كتاب الخراجيات

كتاب الخراجيات0%

كتاب الخراجيات مؤلف:
تصنيف: فقه استدلالي
الصفحات: 232

كتاب الخراجيات

مؤلف: المحقق الثاني والمحقق الاردبيلي والفاضل القطيفي والفاضل الشيباني
تصنيف:

الصفحات: 232
المشاهدات: 18272
تحميل: 4566

توضيحات:

كتاب الخراجيات
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 232 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 18272 / تحميل: 4566
الحجم الحجم الحجم
كتاب الخراجيات

كتاب الخراجيات

مؤلف:
العربية

كتاب الخراجيات

المحقق الثاني والمحقق الاردبيلي

والفاضل القطيفي والفاضل الشيباني

١

هذا الكتاب

نشر إليكترونياً وأخرج فنِّياً برعاية وإشراف

شبكة الإمامين الحسنينعليهما‌السلام للتراث والفكر الإسلامي

بانتظار أن يوفقنا الله تعالى لتصحيح نصه وتقديمه بصورة أفضل في فرصة أخرى قريبة إنشاء الله تعالى.

٢

كتاب الخراجيات

تأليف:

المحقق الثاني والمحقق الاردبيلي والفاضل القطيفي والفاضل الشيباني

قاطعةُ اللجاج في تحقيقِ حلِ الخراج

تأليف

الشيخ علي بن الحسين بن عبد العالي الكَركي

"المحقّق الثاني"

٣

[ تمهيد المؤلف ]

بسم اللّه الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي ايّد كلمة الحقّ بالبراهين القاطعة، واعلى كلمة الصدق بالحجج اللامعة، ودرج أباطيل المفترين بالدلائل الدامغة، وأذلّ أعناق المغالطين بالبينّات القامعة، والصلاة والسلام على المبعوث بخير الأديان محمد المختار من شجرة بني عدنان، وعلى آله الأطهار المهتدين، وعترته الاخيار الحفظة للدين.

وبعدُ:

فإنّي لمّا توالى على سَمعي تصّدى جماعة من المتسمّين بسمة الصلاح، وثلّة من غوغاء الهمج الرعاع، أتباع كلّ ناعق الذين أخذوا من الجهالة بحظٍّ وافر، واستولى عليهم الشيطان فحلّ منهم في سويداء الخاطر لتقريض العرض وتمزيق الأديم، والقدح بمخالفة الشرع الكريم، والخروج عن سواء النهج القويم، - حيث انّا لمّا لزمنا الإقامة ببلاد العراق، وتعذر علينا الانتشار في الآفاق للأسباب ليس هذا محل ذكرها - لم نجد بُدّاً من التعلّق بالقرية لدفع الاُمور الضروريّة من لوازم متمّمات المعيشة، مقتفين في ذلك أثر جمع كثير من العلماء وجمّ غفير من الكبراء الأتقياء، اعتماداً على ما ثبت بطرقٍ من اهل البيت -عليهم‌السلام - من أنّ أرض العراق ونحوها - مما فتح عنوة بالسيف - لايملكها مالك مخصوص، بل هي للمسلمينَ قاطبة يؤخذ منها الخراج والمقاسمة، ويُصرف

في مصارفه التي بها رواج الدين، بأمر إمام الحقّ من اهل البيت -عليهم‌السلام -، كما وقع في ايام امير المؤمنين -عليه‌السلام -.

٤

وفي حال غيبته -عليه‌السلام - قد أذن أئمتنا -عليهم‌السلام - لشيعتهم في تناول ذلك من سلاطين الجور، كما سنذكره مفصلاً. فلذا تداوله العلماء الماضون والسلف الصالحون غير مستنكر ولا مستهجَن.

وفي زماننا - حيث استولى الجهل على أكثر أهل العصر، واندرس بينهم معظم الأحكام، واخفيت مواضع الحلال والحرام - هدرت شقاشق الجاهلين، وكثرت جرأتهم على اهل الدين، استخرت اللّه تعالى، وكتبتُ في تحقيق هذه المسألة " رسالة " ضمّنتُها ما نقله فقهاؤنا في ذلك من الأخبار عن الأئمة الأطهار -عليه‌السلام -، وأودعتها ما صّرحوا به في كتبهم من الفتوى: " بأن ذلك حلال لاشكّ فيه، وطلق لاشبهة تعتريه "، على وجه بديع، تذعن له قلوب العلماء، ولا تمجه أسماع الفضلاء. واعتمدت - في ذلك - أن ابُينّ في هذه المسألة التي أفَلَ بدرها وجُهل قدرُها، غيرةً على عقائل المسائل، لاحرصاً على حطام هذا العاجل، ولا تفاديا من تعريض جاهل، فإن لنا بموالينا أهل البيت -عليهم‌السلام - أعظم اسُوة وأكمل قدوة، فقد قال الناس فيهم الأقاويل، ونسبوا إليهم الأباطيل، وبملاحظة " لوكان المؤمن في جحر ضب يبرد كلّ غليل " مع أني لن أقتصر - فيما أشرت اليه - على مجرّد مانبهت عليه. بل أضفت إلى ذلك من الاسباب التي تثمر الملك وتفيد الحلّ ، مالا يشوبه شكّ، ولا يلحقه لبس من شراء حصة من الأشجار، والاختصاص بمقدار معين من البذر. فقد ذكر أصحابنا طُرقاً للتخلّص من الربا، واسقاط الشفعة ونحوها مما هو مشهور متداول، بل لا ينفك منها إلا القليل النادر. وقد استقرّ في النفوس قبوله وعدم النفرة منه، مع أنّ ما اعتمدته في ذلك: أولى بالبعد عن الشبهة، وأحرى بسلوك جادة الشريعة.

ولم اُورع في - هذه الرسالة من الفتوى إلاّ ما اعتقدت صحّته، وأقدمت على

لقاء اللّه تعالى به، مع علمي بأنّ مَن خلا قلبه من الهوى، وبصّر بصيرته من الغوى، وراقَبَ اللّه تعالى في سريرته و علانيته، لايجد بُداً من الاعتراف به، والحكم بصحته.

وسمّيتها: قاطعة اللجاج في تحقيق حلّ الخراج، ورتّبتها على مقدمات خمس، ومقالة، وخاتمة. وسألتُ اللّه تعالى أن يلهمني إصابة الحق، ويجنّبني القول بالهوى، إنّه ولي ذلك، والقادر عليه.

٥

المقدمة الاولى في أقسام الأرضين

وهى في الأصل على قسمين:

أحدهما:

أرض بلاد الاسلام، وهي على قسمين أيضاً: عامر وموات، فالعامر: ملك لأهله لايجوز التصرّف فيه إلا بإذن مُلاكه. والموات: إن لم يجر عليه ملك مسلم فهو لإمام المسلمين يفعل به ما يَشاء، وليس هذا القسم من محلّ البحث المقصود.

القسم الثاني:

ماليس كذلك، وهوعلى أربعة أقسام:

أحدها: مايملك بالاستغنام ويؤخذ قهراً بالسيف، وهو المسمّى بـ(المفتوح عنوةً).

وهذه الأرض للمسلمين قاطِبةً لايختصّ بها المقاتلة عند أصحابنا كافةَ، خلافاً لبعض العامّة(١) ، ولايفضّلُون فيها على غيرهم، ولايتخيّر الإمام بين قسمتها ووقفها وتقرير أهلها عليها بالخراج، بل يقبلها الإمامعليه‌السلام لمن

____________________

(١) للعامة جملة أقوال:

أحدها: تقسيم الأرض على الغانمين فحسب.

والثاني: تصبح فيئاً للمسلمين دون الغانمين.

والثالث: تخيير الإمام بين قسمتها على الغانمين أوالمسلمين.

كما اختلفوا في تقسيمها بين الغانمين أو وقفها... الخ. انظر تفصيلات ذلك في موسوعة الخراج كتاب: الاستخراج لابن رجب الحنبلي، دار المعرفة بيروت.

٦

يقوم بعمارتها بما يراه من النصف أوالثُلث اوغير ذالك. وعلى المتقبّل إخراج مال القبالة الذي هوحقّ الرقبة. وفيما يفضل في يده - اذا كان نصاباً - أما العشرأو نصف العشر.

ولا يصحّ التصرّف في هذه الأرض بالبيع والشراء والوقف وغير ذلك.

وللإمامعليه‌السلام أن ينقلها من متقبّلٍ الى آخر، أذا انقضت مدّة القبالة أواقتضت المصلحة ذالك. وله التصرف فيها بحسب مايراه الإمامعليه‌السلام من المصلحة للمسلمين.

وانتفاع الأرض يُصرف إلى المسلمين وإلى مصالحهم، وليسَ للمقاتلة فيه الا مثل مالغيرهم من النصيب في الارتفاع.

وثانيها: أرض مَن أسلم اهلها عليها طوعاً من غير قتال.

وحكمها أن تترك في ايديهم ملكاً لهم يتصرفون فيها بالبيع والشراء والوقف وسائر انواع التصرّف، إذا قاموا بعمارتها. ويؤخذ منهم العشر أو نصفه زكاةً بالشرائط.

فان تركوا عمارتها اوتركوها خراباً كانت للمسلمين قاطِبة، وجاز للإمامعليه‌السلام ان يقبّلها ممّن يعمّرها بما يراه من النصف أوالثلث أوالربع ونحو ذالك.

وعلى المتقبّل - بعد إخراج حق القبالة، ومؤونة الأرض، مع وجه النصاب - العشر أو نصفه. وللإمامعليه‌السلام أن يعطي اربابها حقّ الرقبة من القبالة، على المشهور.

أفتى به الشيخرحمه‌الله في المبسوط(١) والنهاية(٢) ، وأبو الصلاح(٣) وهو الظاهر

____________________

(١) انظر: حقل الزكاة، ص٢٣٤،٢٣٥ /ج١/المكتبة الرضوية.

(٢) انظر: حقل الزكاة، /ص٢٠١-٢٠٢/ج١/الطبعة المترجمة.

(٣) نقلاً عن المختلف /حقل الزكاة /ص٢٣٢.

٧

من عبارة المحقق نجم الدين في الشرائع(١) ، واختاره العلّامة في المنتهى(٢) والتذكرة(٣) والتحرير(٤) .

وابن حمزة(٥) وابن البرّاج ذهبا إلى أنّها تصير للمسلمين قاطبة وأمرها إلى الإمامعليه‌السلام . وكلام شيخنا في الدروس(٦) قريب من كلامهما فإنه قال: " يقبلها الإمامعليه‌السلام بما يراه ويصرفه في مصالح المسلمين ".

وابن ادريس(٧) منع من ذلك كلّه، وقال: " إنّها باقية على ملك الاول، ولايجوز التصرف فيها إلابإذنه ". وهو متروك.

احتج الشيخ بما رواه صفوان بن يحيى، وأحمد بن محمد بن أبي نصر(٨) ، قال: " ذكرنا له الكوفة وما وضع عليها من الخراج وما سار فيها اهل بيته، فقال: من أسلم طوعا تركت أرضه في يده واخذ منه العشر مما سقت السماء والأنهار، ونصف العشر ممّا كان بالرُشا فيما عمروه منها، ومالم يعمروه منها أخذه الإمامعليه‌السلام فقبله ممن يعمّره، وكان للمسلمين، وعلى المتقبّلين في حصصهم العشر أو نصف العشر "(٩) .

وفي الصحيح عن احمد بن محمد بن أبى نصر، قال: " ذكرتُ لأبي الحسن الرضاعليه‌السلام الخراج وما سار به أهل بيته، فقال: العشر ونصف العشر على من أسلم تطوّعاً تركت أرضه في يده، واُخذ منه العشر أو نصف العشر فيها عمّر منها، وما لم يعمر أخذه الوالى فقبّله ممن يعمره وكان للمسلمين، وليس

____________________

(١) انظر: حقل الجهاد /ص٣٢٢/ج١.

(٢) انظر: حقل الجهاد /ص٩٣٥/ج٢.

(٣) انظر: حقل الجهاد /ص٤٢٧/ج١.

(٤) انظر: حقل الجهاد /ص١٤٢.

(٥) انظر " الوسيلة " /حقل الجهاد /ص٧١٧/ " الجوامع الفقهية ".

(٦) نقلاً عن " المختلف " /ص٣٣٢.

(٧) انظر: حقل الجهاد/ص١٦٣ /منشورات صادقي.

(٨) انظر: " السرائر " حقل: احكام الأرضين ص١١٠.

(٩) التهذيب/حقل الخراج/ص١١٨-١١٩/ج ٤/منشورات دار الكتب الاسلامية/ح٣٤١.

٨

فيما كان أقلّ من خمسة أوساق شيء. وما اُخذ بالسيق فذلك للإمامعليه‌السلام يقبله بالذي يرى كما صنع رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بخيبر "(١) .

واعترض في المختلف(٢) - بأنّ السؤال وقع عن أرض الخراج ولانزاع فيه، بل النزاع في أرض من أسلم أهلها عليها. ثم أجاب بـ: أن الجواب وقع أولاً عن أرض من أسلم أهلها عليها، ثم إنّهعليه‌السلام أجاب عن أرض العنوة.

اذا عرفت ذلك فاعلم: أنّ العلّامة في المختلف احتج بهاتين الروايتين على مختار الشيخ والجماعة، وهما في الدلالة على مُختار ابن حمزة وابن البرّاج أظهر.

ثم احتجّ لهما برواية(٣) لا تدل على مطلوبها(٤) بل ولا تلتئم مع مقالتهما، وليس لنا في بيان ذلك كثير فائدة. نعم، بمقتضى الروايتين: المتجّة ماذهبا إليه.

وثالثها: أرض الصلح، وهى: كلّ أرض صالح أهلها عليها.

وهى أرض الجزية، فيلزمهم ما يصالحهم الإمام -عليه‌السلام - عليه من

____________________________

(١) التهذيب/حقل الخراج / ص١١٩/ ص٢٤٢ ج٤.

(٢) انظر: حقل الجهاد/ص٢٢٢.

(٣) وهي رواية معاوية بن عمار: " سمعت ابا عبداللّه -عليه‌السلام - يقول: أيما رجل أتى خربة فاستخرجها وكرى أنهارها وعمرها، فإن عليه فيها الصدقة، فإن كانت أرضاً لرجل قبّله فغاب عنها وتركها وأخربها ثم جاء بعد يطلبها، فإن الأرض للّه... ".

(٤) يبدو أنّ كلاً من العلّامة وناقده " المؤلف " وقع في نفس التشوّش الذي طبع منهجهما الاستدلالي.

فالمؤلف أحتجّ للطوسي بنفس الروايتين اللتين احتج العلّامة بهما لوجهة نظره ووجهة نظر الطوسي وأبي الصلاح، فيما ذهبوا جميعاً الى أن الأرض التي اسلم اهلها عليه طوعاً: إذا تركوا عمارتها يقبلها الإمام مَن يعمرها ويعطى صاحبها طسقها في حين أن الروايتين لم تتغرّضا للطسق الذي يمنحه الإمام لصاحب الأرض التي تركها.

علماً بأن ثمة رواية ثالثة استشهد بها العلّامة رداً على مختاري ابن حمزة وابن البراج، جاء فيها " قلت: فان كان يعرف صاحبها؟ قال فليؤد إليه حقّه "، فيما يمكن ان تشكل مستنداً لوجهة النظر القائلة بالطسق، مع ملاحظة أن الاجابة كانت مطلقة، تتحدث عن الرجل الذي يواجه أرضاً خربة ذات مالك، دون أن تتحدث عن القبالة أونمط المالك، ولكنها قد تصلح قيداً للنصوص المطلقة التي تنفي أحقية المُحيي الأول، بغض النظر عن سببية إحيائه: بأن كانت ممن أسلم أهلها عليها طوعاً وتركها، أوتملكها بأخذ أسباب الملك من بيع أو إرث أوهبة.

٩

نصفٍ أو ثلث أو ربع أو غير ذلك، وليس عليهم شيء سواه.

فإذا أسلم أربابها، كان حكم أرضهم حكم أرض من أسلم طوعاً ابتداءً، ويسقط عنهم الصلح لأنّه جزيه.

ويصح لأربابها التصرّف فيها بالبيع والشراء والهبة وغيرذلك.

وللإمام -عليه‌السلام - أن يزيد وينقص ما يصالحهم عليه بعد انقضاء مدة الصلح حسب ما يراه من زيادة الجزية ونقصانها.

ولو باعها المالك من مسلم: صحّ، وانتقل ماعليها الى رقبة البائع وهذا اذا صولحوا على أنّ الأرض لهم.

أما لوصولحوا على أن الأرض للمسلمين وعلى اعناقهم الجزية كان حكمها حكم الأرض المفتوحة عنوة، عامرها للمسلمين ومواتها للإمام -عليه‌السلام -

ورابعها:

أرض الانفال، وهي: كل أرض انجلى اهلها عنها وتركوها، أوكانت مواتا لغيرمالك فاحييت، أوكانت آجام وغيرها مما لايزرع فاستحدثت مزارع، فإنها للإمام -عليه‌السلام - خاصة لانصيب لأحد معه فيها، وله التصرف فيها بالبيع والشراء والهبة والقبض، حسب مايراه، وكان له أن يقبلها بما يراه من نصف أوثلث أوربع ويجوز له نزعها من يد متقبلها إذا انقضت مدة القباله، إلا ما اُحييت بعد موتها، فأن من احياها أولى بالتصرف فيها إذا تقبلها بما يتقبلها غيره، فإن ابى كان للإمام نزعها من يده وتقبيلها لمن يراه، وعلى المتقبل بعدإخرج مال القبالة - فيما يحصل: العشر أو نصفه.

١٠

مسائل

الاُولى: تقسيم الأرضين إلى هذه الأقسام الأربعة بعينه موجود في كلام

الشيخ في المبسوط والنهاية، بل تكاد عبارته تطابق العبارة المذكورة هنا. والظاهر أنه لاخلاف بين الأصحاب في ذلك. فقد ذكره كذلك جماعة من المتأخرين كابن ادريس، والمحقق ابن سعيد، والعلّامة في مطوّلاته " كالمنتهى " و " التذكرة "، ومتوسطاته " كالتحرير "، ومختصراته " كالقواعد " و " الارشاد " وكذا شيخنا الشهيد في " الدروس ".

الثانية: قال الشيخ(١) : " كل موضع أوجَبْنا فيه العشر أو نصف العشر من أقسام الأرضين إذا أخرج الإنسان مؤونته ومؤونة عياله لسنته - وجب عليه فيما بقي بعد ذلك الخمس لأهله " وهو متجه.

الثالثة: مايُؤخذ من هذه الأراضي: إما مقاسمة بالحصّة، اوضريبة تسمي (الخراج)، يُصرف لمن له رقبة تلك الأرض.

فما كان من المفتوح عنوة فمصرفه للمسلمين قاطبةً. وكذا مايَؤخذ من أرض الصلح أعني " الجزية ".

وما يُؤخذ ممّا أسلم أهلها عليها إذا تركوا عمارتها: على ماسبق(٢) .

وما كان من أرض الأنفال: فهو للإمام -عليه‌السلام - وسيأتي تفضيل بعض ذلك في موضعه إن شاء اللّه تعالى.

____________________

(١) انظر: المبسوط /حقل الزكاة /ص٢٢٦/ج١.

(٢) أي: للإمام أن يقبلها شخصاً آخر، ولكن على أن يعطي أربابها حق الرقبة.

١١

المقدمة الثانية في حكم المفتوح عنوة

أعني المأخوذ بالسيف قهراً لأن فيه معني الإذلال، ومنه قوله تعالى: " وعَنَتِ الوجوهُ للحي القيّوم " أي: ذلّت.

وفيه مسائل

الأولى: قد قدّمنا أن هذه الأرض للمسلمين قاطبةً، لايختص بها المقاتلة، لكن إذا كانت محياة وقت الفتح. ولا يصح بيعها - والحالة هذه - ولا وقفها ولا هبتها، بل يصرف الإمام -عليه‌السلام - حاصلها في مصالح المسلمين مثل: سدّ الثغور ومعونة الغزاة وبناء القناطر، ويخرج منها أرزاق القضاة والولاة وصاحب الديون وغير ذلك من مصالح المسلمين.

ذهب الى ذلك أصحابنا كافة.

قال الشيخ في " المبسوط "(١) عندما ذكر هذا القسم من الأرضين:

" ويكون للإمام النظر فيها وتقبيلها وتضمنها بماشاء، ويأخذ ارتفاعها ويصرفه في مصالح المسلمين وماينوبهم: من سد الثغور ومعونة المجاهدين وبناء القناطر وغير ذلك من مصالح المسلمين، وليس للغانمين في هذه الأرض خصوصاً شيء، بل هم والمسلمون سواء، ولايصحّ بيع شيء من هذه الأرضين ولا هبته ولامعاوضته ولا تمليكه ولا وقفه ولا رهنه ولا إجارته ولا إرثه. ولايصح

____________________

(١) انظر: المبسوط/حقل الجهاد/ص٣٤ /ج٢.

١٢

أن يبني دوراً ولا منازل ولا مساجد و سقايات، ولا غير ذلك من أنواع التصرّف الذي يتبع الملك. ومتى فعل شيئاً من ذلك كان التصرّف باطلاً، وهو باقٍ على الأصل ".

هذا كلامه -رحمه‌الله - بحروفه. وكلامه في النهاية قريبٌ من ذلك، وكذا كلام ابن ادريس في السرائر.

والذي وقفنا عليه من كلام المتأخرين عن زمان الشيخ -رحمه‌الله - غير مخالف لشيء من ذلك. فهذا العلّامة في كتابه منتهى المطلب وتذكرة الفقهاء والتحرير مصرح بذلك.

قال في " المنتهى "(١) : " قد بيّنا أنّ الأرض المأخوذة عنوة لايختصّ بها الغانمون بل هي للمسلمين قاطبة إن كانت محياة وقت الفتح، ولايصح بيعها ولا هبتها ولا وقفها، بل يصرف الإمام حاصلها في المصالح مثل: سد الثغور ومعونة الغزاة وبناء القناطر، و يخرج منها أرزاق القضاة والولاة وصاحب الدين وغير ذلك من مصالح المسلمين ".

وقد تكرّر في كلامه نحو هذا: قبلُ وبعدُ، وكذا قال في التذكرة والتحرير، فلاحاجة إلى التطويل بايراد عبارته فيهما.

وقد روى الشيخ في التهذيب عن حمّاد بن عيسى، قال:

" رواه بعض أصحابنا عن العبد الصالح أبي الحسن الأول -عليه‌السلام - في حديث طويل، أخذنا منه موضع الحاجة قال: " وليس لمن قاتل شيء من الأرضين وما غلبوا عليه إلا ما احتوى العسكر ". إلى أن قال:

" والأرض التي اُخذت عنوةً بِخَيلٍ وركاب فهي موقوفة متروكة في يدي من يعمّرها ويحييها، ويقوم عليها على صلح ما يصالحهم الوالي على قدر طاقتهم من

____________________

(١) انظر: حقل الجهاد /ص٩٢٦.

١٣

الخراج: النصف أو الثلث أو الثلثان، وعلى قدر ما يكون لهم صالحاً ولايضرّ بهم، فإذا خرج منها نماءٌ بداءً، فأخرج منه العشر من الجميع مما سقت السماء او سقي سيحاً، و نصف العشر مما سُقي بالدوالي والنواضح، فأخذه الوالي فوجّهه في الوجه الذي وجهه اللّه تعالى له " إلى أن قال: " ويؤخذ بعدُ ما بقي من العشر، فيقسّم بين الوالي و بين شركائه الذين هم عّمال الأرض واكرتها، فيدفع إليهم أنصباءهم على قدر ما صالحهم عليه، ويأخذ الباقي، فيكون ذلك ارزاق أعوانه على دين اللّه، وفي مصلحة ما ينوبه من تقوية الإسلام وتقوية الدين في وجوه الجهاد وغير ذلك مما فيه مصلحة العامة، ليس لنفسه من ذلك قليل ولاكثير. وله بعد الخمس الأنفال.

والأنفال: كل أرض خربة قد باد اهلها، وكل أرض لم يوجف عليها بخيلٍ ولاركاب، ولكن صولحوا عليها وأعطوا بايديهم من غير قتال. وله رؤوس الجبال، وبطون الأودية، والآجام، وكل أرض ميتة لا ربّ لها. وله صوافي الملوك مما كان في أيديهم من غير وجه الغصب، لأن الغصب كله مردود. و هو وارث من لا وارث له "(١) الحديث بتمامه.

وهذا الحديث - وإن كان من المراسيل - إلّا أن الأصحاب تلقّوه بالقبول، ولم نجد له راداً، وقد عملوا بمضمونه. واحتجّ به - على ما تضمّن من مسائل هذا الباب - العلّامة في المنتهى وماهذا شأنه فهو حجّة بين الأصحاب، فإن ما فيه من الضعف ينجبر بهذا القدر من الشهرة.

بقي شيء واحد وهو: أنه تضمن وجوب الزكاة قبل حق الأرض، وبعد ذلك يؤخذ حق الأرض. والمشهور بين الأصحاب أنّ الزكاة بعد المؤن. نعم، هو قول الشيخ -رحمه‌الله -.

____________________

(١) انظر: حقل الخمس من التهذيب، ص١٢٨-١٣٠/ج٤/ح٣٦٦.

١٤

وروي الشيخ في الصحيح عن أحمد بن محمد بن ابي نصرعن أبي الحسن الرضا -عليه‌السلام - قال:

" ما اُخذ بالسيف فذلك للإمام -عليه‌السلام - يقبله بالذي يرى، كما صنع رسول اللّه -صلى‌الله‌عليه‌وآله - بخيبر، قبل أرضها ونخلها، والناس يقولون لاتصحّ قبالة الأرض والنخل، اذا كان البياض أكثر من السواد، وقد قبل رسول اللّه -صلى‌الله‌عليه‌وآله - خيبر(١) .

وفي معناه: مارواه أيضاً مقطوعاً عن صفوان بن يحي وأحمد بن أبي نصر(٢) .

الثانية: موات هذه الأرض - أعني المفتوحة عنوة - وهو ماكان في وقت الفتح مواتاً للإمام -عليه‌السلام - خاصة(٣) لايجوز لأحد إحياؤه إلا باذنه إن كان ظاهراً. ولو تصرّف فيها متصرف بغير إذنه كان عليه طسقها. وحالة الغيبة: يملكها المحيي من غير إذن.

ويرشد إلى بعض هذه الاحكام ما أوردناه في الحديث السابق عن أبي الحسن الأول -عليه‌السلام -(٤) . وأدل منه مارواه الشيخ في الصحيح عن عمربن يزيد: " أنه سمع رجلاً يسأل الصادق -عليه‌السلام - عن رجل أخذ أرضاً مواتا تركها أهلها فعمّرها وأكرى أنهارها وبَنى فيها بيوتاً وغرس فيها نخلاً وشجراً، قال: فقال أبو عبداللّه -عليه‌السلام - : " كان أمير المؤمنين -عليه‌السلام - يقول: من أحيا أرضاً من المؤمنين فهي له وعليه طسقها يؤديه إلى الإمام من أهل بيتي، فإذا ظهر القائم -عليه‌السلام - فليوطّن نفسه على أن تؤخذ منه "(٥) .

____________________

(١) التهذيب: حقل الخراج/ص١١٩/ج٤/ح٣٤٢.

(٢) نفس المصدر/ص١١٨/١١٩/ح٣٤١.

(٣) بصفة انها من "الأنفال" فتخرج عن عموم الأرض المفتوحة عنوة.

(٤) مثل قوله -عليه‌السلام - (وله: بعد الخمس الأنفال: والأنفال: كل أرض خربة باد أهلها) و(كل أرض ميتّة لاربّ لها) وانظر ص٤٧ من هذا الكتاب.

(٥) التهذيب/ حقل الزيادات من الانفال/ص١٤٥/ج٤/ح٤٠٤.

١٥

وروى الشيخ عن محمد بن مسلم قال: " سألت ابا عبداللّه -عليه‌السلام - عن الشراء من أرض اليهود والنصارى، فقال: ليس به بأس " إلى أن قال: " وأيّ قوم احيوا شيئاً من الأرض وعمروها فهم احق بها وهي لهم "(١) .

الثالثة: قال الشيخ في النهاية والمبسوط، وكافة الأصحاب: لايجوز بيع هذه ولاهبتها ولاوقفها - كما حكيناه سابقاً - عنهم لأنها أرض المسلمين قاطبةً، فلا يختص بها أحد على وجه التملك لرقبة الأرض، إنما يجوز له التصرف فيها، ويؤدي حق القبالة إلى الإمام -عليه‌السلام -، ويخرج الزكاة مع اجتماع الشرائط. فإذا تصرف فيها أحدٌ بالبناء والغرس صح بيعها، على معنى: أنه يبيع ماله من الآثار وحق الاختصاص بالتصرف لا الرقبة ذاتها لأنها ملك المسلمين قاطبة.

روى الشيخ عن صفوان بن يحيى عن أبي بُردة بن رجاء، قال:

" قلت لأبي عبداللّه -عليه‌السلام -: كيف ترى في شراء أرض الخراج؟ قال: ومن يبيع ذلك وهي أرض للمسلمين؟! قال: قلت: يبيعها الذي هي في يديه؟ قال: ويصنع بخراج المسلمين ماذا؟ ثم قال: لابأس، يشتري حقّه منها ويحوّل حق المسلمين عليه، ولعله يكون أقوى عليها وأملك بخراجها منه "(٢) .

وهذا صريح في جواز بيع حقّه، اعني آثار التصرف، ومنع بيع رقبة الأرض. ولانعرف احداً من الأصحاب يخالف مضمون الحديث.

وعن محمد بن مسلم قال: " سألت أبا عبداللّه -عليه‌السلام - عن الشراء من أرض اليهود والنصارى، فقال: ليس به بأس، قد ظهر رسول اللّه -صلى‌الله‌عليه‌وآله - على أهل خيبر، فَخارجهم على أن يترك الأرضَ بايديهم يعملونها ويعمرونها فلا أرى به بأساً لوأنك اشتريت منها "(٣) الحديث.

وهذا يُراد به ما اريد بالأول من بيع حقه منها، إذ قد صرّح أولاً بأنها ليست

____________________

(١) التهذيب/حقل الأنفال/ص١٤٦/ج٤/ح٤٠٧.

(٢) نفس المصدر/ح٤٠٦.

(٣) نفس المصدر/ح٤٠٧.

١٦

ملكاً لهم، وإنما خارجهم النبي -صلى‌الله‌عليه‌وآله - فكيف يتصور منهم بيع الرقبة والحالة هذه؟

وقريب من ذلك ماروى حسناً عن حريز عن أبي عبداللّه -عليه‌السلام - قال:

" سمعته يقول رُفع إلى أمير المؤمنين -عليه‌السلام -: رجلُ مسلم اشترى أرضاً من أراضي الخراج، فقال أمير المؤمنين -عليه‌السلام -: له مالنا، وعليه ما علينا، مسلماً او كافراً، له ما لأهل اللّه وعليه ما عليهم ".(١)

وهذا - في الدلالة - كالأوّل.

وعن حريز عن محمد بن مسلم وعمر بن حنظلة عن أبي عبداللّه -عليه‌السلام - قال:

" سألته عن ذلك، فقال: لابأس بشرائها، فإنها إذا كانت بمنزلة ما في ايديهم يؤدى عنها "(٢) .

وأولى من ذلك ما رواه محمد الحلبي في الصحيح عن أبي عبداللّه -عليه‌السلام - وقد سأله عن السواد ما منزلته؟ فقال:

" هو لجميع المسلمين لمن هو اليوم ولمن يدخل في الإسلام بعد اليوم ولم يُخلَق بَعد.

فقلنا: الشراء من الدهاقين؟ قال: لايصلح إلا أن يشتري منهم على أن يصيّرها للمسلمين، فإن شاء وليّ الأمر أن يأخذها أخذها. قلنا: فإن أخذها منه؟ قال: يرد إليه رأس ماله، وله ما أكل من علتها بما عمل "(٣) .

وفي التذكرة رواه هكذا، قال: (يود) بالواو بدل الراء من الوداء مجزوماً

____________________

(١) التهذيب: ج٤/ص١٤٧ح٤١١.

(٢) نفس المصدر/ص١٤٧/ح٤٠٨.

(٣) نفس المصدر، حقل: في أحكام الأرضين/ص١٤٧/ج٧/ح٦٥٢.

١٧

لأنهُ أمر للغائب محذوف اللام. وما أوردناه أولى.

فان قلت: إذا جوّزتم البيع ونحوه تبعاً لآثار التصرّف، فكيف يجوز لوليّ الأمر أخذها من المشتري، وكيف يردّ رأس ماله، مع أنّه قد أخذ عوضه، أعني تلك الآثار؟

قلتُ: لاريب أنّ وليّ الأمر له أن ينتزع أرض الخراج من يد متقبّلها إذا انقضت مدّة القبالة وإن كان له بها شيء من الآثار فانتزاعها من يدي المشتري أولى بالجواز، وحينئذٍ فله الرجوع برأس ماله لئلا يفوت الثمن والمثمن. لكنّ الذي يردّ الثمن يحتمل أن يكون هو الإمام -عليه‌السلام - لانتزاعه ذلك، ويحتمل أن يكون البائع، لمافي الردّ من الإشعار بسبق الآخذ. وقوله " وله ما أكل " أنّه يريد به المشتري.

وفى معنى هذه الأخبار أخبار اُخر كثيرة، أعرضنا عنها ايثاراً للاختصار.

تنبيهات

الأوّل: قد عرفت أن المفتوحة عنوة لا يصحّ بيع شيء منها ولا وقفه ولاهبته.

قال في المبسوط: " ولايصحّ أن يبني دوراً ولا منازل ولا مساجد وسقايات ولا غير ذلك من أنواع التصرّف الذيي يتبع الملك، ومتى فعل شيئاً من ذلك كان التصرّف باطلاً، وهو باقٍ على الأصل ".

وقد حكينا عبارته قبل ذلك.

وقال ابن إدريس(١) :

" فإن قيل: لما نراكم تبيعون وتشترون وتقفون أرض العراق وقد اُخذت عنوة؟ قلنا: انما نبيع ونقف تصرّفنا فيه وتحجيرنا وبناءنا، فأما نفس الأرض فلا يجوز ذلك فيها ".

____________________

(١) انظر: السرائر/ص١١١.

١٨

قال العلّامة في المختلف(١) بعد حكاية ذلك عن ابن إدريس هذا، وهو يشعر بجواز البناء والتصرّف، قال:

" وهو أقرب ".

قلت: هذا واضح لاغبار عليه. يدل عليه ما تقدم من قول الصادق -عليه‌السلام - " اشتر حقّه منها " ، وأنه أثر محترم مملوك لم يخرج عن ملك مالكه بشيء من الأسباب الناقلة، فيكون قابلاً لتعلّق التصرفات به.

ونحوذلك قال في التذكرة(٢) في كتاب البيع فإنه قال:

" لايصح بيع الأرض الخراجية لأنها ملك للمسلمين قاطبة لا يختص بها أحد، نعم يصح بيعها تبعاً لآثار المتصرف ".

وكذا قال في القواعد(٣) والتحرير(٤) .

ثم نعود إلى كلامه في المختلف فإنه قال فيه في آخر المسألة من كتاب البيع:

" ويحمل قول الشيخ على الأرض المحياة دون الموات "

قلت: هذا مشكل لأن المحياة هي التي تتعلق بها هذه الأحكام المذكورة، وأما الموات: فإنها في حال الغيبة مملوكة للمُحيي، ومع وجود الإمام -عليه‌السلام - لايجوز التصرّف فيها إلّا بإذنه، مع أن الحمل لاينُافي ما قرّ به من مختار ابن إدريس لأنّ مراده بأرض العراق: المعمورة المحياة التي فيها: لايجوز بيعها ولاهبتها لانها أرض الخراج.

نعم: يمكن حمل كلام الشيخ -رحمه‌الله - على حال وجود الإمام -عليه‌السلام - وظهوره، لامطلقاً.

الثاني: نفوذ هذه التصرفات التي ذكرناها إنّما هو في حال غيبة الإمام -عليه‌السلام -

____________________

(١) انظر: ص٣٣٣

(٢) انظر ٤٦٥.

(٣) انظر حقل الجهاد/ص١٠٦

(٤) انظر حقل الجهاد/ص١٤٢

١٩

اما في حالة ظهوره فلا، لأنه إنما يجوز التصرّف فيها بإذنه. وعلا هذا فلا ينفذ شيء من تصرّفات المتصرّف فيها استقلالاً.

وقد أرشد إلى هذا الحكم كلام الشيخ في " التهذيب "(١) ، فإنه أورد على نفسه سؤالاً وجواباً محصّله - مع رعاية ألفاظه بحسب الإمكان - إنه:

" إذا كان الأمر في أموال الناس ما ذكرتم من لزوم الخمس فيها وكذا الغنائم و كان حكم الأرضين ما بنيتم من وجوب اختصاص التصرف فيها بالأئمة -عليه‌السلام -، إما لاختصاصهم بها كالأنفال أو للزوم التصرف فيها بالتقبيل والتضمين لهم مثل أرض الخراج، فيجب أن لايحلّ لكم منكح، ولايخلص لكم متجر، ولايسوغ لكم مطعم على وجه من الوجوه!!

قيل له: إن الأمر - وإن كان كما ذكرت - من اختصاص الأئمة -عليه‌السلام - بالتصرف في هذه الاشياء، فإنّ هنا طريقاً إلى الخلاص.

ثم اورد الاحاديث التي وردت بالإذن للشيعة قي حقوقهم -عليهم‌السلام - حال الغيبة، ثم قال:

إن قال قائل: إن ما ذكرتموه إنّما يدلّ على إباحة التصرّف في هذه الأرض ولا يدل على صحة تملّكها بالشراء والبيع، ومع عدم صحتها لايصح ما يتفرع عليهما!!

قيل له: قد قسمنا الأرضين على ثلاثة أقسام. أرض يسلم أهلها عليها فهي ملك لهم يتصرّفون فيها، وأرض تؤخذ عنوةً أو يُصالح أهلُها عليها فقد أبحنا شراءها وبيعها لأن لنا في ذلك قسماً لأنها أراضي المسلمين، وهذا القسم أيضاً يصح الشراء والبيع فيه على هذا الوجه، وأما الأنفال وما يجرى مجراها فليس يصحّ تملكها بالشراء، وإنما اُبيح لنا التصرّف حسب.

____________________

(١) انظر حقل الانفال/ص١٤٢-١٤٦/ج٤/تعقيباً على حديث٤٠٥ وما قبله.

٢٠