تفسير القمى الجزء ١

تفسير القمى0%

تفسير القمى مؤلف:
تصنيف: تفسير القرآن
الصفحات: 403

تفسير القمى

مؤلف: ابى الحسن على بن ابراهيم القمى
تصنيف:

الصفحات: 403
المشاهدات: 41594
تحميل: 9849


توضيحات:

بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 403 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 41594 / تحميل: 9849
الحجم الحجم الحجم
تفسير القمى

تفسير القمى الجزء 1

مؤلف:
العربية

شديدا، ومعنى قوله وما تكون في شأن اي في عمل نعمله خيرا او شرا (وما يعزب عن ربك) اي لا يغيب عنه (من مثقال ذرة في الارض ولا في السماء ولا اصغر من ذلك ولا اكبر إلا في كتاب مبين) وقوله (الذين آمنوا) اي صدقوا (وكانوا يتقون لهم البشرى في الحيوة الدنيا وفي الآخرة لا تبديل لكلمات الله) قال البشرى في الحياة الدنيا الرؤيا الحسنة يراها المؤمن وفي الآخرة عند الموت وهو قول الله " الذين تتوفيهم الملائكة طيبين يقولون سلام عليكم ادخلوا الجنة " وقوله " لا تبديل لكلمات الله " اى لا تغير الامامة والدليل على ان الكلمات الامامة قوله " وجعلها كلمة باقية في عقبه " يعني الامامة وقوله (ولا يحزنك قولهم ان العزة لله جميعا وهو السميع العليم - إلى قوله - بما كانوا يكفرون) فانه محكم وقوله (واتل عليهم) مخاطبة لمحمد صلى لله عليه وآله (نبأ نوح) اي خبر نوح (إذا قال لقومه ياقوم ان كان كبر عليكم مقامي وتذكيري بآيات الله فعلى الله توكلت فاجمعوا امركم وشركاء‌كم) الذين تعبدون (ثم لا يكن امركم عليكم غمة) اي لا تغتموا (ثم اقضوا الي) اي ادعوا علي (ولا تنظرون).

وفي رواية ابي الجارود عن ابي جعفرعليه‌السلام في قوله (وقال موسى ياقوم ان كنتم آمنتم بالله فعليه توكلوا ان كنتم مسلمين فقالوا على الله توكلنا ربنا لا تجعلنا فتنة للقوم الظالمين) فان قوم موسى استعبدهم آل فرعون وقالوا لو كان لهؤلاء على الله كرامة كما يقولون ما سلطنا عليهم فقال موسى لقومه ياقوم ان كنتم آمنتم بالله فعليه توكلوا ان كنتم مسلمين فقالوا على الله توكلنا ربنا لا تجعلنا فتنة للقوم الظالمين ونجنا برحمتك من القوم الكافرين وقال علي بن ابراهيم في قوله (واوحينا إلى موسى واخيه ان تبوء‌ا لقومكما بمصر بيوتا واجعلوا بيوتكم قبلة) يعني بيت المقدس حدثنا محمد بن جعفر قال حدثنا جعفر بن محمد بن مالك عن عباد بن يعقور (معقودك يعقوب ط عن محمد بن يعفور) عن ابى جعفر

____________________

(بن ك) الاحول عن منصور

٣٠١

عن ابي ابراهيمعليه‌السلام قال لما خافت بنو اسرائيل جبابرتها اوحى الله إلى موسى وهارونعليهما‌السلام ان تبوء‌ا لقومكما بمصر بيوتا واجعلوا بيوتكم قبلة قال امروا ان يصلوا في بيوتهم وقال علي بن ابراهيم في قوله (وقال موسى ربنا انك آتيت فرعون وملاه زينة) اى ملكا (واموالا في الحيوة الدنيا ربنا ليضلوا عن سبيلك) اي يفتنوا الناس بالاموال والعطايا ليعبدوه ولا بعبدوك (ربنا اطمس على اموالهم) اي اهلكها (واشدد على قلوبهم فلا يؤمنوا حتى يروا العذاب الاليم) فقال الله عزوجل (قد اجيبت دعوتكما فاستقيما ولا تتبعان سبيل الذين لا يعلمون) اي لا تتبعا طريق فرعون واصحابه.

وفي رواية ابي الجارود عن ابي جعفرعليه‌السلام في قوله (وجاوزنا ببني اسرائيل البحر فاتبعهم فرعون وجنوده بغيا وعدوا - إلى قوله - وانا من المسلمين) فان بني اسرائيل قالوا ياموسى ادع الله ان يجعل لنا مما نحن فيه فرجا فدعا فاوحى الله اليه ان سر بهم، قال يارب البحر امامهم، قال امض فاني آمره ان يطيعك وينفرج لك، فخرج موسى ببني اسرائيل واتبعهم فرعون حتى إذا كاد ان يلحقهم ونظروا اليه وقد اظلهم، قال موسى للبحر انفرج لي، قال ما كنت لافعل وقال بنو اسرائيل لموسى غررتنا واهلكتنا فليتك تركتنا يستعبدنا آل فرعون ولم نخرج الآن نقتل قتلة، قال كلا ان معي ربي سيهدين واشتد على موسي ما كان يصنع به عامة قومه وقالوا ياموسى انا لمدركون، زعمت ان البحر ينفرج لنا حتى نمضي ونذهب وقد رهقنا فرعون وقومه وهم هؤلاء تراهم قد دنوا منا، فدعا موسى ربه فاوحى الله اليه ان اضرب بعصاك البحر فضربه، فانفلق البحر فمضى موسى واصحابه حتى قطعوا البحر وادركهم آل فرعون، فلما نظروا إلى البحر قالوا لفرعون ما تعجب مما ترى؟ قال انا فعلت هذا فمروا وامضوا فيه، فلما توسط فرعون ومن معه امر الله البحر فانطبق فغرقهم اجمعين، فلما

٣٠٢

ادرك فرعون الغرق (قال آمنت انه إله إلا الذي آمنت به بنو اسرائيل وانا من المسلمين) يقول الله (الآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين) يقول كنت من العاصين (فاليوم ننجيك ببدنك) قال ان قوم فرعون ذهبوا اجمعين في البحر فلم ير منهم احد هووا في البحر (إلا هوى بجسمه) إلى النار واما فرعون فنبذه الله وحده فالقاه بالساحل لينظروا اليه وليعرفوه ليكون لمن خلفه آية ولئلا يشك احد في هلاكه وانهم كانوا اتخذوه ربا فاراهم الله اياه جيفة ملقاة بالساحل ليكون لمن خلفه عبرة وعظة يقول الله (وان كثيرا من الناس عن آياتنا لغافلون).

وقال علي بن ابراهيم قال الصادقعليه‌السلام ما اتى جبرئيل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إلا كئيبا حزينا ولم يزل كذلك منذ اهلك الله فرعون فلما امره الله بنزول هذه الآية " الآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين " نزل عليه وهو ضاحك مستبشر، فقال له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ما اتيتني يا جبرئيل إلا وتبينت الحزن في وجهك حتى الساعة، قال يامحمد لما أغرق الله فرعون قال آمنت انه لا إله إلا الله الذي آمنت به بنو اسرائيل وانا من المسلمين، فاخذت حماة(١) فوضعتها في فيه ثم قلت له الآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين، وعملت ذلك من غير امر الله خفت ان تلحقه الرحمة من الله ويعذبني على ما فعلت فلما كان الآن وامرني الله ان اؤدى اليك ما قلته انا لفرعون امنت وعلمت ان ذلك كان لله رضى وقوله (فاليوم ننجيك ببدنك) فان موسىعليه‌السلام اخبر بني اسرائيل ان الله قد أغرق فرعون فلم يصدقوه فامر الله البحر فلفظ به على ساحل البحر حتى رأوه ميتا وقوله (ولقد بوأنا بني اسرائيل مبوأ صدق) قال ردهم إلى مصر وغرق فرعون وقوله (فان كنت في شك مما انزلنا اليك فاسئل الذين يقرؤن الكتاب من قبلك) يعني الانبياء حدثني ابي عن عمرو (عمران ط) بن سعيد الراشدي عن ابن مسكان عن ابي عبداللهعليه‌السلام قال لما اسري برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى السماء فاوحى

____________________

(١) الطين الاسود المنتن.ق

٣٠٣

الله اليه في علي صلوات الله عليه ما اوحى ما يشاء من شرفه وعظمه عند الله ورد إلى البيت المعمور وجمع له النبيين فصلوا خلفه عرض في نفس رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من عظم ما اوحى اليه في عليعليه‌السلام فانزل الله " فان كنت في شك مما انزلنا اليك فاسئل الذين يقرؤن الكتاب من قبلك " يعني الانبياء فقد انزلنا عليهم في كتبهم من فضله ما انزلنا في كتابك (لقد جاء‌ك الحق من ربك فلا تكونن من الممترين ولا تكونن من الذين كذبوا بآيات الله فتكون من الخاسرين) فقال الصادقعليه‌السلام فوالله ما شك وما سأل وقوله (ان الذين حقت عليهم كلمة ربك لا يؤمنون ولو جاء‌تهم كل آية حتى يروا العذاب الاليم) قال الذين جحدوا امير المؤمنينعليه‌السلام وقوله " ان الذين حقت عليهم كلمة ربك لا يؤمنون " قال عرضت عليهم الولاية وقد فرض الله عليهم الايمان بها فلم يؤمنوا بها.

وقوله (فلولا كانت قرية آمنت فنفعها ايمانها إلا قوم يونس لما آمنوا كشفنا عنهم عذاب الخزي في الحيوة الدنيا ومتعناهم إلى حين) فانه حدثني ابي عن ابن ابي عمير عن جميل قال قال لي ابي عبداللهعليه‌السلام ما رد الله العذاب إلا عن قوم يونس، وكان يونس يدعوهم إلى الاسلام فيأبوا ذلك، فهم ان يدعو عليهم وكان فيهم رجلان عابد وعالم، وكان اسم احدهما مليخا والآخر اسمه روبيل، فكان العابد يشير على يونس بالدعاء عليهم وكان العالم ينهاه ويقول لا تدع عليهم فان الله يستجيب لك ولا يحب هلاك عباده فقبل قول العابد ولم يقبل من العالم، فدعا عليهم فاوحى الله عزوجل اليه يأتيهم العذاب في سنة كذا وكذا في شهر كذا وكذا في يوم كذا وكذا فلما قرب الوقت خرج يونس من بينهم مع العابد وبقي العالم فيها فلما كان في ذلك اليوم نزل العذاب فقال العالم لهم يا قوم افزعوا إلى الله فلعله يرحمكم ويرد العذاب عنكم، فقالوا كيف نصنع؟ قال اجتمعوا واخرجوا إلى المفازة وفرقوا بين النساء والاولاد وبين

٣٠٤

الابل واولادها وبين البقر واولادها وبين الغنم واولادها ثم ابكوا وادعوا فذهبوا وفعلوا ذلك وضجوا وبكوا فرحمهم الله وصرف عنهم العذاب وفرق العذاب على الجبال وقد كان نزل وقرب منهم، فاقبل يونس لينظر كيف اهلكهم الله فرأى الزارعين يزرعون في ارضهم، قال لهم ما فعل قوم يونس؟ فقالوا له ولم يعرفوه ان يونس دعا عليهم فاستجاب الله له ونزل للعذاب عليهم فاجتمعوا وبكوا ودعوا فرحمهم الله وصرف ذلك عنهم وفرق العذاب على الجبال فهم إذا يطلبون يونس ليؤمنوا به، فغضب يونس ومر على وجهه مغاضبا لله كما حكى الله حتى انتهى إلى ساحل البحر فاذا سفينة قد شحنت واراذوا ان يدفعوها فسألهم يونس ان يحملوه فحملوه، فلما توسطوا البحر بعث الله حوتا عظيما فحبس عليهم السفينة من قدامها فنظر اليه يونس ففزع منه وصار إلى مؤخر السفينة فدار اليه الحوت وفتح فاه فخرج اهل السفينة فقالوا فينا عاص فتساهموا فخرج سهم يونس وهو قول الله عزوجل " فساهم فكان من المدحضين " فاخرجوه فالقوه في البحر فالتقمه الحوت ومر به في الماء.

وقد سأل بعض اليهود امير المؤمنينعليه‌السلام عن سجن طاف اقطار الارض بصاحبه، فقال يا يهودي اما السجن الذي طاف اقطار الارض بصاحبه فانه الحوت الذي حبس يونس في بطنه فدخل في بحر القلزم ثم خرج إلى بحر مصر ثم دخل في بحر طبرستان ثم خرج في دجلة الغورا ثم مرت به تحت الارض حتى لحقت بقارون، وكان قارون هلك في ايام موسى ووكل الله به ملكا يدخله في الارض كل يوم قامة رجل وكان يونس في بطن الحوت يسبح الله ويستغفره فسمع قارون صوته فقال للملك الموكل به انظرني فاني اسمع كلام آدمي فاوحى الله إلى الملك الموكل به انظره فانظره ثم قال قارون من أنت؟ قال يونس انا المذنب الخاطئ يونس بن متى قال فما فعل الشديد الغضب لله موسى بن عمران

٣٠٥

قال هيهات هلك، قال فمافعل الرؤف الرحيم علي قومه هارون بن عمران، قال هلك قال فما فعلت كلثم بنت عمران التى كانت سميت لي؟ قال هيهات ما بقي من آل عمران احد، فقال قارون وااسفا على آل عمران ! فشكر الله له ذلك فامر الله الملك الموكل به ان يرفع عنه العذاب ايام الدنيا، فرفع عنه فلما رأى يونس ذلك فنادى في الظلمات: ان لا إله إلا انت سبحانك اني كنت من الظالمين، فاستجاب الله له وامر الحوت ان تلفظه فلفظته علي ساحل البحر وقد ذهب جلده ولحمه وانبت الله عليه شجرة من يقطين وهى الدباء فاظلته من الشمس فشكر ثم امر الله الشجرة فتنحت عنه ووقع الشمس عليه فجزع فاوحى الله اليه يا يونس لم لم ترحم مائة الف او يزيدون وانت تجزع من الم ساعة فقال يارب عفوك عفوك، فرد الله عليه بدنه ورجع إلى قومه وآمنوا به وهو قوله (فلولا كانت قرية آمنت فنفعها ايمانها إلا قوم يونس لما آمنوا كشفنا عنهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا ومتعناهم إلى حين) وقالوا مكث يونس في بطن الحوت تسع ساعات ثم قال الله لنبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله (ولو شاء ربك لآمن من في الارض كلهم جميعا افأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين) يعني لو شاء الله ان يجبر الناس كلهم علي الايمان لفعل.

وفى رواية ابي الجارود عن ابي جعفرعليه‌السلام قال لبث يونس في بطن الحوت ثلاثة ايام ونادى في الظلمات ظلمة بطن الحوت وظلمة الليل وظلمة البحر ان لاإله إلا انت سبحانك (تبت اليك ط) اني كنت من الظالمين، فاستجاب الله له فاخرجه الحوت إلى الساحل ثم قذفه فالقاه بالساحل وانبت الله عليه شجرة من يقطين وهو القرع فكان يمصه ويستظل به وبورقه وكان تساقط شعره ورق جلده وكان يونس يسبح ويذكر الله الليل والنهار فلما ان قوي واشتد بعث الله دودة فاكلت اسفل القرع فذبلت القرعة ثم يبست فشق ذلك على يونس فظل حزينا فاوحى

٣٠٦

الله اليه مالك حزينا يايونس؟ قال يا رب هذه الشجرة التي كانت تنفعني سلطت عليها دودة فيبست، قال يا يونس أحزنت لشجرة لم تزرعها ولم تسقها ولم تعي بها ان يبست حين استغنيت عنها ولم تحزن لاهل نينوى اكثر من مائة الف اردت ان ينزل عليهم العذاب ان اهل نينوى قد آمنوا واتقوا فارجع اليهم، فانطلق يونس إلى قومه فلما دنى من نينوى استحيى ان يدخل فقال لراع لقيه، ائت اهل نينوى فقل لهم ان هذا يونس قد جاء قال الراعي أتكذب أما تستحيي ويونس قد غرق في البحر وذهب، قال له يونس اللهم ان هذه الشاة تشهد لك انى يونس فنطقت الشاة بانه يونس، فلما اتى الراعي قومه واخبره اخذوه وهموا بضربه، فقال ان لي بيته بما اقول قالوا من يشهد؟ قال هذه الشاة تشهد؟ فشهدت انه صادق وان يونس قد رده الله اليهم فخرجوا يطلبونه فوجده فجاء‌وا به وآمنوا وحسن ايمانهم فمتعهم الله إلى حين وهو الموت واجارهم من ذلك العذاب.

وقوله: (قل انظروا ماذا في السموات والارض وما تغني الآيات والنذر عن قوم لا يؤمنون) اخبرني الحسين بن محمد عن المعلي بن محمد قال حدثني احمد ابن محمد بن (عن ط) عبدالله عن احمد بن هلال عن امية بن علي عن داؤد بن كثير الرقي قال سألت ابا عبداللهعليه‌السلام عن قول الله " وما تغني الآيات والنذر عن قوم لا يؤمنون " قال الآيات الائمة والنذر الانبياءعليهم‌السلام وقال علي بن ابراهيم في قوله قل يامحمد (ياايها الناس ان كنتم في شك من ديني فلا اعبد الذين تعبدون من دون الله ولكن ا عبدالله الذي يتوفيكم) فانه محكم وقوله (ولا تدع من دون الله ما لا ينفعك ولا يضرك فان فعلت فانك اذا من الظالمين) فانه مخاطبة للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله والمعني الناس ثم قال (قل ياايها الناس قد جاء‌كم الحق من ربكم فمن اهتدى فانما يهتدي لنفسه ومن ضل فانما يضل عليها وما انا عليكم بوكيل) اي

٣٠٧

لست بوكيل عليكم احفظ اعمالكم انما علي ان ادعوكم ثم قال (واتبع) يا محمد (ما يوحى اليك واصبر حتى يحكم الله وهو خير الحاكمين).

سورة هود

مكية مأة واثنتان وعشرون آية

(بسم الله الرحمن الرحيم الر كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير) يعني من عند الله (ألا تعبدوا إلا الله انني لكم منه نذير وبشير وأن استغفروا ربكم ثم توبوا اليه يمتعكم متاعا حسنا إلى اجل مسمى ويؤت كل ذي فضل فضله) وهو محكم، وفي رواية ابي الجارود عن ابي جعفرعليه‌السلام " الرا كتاب احكمت آياته " قال هو القرآن " من لدن حكيم خبير " قال من عند حكيم خبير " وان استغفروا ربكم " يعني المؤمنين قوله " ويؤت كل ذي فضل فضله " فهو علي بن ابي طالبعليه‌السلام وقوله (وان تولوا فاني اخاف عليكم عذاب يوم كبير) قال الدخان والصيحة وقوله (ألا انهم يثنون صدورهم ليستخفوا منه) يقول يكتمون ما في صدورهم من بغض على، قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ان آية المنافق بغض علي فكان قوم يظهرون المودة لعلي (ع) عند النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ويسرون بغضه فقال (ألا حين يستغشون ثيابهم) فانه كان اذا حدث بشئ من فضل علي بن ابي طالب (ع) او تلا عليهم ما انزل الله فيه نفضوا ثيابهم ثم قاموا يقول الله (يعلم ما يسرون وما يعلنون) حين قاموا (انه عليم بذات الصدور) وقوله (وما الجزء(١٢) من دابة في الارض إلا على الله رزقها) يقول يكفل بارزاق الخلق قوله (ويعلم مستقرها) يقول حيث يأوي بالليل (ومستودعها) حيث يموت وقوله (وهو الذي خلق السموات والارض في ستة ايام وكان عرشه على الماء) وذلك في مبتداء الخلق، ان الرب تبارك وتعالى خلق الهواء ثم خلق القلم فامره ان يجري فقال يارب بما

٣٠٨

اجري؟ فقال بما هو كائن ثم خلق الظامة من الهواء وخلق النور من الهواء وخلق الماء من الهواء وخلق العرش من الهواء وخلق العقيم من الهواء وهو الريح الشديد وخلق النار من الهواء وخلق الخلق كلهم من هذه الستة التي خلقت من الهواء فسلط العقيم على الماء فضربته فاكثرت الموج والزبد وجعل يثور دخانه في الهواء فلما بلغ الوقت الذي اراد قال للزبد اجمد فجمد وقال للموج اجمد فجمد فجعل الزبد ارضا وجعل الموج جبالا رواسي للارض فلما اجمدها قال للروح والقدرة سويا عرشي إلى السماء فسويا عرشه إلى السماء وقال للدخان اجمد فجمد ثم قال له ازفر فزفر(١) فناداها والارض جميعا ائتيا طوعا او كرها قالتا اتينا طائعين ففضاهن سبع سموات في يومين ومن الارض مثلهن، فلما اخذ في رزق خلقه خلق السماء وجناتها والملائكة يوم الخميس وخلق الارض يوم الاحد وخلق دواب البحر والبر يوم الاثنين وهما اليومان اللذان يقول الله انكم لتكفرون بالذي خلق الارض في يومين وخلق الشجر ونبات الارض وانهارها وما فيها والهوام في يوم الثلاثاء وخلق الجان وهو ابوالجن في يوم السبت وخلق الطير يوم الاربعاء وخلق آدم في ست ساعات من يوم الجمعة فهذه الستة الايام خلق الله السموات والارض وما بينهما.

قال علي ابراهيم في قوله (ليبلوكم ايكم احسن عملا) معطوف على قوله " الرا كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير ليبلوكم ايكم احسن عملا " وقوله (ولئن اخرنا عنهم العذاب إلى امة معدودة) قال ان متعناهم في هذه الدنيا إلى خروج القائم فنردهم ونعذبهم (ليقولن ما يحبسه) اي يقولون

____________________

(١) زفر زفيرا: اخرج نفسه والمراد هنا اخرج الصوت من اعماق النفس.ج.ز

٣٠٩

اما لا يقوم القائم ولا يخرج، على حد الاستهزاء فقال الله (الا يوم يأتيهم ليس مصروفا عنهم وحاق بهم ما كانوا به يستهزؤن) اخبرنا احمد بن ادريس قال حدثنا احمد بن محمد عن علي بن الحكم عن سيف عن حسان عن هشام بن عمار عن ابيه وكان من اصحاب على ع عن على ع في قوله تعالى " لئن اخرنا عنهم العذاب الي امة معدودة ليقولن ما يحبسه " قال الامة المعدودة اصحاب القائم الثلاثمائة والبضعة عشر، قال علي بن ابراهيم والامة في كتاب الله على وجوه كثيرة فمنه المذهب وهو قوله " كان الناس امة واحدة " اي على مذهب واحد، ومنه الجماعة من الناس وهو قوله " وجد عليه امة من الناس يسقون " اي جماعة، ومنه الواحد قد سماه الله امة قوله " ان ابراهيم كان امة قانتا لله حنيفا " ومنه جميع اجناس الحيوان وهو قوله " وان من امة إلا خلا فيها نذير " ومنه امة محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله وهو قوله " وكذلك ارسلناك في امة قد خلت من قبلها امم " وهى امة محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله ومنه الوقت وهو قوله " وقال الذي نجا منهما وادكر بعد امة " اي بعد وقت وقوله: إلى امة معدودة، يعني به الوقت ومنه الخلق كله وهو قوله " وترى كل امة جاثية وكل امة تدعى إلى كتابها "، وقوله " يوم نبعث من كل امة شهيدا ثم لا يؤذن للذين كفروا ولا هم يستعتبون " ومثله كثير.

وقوله (ولان اذقنا الانسان منا رحمة ثم نزعناها منه انه ليؤس كفور ولان اذقناه نعماء بعد ضراء مسته ليقولن ذهب السيئات عني انه لفرح فخور) قال اذا اغنى الله العبد ثم افتقر اصابه الاياس والجزع والهلع فاذا كشف الله عنه ذلك فرح وقال ذهب السيئات عني انه لفرح فخور ثم قال (إلا الذين صبروا وعملوا الصالحات) قال صبروا في الشدة وعملوا الصالحات في الرخاء.

قوله (فلعلك تارك بعض ما يوحى اليك وضائق به صدرك ان يقولوا لو لا انزل عليه كنز او جاء معه ملك إنما أنت نذير والله علي كل شئ وكيل) فانه

٣١٠

حدثني ابي عن النضر بن سويد عن يحيى الحلبي عن ابن مسكان عن عمارة بن سويد عن ابي عبداللهعليه‌السلام انه قال سبب نزول هذه الآية ان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله خرج ذات يوم فقال لعلي يا علي اني سألت الله الليلة بان يجعلك وزيري ففعل وسألته ان يجعلك وصيي ففعل وسألته ان يجعلك خليفتي في امتي ففعل، فقال رجل من اصحابه المنافقين والله لصاع من تمر في شن(١) بال احب الي مما سأل محمد ربه ألا سأله ملكا يعضده او مالا يستعين به علي ما فيه ووالله ما دعا عليا(٢) قط إلى حق او إلى باطل إلا اجابه فانزل الله علي رسوله الله " فلعلك تارك بعض ما يوحي اليك الآية " وقوله (أم يقولون افتريه قل فاتوا بعشر سور مثله مفتريات وادعوا من استطعتم من دون الله ان كنتم صادقين) يعني قولهم ان الله لم يأمره بولاية عليعليه‌السلام وإنما يقول من عنده فيه فقال الله عزوجل (فان لم يستجيبوا لكم فاعلموا إنما انزل بعلم الله) اي ولاية امير المؤمنينعليه‌السلام من عند الله وقوله (من كان يريد الحيوة الدنيا وزينتها نوف اليهم اعمالهم فيها وهم فيها لا يبخسون اولئك الذين ليس لهم في الآخرة إلا النار) قال من عمل الخير على ان يعطيه الله ثوابه في الدنيا اعطاه ثوابه في الدنيا وكان له في الآخرة النار وقوله (أفمن كان علي بينة من ربه ويتلوه شاهد منه ومن قبله كتاب موسى اماما ورحمة اولئك يؤمنون به - إلى قوله - لا يؤمنون) فانه حدثني ابي عن يحيى بن ابي عمران عن يونس عن ابي بصير والفضيل عن ابي جعفرعليه‌السلام قال انما نزلت افمن كان على بينة من ربه، يعني رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ويتلوه شاهد منه اماما ورحمة ومن قبله كتاب موسى اولئك يؤمنون به فقدموا واخروا في التأليف وقوله (ومن اظلم ممن افترى على الله كذبا اولئك يعرضون علي ربهم ويقول الاشهاد هؤلاء الذين كذبوا

____________________

(١) الشن القربة.

(٢) كذا في النسخ والمظنون ان يكون لفظ " ربه " مكان " عليا " ج ز

٣١١

علي ربهم) يعني بالاشهاد الائمةعليهم‌السلام (ألا لعنة الله على الظالمين) لآل محمد صلى لله عليه وآله حقهم وقوله (الذين يصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجا) يعني يصدون عن طريق الله وهى الامامة " ويبغونها عوجا " يعنى حرفوها الي غيرها وقوله (ما كانوا يستطيعون السمع) قال ما قدروا ان يسمعوا بذكر امير المؤمنينعليه‌السلام وقوله (اولئك الذين خسروا انفسهم وضل) اي بطل (عنهم ما كانوا يفترون) يعني يوم القيامة بطل الذين دعوا غير امير المؤمنينعليه‌السلام (وقال ان الذين آمنوا وعملوا الصالحات واخبتوا الي ربهم) اي تواضعوا لله وعبدوه وقوله (مثل الفريقين كالاعمى والاصم والبصير والسميع هل يستويان مثلا أفلا تذكرون) يعني المؤمنين والخاسرين وقوله (إلا الذين هم اراذلنا بادى الرأي وما نرى لكم علينا من فضل) يعني الفقراء والمساكين الذين تراهم بادي الرأي (فعميت عليكم) الانباء اي اشتبهت عليكم حتى لم تعرفوها ولم تفهموها (ويا قوم لا اسئلكم عليه مالا ان اجري إلا على الله وما انا بطارد الذين آمنوا انهم ملاقوا ربهم) اي الفقراء الذين آمنوا به قوله (وياقوم من ينصرني من الله ان طردتهم أفلا تذكرون ولا اقول لكم عندي خزائن الله ولا اعلم الغيب - إلى قوله - للذين تزدري اعينكم) اي تقصر اعينكم عنهم وتستحقرونهم (لن يؤتيهم الله خيرا الله اعلم بما في انفسهم اني اذا لمن الظالمين) وقوله (واوحي إلى نوح انه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن فلا تبتئس بما كانوا يفعلون) فانه حدثني ابي عن ابن ابي عمير من ابن سنان عن ابي عبداللهعليه‌السلام قال بقي نوح في قومه ثلاثمائة سنة يدعوهم الي الله فلم يجيبوه فهم ان يدعو عليهم، فوافاه عند طلوع الشمس اثنا عشر الف قبيل من قبائل ملائكة سماء الدنيا وهم العظماء من الملائكة، فقال لهم نوح من انتم؟ فقالوا نحن اثنا عشر الف قبيل من قبائل ملائكة سماء الدنيا وان مسيرة غلظ سماء الدنيا خمسمائة عام ومن سماء الدنيا إلى الدنيا مسيرة خمسمائة عام

٣١٢

وخرجنا (اخرجنا الله ك) عند طلوع الشمس ووافيناك في هذا الوقت فنسألك ان لا تدعو علي قومك، فقال نوح قد اجلتهم ثلاثمائة سنة، فلما اتى عليهم ستمائة سنة ولم يؤمنوا هم ان يدعو عليهم فوافاه اثنا عشر الف قبيل من قبايل ملائكة السماء الثانية فقال نوح من انتم قالوا نحن اثنا عشر الف قبيل من قبايل ملائكة السماء الثانية وغلظ السماء الثانية مسيرة خمسمائة عام ومن السماء الثانية الي سماء الدنيا مسيرة خمسمائة عام وغلظ سماء الدنيا مسيرة خمسمائة عام ومن سماء الدنيا إلى الدنيا مسيرة خمسمائة عام خرجنا عند طلوع الشمس ووافيناك ضحوة نسألك ان لا تدعو على قومك فقال نوح قد اجلتهم ثلاثمائة سنة.

فلما اتى عليهم تسعمائة سنة هم ان يدعو عليهم فانزل الله عزوجل " انه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن فلا تبتئس بما كانوا يفعلون " فقال نوح " رب لا تذر علي الارض من الكافرين ديارا انك ان تذرهم يضلوا عبادك ولا يلدوا إلا فاجرا كفارا " فامره الله ان يغرس النخل فكان قومه يمرون به فيسخرون منه ويستهزؤن به ويقولون شيخ قد اتى له تسعمائة سنة يغرس النخل وكانوا يرمونه بالحجارة فلما اتى لذلك خمسون سنة وبلغ النخل واستحكم أمر بقطعه فسخروا منه وقالوا بلغ النخل مبلغه وهو قوله (وكلما مر عليه ملا من قومه سخروا منه وقال ان تسخروا منا فانا نسخر منكم كما تسخرون فسوف تعملون) فامره الله ان ينحت السفينة وامر جبرئيل ان ينزل عليه ويعلمه كيف يتخذها فقدر طولها في الارض الفا ومائتي ذراع وعرضها ثمانمائة ذراع، وطولها في السماء ثمانون ذراعا فقال يا رب من يعينني على اتخاذها؟ فاوحى الله اليه ناد في قومك من اعانني عليها ونجر منها شيئا صار ما ينجره ذهبا وفضة، فنادى نوح فيهم بذلك فاعانوه عليها وكانوا يسخرون منه ويقولون ينحت سفينة في البر.

قال حدثني ابي عن صفوان عن ابي بصير عن ابي عبداللهعليه‌السلام قال لما

٣١٣

اراد الله عزوجل هلاك قوم نوح عقم ارحام النساء اربعين سنة فلم يولد فيهم مولود فلما فرغ نوح من اتخاذ السفينة امره الله ان ينادي بالسريانية لا يبقى بهيمة ولا حيوان إلا حضر، فادخل من كل جنس من اجناس الحيوان زوجين في السفينة وكان الذين آمنوا به من جميع الدنيا ثمانين رجلا فقال الله عزوجل: (احمل فيها من كان زوجين اثنين واهلك إلا من سبق عليه القول ومن آمن وما آمن معه الا قليل) وكان نجر السفينة في مسجد الكوفة (المدينة ك) فلما كان في اليوم الذي اراد الله هلاكهم كانت امرأة نوح تخبز في الموضع الذي يعرف بفار التنور في مسجد الكوفة وقد كان نوح اتخذ لكل ضرب من اجناس الحيوان موضعا في السفينة وجمع لهم فيها ما يحتاجون من الغذاء، فصاحت امرأته لما فارالتنور فجاء نوح إلى التنور فوضع عليها طينا وختمه حتى ادخل جميع الحيوان السفينة ثم جاء الي التنور ففض الخاتم ورفع الطين وانكسفت الشمس وجاء من السماء ماء منهمر صب بلا قطر وتفجرت الارض عيونا وهو قوله عز وجل " ففتحنا ابواب السماء بماء منهمر وفجرنا الارض عيونا فالتقى الماء علي امر قد قدر وحملناه على ذات الواح ودسر " فقال الله عزوجل (اركبوا فيها بسم الله مجريها ومرسيها) يقول مجربها اي مسيرها ومرسيها اى موقفها فدارت السفينة ونظر نوح إلى ابنه يقع ويقوم فقال له (يا بني اركب معنا ولا تكن مع الكافرين) فقال ابنه كما حكى الله عزوجل (سآوي إلى جبل يعصمني من الماء) قال نوح (لا عاصم اليوم من امر الله الا من رحم) الله ثم قال نوح: (رب ان ابني من اهلي وان وعدك الحق وانت احكم الحاكمين) فقال الله (يانوح انه ليس من اهلك انه عمل غير صالح فلا تسئلن ما ليس لك به علم اني اعظك ان تكون من الجاهلين) فقال نوح كما حكى الله (رب اني اعوذ بك ان اسئلك ما ليس لي به علم وإلا تغفر لي وترحمني اكن من الخاسرين) فكان كما حكى الله

٣١٤

(وحال بينهما الموج فكان من المغرقين) فقال ابوعبداللهعليه‌السلام فدارت السفينة وضربتها الامواج حتى وافت مكة وطافت بالبيت وغرق جميع الدنيا إلا موضع البيت إنما سمي البيت العتيق لانه اعتق من الغرق فبقي الماء ينصب من السماء اربعين صباحا ومن الارض العيون حتى ارتفعت السفينة فمسحت السماء قال فرفع نوح يده فقال يارهمان اخفرس (اتغرك) تفسيرها رب احسن فامر الله الارض ان تبلع ماء‌ها وهو قوله (وقيل يا ارض ابلعي ماء‌ك وياسماء اقلمي) يعني امسكي (وغيض الماء وقضي الامر واستوت على الجودي) فبلعت الارض ماء‌ها فاراد ماء السماء ان يدخل في الارض فامتنعت الارض من قبولها وقالت إنما امرني الله عزوجل ان ابلع مائي فبقي ماء السماء على وجه الارض واستوت السفينة على جبل الجودي وهو بالموصل جبل عظيم، فبعث الله جبرئيل فساق الماء الي البحار حول الدنيا وانزل الله على نوح (يانوح اهبط بسلام منا وبركات عليك وعلى امم من معك وامم سنمتعهم ثم يمسهم منا عذاب اليم) فنزل نوح بالموصل من السفينة مع الثمانين وبنوا مدينة الثمانين وكانت لنوح ابنة ركبت معه في السفينة فتناسل الناس منها وذلك قول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله نوح احد الابوين ثم قال الله عزوجل لنبيه (تلك من انباء الغيب نوحيها اليك ما كنت تعلمها انت ولا قومك من قبل هذا فاصبر ان العاقبة للمتقين) وروي في الخبر ان اسم نوح عبدالغفار وانما سمي نوحا لانه كان ينوح علي نفسه اخبرنا احمد بن ادريس قال حدثنا احمد بن محمد بن عيسى عن احمد بن محمد بن ابي نصر عن ابان بن عثمان الاحمر عن موسى بن اكيل النميري عن العلا بن سيابة عن ابي عبداللهعليه‌السلام في قول الله ونادى نوح ابنه فقال ليس بابنه إنما هو ابنه من زوجته علي لغة طي يقولون لابن المرأة ابنه.

قال علي بن ابراهيم ثم حكى الله عزوجل خبر هودعليه‌السلام وهلاك قومه

٣١٥

فقال (والي عاد اخاهم هودا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره ان انتم إلا مفترون يا قوم لا اسئلكم عليه اجرا ان اجري إلا علي الذي فطرني أفلا تعقلون) قال ان عادا كانت بلادهم في البادية من الشقيق إلى الاجفر اربعة منازل وكان لهم زرع ونخيل كثير ولهم اعمار طويلة واجسام طويلة فعيدوا الاصنام فبعث الله اليهم هودا يدعوهم إلى الاسلام وخلع الانداد فأبوا ولم يؤمنوا بهود وآذوه فكفت السماء عنهم سبع سنين حتى قحطوا وكان هود زراعا وكان يسقي الزرع فجاء قوم إلى بابه يريدونه، فخرجت عليهم امرأة شمطاء عوراء(١) فقالت من انتم؟ فقالوا نحن من بلاد كذا وكذا اجدبت بلادنا فجئنا إلى هود نسأله ان يدعو الله حتى تمطر وتخصب بلادنا، فقالت لو استجيب لهود لدعا لنفسه فقد احترق زرعه لقلة الماء، قالوا فاين هو؟ قالت هو في موضع كذا وكذا فجاؤا اليه فقالوا يانبي الله قد اجدبت بلادنا ولم تمصر؟ فاسأل الله ان يخصب بلادنا وتمطر فتهيأ للصلاة وصلى ودعا لهم فقال لهم ارجعوا فقد امطرتم واخصبت بلادكم، فقالوا يانبي الله انا رأينا عجبا قال وما رأيتم؟ فقالوا رأينا في منزلك امرأة شمطاء عوراء قالت لنا من انتم وما تريدون قلنا جئنا إلى هود ليدعو الله فنمطر فقالت لو كان هود داعيا لدعا لنفسه فان زرعه قد احترق فقال هود تلك اهلي وانا ادعوا الله لها بطول البقاء فقالوا وكيف ذلك قال لانه ما خلق الله مؤمنا إلا وله عدو يؤذيه وهى عدوتي فلان يكون عدوى ممن املكه خير من ان يكون عدوي ممن يملكني، فبقي هود في قومه يدعوهم إلى الله وينهاهم عن عبادة الاصنام حتى تخصب بلادهم وانزل الله عليهم المطر وهو قوله عزوجل (ياقوم استغفروا ربكم ثم توبوا اليه يرسل السماء عليكم مدرارا ويزدكم قوة إلى قوتكم ولا تتولوا مجرمين) فقالوا كما حكى الله (ياهود ما جئتنا ببينة وما نحن بتاركي آلهتنا عن قولك وما نحن لك بمؤمنين إلى آخر الآية) فلما لم يؤمنوا ارسل الله

____________________

(١) الشمط محركة بياض الراس خالطه سواد والعور: محركة ذهاب حس احدى العينين ق

٣١٦

عليهم " الريح الصرصر يعني الباردة وهو قوله في سورة اقتربت " كذبت عاد فكيف كان عذابي ونذر انا ارسلنا عليهم ريحا صرصرا في يوم نحس مستمر " وحكى في سورة الحاقة فقال " واما عاد فاهلكوا بريح صرصر عاتية سخرها عليهم سبع ليال وثمانية أيام حسوما " قال كان القمر منحوسا بزحل سبع ليال وثمانية أيام.

قال فحدثني ابي عن ابن ابي عمير عن عبدالله بن سنان عن معروف بن خربوذ عن ابي جعفرعليه‌السلام قال الريح العقيم تخرج من تحت الارضين السبع وما يخرج منها شئ قط إلا على قوم عاد حين غضب الله عليهم فامر الخزان ان يخرجوا منها مثل سعة الخاتم فعصت علي الخزنة فخرج منها مثل مقدار منخر الثور تغيظا منها على قوم عاد فضج الخزنة إلى الله من ذلك وقالوا يا ربنا انها قد عتت علينا ونحن نخاف ان يهلك من لم يعصك من خلقك وعمار بلادك فبعث الله جبرئيل فردها بجناحه وقال لها اخرجي علي ما امرت به فرجعت وخزجت علي ما امرت به فاهلكت قوم عاد ومن كان بحضرتهم واما قوله (والى ثمود اخاهم صالحا قال ياقوم اعبدوا الله مالكم من إله غيره هو انشأكم من الارض واستعمركم فيها فاستغفروه ثم توبوا اليه ان ربى قريب مجيب) إلى قوله (واما لفي شك مما تدعونا اليه مريب) فان الله تبارك وتعالى بعث صالحا إلى ثمود وهو ابن ستة عشر سنة لا يجيبوه إلى خير وكان لهم سبعون صنما يعبدونها من دون الله فلما رأى ذلك منهم قال لهم ياقوم بعثت اليكم وانا ابن ستة عشر سنة وقد بلغت عشرين ومائة سنة وانا اعرض عليكم امرين ان شئتم فاسألوني مهما اردتم حتى اسأل إلهي فيجيبكم وان شئتم سألت آلهتكم فان اجابتني خرجت عنكم، فقالوا انصفت فامهلنا فاقبلوا يتعبدون ثلاثة ايام ويتمسحون بالاصنام ويذبون لها واخرجوها إلى سفح الجبل واقبلوا يتضرعون اليها، فلما كان اليوم

٣١٧

الثالث قال لهم صالحعليه‌السلام قد طال هذا الامر فقالوا له سل من شئت، فدنا إلى اكبر صنم لهم، فقال ما اسمك؟ فلم يجبه، فقال لهم ما له لا يجبيني؟ قالوا له تنح عنه فتنحى عنه واقبلوا اليه ووضعوا على رؤوسهم التراب وضجوا وقالوا فضحتنا ونكست رؤوسنا وقال صالح قد ذهب النهار، فقالوا سله فدنا منه فكلمه فلم يجبه فبكوا وتضرعوا حتى فعلوا ذلك ثلاث مرات فلم يجبهم بشئ، فقالوا ان هذا لا يجيبك ولكنا نسأل إلهك، فقال لهم سلوا ما شئتم فقالوا سله ان يخرج لنا من هذا الجبل ناقة حمراء شقراء عشراء اي حاملة تضرب بمنكبيها طرفي الجبلين وتلقى فصيلها من ساعتها وتدر لبنها، فقال صالح ان الذي سألتموني عندي عظيم وعند الله هين، فقام وصلي ركعتين ثم سجد وتضرع إلى الله فما رفع رأسه حتى تصدع الجبل وسمعوا له دويا شديدا ففزعوا منه وكادوا ان يموتوا منه فطلع رأس الناقة وهى تجتر فلما خرجت القت فصيلها ودرت لبنها فبهتوا وقالوا قد علمنا ياصالح ان ربك اعز واقدر من آلهتنا التي نعبدها.

وكان لقريتهم ماء وهى الحجر التي ذكرها الله تعالى في كنابه وهو قوله " كذب اصحاب الحجر المرسلين " فقال لهم صالح لهذه الناقة شرب اي تشرب ماء‌كم يوما وتدر لبنها عليكم يوما وهو قوله عزوجل " لها شرب ولكم شرب يوم معلوم ولا تمسوها بسوء فيأخذكم عذاب يوم عظيم " فكانت تشرب ماء‌هم يوما وإذا كان من الغد وقفت وسط قريتهم فلا يبقى في القرية احد إلا حلب منها حاجته وكان فيهم تسعة من رؤسائهم كما ذكر الله في سورة النمل " وكان في المدينة تسعة رهط يفسدون في الارض ولا يصلحون " فعقروا الناقة ورموها حتى قتلوها وقتلوا الفصيل فلما عقروا الناقة قالوا لصالح " ائتنا بما تعدنا ان كنت من المرسلين " قال صالح (تمتعوا في داركم ثلاثة ايام ذلك وعد غير مكذوب)

٣١٨

ثم قال لهم وعلامة هلاككم انه تبيض وجوهكم غدا وتحمر بعد غد وتسود في اليوم الثالث فلما كان من الغد نظروا إلى وجوههم وقد ابيضت مثل القطن فلما كان اليوم الثاني احمرت مثل الدم فلما كان اليوم الثالث اسودت وجوههم فبعث الله عليهم صيحة وزلزلة فهلكوا وهو قوله " فاخذتهم الرجفة فاصبحوا في ديارهم جاثمين " فما تخلص منهم غير صالح وقوم مستضعفين مؤمنين وهو قوله (فلما جاء امرنا نجينا صالحا - إلى قوله - ألا ان ثمود كفروا ربهم ألا بعدا لثمود).

واما قوله (ولقد جاء‌ت رسلنا ابراهيم بالبشرى قالوا سلاما قال سلام فما لبث ان جاء بعجل حنيذ) اي مشوي نضج فانه لما القى نمرود ابراهيمعليه‌السلام في النار فجعلها الله عليه بردا وسلاما بقي ابراهيم مع نمرود وخاف نمرود من ابراهيم فقال ياابراهيم اخرج من بلادي ولا تساكني فيها، وكان ابراهيمعليه‌السلام قد تزوج بسارة وهى بنت خاله وقد كانت آمنت به، وآمن له لوط وكان غلاما، وقد كان ابراهيمعليه‌السلام عنده غنيمات وكان معاشه منها فخرج ابراهيم من بلاد نمرود ومعه سارة في صندوق وذلك انه كان شديد الغيرة، فلما اراد الخروج من بلاد نمرود منعوه وارادوا ان يأخذوا منه غنيماته، وقالوا له هذا ما كسبته في سلطان الملك وبلاده وانت مخالف له فقال لهم ابراهيم بيني وبينكم قاضي الملك سدوم (سندوم ك) فصاروا اليه وقالوا ان هذا مخالف لدين الملك وما معه كسبه في بلاد الملك ولا ندعه يخرج معه شيئا فقال سندوم صدقوا خل عما في في يديك، فقال ابراهيمعليه‌السلام انك ان لم تقض بالحق تمت الساعة، قال وما الحق قال قل لهم يردوا علي عمري الذي افنيته في كسب ما معي حتى ارد عليهم، فقال سندوم يجب ان تردوا عمره فخلوا عنه عما كان في يده فخرج ابراهيم وكتب نمرود في الدنيا ألا تدعوه يسكن العمران فمر ببعض عمال نمرود وكان كل من مر به يأخذ عشر ما معه وكانت سارة مع ابراهيم في الصندوق، فاخذ

٣١٩

عشر ما كان مع ابراهيم ثم جاء إلى الصندوق فقال له لابد من ان افتحه فقال ابراهيمعليه‌السلام عده ما شئت وخذ عشره فقال لابد من ان تفتحه ففتحه فلما نظر إلى سارة تعجب من جمالها فقال لابراهيم ما هذه المرأة التى هى معك؟ قال هى اختي وإنما عني اخته في الدين، قال العاشر لست ادعك تبرح من مكانك حتى اعلم الملك بحالك وحالها فبعث رسولا إلى الملك فامر اجناده فحملت الصندوق اليه فهم بها ومد يده اليها فقالت له اعوذ بالله منك فجفت يده والتصقت بصدره واصابته من ذلك شدة، فقال ياسارة ما هذا الذى اصابني منك؟ فقالت بما هممت به، فقال قد هممت لك بالخير فادعي الله ان يردني الي ما كنت، فقالت اللهم ان كان صادقا فرده كما كان فرجع إلى ما كان وكانت على رأسه جارية فقال ياساره خذي هذه الجارية تخدمك وهى هاجر ام اسماعيلعليه‌السلام فحمل ابراهيم سارة وهاجر فنزلوا البادية علي ممر طريق اليمن والشام وجميع الدنيا فكان يمر به الناس فيدعوهم إلى الاسلام وقد كان شاع خبره في الدنيا ان الملك القاه في النار فلم يحترق وكانوا يقولون له لا تخالف دين الملك فانه يقتل من خالفه، وكان ابراهيم كل من يمر به يضيفه وكان على سبعة فراسخ منه بلاد عامرة كثيرة قالشجر والنبات والخير وكان الطريق عليهم، فكان كل من يمر بتلك البلاد يتناول من ثمارهم وزروعهم فجزعوا من ذلك فجاء‌هم ابليس في صورة شيخ فقال لهم ادلكم على ما ان فعلتموه لم يمر بكم احد، فقالوا ما هو؟ قال من مر بكم فانكحوه في دبره فاسلبوه ثيابه ثم تصور لهم ابليس في صورة امرد حسن الوجه جميل الثياب فجاء‌هم فوثبوا عليه ففجروا به كما امرهم فاستطابوه فكانوا يفعلونه بالرجال فاستغنى الرجال بالرجال والنساء بالنساء، فشكى الناس ذلك إلى ابراهيمعليه‌السلام فبعث الله اليهم لوطا يحذرهم وينذرهم فلما نظروا إلى لوط قالوا من أنت؟ قال انا ابن خال ابراهيم الذي القاه الملك في النار فلم يحترق وجعلها الله بردا وسلاما وهو بالقرب منكم قاتقوا الله ولا تفعلوا هذا فان الله يهلككم فلم يجسروا

٣٢٠