ هـ ) فائدةً في بحث الشيعة كتابه: ( النزاع والتخاصم فيما بين أُميّة وهاشم ) ، فقد ذَكر العلاقة بين هاشم وأُميّة والعداء بينهما، ومَن قُتل مِن بني هاشم أيّام بني أُميّة.

(٢٢) ويذكر في كتابه:( الخُطط ) أخباراً مُتفرّقة عن الشيعة وبداية ظُهورهم، وعن الرافضة.

(٢٣) أمّا السيوطي ( ت ٩١١ هـ ) في كتابه: ( تاريخُ الخُلفاء ) ، فيتناول أخبار كلّ خليفةٍ، وتاريخ الشيعة وأخبارهم مع الأُمويّين والعباسيّين.

(٢٤) ويُعطي ابن الشحنة ( ت ٨١٥ هـ ) في كتابه:( روضةُ المناظر في أخبار الأوائل والأواخر ) والقرماني ( ت ١٠١٩ هـ ) في كتابة:( أخبار الدول

١٨

وآثار الأول ) معلوماتٍ كالتي أوردها المـُؤرّخون الذين سبقوهما، إلاّ أنّهما يُزيدان في ذِكر أخبار الأئمّة ونُبَذٍ مِن أقوالهم.

ب - أمّا كُتُب الفِرَق غير الشيعيّة، فتبحث في تكوين الفِرَق ومنها الشيعة مع ذكر آرائها واختلافاتها.

(٢٥) فيذكر أبو الحسن عليّ بن إسماعيل الأشعري ( ت ٣٢٤ هـ )، في كتابه:( مقالات الإسلاميّين واختلاف المـُصلّين )، الشيعة ويُقسّمهم إلى ثلاث فِرق:

الغُلاة، ويقسمها إلى خمس عشرة فِرقة.

ثُمّ الرافضة، ويُقسّمهم إلى ٢٤ فِرقة، ويُدخل ضمنهم الكيسانيّة، والظاهر أنّه يقصد بالرافضة الإماميّة؛ لأنّه يذكر القطعيّة والواقفة وهؤلاء مِن الإماميّة، بالإضافة إلى هذا يذكر البيانيّة ويعدّها مِن الإماميّة، بينما هي مِن الغُلاة.

ثُمّ يذكر الزيدية، ويُقسّمها إلى ثلاثة أصناف: الجاروديّة والبتريّة والسليمانيّة، وكُلّ هذه الفِرَق يُقسّمها إلى فِرق أُخرى.

وبالإضافة إلى ذلك يذكر مَن خرج مِن آل أبي طالب مُنذ أيّام الأُمويّين حتّى نهاية أيّام المـُكتفي العبّاسي، وكذلك يذكر رأي الشيعة في الإمامة وأقوالهم في الوعد والوعيد والتجسيم والقضاء والقدر.

(٢٦) ويذكر أبو بكر محمّد بن الطيّب بن الباقلاّني ( ت ٤٠٣ هـ )، في كتابة:( التمهيد في الردّ على المـُلحدة والمـُعطّلة والرافضة والخوارج والمـُعتزلة ) ، إمامة عليّ بن أبي طالب، ويُورد أحاديث للرسول في فضل عليٍّ، وينفي أنْ يكون حديث الغدير دليلاً على إمامة عليّ ويردّ على الرافضة في مسائل أُخرى.

(٢٧) ويتحدّث عبد القادر بن طاهر بن محمّد البغدادي ( ت ٤٢٩ هـ )، في كتابة:( الفَرق بين الفِرَق ) ، عن الشيعة، فيذكر أنّ الشيعة ثلاث فِرق، ويُطلق كلمة رافضة على كلّ الشيعة، وعنده أنّ الشيعة هُم الإماميّة والزيديّة والكيسانيّة، ويُقسّم الكيسانيّة إلى فِرقتين، ثُمّ يُقسّم الإماميّة إلى خمس عشرة فِرقة، ولكنّه يُدخِل معهم الغُلاة، ولو أنّه يُخصّص فصلاً للغلاة.

١٩

ويتصرّف البغدادي على خلاف كُتّاب الفِرَق بإعطاء رأيه في الحوادث(١) .

(٢٨) أمّا أبو المـُظفر الاسفراييني ( ت ٤٧١ هـ )، في( التبصير في الدين وتمييز الفِرَقة الناجية عن الفِرَق الهالكين ) ، فيتكلم عن الشيعة وفِرَقهم، وهو لا يَختلف عن البغدادي في تقسيمه إلاّ قليلاً، كما أنّه يُعطي رأيه في الأحداث ويردّ على الشيعة وعلى بقيّة الفِرَق؛ لأنه يرى أنّ الفِرَقة الناجية هُم أهل السُنّة والحديث.

(٢٩) ويتكلّم عبد الكريم الشهرستاني ( ت ٥٤٨ هـ )، في كتابه:( المِلَل والنِحَل ) ، عن الشيعة، فيتحدث عن الزيديّة والكيسانيّة والإماميّة وفِرَقِهم والغُلاة، ثُمّ يذكر عدداً مِن رجال الشيعة ومُصنّفي كُتبهم.

(٣٠) أمّا فخر الدين الرازي ( ت ٦٠٦ هـ )، فيذكر في كتابه:( اعتقادات فِرَق المـُسلمين والمـُشركين ) الشيعةَ ويُسمّيهم الروافض، ويُطلق هذا الاسم عامّة، ويعطي للفِرق نفس التقسيم الذي ذكره البغدادي والاسفراييني، إلاّ أنّه لا يُفصّل في كلامه، إنّما يكتفي بتعريفٍ لكُلّ فِرقة مِن فِرق الشيعة.

(٣١) ويتحدث ّعثمان بن عبد الله بن الحسن الحنفي العراقي ( مِن القرن السابع )، في كتابه:( الفِرَق المـُفتَرقة بين أهل الزيغ والزندقة ) ، عن فِرَق الشيعة المـُختلفة، ويُطلق لفظة الروافض على جميع الشيعة.

ج - وممّا يُفيدنا في بحث الشيعة: مصادر الإسماعيليّة، كما أنّ بعض كُتب الإسماعيليّة أقرب صِلةً بالإماميّة مِن غيرها.

(٣٢) ففي كتاب( الزينة في الكلمات الإسلاميّة ) للرازي المـُتوفّى سَنة ٣٢٢هـ كلامٌ عن الشيعة، فيذكر أصل لفظ التَشيُّع، ثُمّ يتكلّم عن الرافضة ومعناها، كما يتحدّث عن فِرَق الشيعة، وهو في ذلك لا يختلف عمّا يذكره النوبختي وسعد القُمّي، إلاّ فيما يتّصل بالإسماعيليّة، ومهما يُحاول الرازي أنْ لا يُفصح عن كونه إسماعيليّاً إلاّ أنّ أُسلوبه يدلّ عليه.

(٣٣) ويذكر أبو حنيفة النعمانُ بن محمّد بن منصور بن أحمد بن

____________________

(١) وقد اختصر كتاب ( الفَرق بين الفِرَق ) الرسعني في ( مُختصر الفَرق بين الفِرَق ).

٢٠