استخراج المرام من استقصاء الإفحام الجزء ١

استخراج المرام من استقصاء الإفحام0%

استخراج المرام من استقصاء الإفحام مؤلف:
تصنيف: مناظرات وردود
الصفحات: 384

استخراج المرام من استقصاء الإفحام

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: السيد علي الحسيني الميلاني
تصنيف: الصفحات: 384
المشاهدات: 156292
تحميل: 7160


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 384 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 156292 / تحميل: 7160
الحجم الحجم الحجم
استخراج المرام من استقصاء الإفحام

استخراج المرام من استقصاء الإفحام الجزء 1

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

العصر وقوموا لله قانتين قالت عائشة : سمعتها من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن أبي داود في المصاحف وابن المنذر عن أُمّ حميد بنت عبد الرحمان أنّها سألت عائشة عن الصّلاة الوسطى ، فقالت : كنّا نقرؤها في الحرف الأوّل على عهد النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : حافظوا على الصّلوات والصّلاة الوسطى وصلاة العصر وقوموا لله قانتين )(١) .

وروى ابن حجر في (فتح الباري ) :

( روى مسلم وأحمد من طريق أبي يونس عن عائشة أنّها أمرته أن يكتب لها مصحفاً ، فلمّا بلغتُ :

( حافِظُوا عَلَى الصّلَوَاتِ وَالصّلاَةِ الْوُسْطَى)

قال : فأملَتْ عليّ : وصلاة العصر

قالت : سمعتها من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

وروى مالك عن عمرو بن رافع قال : كتبت مصحفاً لحفصة ، فقالت : إذا أتيت هذه الآية فآذنّي ، فأملَتْ عليّ : حافظوا على الصّلوات والصّلاة الوسطى وصلاة العصر .

أخرجه ابن جرير ـ من وجه آخر حسن ـ عن عمرو بن رافع .

وروى ابن المنذر من طريق عبيد الله بن رافع : أمرتني أُم سلمة أن أكتبَ لها مصحفاً ، نحوه .

ومن طريق نافع : إنّ حفصة أمرت مولىً لها أن يكتب لها مصحفاً ، فذكر مثله وزاد : كما سمعت من رسول الله ـصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ يقولها )(٢) .

ـــــــــــــــــ

(١) الدر المنثور ١ : ٧٢١ ـ ٧٢٢ وفيه : في عملنا ونواضحنا ، بدل : في عملنا لو أصبحنا .

(٢) فتح الباري ـ شرح صحيح البخاري ٨ : ١٥٨ ـ ١٥٩ .

١٢١

وفي (الموطّأ ) :

( مالك ، عن زيد بن أسلم ، عن القعقاع بن حكيم بن أبي يونس مولى عائشة أمّ المؤمنين أنّه قال : أمرتني عائشة أن أكتبَ لها مصحفاً ، ثمّ قالت : إذا بلغتَ هذه الآية فآذنّي :

( حافِظُوا عَلَى الصّلَوَاتِ وَالصّلاَةِ الْوُسْطَى‏ وَقُومُوا للّهِ‏ِ قَانِتِينَ)

فلمّا بلغتها آذنتُها ، فأملت عليّ : حافظوا على الصّلوات والصّلاة الوسطى وصلاة العصر وقوموا لله قانتين ، ثمّ قالت : سمعتها من رسول الله ـصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ )(١) .

وفيه :

( مالك عن زيد بن أسلم عن عمرو بن نافع أنّه قال : كنتُ أكتبُ مصحفاً لحفصة أُمّ المؤمنين ، فقالت : إذا بلغتَ هذه الآية فآذنّي :

( حافِظُوا عَلَى الصّلَوَاتِ وَالصّلاَةِ الْوُسْطَى‏ وَقُومُوا للّهِ‏ِ قَانِتِين)

فلمّا بلغتها آذنتها ، فأملت عليّ : حافظوا على الصّلوات والصّلاة الوسطى وصلاة العصر وقوموا لله قانتين )(٢) .

آية صلاة الجمعة

وفيه :

( مالك ، إنّه سأل ابن شهاب عن قول الله تبارك وتعالى :( إِذَا نُودِيَ لِلصّلاَةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى‏ ذِكْرِ اللّهِ ) (٣)

فقال ابن شهاب : كان عمر بن الخطّاب يقرؤها : إذا نودي للصّلاة من يوم الجمعة فامضوا إلى ذكر الله )(٤) .

ـــــــــــــــــ

(١) الموطّأ ١ : ١٣٨ ـ ١٣٩ .

(٢) الموطّأ ١ : ١٣٩ .

(٣) سورة الجمعة ٦٢ : ٩ .

(٤) الموطّأ : ١٢٩ .

١٢٢

وقال في (الدر المنثور ) :

( أخرج أبو عبيد في فضائله وسعيد بن منصور وابن أبي شيبة وابن المنذر وابن الأنباري في المصاحف عن خَرَشَة بن الحُررضي‌الله‌عنه قال : رأى معي عمر بن الخطّابرضي‌الله‌عنه لوحاً مكتوباً فيه :

( إِذَا نُودِيَ لِلصّلاَةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى‏ ذِكْرِ اللّهِ ) (١)

فقال : من أملى عليك هذا ؟

قلت : أُبيّ بن كعب

قال : إنّ أُبيّاً أقرؤنا للمنسوخ ، اقرأها : فامضوا إلى ذكر الله .

وأخرج عبد بن حميد عن إبراهيمرضي‌الله‌عنه قال : قيل لعمررضي‌الله‌عنه : إنّ أُبيّاً يقرأ فاسعوا إلى ذكر الله قال عمررضي‌الله‌عنه : أُبيّ أعلمني بالمنسوخ وكان يقرؤها : فامضوا إلى ذكر الله .

وأخرج الشافعي في الأُمّ وعبد الرزاق والفِريابي وسعيد بن منصور وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن جرير وابن أبي حاتم وابن الأنباري في المصاحف والبيهقي في سننه عن ابن عمر قال : ما سمعت عمر يقرأ قطّ إلاّ : فامضوا إلى ذكر الله .

وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن ابن عمررضي‌الله‌عنه قال : لقد توفي عمررضي‌الله‌عنه وما يقرأ هذه الآية التي في سورة الجمعة إلاّ : فامضوا إلى ذكر الله .

وأخرج عبد الرزاق والفِريابي وأبو عبيد وسعيد بن منصور وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن الأنباري والطبراني من طرقٍ عن ابن مسعودرضي‌الله‌عنه أنّه كان يقرأ : فامضوا إلى ذكر الله قال : ولو كان

ـــــــــــــــــ

(١) سورة الجمعة ٦٢ : ٩ .

١٢٣

فاسعوا لَسَعَيْتُ حتّى يسقط ردائي )(١) .

آية أُخرى

وفي (صحيح الترمذي ) :

( حدّثنا عبد بن حميد ، نا عبيد الله ، عن إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن عبد الرحمان بن يزيد ، عن عبد الله بن مسعود قال : أقرأني رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إنّي أنا الرزّاق ذو القوّة المتين ؛ هذا حديث حسن صحيح )(٢) .

وفي (مسند ) أحمد بن حنبل :

( حدّثنا عبد الله ، حدّثني أبي ، ثنا يحيى بن آدم ويحيى بن أبي بكر قالا : حدّثنا إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن عبد الرحمان بن يزيد ، عن عبد الله بن مسعود قال : أقرأني رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إنّي أنا الرزّاق ذو القوّة المتين )(٣) .

آية الطلاق

وفي (الدر المنثور ) :

( أخرج مالك والشافعي وعبد الرزّاق في المصنَّف وأحمد وعبد بن حميد والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة وابن جرير وابن المنذر وأبو يعلى وابن مردويه والبيهقي في سننه ، عن ابن عمررضي‌الله‌عنه أنّه : طلّق امرأته وهي حائض ، فذكر ذلك عمررضي‌الله‌عنه لرسول الله ، فتغيّظ فيه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ثمّ قال : ليراجعها ثمّ يمسكها حتّى

ـــــــــــــــــ

(١) الدر المنثور ١ : ١٦١ .

(٢) صحيح الترمذي ٥ : ١٩١/٢٩٤٠ .

(٣) مسند أحمد بن حنبل ١ : ٦٥١/٣٧٣٣ .

١٢٤

تطهر ثمّ تحيض فتطهر، فإن بدا له أن يطلّقها فليطلّقها طاهراً قبل أن يمسكها ، فتلك العدّة التي أمر الله تعالى أن يطلّق بها النساء ، وقرأصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يا أيّها النّبيّ إذا طلّقتم النساء فطلّقوهنّ في قبل عدّتهنّ.

وأخرج عبد الرزّاق في المصنَّف وابن المنذر والحاكم وابن مردويه عن ابن عمررضي‌الله‌عنه أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قرأ : فطلّقوهنّ في قبل عدّتهنّ .

وأخرج عبد الرزّاق وأبو عبيد في فضائله وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن مردويه والبيهقي عن ابن عبّاسرضي‌الله‌عنه أنّه كان يقرأ : وطلّقوهنّ لقبل عدّتهنّ .

وأخرج ابن الأنباري عن ابن عمررضي‌الله‌عنه أنّه قرأ : فطلّقوهنّ لقبل عدّتهنّ .

وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر وابن مردويه والبيهقي عن مجاهدرضي‌الله‌عنه أنّه كان يقرأ : فطلّقوهنّ لقبل عدّتهنّ )(١) .

آية التبليغ

وفيه : ( أخرج ابن مردويه عن ابن مسعود قال : كنّا نقرأ على عهد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يا أيّها الرّسول بلّغ ما أُنزل إليك من ربّك أنّ عليّاً مولى المؤمنين وإن لم تفعل فما بلّغت رسالته والله يعصمك من النّاس )(٢) .

وقال محمّد بن معتمد خان البدخشاني :

ـــــــــــــــــ

(١) الدر المنثور ٨ : ١٨٩ ـ ١٩٠ مع اختلاف .

(٢) الدر المنثور ٣ : ١١٧ .

١٢٥

 ( وأخرج ـ أي ابن مردويه ـ عن زرّ عن عبد الله قال : كنّا نقرأ على عهد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يا أيّها الرّسول بلّغ ما أُنزل إليك من ربّك أنّ عليّاً مولى المؤمنين وإن لم تفعل فما بلّغت رسالته والله يعصمك من النّاس )(١) .

آية : كفى الله المؤمنين

وفي (الدر المنثور ) :

( أخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه وابن عساكر عن ابن مسعود أنّه كان يقرأ هذا الحرف : وكفى الله المؤمنين القتال بعليّ بن أبي طالب )(٢) .

وفي (مفتاح النجا ) :

( وأخرج ـ أي ابن مردويه ـ عن ابن مسعودرضي‌الله‌عنه أنّه كان يقرأ هذا الحرف : وكفى الله المؤمنين القتال بعليّ بن أبي طالب وكان الله قويّاً عزيزاً )(٣) .

وفي (تفسير الثعلبي ) :

( أخبرني أبو محمّد عبد الله بن محمّد بن عبد الله القايني ، نا أبو الحسين محمّد بن عثمان بن الحسين النصيبي ، نا أبوبكر محمّد بن الحسين بن صالح السبيعي ، نا أحمد بن محمّد بن سعيد ، نا أحمد بن ميثم بن أبي نعيم ، نا أبو جنادة السلولي ، عن الأعمش ، عن أبي وائل قال : قرأت في مصحف عبد الله ابن مسعود : إنّ الله اصطفى آدم ونوحاً وآل إبراهيم وآل عمران وآل محمّد

ـــــــــــــــــ

(١) مفتاح النجا في مناقب آل العبا ـ مخطوط .

(٢) الدر المنثور ٦ : ٥٩٠ .

(٣) مفتاح النجا في مناقب آل العبا ـ مخطوط .

١٢٦

على العالمين )(١) .

عثمان : إنّ في القرآن لحناً !

وقال ابن قتيبة :

( إنّ عثمان قال في قوله تعالى :( إِنْ هذَانِ لَسَاحِرَانِ ) إنّ في القرآن لحناً فقال رجل : صحّح ذلك الغلط

فقال : دعوه فإنّه لا يُحلّل حراماً ولا يُحرِّم حلالاً )(٢) .

وفي بعض الروايات :

( قال عثمان : إنّ في المصحف لحناً وسيقيمه العرب بألسنتهم ، فقيل له : ألا تغيّره ؟

فقال : دعوه ، فلا يحلّل حراماً ولا يحرّم حلالاً ) فقد جاء في (معالم التنزيل ) للبغوي بتفسير الآية :

( لكِنِ الرّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِن قَبْلِكَ وَالْمُقِيمِينَ الصّلاَةَ ) ما نصّه :

( واختلفوا في وجه انتصابه فحكي عن عائشة وأبان بن عثمان أنّه غلط من الكاتب ينبغي أن يصلح ويكتب : والمقيمون الصلاة، وكذلك قوله في سورة المائدة :( إِنّ الّذِينَ آمَنُوا وَالّذِينَ هَادُوا وَالصّابِئُونَ )

وقوله :( إِنْ هذَانِ لَسَاحِرَانِ )

قالوا : ذلك خطأ من الكُتّاب ، وقال عثمانرضي‌الله‌عنه : إنّ في المصحف لحناً وسيقيمه العرب بألسنتها ، فقيل له : ألا تُغيّره ؟

فقال : دعوه فإنّه لا يحلّ حراماً ولا يحرّم حلالاً )(٣) .

وقد ذكر ابن تيمية في (منهاجه ) تفسير البغوي ، فقال بالنسبة إلى

ــــــــــــــ

(١) تفسير الثعلبي ٣ : ٥٣ .

(٢) تأويل مشكل القرآن : ٥٠ ـ ٥١ .

(٣) تفسير البغوي معالم التنزيل ٢ : ١٨٧ ـ ١٨٨ .

١٢٧

الأحاديث المروية فيه :

( وأمّا الأحاديث ، فلم يذكر في تفسيره شيئاً من الموضوعات التي رواها الثعلبي ، بل يذكر منها الصحيح ولم يذكر الأحاديث التي يظهر لعلماء الحديث أنّها موضوعة كما يفعله غيره من المفسّرين كالواحدي )(١) .

وفي (الدر المنثور ) :

( أخرج ابن أبي داود ، عن عبد الأعلى بن عبد الله بن عامر القرشي قال : لمّا فرغ من المصحف أُتي به عثمان فنظر فيه فقال : قد أحسنتم وأجملتم ، أرى شيئاً من لحن ستقيمه العرب بألسنتها قال ابن أبي داود : وهذا عندي يعني بلغتها فينا ، وإلاّ فلو كان فيه لحن لا يجوز في كلام العرب جميعاً ؛ لما استجاز أن يبعث إلى قوم يقرؤونه .

وأخرج ابن أبي داود عن عكرمة قال : لمّا أُتي عثمان بالمصحف رأى فيه شيئاً من لحن ، فقال : لو كان المملي من هُذيل والكاتب من ثقيف لم يوجد فيه هذا .

وأخرج ابن أبي داود عن قتادة : إنّ عثمان لمّا رفع إليه المصحف فقال : إنّ فيه لحناً وستقيمه العرب بألسنتها .

وأخرج ابن أبي داود عن يحيى بن يَعمر قال : قال عثمان : إنّ في القرآن لحناً وستقيمه العرب بألسنتها )(٢) .

وفي (الإتقان ) :

( حدّثنا حجّاج ، عن هارون بن موسى ، أخبرني الزبير بن الخِرّيت ، عن

ـــــــــــــــــ

(١) منهاج السنّة ٤ : ٣٩ .

(٢) الدر المنثور ٢ : ٧٤٥ .

١٢٨

عكرمة قال : لمّا كُتبت المصاحف عُرضَت على عثمان ، فوجد فيها حروفاً من اللحن ، فقال : لا تغيّروها فإنّ العرب ستغيّرها ـ أو قال : ستعربها ـ بألسنتها ، لو كان الكاتب من ثقيف والمملي من هذيل لم يوجد فيه هذه الحروف أخرجه من هذه الطريق ابن الأنباري في كتاب الردّ على من خالف مصحف عثمان ، وابن أشتة في كتاب المصاحف.

ثمّ أخرج ابن الأنباري نحوه من طريق عبد الأعلى بن عبد الله بن عامر وابن أشتة نحوه من طريق يحيى بن يعمر )(١) .

وفي (تفسير ) أبي الليث :

( قال ـ أي أبو عبيد ـ : وروي عن عثمانرضي‌الله‌عنه أنّه عُرِض عليه المصحف فوجد فيه حروفاً من اللحن ، فقال : لو كان الكاتب من ثقيف والمملي من هذيل لم يوجد فيه هذه الحروف )(٢) .

وقال ابن روزبهان بجواب العلاّمة الحلّي :

( وأمّا عدم تصحيح لفظ القرآن ؛ لأنّه كان يجب عليه متابعة صورة الخط ، وهكذا كان مكتوباً في المصاحف ، ولم يكن التغيير له جائزاً فتركه ؛ لأنّه لغة بعض العرب ) .

ولنعم ما أفاده العلاّمة التستري في جوابه حيث قال :

( وأمّا ما ذكره في إصلاح إطلاق عثمان اللّحن على القرآن فلا يصدر إلاّ عن محجوج مبهوت ، فإنّ المصنّف اعترض على عثمان بأنّه أطلق على القرآن اشتماله على اللحن المذموم المخلّ بالفصاحة ، وهذا النّاصب يغمض العين

ـــــــــــــــــ

(١) الإتقان في علوم القرآن ٢ : ٣٢٠ .

(٢) تفسير أبي الليث السمرقندي ١ : ٤٠٤ و ٤٥٠ و ٢ : ٣٤٧ ـ ٣٤٨ .

١٢٩

عن جواب هذا الذي هو محطّ الطعن ، ويتعرّض بوجه ترك عثمان لتغييره وإصلاحه بقوله : دعوه .

وما أشبه جوابه هذا بما أجاب به أهل خراسان عمداً عن سؤال أهل ماوراء النهر ، بأنّ النبّال إذا أراد استعلام استقامة النبل واعوجاجه لِمَ يغمض أحد عينيه ؟

وبأنّ الطير المسمّى باللقلق إذا قام لِمَ يرفع إحدى رجليه ؟

فأجاب أهل خراسان بأنّ النبّال إنّما يغمض إحدى عينيه ؛ لأنّه لو أغمض العين الأُخرى لا يرى شيئاً ، والطّير المذكور إنّما يرفع إحدى رجليه ؛ لأنّه لو رفع الرجل الآخر لسقط على الأرض ، فليضحك أولياؤه كثيراً .

ومن العجب : أنّ عثمان صرّح بأنّ تلك العبارة من القرآن لا تقبل الإصلاح ، وأنّه لا حاجة إلى إصلاحه ، لعدم تحليله حراماً وتحريمه حلالاً ، وهذا الناصب المرواني ـ الذي غلب عليه هوى عثمان ـ لمّا علم أنّ ما قاله عثمان طعن لا مدفع له ، عَدَل عن دفعه عنه وقال : تركه لأنّه كان لغة بعض العرب ، فإنّ كونه لغة بعض العرب هو الوجه الذي ذكره العلماء لدفع وهم عثمان لا لدفع الطعن عنه ، وأنّى يندفع الطعن عنه بذلك ، ولو كان عثمان عالماً بموافقة ذلك للغة بعض العرب ، كيف صحّ له ـ مع كثرة حياءه عند القوم ـ أن لا يستحيي من الله ويطلق على بعض كلماته التامّات أنّه لحن وخطأ في القول ؟

مع ظهور أنّ بعض ألفاظ القرآن واردٌ على لغة قريش ، وبعضها على لغة بني تميم ، وبعضها على لغة غيرهم ) .

نقد القول بوقوع اللحن في القرآن

هذا ، وقد قال صاحب (الكشّاف ) : ( لا يلتفت إلى ما زعموا من وقوعه

١٣٠

لحناً في [ خطّ ] المصحف )(١) .

ونصّ النيسابوري صاحب (التفسير ) على ركاكة القول المذكور حيث قال : ( ولا يخفى ركاكة هذا القول ؛ لأنّ هذا المصحف منقول بالنّقل المتواتر )(٢) .

وهكذا الفخر الرازي فإنّه بعد حكاية القول بذلك عن عثمان وعائشة قال : ( واعلم أنّ هذا بعيد )(٣) .

ولا استبعاد في استبعاده ، بل في كفر قائله بإجماع أهل العلم على ما في (الشفاء ) للقاضي عياض(٤) .

والسيوطي تحيَّر بعد نقل تلك الآثار في حلّها ، فإنّه قال :

( وهذه الآثار مشكلة جدّاً ، وكيف يظنّ بالصّحابة :

أوّلاً : إنّهم يلحنون في الكلام فضلاً عن القرآن وهم الفصحاء اللّد ، ثمّ كيف يظنّ بهم.

ثانياً : في القرآن الذي تلقّوه من النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كما أُنزل وحفظوه وضبطوه وأتقنوه ، ثمّ كيف يظنّ بهم .

ثالثاً : اجتماعهم كلّهم على الخطأ وكتابته ، ثمّ كيف يظنّ بهم .

رابعاً : عدم تنبّههم ورجوعهم عنه

ثمّ كيف يظنّ بعثمان إنّه ينهى عن تغييره ؟

ثمّ كيف يظنّ أنّ القرآن استمرّ على مقتضى ذلك الخطأ ، وهو مرويّ بالتّواتر خلفاً عن سلف ، هذا ممّا يستحيل شرعاً وعقلاً وعادةً )(٥) .

ثمّ إنّ السيوطي حاول الإجابة عن الإشكالات فقال :

( وقد أجاب العلماء عن ذلك بثلاثة أوجه :

ـــــــــــــــــ

(١) الكشّاف في تفسير القرآن ١ : ٥٨٢ .

(٢) تفسير النيسابوري غرائب القرآن ٦ : ٥٢٩ .

(٣) تفسير الفخر الرازي ١١ : ١٠٦ .

(٤) الشفا بتعريف حقوق المصطفى ٢ : ٦٤٦ ـ ٦٤٧ .

(٥) الإتقان في علوم القرآن ٢ : ٣٢١ .

١٣١

أحدها : أنّ ذلك لا يصحّ عن عثمان ، فإنّ إسناده ضعيف مضطرب منقطع ، ولأنّ عثمان جعل للنّاس إماماً يقتدون به ، فكيف يرى فيه لحناً ، ويتركه ليقيمه العرب بألسنتها ؟

فإذا كان الذين تولّوا جمعه وكتابته لم يقيموا ذلك وهم الخيار، فكيف يقيمه غيرهم ؟

وأيضاً ، فإنّه لم يكتب مصحفاً واحداً ، بل كتب عدّة مصاحف ، فإن قيل : إنّ اللحن وقع في جميعها ، فبعيد اتّفاقها على ذلك أو في بعضها فهو اعتراف بصحّة البعض ، ولم يذكر أحد من النّاس أنّ اللّحن كان في مصحفٍ دون مصحف ، ولم تأت المصاحف قطّ مختلفة إلاّ فيما هو من وجوه القراءة وليس ذلك بلحن .

الوجه الثاني : على تقدير صحّة الرواية ، إنّ ذلك مأوّل على الرّمز والإشارة ومواضع الحذف نحو الكتب والصابرين وما أشبه ذلك .

الثّالث : إنّه مأوّل على أشياء خالف لفظها رسمها كما كتبوا (لأوضعوا ) و (لأذبحنّه ) بألف بعد لا (لا اوضعوا ) و (لا اذبحنّه ) و (جزاؤ الظالمين ) بواو وألف ، و (بأيد ) بيائين ، فلو قرئ ذلك بظاهر الخط لكان لحناً

وبهذا الجواب وما قبله جزم ابن أشتة في كتاب المصاحف )(١) .

هذا ، ولا يجدي شيء من هذه الوجوه نفعاً ، فالروايات تلقّاها العلماء بالقبول ونسبوها إلى قائليها عن جزم ، كما في (معالم التنزيل ) : ( قال عثمان : إنّ في المصحف لحناً وستقيمه العرب بألسنتها )(٢) .

وأمّا الجواب بالحمل على التأويل ، فواضح ما فيه ، وقد ذكره السيوطي فقال :

ـــــــــــــــــ

(١) الإتقان في علوم القرآن ٢ : ٣٢١ ـ ٣٢٢ وفيه اختلاف .

(٢) تفسير البغوي معالم التنزيل ٢ : ١٨٨ .

١٣٢

 ( ومن زعم أنّ عثمان أراد بقوله : أرى فيه لحناً : أرى في خطّه لحناً إذا أقمناه بألسنتنا كان لحن الخط غير مفسد ولا محرّف من جهة تحريف الألفاظ وإفساد الإعراب ، فقد أبطل ولم يصب ؛ لأنّ الخط منبئ عن النطق ؛ فمن لحن في كتبه فهو لاحن في نطقه ، ولم يكن عثمان ليؤخّر فساداً في هجاء ألفاظ القرآن من جهة كتب ولا نطق ، ومعلوم أنّه كان مواصلاً لدرس القرآن ، متقناً لألفاظه ، موافقاً على ما رُسم في المصاحف المنفذة إلى الأمصار والنواحي )(١) .

وقال :

( أخرج ـ أي ابن أشتة ـ عن إبراهيم النخعي أنّه قال : آية و (إنّ هذين ساحران ) سواء ، لعلّهم كتبوا الألف مكان الياء ، والواو في قوله : (والصابئون ) و (الرّاسخون ) مكان الياء

قال ابن أشتة : يعني إنّه من إبدال حرف في الكتابة بحرف ، مثل الصّلاة والزّكاة والحياة .

وأقول :

هذا الجواب إنّما يحسن لو كانت القراءة بالياء فيها والكتابة بخلافها ، وأمّا والقراءة على مقتضى الرسم فلا )(٢) .

ثمّ ذكر السيوطي جواباً آخر جعله أقوى ما يجاب به ، قال :

( ثمّ قال ابن أشتة : أنبأنا محمّد بن يعقوب ، حدّثنا أبو داود سليمان بن الأشعث ، ثنا حميد بن مسعدة ، ثنا إسماعيل أخبرني الحارث بن عبد الرحمن ، عن عبد الأعلى بن عبد الله بن عامر قال : لمّا فرغ من هذا المصحف أُتي به عثمان فنظر فيه ، فقال : أحسنتم وأجملتم ، أرى شيئاً سنقيمه بألسنتنا .

فهذا الأثر لا إشكال فيه وبه يتّضح معنى ما تقدّم ، فكأنّه عرض عليه

ـــــــــــــــــ

(١) الإتقان في علوم القرآن ٢ : ٣٢٢ .

(٢) الإتقان في علوم القرآن ٢ : ٣٢٤ ـ ٣٢٥ .

١٣٣

عقب الفراغ من كتابته ، فرأى فيه شيئاً كتب على غير لسان قريش ، كما وقع لهم في التابوت والتابوة ، فوعد بأنّه سيقيمه على لسان قريش ، ثمّ وفى بذلك عند العرض والتقويم ولم يترك شيئاً .

ولعلّ من روى الآثار السابقة عنه حرّفها ولم يتقن اللّفظ الذي صدر من عثمان ، فلزم منه ما لزم من الإشكال ، فهذا أقوى ما يجاب به عن ذلك ، ولله الحمد )(١) .

وأمّا أبو القاسم الراغب الأصفهاني ، فلم يرتض شيئاً من هذه الوجوه ، فقال:

( كأن القوم الذين كتبوا المصحف لم يكونوا قد حذقوا الكتابة ، فلذلك وضعت أحرف على غير ما يجب أن تكون عليه

وقيل : لمّا كتبت المصاحف وعرضت على عثمان فوجد فيها حروفاً من اللّحن في الكتابة قال : لا تغيّروها ، فإنّ العرب ستغيّرها ـ أو ستعربها ـ بألسنتها ولو كان الكاتب من ثقيف والممل من هذيل لم يوجد فيه هذه الحروف )(٢) .

عائشة : أخطأوا في الكتب !

وقال السيوطي في (الإتقان ) :

( قال أبو عبيد في فضائل القرآن : ثنا أبو معاوية عن هشام بن عروة عن أبيه عن جدّه قال : سألت عائشة عن لحن القرآن عن قوله :( إِنْ هذَانِ لَسَاحِرَانِ ) وعن قوله :( وَالْمُقِيمِينَ الصّلاَةَ وَالْمُؤْتُونَ الزّكَاةَ ) وعن قوله :( إِنّ الّذِينَ آمَنُوا وَالّذِينَ هَادُوا وَالصّابِئُونَ وَالنّصَارَى ) قالت : يا ابن أخي هذا عمل

ـــــــــــــــــ

(١) الإتقان في علوم القرآن ٢ : ٣٢٣ ـ ٣٢٤ .

(٢) محاضرات الأُدباء ٢ : ٤٣٤ .

١٣٤

الكتّاب أخطأوا في الكتاب هذا إسناد صحيح على شرط الشيخين )(١) .

وقال في (الدر المنثور ) :

( أخرج أبو عبيد في فضائله وسعيد بن منصور وابن أبي شيبة وابن جرير وابن أبي داود وابن المنذر عن عروة قال : سألت عائشة عن لحن القرآن :( إِنّ الّذِينَ آمَنُوا وَالّذِينَ هَادُوا وَالصّابِئُونَ ) ( وَالْمُقِيمِينَ الصّلاَةَ وَالْمُؤْتُونَ الزّكَاةَ ) و ( إِنْ هذَانِ لَسَاحِرَانِ ) فقالت : يا ابن اُختي ! هذا عمل الكتّاب أخطأوا في الكتاب )(٢) .

وقال أبو عمرو الداني في (المقنع ) :

( نا الخاقاني قال : نا أحمد بن محمّد قال : نا علي بن عبد العزيز قال : نا أبو عبيد قال : نا أبو معاوية عن هشام بن عروة عن أبيه قال : سألت عائشة ( رضي الله عنها ) عن لحن القرآن عن قول الله عزّ وجلّ :( إِنْ هذَانِ لَسَاحِرَانِ ) وعن قوله :

( وَالْمُقِيمِينَ الصّلاَةَ وَالْمُؤْتُونَ الزّكَاةَ)

وعن قوله تعالى :( إِنّ الّذِينَ آمَنُوا وَالّذِينَ هَادُوا وَالصّابِئُونَ )

فقالت : يا ابن اُختي ! هذا عمل الكتّاب أخطأوا في الكتاب )(٣) .

والحقُّ : أن الحديث الصحيح المتقدّم ونحوه لا يمكن الجواب عنه بما ذكروه ، وهذا ما اعترف به الحافظ السيوطي بالتالي ؛ حيث قال بعد ذكر الأجوبة التي تقدّمت وما استحسنه من جوابه :

( وبعد ؛ فهذه الأجوبة لا يصح شيء منها عن حديث عائشة ؛ أمّا الجواب

ــــــــــــــ

(١) الإتقان في علوم القرآن ٢ : ٣٢٠ .

(٢) الدر المنثور ٢ : ٧٤٤ ـ ٧٤٥ .

(٣) المقنع لأبي عمرو الداني : ١١٩ .

١٣٥

بالتضعيف ؛ فلأنّ إسناده صحيح كما ترى ، وأمّا الجواب بالرمز وما بعده ؛ فلأنّ سؤال عروة عن الأحرف المذكورة لا يطابقه )(١) .

ولقد أنصفالقاضي ثناء الله الهندي ـ وهو أكبر تلامذة شاه ولي الله ـ إذ خطّأ عائشة وجعل قولها خرقاً للإجماع ، حيث قال في (تفسيره ) في تفسير قوله تعالى :( إِنْ هذَانِ لَسَاحِرَانِ ) :

( واختلفوا في توجيهه ، فروى هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أنّه خطأ من الكاتب وهذا القول خطأ خارق للإجماع ) .

وكذا ابن السمين في تفسيره (الدر المصون ) حيث قال :

( ذهب جماعة ـ منهم عائشة ( رضي الله عنها ) وأبو عمرو ـ إلى أنّ هذا ممّا لحن فيه الكاتب وأُقيم بالصواب ، يعنون أنّه كان من حقّه أن يكتب بالياء ، فلم يفعل ولم يقرأه النّاس إلاّ بالياء على الصواب )(٢) .

وقال السيوطي في (الإتقان ) :

( تذنيب : يقرب ممّا تقدّم عن عائشة ما أخرجه الإمام أحمد في مسنده وابن أشتة في المصاحف ، من طريق إسماعيل المكّي عن أبي خلف مولى بني جمح : أنّه دخل مع عبيد بن عمير على عائشة ، فقال : جئت أسألك عن آية من كتاب الله كيف كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقرؤها

قالت : أيّة آيةٍ ؟

قال : الذين يؤتون ما آتوا أو الذين يأتون ما آتوا

فقالت : أيّهما أحبّ إليك ؟

قلت : والذي نفسي بيده لإحداهما أحبّ إليّ من الدنيا جميعاً

قالت : أيّهما ؟

قلت : الذين يأتون ما آتوا

فقالت : أشهد أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

ـــــــــــــــــ

(١) الإتقان في علوم القرآن ٢ : ٣٢٤ .

(٢) الدر المصون تفسير ابن السمين ٥ : ٣٤ ـ ٣٥ .

١٣٦

كذلك كان يقرؤها وكذلك أُنزلت ولكن الهجاء حُرّف )(١) .

وقال في (الدر المنثور ) :

( أخرج سعيد بن منصور وأحمد وعبد بن حميد والبخاري في تاريخه ، وابن المنذر وابن أبي شيبة وابن الأنباري معاً في المصاحف ، والدّار قطني في الإفراد ، والحاكم وصحّحه وابن مردويه عن عبيد بن عميررضي‌الله‌عنه : أنّه سأل عائشة ( رضي الله عنها ) : كيف كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقرأ هذه الآية : والذين يؤتون ما آتوا والذين يأتون ما آتوا ، فقالت : أيّتهما أحبّ إليك ؟

قلت : والذي نفسي بيده لإحداهما أحبّ إليّ من الدنيا جميعاً

قالت : أيّهما ؟

قلت : الذين يأتون ما آتوا

فقالت : أشهد أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كذلك كان يقرؤها ، وكذلك أُنزلت ولكن الهجاء حرّف )(٢) .

ابن عبّاس : أخطأ الكاتب

وقال في (الإتقان ) عاطفاً على ما تقدم :

( وما أخرجه ابن جرير وسعيد بن منصور في سننه من طريق سعيد بن جُبير عن ابن عبّاس في قوله :

( حَتّى‏ تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلّمُوا)

قال : إنّما هي خطأ من الكاتب : حتّى تستأذنوا وتسلّموا ؛ أخرجه ابن أبي حاتم بلفظٍ هو فيما أحسب ممّا أخطأ به الكتّاب )(٣) .

وأخرج الحاكم :

(عن مجاهد عن ابن عبّاس في قوله : ( لاَ تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتّى‏ تَسْتَأْنِسُوا)

ـــــــــــــــــ

(١) الإتقان في علوم القرآن ٢ : ٣٢٧ .

(٢) الدر المنثور في التفسير بالمأثور ٦ : ١٠٦ وفيه : ابن اشته بدل ابن أبي شيبة .

(٣) الإتقان في علوم القرآن ٢ : ٣٢٧ .

١٣٧

قال : أخطأ الكاتب ، تستأذنوا )

ثمّ قال : ( هذا حديث صحيح على شرط الشيخين )(١) .

وفي (الدر المنثور ) :

( أخرج الفريابي وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن الأنباري في المصاحف ، وابن مندة في غرائب شعبة والحاكم وصحّحه وابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان ، والضياء في المختارة من طرق عن ابن عبّاس ( رضي الله عنهما ) في قوله تعالى :( حَتّى‏ تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلّمُوا عَلَى‏ أَهْلِهَا )

قال : أخطأ الكاتب ، إنّما هي : حتّى تستأذنوا )(٢) .

والعجب : أن الحكيم الترمذي يجعل هذا الحديث وأمثاله ـ ممّا أخرجه كبار الأئمّة كما عرفت وصحّحوه ـ من مكائد الزنادقة ، وفي ذلك فضيحة لثقات المحدثين ، بل لأعلام الصحابة وغيرهم من أركان الدين إنّه يقول :

( والعجب من هؤلاء الرواة ، أحدهم يروي عن ابن عبّاس أنّه قال في قوله :( حَتّى‏ تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلّمُوا ) هو خطأ من الكاتب ، إنّما هو : تستأذنوا وتسلّموا ، وما أرى مثل هذه الروايات إلاّ من كيد الزنادقة في هذه الأحاديث ، إنّما يريدون أن يكيدوا الإسلام بمثل هذه الروايات ، فيا سبحان الله ، كان كتاب الله بين ظهرانيّ أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في مَضِيعةٍ حتّى كتب الكتّاب فيها ما شاؤوا وزادوا ونقصوا !!

وروي عنه أيضاً أنّه قال : خطأ من الكتّاب قوله :( أَفَلَمْ يَيَأْسِ الّذِينَ آمَنوا أَن لَوْ يَشَاءُ اللّهُ لَهَدَي النّاسَ جَمِيعاً )

ـــــــــــــــــ

(١) المستدرك على الصحيحين ٢ : ٣٩٦ .

(٢) الدر المنثور : ٦ : ١٧١ .

١٣٨

إنّما هو : أفلم يتبيّن ، فهذه اللُّغات إنّما يتغيّر معانيها بزيادة حرفٍ ونقصان حرف ، أفيحسب ذو عقلٍ أنّ أصحاب محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أهملوا أمر دينهم ، حتّى فوّضوا عهد ربّهم إلى كاتبٍ يخطئ فيه ، ثمّ يقرّه أبوبكر وعمر وأُبيّ بن كعب ( رضي الله عنهم أجمعين ) ، حيث جمعوه في خلافة أبي بكر ثمّ من بعده مرّةً أُخرى في زمن عثمان ـ رضي الله عنه ـ ) .

وقد أشار الحكيم إلى ما رواه السيوطي في (الإتقان ) إذ قال :

( وما أخرجه ابن الأنباري من طريق عكرمة عن ابن عبّاس أنّه قرأ : أفلم يتبيّن الذين آمنوا أن لو يشاء اله لهدى الناس جميعاً ، فقيل له : إنّها في المصحف : أفلم ييأس الذين آمنوا ، قال : أظنّ الكاتب كتبها وهو ناعس )(١) .

وهو في (الدر المنثور ) :

( أخرج ابن جرير وابن الأنباري في المصاحف عن ابن عبّاس ( رضي الله عنهما ) أنّه قرأ : أفلم يتبيّن الذين آمنوا ، فقيل له : إنّها في المصحف : أفلم ييأس الذين آمنوا ، فقال : أظنّ الكاتب كتبها وهو ناعس )(٢) .

ونصّ الحافظ ابن حجر على صحّته في (فتح الباري ) :

( روى الطبري وعبد بن حميد بإسنادٍ صحيح ، كلّهم من رجال البخاري ، عن ابن عبّاس أنّه كان يقرؤها : أفلم يتبيّن ، ويقول : كتبها الكاتب وهو ناعس )(٣) .

ـــــــــــــــــ

(١) الإتقان في علوم القرآن ٢ : ٣٢٧ .

(٢) الدر المنثور ٤ : ٦٥٣ .

(٣) فتح الباري في شرح البخاري ٨ : ٣٠٠ .

١٣٩

ثمّ تعرّض ابن حجر لإنكار من أنكر هذه الأحاديث وردّ عليهم بشدّة فقال :

( وأمّا ما أسنده الطبري عن ابن عبّاس ، فقد اشتدّ إنكار جماعة ممّن لا علم له بالرجال صحّته ، وبالغ الزمخشري في ذلك كعادته ـ إلى أن قال ـ وهي والله فِرية بلا مرية ، وتبعه جماعة بعده والله المستعان

وقد جاء عن ابن عبّاس نحو ذلك في قوله تعالى :( وَقَضَى‏ رَبّكَ أَلاّ تَعْبُدُوا إِلاّ إِيّاهُ ) أخرجه سعيد بن منصور بإسنادٍ جيّدٍ عنه

وهذه الأشياء وإن كان غيرها المعتمد ، لكنّ تكذيب المنقول بعد صحّته ليس من دأب أهل التحصيل ، فلينظر في تأويله بما يليق [ به ] )(١) .

وقد روى السيوطي ما ذكره ابن حجر :

( أخرج الفريابي وسعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر وابن الأنباري في المصاحف ، من طريق سعيد بن جُبير عن ابن عبّاسرضي‌الله‌عنه في قوله :( وَقَضَى‏ رَبّكَ أَلاّ تَعْبُدُوا إِلاّ إِيّاهُ ) قال : التزقت الواو بالصاد وأنتم تقرؤونها : وقضى ربّك .

وأخرج ابن أبي حاتم من طريق الضحّاك عن ابن عبّاسرضي‌الله‌عنه مثله .

وأخرج أبو عبيد وابن منيع وابن المنذر وابن مردويه من طريق ميمون ابن مهران عن ابن عبّاس قال : أنزل الله هذا الحرف على لسان نبيّكم : ووصّى ربّك ألاّ تعبدوا إلاّ إيّاه ، فلصقت إحدى الواوين بالصاد فقرأ النّاس : وقضى

ـــــــــــــــــ

(١) فتح الباري في شرح البخاري ٨ : ٣٠٠ ـ ٣٠١ مع بعض الاختلاف .

١٤٠