الرسائل الفشاركية

الرسائل الفشاركية12%

الرسائل الفشاركية مؤلف:
تصنيف: فقه استدلالي
الصفحات: 604

الرسائل الفشاركية
  • البداية
  • السابق
  • 604 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 48066 / تحميل: 6353
الحجم الحجم الحجم
الرسائل الفشاركية

الرسائل الفشاركية

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

عليه‌السلام والزبير بن العوام في طلبها، فلحقوها فقال لها أمير المؤمنينعليه‌السلام : أين الكتاب؟ فقالت: ما معى شيء ؛ ففتشوها فلم يجدوا معها شيئا، فقال الزبير: ما ترى معها شيئا، فقال أمير المؤمنينعليه‌السلام : والله ما كذبنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ولا كذب رسول الله على جبرئيل، ولا كذب جبرئيل على الله جل ثناؤه، والله لتظهرن الكتاب أو لاردن رأسك إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال: تنحيا عنى حتى أخرجه، فأخرجت الكتاب من قرونها، فأخذه أمير المؤمنينعليه‌السلام وجاء به إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : يا حاطب ما هذا؟ فقال حاطب: والله يا رسول الله ما نافقت ولا غيرت ولا بدلت، وانى أشهد أنْ لا إله إلّا الله وانك رسول الله حقا. ولكن أهلي وعيالي كتبوا إلى بحسن صنيع قريش إليهم فأحببت ان أجازي قريشا بحسن معاشهم فأنزل اللهعزوجل على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله :( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِياءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ ) إلى قوله:( لَنْ تَنْفَعَكُمْ أَرْحامُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ) .

٤ ـ في مجمع البيان نزلت في حاطب بن أبي بلتعة وذلك ان سارة مولاة أبي عمرو بن صيفي بن هشام أتت رسول الله من مكّة إلى المدينة بعد بدر بسنتين، فقال لها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : أمسلمة جئت؟ قالت: لا قال: فما جاء بك؟ قال: كنتم الأصل والعشيرة والموالي، وقد ذهب موالي واحتجب حاجة شديدة فقدمت عليكم لتعطوني وتكسوني وتحملوني، قال: فأين أنت من شباب مكة؟ وكانت مغنية نائحة قالت: ما طلب منى بعد وقعة بدر أحد، فحث رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بنى عبد المطلب فكسوها وحملوها وأعطوها نفقة، وكان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يتجهز لفتح مكة وأتاها حاطب بن أبي بلتعة فكتب معها إلى أهل مكة وأعطاها عشرة دنانير عن ابن عباس ؛ وعشرة دراهم عن مقاتل بن حيان، وكساها بردا على أن توصل الكتاب إلى أهل مكة: أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يريدكم فخذوا حذركم، فخرجت سارة ونزل جبرئيلعليه‌السلام فأخبر النبي بما فعل فأرسل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عليا وعمارا وعمرو الزبير وطلحة والمقداد بن الأسود وأبا مرثد وكانوا

٣٠١

كلهم فرسانا وقال لهم: انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ فان فيها ظعينة(١) معها كتاب من حاطب إلى المشركين فخذوه منها، فخرجوا حتى أدركوها في ذلك المكان الذي ذكره رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقالوا لها: أين الكتاب؟ فحلفت بالله ما معها من كتاب، فنحوها وفتشوا متاعها فلم يجدوا معها كتابا فهموا بالرجوع، فقال عليعليه‌السلام : والله ما كذبنا ولا كذبنا وسل سيفه وقال: أخرجى الكتاب والا والله لأضربن عنقك فلما رأت الجد أخرجه من ذوابتها قد أخبأته في شعرها، فرجعوا بالكتاب إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فأرسل إلى حاطب فأتاه فقال له: هل تعرف الكتاب؟ قال: نعم، قال: فما حملك على ما صنعت؟ فقال: يا رسول الله والله ما كفرت مذ أسلمت، ولاغششتك مذ نصحتك ؛ ولا أحببتهم مذ فارقتهم، ولكن لم يكن أحد من المهاجرين الاول بمكة من يمنع عشيرته، وكنت عريرا أي غريبا وكان أهلى بين ظهرانيهم فخشيت على أهلى فأردت أن اتخذ عندهم يدا، وقد قلت: ان الله ينزل بهم بأسه وان كتابي لا يغني عنهم شيئا، فصدقه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وعذره. فقام عمر بن الخطاب وقال: دعني يا رسول الله اضرب عنق هذا المنافق؟ فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : وما يدريك لعل الله اطلع على أهل بدر فغفر لهم، فقال لهم: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم.

٥ ـ وروى البخاري ومسلم في صحيحيهما عن عبد الله بن أبي رافع قال: سمعت علياعليه‌السلام يقول: بعثنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أنا والمقداد والزبير وقال: انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ فان بها ظعينة معها كتاب فخرجنا وذكر نحوه.

٦ ـ في كتاب التوحيد باسناده إلى الأصبغ بن نباتة قال: قال أمير المؤمنينعليه‌السلام لرجل: ان كنت لا تطيع خالقك فلا تأكل رزقه، وان كنت واليت عدوه فاخرج من ملكه، وان كنت غير قانع برضاه(٢) وقدره فاطلب ربا سواه.

٧ ـ وفيه عن أمير المؤمنينعليه‌السلام حديث طويل يقول فيه وقد ذكر قوله تعالى:( يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضاً ) والكفر في هذه الآية البرائة يقول :

__________________

(١) الظعينة: المرأة ما دامت في الهودج أو عموما.

(٢) وفي بعض النسخ «بقضاه» مكان «برضاه».

٣٠٢

فيبرأ بعضكم من بعض: ونظيرها في هذه سورة إبراهيم قول الشيطان:( إِنِّي كَفَرْتُ بِما أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ ) وقول إبراهيم خليل الرحمن: كفرنا بكم يعنى تبرأنا منكم.

٨ ـ في أصول الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن بكر بن صالح عن القاسم بن بريد عن أبي عمرو الزبيري عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: قلت له: أخبرنى عن وجوه الكفر في كتاب اللهعزوجل ، قال: الكفر في كتاب الله على خمسة أوجه إلى ان قالعليه‌السلام : والوجه الخامس من الكفر كفر البرائة، وذلك قول اللهعزوجل يحكى قول إبراهيم:( كَفَرْنا بِكُمْ وَبَدا بَيْنَنا وَبَيْنَكُمُ الْعَداوَةُ وَالْبَغْضاءُ أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللهِ وَحْدَهُ ) يعنى تبرأنا منكم.

٩ ـ وباسناده إلى أبي عبيدة الحذاء عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: من أحب لله وأبغض لله وأعطى لله جل وعز فهو ممن كمل ايمانه.

١٠ ـ ابن محبوب عن مالك بن عطية عن سعيد الأعرج عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: من أوثق عرى الايمان أن يحب في الله ويبغض في الله، ويعطى في الله ويمنع في الله جل وعز.

١١ ـ علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن هشام بن سالم وحفص بن البختري عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: إنّ الرجل ليحبكم وما يعرف ما أنتم عليه، فيدخله اللهعزوجل الجنة بحبكم، وان الرجل ليبغضكم وما يعرف ما أنتم عليه فيدخله الله ببغضكم النار.

١٢ ـ وباسناده إلى الحسين بن أبان عمن ذكره عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: ولو أن رجلا أبغض رجلا لله لأثابه اللهعزوجل على بغضه إياه، وان كان المبغض في علم الله من أهل الجنة.

١٣ ـ وباسناده إلى إسحق بن عمار عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: كل من لم يحب على الدين ولم يبغض على الدين فلا دين له.

١٤ ـ في تفسير علي بن إبراهيم وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفرعليه‌السلام قوله:( عَسَى اللهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عادَيْتُمْ مِنْهُمْ مَوَدَّةً وَاللهُ قَدِيرٌ وَاللهُ

٣٠٣

غَفُورٌ رَحِيمٌ ) فان الله أمر نبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله والمؤمنين بالبرائة من قولهم ما داموا كفارا، فقال:( قَدْ كانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْراهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآؤُا مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ ) إلى قوله:( وَاللهُ قَدِيرٌ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) الآية قطع اللهعزوجل ولاية المؤمنين منهم، وأظهر لهم العداوة، فقال:( عَسَى اللهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عادَيْتُمْ مِنْهُمْ مَوَدَّةً ) فلما أسلم أهل مكة خالطهم أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وناكحوهم، وتزوج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أم حبيب بنت أبي سفيان بن حرب.

١٥ ـ في أصول الكافي عدّة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن إبراهيم بن عقبة عن إسماعيل بن عباد يرفع الحديث إلى أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: ما كان من ولد آدم مؤمن إلّا فقيرا ولا كافر إلّا غنيا، حتى جاء إبراهيمعليه‌السلام فقال:( رَبَّنا لا تَجْعَلْنا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا ) فصير الله في هؤلاء أموالا وحاجة، وفي هؤلاء أموالا وحاجة.

١٦ ـ في تفسير علي بن إبراهيم وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفرعليه‌السلام في قوله( عَسَى اللهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ ) إلى آخره وقد تقدم قريبا.

١٧ ـ في مجمع البيان:( لا يَنْهاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ ) إلى قوله:( يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ) أي ليس ينهاكم الله عن مخالطة أهل العهد ؛ وقيل: من آمن من أهل مكة ولم يهاجروا، وقيل: هي عامة في كل من كان بهذه الصفة، والذي عليه الإجماع ان بر الرجل من يشاء من أهل الحرب قرابة كان أو غير قرابة ليس بمحرم، وإنّما الخلاف في اعطائهم مال الزكاة والفطرة والكفارات. فلم يجوزه أصحابنا وفيه خلاف بين الفقهاء.

١٨ ـ في تفسير علي بن إبراهيم وقال علي بن إبراهيم في قوله( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا جاءَكُمُ الْمُؤْمِناتُ مُهاجِراتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللهُ أَعْلَمُ بِإِيمانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِناتٍ فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إلى الْكُفَّارِ ) قال إذا لحقت امرأة من المشركين بالمسلمين تمتحن بان تحلف بالله انه لم يحملها على اللحوق بالمسلمين بغض لزوجها الكافر، ولأحب لأحد من المسلمين، وإنّما حملها على ذلك الإسلام فاذا حلفت على ذلك قبل إسلامها ثم قال اللهعزوجل :( فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِناتٍ فَلا

٣٠٤

تَرْجِعُوهُنَّ إلى الْكُفَّارِ لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ وَآتُوهُمْ ما أَنْفَقُوا ) يعنى ترد المسلمة على زوجها الكافر صداقها. ثم يتزوجها المسلم، وهذا هو قوله:( وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ إِذا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَ ) .

١٩ ـ في الكافي أحمد بن محمد عن ابن فضال عن علي بن يعقوب عن مروان بن مسلم عن الحسين بن الحناط عن الفضيل بن يسار قال: قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : ان لامرأتى أختا عازمة على ديننا وليس على ديننا بالبصيرة إلّا قليل، فان زوجها ممن لا يرى رأيها، قال: لا ولا نعمة ؛ ان اللهعزوجل يقول: «و( فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إلى الْكُفَّارِ لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ ) .

٢٠ ـ في مجمع البيان قال ابن عباس: صالح رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بالحديبية مشركي مكة على أن من أتاه من أهل مكة رده عليهم، ومن أتى أهل مكة من أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فهو لهم ولم يردوه عليهم، وكتبوا بذلك كتابا وختموا عليه، فجاءت سبيعة بنت الحارث الاسلمية مسلمة بعد الفراغ من الكتاب، والنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله بالحديبية، فجاء زوجها مسافر من بنى مخزوم وقال مقاتل هو صيفي بن الواهب في طلبها وكان كافرا، فقال: يا محمد اردد على امرأتى فانك شرطت لنا أن ترد علينا من أتاك منا وهذه طينة الكتاب لم تجف بعد، فنزلت: «( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا جاءَكُمُ الْمُؤْمِناتُ مُهاجِراتٍ ) من دار الكفر إلى دار الإسلام فامتحنوهن» قال ابن عباس: امتحانهن أن يستحلفن ما خرجت من بغض زوج، ولا رغبة عن أرض إلى ارض، ولا التماس دنيا انما خرجت حبا لله ولرسوله فاستحلفها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ما خرجت بغضا لزوجها ولا عشقا لرجل منا ؛ وما خرجت إلّا رغبة في الإسلام، فحلفت بالله الذي لا إله إلّا هو على ذلك، فأعطى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله زوجها مهرها وما أنفق عليها ولم يردها عليه، فتزوجها عمر بن الخطاب وكان رسولاللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يرد من جاء من الرجال.

ويحبس من جاء من النساء إذا امتحن ويعطى أزواجهن مهورهن. قال الجبائي: لم يدخل في شرط صلح الحديبية إلّا رد الرجال دون النساء ولم يجز للنساء ذكر، وان أم كلثوم بنت عتبة بن أبي معيط جاءت مسلمة مهاجرة من مكّة فجاء أخواها

٣٠٥

إلى المدينة وسألا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ردّها عليهما، فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّ الشرط بيننا في الرجال لا في النساء، فلم يردها عليهما، قال الجبائي: وإنّما لم يجر هذا الشرط في النساء لانّ المرأة إذا أسلمت لم تحل لزوجها الكافر، فكيف ترد عليه وقد وقعت الفرقة بينهما؟

٢١ ـ في الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن ابن فضال عن أحمد بن عمر عن درست الواسطي عن علي بن رئاب عن زرارة بن أعين عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: لا ينبغي نكاح أهل الكتاب، قلت: جعلت فداك وأين تحريمه؟ قال: قوله:( وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوافِرِ ) .

٢٢ ـ علي بن إبراهيم عن أبي جعفر عن أبيه عن ابن محبوب عن علي بن رئاب عن زرارة بن أعين قال: سألت أبا جعفرعليه‌السلام عن قول اللهعزوجل :( وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ ) فقال: هذه منسوخة بقوله:( وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوافِرِ ) .

٢٣ ـ في تفسير علي بن إبراهيم في رواية أبي الجارود عن أبي جعفرعليه‌السلام في قوله:( وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوافِرِ ) يقول: من كانت عنده امرأة كافرة يعنى على غير ملة الإسلام، وهو على ملة الإسلام، فليعرضعليها‌السلام ، فان قبلت فهي امرأته والا فهي برية، فنهى الله أن يمسك بعصمتها.

٢٤ ـ في مجمع البيان عند قوله تعالى:( وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ ) وروى أبو الجارود عن أبي جعفرعليه‌السلام انه منسوخ بقوله:( وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ ) وبقوله:( وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوافِرِ ) .

٢٥ ـ في مصباح شيخ الطائفة (ره) خطبة لأمير المؤمنينعليه‌السلام خطب بها يوم الغدير وفيها يقول: وتقربوا إلى الله بتوحيده وطاعة من أمركم أن تطيعوه،( وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوافِرِ ) .

٢٦ ـ في تفسير علي بن إبراهيم وقال علي بن إبراهيم في قوله: وأسألوا ما أنفقتم يعنى إذا لحقت امرأة من المسلمين بالكفار، فعلى الكافر ان يرد على المسلم صداقها ،

٣٠٦

فان لم يفعل الكافر وغنم المسلمون غنيمة أخذ منها قبل القسمة صداق المرأة اللاحقة بالكفار، وقال في قوله:( وَإِنْ فاتَكُمْ شَيْءٌ مِنْ أَزْواجِكُمْ إلى الْكُفَّارِ فَعاقَبْتُمْ ) يقول: يعنى يلحقن بالكفار من أهل عقدكم فاسئلوهم صداقها، وان لحقوا بكم من نسائهم شيء فأعطوهم صداقها ذلكم حكم الله يحكم بينكم. وأمّا قوله:( وَإِنْ فاتَكُمْ شَيْءٌ مِنْ أَزْواجِكُمْ ) يقول: يلحقن بالكفار الذين لا عهد بينكم وبينهم فأصبتم غنيمة فآتوا الذين ذهبت أزواجهم مثل ما أنفقوا واتقوا الله الذي أنتم به مؤمنون قال: وكان سبب نزول ذلك ان عمر بن الخطاب كانت عنده فاطمة بنت أبي امية بن المغيرة، فكرهت الهجرة معه وأقامت مع المشركين. فنكحها معاوية بن أبي سفيان، فأمر الله رسوله أن يعطى عمر مثل صداقها.

وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفرعليه‌السلام ( وَإِنْ فاتَكُمْ شَيْءٌ مِنْ أَزْواجِكُمْ ) فلحقن بالكفار من أهل عهدكم فاسئلوهم صداقها، وان لحقن بكم من نسائهم شيء فأعطوهم صداقها( ذلِكُمْ حُكْمُ اللهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ ) .

٢٧ ـ في كتاب علل الشرائع حدّثنا محمد بن الحسن رضى الله عنه قال حدّثنا محمد بن الحسن الصفاررحمه‌الله عن إبراهيم بن هاشم عن صالح بن سعيد وغيره من أصحاب يونس عن يونس عن أصحابه عن أبي جعفر وأبى عبد اللهعليهما‌السلام قال قلت: رجل لحقت امرأته بالكفار وقد قال اللهعزوجل في كتابه:( وَإِنْ فاتَكُمْ شَيْءٌ مِنْ أَزْواجِكُمْ إلى الْكُفَّارِ فَعاقَبْتُمْ فَآتُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْواجُهُمْ مِثْلَ ما أَنْفَقُوا ) ما معنى العقوبة هاهنا؟ قال: إنّ الذي ذهبت امرأته فعاقب على امرأة اخرى غيرها يعنى تزوجها فاذا هو تزوج امرأة اخرى غيرها، فعلى الامام ان يعطيه مهر امرأته الذاهبة فسألته فكيف صار المؤمنون يردون على زوجها المهر بغير فعل منهم في ذهابها وعلى المؤمنين ان يردوا على زوجها ما أنفق عليها مما يصيب المؤمنين قال: يرد الامام عليه أصابوا من الكافر أو لم يصيبوا، لان على الامام ان يجبر(١) حاجته من تحت يده، وان حضرت القسمة فله أن يسد كل نائبة تنوبه قبل القسمة، وان بقي بعد ذلك

__________________

(١) وفي المصدر «ان ينجز حاجته ....».

٣٠٧

شيء قسمه بينهم، وان لم يبق لهم شيء فلا شيء لهم.

٢٨ ـ في الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن أحمد بن محمد بن أبي نصر عن أبان عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: لـمّا فتح رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله مكة بايع الرجال، ثم جاءت النساء يبايعنه، فأنزل اللهعزوجل :( يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا جاءَكَ الْمُؤْمِناتُ يُبايِعْنَكَ عَلى أَنْ لا يُشْرِكْنَ بِاللهِ شَيْئاً وَلا يَسْرِقْنَ وَلا يَزْنِينَ وَلا يَقْتُلْنَ أَوْلادَهُنَّ وَلا يَأْتِينَ بِبُهْتانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللهَ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) قالت هند: اما الولد فقد ربينا صغارا وقتلتهم كبارا، وقالت أم حكيم بنت الحارث بن هشام وكانت عند عكرمة بن أبي جهل: يا رسول الله ما ذاك المعروف الذي أمرنا الله أن لا نعصينك فيه؟ قال: لا تلطمن خدا، ولا تخمشن وجها، ولا تنتفن شعرا، ولا تشققن جيبا، ولا تسودن ثوبا، ولا تدعين بويل، فبايعهن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على هذا، فقالت: يا رسول الله كيف نبايعك! قال: اننى لا أصافح النساء فدعا بقدح من ماء، فأدخل يده ثم أخرجها، فقال: ادخلن أيديكن في هذا الماء.

٢٩ ـ عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن محمد بن علي عن محمد بن مسلم الجبلي عن عبد الرحمن بن سالم الأشل عن المفضل بن عمر قال: قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : كيف ماسح رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله النساء حين بايعهن؟ قال: دعا بمركنه(١) الذي كان يوضى فيه فصب فيه ماء ثم غمس يده اليمنى فكلما بايع واحدة منهن قال: اغمسي يدك فتغمس كما غمس رسول الله، فكان هذا مماسحته اياهن.

على بن إبراهيم عن أبيه عن بعض أصحابه عن أبي عبد اللهعليه‌السلام مثله.

٣٠ ـ أبو علي الأشعري عن أحمد بن إسحاق عن سعد بن مسلم قال: قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : أتدري كيف بايع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله النساء؟ قلت: الله اعلم وابن رسوله قال: جمعهن حوله ثم دعا بتور برام(٢) فصب فيه ماء نضوحا ثم غمس

__________________

(١) المركن: الاجانة التي يغسل فيها الثياب.

(٢) التور: إناء يشرب فيه. وبرام: موضع.

٣٠٨

يده فيه ثم قال: اسمعن يا هؤلاء أبايعكن على أن لا تشركن بالله شيئا ولا تسرقن ولا تزنين ولا تقتلن أولادكن، ولا تأتين ببهتان تفترينه بين أيديكن وأرجلكن، ولا تعصين بعولتكن في معروف، أقررتن؟ قلن: نعم ؛ فأخرج يده من التور ثم قال لهن: اغمسن أيديكم: ففعلن فكانت يد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الطاهرة أطيب من أن يمس بها كف أنثى ليست له بمحرم.

٣١ ـ عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن عثمان بن عيسى عن أبي أيوب الخزار عن رجل عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قول اللهعزوجل :( وَلا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ ) قال: المعروف ان لا يشققن جيبا ولا يلطمن خدا ؛ ولا يدعون ويلا، ولا يتخلفن عند قبر، ولا يسودن ثوبا، ولا ينشرن شعرا.

٣٢ ـ محمد بن يحيى عن سلمة بن الخطاب عن سليمان بن سماعة الخزاعي عن علي بن إسماعيل عن عمر وبن أبي المقدام قال: سمعت أبا جعفرعليه‌السلام يقول: تدري ما قوله تعالى:( وَلا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ ) ؟ قلت: لا قال: إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال لفاطمةعليها‌السلام : إذا أنا مت فلا تخمشي على وجها، ولا ترخى على شعرا، ولا تنادي بالويل، ولا تقيمي على نائحة ؛ قال: ثم قال: هذا المعروف الذي قال اللهعزوجل .

٣٣ ـ في تفسير علي بن إبراهيم أخبرنا أحمد بن إدريس قال: حدّثنا أحمد بن محمد عن علي عن عبد الله بن سنان قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن قول الله:( وَلا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ ) قال: هو ما فرض الله عليهن من الصلوة والزكاة وما أمرهن به من خير.

٣٤ ـ فيمن لا يحضره الفقيه وفي رواية ربعي بن عبد الله انه لـمّا بايع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله النساء وأخذ عليهن، دعا بإناء فملأه ثم غمس يده في الإناء ثم أخرجها ثم أمرهن بان يدخلن أيديهن فتغمس فيه.

٣٥ ـ في مجمع البيان وروى ان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله بايعن وكان على الصفا وكان عمر أسفل منه، وهند بنت عتبة متنقبة متنكرة مع النساء خوفا أن يعرفها رسول الله

٣٠٩

صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فقال: أبايعكن على أن لا تشركن بالله شيئا، فقالت هند: انك لتأخذ علينا امرا ما رأيناك أخذته على الرجال ؛ وذلك انه بايع الرجال يومئذ على الإسلام والجهاد فقط، فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : ولا تسرقن فقالت هند: ان أبا سفيان رجل ممسك وانى أصبت من ماله هنات(١) فلا أدرى أيحل لي أم لا؟ فقال أبو سفيان: ما أصبت من مالي فيما مضى وفيما غبر(٢) فهو لك حلال، فضحك رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وعرفها فقال: وانك لهند بنت عتبة؟ قالت: نعم فاعف عما سلف يا نبي الله عفا الله عنك.

فقال: ولا تزنين فقالت هند: أو تزني الحرة؟ فتبسم عمر بن الخطاب لـما جرى بينه وبينها في الجاهلية فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : ولا تقتلن أولادكن فقالت: ربيناهم صغارا وقتلتموهم كبارا فأنتم وهم أعلم، وكان ابنها حنظلة بن أبي سفيان قتله عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام يوم بدر، فضحك عمر حتى استلقى، وتبسم النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ولما قال: ولا تأتين ببهتان قالت هند: والله ان البهتان قبيح وما تأمرنا إلّا بالرشد ومكارم الأخلاق. ولما قال: ولا يعصينك في معروف، قالت هند: ما جلسنا مجلسنا هذا وفي أنفسنا أن نعصيك في شيء.

وروى الزهري عن عائشة قال: كان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله يبايع النساء بالكلام بهذه الآية ان لا يشركن بالله شيئا، وما مست يد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يد امرأة قط إلّا امرأة يملكها رواه البخاري في الصحيح.

٣٦ ـ وروى انهصلى‌الله‌عليه‌وآله كان إذا بايع النساء دعاء بقدح فغمس يده فيه، ثم غمس أيديهن فيه، وقيل انه كان يبايعهن من وراء الثوب عن الشعبي.

بسم الله الرحمن الرحيم

١ ـ في كتاب ثواب الأعمال باسناده عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: من قرأ سورة الصف وأدمن قراءتها في فرائضه ونوافله صفه الله مع ملائكته وأنبيائه المرسلين.

٢ ـ في مجمع البيان أبيّ بن كعب عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: من قرأ سورة

__________________

(١) الهنات جمع الهنة بمعنى الشيء.

(٢) غبر بمعنى مضى أيضا.

٣١٠

عيسىعليه‌السلام (١) كان عيسىعليه‌السلام مصليا مستغفرا له ما دام في الدنيا وهو يوم القيامة رفيقه.

٣ ـ في تفسير علي بن إبراهيم:( سَبَّحَ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُونَ ) مخاطبة لأصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله الذين وعدوه ان ينصروه ولا يخالفوا امره ولا ينقضون عهده في أمير المؤمنينعليه‌السلام ، فعلم الله انهم لا يفون بما يقولون، فقال:( لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُونَ كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللهِ ) الآية وقد سماهم الله مؤمنين بإقرارهم وان لم يصدقوا.

٤ ـ في أصول الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن هشام بن سالم قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول: عدة المؤمن أخاه نذر لا كفارة له، فمن أخلف فبخلف الله بدأ ولمقته تعرض وذلك قوله:( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُونَ كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللهِ أَنْ تَقُولُوا ما لا تَفْعَلُونَ ) .

٥ ـ في نهج البلاغة والخلف يوجب المقت عند الله والناس، قال الله سبحانه:( كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللهِ أَنْ تَقُولُوا ما لا تَفْعَلُونَ ) .

٦ ـ وفيه قالعليه‌السلام : كان لي فيما مضى أخ إلى أن قالعليه‌السلام : وكان يفعل ما يقول ولا يقول ما لا يفعل.

٧ ـ في الكافي في حديث مالك بن أعين قال: حرض أمير المؤمنينعليه‌السلام الناس بصفين فقال: إنّ اللهعزوجل دلكم إلى ان قالعليه‌السلام : وقال جل جلاله:( إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيانٌ مَرْصُوصٌ ) فسووا صفوفكم كالبنيان المرصوص، فقدموا الدارع وأخروا الحاسر وعضوا على النواجذ فانه أنبأ للسيوف على الهام، والتووا على أطراف الرماح فانه أمور للاسنة، وغضوا الأبصار فانه اربط للجأش وأسكن للقلوب وأميتوا الأصوات فانه أطرد للفشل وأولى بالوقار ولا تميلوا براياتكم ولا تزيلوها ولا تجعلوها إلّا مع شجعانكم، فان المانع للذمار

__________________

(١) تسمى سورة الصف بسورة عيسى (عليه السلام) وسورة الحواريين أيضا.

٣١١

والصابر عند نزول الحقائق هم أهل الحفاظ(١) والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٨ ـ في تفسير علي بن إبراهيم ثم ذكر المؤمنين الذين جاهدوا وقاتلوا في سبيل الله فقال:( إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيانٌ مَرْصُوصٌ ) قال: يصطفون كالبنيان الذي لا يزول.

٩ ـ في مصباح شيخ الطائفةقدس‌سره خطبة لأمير المؤمنينعليه‌السلام خطب بها يوم الغدير يقول فيهاعليه‌السلام واعلموا أيها المؤمنون ان اللهعزوجل قال:( إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيانٌ مَرْصُوصٌ ) أتدرون ما سبيله؟ انا سبيل الله الذي نصبني للاتباع بعد نبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

١٠ ـ في مجمع البيان:( وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ يا قَوْمِ لِمَ تُؤْذُونَنِي وَقَدْ

__________________

(١) الدارع: لا بس الدرع. والحاسر ـ بالمهملات ـ: الذي لا مغفر له ولا درع والنواجذ: أقصى الأسنان والضواحك منها. وأنبأ ـ بتقديم النون على الموحدة ـ: أي أبعد وأشد دفعا، قال الفيض (ره) في الوافي: قيل: الوجه في ذلك ان العض على الأضراس يشد شئون الدماغ ورباطاته فلا يبلغ اليف مبلغه. والهام جمع الهامة وهي الرأس، قيل: أمرهم با يلتووا إذا طعنوا لأنهم إذا فعلوا ذلك فبالحرى ان يمور الإنسان أي يتحرك عن موضعه فيخرج زالقا وإذا لم يلتووا لم يمر السنان ولم يتحرك عن موضعه فينخرق وينفذ ويقتل. وأمرهم بغض الأبصار في الحرب لأنه أربط للجأش أي أثبت للقلب لان الغاض بصره في الحرب أحرى أن لا يدهش ولا يرتاع لهول ما ينظر. وأمرهم باماتة الأصوات واخفائها لأنه أطرد للفشل وهو الجبن والخوف وذلك لان الجبان يرعد ويبرق والشجاع صامت وأمرهم بحفظ رآياتهم ان لا تميلوها بأيدي الجبناء كيلا يجنبوا عن إمساكها. والذمار ـ بالكسر ـ: ما يلزم حفظه وحمايته سمى ذمارا لأنه يجب على أهله التذمر له أي الغضب. والحقائق جمع الحاقة وهي الأمر الصعب الشديد ومنه قول تعالى «الحاقة الحاقة».

٣١٢

تَعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ ) روى في قصة قارون انه دس إليه امرأة وزعم انه زنى بها ورموه بقتل هارون.

١١ ـ في تفسير علي بن إبراهيم قوله( زاغُوا أَزاغَ اللهُ قُلُوبَهُمْ ) أي شكك الله قلوبهم ثم حكى قول عيسىعليه‌السلام لبني إسرائيل: إني رسول الله إليكم مصدقا لـما بين يديّ من التوراة ومبشرا برسول يأتى من بعدي اسمه أحمد فلما جاءهم بالبينات قالوا هذا سحر مبين قال: وسأل بعض اليهود لعنهم الله رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : لم سميت أحمد ومحمّد وبشيرا ونذيرا؟ فقال: أمّا محمّد فإنّي في الأرض محمود، وأمّا أحمد فإنّي في السماء أحمد منى في الأرض، وأمّا البشير فأبشر من أطاع الله بالجنة، وأمّا النذير فأنذر من عصى الله بالنار.

١٢ ـ في عيون الأخبار في باب ما جاء عن الرضاعليه‌السلام من خبر الشامي وما سأل عنه أمير المؤمنينعليه‌السلام في جامع الكوفة حديث طويل وفيه: وقام إليه آخر وسأله عن ستة من الأنبياء لهم اسمان؟ فقال: يوشع بن نون وهو ذو الكفل ويعقوب وهو إسرائيل، والخضر وهو حليقا، ويونس وهو ذو النون، وعيسى وهو المسيح، ومحمد وهو أحمد صلوات الله عليهم أجمعين.

١٣ ـ وباسناده إلى صفوان بن يحيى صاحب السابري قال: سألنى أبو قرة صاحب الجاثليق ان أوصله إلى الرضاعليه‌السلام فاستأذنته في ذلك قال: ادخله على فلما دخل عليه قبل بساطه وقال: هكذا علينا في ديننا أن نفعل بأشراف أهل زماننا، ثم قال: أصلحك الله ما تقول في فرقة ادعت دعوى فشهدت لهم فرقة اخرى معدلون؟ قال: الدعوى لهم قال: فادعت فرقة اخرى دعوى فلم يجدوا شهودا من غيرهم؟ قال: لا شيء لهم، قال: فانا نحن ادعينا أن عيسى روح الله وكلمته فوافقنا على ذلك المسلمون وادعى المسلمون ان محمدا نبي فلم نتابعهم عليه وما أجمعنا عليه خير مما افترقنا فيه، فقال أبو الحسنعليه‌السلام : ما اسمك؟ قال: يوحنا قال: يا يوحنا انا آمنا بعيسى روح الله وكلمته الذي كان يؤمن بمحمد ويبشر به ويقر على نفسه أنه عبد مربوب فان كان عيسى الذي هو عندك روح الله وكلمته ليس هو الذي آمن بمحمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم و

٣١٣

بشر به ولا هو الذي أقر اللهعزوجل بالعبودية فنحن منه براء، فأين اجتمعنا؟ فقام وقال لصفوان بن يحيى ؛ قم فما كان أغنانا عن هذا المجلس؟

١٤ ـ في كتاب الخصال عن أبي أمامة قال: قلت: يا رسول الله ما كان بدو أمرك؟ قال: دعوة أبي إبراهيم وبشرى عيسى، ورأت أمي انه خرج منها شيء أضاءت منه قصور الشام.

١٥ ـ عن أبي جعفرعليه‌السلام ان لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عشرة أسماء: خمسة في القرآن وخمسة ليست في القرآن، فأما التي في القرآن فمحمد وأحمد وعبد الله ويس وان، الحديث.

١٦ ـ في كتاب التوحيد في باب مجلس الرضاعليه‌السلام مع أصحاب الملل والمقالات قال الجاثليق للرضاعليه‌السلام : ما تقول في نبوة عيسى وكتابهصلى‌الله‌عليه‌وآله هل تنكر منها شيئا قال الرضاعليه‌السلام : انا مقر بنبوة عيسى وكتابه وما بشر به أمته وأقرت به الحواريون وكافر بنبوة كل عيسى لم يقر بنبوة محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وبكتابه ولم يبشر به أمته، قال الجاثليق: أليس انما تقطع الأحكام بشاهدي عدل؟ قال: بلى قال: فأقم شاهدين من غير أهل ملتك على نبوة محمد لا تنكره النصرانية، وسلنا مثل ذلك من غير أهل ملتنا، قال الرضاعليه‌السلام : الآن جئت بالنصفة يا نصراني، ألا تقبل منى العدل المقدم عند المسيح بن مريم؟ قال الجاثليق: ومن هذا العدل؟ سمه لي، قال: ما تقول في يوحنا الديلمي؟ قال: بخ بخ ذكرت أحب الناس إلى المسيح، قالعليه‌السلام : فأقسمت عليك هل نطق الإنجيل ان يوحنا قال: إنّ المسيح أخبرنى بدين محمد العربي وبشرنى به أن يكون من بعده فبشرت به الحواريين فآمنوا به؟ قال الجاثليق: قد ذكرنا ذلك يوحنا عن المسيح وبشر بنبوة رجل وأهل بيته ووصيه ولم يلخص متى يكون ذلك؟ ولم يسم لنا القوم لنعرفهم، قال الرضاعليه‌السلام : فان جئناك بمن يقرأ الإنجيل فتلا عليك ذكر دين محمد وأهل بيته أتؤمن به؟ قال: سديدا(١) قال الرضاعليه‌السلام : لنسطاس الرومي: كيف حفظك للسفر الثالث من الإنجيل؟

__________________

(١) وفي نسخة البحار «شديدا» بدل «سديدا».

٣١٤

قال: ما أحفظنى له! ثم التفت إلى رأس الجالوت فقال: ألست تقرأ الإنجيل؟ قال: بلى لعمري قال: فخذ على السفر الثالث فانه كان فيه ذكر محمد وأهل بيته وأمته فاشهدوا لي، وان لم يكن فيه ذكره فلا تشهدوا، ثم قرأعليه‌السلام السفر الثالث حتى إذا بلغ ذكر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وقف ثم قال: يا نصراني اسألك بحق المسيح وأمه أتعلم أني عالم بالإنجيل؟ قال: نعم ثمّ تلا علينا ذكر محمّد وأهل بيته وأمته، ثمّ قال: ما تقول يا نصراني؟ هذا قول عيسى بن مريم فان كذبت ما ينطق به الإنجيل فقد كذّبت عيسى وموسى، ومتى أنكرت هذا الذكر وجب عليك القتل لأنك تكون قد كفرت بربك وبنبيك وبكتابك، قال الجاثليق: لا أنكر ما قد بان لي من الإنجيل وانا أقربه، قال الرضاعليه‌السلام : اشهدوا على إقراره، ثم قال: يا جاثليق سل عما بدا لك، قال الجاثليق: أخبرنى عن حواري عيسى بن مريم كم كان عدتهم وعن علماء الإنجيل كم كانوا؟ قال الرضاعليه‌السلام : على الخبير سقطت، أما الحواريون فكانوا اثنى عشر رجلا وكان أعلمهم وأفضلهم ألوقا، وأمّا علماء النصارى فكانوا ثلاثة رجال يوحنا الأكبر بأخ ويوحنا بقرقيسا ويوحنا الديلمي بزجار(١) وعنده كان ذكر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وذكر أهل بيته وأمته، وهو الذي بشر امة عيسى وبنى إسرائيل به في عيون الأخبار مثله سواء.

١٧ ـ في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى معاوية بن عمار قال: قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : بقي الناس بعد عيسىعليه‌السلام خمسين ومأتى سنة بلا حجة ظاهرة.

١٨ ـ وباسناده إلى يعقوب بن شعيب عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: كان بين عيسى ومحمّد صلى الله عليهما خمسمائة عام منها مأتين وخمسين عاما ليس فيها نبي ولا عالم ظاهر، قلت: فما كانوا؟ قال: كانوا متمسكين بدين عيسىعليه‌السلام قلت: فما كانوا؟ قال: كانوا مؤمنين

__________________

(١) أخ: موضع بالبصرة. وقرقيساء: بلدة: على الفرات سمى بقرقيسا بن طهمورث وزجار ـ كما في الأصل وكذا المصدر ونسخة البحار ـ: مجهول لم نعرف مكانا بهذا الاسم ولعله مصحف «الرجاز» كشداد كما في العيون واد بنجد وموضع بفارس.

٣١٥

ثمّ قالعليه‌السلام : ولا تكون إلّا وفيها عالم.

١٩ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده إلى الحسن بن عبد الله عن آبائه عن جده الحسن بن عليّ بن أبي طالبعليهم‌السلام قال: جاء نفر من اليهود إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فسأله أعلمهم فيما سأله فقال: لأي شيء سميت محمدا وأحمد وأبا القاسم وبشيرا ونذيرا وداعيا؟ فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : اما محمّد فإنّي محمود في الأرض، وأمّا أحمد فإنّي محمود في السماء، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٢٠ ـ في أصول الكافي باسناده إلى عبد الحميد بن أبي الديلم عن أبي عبد الله:عليه‌السلام حديث طويل يقول فيهعليه‌السلام : فلما أن بعث اللهعزوجل المسيح قال المسيحعليه‌السلام انه سوف يأتى من بعدي نبي اسمه أحمد من ولد إسماعيلعليه‌السلام يجيء بتصديقي وتصديقكم وعذري وعذركم.

٢١ ـ في روضة الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن الحسن بن محبوب عن محمد بن الفضل عن أبي حمزة عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: لم تزل الأنبياء تبشر بمحمدصلى‌الله‌عليه‌وآله حتى بعث الله تبارك وتعالى المسيح عيسى بن مريم، فبشر بمحمدصلى‌الله‌عليه‌وآله وذلك قوله تعالى: «يجدونه» يعنى اليهود والنصارى «مكتوبا» يعنى صفة محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله «عندهم» يعنى في التوراة والإنجيل( يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ ) وهو قول اللهعزوجل يخبر عن عيسى: و( مُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ ) وبشر موسى وعيسى بمحمد كما بشر الأنبياء صلوات الله عليهم بعضهم ببعض، حتى بلغه محمداصلى‌الله‌عليه‌وآله ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٢٢ ـ وباسناده إلى علي بن عيسى رفعه قال: إنّ موسىعليه‌السلام ناجاه الله تبارك وتعالى فقال له في مناجاته: أوصيك يا موسى وصية الشفيق والمشفق بابن البتول عيسى بن مريم صاحب الاوتان والبرنس والزيت والزيتون والمحراب ومن بعده بصاحب الجمل الأحمر الطيب الطاهر المطهر(١) فمثله في كتابك انه مؤمن مهيمن على الكتب كلها، راكع ساجد راغب راهب إخوانه المساكين وأنصاره قوم آخرون ،

__________________

(١) مر معناه في صفحة. ٢١١ فراجع.

٣١٦

ويكون في زمانه أزل وزلازل(١) وقتل وقلة من المال، اسمه أحمد محمد الأمين من الباقين من ثلة الأولين الماضين والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٢٣ ـ في من لا يحضره الفقيه وروى يونس بن عبد الرحمن عن عاصم بن حميد عن محمد بن قيس عن أبي جعفر محمد بن علي الباقرعليه‌السلام قال: إنّ اسم النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في صحف إبراهيم الماحي، وفي توراة موسى الحاد، وفي إنجيل عيسى احمد، وفي الفرقان محمد، قيل: فما تأويل الماحي؟ فقال: الماحي صورة الأصنام وماحي الأزلام والأوثان وكل معبود دون الرحمن، قيل: فما تأويل الحاد؟ قال: يحاد من حاد الله ودينه قريبا كان أو بعيدا، قيل: فما تأويل أحمد قال: حسن ثناء اللهعزوجل في الكتب بما حمد من أفعاله، قيل: فما تأويل محمد؟ قال: إنّ الله وملائكته وجميع أنبيائه ورسله وجميع أممهم يحمدونه ويصلون عليه.

٢٤ ـ في عوالي اللئالى وروى في الحديث أن الله تعالى لـمّا بشر عليه بظهور نبيناصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال في صفته: واستوص بصاحب الجمل الأحمر والوجه الأقمر نكاح النساء.

٢٥ ـ في مجمع البيان وصحت الرواية عن الزهري عن محمد بن مسلم عن أبيه قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ان لي أسماء أنا أحمد وانا محمد وانا الماحي الذي يمحوا الله بى الكفر وانا الحاشر الذي يحشر الناس على قدمي، وانا العاقب الذي ليس بعدي نبي أورده البخاري في الصحيح.

٢٦ ـ في أصول الكافي علي بن محمد عن بعض أصحابنا عن ابن محبوب عن محمد بن الفضيل عن أبي الحسن الماضيعليه‌السلام قال: سألته عن قول اللهعزوجل : يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم قال: يريدون ليطفئوا نور الله ولاية أمير المؤمنينعليه‌السلام بأفواههم، قلت: والله متم نوره قال: والله متم الامامة لقوله:( الَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنا ) فالنور هو الامام.

__________________

(١) الأزل: الضيق. والزلازل: البلايا.

٣١٧

٢٧ ـ أحمد بن إدريس عن الحسين بن عبيد الله عن محمد بن الحسن(١) وموسى بن عمر عن الحسن بن محبوب عن محمد بن الفضيل عن أبي الحسنعليه‌السلام قال: سألته عن قول الله تبارك وتعالى:( يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُا نُورَ اللهِ بِأَفْواهِهِمْ ) قال: ليطفئوا ولاية أمير المؤمنينعليه‌السلام بأفواههم قلت:( وَاللهُ مُتِمُّ نُورِهِ ) قال يقول: والله متم الامامة والامامة هي النور وذلك قوله:( فَآمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنا ) قال: النور هو الامام.

٢٨ ـ في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى عمار بن موسى الساباطي عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: سمعته وهو يقول: لم تخل الأرض من حجة عالم يحيى فيها ما يميتون من الحق، ثم تلا هذه الاية:( يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُا نُورَ اللهِ بِأَفْواهِهِمْ وَاللهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ ) .

٢٩ ـ في تفسير علي بن إبراهيم قوله:( يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُا نُورَ اللهِ بِأَفْواهِهِمْ وَاللهُ مُتِمُّ نُورِهِ ) قال: بالقائم من آل محمدعليهم‌السلام حتى إذا خرج يظهره الله على الدين كله حتى لا يعبد غير الله وهو قولهعليه‌السلام : يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا.

٣٠ ـ في أصول الكافي علي بن محمد عن بعض أصحابنا عن ابن محبوب عن محمد بن الفضيل عن أبي الحسن الماضيعليه‌السلام قال: قلت:( هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ ) قال هو الذي أرسل رسوله بالولاية لوصيه، والولاية هي دين الحق قلت:( لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ ) قال: يظهر على جميع الأديان عند قيام القائم، يقول الله: «والله متم ولاية أمير المؤمنينعليه‌السلام ولو كره الكافرون بولاية على» قلت: هذا تنزيل؟ قال: نعم اما هذا الحرف فتنزيل وأمّا غيره فتأويل والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

أقول: وهذا متصل بآخر ما نقلنا عن أصول الكافي سابقا اعنى قوله: فالنور هو الامام ؛ ويتصل هذا المتن به قلت: هو الذي إلخ.

__________________

(١) هذا هو الظاهر الموافق للمصدر ولكتاب جامع الرواة، لكن في الأصل محمد بن الحسين «مصغرا».

٣١٨

٣١ ـ في مجمع البيان وروى العياشي بالإسناد عن عمران بن ميثم عن عباية انه سمع أمير المؤمنينعليه‌السلام يقول: هو الذي أرسل عبده بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله أظهروا ذلك بعد؟ قالوا: نعم قال: كلا والذي نفسي بيده حتى لا تبقى قرية إلّا وينادى فيها بشهادة أنْ لا إله إلّا الله ومحمّد رسول الله بكرة وعشيا.

٣٢ ـ في الكافي وفي حديث مالك بن أعين قال: حرض أمير المؤمنينعليه‌السلام الناس بصفين فقال: إنّ اللهعزوجل دلكم على تجارة تنجيكم من عذاب اليم وتشفى بكم على الخير(١) والايمان بالله والجهاد في سبيل الله، وجعل ثوابه مغفرة للذنب ومساكن طيبة في جنات عدن.

٣٣ ـ في تفسير علي بن إبراهيم وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفرعليه‌السلام في قوله:( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى تِجارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ ) فقالوا: لو نعلم ما هي لنبذلن فيها الأموال والأنفس والأولاد، فقال الله:( تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَتُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ بِأَمْوالِكُمْ ) إلى قوله( ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ) .

٣٤ ـ في مجمع البيان وسأل الحسن عمران بن حصين وأبا هريرة عن تفسير قوله تعالى:( وَمَساكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ) فقالا: على الخبير سقطت.

سألنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عن ذلك فقال: قصر من لؤلؤ في الجنة، في ذلك القصر سبعون دارا من ياقوتة حمراء، في كل دار سبعون بيتا من زمردة خضراء، في كل بيت سبعون سريرا، على كل سرير سبعون فراشا من كل لون، على كل فراش امرأة من الحور العين، في كل بيت سبعون مائدة، على كل مائدة سبعون لونا من الطعام في كل بيت سبعون وصيفة(٢) قال: ويعطى الله المؤمن من القوة في غداة واحدة ما يأتى على ذلك كله.

٣٥ ـ في تفسير علي بن إبراهيم:( وَأُخْرى تُحِبُّونَها نَصْرٌ مِنَ اللهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ )

__________________

(١) أشفى على الشيء أي أشرف.

(٢) الوصيفة: الجارية. وفي المصدر «في كل بيت سبعون وصيفا ووصيفة».

٣١٩

يعنى في الدنيا بفتح القائمعليه‌السلام ، وأيضا قال فتح مكة.

٣٦ ـ في روضة الكافي حدّثنا ابن محبوب(١) عن أبي يحيى كوكب الدم عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: إنّ حواري عيسى صلى الله عليه كانوا شيعته، وان شيعتنا حواريونا، وما كان حواري عيسى بأطوع له من حوارينا لنا، وإنّما قال عيسىعليه‌السلام : من أنصاري إلى الله قال الحواريون نحن أنصار الله فلا والله ما نصروه من اليهود، ولا قاتلوهم دونه، وشيعتنا والله لم يزالوا منذ قبض الله عز ذكره ورسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ينصرونا ويقاتلون دوننا ويخوفون ويحرقون ويعذبون ويشردون في البلاد، جزاهم الله عنا خيرا، وقد قال أمير المؤمنينعليه‌السلام والله لو ضربت خيشوم(٢) محبينا بالسيف ما أبغضونا، والله لو أدنيت إلى مبغضينا وحثوت لهم من المال ما أحبونا(٣) .

٣٧ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي (ره) عن أمير المؤمنينعليه‌السلام حديث طويل وفيه: ولم يخل أرضه من عالم بما يحتاج الخليقة اليه، ومتعلم على سبيل النجاة.

أولئك هم الأقلون عددا وقد بين الله ذلك من أمم الأنبياء وجعلتهم مثلا لمن تأخر مثل قوله في حواري عيسى حيث قال لساير بنى إسرائيل:( مَنْ أَنْصارِي إلى اللهِ قالَ الْحَوارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصارُ اللهِ آمَنَّا بِاللهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ ) يعنى مسلمون لأهل الفضل فضلهم، ولا يستكبرون عن أمر ربهم، فما أجابه منهم إلّا الحواريون.

٣٨ ـ في تفسير علي بن إبراهيم وقوله «( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنْصارَ اللهِ كَما قالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوارِيِّينَ مَنْ أَنْصارِي * اللهِ قالَ الْحَوارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصارُ اللهِ آمَنَّا بِاللهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ * فَآمَنَتْ طائِفَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ وَكَفَرَتْ طائِفَةٌ ) قال: التي كفرت هي التي قتلت شبيه عيسىعليه‌السلام ، وصلبته، والتي آمنت هي التي قبلت فقتلت الطائفة التي قتلته وصلبته وهو قوله:( فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظاهِرِينَ ) .

__________________

(١) وقبله: «محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد وعدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن ابن محبوب اه».

(٢) الخيشوم: أقصى الأنف.

(٣) كناية عن كثرة العطاء قال في القاموس: حثوت له أي أعطيته كثيرا.

٣٢٠

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

مرّة، والوضوء لكلّ صلاة، وغسل النفساء واجب(١) الحديث. فانّ ظاهره حصر غسل الإستحاضة بحسب المورد في صورة وجود الدم واستمراره، إلاّ أن يقال أنّ المقصود بيان كمية عدد الغسل في حال الإستمرار، وليس في مقام بيان تمام أفراده وموارده.

والحاصل: أنّه يمكن بملاحظة رواية الصفرة، وهذه الرواية، الفرق بين الوضوء والغسل، ولكنّه كما عرفت لا يخلو عن إشكال.

وأمّا الكلام في العبادة الواقعة في حال الدم فنقول: إنّ الدم إمّا أن ينقطع في أثناء الصلاة أو بعدها، وعلى أيّ تقدير، إمّا أنّها تعلم بالإنقطاع، أو تشكّ فيه، أو تعتقد خلافه، والإنقطاع إمّا لفترة تسع الطهارة والصلاة، أو للبرء.

فنقول: أمّا مع العلم بالإنقطاع فلا إشكال في فساد الصلاة، وأمّا الشك والقطع بالاستمرار فالظاهر الصحّة، لإطلاق الأخبار الشامل لصورة القطع بالإستمرار والإنقطاع بعده وصورة الشك فيه.

إلاّ أن يقال: إنّ الإذن إتكال على ظهور الاستمرار، أو يقال: إنّ مورد الأخبار هو استمرار الدم، والكلّ غير بعيد، فالمسألة لا تخلو من إشكال.

ولو علمت بالفترة وشكّت في سعة زمان النقاء للطهارة والصلاة، ففي وجوب الصبر إمّا احتياطاً، لعدم العلم ببدلية الصلاة مع الغسل، أو لأصالة عدم عود الدم إلى زمان يسع الطهارة إشكال، لإطلاق الأخبار، وما مرّ من منع الإطلاق، واقتضاء الأصل الاحتياط.

فإن قلت: أصالة عدم العود لا يثبت وجوب الصبر.

قلنا: يثبت عدم الأمر بالصلاة مع الدم، لأنّها من أحكام الاستمرار، وعلى القول بعدم الصبر لو انكشف السعة، فهل يجب الإعادة لكشف ذلك عن فساد الصلاة أم لا لظهور الإطلاق في أنّ التكليف الإضطراري الواقعي في حقّ

____________________

(١) وسائل الشيعة: كتاب الطهارة، أبواب الجنابة، ح ٣، ج ١، ص ٤٦٢.

٣٤١

المستحاضة هو الصلاة مع الدم؟ إشكال. واشكل منه: الفرق بين صورة إعتقاد عدم الفترة، وصورة الشك في الحكم بعدم إيجاب الإعادة في الأوّل والإعادة في الثاني، إلاّ أن نمنع الإطلاق في صورة الشك، ويتمسّك في عدم إيجاب الصبر إلى أدلّة الحرج، فانّها لا توجب الإجزاء على تقدير الكشف، إذ هي لا تقتضي إلاّ رفع حرج الوجوب، وهو أعمّ من كون الإذن في حال الصلاة ظاهرياً أو واقعياً، فهو لا يوجب تعبّد التكليف بالصلاة مع الطهارة للتمكّن منها، كما هو الفرض في صورة الكشف عن سعة الزمان للطهارة والصلاة بمن لم يسبق بفعل الصلاة مع الطهارة الإضطرارية فتأمّل.

وبعبارة اخرى: الإذن في التعجيل أعمّ من كون الغسل مبيحاً واقعياً أو ظاهرياً، فما لم يبيّن الأوّل، يحكم بمقتضى إطلاق أدلّة مطلوبيّة الصلاة مع الطهارة الواقعية بوجوب الإعادة والقضاء، فافهم ذلك، واغتنم.

مسألة

ظاهر الأخبار وعبائر جملة من الأصحاب كما قيل: انّ الجمع بغسل واحد، ترخيص في الاكتفاء بغسل واحد عن الغسل لكلّ صلاة، وهذا يقتضي جواز غسل الثاني، بل عن المحقّق الثاني(١) وصاحب المدارك(٢) : القطع به.

قلت: لا إشكال انّ الجمع بغسل واحد ليس واجبا شرطياً يتوقّف صحّة الصلاة عليه، ولا واجباً نفسياً تعبدياً، إلاّ أنّ مجرد ذلك لا يكفي في صحّة الغسل مع بقاء أثر الغسل الأوّل والحكم على مشروعيته، وذلك لأنّ الأخبار الآمرة بالغسل للظهرين المشتملة على أمر مستقل بالجمع بينهما إما مطلقاً، أو بكيفية خاصة ظاهرها وجوب غسل واحد للظهرين في توقّف الإكتفاء به على الجمع، فيدلّ على أنّه مع

____________________

(١) جامعالمقاصد: الاستحاضة وغسلها، المجلد الاول ص ٤٦، س ٣٢.

(٢) مدارك الأحكام: ص ٧٣، س ١٧.

٣٤٢

التفريق يجب غسلان، ولا دلالة فيها على استحباب غسل مستقل للعصر.

وأمّا الأخبار الآمرة بالجمع لغسل واحد، فإن كان المراد كما لا يبعد إيجاب الصلاتين معاً مع الإكتفاء بغسل واحد، فيرجع مفادها إلى الصنف الأوّل، وإن كان المراد الجمع بين الصلاتين في الغسل، فمدلولها توقّف الظهرين مجموعاً على غسل مستقل، في قبال المتوسّطة التي كانت تكتفي بغسل واحد لجميع الخمس، فيبقى الحكم بالمشروعيّة متوقّفاً على أمر هو مفقود.

نعم إن قلنا بجواز الفصل بين الصلاة والغسل بأجنبي ينافي المعاقبة كان في الأخبار الآمرة بالغسل لكلّ صلاة، أو عند وقت كلّ صلاة دلالة على ذلك، لوجوب حمل الأمر حينئذٍ على الإستحباب، مع إشكال في دلالة الأخير، لجواز أن يكون المراد من الوقت، الوقت المتعارف سابقاً، فيكون الأمر مبنيّاً على صورة التفريق.

وأمّا قولهعليه‌السلام في مرسلة يونس: ثمّ تغتسل وتتوضأ لكل صلاة(١) ، فدلالته لا يخلو عن إشكال، لاحتمال أن يكون القيد راجعاً إلى الوضوء خاصّة.

وأمّا ما دل: على أنّ الطهر على الطهر حسن(٢) ، فهو مع عدم دلالته على محلّ الكلام، إذ المقصود الغسل للعصر لا بنيّة التجديد.

فمدفوع بأنّ التجديد في الغسل غير معهود، خصوصاً مع منع صدق الطهر على الغسل الغير الرافع، فالأحوط إن لم يكن أقوى ترك الغسل إن كان منافياً لمعاقبة العصر لغسل الظهر، لأنّه حينئذٍ لا يؤثّر رفعاً ولا إباحةً، فيكون أجنبيّاً محضاً.

مسألة

المشهور وجوب معاقبة الصلاة للغسل، واستدلّ له بأمور:

____________________

(١) وسائل الشيعة: كتاب الطهارة، أبواب الحيض، ح ١، ج ٢، ص ٥٤٢.

(٢) وسائل الشيعة: ب استحباب تجديد الوضوء، من ابواب الوضوء، ح ٣ و ١٠، ج ١، ص ٢٦٤ ، و ٢٦٥ وفيه أن « الوضوء بعد الطهور عشر حسنات » ولم اعثر على غيره.

٣٤٣

منها: ظاهر قولهعليه‌السلام في رواية ابن سنان: المستحاضة تغتسل عند صلاة الظهر وتصلّي الظهر والعصر، ثمّ تغتسل عند المغرب فتصلّي المغرب والعشاء، ثمّ تغتسل الصبح فتصلّي الفجر(١) الخبر، بناءً على ظهور « عند » في المقارنة كما هو المحكي عن السرائر(٢) ناسباً له إلى لغة العرب.

ومنها: الأخبار الآمرة بالجمع بين الصلاتين بتأخير الاولى وتعجيل الثانية(٣) ، بناءً على أنّ الظاهر هو أنّ أصل الجمع واجب، والكيفية الخاصة مستحبّ.

ومنها: أصالة عدم جواز الصلاة مع الحدث إلاّ ما خرج بالدليل، وهو صورة المقارنة.

وفي الكلّ نظر.

أمّا الأوّل فلأنّ المراد من صلاة الظهر هو زمان حضور وجوبه، ويشهد لذلك: قولهعليه‌السلام عند المغرب وعند الصبح(٤) ... المعتبر في العبادات تعلّق القربة بالفعل، ولو بعنوان المغاير لعنوان الأمر، حتى تكون معنى عبادية غسل الحيض أن يكون وجوده الخارجي مقروناً بقصد القربة، وإن لم يكن المقصود القربة به، بل كان بعنوان آخر متّحد معه في الوجود، كان مقتضى ذلك سقوط الأمر المتعلّق بغسل الحيض، ولكنّ الإلتزام بذلك دونه خرط القتاد.

مع أنّ اختلاف حقائق الأغسال مع فرض اتّحادها بحسب الأجزاء والشرائط من غير إرجاعه إلى القصد مشكل، ومعه كيف يعقل حصول المأمور به من غير القصد إليه تفصيلاً أو إجمالاً ؟ فضلاً عن حصول شرائط سقوط الأمر به.

إذا عرفت ما ذكرنا، فإن كان مراد المحقّق: أنّ الغسل ماهية واحدة تعلّق بها

____________________

(١) وسائل الشيعة: الاستحاضة، ح ٤، ج ٢، ص ٦٠٥.

(٢) السرائر: في الاستحاضة من كتاب الطهارة، ص ٣٠، س ٤.

(٣) وسائل الشيعة: الاستحاضة، ح ١، ج ٢، ص ٦٠٤.

(٤) بياض بمقدار نصف صفحة في نسخة الكرباسي.

٣٤٤

الأمر من جهات مختلفة، فقد عرفت أنّ مع ذلك ترجع الأوامر عند اجتماع الأسباب إلى أمر واحد مؤكّد، ومع هذا لا يبقى مجال لما ذكره من المناقشة من أنّ الأعمال بالنيّات(١) ، إذ المكلّف به ليس إلاّ الغسل بقصد القربة، والفرض حصوله، ولا مجال أيضاً لما ذكره من السؤال عن حصول الثواب والأجر، ولا لما استدركه بقوله: نعم لا تأبى أن تكون الإتيان الى آخره، وإن كان مراده أنّ الماهيّات المختلفة لإمكان اجتماعها يحصل عند اجتماع أسباب وجوبها بغسل واحد، فقد عرفت ما فيه من أنّ تحقّق الماهيات بدون(٢) لا يخلو عن الإشكال فضلاً عن سقوط الأوامر التعبّديّة المتعلّق بها، ويرد أيضاً على ما فرعه على قاعدة التحسين من أنّ استحقاق الفاعل للمدح مع عدم قصده عنوان الحسن، أنّه لا يتفرّع ذلك على القاعدة المذكورة.

نعم إن أراد ترتّب فوائد الفعل وآثاره المترتّبة عليه، ولو كان حصوله قهرياً كان حسناً، ولكن لا دخل لذلك باستحقاق الفاعل للمدح والثواب، كما هو ظاهر كلامهقدس‌سره .

قولهقدس‌سره في آخر كلامه: « مع أنّ ظاهر الروايات(٣) الكفاية ».

مراده: أنّ ظاهر الروايات امتثال أوامر الأغسال بغسل واحد، فلابدّ من تقييدها بمقتضى ظاهرها بعد البناء على عدم حصول الامتثال بغسل واحد بصورة نيّة الجمع.

____________________

(١) عوالي اللئالي: ح ١٩، ج ٢، ص ١١ و ح ٧٩، من نفس المصدر، ص ١٩٠.

(٢) الظاهر سقط في العبارة في نسخة الكرباسي.

(٣) وسائل الشيعة: ب أن كل غسل يجزي عن الوضوء من ابواب الجنابة، ج ١، ص ٥١٣، انظر الباب.

٣٤٥

قولهقدس‌سره : « وكذا لو شككنا. الخ ».

يحتمل أن يكون مراده: أنّ الشك في كفاية غسل واحد في مقام الامتثال، يوجب الشك في كون رواية الكفاية معارضة بما هو أقوى منها، وإذا كانت الرواية حالها من حيث المعارض مجهولة لا يمكن التعلّق بها، ولكن ذلك مع إشكال في تماميّته لا ينطبق على ظاهر عبارة المحقّق.

ويحتمل أن يكون مراده: أنّ مقتضى ظاهر أوامر الأغسال، الإتيان بعنوانها الذي تعلّق الأمر به، فإن حصل القطع بحصول الامتثال عرفاً بمجرّد حصول المأمور به في الخارج من غير قصد إليه، كان ذلك مخصّصاً قطعياً لتلك الأدلّة، وأمّا مع الشك في ذلك، تكون الرواية الدالّة على غسل واحد معارضة لظاهر تلك الأدلّة، وقد عرفت أنّها أقوى من هذه الرواية، فيرجع الأمر إلى عدم العمل بعموم تلك الأدلّة مع الشك في حصول ما يوجب تخصيصها، فلا مناص في إمتثال تلك الأوامر من الإتيان بأغسال متعدّدة أو غسل واحد بنيّة الجميع، وهذا الوجه أوفق بظاهر عبارتهرحمه‌الله .

ثمّ إن قلنا بكفاية غسل الجنابة عن غيره، فالظاهر سقوط الوضوء، ويدلّ عليه مضافاً إلى ظهور الاتّفاق من القائلين بإجزاء غسل الجنابة عن الوضوء، على أنّه مجز عن الوضوء من كلّ سبب حتى الواجب لأجل رفع حدث الحيض، بناءً على القول بالتشريك في رافعيّة الغسل والوضوء لحدث الحيض، قوله تعالى: (وإن كنتم جنباً فاطهّروا)(١) لظهوره في عدم وجوب الوضوء على الجنب لأجل الدخول في الصلاة، بناءً على أنّه عطف على قوله تعالى: (فاغسلوا وجوهكم)(٢) لا على قوله تعالى: (إذا قمتم إلى الصلاة)(٣) ، فمحصّل المعنى هو التفصيل بين الجنب وغيره في وجوب الوضوء

____________________

(١) و (٢) و (٣) المائدة: ٦.

٣٤٦

للصلاة، ولو كان الجنب مسبوقاً بحدث موجب للوضوء كما هو مقتضى الاطلاق.

وقد يؤكّد الإستدلال به بما رواه محمد بن مسلم، قال: قلت لأبي جعفرعليه‌السلام : إنّ أهل الكوفة يروون أنّ عليّاًعليه‌السلام كان يأمر بالوضوء قبل غسل الجنابة، قالعليه‌السلام : كذبوا ما وجدوا ذلك، في كتاب عليعليه‌السلام : انّ اللّه عزّ وجلّ يقول: (وإن كنتم جنبا فاطهّروا)(١) فانّ الإمامعليه‌السلام استشهد بالآية على عدم وجوب الوضوء، وفيه تأمّل، لإمكان أن يكون الاستشهاد لظهور الآية في كفاية الغسل لرفع الجنابة، بعد كون المقام مقام بيان تمام ما هو رافع لها، ألا ترى أنّه إذا قال الطبيب لمن [ عنده ] صداع: اشرب السكنجبين، يفهم العرف منه أنّ شرب السكنجبين كافٍ في رفع الصداع.

وممّا يؤكّد ما ذكرنا ظهور الحال في وجوب الوضوء لرفع الجنابة بقرينة قوله: قبل الغسل فانّ احتمال وجوب تقديم وضوء الصلاة على الغسل بعيد في الغاية.

والحاصل : أنّ الآية مع قطع النظر عن ظهورها في التفصيل بين الجنب وغيره، خصوصاً بملاحظة آية التيمّم(٢) ، وإن دلّت على أنّ الجنابة ترتفع بالغسل، ولا دخل للوضوء في رفعها، لا تدلّ على وجوب الوضوء للصلاة إذا كان مع الجنابة بعض أسبابه، وليس في الاستشهاد أيضاً دلالة على ذلك، فتأمّل.

ويمكن الاستدلال أيضاً بما ورد من أنّ غسل الجنابة ليس قبله ولا بعده وضوء(٣) ، بناءً على أنّ المراد وضوء الصلاة لا لرفع الجنابة، كما لا يبعد ظهوره في ذلك، حتى لا ينافي وجوب الوضوء للصلاة.

ويمكن الاستدلال بمرسلة جميل السابقة(٤) ، بناءً على ظهوره في رفع الأحداث

____________________

(١) وسائل الشيعة: ب عدم جواز الوضوء مع غسل الجنابة، من ابواب الجنابة، ح ٥ ، ج ١، ص ٥١٦.

(٢) المائدة: ٦.

(٣) وسائل الشيعة: ب عدم جواز الوضوء مع غسل الجنابة، من أبواب الجنابة، ح ٢، ج ١، ص ٥١٥.

(٤) وسائل الشيعة: ب أجزاء الغسل الواحد عن الأسباب المتعددة، من أبواب الجنابة، ح ٢، ج ١، ص ٥٢٦.

٣٤٧

الموجبة لسائر الأغسال، وفيه تأمّل.

ثمّ إنّ ظاهر الأصحاب كما قيل عدم الفرق في كفاية غسل الجنابة عن غيره، بين عدم الإلتفات إلى ذلك الغسل، وبين الإلتفات إليه وقصد سقوطه، وبين الإلتفات إليه وقصد عدم سقوطه.

وربما يناقش في شمول الإجماع للصورة الأخيرة. وفيه: أنّ الإجماع المنقول عن السرائر(١) وجامع المقاصد(٢) مطلق كالنص، إلا أن يدّعى انصرافها إلى غير هذه الصورة، وفيه: أنّ المفهوم من النص(٣) والإجماع أنّ كفاية غسل الجنابة عن غيره، لكونه رافعاً للأحداث الموجبة لتلك الأغسال، وأنّ ذلك من خواصه وآثاره المترتبة على حصوله، ولا دخل لقصد الفاعل فيه، كما أنّ رفع الحدث الأصغر من خواص الوضوء.

نعم من استشكل في كون الوضوء رافعاً مع قصد عدم الرفع كان إشكاله سارياً في هذا المقام أيضاً.

الصورة الرابعة: أن ينوي ما عدا غسل الجنابة، والكلام هنا في مقامين:

الأوّل: في صحّة هذا الغسل على ما نواه، وذلك بناءً على إجزائه عن غيره لا إشكال فيه، انّما الإشكال فيه على القول بعدم الإغناء عن غيره، كما هو الأقوى، نظراً إلى إطلاق الأمر المقتضي للإجزاء، وقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : لكلّ امرئ ما نوى(٤) ، ومن أنّ صحّته في نفسه مع عدم إغنائه عن الجنابة، يوجب بقاء الأقوى مع ارتفاع الأضعف، وهو غير معقول، وأمّا الإطلاقات فلا يشمل ما نحن فيه، لأنّ وجوب غسل الحيض هنا بعد فرض إغناء غسل الجنابة عنه، لا يمكن أن يكون شيئاً

____________________

(١) كتاب السرائر: ب أحكام الجنابة، ص ٢٣، س ١٠.

(٢) جامع المقاصد: في الاغسال الواجبة من كتاب الطهارة، ج ١، ص ٥، س ١٦.

(٣) وسائل الشيعة: ب اجزاء الغسل الواحد عن الاسباب المتعددة، ح ٢، ج ١، ص ٥٢٦.

(٤) وسائل الشيعة: ب وجوب النية في العبادات، من كتاب الطهارة، ح ٧ و ١٠، ج ١، ص ٣٤.

٣٤٨

من أقسام الوجوب، فلا يكون واجباً.

بيان ذلك: أنّ الوجوب العيني خلاف مقتضى الإجماع على إغناء غسل الجنابة، لأنّ تعيّن الشيء مع تعيّن المسقط لغو، والتخييري غير معقول، وأمّا الثاني أعني الوجوب التخييري فلا مانع منه، إذ رفع الحدث لما يشترط فيه الطهارة واجب عند وجوبه، فيجب سببه الذي هو أحد الأمرين من غسل الجنابة والحيض، غاية الأمر أنّ غسل الجنابة يجب من جهتين لتأثيره في رفع حدث الجنابة والحيض.

المقام الثاني : في كفاية هذا الغسل عن غسل الجنابة، فعن المحقّق في الشرائع(١) والمعتبر(٢) والشهيدين(٣) و(٤) والمحقق الثاني(٥) هو ذلك، بل عن بعض(٦) نسبته إلى المشهور، [ وعن الشيخ(٧) ، والسرائر(٨) ، والوسيلة(٩) ، وبعض كتب العلاّمة(١٠) ، والإيضاح(١١) ، والموجز(١٢) ، وشرحه(١٣) ]، بل عن أكثر من تعرّض للمسألة عدم الكفاية، بل قد يستظهر من عبارة السرائر(١٤) المحكيّة شمول الإجماع المدّعى فيها

____________________

(١) الشرائع: فصل في كيفية الوضوء ج ١، ص ٢٠.

(٢) المعتبر: كتاب الطهارة: في الأغسال المندوبة، ص ٩٩، س ١٧.

(٣) الذكرى: ما يجب الغسل، ص ٢٥، س ٦.

(٤) المسالك: في الوضوء ج ١، ص ٥، س ٣١.

(٥) جامع المقاصد: ب أسباب الطهارة، ج ١، ص ٥، ص ١٦.

(٦) مدارك الأحكام: كتاب الطهارة، ص ٢٩، س ١٨.

(٧) المبسوط: كتاب الطهارة، فصل في ذكر الاغسال، ج ١، ص ٤٠.

(٨) السرائر: ب أحكام الجنابة، ص ٢٣، س ١٨.

(٩) الوسيلة: ب أحكام الحيض، ص ٥٦، س ٧.

(١٠) قواعد الأحكام: كتاب الطهارة، ص ٣، س ١٥.

(١١) أيضاح الفوائد: كتاب الطهارة، ج ١، ص ١٢، س ٤.

(١٢) الموجز: المصدر غير موجود.

(١٣) شرح الموجز: المصدر غير موجود.

(١٤) السرائر: احكام الجنابة: ص ٢٣، س ١٠.

٣٤٩

على كفاية غسل الجنابة عن غسل الحيض، لعدم كفاية غسل الحيض عن الجنابة، قال: إن كانت المرأة حائضاً ثمّ طهرت فقبل أن تغتسل جاءها زوجها، فالواجب عليها أن تغتسل غسل الجنابة دون الحيض، لأنّ غسل الجنابة له مزيّة وقوّة وترجيح على غسل الحيض، لأنّه لا خلاف في أنّه يستباح بمجرّده الصلاة وليس كذلك غسل الحيض، وأيضاً غسل الجنابة قد عرفت وجوبه من القرآن، وغسل الحيض عرفت وجوبه من السنّة المتواترة، ثمّ قال: والمعتمد في ذلك الإجماع، انتهى. فانّ الإجماع المدّعى، إن كان على أنّ الواجب نية الجنابة دون الحيض، فظاهر أنّه يقتضي عدم كفاية غسل الحيض عن الجنابة، لأنّ الوجوب المنفي عن نيّة غسل الحيض الثابت لغسل الجنابة، إمّا مطلق الوجوب أو الوجوب العيني، ولا ريب أنّ ثبوت الوجوب العيني لغسل الجنابة، وعدم ثبوته لغسل الحيض، أو عدم ثبوت الوجوب مطلقاً له لازم، لعدم كفاية غسل الحيض عن غسل الجنابة، وإن كان على ثبوت المزية المقتضية لكفاية غسل الجنابة عن غسل الحيض دون العكس فتثبت المزية المذكورة، فيثبت المطلوب.

ولكن لا يخفى أنّ الإجماع على هذا التقدير على المزيّة، وأمّا اقتضاؤها عدم كفاية غسل الحيض عن غسل الجنابة فهو اجتهاد لا ربط له بمعقد الإجماع.

وكيف كان فاستدلّ للأوّل بإطلاق ما دلّ(١) على كفاية غسل واحد، وبأنّ غسل الحيض غسل صحيح نوى به الاستباحة، فيجب أن يكون رافعاً لحدث الجنابة، وبأنّ الحدث الذي هو نجاسة معنوية أمر واحد، وإن تعدّد أسبابه.

والجواب أمّا عن الاطلاق فبالمنع، وعن الثاني والثالث بمنع الملازمة والاتّحاد، مضافاً إلى الموثّق(٢) الدالّ على وجوب غسل الجنابة، وعدم سقوطه بغيره.

____________________

(١) وسائل الشيعة: ب أجزاء الغسل الواحد عن الأسباب المتعددة، من أبواب الجنابة، ح ٢، ج ١، ص ٥٢٦.

(٢) وسائل الشيعة: ب وجوب غسل الجنابة، من أبواب الجنابة، ج ١، ص ٤٦٢ - ٤٦٥. انظر الباب

٣٥٠

وقد يستدلّ أيضاً بما مرّ من الاخبار(١) الدالّة على أنّ غسل الجنابة والحيض واحد، وقد عرفت الجواب عنها.

وقد يستدلّ أيضاً بما دلّ(٢) على أنّ الحيض أعظم من الجنابة، فترتفع الجنابة برافعه، كما أنّ الحدث الأصغر يرتفع برافع الأكبر.

وفيه: أنّ الأعظميّة لم يعلم أنّها من حيث النجاسة، بل لعلّها لعدم قابلية الإرتفاع المانع عن الوجوب، بل وجوب الصلاة، فلا مجال لوجوب غسل الجنابة، ولو سلّم، فلا دليل على أنّ رافع كلّ اكبر رافع للأصغر، ألا ترى أنّ الحدث الأكبر المانع عن قراءة العزائم ودخول المساجد ترتفع بغسل الحيض، ولا يرتفع الأصغر إلاّ مع الوضوء، وبالجملة لا دليل يوجب الخروج عن مقتضى الأصل.

ومما ذكرنا يعلم عدم كفاية غسل الحيض عن غسل الإستحاضة، وغسل المس، وغيرهما من الأغسال الواجبة، وقد يستظهر من المحقّق(٣) والعلاّمة(٤) في بعض كتبه: أنّ الخلاف في إغناء غسل الحيض من غسل الجنابة، مبني على القول بعدم إغنائه عن الوضوء كما هو المشهور، ولعلّ وجهه اتّحاد حقيقة الأغسال، وعليه فلا ينبغي الخلاف في إغناء غسل الحيض، عن غير غسل الجنابة من الأغسال، ولكن الاتّحاد محلّ المنع، والاتّفاق لم يثبت.الصورة الخامسة: أن ينوي غسلاً مطلقاً ينوي به استباحة الصلاة، أو القربة، والكلام فيه هو الكلام في إغناء غسل الحيض عن غيره، بل لا يجري فيه بعض ما مرّ.

والحاصل: أنّك قد عرفت سابقاً: أنّ مقتضى ظاهر جملة من الأخبار، اختلاف

____________________

(١) وسائل الشيعة: ب أجزاء الغسل الواحد عن الأسباب المتعددة، من أبواب الجنابة، ج ١ ص ٥٢٦ - ٥٢٨، انظر الباب.

(٢) وسائل الشيعة: ب أن الحائض لا يرتفع لها حدث، من ابواب الحيض، ح ٢، ج ٢، ص ٥٦٦.

(٣) المعتبر: في اجزاء الغسل عن الوضوء، ص ٥١، س ٢٩.

(٤) منتهى المطلب: كتاب الطهارة: ج ١، ص ٩١، س ٨.

٣٥١

ماهية الأغسال، فعند تحقّق أسبابها واشتغال الذمة بها، يجب تحصيل الفراغ، والعلم به لا يحصل من الإتيان بغسل مجرّد، إذ لعلّها متباينة أو متصادفة يتوقّف تصادفها على نية الجمع، على أنّا لو سلّمنا عدم ثبوت اختلاف الماهية، فالشك فيه كافٍ في عدم الاكتفاء بغسل مجرد، لأنّ تعدّد الأوامر معلوم، والشكّ في حصول الفراغ عن عهدة تلك الأوامر، إذ لم يثبت أنّ متعلّق تلك الأوامر ماهية واحدة، بل لعلّها متباينة، أو متصادقة يتوقّف تصادقها على نيّة الجميع.

فإن قلت: إنّ القدر المعلوم ثبوته في كلّ من هذه الأوامر هو إرادة الغسل المردّد بين كونه هو مطلق طبيعته، أو نوعاً منه، ومع الشك في الأقلّ والأكثر، الأصل البراءة، فالقدر الذي يحكم العقل بإشتغال الذمة به في هذه الأوامر، هو تحصيل صرف الطبيعة التي تحصل قطعاً بالإتيان بغسل مجرّد، والقيود الزائدة التي لا يعلم اجتماعها في فرد واحد، لا يعلم التكليف بها، والأصل البراءة عنها.

قلت: لمّا علم من الخارج أنّ مطلوبية الغسل هنا غيرية لأجل رفع ما حدث بتلك الأسباب لم يجز الإكتفاء مع الشكّ في ارتفاع الحادث بغسل مجرد، ومسألة البراءة، والاحتياط، مع قطع النظر عن هذه الجهة، وأمّا في مثل هذه الصورة فلا ريب أنّ الأصل هو الاشتغال.

فإن قلت: إذا فرضنا أنّ ظاهر الدليل اقتضاء كلّ واحد من الأسباب شيئاً ولم يعلم أنّ مقتضاها هو الطبيعة، أو أنواع بما يحسب ظاهر اللفظ كان ظهور الدليل في فعلية اقتضاء كلّ واحد من الأسباب كافياً في إثبات اختلاف حقائق الأغسال، إذ مع فرض اتّحاد الماهية لا يكون المقتضي الفعلي إلاّ الحادث أولاً.

قلت: اقتضاء كلّ واحد الغسل، قد يكون لأجل إحداثه أمراً متبايناً لما حدث بالأوّل، وقد يكون لأجل تأكّد الحادث أوّلاً، والذي ينافي اتّحاد الحقيقة بناءً على أنّ اختلاف الأحداث يوجب اختلاف الأغسال هو الأوّل، وظاهر الأدلّة لا يعيّن الأوّل، وكون المقتضي فعلاً هو السبب الأوّل ممنوع، لأنّ اقتضاء كلّ سبب لذات الغسل فعلي.

٣٥٢

نعم اقتضاء السبب للأمر بالغسل فعلي بالنسبة الى السبب الأوّل، وشأني بالنسبة إلى الثاني، لأنّه لا يعقل تأثيره بعد حصوله، ولكنّه أيضاً يؤثّر تأكّد الأمر كما لا يخفى، فتأمّل.

فإن قلت: إنّا نشك في أنّ الحادث بالسبب الثاني أمر مغاير للحادث بالسبب الأوّل، بحيث يقتضي رافعاً مخالفاً للرافع الأوّل ولو بحسب الماهية، ومع الشك في ذلك، الأصل البراءة عن التكليف الزائد عن ما يثبت بأوّل الأسباب.

قلت: إذا سلّمت أنّ ظاهر الدليل هو اقتضاء كلّ سبب حتى عند اجتماعه مع سابق عليه حصول الغسل، أو نوع منه، وعلم من الخارج أيضاً أنّ ذلك لا يكون إلاّ لأجل تأثير السبب أثراً يجب رفعه، وأنّ مطلوبية الغسل ليس إلاّ لأجل تأثيره في رفع ذلك الحادث، غاية الأمر أنّ الأثر الحادث ثانياً، إن كان واقعه غير رافع الأثر الحادث كان السبب موجباً لتأكّد مطلوبية ذلك الرافع، وإن كان مغايراً كان السبب موجباً لحدوث تكليف كان اللازم هنا الاحتياط لا غير، إذ تحصيل الفراغ برفع آثار الأسباب واجب مقدّمة للدخول فيما يتوقّف على دفعها، ولا يحصل اليقين إلاّ بالاحتياط.

نعم لو فرض الشك في حصول أثر للسبب الثاني، مغايراً لأثر السبب الأوّل أو متّحداً، كان أصالة عدم حدوث الأثر الجديد سليمة عن المعارض، ولكنّ ذلك أيضاً لا يجدي في الاكتفاء بالغسل المجرّد، إذ لعلّ رافع السبب الأوّل غسل خاص لا يحصل بالغسل بقصد القربة من غير قصد إلى أمر آخر، ولو إجمالاً.

نعم لو كان لإطلاقات الأوامر ظهور في أنّ المطلوب هو الغسل من حيث هو كان مقتضى ذلك الظهور بضميمة الإجماع السابق الإكتفاء بالغسل بقصدالقربة. فتلخّص من جميع ما ذكرنا: أنّ مقتضى الأصل عدم الإكتفاء بالغسل المجرّد بقصد القربة، أو المنويّ به استباحة الدخول في العبادة، إذا لم يرجع ذلك إلى قصد جميع الأغسال، ولقد أطلنا الكلام خوفاً عن فوت بعض ما يجب التنبيه عليه، هدانا اللّه وإيّاك إلى صراط مستقيم، أنّه حميد مجيد.

٣٥٣

ثمّ إنّ المحكيّ عن المحقّق القميقدس‌سره (١) : أنّ الأكثر على أنّ التداخل في مورد جوازه رخصة لا عزيمة.

وفيه إشكال، لأنّ المكتفي بكلّ واحد من الأغسال عن غيره سواء بني على إغناء كلّ غسل عن الوضوء، أو خصّ ذلك بالجنابة لا يبقى عنده مورد حتى للغسل ثانياً، وأمّا من خصّ ذلك بغسل الجنابة وأنكر التداخل في غيره، فإن بنى على أنّ تقديم غير غسل الجنابة عليه لا يكون في نفسه صحيحاً أيضاً، كما هو المحكيّ عن بعض كلمات العلاّمة(٢) ظاهراً، فلا ريب أنّ التداخل عليه أيضاً عزيمة.

نعم إن قلنا بصحّة الغسل المقدّم كما هو الأقوى، وقد عرفت وجهه مفصّلاً، كان التداخل رخصة.

ثمّ إنّ الغسل الواحد الكافي عبادةً يحتاج إلى أمر، وذلك بناءً على أصالة التداخل في الأسباب، هو الأمر الحادث بالسبب الأوّل، وبناءً على أصالة التداخل في الإمتثال - كما اختاره المحقّق الخوانساري -رحمه‌الله (٣) - هو كلّ واحد من الأوامر، وللمكلّف أن يقصد جمعها وبعضها، إذ عرفت أنّ المعتبر عنده في امتثال الأمر التعبّدي هو قصد القربة ولو لأمر آخر، وأمّا بناءً على أصالة عدم التداخل في الأسباب والإمتثال، فإن كان إطلاق الأخبار في كفاية كلّ غسل حتى الغسل المجرد تامّاً، كان ذلك كاشفاً عن وحدة الحقيقة، فالأمر هو الحادث بأوّل الأسباب، وإن لم يثبت، وقد عرفت أنّ مقتضى كثير من الأخبار إختلاف ماهية الأغسال، فالأمر الموجود هو الأوامر المتعلّقة بتلك الماهيّات المختلفة، ولا يسقط شيء منها إلاّ بقصده في نفسه، غاية الأمر أنّه يمكن قصد امتثال الجمع لفعل واحد، وأما كفاية غسل الجنابة عن غيره، بناءً على ذلك فليس من باب الإمتثال، بل هو مسقط حقيقة لأوامر تلك الأغسال.

____________________

(١) لم نعثر عليه.

(٢) قواعد الأحكام: كتاب الطهارة، الفصل الثاني، ص ٣ ، ص ١٥.

(٣) مشارق الشموس في شرح الدروس: ص ٦١، س ٣١.

٣٥٤

المسألة الثانية

أن تجتمع أغسال مندوبة.

والكلام هنا أيضاً تارة في إجزاء غسل واحد بنيّة الجميع، واخرى في إجزاء غسل واحد بنية بعضها، أما الأوّل فالظاهر كما عن المشهور، هو الإجزاء، وعن ظاهر الإرشاد(١) عدمه، وهو كما عرفت أوفق بالأصل، إلاّ أنّ ظاهر الصحيحة المتقدّمة(٢) يطابق المشهور، واحتمال اختصاص ذلك بما لو كان الأغسال المجتمعة مشتملاً على واجب ضعيف، وإلاّ كان إحتمال الإجزاء في الواجبات أيضاً بما لو كان معها غسل مستحب متطرّقاً، مع أنّ قولهعليه‌السلام : إذا اجتمعت للّه عليك حقوق(٣) عام لجميع الصور.

ودعوى ظهور الحقوق في الواجبات.

مدفوعة بظهور تفرّع الكلّيّة على الكلام السابق، وهو قرينة على أنّ المراد أعمّ، وأمّا الثاني فالظاهر عدم إجزائه عن غيره، كما أنّ الظاهر صحّته، أمّا الأوّل فللأصل، وعدم الدليل الصالح لتخصيصه، عدا إطلاق الصحيحة، وقد عرفت منعه بما لا مزيد عليه.

وقد يستدل للإجزاء: بقولهعليه‌السلام في رواية عثمان بن يزيد إن اغتسل بعد الفجر كفاه غسله الى الليل في كلّ موضع يجب فيه الغسل، ومن اغتسل ليلاً كفاه غسله إلى طلوع الفجر(٤) . وحكي عن جماعة(٥) الاعتناء بدلالتها، وعن بعض(٦)

____________________

(١) إرشاد الأذهان: كتاب الطهارة ج ١، ص ٢٢١.

(٢) وسائل الشيعة: ب أجزاء الغسل الواحد عن الاسباب المتعددة، من أبواب الجنابة، ح ٢، ج ١، ص ٥٢٦.

(٣) وسائل الشيعة: ب أجزاء الغسل الواحد، من ابواب الجنابة، ح ١، ج ١، ص ٥٢٦.

(٤) وسائل الشيعة: ب انه يجري الغسل اول النهار ليومه بل وليلته، من ابواب الاحرام، ح ٤ ج ٩، ص ١٤.

(٥) الحدائق الناضرة: تداخل الأغسال، ج ٢ ، ص ٢٠٢ ، س ٣ وما بعده.

(٦) الحدائق الناضرة: تداخل الأغسال، ج ٢، ص ٢٠٢، س ١ و ٢.

٣٥٥

الإهتمام بسنده، حتى قيل: انّ عثمان بن يزيد مصحّف عمر بن يزيد، بقرينة رواية عذافر عنه.

أقول: إما أن يكون المراد من الغسل مطلقه الشامل للواجب والمستحب، والمجرّد عن قصد خصوصية، أعني الغسل بقصد القربة، ويكون المراد حينئذٍ أنّ من صدر منه غسل يكفيه ذلك الغسل لكلّ مكان يحتاج الغسل لأجل الدخول فيه إلى الليل، ولو كان ذلك الغسل لكلّ مكان يحتاج الغسل لأجل الدخول فيه إلى الليل ولو كان ذلك الغسل لأمر آخر غير الدخول في ذلك المكان، فتدلّ الرواية بإطلاقها على أنّ الغسل واجباً كان أو ندباً يجزئ عن الغسل لأجل المكان، سواء كان المكلّف قاصداً للدخول في ذلك المكان وملتفتاً إلى أنّه يكون الغسل له راجحاً شرعاً، أو لم يكن قاصداً، أو كان قاصداً وغير ملتفت، فتدلّ بضميمة عدم القول بالفصل أنّ المستحب من الأغسال يسقط بمثله وبالواجب، وإن كان الغسل المسقط سابقاً على التكليف ممّا يسقط به، فيكون مدلول الرواية حكمان:

أحدهما: إجزاء كلّ غسل عن الغسل المستحبّ.

والثاني: بقاء أثر الغسل الرافع في أوّل الفجر من حيث الإجزاء عن غسل المكان إلى الليل.

وأمّا أن يكون المراد خصوص الغسل لأجل الدخول في مكان، ويكون المراد أنّ الغسل لأجل الدخول في مكان يترتّب عليه فضيلة الدخول مع الغسل في ذلك المكان إلى الليل، وكذلك إذا كان في الليل إلى الفجر، والظاهر أنّ الرواية في مقام بيان بقاء أثر الغسل الرافع في أوّل الفجر إلى الليل، والرافع في الليل إلى الفجر، وليس فيه إطلاق بالنسبة إلى الغسل المجزي، ويشهد له الفقرة الثانية، كما لا يخفى على المتأمّل.

فحاصل معنى الرواية أنّ الغسل الذي يكفي لأجل الدخول في المكان إذا وقع في أوّل الفجر يبقى أثره إلى الليل، وإن وقع في أوّل الليل يبقى أثره إلى الفجر، فليس لها إرتباط بمسألة التداخل في الأغسال أصلاً وإطالة البيان لغرض التوضيح.

٣٥٦

وإزالة ما يقع في النفس من الشبهة في بدو النظر في الرواية، وأمّا صحّته في نفسه فلإطلاق الأمر المتعلّق به. فتبيّن أنّ التداخل رخصة لا عزيمة.

وهل يكفي بناءً على كفاية الغسل الواحد بنيّة الجميع أن يأتي بغسل واحد بقصد كلّ غسل عليه في الواقع وان لم يعلم به، أو يجب العلم بما يلزم تفصيلا ؟

الأقوى: بناءً على عدم جواز الإحتياط مع التمكّن من العلم التفصيلي هو الأوّل.

المسألة الثالثة

أن تجتمع أغسال بعضها واجب وبعضها مندوب.

والكلام هنا تارة في إجزاء الواجب عن غيره واخرى في العكس.

أمّا الأوّل فالمشهور كما عن جماعة(١) سقوط المستحبّ به إن كان غسل جنابة، وعن غير واحد حكاية الإتّفاق عليه، وهو المحكي عن ظاهر السرائر(٢) .

ويدلّ عليه: مضافاً إلى ذلك، مرسلة جميل المتقدّمة(٣) .

وفحوى ما روي في باب الصوم من كفاية غسل الجمعة لمن نسى غسل الجنابة(٤) ، مع أنّ المقصود من الغسل المندوب ليس إلاّ التنظيف الحاصل بالغسل الواجب.

وقد يناقش في المرسلة بالإرسال، وضعف الدلالة، إذ لعلّ المراد من إغتسال

____________________

(١) منتهى المطلب: كتاب الطهارة ج ١، ص ٩١، س ١.

(٢) السرائر: كتاب الطهارة: ج ١، ص ٢٣ ، س ٨.

(٣) وسائل الشيعة: ب أجزاء الغسل الواحد عن الأسباب المتعددة، من ابواب الجنابة، ح ٢، ج ١، ص ٥٢٦.

(٤) وسائل الشيعة: ب حكم من نسي غسل الجنابة في شهر رمضان، من ابواب الصوم، ح ٢، ج٧ ، ص ١٧٠.

٣٥٧

الجنب اغتساله بنيّة جميع ما عليه من الأغسال، وفي الفحوى بمنع أصله ولو سلّم فهو في حال النسيان، ولعلّنا نقول به في الفرع على تقدير تسليم الاصل، ولعلّه لذلك - مضافاً إلى الأصل، وقولهعليه‌السلام : انّما الأعمال بالنيات(١) ، وقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : لكلّ أمرئ ما نوى -(٢) ، إستشكل المحقّق في المعتبر(٣) ومنع العلامة(٤) والمحقّق الثاني(٥) كما حكي عنهم.

وأمّا الإلتفاقات المحكية فموهونة بخلاف هؤلاء الأجلّة.

ولكنّ الإنصاف: أنّ القول بالإجزاء لا يخلو عن قوّة، لأنّ الإرسال منجبر بالعمل بالرواية، وضعف الدلالة ممنوع، واستقرار الجماعة على الخلاف غير معلوم، فينبغي التأمّل في عبائرهم.

ومن هنا ظهر: عدم إجزاء غير غسل الجنابة من المستحبّ، وأمّا الثاني فيعلم حال إجزائه عن الواجب بالتأمّل فيما ذكرنا، وهل يكون صحيحاً في نفسه، أو تتوقّف صحّته على تقديم الواجب عليه، حتى إذا لم يكن الواجب مسقطاً عنه كغسل الحيض، والمس، لعدم إمكان حصول النظافة ؟ وجهان: أقواهما: الأوّل: لإطلاق الأوامر المتعلّقة بها، وعدم وجود ما يصلح لتقييدها، عدا تخيّل عدم حصول النظافة المقصودة للمحدث، وهو ضعيف، خصوصاً مع ورود(٦) الأمر بغسل الإحرام للحائض، وهو كاشف عن حصول التنظيف له، ولو نوى الواجب والمندوب أجزأ عنهما، لرواية الحقوق(٧) السابقة، بل هو المتيقّن من مدلولها كما عرفت، وحيث

____________________

(١) وسائل الشيعة: ب وجوب النية في العبادات من كتاب الطهارة، ح ١٠ ، ج ١، ص ٣٤ و ٣٥.

(٢) وسائل الشيعة: ب وجوب النية في العبادات من كتاب الطهارة، ح ١٠، ج ١، ص ٣٤ و ٣٥.

(٣) المعتبر: كتاب الطهارة، ص ٩٩، س ٢٠.

(٤) قواعد الاحكام: كتاب الطهارة، ج ١، ص ٣، س ١٥.

(٥) جامع المقاصد: كتاب الطهارة، ج ١، ص ٥، س ١٦.

(٦) وسائل الشيعة: ب وجوب الاحرام على الحائض من ابواب الاحرام، ح ٢، ٣، ٤، ٥، ج ٩، ص ٦٥.

(٧) وسائل الشيعة: ب اجزاء الغسل الواحد، من ابواب الجنابة، ح ١، ج ١، ص ٥٢٦.

٣٥٨

دلّت تلك الرواية وغيرها من الأمارات الاخر: أنّ الأغسال حقائق فهل به تجتمع في مصداق واحد، كان الغسل الواحد المنويّ به غسلان فرداً لعنوانين مختلفين في الحكم في أنفسهما، وكان ذلك الغسل مجمعاً لهما، فهذا الفرد مجمع لجهتين: الوجوب، والاستحباب، وأمّا فعليّة الحكمين فيه فهو غير ممكن، لاجتماع حكمين مختلفين في النوع، أو متّحدين فيه في محلّ واحد غير ممكن، أمّا الأوّل فلتضادّهما بالغرض، وأمّا الثاني فلإمتناع اجتماع المثلين في محلّ واحد.

ومن هنا يشكل الأمر بناءً على اعتبار نيّة الوجه في صحّة العبادة إذا نوى الغسلين معاً.

فعن المختلف: أنّه إن نوى الوجوب عن الجمعة والجنابة لا يجزئ، لأنّه نوى الوجوب عمّا ليس بواجب، وإن نوى الندب لم يرفع غسل الجنابة على وجه، وإن نواهما معاً كان الفعل الواحد قد نوى فيه الوجوب والندب فلا يقع عليهما ولا على أحدهما، لأنّه ترجيح بلا مرجّح انتهى(١) . ينبغي أوّلاً توضيح الإشكال، ثمّ التصدّي للجواب بما يقتضيه الحال.

فنقول: إذا اجتمع عنوانان: أحدهما واجب والآخر مندوب في مصداق واحد، فلا ريب أنّ ذلك المصداق الواحد لا يكون واجباً ومندوباً، وحينئذٍ فإمّا أن نقول: إنّ ذلك الفرد ليخرج عن العنوانين، لأنّ المقتضي للدخول في كلّ واحد موجود، ولا ترجيح لأحدهما على الآخر، أو نقول: إنّه متّصف بالوجوب، لأنّ الجهة المانعة عن النقيض لا تزاحمه الجهة الغير المانعة، لأنّ ما لا يقضي المنع لا يزاحم ما يقتضي المنع.

نعم لو كان جهة الاستحباب مقتضية للإذن في الترك لا من حيث نفس عنوان المأمور به، بل كان كذلك حتى بالنسبة إلى الطوارئ اللاحقة للمأمور به من العناوين المتحّدة معه مصداقاً في بعض الأحيان، تعارضت الجهتان، وكون النتيجة.

____________________

(١) مختلف الشيعة: في الأول في أقسام الغسل، ج ١، ص ٢٩، س ١٨.

٣٥٩

حينئذٍ أيضاً خروج ذلك المصداق عن الوجوب والاستحباب، فيه إشكال بل منع، ولعلّه يأتي إن شاء اللّه تعالى بيانه.

إذا عرفت ذلك فنقول: مقتضى الوجه الأوّل أنّ الغسل بقصد الجمعة والجنابة سواء قصد الوجوب، أو الندب، أو أحدهما خاصة، لا يكون مجزياً عن شيء منهما، أمّا اذا نوى الوجهين فظاهر، لأنّ وقوعه على أحدهما ترجيح بلا مرجّح، وعليهما غير ممكن، وأمّا إذا نوى أحدهما، فعدم وقوع ما لم ينو وجهه ظاهر، لأنّه لم يأت بتمام ما يعتبر في سقوط الأمر، وأمّا ما نواه فلأنّه خارج عن مورد الأمر المتعلّق به، إذ الفرض أنّه تعارض الجهتان فخرج المورد عن الحكمين. ويمكن أن يكون مرجع كلام العلاّمة في المختلف إلى ذلك.

ومقتضى الوجه الثاني أنّه إذا نوى الوجوب خاصّة، يقع ما كان الوجوب جهته، وأمّا ما كان جهته الاستحباب فلا يقع، لأنّ قصد الوجوب في الفرد لا يجامع قصد إمتثال الأمر الندبي.

والحاصل: أنّ الإتيان بمصداق العنوانين لكونه واجباً لا يجامع قصد موافقة الأمر الندبي به، وإذا نوى الوجوب والندب فلا يقع إمتثال الأمر الندبي به، لأنّه لا يتّصف بالندب فلا يقع امتثالاً له، وأمّا الأمر(١) .

____________________

(١) هنا سقط في العبارة في نسخة الكلباسي إلى آخر البحث.

٣٦٠

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604