استخراج المرام من استقصاء الإفحام الجزء ١

استخراج المرام من استقصاء الإفحام0%

استخراج المرام من استقصاء الإفحام مؤلف:
تصنيف: مناظرات وردود
الصفحات: 384

استخراج المرام من استقصاء الإفحام

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: السيد علي الحسيني الميلاني
تصنيف: الصفحات: 384
المشاهدات: 156532
تحميل: 7170


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 384 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 156532 / تحميل: 7170
الحجم الحجم الحجم
استخراج المرام من استقصاء الإفحام

استخراج المرام من استقصاء الإفحام الجزء 1

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

ثمّ عَدَّرضي‌الله‌عنه نبذةً من شيم المهدي وأخلاقه النبويّة ، التي تكون فيه على جدّه وعليه الصلاة والسلام ، ونحن نذكرها في أحوال العارف الجندي ( قدّس سرّه ) إن شاء الله تعالى )(١) .

الخواجه محمّد پارسا

وقال الخواجا السيد محمّد پارسا في كتاب (فصل الخطاب ) :

( ولمّا زعم أبو عبد الله جعفر بن أبي الحسن علي الهاديرضي‌الله‌عنه أنّه لا ولد لأخيه أبي محمّد الحسن العسكريرضي‌الله‌عنه ، وادّعى أنّ أخاه الحسن العسكريرضي‌الله‌عنه جعل الإمامة فيه سمّي : الكذّاب ، وهو معروف بذلك ، والعقب من ولد جعفر بن علي هذا في علي بن جعفر ، وعقب علي هذا في ثلاثة : عبد الله وجعفر وإسماعيل .

وأبو محمّد الحسن العسكري ولده محمّد ( رضي الله عنهما ) معلوم عند خاصّة أصحابه وثقات أهله .

ـــــــــــــــــ

(١) المكاشفات في الحاشية على نفحات الأنس ـ ترجمة علي بن سهل الأصبهاني .

١٦١

ويروى أنّ حكيمة بنت أبي جعفر محمّد الجوادرضي‌الله‌عنه عمّة أبي محمّد الحسن العسكريرضي‌الله‌عنه كانت تحبّه وتدعو له وتتضرّع أن ترى له ولداً ، وكان أبو محمّد الحسن العسكري اصطفى جاريةً يُقال لها نرجس ، فلمّا كان ليلة النصف من شعبان سنة خمس وخمسين ومائتين ، دخلت حكيمة فدعت لأبي محمّد الحسن العسكري ، فقال لها :يا عمّة ! كوني الليلة عندنا لأمر ، فأقامت كما رسم ، فلمّا كان وقت الفجر اضطربت نرجس ، فقامت إليها حكيمة ، فلمّا رأت المولود أتت به أبا محمّد الحسن العسكريرضي‌الله‌عنه وهو مختون مفروغ منه ، فأخذه وأمرّ يده على ظهره وعينيه وأدخل لسانه في فمه وأذّن في أُذنه اليمنى وأقام في الأُخرى ، ثمّ قال :يا عمّة ! اذهبي به إلى أُمّه ، فذهبت به وردّته إلى أُمّه .

قالت حكيمة : فجئت إلى أبي محمّد الحسن العسكريرضي‌الله‌عنه ، فإذا المولود بين يديه في ثيابٍ صفر ، وعليه من البهاء والنور ما أخذ بمجامع قلبي ، فقلت : سيّدي ، هل عندك من علمٍ في هذا المولود المبارك فتلقيه إليّ ؟

فقال :( أي عمّة ! هذا المنتظر ، هذا الذي بُشّرنا به )

فقالت حكيمة : فخررت لله تعالى ساجدةً شكراً على ذلك .

قالت : ثمّ كنت أتردّد إلى أبي محمّد الحسن العسكريرضي‌الله‌عنه ، فلمّا لم أره فقلت له يوماً : يا مولاي ! ما فعل سيّدنا ومنتظرنا ؟

قال :استودعناه الذي استودعته أُمّ موسى ابنها )(١) .

ـــــــــــــــــ

(١) انظر : ينابيع المودّة ٣ : ١٧١ عن كتاب فصل الخطاب .

١٦٢

ترجمة خواجه پارسا

هو : الحافظ محمّد بن محمّد بن محمود البخاري المعروف بخواجة پارسا ، المتوفّى سنة ٨٢٢ .

قال الكفوي في كتابه في تراجم فقهاء الحنفيّة :

( محمّد بن محمّد بن محمود الحافظي البخاري المعروف بخواجه محمّد پارسا ، أعزّ خلفاء الشيخ الكبير خواجة بهاء الدين نقشبند ...

ولد سنة ٧٥٦ ، وقرأ العلوم على علماء عصره ، وكان قد بهر على أقرانه في دهره ، وحصّل الفروع والأُصول ، وبرع في المعقول والمنقول وكان شابّاً .

أخذ الفقه عن قدوة وبقيّة أعلام الهدى الشيخ الإمام العارف الولي أبي الطاهر محمّد بن الحسن بن علي الطاهر ، وأخذ الفروع والأُصول عن المولى العالم الكامل إلياس بن يحيى بن حمزة الرّومي ) .

وقال صاحب حبيب السير :

( كان من أولاد عبد الله بن جعفر الطيّار ، توجّه في المحرّم سنة ٨٢٢ لأداء فريضة الحج وزيارة قبر خير الأنام عليه الصلاة والسلام ...

وبعد أن وصل إلى مكّة وفرغ من المناسك ، مرض مرضاً شديداً فتوجّه إلى المدينة المنوّرة ودخلها في يوم الأربعاء الثالث والعشرين من شهر ذي الحجّة ، وتوفّي في يوم الخميس ، فصلّى عليه مولانا شمس الدين الفناري ، ودفن بجوار العبّاس ـ عليه السلام ـ ) .

الشيخ عبد الرحمان الجامي

والشيخ عبد الرحمان بن أحمد الجامي في كتابه (شواهد النبوّة ) :

ذكر المهدي خلف الإمام الحسن العسكريعليه‌السلام ، بعنوان الإمام الثاني عشر ، فأورد جملةً من غرائب حالاته عند ولادته ، من قبيل عدم ظهور آثار الحمل على والدته الكريمة ، وأنّه عندما ولد خرَّ ساجداً لله عزّ وجلّ ، وقرأ قوله تعالى :

( وَنُرِيدُ أَن نّمُنّ عَلَى الّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ ) في حال السجدة إلى غير ذلك .

١٦٣

وقد نصّ الشيخ الجامي على أنّه هو الإمام والخليفة بعد والده الإمام الحسن العسكري ، وذكر أنّ خليفة الوقت قد أرسل رجالاً إلى بيت الإمام للقبض عليه ، وقد أمرهم بقتل كلّ من يجدونه هناك ، وأنّه قد ظهرت المعجزة من الإمام صاحب الزمان في غرق اثنين منهم ، وقد رأوهعليه‌السلام واقفاً على الماء يصلّي لله عزّ وجلّ .

وبعد هذا كلّه ، حكى خبر حكيمة عمّة الإمامعليه‌السلام ، وما رأته من الكرامات قبل ولادته وبعدها بالتفصيل ...

ثمّ أورد النصوص على إمامته عن والده الإمام الحسن العسكريعليه‌السلام .

ترجمة الجامي

هو : عبد الرحمان بن أحمد الجامي المتوفّى سنة ٨٩٨ ، ترجم له ابن العماد في شذراته ٨ /٣٦٠ والشوكاني في البدر الطالع ١ /٣٢٧ واللكهنوي في

الفوائد البهيّة في طبقات الحنفيّة : ٨٦ قال ابن العماد :

( وفيها : الإمام العارف بالله تعالى عبد الرحمان بن أحمد الجامي ، ولد بـ ( جام ) من قصبات خراسان ، واشتغل بالعلوم العقليّة والشرعيّة فأتقنها ، ثمّ صحب مشايخ الصوفيّة وتلقّى الذكر من الشيخ سعد الدين كاشغرى ، وصحب خواجة عبيد الله السمرقندي وانتسب إليه أتم الانتساب وكان مشتهراً بالفضائل ، وبلغ صيت فضله الآفاق وسارت بعلومه الركبان ...

وكان ( رحمه الله تعالى ) أُعجوبة دهره علماً وعملاً وأدباً وشعراً .

وله مؤلّفات جمّة وله كتابشواهد النبوّة ـ بالفارسيّة ـ وكتاب :نفحات الأُنس ، بالفارسيّة أيضاً ، وكتابسلسلة الذهب ، حطّ فيه على الرافضة وكلّ تصانيفه مقبولة ) .

الشيخ عبد الحق الدهلوي

وكذلك ذكر الشيخ عبد الحق المحدّث الدهلوي ، في رسالته في (مناقب الأئمّة الأطهار ) حيث ذكره بعنوان الإمام الثاني عشر ، وأنّه معروف عند خواصّ أصحابه وثقات أهله .

ثمّ أورد خبر ولادته عن السيّدة حكيمة عمّته ...

١٦٤

ترجمة عبد الحق الدهلوي

هو : الشيخ أبو المجد عبد الحق بن سيف الدين الدهلوي ، المتوفّى سنة ١٠٥٢ :

قال الصّديق حسن خان بترجمته من كتاب (أبجد العلوم ) : ( هو المتضلّع في الكمال الصوري والمعنوي ، رزق من الشهرة قسطاً جزيلاً ، وأثبت المؤرّخون ذكره إجمالاً وتفصيلاً ، حفظ القرآن ، وجلس على مسند الإفادة وهو ابن ٢٢ سنة ، ورحل إلى الحرمين الشريفين وصحب الشيخ عبد الوهّاب المتقي خليفة الشيخ علي المتقي ، واكتسب علم الحديث ، وعاد إلى الوطن واستقرّ به ٥٢ سنة بجمعيّة الظاهر والباطن ، ونشر العلوم ، وترجم كتاب المشكاة بالفارسي وكتب شرحاً على سفر السعادة ، وبلغت تصانيفه مائة مجلّد .

ولد في محرّم سنة ٩٥٨ وتوفّي سنة ١٠٥٢ .

وأخذ الخرقة القادريّة من الشيخ موسى القادري من نسل الشيخ عبد القادر الجيلاني .

وكان له اليد الطولى في الفقه الحنفي ) .

السيد جمال الدين الممحدّث

وقال السيد جمال الدين المحدّث الشيرازي في كتاب (روضة الأحباب ) :

( الكلام في بيان الإمام الثاني عشر المؤتمن محمّد بن الحسن ) فذكر ولادته واسم والدته وأسمائه وألقابه ، فاسمه إسم جدّه رسول الله وكنيته كنيته ، وألقابه : المهدي المنتظر ، والخلف الصالح ، وصاحب الزمان .

قال : ( وكان عمره عند وفاة والده ـ في أحد القولين وهو الأقرب ـ خمس سنوات ، وعلى القول الآخر سنتين ، وقد أتاه الله الحكمة في حال الطفولة كيحيى وزكريّا ، وبلغ مرتبة الإمامة في حال الصبا ) .

١٦٥

قال : ( وقد غاب عن الأنظار ، في زمن المعتمد ، سنة خمس وستين أو ست وستّين ومائتين ، على اختلاف القولين ، في سردابٍ في سرّ من رأى ) .

أقول :

وبهذه التصريحات يسقط قول المنكر أو المشكّك في ولادة الإمام المهدي وأنّه الإمام الثاني عشر من الأئمّة الاثني عشر بعد رسول الله ( صلَّى الله عليه وآله ) .

ثمّ أورد طائفةً من الأحاديث الواردة في المهدي ، وجعل الإمامعليه‌السلام هو المصداق لتلك الأحاديث كالحديث عن جابر بن عبد الله الأنصاري في نزول قوله تعالى :( يَا أَيّهَا الّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللّهَ وَأَطِيعُوا الرّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ )

قال سألته : قد عرفنا الله والرسول ، فمن أُولوا الأمر الذين قرن الله طاعتهم بطاعتك؟

فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

( هُم خلفائي من بعدي : أوّلهم عليّ بن أبي طالب ، ثمّ الحسن ، ثمّ الحسين ، ثمّ عليّ بن الحسين ، ثمّ محمّد بن علي المعروف في التوراة بالباقر وستدركه يا جابر ، فإذا لقيته فاقرأه منّي السلام .

ثمّ الصادق ، ثمّ جعفر بن محمّد ، ثمّ موسى بن جعفر ، ثمّ عليّ بن موسى ، ثمّ محمّد بن عليّ ، ثمّ عليّ بن محمّد ، ثمّ الحسن بن عليّ ، ثمّ حجّة الله في أرضه وبقيّته في عباده محمّد بن الحسن بن علي.

ذلك الذي يفتح الله عزّ وجلّ علي يديه مشارق الأرض ومغاربها .

وذلك الذي يغيب عن شيعته وأوليائه غيبةً لا يبيت فيها على القول بإمامته إلاّ من امتحن الله قلبه للإيمان

قال جابر : فقلت له : يا رسول الله ، فهل يقع لشيعته الانتفاع به في غيبته ؟

فقال :إي والذي بعثني بالنبوّة ، إنّهم يستضيئون بنوره وينتفعون بولايته في غيبته كانتفاع النّاس بالشمس وإن علاها سحاب ) .

ثمّ ذكر عقيدته في الإمام المهدي بكلّ صراحةٍ ، فنصّ على ما تقول به الطائفة الإماميّة بلا فرق .

ثمّ إنّه جعل يدعو الله عزّ وجلّ ، في أنْ يعجّل الفرج للإمام ، ويظهره لبسط العدل ، وتطبيق أحكام الإسلام .

١٦٦

ترجمة الجمال المحدّث الشيرازي

هو : السيّد جمال الدين عطاء الله ابن السيّد غياث الدين فضل الله ابن السيّد عبد الرحمان المعروف بالمحدّث الشيرازي ، المتوفّى سنة ٩٢٦ كما في معجم المؤلّفين ٦/٢٨٥ ، قال :

( عطاء الله بن محمود بن فضل الله بن عبد الرحمان الشيرازي ، الحسيني ، الدشتكي ، نزيل هراة ، جمال الدين فاضل من آثاره : تكميل الصناعة في القوافي ) .

وفي كشف الظنون ١/٩٢٢ :

( روضة الأحباب في سير النبي والآل والأصحاب ، فارسي ، لجمال الدين عطاء الله بن فضل الله الشيرازي النيسابوري المتوفّى سنة ١٠٠٠ ـ ٩٢٦ ، ألّفه في مجلّدين بالتماس الوزير أمير علي شير بعد الإستشارة مع استاذه وابن عمّه السيّد أصيل الدين عبد الله ) .

١٦٧

الشيخ أبو عبد الله الكنجي

وقال الشيخ أبو عبد الله محمّد بن يوسف الكنجي الشافعي في كتاب (البيان في أخبار صاحب الزمان ) :

 ( من الدلالة على كون المهدي باقياً منذ غيبته إلى الآن : أنّه لا امتناع في بقائه كبقاء عيسى بن مريم والخضر وإلياس من أولياء الله ، وبقاء الأعور الدجّال وإبليس اللعين من أعداء الله ، وهؤلاء قد ثبت بقاؤهم بالكتاب والسنّة )(١) .

ترجمة الكنجي الشافعي

هو : أبو عبد الله محمّد بن يوسف القرشي الكنجي الشافعي المقتول سنة ٦٥٨ ، بسبب روايته أخبار مناقب أمير المؤمنينعليه‌السلام وسط جامع دمشق ، وكان حافظاً للحديث ، راويةً للأخبار ، مطّلعاً في العلوم ، وقد اعترف بمقامه العلمي مترجموه ، ذاكرين السبب في مقتله متبجّحين بذلك

أُنظر حوادث السنة المذكورة من تاريخ ابن كثير ، والنجوم الزاهرة ، وغيرهما من المصادر .

سبط ابن الجوزي

وقال الحافظ سبط ابن الجوزي الحنفي في كتاب (تذكرة خواص الأمّة ) :

( هو محمّد بن الحسن بن عليّ بن محمّد بن عليّ بن موسى بن جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالبعليهم‌السلام ، وكُنيته أبو عبد الله وأبو القاسم ، وهو الخلف الحجّة صاحب الزمان القائم والمنتظر الباقي ، وهو آخر الأئمّة )(٢) .

ـــــــــــــــــ

(١) البيان في أخبار صاحب الزمان ط مع كفاية الطالب : ٥٢١ مع اختلاف .

(٢) تذكرة خواص الأُمّة في معرفة الأئمّة : ٣٢٥ .

١٦٨

ترجمة سبط ابن الجوزي

هو : شمس الدين يوسف سبط أبي الفرج ابن الجوزي ، توفي سنة ٦٥٤ أو ٦٥٦ ، وصفوه بالإمام ، الحافظ ، الواعظ ، المؤرّخ ، الفقيه ، الحنفي ، كما في جامع مسانيد أبي حنيفة ١ /٧٠ ، وفيات الأعيان ٣/١٤٢ ، العبر ومرآة الجنان وتاريخ أبي الفداء وغيرها في حوادث سنة ٦٥٤ .

ابن الصبّاغ المالكي

وقال نور الدين علي بن محمّد المعروف بابن الصبّاغ المالكي في كتاب (الفصول المهمّة ) :

( الفصل الثاني عشر : في ذكر أبي القاسم محمّد الحجّة الخلف الصالح ابن أبي محمّد الحسن الخالص ـ وهو الإمام الثاني عشر ـ وتاريخ ولادته ، ودلائل إمامته ، وذكر طرف من أخباره وغيبته ، ومدّة قيام دولته ، وذكر نسبه وكنيته ولقبه وغير ذلك )(١) .

ثمّ قال بعد كلامٍ له :

( وروى ابن الخشّاب في كتابه مواليد أهل البيت يرفعه بسنده إلى عليّ ابن موسى الرضاعليه‌السلام أنّه قال :

( الخلف الصالح من ولد أبي محمّد الحسن بن علي ، وهو صاحب الزمان والقائم المهدي ) .

وأمّا النصّ على إمامته من جهة أبيه ، فروى محمّد بن عليّ بن بلال قال : خرج إليّ أمر أبي محمّد الحسن بن عليّ العسكري قبل مضيّه بسنتين ،

ـــــــــــــــــ

(١) الفصول المهمّة في معرفة الأئمّة : ٢٩١ .

١٦٩

يخبرني بالخلف من بعده ، ثمّ خرج إليّ قبل مضيّه بثلاثة أيّام يخبرني بالخلف بأنّه ابنه من بعده .

وعن أبي هاشم الجعفري قال : قلت لأبي محمّد الحسن بن علي : جلالتك تمنعني من مسألتك ، أفتأذن لي أن أسألك ؟

فقال : سل فقلت : يا سيّدي ! هل لك ولد ؟

قال : نعم

قلت : فإن حدث حادث فأين أسأل عنه ؟

قال : بالمدينة .

ولد أبو القاسم محمّد الحجّة بن الحسن الخالص بسرّ من رأى ، ليلة النصف من شعبان سنة خمس وخمسين ومائتين للهجرة )(١) .

قال : ( وهذا طرفٌ يسيرٌ ممّا جاء من النصوص الدالّة على الإمام الثاني عشر عن الأئمّة الثقات ، والروايات في ذلك كثيرة ، والأخبار شهيرة ، أضربنا عن ذكرها ، وقد دوّنها أصحاب الحديث في كتبهم واعتنوا بجمعها )(٢) .

ثمّ أورد نصوصاً كثيرةً من الأحاديث ، فقال :

( قال الشيخ أبو سعيد محمّد بن يوسف بن محمّد الكنجي الشافعي في كتابه البيان في أخبار صاحب الزمان : من الدلالة على كون المهدي حيّاً باقياً ، منذ غيبته إلى الآن ، أنّه لا امتناع في بقائه كبقاء عيسى )(٣) .

ثمّ قال في آخر المبحث :

( قال بعض علماء أهل الأثر : المهدي هو القائم المنتظر ، وقد تعاضدت

ـــــــــــــــــ

(١) الفصول المهمّة في معرفة الأئمّة : ٢٩٢ .

(٢) الفصول المهمّة في معرفة الأئمّة : ٢٩٣ .

(٣) الفصول المهمّة في معرفة الأئمّة : ٢٩٩ .

١٧٠

الأخبار على ظهوره وتظاهرت الروايات على إشراق نوره ، وسيستسفر ظلمة الأيّام والليالي بسفوره ، وتنجلي برؤيته الظُلَمُ انجلاء الصباح عن ديجوره ، ويخرج من أسرار الغيبة فيملأ القلوب بسروره )(١) .

وقال بترجمة الإمام العسكريعليه‌السلام :

( وخلّف أبو محمّد الحسن ـ رضي الله عنه ـ من الولد : ابنه الحجّة القائم المنتظر لدولة الحقّ ، وكان قد أُخفي مولده وسُتر أمره لصعوبة الوقت ، وخوف السلطان ، وتطلّبه للشيعة وحبسهم والقبض عليهم )(٢) .

ترجمة ابن الصبّاغ المالكي

هو : الشيخ علي بن محمّد المالكي المكّي المتوفّى سنة ٨٥٥ ، ترجم له الحافظ السخاوي في الضوء اللامع ٥/٢٨٣ وذكر له كتاب (الفصول المهمّة لمعرفة الأئمّة )

وترجم له في معجم المؤلّفين ٧/١٧٨ قال : فقيه مالكي ، وذكر له الكتاب .

الشيخ كمال الدين ابن طلحة الشافعي

وقال الشيخ كمال الدين ابن طلحة الشافعي في كتاب (مطالب السئول ) :

( الباب الثاني عشر ، في أبي القاسم محمّد الحجّة ابن الحسن الخالص ابن عليّ المتوكّل ابن محمّد القانع ابن عليّ الرضاعليهم‌السلام ...

ـــــــــــــــــ

(١) الفصول المهمّة في معرفة الأئمّة : ٣٠٣ .

(٢) الفصول المهمّة في معرفة الأئمّة : ٣٩٠ .

١٧١

فـهذا الـخلف الـحجّة قـد أيّـده الله

هـداه مـنهج الـحقّ وآتـاه سـجاياه

وأعـلى فـي ذرى الـعليا بالتأيد مرقاه

وآتـاه حـلي فـضلٍ عـظيمٍ فـتحلاّه

وقـد قـال رسـول الله قولاً قد رويناه

وذو الـعلم بـما قـال إذا أدرك مـعناه

يـرى الآثار في المهدي جاءت بمسمّاه

وقـد أبـداه بـالنسبة والوصف وسمّاه

ويـكفي قـوله مـنّي لإشـراق محيّاه

ومـن بـضعته الزهراء مرساه ومسراه

ولـن يـبلغ مـا أُوتـيه أمثال وأشباه

فإن قالوا هو المهدي فما مانوا ولا فاهوا

قد أرتع من النبوّة في أكناف عناصرها ، ورضع من الرسالة أخلاف أواصرها ، ونزع من القرابة بسجال معاصرها ، وبرع في صفات الشرف فعقدت عليه بخناصرها ، فاقتنى جنا الهداية من معادنها وأسبابها ، فهو من ولد الطّهر البتول المجزوم بكونها بضعة من الرّسول ، فالرسالة أصلها ، وإنّها لأشرف العناصر والأُصول .

فأمّا مولده فبسرّ من رأى ، في ثالث وعشرين من شهر رمضان سنة ثمان وخمسين ومائتين للهجرة .

وأمّا نسبه أباً وأُمّاً ، فأبوه أبو محمّد الحسن الخالص بن عليّ المتوكّل بن محمّد القانع بن عليّ الرضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصّادق بن محمّد الباقر ابن عليّ زين العابدين بن الحسين الزكي بن عليّ المرتضى أمير المؤمنين ، وقد تقدّم ذكر ذلك مفصّلاً ، وأُمّه أمّ ولد تسمّى صقيل ، وقيل حكيمة ، وقيل غير ذلك .

وأمّا اسمه فمحمّد ، وكنيته أبو القاسم ، ولقبه الحجّة ، والخلف الصالح ، وقيل : المنتظر .

وأمّا ما ورد عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في المهديعليه‌السلام من الأحاديث الصحيحة .

فمنها : ما نقله الإمامان أبو داود والترمذي ( رضي الله عنهما ) كلّ واحدٍ منهما بسنده في صحيحه يرفعه إلى أبي سعيد الخدري قال : سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول :

( المهديّ منّي ، أجلى الجبهة ، وأقنى الأنف ، يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً ، ويملك سبع سنين ) .

١٧٢

ومنها : ما أخرجه أبو داود (رحمه‌الله ) بسنده في صحيحه ، يرفعه إلى عليّ قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :( لو لم يبق من الدهر إلاّ يوم لبعث الله رجلاً من أهل بيتي يملؤها عدلاً كما مُلئت جوراً ) .

ومنها : ما رواه أيضاً أبو داودرضي‌الله‌عنه في صحيحه ، يرفعه بسنده إلى أُمّ سلمة زوج النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قالت : سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول :المهدي من عترتي من ولد فاطمة .

ومنها : ما رواه القاضي أبو محمّد الحسين بن مسعود البغويرضي‌الله‌عنه في كتابه المسمّى بشرح السنّة ، وأخرجه الإمامان البخاري ومسلم ، كلّ واحدٍ منهما بسنده في صحيحة ، يرفعه إلى أبي هريرة قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : كيف أنتم إذا نزل ابن مريم فيكم وإمامكم منكم .

ومنها : ما أخرجه أبو داود والترمذي بسندهما في صحيحيهما ، يرفعه كلّ واحدٍ منهما بسنده إلى عبد الله بن مسعود ، أنّه قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

( لو لم يبق من الدنيا إلاّ يوم واحد لطوّل الله ذلك اليوم ، حتّى يبعث الله رجلاً منّي ومن أهل بيتي ، يواطئ اسمه اسمي واسم أبيه اسم أبي ، يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما مُلئت ظلماً وجوراً ) .

وفي روايةٍ أُخرى :

( لا تنقضي الدنيا حتّى يملك العرب رجلٌ من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي ) .

وفي روايةٍ أُخرى : إنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال :( يلي رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي ) .

هذه الروايات عن أبي داود والترمذي .

ومنها : ما نقله الإمام أبو إسحاق أحمد بن محمّد الثعلبي في تفسيره ، يرفعه بإسناده إلى أنس بن مالك قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

( نحن ولد عبد المطّلب سادة أهل الجنّة : أنا وحمزة وجعفر وعليّ والحسن والحسين والمهدي ) .

١٧٣

قال المعترض :

هذه الأحاديث النبويّة الكثيرة بتعدادها ، المصرّحة بجملتها وإفرادها ، متّفقٌ على صحّة إسنادها ومُجمعٌ على نقلها عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وإيرادها ، وهي صحيحةٌ صريحةٌ في إثبات كون المهدي من ولد فاطمةعليها‌السلام ، وأنّه من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وأنّه من عترته ، وأنّه من أهل بيته ، وأنّ اسمه يواطئ اسمه ، وأنّه يملأ الأرض قسطاً وعدلاً ، وأنّه من ولد عبد المطّلب ، وأنّه من سادات الجنّة ، وذلك ممّا لا نزاع فيه ، غير أنّ ذلك لا يدلّ على أنّ المهدي الموصوف بما ذكرهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من الصفات والعلامات هو هذا أبو القاسم محمّد بن الحسن الحجّة الخلف الصّالح ؛ فإنّ ولد فاطمةعليها‌السلام كثيرون ، وكلّ من يولد من ذرّيّتها إلى يوم القيامة يصدق عليه أنّه من ولد فاطمة ، وأنّه من العترة الطاهرة ، وأنّه من أهل البيتعليهم‌السلام ، فتحتاجون مع هذه الأحاديث المذكورة إلى زيادة دليل على أنّ المهدي المراد هو الحجّة المذكور ، ليتمّ مرامكم .

فجوابه : أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لمّا وصف المهديعليه‌السلام بصفات متعدّدة ، من ذكر اسمه ونسبه ومرجعه إلى فاطمةعليها‌السلام وإلى عبدالمطّلب ، وأنّه أجلى الجبهة أقنى الأنف ، وعدّد الأوصاف الكثيرة التي جمعتها الأحاديث الصّحيحة المذكورة آنفاً ، وجعلها علامةً ودلالةً على أنّ الشخص الذي يُسمّى بالمهدي ويثبت له الأحكام المذكورة هو الشخص الذي اجتمعت تلك الصفات فيه ، ثمّ وجدنا تلك الصفات المجعولة علامةً ودلالةً مجتمعةً في أبي القاسم محمّد الخلف الصّالح دون غيره ، فيلزم القول بثبوت تلك الأحكام له وأنّه صاحبها ، وإلاّ فلو جاز وجود ما هو علامة ودليل ، ولا يثبت ما هو مدلوله ، قدح ذلك في نصبها علامة ودلالة من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وذلك ممتنع .

فإن قال المعترض : لا يتمّ العمل بالعلامة والدلالة إلاّ بعد العلم باختصاص من وُجدت فيه بها دون غيره وتعيّنه لها ، فأمّا إذا لم يعلم تخصيصه وانفراده بها فلا يحكم له بالدلالة ، ونحن نسلّم أنّ من زمن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى والدة الخلف الصالح الحجّة محمّدعليه‌السلام ، ما وُجد من ولد فاطمةعليها‌السلام شخص جمع تلك الصّفات التي هي العلامة والدّلالة ،

١٧٤

غيره ، لكن وقت بعثة المهدي وظهوره وولايته هو في آخر أوقات الدنيا ، عند ظهور الدجّال ونزول عيسى بن مريم ، وذلك سيأتي بعد مدّةٍ مديدة ، ومن الآن إلى ذلك الوقت المتراخي الممتد أزمان متجدّدة ، وفي العترة الطاهرة من سلالة فاطمةعليها‌السلام كثرة يتعاقبون ويتوالدون إلى ذلك الآن ، فيجوز أن يولد من السّلالة الطاهرة والعترة النبويّة من يجمع تلك الصّفات فيكون هو المهدي المشار إليه في الأحاديث المذكورة ، ومع هذا الاحتمال والإمكان كيف يبقى دليلكم مختصّاً بالحجّة المذكور ؟

فالجواب : إنّكم إذا عرفتم أنّه إلى وقت ولادة الخلف الصّالح وإلى زماننا ، لم يوجد من جمع تلك الصّفات والعلامات بأسرها سواه ، فيكفي ذلك في ثبوت تلك الأحكام له عملاً بالدلالة الموجودة في حقّه ، وما ذكرتموه من احتمال أن يتجدّد مستقبلاً في العترة الطّاهرة من أن يكون بتلك الصفات ، لا يكون قادحاً في إعمال الدلالة وما مانعاً من ترتيب حكمها عليها ؛ فإنّ دلالة الدليل راجحة لظهورها ، واحتمال تجدّد ما يعارضها مرجوح ، ولا يجوز ترك الراجح بالمرجوح ؛ فإنّه لو جوّزنا ذلك لامتنع العمل بأكثر الأدلّة المثبتة للأحكام ، إذ ما من دليل إلاّ واحتمال تجدّد ما يعارضه متطرّق إليه ، ولم يمنع ذلك من العمل به وفاقاً .

والذي يوضّح ذلك ويؤكّده : أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فيما أورد به الإمام مسلم بن الحجّاج في صحيحه ، يرفعه بسنده ، قال لعمر بن الخطّاب : يأتي عليك مع إمداد أهل اليمن أويس بن عامر ، من مراد ثمّ من قرن ، كان به برص فبرأ منه إلاّ موضع درهم ، له والدة هو بها برّ ، لو أقسم على الله لأبرّه ، فإن استطعت أن يستغفر لك فافعل

فالنّبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ذكر اسمه ونسبه وصفته ، وجعل ذلك علامةً ودلالةً على أنّ المسمّى بذلك الإسم المتّصف بتلك الصّفات لو أقسم على الله لأبرّه ، وأنّه أهل لطلب الإستغفار منه ، وهذه منزلة عالية ومقام عند الله تعالى عظيم .

١٧٥

فلم يزل عمررضي‌الله‌عنه بعد وفاة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وبعد وفاة أبي بكررضي‌الله‌عنه يسأل إمداد اليمن من الموصوف بذلك ، حتّى قَدِم وفدٌ من اليمن ، فسألهم ، فأُخبر بشخص متّصف بذلك ، فلم يتوقّف عمررضي‌الله‌عنه في العمل بتلك العلامة والدّلالة التي ذكرها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، بل بادر إلى العمل بها واجتمع به وسأله الإستغفار ، وجزم أنّه المشار إليه في الحديث النّبوي لمّا علم تلك الصفات فيه ، مع وجود احتمال أن يتجدّد في وفود اليمن مُستقبلاً من يكون بتلك الصّفات ، فإنّ قبيلة مراد كثيرة والتوالد فيها كثير ، وعين ما ذكرتموه من الاحتمال موجود .

وكذلك قضيّة الخوارج لمّا وصفهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بصفات ورتّب عليها حكمهم ، ثمّ بعد ذلك لمّا وجدها عليّرضي‌الله‌عنه موجودة في أولئك في واقعة حرورا والنهروان ، جزم بأنّهم هم المرادون بالحديث النّبوي وقاتلهم وقتلهم ، فعمل بالدلالة عند وجود الصّفة مع احتمال أن يكون المرادون غيرهم ، وأمثال هذه الدلالة والعمل بها مع قيام الاحتمال كثيرة ، فعلم أنّ الدلالة الرّاجحة لا تترك لاحتمال المرجوح .

ونزيده بياناً وتقريراً فنقول : لزوم ثبوت الحكم عند وجود العلامة والدلالة لمن وجدت فيه ، أمر يتعيّن العمل به والمصير إليه ، فمن تركه وقال بأنّ صاحب الصّفات المراد بإثبات الحكم له ليس هو هذا بل شخص غيره سيأتي ، فقد عدل عن النّهج القويم ووقف نفسه موقف اللّئيم .

ويدلّ على ذلك : أنّ الله عزّ وعلا لمّا أنزل في التوراة على موسى أنّه يبعث النبيّ العربيّ في آخر الزّمان خاتم الأنبياء ، ونعته بأوصافه وجعلها علامةً ودلالة على إثبات حكم النبوّة له ، وصار قوم موسىعليه‌السلام يذكرونه بصفاته ويعلمون أنّه يبعث ، فلمّا قرب زمان ظهوره وبعثه ، صاروا يهدّدون المشركين به ويقولون :

سيظهر الآن نبيّ نعته كذا ، وصفته كذا ، ونستعين به على قتالكم ، فلمّا بعثصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ووجدوا العلامات والصّفات بأسرها التي جعلت دلالة على نبوّته

١٧٦

أنكروه وقالوا : ليس هو هذا بل هو غيره وسيأتي ، فلمّا جنحوا إلى الاحتمال وأعرضوا عن العمل بالدلالة الموجودة في الحال ، أنكر الله تعالى عليهم كونهم تركوا العمل بالدلالة التي ذكرها لهم في التوراة ، وجنحوا إلى الاحتمال ، وهذه القصّة من أكبر الأدلّة وأقوى الحجج على أنّه يتعيّن العمل بالدلالة بعد وجودها ، وإثبات الحكم لمن وجدت تلك الدلالة فيه .

فإذا كانت الصفات التي هي علامة ودلالة لثبوت الأحكام المذكورة موجودة في الحجّة الخلف الصالح محمّد ، تعيّن إثبات كونه المهدي المشار إليه ، من غير جنوحٍ إلى احتمال تجدّد غيره في الاستقبال .

فإن قال المعترض :

نسلّم أنّ الصفات المجعولة علامة ودلالة إذا وجدت تعيّن العمل بها ولزوم إثبات مدلولها لمن وجدت فيه ، لكن نمنع وجود تلك العلامة والدلالة في الخلف الصالح محمّد ، فإنّ من جملة الصفات المجعولة علامة ودلالة : أن يكون اسم أبيه مواطئاً لاسم أب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، هكذا صرّح به الحديث النبويّ على ما أوردتموه ، وهذه الصفة لم توجد فيه ، فإنّ اسم أبيه الحسن واسم أب النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عبد الله ، وأين الحسن من عبد الله ؟

فلم توجد هذه الصفة التي هي جزء من العلامة والدلالة ، وإذا لم يوجد جزء العلّة لا يثبت حكمها ؛ فإنّ الصفات الباقية لا تكفي في إثبات تلك الأحكام ، إذ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لم يجعل تلك الأحكام ثابتة إلاّ لمن اجتمعت تلك الصفات فيه كلّها ، التي جزءها مواطاة اسمي الأبوين في حقّه ، وهذه لم تجتمع في الحجّة الخلف ، فلا يثبت تلك الأحكام له ، وهذا إشكال قوي .

فالجواب :

لابدّ قبل الشروع في تفصيل الجواب ، من بيان أمرين يُبنى عليهما الغرض :

الأوّل :

إنّه شائع في لسان العرب إطلاق لفظة الأب على الجدّ الأعلى ، وقد نطق القرآن الكريم بذلك فقال تعالى :( مّلّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ )

١٧٧

وقال تعالى حكايةً عن يوسفعليه‌السلام :( وَاتّبَعْتُ مِلّةَ آبَائي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ )

ونطق بذلك النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في حديث الإسراء إنّه قال : قلت : مَن هذا ؟

قال : أبوك إبراهيم ؛ فعلم أنّ لفظة الأب تُطلق على الجدّ وإن علا ؛ فهذا أحد الأمرين .

الثاني :

إنّ لفظة الاسم تُطلق على الكنية وعلى الصفة ، وقد استعملها الفصحاء ودارت بها ألسنتهم ووردت في الأحاديث ، حتّى ذكر الإمامان البخاري ومسلم ( رضي الله عنهما ) ، كلّ منهما يرفعه إلى سهل بن سعد الساعديرضي‌الله‌عنه أنّه قال عن عليٍّرضي‌الله‌عنه : إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم سمّاه بأبي تراب ولم يكن له اسم أحبّ إليه منه ، فأطلق لفظة الاسم على الكنية ، ومثل ذلك قول الشاعر :

أُجِلّ قدرك أن تسمي مؤبنةً

ومن كناك فقد سمّاك للعربِ

ويروى : ومن يصفك ، فأطلق التسمية على الكناية أو الصفة ، وهذا شائعٌ ذائعٌ في لسان العرب .

فإذا وضح ما ذكرناه من الأمرين ، فاعلم أيّدك الله بتوفيقه : أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان له سبطان : أبو محمّد الحسن وأبو عبد الله الحسين ، ولمّا كان الحجّة الخلف الصّالح محمّدعليه‌السلام ومن ولد أبي عبد الله الحسين ولم يكن من ولد أبي محمّدٍ الحسن ، وكانت كنية الحسين أبا عبد الله ، فأطلق النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على الكنية لفظ الاسم ؛ لأجل المقابلة بالاسم في حقّ أبيه ، وأطلق على الجدّ لفظة الأب ، فكأنّه قال : يواطئ اسمه اسمي فهو محمّد ، وأنا محمّد ، وكنية جدّه اسم أبي ، إذ هو أبو عبد الله وأبي عبد الله ، لتكون تلك الألفاظ المختصرة جامعة لتعريف صفاته وإعلام أنّه من ولد أبي عبد الله الحسين بطريق جامع موجز ، وحينئذٍ تنتظم الصّفات وتوجد بأسرها مجتمعة للحجّة الصالح محمّدعليه‌السلام ، وهذا بيان شافٍ كافٍ في إزالة ذلك الإشكال ، فافهمه .

١٧٨

وأمّا ولده ، فلم يكن له ولد ليذكر ، لا أُنثى ولا ذكر .

وأمّا عمره ، فإنّه في أيّام المعتمد على الله ، خاف فاختفى وإلى الآن ، فلم يمكن ذكر ذلك ، إذ مَن غاب ـ وإن انقطع خبره ـ لا توجب غيبته وانقطاع خبره الحكمَ بمقدار عمره ولا بانقضاء حياته ، وقدرة الله تعالى واسعة وحكمه وألطافه بعباده عظيمة عامّة ، ولو رام عظماء العلم أن يدركوا حقائق مقدوراته وكنه قدرته ، لم يجدوا إلى ذلك سبيلاً ، ولانقلب طرف تطلّعهم إليه حسيراً وحدّه كليلاً ، ولتلا عليهم لسان عجزهم عن الإحاطة به( وَمَا أُوتِيتُم مّنَ الْعِلْمِ إِلاّ قَلِيلاً ) (١) ، وليس ببدع ولا مستغرب تعمير بعض عباد الله المخلصين وامتداد عمره إلى حين ، فقد مدّ الله سبحانه وتعالى أعمار جمعٍ كثيرٍ من خلقه من أصفيائه وأوليائه ، ومن مطروديه وأعدائه .

فمن الأصفياء عيسىعليه‌السلام ، ومنهم الخضرعليه‌السلام ، وخلق آخرون من الأنبياءعليهم‌السلام طالت أعمارهم ، حتّى جاز كلّ واحدٍ منهم ألف سنة أو قاربها كنوحعليه‌السلام وغيره .

وأمّا من الأعداء المطرودين فإبليس ، وكذلك الدجّال

ومن غيرهم كعادٍ الأُولى كان فيهم مَنْ عمّره ما يقارب الألف ، وكذلك لقمان صاحب البلاء ؛ وكلّ هذا لبيان اتّساع القدرة الربانيّة في تعمير بعض خلقه ، فأيّ مانعٍ يمنع من امتداد عمر الخلف الصالح إلى أن يظهر ، فيعمل ما حكم الله تعالى له به .

وحيث وصل الكلام إلى هذا المقام ، وانتهى جريان القلم بما خطّه من هذه الأقسام الوسام ، فلنختمه بالحمد لله ربّ العالمين ؛ فإنّها كلمة مباركة جعلها الله سبحانه وتعالى آخر دعوى أهل جنانه ، وخصّها بمن اجتباه من خلقه وكساه ملابس رضوانه )(٢) .

ترجمة ابن طلحة الشافعي

هو : أبو سالم محمّد بن طلحة بن محمّد القرشي العدوي الشافعي المتوفّى سنة ٦٥٢ ، ترجم له الذهبي في سِيَر أعلام النبلاء ٢٣/٢٩٣ ووصفه بالعلاّمة الأوحد ، برع في المذهب وأُصوله وشارك في فنون ، ولكنّه دخل في

ـــــــــــــــــ

(١) سورة الإسراء ١٧ : ٨٥ .

(٢) مطالب السئول في مناقب آل الرسول : ٣١١ ـ ٣٢٠ .

١٧٩

هذيان علم الحروف ، وتزهّد ، وقد ترسّل عن الملوك ، وولي وزارة دمشق يومين وتركها ، وكان ذا جلالةٍ وحشمة وتوجد ترجمته كذلك في كثير من كتب التاريخ والرجال ، كالبداية والنهاية ، والعبر ، والنجوم الزاهرة ، وشذرات الذهب ، في وقائع السنة المذكورة وفي طبقات الشافعيّة الكبرى للسبكي ٨/٦٣ الترجمة رقم ١٠٧٦ والوافي بالوفيات ٣/١٧٦ .

الشيخ ولي الله الدهلوي

وقال شاه ولي الله الدهلوي ـ وهو والد الشيخ عبد العزيز الدهلوي ، صاحب التحفة الاثني عشرية ـ في (مسلسلاته ) الموسومة بـ (الفضل المبين ) :

( قلت : شافهني ابن عقلة بإجازة جميع ما يجوز له روايته ، ووجدت في مسلسلاته حديثاً مسلسلاً بانفراد كلّ راوٍ من رواته بصفةٍ عظيمة تفرّد بها ، قالرحمه‌الله : أخبرني فريد عصره الشيخ حسن بن علي العجيمي ، أنا حافظ عصره جمال الدين البابلي ، أنا مسند وقته محمّد الحجازي الواعظ، أنا صوفي زمانه الشيخ عبد الوهاب الشعراوي ، أنا مجتهد عصره الجلال السيوطي، أنا حافظ عصره أبو نعيم رضوان العقبي ، أنا مقرئ زمانه الشمس محمّد ابن الجوزي ، أنا الإمام جمال الدين محمّد بن محمّد الجمّال زاهد عصره ، أنا الإمام محمّد بن مسعود محدّث بلاد فارس في زمانه ، أنا شيخنا إسماعيل بن مظفّر الشيرازي عالم وقته ، أنا عبد السلام بن أبي الربيع الحنفي محدّث زمانه ، أنا أبو بكر عبد الله بن محمّد بن شابور القلانسي شيخ عصره ، أنا عبد العزيز ، ثنا محمّد الآدمي إمام أوانه ، أنا سليمان بن إبراهيم بن محمّد بن سليمان نادرة عصره ، ثنا أحمد بن محمّد بن هاشم البلاذري حافظ زمانه ، ثنا محمّد بن الحسن بن علي المحجوب إمام عصره ، ثنا الحسن بن علي ، عن أبيه ، عن جدّه ، عن أبي جدّه عليّ بن موسى الرضا ، ثنا موسى الكاظم ، قال : ثنا أبي جعفر الصادق ، ثنا أبي محمّد الباقر بن علي ، ثنا أبي عليّ بن الحسين زين العابدين السجّاد ، ثنا أبي الحسين سيّد الشهداء ، ثنا أبي عليّ بن أبي طالب سيّد الأولياء قال : أخبرنا سيّد الأنبياء محمّد بن عبد اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال :

أخبرني جبرئيل سيّد الملائكة قال : قال الله تعالى سيّد السادات : إنّي أنا الله لا إله إلاّ أنا ، من أقرّ لي بالتوحيد دخل حصني ، ومن دخل حصني أمن من عذابي .

١٨٠