حاشية المكاسب
تأليف:
لمؤلفه الاستاذ المحقق الفقيه الاصولي المدقق المولى
محمد كاظم الاخوند الخراساني
( قدس سره الشريف)
هذا الكتاب
نشر إليكترونياً وأخرج فنِّياً برعاية وإشراف
شبكة الإمامين الحسنينعليهماالسلام للتراث والفكر الإسلامي
بانتظار أن يوفقنا الله تعالى لتصحيح نصه وتقديمه بصورة أفضل في فرصة أخرى قريبة
إنشاء الله تعالى.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة على سيدنا محمد وآله الطاهرين ولعنة الله على اعدائهم اجمعين إلى يوم الدين.في كل افق من آفاق العالم الاسلامى اسماء رجال معدودين، امتازوا بمواهب وعبقريات رفعتهم إلى الاوج الاعلى من آفاق العلم والمعرفة.
وثمة رجال ارتسمت اسماؤهم في كل افق من تلك الافاق، وهم قليلون للغاية، شذت بهم طبيعة هذا الكون. ومن تلك القلة شيخنا وشيخ الكل، علامة الافاق الاخوند الشيخ محمد كاظم الخراساني اعلى الله درجاته وأجزل أجره، وقد كرس قدس الله نفسه - حياته طوال عمره لخدمة الدين والمذهب.
توجد ترجمته في كثير من التراجم المؤلفة في عصره ومن بعد مشفوعة بالاكبار والتبجيل والاطراء، وقصارى قولهم فيه: انه جماع الفضائل ومختبؤ المآثر كلها، وقد سبر ترجمةقدسسره حفيده في كتاب مستقل فتصفح عن ترجمته صفحا.
واما الكتاب الحاضر وهو (التعليقة على المكاسب) فهو من امتن التعاليق على الكتاب مع وجازتها، مشتملة على معظم كتاب البيع والخيارات. وحيث كانت النسخة المطبوعة من الكتاب مصحفة محرفة، فبذلت الوسع في تصحيح الكتاب ومقابلته مع النسخة الاصيلة بقلم مؤلفه واستخراج مصادر الروايات وكلمات الاصحاب ولم آل جهدا في تنميقه وتحقيقه حق التحقيق.
ومن الواجب علي أن أقدم ثنائي العاطر إلى حفيد المؤلف الفاضل البارع الشيخ الكفائي في بذله النسخة الاصلية للتحقيق، فجزاه الله عني خير جزاء المحسنين ونرجو من العلماء الافاضل الذين يراجعون الكتاب ان يتفضلوا علينا بما لديهم من النقد وتصحيح ما لعلنا وقعنا فيه من الاخطاء والاشتباهات والزلات. والحمد لله الذي هدانا لهذا، وما كنا لنهتدي لولا ان هدانا الله، ونستغفره مما وقع من خلل وحصل من زلل، ونعوذ من شرور انفسنا وسيئات اعمالنا، وزلات أقدامنا وعثرات أقلامنا، فهو الهادي إلى الرشاد، والموفق للصواب والسداد، والسلام على من اتبع الهدى.
٦ / ٦ / ١٤٠٥
السيد مهدي شمس الدين
هذه تعليقة شريفة انيقة، وحاشية رشيقة، على مكاسب آية الله في الانام، الشيخ مرتضى الانصاري طاب ثراه المتعلقة على مبحث البيع وما بعده.
١ - كتاب البيع
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد سيد النبيين وآله، سادات الخلائق اجمعين، ولعنة الله على اعدائهم، إلى يوم الدين.
قولهرحمهالله : (مبادلة مال بمال - الخ -) التعبير بالمبادلة، لا يخلو عن مسامحة، حقه ان يقال: تبديل مال بمال، فانه فعل الواحد، لا اثنين فافهم.
قولهرحمهالله : (واما عمل الحر، فان قلنا انه قبل المعاوضة - الخ -) لا اشكال انه من الاموال، بداهة ان حاله عمل العبد، في كونه مما يرغب فيه، ويبدل بازائه المال، وان كان قبل المعاوضة، لا يكون ملك، بخلاف عمل العبد، لانه ملك السيده بتبعه، ولا شبهة في عدم اعتبار الملكية قبلها، لوضوح جعل الكلى، عوضا في البيع، مع عدم كونه ملكا قبله.
وبالجملة، المالية والملكية، من الاعتبارات العقلائية الصحيحة، ولكل منهما منشأ انتزاع، وبينهما بحسب الموارد، عموم من وجه، يفترقان في الكلى المتعقد به، والمباحات قبل الحيازة، وفى مثل حبة من الحنطة، والماء على الشط، والثلج في الشتاء، إلى غير ذلك. فانقدح انه يجوز جعل عمل الحر عوضا، وان قيل باعتبار كون العوضين مالا، قبل المعاوضة. فتدبر جيدا قولهرحمهالله : (واما الحقوق الاخر - الخ -) لا يخفى انه كلام مختل النظام، فانه في مقام انها تجعل عوضا، ام لا،
فلا يناسبه التعليل بقوله: لان البيع تمليك الغير، ولا النقض ببيع الدين اصلا، فانه انما يناسب اذا كان بصدد بيان انها لا يجعل معوضا في البيع.
فالتحقيق ان يقال: انه لو قيل باعتبار المالية في العوض كالمعوض، كما يظهر من المصباح، فلا اشكال في عدم صحة جعل الحق عوضا، وان كان قابلا للانتقال. فان الحقية وان كانت من الاعتباريات، كالمالية والملكية، الا انها غيرهما، ولو قيل بعدم اعتبارها، فلو قيل بعدم اعتبار الانتقال في العوض، وان اخذه فيه، انما هو لمجرد انه ليس بتمليك مجانى، فلا اشكال في جعلها، عوضا مطلقا، والا في خصوص القابل منها للانتقال.
قولهرحمهالله : (والسر ان الحق فعليه - الخ -) لا يخفى ان الحق بنفسه ليس سلطنة، وانما كانت السلطنة من آثاره، كما انها من آثار الملك، وانما هو كما اشرنا اليه، اعتبار خاص، له آثار مخصوصة، منها السلطنة على الفسخ، كما في حق الخيار، او التملك بالعوض، كما في حق الشفعة، او بلا عوض، كما في حق التحجير، إلى غير ذلك.وهى لا يقتضى ان يكون هناك من يتسلط عليه، والا كانت من آثار الملك ايضا، وان لم يكن نفسه، فيلزم في بيع الدين، إما محذور تسلط الشخص على نفسه، وإما التفكيك بين الملك واثره، مع ان ذلك انما يلزم في بيع الحق، ممن كان عليه، لا من غيره، وقد عرفت انه اجنبى عما هو بصدده، كما يظهر من صدر كلامه وذيله.
قولهرحمهالله : (الا ان الفقهاء، قد اختلفلوا في تعريفه - الخ -) الظاهر ان اختلافهم، ليس لاجل الاختلاف في حقيقته وماهيته، بل لاجل ان البيع الحقيقى، لما كان له سبب، يتسبب به اليه، ولوازم تترتب عليه اخذ كل منهم، بطرف من اطرافه، لا بتمام جوانبه واكنافه، حيث ان الغرض، ليس الا الاشارة اليه من نحوه ومعرفته بوجه، لا معرفته بحده او برسمه، وبذلك يوفق بين كلمات الاعلام، وينقدح انه لا وقع، لما وقع من النقض والابرام في المقام، بل لا اختلاف حقيقة فيه بين العرف والشرع، وانما الاختلاف بينهما، فيما يعتبر في تحققه، وان شئت ان تعرفه باطرافه،
فاستمع لما يتلى عليك، وهو البيع المأخوذ في، بعت، وسائر المشتقات، من اوضح المفاهيم العرفية، وهو التمليك بالعوض، وان كان مما لا يكاد يمكن ضبطه، بحيث لا يبقى اشتباه في بعض المصاديق، كما هو الشأن في جميع المفاهيم.ولا يخفى انه شرعا وعرفا، لا يكاد يصدر مباشرة، بل بالتسبيب، والتوسل اليه بالعقد عليه تارة، وبالمعاطات اخرى، على القول بها. ولابد في سببه عقد كان، او معاطاة، كسائر المعاملات، من ايجاب، وهو انشائه، وقصد حصوله، بلفظه، او بفعل دال عليه من واحد، ومن انشاء قبول ذلك كذلك من آخر. ومن المعلوم ان لازمه اذا حصل، هو نقل الملك من البايع إلى المشترى، ولازمه الانتقال اليه، كما ان لازمه، التبديل والتبادل بين العوضين، وقد يطلق على نفس السبب، اى المعاملة الخاصة، القائمة بالبيعين، كما ربما يطلق على جزئه، وهو الايجاب القائم بالموجب، كما سيأتى الاشارة اليه في كلامهرحمهالله الا انه ليس على الحقيقة، ضرورة صحة سلبه عنه، فليس هو ببيع، ولا موجبه ببايع، وكذا صحة سلبه عن نفس المعاملة، كما يشهد به جميع مشتقاته، لكن لا يبعد تداوله في السنة الفقهاء، الا انه بالقرينة.وعليك بالتأمل في المقام قولهرحمهالله : (لان المقصود معرفة مادة بعت - الخ -) وعليه يتوقف معرفة البيع، على معرفة (بعت) بمادته، ومعرفته كذلك يتوقف على معرفة البيع، وهو دور صريح، كما هو واضح. والظاهر تعين ارادة الشق الثانى، وعدم الاقتصار على النقل او التمليك، للاشارة إلى عدم كفاية مطلق الصيغة، ولو كانت كناية.
قولهرحمهالله : (فالاولى تعريفه بانه انشاء تمليك عين بمال - الخ -) كيف هذا، والبيع الذى عرفه بذلك، هو المأخوذ في صيغة (بعت)، وغيره من المشتقات، كما يصرح به عن قريب، وليس المراد في الاخبار بوقوعه قبل او بعد، بمثل: باع، او بيع، الا نفس البيع، لا انشائه، فالصواب تعريفه، بتمليك العين بالعوض، لما عرفت ان انشاء التمليك، ليس ببيع، كما انه ليس بتمليك.نعم انهما هو جزء سببه، فيما اذا قصد التوسل
اليه.ويرد عليه ايضا، ان انشاء التمليك، لا يعقل انشائه، وما يقبل لهذا الطور من الوجود، وسائر اطواره هو التمليك، فيتصور تارة، وينشأ اخرى، ويوجد في الخارج ثالثة، ويختلف آثار باختلاف اطواره، ويكون لكل طور منه الاثر لا يكاد يترتب على الآخر.
فتدبر قولهرحمهالله : (منها انه موقف على صحة الايجاب - الخ -) لا يخفى عدم التوقف، فانه لو قيل بعدم جوازه، لاجل اعتبار الصراحة في الايجاب، ولزوم كونه بلفظ البيع، وما يرادفه، وعدم كونه مرادفا له، لعدم صحة ما حكاه عن الفخررحمهالله من كون (بعت) في لغة العرب، بمعنى ملكت، لوضوح انه اعم، كان التعريف به بضميمة ما دل على خصوصيته جائزا، كما هو واضح.
قولهرحمهالله : (اذ ليس المقصود الاصلى منه، المعاوضة - الخ -) بل التمليك لا مجانا، بل بنحو الغرامة، ولذا لا يجب تعيين ما عليه عينا، من المثل، او القيمة، ولا كما اذا علم كونه قيميا، بل يتعين عليه المثل، ان كان مثليا، وقيمته، ان كان قيميا، بمجرد تمليكه بالغرامة.
فافهم قولهرحمهالله : (كان بيعا - الخ -) اذا لم يقصد به الصلح، او الهبة المعوضة، والا يصح صلحا، او هبة، لو قلنا بوقوعها بغير الالفاظ الصريحة، والا فلا يصح بيعا، والا واحدا منهما.
اما البيع، فلعدم كونه بمقصود، والعقود تابعة للقصود. واما هما، فلعدم الصراحة في عقدهما قولهرحمهالله : (احد التمليك المذكور، لكن بشرط تعقبه - الخ -) اى التمليك الانشائى، كما هو الظاهر، ويشهد به سار كلماته، ولا يخفى انه لا يلائمه ما استشهد لما ادعاه، من تبادر التمليك المقرون بالقبول بقوله، ولهذا لا يقال: باع فلان - الخ - بل يلائم ما اشرنا اليه، من انه التمليك، ضرورة انه لا يقال: باع، اذا عقد، وقد اخل ببعض الشرائط، صحة ان يقال: ما باع فتدبر جيدا.
قولهرحمهالله : (ولعله لتبادر التمليك المقرون - الخ -) بل لتبادر التمليك الحقيقى الذى لا يكاد ينفك عن تملك المشترى، وتبادر اقترانه بقبوله، انما هو لكونه مما لابد منه في حصوله، لا من نفس اللفظ، بل يتبع معناه، ومنه ظهر حال السلب عن المجرد، وانه من جهة عدم التمليك مع المجرد، لا لذلك، ولا لما افاده بقوله (اقول - الخ -).
فافهم قولهرحمهالله : (تحقق القبول شرط للانتقال في الخارج - الخ -) لا يخفى ان الذى لا يكاد يكون القبول شرطا له، هو الانتقال الانشائى التابع لانشاء النقل، واما الانتقال بنظر الناقل، فيختلف بحسب الانظار، فربما يكون شرطا له بحسب نظر، ولا يكون كذلك بنظر آخر.وبالجملة، النقل بحسب كل مرتبة ونظر، لا يكاد يمكن انفكاكه عن الانتقال، بحسب تلك المرتبة، وذاك النظر، اذا الاثر لا ينفك عن التأثير، لاتحادهما ذاتا، واختلافهما اعتبارا، فيكون تأثيرا من جهة انتسابه إلى الفاعل، واثرا من جهة الانتساب إلى القابل، وان كان انفكاكه عنه بحسب مرتبة الاخرى، او نظر اخر، بمكان من الامكان، وكذلك الحال في الوجوب، والايجاب، لا يكاد يمكن انفكاكهما في مرتبة واحدة، بحسب نظر واحد، وانما ينفك الايجاب في مرتبة، او بحسب نظر، عن الوجوب في مرتبة اخرى، ونظر آخر. ومن هنا ظهر انه لا فرق بين النقل والانتقال، والوجوب والايجاب في مرتبة، وبحسب نظر، وبين الكسر والانكسار.نعم هما، لما كان من الامور التى تكون موجودة في الخارج، ليست لهما، الا مرتبة واحدة، بخلاف مثل الوجوب والايجاب، من الامور النفس الامرية الاعتبارية التى لا واقع لها، الا بحسب الاعتبار المختلف بحسب الانظار، وصحة الانتزاع عن منشأ بنظر، وعدم صحته بآخر. هذا مع ثبوت الانفكاك، بين الذهنى من الكسر والانكسار، والخارجى منهما ايضا، فلا تغفل قولهرحمهالله : (والى هذا، نظر جميع ما ورد الخ -).
لا يخفى امكان ارادة ما ذكره، من معناه في هذه الاطلاقات، لو لم نقل بظهورها فيه، وجعله بهذا المعنى من العقود، بملاحظة انه لابد في تحققه من العقد، قبالا للمعانى الايقاعيه، كالطلاق، والعتاق، ونحوهما قولهرحمهالله : (ثم ان الشهيد ره - الخ -).اعلم ان الصحة والفساد، لما كان من الامور المتضايفة، لا يكاد يتصف الشئ بواحد منهما، الا اذا صح تواردهما عليه، فما لا يتصف بالفساد اصلا، لا يتصف بالصحة ايضا، كان البيع بمعنى التمليك مطلقا، حقيقيا كان او انشائيا، لا يتصف بواحد منهما، بل يكون مع علته، ولا يكون بدونها، وكذا البيع بمعنى النقل والانتقال، وانما يتصف بهما البيع، بمعنى الايجاب، والقبول، فيكون صحيحا لو كان واجدا لما اعتبر في تأثيره، وفاسدا فيما اذا كان فاقدا، لكله، او بعضه، فلا ينافى ذلك، تأثيره شيئا اخر، اذا لم يكن مما يترقب منه، او لم يكن فعلا مما يتوسل به اليه، وان كان في نفسه مرغوبا، لو كان مما يتوسل اليه، لكن لا وحده اليه، لكن لا وحده، بل مع اثر آخر، فان الصحة والفساد، من الامور الاضافية، فيصح ان يتصف بالصحة، بملاحظة اثر، وبالفساد، باعتبار آخر.
ثم لا يخفى ان ما نقله عن الشهيد الثانىرحمهالله هيهنا، ينافى ما نقله عنه سابقا من كون اطلاق البيع على العقد، مجاز، بعلاقة السببية، الا ان يكون مراده، كون اطلاقه عليه، مجازا في الاصل، وحقيقة بالنقل، فتأمل.
قولهرحمهالله : (فلان الخطابات لما وردت على طبق العرف - الخ -).فينكشف باطلاقها، ان الصحيح عندهم، يكون صحيحا عند الشارع، ولا يخفى انه انما يجدى، فيما شك في اعتباره شرعا، وقد علم عدم اعتباره عرفا قولهرحمهالله : (فيستدل باطلاق الحكم يحله - الخ -).اى يستدل باطلاقه على كون البيع الانشائى، بمثل (بعت)، على اطلاقه من دون اعتبار ما شك في اعتباره، يكون مؤثرا نافذا، غاية الامر، قد علم تقييده بالقبول ومن هنا ظهر انه على الوجهين، يكون المراد بالبيع، هو
السبب القابل للاتصاف بالصحة، والفساد والفرق بينهما انما يكون بالتمامية، والنقصان.
فافهم قولهرحمهالله : (والمعاطاة(١) على ما فسره جماعة - الخ -).لا يخفى، ان المعاطات، ما جعل موضوعا لحكم في آية، او رواية، ولا في معقد اجماع، وانما عبر به، عما يتداول بين الناس، من المعاملة بلا صيغة، فالمهم تعيين ما هو المتداول بينهم، والظاهر عدم اختصاصه بما اذا كان هناك تعاطى من الطرفين، كما في السلف، والنسية، ولا بما اذا كان حل واحد من الايجاب، والقبول به، لو كان بل كما يكون به، ويكون بالاعطاء ايجابا، وبالاخذ قبولا، ويكون اعطاء الاخر، وفاء بالمعاملة، لا متمما لها، بل لا يبعد دعوى ان الغالب في المعاملات المتعارفة، بحسب قصد المتعاملين ذلك كما لايخفى، فلا يضر بالمعاملة، لو ظهر ما اعطاه الثانى، مستحقا للغير، او من غير ما عين من الجنس في المقاولة، بل يضر بالوفاء بها، بل ربما يقال، بحصولها بالتراضى المنكشف بالقطع، والفصل في المساومة، ويكون التعاطى، او الاعطاء، والاخذ، خارجا عنها، ووفاء منهما بها، فيكون كل واحد من الثمن، والمثمن كليا، كما كان احدهما على الوجه السابق.
فتأمل قولهرحمهالله : (وهو يتصور على وجهين - الخ -).لا يخفى، ان غرضه، ان كان بيان ما يتصور في باب البيع، فلا يتصور، الاعلى ثانى الوجهين، وان كان بيان ما يمكن ان يتصور فيه، من دون اختصاص بهذا الباب، فلا وجه للتخصيص بهما، فانه يمكن ان يقع على وجوه عديدة، وقصد به كل ما يقصد باللقط، من ايقاع، او عقد، بيعا كان، او غيره، من غير فرق بينهما في ذلك، وان كان بينهما فرق من حيث ان دلالته لا يكون بمثابة دلالة، وذلك مما لا شبهة فيه، ولا ريب يعتريه.اللهم الا ان يكون غرضه، ما يتصور فيه في هذا الباب، بحسب ما يوهم انه محل الكلام، ومود النقض والابرام بين الاعلام.
____________________
١ - وفى المصدر: ان المعاطاة على ما فسره جماعة.
قولهرحمهالله : (والانصاف ان ما ارتكبه - الخ -).فان مثل هذا التأويل، وان كان ممايصار اليه في الاخبار، توفيقا بينها، لاحتمال التعويل فيها، على قرينة لم تصل النيا، لتقطيع الاخبار، او لاخفائها تقية، اوغير ذلك، ولم يأب عنه بعض الكلمات، الا انه كيف يصار اليه في كلمات مشهور الاصحاب، الظاهر في ارادة الاباحة، ونفى الملك، بل مع صراحة بعغها بلا موجب، ولا داعى، ومجرد عدم مساعدة القواعد، على ما هو ظاهر هم، بل مساعدتها على خلافه، لا يوجب الحمل على ما يساعدها، سيما مع احتمال مساعدة السيرة التى هى العمدة في هذا الباب على ذلك واما وجه ابعدية جعل محل النزاع، ما اذاقصد الاباحة، فهو انه كيف، وقد جعل المعاطات من فروع اعتبار الصيغة.
لايقال: على هذا لا يحتمل، فلا وجه لاحتماله فانه يقال: لاحتمال ان يكون ذلك، لدفع توهم انعقاد البيع بالمعاطات، مع قصد الاباحة ابتداء، من مشاهدة فائدته، ولو بعد التصرف، وانه لا يكون ذلك اولا، بل اولا وما دعاه إلى هذا التحمل، الا استبعاد تأثير قصد التمليك للاباحة، لا للتمليك، مع انه كما ستعرف انه ليس كذلك، بل يؤثر التمليك غاية الامر، بشرط التصرف، كالقبض في الصرف، والسلف، اما الاباحة قبله، فليست شرعية، بل مالكية ضمنية، ولو سلم ان مرادهم، هى الاباحة الشرعية، فانما يستعبد المصير اليه، لو لم يكن هناك ما يمكن ان يتوهم منه ذلك، والسيرة التى هى العمدة في الباب مورد لذلك، فتدبر جيدا قولهرحمهالله : (مع ان الغاء الشارع للاثر المقصود - الخ -).قد اشرنا إلى انه، ما الغاه، بل رتبة عليه بشرط التصرف، كالقبض في الصرف، وترتب الاباحة عليه شرعا، لو سلم، فهو للاستناد إلى السيرة ظاهرا، بتوهم انها تساعد على ذلك قولهرحمهالله : (ويدفع الثانى تصريح بعضهم بان شرط لزوم البيع - الخ-).يمكن ان يقال: لزوم البيع، بمعنى عدم جواز فسخه، لا يقتضى لزومه، بمعنى عدم جواز التراد، بهذا المعنى محل الكلام في المقام، وكون
الايجاب، والقبول، من شرائط انعقاد البيع بالصيغة، لا يقتضى كونهما من شرائط البيع مطلقا، ولو بالمعاطات، وليكن المراد بالايجاب اللفظين منهما، والا لم يكن المعاطات بخالية عنهما، كما لا يخفى.
قولهرحمهالله : (لكن في عد هذا، من الاقوال تأمل - الخ -).وجهه، انه مع شرط اللفظ، يكون البيع بالصيغة، لا بالفعل، لكنه يمكن ان يقال: انه يكون كذلك، اذا اعتبره لكى يقع المعاملة به، لا اذا كان لاجل الدلالة، على انها بالتعاطى، فتأمل قولهرحمهالله : (ويدل عليه ايضا قوله تعالى " واحل الله البيع "(١) حيث دل على حلية جميع التصرفات - الخ -).والظاهر ان سبب التصرف فيها، وصرف الحكم بالحلية إلى التصرفات، عدم كون البيع بنفسه اختياريا، لكونه مترتبا على سببه بلا اختيار، وانت خبير، بان مجرد ذلك لا يخرجه عن الاختيار المعتبر في متعلق الاحكام، وعلى ذلك، فلا دلالة لها على المدعى، فانها مسوقة لبيان تحليل البيع، بمعنى التمليك قبالا لتحريم الربا.نعم لو كان البيع فيها، بمعنى ما يوجبه، لدلت على صحة المعاطات، ولو كان المراد من الحلية، مجرد التكليف، فان تحليل الشارع للبيع بما يتوسل به، إلى التمليك، وترخيصه فيه كذلك، كما هو ظاهرها، ملازم عرفا لامضائه وانفاذه، كما ان تحريم معاملة، والنهى عنها كذلك، يدل على الردع عنها كما في تحريم الربا، وفيما علقنا على الخيارات، ما له نفع في المقام.
قولهرحمهالله : (فمرادهم بالبيع، المعاملة اللازمة - الخ -).بل المعاملة الشرعية، ولذا صرح في الغنية(٢) ، بكون الايجاب والقبول، من شرايط الصحة، لا اللزوم.
فافهم قولهرحمهالله : (فهو انما يجدى، فيما اذا اشك في ان هذا النوع من السلطنة، ثابتة
____________________
١ - البقرة: ٢٥٧.
٢ - الغنية - كتاب البيع / ٥٢٣.
للمالك - الخ -).بل لا يجدى في ذلك، اذا شك في تشريع اصل هذا النوع ايضا، حيث انه مسوق لبيان سلطنة المالك، وتسلطه، قبالا لحجره، لا لبيان تشريع انحاء السلطنة، كى يجدى فيما اذا شك في تشريع سلطنة، فلا يجوز التمسك به على صحة معاملة خاصة، وجواز تصرف خاص، مع الشك فيهما شرعا.فافهم، كى ينفعك في غير المقام قولهرحمهالله : (واما ثبوت السيرة واستمرارها على الثوريث - الخ -).
هذا في سيرة المسلمين، واما سيرة العقلاء، بما هم عقلاء، فلا شبهة فيها، ولا ريب يعتريها، حيث استقرت طريقتهم على ذلك، من غير اختصاص باهل ملة، ونحلة، ولم يردع عنها، صاحب شريعة، حيث لو ردع، لشاع نقله، وذاع لتواتر الدواعى، في مثل هذه المسألة اليه، فالاولى التمسك بها، كما تمسك بها في غير مقام، فانها اسم مما تمسك به في المقام قولهرحمهالله : (ان القول بالاباحة المجردة مع قصد المتعاطيين - الخ -).لا يخفى، انه انما يتوجه ماافاده من الاستبعادات، على القول بها، اذا لم يقل القائل بها بالاول إلى البيع بعد التصرف، اوالتلف، وقال: ان الملك بعد احدهما انما يكون به، لا بامعاطات بشرطها، بل يكون بالنسبة اليه لغوا، وان كانت مؤثرة للاباحة، واما على القول بالاول، فلا يلزم انخرام قاعدة " العقود تابعة للقصود " ولا يكون ارادة التصرف، ولا التصرف من جانب، ولا التلف السماوى من المملكات، فان التمليك انما حصل بنفس التعاطى، الذى قصد به التمليك، لا بهذه الامور، بل بشرطها.
واما حديث تعلق الاخماس، والزكوات، والاستطاعة - الخ - بغير الاملاك، ففيه انه لا محذور في ذلك في كثيرمنها، كالاستطاعة، واداء الدين، والنفقة، والغنى، كما سيشير اليها، وكذا الوصايا، لو لم نقل بكفاية مثل الوصية، من التصرف في حصول الملك بالتعاطى، ولا فلا اشكال، فان نفودها حينئذ يكون في الملك، وكذا لمواريث، فانه لا اشكال بناء على الاول بموت احد المتعاطيين، كتلف احد الملكين، كما ليس ببعيد، واما بناء
على عدمه، فلابد في القول بالارث، وصيرورة الوارث كما لمورث فيما له، وقد تركه ضرورة انه ليس بلازم ان يكون مماملكه، وفى الباقى، لم يعلم التزام القائل بالاباحة في بعضها، فلا يصح الزامه، وافهامه، ولو كان بينا فساده، فلم يعلم منه القول، بتعلق الخمس، اوالزكاة قبل الاول، ولم يعلم فساد بعض الآخر، لو لم التزامه به، كما في الشفعة، فلا ضيرفى القول بها بمجرد التعاطى، لشمول دليليها لبيع احد الشريكين عرفا، وان كان تأثيره شرعا يتوقف على امر، لم يحصل بعد، وكذا الربا، اذ لا شبهة على الاول في تعلقه بالمعاطات، ولا يكون حاله قبل التصرف ونحوه، الا كالصرف، قبل القبض في ذلك، كما لا شبهة في تبعيته النماء المتصل، واما المنفصل، فلم يعلم ان القائل بالاباحة، يلتزم بانتقاله إلى الاخذ، كما اشار اليه، مع انه يمكن ان يقال: ان قضية قاعدة التبعية، ان يتبعا في الملكية بعد التصرف، كما يتبعها قبله، وبعبارة اخرى، يكون حالها، حال العين، المبيوعة، وليس هذا ببعيد، كل البعيد وبالجملة، على الاولى تكون هذه الامور، بين ما لا يلزم، اولا يلتزم به القائل بالاباحة، وبين ما لا بعد فيه، لو التزم، او لابد من ان يلتزم به قولهرحمهالله : (مدفوعة مضافا إلى امكان دعوى كفاية - الخ -).لا مجال لدعوى الكفاية على مختاره، من عدم حجية الاستصحاب، مع الشك في المقتضى، كما لا شبهة في صحتها على ما هو المختار، من حجية، وملخص ما افاده في دفع الدعوى، بين منع اقسام الملك إلىقسمين، و تنوعه بنوعين، والاختلاف في الاحكام، ليس لاجل الاختلاف في ناحيته، بل للاختلاف في ناحية اسبابه، قلت: لو كان الجواز، واللزوم هيهنا، بمعنى جوازا فسخ المعاملة وعدمه كما في باب الخيار، فلا شبهة في كونهما من احكام الاسباب واما لو كان بمعنى تراد العينين، وتملك ما انتقل عنه، وعدمه، بلا توسيط فسخ المعاملة، كما في الهبة، على ما صرح به في الملزمات، فهما من احكام المسببات لا محالة، واختلافها فيهما، كاشف عن اختلافها في الخصوصيات المختلفة في اقتضاء الجواز، واللزوم، لئلا يلزم الجزاف في احكام
الحكيم تعالى شأنه، وانت كان اختلافها فيها، ناشيا عن اختلاف الاسباب ذاتا، او عرضا وبالجملة جواز فسخ المعاملة، بحق خيار، اوبمحض حكم، كما في الاقالة، وعدم جوازه، لا ريب في كونهما من احكام السبب المملك، اما جواز الرد، او التراد وعدمه، فهما من احكام الملك، والحكم عليه، تارة بالجواز، واخرى بعدمه، كاشف في مورد كل واحد منهما عن خصوصية مقتضية له، غير خصوصية في الآخر، والاختلاف بحسب الخصوصية كاف في اختلاف الاحكام، من غير حاجة إلى الاختلاف بالحقيقة، والماهية، وهذا الاختلاف الناشى عن اختلاف الاسباب ذاتا، اوعرضا، لا يجب ان يوجب تفاوتا في المنشأ اصلا، كما لا يخفى، فانقدح بذلك، فساد ما افاده في بيان كون الجواز، واللزوم، من احكام السبب المملك، لا المملك، فتدبر جيدا قولهرحمهالله : (فان مقتضى السلطنة، ان لا يخرج - الخ -).
يمكن ان يقال: كما اشرنااليه انه ليس الا لبيان سلطنة المالك على ماله، وتسلطه عليه، وانه ليس بمحجور، لا لبيان اثبات انحاء السلطنة له، ليصير دليلا على لزوم عقد، بمعنى عدم جواز الرد، لمنافات جوازه لا طلاقها.
فتأمل قولهرحمهالله : (فالقول بالملك اللازم، قول ثالث فتأمل).
لكنه لا بأس بالمصير اليه، بعد عدم الاتفاق عليه نفيه، بل كان عدمه إلى الآن، بمجرد الاتفاق، كما هو الحال، في حدوث القول الثالث في كل مسألة، ولعله اشار اليه بامره بالتأمل قولهرحمهالله : (بل يمكن دعوى السيرة - الخ-).دعواها، على نحو كانت كاشفة عن رضاء المعصوم، كما ترى، والانكار على المنع عن الرجوع، لم سلم، لم يعلم انه من جهة بنائهم على جوازه، ولعله لاجل ما هو المركوز عقلا، ونقلا، من حسن الاقالة، وكون تركها مع الاستقالة، خلاف المروة، ومناف للفتوة، من غير فرق بين ايقاع البيع بالصيغة، او التعاطى.
قولهرحمهالله : (او باعتبار محله وغير محله - الخ -).او باعتبار كونه محللا لكل من الثمن، او الثمن، على من انتقل اليه، ومحرما على من انتقل عنه، ويكون الغرض، دفع توهم كون مجرد المقاولة، من بيع ما ليس عنده المركوز حرمته، وعدم نفوذه، ببيان انها ليست بمحللة، ومحرمه، والكلام، وهوالبيع ما كان كذلك، فليست ببيع، حتى كانت من بيع ما ليس عنده، وعليه يكون التعبير عنه بالكلام، لا لانه لفظ بمعناه، بل بما هو نفس المعنى بوجه، كما لا خفى، ويكون الحصر ليس بحقيقى، بل بالاضافة إلى المقاولة، فلا دلالة فيه على انحصار التحليل، والتحريم، بالبيع بالصيغة، ولا به مطلقا.فتدبر جيدا قولهرحمهالله : (بان يقال:(١) حصرالمحلل والمحرم في الكلام، لا يأتى الا - الخ -).هذا اذا كان المراد بالكلام، هو اللفظ بمعناه، واما اذا كان المراد به نفس المعنى، كما اشرنا اليه آنفا، اوكان حصر المحلل في المقاولة، والمواعدة، وحصر المحرم في ايجاب البيع وايقاعه، بالاضافة إلى الآخر، فلا يكاد يمكن استظهار اعتبار الكلام في ايجاب البيع اصلا، كما لا يخفى قولهرحمهالله : (فالظاهر انه بيع عرفى لم يؤثر شرعا - الخ -).لكنه قبل وجود احد الملزمات، والا يصير بيعا شرعيا، يؤثر التمليك، ونفى البيع عنها في كلام المشهور، القائلين بالاباحة، هو البيع الشرعى بمجرده، لا بعد وجود احدها، على ما عرفت من الاول إلى البيع. ومن هنا ظهر ان قوله (فنفى البيع - الخ -) لا يصح ان يكون تفريعا على القول بالاباحة، وانما هو تفريع على القول بالملك، وان كان خلاف سوق الكلام قولهرحمهالله : (وحيث االمناسب لهذا القول التمسك - الخ -).قد عرفت انه لا دلالة على مشروعية معاملة اصلا، وأنه لا دلالة الا على اثبات السلطنة للمالك، قبالا لحجره، كما في بعض افراده، باحد
____________________
١ - وفى المصدر: بان يقال ان حصر المحلل.
اسبابه، وفى غيره، الا بسبب ولاية، او وكالة، لا اثبات انحاء السلطنة، كى يجدى فيما اذا شك في شرعية اصل معاملة، وفيما اعتبر في صحتها، ولو علم شرعيتها وعليه فلو شك في اصل مشروعية الاباحة العوضية، لا وجه للتمسك به، على مشروعيتها، فضلا عما اذا شك في اعتبار شئ في سببها.نعم يحل التصرف بما لا يتوقف على الملك، لقولهعليهالسلام " لا يحل مال امرء الا بطيب نفسه(١) " وقوله " لا يجوز لاحد التصرف في ملك غيره، الا باذن مالكه، اذا كان بطيب من مالكه وباذنه(٢) " ولو لم يكن هناك معاطاة. فلا تغفل. قولهرحمهالله : (واما على المختار، من ان الكلام فيما اذا قصد - الخ -).ونخبة الكلام في المقام، انه لا شبهة في اعتبار ما اعتبر في البيع، باطلاق، او عموم على القول بافادتها للملك، فانها بيع بلا اشكال، الا ان يقال: ان السيرة في الغت بعض ما يعتبر بالاطلاق او العموم، وانى لها بذلك.نعم لو كان الاشتراط، بدليل يختص بما اذا كان بالصيغة، لا يعتبر فيها، اذا كان الدليل على الصحة، عموم، او اطلاق، لا مثل السيرة، وكذلك على القول بالاباحة، بناء على الاول اليه، وافادتها التمليك بعد التصرف، او التلف، فانها بيع ايضا، وتوقف تأثيره على مثله غير ضائر، كما في الصرف، والسلف، واما بناء على عدم الاول، وكون التمليك بعد التصرف به، لا بها، فاطلاق ادلة شروط البيع، وان كان لا يساعد على اعتبارها فيها، لعدم كونها بيعا شرعا، ولا يجدى كونها بيعا عرفا، بعد كشف الشارع من حالها، وانها ليست ببيع واقعا، الا ان افادتها لاباحة جميع التصرفات شرعا قبل التصرف، وحصول التمليك به بعده، لما كان على خلاف الاصل، وجب الاقتصار في خلافه، على القدر المتيقن، وهو ما اذا كانت واجدة لجميع ما يعتبر في صحة البيع.فتدبر جيدا.
قولهرحمهالله : (واما حكم جريان الخيار فيها، فيمكن نفيه - الخ -).
____________________
١ - وسائل الشيعة: ٣ / ٤٢٤ - ب ٣ - ح ١.
٢ - وسائل الشيعه: ٦ / ٣٧٧ - ب ٣ - ح ٦ (بهذا المعنى).
اذا لم نقل بالاول إلى اليع بعد التلف، لعدم كونها بيعا، لا لجوازها، واما بناء عليه، فحالها حال بيع الصرف والسلم قبل القبض، ومجرد الجواز، بمعنى التراد، او الرد قبل التصرف، والتلف، لا يمنع عن تعلق حق الخيار، مع ان الجواز الفسخ بخيار، لا يمنع عن تعلق خيارآخر.ومن هنا ظهر ان ثبوت الخيار فيها مطلقا، بناء على افادتها الملك، اظهر، لا لصيرورتها بيعا بعد اللزوم، كما علل به، بل لكونها فعلا بيعا عرفا، وشرعا، والخيار موجود من زمن المعاطات، واثره يظهر من حين ثبوته، لصحة اسقاطه، والمصالحة عليه قبل اللزوم، فلا وجه لما افاده من ظهور اتره بعده، كما لا وجه، لما ذكره من احتمال التفصيل، اذ دعوى اختصاص ادلة الخيار في البيع، بما وضع على اللزوم، مجازفة، كما لا يخفى على من لاحظها.
قولهرحمهالله : (الامر الثانى: ان المتيقن من مورد المعاطات - الخ -).قد عرفت في بعض الحواشى السابقة، ان لفظ المعاطات ليس مما ورد في آية، والرواية، ولا في معقد الاجماع، بل من المعلوم انه عبربها، عن المعاملة، المتعارفة، المتداولة، فالمدار في ترتيب الاحكام والآثار، على ما هو المتعارف، وان لم يصدق عليه معنى المعاطات، بل معنى الاعطاء، بل ولو لم يصدق عليه بناء على حصول التمليك، وتحقق المعاملة بالمقاولة، ويكون الاعطاء من طرف او طرفين، من باب الوفاء بها، لا احداثا، او تتميما لها، على ما احتملناه، فالعمدة تحقيق ذلك، وعليك بالتحقيق.
قولهرحمهالله : (الثالث: تميز البايع من المشترى - الخ -).لا يخفى، انه ليس هذا من تنبيهات المعاطات، لعدم اختصاصه بها، وان المنشئ للتمليك بالعوض، بايع، ومنشئ التملك به، مشترى، من غير فرق فيما قصدا به، بين اللقط، والفعل، فلو لم يقصد كل واحد منهما، الا ما قصد الآخر، فهما بايعان، او مشتريان كذلك، اى من غير فرق بينهما، فلا فرق فيما هو المييز لكل منهما عن الآخر، مفهوما بينهما.نعم بينهما فرق في التميز خارجا، وهو انه غالبا يكون في البيع بالصيغة، ما يدل بظاهره على ان ايهما بايع، وايهما مشترى، بخلاف الفعل،
لعدم دلالته بنفسه، ويكون الدلالة بالقرينه، وربما لا يكون، او لا يكون محفوظة، وربما يعكس الامر، لو قلنا بكفاية المجاز، والكفاية في الصيغة، فافهم.فتدبر جيدا.
قولهرحمهالله : (فيكون الآخر في اخذه، قابلا ومملكا - الخ -).لا يخفى، انه لا يتعين هذا، على هذا الو جه، لامكان ان لا يقصد باخذه التمليك، بل بدفعه، وانما اخذ مقدمة لقبوله بدفع العوض، فلو مات قبل الدفع، مات قبل تمام المعاطات، فلا تغفل.
قولهرحمهالله : (فيكون تمليك بازاء تمليك، بالمقابلة - الخ -).بل يكون المقابلة، بين مال المعطى، وتمليك الآخر، ويكون تمليكه ثمنا كفعل آخر جعل ثمنا، فاذا قصد باخذه القبول، فالمعاملة يتم، من دون توقف على تمليكه، وان وجب عليه الوفاء، ويستحقه عليه المعطى، فلو مات، لم يفت منه، الا الوفاء، بالمعاملة، الحاصلة بالمعاطات، ولو كان الغرض من المعاملة، المقابلة بين التمليكين، بان يكون عمل كل منهما وتمليكه، جعل بازاء عمل الآخر، وتمليكه، لم يقع بهذه المعاملة، تمليك من احدهما، بل يستحق كل على الآخر، بعد وقوعها تمليك الآخر وفاء بها، كسائر الاعمال، اذا وقعت المعاوضة بينهما، كما لا يخفى.وبالجملة، ذا قصد بنفس المعاملة، تمليك مال، بعوض التمليك الآخر شيئا، كان التمليك عوض المال، كما يظهر من مقايسته على بيع الاموال بالاعمال، فظهر انه بيع، لا انه بعيد عنه، وقريب من الهبة، كما افادهرحمهالله .فانقدح بذلك مواضع الخلل في كلامه، زيد في علو مقامه، في هذا الوجه، والوجه الرابع، فلا تغفل.
قولهرحمهالله : (فاذا كان بيع الانسان مال غيره - الخ -).تحقيقه ان يقال: لا شبهة ولا اشكال في انه يعقل تمليك الانسان، مال غيره، بعوض يملكه باذنه، كما يقعل تمليك ماله، بعوض يملكه غيره، وان لم يصدق عليه عنوان البيع، لاعتبار خصوصية تملك المالك للعوض في صدقه، ولم يصح الاستدلال على صحته، بما دل على صحته،
وامضائه، مع ان مجال المنع عنه واسع، وتعريفه بمبالة مال بمال، انما يكون في قبال التمليك مجانا، كيف، وفى بيع مال المضاربة بالمرابحة للعامل من الثمن ما جعل له من المقدار، مع ان مال المضاربة للمالك، ولو سلم، فيمكن ان يستدل عليه بمثل " اوفوا بالعقود "(١) و " المؤمنون عند شروطهم "(٢) ، لا يقال: لا يكاد يصح الاستدلال على صحته بادلة البيع، ولو سلم صدقه عليه، لمكان ما دل على النهى عن بيع ما ليس عنده، فانه مع الاذن في بيعه، كذلك يمنع عن كونه من بيع ما ليس عنده، واما العتق عن غير المالك، فلا مانع عنه عقلا، وانما منع شرعا عن عتق غير المالك، لان عتقه عن غيره، فاذا صح عتقه عن غيره، صح له ان يأذنه في ذلك، واما الوطى، فلا بأس بالقول بجوازه للمباح له، بدعوى انه تحليل، وان اعتبار لفظ خاص فيه، دعوى بلا دليل.
فتلخص مماذكرناه، انه لا بأس بان يقال بصحة اباحة جميع التصرفات التى منها البيع، والعتق، والوطى، فتأمل.
قولهرحمهالله : (فيشكل الامر فيه، من جهة خروجه عن المعاوضات المعهودة - الخ -).انما يشكل من هذه الجهة، اذا اريد الاستدلال عليه، بما دل على صحتها بعناوينها، والا فلا اشكال في صحة الاستدلال عليها، بالمؤمنون عند شروطهم، وباوفوا بالعقود ٣، الا ان يدعى ان المراد بالعقود، هى المعهودة المتعارفة مها، لا مطلقا، وهو كما ترى، وقد عرفت الاشكال في الاستدلال ب " الناس مسلطون " ٤ في تشريع المعاملات، وانحاء التسلطات.
فتدبر جيدا.
____________________
١ - المائدة: ١.
٢ - بحار الانوار - ٢ / ٢٧٢.
٣ - المائدة: ١.
٤ - بحار الانوار - ٢ / ٢٧٢.
قولهرحمهالله : (ففى لزومها مطلقا لعموم " المؤمنون عند شروطهم "(١) - الخ -).قد بينا فيما علقناه على مبحث الخيارات من الكتاب، الاشكال في الاستدلال بمثل عمومه على اللزوم، فليراجع ثمة، وفى الاستصحاب كفاية، لكن قد يشكل بان اللزوم في مثله من العقود الاذنية، لا يكاد يعقل، لتقومه بالاباحة والاذن، ومع الفسخ او المنع، لا اباحة ولا اذن، وحله ان جواز التصرف في العقود الاذنية، ان كان مستندا إلى الاذن الفعلى، فلا اشكال في زواله بزواله، ولكنه ليس كذلك، بل بالعقد على اباحته له، والاذن في تصرفه مطلقا، وتعقل لزوم العقد على ذلك، مما لا ريب فيه ولا شبهة يعتريه.نعم لزومه لا يمنع عن جواز تصرف المالك فيه، بما يذهب موضوعه، لعموم " الناس مسلطون - الخ -).فافهم وتأمل، كى لا يشتبه عليك الامر.
قولهرحمهالله : (لكن الاظهر بناء على جريان المعاطات - الخ -).بل الظاهر جريانها فيها، لاطلاق ادلتها، والسيرة بالنهج الذى قررناها في البيع، وعدم القول بالفصل بينه وبينها، ظاهرا، والاشكال في مثل الرهن لاجل منافات ما هو قضيته، وما هو لازم المعاطات من الجواز، لا يوجب هنا في جريانها في غيره مما لا يكون هناك منافاة، مع ان المنع عن كون الجواز لازم المعاطات، بمكان عن الامكان، وقضية الاطباق، على توقف العقود اللازمة على اللفظ، لو سلم، فهو انما اذا كان اللزوم من عوارض العقد، وجاز تبادله مع الجواز، لا ما اذا كان اللزوم، من مقتضيات ذاته، وحقيقته، كما في الرهن.ومن هنا ظهر، انه من كان يبالى بمخالفة المشهور، فضلا عن المتفق عليه في فسخه عن هذا الاشكال، مع ان ما اطبقوا عليه، ليس الا بنحو القاعدة، مخالفته بلا دليل على خلافه، لا يجوز، الا بالدليل، والسيرة في خصوص الرهن، دليل، فظهر ان مخالفة ما اطبقوا عليه هيهنا، ليس لاجل
____________________
١ - المستدرك - ٢ / ٤٧٣.
٢ - بحار الانوار: ٢ / ٢٧٢.
عدم المبالات بالمخالفة.فافهم واغتنهم.
قولهرحمهالله : (اعلم ان الاصل على القول بالملك - الخ -).قد ظهر مما علقناه على مبحث الخيارات، ان اللزوم المناسب للمقام، وهو بالمعنى المقابل لجواز التراد، او لجواز الفسخ، بمجرد الحكم به، لا بحق الخيار، مما يدل عليه بعض الوجوه المتقدمة، فمن اراد الاطلاع، فعليه المراجعة ثمة، ثمن ان المهم في المقام، اذاشك في اللزوم والجواز، بعد التلف مثلا، وقد قطع بالجواز قبله، بيان انه من موارد الرجوع إلى استصحاب حكم المخصص عند الشك، او الرجوع إلى العام، فاعلم انه، وان كان مثل " اوفوا " و " المؤمنون " مما دل على عدم جواز فسخ العقد، اذا خصص من موارد الرجوع إلى استصحاب حكم المخصص، لا الرجوع إلى الحكم العام، فان حكم وجوب الوفاء، او لزوم الالتزام بالشرط، انما لوحظ بنحو استمرار امر وحدانى في الازمنة، لا متعددا بحسبها، فاذا قطع فلا يرجع اليه اذا شك، بل إلى استصحاب حكم الخاص، الا انه في المقام حيث ما انقطع حكمه من البين، بل منع عنه من الاول في الجلمة قبل انقضاء المجلس، وحصول التلف مثلا، فاذا شك في انه صار محكوما اولا، فالمرجع هو الحكم العام، لاطلاق العقود، او الشروط، لو كان لهما اطلاق، فان قضيته ان يكون محكوما به مطلقا، ودليل الخيار، والجواز في المعاطات، قيده وجعل المحكوم به، هو العقد به انقضاء المجلس، او حصول التلف، فاذا شك في زيادة التقييد، فالمرجع هو الاطلاق، الا ان يمنع عنه، بتقريب انه غير مسوق بلحاظ الطوارى بل بلحاظ نفس العقد، والشرط، فليرجع إلى استصحاب حكم المخصص، هذا بالنسبة إلى جواز الفسخ، واما بالنسبة إلى جواز التراد، فكذلك، اى المتبع هو اطلاق مثل " لا يحل ما امرء - الخ - "(١) لو كان، والا فاستصحاب جوازه، ولا يمنع عنه مثل تلف احدى العينين، لامتناع التراد، كما افاد، لانه ليس متعلقة نفسهما، كى يمتنع ترادهما في الخارج، بل
____________________
١ - وسائل الشيعه: ٣ / ٤٢٤ - ب ٣ - ح ١.
ملكيتهما، والملكية كما صح انتزاعها عن الموجود، صح انتزاعها عن التالف، فانها من الاعتبارات، وهى مما لا يتوقف على موضوع موجود، بل اذا كان هناك منشأ انتزاع، تنتزع عن غيره، وليست هى بالجدة، التى هى احدى المقولات، كما توهم، حتى يحتاج إلى موضوع موجود، كيف، وقد وقع التراد مع التلف، فيما اذا فسخ العقد بخيار، ولا يتفاوت في الامتناع، ان يكون التراد بلا واسطة، او بواسطة الفسخ، لا يقال: في الفسخ لاتراد اصلا، بل يرجع إلى بدل التالف، فانه لولا التراد، لم يكن وجه للرجوع إلى البدل، بقاعدة ضمان اليه، اوالاتلاف.هذا كله على القول بافادتها الملك الجايز، واما على القول بالاباحة، فبناء على الاولى إلى البيع، كما اشرنا اليه، يكون المرجع عند الشك فيها، ما هو المرجع عند الشك في جواز الفسخ، او التراد من اطلاق وجوب الوفاء، او لزوم الالتزام بالشرط، إلى غير ذلك لو كان، والا فاستصحاب الاباحة طابق النعل بالنعل، وبناء على عدم الاول اليه، فما لم يعلم حصول الملك، فالاصل بقاؤها، لو كانا باقيين، او الباقى منهما على الملكية للمالك قبل حدوث ما يوجب الشك فيجوز تصرفه فيه بما شاء، كما يباح لصاحبه التصرف فيه بعده، كما كان قبله قطعا، اذا علم بان المالك لم يحدث فيه شيئا، لا يبقى معه الاباحة، واستصحابا لو شك فيه، اما اذا احدث فيه ذلك، فلا مجال لاستصحاب جواز التصرفات، لحكومة استصحاب نفوذ تصرف المالك، على استصحاب جوازها، كما لا يخفى.فانقدح بما حققناه مواضع الخلل في كلامه، زيد في علو مقامه، قد اشرنا إلى بعضها، وربما نشير إلى بعض آخر.فتدبر جيدا.
قولهرحمهالله : (والمتيقن من مخالفتها، جوار تراد العينين - الخ -).
قد عرفت جواز ترادهما ملكا، لا خارجا، فلا وجه للامتناع بمجرد التلف، والارتفاع فالوجه في عدم التراد، هو اتباع اطلاق " الناس مسلطون "(١) و " لا يحل مال امرء "(٢) ونحوهما والا كان استصحاب جوازه
____________________
١ - بحار الانوار - ٢ / ٢٧٢.
٢ - وسائل الشيعة: ٣ / ٤٢٤ - ب ٣ - ح ١.
مقتضيا لجوازه، مثل استصحاب الجواز في البيع الخيارى بلا تفاوت اصلا، ولو كان التلف مانعا عن التراد ملكا، لكان مانعا عنه في صورة الفسخ، مع ان الظاهر، ان يكون الجواز هيهنا، كالجواز في البيع الخيارى، من عوارض المعاملة، لا العوضين، غاية الامر هناك بحق الخيار، وهيهنا بمحض الحكم به، وذلك لان الدليل عليه، ليس الا السيرة التى استقرت على ان البيع بها، ليس بالصيغة في عدم جواز الفسخ، بل يجوز فسخه لعدم استحكام المعاطات عندهم، استحكام الصيغة.
وبالجملة، بنائهم في المعاملة المعاطاتية، على نفوذ الفسخ من احد المتعاطيين، ولو مع عدم رضاء الآخر. قيل: استحكامها بالتصرف، او التلف، ونحوهما، لا على جواز تراد العينين بلا توسيط الفسخ، كما يظهر ذلك من الاستفسار منهم، كما صرح بجواز الفسخ في السرائر، واما التعبير بالتراد، الظاهر فيما ذكرهرحمهالله فهو انما يكون من القائلين بالاباحة.
فافهم. وقد انقدح بذلك، فساد العلاوة التى ذكرها بقوله " مع ان الشك - الخ - " وذلك لما علم من ان الاطلاق لو كان، لكان مانعا من الاستصحاب مطلقا، ولو علم ان الجواز كان عن عوارض البيع، كما في البيع الخيارى، ولولاه، فلا مانع من استصحابه، ولو علم بكونه عن عوارض البيع، كما في البيع الخيارى، ولولاه، فلا مانع عن استصحابه، ولو علم بكونه من عوارض العوضين، لامكان تحقه مع تلفهما، وما لا يكاد يتحقق معه ترادهما خارجا، لا ملكا.
ومنه يعلم حكم ما لو تلف احد العينين، او بعضها، على القول بالملك، واما على القول بالاباحة، فالاصل عدم اللزوم، كما استوجهه بعض المشايخ على ما حكاه، لاصالة السلطنة، بل لقاعدتها، بناء على شمول دليلها لمثل هذه الطوارى.
قولهرحمهالله : (وعلى المال التالف باخذ بدله الحقيقى، وهو المثل او القيمة - الخ -).قد مر غير مرة، انه ليس لعمومه هذا الشأن، وانما شأنه، اثبات السلطنة للمالك، قبالا لحجره فيما سوغ من التصرفات، فلا دلالة له على تجويز تصرف، فضلا عن الدلالة على الضمان بالمثل او القيمة، ولعله اشار اليه بقوله فتدبر.
قولهرحمهالله : (والظاهر انه في حكم التلف لان الساقط لا يعود الخ).لا يكاد يعود نفس الساقط، حقيقة لامتناع ارادة المعد وم، لكنه لا يختص بالساقط، بل الملكية الزائلة عن العين، الموجودة كذلك لا تعود لذلك، واعادة مثله كما في الملكية بمكان من الامكان، فالعمدة مع الشك، هو اصالة عدم العود، وعدم زوال ملكه عما انتقل اليه بعوض الدين، ولا استصحاب للجواز هيهنا، ليحكم عليها كما لا يخفى.
قولهرحمهالله : (والظاهر ان الحكم كذلك على القول بالاباحة، فافهم - الخ -).
فان الظاهر ان اباحة الدين على من عليه الدين لا يعقل لها معنى، الا سقوطها، فيعود ان الساقط لا يعود مع ما علقناه عليه طابق النعل بالنفل.فافهم.
قولهرحمهالله : (فهو كالتلف على القول بالملك - الخ -).
قد عرفت ان التلف لا يمتنع معه التراد، خلافا لهرحمهالله ، لكن الظاهر امتناعه مع النقل، ولو كان جائزا ايضا، وذلك لان المرادبه هورد العين إلى ملكه عن ملك حدث لصاحبه بنفس المعاملة، لا من ملك غيره، ولا عن ملكه بسبب غيرها، ولو كان فسخ ما يوجب ارتفاعها، لعدم امكان التراد بالمعنى المراد قبل فسخه، لكونهن غير ملك المتعاطيين وبعده، لكونه عن غير ملكه الحاصل بالمعاملة، فان فسخ المعاملة، كعقدها سبب مستقل، وان ابيت فلا اقل من الشك، ومعه فالاصل عدم جوازه لانقطاع الجواز بتخلل ملك الغير، وبذلك طهر عدم التفاوت بين ان يكون بعقد لازم، او
جائز، فلا تغفل.
قولهرحمهالله : (اتجه الحكم بجواز التراد مع بقاء العين الاخرى - الخ).لا يخفى ان المتجه، عدم جوازه، فان تملك المالك للعين الموهوبة، تملك بوجه آخر، غير المتلك بالرد في المعاطات، ليحجب رد الاخرى إلى مالكها، كى حصل التراد، ولم يلزم الجمع بين العوضين، فالعينان وان اجتمعا عنده، الا ان احديهما بالمعاطات ابتداء، او بعد التصرف في احديهما بالهبة، والاخرى بالرجوع إلى العين في الهبة، لا المعاطات.نعم لو كان الرجوع اليها بالفسخ، يمكن ان يقال بعود العلقة السابقة، بحسب الاعتبار، وان لم يكن عودها بحسب الحقيقة، لامتناع اعادة المعدوم، فكانه لم يكن هناك هبة، فيكون المعاطات على ما كانت محلا للتراد، لكن الرجوع في الهبة، ليس فسخا لها، مع انه لو كان من باب الفسخ، فلا يحكم بجواز التراد لعدم القطع به، ولا لاستصحابه، لانقطاعه قبل الرجوع قطعا، فافهم.
قولهرحمهالله : (سقط الرجوع على القول بالملك لامتناع التراد - الخ -).لو قيل بحصول الشركة بمجرد الامتزاج، والا لم يمتنع التراد، لبقاء الاجزاء الممتزجة على ما كانت عليه من الملك، او الاباحة، لمن صارت اليه من المتعاطيين، فيصح ردها إلى من انتقل عنه.فتدبر جيدا.
قولهرحمهالله : (لاطباقهم على انهاليست بيعا حال وقوعها، فكيف يصير - الخ -).
قد عرفت بما لا مزيد عليه انه لا غرابة فيه اصلا، وليس حالها، الا حال بيع الصرف والسلف في عدم كونهما بيعا قبل القبض في المجلس بالاتفاق، وصيرورتهما بيعا بعده كذلك، ومن هنا ظهر ان حالها في ترتيب احكام الخيار وغيرها حالها، كما لا يخفى.
قولهرحمهالله : (فان قلنا بعدم اشتراط اللزوم اى - الخ -).لا يخفى، انه خلف اذا افترض فيما اذ حصل بالقول غير الجامع لشرائط اللزوم فلا يكاد يتأتى فيه، الا بالخلف، ثم ان الفاقد لشرائط اللزوم، فان كان واجدا لجميع ما يعتبر في الصحة عند الجميع، فلا يعقل ان
يحتمل ان يكون من باب المعاطات التى هى محل الخلاف، وان كان فاقد البعض ما يعتبر فيها كذلك، فكذلك، وان كان فاقد البعض ما يعتبر عند البعض دون الآخر فيكون فاسدا عند من اعتبره، وصحيحا عند غيره، فكذلك ايضا، وانما يصح الترديد في تمشية النزاع والخلاف في الانشاء القولى، فيما اذا المحل الانشاء بصيغة كذا او بغير صيغة كذا، فيصح حينئذ ان يردد في انه كالانشاء بالمعاطات في كونه معركة للاراء والخلاف بين العظماء - فافهم.
قولهرحمهالله : (اقول: المفروض ان الصيغة الفاقدة لبعض الشرائط - الخ -).يمكن ان يقال ان الصيغة المفروضة، وان لم تتضمن الا إنشاء واحدا، والمفروض فسادها، للاخلال ببعض ما اعتبرفيها، الا ان الصحة والفساد، لما كان من الامور الاضافية، كما اشرنا اليه في بعض الحواشى السابقة، كان فساد الصيغة المنشاء بها التمليك بما هى عقد البيع، ولا يترتب عليها شئ مما يكون آثار العقد، من اللزوم وغيره، لا ينافى كونها معاطاتا وداخلة في المسألة التى تكون معركة للاراء، وصحيحة بما هو بيع عند بعض، واباحة عند آخر، إلى غير ذلك من الاقوال فيها، والحكم بضمان المقبوض، بالعقد الفاسد يمكن ان ينزل على انه حكم اقتضائى لا فعلى، بمعنى ان قضية فساده بما هو عقد، ذلك لو لم يجئ في البين الحكم بصحته بوجه آخر، اى بما هو بيع بغير العقد، وهذا احسن ما يقال، توفيقا بين ما ذكر في المقامين.فتفطن.
قولهرحمهالله : (ثم الكلام في الخصوصيات المعتبرة في اللقط - الخ -).والمرجع في عدم اعتبار خصوصية مادة، او هيئة، هو الاطلاق المنافى لاعتبارها، لو كان، والا فاصالة الصحة، لو كان الشك في اعتبارها فيها، واصالة اللزوم لو كان الشك في اعتبارها فيه، كما مرت اليه الاشارة.
قولهرحمهالله : (اما الكلام من حيث المادة فالمشهور عدم الوقوع - الخ -).لكن مقتضى الاطلاقات في باب البيع، وقوعه بالكنايات، وانحاء
المجازات، بلا فرق اصلى بين ان يكون القرينة على التجوز لفظا او غيره، لاستناد انشاء التمليك إلى اللفظ علسى كل تقدير، كما لا يخفى.نعم ربما يمكن المناقشة في صدق العقد على ما اذا وقع بالكناية، فانه عهد مؤكد، ولا يبعد ان يمنع عن تأكده فيما اذا وقع بها، وذلك لسراية الوهن من اللفظ، إلى المعنى لما بينهما من شدة الارتباط، بل نحو من الانحاء.
قولهرحمهالله : (ان القبول الذى هو احد ركنى العقد، فرع الايجاب - الخ -).ومحصل ما ذكره وجها للتفصيل على طوله وجواز تقديم مثل اشتريت، وعدم جواز تقديم مثل قبلت، هو اشتمال هذا على المطاوعة التى لابد لها من الفرعية، والتابعية، فكيف يقدم بخلاف ذاك فانه لا مطاوعة فيه، فيؤخر ويقدم، قلت: لا يخفى ان العقد وان كان ينعقد بفعل الاثنين، ويتقدم بركنين، الا انه امر واحد، لا يكاد تحققه، الا من تواطئهما على امر وحدانى يوقعه احدهما، ويقبله الاخر، ويظهر الرضاء به، ولا يكاد يتحقق بايقاع كل واحد معنى على حدة، بل يتحقق هناك من كل ايقاع، لا منهما، عقد، فلابد في تحققه من ايجاب من احدهما، وانشاء الرضاء بما اوجبه، وقبوله بما يدل عليه، مطابقة او التزاميا من الاخر، فالتبعية التى لابد منها في القبول، باى صيغة كانت، لو اقتضت التأخير، فليكن القبول مطلقا مؤخرا، والا فلا مقتضى لوجوب تأخره اذا كان مثل لفظ، قبلت، والمطاوعة التى تكون مأخوذة في معناه، ليست الا تلك التبعية التى لابد منها في كل قبول، وهى غير مقتضية لوجوب تأخره، الا انها لازمة نفس المعنى في (قبلت)، ولازم كونه في مقام القبول في مثل (اشتريت)، وهذا لا يوجب التفاوت بيهما في ذلك، كما لا يخفى.ودعوى ان المطاوعة بمعنى اخرى، تكون مأخوذة فيه، ممنوعة، مع ان مطاوعة القبول مطاوعة ايقاعية، انشائية، تحصل باى شئ كان، بمجرد قصد حصولها باستعمال اللفظ فيها، كما هو الشأن في جميع المعانى الانشائية، والتى لا تكاد تكون الا متأخرة، هى المطاوعة الحقيقية، كالانكسار حيث
لا يكاد يتحقق الا عن كسر، لا المطاوعة الانشائية، بداهة صحة استعمال اللفظ في المعنى المطاوعى انشاء، كما يصح اخبارا وان لم يكن هناك مما يكون هذا مطاوعة عين، ولا اثر واقعا، ولا انشاء، وذلك لكون الانشاء خفيفة المؤنة، يمكن ان يعبر انشاء من اى معنى، ولو كان محالا، غاية الامر يقع لغوا لو لم يكن بداعى عقلائى، فانقدح بما حققناه، انه لا مانع عقلا عن تقديم مثل (قبلت).نعم يمكن ان يدعى ان تقديمه غير متعارف، ولابد في تحقق العقد، ان يكون صيغته بالنحو المتعارف، فتأمل. ولا اعتناء بما نقل من الاجماع في مثل المسألة، حيث يطمئن بانه ما ورد من صاحب الشرع، ما يدل بالخصوص على عدم جواز تقديم مثل (قبلت)، وانما ذهب اليه، من ذهب لمثل ما افادهرحمهالله ، او اشرنا اليه، لا اقل من احتمال ذلك في من لهم الدخل في تحصيله، لو لم يكن في الكل، او الجل، وهو كاف في حصول الياس عن الكشف بالحدس، وعليك بالتأمل التام فيما افدناك في المقام.
قولهرحمهالله : (فتلخص مما ذكرنا ان القبول في العقود على ثلاثة اقسام - الخ -).قد عرفت بما حققناه، انه لابد في القبول الذى يتقوم به العقد، ويكون احد ركنيه من التبعية مفهوما ركنه الاخر، تقدم في الخارج او تأخر، تقدم في الخارج او تأخر، وازيد منها لا يكون فيه بمعتبرة، مع انك قد عرفت، انه لا يوجب تأخره، وان كان معتبرا.فتدبر جيدا.
قولهرحمهالله : (وما ذكره حسن، لو كان الملك - الخ -).مع انه يمكن مغ اعتبار الموالات عرفا من صدق العقد ايضا، ودعوى صدقه على ما اذا كان تأخير القبول بتواطؤ منهما، بلا اخلال بشئ آخر مما يعتبر فيه. اللهم الا ان يدعى انصرافه عنه، فتأمل.
قولهرحمهالله : (وتسلط الناس على اموالهم - الخ -). قد عرفت انه غير كاف في اثبات انحاء التسلطات، فضلا عن اسبابها. فلا تغفل.
قولهرحمهالله : (وبالجملة فاثبات هذا الشرط في العقو، مع عموم ادلتها ووقوع كثير منها في العرف، على وجه التعليق بغير الاجماع - الخ -).وتحصيل الاجماع في مثل هذه المسألة، من الاتفاق لو كان اشكل، لاحتمال تشبث البعض، لولا الجل، او الكل، بما اشار اليه من الوجوه الاعتبارية بما فيها من الضعف، والمنقول منه في مثلها ليس بحجة، ولو قيل بحجيته في نفسه، فالعمل باطلاقات ابواب المعاملات، لا يخلو من قوة.
قولهرحمهالله : (ومن جملة شروط العقد التطابق - الخ -). ضرورة انه لولا التطابق لما قصدا امرا واحدا بل فان لكل هم وقصد، فلا يكون بينهما عقد، نعم لو كانت الخصوصية التى اختلفا فيها بحسب القصد، غير مهمة لهما، والمهم كان الجامع المقصود لهما، لا بأس بعدم التطابق، فلو قصد الموجب البيع من القابل، وقد قصد قبوله لموكله صح العقد، فان مهم الموجب ليس الا تمليك ماله من الاعم، من الشخص وموكله، وانما قصد لاجل انه اعتقد انه قصد الشراء لنفسه، وهذا بخلاف عقد المزاوجة، فانه لابد فيه من تعيين الزوج، وانه له او لموكله، فانه المهم فيه كالعوضيين في البيع.
قولهرحمهالله : (لان المعتبر فيه عرفا رضاء كل منهما - الخ -).لا يخفى ان الرضا مما يعتبر في صحة العقد، وتأثيره شرعا وعرفا، لا مما يعتبر في تحققه، وانما المعتبر فيه القصد، لطيب كان، او كره منه. نعم في تحقق الاكراه في مثل العقد مما يتقوم بالقصد، بحث يأتى.
وبالجملة لا ينبغى الاشكال في انعقاده فيما اذا قصد التوسل إلى تحقق مضمونه، ولوكان عن كره، غاية الامر، عدم ترتب الاثر عليه ما لم يلحقه الطيب والرضاء، فلا يكون صحة بيع المكره اذا لحقه الرضاء على خلاف قاعدة، للاجماع.
قولهرحمهالله : (والاولان مبنيان على ان الاحكام الظاهرية - الخ -).هذا اذا قلنا بانها، احكام واقعية مطلقا، ولو في حق من رأى خلافها، ولو قلنا باختصاص ذلك بمن رأى بواقعيتها، كما هو الاظهر، فلا يتفاوت كونها احكاما واقعية، واو عذرية فيما هو المهم في المقام، وانما التفاوت
بينهما في مقام اخر عند كشف الخلاف، فلا تغفل.
قولهرحمهالله : (وكيف كان، فالمهم بيان معنى القاعدة - الخ -).وحيث ان هذه القاعدة بالفاظها، ليست مما دلت بها آية، ولا وردت في رواية، وما وقعت في معقد اجماع، لم يكن بيان معناها من المهم بشئ، ضرورة انه لابد ان يراد منها ما يساعد عليه سائر القواعد، وانما المهم، بيان ان قضيتها الضمان في اى الموارد، ساعد عليه ظاهر القاعدة، او لم تساعد، وهكذا الحال في عكسها.
قولهرحمهالله : (والمراد بالضمان في الجملتين، هو كون درك المضمون عليه - الخ -).لا يخفى، ان الضمان هو اعتبار خاص، يترتب عليه آثار تكليفا، ووضعا، منها لزوم اداء المضمون إلى المضمون له، لو تمكن منه، واداء بدله من قيمته او مثله، لو لم يتمكن من ادائه، لتلف ونحوه، وهو بهذا المعنى لا يكاد يكون في مال نفس الضامن، بل في مال غيره، فلا يكون في العقد الصحيح ضمان بمعناه الحقيقى، فلابد ان يراد في القضية الاولى بالمعنى المجازى، واقرب المجازات إلى المعنى الحقيقى كون تلفه عليه، فانه من اظهر آثاره.لا يقال انه لا يوجب صحة التجوز، والا لجاز ان يقال، ان المالك يضمن امواله، فانه لو سلم فصحة التجوز هيهنا، انما هو لخصوصية المقارنة مع الضمان في القضية الثانية، كما في قوله تعالى: " فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه - الآية - "(١) ولمثلها دخل في صحته، او حسنه وملاحته، ولا يصح ان يراد بالضمان في القضية الاولى، ما افاده من درك المضمون، وخسارته في ماله الاصلى، كيف، ولا يكون ضمان بهذا المعنى في العقد الصحيح بالنسبة إلى الوارث، مع انه من موارد القاعدة اصلا، وعكسا، حيث لا ضمان عليه فيما انتقل اليه من موروثه، من مال ملكه بالعقد الصحيح، الا بمعنى كون تلفه عليه، وانما كان خسارته هكذا على البايع بمجرد العقد، ولو لم يتلف، فافهم.
____________________
١ - البقرة: ١٩٤
قولهرحمهالله : (فالمتعين بمقتضى هذه القاعدة، الضمان في مسألة البيع - الخ -).لا يخفى، ان البيع بلا ثمن، ليس من افراد القاعدة، فانه ليس ببيع وان كان بصيغته، لانه مبادلة مال بمال، لا انه ليس بصحيحة، بل هو من افراد عكس القاعدة، فهبة صحيحة، ان قلنا بكفاية المجاز والكناية، وفاسدة ان لم نقلها بالكفاية.
وكيف كان المتيقن بمقتضى عكسها، عدم الضمان في المسألة، هذا لو قصد التمليك بلا عوض، واما اذا قصد ما هو حقيقية البيع وبلا ثمن، فكما لا بيع، لا هبة، ولا يكون هناك عقد للمناقصة في القصد.
قولهرحمهالله : (واما لمطلق السبيية - الخ -). في كلتا القضيتين حقيقة بناء على ان يكون السبب للضمان في العقد الفاسد، هو الاقدام، ومجازا في الثانية، لاجل المشاكلة، والمقاومة مع الاولى، بناء على ان يكون اليد سببا فيه، كما لا يخفى.
قولهرحمهالله : (ولانهما انما اقدما، وتراضيا، وتواطئا بالعقد الفاسد - الخ -).يمكن ان يقال، بانهما اقدما على اصل الضمان، في ضمن الاقدام على ضمان خاص، والشارع انما لم يمض الضمان الخاص، لا اصله مع ان دليل فساد العقد، ليس بدليل على عدم امضائه، فافهم، لكن لا دليل على كون الاقدام سببا للضمان اصلا.
قولهرحمهالله : (الا ان مورده، مختص بالاعيان، فلا يشمل المنافع - الخ -). ومورده وان كان مختصا بالاعيان، الا ان قضية كونها مضمونة، ضمان منافعها، فضمان المنافع في الاجارة الفاسدة، انما يكون بتبع ضمان العين المستأجرة.وبالجملة قضية ضمان اليد، ضمان المنافع فيما كانت العين مضمونة بها، فاختصاص مورده بالاعيان، لا يوجب اختصاص الضمان بها، نعم الحر، حيث لم يكن نفسه مضمونة باليد، لم يكن اعماله مضمونة في الاجارة الفاسدة بها، فافهم.
قولهرحمهالله : (الا ان يستدل على الضمان فيها، بما دل على احترام مال المسلم - الخ -).
لكنه لا يخلو عن الاشكال، لدعوى انصراف مال المسلم عن اعماله، اولا، وعدم قضية الاحترام الا حرمة التصرف فيها بدون الاذن لا الضمان، ثانيا، ولا اقل من عدم قضية الضمان الا اذاكان الغير سببا لاتلافها، ثالثا.ضرورة انه ليس في عدم الضمان شئ من المنافات، للاحترام فيما اذا كان المالك باختياره متلفا لها، كما في المقام، حيث ان العاقد يعلم وفاء بالعقد اختيارا، بل وربما كان على خلاف ميل الاخر و رضاه، حيث لحقه الندم، وكون فعل الاثنين، لا يقتضى عدم استقلال كل منهما في وفائه، والعمل على وفقه.ومن هنا انقدح الاشكال في الاستدلال بقاعدة الضرر ايضا، اذا كان عمله وفاء باختياره، كما هو محل الكلام. فتلخص انه، لا مدرك للقاعدة، للاجازة الفاسدة المتعلقة بعمل الحر، وفى المسابقة الفاسدة مطلقا، فيمكن ان يكون القاعدة، بعد انه لا مدرك لها على حدة، بل مصطادة من الموارد التى حكم فيها بالضمان باحد اسبابه غالبية، لا كلية، كما هو الشأن في سائر القواعد التى لها مدرك على حدة، حيث انه ما من واحدة منها، الا وقد خرج منها بعض الموارد.
قولهرحمهالله : (ومورد العقد في الاجارة، المنفعة - الخ - ). كما هو المتوهم من تعريفها بتمليك المنفعة، ولكن التحقيق، ان مورده فيها، نفس العين، ولذا يقال " آجرت الدار، واستأجرتها " وان الاجارة عبارة عن، اضافة خاصة بين العين الموجرة والمستأجر، من آثارها تملك منفعتها.والتعريف بالتمليك، تعريف بالرسم، مع انه لو سلم انه بالحد، كان مورد عقدها ايضا، نفس العين، فانها تمليك المنفعة، ولا يكاد يكون مورده، ومتعلقة، الا العين، فافهم.
قولهرحمهالله : (عموم ما دل على ان من استامنه - الخ-). فان بطلان استمان المالك، بما هو وديعة، او عارية، او غيرهما، وعدم ترتيب الاثار الخاصة لهذه العقود عليها، لا يوجب خروجه عن الاستيمان المانع من الضمان.
قولهرحمهالله : (اما في الهبة(١) ، فيمكن الاستدلال - الخ -). قضية الفتوى، ليست الا عدم الضمان فيما اذا لم يكن هناك افراط وتفريط، لا ولو كان كما هو المهم في الهبة الفاسدة، كى يكون كصحيحها، كما لا يخفى، هذا، مع ان منع الفحوى، بمكان من الامكان، اذ لعل ملاك عدم الضمان مع الاستيمان، ما نجده بالوجدان من الملائمة التامة بينهما في الجملة، ولا يكاد يدركها بينه وبين الهبة الفاسدة، فضلا عن ان يكون بالاولى.
قولهرحمهالله : (الا ان يقيد بغيرها، بادلة نفى الضرر - الخ -).انما يقيد بها، فيما اذا كانت المؤونة الكثيرة، زائدة على ما يتوقف عليه الرد بحسب المتعارف والا كان دليله مقيدا لها، وذلك لما حقق في محله، من ان ادلة نفى الضرر كما يقيد بها ادلة الاحكام، كذلك يقيد بها لابد منه، ويقتضيه طبعها بحسب المتعارف.
قولهرحمهالله : (ولو نوقش في كون الامساك تصرفا، كفى عموم - الخ -). لا يخفى ان المناقشة في عموم " لا يحل " لغير التصرفات اوضح، مع انه لو سلم دلالته على حرمة الامساك، فلا دلالة على وجوب الردتعينا اصلا، ولو على القول بمقدمية الضد، فان الرد، والامساك، وان كانا ضدين، الا انه لهما ثالث، وهو التخلية بينمه وبين مالكه، فلا يجب عليه على هذا القول، الا احدهما، لا خصوص الرد، فافهم. (قوله): (واما توهم ان هذاباذنه - الخ -).يمكن ان يقال: انه اذا علم الدافع بالفساد، لا يكون دفعه وقبض الغير الا برضاه، وكون الدفع وفاء بالعقد، لا ينافى كونه برضاه في الصورة المذكورة.نعم لا يكون التصرف فيه، بمجرد العقد او بعد الدفع، والجهل بالفساد برضاء المالك.فافهم.
____________________
١ - وفى المصدر: اما في الهبة الفاسدة فيمكن الاستدلال.
قولهرحمهالله : (ويدل عليهم عموم قوله: لا يحل(١) - الخ -). قد تقدم الاشكال في الاستدلال بعمومه على الضمان، وان الدليل على ضمان المنافع، هوالدليل على ضمان الاعيان، لكونه ضمانهما من آثار ضمانها ولوازمه، ولا يتفاوت في ذلك بين كونها مستوفاة او غير مستوفاة، كما لا يخفى، والظاهر ان هذا هو الوجه في ضمانها مطلقا في باب الغصب، قولا واحدا، ولا اظن اختصاص ذلك الباب بوجه غير جار في الباب، ان يكون هو اجماع الاصحاب، لكنه لا يظن ان يكون مدركهم ايضا، الا ما ذكرنا. فافهم. ثم ان مثله في الاشكال، في الاستدلال به على الضمان، الاستدلال بما دل على احترام مال المسلم، كما تقدم، وانقدح بما ذكرنا انه لا موجب للضمان فالمنافع الا اليد، بالتقريب الذى ذكرنا، لا ما ذكره، من غير فرق بين المستوفى منها وغير المستوفى.
نعم لو سلم دلالة عدم حل مال الغير، واحترام مال المسلم، على الضمان، لاختص بالمستوفى، فان غيره ما تصرف فيه وما انتفع به، كى لا يحل بلا عوض، او ينافيه الاحترام.
قولهرحمهالله : (محتجابان الخراج بالضمان(٢) - الخ -). لا يخفى ضعف الخبر سندا، ودلالة، بارساله واجماله، لاحتمال ان يكون المراد به، وهو ان خراج الارض كما وكفيا على من ضمنها، انما هو بحسب ضمانها، او معنى اخر، حيث لم يعلم انه في اى مورد ورد. فتدبر.
قولهرحمهالله : (وقد اختلف كلمات اصحابنا في توقف - الخ- ). وحيث ان هذا اللفظ لم يرد في اية او رواية، لبيان حكم ضمانه بالمثل، بل غايته، وقوعه في معقد الاجماع، لا يجدى في الحكم به تعيين واحد من المعانى التى اختلفوا فيها، بل لابد فيه مما اتفقوا عليه من المعنى، والرجوع فيما اختلفوا فيه إلى ما يقتضيه القواعد، والخلاف في معناه، مع وقوعه في معقد
____________________
١ - وسائل الشيعة: ٣ / ٤٢٤ - ب ٢ - ح ١.
٢ - التاج الجامع للاصول - ٢ / ٢٠٤.
الاجماع، انما لا يمنع عن تعيينه بقواعده، اذا كان بماله من المعنى مجمعا عليه، كى لا ينافى خلافهم في ذاك، اجماعهم عليه بماله من المعنى لا اذا كان بمعنى مجمعا عليه، فينافى الخلاف، الاجماع، الا فيما اتفقت عليه المعانى المختلفة فيها، كما لا يخفى، ولم يعلم بعد انعقاده على النحو الاول، فافهم.
ثم الظاهر، ان الاختلاف في تعريفه، ليس لاجل الخلاف في حقيقته وماهيته، ضرورة ان مثل هذه التعريفات، ليس بحد، بل ولا رسم، بل من باب شرح الاسم، كما هو الشأن في التفسيرات اللغوية، ولعله اشار الكل إلى المعنى الواحد، والمفهوم الفارد من وجه التفت اليه من طرفه، فلا مجال للنقض والابرام فيها طردا وعكسا، وليس اختلافهم في مثلية بعض الاشياء وقيمته، كاشفا عن اختلافهم في المعنى، وسعة دائرة وضيقها، لاحتمال ان يكون الاختلاف، للاختلاف في التظييق وصدق ذاك المعنى عليه، وعدم صدقه. فافهم. وكيف كان فتعريف المشهور بانه مما يتساوى اجزائه بحسب القيمة، لا يعم كثيرا من المثليات، مثل المسكوكات، وسائر المصنوعات المشتبهات، كالساعات، والظروف، والالات الفرنجيه، حيث ان كل واحد منهما يكون مثليا، وليس مما يتساوى، اجزائه بحسب القمية، فالاولى تعريفه بما كثر افراده التى تفاوت فيها بحسب الصفات المختلفة، بحسب الرغبات.
قولهرحمهالله : (ولا يبعد ان يقال: ان الاصل هو تخيير الضامن - الخ -). لا يخفى، انه لو كان الضمان، بالقيمة في القيمات مجرد ارفاق، بحيث لو تمكن من مثل العين التالفة، وما يشابهها بحسب الصفات فيها، كان له دفعه، ولا يتعين عليه قيمته، كان الامر من باب الدوران بين التخيير والتعيين، والاصل عدم الخروج عن العهدة الا بالمعين للشك في الخروج بدونه، فلا وجه للتخيير، ولو كان الضمان بها فيها على نحو التعيين، كان الامر من باب الدوران بين المتباينين، ويتعين فيه الاحتياط لا التخيير، الا ان الاحتياط حيث يحصل هنا بمجرد تسليمهما، ليختار المضمون له، اى
واحد شاء يكفى تسليمهما لذلك، لا دفع كليهما، كما ان الاحتياط له ان لا يختار واحد منها.الا برضاء الضامن فالاحتياط لهما ان يختار احدهما بتراضيهما.
قولهرحمهالله : (ويمكن ان يقال: ان القاعدة المستفادة - الخ -).انما يمكن اذا لم يكن المتعارف في القيمات، ضمانها بالقيمة، ولو مع التمكن من المثل، بل كان المتعارف، هو الضمان مطلقا، بالاقرب إلى التالف فالاقرب، ولا اشكال في ان المثل مطلقا اقرب، والا فقضية الاطلاقات، ليس الا الرجوع فيما علم انه مثلى إلى المثل، وفيما علم انه قيمى إلى القيمة، واما ما لم يعلم انه من ايهما، فهى ساكتة عن بيان حكمها، فلابد فيه من الرجوع إلى ما يقتضيه الاصل، وقد عرفت. لكن الظاهر ان المرتكز في الاذهان في باب الضمان، بعد تعذر رد نفس العين، هو دفع المثل مع الامكان، وهو ظاهرالآية(١) ، حيث دلت على اعتبار المماثلة في الاعتداء الملازمة للاحتياط في المتعدى به، هذا، ولو سلم انه لبيان اعتبارها في الاعتداء، كما في المناقشة فيها، مع انه مما يساعده الاعتبار، والتضمين بالقيمة في بعض الاخبار، كما يأتى، انما يكون في مورد يتعذر فيه المثل عادة.
قولهرحمهالله : (ولكن الاقوى مع ذلك، وجوب الشراء - الخ -).
وذلك لان ضرر الضامن في الشراء بازيد من ثمنه، يزاحم بضرر المالك في منعه عما يستحقه من المثل، فيبقى ما دل على الضمان بالمثل بلا مزاحم، وعدم العلم باستحقاقه للمثل شرعا، لا ينافى استحقاقه له عرفا، واعتبارا، هو كاف في صدق الضرر حقيقة. فافهم.
قولهرحمهالله : (لو تعذر المثل في المثلى، فمقتضى القاعدة - الخ -). ربما يشكل بان القاعدة يقتضى الصبر إلى ان يتمكن منه حيث تعذر، فلا يكون لذلك ظلما، ولا دليل على الانتقال إلى البدل، بمجرد التعذر في الحال، ولا اعتداء منه ثانيا يوجب جواز الاعتداء عليه بالالزام بالقيمة
____________________
١ - البقرة: ١٩٤
بعد الاعتداء عليه بمثل ما اعتدى بالزامه، والحكم باشتغال ذمته بالمثل اولا، فالزامه معه بها اعتداء عليه بغير اعتداء منه، فلا دلالة للاية على جواز الزامه بها.فافهم. ولا يخفى ان الاشكال، انما يكون لو قيل باشتغال الذمة بالمثل، وتبدل عهدة العين المضمونة بالذمة، كما هو ظاهر المشهور. واما لو قيل ببقاء العهدة على حالها، كما هو قضية ظاهر الادلة، فلا اشكال، فان اثر العهدة يختلف بحسب الاحوال، ففى صورة بقاء العين، هو وجوب اداء نفس العين مع التمكن منه ومع عدمه بدل الحيلولة إلى او ان التمكن منه وفى صورة عدم البقاء، هو وجوب اداء البدل من المثل في المثلى، فيما اذا تمكن منه، والقيمة فيما اذا تعذر فيه، وفى القيمى.
هذا، مع انه يمكن ان يقال: ان الانتقال إلى القيمة في صورة تعذر المثل، كالانتقال إلى بدل الحيلولة عند تعذررد العين في الحال، وانه مما هومتعارف في التضمينات العرفية، فيكون متبعا في الشرعية منها، لعدم ورود نحو خاص من الشارع في باب التضمين، كما لا يخفى.
قولهرحمهالله : (لان المثلى ثابت في الذمة - الخ ).هذا على المشهور من اشتغال الذمة بالمثل، واما على ما هو ظاهر الادلة، فلان العين باقية على العهدة إلى ذاك الزمان، فيكون العبرة بقيمة يوم الدفع، لانها قيمة العين لا المثل. فافهم.
قولهرحمهالله : (وعن جامع المقاصد الرجوع فيه إلى العرف - الخ -). الظاهر ان مراده الرجوع إلى العرف في تعيين ما يتحقق به الاعواز الموجب للانتقل إلى القيمة، وهو كذلك، لما مرت الاشارة اليه، من ان المدار في باب كيفية التضمين شرعا، هو العرف، لا الرجوع من تعيين عند الاعواز، كى يتوقف تعيينه على ما اذا انعقد الاجماع على ثبوت القيمة عند الاعواز، فافهم. ولعل المحكى عن التذكرة، كان في بيان ما يتحقق به ذلك، اى ما يوجب الانتقال إلى القيمة عرفا، والا كان بلا دليل فتدبر جيدا.
قولهرحمهالله : (ثم ان معرفة قيمة المثل ١ مع فرض عدمه اشكال - الخ -).لابد من تعيين ما هو المرجع في صورة الشك في التعيين، وانه اصالة البرائة عن الاكثر، او اصالة لاشتغال، فربما يقال: ان قضية بقاء العين المضمونة في العهدة مع التلف، وعدم تبدل الذمة بالاشتغال، على ما قويناه، هو لزوم الخروج عن العهدة بالاكثر، استصحابا لها مع الشك فيه، لو اقتصر على الاقل، او قيل ببقاء المثل في الذمة مع التعذر، بناء على التبدل، لكنه كان دفع المثل او القيمة، خروجا عن العهدة كاداء نفس العين، واما لو كانت عهدتا باقية مع الدفع، وكان لزومه من احكامها وآثارها، لا رافعا لها، كما من بدل الحيلولة، او قيل بعدم البقاء والتبدل بالذمة، وعدم بقاء المثل فيها عند التعذر، والانتقال إلى القيمة، كان الاصل، البرائة عن الاكثر، حيث لم يعلم الا وجوب الاقل.
قولهرحمهالله : (فهل له المطالبة باعلى القيمتين، ام تعين قيمة بلد المطالبة؟ - الخ -).
لا يبعد تعين قيمة بلد المطالبة، فانه محل الخروج عما عليه، والوفاء بما في ذمته، بناء على المشهور، من بقاء اشتغال ذمته بالمثل مع تعذره، وعدم تبدل الاشتغال به، بالاشتغال بالقيمة، وكذا على ما قربناه من بقاء العين على العهدة، فانه محل العموم بما هو قضية كون العين، مضمونة، وفى العهدة ولو منع عن انه لم يعلم استقرار سيرة العمل، على ذلك، فلابد من الرجوع إلى ما يقتضيه الاصل، وقد مر تحقيقه.
قولهرحمهالله : (بقى الكلام في انه هل يعد من تعذر المثل، خروجه عن القيمة؟ - الخ -). ولنقدم الكلام في بيان حكم ماذا خرج نفس العين المضمونة عن المالية، ثم نتبعه ببيان ماذا خرج المثل. فاعلم انه لا ريب في دفع نفس إلى مالكها على الملكية وعدم هامش ص ٣٨ * ١ - وفى المصدر: ثم ان معرفة قيمة المثل.
الخروج بذلك عنها مع انه لو سلم بالخروج، فلا اقل من ان يكون له حق اختصاص بها كما لا يخفى.
واما دفع القيمة مع ذلك لو اوجب، لو قلنا بكون وجوب الدفع من آثار العهدة واحكامها عند العقلاء، حتى يقتضيه اطلاق دليل ضمان العين، والا فلا دليل عليه اصلا، لعدم شمول من اتلف لما اذا تلف المالية، فضلا عما اذا تلف، والخروج عن عهدة العين وضمانها الناشى عن اليد، يكون بدفعها، والمفروض عدم كون دفع القيمة من آثار العهدة.وضرر صاحب العين، معارض بضرر ذى اليد، فلا وجه لتقديم ضرره على ضرره على ضرره، مع ان الضرر ابتداء متوجه عليه بلا اقدام من الاخر، حيث انه ما اقدم، الاعلى ان يكون العين تحت يده، ووجوب دفع المثل، او القيمة عند تلف العين او الاتلاف، انما هو لاجل قاعدة اليد، او الاتلاف، لا اقدام على ضرر دفع البدل. هذا كله في العين. اما المثل، فبناء على بقاء العين مع التلف على العهدة، كما قويناه، لا يبعد ان يكون من آثارها حينئذ، دفع القيمة، كما كان في صورة تعذر المثل، فانه حينئذ لا يكون قابلا لان يعوض به عن الماليات، وبناء على تبدل العهدة بالاشتغال، كما هو ظاهر المشهور في وجوب دفع المثل، فانه الوفاء بما في ذمته حقيقة، او وجوب دفع القيمة، فان المثل في نظر العقلاء بذلك، خرج عما يوفى به الدين، وجهان: اظهرهما الاول، ومع الشك، فالمرجع هو الاصل، وقضيته وجوب دفع القيمة، بناء على بقاء العهدة، استصحابا لها ما لم يدفعها، وكذلك بناء على اشتغال الذمة بالمثل، لو كان دفع القيمة ايضا من باب الوفاء بما فيها، لا لاجل انتقال اشتغال الذمة بها لاستصحاب بقائه فيها ما لم يدفعها للقطع بكون القيمة حينئذ، مما يوفى به، بخلاف المثل، كما لا يخفى.وعدم وجوب دفعها، بناء على ان منشاء الشك فيه، والشك في انتقال الاشتغال بالتعذر إلى الاشتغال بالقيمة، استصحابا للاشتغال به وعدم الاشتغال بها، ثم ان قضية الاصل فيما اذا شك في ان اى قيمة وجب دفعها مع اختلافها، هو وجوب دفع اعلى القيم، بناء على انه الوفاء للاصل وقاعدة الاشتغال، واقلها بناء على بقاء العهدة وانه من آثارها، او الانتقال