كتاب الصلاة الجزء ٢

كتاب الصلاة0%

كتاب الصلاة مؤلف:
تصنيف: فقه استدلالي
الصفحات: 400

كتاب الصلاة

مؤلف: الميرزا محمد حسين الغروي النائيني
تصنيف:

الصفحات: 400
المشاهدات: 26429
تحميل: 4756


توضيحات:

بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 400 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 26429 / تحميل: 4756
الحجم الحجم الحجم
كتاب الصلاة

كتاب الصلاة الجزء 2

مؤلف:
العربية

جهة أن الظاهر من الفريضة في الصحيحة هو ما كان فرضا بالاصل، وترتب بعض أحكام الفريضة على ما طرأ عليه الفرض بالنذر كالقيام والاستقرار وغير ذلك لا يلازم ترتب جميع أحكام الفريضة عليه، حتى مثل استحباب الجماعة فيه.

فإن الاحكام تختلف بحسب مناسبة الحكم والموضوع. فرب حكم يقتضيه وصف النقل الفعلي بحيث لوصار فرضا لما ترتب عليه ذلك الحكم، وذلك مثل الاستقبال والاستقرار والقيام وأمثال ذلك، حيث إن عدم اعتبارها في النافلة لمكان التوسعة في النافلة، فناسب عدم اعتبار ذلك. وأما إذا صارت فرضا بالنذر وشبهه فتلك المناسبة لم تبق، بل يناسب اعتبار ذلك لمكان وصف الفرض الفعلي المقتضي للتضييق، عكس مايقتضيه النفل. وأما مثل الجماعة فلا يجري فيها هذا المعنى، لعدم اقتضاء وصف النفل عدم مشروعية الجماعة فيه، بحيث يناسب النفل عدم الجماعة والفرض الجماعة. حتى تكون الجماعة مثل الاستقبال والاستقرار، فيقال مشروعيتها عند عروض وصف الفرض على النفل بالنذر وشبهه، وإطلاق صحيحة زرارة والفضيل قد عرفت ظهوره فيما كان فرضا بالاصل.

فلم يبق مايقتضي مشروعية الجماعة في الصلاة النافلة المنذورة. فالاقوى ترك الجماعة فيها، وإن كان يظهر من الشهيد -رحمه‌الله - في الذكرى(١) كون مشروعية الجماعة في المنذورة من المسلمات عند الامامية، حيث عبر بلفظ " عندنا " ولكن الظاهر أن لفظة " عندنا " لا تدل على كون المسألة مما انعقد عليها الاجماع. هذا كله في الفرائض.

وأما النوافل فلا إشكال في مشروعية الجماعة في صلاة الاستسقاء، وكذا

____________________

(١) الذكرى: ص ٢٦٥. (*)

٣٦١

صلاة العيدين في زمان الغيبة سواء قلنا: إن صلاة العيدين في زمان الغيبة تكون من الفرض الذي طرأ عليه النفل.

أو قلنا: إنها نافلة بالاصل ويكون زمان الحضور والغيبة منوعا لها، فتكون صلاة العيدين ذات نوعين نوع واجب بالاصالة وهو ماكان في زمن الحضور، ونوع مستحب بالاصالة وهو ماكان في زمان الغيبة. ولعل الاظهر هو الوجه الثاني كما قد تقدمت الاشارة إليه في بعض أحكام الخلل. وتظهر الثمرة بين الوجهين في ترتب أحكام النافلة وعدمه والتفصيل في محله.

وعلى كل تقدير لا إشكال في مشروعية الجماعة في العيدين، ولامجال للوسوسة في أصل مشروعية العيدين في زمان الغيبة أو زمان الحضور مع عدم بسط يد الامامعليه‌السلام أو الوسوسة في مشروعية الجماعة فيها بعد تسليم كونها مشروعة. ومنشأ الوسوسة هو توهم دلالة بعض الاخبار على ذلك كموثقة سماعة عن الصادقعليه‌السلام في صلاة العيدين قال: " لا باس أن تصلي وحدك ولا صلاة إلامع إمام "(١) وموثقه عمار " سئل الصادقعليه‌السلام هل يؤم الرجل بأهله في صلاة العيدين، في سطح أو البيت؟ فقالعليه‌السلام : لا يؤم بهن ولا يخرجن "(٢) ، هذا. ولكن لا يخفى عليك أنه لا ظهور لهذه الاخبار في عدم مشروعية الجماعة في صلاة العيدين. أما موثقة سماعة فلاحتمال أن يكون المراد من " وحدك " هو في مقابل الصلاة مع الامامعليه‌السلام التي نفي الوجوب عنها في الذيل، فيكون المعنى أنه لا بأس بأن تصلي العيدين مع عدم الامامعليه‌السلام ، فتكون الموثقة دليلا على

____________________

(١) الوسائل: ج ٥ ص ٩٦ باب ٢ من أبواب الصلاة العيد، ح ٦.

(٢) الوسائل: ج ٥ ص ١٣٤ باب ٢٨ من أبواب صلاة العيد ح ٢ باختلاف يسير. (*)

٣٦٢

مشروعية العيدين ولو مع عدم وجود الامام، وليس المراد من " وحدك " هو ما يقابل الجماعة.

وأما موثقة عمار فلورودها في مقام عدم وجوب صلاة العيدين على النساء. كما يشهد لذلك قوله بعد ذلك " ولا يخرجن " وليس لها ظهور في عدم مشروعية صلاة العيدين أو عدم مشروعية الجماعة فيها.

فلا وجه للقول بعدم مشروعية الجماعة في صلاة العيدين بعد عدم ظهور هذه الاخبار في ذلك وظهور - ما رواه في الاقبال عن الصادقعليه‌السلام في مشروعية الجماعة في العيدين حيث إنه سئل الصادقعليه‌السلام عن صلاة الاضحى والفطر " فقالعليه‌السلام : صلهما ركعتين في جماعة وغير جماعة "(١) بناء على أن قوله " في جماعة " متعلق بقوله " صلهما " لا بقوله " ركعتين " حتى تكون الرواية ردا على من يقول بأن صلاة العيدين تكون أربع ركعات إن صليت فرادى لا جماعة فلا دلالة في الرواية حينئذ على مشروعية الجماعة في العيدين مطلقا ولو مع عدم حضور الامامعليه‌السلام لان الرواية تكون حينئذ واردة في مقام بيان الحكم آخر - أجنبي عما نحن فيه. وعلى كل حال لا ينبغي التوقف في مشروعية صلاة العيدين جماعة في زمان الغيبة وعليه سيرة المسلمين كما نقل عن القطب الراوندي أن الامامية يصلون هاتين الصلاتين أي صلاة العيدين جماعة وعملهم حجة.

ثم إنه ينسب إلى المشهور مشروعية الجماعة في صلاة الغدير التي هي ركعتان قبل الزوال، وحكى في التذكرة(٢) عن التقي نسبة ذلك إلى الرواية، ونقل عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله في يوم الغدير في حجة الوداع أنه أمر أن ينادي الصلاة

____________________

(١) الاقبال: ٢٨٥.

(٢) التذكرة: ج ١ ص ٧٣. (*)

٣٦٣

جامعة فاجتمعوا وصلى ركعتين ثم رقى المنبر وخطب الخطبة المعروفة(١) ، ولم يظهر للمشهور مستند سوى ذلك. ولكن الانصاف أن ذلك لا يثبت مشروعية الجماعة في صلاة الغدير. لامكان أن يكون المراد من الركعتين التي صلاهماصلى‌الله‌عليه‌وآله في حجة الوداع هما صلاة الظهر. إذ لم يعلم كونهصلى‌الله‌عليه‌وآله [ صلى قبل ] ذلك الزوال، وإن كان يظهر من بعض التواريخ أن نداء‌ه كان قبل الزوال إلا أن ذلك لا يلازم كون الصلاة أيضا كانت قبل الزوال. ومن الممكن أيضا أن يكون مراد التقي من الرواية هو ذلك. أي فعل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله في حجة الوداع. كما أن من الممكن أن يكون وجه نسبة جواز الجماعة في صلاة الغدير إلى المشهور لمكان تجويز الشهيد -رحمه‌الله - الجماعة فيها في اللمعة(٢) ، بضميمة أن الشهيد -رحمه‌الله - لم يذكر في اللمعة إلا ماكان مشهور عند الاصحاب.

وعلى كل حال الاقوى ترك الجماعة في صلاة الغدير. ولا يمكن إثبات مشروعيتها فيها بأخبار " من بلغ "(٣) بناء على كون أخبار " من بلغ " توجب استحباب العمل الذي بلغ فيه الثواب وتصيره كسائر المستحبات كما هو أحد الوجوه في مسألة التسامح في أدلة السنن، وذلك لان إثبات الاستحباب بأخبار " من بلغ " إنما هو إذا لم يكن العمل الذي بلغ في الثواب مما قام الدليل على حرمته كالمقام حيث قام الدليل على حرمة الجماعة في النافلة وأنها بدعة وبعبارة أخرى: أخبار من بلغ توجب استحباب العمل الذي كان حرمة متمحضا من حيث عدم قيام الدليل على مشروعية لا ما كان حرمته من جهة قيام الدليل الاجتهادي على الحرمة كالجماعة في النافلة فتأمل جيدا.

____________________

(١) المقنعة: ص ٣٤

(٢) شرح اللمعة: ج ١ ص ٧٩١.

(٣) الوسائل: ج ١ ص ٥٩ باب ١٨ كباب أبواب مقدمة العبادات. (*)

٣٦٤

فتحصل مما ذكرنا: أن المتيقن من النوافل التي تشرع الجماعة فيها هو صلاة الاستسقاء وصلاة العيدين، وفيما عدا ذلك لا تشرع الجماعة فيه مطلقا سواء في ذلك نوافل شهر رمضان وغيرها.

ويدل على ذلك المرسل عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال " لا جماعة في نافلة "(١) . وورد عين هذا المضمون عن الرضا(٢) عليه‌السلام . وقول أمير المؤمنينعليه‌السلام بعد منعه عن الجماعة في نوافل شهر رمضان التي أبدعها الثاني لعنه الله " وأعلمتهم أن اجتماعهم في النوافل بدعة "(٣) .

ولا يدل وقوع هذا الكلام في ذيل النهي عن الجماعة في نوافل شهر رمضان كون الالف واللام في قوله " وأعلمتهم أن اجتماعهم في النوافل بدعة " للعهد حتى يقال: إن كلام الاميرعليه‌السلام لا يدل على عموم المنع لمطلق النوافل بل خصوص نوافل شهر رمضان، لان هذا الكلام منهعليه‌السلام إنما وقع بعد الفراغ عن كلامه السابق فهو يدل على عموم المنع. ويدل على العموم أيضا، قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله " لن تجتمع للنافلة"(٤) ومع هذه الادلة لا ينبغي التوقف والاشكال في هذا الحكم أصلا. ولا محل لمناقشة المدارك(٥) والذخيرة(٦) في عموم المنع، ولا يعارض الادلة المذكورة صحيحة عبدالرحمن عن الصادقعليه‌السلام " صل بأهلك في رمضان

____________________

(١) الوسائل: ج ٥ ص ١٨١ باب ٧ من أبواب نافلة شهر رمضان، ح ٦.

(٢) الوسائل: ج ٥ ص ٤٠٧ باب ٢٠ من أبواب صلاة الجماعة، ح ٦.

(٣) الوسائل: ج ٥ ص ١٩٣ باب ١٠ من أبواب نافلة شهر رمضان، ح ٤.

(٤) الوسائل: ج ٥ ص ١٨٢ باب ٧ من أبواب نافلة شهر رمضان، ح ٦.

(٥) مدارك الاحكام: ص ٢٢٧.

(٦) ذخيرة المعاد: ص ٣٨٩ في ذيل قول الماتن ولا تصح في النوافل. (*)

٣٦٥

الفريضة والنافلة فإني أفعله "(١) وصحيحة هشام سأل عن المرأة هل تؤم النساء؟ قال: تؤمهن في النافلة فأما المكتوبة فلا(٢) لان الصحيحة الاولى معارضة مع الاخبار الكثيرة الدالة على المع الحاكية لقضية علي، والثانية لا تصلح أن تقاوم العمومات خصوصا مع اشتمال ذيلها على ما لا عامل به من عدم جواز اقتداء النساء بالنساء في المكتوبة، فالاقوى عموم المنع لمطلق النوافل إلا العيدين والاستسقاء.

فيما تنعقد به الجماعة

والمحل الذي يدرك فيه فضلها والموضع الذي يدرك فيه الركعة وجملة من أحكامها وتوضيح البحث عن ذلك يتم برسم مسائل: المسألة الاولى: أقل عدد ينعقد فيه الجماعة اثنان في غير الجمعة والعيدين، ويدل على ذلك ما عن العيون عن الرضاعليه‌السلام عن آبائه عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: " الاثنان فما فوقهما جماعة"(٣) وغير ذلك من الروايات.

ولا إشكال فيه، كما لا إشكال في أن من آداب الجماعة أن يقف المأموم عن يمين الامام إذا كان وحده. وإذا تعدد المأموم فليقفوا خلفه، وليس ذلك شرطا للجماعة بل من آدابها ومستحباتها، فما يظهر من الحدائق(٤) من كون ذلك شرطا في صحة الجماعة ضعيف غايته كما يظهر وجهه للمتأمل في الاخبار بعين الانصاف.

____________________

(١) الوسائل: ج ٥ ص ٤٠٨ باب ٢٠ من أبواب صلاة الجماعة، ح ١٣.

(٢) الوسائل: ج ٥ ص ٤٠٦ باب ٢٠ من أبواب صلاة الجماعة، ١.

(٣) عيون الاخبار: ج ٢ ص ٦١ باب ٣١ ح ٢٤٨ باختلاف يسير.

(٤) الحدائق: ج ١١ ص ٩٠. (*)

٣٦٦

المسألة الثانية: تدرك فضيلة الجماعة باللحوق مع الامام ولو في التشهد الاخير كما يدل عليه رواية معاوية بن شريح عن الصادقعليه‌السلام قال: " إذا جاء الرجل مبادرا والامام راكع أجزأته تكبيرة واحدة لدخوله في الصلاة والركوع، ومن أدرك الامام وهو ساجد كبر وسجد معه ولم يعتبد بها. ومن أدرك الامام وهو في الركعة الاخيرة فقد أدرك فضل الجماعة، ومن أدركه وقد رفع رأسه من السجدة الاخيرة وهو في التشهد فقد أدرك الجماعة وليس عليه أذان ولا إقامة. ومن أدركه وقد سلم فعليه الاذان والاقامة "(١) . وقريب هذا المضمون ورد في رواية مصدق بن صدقة. ثم إنه إن لحق بعد السجدتين فيكبر ويقعد مع الامام ويقوم بعد سلام الامام ويقرأ من دون تجديد نيته ولا تكبيرة، ولو لحقه قبل السجدتين فبعد سلام الامام يجدد النية والتكبيرة لئلا يلزم زيادة الركن، ولو لحقه بين السجدتين فاغتفار السجدة الواحدة غير بعيد لانها ليست بركن، والمسألة تحتاج إلى تفصيل لعله يأتي بعد ذلك.

المسألة الثالثة: ذهب المشهور إلى أن الركعة إنما تدرك بإدراك الامام راكعا ولو بعد الذكر وقبل رفع الرأس، وقيل(٢) إنه لا تدرك الركعة إلا بإدراك المأموم تكيبرة الركع بمعنى أنه يلتحق بالامام قبل أن يكبر الامام للركوع، وقيل(٣) إن الركعة تدرك بإدراك الامام ذاكرا ولا يعتبر إدراكه تكبيرة الركوع كما أنه لا عبرة بإدراكه بعد الذكر ولو قبل رفع الرأس. والاقوى ما عليه المشهور ويدل عليه الاخبار الكثيرة.

____________________

(١) الوسائل: ج ٥ ص ٤٤٩ باب ٤٩ من أبواب صلاة الجماعة، ح ٦.

(٢) وهو الشيخ في النهاية (النهاية: ص ١١٤).

(٣) وهو العلامة في التذكرة (التذكرة: ص ١٨٢). (*)

٣٦٧

منها: ما رواه الشيخ بطريقين عن سليمان بن خالد عن الصادقعليه‌السلام أنه قال " في الرجل، إذا أدرك الامام وهو راكع وكبر الرجل وهو مقيم صلبه ثم ركع قبل أن يرفع الامام رأسه فقد أدرك الركعة "(١) . ومنها المروي عن الحلبي عن الصادقعليه‌السلام قال إذا أدركت الامام وقد ركع فكبرت وركعت قبل أن يرفع الامام رأسه فقد أدركت الركعة، وإن رفع الامام رأسه قبل أن تركع فقد فاتتك الركعة(٢) . ومنها: غير ذلك من الاخبار الصحيحة الصريحة الواردة في انتظار الامام حتى يلحق به المأموم(٣) ، وفيمن خاف رفع الامام رأسه إذا لحق بالصف. وسيأتي بعضها إن شاء الله في محله. ومستند الشيخين الاخبار الواردة عن محمد بن مسلم ويونس الشيباني.

فعن محمد بن مسلم عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: " قال لي: إذا لم تدرك القوم قبل أن يكبر الامام للركعة فلا تدخل معهم "(٤) . وعنه عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: " إذا أدركت التكبيرة قبل أن يركع الامام فقد أدركت الصلاة "(٥) . وعنه عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: " قال: لا تعتد بالركعة التي لم تشهد تكبيرها مع الامام(٦) .

____________________

(١) التهذب: ج ٣ ص ٤٣ في أحكام الجماعة، ح ٦٤.

(٢) التهذيب: ج ٣ ص ٤٣ في أحكام الجماعة، ح ٦٥.

(٣) الوسائل: ج ٥ ص ٤٥٠ باب ٥٠ من أبواب صلاة الجمعة، ح ١ و ٢.

(٤) الوسائل: ج ٥ ص ٤٤١ باب ٤٤ من ابواب صلاة الجماعة، ح ٢.

(٥) الوسائل: ج ٥ ص ٤٤٠ باب ٤٤ من أبواب صلاة الجماعة، ح ١.

(٦) الوسائل: ج ٥ ص ٤٤١ باب ٤٤ من أبواب صلاة الجماعة، ح ٣. (*)

٣٦٨

وعنه عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال: " قال: إذا لم تدرك تكبيرة الركوع فلا تدخل [ معهم ] في تلك الركعة"(١) . وعن يونس عن أبي عبداللهعليه‌السلام " قال: إذا دخلت من باب المسجد فكبرت وأنت مع إمام عادل ثم مشيت إلى الصلاة أجزأك ذلك فإذا الامام كبر للركوع كن معه في الركعة لانه إذا أدركته وهو راكع لم تدرك التكبيرة لم تكن معه في الركوع "(٢) . ويمكن أن يستدل لهذا القول برواية الحلبي قال: إذا أدركت الامام قبل أن يركع الركعة الاخيرة فقد أدركت الصلاة وإن أدركته بعد ما ركع فهي الظهر أربع ركعات(٣) . بناء على عدم الفرق بين الجمعة وغيرها.

وأما مستند التذكرة فما رواه في الاحتجاج عن الحميري أنه كتب إلى صاحب الزمان روحي له الفداء يسأله عن الرجل يلحق الامام وهو راكع فيركع معه ويحتسب بتلك الركعة فإن بعض أصحابنا قال: إن لم يسمع تكبيرة الركوع فليس له أن يعتد بتلك الركعة فأجابعليه‌السلام : " إذا لحق مع الامام مع تسبيحة الركوع تسبيحة واحدة اعتد بتلك الركعة وإن لم يسمع تكبيرة الركوع "(٤) .

ولا يخفى عليك عدم مقاومة مستند القولين لمستند المشهور، أما مستند الشيخين فلما فيه أولا: عدم عمل المشهور بتلك الاخبار وإعراضهم عنها بل قيل حتى الشيخ لم يعمل بها في بعض كتيه. وثانيا: الاخبار التي اعتمد عليها المشهور

____________________

(١) الوسائل: ج ٥ ص ٤٤١ باب ٤٤ من أبواب صلاة الجماعة، ح ٤.

(٢) الوسائل: ج ٤ ص ٦٣٥ باب ١٣ من أبواب الاذان والاقامة، ح ٩.

(٣) الوسائل: ج ٥ ص ٤٠ باب ٢٦ من أبواب صلاة الجمعة، ح ١ باختلاف يسير.

(٤) الاحتجاج: ص ٣١٠ وفيه من تسبيح الركوع. (*)

٣٦٩

أقوى دلالة من الاخبار التي عليها الشيخان. لان الصحيحة الاولى لمحمد بن مسلم مضافا إلى إمكان حملها على الكراهة وإن بعد يمكن أن تكون واردة في مقام الارشاد، فإنه من الممكن أن يكون المراد من " القوم " المذكور فيها هو العامة. وحيث إن الاقتداء معهم في الركوع موجب لفوات القراء‌ة مع أن القراء‌ة عند الاقتداء بالعامة تجب أو تستحب سرا، فإن الامامعليه‌السلام في مقام الارشاد إلى أنه يقتضي أن يكون المقتدي يلتحق بإمامهم قبل الركوع حتى لا يفوت منه القراء‌ة.

والصحيحة الثانية له لا مفهوم لها بعد ظهور مستند المشهور في إدراك الركعة قبل رفع رأس الامام من الركوعو، فيكون المتحصل من مستند المشهور ومن الصحيحة هو أنه تدرك الركعة بأحد الامرين، كما هو طريق الجمع في كل ما تعارض شرطيتان فيكون إدراك الركعة بإدراك التكبيرة أو بإدراك الركوع فتأمل.

والصحيحة الثالثة له فهي وإن كانت أقوى دلالة من سائر ما رواه محمد بن مسلم مما كان مستند الشيخين لان قولهعليه‌السلام : " لا تعتد بالركعة... إلخ ".

ظاهر في عدم إدراك الركعة مالم يدرك تكبيرة الركوع إلا أنه يمكن أن يكون المراد من لا تعتد عدم الدخول، فيكون مفادها مفاد الصحيحة الرابعة له وحينئذ يمكن أن يكون النهي عن الدخول للارشاد إلى أنه لعله لو لم يدرك التكبيرة تفوته الركعة من أجل رفع رأس الامام عن الركوع قبل أن يلتحق به المأموم، فإن الامام لو كان راكعا وأراد المأموم الالتحاق به كان المأموم في مظنة عدم اللحوق بالامام، بخلاف مالم يكن الامام راكعا بعد فإنه لو التحق به أدرك الركوع معه قطعا.

وأما رواية يونس فهي واردة فيمن خاف عن اللحوق بالامم في الركوع فإن

٣٧٠

قولهعليه‌السلام " إذا دخلت من باب المسجد فكبرت ثم مشيت " ظاهر في أن المشي بعد التكبير للحوق بالصف، فيكون مفاد قولهعليه‌السلام " إذا أدركته وهو راكع... إلخ " أنه لولم تكبر في باب المسجد لم تدرك التكبير حال ركوعه فلم تكن معه في الركوع، وهذا لا يدل على عدم درك الركعة إذا كبر المأموم وأدرك الامام راكعا.

وأما رواية الحلبي فيمكن أن يكون المراد من قوله " قبل أن يركع " قبل تحقق الركوع منه فيكون المضارع بمعنى الماضي، وهذا وإن كان خلاف ظاهر المضارع إلا أنه ليس بحيث لا يمكن الحمل عل ذلك في مقام الجمع بين الاخبار خصوصا بعد قولهعليه‌السلام " وإن أدركته بعدما ركع " الظاهر في أدراكه بعد تحقق الركوع منه وانقضائه، فيكون حاصل مفاد الرواية أنه إذا أدركت الامام قبل تحقق الركوع منه وانقضائه فقد أدركت الصلاة، وإن أدركته بعد انقضاء الركوع عنه فقد فاتتك الجمعة ويجب عليك صلاة الظهر، والانصاف أن هذا الحمل ليس خارجا عن قانون المحاورة بحيث يكون من المستهجن.

فتحصل: أن مستند الشيخين ليس على وجه لا يقبل الحمل على الخلاف، بخلاف مستند المشهور فإن الاخبار التي اعتمد عليها المشهور كادت أن تكون صريحة في مدعاهم ولا تقبل الحمل على الخلاف.

وأما مستند العلامة في التذكرة فقد عرفت أنه خبر الاحتجاج، وهو وإن كان مرسلا إلا أنه كما كان في الاحتجاج فهو بمنزلة المسند، لان الاحتجاج أسقط الاسانيد، ولكن لا يقاوم مستند المشهور فإن النسبة بين هذا الخبر وبين مستند المشهور وإن كان العموم المطلق وكان هذا الخبر أخص مطلقا من تلك الاخبار إلا أنه كما كان تلك الاخبار في مقام التحديد ولا يعامل مع التحديدات الشرعية معاملة الاطلاق والتقييد، بل لابد من أن تكون القضية الشرطية في خبر

٣٧١

الاحتجاج مسوقة لفرض وجود الموضوع وليست ذات مفهوم. إذ لو أخذ بمفهومها يلزم طرح تلك الاخبار الواردة في مقام التحديد على كثرتها وعلم المشهور بها.

ولا ينافي دعوى عمل المشهور بتلك الاخبار مع ما يظهر من صدر خبر الاحتجاج من أن اعتبار درك المأموم تكبيرة الركوع كان معروفا عند الاصحاب في الصدر الاول لان معروفية ذلك لا يلازم كون عملهم كان على طبق ذلك بل لعله كان مجرد الشهرة الروائية، فتأمل جيدا. فإن شيخنا الاستاذ - مد ظله - وإن كان رد خبر الاحتجاج بما ذكرنا إلا [ أنه ] لا يخلو عن إشكال. فإن صناعة الاطلاقوالتقييد محفوظة في المقام فالاولى ولى رد خبر الاحتجاج بعدم عمل المشهور به. ثم إنه بعدما عرفت من أن العبرة في إدراك المأموم الركعة إدراكه لركوع الامام فلابد من أن يلحق المأموم بالامام قبل رفع الامام رأسه من الركوع. فلا يكفي مطلق اجتماع الامام والمأموم ولو في حد الركوع الشرعي بأن اجتمعا في حال هوي المأموم ونهوض الامام قبل خروج الامام عن حد الركوع الشعري.

لان ظاهر الاخابر اعتبار تحقق الركوع من المأموم قبل رفع رأس الامام ومادام المأموم هاويا لا يصدق عليه تحقق الركوع ولو وصل إلى حد الركوع الشرعي، لان المنصرف إليه من قوله " ركع " هو تحقق الركوع الذي يقف ويستقر عليه بحيث يكون وقوف المأموم راكعا قبل رفع الرأس الامام.

ثم إنه بعد ما عرفت من أن إدراك الركعة إنما يكون بإدراك الركوع فهل يكون إدراك الركوع شرطا في إدراك الركعة بحيث لو لم يدرك ركوع الركعة لم يكن مدركا للركعة أصلا؟ أو أن إدراك الركوع يكون آخر ما يدرك من الركعة فلو كان مدركا للجماعة قبل ذلك في حال القراء‌ة فقد أدرك الركعة ولو لم يدرك الركوع مع الامام لمانع من ازدحام أو غيره؟ وعلى كلا التقديرين فهل هذا الحكم مقصور بالركعة الاولى في ابتداء الجماعة بحيث لو أدرك ركوع الركعة الاولى أو

٣٧٢

قبل الركوع منها فقد أدرك جميع ركعات الصلاة ولو لم يجتمع مع الامام في شئ من الركعات اللاحقة فلو نوى الجماعة في أول الركعة الاولى واجتمع مع الامام في حال قراء‌تها أو ركوعها ثم منعه الزحام عن الاجتماع مع الامام إلى آخر الصلاة، فهو يبقى على جماعته ويركع ويسجد وحده إلى آخر الصلاة ويترتب عليه أحكام الجماعة؟ أو أنه يعم جميع الركعات بحيث إنه في كل ركعة يعتبر أن يجتمع المأموم مع الامام إما في حال الركوع وإما قبل ذلك، فلو لم يدرك من الركعة الثانية شيئا لزحام ونحوه بقي على حاله إلى أن يتمم الامام الركعة الثانية فيقوم معه في الثالثة وتكون بالنسبة إلى المأموم ثانية، وليس له أن يأتي بأفعال الركعة الثانية وحده ويلتحق بالامام في الركعة الثالثة إلا إذا نوى الانفراد وأبطل جماعته؟ حكي عن بعض أن إدراك الركوع شرط في إدراك الركعة ولا عبرة بإدراكه قبل الركوع مع عدم إدراكه الكروع ولكن خص ذلك بالركعة الاولى، وأما باقي الركعات فلم يعتبر إدراكها مطلقا.

وحكي عن آخر أن إدراك الركوع ليس شرطا في إدراك الركعة بل آخر ما يدرك به الركعة هو الركوع، ويكفي في إدراك الركعة إداركه قبل الركوع ولو لم يدرك الركوع، ولكن خص ذلك أيضا بالركعة الاولى ولم يعتبر في سائر الركعات إدراك شئ أصلا، وهو الذي يظهرمن العروة(١) والنجاة. وحكي عن المشهور أن آخر ما يدرك به الركعة هو الركوع لا أن إدراك الركوع شرط، ولكن يعتبر ذلك في جميع الركعات ولا يختص بالركعة الاولى، وهو الذي اختاره شيخنا الاستاذ - مد ظله -.

____________________

(١) العروة الوثقى: فصل في الجماعة - مسألة ٢٤. (*)

٣٧٣

ويدل على أن إدراك الركوع ليس شرطا في إدراك الركعة بل آخر ما يدرك به الركعة عدة روايات.

منها: ما رواه عبدالرحمن بن الحجاج عن أبي الحسنعليه‌السلام " في رجل صلى في جماعة يوم الجمعة فلما ركع الامام ألجأه الناس إلى جدار أو اسطوانة فلم يقدر على أن يركع ثم يقوم في الصف ولا يسجد حتى رفع القوم رؤوسهم أيركع ثم يسجد ويلحق بالصف وقد قام القوم أم كيف يصنع؟ فقال: يركع ويسجد لا بأس بذلك"(١) .

ومنها: ما رواه أيضا عبدالرحمن بن الحجاج قال: " سألت أبا عبداللهعليه‌السلام عن الرجل يكون في المسجد إما في يوم الجمعة وإما في غير ذلك من الايام فيزحمه الناس إما إلى حائط وإما إلى اسطوانة فلا يقدر على أن يركع ولايسجد حتى رفع الناس رؤوسهم فهل يجوز له أن يركع ويسجد وحده ثم يستوي مع الناس في الصف؟ فقال " نعم لا بأس بذلك "(٢) .

ومنها: ما رواه عبدالرحمن عن أبي الحسنعليه‌السلام قال: " سألته عن الرجل يصلي مع إمام يقتدي به فركع الامام وسها الرجل وهو خلفه لم يركع حتى رفع الامام رأسه وانحط للسجود أيركع ثم يلحق بالامام والقوم في سجودهم؟ أو كيف يصنع؟ قالعليه‌السلام يركع ثم ينحط ويتم صلاته معهم ولا شئ عليه "(٣) . وهذه الروايات واضحة الدلالة على أنه لا يعتبر إدراك الركوع في إدراك الركعة بل يكفي إدراك ما قبل الركوع، وإطلاق الرواية الاخيرة يقتضي عدم

____________________

(١) الوسائل: ج ٥ ص ٣٢ باب ١٧ من أبواب صلاة الجمعه. ح ١ باختلاف يسير.

(٢) الوسائل: ج ٥ ص ٣٢ باب ١٧ من أبواب صلاة الجمعه. ح ٣.

(٣) الوسائل: ج ٥ ص ٣٤ باب ١٧ من أبواب صلاة الجمعه، ح ٤، باختلاف يسير. (*)

٣٧٤

الفرق بين الركعة الاولى وسائر الركعات في كفاية إدراك ما قبل الركوع، فما أفاده في النجاة من اعتبار إدراك الركوع ضعيف غايته.

وأما ما أفاده في العروة من أن اعتبار ذلك إنما يكون في الركعة الاولى فقط ولا يعتبر إدراك شئ من الركعة في سائر الركعات ففيه: أنه وإن لم يقم دليل على اعتبار إدراك شئ من الركعة في جميع الركعات إلا أنه لم يقم دليل أيضا على كفاية إدراك الركعة الاولى في إدراك سائر الركعات، بل إطلاق ما تقدم من الاخبار على اعتبار إدراك الركوع في إدراك الركعة يقتضي اعتبار ذلك في كل ركعة، إذ الحكم في إدراك جنس الركعة قد علق على إدراك الركوع وإن كان مورد تلك الاخبار هو الركعة الاولى في اتباع الصلاة إلا أن الخصوصية الموردية مما لا دخل لها، مضافا إلى أن مناسبة الحكم والموضوع يقتضي ذلك أيضا إذ مقتضى المناسبة الحكمية هو اعتبار إدراك المأموم شئ من ركعة الامام، وعلى كل حال يكفي عدم قيام الدليل على كفاية إدراك الركعة الاولى في اعتبار ذلك في كل ركعة، فتأمل جيدا.

المسألة الرابعة: لو نوى الجماعة باعتقاد إدراك الركعة فلم يدرك الركوع. وكان ركوع المأموم مساوقا لرفع رأس الامام فقد قيل: بالبطلان كما في النجاة(١) . والعروة(٢) لان ركوعه ذلك لا يحتسب ركوعه الصلاتي فيلزم زيادة الركن، حيث إنه لابد له من أن يقوم عن ركوع ذلك سواء أراد الانفراد أو أراد الجماعة، لانه إن أراد الانفراد فلا بد له من أن يقوم للقراء‌ة وإن أراد الجماعة فأيضا لا بدله من القيام ليركع مع ركوع الامام في الركعة اللاحقة، فيلزم زيادة الركع على كل حال، وهو موجب للبطلان، هذا ولكن للمنع عن اقتضاء زيادة مثل هذا الركوع للبطلان مجال، حيث إنه ليس في

____________________

(١) نجاة العباد: ص ١٤١.

(٢) العروة الوثقى: فصل في الجماعة مسألة ٢٥، (*)

٣٧٥

شئ من أخبار الباب إشعار بالبطلان بل الذي فيها هو أنه قد فاتته الركعة.

نعم في بعض الاخبار التي اعتبر إدراك تكبيرة الركوع ورد أنه فاتته الصلاة، ولكن قد عرفت حال تلك الاخبار وعدم العمل بها، والاخبار التي اعتبرت إدراك الركوع مفادها أنه لو لم يدرك الركوع فقد فاتته الركعة وليس فيها إشعار بالبطان. بل يمكن أن يستدل للصحة بما دل على أنه لو ركع المأموم قبل ركوع الامام غفلة قام وركع مع الامام ثانيا، أو رفع رأسه من الركوع قبل رفع رأس الامم غفلة عاد إلى الركوع ثانيا وصحت صلاته.

ولو لم يدرك الامام عند عوده إلى الركوع بأن كان ركوعه ثانيا مساوقا لرفع الامام رأسه(١) . وما دل على أنه لو منعه الزحام عن السجود مع الامام في الركعة الاولى من صلاة الجمعة وبقي إلى أن سجد الامام للركعة الثانية نوى بسجوده مع الامام الركعة الاولى(٢) . فتكون ركعة المأموم ملفقة من ركوع الركعة الاولى للامام والسجود للثانية فلو نوى بالسجدتين الركعة الثانية أعاد السجدتين بقصد الركعة الاولى، مع أنه يلزم زيادة السجدتين. والمسألة وإن كان تخلافية وقد قيل بالبطلان فيهاإلا أنه قيل بالصحة أيضا، وليس في الاخبار إلا أنه لا تحسب السجدتان له، والغرض من ذلك الاستئناس إلى أنه زيادة الاركان في باب الجماعة ليس موجبا للبطلان فليكن المقام كذلك.

وبالجملة: دعوى الصحة في المقام ليست بعيدة، والاحوط أن يقوم عن ركوعه

____________________

(١) الوسائل: ج ص ٤٤٧ باب ٤٨ من أبواب صلاة الجماعة.

(٢) الوسائل: ج ٥ ص ٣٣ باب ١٧ من أبواب صلاة الجمعة، ح ٢ نقلا بالمعنى. (*)

٣٧٦

وينوي الانفراد والنافلة ويبطلها لادراك الجماعة في الركعة اللاحقة.

المسألة الخامسة: الاقتداء. وقبل الركوع رفع الامم رأسه فهل يبقى واقفا إلى أن يقوم الامام للركعة اللاحقة لو كانت ولم تكن الركعة الاخيرة أو أنه يتابع الامام في السجود غايته أنه لا يعتني بتلك الركعة ولا يضره زيادة السجود - وكذا الكلام في المسألة السابقة بناء على ما قويناه من الصحة - أو أنه يتابعه في السجود ويسلم مع الامام إن كانت الركعة الاخيرة ويستأنف صلاته؟ وجوه بل أقوال: قول: بأنه يتبعه في السجود وجوبا أو استحبابا ولا يعتني بتلك الركعة بل يقوم بعد تسليم الامام إن كان في الركعة الاخيرة ويقرأ بلاحاجة إلى استئناف صلاته، ولا يخرج عن الصلاة بتسليم الامام قهرا.

وقول: أنه يتابعه في السجود ويستأنف صلاته وهو المنسوب إلى المشهور.

وقوله: أنه لا يتابعه في السجود بل يبقى المأموم واقفا إلى أن يسلم الامام أو يدخل معه في التشهد بعد سجود الامام ثم يقوم ويصلي بلا حاجة إلى استئناف الصلاة.

والاقوى من هذه الاقوال هو القول الاول لان الاخبار المستدل بها للمقام كرواية معلى بن خنيس ورواية معاوية بن شريح ورواية أبي هريرة(١) ليس في شئ منها دلالة على استئناف الصلاة بل هي دالة على عدم الاعتماد بتلك الركعة أو بتلك السجدة. ودعوى رجوع ضمير " لا تعتد بها " الواقع في تلك الاخبار إلى الصلاة حتى يدل على استئناف الصلاة. بعيدة غايته. بل الظاهر رجوع الضمير إلى الركعة أو السجدة. فالاخبار تدل على عدم استئناف الصلاة ولو من جهة السكوت في مقام

____________________

(١) الوسائل: ج ٥ ص ٤٤٩ باب ٤٩ من أبواب صلاة الجماعة، ح ٢، ٦. ٧. (*)

٣٧٧

البيان بل ظاهر تلك الاخابر هو وجوب المتابعة إلا أن يجمع بين هذه الاخبار وبين ما دل على أن المأموم لا يتابع الامام في السجود بل يثبت مكانه بعد الاقتداء بحمل الامر في تلك الاخبار على رجحان المتابعة.

ولكن مع كله الاحوط أن لا يدخل في الصلاة والحال هذه لان مقتضى الادلة وإن كان ما ذكرنا من جواز الدخول في الصلاة ووجوب المتابعة أو رجحانها وعدم استئناف الصلاة إلا أن المشهور ذهبوا إلى الاستئناف، ولم يظهر لنا مستندرهم، فالاحوط ترك الدخول في الصلاة رأسا.

المسألة السادسة: لو شك في إدراك الامام راكعا فلا إشكال في أنه يجوز له الدخول في الصلاة بنية الاقتداء بل لو علم عدم إدراكه ركوع الامام كان له ذلك وإنما الاشكال في أن له الركوع والحال هذه - أي كونه شاكا في إدراك لركوع الامام - أو أن ليس له الركوع؟ فربما يقال: بأن له الركوع من جهة استصحاب عدم رفع الامام رأسه عن الركوع إلى أن يركع المأموم، ولا يخفى عليك ما فيه فإنه: أولا: مبني على جريان الاستصحاب في المستقبل وفيه كلام وإن كان الاقوى عندنا جريانه فيه.

وثانيا: أن جريان الاستصحاب مبني على أن يكون الموضوع هو اجتماع المأموم والامام في الركوع من دون اعتبار كون ركوع المأموم قبل رفع الامام رأسه بأن يكون العنون القبلية دخل في الحكم بالصحة، وسيأتي الكلام في ذلك مفصلا إن شاء الله في المسألة الآتية.

وثالثة: أن الاستصحاب لا يوجب الوثوق والاطمئنان المعتبر في العبادة بأجزائها فإن الاستصحاب لا يزيل الشك الوجداني ولايوجب الوثوق، وليس الاحراز في مثل المقام أخذ على نحو الطريقية حتى يقوم الاستصحاب مقامه بل

٣٧٨

للاحراز دخل موضوعا ليتحقق الوثوق والاطمئنان فتأمل فإن في النفس بعد من ذلك شئ.

ثم إن شيخنا الاستاذ - مد ظله - لم يفرق في هذه المسألة بين ما إذا قلنا ببطلان صلاة مع ركع ولم يدرك ركوع الامم وبين ما إذا قلنا بالصحة على ما تقدم في المسألة الرابعة والتزم - مد ظله - بأنه ليس له الركوع مع الشك في إدراك، الامم مطلقا قلنا بالصحة أو الفساد. ولكن الذ يختلج في البال هو أنه بناء على الصحة ينبغي القطع بجواز الركوع والحال هذه وهو الذي يظهر من الشيخ -قدس‌سره - في صلاته(١) .

المسألة السابعة: لو ركع المأموم وشك في إدراكه ركوع الامم قبل رفع رأسه.

فقد يقال: إن المسألة تبتني على مسألة تأخر الحادثين وتعارض الاصلين من الجانبين إن لم يكن أحدهما معلوم التاريخ وإلا فالاصل يجري في طرف مجهول التاريخ وبعمل على مقتضاه كما في مسألة إسلام الوارث وموت المورث، فيقال في المقام: إنه (تارة) يعلم المأموم تاريخ ركوع نفسه كما إذا علم مثلا أنه عند قدوم زيد كان هو راكعا ويشك في رفع رأس الامام في ذلك الحال، و (اخرى) يعلم بتاريخ رفع رأس الامام كما إذا علم أنه عند قدوم الامام قد رفع رأسه عن الركوع ويشك في وصوله إلى حد الركع قبل ذلك الحال. و (ثالثة) لا يعلم لا بتاريخ ركوعه ولا بتاريخ رفع رأس الامام بل مجرد أنه يرى نفسه راكعا والامام رافعا رأسه. فإن علم بتاريخ ركوعه وشك في رفع رأس الامام في ذلك التاريخ فيستصحب بقاء الامام راكعا وعدم رفع رأسه عنه إلى زمان ركوعه، فيتحصل من

____________________

(١) كتاب الصلاة: ص ٢٨٢. (*)

٣٧٩

ضم الوجدان بالاصل اجتماع الامام والاموم في الركوع وهو مقتض للصحة.

وإن علم بتاريخ رفع الامام رأسه عن الركوع وشك في وصوله إلى حد الراكع قبل ذلك فيستصحب عدم وصوله إلى حد الركوع إلى زمان رفع الامام رأسه ويتحصل من ضم الوجدان بالاصل عدم اجتماع الامام والمأموم في الركوع وهو مقتض للبطلان. ولو جهل تاريخ كل منهما فالاصول تكون متعارضة من الطرفين وتتساقط ويبقى الشك على حاله. وبذلك أيضا يعلم حال المسألة السابقة وهي مالو كان شكه قبل الدخول في الركوع فإنه (تارة) يعلم تاريخ وصوله إلى الركوع وأنه متى يصل ويشك في تاريخ رفع الامام رأسه وأنه متى يرفعه و (اخرى) ينعكس الامر. و (ثالثة) يشك في كل منهما وتجري الاصول على حسب ما تقدم هذا.

ولكن الاقوى أن المسألة ليست من مسألة تأخر الحدثين ولا تكون من صغريات ما يحرز بعض الموضوع بالوجدان وبعضه بالاصل وكذا المسألة التي قبلها. وذلك لان ضابط ما يحرز بعضه بالاصل وبعضه بالوجدان هو أن يكون الموضوع مركبا من جوهرين أو عرضين لمحلين أو جوهر وعرض قائم بغير ذلك الجوهر بحيث لا يكون بين جزئي الموضوع رابطة سوى اجتماعهما في الزمان، ويكون نفس اجتماعهما في الزمان تمام الموضوع للحكم، فإن في مثل هذا يصح إحراز أحد الجزء‌ين بالوجدان والآخر بالاصل، ويتحصل من ضم الوجدان بالاصل اجتماعهما في الزمان.

وأما لو كان الموضوع للحكم هو العنوان البسيط المتولد من اجتماع الشيئين في الزمان ولو كان ذلك العنوان هو عنوان الحال بحيث يكون الموضوع هو وجود

٣٨٠