كتاب الخراجيات

كتاب الخراجيات0%

كتاب الخراجيات مؤلف:
تصنيف: فقه استدلالي
الصفحات: 232

كتاب الخراجيات

مؤلف: المحقق الثاني والمحقق الاردبيلي والفاضل القطيفي والفاضل الشيباني
تصنيف:

الصفحات: 232
المشاهدات: 18281
تحميل: 4566

توضيحات:

كتاب الخراجيات
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 232 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 18281 / تحميل: 4566
الحجم الحجم الحجم
كتاب الخراجيات

كتاب الخراجيات

مؤلف:
العربية

وكون ضرب الخراج وتقبيل الأرضين وأخذه وصرفه موكولاً إلى نظره -عليه‌السلام - لا يقتضي تحريمه حال الغيبة لبقاء الحقّ ووجود المستحق، مع تظافر الأخبار عن الأئمة الأطهار -عليهم‌السلام - وتطابق كلام أجلّة الأصحاب ومتقدّمي السلف ومتأخريهم بالترخيص لشيعة أهل البيت -عليهم‌السلام - في تناول ذلك الغيبة بأمر الجائر.

فاذا انضمّ إلى هذا كله أمر من له النيابة حال الغيبة، كان حقيقاً باندفاع الأوهام واضمحلال الشكوك.

ولنا في الدلالة على ما قلناه مسلكان:

الأول: في الأخبار الواردة عن أهل البيت -عليهم‌السلام - في ذلك، وهي كثيرة:

فمنها: مارواه الشيخ -رحمه‌الله - عن أبي بكر الحضرمي قال:

" دخلت على أبي عبداللّه -عليه‌السلام - وعنده اسماعيل ابنه، فقال: ما يمنع ابن أبي سماك أن يخرج شباب الشيعة فيكفونه ما يكفيه الناس ويعطيهم ما يعطي الناس ؟ قال ثم قال لي: لم تركت عطاءك؟ قال، قلت: مخافة على دينى. قال: ما متع ابن أبي سماك أن يبعث اليك بعطائك، أما علم أن لك في بيت المال نصيباً؟(١) .

قلت: هذا الخبر نصّ في الباب، فانّه -عليه‌السلام - بيّن للسائل حيث قال: إنه ترك أخذ العطاء للخوف على دينه - أنه لاخوف عليه، فإنّه إنّما يأخذ حقّه، حيث إنه يستحقّ في بيت المال نصيباً.

وقد تقرّر في الاصول تعدّي الحكم بالعلّة المنصوصة.

ومنها: ما رواه أيضاً في الصحيح عن عبدالرحمان الحجاج قال:

____________________

(١) التهذيب/حقل: المكاسب/ص٣٣٦-٣٣٧ ج٦/ح٩٣٣.

٤١

" قال لي ابوالحسن الأول -عليه‌السلام - مالك لا تدخل مع عليّ في شراء الطعام انّي أظنك ضيقاً؟ قال، قلت: نعم، فان شئت وسّعت عليّ، قال: اشتره "(١) .

وقد احتجّ به العلّامة في التذكرة على تناول مايأخذ الجائر باسم الخراج والمقاسمة.

ومنها: مارواه أيضاً عن أبي المغزا قال:

" سأل رجل أبا عبداللّه -عليه‌السلام - وأنا عنده فقال: أصلحك اللّه، أمرّ بالعامل فيجيزني بالدراهم، آخذها؟ قال: نعم، قلت: وأحجّ بها؟ قال: نعم "(٢) .

ومثل هذا من عدة طرق اُخرى.

ومنها: مارواه أيضاً في الصحيح عن جميل بن صالح، قال:

" أرادوا بيع تمرعين أبي زياد، فاردت أن اشتريه، فقلت حتى استأذن أبا عبداللّه -عليه‌السلام - فأمرت مصادفاً فسأله. قال: فقال: قل له يشتره، فان لم يشتره اشتراه غيره "(٣) .

قلت: وقد احتجّ بهذا الحديث لحلّ ذلك " العلّامة " في " المنتهى " وصحّحه.

لكن، قد يُسأل عن قوله: " فإن لم يشتره اشتراه غيره "، فإن شراء الناس للشيء لا مدخلية له في صيرورته حلالاً على تقدير أن يكون حراماً، فأنيّ مناسبة له ليعلّل به؟

ولا يبعد أن يكون ذلك إشاره منه -عليه‌السلام - إلى معنى لطيف وهو:

أنّ كلّ من له دخل في قيام دولة الجور ونفوذ أوامرها وقوة شوكتها وضعف دولة العدل يحرم عليه هذا النوع ونحوه بشراء وغيره، بخلاف مالم يكن كذلك،

____________________

(١) التهذيب: /ص٣٣٦/ح٩٣٢.

(‌٢) نفس المصدر/ص٣٣٨/ح٩٤٢.

(٣) نفس المصدر/ص٣٧٥/ح١٠٩٢.

٤٢

فإنّ عدم دخوله في شراء هذا كدخوله في أنّه: لايتعطّل أمر دولة الجور أو يتناقض، بل رواجها بحاله. فأشار -عليه‌السلام - بقوله: " إن لم يشتره اشتراه غيره " إلى أنه لامانع له من الشراء أولا دخل له في دولة الجور بتقوية ولا غيره. فإن لم يشتره لم يتفاوت الحال بل يشتريه غيره.

ومنها: ما رواه أيضاً عن إسحاق بن عمّار قال:

" سألته عن الرجال يشتري من العامل وهو يظلم؟!‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍ قال: يشتري منه مالم يعلم أنه ظلم فيه أحد ".

وهذا الحديث نقلته عن " المنتهى" هكذا، وظنّي أنّه نقله من " التهذيب "(١) .

وبمعناه أحاديث كثيرة.

ومنها: ما رواه أيضاً في الصحيح عن هشام بن سالم عن أبي عبيدة عن أبي جعفر -عليه‌السلام - قال:

" سألته عن الرجل يشتري من السلطان من إبل الصدَقة وغنمها وهو يعلم أنهم يأخذون منهم اكثر من الحق الذي يجب عليهم، قال -عليه‌السلام -: ما الابل والغنم إلاّ مثل الحنطة والشعير وغير ذلك لا بأس به حتى تعرف الحرام بعينه. قلت له: فما ترى - من أغنامنا - في متصدّق يجيئنا فيأخذ صدقات أغنامنا نقول بعناها، فيبيعناها، فما ترى في شرائها منه؟ قال: إن كان أخذها وعزلها فلا بأس. قلت له: فما ترى في الحنطة والشعير، يجيئنا القاسم فيقسم لنا حظّنا فيأخذ حنطة فيعزل بكيل، فما ترى في شراء ذلك الطعام له؟ فقال: اذا كان قد قبضه بكيل وأنتم حضور، فلا بأس بشرائه منه بغير كيل ".(٢)

ومنها: ما رواه الشيخ أيضاً باسناده عن يحيى بن أبي العلا عن أبي عبداللّه -عليه‌السلام - عن أبيه:

____________________

(١) انظر: حقل المكاسب/ص٣٧٥/ج٦/ح١٠٩٣

(٢) نفس المصدر/ص٣٧٥/ح١٠٩٤.

٤٣

"إنّ الحسن والحسين -عليهما‌السلام - كانا يقبلان جوائز معاوية "(١) .

قلت: قدعلم أن موضع الشبهة حقيق بالاجتناب، والإمام -عليه‌السلام - لايواقعها، وما كان قبولها -عليهما‌السلام - لجوائزه إلا لما لهما من الحقّ بيت المال مع أنّ تَصرَّف معاوية عليه غضب اللّه وسخطه كان بغير رضاً منهما -عليهما‌السلام - فتناولهما حقهما -عليهما‌السلام - المرتب على تصرّفه دليلٌ على جواز ذلك لذوي الحقوق في بيت المال من المؤمنين، نظراً إلى التأسّي.

وقد نبّه " شيخنا " في " الدروس "(٢) على هذا المعنى وفرّق بين الجائزة من الظالم وبين أخذ الحقّ الثابت في بيت المال أصالة. فإن ترك قبول الأول افضل، بخلاف الثاني.

ومثل هذه الاخبار كثير لمن تتّبع ولسنا بصدد ذلك، فانّ في هذا غنية في الدلالة على المطلوب في تتبّع ماسواها.

وكونُ بعضها قد يعتري بعض رجال أسناده طعن أوجهالة، غيرُ قادحٍ في شيء منها بوجه من الوجوه، على أنّ أسانيد كثيرة منها صحيحة، كما قّدمناه. ومع ذلك فإن الأصحاب كلهم أو جلّهم قد أفتوا بمضمونها في كتبهم وعملوا به، فيما بلغنا عنهم.

والخبر الضعيف الإسناد - إذا انجبر الخبر بقول الأصحاب وعملهم - ارتقى إلى مرتبة الصحاح وانتظم في سلك الحجج، واُلحِقَ بالمشهور.

فان قيل: هنا سؤالان.

الأول: إنّ هذه الأخبار تضمّنت حّل الشراء خاصّة، فمن أين ثبت حلّ التناول مطلقاً؟

الثاني: هذه الأخبار إنما دلّت على جواز التناول من الجائر بعد استيلائه وأخذه

____________________

(١) التهذيب /ج٦ ص٣٧٧/ح٩٣٥.

(٢) انظر: ص٢٢٩ من الكتاب المذكور.

٤٤

فمن أين ثبت حلّ الاستيلاء والأخذ كما يفعله الجائر؟

قلنا: الجواب عن الأوّل، أنّ حلّ الشراء كافٍ في ثبوت المطلوب، لأنّ حلّ الشراء يستلزم حلّ جميع أسباب النقل، كالصلح والهبة، لعدم الفرق، بل الحكم بجواز غير الشراء على ذلك التقدير بطريق أولى لأنّ شروط صحّة الشراء أكثر. وقد صرّح الأصحاب بذلك، بل يستلزم جواز قبول هبته - وهوفي يد وليّ المال - والحوالة به، لما عرفتَ من أنّ ذلك غير مملوك له، بل إنّما هو حقّ تسلّط على تصرّف الغير فيه غير مَن له أهليّة التصرّف.

وقد سوّغ ائمتنا -عليهم‌السلام - ابتناء تملكنا له على ذلك التصرّف غير السائغ لأنّ تحريمهم -عليهم‌السلام - إنما كان من جهتهم -عليهم‌السلام - فاغتفروا لشيعتهم ذلك طلباً لزوال المشقة عنهم، فعليهم - من اللّه - التحية والسلام.

وقد صرّح بذلك بعض الأصحاب، وسنذ كره فيما بعد إن شاء اللّه تعالى.

وأمّا الجواب عن الثاني، فلأنّ الأخذ من الجائر والأخذ بأمره سواء.

على أنّه إذا لوحِظَ أنّ المأخوذ حقٌّ ثبت شرعاً - ليس فيه وجه تحريم ولاجهة غصب ولا قبح، حيث إنّ هذا حق مفروض على هذه الأراضي المحدث عنها. وكونه منوطاً بنظر الإمام -عليه‌السلام - انتفى الحظر اللازم بسببه ترخيص الإمام في تناوله من الجائر - سقط السئوال با لكلية أصلاً ورأساً.

المسلك الثاني: اتفاق الأصحاب على ذلك. وهذه عبارتهم نحكيها شيئاً فشيئاً من كلامهم بعينه من غير تغيير، على حسب ما وقع إلينا من مصنّفاتهم في وقت كتابة هذه الرسالة.

فمن ذلك: كلام شيخ الطائفة و رئيسها وفقيهها ومعتمدها محمّد بن الحسن الطوسي في كتاب " المكاسب " من كتاب " النهاية " وهذا لفظه:

" ولا بأس بشراء الأطعمة وسائر الحبوب والغلات على اختلاف أجناسها من

٤٥

سلاطين الجور وان علم من أحوالهم أنّهم ياخذون ما لايستحقون ويقبضون ما ليس لهم ما لم يعلم شيئاً من ذلك بعينه غصباً، فإن علم كذلك فلا يتعرّض لذلك، وإمّا ما يأخذونه من الخراج والصدقات - وإن كانوا غير مستحقين لها - جاز شراؤها منهم ".(١)

هذا كلامه.

وقال المحقق نجم الدين في " الشرائع " ما هذا لفظه:

" ما يأخذه السلطان من الغلات: باسم " المقاسمة "، والاموال: باسم " الخراج " عن حقّ الأرض، ومن الانعام: باسم " الزكاة "، يجوز ابتياعه وقبول هبته، ولاتجب اعادته على اربابه وان عرف بعينه ".(٢)

وقال العلّامة -رحمه‌الله - في " المنتهى ":

" يجور للإنسان أن يبتاع ما يأخذه سلطان الجور بشبهة الزكوات من الإبل والبقر والغنم، وما يأخذه عم حقّ الأرض من الخراج، وما يأخذه بشبهة " المقاسمة " من الغلات وان كان غير مستحقٍ لأخذ شيء من ذلك، إلاّ أن يتعيّن له شيء منه بانفراده أنّه غصب، فلا يجوز له أن يبتاعه ".(٣)

ثم احتجّ لذلك برواية جميل بن صالح واسحاق بن عمّار وأبي عبيدة السالفات(٤) إلى أن قال:

" إذا ثبت هذا فإنّه يجوز ابتياع ما يأخذه من الغلات باسم " المقاسمة " أو الأموال باسم " الخراج " عن حقّ الأرض، ومن الأنعام باسم " الزكاة "، وقبول هبته، ولا تجب إعادته على أربابه، وان عرف بعينه دفعاً للضرورة ".

قلت: هذا بعينه هو ماأسلفناه سابقاً.

____________________

(١) انظر: ص٣٦٠/ج٢

(٢) حقل التجارة، ص١٣/ج٢.

(٣) انظر: ص٢٧./ج١.

(٤) انظر: ص٧٨ من هذه الرسالة.

٤٦

وقال في " التذكرة " ماهذا لفظه:

" ما يأخذه الجائر من الغلات باسم " المقاسمة "، ومن الأموال باسم الخراج عن حق الأرض، ومن الأنعام باسم الزكاة: يجوز شراؤه واتّها به ولا تجب إعادته على أصحابه وإن عرفوا، لأنّ هذا مال لايملكه الزارع وصاحب الأنعام والأرض، فإنّه حق اللّه تعالى، أخذه غير مستحق، فبرئت ذمته وجاز شراؤه "(١) .

ثمّ احتجّ لذلك بخبر أبي عبيدة وعبد الرحمان السالفتين.

وقال في " التحرير ":

" ما يأخذه الظالم بشبهة " الزكاة " من الإبل والبقر والغنم، وما يأخذه عن حقّ الأرض بشبهة " الخراج " وما يأخذه من الغلّات باسم " المقاسمة " حلال وان لم يستحق اخذ ذلك ولاتجب إعادته على أربابه وإن عرفهم إلاّ أن يعلمه في شيء منه بعينه أنه غصب، فلا يجوز له تناوله ولاشراؤه "(٢) .

وقال في " القواعد ":

" والذي يأخذه الجائر في الغلات باسم " المقاسمة "، ومن الأموال باسم " الخراج " عن حقّ الأرض، ومن الأنعام باسم " الزكاة " يجوز شراؤه واتّها به ولا تجب إعادته على أصحابه وان عُرفوا "(٣) .

وفي حواشي شيخنا الشهيد "قدس‌سره " على القواعد، ما صورته:

" وان لم يقبضها الجائر، وكذا ثمرة الكرم والبستان ".

وقال في " الإرشاد " - عطفاً على أشياء ممّا يحل بيعها وتناولها -:

" وما يأخذه الجائر باسم المقاسمة من الغلات، والخراج عن الأرض، والزكاة من الأنعام وإن عرف المالك "

وقال شيخنا الشهيد في " الدروس "(٤) كلاماً في هذا الباب من أجود كلام المحققين، إذا بأملّه المنصف الفطن، علم أنّه يعتقد في الخراج أنه من جملة الأمال

____________________

(١) انظر: ٢ ص٥٨٣/ج١.

(٢) حقل التجارات ص١٦٢

(٣) انظر: ص١٢٢.

(٤) انظر: ص٣٢٩.

٤٧

الخالية من الشبهة، البعيدة عن الأوهام، حيث ذكر الجوائز وجعل ترك قبولها أفضل، وبالغ في أحكام الخراج بما سنحكيه مفصّلاً، وصورة كلامه:

" يجوز شراء ما يأخذه الجائر باسم الخراج والزكاة والمقاسمة، وإن لم يكن مستحقّاً له ".

ثم قال:

" ولايجب ردّ المقاسمة و شبهها على المالك، ولايعتبر رضاه، ولايمنع تظلّمه من الشراء. وكذا لوعلم أنّ العامل يظلم، إلا أن يعلم بعينه.

نعم يكره معاملة الظلمة ولايحرم لقول الصادق -عليه‌السلام -: " كل شيء فيه حلال وحرام فهو لك حلال حتى تعرف الحرام بعينه "(١)

ولا فرق بين قبض الجائر ايّاه أو وكيله وبين عدم القبض، فلو أحاله بها وقبل الثلاثة أو وكله في قبضها أو باعها وهي في يد المالك أو في ذمته جاز التناول، ويحرم على المالك المنع. وكما يجوز الشراء تجوز سائر المعاوضات والهبة والصدقة والوقف، ولايحلّ تناولها بغير ذلك ".

والمقدادرحمه‌الله في " التنقيح " شرح النافع(٢) أخذ حاصل هذا الكلام، وأورده بصورة الشرح مطوّلاً، ولم يحضرني في وقت نقل كلام الأصحاب سوى هذا المقدار من الكتب فانقل كلام الباقين، لكن فيها أوردناه غنيّة وبلاغ لاُولي الألباب، فإن كلام الباقين لايخرج عن كلام من حكينا كلامهم، إذا لو كان فيهم مخالف لحكاه من عثرنا على مصنفاتهم و اطّلعنا على مذاهبهم، لما علمناه من شدّة حرصهم على ايراد خلاف الفقهاء وان كان ضعيفاً، والإشارة إلى القول الشاذّ وإن كان واهياً فيكون الحكم في ذلك إجماعيّاً.

على أنّه لو كان فيهم مخالف مع وجود فتوى كبراء المتقدّمين والتأخرين

____________________

(١) التهذيب/ج٦/٧٩/ح٣٣٧.

(٢) انظر: ص١٩/ج٢ من الكتاب المذكور.

٤٨

واستفاضة الأخبارعن أئمة الهدى ومصابيح الدجى، وصحة طرق كثير منها، واشتهار مضمونها، لم يكن خلافه قادحاً، فكيف والحال كما قد عرفت.

فها نحن قد قررنالك في هذه المسألة، وأوضحنا لك من مشكلاتها ما يجلي صدأ القلوب، ويزيل أذى الصدور، ويرغم اُنوف ذوي الجهل، ويشوّه وجوه اُولي الحسد الذين يعضون الانامل غيظاً وحنقاً، ويلتجئون في تنفيس كربهم إلى التفكّه في الاعراض، والتنبيه على ما يعدونه - بزعمهم - من العورات، ويطعنون بما لايعد طعْناً في الدين، يمهدون بذلك لإنفسهم - في قلوب دهماء العامّة وضعفاء العقول وسفهاء - الأحلام محلاً، ولا يعلمون أنّهم قد هدّموا من دينهم، وأسخطوا اللّه مولاهم، وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً.

فإن ما أوردناه من الأخبار عن الأئمة الأطهار -عليهم‌السلام - وحكيناه من فقهاء العترة النبويّة المبرّئين من الزيغ والزلل، ان كان حقاً يجب اتّباعه والانقياد له، فناهيك به وكانوا أحقّ بها وبأهلها وأيّ ملامة على من اتّبَعَ الحقّ، وتمسّك بهدي قادة الخلق لولا انعمه عن صوب الصواب، والغشاء عن نور اليقين. وان كان باطلاً ما أثبتناه من الأخبار الكثيرة والأقوال الشهيرة فلا سبيل لنا إلى مخالفتهم وسلوك غير جادّتهم، والحال: أنهم قدوتنا في أصول ديننا وعمدتنا في أركان مذهبنا، وكيف نتّبعهم حيناً ونفارقهم حياً؟ يحلونه عاماً ويحرّمونه عاماً.

شعر:

وما انا إلا من عزية إن غوت

غويت وان ترشد عزيّة أرشد

على أن الحاسد لايرضى وإن قرعت سمعه الآيات، والمغمّض لايبصر وإن أتى بالحجج البّينات ولوراجع عقله وتفكّر لم يجد فرقاً بين حلّ الغنائم وحلّ ما نحن فيه بل هذا إنما هو شعبة من ذاك، فإنّه إذا كان المبيح له والإذن في تناوله واحداً فأيّ مجال للشك وأيّ موضع للطعن لولا عين البغضاء وطوية الشحناء؟

وجدير بمن علم كيف كان طعن الحاسدين وإنكار المغمضين على سيدّ الكونين وإمام الثقلين ونسبتهم إليه الأباطيل وندائهم عليه وندائهم عليه في الأندية بالأفاعيل ممّا يذيب المرائر ويفتّت قلوب ذوي البصائر، أن يهون عليه مثل هذه الأقوال السخيفة والإنكارات الفاسدة.

شعر:

فما في حريم بعدها من تحّرجٍ

ولا هتك ستر بعدها بمحرّم

٤٩

وما لنا نسمع من خلال المذاكرة في مجالس التحصيل من أخبارعلمائنا الماضين وسلفنا الصالحين ماهومن جملة الشواهد على ما ندعيه، والدلائل الدّالة على حقيقة ما ننتحيه.

فمن ذلك ما تكرّر سماعنا من أحوال الشريف المرتضى علم الهدى، ذي المجدين أعظم العلماء في زمانه، الفائز بعلوّ المرتبتين في أوانه: عليّ بن الحسين الموسويّ - قدس اللّه سره - فإنّه مع ما اشتهر من جلالة قدره في العلوم وأنّه في المرتبة التي تنقطع أنفاس العلماء على أثرها، وقدا قتدى به كلّ من تأخّر عنه من علماء أصحابنا بلغنا أنّه كان في بعض دول الجور ذاحشمة عظيمة وثروة جسيمة وصورة معجبة، وأنه قد كان له ثمانون قرية. وقد وجدنا في بعض الآثار ذكر بعضها.

وهذا أخوه ذوالفضل الشهير والعلم الغزير والعفّة الهاشميّة والنخوة القرشيّة، السيد الشريف المرضيِّ الرضيِّ - روّحَ اللّه روحه - كان له ثلاث ولايات، ولم يبلغنا عن أحد من صلحاء ذلك العصر الإنكار ولا النقص منهما، ولانسبتهما إلى فعل حرام أو مكروه أوخلاف الأولى، مع أنّ الذين - في هذا العصر - ممّن يزاحم بدعواه الصلحاء لايبلغون درجة أتباع اولئك، والمقتدين بهم.

ومتى خفي شيء، فلا يخفى حال استاذ العلماء المحققّين والسابق في الفضل على المتقدّمين والمتأخرين، نصير الملّة والحق والدين، محمّد ابن الطوسي

- قدّس اللّه نفسه وطيّب رمسه وأنه كان المتولي لاحوال الملك، والقائم بأعمال السلطنة.

هذا وأمثاله إنّما يصدر عن اوامره ونواهيه.

ثم انظر إلى ما اشتهر من أحوال آية اللّه في المتأخرين، بحرالعلوم، مفتي الفرقة، جمال الملّة والدين، أبي منصور الحسن المطهر - قدس اللّه روحه - وكيف كان ملازمته السلطان المقدّس المبرور(محمد خدا بنده) وأنه كان له عدة قرى، وكانت نفقات السلطان وجوائزه واصلة إليه، وغير ذلك مما لو عدّد لطال.

٥٠

ولو شئت أن أحكي عن أحوال عبداللّه بن عباس وعبداللّه بن جعفر، و كيف كانت أحوالها في دول زمانهما لحكيت شيئاً عظيماً.

بل لو تأمل المتأمّل، الخالي من المرض قلبه، لوَجدَ المربّي للعلماء والمروّج لأحوالهم إنما هو الملوك وأركان دولتهم. ولهذا لمّا قلّت العناية بهم، وانقطع توجّههم بالتربية إليهم ضعفت أحوالهم، وتضعضعت أركانهم، وخليت أندية العلم ومحافله في جميع الأرض.

وليس لأحد من المفتين أن يقول: إنّ هؤلاء أحيوا هذه البلاد، وكانت - قبل - مواتاً، لأنّ هذا معلوم البطلان ببديهة العقل.

أمّا أولاً: فلأنَّ بلاد العراق على ما حكيناه كانت بتمامها معمورة، لم يكن لأحد مجال أن يعمّرَ - في وسط البلاد - قرى متعدّدة، وما كان بين القربتين والبلدين - في البعد - قدر فرسخ إلا نادراً، كيف و مجموع معمورها من الموصل إلى عبّادان ستّة وثلاثون ألف ألف جريب(١) .

____________________

(١) إن تحديد ما هو عامر أو ميت فضلاً عن بعض المواقع التي صولح عليها من الصعب أن يركن إليه الملاحظ في الذهاب إلى أن العراق كان معموراً بتمامه - كما هي وجهة نظر المؤلّف -، أو إلى أنّ التصرّف الذي مارسه الآخرون (ممّن يناقشهم المؤلف) قائم على إحيائهم لأرض ميتة محدودة بشكل يمكن فرزها عن المعمور، أو الميت الذى كان عامراً زمن الفتح، وخاصة إذا عرفنا أن (المورّخين) أشاروا إلى مواقع من " الجنوب " وغيرها ممّا لم تدخل في نطاق " السواد "، فضلاً عن التحديد القائم الذي أشرنا إليه في مقدّمة هذه الرسالة.

٥١

واما ثانياً: فلأنّ عمارة القرى أمر عظيم يحتاج إلى زمان طويل وصرف مالٍ جزيل وهم كانوا بعيدين عن هذا الاستعداد، مع هذه التمحّلات - بعد ما تلوناه من كلامهم في أحكام هذه الأرضين واحوال خراجها وحلّ ذلك - من التكلّفات الباردة والاُمور السامجة، نعوذ باللّه من القول بالهوى ومجانبة سبيل الهدى، وهو حسبنا ونعم الوكيل.

الخاتمة : في التوابع واللواحق

وفيها مسائل:

الاولى: في أن الخراج ليس من جملة مواضع الشبهات، لأنّا قد قرّرنا فيها قبل أنه من جملة الغنائم إذ هوحقّ الأرض المفتوحة، فحلّها تابع لحلّها بغير تفاوت.

وقد أقمنا الدليل على ذلك، وحكينا ماصدر عن الأصحاب -رحمهم‌الله - فيه، وليس لنا ماينافي ذلك إلا أخذه بأمر سلطان الجور، وهو موقوف على أمر الإمام -عليه‌السلام - ونظره -عليه‌السلام -، وهذا لايصلح للمنافاة، لأن الأئمة -عليهم‌السلام - أباحوا لشيعتهم ذلك حال الغيبة، وأزالوا المانع من جهتهم، فلم يكن فيه شيء يقتضي التنفّر، ولايبعد من رضا اللّه سبحانه و رضاهم، لا سيمّا إذا انضمّ إلى ذلك نظر نائب الغيبة.

وأي فارق بينه وبين ما أحَلوا لشيعتهم حال الغيبة ممّا فيه حقوقهم؟ وهؤلاء الذين يزرون على هذا النوع لايتجنّبون ما فيه حقّهم -عليهم‌السلام -، بل ولا يستطيعون، فإنّ هذه الجواري والعبيد ومتفرّدات الغنائم ومايحصل من البحر بالغوص وغيره لايستطيع أحدٌ الانفكاك منه، وهم لا يتحرّجون من هذا القسم ولا ينفرون منه، و يبالغون في التشنيع على القسم الأول، لما يلحقه من المحرّمات أو مواقع الشبهات، ويجعلون انفسهم في ذلك مقتدى للعامّة، يقتفون آثارهم، ولا يخافون اللّه سبحانه، حيث انّهم قد حرّموا بعض ما أحلّه اللّه، وانكروا بعض

٥٢

ما علم ثبوته من الدين، وينالون من الأعراض المحّرمة بما هو حرام عليهم، ولافرق في استحقاق المقت من اللّه سبحانه بين استحلال الحرام وبين تحريم الحلال، فإن عُمَر لما أنكر حلّ المتعة مازال الأئمة -عليهم‌السلام - يُنكرون عليه، ويتوجّعون من فعله وافترائه، وحثوا على فعلها، ووعدوا عليها بمضاعفة الثواب: فطماً للنفوس عن متابعته على ضلالة.

والشبهة - انّما سميت شبهة - لأنها موضع الاشتباه، وليس هذا النوع موضعاً للاشتباه كما نقول في أموال الظلمة والعشارين، فإنها مواقع الشبهة ومظانّ الحرمات، فإن الحل والحرمة حكمان شرعيّان، يثبتان وينتفيان بحكم الشارع، فما كان أمرُ الشارع فيه الحلُّ فهو الحلال، وما كان أمره فيه الحرمة فهو الحرام. فالشبهة هي: الحلال بحسب الظاهر ولكنّه مظنّة الحرام في نفس الأمر كما مثلناه في أموال الظلمة.

الثانية: قد عرفت أنّ " الخراج " و " المقاسمة " و " الزكاة " المأخوذة بأمر الجائر أو نائبه حلالٌ تناولها، فهل تكون حلالاً للآخذ مطلقاً حتى لو لم يكن مستحقاً للزكاة ولا ذا نصيب في بيت المال حين وجود الإمام -عليه‌السلام - ؟ أم إنّما يكون حلالاً بشرط الاستحقاق، حتّى أن غير مستحق يجب عليه صرف ذلك الى مستحقيه؟

إطلاق الأخبار وكلام الأصحاب يقتضي الأولّ وتعليلاتهم بأنّ للآخذ نصيباً في بيت المال، وأنّ هذا الحق لله تعالى، يُشعر بالثاني.

وللتوقف فيه مجال، وإن كان ظاهر كلامهم هو الأوّل، لأنّ رفع الضرورة لايكون إلا بالحلّ مطلقاً.

الثالثة: قال في " التحرير ".

" روي عن الصادق -عليه‌السلام - أنّه سُئِلَ عن النزول على أهل الخراج، فقال: ثلاثة أيام.

وعن السخرة في القرى وما يؤخذ من العلوج والاكراد إذا نزلوا في القرى،

قال: ويشترط عليهم ذلك فيما شرطت عليهم من الدراهم والسخرة وما سوى ذلك، وليس لك أن تأخذ متهم شيئاً حتى تشارطهم، وان كان كالمستيقن أنّ من نزل تلك الأرض أو القريه اُخذ منه ذلك".

٥٣

قلت: الرواية في " التهذيب "(١) وفيها بدل " الأكراد " " الاُكرة " كأنه جمع: " أكار ".

وفي معناها مارواه عن اسماعيل بن الفضل قال:

سألت أبا عبداللّه -عليه‌السلام - عن رجل اشتري أرضاً من أرض الخراج... إلى أن قال: " إن اناساً من أهل الذّمة نزلوها، ألَهُ أن يأخذ منهم اجرة البيوت إذا أدوا جزية رؤوسهم؟ قال: يشارطهم، فما اخذ بعد الشرط فهو حلال "(٢) .

ولكن روي عن عليّ الأزرق، قال: سمعت أبا عبداللّه -عليه‌السلام - يقول:

" أوصى رسول اللّه -صلى‌الله‌عليه‌وآله - عليّاً -عليه‌السلام - عند موته، فقال: يا عليّ لا يُظلم الفلاحون بحضرتك ولايزاد علي أرض وضعت عليها ولاسخرة على مسلم "(٣) .

وفي معنى ذلك مارواه عن " الحلبي "(٤) عن أبي عبداللّهعليه‌السلام .

الرابعة: روى الشيخ -رحمه‌الله - في " التهذيب " عن عليِّ بن يقطين قال:

" قلت لأبي الحسن الأولعليه‌السلام : ما تقول في أعمال هؤلاء؟ قال: إن كنت لابدّ فاعلاً فاتّقِ أموال الشيعة، قال: فأخبرني علي أن كان يجبيها من الشيعة علانية ويردّها عليهم في السّر "(٥) .

وفي معناه: مارواه الحسن بن الحسين الأنباري عن الرضا -عليه‌السلام - قال:

____________________

(١) حقل: احكام الأرضين/ص١٥٣-١٥٤/ج٧ ح٦٧٨.

(٢) نفس المصدر/ص١٥٤/ح٦٧٩.

(٣) نفس المصدر/ص١٥٤/ح٦٨٠.

(٤) نفس المصدر/ص١٥٤/ح٦٨١.

(٥) نفس المصدر/ص٣٣٥، ج٦ ٩٢٧.

٥٤

" كتبت إليه أربعة عشرة سنة استأذنه في عمل السلطان، فلما كان في آخر كتبت إليه أذكر أننّي أخاف على خبط عنقي وأنّ السلطان يقول: رافضي، أولسنا نشك في أنّك تركت عمل السلطان للرفض "

فكتب إليه ابوالحسن -عليه‌السلام - :

" فهمت كتابك وما ذكرت من الخوف على نفسك، فإن كنت تعلم أنّك إِذا وليت عملت في عملك بما أمر رسول اللّه -صلى‌الله‌عليه‌وآله - ثمّ تصير أعوانك وكتابك أهل ملّتك، وإذا صار إِليك شيء واسيت به فقراء المؤمنين كان ذا بذا، وإلا فلا "(١) .

قلت: في معنى هذين الحديثين أحاديث اُخر، وليس هذا ممّا نحن فيه بشيء، لأنّ موضوع هذا تولي أعمال سلطان الجور وأخذ الجائزة على ذلك، وهذا خارج من بحثنا بالكلية، و ما ورد في الحديث الأول أنّه كان يجبي أموال الشيعة علانية ويردّها عليهم سرّاً، يمكن أن يكون المراد به وجوه الخراج والزكوات والمقاسمات لأنها - وان كانت حقاً عليهم - فليست حقاً للجائر، فلا يجوز جمعها لأجله إلاّ عند الضرورة. لازلنا نسمع من كثير ممن عاصرناهم لاسيّما شيخنا الأعظم الشيخ علي بن هلال - قدس اللّه روحه -، وغالب ظني أنّه بغير واسطة بل بالمشافهة - أنّه لايجوز لمن عليه الخراج والمقاسمة سرقته ولا جحوده ولامنعه، ولاشيئاً منه لأن ذلك حقّ واجب عليه، واللّه سبحانه أعلم بحقائق الاُمور.

* * *

وحيث انتهى الكلام إلى هذا المقام، فلنحمد اللّه الذي وفقنا للتمسّك بعروة عترة النبييّن، النبي المصطفى -صلى‌الله‌عليه‌وآله - وخلاصة [خاصّته](٢) الوصيّ

____________________

(١) التهذيب: ج٦/ص٣٣٥/٩٢٨.

(٢) الموجود فى النسخة (خاصة).

٥٥

المرتضى، أحد السببين، وثاني الثقلين، وضياء الكونين، وعصمة الخلق في الدارين، وسلوك محجتهم والاستضاءة بانوار حجتهم. ونسأل اللّه - جلّ اسمه - أن يصلي ويسلّم عليهم أجمعين، صلاة يظهر بها شرف مقامهم يوم الدين، وأن يحشرنا في زمرتهم وتحت ألويتهم، ويتوفّانا على حبهم، مقتفين هداهم في صدرهم و وردهم، أن يصفح عن ذنوبنا ويتجاوز عن سيّئاتنا، وللّه الحمد والمنّة أوّلاً وآخراً وظاهراً وباطناً...

" فرغ من تأليفها العبد المعترف بذنوبه علي بن عبدالعالي وسط نهار الاثنين تقريباً حادي عشر شهر ربيع الثاني سنة عشر وتسعمائة حامداً ومصلياً على محمد وآله الطيبين الطاهرين ".

٥٦

السراج الوهاج لدفع عَجَاجِ قاطعةِ اللجِاجِ

تأليف

الشيخ إبراهيم بن سُليمان

" الفاضلِ القَطيفي "

٥٧

بسم الله الرحمن الرحيم

نبذة من حياة الفاضل القطيفي(ره)

ذكره - أول من ذكره - الحرالعاملي في القسم الثاني من كتابه " أمل الآمل " الذى سماه: " تذكرة المتبحرين في تراجم العلماء المتأخرين " فاكتفى فيه بقوله: إبراهيم ابن سليمان القطيفي، فاضل عالم محدّث، له كتب منها كتاب " الفرقة الناجية " حسن، توفي بالغري، من المتأخرين(١) .

ثمّ ذكره صاحب " الحدائق " في " الكشكول " عن رسالة لبعض فضلاء تلامذة المجلسي، والمقصود به صاحب " رياض العلماء " قال: الشيخ إبراهيم بن سليمان القطيفي، ثمّ الغروي، ثم الحلي، الامام الفقيه الفاضل، العالم الكامل، المحقق المدقق، المعاصر للشيخ علي الكركي. كان يسكن المشهد المقدس الغروي(٢) .

مشايخه:

قال: والذي يظهر من اجازة الشيخ إبراهيم هذا للمولى شمس الدين محمَّد بن الحسن الاسترآبادي أنه يروي عن الشيخ علي بن هلال (الجزائري) بواسطة واحدة(٣) وقد كتب بخطه الشريف اجازة لتلميذه المير معزّالدين محمّد بن تقي الدين

____________________

(١) أمل الآمل ٨:٢.

(٢) كشكول الشيخ يوسف البحراني ٢٨٩:١ نقلاً عن رياض العلماء للمولى عبدالله الاصفهاني.

(٣) رياض العلماء ١٥:١ عن كشكول البحراني.

٥٨

الحسيني الاصفهاني، ويظهر من تلك الاجازة أن الشيخ علي بن هلال المذكور كان عّم هذا الشيخ. وكان تاريخ الاجازة: سنة ثمان وعشرين وتسعمائة(١) وقال في الاجازة السابقة: إنّ عدة من الفضلاء أجازوه، ولكن أوثقهم الشيخ إبراهيم بن الحسن بن علي بن هلال الجزائري المذكور(٢) وعليه فالواسطة واسطتان.

ومن مشايخه المحقق الثاني الكركي، فقد انهى صاحب " الكشكول " اجازته الى المترجم عن الكركي(٣) .

تلامذته والراوون عنه:

قال: ويروي عنه أيضاً جماعة من العلماء، كما يظهر ذلك من اجازاته.

منهم: تلميذه السّيد معزّ الدين محمّد بن تقي الدين محمّد الحسيني الاصفهاني، وله منه اجازة تاريخها سنة ثمان وعشرين وتسعمائة، في المشهد المقدس الغروي، وقد رأيتها بخطه الشريف على ظهر " الشرائع " التي كانت لتلميذه المذكور، وخطه لايخلو من رداءة.

ومنهم أيضاً: السيد شريف الدين الحسيني المرعشي التستري، والد القاضي نوراللّه التستري صاحب " مجالس المؤمنين " على ما صرّح به القاضي نوراللّه في حواشي " المجالس " المذكور(في ترجمة هشام بن سالم).

ومنهم: السّيد الأميرزا نعمة اللّه الحلّي.(٤)

وقد سبق القول عن اجازته للمولى شمس الدين محمّد بن الحسن الاسترآبادي.

واضاف صاحب " الحدائق " في سلسلة اجازته: الشيخ حسين بن عبدالحميد، والمولى كريم الدين الشيرازي عن القطيفي(٥) .

____________________

(١) رياض العلماء ١٧:١، ١٨ عن الكشكول.

(٢) رياض العلماء ١٥:١ عن الكشكول.

(٣) لؤلؤة البحرين: ١٥٩.

(٤) رياض العلماء ١٥:١ وترجم له في روضات الجنات.

(٥) لؤلؤة البحرين: ١٥٩.

٥٩

وأضاف صاحب " روضات الجنات ": المولى شمس الدين محمّد بن تركي وتاريخ اجازته له سنة خمس عشرة وتسعمائة، بعد سنتين من وروده العراق(١) .

ومنهم: شاه محمود الخليفة الشيرازي(٢) .

مؤلفاته:

١ - أدعية سعة الرزق وقضاء الدين في مجموعة مختصرة الذريعة ٣٩٨:١.

٢ - الأربعون حديثاً- ينقل عنه العلّامة المجلسي في البحار- الذريعة ٤١٠:١.

٣ - تحقيق الفرقة الناجية مرتب على مقدمة وثلاثة فصول وخاتمة، أوله: يامن جعل علياً العلي الهادي، الى دين مختاره من الحاضر والبادي... فهذه نفقة صدرت في تحصيل أن الفرقة الناجية عند اللّه هم الشيعة الامامية. وقال في خاتمتها: ولنختم رسالتنا هذه بثلاث فوائد. وبعد الفوائد قال: أحببت تتميم ماأسلفته بأحاديث حسنة لايكاد يظفربها مجتمعة الاقليل من العلماء، وهي مؤكدة لما تقدم من أن الحق انما هو كون الفرقة الناجية شيعة عليعليه‌السلام . ثم أورد ثمانية عشر حديثاً وبها تتم النسخة، كتب في شعبان ١٠٠٦هـ فرغ منه في ٥صفر ٩٤٥هـ - الذرية ١٧٧:١٦.

٤ - تعليقات على الشرائع الذريعة ١٠٦:٦ بعنوان حاشية على الشرائع.

٥ - الثمانية عشر حديثاً، وهي تتمة رسالته السابقه في تحقيق الفرقة الناجية كما مر، وذكرها في الذريعة ١١:٥ بهذا العنوان وذكر لها نسختين احداهما للمرحوم السماوى.

٦ - حاشية الألفية للشهيد الذريعة ٢٢:٦و١٠٧:١١ بعنوان شرح الألفية وقال: أوله: الحمد للّه الذي تفرد بالكبرياء وتوحد بالجلال. فرغ منه نهار الأحد السادس عشر من محرم سنة ٩٣٩ وعناوينه: أقول... رأيت نسخة منه في مكتبة المولى محمّد على الخونساري في النجف الأشرف. وعبّر عنه مؤلفه بالحاشية.

____________________

(١) روضات الجنات ٢٧:١.

(٢) روضات الجنات ٢٩:١.

٦٠