استخراج المرام من استقصاء الإفحام الجزء ٢

استخراج المرام من استقصاء الإفحام0%

استخراج المرام من استقصاء الإفحام مؤلف:
تصنيف: مناظرات وردود
الصفحات: 456

استخراج المرام من استقصاء الإفحام

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: السيد علي الحسيني الميلاني
تصنيف: الصفحات: 456
المشاهدات: 209267
تحميل: 7031


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 456 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 209267 / تحميل: 7031
الحجم الحجم الحجم
استخراج المرام من استقصاء الإفحام

استخراج المرام من استقصاء الإفحام الجزء 2

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

عكرمة مولى ابن عبّاس

وأمّا عكرمة ، فإنّهم وإنْ ذكروا له محامد كثيرة ومناقب عالية ، حتّى نقلوا عن الشعبي : ما بقي أحدٌ أعلم بكتاب الله من عكرمة(١) .

وعن سعيد بن جُبير : أنّ عكرمة أعلم منه(٢) .

وعن البخاري وأبي حاتم وغيرهما : أنّه ثقة .

بل رَوَوا عن يحيى بن معين قوله : ( إذا رأيت إنساناً يقع في عكرمة وفي حمّاد بن سلمة ، فاتّهمه على الإسلام )(٣) .

بل عن شهر بن حوشب : ( عكرمة حَبْرُ هذه الأُمّة )(٤) .

هو من أعلام الخوارج

لكنّ الرجل مِن أعلام الخوارج وكبار النواصب ، وهذا ثابتٌ مشهور عنه وممّا لا ريبَ فيه لأحد ، وقد نصَّ على ذلك من الأئمّة أمثال : يحيى بن بُكير ، ومصعب الزبيري ، وعطاء ، وابن المديني ، وأحمد ، والحاكم ، وأبي بكر الجعابي ، والرياشي ، والذهبي ، وابن خلّكان ، وياقوت ، والكرماني... وغيرهم ممّن

ـــــــــــــــــــ

(١) الإتقان في علوم القرآن ٤ : ٢٤١ .

(٢) رجال المشكاة للشيخ عبد الحق الدهلوي ـ ترجمة عكرمة .

(٣) تاريخ مدينة دمشق ٤١ : ١٠٣/ ٤٧٤٣ ، تهذيب الكمال ٧ : ٢٦٣/ ١٤٨٢ ، سير أعلام النبلاء ٥ : ٣١/ ٩ .

(٤) ميزان الاعتدال ٣ : ٩٣/ ٥٧١٦ .

٢٠١

يطول المقام بذكرهم .

قوادحه كما في ميزان الاعتدال

وله قوادح ومعائب كثيرة أيضاً، ونحن نكتفي بإيراد ترجمته في( ميزان الاعتدال ) ، لاشتمالها على طرفٍ من كلمات الأئمّة في ذمّه والطعن فيه :

( عفّان : ثنا وهيب ، قال : شهدت يحيى بن سعيد الأنصاري وأيّوب ، فذكرا عكرمة فقال يحيى : كذّاب ، وقال أيّوب : لم يكن [بكذّاب] .

جرير بن يزيد عن يزيد ، بن أبي زياد ، عن عبد الله بن الحرث قال : دخلت على عليّ بن عبد الله ، فإذا عكرمة في وثاق عند باب الحش ، فقلت له : ألا تتّق الله ؟ فقال : إنّ هذا الخبيث يكذب على أبي .

ويُروى عن ابن المسيّب أنّه كذّب عكرمة .

الخصيب بن ناصح : ثنا خالد بن خداش : شهدت حمّاد بن زيد ـ في آخر يوم مات فيه ـ فقال : أُحدّثكم بحديث لم أُحدّث به قط ؛ لأنّي أكره أنْ ألقى الله ولم اُحدّث به ، سمعت أيّوب يحدّث عن عكرمة قال : إنّما أنزل الله متشابه القرآن ليضلّ به .

قلت : ما أسوءها عبارة بل أخبثها ، بل أنزله ليهدي به ، وليضلّ به الفاسقين .

فطر بن خليفة : قلت لعطاء : إنّ عكرمة يقول : قال ابن عبّاس : سبق الكتاب الخفّين ، فقال : كذب عكرمة ، سمعت ابن عبّاس يقول : لا بأس بمسح الخفّين وإنْ دخلت الغائط قال عطاء : والله إنْ كان بعضهم ليرى أنّ المسح على القدمين يجزي .

إبراهيم بن ميسرة ، عن طاووس قال : لو أنّ مولى عبد الله بن عبّاس اتّقى الله وكفّ مِن حديثه ، لشدّت إليه المطايا .

مسلم بن إبراهيم : ثنا الصلت أبو شعيب قال : سألت محمّد بن سيرين عن عكرمة فقال : ما يسوءني أنْ يكون مِن أهل الجنّة ، ولكنّه كذّاب .

إبراهيم بن المنذر : ثنا هشام بن عبد الله المخزومي ، سمعت ابن أبي ذئب يقول : رأيت عكرمة وكان غير ثقة .

قال محمّد بن سعد : كان عكرمة كثير العلم والحديث ، بحراً من البحور ، وليس يحتجّ بحديثه ، ويتكلّم النّاس فيه .

٢٠٢

وقال مطرف بن عبد الله : سمعت مالكاً يكره أنْ يذكر عكرمة ، ولا يرى أنْ يروى عنه .

قال أحمد بن حنبل : ما علمت أنّ مالكاً حدّث بشيء لعكرمة ، إلاّ في الرجل يطأ امرأته قبل الزيارة ، رواه عن ثور عن عكرمة .

أحمد بن أبي خيثمة قال : رأيت في كتاب علي ابن المديني : سمعت يحيى بن سعيد يقول : حدّثوني ـ والله ـ عن أيّوب أنّه ذكر له أنّ عكرمة لا يُحسن الصلاة ، فقال أيّوب : وكان يصلّي ؟

الفضل السيناني عن رجلٍ قال : رأيت عكرمة قد أقيمُ قائماً في لعب النرد .

يزيد بن هارون : قدم عكرمة البصرة ، فأتاه أيّوب ويونس وسليمان التيمي فسمع صوت غناء فقال : اُسكتوا ، ثمّ قال : قاتله الله ، لقد أجاد فأمّا يونس وسليمان فما عادا إليه .

عمرو بن خالد بمصر : حدّثنا خلاّد بن سليمان الحضرمي ، عن خالد بن أبي عمران قال : كنّا بالمغرب وعندنا عكرمة في وقت الموسم فقال : وددت أنّ بيدي حربة فأعترض بها مَن شهد الموسم يميناً وشمالاً .

ابن المديني : عن يعقوب الحضرمي ، عن جدّه قال : وقف عكرمة على باب المسجد فقال : ما فيه إلاّ كافر قال : وكان يرى رأي الأباضيّة .

يحيى بن بكير ، قال : قدم عكرمة مصر وهو يُريد المغرب ، قال : فالخوارج الذين هم بالمغرب عنه أخذوا .

قال ابن المديني : كان يرى رأي نجدة الحروي .

وقال مصعب الزبيري : كان عكرمة يرى رأي الخوارج ، وادّعى على ابن عبّاس أنّه كان يرى رأي الخوارج .

خالد بن يزيد [نِزَار] ثنا عمر بن قيس ، عن عطاء بن أبي رباح : أنّ عكرمة كان أباضيّاً.

٢٠٣

أبو طالب : سمعت أحمد بن حنبل يقول : كان عكرمة من أعلم النّاس ، ولكنّه كان يرى رأي الصفريّة، ولم يدَع موضعاً إلاّ خرج إليه : خراسان والشام واليمن ومصر وإفريقيّة ، كان يأتي الأُمراء فيطلب جوائزهم ، وأتى الجند إلى طاووس فأعطاه ناقة .

وقال مصعب الزبيري : كان عكرمة يرى رأي الخوارج ، فطلبه مُتَولّي المدينة ، فتغيّب عند داود بن الحصين حتّى مات عنده .

وروى سليمان بن معبد السنجي قال : مات عكرمة وكثير عزّة في يوم ، فشهد النّاس جنازة كثير ، وتركوا جنازة عكرمة .

وقال عبد العزيز الدراوردي : مات عكرمة وكثير عزّة في يوم ، فما شهدهما إلاّ سودان المدينة .

إسماعيل بن أبي أُويس ، عن مالك ، عن أبيه قال: أُتي بجنازة عكرمة مولى ابن عبّاس وكثير عزّة بعد العصر ، فما علمت أنّ أحداً من أهل المسجد حلّ حبوته إليهما .

قال جماعة : مات سنة خمس ومِئة .

وقال الهيثم وغيره : سنة ست .

وقال جماعة : سنة سبع ومِئة .

٢٠٤

عن ابن المسيّب أنّه قال لمولاه برد : لا تكذب علَيّ كما كذب عكرمة على ابن عبّاس )(١) .

قوادحه كما في معجم الأُدباء

وقال ياقوت الحموي بترجمة عكرمة من( معجم الأُدباء ) :

( ومات ـ فيما قرأت بخط الصولي من كتاب البلاذري ـ سنة خمس ومئة ، وقيل ست ومئة ، وهو ابن ثمانين سنة .

قال : وكان موته وموت كثير عزّة في يوم واحد ، فوُضعا جميعاً وصُلّي عليهما ، وكان كثير شيعيّاً وعكرمة يرى رأي الخوارج ، ذكره الحاكم أبو عبدا لله محمّد بن عبد الله البيّع في تاريخ نيسابور .

وذكر القاضي أبو بكر محمّد بن عمر الجعابي ـ في كتاب الموالي ـ عن ابن الكلبي قال : وعكرمة هلك بالمغرب ، وكان قد دخل في رأي الحروريّة الخوارج ، فخرج يدعو بالمغرب إلى الحروريّة .

أبو علي الأهوازي قال : لمّا توفّي عبد الله بن عبّاس ، كان عكرمة عبداً مملوكاً ، فباعه عليّ بن عبد الله بن عبّاس من خالد بن يزيد بن معاوية بأربعة آلاف دينار ، فأتى عكرمة عليّاً فقال له : ما خير لك ، أتبيع علم أبيك ، فاستقال

ـــــــــــــــــــ

(١) ميزان الاعتدال ٣ : ٩٤ ـ ٩٧/ ٥٧١٦ .

٢٠٥

خالداً فأقاله وأعتقه ، وكان يرى رأي الخوارج ويميل إلى استماع الغناء ، وقيل عنه : إنّه كان يكذب على مولاه .

وقال عبد الله بن الحارث : دخلت على عليّ بن عبد الله بن عبّاس ، وعكرمة موثّق على باب الكنيف ، فقلت : أتفعلون هذا بمولاكم ؟ فقال : إنّ هذا يكذب على أبي .

وقد قال ابن المسيّب لمولاه : لا تكذب علَيّ كما كذب عكرمة على ابن عبّاس .

وقال يزيد بن هارون : قدم عكرمة مولى ابن عبّاس البصرة ، فأتاه أيّوب السختياني وسليمان التيمي ويونس بن عبيد ، فينا هو يحدّثهم إذ سمع غناء ، فقال عكرمة : اُسكتوا ، فتسمّع ثمّ قال : قاتله الله فلقد أجاد ، أو قال : ما أجود ما قال ، فأمّا سليمان ويونس فلم يعودا إليه ، وعاد إليه أيّوب ، فقال : يزيد بن هارون : لقد أحسن أيّوب .

الرياشي : عن الأصمعي ، عن نافع المدني قال : مات كثير الشاعر وعكرمة في يوم واحد .

قال الرياشي : فحدّثنا ابن سلام : أنّ النّاس كانوا في جنازة كثير ؛ لأنّ عكرمة كان يرى رأي الخوارج ، وتطلّبه بعض الولاة ، فتغيّب عند داود بن الحصين حتّى مات عنده سنة سبع ومئة في أيّام هشام بن عبد الملك ، وهو يومئذٍ ابن ثمانين سنة .

حمّاد بن زائدة : ثنا عثمان بن مرّة قلت للقاسم : إنّ عكرمة مولى ابن عبّاس قال : ثنا ابن عبّاس أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نهى عن المُزفّت والمُقّيَّر والدِباء والحَنْثَم والجِرَار ، فقال : يا ابن أخي ، إنّ عكرمة كذّاب ، يحدّث غدوةً حديثاً يُخالفه عشيّاً .

يحيى بن بكير : سمعت ابن عم يقول لنافع : اتّق الله ـ ويحك يا نافع ـ ولا تكذب علَيّ كما كذب عكرمة على ابن عبّاس .

يزيد بن أبي زياد [عن عبد الله بن الحارث] قال : دخلت على عليّ بن عبد الله بن عبّاس ، وعكرمة مقيّدٌ على باب الحش ، قلت : ما لهذا كذا ؟ قال : إنّه يكذب ) انتهى بالاختصار(١) .

ـــــــــــــــــــ

(١) معجم الأُدباء ٢ : ١٨٢ ـ ١٩٠ / ٤٦ .

٢٠٦

الحسنُ البصري

وأمّا الحسن ، فمِن أشهر الأئمّة وكبار الفقهاء والمحدّثين عندهم ، وقد وصَفوه بأعلى المناقب وأجلّ الفضائل ، كما لا يخفى على من راجع( تهذيب الكمال ) و( تهذيب التهذيب ) وغيرهما من كتب التراجم والرجال .

هو مِن القدريّة

لكنّه ـ بناءً على أُصولهم ـ محكومٌ عليه بالكفر ؛ لأنّه كان لا يرى الشرّ بقدرٍ من الله ، ومن قال بهذه المقالة فهو عندهم كافر... قال الذهبي في ( تذهيب التهذيب ) :

( روى معمر عن قتادة عن الحسن قال : الخير بقدر والشرّ ليس بقدر .

قلت : هذه اللّفظة أبلغ ما نقل عن الحسن في القدر )(١) .

ذم القدريّة في روايات القوم

ولا بأس بإيراد طرفٍ من الروايات الواردة في ذمّ القدريّة :

أخرج الترمذي :

( عن عكرمة عن ابن عبّاس قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :( صنفان مِن أُمّتي ليس لهما في الإسلام نصيب : المُرجئة ، والقدريّة ) وفي الباب

ـــــــــــــــــــ

(١) تذهيب التهذيب ـ تهذيب التهذيب ٢ : ٢٣٦ .

٢٠٧

عن عمر وابن عمر ورافع بن خديج هذا حديثٌ حسنٌ غريب )(١) .

وأخرج أبو داود :

( عن ابن عمر ، عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال :( القدريّة مجوسُ هذه الأُمّة ؛ إنْ مرضوا فلا تعودوهم ، وإنْ ماتوا فلا تشهدوهم ) (٢) .

وأخرج أيضاً :

( عن حذيفة قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :( لكلّ اُمّة مجوس ، ومجوس هذه الأُمّة الذين يقولون لا قدر ؛ من مات منهم فلا تشهدوا جنازته ، ومَن مرض منهم فلا تعودوهم ، وهُم شيعة الدجّال ، وحقّ على الله أنْ يلحقهم بالدجّال ) (٣) .

وفي( التمهيد في بيان التوحيد ) :

( روي : إنّ رجلاً دخل على عليّ بن أبي طالب كرّم الله وجهه وقال : أخبرني عن القدر .

فقال له :( طريقٌ مظلم فلا تسلكه ) ، فسكت ساعة ، ثمّ قال له : أخبرني عن القدر ، فقال :( بحر عميقٌ لا تَلِجْهُ ) .

فسكت ساعة ، ثمّ قال له : أخبرني عن القدر ، فقال :( سرّ الله فلا تُفشِه ) .

فسكت ساعة ، ثمّ قال : أخبرني عن القدر .

ـــــــــــــــــــ

(١) صحيح الترمذي ٤ : ٤٥٤/ ٢١٤٩ كتاب القدر الباب ١٣ .

(٢) سنن أبي داود ٥ : ٤٦/ ٤٦٩١ كتاب السنة الباب ١٧ .

(٣) سنن أبي داود ٥ : ٤٦/ ٤٦٩٢ كتاب السنة الباب ١٧ .

٢٠٨

فبدأ عليّرضي‌الله‌عنه بالسؤال ، فقال له :( أخبرني مشيّتك مع مشيّة الله ، أو دون مشيّة الله ) ؟

فتحيّر الرجل ، فقال لعليّ : قل أنت .

فقال له :( إنْ قلت : بأنّ مشيّتي مع مشيّة الله تعالى ، فقد ادّعيت المشاركة مع الله تعالى ، وإنْ قلت : بأنّ مشيّتي دون مشيّة الله ، فقد ادّعيت الإلوهيّة ، فعلمت أنّ مشيّتك تحت مشيّة الله ) .

فقال الرجل : تبت إلى الله ، وقام

فقال عليّرضي‌الله‌عنه لأصحابه :( قوموا وصافحوه ، فإنّه الآن أسلم ) .

ففي هذا دليلٌ على أنّ مَن أنكر القدر يصير كافراً ؛ ولأنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال :( القدريّة مجوس هذه الأُمة ؛ إن مرضوا فلا تعودوهم ، وإنْ ماتوا فلا تشيّعوا جنائزهم ، أولئك هم شيعة الدجّال ، وحقّ على الله أنْ يلحقهم بالدجّال ، ولأنّهم أنكروا النصّ ، لأنّ الله تعالى قال : ( وَمَا تَشَاؤُونَ إِلاَّ أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ... ) ) .

وجاء فيه أيضاً :

( فإن قال : بأنّ الله تعالى لم يخلُق الشر والكفر وذلك مخلوق غير الله ، فقد أثبت صانعاً وخالقاً غير الله ، فيكون مُشركاً بالله تعالى ويكون كافراً ، وإنْ قال : بأنّ الشرّ مخلوق الله تعالى بدون إرادته ومشيّته ، فقد اعتقد بأنّ الله تعالى مجبورٌ مكرهٌ في تخليقه ، وهذا كفر ؛ فثبت أنّ الكلّ بمشيّة الله وبإرادته وقضاءه وقدره ، ومَن أنكر القدر فهو كافر بالله العظيم )(١) .

ـــــــــــــــــــ

(١) التمهيد في بيان التوحيد : ٢٤ .

٢٠٩

وقال النووي في( المنهاج ) :

( قال الإمام ـ يعني إمام الحرمين ـ في كتاب الإرشاد في أُصول الدين : وقد قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ( القدريّة مجوس هذه الأُمّة ، شبّههم بهم لتقسيمهم الخير والشرّ في حكم الإدارة كما قسمت المجوس ، فصرفت الخير إلى يَزدَان والشر إلى أهرِمَن ، ولا خفاء باختصاص هذا الحديث بالقدريّة )(١) .

وفي( كنزر العمّال ) :

(( إنّ الله عزّ وجلّ لم يبعث نبيّاً قبلي ، إلاّ كان في أُمّته مِن بعده مرجئة وقدريّة يشوّشون عليه أمر أُمّته من بعده ، ألا إنّ الله عزّ وجلّ لعن المرجئة والقدريّة على لسان سبعين نبيّاً ، ألا وإنّ أُمّتي لأُمّةٌ مرحومةٌ لا عذاب عليها في الآخرة ، وإنّما عذابها في الدنيا ، ألا إنّ صنفين مِن أُمتي لا يدخلون الجنّة : المرجئة والقدريّة ) . ابن عساكر عن معاذ :

( صنفان من أُمّتي لعنهم الله على لسان سبعين نبيّاً : القدريّة والمرجئة الذين يقولون : الإيمان إقرارٌ ليس فيه عمل ) . الديلمي عن حذيفة )(٢) .

دفاع الذهبي عن الحسن البصري

ومن لطائف الأٌمور : محاولة الذهبي للدفاع عن الحسن ، بدعوى أنّه لمّا حوقق على القول بالقدر تبرّأ من ذلك ، قال الذهبي :

( الحسن بن يسار مولى الأنصار ، سيّد التابعين في زمانه بالبصرة ، كان

ـــــــــــــــــــ

(١) شرح صحيح مسلم ١ : ١٥٤ كتاب الإيمان ـ إثبات القَدر .

(٢) كنز العمّال ١ : ١٣٥/ ٦٣٥ و٦٣٦ .

٢١٠

ثقة في نفسه ، حجّةً ، رأساً في العلم والعمل ، عظيم القدر ، وقد بدت منه هفوة في القدر لم يقصدها لذاتها ، فتكلّموا ، فما ألتفت إلى كلامهم ؛ لأنّه لمّا حوقق عليها تبرّأ منها )(١) .

لكنْ ما معنى ( لم يقصدها لذاتها ) ؟ ألم يكن كلامه ظاهراً في معناه الذي فهمه القوم منه فتكلّموا فيه ؟ إنّ ما يقوله الذهبي دعوى بلا دليل ، بل هو مجرّد تخرّص وتخمين ، بل هو أشبه بهذيان المجانين ، ويكذّبه كلامه هو حيث قال بعد العبارة السابقة :

( قال حمّاد بن زيد عن أيّوب قال : كذب على الحسن ضربان مِن الناس : قومٌ رأيهم القدر لينفقوه في الناس بالحسن ، وقوم في صدورهم بغضٌ له ، وأنا نازلته في القدر غير مرّة حتّى خوّفته بالسلطان ، فقال : لا أعود فيه بعد اليوم .

وقال أيّوب : ولا أعلم أحداً يستطيع أنْ يعيب الحسن إلاّ به ، وأدركت الحسن ـ والله ـ ما يقوله )(٣) .

وإذا كان الحسن يُنازله الرجال في القدر غير مرّة ، ولا يرجع عن القول به إلاّ بعد التخويف بالسلطان ، فما معنى أنّه لم يكن قاصداً لما تفوَّه ؟

وما ذكره الذهبي في الدفاع عنه مِن أنّه قد تاب عن المقالة المذكورة ورجع عنها ، لا يرفع الإشكال ؛ لأنّ الحسن من القائلين بالتقيّة إلى يوم القيامة ، كما رواه البخاري عنه في( الصحيح ) (٣) ، وأهل السنّة يقولون بعدم قبول التوبة ممّن يقول بالتقيّة .

ـــــــــــــــــــ

(١) ميزان الاعتدال ١ : ٥٢٧/ ١٩٦٨ .

(٢) تذهيب التهذيب .

(٣) صحيح البخاري ٩ : ٢٥ كتاب الإكراه .

٢١١

كان الحسن مدلّساً

وكان الحسن البصري يكثر التدليس في الحديث ، نصَّ على ذلك الذهبي(١) .

وقال ابن حجر في( التقريب ) :

( وكان يرسل كثيراً ويدلّس قال البزّار : كان يروي عن جماعةٍ لم يسمع منهم ، فيتجوّز ويقول : حدّثنا وخطبنا ، يعني قومه الذين حدّثوا وخطبوا بالبصرة )(٢) .

وفي( تهذيب التهذيب ) :

( قال ابن المديني : سمعت يحيى ـ يعني القطان ـ وقيل له : كان الحسن يقول : سمعت عمران بن حصين قال : أمّا عن نفسه فلا وقال ابن المديني وأبو حاتم : لم يسمع منه ، وليس يصحّ ذلك من وجهٍ مثبت )(٣) .

هذا ، وقد نصّ ابن حجر في( شرح نخبة الفكر ) على أنّ التدليس بصيغةٍ صريحة كذب(٤) ، وقد أوضح القاري في ( شرحه ) المراد من الصيغة الصريحة فقال : ( وهي لفظة أخبرني أو حدّثني أو سمعته )(٥) .

وذكر ابن الجوزي أنّ التدليس في تلبيس إبليس ، حيث قال في كتاب( تلبيس إبليس ) :

ـــــــــــــــــــ

(١) ميزان الاعتدال ١ : ٥٢٧/ ١٠٦٨ .

(٢) تقريب التهذيب ١ : ١٦٦/ ١٣٥٧ .

(٣) تهذيب التهذيب ٢ : ٢٣٤/ ٤٨٨ .

(٤) شرح نخبة الفكر : ٨٢ .

(٥) شرح شرح نخبة الفكر : ٤١٩ .

٢١٢

 ( ومن تلبيس إبليس على علماء المحدّثين : رواية الحديث الموضوع من غير أنْ يبيّنوا أنّه موضوع ، وهذه جناية منهم على الشرع ، ومقصودهم تنفيق أحاديثهم وكثرة رواياتهم ، وقد قال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) : من روى عنّي حديثاً يرى أنّه كذب فهو أحد الكاذبين ، ومن هذا الفن تدليسهم في الرواية ، فتارة يقول أحدهم : فلان عن فلان ، أو قال فلان عن فلان ، يوهم أنّه سمع منه ولم يسمع ، وهذا قبيح ؛ لأنّه يجعل المنقطع في مرتبة المتصّل )(١) .

وقال النووي في( شرح مسلم ) :

( التدليس قسمان : أحدهما : أنْ يروي عمّن عاصره ما لم يسمع منه ، موهماً سماعة قائلاً : قال فلان أو عن أو نحوه وربّما يسقط شيخه أو أسقط غيره لكونه ضعيفاً أو صغيراً ، تحسيناً لصورة الحديث ، وهذا القسم مكروه جدّاً ، ذمّة أكثر العلماء ، وكان شعبة من أشدّهم ذمّاً له ، وظاهر كلامه أنّه حرام وتحريمه ظاهر ، فإنّه يوهم الاحتجاج بما لا يجوز الاحتجاج به ، ويتسبّب أيضاً إلى إسقاط العمل بروايات نفسه ، مع ما فيه من الغرور ، ثمّ إنّ مفسدته دائمة ، وبعض هذا يكفي في التحريم ، فكيف باجتماع هذه الأُمور )(٢) .

لعبه بالشطرنج

وكان الحسن البصري يلعب بالشطرنج(٣) ، وقد ثبت في الأخبار أنّ اللاّعب بالشطرنج ملعون ، إلى غير هذا من الأحاديث الواردة في تحريمه

ـــــــــــــــــــ

(١) تلبيس إبليس : ١٣٦ ـ ١٣٧.

(٢) المنهاج في شرح صحيح مسلم بن الحجّاج ١ : ٣٣.

(٣) حياة الحيوان ٢ : ٦٢ ( العقرب ) .

٢١٣

وتحريم اللّعب به والنظر إليه...

نسبته المعصية إلى يوسفعليه‌السلام

وهو ممّن نسب المعصية إلى يوسفعليه‌السلام ، كما عرفت من كلام الرازي ، وعرفت أيضاً ما في هذه النسبة من كلامه .

فساد مذهبه يوجب الحكم بكفره

وعلى الإجمال ، فقد كان هذا الرجل منحرفاً في العقيدة حتّى قالوا بكفره ، وممّن نصَّ على ذلك عبد العزيز البخاري في( كشف الأسرار ) حيث قال :

( كثير مِن أصحاب الحديث قبلوا رواية سلفنا ، كالحسن وقتادة وعمرو بن عبيد ، مع علمهم بمذهبهم وإكفارهم من يقول بقولهم ، وقد نصّوا على ذلك )(١) .

ـــــــــــــــــــ

(١) كشف الأسرار ـ شرح أُصول البزودي ٣ : ٢٧ .

٢١٤

عطاء بن أبي رباح

وأمّا عطاء ، فيكفيه فضلاً وفخراً : كونه شيخ الإمام الأعظم وما قاله أبو حنيفة في حقّه .

قال الذهبي في( ميزان الاعتدال ) :

( عطاء بن أبي رباح ، سيّد التابعين علماً وعملاً وإتقاناً في زمانه بمكّة ، روى عن عائشة وأبي هريرة والكبار ، وعاش تسعين سنة أو أزيد ، وكان حجةً ، إماماً ، كبير الشأن ، أخذ عنه أبو حنيفة وقال : ما رأيت مثله )(١) .

لعبه بالشطرنج

لكنّه كان يلعب بالشّطرنج ، كما في( حياة الحيوان ) (٢) . وقبائح الشطرنج كثيرة جدّاً ، ولنذكر بعض ذلك فيما يلي من كتاب( كنز العمّال ) :

( ملعونٌ مَن لعب بالشطرنج ، والناظر إليها كالآكل لحم الخنزير ) عبدان وأبو موسى وابن حزم عن حبة بن مسلم .

( ملعونٌ مَن لعب بالشطرنج ) الديلمي عن أنَس .

( إذا مررتم بهؤلاء الذين يلعبون بهذه الأزلام ، والشطرنج ، والنرد وما كان مِن هذه ، فلا تسلّموا عليهم ، وإنْ سلّموا عليكم فلا تردّوا عليهم ) الديلمي عن

ـــــــــــــــــــ

(١) ميزان الاعتدال ٣ : ٧٠/ ٥٦٤٠ .

(٢) حياة الحيوان ٢ : ٦٢ .

٢١٥

أبي هريرة .

( ألا إنّ أصحاب الشاه في النار ، الذين يقولون قتلت والله شاهك الديلمي عن ابن عبّاس .

إنّ الله تعالى ينظر في كلّ يوم ثلاثمائة وستّين نظرة، لا ينظر فيها إلى صاحب الشاه ، يعني الشطرنج الديلمي عن واثلة .

( إنّ لله تبارك لوحاً ينظر فيه في كلّ يوم ثلاثمئة وستّين نظرة ، يرحم بها عباده ، ليس لأهل الشاه فيها نصيب الخرائطي في مساوي الأخلاق عن واثلة ) .

( عن عليّ :( النرد والشطرنج من الميسر ) ) ش وابن المنذر وابن أبي حاتم ق .

( من لعب بالميسر ثمّ قام يصلّي ، فمثله مثل الذي يتوضّأ بالقيح ودم الخنزير ، فيقول الله : لا يقبل له صلاة ) طب عن أبي عبد الرحمان الخطمي .

( عن عليّ ، أنّه مرّ على قوم يلعبون بالشطرنج ، فوثب عليهم فقال :( أما والله لغير هذا خُلِقتم ، ولولا أنْ تكون سنّة لضربت بها وجوهكم ) ) ق كر .

( عن عليّ : إنّه مرّ على قومٍ يلعبون الشطرنج فقال :( ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون ، لأنْ يمسّ أحدكم جمراً حتّى يطفى خيرٌ له من أنْ يمسّها ) ش وعبد ابن حميد وابن أبي الدنيا في ذمّ الملاهي وابن المنذر وابن أبي حاتم ق .

( عن عليّ قال :( لا نسلّم على أصحاب النردشير والشطرنج ) . كر .

٢١٦

( يأتي على الناس زمانٌ يلعبون بها ، ولا يلعب بها إلاّ كلّ جبّار ، والجبّار في النّار ـ يعني الشطرنج ـ ولا يوقّر فيه الكبير ولا يرحم فيه الصغير ، يقتل بعضهم بعضاً على الدنيا ، قلوبهم قلوب الأعاجم وألسنتهم ألسنة العرب ، لايعرفون معروفاً ولا ينكرون منكراً ، يمشي الصالح فيهم مستخفّاً ، أولئك شرار خلق الله ، لا يَنظر الله إليهم يوم القيامة ) الديلمي عن أنَس (١) .

هذا ، وقد ذهب إلى حرمة الشّطرنج كافّة الأئمّة الأربعة ، كما نصَّ على ذلك صاحب( الصواقع ) في فصل المكائد حيث قال :

( الثلاثون والمئة : طعن أهل السنّة بأنّهم يجوّزون اللّعب بالشطرنج ، فإنّه ينخدع به أمرقعان ، وهو افتراء ، فإنّ اللّعب بالشطرنج حرام عند أبي حنيفة ومالك وأحمد على الصحيح ، وورد في حرمته أحاديث وآثار ، وعند الشافعي في القول الأوّل مكروه ، بشرط عدم إخراج الصّلوات عن وقتها ، وإخلال تحفّظ الواجبات بواسطة الاشتغال به ، وأنْ يخلو عن القمار ، وأنْ لا يصير سبباً للنزاع والكذب ، وأنْ لا يكون أسبابه مصوّرةً بصورة الحيوانات ، فإنْ فقد شيء من هذه الشروط صار حراماً ، وبالإصرار يصير كبيرةً كذا في الإحياء ،. وقد صحّ عن الشافعي أنّه رجع إلى قول الأئمّة الثلاثة ، نصّ عليه الإمام أبو حامد الغزالي ، واللّعب كلّه حرام عند أهل السنّة... )(٢) .

فظهر من هناك أنّ عطاء بن أبي رباح كان بعيداً عن الفضل والصّلاح ، محروماً عن الرشد والفلاح ، منحازاً عن حيازة مغانم الأرباح ، منهمكاً في الضلال والفسق والطلاح ، حيث جوّز ما يلعن على مرتكبه بالغداء والرواح .

تركه النهي عن المنكر

ومن قوادحه : إنّه لم ينكر على خالد بن عبد الله القسري بدعته في مكّة

ـــــــــــــــــــ

(١) كنز العمّال ١٥ : ٢١٥ ـ ٢٢٦ .

(٢) الصواقع الموبقة ـ مخطوط .

٢١٧

المكرّمة ، فقد جاء في كتاب( إتحاف الورى ) ما نصّه :

( وقد فعل خالد بن عبد الله القسري بمكّة المشرّفة أفعالاً من غير معرفةٍ للسنّة التي فعل فيها ، فأحببت ذكر ذلك هنا ، لئلاّ يخلو منه هذا الكتاب .

فمن ذلك : إنّ النّاس كانوا يقومون شهر رمضان في أعلى المسجد ، تركز حربة خلف المقام بربوة ، فيصلّي الإمام خلف الحربة والناس وراءه ، فمن أراد صلّى مع الإمام ، ومن أراد طاف وركع خلف المقام فلمّا ولّي خالد ابن عبد الله القسري بمكّة لعبد الملك بن مروان وحضر شهر رمضان ، أمر خالد الأئمّة أنْ يتقدّموا فيصلّوا خلف المقام ، وأراد الصفوف حول الكعبة ، وذلك أنّ النّاس ضاق عليهم أعلا المسجد ، فأرادهم حول الكعبة ، فقيل له : يمتنع بذلك الناس من الطواف ،

قال : فأنا آمرهم يطوفون بين كلّ ترويحتين بطواف سبعاً ، فأمرهم ففعلوا بين كلّ ترويحتين ، فقيل له : فإنّه يكون في مؤخّر الكعبة وجوانبها من لا يعلم بانقضاء طواف الطائفين من فصل وغيره ، فيتهيّأ للصلاة ، فأمر عبيد الكعبة أنْ يكبّروا حول الكعبة ويرفعوا أصواتهم في الطواف بالتكبير ، فإذا بلغوا الركن الأسود في الطواف السادس سكتوا ، فيكون ذلك إعلاماً للنّاس أنّ الطواف على انقضاء ، فيتهيّأ من الحَجر ومن في جوانب المسجد من مصلٍّ وغيره ، فيخفّف صلاته ، ثمّ يعود الطائفون للتكبير حتّى يفرغوا من السبع ، ثمّ يقوم منادٍ فينادي : الصلاة رحمكم الله ، ولا تنقضي صلاتهم حتّى يطلع الفجر ، وكان على جبل أبي قبيس يرقب طلوع الفجر للمتسحرين ، فإذا بان له نادى : أمسكوا رحمكم الله .

٢١٨

وكان عطاء بن أبي رباح وعمرو بن دينار ونظراؤهم من العلماءيحضرون ذلك، فلا ينكرونه ) (١) .

كان يأخذ من كلّ أحدٍ ويروي المرسلات

قالوا : وكان عطاء بن أبي رباح متساهلاً في الرواية ، يأخذ من كلّ أحدٍ ، ويروي المراسيل ، حتّى تكلّم فيه بعض الأئمّة ، ففي( تدريب الراوي ) :

( تكلّم الحاكم على مراسيل سعيد فقط دون سائر مَن ذُكر معه ، ونحن نذكر ذلك ، فمراسيل عطاء قال ابن المديني : كان عطاء يأخذ من كل ّضرب ، مُرسلات مجاهد أحبّ إليّ من مرسلاته بكثير ، وقال أحمد بن حنبل : مرسلات سعيد بن المسيّب أصحّ المُرسلات ، ومرسلات إبراهيم النخعي لا بأس بها ، ولا في المرسلات أضعف من مرسلات الحسن وعطاء بن أبي رباح ؛ فإنّهما كانا يأخذان من كلِّ أحد )(٢) .

وفي( ميزان الاعتدال ) :

( قال يحيى القطان : مرسلات مجاهد أحبّ إلينا من مرسلات عطاء بكثير ، كان عطاء يأخذ من كلّ ضرب وقال أحمد : ليس في المرسل أضعف من مرسل الحسن وعطاء ، كانا يأخذان عن كلّ أحد )(٣) .

بل لقد تركه بعض الأئمّة الكبار ، وإنْ حاول الذهبي حمل الترك على معنىً آخر ، ففي ( ميزان الاعتدال ) :

( روى محمّد بن عبد الرحيم عن عليّ بن المديني قال : كان عطاء بأخرة

ـــــــــــــــــــ

(١) إتحاف الورى بأخبار أُمّ القرى ـ حوادث السنة : ٩٣.

(٢) تدريب الراوي ـ شرح تقريب النواوي ١ : ٢٠٣ ـ ٢٠٤ .

(٣) ميزان الاعتدال ٣ : ٧٠/ ٥٦٤٠ .

٢١٩

قد تركه ابن جريج وقيس بن سعد .

قلت : لم يَعْنِ الترك الإصلاحي ، بل عنى أنّهما بطّلا الكتابة عنه ، وإلاّ فعطاء ثبت رضي )(١) .

لكنّه حمل بارد جدّاً ؛ لأنّ المتبادر مِن الترك في مثل هذه المواضع هو الترك الإصلاحي ، وهو عدم كونه أهلاً لأنْ يُروى عنه .

ـــــــــــــــــــ

(١) ميزان الاعتدال ٣ : ٧٠/ ٥٦٤٠ .

٢٢٠