كتاب الصلاة الجزء ٢

كتاب الصلاة0%

كتاب الصلاة مؤلف:
تصنيف: فقه استدلالي
الصفحات: 400

كتاب الصلاة

مؤلف: الميرزا محمد حسين الغروي النائيني
تصنيف:

الصفحات: 400
المشاهدات: 26436
تحميل: 4756


توضيحات:

بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 400 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 26436 / تحميل: 4756
الحجم الحجم الحجم
كتاب الصلاة

كتاب الصلاة الجزء 2

مؤلف:
العربية

أحدهما في حال وجود الآخر على وجه يكون للحالية دخل في الحكم أو كان الموضوع هو عنوان قبلية أحدهما للآخر أو بعديته أوغير ذلك من العناوين والاضافات الوجودية المتولدة وجود الشيئين في زمانهما، ففي مثل هذا ضم الوجدان بالاصل لاينفع، لان الاصل لايثبت تلك الاضافة وذلك العنوان الوجودي المتولد إلا على القول بالاصل المثبت، ولما كان الحكم بإدراك الركعة في أدلة الباب معلقا على ركوع المأموم قبل رفع الامام فمقتضى ظاهر الادلة هو أن لعنوان القبلية دخلا في الحكم بإدراك الركعة، وأصالة عدم رفع رأس الامام إلى زمان ركوع المأموم لايثبت عنوان القبلية ودعوى أن المراد من القبلية هو مجرد الاجتماع في الركوع من دون أن يكون لعنوان القبلية دخل مما لاشاهد لها، فإنه تصرف في ظاهر الادلة بلا شاهد بل مقتضى الجمود هو أن لعنوان القبلية دخلا، فتأمل في أطراف ماذكرناه جيدا.

هذا تمام الكلام فيما تنعقد به الجماعه ومايدرك به الركعة.

فيما يعتبر في الجماعة

وهو امور: الاول: أن لا يكون بين الامام والمأموم حائل يمنع عن المشاهدة إذا كان المأموم رجلا.

والاصل في ذلك مضافا إلى الاجماعات المحكية صحيحة زرارة عن أبي جعفرعليه‌السلام في حديث قال: " إن صلى قوم بينهم وبين الامام سترة أو جدار فليس تلك لهم بصلاة إلا من كان حيال الباب، قال: وقال: هذه المقاصير إنما أحدثها الجبارون وليس لمن صلى خلفها مقتديا بصلاة من فيها صلاة "(١) .

____________________

(١) من لايحضره الفقيه: ج ١ ص ٣٨٦، ح ١١٤٤ ط جماعة المدرسين، باختلاف يسير. (*)

٣٨١

والمقاصير جمع مقصورة والظاهر أن يكون المراد من المقصورة ما كان من قبيل البيت الذي يكون في طرف المسجد وله باب من الخارج بحيث كان الامام يدخل ذلك البيت من الباب الخارج والناس يقتدون به من وراء البيت. وعلى كل حال تنقيح البحث عن الحائل يقع في طي مسائل:

الاولى: الظاهر من السترة هو ما يكون ساترا بحيث يمنع عن المشاهدة، فمثل الشبابيك التي تكون منافذها واسعة بحيث لاتمنع عن المشاهدة لاتدخل تحت عنوان السترة، نعم إذا كانت منافذها ضيقة يصدق عليها عنوان السترة وإن فرض إمكان مشاهدة من وراء‌ها بعد إمعان النظر.

الثانية: الظاهر من السترة هو أن يكون ساترا ولو في بعض الاحوال كما إذا كان ساترا في حال الجلوس دون حال القيام، نعم ما كان حائلا في حال السجود فقط لقصر قامة الساتر كعتبة الباب مثلا لا يصدق عليه عنوان الساتر، هذا. ولكن يمكن أن يقال: إنه ما كان حائلا في بعض الاحوال كحال الجلوس فقط وإن كان يصدق عليه عنوان السترة إلا أنه لم يظهر من الرواية كون كل سترة مانعة بل المتيقن من السترة المانعة هي ما كانت حائلة في جميع الاحوال بحيث تكون بقدر القامة وما يقرب من ذلك، ولكن الاحوط هو ما ذكرناه أولا.

الثالثة: لو كان الحائل مما لا يمنع المشاهدة كالزجاج فقد يقال: إنه لا مانع عنه لعدم صدق السترة عليه، وربما يبتني على كون الابصار بخروج الشعاع أو الانطباع، ولكن الابتناء على ذلك ضعيف غايته لعدم ابتناء الاحكام الشرعية على الامور الحكمية العقلية، والتحقيق في المقام هو أن يقال: إن مناط المنع إن كان هو السترة والحجب وعدم المشاهدة فهو غير متحقق لعدم كون الزجاج كذلك، وإن كان المناط هو تعدد مجلس الامام والمأموم وعدم صدق الجماعة مع وجود الحائل كما لايبعد أن

٣٨٢

يكون هو المناط في اعتبار عدم البعد بينهما بما لا يتخطى كما سيأتي فذلك في الزجاج متحقق لصدق تعدد المجلس، وقد توقف شيخنا الاستاذ - مد ظله - في ذلك.

الرابعة: لو كان الحائل بين الامام والمأموم مأموما فلا بأس، نعم يعتبر أن لا يعلم بفساد صلاة المأموم الحائل لانه يكون من حيلولة الاجنبي، ولو شك في الفساد بنى على الصحة ولو تبين الفاسد بعد الصلاة إذ الفساد الواقعي لا أثر له في باب الجماعة، كما لو تبين فساد صلاة الامام فإنه لايوجب بطلان الجماعة، ففساد صلاة المأموم لا يوجب البطلان بطريق أولى، هذا. ولكن ظاهر الجواهر في المقام هو دوران صحة الجماعة مدار صحة صلاة المأموم الحائل واقعا(١) .

الخامسة: كما يعتبر في ابتداء الجماعة عدم وجود الحائل بين الامام والمأموم كذلك يعتبر ذلك في الاستدامة، فلو تجدد الحائل في الاثناء بطلت الجماعة وينفرد المأموم قهرا وبطلان الجماعة لا يوجب بطلان صلاة المأموم. ولو عدم الحائل بعد وجوده في الاثناء ففي جواز رجوع المأموم إلى نية الاقتداء وجه. مبني على جواز نية الجماعة في أثناء الصلاة المنفرد. وسيأتي البحث عن ذلك في محله إن شاء الله.

السادسة: لو كان الحائل غير مستقر كالمارة فلو اتصلت المارة بعضها ببعض من أول الصلاة إلى آخرها بحيث لم يشاهد المأموم إمامه في جميع أفعال الصلاة أو معظمها فهو في حكم الحائل المستقر وتبطل الجماعة بذلك، وأما إذا لم تتصل المارة على هذا الوجه فلا بأس لعدم صدق الحائل على مثل ذلك.

السابعة: لا إشكال في أنه لا يعتبر المشاهدة القدامية بالنسبة إلى الامام

____________________

(١) جواهر الكلام: ج ١٣ ص ١٥٩. (*)

٣٨٣

والمأموم وبالنسبة إلى المأمومين بعضهم مع بعض إذا لم يكن في البين ساتر وحائل أصلا بل يكفي المشاهدة اليمينية والشمالية كالمأمومين الواقفين في جناحي الامام، وكبعض الصف اللاحق إذا كان أطول من الصف السابق حيث إنه لم يكن أمامه من يشاهده بل يشاهد من على يمينه أو يساره.

وهذا كله مما لا ينبغي التكلم والاشكال فيه. وإنما الاشكال في كفاية المشاهدة اليمينية والشمالية إذا كان هناك حائل وساتر يمنع عن المشاهدة القدامية كالواقف عقيب اسطوانة المسجد المتصل بمن يشاهد الامام وكجناحي الواقف بحذاء باب المسجد حيث إن الجناحين يشاهد الواقف بحذاء الباب يمنة ويسرة من دون أن يكون أمامه من يشاهده من الامام أو المأمومين لمنع حائط المسجد عن ذلك.

وقد اضطربت كلمات الاعلام في ذلك بحيث لا يحصل المراد منها إلا بعد التأمل والتعمق فظاهر بعض الكلمات كفاية المشاهدة اليمينية والشمالية فيما فرضناه، وظاهر بعض آخر عدم الكفاية وقصر الصحة بمن كان بخصوص حيال لباب المشاهد امامه من الامام أو المأمومين وبطلان صلاة من كان واقفا عن يمينه ويساره الذي لم يكن أمامه من يعتبر مشاهدته، ومنشأ الخلاف هو الاختلاف في فهم قولهعليه‌السلام " إلا من كان بحيال الباب " المذكور في الرواية المتقدمة وأن هذا الاستثناء مقصور بخصوص من كان بحيال الباب ولا يعم طرفيه وكان استثناء عن حكم المقاصير المذكور في ذيل الرواية، وأن الحيال هو خصوص الجهة القدامية بحيث لا يقال لمن كان واقفا في يمين الشخص أو يساره: إنه بحياله، أو أن هذا الاستثناء ليس مقصورا بخصوص من كان بحيال الباب بل يعم طرفيه وأنه استثناء عن الجملة السابقة وأن الحيال أعم من الجهة القدامية واليمينية والشمالية.

والظاهر أنه لا ينبغي التأمل في أنه لا يستفاد من الرواية اعتبار خصوص

٣٨٤

المشاهدة القدامية بل يكفي المشاهدة يمنة ويسرة، وأن الحيال ليس معناه خصوص الجهة القدامية بل يعم الجهة اليمينية والشمالية وذلك لان لكثرة استعمال الحيال في جهة اليمين واليسار في الاخبار وفي لسان العرف كما ورد في باب تكبيرة الاحرام من رفع اليد بحيال الوجه.

وكذلك في السجود من وضع اليد بحيال الوجه وغير ذلك من موارد استعمال الحيال في جهة اليمين والشمال، وقولهعليه‌السلام في الرواية " إلا من كان بحيال الباب " استثناء عن الجملة المتقدمة وهي قولهعليه‌السلام " إن صلى قوم بينهم وبين الامام سترة أو جدار فليس تلك لهم بصلاة إلا من كان بحيال الباب "(١) فيصير المعنى أنه لا بأس بالسترة والجدار بالنسبة إلى من كان بحيال الباب أي جناحي الباب بعد ما كان مشاهدا لمن يشاهد المأموم المتقدم أو الامام ولا داعي إلى جعله استثناء عن حكم المقاصير المتأخرة، مع أن الذي يحكى عن التواريخ أن المقاصير لم تكن لها باب من داخل المسجد بل لها باب أو أبواب متعددة من خارج المسجد، وكانت المقصورة من قبيل البيت في المسجد لها باب من خارج المسجد يدخل الامام منه ويقف المأمومون خلف البيت داخل المسجد، ولم يكن للمقصورة باب من داخل المسجد لان المقصورة إنما أحدثها معاوية لعنه الله بعد شهادة أمير المؤمنينعليه‌السلام مخافة أن يقتل في حال صلاته كما قتل أمير المؤمنينعليه‌السلام فأحدث المقصورة ليقف هو داخل المقصورة والمأمومون خلفها ليأمن عن القتل، وهذا الفرض ينافي ثبوت باب للمقصورة من داخل المسجد مع أنه لو فرض أن للمقصورة بابا عن داخل المسجد وكان قولهعليه‌السلام " إلا من كان بحيال الباب " استثناء عن حكم المقاصير لم يكن ذلك منافيا لما ذكرناه من كفاية المشاهدة اليمينية

____________________

(١) ثم من لا يحضره الفقيه: ج ١ ص ٣٨٦، ح ١٤٤ ط جماعة المدرسين. (*)

٣٨٥

والشمالية بعدما كان الحيال أعم من الجهة اليمينية والشمالية، فالعمدة إثبات هذا المعنى، وقد عرفت موارد استعمال الحيال في جهة اليمين والشمال.

ودعوى أن المراد من الموصول في قوله " إلا من كان بحيال الباب " خصوص الشخص الذي يكون بحيال الباب لا الصف الذي يكون بحيال الباب فاسدة إذ لا مانع من إرادة الصف من الموصول. والذي يؤيد ما ذكرناه من كفاية المشاهدة اليمينية والشمالية بل يدل عليه الجملة المذكورة في صدر الرواية وهي قولهعليه‌السلام " إن صلى قوم وبينهم وبين الاما ما لا يتخطى فليس ذلك الامام لهم بإمم وأي صف كان أهله يصلون بصلاة إمام وبينهم وبين الصف الذي يتقدمهم قدر مالا يتخطى فليس تلك لهم الصلاة "(١) فإنه يستفاد من هذه الجملة امور ثلاثة:

(الاول) أن لا يكون بين مجموع المأمومين، وبين الامام قدر ما لا يتخطى.

(الثاني) أن لا يكون بين الصف المتقدم والصف المتأخر قدر ما لا يتخطى وهذان الامران دلت عليهما الجملة بالمطابقة.

(الثالث) أن لا يكون بين أجزاء الصف الواحد قدر مالا يتخطى.

وهذا الامر دلت عليه الجملة بالملازمة إذ من البعيد عدم تعرض حكم أجزاء الصف الواحد مع تعرضه لحكم الصفوف مع الامام والصفوف بعضها من بعض، فلابد من أن يكون السكوت عن ذلك لاجل دلالة الجملة عليه بالملازمة، فيعتبر حينئذ في الصف الذي يكون أطول من الصف السابق أن لا يكون في جناحي الصف قدر مالا يتخطى بالنسبة إلى أجزاء صفه وإن كان بين الجناحين وبين الصف المتقدم قدر مالا يتخطى أو أكثر.

وفي قولهعليه‌السلام بعد ذلك " فإن كان بينهم سترة أو جدار... إلخ " أجمل

____________________

(١) من لا يحضره الفقيه: ج ١ ص ٣٨٦ - ١١٤٤ ط جماعة المدرسين. (*)

٣٨٦

حكم الاقسام الثلاثة، وكأنه اعتمد عليها بالجملة السابقة واستفادة حكم الاقسام الثلاثة في الساتر من حكم الاقسام الثلاثة في البعد، فيعتبر في الساتر أن لا يكون بين مجموع المأمومين والامام ساتر وأن لا يكون بين الصف المتقدم والصف اللاحق ساتر وأن لا يكون بين أجزاء الصف الواحد ساتر، فكما لا يضر البعد بين جناحي الصف اللاحق مع الصف السابق إذا اتصلت أجزاء الصف اللاحق كذلك لا يضر الستر بين جناحي الصف اللاحق مع الصف السابق إذا لم يكن بين أجزاء الصف اللاحق ستر، ولازم ذلك هو صحة صلاة الصف الواقع بحيال الباب وإن لم يشاهد من قدامه، فيستفاد كفاية المشاهدة اليمينية والشمالية من الجملة السابقة. هذا كله مضافا إلى ماورد من صحة الصلاة خلف الاسطوانة، فلا ينبغي الاشكال بعد ذلك في كفاية المشاهدة اليمينية والشمالية، فتأمل جيدا.

الثامنة: لو كان المأموم ممن يشاهد الامام ولم يشاهد من هو على جنبه ممن يعتبر اتصاله به كما إذا كان هناك جدار كما إذا فصل بين هذا المأموم وسائر المأمومين جدار، وكان هذا المأموم يشاهد الامام عن بعد ولم يشاهد المأمومين الغير البعيدين عنه بمالا يتخطى، فهل تصح صلاة مثل هذا المأموم باعتبار مشاهدته للامام وعدم بعده عن المأمومين بالمقدار المضر أو لا تصح باعتبار وجود الحائل بين من يعتبر اتصاله؟ الظاهر هو الثاني لان المشاهدة لم تؤخذ في لسان الدليل بل العبرة بعدم الساتر.

وقد عرفت أنه كما يعتبر عدم البعد بين أجزاء الصف الواحد كذلك يعتبر عدم الساتر بين أجزاء الصف الواحد حسب ما ذكرناه في آخر المسألة السابقة فتأمل.

التاسعة: لو شك في وجود الساتر فهل تجدي فيه أصالة العدم أو لا تجدي؟

٣٨٧

ربما يقال بعدم الجدوى من جهة اعتبار قضية الحال في مسألة مالا يتخطى، حيث إن الظاهر من قولهعليه‌السلام : " إن صلى قوم وبينهم وبين الامام... إلخ " هو قضية الحال لمكان...(١) وعطف عدم الساتر عليه ومقتضاه اعتبار قضية الحال فيه أيضا وأصالة عدم الساتر لا تثبت وقوع الصلاة حال عدم الساتر، فإن أصالة عدم الساتر إنما يكون بمفاد ليس التامة والذي يترتب عليه الاثر مفاد ليس الناقصة وفي كل مقام كان كذلك لا يجدي فيه العدم الازلي كما حققناه في محله. هذا.

ولكن يمكن أن يقال: إن أخذ قضية الحال في مسألة مالا يتخطى لا يلازم أخذها في مسألة الساتر. ومجرد عطف أحد الجملتين على الاخرى لا يقتضي ذلك بل يمكن منع أخذ قضية الحال حتى في مسألة مالا يتخطى، لانه لولم يعتبر قضية الحال فيها لكان التعبر عن اعتبار عدم البعد بمفاد ليس التامة كذلك أي كما وقع في الرواية. فالتعبير بواو الحالية يمكن أن يكون لبيان اعتبار الحال ويمكن أن يكون لبيان مجرد اعتبار عدم البعد بمفاد ليس التامة.

والحاصل: أنه لم يظهر من الدليل أزيد من اعتبار عدم الستربين الامام والمأموم، فالستر إذا كان مسبوقا بالعدم يجري فيه الاصل ولا يكون من الاصل المثبت.

العاشرة: لا يعتبر عدم الستر إذا كان المأموم امرأة الامام رجلا كما هو المشهور. ويدل على ذلك - مضافا إلى إمكان دعوى اختصاص ما دل على اعتبار عدم الستر بالرجل ولا يعم المرأة، من جهة أن اعتبار عدم الستر لس من التعبد المحض بل لمكان أن صدق الوحدة في الجماعة يتوقف على ذلك، إذ مع وجود الستر يتعدد

____________________

(١) هناك كلمات سقطت من نسخة الاصل. (*)

٣٨٨

المجلس ويوجب عدم صدق الوحدة، ولكن هذا في الرجال. وأما النساء فوجود الستر بينها وبين الرجل لا يوجب تعدد المجلس بل يصدق وحدة المجلس والجماعة مع الساتر، فتأمل - المرسل الذي حكاه المحلي والموثق " سألت أبا عبداللهعليه‌السلام عن الرجل يصلي بالقوم وخلفه دار فيها نساء هل يجوز لهن أن يصلين خلفه؟ قال: نعم إذا كان الامام أسفل منهن، قلت: فإن بينهن وبينه حائطا أو طريقا فقال: لا بأس "(١) . هذا وخص الحكم شيخنا الاستاذ - مد ظله - بما إذا كان الساتر من قبيل الحائط الرقيق ولا يعم مثل ما إذا كان غليظا كاسطوانة بعض المساجد وجدران بعض البيوت والربط. ولم يعلم لنا وجه الاختصاص.

الامر الثاني: مما يعتبر في الجماعة أن لايكون بين المأموم والامام أو المأموم المتقدم أو المأموم الذي في أحد جانبيه قدر ما لا يتخطى. والاصل [ فيه ] ما تقدم من صدر صحيحة زرارة عن الباقرعليه‌السلام : " إن صلى قوم وبينهم وبين الامام مالا يتخطى فليس ذلك الامام لهم بإمام، وأي صف كان أهله يصلون بصلاة الامام وبينهم وبين الصف الذي يتقدمهم قدر ما لا يتخطى فليس تلك لهم بصلاة "(٢) .

ودلالة ذلك على اعتبار هذا الشرط على وجه الوجب واللزوم مما لا يكاد ينكر، ولكن المشهور ذهبوا إلى استحباب ذلك وأنه لا يعتبر في الجماعة على وجه اللزوم أزيد من الصدق العرفي سواء انطبق الصدق العرفي على قدر ما لا يتخطى أو زاد حتى حكي عن بعض التحديد بخمس وعشرين ذراعا وعن الشافعية بثلاثمائة ذراع.

____________________

(١) الوسائل: ج ٥ ص ٤٦١ باب ٦٠ من أبواب صلاة الجماعة.

(٢) من لا يحضره الفقيه: ج ١ ص ٣٨٦، ح ١١٤٤ ط جماعة المدرسين. (*)

٣٨٩

وأما اعتبار أن لا يكون البعد بقدر مالا يتخطى فهو حكم استحبابي، ولم يظهر لناوجه ذهاب المشهور إلى ذلك مع وضوح دلالة الصحيحة على اعتبار ذلك على وجه الوجوب ولا استبعاد في ذلك فإنه يكون من البعد الشرعي، وأي استبعاد في جعل الشارع ذلك شرطا في صحة الجماعة، فما عن المحقق(١) -رحمه‌الله - من استبعاد ذلك في غير محله.

نعم يمكن أن يكون الوجه في ذهاب المشهور إلى الاستصحاب هو مارود في ذيل الصحيحة حيث قال الراوي: " وقال أبوجفعرعليه‌السلام ينبغي أن تكون الصفوف تامة متواصلة بعضها إلى بعض لا يكون بين الصفين مالا يتخطى يكون قدر ذلك مسقط جسد الانسان إذا سجد "(٢) فإن ظهور " ينبغي " في الاستحباب مما لايكاد ينكر، وكأن المشهور فهموا من الصدر والذيل معنى واحدا وجعلا ظهور الذيل في الاستحباب قرينة على أن المراد من الصدر أيضا الاستحباب، والحق معهم لو اتحد معنى الصدر والذيل، إلا أن الشأن في إثبات الاتحاد، فإنه يمكن أن يقال: إن المراد من الذيل هو التواصل الحقيقي بحيث يساوي مسجد اللاحق لموعض قدم السابق كما هو الظاهر من قولهعليه‌السلام " متواصلة بعضها مع بعض " ويحمل قوله بعد ذلك " لا يكون بين الصفين مالا يتخطى " على معناه الالزامي، ويكون قوله بعد ذلك " قدر مسقط جسد الانسان إذا سجد " بيانا(٣) للتواصل، أي يكون قدر ذلك بين الصفين، فيستفاد من قوله " متواصلة " مع قوله " يكون ذلك قدر مسقط.... إلخ " أنه يستحب أن يكون وضع سجود اللاحق ملاصقا لموضع قدم السابق، ويكون ما وقع في أثناء

____________________

(١) المعتبر: ص ٢٣٩.

(٢) الوسائل: ج ٥ ص ٤٦٢ باب ٦٢ من أبواب صلاة الجماعة ح ١.

(٣) ويمكن أيضا أن يكون ذلك بيانا لما لايتخطى ولعل ذلك أقرب لئلا يلزم الفصل بالاجنبي، فتأمل. (*)

٣٩٠

الجملتين من قوله " لا يكون بين الصفين قدر مالايتخطى " بيانا للحكم الالزامي، فلا يلزم التفكيك بين معنيي مالا يتخطى الواقع في الصدر والذيل، ولا بعد في اشتمال الذيل على حكم إلزامي وهو أن لا يكون بين الصفين مالا يتخطى، وحكم استحبابي وهو تواصل الصفوف، وحينئذ يختلف معنى الذيل والصدر فلا يكون ظهور الذيل في الاستحباب قرينة على أن المراد من الصدر أيضا الاستحباب بل الصدر يكون على ماهو ظاهر فيه من الالتزام، فيعتبر أن لا يكون بين الصفوف قدر مالا يتخطى بمعنى أن وجود مالا يتخطى في جميع حالات الصلاة موجب لعدم انعقاد الجماعة، فلا بأس إذا لم يكن في حال السجود مالا يتخطى وكان في حال القيام ذلك لانه يصدق أنه في جميع حالات الصلاة لم يكن مالا يتخطى، واستفادة كون مالا يتخطى في جميع حال الصلاة إنما هو من قضية الحال المستفاد من الرواية، فإن الظاهر من قولهعليه‌السلام " إن صلى قوم وبينهم وبين الامام مالا يتخطى " هو أن صلاتهم تكون في حال وجود مالا يتخطى لمكان واو الحاكية للحال، وهذه القضية لا يصدق إلا إذا كان في جميع حالات الصلاة قدر مالا يتخطى فعند ذلك ذلك الامام ليس لهم بإمام، فإذا لم يكن في جميع الحالات ذلك صحت صلاتهم.

ثم إن الظاهر من قولهعليه‌السلام " لا يتخطى " هو عدم إمكان أن يتخطى إذ لو أمكن أن يتخطى ولو في مورد لم يصدق أنه لا يتخطى، فالبعد المضر بالصحة هو مالا يمكن أن يتخطى وهذا لعله يقرب من ذراعين، فإذا لم يكن البعد بين مسجد اللاحق وموضع قدم السابق هذا المقدار صحت الجماعة وإذا كان بهذا المقدار بطلت فتأمل.

بقي في المقام بعض الفروع المتعلقة بالبعد: الاول: أن عدم البعد كما يكون شرطا في الابتداء كذلك شرطا في الاثناء.

٣٩١

فلو حصل البعد في الاثناء ولو بانفراد من يعتبر الاتصال به يتحقق الانفراد قهرا، ولا عبرة بعود الاتصال ولو عن قرب كما إذ عاد المنفرد إلى الجماعة فورا لانه بمجرد تحقق البعد ولو آنا ما ينفرد.

الثاني: هل تهيؤ الصفوف السابقة للاقتداء يكفي في صحة اقتداء اللاحق أو يعتبر اقتداء السابق في صحة اقتداء اللاحق؟ مقتضى القاعدة أنه لايكفي لان التهيؤ لايوجب عدم تحقق البعد ولكن شيخنا الاستاذ - مد ظله - ادعى السيرة على كفاية ذلك، كما يظهر ذلك بالنسبة إلى الجماعة التي تكون ذات صفوف كثيرة بحيث عادة لايمكن إدراك الواقع في آخر الصفوف ركوع الامام لو صبر إلى أن يتحقق اقتداء جميع ما قبله من الصفوف فلابد حينئذ من الاكتفاء بالتهيؤ، والمسألة بعد تحتاج إلى نظر.

الثالث: ورد في جملة من الروايات(١) أنه لو خاف الداخل للمسجد عدم إدراك ركوع الامام كبر في محله وركع ثم يمشي إلى أن يتصل بالصفوف وظاهر من هذه الروايات هو اغتفار البعد بالنسبة إلى الخائف فيكون تخصيصا لاعتبار عدم البعد، والمحكي عن الشيخ -قدس‌سره - المنع عن دلالة الروايات زائدا عن القدر المغتفر من البعد في سائر الموارد.

والتحقيق أن يقال: إنه لو اعتبرنا قدر ما لا يتخطى ولم نحمل ذلك على الاستحباب كانت هذه الروايات تخصيصا لذلك، وكان قدر مالا يتخطى مغتفرا بالنسبة إلى الخائف لكن بمقدار لا يخرج عن وحدة الجماعة بأن كان قريبا من الصفوف وإطلاق الداخل للمسجد لا يعم ما إذا كان المسجد واسعا وكانت الجماعة في آخر المسجد بحيث يكون البعد بين الداخل وبين الجماعة كثيرا،

____________________

(١) الوسائل: ج ٥ ص ٤٤٢ باب ٤٦ من أبواب صلاة الجماعة. (*)

٣٩٢

فإن شمول إطلاق الروايات لمثل هذا الفرض قد منع عنه شيخنا الاستاذ - مد ظله - خصوصا بعد ما ورد في بعضتلك الروايات من كون الشخص دون الصفوف، فإن الظاهر من لفظ الدون هو ماكان قريبا من الصفوف بل لا يعم ما لا يتخطى هذا، ولكن الظاهر أنه لا مانع من الاخذ بإطلاقات هذا إذا قلنا باعتبار ما لايتخطى. وأماإن رجعنا في البعد إلى العرف وحملنا قدر ما لا يتخطى على الاستحباب كما هو عند المشهور فكون هذه الروايات تخصيصا لذلك واغتفار ما يكون زائدا عما يحكم به العرف مما يمكن منعه خصوصا إذا كان التحديد بمثل خمس وعشرين ذراعا، ولعل منع الشيخ -قدس‌سره - عن دلالة الروايات ناظر إلى هذا الغرض، هذا. ولكن الاحتياط لا ينبغي تركه.

الامر الثالث: ممايعتبر في الجماعة ان لا يكون موقف الامام ارفع من موقف الماموم. والاصل في ذلك رواية عمار وهي وإن كانت مضطربة المتن مختلفة النسخ إلا أن ذلك لا يضر بمورد الاستدلال: قال: " سألت الصادقعليه‌السلام عن الرجل يصلي بقوم وهم في موضع أسفل من موضعه الذي يصلى فيه فقال: إن كان الامام على شبه الدكان او على موضع أرفع من موضعهم لم تجز صلاتهم، وإن كان أرفع منهم بقدر إصبع أو أكثر أو أقل إذا كان الارتفاع ببطن مسيل فإن كان أرضا مبسوطة أو كان في موضع منها ارتفاع فقام الامام في الموضع المرتفع وقام من خلفه أسفل منه والارض مبسوطة إلا أنهم في موضع منحدر فلا بأس. قال: وسئل الامامعليه‌السلام فإن قام الامام أسفل من موضع من يصلي خلفه قالعليه‌السلام : لا بأس، وقال: إن كان رجل فوق بيت أو غير ذلك - دكانا كان أو غيره وكان الامام يصلي على الارض أسفل منه جاز للرجل أن يصلي خلفه ويقتدي بصلاته وإن كان أرفع

٣٩٣

منه بشئ كثير "(١) .

وهذه الموثقة - كما ترى - صدرها واضح الدلالة على اعتبار عدم علو موقف الامام لموقف المأموم بل مقتضى إطلاق الصدر هو اعتبار عدم العلو مطلقا ولو دون الشبر، ولكن ظاهر المشهور أنه لا بأس بالعلو إذا كان دون الشبر وكأنهم لا يفهموا من الصدر الاطلاق على هذا الوجه، وعلى كل حال مورد الاستدلال هو الصدر وهو واضح الدلالة وليس فيه تهافت وغلق، نعم قوله " وإن كان بقدر إصبع أو أقل أو أكثر إذاكان الارتفاع ببطن مسيل... إلخ " غير معلوم المراد ومختلف النسخ حيث إنه في بعض النسخ " وإن كان بقدر إصبع إلى شبر " وفي بعض النسخ " إذا كان الارتفاع بقدر شبر أو بقدر يسير " عوض قوله " ببطن مسيل ".

ولكن على كل تقدير الرواية تدل على اعتبار عدم كون العلو بقدر شبر، وأما ما دون الشبر فالرواية ساكتة عن ذلك مع الغض عن إطلاق الصدر فيرجع فيما دون الشبر إلى إطلاقات الجماعة، وإن منع شيخنا الاستاذ - مد ظله - عن وجود إطلاق في باب الجماعة يدل على عدم البأس بالعلو بما دون الشبر، ومقتضى الاصل العملي هو الاشتغال للشك في سقوط القراء‌ة واغتفار زيادة الركن وغير ذلك من أحكام الجماعة.

وبالجملة: الموثقة قد تعرضت الحكم الاقسام الثلاث للعلو الاول: العلو الدفعي، الثاني: العلو الانجداري كبطن المسيل وكسفح الجبل وفي هذين الموردين من العلو منعن عنه الموثقة، الثالث: العلو التسنيمي التدريجي وفي مثل هذا العلو قد رخص فيه وإن بلغ العلو ما بلغ إن كان تسنيميا ولم يظهر للحس، هذا كله في علو الامام.

____________________

(١) الوسائل: ج ٥ ص ٤٦٣ باب ٦٣ من أبواب الصلاة الجماعة. ح ١. (*)

٣٩٤

وأما علو المأموم فمقتضى إطلاق ذيل الموثقة هو أنه لا بأس وإن بلغ ما بلغ، ولكن مع هذا الاولى والاحوط اعتبار الوحدة العرفية إذا ربما يصل العلو إلى حد تخرج الجماعة عن كونها جماعة واحدة ويمكن منع إطلاق الذيل لهذا النحو من العلو فتأمل جيدا.

الامر الرابع: مما يعتبر في الجماعة عدم تقدم المأموم على الامام إجماعا مستفيضا وعدم مساواته له على الاقوى. أما عدم تقدم المأموم فلم ينقل فيه خلاف ويدل عليه سياق جملة من الروايات مضافا إلى السيرة المستمرة جميع الاعصار عند جميع المسلمين. وأما عدم مساواته له فهو وإن كان محل الخلاف بين الاعلام بل المحكي عن لمشهور جوازه إلا أن الاقوى عدم جوازه لما ورد في صلاة العراة من " أنهم يصلون عن جلوس والامام يتقدمهم بركبتيه "(١) مع أنه شرع الصلاة عن جلوس لهم والايماء للركوع والسجود لئلا تبدو عوراتهم. فلو فرض جواز المساواة لما انتقل فرضهم إلى الركوع الايمائي لانه لا تبدو عورتهم مع المساواة للموقف، فيظهر من ذلك أنه لا يجوز المساواة بل لابد من أن يتقدم الامام المأموم فينقل فرض العاري حينئذ إلى الايماء للركوع والسجود لئلا تبدو عورته.

وبالجملة: لا ينبغي التأمل في دلالة الروايات الواردة في صلاة العراة على اعتبار تقدم الامام، بعد ذلك لا يلتفت إلى ما استدل به المجوز من الوجوه الضعيفة كما لا تخفى على المراجع. ثم إن الضابط في التقدم هو العرف وما ذكروه من الوجوه في كيفية التقدم ليست بشئ بعد ما كان المرجع العرف وقد أطال البحث شيخنا الاستاذ

____________________

(١) الوسائل: ج ٣ ص ٣٢٨ باب ٥١ من أبواب لباس المصلي، ح ١ نقلال بالمعنى. (*)

٣٩٥

- مد ظله - في هذا المقام وذكر أدلة الطرفين التي ربما تزيد على العشرة وزيفها ونحن قد طوينها عنا لوضوحها.

ثم إنه ينبغي التنبية في المقام على أمر وهو أنه هل الشرائط الاربعة المتقدمة شرائط النفس الجماعة أو شرائط للصلاة في حال الجماعة؟ وتظهر الثمرة في بطلان الصلاة عند الاخلال بها فإنها لو كانت للجماعة فالجماعة تبطل فقط ولا تبطل الصلاة إذا لم يخل بما هو وظيفة المنفرد ولو كانت شرطا للصلاة فالصلاة تبطل عند الاخلال بها ولو مع عدم الاخلاف بوظيفة المنفرد الذي يظهر من صاحب الجواهر -قدس‌سره - هو أن هذه الشرائط الاربعة بل مطلق ما اعتبر في الجماعة من الشرائط إنما من شرائط نفس الصلاة في حال الجماعة لا أنها شرائط للجماعة وعلى ذلك بني في النجاة(١) وحينئذ لو حصل الاخلال بإحدى الشرائط فالصلاة تبطل ولو مع عدم الاخلال بما هو وظيفة المنفرد من القراء‌ة وعدم زيادة الركن. وشيخنا الاستاذ - مد ظله - منع عن ذلك والتزم بأنها هذه الشرائط بل مطلق الشرائط المعتبرة في الجماعة إنما هي شرائط لنفس الجماعة، فالاخلال بها يوجب بطلان الجماعة فقط ولا يسري بطلانها إلى بطلان الصلاة إذا لم يحصل الاخلال بما هو من وظيفة المنفرد على إشكال في ترك القراء‌ة كما يأتي الاشارة إليه.

والكلام في ذلك يقع تارة من حيث القاعدة واخرى من حيث ما يستفاد من الادلة. أما (الاول) فدعوى أن الاخلال بشرائط الجماعة يوجب بطلان أصل الصلاة لا تستقيم إلا بدعوى أن الجماعة منوعة للصلاة لا من المشخصات الفردية

____________________

(١) جواهر الكلام: ج ١٣ ص ٢٢٢ ونجاة العبادة: ص ١٤٣. (*)

٣٩٦

كالمسجدية بل الصلاة فرادى وجماعة من قبيل القصر والاتمام والظهر والعصر نوعان متباينان، وعلى ذلك تستقيم دعوى بطلان الصلاة عند بطلان الجماعة لان بطلان الجماعة على هذا مساوق لبطلان الصلاة كما هو واضح. ولكن الشأن في إثبات كون الصلاة - الجماعة والفرادى - نوعين متباينين بل الظاهر أنه لا يمكن الالتزام بذلك فإنهما لو كانا نوعين متباينين لكان وقوع كل منهما في الخارج موقوف على القصد والنية كالظهرية والعصرية والاتمامية، حيث إنه لا يمكن وقوع أحدهما بالخصوص إلا بعد التعيين والقصد إليه، وفي المقام وقوع الصلاة فرادى لا يتوقف على قصد الفرادية بل نفس عدم قصد الجماعة يوجب وقوع الصلاة فرادى بلا حاجة إلى قصد وصف الفرادى، ولو كانت الصلاة فرادى متباينة بالنوع للصلاة جماعة لكان اعتبار قصد وصف الفرادى مما لا بد منه في وقوعها مع أنه لم يعتبر ذلك.

وهذا أقوى شاهد على أن الجماعة من الاوصاف الخارجة اللاحقة لبعض أفراد الطبيعة كالمسجدية فتكون الصلاة جماعة فردا من أفراد مطلق الصلاة غايته أن لهذا الفرد أحكاما تخصه من ترك القراء‌ة واغتفار زيادة الركن وغير ذلك من أحكام الجماعة، ومعلوم أن بطلان بعض المشخصات الفردية لايوجب بطلان أصل الطبيعة بل غايته أن الاثر المترتب على تلك الخصوصية الفردية لا يترتب مع فقدان الطبيعة لتلك الخصوصية، فبحسب القاعدة بطلان الجماعة لايوجب بطلان الصلاة.

وأما (الثاني) فظاهر بعض الادلة هو أن هذه الشرائط إنما تكون للجماعة كقولعليه‌السلام في صحيح زرارة المتقدم " إن صلى قوم وبينهم وبين الامام ما لا يتخطى فليس ذلك الامام لهم بإمام "(١) فإن الظاهر من قولهعليه‌السلام :

____________________

(١) من لايحضره الفقيه. ج ١ ص ٣٨٦، ح ١١٤٤. ط جماعة المدرسين. (*)

٣٩٧

" فليس ذلك الامام لهم بإمام " هو أن عدم البعد شرط للجماعة وأن جماعتهم تبطل مع البعد نعم طاهر ذيل الرواية هو أن ذلك شرط للصلاة. وهو قوله " وأى صف كان أهله يصلون بصلاة إمام وبينهم وبين الصف الذي يتقدمهم فدر مالا يتخطى فليس تلك لهم بصلاة " وكذا قولهعليه‌السلام " فإن كان بينهم سترة أو جدار فليس تلك لهم بصلاة " فإن الظاهر من ذلك هو أن عدم البعد والستر شرط للصلاة بحيث تبطل الصلاة مع وجودهما، هذا. ولكن يمكن أن يقال: إن قوله " فليس تلك لهم الصلاة " هو أنه ليس بصلاة جماعة بقرينة قوله " فليس ذلك لهم بإمام ".

٣٩٨

الفهرس

كتاب الصلاة الجزء الثاني الميرزا محمد حسين الغروي النائيني ١

كتاب الصلاة من افادات قدوة الفقهاء والمجتهدين آية الله في الارضين الميرزا محمد حسين الغروي النائيني ١٣٥٥ ه‍. ق تأليف الفقيه المحقق الشيخ محمد علي الكاظمي الخراساني ١٣٦٥ ه‍. ق الجزء الثاني ٣

مكان المصلي ٤

الاذان والاقامة (موارد ثبوتهما) ١٣

وجوب الاذان والاقامة ١٦

موارد سقوط الاذان والاقامة ٢٢

المقصد الثاني: في أفعال الصلاة(النية) ٢٨

البحث الاول: ٢٩

البحث الثاني: ٤١

البحث الثالث: ٥١

تكبيرة الاحرام ٥٣

القيام (وفيه مباحث: الاول) ٦١

المبحث الثاني ٦٧

المبحث الثالث ٧١

المبحث الرابع ٧٤

المبحث الخامس ٧٥

القراء‌ة واحكامها ٧٩

السجود ١٥٢

في القواطع ١٦١

٣٩٩

الخلل الواقع في الصلاة ١٨٩

فيما تشرع فيه الجماعة ٣٥٩

فيما تنعقد به الجماعة ٣٦٦

فيما يعتبر في الجماعة ٣٨١

الفهرس ٣٩٩

٤٠٠