استخراج المرام من استقصاء الإفحام الجزء ٢

استخراج المرام من استقصاء الإفحام0%

استخراج المرام من استقصاء الإفحام مؤلف:
تصنيف: مناظرات وردود
الصفحات: 456

استخراج المرام من استقصاء الإفحام

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: السيد علي الحسيني الميلاني
تصنيف: الصفحات: 456
المشاهدات: 209236
تحميل: 7031


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 456 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 209236 / تحميل: 7031
الحجم الحجم الحجم
استخراج المرام من استقصاء الإفحام

استخراج المرام من استقصاء الإفحام الجزء 2

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

اِستخْـراجُ المَـرَامِ مِن استِقصَاءِ الإفْحام

لِلعَلَمِ الحُجَّةِ آيَةِ اللهِ السَّيّد حامِد حُسين اللّكهَنَوي

بُحوُثٌ وَرُدُودٌ

تأليف

السَّيد عَليّ الحُسَينيّ الميلانْيّ

القِسمُ الثَّانِي

التَّفسيرُ وَالمُفَسِّرُونَ وَالصِّحَاحُ السِّتَّةُ وأصحابُها

١

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

الكتاب : استخراج المرام من استقصاء الإفحام ـ ٢

المؤلّف : السيّد علي الحُسيني الميلاني

الطبعة : الأُولى ـ ١٣٨٣ ـ ١٤٢٥

المطبعة : شريعَت ـ قم

الناشر : المؤلّف

٢

الباب الثاني : التفسير والمفسّرون عند أهل السنّة

المدخل

بحثٌ حول تفسير عليّ بن إبراهيم القمّي

اعلم :

إنّ صاحب( منتهى الكلام ) بعد أنّ تكلّم على ( كتاب سُلَيم بن قَيس الهِلالي ) ، تعرّضَ ـ بنفس الأُسلوب ـ لكتاب ( تفسير عليّ بن إبراهيم القمّي ) .

كلام صاحب منتهى الكلام في تفسير القمّي

فزَعَم أنّ هذا التفسير هو في الحقيقة تفسير أهل البيتعليهم‌السلام وكأنّهُ كلام الإمام الباقر والإمام الصادق ،...

وذكر أنّ جامع هذا التفسير هو عليّ بن إبراهيم القمّي ، وأنّ أبا جعفر الكُليني مِن تلامذتِه ـ كما ذكر عُلماء الإماميّة في كتبهم الرجاليّة ويشهد به كتاب الكافي ـ وهو من أصحاب الإمام بخلاف تلميذه الكليني ، فقد كان في أيّام الغيبة ، كما في كُتب الرجال .

ثمّ جَعَل يطعن في الكتاب ومؤلّفِه... فقال : بأنّ جُلّ الروايات فيه هي عن ( أبي الجارود ) ، وهو ـ بلا ريبٍ ـ مُلحدٌ زنديق ملعون على ألسِنَة أئمّة الهدى ، بل لقد لقّبه المعصوم بـ ( الشيطان )... كما لا يخفى على مَن لاحظ كُتُب القوم ، مثل : (تبصرة العوام ) و(تذكرة الأئمّة عليهم‌السلام ) و(منهج المقال )

و(خلاصة الأقوال ) وأمثالها من كُتُب الرجال .

ذكر الفاضل الإسترآبادي نقلاً عن الكشّي : ( الأعمى السُرحوب ـ بالسين المُهملة المضمومة ، والراء والحاء المهملتين والباء المنقّطة تحتها نقطة واحدة بعد الواو ـ مذمومٌ لا شبهة في ذمّه ، سمّي سُرحوباً باسم الشيطان الأعمى يَسكُن البحر .

٣

 ( قال ) : له تفسيرٌ يَنسبه إلى الإمام محمّدٍ الباقر ، وعن أبي بَصير قال أبو عبد اللهعليه‌السلام :( كثير النوا ، وسالم بن أبي حفصة ، وأبو الجارود ، كذّابون مُكذِّبون كُفّار عليهم لعنة الله ) ، قال: قلت : جُعِلت فداك ، كذّابون قد عرفتهم ، فما معنى مكذِّبون ؟ قال :( كذّابون ، يأتوننا فيُخبروننا أنّهم يصدّقوننا وليس كذلك ، ويَسمعون حديثنا فيكذّبون به ) )(١) .

قالوا : وقد كان يقول بإمامةِ زيد ويَنكر إمامة جعفر الصّادقعليه‌السلام ، وهو المؤسّس لفرقة الجاروديّة من الزيديّة...

والشيخ محمّد باقر صاحب البحار ـ وبالرغم من الاستدلال والاستشهاد بروايات تفسير هذا الزنديق ، والأخ الأكبر لشيطان الطاق ـ قد ذَكر ما تقدّم في كتابه ( تذكرة الأئمّة ) وأضاف أنّه قد ارتدّ في آخر عمره وعمي ، فلقّبه الإمام الباقر بـ( سُرحوب ) وهو اسم شيطان يَسكن البحر ، ومذهب أصحابه أنّ الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قد نصّ بالخلافة على عليّ بالصفة لا بالتسمية .

وإذا كان هذا حال علماء الشيعة وكتبهم ، فكيف يجوز لهم الطعن في علماء أهل السنّة والجماعة والتكلّم في مؤلّفاتهم ؟!

الجواب

إنّ أساس الطّعن في ( تفسير القمّي ) هو الطّعن في ( زياد بن المنذر أبي الجارود ) ، لكنّ ما ذَكَره في هذا الرجل مُندفعٌ بوجوه :

ـــــــــــــــــــ

(١) رجال الكشّي : ٢٠٠.

٤

١ ـ كان أبو الجارود في أوّل الأمر مُستقيماً

لقد كان أبو الجارود مستقيم الأمر ، صحيح العقيدة ، ثمّ تغيّر وضلّ ، فمِن أين يَثبُت أنّ رواياته في هذا التفسير كانت في حال التغيّر ؟ بل إنّ كلام الفاضل المجلسي في( اللّوامع ) صريحٌ في أنّ روايات الأصحاب عنه كانت في حال استقامته ، وكذا في رجال( روضة المتّقين ) ، فإنّه قال ما نصّه : ( صنّف الأصل في حال الاستقامة ، وروى أصحابنا عنه ، ثمّ ضلّ ، فاعتبروا أصله كما في غيره من الكَفَرَة )(١) .

هذا وقد ناقش بعض علمائنا في خبر تسمية الإمام الباقرعليه‌السلام له بـ ( السُرحوب ) ، أمّا سنداً فلأنّه مُرسَل ، وأمّا دلالةً فلأنّ زياداً كان مستقيماً على عهد الإمامعليه‌السلام وإنّما تغيَّر بعد وفاته بعدّةٍ سنين فراجع .

المعتبر في قبول الرواية حال الأداء

ثم إنّه قد تقرّر لدى علماء الفريقين ، أنّ المعتبر في قبول الرواية حال الراوي في وقت الأداء ، فإذا كان حاله سليماً في وقت الأداء تُقبل روايته ولو كان قبل ذلك مقدوحاً ، أو خرج بعد ذلك عن الاستقامة... ولأجل التيقّن من هذا الذي ذَكَرته أنْقل كلاماً لأحد أكابر أصحابنا ، وكلاماً لأحد أكابر الأئمّة عند أهل السنّة .

أمّا مِن أصحابنا ، فالشيخ بهاء الدين العاملي المتوفّى سنة ١٠٣١ وهو

ـــــــــــــــــــ

(١) روضة المتّقين للشيخ محمّد تقي المجلسي ١٤ : ٣١٤ .

٥

العالم النحرير الذي جاء مَدحه في ( ريحانة الألباء ) لشهاب الدين الخفاجي ـ وهو شيخ مشايخ وليّ الله والد صاحب التحفة ـ قائلاً : ( لا يَدرك بحر وصفه الإغراق ، ولا تلحقه حَرَكَات الأفكار ولو كان في مضمار الدهر لها السباق ، زيّن عبائره العلوم النقليّة والعقليّة ، ومَلَك بنقد ذهنه الجواهر السنيّة...) (١) .

لقد قال شيخنا البهائي في كتاب( مشرق الشمسَين ) ما نصّه : ( المُعتبرُ حالُ الراوي وقت الأداء لا وقت التحمّل ، فلو تحمّل الحديث طِفلاً أو غير إمامي أو فاسقاً ، ثمّ أدّاه في وقتٍ يُظَنّ أنّه كان مُستجمِعاً فيه لشرائط القَبول قُبِل...)

( قال ) : المُستفاد من تَصفّح كُتُب علمائنا المؤلّفة في السيَر والجرح والتعديل : إنّ أصحابنا الإماميّة ـ رحمهم الله ـ كان اجتنابُهم عن مخالطة مَن كان مِن الشيعة على الحقّ أوّلاً ، ثمّ أُنكر إمامة بعض الأئمّةعليهم‌السلام في أقصى المراتب ، وكانوا يحترزون عن مُجالستهم والتكلّم معهم ، فضلاً عن أخذ الحديث عنهم ، بل كان تظاهرهم بالعداوة لهم أشدّ من تظاهرهم بها للعامّة....

( قال ) : فإذا قَبِل علماؤنا ـ سيّما المتأخّرون منهم ـ روايةً رواها رجلٌ مِن ثقات أصحابنا عن أحد هؤلاء ، وعوّلوا عليها ومالوا إليها وقالوا بصحّتها ، مع علمهم بحاله ، فقبولهم لها وقولهم بصحّتها لا بدّ من ابتنائه على وجهٍ صحيح لا يتطرّق به القدح إليهم ، ولا إلى ذلك الرجل الثقة الراوي عمّن هذا حاله ، كأنْ يكون سُماعه منه قبل عدوله عن الحق وقوله بالوقوف ، أو بعد توبته ورجوعه إلى الحق ، أو أنّ النقل إنّما وقَعَ من أصلِه الذي ألّفه واشتهر عنه قبل الوقف ، أو من كتابه الذي ألّفهُ بعد الوقف ، ولكنّه أخَذَ ذلك الكتاب عن شيوخ أصحابنا

ـــــــــــــــــــ

(١) وتوجد ترجمته في : خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر٣ : ٤٤٠ ـ ٤٤٥ .

٦

الذين عليهم الاعتماد...) ثمّ ذكر أمثلة لذلك ، واستشهد بكلمات أعلام الطائفة (١) .

وأمّا مِن أئمّة السنيّة ، فقال النووي في ( شرح صحيح مسلم ) : ( فصلٌ ـ في حكم المختلط : إذا خَلَط الثقة ـ لاختلال ضبطه بخَرَفٍ أو هَرَمٍ أو لذهاب بصره أو نحو ذلك ـ قُبِل حديث مَن أخذ عنه قَبل الاختلاط ، ولا يُقبَل حديثُ مَن أخذ بعد الاختلاط ، أو شككنا في وقت أخذه ) ، ثمّ ذكَر بعض المُخَلِّطين... ثمّ قال : ( واعلم : أنّ ما كان من هذا القبيل محتجّاً به في الصحيحين ، فهو ممّا عُلِمَ أنّه أُخِذَ قَبل الاختلاط...)(٢) .

وعلى الجملة ، فقد عرفت أنّ رواية أصحابنا عن أبي الجارود كانت قبل ضلالته ، وأنّ المُعتبر في قَبول الرواية هو حال وقت الأداء... فسقط الطّعن في تفسير القمّي ، لكون أبي الجارود في أسانيده .

٢ ـ أبو الجارود من رجال الترمذي

ثمّ إنّ الطعن في ( أبي الجارود ) يُوجِب الطعن في ( صحيح الترمذي ) الذي هو أحَد الصحّاح الستّة عند القوم ، والذي قال مؤلّفه عنه ( مَن كان في بيته هذا الكتاب ، فكأنّما في بيته نبيٌّ يتكلّم )(٣) ، كما لا يخفى على مَن راجع كُتُب الرجال(٤) ، وإليك طرفاً مِن كلماتهم في ذمّه :

( قال ابن معين : كذّاب ، وقال النسائي : متروك ، وقال ابن حبّان : رافضي

ـــــــــــــــــــ

(١) مشرق الشمسين : ٧ ـ ٨ ط مع الحبل المتين له ـ حجري .

(٢) المنهاج ـ شرح صحيح مسلم بن الحجّاج ١: ٣٤ وانظر : تدريب الراوي في شرح تقريب النواوي ٢: ٣٢٣ ـ ٣٣١.

(٣) تهذيب التهذيب ٩ : ٣٨٩ .

(٤) الكاشف عن أسماء رجال الكُتب الستّة ١ : ٢٨٧ رقم ١٧٢٤ ، تقريب التهذيب ١ : ٢٧٠.

٧

يضع الحديث في المثالِب والفضائل ، وقال الحسين بن موسى النوبختي في كتاب مقالات الشيعة : قال الجاروديّة ـ وهُم أصحاب أبي الجارود زياد بن المنذر ـ : إنّ عليّاً أفضل الخَلْق بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وتبرّؤا من أبي بكر وعُمَر ، وزعموا أنّ الإمامة مقصورة في وِلْد فاطمة ، وبعضُهم يرى الرجعة ويُحلّ المتعة ) (١) .

وقال الشهرستاني في( الملل والنحل ) : ( وأمّا أبو الجارود ، فكان يُسمّى سُرحوباً ، سمّاه بذلك أبو جعفر محمّد بن عليّ الباقررضي‌الله‌عنه ، وسُرحوب شيطانٌ أعمى يَسكن البحر )(٢) .

٣ ـ صحّح البيهقي روايته

وقد صحّح الحافظ البيهقي حديث أبي الجارود كما جاء في( السيرة الحلبيّة ) : ( قال ابن كثير في بعض الأحاديث الواردة أنّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم سَمِع الأذان في السماء ليلة المعراج : هذا الحديث ليس كما زعم البيهقي : إنّه صحّح بل هو منكر ، تفرّد به زياد بن المنذر أبو الجارود الذي تُنسَب إليه الفرقة الجاروديّة ، وهو من المتّهمين )(٣) .

٤ ـ رواياته في تفسير شاهي

وقد وردت روايات أبي الجارود في ( تفسير شاهي ) ، كالرواية بتفسير

ـــــــــــــــــــ

(١) تهذيب المال ٩ : ٥١٧ ـ ٥٢٠ .

(٢) الملل والنحل ١ : ١٠٩ .

(٣) السيرة الحلبيّة ٢ : ٣٠٢ باب بدء الأذان ومشروعيّته .

٨

قوله تعالى ( قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي... ) (١) ، نقلاً عن بعض التفاسير : ( في رواية أبي الجارود ، عن أبي جعفر رضي‌الله‌عنه ، في قوله تعالى : ( قُلْ هَـذِهِ سَبِيلِي... ) يعني نفسه ، ومَن تبعه عليّ بن أبي طالب كرّم الله وجهه .

وهذا التفسير من التفاسير المشهورة المعروفة عند أهل السنّة ، وقد ذكره صاحب( التحفة ) وغيره في عِداد تفاسير أهل السنّة المُعتمدة .

٥ ـ رواياته في تفسير ابن شاهين

وللحافظ أبي حفص عُمَر بن أحمد بن شاهين تفسيرٌ كبير ، أكثَرَ فيه الرواية عن أبي الجارود في تفسير الآيات ، بل أورَد فيه كلّ تفسيره.....

وابن شاهين حافظٌ ، واعظٌ ، مفسّرٌ ، ثقةٌ ، صَدُوقٌ ، مُكثرٌ من الحديث... كما بتراجمه...(٢)

قال ابن حَجَر العسقلاني : ( عُمر بن أحمد ، بن عثمان ، بن أحمد ، بن محمّد ، بن أيّوب ، بن ازداد ، بن سراح ، الواعظ ، أبو حفص ابن شاهين وشاهين أحد أجداد جدّه لأُمّه ، ولد سنة ٢٩٧.... رَوى عنه : ابنه عبد الله ، وابن أبي الفوارس ، وهلال الحفّار ، والبرقاني ، والأزهري ، والخلال ، والتنوخي ، والعتيقي ، والجوهري وآخرون .

قال الخطيب : أنا أبو الحسن الهاشمي القاضي قال : قال لنا ابن شاهين : صنّفت ثلاثمِئة وثلاثين مصنّفاً ، منها : التفسير الكبير ألف جزء ، والمسند...

ـــــــــــــــــــ

(١) سورة يوسف : ١٠٨ .

(٢) مرآة الجنان ٢ : ٣٢٠ سنة ٣٨٥ ، الأنساب ـ الشاهيني ٣ : ٤١٢ .

٩

قال : وسمِعت محمّد بن عُمر الداودي يقول : كان ابن شاهين شيخاً ثقة يشبه الشيوخ ، إلاّ أنّه كان لحّاناً ، وكان لا يعرف مِن الفقه قليلاً ولا كثيراً... قال الداودي : وقال لي الدار قطني يوماً : ما أعمى قلب ابن شاهين ! حَمَل إليّ كتابه الذي صنّفه في التفسير ، وسألني أنْ أُصلِح ما أجد فيه مِن الخطأ ، فرأيته وقد نقل تفسير أبي الجارود وفرّقه في الكتاب ، وجعله عن أبي الجارود ، عن زياد بن المنذر ، وإنّما هو عن أبي الجارود زياد بن المنذر .

وقال حمزة السهمي : سمعت الدار قطني يقول : ابن شاهين يُخطئ ويَلحُّ على الخطأ وهو ثقة )(١) .

من غرائب أوهام صاحب منتهى الكلام

ومِن غرائب أوهام صاحب كتاب منتهى الكلام أنّه لمّا كان ـ في كتابٍ آخر له ـ بصدد الطّعن في عليّ بن إبراهيم وتفسيره ، بسبب الرواية عن أبي الجارود فيه ، استند إلى كلام العلاّمة الحلّي في( خلاصة الأقوال ) وقوله فيه : ( أضرّ في وسط عمره ) ، فتوّهم أنّ هذه الكلمة جرحٌ مِن العلامة لأبي الجارود ، ولَم يفهم أنّ معنى الكلمة : كونه ضريراً ـ أي أعمى ـ في وسَط عمره... وهذا ليس بجرحٍ وقدح ، كما هو واضح .

وقد ذَكَر هذا الوصف بترجمة كثير مِن العلماء :

كحمّاد بن زيد ، أحد الأعلام ، المتوفّى سنة ١٧٩.

وأحمد بن يوسف الكواشي المفسّر الفقيه الشافعي ، المتوفّى سنة ٦٨٠ .

وابن كثير الدمشقي صاحب التاريخ والتفسير ، المتوفّى سنة ٧٧٤ .

ـــــــــــــــــــ

(١) لسان الميزان ٤ : ٣٢٧

١٠

وصف بعض الأعاظم بـ ( الشيطان )

وأمّا التشنيع على تفسير القمّي : بإخراج روايات مؤمن الطّاق فيه ، فتلكَ شكاةٌ ظاهرٌ عنك عارُها... فإنّ الإماميّة يفتخرون بالرواية عن هذه الشخصيّة العظيمة... كيف ؟ وقد ذكر الحافظ ابن حَجَر : أنّ الإمام الصادقعليه‌السلام كان يقدّمه ويثني عليه(١) .

وليس وصفه بـ ( الشيطان ) بضائره أبَداً... فلقد وُصِف غير واحدٍ مِن الأعلام بهذا الوصف...

فقد ذكروا بترجمة محمّد بن سعد بن أبي وقّاص : ( كان يلقّب ظلّ الشيطان لقصره )(٢) .

وبترجمة عمرو بن سعيد العاص : ( سُمِّي لطيمَ الشيطان )(٣) .

بل ذكر الراغب الأصفهاني في( محاضرات الأُدباء ) : انّه قد مرّ عُمَر بصبيانٍ ـ وفيهم عبد الله بن الزبير ـ فعدا الصبيان ووقف عبد الله بن الزبير ، فقال عُمَر : ولِم لم تذهب مع الصبيان ؟ فقال : يا أمير المؤمنين لم أجْنِ عليك فأخافك ، ولم يكن للطريق ضيق فأوسع عليك فقال : أيّ شيطانٍ يكون هذا ؟

ـــــــــــــــــــ

(١) لسان الميزان ٦ : ٣٧٩/ ضمن ( ٧٨٧٢ ) .

(٢) تقريب التهذيب ٢ : ١٦٣.

(٣) فوات الوفيّات ٣ : ١٦١.

١١

قول بعض عرفائهم :

أشهد أنْ لا إله لكم إلاّ إبليس

وأيّ قُبحٍ في أنْ يُلقّب أحدٌ باسم الشيطان ، وهُم ينقلون عن بعض كِبار عرفائهم ما تقشعرّ منه الجلود ؟

لقد ذكر الشيخ العارف الكبير عبد الوهّاب الشعراني بترجمة أحد كبار عُرفائهم الأخيار ، أنّه جاء يوم الجمعة فسألوه الخطبة فقال : بسم الله ، فطَلَع المنبر ، وحَمِد الله وأثنى عليه ومجّده ، ثمّ قال : ( وأشهد أنْ لا إله لكم إلاّ إبليسعليه‌السلام ) .

فقال الناس : كَفَر .

فسلّ السيف ونزل ، فهرّ بالناس كلّهم .

فجلس عند المنبر إلى أذان العصر ، وما يجرؤ أحدٌ يدخل الجامع...(١) .

نقودٌ أُخرى لكلام الفيض آبادي

وبقيت نقاطٌ أُخرى ننبّه عليها :

أوّلاً : إنّ إسناد الروايات إلى أئمّة الهدىعليهم‌السلام في( تفسير القمّي ) لا يدلُّ بالضرورة على ثبوت صدور تلك الأخبار عنهم ، وإلاّ لزم أنْ يلتزم أهلُ السنّة بقطعيّة صُدور كلّ ما أُسند إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في كُتُبِهم... فلا صاحب( البحار ) ولا صاحب كتاب( الفوائد المدنيّة ) ولا غيرهما مِن علماء الإماميّة يرى صحّة جميع ما جاء في هذا التفسير .

ـــــــــــــــــــ

(١) لواقح الأنوار في طبقات الأخيار ـ ترجمة الشيخ محمّد الخضرمي .

١٢

وثانياً : دعوى أنّ ( عليّ بن إبراهيم القمّي ) مِن أصحاب الإمامعليه‌السلام لا دليلَ عليها في كُتب أصحابنا الإماميّة أصلاً .

وثالثاً : دعوى أنّ جُلّ روايات هذا التفسير عن أبي الجارود ، مخالفة للواقع ؛ إذْ أكثر رواياته هي عن غيره من الرواة ، كما لا يخفى على مَن لاحظه بالتفصيل .

ورابعاً : إنّه لا ملازمة بين فساد العقيدة والكذب في الحديث ، وكم من محدّثٍ تكلّموا في عقيدته ، ثُمّ نصّوا على كونه ثقةً في الرّواية...

وخامساً : انتساب كتاب( تذكرة الأئمّة ) غير ثابت .

وسادساً : دعوى أنّ السيخ المجلسي قد استدلّ أو استشهد بروايات تفسير أبي الجارود ، عُهدَتها على مُدّعيها .

وبعـد

فكأنّ هذا الرجل الذي يُحاول الطّعن في( تفسير القمّي ) وسنده ، في غفلةٍ عن حال كُتب أصحابه في التفسير ورواة أخبارها ، فإليكم بعض الكلام في ذلك ، تحت عنوان ( التفسير والمُفسّرون ) عند أهل السنّة :

مقدّمة

كلمات في ذمّ كتبهم التفسيريّة

رُوي عن أحمد بن حنبل كلمة موجزة في التفسير والمفسّرين عند القوم تدلّ على معنىً عظيم ، فقد جاء في( تذكرة الموضوعات ) :

١٣

( قال أحمد بن حنبل : ثلاث كُتُب ليس لها أُصول : المغازي ، والملاحم ، والتفسير ) (١) .

وقد ثَقُل هذا الكلام على القوم ، وجعلوا يذكرون له المحامل والتأويلات....

( قال الخطيب : هذا محمولٌ على كُتُبٍ مخصوصةٍ في هذه المعاني الثلاثة غير معتمدٍ عليها ؛ لعدم عدالة ناقليها وزيادة القصّاص فيها )(٢) .

لكنْ لا يخفى عدم صحّة هذا الحمل... على أنّ في كُتب الحديث أيضاً كُتباً غيرَ معتمدٍ عليها لعدم عدالة ناقليها ، فكان عليه أنْ يذكر كتب الحديث كذلك...

وقال السيوطي في( الإتقان ) ناقلاً عن ابن تيميّة في أقسام التفسير :

( وأمّا القسم الذي يُمكن معرفة الصحيح منه ، فهذا موجود كثيراً ولله

ـــــــــــــــــــ

(١) تذكرة الموضوعات : ٨٢ .

(٢) تذكرة الموضوعات : ٨٢ .

١٤

الحمد ، وإنْ قال الإمام أحمد : ثلاثةٌ ليس لها أصل : التفسير والملاحم والمغازي ؛ وذلك لأنّ الغالب عليها المراسيل ) (١) .

لكنْ إذا كان الغالب عليها المراسيل ، فما معنى حمد الله على وجودها ؟ !

وكون الغالب عليها المراسيل وجهٌ آخر مِن وجوه الطعن في تفاسيرهم...

لكنّ بعض الأئمّة يصرّحون بأنّ كُتب التفسير عندهم مشحونة بالموضوعات ، فقد قال المناوي في ( فيض القدير ) :

( اجتهدت في تهذيب عَزْوِ الأحاديث إلى مُخرجيها مْن أئمّة الحديث مِن الجوامع والسُنَن والمسانيد ، فلا أعزو إلى شيء منها إلاّ بعد التفتيش عن حاله وحال مُخرجه ، ولا أكتفي بعزوِه إلى مَن ليس مِن أهله وإنْ جلّ ، كعظماء المفسّرين ، قال ابن الكمال : كتب التفسير مشحونة بالأحاديث الموضوعة )(٢) .

بل لقد نصَّ المحدّث شاه ولي الله الدهلوي ، في تفسيره ( الفوز الكبير ) ، بأنّ الأخبار المطوَّلة المرويّة في كُتب التفسير في قصص الأنبياء السابقين ، كلّها منقولة عن علماء أهل الكتاب ، وفي البخاري مرفوعاً : لا تصدّقوا أهل الكتاب ولا تكذّبوهم .

وقال شيخهم الأعظم ابن عربي ، في الباب الثاني والسبعين بعد الثلاثمائة ، من( الفتوحات المكيّة ) :

( وفيه علم تنزيه الأنبياء عمّا نَسَب إليهم المفسّرون من الطامّات ممّا لم يجيء في كتاب الله ، وهُم يزعمون أنّهم قد فسّروا كلام الله فيما أخبر به

ـــــــــــــــــــ

(١) الإتقان في علوم القرآن ٤: ٢٠٥.

(٢) فيض القدير في شرح الجامع الصغير ١ : ٢٠ .

١٥

عنهم ، نسألُ اللهَ العصمةَ في القول والعمَل ، فلقد جاؤوا في ذلك بأكبر الكبائر ، كمسألة إبراهيم الخليل عليه‌السلام وما نسبوا إليه من الشكّ ، وما نظروا في قول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ( نحن أولى بالشكّ مِن إبراهيم ، فإنّ إبراهيم ما شكّ في إحياء الموتى ، ولكنْ لمّا علم أنّ لإحياء الموتى وجوهاً مختلفة ، لم يدرِ بأيّ وجهٍ منها يكون إحياء الموتى ، وهو مجبول على طلب العلم ، فعيّن الله له وجهاً مِن تلك الوجوه حتّى سكّنَ الله قلبه ، فعَلِم كيف يُحيي الله الموتى ) .

وكذلك قصّة يوسف ولوط وموسى وداود ومحمّد ، على جميعهم أفضل الصّلاة والسّلام .

وكذلك ما نَسَبُوه في قصّة سليمانعليه‌السلام إلى المَلَكَين .

وكلّ ذلك نقلوه عن اليهود ، واستحلّوا عرض الأنبياء والملائكة بما ذكرته اليهود الذين جرحهم الله تعالى ، وملأوا كُتبهم في تفسير القرآن العزيز بذلك ، وما في ذلك نصٌّ في كتاب الله ولا في سنّة رسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، والله يَعصمنا من غلطات الأفكار والأقوال والأفعال ) .

وأورد الشيخ عبد الوهّاب الشعراني كلام الشيخ ابن عربي المتقدّم ، حيث قال ما نصّه :

( قال الشيخ في الباب الثاني والسبعين وثلاثمائة من الفتوحات المكّيّة : يجب قطعاً تنزيه الأنبياء ممّا نسبه إليهم بعض المفسّرين من الطامّات ، ممّا لم يجيء في كتاب الله ولا سنّة صحيحة ، وهُم يزعمون أنّهم قد فسّروا قصصهم الّتي قصّها الله تعالى علينا .

وكذبوا والله في ذلك ، وجاؤوا فيه بأكبر الكبائر .

وذلك كمسألة إبراهيم الخليل على نبيّنا وعليه الصلاة والسلام ، وما نسبوه إليه مِن وقوع الشكّ بحسب ما يتبادر إلى الأذهان ، وما نظروا في قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :( نحن أولى بالشكّ مِن إبراهيم ، وذلك أنّ إبراهيم عليه‌السلام لم يشكّ في إحياء الله تعالى الموتى ، معاذ الله أنْ يشكّ نبيٌّ في مثل ذلك ، وإنّما كان يعلم أنّ لإحياء الموتى طُرُقاً ووجوهاً متعدّدة ، لم يدرِ بأيّ وجهٍ منها يكون إحياء الله تعالى للموتى ، وهو مجبولٌ على طلب الزيادة مِن العِلم ، فعيّن الله تعالى وجهاً مِن تلك الوجوه فسكّن ما كان عنده ، وعَلِم حينئذٍ كيف يحيي الموتى ، فما كان السّؤال إلاّ عن معرفةِ الكيف لا غير ) .

١٦

وكذلك القول في قصّة سُليمان وما نسبوه إلى المَلَكين هاروت وماروت .

كلّ ذلك لم يرد في كتابٍ ولا سنّة ، وإنّما ذلك نُقِل عن اليهود ، فاستحلّوا أعراض الأنبياء والملائكة بما ذكروه لهم من جرحهم أنبياء الله تعالى ، وملأوا تفاسيرهم للقرآن مِن ذلك ، فالله يحفظنا وإخواننا مِن غَلَطَات الأفكار والأفعال والأقوال ، آمين ، إنتهى .

وأيضاً ، قال في الباب الرابع والخمسين ومئة : ينبغي للواعظ أنْ يراقب الله تعالى ، في أنبيائه وملائكته ويَستحي مِن الله عزّ وجلّ ، ويتجنّب الطامّات في وعظهِ ، كالقول في ذات الله بالفكر ، والكلام على مقامات الأنبياء عليهم الصّلاة والسلام مِن غير أنْ يكون وارثاً لهم ، فلا يتكلّم قطّ على زلاّتهم بحسب ما يتبادر إلى أذهان الناس بالقياس إلى غيرهم ؛ فإنّ الله تعالى قد أثنى على الأنبياء حُسن الثناء بعد أنْ اصطفاهم مِن جميع خلقه ، فكيف يستحلّ أعراضهم بما ذكره المؤرّخون عن اليهود .

قال : ثمّ إنّ الداهية العُظمى جَعْلُهم ذلك تفسيراً لكلام الله تعالى .

وفي تفسيرهم : قال المفسّرون في قصّة داود أنّه نظر إلى امرأة أُوريا فأعجبته ، فأرسله في غزاة لِيَموت فيأخذها .

وكقولهم في يوسف ـ على نبيّنا وعليه الصلاة والسلام ـ أنّه همّ بالمعصية ، وأنّ الأنبياء لم يُعصَموا عن مثل ذلك .

وكقولهم في قصّة لوط( .. لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آَوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ ) العجز والبحر ونحو ذلك .

ويعتمدون على تأويلات فاسدة وأحاديث واهية ، نُقِلت عن قومٍ قالوا في الله ما قالوا مِن البهتان والزّور .

١٧

فمَن أورَد مثلَ ذلك في مَجلسه مِن الوعّاظ ، مَقَته الله والأنبياء والملائكة ؛ لكونِه جعَل دهليزاً ومهاداً لِمَن في قلبه زيغ يدخل منه إلى ارتكاب المعاصي ، ويحتجّ بما سمِعه منه في حقّ الأنبياء ويقول : إذا كان الأنبياء وقَعوا في مثل ذلك فمَن أكون أنا ، وحاشى الأنبياء كلّهم عن ذلك الذي فهمه هذا الواعظ ، فو الله ، لقد أفسد الواعظ الأُمّة ، وعليه وِزر كلّ مَن كان سَبَباً لاستهانته بما وقع فيه مِن المعاصي ، ولكنّه قد ورد أنّه لا تقوم السّاعة حتّى يصعد الشيطان على كرسي الوعظ ويَعِظ النّاس ، وهؤلاء من جنوده الذين يتقدّمونه )(١) .

ـــــــــــــــــــ

(١) اليواقيت والجواهر ٢ : ٢٣٢ ـ ٢٣٣ .

١٨

طبقة الصّحابة

وطبقات المفسّرين عند علمائهم المعتمدين سِت.

فالطبقة الأُولى : الخلفاء والصّحابة .

قال الحافظ جلال الدين السيوطي :

( النوع الثمانون ـ في طبقات المفسّرين :

اشتهر بالتفسير من الصحابة عشرة : الخلفاء الأربعة ، وابن مسعود ، وابن عبّاس ، وأُبَي بن كعب ، وزيد بن ثابت ، وأبو موسى الأشعري ، وعبد الله بن الزبير )(١) .

الخلفاء والتفسير

والظاهر أنّ إدخال الخلفاء الثلاثة في زُمرة المفسّرين من الصحابة ، ليس إلاّ مِن باب التأدّب تجاههم ، والتبرّك بأسمائهم ! لتصريحهم بِنُدرة رواية التفسير عن الثلاثة ، والنادر كالمعدوم ، ففي ( الإتقان ) مثلاً : ( فأمّا الخلفاءُ ، فأكثر من رُوي عنه منهم : عليّ بن أبي طالب ، والرواية عن الثلاثة نزرةٌ جدّاً ) ثمّ قال : ( ولا أحفظ عن أبي بكر في التفسير إلاّ آثاراً قليلة جدّاً ، لا تكاد تتجاوز العشرة )(٢) .

هذا ، وسيأتي عن بعضهم التصريح بقلّة الرواية في التفسير عن

ـــــــــــــــــــ

(١) الإتقان في علوم القرآن ٤ : ٢٣٣ .

(٢) الإتقان في علوم القرآن ٤ : ٢٣٣

١٩

أميرِ المؤمنين أيضاً ، حتّى كادت تكون معدومة عندهم ، وإذا كان هذا حال الروايات عن ( أكثر من رُوي عنه منهم ) فما ظنّك بروايات البقيّة ؟

والسبب في قلّة رواية التفسير عن الثلاثة : جهلهم بذلك ، وعدم تعلّم شيء منه من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم جاء ذلك في ( صحيح البخاري ) عن أبي هُريرة ، فإنّه قال في مقام تبرئة نفسه عن الكذب على النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

( إنّ إخواننا مِن المهاجرين كان يشغلهم الصفق بالأسواق ، وإنّ إخواننا من الأنصار كان يشغلهم العمل في أموالهم ، وإنّ أبا هُريرة كان يلزم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بشبع بطنه ، ويحضر ما لا يحضرون ، ويحفظ ما لا يحفظون )(١) .

وقد أسمَع ذلك أُبي بن كعب عمر ، حينما اعترض عليه في بعض الآيات ، فاعترف عُمَر بن الخطّاب بجهله واعتذر إليه :

في ( كنز العمّال ) : ( عن ابن جريج عن عمرو بن دينار قال : سمِعت بجالة التميمي قال : وجد عُمَر بن الخطّاب مُصحفاً في حجر غلام فيه : النبيّ أولى بالمؤمنين مِن أنفسهم ، وهو أبوهم فقال : اُحككها يا غلام فقال : والله لا أحكّها وهي في مصحف أُبي بن كعب ، فانطلقوا إلى أُبي ، فقال له أُبي : شغلني القرآن وشغَلَك الصفق بالأسواق ، إذ تعرض رداءك على عنقك بباب ابن العجماء )(٢) .

وفي ( كنز العمّال ) أيضاً : ( عن الحسن : إنّ عُمَر بن الخطّاب ردّ على أُبي

ـــــــــــــــــــ

(١) صحيح البخاري ١ : ٤٠ كتاب العلم ، باب حفظ العلم .

(٢) كنز العمّال ١٣ : ٢٥٩/ ٣٦٧٦٣

٢٠