تفسير القمى الجزء ١

تفسير القمى0%

تفسير القمى مؤلف:
تصنيف: تفسير القرآن
الصفحات: 403

تفسير القمى

مؤلف: ابى الحسن على بن ابراهيم القمى
تصنيف:

الصفحات: 403
المشاهدات: 41597
تحميل: 9849


توضيحات:

بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 403 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 41597 / تحميل: 9849
الحجم الحجم الحجم
تفسير القمى

تفسير القمى الجزء 1

مؤلف:
العربية

يعتذرون إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فاحب الله يعرف رسوله من الصادق منهم ومن الكاذب، فانزل الله عليهم النعاس في تلك الحالة حتى كانوا يسقطون إلى الارض وكان المنافقون الذين يكذبون لا يستقرون قد طارت عقولهم وهم يتكلمون بكلام لا يفهم عنهم فانزل الله (نعاسا يغشى طائفة منكم) يعني المؤمنين و (طائفة قد اهمتهم انفسهم يظنون بالله غير الحق ظن الجاهلية يقولون هل لنا من الامر من شئ) قال الله لمحمدصلى‌الله‌عليه‌وآله : (قل ان الامر كله لله، يخفون في انفسهم ما لا يبدون لك يقولون لو كان لنا من الامر شئ ما قتلنا ههنا) يقولون لو كنا في بيوتنا ما اصابنا القتل، قال الله: (لو كنتم في بيوتكم لبرز الذين كتب عليهم القتل إلى مضاجعهم وليبتلي الله ما في صدوركم وليمحص ما في قلوبكم والله عليم بذات الصدور) فاخبر الله رسوله ما في قلوب القوم ومن كان منهم مؤمنا ومن كان منهم منافقا كاذبا بالنعاس فانزل الله عليه " ما كان الله ليدر المؤمنين على ما انتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب " يعني المنافق الكاذب من المؤمن الصادق بالنعاس الذي ميز بينهم، وقوله: (ان الذين تولوا منكم يوم التقى الجمعان إنما استزلهم الشيطان) اي خدعهم حتى طلبوا الغنيمة (ببعض ما كسبوا) قال بذنوبهم (ولقد عفا الله عنهم) ثم قال: (يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين كفروا) يعني عبدالله بن ابي واصحابه الذين قعدوا عن الحرب (وقالوا لاخوانهم اذا ضربوا في الارض او كانوا غزى لو كانوا عندنا ما ماتوا وما قتلوا ليجعل الله ذلك حسرة في قلوبهم والله يحيى ويميت والله بما تعملون بصير) ثم قال لنبيه: (فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك) اي انهزموا ولم يقيموا معك ثم قال تأديبا لرسوله (فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم هم في الامر فاذا عزمت فتوكل على الله ان الله يحب المتوكلين ان ينصركم الله فلا غالب لكم وان يخذلكم فمن ذا الذي ينصركم من بعده وعلى الله فليتوكل

١٢١

المؤمنون) وفي رواية ابي الجارود عن ابى جعفرعليه‌السلام قي قوله: (ما كان لنبي أن يغل ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة) وصدق الله لم يكن الله ليجعل نبيا غالا(١) (ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة) ومن غل شيئا رآه يوم القيامة في النار ثم يكلف ان يدخل اليه فيخرجه من النار (ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون) واما قوله (لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من انفسهم) فهذه الآية لآل محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله واما قوله (أو لما أصابتكم مصيبة قد اصبتم مثليها قلتم أنى هذا قل هو من عند أنفسكم يقول بمعصيتكم اصابكم ما اصابكم ط - ان الله علي كل شئ قدير، وما أصابكم يوم التقى الجمعان فباذن الله وليعلم المؤمنين وليعلم الذين نافقوا وقيل لهم تعالوا قاتلوا في سبيل الله) فهم ثلاث مائة منافق رجعوا مع عبدالله بن ابى سلول فقال لهم جابر ابن عبدالله انشدكم الله في نبيكم ودينكم ودياركم فقالوا والله لا يكون قتال اليوم ولو نعلم انه يكون قتال اتبعناكم يقول الله (هم للكفر يومئذ اقرب منهم للايمان يقولون بافواههم ما ليس في قلوبهم والله اعلم بما يكتمون) وفي رواية على بن ابراهيم قوله ليس لك من الامر شئ أو يتوب عليهم أو يعذبهم فانهم ظالمون، وقوله " ولقد نصركم الله ببدر وانتم أذلة " قال ابوعبداللهعليه‌السلام ما كانوا اذلة وفيهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وإنما نزل " لقد نصركم ببدر وانتم ضعفاء ".

فلما سكن القتال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من له علم بسعد بن الربيع فقال رجل انا اطلبه فاشار رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى موضع فقال اطلبه هناك فاني قد رأيته في ذلك الموضع قد شرعت حوله اثنا عشر رمحا، قال فاتيت ذلك الموضع فاذا هو صريع بين القتلى، فقلت يا سعد، فلم يجبني ثم قلت يا سعد فلم تجيبني فقلت يا سعد ان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله

____________________

(١) غل غلولا خان.ج-ز

١٢٢

قد سأل عنك، فرفع رأسه فانتعش كما ينتعش الفرخ ثم قال: ان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لحي؟ قلت اي والله انه لحي وقد اخبرني انه رأى حولك اثنى عشر رمحا فقال الحمدلله صدق رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لقد طعنت اثنى عشر طعنة كله قد جأفتني(١) ابلغ قومي الانصار السلام وقل لهم والله ما لكم عند الله عذر إن تشوك رسول الله شوكة وفيكم عين تطرف، ثم تنفس فخرج منه مثل دم الجزور وقد كان اختفى في جوفه وقضى نحبهرحمه‌الله ثم جئت إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فاخبرته فقال رحم الله سعدا نصرنا حيا واوصى بنا ميتا.

ثم قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من له علم بعمي حمزة، فقال الحرث بن سمية انا اعرف موضعه فجاء حتى وقف على حمزة فكره ان يرجع إلى رسول الله فيخبره فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لامير المؤمنينعليه‌السلام يا علي اطلب عمك فجاء عليعليه‌السلام فوقف على حمزة فكره ان يرجع اليه، فجاء رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله حتى وقف عليه فلما رأى ما فعل به بكى ثم قال والله ما وقفت موقفا قط اغيظ علي من هذا المكان لان امكنني الله من قريش لامثلن بسبعين رجلا منهم، فنزل عليه جبرئيلعليه‌السلام فقال " وان عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ولئن صبرتم لهو خير للصابرين " فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بل اصبر، فهذه الآية في سورة النحل وكان يجب ان تكون في هذه السورة التي فيها اخبار احد، فالقى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله على حمزة بردة كانت عليه فكانت اذا مدها على رأسه بدت رجلاه واذا مدها على رجليه بدا رأسه، فمدها على رأسه والقى على رجليه الحشيش وقال لولا اني احذر نساء بني عبدالمطلب لتركته للعادية والسباع حتى يحشر يوم القيامة من بطون السباع والطير، وامر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بالقتلى فجمعوا فصلى عليهم ودفنهم في مضاجعهم

____________________

(١) جأفه اي صرعه.ج-ز

١٢٣

وكبر على حمزة سبعين تكبيرة، قال وصاح ابليس لعنه الله بالمدينة " قتل محمد " فلم يبق احد من نساء المهاجرين والانصار الا خرجن، وخرجت فاطمة بنت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله تعدو على قدميها حتى وافت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وقعدت بين يديه فكان اذا بكى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بكت لبكائه وإذا انتحب انتحبت، ونادى ابوسفيان موعدنا وموعدكم في عام قابل فتقبل، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لامير المؤمنينعليه‌السلام قل نعم، وارتحل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ودخل المدينة واستقبلته النساء يولولن ويبكين فاستقبلته زينت بنت جحش، فقال لها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله احتسبي فقالت من يارسول الله؟ قال اخاك قالت إنا لله وإنا اليه راجعون هنيئا له الشهادة، ثم قال لها احتسبي قالت من يارسول الله؟ قال حمزة بن عبدالمطلب قالت إنا لله وإنا اليه راجعون هنيئا له الشهادة، ثم قال لها احتسبي قالت من يارسول الله؟ قال زوجك مصعب بن عمير، قالت واحزناه، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ان للزوج عند المرأة لحدا ما لاحد مثله، فقيل لها لم قلت ذلك في زوجك؟ قالت ذكرت يتم ولده.

قال وتؤامرت قريش على ان يرجعوا على المدينة فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من رجل يأتينا بخبر القوم؟ فلم يجبه احد، فقال امير المؤمنينعليه‌السلام انا اتيك بخبرهم، قال اذهب فان كانوا ركبوا الخيل وجنبوا الابل فهم يريدون المدينة والله لان ارادوا المدينة لا يأذن الله فيهم، وان كانوا ركبوا الابل وجنبوا الخيل فانهم يريدون مكة، فمضى امير المؤمنين (ع) على ما به من الالم والجراحات حتى كان قريبا من القوم فرآهم قد ركبوا الابل وجنبوا الخيل فرجع امير المؤمنين إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فاخبره فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ارادوا مكة.

فلما دخل رسول الله المدينة نزل عليه جبرئيل فقال يا محمد ان الله يأمرك ان تخرج في اثر القوم ولا يخرج معك الا من به جراحة، فامر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله مناديا

١٢٤

ينادي يامعشر المهاجرين والانصار من كانت به جراحة فليخرج ومن لم يكن به جراحة فليقم، فاقبلوا يضمدون جراحاتهم ويداوونها فانزل الله على نبيه " ولا تهنوا في ابتغاء إن تكونوا تألمون فانهم يألمون كما تألمون وترجون من الله ما لا يرجون " وهذه الآية في سورة النساء ويجب ان تكون في هذه السورة قال عزوجل (ان يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله وتلك الايام نداولها بين الناس وليعلم الله الذين آمنوا ويتخذ منكم شهداء) فخرجوا على ما بهم من الالم والجراح فلما بلغ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بحمراء الاسد وقريش قد نزلت الروحا قال عكرمة بن ابي جهل والحارث بن هشام وعمرو بن عاص وخالد بن الوليد نرجع فنغير على المدينة فقد قتلنا سراتهم وكبشهم يعني حمزة، فوافاهم رجل خرج من المدينة فسألوه الخبر فقال تركت محمدا واصحابه بحمراء الاسد يطلبونكم جد الطلب فقال ابوسفيان هذا النكد والبغي قد ظفرنا بالقوم وبغينا والله ما افلح قوم قط بغوا، فوافاهم نعيم بن مسعود الاشجعي فقال ابوسفيان اين تريد؟ قال المدينة لامتار لاهلي طعاما، قال هل لك ان تمر بحمراء الاسد وتلقى اصحاب محمد وتعلمهم ان حلفاء‌نا وموالينا قد وافونا من الاحابيش(١) حتى يرجعوا عنا ولك عندي عشرة قلايص(٢) املؤها تمرا وزبيبا؟ قال نعم، فوافا من غد ذلك اليوم حمراء الاسد، فقال لاصحاب محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله اين تريدون؟ قالوا قريش، قال ارجعوا فان قريشا قد اجنحت اليهم حلفاؤهم ومن كان تخلف عنهم وما اظن الا واوائل القوم قد طلعوا عليكم الساعة، فقالوا (حسبنا الله ونعم الوكيل) ونزل جبرئيل على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال ارجع يا محمد فان الله قد ارهب قريشا، ومروا

____________________

(١) الاحابيش جمع احبوشة كاحدوثة وهي الجماعة من الناس ليسوا من قبيلة واحدة.

(٢) جمع قلوص كمجوس وهى الابل ج-ز

١٢٥

لا يلوون على شئ ورجع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى المدينة وانزل الله (الذين استجابوا لله والرسول من بعد ما اصابهم الفرح للذين احسنوا منهم واتقوا اجر عظيم الذين قال لهم الناس) يعني نعيم بن مسعود فهذا اللفظ عام ومعناه خاص (ان الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم ايمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء واتبعوا رضوان الله والله ذو فضل عظيم) فلما دخلوا المدينة قال اصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ما هذا الذي اصابنا؟ قد كنت تعدنا النصر، فانزل الله (او لما اصابتكم مصيبة قد اصبتم مثليها قلتم انى هذا قل هو من عند انفسكم) وذلك لان يوم بدر قتل من قريش سبعون وأسر منهم سبعون وكان الحكم في الاسارى القتل، فقامت الانصار إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقالوا يارسول الله هبهم لنا ولا تقتلهم حتى نفاديهم، فنزل جبرئيلعليه‌السلام فقال ان الله قد اباح لهم الفداء ان يأخذوا من هؤلاء ويطلقوهم، على ان يستشهد منهم في عام قابل بقدر من يأخذوا منه الفداء من هؤلاء، فاخبرهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بهذا الشرط، فقالوا قد رضينا به نأخذ العام الفداء من هؤلاء نتقوى به ويقتل منا في عام قابل بعدد ما نأخذ منهم الفداء وندخل الجنة، فاخذوا منهم الفداء وأطلقوهم، فلما كان في هذا اليوم وهو يوم احد قتل من اصحاب رسول الله سبعون، فقالوا يارسول الله ما هذا الذي اصابنا وقد كنت تعدنا بالنصر فانزل الله " او لما اصابتكم مصيبة قد اصبتم مثليها قلتم انى هذا قل هو من عند انفسكم " بما اشترطتم يوم بدر واما قوله (وما كان لنبي ان يغل ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة) فان هذه نزلت في حرب بدر، وهي مع الآيات التي في الانفال في اخبار بدر، وقد كتبت في هذه السورة مع اخبار احد، وكان سبب نزولها انه كان في الغنيمة التي اصابوها يوم بدر قطيفة حمراء ففقدت فقال رجل من اصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ما لنا لا نرى القطيفة ما اظن إلا أن

١٢٦

رسول الله أخذها، فانزل الله في ذلك، وما كان لنبي أن يغل.الخ.

فجاء رجل إلى رسول الله فقال ان فلانا غل قطيفة فاخبأها هنا لك، فامر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بحفر ذلك الموضع فاخرج القطيفة.

واما قوله: (ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله امواتا بل احياء عند ربهم يرزقون فرحين بما آتاهم الله من فضله) فانه حدثني ابي عن الحسن بن محبوب عن ابي عبيدة الحذاء عن ابي بصير عن ابي عبداللهعليه‌السلام قال هم والله شيعتنا اذا دخلوا الجنة واستقبلوا الكرامة من الله استبشروا بمن لم يلحق بهم من اخوانهم من المؤمنين في الدنيا (ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون) وهو رد على من يبطل الثواب والعقاب بعد الموت واما قوله (ولا يحسبن الذين يبخلون بما آتهم الله من فضله هو خيرا لهم بل هو شر لهم) قال من بخل ولم ينفق ماله في طاعة الله صار ذلك يوم القيامة طوقا من نار في عنقه وهو قوله (سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة) واما قوله: (لقد سمع الله قول الذين قالو ان الله فقير ونحن اغنياء) قال والله ما رأوا الله تعالى فيعلموا انه فقير ولكنهم رأوا اولياء الله فقراء فقالوا لو كان الله غنيا لاغنى اولياء‌وه واما قوله (الذين قالوا ان الله عهد الينا ان لا نؤمن لرسول حتى يأتينا بقربان تأكله النار) فان قوما من اليهود قالوا لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لن نؤمن لك حتى تأتينا بقربان تأكله النار وكان عند بني اسرائيل طست كانوا يقربون القربان فيضعونه في الطست فتجيئ نار فتقع فيه فتحرقه، فقالوا لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لن نؤمن لك حتى تأتينا بقربان تأكله النار كما كان لبني اسرائيل فقال الله قل لهم يا محمد (قد جاء‌كم رسل من قبلي بالبينات وبالذي قلتم فلم قتلتموهم ان كنتم صادقين) وفي رواية ابى الجارود عن ابى جعفرعليه‌السلام في قوله (فان كذبوك فقد كذب رسل من قبلك جاؤا بالبينات) هى الآيات (والزبر) وهى كتب الانبياء بالنبوة (والكتاب المنير) الحلال والحرام.

١٢٧

قال علي بن ابراهيم واما قوله (كل نفس ذائقة الموت وإنما توفون اجوركم يوم القيامة فمن زحزح عن النار وادخل الجنة فقد فاز) اي؟ نجى؟ من النار (وما الحيوة الدنيا إلا متاع الغرور) حدثني ابى عن سليمان الديلمي عن ابى بصير عن ابى عبداللهعليه‌السلام قال اذا كان يوم القيامة يدعى محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله فيكسى حلة وردية ثم يقام على يمين العرش ثم يدعى بابراهيمعليه‌السلام فيكسى حلة بيضاء فيقام عن يسار العرش، ثم يدعى بعلي امير المؤمنينعليه‌السلام فيكسى حلة وردية فيقام على يمين النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ثم يدعي باسماعيل فيكسى حلة بيضاء فيقام على يسار ابراهيم، ثم يدعى بالحسنعليه‌السلام فيكسى حلة وردية فيقام على يمين امير المؤمنينعليه‌السلام ثم يدعى بالحسين (ع) فيكسى حلة وردية فيقام على يمين الحسن (ع) ثم يدعى بالائمة فيكسون حللا وردية ويقام كل واحد على يمين صاحبه، ثم يدعى بالشيعة فيقومون أمامهم ثم يدعى بفاطمة ونسائها من ذريتها وشيعتها فيدخلون الجنة بغير حساب، ثم ينادي مناد من بطنان العرش من قبل رب العزة والافق الاعلى نعم الاب ابوك يا محمد وهو ابراهيم ونعم الاخ اخوك وهو علي بن ابى طالبعليه‌السلام ونعم السبطان سبطاك وهما الحسن والحسين ونعم الجنين جنينك وهو محسن ونعم الائمة الراشدون من ذريتك وهم فلان وفلان، ونعم الشيعة شيعتك ألا ان محمدا ووصيه وسبطيه والائمة من ذريته هم الفائزون ثم يؤمر بهم إلى الجنة وذلك قوله: " فمن زحزح عن النار وادخل الجنة فقد فاز " وفي رواية ابي الجارود عن ابى جعفر (ع) في قوله: (وإذ أخذ الله ميثاق الذين اوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه) وذلك ان الله اخذ ميثاق الذين اوتوا الكتاب في محمد لتبيننه للناس اذا خرج ولا يكتمونه (فنبذوه وراء ظهورهم) يقول نبذوا عهد الله وراء ظهورهم (واشتروا به ثمنا قليلا فبئس ما يشترون).قال علي بن ابراهيم في قوله (لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا ويحبون

١٢٨

أن يحمدوا بما لما يفعلوا) نزلت في المنافقين الذين يحبون ان يحمدوا على غير فعل، وفي رواية ابى الجارود عن ابي جعفر (ع) قوله (ولا تحسبنهم بمفازة من العذاب) يقول ببعيد من العذاب (ولهم عذاب اليم).

قال علي بن ابراهيم في قوله (الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم) يعني الصحيح يصلي قائما والمريض يصلي جالسا وعلى جنوبهم يعني مضطجعا يؤمي إيماء‌ا إلى قوله (ما للظالمين من انصار) فهو محكم (ربنا اننا سمعنا مناديا ينادي للايمان) يعني رسول الله ينادي إلى الايمان إلى قوله (انك لا تخلف الميعاد) ثم ذكر امير المؤمنينعليه‌السلام واصحابه المؤمنين فقال (فالذين هاجروا واخرجوا من ديارهم) يعني امير المؤمنين وسلمان واباذر حين اخرج (واوذوا في سبيلي وقاتلوا وقتلوا لاكفرن عنهم سيئاتهم ولادخلنهم جنات تجري من تحتها الانهار ثوابا من عند الله والله عنده حسن الثواب) ثم قال لنبيه (لا يغرنك تقلب الذين كفروا في البلاد متاع قليل ثم ماويهم جهنم وبئس المهاد) واما قوله (وان من اهل الكتاب لمن يؤمن بالله وما انزل اليكم وما انزل اليهم خاشعين لله) فهم قوم من اليهود والنصارى دخلوا في الاسلام، منهم النجاشي واصحابه، واما قوله (اصبروا وصابروا ورابطوا) فانه حدثني ابي عن ابي بصير (ابن ابى عمير ط) عن ابن مسكان عن ابي عبداللهعليه‌السلام قال اصبروا على المصائب وصابروا على الفرائض ورابطوا على الائمةعليهم‌السلام ، وحدثني ابي عن الحسن (الحسين ط) بن خالد عن الرضاعليه‌السلام قال إذا كان يوم القيامة ينادي مناد اين الصابرون؟ فيقوم فئام(١) من الناس ثم ينادي اين المتصبرون، فيقوم فئام من الناس، قلت جعلت فداك وما الصابرون؟ قال على اداء الفرايض والمتصبرون علي اجتناب المحارم.

____________________

(١) الفئام جماعة من الناس، لا واجد له.ج-ز

١٢٩

سورة النساء

مدنية وهى مأة وست وسبعون آية

(بسم الله الرحمن الرحيم يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة) يعني آدم (عليه‌السلام ) (وخلق منها زوجها) يعني حواء برأها الله من اسفل اضلاعه (وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساء‌لون به والارحام) قال يساء‌لون يوم القيامة عن التقوى هل اتقيتم، وعن الارحام هل وصلتموها، وقوله (ان الله كان عليكم رقيبا) اي كفيلا، وفي رواية ابي الجارود الرقيب الحفيظ، قال علي بن ابراهيم في قوله (وآتوا الينامى اموالهم ولا تتبدلوا الخبيث بالطيب ولا تأكلوا اموالهم إلى اموالكم) يعني لا تأكلوا مال اليتيم ظلما فتسرفوا وتتبدلوا الخبيث بالطيب والطيب ما قال الله " ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف " ولا تأكلوا اموالهم إلى اموالكم يعني مال اليتيم (انه كان حوبا كبيرا) أي اثما عظيما.

واما قوله (وان خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلث ورباع) قال نزلت مع قوله تعالى " ويستفتونك في النساء قل الله يفتيكم فيهن وما يتلى عليكم في الكتاب في يتامى النساء اللاتي لا تؤتوهن ما كتب لهن وترغبون ان تنكحوهن فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فنصف الآية في اول السورة ونصفها على رأس المائة وعشرين آية، وذلك انهم كانوا لا يستحلون ان يتزوجوا يتيمة قد ربوها فسألوا الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله عن ذلك فانزل الله تعالى يستفتونك في النساء إلى قوله مثنى وثلاث ورباع قوله (فان خفتم ألا تعدلوا فواحدة او ما ملكت ايمانكم ذلك أدنى ألا تعولوا اي لا تتزوجوا ما لا تقدرون ان تعولوا (وآتوا النساء صدقاتهن نحلة) اي هبة (فان طبن لكم عن شئ منه نفسا فكلوه هنيئا مريئا) يعني

١٣٠

ما يهبه لها من مهرها ان ردته عليه فهو هنيئ مرئ، وفي رواية ابي الجارود عن ابي جعفرعليه‌السلام في قوله (ولا تؤتوا السفهاء اموالكم) فالسفهاء النسا والولد، إذا علم الرجل ان امرأته سفيهة مفسدة وولده سفيه مفسد لا ينبغي له يسلط واحدا منهما على ماله الذي جعله الله له (قياما) يقول معاشا قال (وارزقوهم فيها واكسوهم وقولوا لهم قولا معروفا) المعروف العدة(١) قال علي بن ابراهيم حدثني ابي عن ابن ابي عمير عن ابي بصير عن ابي عبداللهعليه‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله شارب الخمر لا تصدقوه إذا حدث ولا تزوجوه إذا خطب ولا تعودوه إذا مرض ولا تحضروه إذا مات ولا تأتمنوه على أمانة فمن ائتمنه على امانة فاهلكها فليس على الله ان يخلف عليه ولا ان يأجره عليها، لان الله يقول ولا تؤتوا السفهاء اموالكم واي سفيه اسفه من شارب الخمر.

واما قوله (وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فان آنستم منهم رشدا فادفعوا اليهم اموالهم ولا تأكلوها إسرافا وبدارا ان يكبروا) قال من كان في يده مال اليتامى فلا يجوز له ان يعطيه حتى يبلغ النكاح، فاذا احتلم وجب عليه الحدود واقامة الفرائض، ولا يكون مضيعا ولا شارب خمر ولا زانيا، فاذا أنس منه الرشد دفع اليه المال واشهد عليه وان كانوا لا يعلمون انه قد بلغ فانه يمتحن بريح إبطه او نبت عانته، فاذا كان ذلك فقد بلغ فيدفع اليه ماله اذا كان رشيدا، ولا يجوز ان يحبس عليه ماله ويعلل انه لم يكبر وقوله " ولا تأكلوها اسرافا وبدارا ان يكبروا " فان من كان في يده مال يتيم وهو غني فلا يحل له ان يأكل من مال اليتيم ومن كان فقيرا قد حبس نفسه على ماله فله ان يأكل بالمعروف، ومعنى قوله (للرجال نصيب مما ترك الوالدان والاقربون وللنساء نصيب مما ترك الوالدان والاقربون مما قل منه او كثر نصيبا مفروضا) فهي منسوخة بقوله " يوصيكم الله في اولادكم " وقوله (واذا حضر القسمة اولوا

____________________

(١) العدة ما اعددته من مال وسلاح.ج.ز

١٣١

القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه وقولوا لهم قولا معروفا) منسوخ بقوله " يوصيكم الله في اولادكم " واما قوله (وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافا خافوا عليهم فليتقوا الله وليقولوا قولا سديدا) فان الله عزوجل يقول لا تظلموا اليتامي فيصيب اولادكم مثل ما فعلتم باليتامى وإن الله تبارك وتعالى يقول إذا ظلم الرجل اليتيم وكان مستحلا لم يحفظ ولده ووكلهم إلى ابيهم، وان كان صالحا حفظ ولده في صلاح ابيهم، والدليل على ذلك قوله تبارك وتعالى " واما الجدار فكان لغلامين يتيمين في المدينة وكان تحته كنز لهما وكان ابوهما صالحا إلى قوله - رحمة من ربك " لان الله لا يظلم اليتامى لفساد ابيهم ولكن يكل الولد إلى ابيه فان كان صالحا حفظ ولده بصلاحه، واما قوله (ان الذين يأكلون اموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا الآية) فانه حدثني ابي عن ابن ابي عمير عن هشام بن سالم عن ابي عبداللهعليه‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لما اسري بي إلى السماء رأيت قوما تقذف في اجوافهم النار وتخرج من ادبارهم، فقلت من هؤلاء ياجبرئيل؟ فقال هؤلاء الذين يأكلون اموال اليتامى ظلما.

وقوله (يوصيكم الله في اولادكم للذكر مثل حظ الانثيين) قال إذا مات الرجل وترك بنين وبنات فللذكر مثل حظ الانثيين وقوله (فان كن نساء فوق انثتين فلهن ثلثا ما ترك) يعني إذا مات الرجل وترك ابوبن وابنتين فللابوين السدسان وللابنتين الثلثان، فان كانت البنت واحدة فلها النصف ولابويه لكل واحد منهما السدس، وبقى سهم يقسم على خمسة اسهم فما أصاب ثلاثة اسهم فللبنت وما اصاب اثنين فللابوين، وقوله (فان لم يكن له ولد وورثه أبواه فلامه الثلث) يعني إذا ترك ابوين فللام الثلث وللاب الثلثان (من بعد وصية يوصي بها او دين) اي لا تكون الوصية على المضارة يعني بولده ثم قال للرجال (ولكم نصف ما ترك

١٣٢

ازواجكم) فاذا ماتت المرأة فلزوجها النصف اذا لم يكن لها ولد فان كان لها ولد فلزوجها اربع وللمرأة اذا مات زوجها ولم يكن له ولد فلها الربع وان كان له ولد فلها الثمن.

وقوله: (وان كان رجل يورث كلالة أو امرأة وله اخ او اخت فلكل واحد منهما السدس) فهذه كلالة الام وهي الاخوة والاخوات من الام فان كانوا اكثر من ذلك فهم يأخذون الثلث، فيقتسمون فيما بينهم بالسوية الذكر والانثى فيه سواء، فان كان للميت اخوة واخوات من قبل الاب والام او من قبل الاب وحده فلامه السدس وللاب خمسة اسداس، فان الاخوة والاخوات من قبل الاب هم في عيال الاب ويلزمه مؤنتهم فهم يحجبون الام عن الثلث ولا يرثون وقوله (واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهن اربعة منكم فان شهدوا فامسكوهن في البيوت حتى يتوفاهن الموت او يجعل الله لهن سبيلا) فانه في الجاهلية كان إذا زنى الرجل المرأة كانت تحبس في بيت إلى ان تموت ثم نسخ ذلك بقوله " الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة " وقوله (إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب فاولئك يتوب الله عليهم وكان الله عليما حكيما) فانه محكم قوله (ليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى اذا حضر احدهم الموت قال اني تبت الآن) فانه حدثني ابي عن ابن فضال عن علي ابن عقبة عن ابي عبداللهعليه‌السلام قال نزل في القرآن ان زعلون(١) تاب حيث لم تنفعه التوبة ولم تقبل منه وقوله (ياايها الذين آمنوا لا يحل لكم ان ترثوا النساء كرها ولا تعضلوهن لنذهبوا ببعض ما آتيتموهن) قال لا بحل للرجل اذا نكح امرأة ولم يردها وكرهها ان لا يطلقها إذا لم يجبر (يجر ط) عليها، ويعضلها اي يحبسها ويقول لها حتى تؤدي ما اخذت مني فنهى الله عن ذلك (إلا ان يأتين

____________________

(١) اسم مشرك.ج-ز

١٣٣

بفاحشة مبينة) وهو ما وصفناه في الخلع فان قالت له ما تقول المختلعة يجوز له ان يأخذ منها ما اعطاها وما فضل.

وفي رواية ابي الجارود(١) عن ابي جعفرعليه‌السلام في قوله (ياايها الذين آمنوا لا يحل لكم ان ترثوا النساء كرها) فانه كان في الجاهلية في اول ما اسلموا من قبائل العرب اذا مات حميم(٢) الرجل وله امرأة القى الرجل ثوبه عليها فورث نكاحها بصداق حميمه الذى كان اصدقها فكان يرث نكاحها كما يرث ماله، فلما مات ابوقيس بن الاسلب (ابوقيس بن الاسلت ط) القى محصن بن ابي قيس ثوبه على امرأة ابيه وهي كبيثة (كبيشة ط) بنت معمر بن معبد فورث نكاحها ثم تركها لا يدخل به ولا ينفق عليها فأتت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقالت يا رسول الله مات ابوقيس بن الاسلب فورث ابنه محصن نكاحي فلا يدخل علي ولا ينفق علي ولا يخلى سبيلى فالحق باهلي، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ارجعي إلى بيتك فان يحدث الله في شأنك شيئا اعلمتك به، فنزل (ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء إلا ما قد سلف انه كان فاحشة ومقتا وساء سبيلا) فلحقت باهلها، وكانت نساء في المدينة قد ورث نكاحهن كما ورث نكاح كبيثة غير انه ورثهن عن الابناء فانزل الله " يا ايها الذين آمنوا لا يحل لكم ان ترثوا النساء كرها " وقوله (وعاشروهن بالمعروف فان كرهتموهن فعسى ان تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا) يعني الرجل يكره اهله فاما ان يمسكها فيعطفه الله عليها واما ان يخلي سبيلها فيتزوجها غيره

____________________

(١) لا يخفى ان الروايات التي صدرت بذكر ابى الجارود، ليست من عبارة تفسير القمى، بل انها مضافات ابي الفضل العباس تلميذ المصنف التي اضافها إلى اصل التفسير بمناسبة المقام.

(٢) القريب والصديق.ج-ز

١٣٤

فيرزقها الله الود والولد ففي ذلك قد جعل الله خيرا كثيرا قال (وان اردتم استبدال زوج مكان زوج وآتيتم احديهن قنطارا فلا تأخذوا منه شيئا أتأخذونه بهتانا واثما مبينا) وذلك اذا كان الرجل هو الكاره للمرأة، فنهى الله ان يسئ اليها حتى تفتدي منه يقول الله (وكيف تأخذونه وقد افضى بعضكم إلى بعض) والافضاء المباشرة يقول الله (واخذن منكم ميثاقا غليظا) والميثاق الغليظ الذي اشترطه الله للنساء على الرجال امساك بمعروف او تسريح باحسان.

قال علي بن ابراهيم في قوله: " ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء إلا ما قد سلف " فان العرب كانوا ينكحون نساء آبائهم فكان إذا كان للرجال اولاد كثيرة وله اهل ولم تكن امهم ادعى كل واحد فيها فحرم الله مناكحتهم وله اهل ثم قال (حرمت عليكم امهاتكم وبناتكم واخواتكم وعماتكم وخالاتكم وبنات الاخ وبنات الاخت وامهاتكم اللاتي ارضعنكم وأخواتكم من الرصاعة وامهات نسائكم الآية) فان هذه المحرمات هي محرمة وما فوقها الي اقصاها وكذلك البنت والاخت، واما التي هي محرمة بنفسها وبنتها حلال فالعمة والخالة هي محرمة بنفسها وبنتها حلال وامهات النساء امها محرمة وبنتها حلال اذا ماتت ابنتها الاولى التي هي امرأته او طلقها واما قوله (وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم) فالخوارج زعمت ان الرجل اذا كانت لاهله بنت ولم يربها ولم تكن في حجره حلت له لقول الله " واللاتي في حجوركم " قال الصادقعليه‌السلام لا تحل له (وحلائل ابنائكم الذين من اصلابكم) يعني امرأة الولد، وقوله (والمحصنات من النساء إلا ما ملكت الجزء(٥) ايمانكم) يعني امة الرجل إذا كان قد زوجها من عبده ثم اراد نكاحها فرق بينهما واستبرأ رحمها بحيضة او حيضتين فاذا استبرأ رحمها حل له ان ينكحها وقوله (كتاب الله عليكم) يعني حجة الله عليكم فيما يقول (واحل لكم ما وراء ذلكم ان تبتغوا باموالكم محصنين غير مسافحين) يعني يتزوج بمحصنة غير زانية

١٣٥

مسافحة قوله (فمن استمتعتم به منهن) قال الصادقعليه‌السلام : " فمن استمتعتم به منهن إلى اجل مسمى فآتوهن اجورهن فريضة " قال الصادقعليه‌السلام فهذه الآية دليل على المتعة وقوله (ومن لم يستطع منكم طولا ان ينكح المحصنات المؤمنات فمن ما ملكت ايمانكم من فتياتكم المؤمنات) قال ومن لم يستطع ان ينكح الحرة فالاماء باذن اصحابهن (والله اعلم بايمانكم بعضكم من بعض فانكحوهن باذن اهلهن وآتوهن اجورهن بالمعروف محصنات غير مسافحات) قال غير خديعة ولا فسق ولا فجور وقوله (ولا متخذات اخدان) اي لا يتخذها صديقة وقوله (فاذا احصن فان اتين بفاحشة مبينة فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب) يعني به العبيد والاماء اذا زنيا ضربا نصف الحد، فمن عاد فمثل ذلك حتى يفعلوا ذلك ثماني مرات ففي الثامنة يقتلون، قال الصادقعليه‌السلام وانما صار يقتل في الثامنة لان الله رحمه ان يجمع عليه ربق الرق وحد الحر.

وقوله (ياايها الذين آمنوا لا تأكلوا اموالكم بينكم بالباطل) يعني الربا (إلا ان تكون تجارة عن تراض منكم) يعني الشرى والبيع الحلال (ولا تقتلوا انفسكم) قال كان الرجل إذا خرج مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في الغزو يحمل علي العدو وحده من غير ان يأمره رسول الهصلى‌الله‌عليه‌وآله فنهى الله ان يقتل نفسه من غير امر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وقوله (ان تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه) قال هي سبعة: الكفر وقتل النفس، وعقوق الوالدين، واكل مال اليتيم واكل الربا، والفرار من الزحف، والتعرب بعد الهجرة، وكلما وعد الله في القرآن عليه النار فهو من الكبائر، ثم قال (نكفر عنكم سيئاتكم وندخلكم مدخلا كريما) وقوله (ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض) قال لا يجوز للرجل ان يتمنى امرأة رجل مسلم او ماله ولكن يسأل الله من فضله (ان الله كان بكل شئ عليما).

١٣٦

قوله (ولكل جعلناه موالي مما ترك الوالدان والاقربون والذين عقدت ايمانكم) وكان المواريث في الجاهلية علي الاخوة لا على الرحم وكانوا يورثون الحليف والموالى الذين اعتقوهم ثم نزل بعد ذلك " واولوا الارحام بعضهم اولى ببعض في كتاب الله) نسخت هذه، وقوله (الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما انفقوا من اموالهم) يعنى فرض الله على الرجال ان ينفقوا على النساء ثم مدح الله النساء فقال: (فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله) يعني تخفظ نفسها إذا غاب زوجها عنها، وفي رواية ابي الجارود عن ابي جعفرعليه‌السلام في قوله " قانتات " يقول مطيعات وقوله (واللاتى تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن، فان اطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا) وذلك ان نشزت المرأة عن فراش زوجها قال زوجها اتقى الله وارجعي إلى فراشك، فهذه الموعظة، فان اطاعته فسبيل ذلك وإلا سبها وهو الهجر فان رجعت إلى فراشها فذلك وإلا ضربها ضربا غير مبرح فان اطاعته وضاجعته يقول الله " فان اطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا " يقول لا تكلفوهن الحب فانما جعل الموعظة والسب والضرب لهن في المضجع (ان الله كان عليا كبيرا).

وقوله (وان خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من اهله وحكما من اهلها) فبما حكم به الحكمان فهو جائز يقول الله (ان يريدا اصلاحا يوفق الله بينهما بعني الحكمين فاذا كانا عدلين دخل حكم المرأة فيقول اخبريني ما في نفسك، فاني لا احب ان اقطع شيئا دونك، فان كانت هي الناشزة قالت اعطوه من مالي ما شاء وفرق بيني وبينه، وان لم تكن ناشزة قالت انشدك الله ان لا تفرق بيني وبينه، ولكن استزد لي في النفقة فانه مسيئ ويخلو حكم الرجل يجئ إلى الرجل فيقول حدثني بما في نفسك فاني لا احب ان اقطع شيئا دونك، فان كان هو الناشز قال خذ لي منها ما استطعت وفرق بيني وبينها فلا حاجة لي فيها،

١٣٧

وان لم يكن ناشزا قال انشدك الله ان لا تفرق بيني وبينها فانها احب الناس، الي فارضها من مالي بما شئت، ثم يلتقي الحكمان وقد علم كل واحد منهما ما افضى به اليه صاحبه فاخذ كل واحد منهما على صاحبه عهد الله وميثاقه لتصدقني ولاصدقنك، وذلك حين يريد الله ان يوفق بينهما) فاذا فعلا وحدث كل واحد منهم صاحبه بما افضى اليه عرفا من الناشز فان كانت المرأة هي الناشزة قالا انت عدوة الله الناشزة العاصية لزوجك ليس لك عليه نفقة ولا كرامة لك وهو احق ان يبغضك ابدا حتى ترجعي إلى امر الله، وان كان الرجل هو الناشز قالا له انت عدو الله وانت العاصي لامر الله المبغض لامر الله (لامرأثك ط) فعليك نفقتها ولا تدخل لها بيتا ولا ترى لها وجها ابدا حتى ترجع إلى امر الله وكتابه.

قال واتى علي بن ابي طالبعليه‌السلام رجل وامرأته علي هذه الحال فبعث حكما من اهله وحكما من اهلها وقال للحكمين هل تدريان ما تحكمان؟ ان شئتما فرقتما وان شئتما جمعتما، فقال الزوج لا ارضى بحكم فرقة ولا اطلقها، فاوجب عليه نفقتها ومنعه ان يدخل عليها، وان مات على ذلك الحال الزوج ورثته، وان ماتت لم يرثها إذا رضيت منه بحكم الحكمين وكره الزوج، فان رضى الزوج وكرهت المرأة انزلت بهذه المنزلة، ان كرهت لم يكن لها عليه نفقة وان مات لم ترثه وان ماتت ورثها حتى ترجع إلى حكم الحكمين.

قال علي بن ابراهيم في قوله (واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين احسانا وبذي القربى واليتامى والمساكين والجار ذي القربى والجار الجنب والصاحب بالجنب) يعني صاحبك في السفر (وابن السببل) يعني ابناء الطريق الذين يستعينون بك في طريقهم (وما ملكت ايمانكم) يعني الاهل والخادم (ان الله لا يحب من كان مختالا فخورا، الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل ويكنمون ما آتاهم الله من فضله واعتدنا للكافرين عذابا مهينا) فسمى الله البخيل كافرا ثم

١٣٨

ذكر المنافقين فقال: (والذين ينفقون اموالهم رئاه الناس ولا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ومن بكن الشيطان له قرينا فساء قرينا) ثم قال: (وماذا عليهم لو آمنوا بالله واليوم الآخر وانفقوا مما رزقهم الله وكان الله بهم عليما) قال انفقوا في طاعة الله وقوله (ان الله لا يظلم مثقال ذرة) معطوفة على قوله " واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا " وقوله (فكيف اذا جئنا من كل امة بشهيد) يعني الائمة صلوات الله عليهم اجمعين (وجئنا بك) يامحمد (على هؤلاء شهيدا) يعني على الائمة، فرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله شهيد على الائمة وهم شهداء على الناس وقوله (يومئذ يود الذين كفروا وعصوا الرسول لو تسوى بهم الارض ولا يكتمون الله حديثا) قال يتمنى الذين غصبوا امير المؤمنينعليه‌السلام أن تكون الارض ابتلعتهم في اليوم الذي اجتمعوا فيه على غصبه وأن لم يكتموا ما قاله رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فيه وقوله: (يا ايها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وانتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون) قال من النوم (ولا جنبا إلا عابري سبيل حتى تغتسلوا) فانه سئل الصادقعليه‌السلام عن الحائض والجنب يدخلان المسجد ام لا؟ فقال الحائض والجنب لا يدخلان المسجد إلا مجتازين فان الله تعالى يقول: " ولا جنبا إلا عابري سبيل حتى تغتسلوا " ويضعان فيه الشئ ولا يأخذان منه فقلت ما بالهما يضعان فيه ولا يأخذان منه؟ فقال لانهما يقدران على وضع الشئ فيه من غير دخول ولا يقدران على أخذ ما فيه حتى يدخلا فاوجب الغسل والوضوء من الجناية بالماء ثم رخص لمن لم يجد الماء التيمم بالتراب فقال وان كنتم جنبا فاطهروا (وان كنتم مرضى او على سفر او جاء احد منكم الغائط او لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا فامسحوا بوجوهكم وأيديكم ان الله كان عفوا غفورا) وقوله (ألم تر إلى الذين اوتوا نصيبا من الكتاب يشترون الضلالة) يعني ضلوا في امير المؤمنين (ويريدون ان تضلوا السبيل) يعني اخرجوا الناس من ولاية امير المؤمنين، وهو

١٣٩

الصراط المستقيم، قوله (والله اعلم باعدائكم وكفى بالله وليا، وكفى بالله نصيرا، من الذين هادوا يحرفون الكلم عن مواضعه ويقولون سمعنا وعصينا واسمع غير مسمع) قال نزلت في اليهود، وقوله (ان الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء) فانه حدثني ابي عن ابن ابى عمير عن هشام عن ابي عبداللهعليه‌السلام قال: قلت له دخلت الكبائر في الاستثناء؟ قال: نعم، وقوله (ألم تر إلى الذين يزكون انفسهم بل الله يزكي من يشاء) قال هم الذين سموا انفسهم بالصديق والفاروق وذى النورين (ط)، وقوله: (ولا يظلمون فتيلا) قال: القشرة التي على النواة، ثم كنى عنهم فقال: (انظر كيف يفترون علي الله الكذب) وهم الذين غاصبوا آل محمد حقهم، قوله (ألم تر إلى الذين اوتوا نصيبا من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت ويقولون للذين كفروا هؤلاء اهدى من الذين آمنوا سبيلا) قال نزلت في اليهود حين سألهم مشركوا العرب، فقالوا ديننا افضل ام دين محمد؟ قالوا بل دينكم افضل، وقد روي فيه ايضا انها نزلت في الذين غصبوا آل محمد حقهم وحسدوا منزلتهم، فقال الله تعالى (اولئك الذين لعنهم الله ومن يلعن الله فلن تجد له نصيرا، ام لهم نصيب من الملك فاذا لا يؤتون الناس نفيرا) يعني النقطة في ظهر النواة، ثم قال: (ام يحسدون الناس) يعني بالناس ههنا امير المؤمنين والائمةعليهم‌السلام (على ما آتاهم الله من فضله فقد آتينا آل ابراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكا عظيما) وهى الخلافة بعد النبوة، وهم الائمةعليهم‌السلام ، حدثنا علي بن الحسين عن احمد بن ابي عبدالله عن ابيه عن يونس عن ابي جعفر الاحول عن حنان عن ابي عبداللهعليه‌السلام قال: قلت قوله " فقد آتينا آل ابراهيم الكتاب " قال: النبوة، قلت: والحكمة؟ قال: الفهم والقضاء قلت: وآتيناهم ملكا عظيما؟ قال: الطاعة المفروضة.

قال علي بن ابراهيم في قوله (فمنهم من آمن به) يعني امير المؤمنينعليه‌السلام

١٤٠