استخراج المرام من استقصاء الإفحام الجزء ١

استخراج المرام من استقصاء الإفحام20%

استخراج المرام من استقصاء الإفحام مؤلف:
تصنيف: مناظرات وردود
الصفحات: 384

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣
  • البداية
  • السابق
  • 384 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 164059 / تحميل: 7826
الحجم الحجم الحجم
استخراج المرام من استقصاء الإفحام

استخراج المرام من استقصاء الإفحام الجزء ١

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

أخيك قد سبّت آلهتنا، وعاب ديننا، وسفَّه أحلامنا، وضلّل آباءنا، فإمّا أن تكفّه عنّا، وإمّا أن تخلّي بيننا وبينه إلخ.(١)

وكأنَّه ليس أحد المجتمعين بدار النّدوة الذين تفرَّقوا على رأي أبي جهل من أن يُؤخذ من كلِّ قبيلة شابٌّ فتى جليد نسيب وسط ثمَّ يُعطى كلٌّ منهم سيفاً صارماً فيعمدوا إلى رسول الله فيضربوه بها ضربة رجل واحد فيقتلوه(٢) .

وكأنَّه غير من أنفق على المشركين يوم اُحد أربعين أوقية وكلُّ اوقية اثنان و أربعون مثقالاً.

وكأنَّه غير مَن استأجر ألفين من الأحابيش من بني كنانة ليقاتل بهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم سوى من استجاش من العرب(٣) .

وكأنّه غير مَن لعنه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوم اُحد في صلاة الصبح بعد الركعة الثانية. بقوله: ألّلهم العن أبا سفيان. وصفوان بن اميّة. والحارث بن هشام(٤) .

وكأنّه غير مَن لعنه رسول الله في سبعة مواطن لا يتأتّى لأيّ أحد ردّها أوّلها: يوم لقي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خارجاً من مكّة إلى الطائف يدعو ثقيفاً إلى الدين فوقع به و سبّه وشتمه وكذَّبه وتوعّده وهمّ أن يبطش به فلعنه الله ورسوله وصرف عنه.

الثانية: يوم العير إذ عرض لها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهي جائية من الشام فطردها أبو سفيان وساحل بها فلم يطف المسلمون بها ولعنه رسول الله ودعا عليه، فكانت وقعة بدر لأجلها.

الثالثة: يوم اُحد حيث وقف تحت الجبل ورسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في أعلاه وهو ينادي: أعلِ هُبل. مراراً، فلعنه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عشر مرّات ولعنه المسلمون.

الرابعة: يوم جاء بالأحزاب وغطفان واليهود فلعنه رسول الله وابتهل.

____________________

١ - سيرة ابن هشام ١: ٢٧٧، ج ٢: ٢٦.

٢ - سيرة ابن هشام ٢: ٩٤، نصب الراية للزيلعى ٢: ١٢٩، وأخرجه البخارى فى المغازى ٢: ٥٨٢، وفى التفسير بلفظ فلانا وفلانا ً ولم يسم أحداً تحفظاً على كرامة أبى سفيان وشاكلته.

٣ - تفسير الطبرى ٩: ١٥٩، ١٦٠، الكشاف ٢: ١٣، تفسير الرازى ٤: ٣٩٧، تفسير الخازن ٢: ١٩٢، تفسير الالوسى ٩: ٢٠٤.

٤ - تفسير الطبرى ٤: ٥٨، وأخرجه الترمذى فى جامعه كما فى نيل الاوطار للشوكانى ٢: ٣٩٨.

٨١

الخامسة: يوم جاء ابو سفيان في قريش فصدّوا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن المسجد الحرام والهدي معكوفاً أن يبلغ محلّه، ذلك يوم الحديبيَّة فلعن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أبا سفيان و لعن القادة والأتباع وقال: ملعونون كلّهم، وليس فيهم من يؤمن، فقيل: يا رسول الله؟ أفما يرجى الإسلام لأحد منهم فكيف باللعنة؟ فقال لا تصيب اللعنة احداً من الأتباع و أمّا القادة فلا يفلح منهم أحد.

السادسة يوم الجمل الأحمر.

السابعة يوم وقفوا لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في العقبة ليستنفروا ناقته وكانوا اثنى عشر رجلاً منهم أبو سفيان(١)

هذه المواطن السبعة عدَّها الإمام الحسن السبط سلام الله عليه.

وكأنّه غير مَن عدا على دور المهاجرين من بني جحش بن رئاب بعد ما هاجروا. وباعها من عمرو بن علقمة وقيل فيه:

أبلغ أبا سفيان عن

أمر عواقبه ندامه

دار ابن عمِّك بعتَها

تقضي بها عنك الغرامه

وحليفكم بالله ر

بّ الناس مجتهد القسامه

إذهب بها اذهب بها

طوّقتها طوق الحمامه(٢)

وكأنّه غير صاحب البائيّة يوم اُحد يقول فيها:

اُقاتلهم وادّعي يالَ غالبٍ

وأدفعهُم عنّي بركن صليبِ

فبكّي ولا ترعى مقالة عادلٍ

ولا تسأمي من عبرة ونحيبِ

أباك وإخواناً له قد تتابعوا

وحُقّ لهم من عبرةٍ بنصيبِ

وسلّي الذي قد كان في النفس إنَّني

قتلتُ من النجار كلّ نجيبِ

ومن هاشم قرماً كريماً ومُصعباً(٣)

وكان لدى الهيجاء غير هيوبِ

ولو أنّني لم أشف نفسيَ منهُم

لكانت شجاً في القلب ذات ندوبِ

____________________

١ - شرح ابن ابى الحديد ٢، ١٠٢، ١٠٣.

٢ - سيرة ابن هشام ٢، ١١٧.

٣ - عنى به سيدنا حمزة بن عبد المطلب.

٨٢

فآبوا وقد أودى الجلابيب(١) منهُم

بهم خدَبٌ من مُعبط وكئيبِ

أصابهمُ من لم يكن لدمائهم

كفاءً ولا في خُطّةٍ بضريبِ(٢)

وكأنّه غير مَن كان يضرب في شدق حمزة بن عبد المطلب بزجّ الرمح قائلاً: ذُق عقق(٣) سيرة ابن هشام ٣: ٤٤.

وكأنّه غير مَن داس قبر حمزة برجله وقال: يا أبا عمارة انّ الأمر الذي اجتلدنا عليه بالسيف أمسى في يد غلماننا اليوم يتلعبون به. شرح ابن ابي الحديد ٤: ٥١.

وكأنّه غير مَن قال لمـّا رأى الناس يطؤن عقب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وحسده: لو عاودت الجمع لهذا الرجل. فضرب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في صدره ثمَّ قال: إذاً يخزيك الله. الإصابة ٢: ١٧٩.

وكأنّه غير مَن قال لعثمان يوم تسنّم عرش الخلافة: صارت إليك بعد تيم وعدي فادرها كالكرة، واجعل أوتادها بني اميّة، فإنّما هو الملك، ولا أدري ما جنّة ولا نار. راجع ج ٨: ٢٨٥.

وكأنّه غير مَن دخل على عثمان بعد ما عمى وقال: هاهنا أحد؟ فقالوا: لا. فقال: اللهمَّ اجعل الأمر أمر جاهليّة، والملك ملك غاصبيّة، واجعل أوتاد الأرض لبني اُميّة [تاريخ ابن عساكر ٦: ٤٠٧].

وكأنَّه غير مَن عرَّفه أمير المؤمنينعليه‌السلام في كتاب له إلى معاوية بقوله: منّا النبيُّ، ومنكم المكذِّب، قال ابن أبي الحديد في شرحه ٣: ٤٥٢: يعني أبا سفيان بن حرب كان عدوّ رسول الله، والمكذِّب له، والمجلب عليه.

وكأنّه غير مَن جاء فيه قول أمير المؤمنينعليه‌السلام في كتاب له إلى محمّد بن أبي بكر: قد قرأت كتاب الفاجر ابن الفاجر معاوية.

وكأنّه غير مَن ذكره أمير المؤمنين بقوله في كتاب له إلى إبنه معاوية: يا بن صخر يا ابن اللّعين. والإمام الطاهرعليه‌السلام في لعنه الرجل إقتفى أثر النبيِّ الأعظم، وقد سمع

____________________

١ - الجلابيب جمع جلباب: الازار الخشن. كان الكفار من أهل مكة يسمون من أسلم مع النبي صلى ‌الله‌ عليه ‌وآله‌ والجلابيب.

٢ - الخطة: الخصلة الرفيعة الضريب: الشبيه. راجع سيرة ابن هشام ٣: ٢٢.

٣ - عقق، أى يا عقق، يريد يا عاق.

٨٣

منهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهو يلعنه في مواطن شتّى.

وكأنّه غير مَن قال فيه عمر بن الخطاب: أبو سفيان عدوّ الله، قد أمكن الله منه بغير عهد ولا عقد فدعني يا رسول الله! أضرب عنقه. تاريخ ابن عساكر ٦: ٣٩٩.

وكأنَّه غير مَن قال فيه عمر أيضاً: إنَّ أبا سفيان لقديم الظلم. الإصابة ٢: ١٨٠

وكأنَّه غير مَن أسلفنا ترجمته في الجزء الثالث ص ٢٢١ - ٢٢٤ وفي الثّامن ص ٢٨٤ - ٢٨٦.

هذا مجمل حال الرجل في العهدين الجاهليّ والإسلاميّ، أفبمثله اُيّد الدين قبل إسلامه وبعد إسلامه؟ أو مثله يتولّى سقاية رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوم المحشر إذا أقبل من عند ذي العرش؟ وهل مستوى العرش معبّأ لمثل أبي سفيان هذا ونظرائه؟ إذا فعلى العرش ومَن بفنائه السَّلام.

ثمَّ اقرأ المجازفة في حساب عثمان الذي حاز في مزعمة ملفِّق هذه الرّواية ثواب عبادة الملائكة اوّلهم وآخرهم اولئك الملائكة المعصومين، وجنّة لا يقدر على وصفها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وهو مَن قرأت صحيفة حياته في الجزء التاسع وقبله، ووقفت على عقائد الصحابة العدول فيه وفي أحداثه، وإجماعهم على إهدار دمه، فلماذا ذلك الثواب ولِماذا تلكم الجنّة؟ ولِماذا هذه العظمة في أبناء الشجرة المنعوتة في القرآن؟ أعوذ بالله من السَرف في القول والغلوّ في الفضائل.

١٢ - أخرج ابن عساكر وابن مندة والخلعي والطبراني والعقيلي عن سهل بن يوسف بن سهل بن مالك عن أبيه عن جدّه قال: لمـّا رجع النبيُّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مِن حجّة الوداع إلى المدينة صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثمَّ قال: يا أيّها الناس! إنّ أبا بكر لم يسؤني قطّ فاعرفوا ذلك له، يا أيّها النّاس! انِّي راضِ عن أبي بكر وعمر وعثمان، وعليّ، وطلحة، والزبير، وسعد، وعبد الرَّحمن بن عوف، والمهاجرين الأوّلين فاعرفوا ذلك لهم. أيّها النّاس إنَّ الله قد غفر لأهل بدر والحديبيّة. أيّها الناس؟ احفظوني في أصحابي وأصهاري وفي أختاني لا يطلبنَّكم الله بمظلمة أحد منهم فإنّها ممّا لا توهب أيّها النّاس! ارفعوا ألسنتكم عن المسلمين، وإذا مات أحدٌ من المسلمين

٨٤

فقولوا فيه خيرا(١) .

قال الأميني: قال ابن عبد البرّ في الإستيعاب ٢: ٥٧٣: حديثه [يعني حديث سهل بن مالك] يدور على خالد بن عمرو القرشي الأموي وهو منكر الحديث، متروك الحديث، قال بعد ذكر الحديث: حديثٌ منكرٌ موضوعٌ، يقال فيه: انّه من الأنصار ولا يصحُّ، وفي إسناد حديثه مجهولون ضعفاء معروفون يدور على سهل بن يوسف بن مالك بن سهل عن أبيه عن جدّه وكلّهم لا يُعرف.

وقال ابن مندة: غريبٌ لا نعرفه إلّا من هذا الوجه. وقال العقيلي: إسناده مجهول لا يتابع عليه. والعجب من الحافظين وحكمهما بغرابة الحديث والجهل وقد أخرجاه من طريق خالد بن عمرو، ومرَّ في الجزء الثامن ص ٤٨، ٤٩ عن أئمَّة الجرح والتعديل انّه كان كذّاباً وضّاعاً يتفرَّد عن الثقات بالموضوعات لا يجوز الإحتجاج بخبره، أحاديثه موضوعةٌ باطلةٌ. وجزم الدارقطني في الأفراد بانَّ خالد بن عمرو تفرَّد بهذا الحديث.

وأخرجه سيف بن عمر، وقد أسلفنا في الجزء الثامن ص ٨٦ و ٣٥٥ أقوال الحفاظ فيه وانّه وضّاعٌ، متروكٌ، ساقطٌ، متَّهمٌ بالزندقة، عامّة أحاديثه منكرةٌ لم يتابع عليها.

وفي طرق الحديث مجاهيل منهم: محمّد بن يوسف المسمعي. قال الذهبي: لا يُدرى مَن هو. وقال العقيلي: لا يُتابع على حديثه. ومنهم: عليّ بن محمّد بن يوسف. قال الضياء: لم أجد له ولا لشيخه. ومنهم: حبّان بن أبي تراب(٢) أو: منان بن أبي ثواب(٣) أو: قنان ابن أبي أيّوب(٤) أو: قنار بن أبي أيوب(٥) من رجل الغيب لا يعرف اسمه واسم أبيه فضلاً عن عرفان شخصيَّتهما.

ومن الوهم الغريب للطبراني إخراجه الرواية من طريق عليّ بن محمّد بن يوسف المسمعي عن سهل بن يوسف بن سهل بن مالك، وتبعه في ذلك الضياء في المختارة، وقد أخرجها العقيلي من طريق محمّد بن يوسف المسمعي والد علي المذكور في إسناد الطبراني

____________________

١ - تاريخ ابن عساكر ٦: ١٢٧، الاستيعاب ٢: ٥٧٢:

٢ - كذا فى لسان الميزان ٥: ٤٣٥.

٣ - كذا فى لسان الميزان ٣: ١٢٣.

٤ - كذا فى الاصابة ٢: ٩٠.

٥ - كذا فى لسان الميزان ٤: ٤٧٥.

٨٥

عن حبان، رقبان، رقنار، رمنان، عن خالد بن عمرو الأموي عن سهل، فطبقة عليّ تستدعي سقط ثلاثة من رجال إسناد الطبراني.

راجع ميزان الاعتدال ١، ٣، الاصابة ٢، ٩٠، لسان الميزان ٣: ١٢٣، ج ٤: ٢٦١، ج ٥: ٤٣٥.

١٣ - عن عبادة بن الصامت قال: خلوت برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقلت: أيّ أصحابك أحبُّ إليك حتى اُحبَّ من تحبُّ كما تحبّ؟ فقال: اكتم عليَّ يا عبادة! حياتي فقلت: نعم، فقال: أبو بكر، ثمَّ عمر، ثمَّ عليُّ. ثمّ سكت، فقلت: ثمَّ مَن يا نبيَّ الله؟ فقال: مَن عسى أن يكون بعد هؤلاء إلّا الزبير وطلحة وسعد وأبو عبيدة ومعاذ وأبو طلحة وأبو أيّوب وأنت يا عبادة! واُبّي بن كعب وأبو الدرداء وأبو مسعود وابن عوف وابن عفّان، ثمَّ هؤلاء الرهط من الموالي سلمان وصهيب وبلال وسالم مولى أبي حذيفة، هؤلاء خاصّتي وكلُّ أصحابي عليَّ كريمٌ حبيب إليَّ وإن كان عبداً حبشيّاً. قال أبو عبد الله الصنابحي: قلت لعبادة: لم يذكر حمزة ولا جعفراً، فقال عبادة: إنّهما كانا اُصيبا يوم سألت عن هذا إنَّما كان هذا بآخرة أو كما قال. تاريخ ابن عساكر ٥: ٣٨، و ج ٧: ٢١٠.

قال الأميني: ألا تعجب من نبيِّ العظمة أن يتحاشى عن بيان ما يهمّ الاُمَّة عرفانه ويعهد إلى السائل بأن يكتمه عليه في حياته وهو في اُخرياتها؟ أليس هو القائل لعائشة فيما أخرجه الخجندي: إنَّ عليّاً أحبّ الرجل إليَّ وأكرمهم عليَّ.والقائل: أحبُّ النّاس إليَّ من الرجال عليّ. والقائل: عليُّ أحبّهم إليَّ وأحبّهم إلى الله؟

هلّا كانت الصحابة يعرفون أحبّ الناس إليهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بعد تلكم الآيات والنصوص النبويّة الواردة في مولانا عليّ أمير المؤمنين؟ أما صحَّ عن عائشة قولها: والله ما رأيت أحداً أحبّ إلى رسول الله من عليّ، ولا في الأرض امرأة كانت أحبّ إليه من امرأته.

وهلّا صحَّح الحفاظ قول بريدة واُبيّ بن كعب: أحبّ النّاس إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من الناس فاطمة ومن الرجال عليّ(١) .

ثمّ ما الذي أنسى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أعاظم صحابته الذين نزل فيهم القرآن وأثنىصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عليهم بما لا يزيد عليه كعمّه العبّاس وأبي ذر وعمّار والمقداد وابن مسعود إلى

____________________

١ - راجع ما أسلفناه فى الجزء الثالث ص ٢١ - ٢٤ طبع ٢.

٨٦

آخرين من أمثالهم؟ وما الذي بخس حظّهم من حبّ نبيِّهم الأقدس إيّاهم مع تلكم الفضائل والفواضل الجمَّة ولا يدانيهم فيها غيرهم حتّى جُلُّ المذكورين إن لم نقل كلّهم غير سيِّد العترة؟

أفي وسع الباحث أن يرى أبا عبيدة حفَّار القبور مثلاً أحبّ إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من أبي ذرّ الصدّيق شبيه عيسى في اُمَّة محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم هدياً وبرّاً ونسكاً وزهداً وصدقاً وجدّاً وخَلقاً وخُلقاً؟ من أبي ذر الذي كانصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يدنيه دون أصحابه إذا حضر ويتفقَّده إذا غاب(١) .

أو من عمّار جلدة ما بين عيني رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأنفه. الطيّب المطيّب الذي ملئ إيماناً إلى مشاشه، الذي خلط الإيمان ما بين قرنه إلى قدمه، خلط الايمان بلحمه ودمه، الذي كان مع الحقِّ والحقُّ معه يدور مع الحقِّ أينما دار(٢) .

أعوذ بالله من التقوُّل والتحدّث بالزعمات بلا تعقّل.

١٤ - أخرج ابن عساكر في تاريخه ٦: ١٧٣ من طريق سعيد بن مسلمة بن اميَّة ابن هشام بن عبد الملك بن مروان الأموي عن ابن عمر قال: خرج علينا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أو دخل المسجد وهو آخذٌ بيد أبي بكر وعمر، أحدهما عن يمينه والآخر عن يساره، ثمَّ قال: هكذا نبعث يوم القيامة. ورواه الترمذي.

قال الأميني: حذف بدران مهذِّب تاريخ ابن عساكر إسناد هذه الرواية ستراً على ما فيه من العلل ذاهلاً عن أنَّ في ذكر سعيد بن مسلمة غنى وكفاية، وإسناده كما في « الميزان » عن سعيد عن إسماعيل بن اُميَّة عن نافع عن إبن عمر. قال البخارى في تاريخه: سعيد بن مسلمة عن إسماعيل بن اميّة فيه نظر، يروي عن جعفر بن محمّد عن أبيه عن جدّه مناكير. وقال أيضاً: منكر الحديث. وقال مرَّة: ضعيفٌ. وقال يحيى ابن معين: ليس بشيىء. وقال أبو حاتم: ضعيف الحديث منكره. وقال الدارقطني: هو ضعيف الحديث يعتبر به. وقال ابن حبان: فاحش الخطأ، منكر الحديث جدّاً(٣) .

____________________

١ - راجع الجزء الثامن ص ٣١٥ - ٣٢٦ ط ١، و ٣٠٨ - ٣١٩ ط ٢.

٢ - راجع الجزء التاسع ص ٢٠ - ٢٧ ط ١، ٢.

٣ - تاريخ ابن عساكر ٦: ١٧٤، ميزان الاعتدال ١: ٣٩١، تهذيب التهذيب ٤: ٨٣.

٨٧

وأخرجه الدارقطني من طريق الحارث بن عبد الله المديني مولى بني سليم عن اسحاق بن محمّد الفروي الأموي مولى عثمان عن مالك عن نافع عن ابن عمر. فقال: لا يصحّ والحارث هذا ضعيفٌ. أقول: واسحاق الأموي وهّاه أبو داود جدّاً وقال: لو جاء بذلك الحديث عن مالك يحيي بن سعيد لم يحتمل له. وقال النسائي: متروك وقال أيضاً: ليس بثقة. وقال الدارقطني: ضعيف وقد روى عنه البخاري ويوِّبخونه في هذا. وقال الدارقطني أيضاً: لا يترك. وقال الساجي: فيه لين. روى عن مالك أحاديث تفرَّد بها. وقال العقيلي: جاء عن مالك بأحاديث كثيرة لا يتابع عليها. وقال الحاكم: عيب على محمّد - يعني البخاري - اخراج حديثه وقد غمزوه(١) .

١٥ - أخرج ابن عساكر من طريق سليمان بن بلال بن أبي الدرداء عزيز(٢) بن زيد الأنصاري عن أبيه انّه رأى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأبا بكر عن يمينه وعمر عن يساره فقال: هكذا نكون، ثمَّ هكذا نموت، ثمّ هكذا نبعث، ثمّ هكذا ندخل الجنّة. تاريخ ابن عساكر ٦: ٢٤٦.

قال الأميني: هذا الإسناد فيه وهمٌ واختلاطٌ من ناحية سليمان أوّلاً فإنّ بلال بن أبي الدرداء لم يذكر له ولد يروي عنه، ولا يوجد له قطُّ اسمٌ في المعاجم، والصحيح: سليمان عن بلال عن أبيه، وفي تلك الطبقة غير واحد كلّهم يسمّون سليمان بين كذّاب وضّاع، وبين ضعيف ساقط متروك، وبين مجهول منكر لا يُعرف.

وفي الإسناد وهمٌ من ناحية بلال ثانيا فانَّه لم يدرك النبيَّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ولم يرو عنه قال أبو زرعة: في الطبقة التي تلي الصحابة بلال بن أبي الدرداء توفي سنة ٩٢ - ٩٣ وكان قاضياً على دمشق في ولاية يزيد وبعده حتّى عزله عبد الملك. ولعلّك تهتدي بذلك إلى مبلغه من الثقة والدين.

وبقيَّة رجال السند المحذوفة أسمائهم لا نعرف أحداً منهم حتى نعطي النظر حقَّه، وبمثلها من رواية لا يثبت حقُّ، ولا تعتبر فضيلةٌ.

١٦ - أخرج ابن عساكر في تاريخه ٤: ٢٢٤ من طريق الحسن بن محمّد بن الحسن

____________________

١ - ميزان الاعتدال ١: ٩٣، تهذيب التهذيب ١: ٢٤٨، لسان الميزان ٢: ١٥٤.

٢ - كذا فى النسخ والصحيح المتسالم عليه: عويمر. هو ابو الدرداء المعروف.

٨٨

أبي علي الأبهري المالكي نزيل دمشق إلى شدّاد بن أوس مرفوعاً: أبو بكر أرأف امّتي وأرحمها. وعمر بن الخطاب خير امَّتي وأعدلها. وعثمان أحيا اُمَّتي وأكرمها وأصدقها. وأبو الدرداء أعبد امّتي وأتقاها. ومعاوية أحكم امَّتي وأجودها.

وفي لفظ العقيلي من طريق بشير بن زاذان عن عمر بن صبح عن ركن عن شدّاد بن أوس مرفوعاً: أبو بكر أوزن امَّتي، و ( عمر ) خير امَّتي، وعثمان أحيى أمَّتي، و معاوية أحكم امَّتي. ( لسان الميزان ٢: ٣٧ )

وفي لفظ السيوطي نقلاً عن العقيلي ايضاً: أبو بكر أوزن امَّتي وأرحمها. وعمر خير امّتي وأكملها، وعثمان أحيى امّتي وأعدلها، وعليٌّ أوفى امَّتي وأوسمها، وعبد الله بن مسعود أمين امّتي وأوصلها، وأبوذر أزهد امّتي وأرقّها، وأبو الدرداء أعدل امَّتي وأرحمها، ومعاوية أحلم امَّتي وأجودها. ( اللئالي ١: ٤٢٨ )

قال الاميني: قال الحافظ ابن عساكر: هذا الحديث ضعيفٌ. ونحن على يقين من انَّ الباحث بعد ما أوقفناه على ترجمة رجال الإسناد يحكم بالوضع لا بالضعف كما حكم به الحافظ وإليك الرجال:

١ - بشير بن زاذان. ضعَّفه الدارقطني وغيره، واتَّهمه ابن الجوزي، وقال ابن معين: ليس بشيء، وذكره الساجي وابن الجارود والعقيلي في الضعفاء، وقال ابن عدي: أحاديثه ليس لها نورٌ، وهو ضعيفٌ غير ثقة، يحدِّث عن جماعة ضعفاء وهو بيّن الضعف.

وقال ابن حجر في ترجمته بعد ذكر الحديث: ولا يتابع بشير بن زاذان على هذا ولا يُعرف إلّا به ولمـّا ذكر له ابن الجوزي حديثاً في فضل الصّحابة قال: هو المتَّهم به عندي فإمّا أن يكون من فعله، أو من تدليسه من الضعفاء. وقال ابن حبّان: غلب الوهم على حديثه حتّى بطل الإحتجاج(١) .

٢ - عمر بن صبح أبو نعيم الخراساني، قال ابن راهويه: أخرجتْ خراسان ثلاثة لم يكن لهم في الدنيا نظيرٌ في البدعة والكذب: جهم بن صفوان. عمر بن صبح. مقاتل بن سليمان. وقال البخاري في التاريخ الأوسط: حدّثني يحيي اليشكري عن عليِّ بن جرير سمعت عمر بن صبح يقول: أنا وضعت خطبة النبيِّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقال أبو حاتم وابن

____________________

١ - ميزان الاعتدال ١: ١٥٢، لسان الميزان ٢: ٣٧.

٨٩

عدي: منكر الحديث. وقال ابن حبّان: يضعّ الحديث على الثقات لا يحلّ كتب حديثه إلّا على وجه التعجّب. وقال الأزدي: كذّابٌ. وقال الدارقطني: متروكٌ. وقال ابن عدي: عامَّة ما يرويه غير محفوظ لا متناً ولا اسناداً. وقال النسائي: ليس بثقة. وقال - العقيلي: ليس حديثه بالقائم وليس بالمعروف بالنقل. وقال أبو نعيم: روى عن قتادة و مقاتل الموضوعات. ميزان الاعتدال ٢: ٢٦٢، تهذيب التهذيب ٧: ٤٦٣.

٣ - ركن الشامي، وهّاه ابن المبارك، وقال يحيي: ليس بشيء. وقال النسائي والدارقطني: متروكٌ. وقال أبو أحمد الحاكم: يروي عن مكحول أحاديث موضوعة. وقال ابن الجارود: ليس بثقة. وعن ابن حماد: انّه متروك الحديث. وقال عبد الله بن المبارك. لإن أقطع الطريق أحبّ إليَّ من أن أروي عن عبد القدّوس الشامي، وعبد القدّوس خيرٌ من مائة مثل ركن. تاريخ ابن عساكر ٥: ٣٢٧، تاريخ الخطيب ٨: ٤٣٦، ميزان الإعتدال ١: ٣٤٠، لسان الميزان ٢: ٤٦٢.

هذا شأن إسناد الرواية ونكل النظرة إليها متناً إلى سعة باع الباحث ثقةً بوقوفه على ما فصّلناه في أجزاء كتابنا هذا ممّا تُعرف به جليّة الحال.

لفظ آخر باسناد آخر:

عن عليِّ بن عبد الله عن عليِّ بن أحمد عن خلف بن عمرو العكبري عن محمد بن إبراهيم عن يزيد الخلّال عن أحمد بن القاسم بن مهران عن محمّد بن بشير بن زاذان عن عكرمة عن ابن عبّاس قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أبو بكر خير اُمّتي وأتقاها، وعمر اُعزّها وأعدلها، وعثمان أكرمها وأحياها، وعليُّ ألبُّها وأوسمها، وابن مسعود آمنها وأعدلها، وأبو ذر أزهدها وأصدقها، وأبو الدرداء أعبدها، ومعاوية أحلمها وأجودها.

قال السيوطي في اللئالي المصنوعة ١: ٤٢٨: في هذا الطريق ايضاً مجروحون، و قد خلط بشير بن زاذان في إسناده.

ونحن نقول: لو لم يكن في الإسناد من المجروحين إلّا يزيد الخلّال لكفاه علّة، قال يحيى بن معين: كذّابٌ، وقال أبو سعيد: قد أدركت يزيد هذا وهو ضعيفٌ قريب ممّا قال يحيى(١) . وقال أبو داود: ضعيفٌ، وقال الدارقطني: ضعيفٌ جِدّاً، وقال

____________________

١ - تاريخ الخطيب ١٤: ٣٤٨: ميزان الاعتدال ٣: ٣١٨.

٩٠

ابن عدي: ليس بذاك المعروف(١) .

١٧ - عن أنس بن مالك قال: بعث النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم رجلاّ من أصحابه يقال له سفينة بكتاب إلى معاذ إلى اليمن فلمّا صار في الطريق إذا بالسبع رابض في وسط الطريق فخاف أن يجوز فيقوم إليه فقال: أيُّها السبع إنِّي رسول رسول الله إلى معاذ، وهذا كتاب رسول الله. فقام السبع فهرول قدّامه غلوة ثمَّ همهم ثمَّ صرخ وتنحّي عن الطريق، فمضى بكتاب رسول الله إلى معاذ، ثمَّ رجع بالجواب فإذا هو بالسبع فخاف أن يجوز فقال: ايُّها السبع إنّي رسول رسول الله من عند معاذ، وهذا جواب كتاب رسول الله من معاذ. فقام السبع فصرخ ثمَّ همهم ثمَّ تنحّى عن الطريق، فلمّا قدم أخبر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بذلك فقال: أوَ تدرون ما قال اوَّل مرَّة؟ قال: كيف رسول الله وأبو بكر وعمر وعثمان وعليّ؟ وأمّا الثاني: فقال: إقرأ رسول الله وأبا بكر وعمر وعثمان وعليّاً وسلمان وصهيباً وبلالاً منّي السّلام.

( تاريخ ابن عساكر ٣: ٣١٤ ).

قال الأميني: مثل هذه الرواية التي فيها أعلام النبوّة، وكرامة الخلفاء، وفضل جمع من الصحابة لا بدَّ من أن تلوكه الأشداق، وتتداوله الألسن، وتكثر روايته في المجامع والأندية، ولا تخصّ بحافظ الشام بين أئمة الحديث وحفّاظه، وقد تفرَّد به ابن عساكر، وقال ابن بدران في غير موضع: كلَ ما تفرّد به ابن عساكر فهو ضعيفٌ راجع تاريخه ج ٤: ٢٣٦، و ج ٥: ١٨٣، ١٨٤، وعلى الرواية نفسها من ملامح الإفتعال ما لا يخفي.

وما أعرف هذا السبع بالخلفاء حتى ذكرهم مرَّتين، وأهدى إليهم السَّلام على ترتيب خلافتهم، فكأنَّ علم الغيب اُلقي إلى السباع شطره فعرفوا خلفاء النبيِّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قبل أن يُستخلفوا، وعرفت من الصحابة اناساً ليسوا هم في الغارب والسنام، كما انّها جهلت بأناس هم في الذروة العالية من جلالة الصحبة وعظمتها، فحذفت عمّن سلّم عليهم أسمائهم وبلغ تزلّفها إلى الطبقة الواطئة من الموالي، أو هكذا تكون رشحات عالم الغيب؟ أم هكذا تخبط السِّباع خبط عشواء؟ أم هذه كلّها جناية الغلوّ في الفضائل؟.

____________________

١ - لسان الميزان ٦: ٢٩٣.

٩١

١٨ - أخرج ابن عساكر في تاريخه ٢: ٨٥ من طريق أحمد بن محمّد الأنصاري الجبيلي(١) عن ابن عمر قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إذا كان يوم القيامة نادى مناد من بطنان العرش: انّ من له عند الله حقٌ فليأت، قلنا: يا رسول الله؟ ومن له على الله حقُّ؟ قال: من أحبَّ أبابكر وعمر وعثمان، ومَن لم يُفضِّل عليهم أحداً.

قال الأميني: قال ابن عساكر: هذا الحديث غريبٌ جدّاً والعهدة فيه على أحمد ابن محمّد الجبيلي.

والأنصاري ترجمه الذهبي في ميزان الإعتدال ١: ٧٣ فقال: ليس بثقة نزل الجزيرة، وهّاه ابن حبّان وغير واحد. وقال ابن حجر في لسان الميزان ١: ٣٠٢: حديثٌ منكر.

ومتن الحديث كما ترى أقوى شاهد على بطلانه، وانَّما هو رأي ابن عمر فحسب يشذّ عن الكتاب والسّنة كما فصّلنا القول حوله في الحديث الرابع، فليضرب به عرض الحائط.

١٩ - أخرج ابن عساكر من طريق إبراهيم بن محمَّد بن أحمد القرميسيني عن أنس بن مالك مرفوعاً: من أحبَّ أن ينظر إلى إبراهيمعليه‌السلام في خلّته فلينظر إلى أبي بكر في سماحته، ومن أحبَّ أن ينظر إلى نوح في شدَّته فلينظر إلى عمر بن الخطاب في شجاعته ومن أحبَّ أن ينظر إلى إدريس في رفعته فلينظر إلى عثمان في رحمته، ومن أحبَّ أن ينظر إلى يحيي بن زكريّا في جهادته فلينظر إلى عليَّ بن ابي طالب في طهارته. ( تاريخ الشام ٢: ٢٥١ )

قال ابن عساكر: هذا الحديث شاذُّ بالمرَّة، وفي إسناده جماعةٌ ممَّن أمرهم مجهولٌ لا يُعرف حالهم فلا يوثق بهم وهو إلى الوضع أقرب منه إلى الضعف.ا ه.

قال الأميني: حذف ابن بدران مهذّب التاريخ سند الرواية وهو كما في لسان الميزان ٤: ٣١٧، القرميسيني عن عمر بن عليِّ بن سعيد عن يونس عن محمّد بن القاسم عن أبي يعلى عن محمّد بن بكار عن ابن أبي ثابت البناني عن أنس.

وقال: قال عقبة: هذا إسناد عمر، وفي إسناده غير واحد مجهول. وقال الذهبي في الميزان ٢: ٢٦٦: إسنادٌ مظلمٌ بخبر لم يصحّ.

____________________

١ - فى لسان الميزان الحنبلى.

٩٢

٢٠ - عن عمر بن عبد المجيد الميانشي ثنا مسلمة ثنا أبو سعد محمّد بن سعيد الريحاني وعاش عشرين ومائة سنة قال: حدَّثنا: أبو سالم عبد الله بن سالم وعاش مائة وثلاثين سنة، حدّثني أبو الدنيا محمّد(١) بن الأشج حدَّثني عليّ بن أبي طالب رفعه: ما كان رُفع ألعرش إلّا بحبِّ أبي بكر وعمر وعثمان وعليّ. الحديث.

قال ابن السمعاني في حديث رواه بالطريق المذكور: هذا حديثٌ باطلٌ ورجاله مجاهيل. لسان الميزان ٣: ١٥٥.

وقال الذهبي: أبو الدنيا الأشج كذّاب طرقيُّ. وقال: حدّث بقلّة حياء بعد الثلاث مائة عن عليِّ بن أبي طالب رضي الله عنه، فافتضح بذلك وكذّبه النقَّادون، قال الخطيب: علماء النقل لا يثبتون قوله، مات سنة سبع وعشرين وثلاثمائة، وللحفّاظ فيه وفي بطلان حديثه كلمات ضافيةٌ راجع لسان الميزان ٤: ١٣٤ - ١٤٠.

٢١ - أخرج العقيلي في الضعفاء من طريق المقري عن عمر بن عبيد البصري أبي حفص الخزّاز عن سهيل بن ذكوان المدني عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه رفعه: أفضل هذه الامَّة بعد نبيِّها أبو بكر ثمَّ عمر ثمَّ عثمان.

قال الأميني: عمر بن عبيد ضعّفه أبو حاتم كان بيّاع الخمر كما ذكره ابن حبّان والذهبي(٢) وفيه سهيل قال الدوري عن ابن معين: سهيل والعلاء بن عبد الرَّحمن حديثهما قريبٌ من السَّواء وليس حديثهما بحجّة، وقال: لم يزل أصحاب الحديث يثقون حديثه وقال: ضعيفٌ، وسُئل مرَّة فقال: ليس بذاك، وقال غيره: إنّما أخذ عنه مالك قبل التغير. وقال أبو حاتم: يكتب حديثه ولا يحتجُّ به. وذكره ابن حبان في الثقات وقال: يخطئ. وذكر العقيلي عن يحيى انّه قال: هو صويلح وفيه لينٌ.

ميزان الإعتدال ١: ٤٣٢، تهذيب التهذيب ٤: ٢٦٤.

٢٢ - ذكر القاضي أبو يوسف في الآثار ص ٢٠٧ عن أبي حنيفة: إنَّ رجلاً أتى عليّاً رضي الله عنه فقال: ما رأيت أحداً خيراً منك فقال له: هل رأيت النبيَّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؟ قال: لا. قال: فهل رأيت أبا بكر وعمر رضي الله عنهما؟ قال: لا. قال: لو أخبرتني: انَّك

____________________

١ - اسمه عثمان، ومحمد تصحيف.

٢ - راجع ميزان الاعتدال ٢: ٢٦٥، لسان الميزان ٤: ٣١٦.

٩٣

رأيت النبيَّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ضربت عنقك، ولو أخبرتني: انّك رأيت أبا بكر وعمر لأوجعنَّك عقوبة.

قال الأميني: إنَّك لو أمعنت النظر فيما ذكرناه في ترجمة أبي يوسف في ج ٨ ص ٣٠، ٣١ طبع ١، لأغناك عن مؤنة البرهنة على تفنيد هذه الرواية وما يجري مجراها.

على انَّها مضادَّةٌ لما ثبت عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من أنَّ عليّاً خير البشر وما جاء عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من تأويل قوله سبحانه: اولئك هم خير البريَّة. بعليّعليه‌السلام وشيعته(١)

فالرواية مخالفةٌ للكتاب والسنَّة فأحر بِها أن تُضرب عرض الجدار. وانّها على طرف نقيض مع نظريَّة أمير المؤمنينعليه‌السلام في نفسه عند مقايستها مع القوم، فهو الذي يقول: متى وقع الشكّ فيَّ مع الأوَّل حتى صرت اُقرن بهذه النظائر. ويقول: لقد تقمَّصها ابن أبي قحافة وهو يعلم انَّ محلّي منها محلّ القطب من الرحى. إلى كثير ممّا يشبه بعضه بعضاً من نظائر هذا القول. راجع غير واحد من أجزاء هذا الكتاب.

٢٣ - أخرج ابن عدي عن محمّد بن نوح، ثنا جعفر بن محمّد الناقد، ثنا عمّار بن هارون المستملي البصري، نا قزعة بن سويد البصري، عن ابن أبي مليكة، عن ابن عبّاس رفعه: ما نفعني مالٌ ما نفعني مال أبي بكر. وفيه: وأبو بكر وعمر منِّي بمنزلة هارون من موسى.

وأخرجه من طريق ابن جرير الطبري عن بشير بن دحية عن قزعة بن سويد(٢) أقول: في الإسناد عمّار المستملي الدلال، قال أبو الضريس: سألت ابن المديني عنه فلم يرضه، وقال ابن عدي: عامَّة ما يرويه غير محفوظ. وقال ايضاً: يسرق الحديث. وقال العقيليّ: قال لي موسى بن هارون: عمّار أبو ياسر متروك الحديث. وقال الخطيب: سمع منه أبو حاتم ولم يرو عنه وقال: متروك الحديث وقال ابن حبّان: ربما أخطأ.

[ميزان الاعتدال ٢: ٢٤٥، تهذيب التهذيب ٧: ٤٠٧]

وفيه قزعة أبو محمَّد البصري، قال أحمد: مضطرب الحديث وقال أيضاً: شبه المتروك. وقال أبو حاتم: ليس بذاك القويِّ محلّه الصِّدق وليس بالمتين يكتب حديثه ولا يحتجُّ به،

____________________

١ - راجع ما مر فى ج ٢: ٥٧ ط ٢، و ج ٣: ٢٢ ط ٢.

٢ - ميزان الاعتدال ٢: ٢٤٥، لسان الميزان ٢: ٢٣.

٩٤

وقال البخاري: ليس بذاك القويّ. وقال الآجري: سألت أبا داود عن قزعة فقال: ضعيفٌ كتبت إلى العبّاس العنبري أسأله عنه فكتب إليَّ أنَّه ضعيفٌ، وقال النسائي: ضعيفٌ وقال ابن حبّان: كان كثير الخطأ فاحش الوهم، فلمّا كثر ذلك في روايته سقط الإحتجاج بأخباره، وقال البزّار: لم يكن بالقويِّ. وقال العجلي: فيه ضعيفٌ(١)

وفي إسناد الطبري بشر بن دحية، ضعّفه الذهبي وقال بعد رواية هذا الحديث عنه: هذا كذبٌ ومَن بشر؟ وقال: قزعة ليس بشيء(٢) .

٢٤ - أخرج الحافظ العاصمي في زين الفتى شرح سورة هل أتى من طريق الحاكم أبي أحمد عن أبي ميمون أحمد بن محمّد بن ميمون بن كوثر بن حكيم الهمداني بحلب عن إسحاق بن إبراهيم بن الأخيل العبسي عن ميسر(٣) بن اسماعيل، عن الكوثر بن حكيم الهمداني عن نافع عن ابن عمر مرفوعاً: إنَّ أرأف امَّتي لها أبو بكر، وإنَّ أجلّها في أمر الله لعمر، وانَّ أشدّها حياءً عثمان، وإنَّ أقضاها لعليّ، وانَّ اقرأها لاُبيّ، وانَّ أفرضها زيد بن ثابت، وانّ أصدقها لهجة أبو ذر، وانّ أعلمها بالحلال والحرام لمعاذ بن جبل، وانَّ حبر هذه الاُمّة عبد الله بن عبّاس، ولكلِّ امّة أمين وأمين هذه الاُمَّة أبو عبيدة الجراح.

قال الأميني: في الإسناد مجاهيل يروي واحد عن آخر عن كوثر وهو كما قال أبو زرعة: ضعيفٌ. وقال يحيى بن معين: ليس بشيىء. وقال أحمد بن حنبل: أحاديثه بواطيل ليس بشيىء. وقال الدارقطني وغيره مجهولٌ، وقال: ضعيفٌ منكر الحديث، وقال الجوزجاني: لا يحلّ كتابة حديثه عندي لأنّه متروك، وقال ابن عدي: عامَّة ما يرويه غير محفوظ، وقال ابن ابي حاتم؟ سألت أبي عنه فقال: ضعيف الحديث، قلت: هو متروك؟ قال: لا، ولا أعلم له حديثاً مستقيماً وهو ليس بشيء، وقال الساجي: ضعيفٌ. وقال - البرقاني والدارقطني: متروك الحديث، وقال الحاكم وأبو نعيم: روى أحاديث مناكير

____________________

١ - ميزان الاعتدال ٢: ٣٤٧.

٢ - ميزان الاعتدال ٢: ٢٤٥، لسان الميزان ٢: ٢٣.

٣ - كذا والصحيح بشر بن اسماعيل. ولا يهمنا عرفان الصحيح من السقيم فى المقام إذ بشر ايضاً كميسر مجهول منكر لا يعرف كما فى لسان الميزان.

٩٥

وذكره العقيلي والدولابي وابن الجارود وابن شاهين في الضعفاء، وقال أبو الفتح: ضعيفٌ(١) .

٢٥ - أخرج الحافظ العاصمي في زين الفتى عن سلسلة مجاهيل تنتهي إلى عليّ بن يزيد عن أبي سعد البقّال عن أبي محجن قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إنَّ أرأف الناس بهذه الاُمّة ابو بكر الصدِّيق، وأقواها بأمر الله عمر، وأشدَّها حياء عثمان، وأعلمها بفصل قضاء عليّ بن أبي طالب، وأعلمها بحساب الفرائض زيد بن ثابت، وأعلمها بناسخ من منسوخ معاذ بن جبل، وأقرأها اُبيّ بن كعب، ولكلّ اُمّة أمين وأمين هذه الاُمّة أبو عبيدة بن الجرّاح.

قال الأميني: من رجال الإسناد بعد المجاهيل عليّ بن يزيد وهو أبو الحسن الكوفي الأكفاني نظراً إلى طبقته، قال أبو حاتم: ليس بقويّ منكر الحديث عن الثقات، وقال ابن عدي: أحاديثه لا تشبه أحاديث الثقات وعامّة ما يرويه لا يتابع عليه(٢) .

عن أبي سعد البقّال الكوفي سعيد بن المرزبان الأعور قال ابن معين: ليس بشيء لا يكتب حديثه، وقال عمرو بن علي: ضعيف الحديث، متروك الحديث، وقال أبو زرعة: ليّن الحديث مدلّس، وقال البخاري: منكر الحديث، وقال أبو حاتم: لا يحتجّ بحديثه، وقال النسائي: ضعيفٌ، وقال ايضاً، ليس بثقة ولا يكتب حديثه، وقال الدارقطني: متروكٌ. وقال الساجي: صدوقٌ فيه ضعفٌ، وقال العجلي: ضعيفٌ، وقال ابن حبّان: كثير الوهم فاحش الخطأ(٣) وقال ابن حجر في الإصابة ٤: ١٧٤: أبو سعيد ضعيفٌ ولم يدرك أبا محجن.عن

أبي محجن الثقفي وما أدراك ما الثقفي: كان يُدمن الخمر، منهمكاً في الشراب، حدَّه عمر في سبع مرّات ونفاه إلى جزيرة في البحر، وبعث معه رجلاً فهرب منه، وهو صاحب الشعر الدائر السائر:

إذا متُّ فادفنِّي إلى جنب كرمة

تروّي عظامي بعد موتي عروقها

____________________

١ - ميزان الاعتدال ٢: ٣٥٩، لسان الميزان ٤: ٤٩١.

٢ - تهذيب التهذيب ٧: ٣٩٥.

٣ - تهذيب التهذيب ٤: ٧٩.

_٦_

٩٦

ولا تدفننِّي بالفلاة فانَّني

أخاف إذا ما متُّ أن لا أذوقها

هذا أبو محجن فانظر ماذا ترى، وأنت بين أمرين إمّا أن تأخذ بكتاب الله وفيه قوله تعالى: إن جاءكم فاسقٌ بنبأ فتبيّنوا(١) وإمّا أن تجنح إلى ما جاء به القوم من خرافة: الصحابة كلّهم عدول. لا يستوي الحسنة ولا السيِّئة، لا يستوي أصحاب النار و أصحاب الجنّة، لا يستوي الخبيث والطيّب، أفمن كان مؤمناً كمن كان فاسقاً لا يستوون.

٢٦ - أخرج الحافظ العاصمي في زين الفتى باسناده عن أبي علي الهروي عن المأمون عن أحمد بن سعد العبادي عن يزيد بن هارون عن عبد الأعلى بن مسافر عن الشعبي عن المصطلقي رجلٌ من بني المصطلق قال: بعثني قومي بنو المصطلق إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يسألون إلى مَن يدفعون صدقاتهم بعد وفاته فلقيني عليُّ بن ابي طالب فسألني فقلت: اُرسلني قومي بنو المصطلق إلى رسول الله فسألونه إلى مَن يدفعون صدقاتهم بعده فقال عليٌّ: إذا سألته فأخبرني ما قال لك فأتى رسول الله فأخبره أنّ قومه أرسلوه يسألونه إلى مَن يدفعون صدقاتهم بعدك؟ فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إدفعوها إلى أبي بكر فرجع المصطلقي إلى عليّ فأخبره فقال له عليّ: ارجع إليه فسائله إن كان أبو بكر يموت إلى مَن يدفعونها؟ فأتاه فسأله فقال: ادفعوها إلى عمر. فرجع إلى عليّ فأخبره فقال له عليٌّ: ارجع فقل له: إن كان عمر يموت إلى مَن يدفعونها؟ فقال: ادفعوها إلى عثمان. فرجع إلى عليّ فأخبره فقال له عليٌّ: ارجع فسائله إلى مَن يدفعونها بعد عثمان، فقال له - الرجل: انِّي لأستحي أن أرجع بعد هذا.

قال الأميني: هلمَّ معي نقرأ صحيفة ممّا جاء في رجال إسناد هذه الرواية التي تُبنى عليها وعلى أمثالها الخلافة الإسلاميّة عند بعض رجالات القوم.

١ - أبو عليّ الهروي هو أحمد بن عبد الله الجويباري(٢) قال ابن عدي: كان يضع الحديث لابن كرام على ما يريده، فكان ابن كرام يخرجها في كتبه عنه. وقال ابن حبّان: دجّالٌ من الدجاجلة، روى عن الأئمَّة اُلوف حديث ما حدَّثوا بشيء عنها. وقال النسائي: كذّابٌ. وقال الذهبي: ممّن يُضرب المثل بكذبه، وقال البيهقي: إنِّي أعرفه

____________________

١ - الحجرات: ٤٩.

٢ - الجويبار من اعمال الهراة ويعرف بستوق.

٩٧

حقَّ المعرفة بوضع الأحاديث على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فقد وضع عليه أكثر من ألف حديث وسمعت الحاكم يقول: هو كذّابٌ خبيث ووضع كثيراً في فضائل الأعمال لا تحلُّ رواية حديثه من وجه، وقال الخليلي: كذّابٌ يروي عن الأئمّة أحاديث موضوعة، وكان يضع لابن كرام أحاديث مصنوعة، وكان ابن كرام يسمعها وكان مغفّلاً. وقال أبو سعيد النقاش: لا نعرف أحداً أكثر وضعاً منه. إلى كلمات اُخرى لِدة هذه.

ميزان الاعتدال ١: ٥٠، لسان الميزان ١: ١٩٣، اللئالي المصنوعة ١: ٢١، الغدير ٥: ٢١٤ ط ٢.

٢ - المأمون بن أحمد السلمي الهروي يروي عنه الجويباري، قال ابن حبّان: دجّالٌ. وقال ابن حبّان ايضاً: سألته متى دخلت الشام؟ قال: سنة خمسين ومأتين، قلت: فإنَّ هشاماً الذي تروي عنه مات سنة خمس وأربعين ومائتين، فقال: هذا هشام بن عمّار آخر. وممّا وضع على الثقات ( فذكر حديثاً ) ثمَّ قال: وانّما ذكرته ليعرف كذبه لأنَّ الأحداث كتبوا عنه بخراسان. وقال أبو نعيم: خبيثٌ وضّاعٌ يأتي عن الثقات مثل هشام ودحيم بالموضوعات، ومثله يستحقُّ من الله تعالى ومن الرسول ومن المسلمين اللعنة. و قال الحاكم في المدخل بعد ذكر حديث عنه: ومثل هذه الأحاديث يشهد من رزقه الله أدنى معرفة بانَّها موضوعةٌ على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أو كما قال. وقال الذهبي: أتى بطامّات وفضائح. ميزان الإعتدال ٣: ٤، لسان الميزان ٥: ٧.

٣ - أحمد بن سعد العبادي، لا أعرفه ولم أجد له ذكراً في الكتب والمعاجم.

٤ - عبد الأعلى بن مسافر ( الصحيح: ابن أبي المساور ) الزهري أبو مسعود الجرّار الكوفي نزيل المدائن. قال ابن معين: ليس بشيء. زاد ابراهيم: كذابٌّ، وعن ابن معين ايضاً ليست بثقة. وعن عليِّ بن المديني: ضعيفٌ ليس بشيء. وقال ابن عمّار الموصلي: ضعيفٌ ليس بحجّة. وقال أبو زرعة: ضعيفٌ جدّاً، وقال أبو حاتم: ضعيف الحديث يشبه - المتروك، وقال البخاري: منكر الحديث، وقال أبو داود: ليس بشيء. وقال النسائي: متروك الحديث. وقال في موضع آخر: ليس بثقة ولا مأمون. وقال ابن نمير: متروك الحديث. وقال الدارقطني: ضعيفٌ: وقال الحاكم أبو أحمد: ليس بالقويِّ عندهم. وقال الساجي: منكر الحديث. وقال أبو نعيم الإصبهاني: ضعيفٌ جِدّاً ليس بشيء.

٩٨

تهذيب التهذيب ٦: ٤٨.

٢٧ - أخرج البخاري في تاريخه الكبير ٤ ق ٢: ٤٤٢ عن إسحاق بن ابراهيم عن عمرو بن الحارث الزبيدي عن ابن سالم عن الزبيدي قال حميد بن عبد الله عن عبد - الرَّحمن بن أبي عوف، عن ابن عبد ربّه عن عاصم بن حميد قال: كان أبو ذر يقول: إلتمست النبيَّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في بعض حوائط المدينة فإذا هو قاعدٌ تحت نخلة فسلّم عليَّ النبيُّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال: ما جاء بك؟ فقال: جئت النبيَّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فأمره أن يجلس وقال: ليأتينا رجلٌ صالح فسلّم أبو بكر، ثمَّ قال: ليأتينا رجلٌ صالحٌ فجاء عمر فسلّم، وقال: ليأتينا رجلٌ صالح فأقبل عثمان بن عفان، ثمَّ جاء عليٌّ فسلّم فردَّ عليه مثله، ومع النبيِّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حصيات فسبَّحن في يده فناولهنَّ أبا بكر فسبَّحن في يده، ثمَّ عمر فسبَّحن في يده، ثمَّ عثمان فسبَّحن في يده.

رجال الإسناد:

١ - إسحق بن إبراهيم الحمصي المعروف بابن زبريق، قال النسائي: ليس بثقة وقال محمّد بن عون: ما أشكّ أنَّ إسحاق بن زبريق يكذب(١) .

٢ - عمرو بن الحارث الحمصي، قال الذهبي: لا تُعرف عدالته(٢) .

٣ - عبد الله بن سالم الشامي الحمصي. كان يذمُّه أبو داود لقوله: أعان عليُّ على قتل أبي بكر وعمر(٣) فالرجل ناصبيٌّ لا يُصغى إلى قيله وأحسب انّه آفة الرواية وهي كما ترى يطفح النصب من جوانبها.

٤ - حميد بن عبد الله أو حميد بن عبد الرحمن، مجهولٌ لا يعرف.

٥ - ابن عبد ربّه، إن كان هو محمّد المروزي فهو ضعيفٌ كما في لسان الميزان ٥: ٢٤٤، وإن كان غيره فهو مجهولٌ، ونفس البخاري الذي ذكره لا يعرف منه إلّا أنَّه [ابن عبد ربّه] ولا يسمِّيه ولا يذكر له غير روايته هذه.

٦ - عاصم بن حميد الحمصي الشامي، قال البزار: لم يكن له من الحديث ما نعتبر

____________________

١ - تهذيب التهذيب ١: ٢١٦.

٢ - تهذيب التهذيب ٨: ١٤.

٣ - تهذيب التهذيب ٥: ٢٢٨.

٩٩

به حديثه، وقال ابن القطّان: لا نعرف انَّه ثقةٌ(١)

٧ - أبو ذر الغفاري، أنا لا أدري انَّ أبا ذر هذا هل هو الذي يقول فيه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ما أظلّت الخضراء ولا أقلّت الغبراء على ذي لهجة أصدق من أبي ذر؟ أو الذي يقول فيه عثمان: انَّه شيخٌ كذّابٌ، ورآه أهلاً لأن يهلك في المنفى؟ ولست أدري من الحَكم هيهنا هل الذي يخضع لقول النبيِّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؟ أو الذي يبرِّر موقف عثمان ويبرءه عن كلِّ شِيَة، وعلى كلّ ففي مَن قَبَله من رواة السوء كفاية في تفنيد الحديث.

ولعلّ الباحث بعد قرائة ما سردناه من حديث أبي ذر ومواقفه ونقمته على عثمان وما جرى بينهما لا يذعن قطُّ بهذه الأفيكة ولا يصدِّق أن يكون أبو ذر الصّادق المصدَّق هو صاحب هذه الرواية المختلقة.

وهذا الإسناد الملفّق من رجال حمص(٢) يذكّرني قول ياقوت الحموي في معجم البلدان ٣: ٣٤١ قال: ومن عجيب ما تأمّلته من أمر حمص فساد هوائها وتربتها اللذين يفسدان العقل حتّى يضرب بحماقتهم المثل، انَّ أشدَّ النّاس على عليّ رضي الله عنه بصفين مع معاوية كان أهل حمص، وأكثرهم تحريضاً عليه وجِدّاً في حربه، فلمّا انقضت تلك الحروب ومضى ذلك الزمان صاروا من غلاة الشيعة، حتى أنَّ في أهلها كثيراً ممّن رأى مذهب النُصيريّة، وأصلهم الإماميَّة الذين يسبّون السلف، فقد التزموا الضّلال أوّلاً وأخيراً، فليس لهم زمانٌ كانوا فيه على الصواب.

لفظ آخر باسناد آخر:

أخرج البيهقي عن أبي الحسن عليّ بن أحمد بن عبدان عن أحمد بن عبيد الصفّار عن محمّد بن يونس الكديمي عن قريش بن أنس عن صالح بن أبي الأخضر عن الزهري عن رجل يقال له: سويد بن يزيد السلمي [أو: الوليد بن سويد] قال: سمعت أبا ذر يقول: لا أذكر عثمان إلَّا بخير بعد شيء رأيته، كنت رجلا أتّبع خلوات رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فرأيته يوماً جالساً وحده فاغتنمت خلوته فجئت حتّى جلست إليه فجاء أبو بكر فسلّم عليه ثمَّ جلس عن يمين رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ثمَّ جاء عمر فسلّم وجلس عن يمين أبي بكر،

____________________

١ - تهذيب التهذيب ٥: ٤٠.

٢ - بالكسر ثم السكون والصاد المهملة بلد كبير بين الشام وحلب فى نصف الطريق يذكر ويؤنث.

١٠٠

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

ثمّ عَدَّرضي‌الله‌عنه نبذةً من شيم المهدي وأخلاقه النبويّة ، التي تكون فيه على جدّه وعليه الصلاة والسلام ، ونحن نذكرها في أحوال العارف الجندي ( قدّس سرّه ) إن شاء الله تعالى )(١) .

الخواجه محمّد پارسا

وقال الخواجا السيد محمّد پارسا في كتاب (فصل الخطاب ) :

( ولمّا زعم أبو عبد الله جعفر بن أبي الحسن علي الهاديرضي‌الله‌عنه أنّه لا ولد لأخيه أبي محمّد الحسن العسكريرضي‌الله‌عنه ، وادّعى أنّ أخاه الحسن العسكريرضي‌الله‌عنه جعل الإمامة فيه سمّي : الكذّاب ، وهو معروف بذلك ، والعقب من ولد جعفر بن علي هذا في علي بن جعفر ، وعقب علي هذا في ثلاثة : عبد الله وجعفر وإسماعيل .

وأبو محمّد الحسن العسكري ولده محمّد ( رضي الله عنهما ) معلوم عند خاصّة أصحابه وثقات أهله .

ـــــــــــــــــ

(١) المكاشفات في الحاشية على نفحات الأنس ـ ترجمة علي بن سهل الأصبهاني .

١٦١

ويروى أنّ حكيمة بنت أبي جعفر محمّد الجوادرضي‌الله‌عنه عمّة أبي محمّد الحسن العسكريرضي‌الله‌عنه كانت تحبّه وتدعو له وتتضرّع أن ترى له ولداً ، وكان أبو محمّد الحسن العسكري اصطفى جاريةً يُقال لها نرجس ، فلمّا كان ليلة النصف من شعبان سنة خمس وخمسين ومائتين ، دخلت حكيمة فدعت لأبي محمّد الحسن العسكري ، فقال لها :يا عمّة ! كوني الليلة عندنا لأمر ، فأقامت كما رسم ، فلمّا كان وقت الفجر اضطربت نرجس ، فقامت إليها حكيمة ، فلمّا رأت المولود أتت به أبا محمّد الحسن العسكريرضي‌الله‌عنه وهو مختون مفروغ منه ، فأخذه وأمرّ يده على ظهره وعينيه وأدخل لسانه في فمه وأذّن في أُذنه اليمنى وأقام في الأُخرى ، ثمّ قال :يا عمّة ! اذهبي به إلى أُمّه ، فذهبت به وردّته إلى أُمّه .

قالت حكيمة : فجئت إلى أبي محمّد الحسن العسكريرضي‌الله‌عنه ، فإذا المولود بين يديه في ثيابٍ صفر ، وعليه من البهاء والنور ما أخذ بمجامع قلبي ، فقلت : سيّدي ، هل عندك من علمٍ في هذا المولود المبارك فتلقيه إليّ ؟

فقال :( أي عمّة ! هذا المنتظر ، هذا الذي بُشّرنا به )

فقالت حكيمة : فخررت لله تعالى ساجدةً شكراً على ذلك .

قالت : ثمّ كنت أتردّد إلى أبي محمّد الحسن العسكريرضي‌الله‌عنه ، فلمّا لم أره فقلت له يوماً : يا مولاي ! ما فعل سيّدنا ومنتظرنا ؟

قال :استودعناه الذي استودعته أُمّ موسى ابنها )(١) .

ـــــــــــــــــ

(١) انظر : ينابيع المودّة ٣ : ١٧١ عن كتاب فصل الخطاب .

١٦٢

ترجمة خواجه پارسا

هو : الحافظ محمّد بن محمّد بن محمود البخاري المعروف بخواجة پارسا ، المتوفّى سنة ٨٢٢ .

قال الكفوي في كتابه في تراجم فقهاء الحنفيّة :

( محمّد بن محمّد بن محمود الحافظي البخاري المعروف بخواجه محمّد پارسا ، أعزّ خلفاء الشيخ الكبير خواجة بهاء الدين نقشبند ...

ولد سنة ٧٥٦ ، وقرأ العلوم على علماء عصره ، وكان قد بهر على أقرانه في دهره ، وحصّل الفروع والأُصول ، وبرع في المعقول والمنقول وكان شابّاً .

أخذ الفقه عن قدوة وبقيّة أعلام الهدى الشيخ الإمام العارف الولي أبي الطاهر محمّد بن الحسن بن علي الطاهر ، وأخذ الفروع والأُصول عن المولى العالم الكامل إلياس بن يحيى بن حمزة الرّومي ) .

وقال صاحب حبيب السير :

( كان من أولاد عبد الله بن جعفر الطيّار ، توجّه في المحرّم سنة ٨٢٢ لأداء فريضة الحج وزيارة قبر خير الأنام عليه الصلاة والسلام ...

وبعد أن وصل إلى مكّة وفرغ من المناسك ، مرض مرضاً شديداً فتوجّه إلى المدينة المنوّرة ودخلها في يوم الأربعاء الثالث والعشرين من شهر ذي الحجّة ، وتوفّي في يوم الخميس ، فصلّى عليه مولانا شمس الدين الفناري ، ودفن بجوار العبّاس ـ عليه السلام ـ ) .

الشيخ عبد الرحمان الجامي

والشيخ عبد الرحمان بن أحمد الجامي في كتابه (شواهد النبوّة ) :

ذكر المهدي خلف الإمام الحسن العسكريعليه‌السلام ، بعنوان الإمام الثاني عشر ، فأورد جملةً من غرائب حالاته عند ولادته ، من قبيل عدم ظهور آثار الحمل على والدته الكريمة ، وأنّه عندما ولد خرَّ ساجداً لله عزّ وجلّ ، وقرأ قوله تعالى :

( وَنُرِيدُ أَن نّمُنّ عَلَى الّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ ) في حال السجدة إلى غير ذلك .

١٦٣

وقد نصّ الشيخ الجامي على أنّه هو الإمام والخليفة بعد والده الإمام الحسن العسكري ، وذكر أنّ خليفة الوقت قد أرسل رجالاً إلى بيت الإمام للقبض عليه ، وقد أمرهم بقتل كلّ من يجدونه هناك ، وأنّه قد ظهرت المعجزة من الإمام صاحب الزمان في غرق اثنين منهم ، وقد رأوهعليه‌السلام واقفاً على الماء يصلّي لله عزّ وجلّ .

وبعد هذا كلّه ، حكى خبر حكيمة عمّة الإمامعليه‌السلام ، وما رأته من الكرامات قبل ولادته وبعدها بالتفصيل ...

ثمّ أورد النصوص على إمامته عن والده الإمام الحسن العسكريعليه‌السلام .

ترجمة الجامي

هو : عبد الرحمان بن أحمد الجامي المتوفّى سنة ٨٩٨ ، ترجم له ابن العماد في شذراته ٨ /٣٦٠ والشوكاني في البدر الطالع ١ /٣٢٧ واللكهنوي في

الفوائد البهيّة في طبقات الحنفيّة : ٨٦ قال ابن العماد :

( وفيها : الإمام العارف بالله تعالى عبد الرحمان بن أحمد الجامي ، ولد بـ ( جام ) من قصبات خراسان ، واشتغل بالعلوم العقليّة والشرعيّة فأتقنها ، ثمّ صحب مشايخ الصوفيّة وتلقّى الذكر من الشيخ سعد الدين كاشغرى ، وصحب خواجة عبيد الله السمرقندي وانتسب إليه أتم الانتساب وكان مشتهراً بالفضائل ، وبلغ صيت فضله الآفاق وسارت بعلومه الركبان ...

وكان ( رحمه الله تعالى ) أُعجوبة دهره علماً وعملاً وأدباً وشعراً .

وله مؤلّفات جمّة وله كتابشواهد النبوّة ـ بالفارسيّة ـ وكتاب :نفحات الأُنس ، بالفارسيّة أيضاً ، وكتابسلسلة الذهب ، حطّ فيه على الرافضة وكلّ تصانيفه مقبولة ) .

الشيخ عبد الحق الدهلوي

وكذلك ذكر الشيخ عبد الحق المحدّث الدهلوي ، في رسالته في (مناقب الأئمّة الأطهار ) حيث ذكره بعنوان الإمام الثاني عشر ، وأنّه معروف عند خواصّ أصحابه وثقات أهله .

ثمّ أورد خبر ولادته عن السيّدة حكيمة عمّته ...

١٦٤

ترجمة عبد الحق الدهلوي

هو : الشيخ أبو المجد عبد الحق بن سيف الدين الدهلوي ، المتوفّى سنة ١٠٥٢ :

قال الصّديق حسن خان بترجمته من كتاب (أبجد العلوم ) : ( هو المتضلّع في الكمال الصوري والمعنوي ، رزق من الشهرة قسطاً جزيلاً ، وأثبت المؤرّخون ذكره إجمالاً وتفصيلاً ، حفظ القرآن ، وجلس على مسند الإفادة وهو ابن ٢٢ سنة ، ورحل إلى الحرمين الشريفين وصحب الشيخ عبد الوهّاب المتقي خليفة الشيخ علي المتقي ، واكتسب علم الحديث ، وعاد إلى الوطن واستقرّ به ٥٢ سنة بجمعيّة الظاهر والباطن ، ونشر العلوم ، وترجم كتاب المشكاة بالفارسي وكتب شرحاً على سفر السعادة ، وبلغت تصانيفه مائة مجلّد .

ولد في محرّم سنة ٩٥٨ وتوفّي سنة ١٠٥٢ .

وأخذ الخرقة القادريّة من الشيخ موسى القادري من نسل الشيخ عبد القادر الجيلاني .

وكان له اليد الطولى في الفقه الحنفي ) .

السيد جمال الدين الممحدّث

وقال السيد جمال الدين المحدّث الشيرازي في كتاب (روضة الأحباب ) :

( الكلام في بيان الإمام الثاني عشر المؤتمن محمّد بن الحسن ) فذكر ولادته واسم والدته وأسمائه وألقابه ، فاسمه إسم جدّه رسول الله وكنيته كنيته ، وألقابه : المهدي المنتظر ، والخلف الصالح ، وصاحب الزمان .

قال : ( وكان عمره عند وفاة والده ـ في أحد القولين وهو الأقرب ـ خمس سنوات ، وعلى القول الآخر سنتين ، وقد أتاه الله الحكمة في حال الطفولة كيحيى وزكريّا ، وبلغ مرتبة الإمامة في حال الصبا ) .

١٦٥

قال : ( وقد غاب عن الأنظار ، في زمن المعتمد ، سنة خمس وستين أو ست وستّين ومائتين ، على اختلاف القولين ، في سردابٍ في سرّ من رأى ) .

أقول :

وبهذه التصريحات يسقط قول المنكر أو المشكّك في ولادة الإمام المهدي وأنّه الإمام الثاني عشر من الأئمّة الاثني عشر بعد رسول الله ( صلَّى الله عليه وآله ) .

ثمّ أورد طائفةً من الأحاديث الواردة في المهدي ، وجعل الإمامعليه‌السلام هو المصداق لتلك الأحاديث كالحديث عن جابر بن عبد الله الأنصاري في نزول قوله تعالى :( يَا أَيّهَا الّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللّهَ وَأَطِيعُوا الرّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ )

قال سألته : قد عرفنا الله والرسول ، فمن أُولوا الأمر الذين قرن الله طاعتهم بطاعتك؟

فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

( هُم خلفائي من بعدي : أوّلهم عليّ بن أبي طالب ، ثمّ الحسن ، ثمّ الحسين ، ثمّ عليّ بن الحسين ، ثمّ محمّد بن علي المعروف في التوراة بالباقر وستدركه يا جابر ، فإذا لقيته فاقرأه منّي السلام .

ثمّ الصادق ، ثمّ جعفر بن محمّد ، ثمّ موسى بن جعفر ، ثمّ عليّ بن موسى ، ثمّ محمّد بن عليّ ، ثمّ عليّ بن محمّد ، ثمّ الحسن بن عليّ ، ثمّ حجّة الله في أرضه وبقيّته في عباده محمّد بن الحسن بن علي.

ذلك الذي يفتح الله عزّ وجلّ علي يديه مشارق الأرض ومغاربها .

وذلك الذي يغيب عن شيعته وأوليائه غيبةً لا يبيت فيها على القول بإمامته إلاّ من امتحن الله قلبه للإيمان

قال جابر : فقلت له : يا رسول الله ، فهل يقع لشيعته الانتفاع به في غيبته ؟

فقال :إي والذي بعثني بالنبوّة ، إنّهم يستضيئون بنوره وينتفعون بولايته في غيبته كانتفاع النّاس بالشمس وإن علاها سحاب ) .

ثمّ ذكر عقيدته في الإمام المهدي بكلّ صراحةٍ ، فنصّ على ما تقول به الطائفة الإماميّة بلا فرق .

ثمّ إنّه جعل يدعو الله عزّ وجلّ ، في أنْ يعجّل الفرج للإمام ، ويظهره لبسط العدل ، وتطبيق أحكام الإسلام .

١٦٦

ترجمة الجمال المحدّث الشيرازي

هو : السيّد جمال الدين عطاء الله ابن السيّد غياث الدين فضل الله ابن السيّد عبد الرحمان المعروف بالمحدّث الشيرازي ، المتوفّى سنة ٩٢٦ كما في معجم المؤلّفين ٦/٢٨٥ ، قال :

( عطاء الله بن محمود بن فضل الله بن عبد الرحمان الشيرازي ، الحسيني ، الدشتكي ، نزيل هراة ، جمال الدين فاضل من آثاره : تكميل الصناعة في القوافي ) .

وفي كشف الظنون ١/٩٢٢ :

( روضة الأحباب في سير النبي والآل والأصحاب ، فارسي ، لجمال الدين عطاء الله بن فضل الله الشيرازي النيسابوري المتوفّى سنة ١٠٠٠ ـ ٩٢٦ ، ألّفه في مجلّدين بالتماس الوزير أمير علي شير بعد الإستشارة مع استاذه وابن عمّه السيّد أصيل الدين عبد الله ) .

١٦٧

الشيخ أبو عبد الله الكنجي

وقال الشيخ أبو عبد الله محمّد بن يوسف الكنجي الشافعي في كتاب (البيان في أخبار صاحب الزمان ) :

 ( من الدلالة على كون المهدي باقياً منذ غيبته إلى الآن : أنّه لا امتناع في بقائه كبقاء عيسى بن مريم والخضر وإلياس من أولياء الله ، وبقاء الأعور الدجّال وإبليس اللعين من أعداء الله ، وهؤلاء قد ثبت بقاؤهم بالكتاب والسنّة )(١) .

ترجمة الكنجي الشافعي

هو : أبو عبد الله محمّد بن يوسف القرشي الكنجي الشافعي المقتول سنة ٦٥٨ ، بسبب روايته أخبار مناقب أمير المؤمنينعليه‌السلام وسط جامع دمشق ، وكان حافظاً للحديث ، راويةً للأخبار ، مطّلعاً في العلوم ، وقد اعترف بمقامه العلمي مترجموه ، ذاكرين السبب في مقتله متبجّحين بذلك

أُنظر حوادث السنة المذكورة من تاريخ ابن كثير ، والنجوم الزاهرة ، وغيرهما من المصادر .

سبط ابن الجوزي

وقال الحافظ سبط ابن الجوزي الحنفي في كتاب (تذكرة خواص الأمّة ) :

( هو محمّد بن الحسن بن عليّ بن محمّد بن عليّ بن موسى بن جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالبعليهم‌السلام ، وكُنيته أبو عبد الله وأبو القاسم ، وهو الخلف الحجّة صاحب الزمان القائم والمنتظر الباقي ، وهو آخر الأئمّة )(٢) .

ـــــــــــــــــ

(١) البيان في أخبار صاحب الزمان ط مع كفاية الطالب : ٥٢١ مع اختلاف .

(٢) تذكرة خواص الأُمّة في معرفة الأئمّة : ٣٢٥ .

١٦٨

ترجمة سبط ابن الجوزي

هو : شمس الدين يوسف سبط أبي الفرج ابن الجوزي ، توفي سنة ٦٥٤ أو ٦٥٦ ، وصفوه بالإمام ، الحافظ ، الواعظ ، المؤرّخ ، الفقيه ، الحنفي ، كما في جامع مسانيد أبي حنيفة ١ /٧٠ ، وفيات الأعيان ٣/١٤٢ ، العبر ومرآة الجنان وتاريخ أبي الفداء وغيرها في حوادث سنة ٦٥٤ .

ابن الصبّاغ المالكي

وقال نور الدين علي بن محمّد المعروف بابن الصبّاغ المالكي في كتاب (الفصول المهمّة ) :

( الفصل الثاني عشر : في ذكر أبي القاسم محمّد الحجّة الخلف الصالح ابن أبي محمّد الحسن الخالص ـ وهو الإمام الثاني عشر ـ وتاريخ ولادته ، ودلائل إمامته ، وذكر طرف من أخباره وغيبته ، ومدّة قيام دولته ، وذكر نسبه وكنيته ولقبه وغير ذلك )(١) .

ثمّ قال بعد كلامٍ له :

( وروى ابن الخشّاب في كتابه مواليد أهل البيت يرفعه بسنده إلى عليّ ابن موسى الرضاعليه‌السلام أنّه قال :

( الخلف الصالح من ولد أبي محمّد الحسن بن علي ، وهو صاحب الزمان والقائم المهدي ) .

وأمّا النصّ على إمامته من جهة أبيه ، فروى محمّد بن عليّ بن بلال قال : خرج إليّ أمر أبي محمّد الحسن بن عليّ العسكري قبل مضيّه بسنتين ،

ـــــــــــــــــ

(١) الفصول المهمّة في معرفة الأئمّة : ٢٩١ .

١٦٩

يخبرني بالخلف من بعده ، ثمّ خرج إليّ قبل مضيّه بثلاثة أيّام يخبرني بالخلف بأنّه ابنه من بعده .

وعن أبي هاشم الجعفري قال : قلت لأبي محمّد الحسن بن علي : جلالتك تمنعني من مسألتك ، أفتأذن لي أن أسألك ؟

فقال : سل فقلت : يا سيّدي ! هل لك ولد ؟

قال : نعم

قلت : فإن حدث حادث فأين أسأل عنه ؟

قال : بالمدينة .

ولد أبو القاسم محمّد الحجّة بن الحسن الخالص بسرّ من رأى ، ليلة النصف من شعبان سنة خمس وخمسين ومائتين للهجرة )(١) .

قال : ( وهذا طرفٌ يسيرٌ ممّا جاء من النصوص الدالّة على الإمام الثاني عشر عن الأئمّة الثقات ، والروايات في ذلك كثيرة ، والأخبار شهيرة ، أضربنا عن ذكرها ، وقد دوّنها أصحاب الحديث في كتبهم واعتنوا بجمعها )(٢) .

ثمّ أورد نصوصاً كثيرةً من الأحاديث ، فقال :

( قال الشيخ أبو سعيد محمّد بن يوسف بن محمّد الكنجي الشافعي في كتابه البيان في أخبار صاحب الزمان : من الدلالة على كون المهدي حيّاً باقياً ، منذ غيبته إلى الآن ، أنّه لا امتناع في بقائه كبقاء عيسى )(٣) .

ثمّ قال في آخر المبحث :

( قال بعض علماء أهل الأثر : المهدي هو القائم المنتظر ، وقد تعاضدت

ـــــــــــــــــ

(١) الفصول المهمّة في معرفة الأئمّة : ٢٩٢ .

(٢) الفصول المهمّة في معرفة الأئمّة : ٢٩٣ .

(٣) الفصول المهمّة في معرفة الأئمّة : ٢٩٩ .

١٧٠

الأخبار على ظهوره وتظاهرت الروايات على إشراق نوره ، وسيستسفر ظلمة الأيّام والليالي بسفوره ، وتنجلي برؤيته الظُلَمُ انجلاء الصباح عن ديجوره ، ويخرج من أسرار الغيبة فيملأ القلوب بسروره )(١) .

وقال بترجمة الإمام العسكريعليه‌السلام :

( وخلّف أبو محمّد الحسن ـ رضي الله عنه ـ من الولد : ابنه الحجّة القائم المنتظر لدولة الحقّ ، وكان قد أُخفي مولده وسُتر أمره لصعوبة الوقت ، وخوف السلطان ، وتطلّبه للشيعة وحبسهم والقبض عليهم )(٢) .

ترجمة ابن الصبّاغ المالكي

هو : الشيخ علي بن محمّد المالكي المكّي المتوفّى سنة ٨٥٥ ، ترجم له الحافظ السخاوي في الضوء اللامع ٥/٢٨٣ وذكر له كتاب (الفصول المهمّة لمعرفة الأئمّة )

وترجم له في معجم المؤلّفين ٧/١٧٨ قال : فقيه مالكي ، وذكر له الكتاب .

الشيخ كمال الدين ابن طلحة الشافعي

وقال الشيخ كمال الدين ابن طلحة الشافعي في كتاب (مطالب السئول ) :

( الباب الثاني عشر ، في أبي القاسم محمّد الحجّة ابن الحسن الخالص ابن عليّ المتوكّل ابن محمّد القانع ابن عليّ الرضاعليهم‌السلام ...

ـــــــــــــــــ

(١) الفصول المهمّة في معرفة الأئمّة : ٣٠٣ .

(٢) الفصول المهمّة في معرفة الأئمّة : ٣٩٠ .

١٧١

فـهذا الـخلف الـحجّة قـد أيّـده الله

هـداه مـنهج الـحقّ وآتـاه سـجاياه

وأعـلى فـي ذرى الـعليا بالتأيد مرقاه

وآتـاه حـلي فـضلٍ عـظيمٍ فـتحلاّه

وقـد قـال رسـول الله قولاً قد رويناه

وذو الـعلم بـما قـال إذا أدرك مـعناه

يـرى الآثار في المهدي جاءت بمسمّاه

وقـد أبـداه بـالنسبة والوصف وسمّاه

ويـكفي قـوله مـنّي لإشـراق محيّاه

ومـن بـضعته الزهراء مرساه ومسراه

ولـن يـبلغ مـا أُوتـيه أمثال وأشباه

فإن قالوا هو المهدي فما مانوا ولا فاهوا

قد أرتع من النبوّة في أكناف عناصرها ، ورضع من الرسالة أخلاف أواصرها ، ونزع من القرابة بسجال معاصرها ، وبرع في صفات الشرف فعقدت عليه بخناصرها ، فاقتنى جنا الهداية من معادنها وأسبابها ، فهو من ولد الطّهر البتول المجزوم بكونها بضعة من الرّسول ، فالرسالة أصلها ، وإنّها لأشرف العناصر والأُصول .

فأمّا مولده فبسرّ من رأى ، في ثالث وعشرين من شهر رمضان سنة ثمان وخمسين ومائتين للهجرة .

وأمّا نسبه أباً وأُمّاً ، فأبوه أبو محمّد الحسن الخالص بن عليّ المتوكّل بن محمّد القانع بن عليّ الرضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصّادق بن محمّد الباقر ابن عليّ زين العابدين بن الحسين الزكي بن عليّ المرتضى أمير المؤمنين ، وقد تقدّم ذكر ذلك مفصّلاً ، وأُمّه أمّ ولد تسمّى صقيل ، وقيل حكيمة ، وقيل غير ذلك .

وأمّا اسمه فمحمّد ، وكنيته أبو القاسم ، ولقبه الحجّة ، والخلف الصالح ، وقيل : المنتظر .

وأمّا ما ورد عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في المهديعليه‌السلام من الأحاديث الصحيحة .

فمنها : ما نقله الإمامان أبو داود والترمذي ( رضي الله عنهما ) كلّ واحدٍ منهما بسنده في صحيحه يرفعه إلى أبي سعيد الخدري قال : سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول :

( المهديّ منّي ، أجلى الجبهة ، وأقنى الأنف ، يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً ، ويملك سبع سنين ) .

١٧٢

ومنها : ما أخرجه أبو داود (رحمه‌الله ) بسنده في صحيحه ، يرفعه إلى عليّ قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :( لو لم يبق من الدهر إلاّ يوم لبعث الله رجلاً من أهل بيتي يملؤها عدلاً كما مُلئت جوراً ) .

ومنها : ما رواه أيضاً أبو داودرضي‌الله‌عنه في صحيحه ، يرفعه بسنده إلى أُمّ سلمة زوج النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قالت : سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول :المهدي من عترتي من ولد فاطمة .

ومنها : ما رواه القاضي أبو محمّد الحسين بن مسعود البغويرضي‌الله‌عنه في كتابه المسمّى بشرح السنّة ، وأخرجه الإمامان البخاري ومسلم ، كلّ واحدٍ منهما بسنده في صحيحة ، يرفعه إلى أبي هريرة قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : كيف أنتم إذا نزل ابن مريم فيكم وإمامكم منكم .

ومنها : ما أخرجه أبو داود والترمذي بسندهما في صحيحيهما ، يرفعه كلّ واحدٍ منهما بسنده إلى عبد الله بن مسعود ، أنّه قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

( لو لم يبق من الدنيا إلاّ يوم واحد لطوّل الله ذلك اليوم ، حتّى يبعث الله رجلاً منّي ومن أهل بيتي ، يواطئ اسمه اسمي واسم أبيه اسم أبي ، يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما مُلئت ظلماً وجوراً ) .

وفي روايةٍ أُخرى :

( لا تنقضي الدنيا حتّى يملك العرب رجلٌ من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي ) .

وفي روايةٍ أُخرى : إنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال :( يلي رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي ) .

هذه الروايات عن أبي داود والترمذي .

ومنها : ما نقله الإمام أبو إسحاق أحمد بن محمّد الثعلبي في تفسيره ، يرفعه بإسناده إلى أنس بن مالك قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

( نحن ولد عبد المطّلب سادة أهل الجنّة : أنا وحمزة وجعفر وعليّ والحسن والحسين والمهدي ) .

١٧٣

قال المعترض :

هذه الأحاديث النبويّة الكثيرة بتعدادها ، المصرّحة بجملتها وإفرادها ، متّفقٌ على صحّة إسنادها ومُجمعٌ على نقلها عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وإيرادها ، وهي صحيحةٌ صريحةٌ في إثبات كون المهدي من ولد فاطمةعليها‌السلام ، وأنّه من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وأنّه من عترته ، وأنّه من أهل بيته ، وأنّ اسمه يواطئ اسمه ، وأنّه يملأ الأرض قسطاً وعدلاً ، وأنّه من ولد عبد المطّلب ، وأنّه من سادات الجنّة ، وذلك ممّا لا نزاع فيه ، غير أنّ ذلك لا يدلّ على أنّ المهدي الموصوف بما ذكرهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من الصفات والعلامات هو هذا أبو القاسم محمّد بن الحسن الحجّة الخلف الصّالح ؛ فإنّ ولد فاطمةعليها‌السلام كثيرون ، وكلّ من يولد من ذرّيّتها إلى يوم القيامة يصدق عليه أنّه من ولد فاطمة ، وأنّه من العترة الطاهرة ، وأنّه من أهل البيتعليهم‌السلام ، فتحتاجون مع هذه الأحاديث المذكورة إلى زيادة دليل على أنّ المهدي المراد هو الحجّة المذكور ، ليتمّ مرامكم .

فجوابه : أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لمّا وصف المهديعليه‌السلام بصفات متعدّدة ، من ذكر اسمه ونسبه ومرجعه إلى فاطمةعليها‌السلام وإلى عبدالمطّلب ، وأنّه أجلى الجبهة أقنى الأنف ، وعدّد الأوصاف الكثيرة التي جمعتها الأحاديث الصّحيحة المذكورة آنفاً ، وجعلها علامةً ودلالةً على أنّ الشخص الذي يُسمّى بالمهدي ويثبت له الأحكام المذكورة هو الشخص الذي اجتمعت تلك الصفات فيه ، ثمّ وجدنا تلك الصفات المجعولة علامةً ودلالةً مجتمعةً في أبي القاسم محمّد الخلف الصّالح دون غيره ، فيلزم القول بثبوت تلك الأحكام له وأنّه صاحبها ، وإلاّ فلو جاز وجود ما هو علامة ودليل ، ولا يثبت ما هو مدلوله ، قدح ذلك في نصبها علامة ودلالة من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وذلك ممتنع .

فإن قال المعترض : لا يتمّ العمل بالعلامة والدلالة إلاّ بعد العلم باختصاص من وُجدت فيه بها دون غيره وتعيّنه لها ، فأمّا إذا لم يعلم تخصيصه وانفراده بها فلا يحكم له بالدلالة ، ونحن نسلّم أنّ من زمن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى والدة الخلف الصالح الحجّة محمّدعليه‌السلام ، ما وُجد من ولد فاطمةعليها‌السلام شخص جمع تلك الصّفات التي هي العلامة والدّلالة ،

١٧٤

غيره ، لكن وقت بعثة المهدي وظهوره وولايته هو في آخر أوقات الدنيا ، عند ظهور الدجّال ونزول عيسى بن مريم ، وذلك سيأتي بعد مدّةٍ مديدة ، ومن الآن إلى ذلك الوقت المتراخي الممتد أزمان متجدّدة ، وفي العترة الطاهرة من سلالة فاطمةعليها‌السلام كثرة يتعاقبون ويتوالدون إلى ذلك الآن ، فيجوز أن يولد من السّلالة الطاهرة والعترة النبويّة من يجمع تلك الصّفات فيكون هو المهدي المشار إليه في الأحاديث المذكورة ، ومع هذا الاحتمال والإمكان كيف يبقى دليلكم مختصّاً بالحجّة المذكور ؟

فالجواب : إنّكم إذا عرفتم أنّه إلى وقت ولادة الخلف الصّالح وإلى زماننا ، لم يوجد من جمع تلك الصّفات والعلامات بأسرها سواه ، فيكفي ذلك في ثبوت تلك الأحكام له عملاً بالدلالة الموجودة في حقّه ، وما ذكرتموه من احتمال أن يتجدّد مستقبلاً في العترة الطّاهرة من أن يكون بتلك الصفات ، لا يكون قادحاً في إعمال الدلالة وما مانعاً من ترتيب حكمها عليها ؛ فإنّ دلالة الدليل راجحة لظهورها ، واحتمال تجدّد ما يعارضها مرجوح ، ولا يجوز ترك الراجح بالمرجوح ؛ فإنّه لو جوّزنا ذلك لامتنع العمل بأكثر الأدلّة المثبتة للأحكام ، إذ ما من دليل إلاّ واحتمال تجدّد ما يعارضه متطرّق إليه ، ولم يمنع ذلك من العمل به وفاقاً .

والذي يوضّح ذلك ويؤكّده : أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فيما أورد به الإمام مسلم بن الحجّاج في صحيحه ، يرفعه بسنده ، قال لعمر بن الخطّاب : يأتي عليك مع إمداد أهل اليمن أويس بن عامر ، من مراد ثمّ من قرن ، كان به برص فبرأ منه إلاّ موضع درهم ، له والدة هو بها برّ ، لو أقسم على الله لأبرّه ، فإن استطعت أن يستغفر لك فافعل

فالنّبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ذكر اسمه ونسبه وصفته ، وجعل ذلك علامةً ودلالةً على أنّ المسمّى بذلك الإسم المتّصف بتلك الصّفات لو أقسم على الله لأبرّه ، وأنّه أهل لطلب الإستغفار منه ، وهذه منزلة عالية ومقام عند الله تعالى عظيم .

١٧٥

فلم يزل عمررضي‌الله‌عنه بعد وفاة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وبعد وفاة أبي بكررضي‌الله‌عنه يسأل إمداد اليمن من الموصوف بذلك ، حتّى قَدِم وفدٌ من اليمن ، فسألهم ، فأُخبر بشخص متّصف بذلك ، فلم يتوقّف عمررضي‌الله‌عنه في العمل بتلك العلامة والدّلالة التي ذكرها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، بل بادر إلى العمل بها واجتمع به وسأله الإستغفار ، وجزم أنّه المشار إليه في الحديث النّبوي لمّا علم تلك الصفات فيه ، مع وجود احتمال أن يتجدّد في وفود اليمن مُستقبلاً من يكون بتلك الصّفات ، فإنّ قبيلة مراد كثيرة والتوالد فيها كثير ، وعين ما ذكرتموه من الاحتمال موجود .

وكذلك قضيّة الخوارج لمّا وصفهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بصفات ورتّب عليها حكمهم ، ثمّ بعد ذلك لمّا وجدها عليّرضي‌الله‌عنه موجودة في أولئك في واقعة حرورا والنهروان ، جزم بأنّهم هم المرادون بالحديث النّبوي وقاتلهم وقتلهم ، فعمل بالدلالة عند وجود الصّفة مع احتمال أن يكون المرادون غيرهم ، وأمثال هذه الدلالة والعمل بها مع قيام الاحتمال كثيرة ، فعلم أنّ الدلالة الرّاجحة لا تترك لاحتمال المرجوح .

ونزيده بياناً وتقريراً فنقول : لزوم ثبوت الحكم عند وجود العلامة والدلالة لمن وجدت فيه ، أمر يتعيّن العمل به والمصير إليه ، فمن تركه وقال بأنّ صاحب الصّفات المراد بإثبات الحكم له ليس هو هذا بل شخص غيره سيأتي ، فقد عدل عن النّهج القويم ووقف نفسه موقف اللّئيم .

ويدلّ على ذلك : أنّ الله عزّ وعلا لمّا أنزل في التوراة على موسى أنّه يبعث النبيّ العربيّ في آخر الزّمان خاتم الأنبياء ، ونعته بأوصافه وجعلها علامةً ودلالة على إثبات حكم النبوّة له ، وصار قوم موسىعليه‌السلام يذكرونه بصفاته ويعلمون أنّه يبعث ، فلمّا قرب زمان ظهوره وبعثه ، صاروا يهدّدون المشركين به ويقولون :

سيظهر الآن نبيّ نعته كذا ، وصفته كذا ، ونستعين به على قتالكم ، فلمّا بعثصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ووجدوا العلامات والصّفات بأسرها التي جعلت دلالة على نبوّته

١٧٦

أنكروه وقالوا : ليس هو هذا بل هو غيره وسيأتي ، فلمّا جنحوا إلى الاحتمال وأعرضوا عن العمل بالدلالة الموجودة في الحال ، أنكر الله تعالى عليهم كونهم تركوا العمل بالدلالة التي ذكرها لهم في التوراة ، وجنحوا إلى الاحتمال ، وهذه القصّة من أكبر الأدلّة وأقوى الحجج على أنّه يتعيّن العمل بالدلالة بعد وجودها ، وإثبات الحكم لمن وجدت تلك الدلالة فيه .

فإذا كانت الصفات التي هي علامة ودلالة لثبوت الأحكام المذكورة موجودة في الحجّة الخلف الصالح محمّد ، تعيّن إثبات كونه المهدي المشار إليه ، من غير جنوحٍ إلى احتمال تجدّد غيره في الاستقبال .

فإن قال المعترض :

نسلّم أنّ الصفات المجعولة علامة ودلالة إذا وجدت تعيّن العمل بها ولزوم إثبات مدلولها لمن وجدت فيه ، لكن نمنع وجود تلك العلامة والدلالة في الخلف الصالح محمّد ، فإنّ من جملة الصفات المجعولة علامة ودلالة : أن يكون اسم أبيه مواطئاً لاسم أب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، هكذا صرّح به الحديث النبويّ على ما أوردتموه ، وهذه الصفة لم توجد فيه ، فإنّ اسم أبيه الحسن واسم أب النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عبد الله ، وأين الحسن من عبد الله ؟

فلم توجد هذه الصفة التي هي جزء من العلامة والدلالة ، وإذا لم يوجد جزء العلّة لا يثبت حكمها ؛ فإنّ الصفات الباقية لا تكفي في إثبات تلك الأحكام ، إذ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لم يجعل تلك الأحكام ثابتة إلاّ لمن اجتمعت تلك الصفات فيه كلّها ، التي جزءها مواطاة اسمي الأبوين في حقّه ، وهذه لم تجتمع في الحجّة الخلف ، فلا يثبت تلك الأحكام له ، وهذا إشكال قوي .

فالجواب :

لابدّ قبل الشروع في تفصيل الجواب ، من بيان أمرين يُبنى عليهما الغرض :

الأوّل :

إنّه شائع في لسان العرب إطلاق لفظة الأب على الجدّ الأعلى ، وقد نطق القرآن الكريم بذلك فقال تعالى :( مّلّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ )

١٧٧

وقال تعالى حكايةً عن يوسفعليه‌السلام :( وَاتّبَعْتُ مِلّةَ آبَائي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ )

ونطق بذلك النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في حديث الإسراء إنّه قال : قلت : مَن هذا ؟

قال : أبوك إبراهيم ؛ فعلم أنّ لفظة الأب تُطلق على الجدّ وإن علا ؛ فهذا أحد الأمرين .

الثاني :

إنّ لفظة الاسم تُطلق على الكنية وعلى الصفة ، وقد استعملها الفصحاء ودارت بها ألسنتهم ووردت في الأحاديث ، حتّى ذكر الإمامان البخاري ومسلم ( رضي الله عنهما ) ، كلّ منهما يرفعه إلى سهل بن سعد الساعديرضي‌الله‌عنه أنّه قال عن عليٍّرضي‌الله‌عنه : إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم سمّاه بأبي تراب ولم يكن له اسم أحبّ إليه منه ، فأطلق لفظة الاسم على الكنية ، ومثل ذلك قول الشاعر :

أُجِلّ قدرك أن تسمي مؤبنةً

ومن كناك فقد سمّاك للعربِ

ويروى : ومن يصفك ، فأطلق التسمية على الكناية أو الصفة ، وهذا شائعٌ ذائعٌ في لسان العرب .

فإذا وضح ما ذكرناه من الأمرين ، فاعلم أيّدك الله بتوفيقه : أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان له سبطان : أبو محمّد الحسن وأبو عبد الله الحسين ، ولمّا كان الحجّة الخلف الصّالح محمّدعليه‌السلام ومن ولد أبي عبد الله الحسين ولم يكن من ولد أبي محمّدٍ الحسن ، وكانت كنية الحسين أبا عبد الله ، فأطلق النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على الكنية لفظ الاسم ؛ لأجل المقابلة بالاسم في حقّ أبيه ، وأطلق على الجدّ لفظة الأب ، فكأنّه قال : يواطئ اسمه اسمي فهو محمّد ، وأنا محمّد ، وكنية جدّه اسم أبي ، إذ هو أبو عبد الله وأبي عبد الله ، لتكون تلك الألفاظ المختصرة جامعة لتعريف صفاته وإعلام أنّه من ولد أبي عبد الله الحسين بطريق جامع موجز ، وحينئذٍ تنتظم الصّفات وتوجد بأسرها مجتمعة للحجّة الصالح محمّدعليه‌السلام ، وهذا بيان شافٍ كافٍ في إزالة ذلك الإشكال ، فافهمه .

١٧٨

وأمّا ولده ، فلم يكن له ولد ليذكر ، لا أُنثى ولا ذكر .

وأمّا عمره ، فإنّه في أيّام المعتمد على الله ، خاف فاختفى وإلى الآن ، فلم يمكن ذكر ذلك ، إذ مَن غاب ـ وإن انقطع خبره ـ لا توجب غيبته وانقطاع خبره الحكمَ بمقدار عمره ولا بانقضاء حياته ، وقدرة الله تعالى واسعة وحكمه وألطافه بعباده عظيمة عامّة ، ولو رام عظماء العلم أن يدركوا حقائق مقدوراته وكنه قدرته ، لم يجدوا إلى ذلك سبيلاً ، ولانقلب طرف تطلّعهم إليه حسيراً وحدّه كليلاً ، ولتلا عليهم لسان عجزهم عن الإحاطة به( وَمَا أُوتِيتُم مّنَ الْعِلْمِ إِلاّ قَلِيلاً ) (١) ، وليس ببدع ولا مستغرب تعمير بعض عباد الله المخلصين وامتداد عمره إلى حين ، فقد مدّ الله سبحانه وتعالى أعمار جمعٍ كثيرٍ من خلقه من أصفيائه وأوليائه ، ومن مطروديه وأعدائه .

فمن الأصفياء عيسىعليه‌السلام ، ومنهم الخضرعليه‌السلام ، وخلق آخرون من الأنبياءعليهم‌السلام طالت أعمارهم ، حتّى جاز كلّ واحدٍ منهم ألف سنة أو قاربها كنوحعليه‌السلام وغيره .

وأمّا من الأعداء المطرودين فإبليس ، وكذلك الدجّال

ومن غيرهم كعادٍ الأُولى كان فيهم مَنْ عمّره ما يقارب الألف ، وكذلك لقمان صاحب البلاء ؛ وكلّ هذا لبيان اتّساع القدرة الربانيّة في تعمير بعض خلقه ، فأيّ مانعٍ يمنع من امتداد عمر الخلف الصالح إلى أن يظهر ، فيعمل ما حكم الله تعالى له به .

وحيث وصل الكلام إلى هذا المقام ، وانتهى جريان القلم بما خطّه من هذه الأقسام الوسام ، فلنختمه بالحمد لله ربّ العالمين ؛ فإنّها كلمة مباركة جعلها الله سبحانه وتعالى آخر دعوى أهل جنانه ، وخصّها بمن اجتباه من خلقه وكساه ملابس رضوانه )(٢) .

ترجمة ابن طلحة الشافعي

هو : أبو سالم محمّد بن طلحة بن محمّد القرشي العدوي الشافعي المتوفّى سنة ٦٥٢ ، ترجم له الذهبي في سِيَر أعلام النبلاء ٢٣/٢٩٣ ووصفه بالعلاّمة الأوحد ، برع في المذهب وأُصوله وشارك في فنون ، ولكنّه دخل في

ـــــــــــــــــ

(١) سورة الإسراء ١٧ : ٨٥ .

(٢) مطالب السئول في مناقب آل الرسول : ٣١١ ـ ٣٢٠ .

١٧٩

هذيان علم الحروف ، وتزهّد ، وقد ترسّل عن الملوك ، وولي وزارة دمشق يومين وتركها ، وكان ذا جلالةٍ وحشمة وتوجد ترجمته كذلك في كثير من كتب التاريخ والرجال ، كالبداية والنهاية ، والعبر ، والنجوم الزاهرة ، وشذرات الذهب ، في وقائع السنة المذكورة وفي طبقات الشافعيّة الكبرى للسبكي ٨/٦٣ الترجمة رقم ١٠٧٦ والوافي بالوفيات ٣/١٧٦ .

الشيخ ولي الله الدهلوي

وقال شاه ولي الله الدهلوي ـ وهو والد الشيخ عبد العزيز الدهلوي ، صاحب التحفة الاثني عشرية ـ في (مسلسلاته ) الموسومة بـ (الفضل المبين ) :

( قلت : شافهني ابن عقلة بإجازة جميع ما يجوز له روايته ، ووجدت في مسلسلاته حديثاً مسلسلاً بانفراد كلّ راوٍ من رواته بصفةٍ عظيمة تفرّد بها ، قالرحمه‌الله : أخبرني فريد عصره الشيخ حسن بن علي العجيمي ، أنا حافظ عصره جمال الدين البابلي ، أنا مسند وقته محمّد الحجازي الواعظ، أنا صوفي زمانه الشيخ عبد الوهاب الشعراوي ، أنا مجتهد عصره الجلال السيوطي، أنا حافظ عصره أبو نعيم رضوان العقبي ، أنا مقرئ زمانه الشمس محمّد ابن الجوزي ، أنا الإمام جمال الدين محمّد بن محمّد الجمّال زاهد عصره ، أنا الإمام محمّد بن مسعود محدّث بلاد فارس في زمانه ، أنا شيخنا إسماعيل بن مظفّر الشيرازي عالم وقته ، أنا عبد السلام بن أبي الربيع الحنفي محدّث زمانه ، أنا أبو بكر عبد الله بن محمّد بن شابور القلانسي شيخ عصره ، أنا عبد العزيز ، ثنا محمّد الآدمي إمام أوانه ، أنا سليمان بن إبراهيم بن محمّد بن سليمان نادرة عصره ، ثنا أحمد بن محمّد بن هاشم البلاذري حافظ زمانه ، ثنا محمّد بن الحسن بن علي المحجوب إمام عصره ، ثنا الحسن بن علي ، عن أبيه ، عن جدّه ، عن أبي جدّه عليّ بن موسى الرضا ، ثنا موسى الكاظم ، قال : ثنا أبي جعفر الصادق ، ثنا أبي محمّد الباقر بن علي ، ثنا أبي عليّ بن الحسين زين العابدين السجّاد ، ثنا أبي الحسين سيّد الشهداء ، ثنا أبي عليّ بن أبي طالب سيّد الأولياء قال : أخبرنا سيّد الأنبياء محمّد بن عبد اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال :

أخبرني جبرئيل سيّد الملائكة قال : قال الله تعالى سيّد السادات : إنّي أنا الله لا إله إلاّ أنا ، من أقرّ لي بالتوحيد دخل حصني ، ومن دخل حصني أمن من عذابي .

١٨٠

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384